![]() |
محظورات الديمقراطية - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3) +--- المنتدى: فكـــر حــــر (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=57) +--- الموضوع: محظورات الديمقراطية (/showthread.php?tid=23710) |
محظورات الديمقراطية - عاشـور الناجي - 10-12-2005 عندما نناقش مسألة "الحريِّات الديمقراطية والسياسية"، فنختلف ونتَّفِق، تغيب عن أذهاننا حقيقة في منتهى الأهمية هي أنَّ ما يشبه "نقيض الحريَّة"، وهو "القيود"، هو منبع كل خلاف واتِّفاق، فـ "الحريَّة" و"قيدها" إنَّما هما شيء واحد تستحيل تجزئته. وأحسب أنَّ الاتِّفاق على "القيود" هو الذي عليه يمكن ويجب بناء صرح الحياة الديمقراطية، فالذي يحتاج إلى وضوح، وتوضيح، واتِّفاق، ليس "الحريَّات ذاتها"، في مبادئها وتفاصيلها، وإنَّما "الضرورات" التي ينبغي لهذه الحريَّات ولـمزاوليها "التقيُّد" بها. وتحديد هذه "الضرورات"، في "القانون" أو "الدستور"، لا يحتاج، ويجب ألا يحتاج، إلى أكثر مِنْ بضع صفحات يحفظها الـمواطن عن ظهر قلب. فما هي "الـمحظورات (القانونية والدستورية)"، التي يمكن ويجب أنْ تقوم عليها الحياة الديمقراطية في مجتمعنا، التي فيها مِنَ "القدسية" ما يمنع هذه "الضرورة"، أو تلك، مِنْ "إباحتها"، أو "استباحتها"؟ "الـمحظور الأوَّل"، هو اتِّخاذ "العنف" أداةً لـ "التغيير"، أو لـ "منع التغيير"، فـ "العنف" يجب أنْ يُنْزَع مِنْ حياتنا السياسية (الديمقراطية) الداخلية، فلا يلجأ إليه لا "الـمعارَضة" ولا "الـموالاة". إنَّ كل مَنْ يتقيَّد بهذا القيد مِنْ أفراد وجماعات له الحق في "الوجود السياسي (والفكري) الحر"، وفي تأكيده وإظهاره. و"الـمحظور الثانيولا شكَّ في أنَّ التطوُّر الديمقراطي لأي مجتمع يستلزم نبذ "الدولة الدينية" و"الدولة الأمنية". و"الـمحظور الثالث" هو أنْ يُمَثِّل "الحزب السياسي"، في برنامجه وشعاراته وأهدافه وتكوينه الاجتماعي الداخلي، كل "عصبية (أو انقسام)" تُقوِّض "الوحدة القومية" للـمجتمع، فـ "الحزب" يجب أنْ يكون "عامِلَ بناءٍ (لا عامِلَ هدمٍ)" لـمفاهيم: "الـمواطن"، و"الـمواطَنة"، و"الوطن". إنَّ كل انقسامٍ (وصراعٍ) يحفظ "الوحدة القومية" للـمجتمع، ويُعَزِّزها هو، وحده، الانقسام الذي يُقِرُّه ويستلزمه ويحتاج إليه التطوُّر الديمقراطي، ولا بدَّ لهذا النمط مِنَ الانقسام والصراع مِنَ الظهور والسيادة. و"الـمحظور الرابع" هو أنْ يقوم العمل السياسي والحزبي على "انتهاك الدستور"، فالدستور الـمعمول به يجب أنْ يراعيه ويتقيَّد به حتى أولئك الذين يرفضونه ويعارضونه. على أنَّ هذا "الالتزام"، أو "الإلزام"، يَفْقِدُ معناه وحيويته إذا لـم يتضمَّن الدستور ذاته طرائق ووسائل ديمقراطية لتعديله أو تغييره. في الديمقراطية، وبها، لا بدَّ مِنْ إجابة السؤال الآتي: كيف لحزب سياسي معارِض للدستور أنْ يعمل بما يتَّفِق مع الدستور؟ و"الـمحظور الخامس" هو إفراغ "هيئات الحُكم الـمنتخَبة" مِنْ "السلطة الفعلية"، فلا أهمية سياسية وديمقراطية، على سبيل الـمثال، لـ "برلـمان منتخَب انتخاباً حرَّاً وديمقراطياً" إذا كان لا يملك مِنَ "السلطة الفعلية" إلا ما يُمكِّنه مِنْ تأكيد وإظهار ضعفه وعجزه، فجَعْل "السلطة الفعلية" في متناوَل أيدي هذه الهيئات هو، وحده، ما يَنْفُخ "الروح" في "جسد" الحياة الديمقراطية في أوجهها كافَّة. في هذه الحال فحسب، يصبح "التحزيب السياسي" للـمجتمع ممكناً وضرورياً ومفيداً، فلا يُمْكِنُكَ أنْ تدعو الناس إلى "التسوُّق" إذا ما خَلَت "السوق" مِنَ البضائع التي يحتاجون إليها، أو إذا ما كانوا عاجزين عن الشراء! و"الـمحظور السادس" هو استثمار الـمال، أكان مِنْ "مَصادِر أجنبية" أم مِنْ "مَصادِر داخلية"، في مجال "الفساد (أو الإفساد) السياسي"، فـ "شراء النفوذ (والولاء) السياسي" بـ "الـمال" يجب أنْ يُعامَل على أنَّه "جريمة تُرْتَكب في حقِّ الديمقراطية". و"الـمحظور السابع" هو جَعْل "القانون الانتخابي" قوَّة منتِجة لـ "الناخب غير العام"، ولـ "الـمرشَّح غير العام"، فالـمواطن "كائن سياسي" يجب أنْ يُمَثَّل تمثيلاً سياسياً. و"الـمحظور الثامن" هو جَعْل "الضرورات الأمنية" تبيح "الـمحظورات الديمقراطية"، فلا أمن يعلو "الحقوق والحرِّيات الديمقراطية الأساسية". هذه هي "الـمحظورات". أمَّا ما عداها فهو "الـمباح"!. الكاتب: جواد البشيتي جريدة *الايام* الفلسطينيه |