![]() |
|
صلاح الدين الايوبى - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3) +--- المنتدى: فكـــر حــــر (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=57) +---- المنتدى: تـاريخ و ميثولوجيـا (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=7) +---- الموضوع: صلاح الدين الايوبى (/showthread.php?tid=23739) |
صلاح الدين الايوبى - اسحق - 10-12-2005 ردا علي «إنجازات» الأشرف خليل قلاوون.. وأمور أخري: صلاح الدين هو الذي كسر شوكة الصليبيين عبد الوهاب الأسواني كاتب السطور من محبي آل البيت كغالبية «سكان» مصر.. ولي كتاب عن الحسين بن علي بن أبي طالب.. من هنا فقد سعدت بسلسلة المقالات التي نشرها الدكتور أحمد راسم النفيس في القاهرة.. وتحديدا تلك التي كشف فيها عن الظلم الذي وقع علي آل البيت وأحفادهم وأنصارهم.. منذ قيام دولة الذين اخترعوا «الشعرة» التي إذا شدها الناس، أرخوها.. وحتي يومنا هذا. لكنني دهشت حين قرأت مقاله الانفعالي عن صلاح الدين في العدد «284» والذي جاء في بدايته: «إن الذي طرد الفرنج من (عموم) بلاد الشام وفلسطين هو السلطان الأشرف خليل قلاوون»! * * * سوف اضطر هنا إلي الاستشهاد بابن الأثير وابن واصل وابن شداد وغيرهم.. مع علمي بأن الدكتور النفيس لا يحب «سيرة» هؤلاء.. إذن لا بأس من من إشراك المقريزي ـ الذي يرتاح وأرتاح إليه.. ولو أشركنا معنا المؤرخ الصليبي وليم الصوري والمؤرخة البيزنطية «أنَّا كومنينا» ـ حيث ترجم كتبهما د. حسن حبشي ـ يكون أفضل: زعماء الحملة الصليبية الأولي أسسوا في بلاد الشام ثلاث إمارات فضلا عن مملكة بيت المقدس.. وظلوا لأربعين سنة لا يجدون من يصدهم إلي أن ظهر عماد الدين زنكي الذي استعاد منهم عاصمة إمارة «الرها».. وحين تولي القيادة ولده نور الدين محمود نجح في استعادة بقية مدن الإمارة المذكورة.. وهي «ملطية وسروج وتل باشر وعين تاب وسميساط».. وحينما ظهر صلاح الدين استعاد منهم ـ بعد معركة حطين: «عكا وأرسوف والناصرة وقيسارية وحيفا فضلا عن حصون: صفورية ومعليا والغولة ومجدل يابا وسبسطية وتبنين وصرقد.. ثم يافا وصيدا وبيروت وجبيل ثم قلاع: الرملة ويبنا والمداروم.. ثم غزة وعسقلان وقلعة جبر ين ومدينة القدس. بعد القدس استعاد قلاع: هونين وبكسرائيل والعيذون والجماهرتين والنطرون وبكَّاس والشغر وسرمينية وبرزية ودربساك وكوكب والشقيف ثم حصون الكرك والشوبك وبلاطنس ثم مدن بانياس وجبلة وصفد واللاذقية». لكن الحملة الصليبية الثالثة وصلت ودخلت معه في سلسلة من المعارك فانتزعت منه: «عكا وحيفا وصفد وهونين وتبنين وقيسارية وأرسوف ويافا وصيدا وبيروت واللاذقية». خلفاء صلاح الدين انشغلوا في حروبهم الداخلية ثم في صد الحملتين اللتين حاولتا احتلال مصر.. ولما تولي القيادة الظاهر بيبرس استعاد «قيسارية ويافا وأرسوف وصفد والرملة وحصن الأكراد وقلعة القرين، لكن أكبر انتصاراته كانت حينما استعاد أنطاكية ـ عاصمة أقوي الإمارات الصليبية». حينما ظهر المنصور قلاوون استعاد: «حصن المرقب واللاذقية وطرابلس وبيروت وجبلة».. ولم يبق للصليبيين في بلاد الشام سوي عكا وصيدا وصور وانطرسوس وعثليت ـ وهي التي استعادها الأشرف خليل قلاوون ـ كما ذكر الدكتور النفيس ـ باستثناء بيروت لأن والده هو الذي استعادها. وقبل صلاح الدين كانت كفة الصليبيين هي الراجحة.. بعد رحيله كانوا يخسرون أكثر معاركهم. * * * أما عن حكاية هدم صلاح الدين لأهرام الجيزة.. فإن الدكتور النفيس يعلم بأن شعبنا ـ منذ العصر القبطي ـ ينظر إلي آثار مصر القديمة علي أنها من صنع «الكفار» وفي هدمها «ثواب»! ويعلم بأن الكثير من المساجد والكنائس والقصور أنشئت من حجارتها.. ولعل مسلاتنا التي أهداها حكامنا إلي المدن الأوروبية، خير شاهد علي هذه النظرة.. برغم أن هؤلاء الحكام جاءوا بعد الحملة الفرنسية التي عرفنا عن طريق علمائها قيمة هذه الآثار. صلاح الدين لم يشذ عن هذه القاعدة ـ بحكم مفاهيم زمنه ـ فبني للقاهرة من حجارة الآثار قلعة حصينة وسورا كبيرا ليحميها من الملك الصليبي عموري الأول.. حيث كان قد باغتها ذات مرة وأخرجوه منها بعد جهد. * * * أما القول إن صلاح الدين «اتهم» طائفة من «أهل القاهرة» بالاتفاق علي الفتك به وإقامة رجل من أولاد العاضد فوشي بهم ابن نجا إلي صلاح الدين وسأله أن ينعم عليه بجميع ما لابن كامل الداعي من الدور والموجود كله فأجيب إلي ذلك وأحيط بهم وشنقوا.. إلخ. لو عدنا إلي المؤرخ ابن الأثير ـ الذي يكره صلاح الدين ـ لو جدناه يقول إنهم كانوا من كبار موظفي حكومة العاضد ورجال الحاشية والحرس الخاص للقصر، ومعهم بعض كبار رجال جيش صلاح الدين.. واتصلوا بالملك عموري الأول لكي يرسل لهم جيشا، كما اتصلوا بحاكم صقلية لكي يأتي بأسطوله مع الوعد بتسليمهما بعض البلاد مع قدر كبير من المال.. وأقاموا حكومة فيما بينهم عينوا فيها الخليفة والوزير والقضاة والحجاب.. وأشركوا معهم زين الدين علي بن نجا القاضي والمعروف بابن نجية، الذي ذهب إلي صلاح الدين واعلمه بما يدبرون، فأمره أن يلازمهم ويخبره بما يدور.. ووصل رسول من الملك الصليبي «عموري الأول» برسالة وهدية إلي صلاح الدين في الظاهر، بينما مضي في الباطن يتصل بتلك الجماعة.. فدس عليه صلاح الدين رجلا يثق به من أقباط مصر، فأخبره الرسول الصليبي بمهمته الحقيقية، فقبض صلاح الدين عليهم.. ووصل أسطول صقلية وضرب الإسكندرية بالمنجنيقات لكن الأهالي قاوموه، ولما زحفت الفرق العسكرية التي كانت قريبة من الإسكندرية، انسحب الاسطول بعد أن علم بأن الذين استدعوهم قد اعتقلوا. والإجراءات العنيفة التي اتخذها صلاح الدين ضد أسرة العاضد ـ وهي مؤسفة حقا ـ كانت بعد هذه الحادثة.. حيث كان ابن العاضد ـ الذي اختفي ـ أحد زعمائها. * * * أما عن تدمير صلاح الدين لمكتبة القصر الفاطمي.. فالخلاف حول هذه الواقعة كبير.. وتخلص من هذا الخلاف إلي أن التدمير حدث لربعها فقط.. وهي الكتب التي تحض علي تأييد «سياسة» الفاطميين «الأعداء»!».. هذا غير مقبول منا ـ كمعاصرين ـ بطبيعة الحال، لكن الوقائع يجب أن تقيم حسب ظروف زمانها.. ويفهم مما ذكره أكثر المؤرخين أن الغالبية العظمي من الكتب بيعت للوراقين.. أي أنها موجودة لكنها تفرقت في المكتبات.. وقد أخذوا علي بهاء الدين قراقوش ـ قيم القصر ـ أنه «تركي» لا دراية له بفرائد الأدب وكتب العلم فباعها للوراقين بثمن بخس. * * * أما القول إن صلاح الدين لم يكن فقيرا حيث كان يملك الفيوم.. فهذا صحيح.. حيث لم يكن للحاكم راتب شهري وقتذاك.. لكن له «إقطاع» ينفق من «خراجه» علي نفسه وأسرته وحاشيته وعلي الهدايا التي يبعث بها إلي الملوك والأمراء.. وهناك ما يشبه الإجماع علي أن صلاح الدين كان مسرفا في كرمه علي من حوله من المقاتلين.. حتي إن أولاده وإخوته كانوا يضيقون بهذا لكنهم يستحيون من مواجهته.. وربما يعزي هذا الإسراف في الكرم إلي الإحساس بأنه قد لا يعود من المعركة المقبلة، حيث كان يقود المعارك بنفسه كما هو معروف. وابن الأثير الذي لا يحبه ـ وكان معاصرا له ـ هو الذي قال: «ويكفي دليلا علي كرمه أنه لما مات لم يخلف في خزائنه غير دينار واحد وأربعين درهما». ولا بأس من أن أردد في الختام مع أرسطو: أفلاطون حبيب إلي نفسي، لكن الحقيقة أحب إلي من أفلاطون. صلاح الدين الايوبى - Awarfie - 10-12-2005 يقول خالص جلبي في الشرق الاوسط بعنوان " لا تغضبوا: قراءة جديدة لصلاح الدين الأيوبي " "" والسبب في رفع صلاح الدين إلى مستوى القداسة، هو الانحطاط الحضاري للأمة، وهو أمر معروف في علم النفس، كآلية تعويضية يتناسب حجمها مع مقدار الانهيار، كما يحصل مع المفلس الذي يتحدث عن ثروة جده الهائلة وهو لا يملك شروى نقير.... "" و يقول في المقالة نفسها : "" ولعل كثيرين لا يعلمون عن صلاح الدين، أنه هو الذي وقع على إعدام الصوفي (السهروردي)، مذكرا بما حصل للحلاج، في قتل الناس من أجل أفكارهم. وعرض (ابن أبي أصيبعة) في كتابه (طبقات الأطباء) سيرة الشاب الحلبي، الذي قتله حاكم حلب الملك (الظاهر) أخو صلاح الدين، بعد أن أرسل إليه أنه قد أفسد عقيدة الناس، فأرسل إليه يأمره بقتل الرجل، وبفتوى من وعاظ السلاطين. وهذا الكلام قد يكون مفاجئا وسوف يغضب الجميع، كردا وعربا وإسلاميين. وتقديس الأشخاص وثنية، وشخصية صلاح الدين اليوم عصية على النقد، فوق الخطأ، ولكن التاريخ وقائع وحقائق أكبر من مشاعرنا، وكما يقول أرسطو أن الحياة كوميديا لمن يفكر، وتراجيديا لمن يتفاعل. ونيتشه يرى أن التشاؤم علامة انحطاط، والتفاؤل سطحية، ....... "" و يقول الكاتب إبراهيم محمد جواد في مقالته " صلاح الدين الأيوبي بين الأسطورة والواقع " "" المنصف إذا أبحر بعمق، في سفينة المؤرخ والمفكر الكبير السيد حسن الأمين عبر كتابه ( صلاح الدين الأيوبي بين العباسيين والفاطميين والصليبيين)، يمكن أن يصل إلى شاطئ فيه الكثير من الصور واللوحات، التي تعبر إن لم يكن عن كل الحقيقة فعن أكثرها جلاء في حياة هذا الرجل. يقول السيد الأمين أن صلاح الدين الأيوبي (لم يكد يطمئن إلى النصر الرائع في تلك المعركة، حتى أسرع إلى القيام بعمل لا يكاد الإنسان يصدقه، لولا أنه يقرأ بعينيه تفاصيله الواضحة، فيما سجله مؤرخو تلك الحقبة، المؤرخون الذين خدرت عقولهم روائع استرداد القدس، فذهلوا عما بعده، لم تتخدر أقلامهم فسجلوا الحقائق كما هـي، وظل تخدير العقول متواصلاً من جيل إلى جيل، تتعامى حتى عما هـو كالشمس الطالعة، حصل بعد حطين أن صلاح الدين الأيوبي آثر الراحة بعد العناء، والتسليم بعد التمرد، فأسرع يطلب إلى الإفرنج إنهاء حالة الحرب وإحلال السلام ). ولكي يتوصل صلاح الدين إلى إحلال السلام وإنهاء حالة الحرب مع الصليبيين، رضخ بصورة مذهلة وغريبة إلى كل الشروط التي اشترطوها عليه أثناء المفاوضات، ومنها: التنازل للصليبيين عن الكثير من المدن التي كان صلاح الدين قد استردها منهم بالحرب مثل حيفا - يافا – قيسارية – نصف اللد ونصف الرملة – عكا – صور – وسوى ذلك، حتى صارت لهم فلسطين إلاّ القليل. إضافة إلى ماوراء ذلك من اعتراف بوجودهم وإقرار لاحتلالهم، ورفع العنت والمعاناة عن رقابهم الموضوعة تحت سيوف المجاهدين، وإعطائهم الفرصة الذهبية للراحة، والاستعداد التام للانقضاض على القدس من جديد، الأمر الذي حصل فعلاً بعد موت صلاح الدين. ويقول الدكتور حسين مؤنس: (ثم دخلوا في مفاوضات مع صلاح الدين انتهت بعقد صلح (الرملة)، الذي نصّ على أن يترك صلاح الدين للصليبيين شريطاً من الساحل، يمتد من صور إلى يافا، وبهذا العمل عادت مملكة بيت المقدس – التي انتقلت إلى طرابلس – إلى القوة بعد أن كانت قد انتهت، وتمكن ملوكها من استعادة الساحل حتى بيروت ... وبذلك تكون معظم المكاسب التي حققها صلاح الدين – فيما عدا استعادته لبيت المقدس – قد ضاعت....... "" ثم يقول : "" إنه لأمر غريب حقاً وعجيب جداً بل ومريب، أن يجنح إلى السلم قائد مظفر لجيش منتصر، ثم إن هذا الذي جنح إليه صلاح الدين، هل هو سلم أم استسلام؟!....... هنا لابد أن يثور في الفكر سؤال كبير، وبحث عن السبب الذي دفع صلاح الدين إلى إيقاف الحرب مع الصليبيين، والجنوح الشديد نحو مسالمتهم وعقد معاهدة الصلح معهم بهذا الشكل المريب، وهو السؤال الذي لم يبخل التاريخ بالإجابة عنه بصراحة ووضوح، ومن قبل أقرب المقربين من المؤرخين إلى صلاح الدين. لو كان صلاح الدين مجاهداً في سبيل الله والإسلام، لالتزم بالتعاليم الإسلامية بشكل عام، وبالأحكام المتعلقة بالسلم والحرب بشكل خاص، وواقع الحال يؤكد غير ذلك(3أ). ولو كان صلاح الدين بطلاً قومياً كما يدّعون له، لاختار أن يستمر في الحرب حتى يطهر الأرض العربية من رجس الغزاة المعتدين، ويكنس منها كل أثر للصليبيين، قبل أن يفكر بالخلود إلى الراحة والدعة، وموادعة أعداء الأمة، الرابضين في أهم مدنها وبقاعها، والجاثمين فوق صدور أبنائها....... إنه لا مفر أمامنا من الاعتراف، أن صلاح الدين الأيوبي ما هو إلاّ طالب لسلطة وملك حازهما بكل خسة ونذالة، وطامح لمجد شخصي ناله بالغدر والخيانة، ولم تكن الدواعي الإسلامية والدوافع القومية لتخطر على باله، أو لتحتل حيّزاً ولو صغيراً في قلبه. ومن هنا فقط، نستطيع أن نفهم مبادرته لإيقاف الحرب، وسعيه الحثيث لعقد الصلح مع الصليبيين،ومحاولاته المتكررة لثني الخليفة العباسي الناصر عن إرسال أي جيش إلى فلسطين لمعاضدة صلاح الدين في قتال الصليبيين وطردهم من الديار الإسلامية(4). كان نور الدين زنكي ولي نعمة صلاح الدين، قد طلب إليه أن يزحف من مصر، في حين يزحف نور الدين من الشام، ويحصرا الصليبيين بين الجيشين مما يسهل القضاء عليهم، فأبى ذلك صلاح الدين، لأنه اعتقد أنه إذا زال الصليبيون أصبح تابعاً لنور الدين، ولما أدرك أن نور الدين عازم على القدوم بنفسه إلى مصر ليؤدبه، احتمى منه بالصليبيين كما نص على ذلك ابن الأثير وأبو شامة وابن العديم وغيرهم....... يقول أبو شامة: (وكان نور الدين قد شرع بتجهيز السير إلى مصر لأخذها من صلاح الدين، لأنه رأى منه فتوراً في غزو الفرنج من ناحيته، فأرسل إلى الموصل وديار الجزيرة وديار بكر، يطلب العساكر ليتركها بالشام لمنعه من الصليبيين، ليسير هو بعساكره إلى مصر، وكان المانع لصلاح الدين من الغزو، الخوف من نور الدين، فإنه كان يعتقد أن نور الدين، متى زال عن طريقه الفرنج، أخذ البلاد منه، فكان يحتمي بهم عليه ولا يؤثر استئصالهم )(6). وياليت الله مدّ في عمر نور الدين ريثما يزيل هذا الجاحد للنعمة، المتخاذل عن النصرة، فيتغير بذلك وجه التاريخ، ولا يبقى للصليبيين أثر في البلاد الإسلامية، ولكن نور الدين أتاه أمر الله الذي لا يرد، ليقضي الله أمراً كان مفعولاً، ولتكون أمام صلاح الدين الفرصة ليعيد هذا الموقف نفسه مرة ثانية مع الخليفة الناصر العباسي، (ولتنكب الأمة نكبة أخرى بتمزيق صفوفها، وتوريث بلادها كما تورث القرى والمزارع لورثة صلاح الدين، فتعاد القدس التي سفكت دماء المسلمين في سبيل استردادها، تعاد بسبب ترتيبات صلاح الدين إلى الصليبيين). (هنا أيضاً وقف صلاح الدين الموقف نفسه من الخليفة الناصر، فرفض قدوم جيش الخلافة لقتال الصليبيين والقضاء عليهم، لأنه اعتقد أنه سيصبح والياً من ولاة الخليفة تابعاً له. وأمام الرسالة الأخيرة التي أرسلها الخليفة الناصر، والتي لم يفصح العماد الأصفهاني عن شيء من مضمونها، والتي استشعر صلاح الدين الشدة فيها، والإصرار على إرسال جيش قوي لطرد الصليبيين، قرر صلاح الدين في نفسه التمرد على الخليفة، إلى حد قتال جيشه لو جاء إلى فلسطين. ولذلك فقد راح يهيئ وسائل المقاومة ويرتب المحالفات، وخاصة بعدما جاءت الأخبار بقدوم حملة صليبية ألمانية كبيرة، اجتازت القسطنطينية وشقت طريقها في الأناضول، ودخلت مدينة قونيه وتحالفت مع الملك السلجوقي قلج أرسلان. فمن جهة حاول صلاح الدين أن يلين للخليفة الناصر، ويطمئنه على قدرته على القيام وحده بواجب صد هذه الحملة وردها على أعقابها، فأوفد رسولاً إليه، وزوده برسالة يقول فيها: والخادم منفرد في عبء هذا الفادح الباهظ بالنهوض، وهو واثق بأن بركات الدار العزيزة تدركه ولا تتركه، وأن الذي يستبعد مـن النصر القريب يتسق ويتسع بـه سلكه ومسلكه إن شـاء الله). ومن جهة ثانية، كان يوقع معاهدة الصلح والسلام مع الصليبيين، وينزل عند شروطهم، ويتنازل لهم عما كان في يده وتحت سلطانه من مدن فلسطين وغير فلسطين، ويتحالف معهم لقتال جيش الخليفة إن هو جاء إلى فلسطين. فما أن تم له إنجاز هذا التحالف واستكمال متطلباته، حتى كتب إلى الخليفة معلناً رفض أمراء جيشه مواصلة القتال، وبالتالي تململهم من قدوم جيش الخليفة، لأن العسكر قد أنهكتهم الحرب حتى سئموا وملوا وضجروا وكلّوا. على أن صلاح الدين الذي أبرم هذا الصلح مع الصليبيين أعداء الأمة الإسلامية، ورسم هذه الصورة الهزيلة لجيشه، زاعماً في رسالته للخليفة أن جيشه قد ملّ القتال وسئم الحرب، وغدا عاجزاً ضعيفاً عن مواصلة الكرّ والفرّ، كان يعدّ لحرب جديدة، ولكن لا لإنقاذ الوطن الإسلامي مـن خطر الصليبيين هذه المرة، وإنما لتوسيع رقعة مملكته الخاصة على حساب ممالك إسلامية أخرى، (لأن إنقاذ الوطن الإسلامي من الصليبيين يحد من نفوذه ويقلل من هيمنته، أما القتال في مناطق أخرى، فإنه يزيد من نفوذه ويكثر من هيمنته، فإذا ضمن ذلك فليبق الصليبيون في بلاد الشام، ولو أن المناطق التي عزم على القتال فيها، هي مناطق أجنبية يريد إدخالها ضمن المناطق الإسلامية لهان الأمر، ولكن صلاح الدين الذي عزم على مسالمة الصليبيين وإنهاء الحرب معهم والتسليم بوجودهم، صلاح الدين هذا كان يخطط لغزو البلاد الإسلامية، وسفك دماء المسلمين، تحقيقاً لمطامعه الشخصية، عزم على ترك الصليبيين في أمان، واتجه لترويع المسلمين الآمنين ويذكر ابن الأثير في تاريخه، وابن كثير في البداية والنهاية، أن صلاح الدين كان عازماً على أن يغزو بنفسه بلاد الأناضول، التي كانت وقتذاك بلاداً إسلامية، يحكمها أولاد قلج أرسلان السلجوقي، وأن يوجه أخاه (العادل) لغزو بلاد (خلاّط) والدخول منها إلى أذربيجان، ومن ثم بلاد العجم، لكن المنية عاجلت صلاح الدين، وحالت بينه وبين الإقدام على جريمة أخرى من جرائمه الكثيرة في حق الإسلام والمسلمين، كما حالت من قبل بين نور الدين زنكي وبين السير إلى مصر، لإنزال عقوبة الموت بصلاح الدين الذي نكل بوعده ونكص عن التوجه لقتال الصليبيين، حسب الخطة التي رسمها لـه نور الدين زنكي، وليُّ نعمته وصاحب الفضل الذي لا ينكر عليه. • ما الذي فعله صلاح الدين؟: وقبل أن نصل إلى ختام هذا البحث، نسأل أنفسنا والتاريخ هذا السؤال المهم عما فعله حقاً صلاح الدين، ونستنطق التاريخ فنجده يقول بكل صراحة: 1- قضى صلاح الدين على الدولة الفاطمية في مصر، وأباد المكتبات العظيمة التي أنشاؤها، وشتت الكتب التي سهروا طويلاً على جمعها وترتيبها، ووضعوها بين أيدي العلماء، لينهلوا من معينها الفياض، ونكّل بأتباعهم وأشياعهم بكل قسوة ووحشية. هذه الدولة العظيمة، التي كانت طوال فترة حكمها، السدّ المنيع أمام أطماع الروم البيزنطيين، والحارس القوي اليقظ على ثغور دولة الإسلام، سواء في الشام بالمشرق، أو في إفريقيا بالمغرب، متابعة في ذلك الدور العظيم، الذي كانت تقوم به قبلها الدولة الحمدانية في حلب، بقيادة سيف الدولة الحمداني، والتي قضى عليها هي الأخرى أسياد صلاح الدين وآباؤه. لقد كانت الدولة الفاطمية، في صراع دائم وثابت مع الروم البيزنطيين، ورغم كل الحشود الضخمة والجهود الحثيثة، والإصرار من قبل البيزنطيين للوصول إلى القدس، فإن الفاطميين استطاعوا بصمودهم وشجاعتهم صدّ هؤلاء عن القدس، بل عن كل البلاد الإسلامية في المشرق والمغرب على السواء، وظلت الضربات الفاطمية تلاحقهم حتى ردتهم إلى أنطاكية، ولما حاق الفشل الذريع بالإمبراطور البيزنطي، عاد آيباً إلى القسطنطينية، حيث مات فيها مقهوراً في أوائل سنة 971 م . 2- اكتفى صلاح الدين بالنصر الذي حققه في معركة حطين، والتي انتهت بانتزاع القدس من أيدي الصليبيين، وبدلاً من متابعة الحرب، واضعاً يده في يد الخليفة الناصر العباسي حتى طرد الصليبيين من كافة الأرجاء والمدن الإسلامية، آثر مصلحته الشخصية في بسط نفوذه على بلاد الشام، وتمكين ملكه فيها، بعيداً عن نفوذ الخليفة، أو تدخله في شؤون تصريفه لأمور مملكته هذه. ولتحقيق هذه الغاية بادر إلى مسالمة الصليبيين وموادعتهم، بل إلى التحالف معهم لقتال جيش الخلافة لو جاء إلى فلسطين، هذه المسالمة التي تنازل صلاح الدين مـن أجل الوصول إليها، عن معظم مدن فلسطين ولبنان للصليبيين، واعترف لهم بشرعية وجودهم فيها خلافاً لتعاليم الإسلام ورغبة المسلمين، بما فيهم الخليفة الناصر العباسي. 3- في عام 1190 م أصدر صلاح الدين مرسوماً دعا فيه اليهود إلى الاستيطان في القدس، وكان الصليبيون أثناء فترة احتلالهم للمدينة قد حظروا على اليهود الإقامة فيها، وحين زار الحاخام اليهودي (يهوذا بن سليمان الحريزي) (القدس عام 1216 م) وجد فيها جماعة يهودية معتبرة، مكونة من مهاجرين من فرنسا والمغرب وسكان عسقلان السابقين. وترد الموسوعة اليهودية إصدار ذلك المرسوم، إلى نفوذ اليهودي موسى بن ميمون طبيب صلاح الدين، فتقول بشكل صريح وواضح كل الوضوح: (استخدم ابن ميمون نفوذه في بلاط صلاح الدين لحماية يهود مصر، ولما فتح صلاح الدين فلسطين أقنعه ابن ميمون بأن يسمح لليهود بالإقامة فيها من جديد وابتناء كُنُسٍ ومدارس). ويشير الدكتور جورج طرابيشي إلى هذا النفوذ بقوله: (بعد أن فتح صلاح الدين القدس، استحصل ابن ميمون لأبناء ملّته على إذن في التوطن فيها وفي فلسطين بصفة عامة). وبهذا المرسوم انفتح الطريق منذ ذلك اليوم لقيام دولة إسرائيل، وما وصلت إليه في عصرنا الحاضر من طغيان وفساد في الأرض. - قبل أن يموت صلاح الدين، قام بتقسيم البلاد التي كان يحكمها بين ورثته على الشكل الذي يحدده ابن كثير كما يلي: - مصر: لولده (العزيز عماد الدين أبي الفتح). - (دمشق وما حولها) لولده (الأفضل نور الدين علي). - (حلب وما إليها) لولده (الظاهر غازي غياث الدين). - (الكرك والشوبك وبلاد جعبر وبلدان كثيرة على قاطع الفرات) لأخيه (العادل). - (حماه ومعاملة أخرى معها) لابن أخيه (الملك المنصور محمد بن تقي الدين عمر). - (حمص والرحبة وغيرها) لابن عمه (أسد الدين بن شيركوه). - (اليمن) جميعه بمعاقله ومخاليفه لأخيه (ظهير الدين سيف الإسلام طفتكين بن أيوب). - (بعلبك وأعمالها) لابن أخيه (الأمجد بهرام شاه بن فروخ شاه). - (بصرى وأعمالها) لـ (الظافر بن الناصر). ويضيف ابن كثير بعد هذا النص قائلاً: (ثم شرعت الأمور بعد صلاح الدين تضطرب وتختلف في جميع الممالك ويقول الدكتور حسين مؤنس واصفاً تلك القسمة: (قسم صلاح الدين الإمبراطورية ممالك بين أولاده واخوته وأبناء أخويه، كأنها ضيعة يملكها، لا وطناً عربياً إسلامياً ضخماً يملكه مواطنوه!) إن هذه الحقائق عن مخازي صلاح الدين الأيوبي، لم ينفرد بها السيد الأمين ولم يخترعها من عند نفسه، وإنما انتزعها من بطون كتب التاريخ، وخاصة من المؤرخين الذين عاصروا صلاح الدين، والفترة التي تلت عصره، وكانوا من المقربين إليه والأثيرين عنده، وقام مشكوراً بجهد كبير ليكشف لنا هذه الحقائق الناصعة، مأخوذة من مؤرخين لا يرقى الشك إلى ولائهم لصلاح الدين، وبالتالي إلى صدق ماكتبوه عنه وعن ورثته، من مثل العماد الأصفهاني، والقاضي بهاء الدين بن شداد، وابن الأثير وابن كثير والنعمان بن محمد، والمقريزي وابن القلانسي ومن إليهم، ونقله عنهم بعد ذلك جمع كثير من المؤرخين المعاصرين، منهم الدكتور حسن إبراهيم حسن، والدكتور طه أحمد شرف، والدكتور حسين مؤنس، وسواهم . هذا هو صلاح الدين الأيوبي، وهذه هي شخصيته الحقيقية كما أفصح عنها التاريخ، لم يكن مجاهداً إسلامياً، ولا بطلاً قومياً عربياً، وإنما كان مجرد طالبٍ لسلطة، وطامع بملك، وقد نالهما عبر مراحل طويلة من خداعه للمسلمين والعرب، فباسم الجهاد سالم الصليبيين بل وتحالف معهم، وباسم الجهاد قاتل شعوباً إسلامية، وقضى على دول إسلامية في مصر واليمن وسواهما، وكان قاسياً جداً لدرجة الوحشية مع المسلمين الذين يحكمهم، ومتسامحاً لدرجة مريبة جداً مع اليهود والصليبيين. ولا بأس أن ننقل في هذا الختام، حديث الدكتور حسين مؤنس عن سيرة صلاح الدين مع الشعب، والمعاملة السيئة والقاسية التي كان هو وعماله يعاملون بها الناس: (كانت مشاريعه ومطالبه متعددة لا تنتهي، فكانت حاجته للمال لا تنتهي، وكان عماله من أقسى خلق الله على الناس، ما مرّ ببلده تاجرٌ إلاّ قصم الجُباةُ ظهره، وما بدت لأي إنسان علامة من علامات اليسار إلاّ أُنذر بعذاب من رجال السلطان، وكان الفلاحون والضعفاء معه في جهد، ما أينعت في حقولهم ثمرة إلاّ تلقفها الجُباةُ، ولا بدت سنبلة قمح إلاّ استقرّت في خزائن السلطان، حتى أملق الناس في أيامـه، وخلّفهم على أبواب محن ومجاعات حصدت الناس حصداً. أن الناس عندما يهبطون إلى درك من الضعف والعجز، يحاولون أن يفتشوا عن بطولات لهم في التاريخ، وعندما لا يجد هؤلاء لهم أبطالاً حقيقيين، لا يضيرهم أن يستظلوا تحت سقف أبطال مزيفين، ولا يكتفون بذلك بل يجعلون منهم أبطالاً أسطوريين، يقاتلون طواحين الهواء باسمهم وتحت راياتهم، ولله في خلقه شؤون، والحمد لله رب العالمين. و يقول آورفــاي الذي لا سند له في هذه الدنيا الا صوته و عقله النقدي : ما زال السذج يرددون اقوال ارهابيي هذا الزمان و متطرفيه الاسلاميين منهم و القومجيين حول صلاح الدين الايوبي منقذ هذه الامة التي اطاح بها سلوك امثال صلاح الدين نفسه و من شاكله من حكام التاريخ العربي و بلطجيته القومجيين في العصر الحديث. صلاح الدين الايوبى - darwishy - 10-20-2005 منك لله يا يوسف يا بن شاهين دمرت التاريخ و ساهمت في تأليه اللصوص والقوادين والناس غلابة بتصدق الممثلين وقال إيه ( الناظر صلاح الدين) عالم ما بتختشيش (لا تستحي) صلاح الدين الايوبى - ضيف - 11-02-2005 بالراحة يا درويشى بالراحة أولا: يوسف شاهين دمر التاريخ فعلا منه لله ثانيا صلاح الدين لم يكن اله و لا نصف نبى بل رجل حرب و سياسة الا انه كان فارسا حقيقيا بنبله و قوته..هذا النبل الذى يعترف به اعداءه و يلومه عليه مؤرخه ابن الاثير انا فى فترة من حياتى تأثرت بما يقال عن صلاخ الدين و ينال منه حتى مقته مقتا شديدا و لكن اتعرفون ما الذى جعلنى اشعر بعظمة صلاح الدين انه حنا الصورى الذى كتب " الحروب الصليبية" و التى هى يومياته و تنتهى قبل موقعة حطين بفترة قصيرة لقد شعرت بالمرارة الشديدة التى يتحدث بها المؤرخ الصليبى عن صلاح الدين و قدرته على توحيد بلاد المسلمين مما جعله قادرا على ايقاع النوازل الموجعه بهم ان جهاد صلاح الدين فى سبيل دينه نفتقد اليوم مثله صلاح الدين الايوبى - مسلم سلفي - 11-15-2005 اقتباس:1- قضى صلاح الدين على الدولة الفاطمية في مصر، وأباد المكتبات العظيمة التي أنشاؤها، وشتت الكتب التي سهروا طويلاً على جمعها وترتيبها، ووضعوها بين أيدي العلماء، لينهلوا من معينها الفياض، ونكّل بأتباعهم وأشياعهم بكل قسوة ووحشية. رحمك الله يا صلاح الدين لولاك لكنا من الشيعة العبيديين |