حدثت التحذيرات التالية: | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
بين حلم وحالة هلوسة، وشخص متوفى يغني أغنية لملحم بركات، ظهر البدر وبائع الدخان.... - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3) +--- المنتدى: قضايا اجتماعيــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=60) +--- الموضوع: بين حلم وحالة هلوسة، وشخص متوفى يغني أغنية لملحم بركات، ظهر البدر وبائع الدخان.... (/showthread.php?tid=23920) |
بين حلم وحالة هلوسة، وشخص متوفى يغني أغنية لملحم بركات، ظهر البدر وبائع الدخان.... - أبو إبراهيم - 10-05-2005 لم أكن أتوقع يوماً أنني سأربط بين ذاك الرجل وأغنية لملحم بركات لم تخطر يوماً على بالي، والقمر في تمامه، وطفل صغير يبيع الدخان على مفرق مساكن برزة.... ولكن غير المتوقع حصل... كنت نائماً والبراد يعنّ أمام رأسي، والتلفاز يئز وهو مطفأ، في لحظة من الليل يتحول فيها سقوط إبرة إلى قرقعة أزلية.... أخبرني أحد الأصدقاء أن أزيز التلفاز مع أنه مطفأ سببه عطل في مكثفة في داخله تحتاج إلى تغيير... ومع أنني عندما عدت من آخر سفر لي، ووصلت هذا التلفاز اللعين، انفجرت مكثفاته مرتين متتاليتين معلنة نهاية التلفاز ونهاية الأزيز، ومخرجة دخاناً كاد يخنقني مرتين... ولكنه عاد بقدرة قادرٍ غلى الحياة ليئز معلناً انتصاره على الموت.... شبيهٌ به ذلك المتوفى الذي يعلن انتصاره على الموت كلما ترك قبره وأتى يزورني في أحد أحلامي الكثيرة... أحب هذا الرجل كثيراً، وأكن له الكثير من التقدير, ومع ذلك لم أصل مرةً واحدة إلى نوع من التفاهم معه عندما كان حياً، حتى أتخيل تفاهماً معه وهو ميت... ولكن، وبكل برود دم،هذا ما حصل... كان يسند رأسه إلى رأسي ويغني أغنية ملحم بركات "القبل قبل أخيرة": أحلى ظهور... مع أنني فعلاً أغرمت منذ زمان طويل بأغاني ملحم بركات وصوته وموسيقاه، وكان ذلك طبعاً قبل أن يخبرني صديقي الصيف الماضي بأن نصف موسيقاه مسروقة، ويسمعني بعض المقتطفات على آلته الموسيقية... فمثلاً :"على بابي واقف قمرين" مسروقة من أغنية "يا شط إسكندرية"... ومع معرفتي للأغنيتين وللموسيقا معاً لم أنتبه في حياتي إلى هذا الأمر، ولكن صديقي انتبه... المهم أنني كنت معجباً بكل أغاني ملحم بركات، وأتذكر جيداً أنني اشتريت شريطاً له ووضعته في سيارة والدي منذ بضعة سنوات، وبقيت أسمعه بضعة أشهر متتالية بدو كلل أو ملل... والأهم أنني لم أحب قط أغنيته "أحلى ظهور".... فكيف بها تأتي إلى أحلامي ؟ على كل حال، هذا أبسط وأقرب إلى التصديق من متوفى لم أتفاهم معه في حياته فتفاهمت معه في مماته، والتلفاز التي انفجر مرتين ولكنه ما زال يصر على الحياة.... ويبقى الإنسان أقوى الكائنات، إذ أنني أعرف أن جارنا انفجر مائة مرة من نقيق زوجته، ولكنه مازال حياً يرزق وبسمته ثلاثة أمتار عندما أصادفه على درج البناء... عندما ركبت حافلة المطار ذاهباً في زيارة إلى بلدي، كنت قد نسيت تماماً ذلك الحلم المؤثر وكيف أسند الميت رأسه إلى رأسي ونحن نغني سوية "أحلى ظهر ظهور القمر... أحلى عيون عيونك يا قمر...". وهذا أفضل لي لأنني كنت متشائماً جداً من هذا الحلم، وظننته إيذاناً بقرب خاتمتي، فما سيكون شعوري إن تذكرته وأنا على ارتفاع بضعة آلاف قدم في طائرة بقي المضيفون ربع ساعة يحاولون إغلاق بابها. ولكن ذاك الشاب الحمصي الذي ركب معي بحافلة المطار كان قادراً على أن ينسيني كل همومي وأفراحي معاً، وهو يتصل بكل سوري مقيم في فرنسا ليودعه، ويصور بكاميرته الرقمية الجديدة كل شاردة وواردة في الطريق. لما وصلت إلى هناك... وقعدت بعد بضعة أيام في برود ليل قريتنا الجبلية، ظهر القمر بدراً في السماء. ولم أستطع ليلتها أن أربط بين ذلك الحلم وذاك البدر المكتمل الساطع.... توقف التكسي أخيراً على إشارة تقاطع مساكن برزة. هناك حيث يجتمع الكثير من السود على دكان سندويش واحد لا غير، وكأن فيه كل سحر أفريقيا ولذة طعام أوطانهم. اقترب مني ذاك الطفل الذي لم يتجاوز الثامنة من العمر، تحت شمس الثانية بعد الظهر، وفي حرارة تفوق الأربعين درجة، وعرض علي أنواع الدخان التي يحملها... كانت أخته التي تكاد تصغره بقليل تبيع الدخان لسيارة أخرى. مر تحت ناظري بسرعة الحلم والمتوفى وأغنية ملحم بركات واليدر مكتملاً وبضعة أشياء أخرى لم أذكرها هنا، كالتنكة التي تنقل فيها الماء، وزوج من النظارات الطبية، وبضع مشمشات ذابلات في صحن زجاجي قديم يشعرك قدمه بالاطمئنان لا أكثر. وعرفت في النهاية الصلة التي تربط بينها كلها.... وأنا أكتب هذه الكلمات، وبالقرب من التلفاز الذي يئز، والبراد الذي يعن، وأزيد عليه صوت مروحة الكمبيوتر الذي دفعه إلي صديق بدل عمل أديته له. وكل هذا بعيداً عن هناك.... حيث اجتمعت كل تلك الهلوسات، أو بالأحرى كل تلك الحقائق. أعرف الآن جيداً أن ما يربط كل هذه الأشياء هو شيئ واحد : وطني.... أين أنت أيها المتوفى لنتابع سوياً الغناء : "يا حبيبي خليك حدي، غيرك والله ما بدي... يا حبيبي".... (f) |