![]() |
الدكتور مراد وهبه: ارتباط عضوي بين الحقيقة المطلقة والإرهاب - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5) +--- المنتدى: الحوار الديني (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=58) +--- الموضوع: الدكتور مراد وهبه: ارتباط عضوي بين الحقيقة المطلقة والإرهاب (/showthread.php?tid=24995) |
الدكتور مراد وهبه: ارتباط عضوي بين الحقيقة المطلقة والإرهاب - Jupiter - 09-05-2005 متى يذكر اسم الدكتور مراد وهبه، يتبادر إلى الذهن الصراع الذي كان دائرا بين إبن رشد وفلسفة الشيخ الغزالي. فكان ابن رشد يصرف كل همه للدفاع عن التطور الحضاري للعلوم بعد أن كفّره الشيخ الغزالي في كتابه "تهافت الفلاسفة" الذي يكفّر فيه كل من يشتغل بالفلسفة والعلم خاصة المرتبط منهم باليونان. فالدكتور مراد وهبه، "ابن رشد عصره"، يحاول تفكيك الذهنية المتخلفة التي تنتج مشاكل العالم العربي. ذهبت إليه في بيته بوسط القاهرة وكان ذلك لثاني مرة منذ خمس سنوات. وجدته كما هو: مفكر متزن متواضع، رصين في أحاديثه، تحدثنا في أشياء كثيرة - ومر الوقت ونحن لم ننته بعد من الحوار- عن ظاهرة الإرهاب والحقيقة المطلقة، وارتباط هذه الحقيقة بالدين. وخرجت من الحوار بإحساس أني أريد إجراء حوار آخر معه. وتذكرت كلمات الفيلسوف العبقري نيتشه: "نهم لا أشبع"· - ما هي البنية الذهنية للإرهاب، وما هي علاقة الإرهاب بالحقيقة المطلقة؟ ü اعتقد أننا في حاجة إلى الكشف عن الأسس المعرفية لعقل الإرهابي، وهذا يستلزم أولا تعريف ما هو المقصود بالأسس المعرفية للإرهابي؟ وأظن أنها تقوم في بنية متميزة لعقل الإرهابي. وهذه البنية من أجل الكشف عنها، نحن في حاجة لتحديد تعريف من هو الإرهابي الذي يختلف عن المجرم العادي، الذي يرتكب جريمة ويخضع للقانون الجنائي لمحاكمته. أما الإرهابي فهو ليس مجرد قاتل يمارس عملية قتل. هو في الأصل يمارس عملية قتل ذهنية بمعنى أنه يعتقد أن من يخالفه في الرأي مُهدِّد لكيانه وبالتالي فهذا الرأي المخالف يرقى إلى مستوى العقيدة. يعني أن من يخالف الإرهابي في عقيدته يهدد وجود العقيدة، وبالتالي وجودَه؛ لأن ثمة هوية بين المعتقد وصاحب المعتقد، وبالتالي فالقتل الذهني هنا سابق على القتل العملي سبقاً ضرورياً. بمعنى أنه عندما يقرر ذهنيا أن يقتل فإنه يمارس فوريا عملية القتل في الواقع. أذن إذا أردنا أن نتخلص من الإرهابي أو نحرر الإرهابي من القتل الذهني علينا بتحرير عقله، علينا بتوعيته بحقيقة المسألة الإرهابية. وأظن أننا في هذه الحالة نحتاج إلى إعادة نظر في العلاقة بين المعتقد والحقيقة المطلقة، المعتقد أو "الدوجما" معناها التزام الإنسان بأمر ما، وهذا الأمر يأتي من الخارج وليس من الداخل، وبالتالي فالإرهابي أو صاحب المعتقد محكوم بالخارج وليس محكوما من الداخل وبالتالي فهو فاقد الحرية. هذه نقطة. النقطة الثانية أن المعتَقَد ايضا يتضمن أنه حقيقة مطلقة لا تقبل الحوار، وبالتالي فالإرهابي مرتبط ارتباطاً عضوياً بالحقيقة المطلقة. وأظن أن هذا الارتباط العضوي بين الإرهاب والحقيقة المطلقة نشاهده في تاريخ البشرية. نشاهده في ما قبل الميلاد في العصر اليوناني القديم حيث نشأ الفلاسفة في أثينا. فمن تعرّض من هؤلاء الفلاسفة إلى مفهوم الحقيقة كان يتعرض لنوع من الاضطهاد قد يصل إلى الإعدام. البعض يعرف أن سقراط قد قبل أن يحكم عليه بالإعدام؛ لأنه في محاوراته ضد الاعتقاد بحقيقة مطلقة كان يسخر من محدثيه، ويحاول أن يبين التناقضات في كلام محدثيه، عندما كان يشعر أن المتحدث إليه قانع بأفكاره بأنها على مستوى الحقيقة المطلقة. وبالتالي عندما شعر الحكام في اثينا أن سقراط مهدد للحقيقة المطلقة قدموه للمحاكمة وكانت التهمة الموجهة لسقراط أنه ينكر الآلهة وأنه يفسد عقول الشباب. وهنا نلاحظ ثمة علاقة عضوية بين اتهام سقراط بأنه ينكر الآلهة، وبين اتهامه بانه يفسد عقول الشباب. إنكار الآلهة معناه أن سقراط كان جريئا في نقد المعتقد السائد للحقيقة المطلقة، ومن ناحية أخرى كان يحاول أن يهز البنية الذهنية للشباب ليجعلهم على وعي بهذا الوهم: الاعتقاد بحقيقة مطلقة. وبالتالي حُكِمَ عليه بالإعدام. نحن الآن في بداية القرن الجديد وقد واجهت البشرية هذه الظاهرة، ظاهرة الإرهاب. ويمكن القول بأنها في الأصل مرتبطة بالأصولية الدينية، هناك أمثلة عديدة: بن لادن، وأيمن الظواهري.. فجميعهم أصحاب الاعتقاد بحقيقة مطلقة وينزعون نحو الإرهاب· - ماذا تقصد بالأصولية الدينية؟ ü اقصد عدم إعمال العقل في النص الديني، ومنع العقل من أن يفكر في النص الديني. معناه أن نأخذ النص الديني بحرفيته وبلا حوار. واذا حاولت أن تُعمِلَ العقل أو تفهم النص الديني، فأنت في نظر الأصولي كافر وزنديق وتستحق القتل. من هنا ارتبطت الأصوليات الدينية على مختلف أنواعها بظاهرة الإرهاب الموجودة في الأصولية اليهودية والمسيحية والإسلامية والكنفوشيوسية. مثلاً، الذي قتل غاندي أصولي يتبع مذهب الهندوسية. الذي ينقص الآن في التعامل مع الإرهابيين هو ضرورة وجود هيئة من الفلاسفة والعلماء لدراسة البنية الذهنية للإرهابي. - اعتقد أن الحقيقة المطلقة مرتبطة بالعقائد وليس بأفكار.. لماذا تجد الحقيقة المطلقة التربة الخصبة في العقائد الدينية؟ ü كما قلت لك إن "الدوجما" هي عبارة عن أمر صادر من هيئة خارجية لها سلطة مطلقة وتأمر الآخر بالاعتقاد الذي تقرره، وهذا لا يتوفر إلا في المجال الديني. أما في المجال السياسي، فيمكن أن ترقى الإيديولوجية السياسية إلى مستوى الحقيقة المطلقة لكنها تظل محكومة بصراع بين إيديولوجيات أخرى. مثلا لو أخذنا الإيديولوجية النازية والفاشية والليبرالية، ففي الحرب العالمية الثانية كان هناك صراع بين الإيديولوجية الليبرالية من جهة والايديولوجتين النازية والفاشية من جهة أخرى، لكن هذا كان في إطار دول. فالحرب هنا بين دول، فالدولة تعتقد بإيديولوجية معينة. لكن الحرب الآن ليست بين دول. إنما ما هو حادث الآن والذي بدأ بطريقة صارخة في 11 سبتمبر بتدمير البرج التوأم الذي يمثل قمة الثورة العلمية والتكنولوجيا؛ لان البرج التوأم به نحو 29% من حجم التجارة الحرة التي هي قلب الثورة العلمية والتكنولوجيا الآن؛ لأن التجارة الاليكترونية تموّت المسافة الزمنية والمكانية. فتدمير هذا البناء، وهو في حقيقة الأمر ليس تدميرا موجها إلى أميركا، هو موجه ضد الحضارة. فأولئك الذين دمروا البرج التوأم هم أعداء الحضارة، فلو كان هذا البرج موجوداً في مكان أخر غير أميركا، فإنه كان سيُدمّر. مثلا، سيد قطب يرفض ما تم في أوربا من إصلاح ديني في القرن السادس عشر وتنوير في القرن الثامن عشر، ويقول عن هاتين الحركتين إنهما الفصام النكد. الفصام مرض عقلي معناه عزلة المريض عن الواقع. إذاً، سيد قطب يرى واقعاً غير الذي يراه الأوربيون. الأوربيون رأوا انه لابد من تحرير العقل من كل سلطة دينية، فأسسوا عصر الإصلاح الديني، ثم أرادوا تحرير العقل من كل سلطان عدا سلطة العقل، فأسسوا عصر التنوير، وهذان العصران يقول عنهما سيد قطب أنهما مرضان عقليان. وهو هنا يوجه إتهاما إلى الحضارة: فما كان ينبغي لأوربا أن تمر بهاتين الحركتين. ومعروف أن كل الأصوليات معادية للعلمانية. أجـرى الحــوار: سامـح سامــي الدكتور مراد وهبه: ارتباط عضوي بين الحقيقة المطلقة والإرهاب - استشهادي المستقبل - 09-05-2005 يجب ان نعمل العقل في النص الديني ولكن للموضوع حدود يعني لا يمكنني مثلا ان اعمل العقل في الثوابت التي لا جدال فيها يعني من غير الممكن ان افكر ولو للحظة ان هناك الهين مثلا او ان الاخرة هي قضية رمزية ومعنى تجريدي وليست يوما قادما لا محالة |