حدثت التحذيرات التالية:
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(958) : eval()'d code 24 errorHandler->error_callback
/global.php 958 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $unreadreports - Line: 25 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 25 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $board_messages - Line: 28 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 28 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined property: MyLanguage::$bottomlinks_returncontent - Line: 6 - File: global.php(1070) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(1070) : eval()'d code 6 errorHandler->error_callback
/global.php 1070 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval



نادي الفكر العربي
"في إنتظار غودو" - نسخة قابلة للطباعة

+- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com)
+-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5)
+--- المنتدى: قــــــرأت لـك (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=79)
+--- الموضوع: "في إنتظار غودو" (/showthread.php?tid=2506)



"في إنتظار غودو" - الإله ميثرا - 10-30-2008

أقدم لكم الآن المسرحية الخاااااالدة الراااائعة

فى انتظار جودو

تأليف : صمويل بيكيت
ترجمة : فايز اسكندر







الشخصيات :
إستراجون
فلاديمير
بوزو
لاكى
غلام

الفصل الأول
( طريق ريفى .. شجرة .. الوقت مساء )
استراجون يجلس على كومة فى الأرض قليلة الإرتفاع ، ويحاول أن ينزع عن قدمه فردة حذائه ، يجذبها بكلتا يديه وهو يلهث . يتوقف عن المحاولة منهكاً ، ويستريح قليلاً ثم يبدأ من جديد . ويتكرر الوضع . يدخل فلاديمير .
استراجون : ( يقلع عن المحاولة ) لا فائدة..
فلاديمير : ( يتقدم فى خطوات قصيرة ثابتة ، ويقف وساقاه متباعدتان ) إننى على وشك الوصول إلى هذا الرأى . لقد حاولت طيلة حياتى أن أقصيه عنى قائلاً ، يا فلاديمير كن معقولاً ، فإنك لم تجرّب بعد كل شيء .. ثم أستأنف النضال ( يفكر ، متأملاً فى النضال . إلى استراجون ) وإذن – فها أنت من جديد ..
استراجون : أهذا حقاً ؟
فلاديمير : إننى سعيد برؤيتك مرة ثانية . لقد ظننت أنك اختفيت إلى الأبد .
استراجون : وأنا أيضاً..
فلاديمير : أخيراً ها نحن معاً من جديد . يجب علينا أن نحتفل بهذه المناسبة . ولكن كيف ؟ ( يتدبر الأمر ) إنهض حتى أحتضنك
استراجون : ( مستثاراً ) ليس الآن ، ليس الآن .
فلاديمير : ( متألماً ، ببرود ) هل يمكن للمرء أن يستفسر عن المكان الذى قضى فيه صاحب السعادة ليلته ؟
استراجون : فى خندق ..
فلاديمير : ( بإعجاب ) خندق . أين ؟
استراجون : ( دون إشارة ) هناك .
فلاديمير : أو لم يضربوك ؟
استراجون : يضربوننى ؟ لقد ضربونى بالتأكيد ..
فلاديمير : نفس الجماعة كالمعتاد ؟
استراجون : نفسها ؟ لست أدرى ..
فلاديمير : عندما أفكر فى الأمر .. كل هذه السنين .. أو لم أكن هنا .. أين كان يمكن أن تكون ؟ ( بحسم ) ما كان يمكن أن تكون أكثر من كومة صغيرة من العظام فى هذه اللحظة ، لا شك فى هذا ..
استراجون : وماذا فى الأمر ؟
فلاديمير : هذا كثير جداً لرجل واحد .. ( فترة صمت ، بمرح ) ومن ناحية أخرى ، فما جدوى اليأس الآن .. هذا هو رأيي . إن علينا أن نفكر فى هذا الأمر عندما كان العالم شاباً فى التسعينات ..
استراجون : آه ، كفى ثرثرة وساعدنى فى اقتلاع ها الشيء الملعون ..
فلاديمير : جنباً إلى جنب من فوق برج إيفل ، ومكاننا بين الأوائل فى المقدمة . أما الآن فالموقف جد متهور .. إنهم لن يسمحوا لنا حتى بالصعود ( استراجون يعالج حذاءه فى عنف ) ماذا تفعل ؟
استراجون : أخلع حذائى . ألم يحدث لك ذلك من قبل ؟
فلاديمير : إن الأحذية يجب أن تُخلع كل يوم . لقد سئمت من تكرار هذا القول لك . لماذا لا تُصغى إلىّ ؟

استراجون : ( بضعف ) ساعدنى .
فلاديمير : أتؤلمك ؟
استراجون : تؤلمنى ؟ إنه يريد أن يعرف إذا كانت تؤلم أم لا ؟
فلاديمير : ( بغضب ) أليس هناك أحد يعانى سواك . أما أنا فلا يُحسب حسابى . أننى أود أن أسمع ماذا يمكنك أن تقول لو أصبت بما أصبت أنا به ..
استراجون : أيؤلمك ؟
فلاديمير : يؤلمنى ؟ إنه يريد أن يعرف إذا كان يؤلم أم لا ؟ ( منحنياً ) لا تتجاهل أبداً الأشياء الصغيرة فى الحياة ..
استراجون : ماذا تتوقع .. إنك دائماً تنتظر حتى اللحظة الأخيرة ..
فلاديمير : ( متأملاً ) اللحظة الأخيرة .. ( يفكر ) إن التخلى عن الأمل يجعل الأمر سيئاً . من قال ذلك ؟
استراجون: لماذا لا تساعدنى ؟
فلاديمير : أحياناً أشعر أن الأمور فى كل الأحوال سواء .. وعندئذ أحس بالإضطراب ( يخلع قبعته وينظر بداخلها بإمعان ، يتحسس ما بها من الداخل ، يهزها ، ثم يضعها على رأسه ثانية ) . كيف أعبر عن نفسى ؟ أشعر بالراحة وفى نفس الوقت .. ( يبحث عن الكلمة المناسبة ) .. أحس بالفزع ( بنبرة تأكيد ) الفزع ( يخلع قبعته مرة ثانية ويحدق فى داخلها ) أمر مضحك ( ينقر عليها من الخارج كما لو كان يريد ان يتخلص من شيء غريب بداخلها ، يحدق فيها مرة ثانية ، ويضعها على رأسه من جديد ) لا فائدة .. ( ينجح استراجون بعد جهد بالغ فى نزع فروة حذائه ، ينظر بداخلها ، ويتحسس جوانبها من الداخل ، يقلّبها ويهزّها وينظر إلى الأرض ليرى إذا كان قد سقط منها شيء ، لا يجد شيئاً ، يتحسسها مرة ثانية ، بينما يرسل نظرة تائهة أمامه ) حسناً ؟
استراجون : لا شيء ..
فلاديمير : أرنى ..
استراجون : ليس هناك ما تراه ..
فلاديمير : حاول وضعها فى قدمك مرة ثانية ..
استراجون : ( بعد أن يتفحص قدمه ) سوف أعرّضها للهواء فترة من الوقت ..
فلاديمير : إنك لرجل غريب ، يحمّل حذائه أخطاء قدميه ( يخلع قبعته مرة ثانية وينظر بداخلها ، يتحسس جوانبها من الداخل ، ينقر عليها ، ينفخ فيها ، ويضعها على رأسه من جديد ) شيء مزعج ( صمت . يستغرق فلاديمير فى التفكير ويشد استراجون أطراف أصابع قدميه ) لقد أنقذ أحد اللصين . ( فترة صمت ) نسبة معقولة (فترة صمت) جوجو ..
استراجون : ماذا ؟
فلاديمير : لنفرض أننا ندمنا .
استراجون : ندمنا على ماذا ؟
فلاديمير : أوه ( يفكر ) ليس علينا أن نخوض فى التفاصيل .
استراجون : على أننا ولدنا ؟
( ينفجر فلاديمير ضاحكاً من صميم قلبه ، ولكنه سريعاً ما يكبت ضحكته ، ضاغطاً بيده على معدته ، وقد تقلّص وجهه )
فلاديمير : إن المرء لن يجرؤ حتى على الضحك بعد الآن .
استراجون : حرمان خطير .
فلاديمير : عليه أن يبتسم ليس غير ( يبتسم فجأة ابتسامة تصل ما بين أذنيه ، ويظل مبتسماً ويكف فجأة ) ليس هذا نفس الشيء ! لا فائدة ( فترة صمت ) جوجو ..
استراجون : ( مستثاراً ) ماذا فى الأمر ؟
فلاديمير : هل قرأت الكتاب المقدس فى حياتك ؟
استراجون : الكتاب المقدس .. ( يفكر) لا بد أننى ألقيت إليه بنظرة ..
فلاديمير : هل تذكر الأناجيل؟
استراجون : إننى أذكر خرائط الأراضى المقدسة .. لقد كانت جميلة جداً . وكان البحر الميت أزرق باهتاً . لقد أحسست بالظمأ بمجرد نظرة واحدة ألقيتها إليه . لقد تعمدت أن أقول ذلك ، هذا هو المكان الذى سوف نذهب إليه لقضاء شهر العسل .. سوف نسبح .. سنكون سعداء ..
فلاديمير : كان لا بد أن تكون شاعراً .
استراجون : لقد كنت شاعراً ( يشير إلى أسماله ) أليس هذا واضحاً ؟ ( صمت )
فلاديمير : أين كنت .. كيف حال قدمك ؟
استراجون : متورمة كما هو واضح .
فلاديمير : آه ، نعم ، اللصان ، هل تذكر القصة ؟
استراجون : كلا .
فلاديمير : هل أقصها عليك ؟
استراجون : كلا ..
فلاديمير : إنها سوف تقتل الوقت ( فترة صمت ) كان هناك لصان صُلبا فى نفس الوقت مع مخلصنا أحدهما –
استراجون : مع من ؟
فلاديمير : مع مخلصنا . لصان . قيل أن أحدهما أُنقذ والآخر ( يبحث عن عكس كلمة أُنقذ ) .. أدين ..
استراجون : أُنقذ من ماذا ؟
فلاديمير : من الجحيم .
استراجون : إننى ذاهب . ( لا يتحرك )
فلاديمير : ومع هذا ( فترة صمت ) تصور كيف أن واحداً فقط – أرجو ألا يكون فى ذلك إملال لك – كيف أن واحداً فقط من كُتّاب الأناجيل الأربعة يتحدث عن لص واحد أُنقذ . لقد كان الأربعة موجودين هناك – أو فى تلك النواحى – ولكن واحداً فقط يتحدث عن لص أُنقذ ( فترة صمت ) هيا يا جوجو ، تبادل الحديث ، ألا تستطيع ، ولو لمرة واحدة ؟
استراجون : ( بحماس مبالغ فيه ) إننى أجد هذا الأمر ممتعاً بدرجة غريبة .
فلاديمير : واحد من أربعة .. وإثنان من الثلاثة الباقين لا يذكران لصاُ أو لصوصاً على الإطلاق ، أما الثالث فيقول أن كلاً منهما قد أساء إليه .
استراجون : من ؟
فلاديمير : ماذا ؟
استراجون : ما معنى هذا كله؟ ( فترة صمت ) أساء إلى من ؟
فلاديمير : إلى المخلص .
استراجون : لماذا ؟
فلاديمير : لأنه لم يشأ أن ينقذهما .
استراجون : من الجحيم ؟
فلاديمير : أيها الغبى .. من الموت .
استراجون : ظننت أنك قلت من الجحيم .
فلاديمير : من الموت ، من الموت .
استراجون : حسناً ، وماذا فى الأمر ؟
فلاديمير : عندئذ لا بد أن الإثنين قد أُدينا .
استراجون : ولم لا ؟
فلاديمير : ولكن التلميذ الآخر يقول أن واحداً منهما أُنقذ .

استراجون : حسناً ، إنهم لا يوافقون على كلامه ، وهذا كل ما فى الأمر .
فلاديمير : ولكن الأربعة كانوا هناك ، وواحد فقط يتحدث عن لص أُنقذ . فلماذا يُصدّق ولا يُصدّق الآخرون ؟
استراجون : من الذى يُصدّقه ؟
فلاديمير : كل الناس . إنها النسخة الوحيدة التى يعرفونها .
استراجون : ياللناس من قردة جاهلة ملعونة .
( ينهض متألماً ، يمشى وهو يعرج إلى أقصى اليسار ، يتوقف ، يحدق فى البعد أمامه مظللاً عينيه بيده ، يستدير ، يمشى إلى أقصى اليمين ، ويحدق أمامه . فلاديمير يراقبه ، ثم يذهب و يلتقط الحذاء ، يحدّق فى داخله ، يُسقطه من يده سريعاً )
فلاديمير : أف ( يبصق )
( استراجون يتحرك إلى الوسط ، يتوقف وظهره للجمهور )
استراجون : مكان رائع ( يستدير . يتقدم إلى الأمام ، يتوقف مواجهاً للجمهور ) آمال ملهمة .. ( يستدير إلى فلاديمير ) دعنا نذهب .
فلاديمير : لا نستطيع .
استراجون : لماذا ؟
فلاديمير : إننا فى إنتظار جودو .
استراجون : آه .. ( فترة صمت ) هل أنت واثق أن هذا هو المكان ؟
فلاديمير : ماذا ؟
استراجون : الذى يجب أن ننتظر فيه ..
فلاديمير : لقد قال بقرب شجرة ( ينظر إلى الشجرة ) هل ترى أشجاراً أخرى ؟
استراجون : ما نوعها ؟
فلاديمير : لست أدرى . صفصافة .
استراجون : وأين أوراقها ؟
فلاديمير : لا بد وانها ذبلت ..
استراجون : إنها لا تُنبت أغصاناً أخرى .
فلاديمير : ربما ليس هذا موسمها .
استراجون : يبدو أنها أميَل إلى أن تكون شجيرة .
فلاديمير : شجرة صغيرة .
استراجون : شجيرة .
فلاديمير : إلى أى شيء تحدق ؟ أتريد أن تقول أننا أتينا مكان خاطئ ؟
استراجون : يجب أن يأتى إلى هنا
فلاديمير : إنه لم يقل أنه سوف يأتى على وجه اليقين .
استراجون : وإذا لم يأت ؟
فلاديمير : سوف نحضر إلى هنا فى الغد .
استراجون : ثم بعد غد .
فلاديمير : ربما .
استراجون : وهكذا باستمرار .
فلاديمير : المسألة هى ..
استراجون : متى يأتى ..
فلاديمير : أنت قاس ..
استراجون : لقد جئنا هنا بالأمس .
فلاديمير : آه كلا ، أنت مخطئ فى هذا .
استراجون : ماذا فعلنا لأمس ؟
فلاديمير : ماذا فعلنا بالأمس ؟
استراجون : نعم .
فلاديمير : لماذا .. ( بغضب ) ليس هناك شيء أكيد عندما تدخل فى الموضوع .
استراجون : فى رأيي أننا هنا ...
فلاديمير : ( ينظر فى حذائه ) هل تذكر المكان ؟
استراجون : إننى لم أقل ذلك .
فلاديمير : حسناً ؟
استراجون : لا أهمية لذلك ..
فلاديمير : كل شيء كما هو .. تلك الشجرة ( يستدير صوب الجمهور ) تلك الأرض الموحلة ..
استراجون : هل أنت واثق أنه هذا المساء ؟
فلاديمير : ماذا ؟
استراجون : الذى علينا أن ننتظر فيه .
فلاديمير : لقد قال يوم السبت .. ( فترة صمت ) أظن ..
استراجون : تظن ..
فلاديمير : لا بد أننى أخذت مذكرة باليوم ..
( يبحث فى جيوبه ويخرج منها أشياء متنوعة لا قيمة لها .. )
استراجون : ( بمرارة ) ولكن أى سبت؟ وهل اليوم يوم السبت ؟ ألا يبدو عليه أنه الأحد ؟ ( فترة صمت ) أو الجمعة ؟
فلاديمير : ( ينظر مضطرباً فيما حوله ، كما لو أن التاريخ كان مرتسماً على المنظر أمامه ) ليس محتملاً .
استراجون : أو الخميس ؟
فلاديمير : ماذا سنفعل ؟
استراجون : لو أنه أتى بالأمس ولم نكن هنا ، فتأكد أنه لن يأتى اليوم ثانية .
فلاديمير : ولكنك تقول أننا كنا هنا بالأمس .
استراجون : قد أكون مخطئاً ( فترة صمت ) دعنا نتوقف عن الحديث دقيقة واحدة . هل تمانع؟
فلاديمير : ( بضعف ) وهو كذلك ( يجلس استراجون على الكومة . يمشى فلاديمير مهتاجاً جيئة وذهاباً ويتوقف بين الحين والآخر ليحدق فى البعد أمامه .. يستغرق استراجون فى النوم .. يتوقف فلاديمير أمام استراجون ) جوجو .. جوجو .. جوجو ..
( يستيقظ استراجون فزعاً )
استراجون : ( وقد أعيد إلى بشاعة وضعه السالف ) لقد كنت نائماً ( بنبرة يشيع فيها التأنيب ) لماذا لا تدعنى أنام أبداً ؟
فلاديمير : أحسست بالوحدة ..
استراجون : لقد رأيت حلماً ..
فلاديمير : لا تقصه علىّ ..
استراجون : حلمت أن ....
فلاديمير : لا تقصه علىّ ..
استراجون : ( يشير تجاه الفضاء ) أفى هذا الكفاية بالنسبة لك ( صمت ) ليس هذا بسلوك طيب من جانبك يا ديدى . لمن إذن أقص أحلامى المزعجة إذا لم أستطع أن أقصها عليك ؟
فلاديمير : فلتظل خاصة بك . أنت تعرف أننى لا أستطيع أن أتحمل هذا .
استراجون : ( ببرود ) أفكر فى بعض الأحيان فيما لو كان من الأفضل أن ننفصل عن بعضنا بعضاً
فلاديمير : إنك لن تذهب بعيداً ..

استراجون : سيكون ذلك أمراً سيئاً جداً ، سيئاً جداً فى الحقيقة ( فترة صمت ) ألن يكون يا ديدى سيئاً جداً فى الحقيقة ؟ ( فترة صمت ) عندما تفكر فى جمال هذا المكان ، وفى طيبة أولئك المسافرين على أقدامهم ( فترة صمت .. مستحثاً إياه ) أليس كذلك يا ديدى ؟
فلاديمير : هدئ من نفسك .
استراجون : ( بتعالى ) هدئ .. هدئ .. كل الناس المحترمين يقولون هدئ ( فترة صمت ) هل تعرف قصة الرجل الإنجليزى فى بيت البغاء ؟
فلاديمير : نعم .
استراجون : قصها علىّ .
فلاديمير : آه ، كف عن هذا .
استراجون : يحكى أن إنجليزياً كان قد شرب أكثر من المعتاد وذهب إلى بيت من بيوت البغاء وهناك سألته القوادة ما إذا كان يريد فتاة شقراء أو سمراء . أو ذات شعر أحمر . استمر .
فلاديمير : كف عن هذا .
( يخرج فلاديمير مسرعاً . ينهض استراجون ويتبعه حتى يصل إلى طرف المسرح . يأتى استراجون بإشارات شبيهة بتلك التى يأتى بها مشجع لأحد الملاكمين . يدخل فلاديمير ، ويمضى فى طريقه ملامساً استراجون ، ويجتاز المسرح برأس مائلة . يتقدم استراجون خطوة فى اتجاهه )
استراجون : ( برفق ) هل أردت أن تتحدث إلىّ ؟ ( صمت . ويتوقف )
( يتقدم استراجون خطوة إلى الأمام ) هل كان لديك ما تقوله لى ؟ ( صمت .. خطوة أخرى إلى الأمام ) ديدى ..
فلاديمير : ( دون أن يستدير ) ليس لدىّ ما أقوله لك .
استراجون : ( خطوة إلى الأمام ) هل أنت غاضب ؟ ( صمت . خطوة إلى الأمام ) إغفر لى ( صمت .. خطوة إلى الأمام .. يضع استراجون يده على كتف فلاديمير ) هيا يا ديدى ( صمت ) أعطنى يدك ( فلاديمير يلين .. يتعانقان .. يتراجع استراجون متقززاً ) تفوح منك رائحة الثوم ..
فلاديمير : إنه مفيد للكلى ( صمت . ينظر استراجون باهتمام إلى الشجرة ) ماذا نفعل الآن ؟
استراجون : ننتظر ..
فلاديمير : نعم ، ولكن بينما ننتظر ..
استراجون : ماذا لو شنقنا أنفسنا ؟
( يهمس فلاديمير فى أذن استراجون . يبدو استراجون فى حالة قصوى من الإثارة )
فلاديمير : مع كل ما يتبع ذلك ، فحينما يسقط ينمو نبات الماندريك . وهذا هو السبب فى أن هذا النبات يصرخ عالياً حينما تجذبه بقوة . ألا تعرف ذلك ؟
استراجون : دعنا نشنق أنفسنا حالاً .
فلاديمير : على فرع من فروع الشجرة ؟ ( يتجهان صوب الشجرة ) لا أثق فى قوة إحتماله ..
استراجون : بإمكاننا دائماً أن نحاول .
فلاديمير : هيا إذن .
استراجون : بعدك ..
فلاديمير : لا لا .. أنت أولاً .
استراجون : لماذا أنا ؟
فلاديمير : أنت أخف منى .
استراجون : بالضبط ..
فلاديمير : لست أفهم .
استراجون : استخدم ذكاءك ، ألا تستطيع ؟
( يستخدم فلاديمير ذكاءه )
فلاديمير : أما زلت عاجزاً عن الفهم ؟
استراجون : هذه هى الطريقة التى تفكر بها ( يفكر ) الفرع .. الفرع ( بغضب ) استخدم عقلك ، ألا تستطيع ؟
فلاديمير : أنت أملى الوحيد .
استراجون : ( بجهد ) جوجو خفيف .. الفرع لن ينكسر .. جوجو ميت .. ديدى ثقيل .. الفرع ينكسر .. ديدى وحيد بينما ..
فلاديمير : لم أفكر فى هذا الأمر .
استراجون : لو تحملك فسوف يتحملنى .
فلاديمير : وهل أنا أثقل منك ؟
استراجون : لقد قلت لى هذا .. لست أدرى .. هناك فرصة متكافئة .. أو تكاد تكون ..
فلاديمير : حسناً . ماذا نفعل ؟
استراجون : لا تدعنا نفعل شيئاً .. هذا أكثر أمناً ..
فلاديمير : دعنا ننتظر ونرى ما يقول .
استراجون : من ؟
فلاديمير : جودو .
استراجون : فكرة طيبة .
فلاديمير : دعنا ننتظر حتى نعرف بالضبط كيف نتصرف .
استراجون : ومن ناحية أخرى قد يكون من الأفضل أن ننتهز الفرصة .
فلاديمير : إننى شغوف بسماع ما سوف يقدمه لنا من نصح وعندئذ إما أن نقبله أو نرفضه ..
استراجون : ما هو بالضبط ذلك الذى سألناه أن يفعله من أجلنا ؟
فلاديمير : ألم تكن هناك ؟
استراجون : لا بد أننى لم أكن منصتاً ..
فلاديمير : أوه .. ليس هناك شيء محدد تماماً ..
استراجون : نوع من الصلاة .
فلاديمير : بالدقة .
استراجون : ابتهال غامض .
فلاديمير : بالضبط .
استراجون : وبماذا أجاب ؟
فلاديمير : إنه سوف ينظر فى الأمر .
استراجون : وأنه لا يستطيع أن يعد بشيء ..
فلاديمير : وأن عليه أن يفكر فى الموضوع .
استراجون : فى ظل سكينة منزله .
فلاديمير : حيث يستشير عائلته .
استراجون : وأصدقاءه ..
فلاديمير : ووكلاءه .
استراجون : ومراسليه .
فلاديمير : وكتبه .
استراجون : وحساباته .
فلاديمير : قبل أن يتخذ قراره .
استراجون : وهذا شيء عادى .
فلاديمير : أليس كذلك ؟
استراجون : أظن أنه كذلك .
فلاديمير : وأنا أيضاً أظن أنه كذلك . ( صمت )

استراجون : ( قلقاً ) ونحن ؟
فلاديمير : أستميحك عذراً ؟
استراجون : قلت ، ونحن ؟
فلاديمير : لست أفهم ..
استراجون : كيف ندخل ؟
فلاديمير : ندخل ؟
استراجون : نعم .
فلاديمير : ندخل ؟ على أيدينا وركبنا ..
استراجون : بهذا الوضع السيء ؟
فلاديمير : تريد سيادتك أن تدّعى لنفسك حقوقه ؟
استراجون : ألم يعد لنا بعد أى حقوق ؟
( ضحكة من فلاديمير يكبتها كما حدث من قبل ، يبتسم ولا يتخلى عن ابتسامته فجأة كما سبق )
فلاديمير : أنت تدفعنى إلى الضحك ، لو لم يكن ذلك محرّماً .
استراجون : هل فقدنا حقوقنا ؟
فلاديمير : لقد تخلينا عنها .
( صمت يبقيان بلا حراك ، أذرعتهما مدلاة ، رأساهما منحنيتان ، وركبتاهما مرتخيتان )
استراجون : ( بضعف ) هل نحن غير مرتبطين ؟ ( فترة صمت ) هل نحن غير ....
فلاديمير : ( رافعاً يده ) انصت .
( ينصتان وقد تصلبا بطريقة مضحكة )
استراجون : لا أسمع شيئاً .
فلاديمير : صمتاً ، ( ينصتان يفقد استراجون توازنه ويكاد يقع ، يتعلق بذراع فلاديمير الذى يترنح فى وقفته ) ولا أنا .
( يتنفسان الصعداء .. يسترخيان وينفصلان )
استراجون : لقد أفزعتنى .
فلاديمير : لقد ظننت أنه هو .
استراجون : من ؟
فلاديمير : جودو .
استراجون : أف . الريح تتخلل الحشائش .
فلاديمير : كان بإمكانى أن أقسم أننى سمعت صيحات .
استراجون : ولماذا يصيح ؟
فلاديمير : ليستحث حصانه .
( صمت )
استراجون : أنا جائع .
فلاديمير : هل تريد جزرة ؟
استراجون : هل هذا هو كل ما هنالك ؟
فلاديمير : قد يكون معى بعض اللفت .
استراجون : أعطنى جزرة ( يبحث فلاديمير فى جيوبه ، ويستخرج لفتة يعطيها لإستراجون الذى يقضمها بغضب ) إنها لفتة .
فلاديمير : أوه عفواً . كان بإمكانى أن أقسم أنها جزرة .. ( يبحث من جديد فى جيوبه ، ولا يجد شيئاً سوى لفت ) كل ما معى لفت ( يبحث ) لا بد أنك أكلت الأخيرة ( يبحث ) انتظر ، لقد وجدتها .. ( يستخرج جزرة ويعطيها لإستراجون ) ها هى ذى يا صديقى العزيز ( استراجون يمسحها فى كمه ويبدأ فى أكلها ) دعها تستمر طويلاً ، هذه آخر جزرة معى ..
استراجون : ( يمضغ ) لقد وجهت إليك سؤالاً ..
فلاديمير : آه ..
استراجون : هل أجبت ؟
فلاديمير : كيف وجدت الجزرة ؟
استراجون : إنها جزرة .
فلاديمير : هذا أفضل ، هذا أفضل ( فترة صمت ) ماذا كنت تريد أن تعرف ؟
استراجون : لقد نسيت ( يمضغ ) هذا ما يضايقنى ( ينظر إلى الجزرة معجباً بها ، مدلياً إياها من بين السبابة والإبهام ) .. لن أنسى هذه الجزرة أبداً ( يمتص نهايتها وهو مستغرق فى التفكير ) آه نعم ، لقد تذكرت الان ..
فلاديمير : حسناً ؟
استراجون : ( فمه ممتلئ ، بنغمة معدومة التعبير ) هل نحن غير مرتبطين ؟
فلاديمير : لا أسمع كلمة واحدة مما تقول .
استراجون : ( يمضغ ويبتلع ) إننى أسألك ما إذا كنا مرتبطين ..
فلاديمير : مرتبطين ؟
استراجون : مر .. تبطين ..
فلاديمير : ماذا تعنى بقولك مرتبطين ؟
استراجون : مرتبطين ..
فلاديمير : ولكن بمن . بواسطة من ؟
استراجون : برجلك .
فلاديمير : بجودو ؟ مرتبطين بجودو ؟ يالها من فكرة .. لا تسأل عن هذا ( فترة صمت ) الآن .
استراجون : اسمه جودو ؟
فلاديمير : أظن ذلك .
استراجون : تخيل هذا ( يرفع ما تبقى من الجزرة بواسطة ورقة من فرع عالق بها ، ويفركها فتدور أمام عينيه ) .. أمر مضحك . كلما أكلت منها اصبحت اكثر مرارة .
فلاديمير : بالنسبة لى العكس تماماً .
استراجون : وبمعنى آخر ؟
فلاديمير : إننى آلف القذارة كلما مضيت فيها .
استراجون : (بعد تفكير طويل) هل هذا هو العكس ؟
فلاديمير : مسألة مزاج ..
استراجون : مسالة شخصية ..
فلاديمير : لا نستطيع أن نفعل شيئاً ..
استراجون : لا فائدة من النضال .
فلاديمير : الإنسان هو الإنسان .
استراجون : لا جدوى من التملص .
فلاديمير : الشيء الجوهرى لا يتغير .
استراجون : لا فائدة ( يقدم بقية الجزرة إلى فلاديمير ) تحب أن تأتى عليها؟
( صرخة حادة قريبة منهما . تسقط الجزرة من استراجون .. يبقيان بلا حراك ثم يندفعان فجأة صوب جانب المسرح . يقف استراجون فى منتصف الطريق . يجرى عائداً ، يلتقط الجزرة ويدسها فى جيبه ويرجع فى اتجاه فلاديمير الذى ينتظره ، يتوقف مرة ثانية ، يجرى عائداً ، يلتقط فردة حذائه ، يلحق بفلاديمير . ينتظران وقد التصقا بعضهما وانحنت أكتافهما ، مبتعدين عن مصدر التهديد ..
يدخل بوز ولاكى ، بوزو يسوق لاكى بواسطة حبل مربوط حول عنقه ، مما يجعل لاكى هو الذى يظهر أولاً ، متبرماً بالحبل الطويل إلى الحد الذى يسمح له بالوصول إلى منتصف المسرح قبل أن يظهر بوزو . يحمل لاكى حقيبة ثقيلة ، ومقعداً لا ظهر له من النوع الذى يطول ويُنشر وسلة بها بعض الطعام ومعطفاً .. بوزو يحمل سوطاً )
بوزو : ( من خارج المسرح ) إلى الأمام ( فرقعة سوط .. يظهر بوزو .. يعبران المسرح . يمر لاكى أمام فلاديمير واستراجون ويخرج . عندما يرى بوزو فلاديمير واستراجون يتوقف عن المسير ، يصبح الحبل مشدوداً .. يجذبه بوزو بعنف ) إلى الخلف .. ( صوت ناشئ عن سقوط لاكى بما يحمله من متاع ، يستدير فلاديمير واستراجون تجاهه ، تتنازعهما رغبة فى الذهاب لمساعدته ، وخوف من أن يكون فى ذلك تدخل فيما لا يعنيهما . يتقدم فلاديمير خطوة تجاه لاكى ، ويشده استراجون من أكمامه )
فلاديمير : دعنى .
استراجون : إلزم مكانك ..
بوزو : كن حذراً . إنه شرير ( يستدير فلاديمير واستراجون تجاه بوزو ) مع الغرباء .
استراجون : ( بصوت خفيض ) هل هو ذاك ؟
فلاديمير : من ؟
استراجون : ( محاولاً تذكر الإسم ) أقصد ..
فلاديمير : جودو؟
استراجون : نعم .
بوزو : أقدم لكما نفسى : بوزو ..
فلاديمير : ( لإستراجون ) ليس هو .
استراجون : ( على استحياء لبوزو ) لست جودو يا سيدى ؟
بوزو : ( بصوت مرعب ) أنا بوزو ( صمت ) ألا يعنى هذا الإسم شيئاً بالنسبة لك ؟
( ينظر فلاديمير واستراجون لبعضهما نظرة تساؤل )
استراجون : ( متظاهراً بالبحث ) بوزو .. بوزو ..
فلاديمير : ( مثله ) بوزو .. بوزو ..
بوزو : ب ب ب وزززو ..
استراجون : آه ، بوزو .. دعنى أتذكر . بوزو ..
فلاديمير : هل هو بوزو أم جوزو ؟
استراجون : بوزو .. كلا .. أظن أننى .. كلا .. لا يبدو أننى ..
( يتقدم بوزو منهما مهدداً )
فلاديمير : ( مهدئاً ) عرفت يوماً عائلة باسم بوزو .. وكانت الأم تعانى من الأورام .
استراجون : ( بسرعة ) لسنا من هذه النواحى يا سيدى ..
بوزو : ( متوقفاً ) أنتما آدميان مع كل هذا ( يضع نظارته على عينيه ) بقدر ما يستطيع المرء أن يرى ( يرفع نظارته ) من نفسى فصيلتى ( ينفجر فى ضحكة هائلة ) من نفسى فصيلة بوزو .. مصنوعان على صورة الله .
فلاديمير : حسناً أنت ترى .
بوزو : ( بلهجة آمرة ) من هو جودو؟
استراجون : جودو ؟
بوزو : لقد ظننتنى جودو .
استراجون : أوه . كلا يا سيدى ، لم يحدث هذا مطلقأ يا سيدى .
بوزو : من هو ؟
فلاديمير : أوه . أنه .. أشبه بواحد من معارفنا ..
استراجون : لا . أننا لا نكاد نعرفه .
فلاديمير : حقاً .. أننا لا نعرفه تماماً .. ولكن لا أهمية لهذا ..
استراجون : أننى شخصياً لا أستطيع حتى أن أعرفه لو رأيته .
بوزو : ولكنك ظننتنى هو .
استراجون : ( يتراجع أمام بوزو ) هذا يعنى .. أنت تفهم .. القلق .. التوتر .. الإنتظار .. أننى أعترف .. لقد تصورت .. للحظة من الزمن ..
بوزو : الإنتظار ؟ إذن فقد كنتما فى انتظاره ؟
فلاديمير : حسناً أنت ترى .
بوزو : هنا ؟ فوق أرضى ؟
فلاديمير : لم نقصد أن نسبب أى ضرر مهما كان ..
استراجون : لقد كان قصدنا طيباً .
بوزو : الطريق مسموح به للجميع .
فلاديمير : تلك هى الكيفية التى نظرنا بها إليه .
بوزو : أنها الفضيحة . ولكن ها أنت ..
استراجون : لا نستطيع أن نفعل شيئاً .
بوزو : ( بإشارة مترفعة ) دعونا نترك هذا الموضوع جانباً .. ( يجذب الحبل ) انهض يا خنزير .. ( فترة صمت ) . كل مرة يسقط فيها يستغرق فى النوم ( يجذب الحبل ) انهض يا قذر .. ( صوت لاكى وهو ينهض ويجمع متاعه . بوزو يجذب الحبل ) إلى الخلف ( يدخل لاكى وهو سائراً بظهره ) قف .. ( لاكى يقف ) در .. ( لاكى يستدير .. يقول لفلاديمير واستراجون بأدب ) أيها السيدان ، إننى سعيد بلقائكما ( قبل أن يبين التكذيب على وجهيهما ) نعم ، نعم سعيد بمنتهى الإخلاص .. ( يجذب الحبل ) اقترب ( لاكى يتقدم ) قف . ( لاكى يقف . لفلاديمير واستراجون ) نعم ، الطريق يبدو طويلاً عندما يقطعه المرء وحيداً لمدة .. ( ينظر إلى ساعته ) .. نعم .. ( يحسب ) نعم .. ست ساعات ، هذا صحيح .. ست ساعات حتى النهاية وليس هناك شخص واحد تقع عليه العين ( للاكى ) المعطف ( لاكى يضع الحقيبة على الأرض ، يتقدم، يعطيه المعطف ، يعود إلى مكانه ويحمل الحقيبة ) .. امسك هذا ( يمد بوزه يده بالسوط . لاكى يتقدم ، ولما كانت يداه مشغولتين ، يأخذ السوط بين شفتيه ثم يعود مكانه . يبدأ بوزو فى إرتداء المعطف ، يتوقف ) المعطف ( يضع لاكى الحقيبة والسلة والمقعد على الأرض ويتقدم ، ويساعد بوزو فى ارتداء معطفه ، ويعود أدراجه إلى مكانه ويمسك بالحقيبة والسلة والمقعد ) هناك لمسة برد خفيفة فى الجو هذا المساء ( ينتهى بوزو من إحكام أزرار معطفه ، ينحنى متفحصاً نفسه ثم ينتصب فى وقفته ) السوط ( لاكى يتقدم ، ينحنى ، ويختطف بوزو السوط من فمه ويعود بوزو إلى موضعه ) نعم أيها السيدان ، أننى لا أستطيع أن أمشى فى طريقى لمدة طويلة بدون صحبة أشباهى . ( يضع نظارته على عينيه وينظر إلى الشبيهين ) حتى لو لم يكن الشبه تاماً ( يضع نظارته ) المقعد . ( لاكى يضع الحقيبة والسلة على الأرض ، يتقدم ، يفرد المقعد ، يضعه على الأرض ، يعود إلى مكانه ، ويحمل الحقيبة والسلة ) اقترب قليلاً ، ( يجلس بوزو على المقعد ويغرس نهاية سوطه فى صدر لاكى ويدفعه ) إلى الخلف ( يبتعد لاكى خطوة إلى الخلف ) إبعد ( يبتعد لاكى خطوة أخرى إلى الخلف ) قف ( لاكى يقف . لفلاديمير واستراجون ) هذا هو السبب الذى انتوى من أجله – بعد إذنكما – أن أقضى معكما بعض الوقت قبل أن أمضى فى رحلتى . السلة ( لاكى يتقدم ، يعطى السلة لبوزو ويعود إلى مكانه ) ابتعد ( يبتعد لاكى خطوة إلى الخلف ) رائحته بشعة . أتمنى لكما ايامأ سعيدة .. ( يشرب من الزجاجة ويضعها على الأرض ، ويبدأ فى الأكل . صمت . يبدأ فلاديمير واستراجون فى الدوران حول لاكى ، بحذر فى أول الأمر ، ثم بمزيد من الجرأة ، ويأخذان فى تفحصه من جميع الجهات . يأكل بوزو دجاجته بنهم ، ملقياً العظام بعيداً عنه بعد أن يمتصها . يتراخى لاكى فى وقفته شيئاً فشيئاً حتى تلامس الحقيبة والسلة الأرض ، ثم ينتصب فى وقفته فجأة ويبدأ فى التراخى من جديد .. منظره مثل منظر من ينام وهو واقف على قدميه )
استراجون : ماذا يؤلمه ؟
فلاديمير : يبدو متعباً .
استراجون : لماذا لا يضع أحماله على الأرض ؟
فلاديمير : من أين لى أن أعرف
. ( يقتربان منه ) كن حذراً .
استراجون : قل له شيئاً .
فلاديمير : أنظر .
استراجون : ماذا ؟
فلاديمير : ( مشيراً ) عنقه .
استراجون : ( ناظراً إلى عنقه ) لا أرى شيئاً ..
فلاديمير : هنا .
( استراجون ينتقل إلى جانب فلاديمير )
استراجون : حقاً .
فلاديمير : قرحة تنزف .
استراجون : إنه الحبل .
فلاديمير : إنه الإحتكاك .
استراجون : لا بد ..
فلاديمير : إنها العقدة ..
استراجون : إنه الإلتهاب .. ( يستأنفان فحصهما ، ويستقران على الوجه )
فلاديمير : ليس قبيح المنظر ..
استراجون : ( هازاً كتفيه ، ويبدو على وجهه الإشمئزاز ) أهذا رأيك ؟
فلاديمير : أقرب إلى الإناث ..
استراجون : أنظر إلى اللعاب .
فلاديمير : شيء لا بد منه ..
استراجون : أنظر إلى البلل حول شفتيه ..
فلاديمير : ربما كان معتوهاً .
استراجون : أبله .
فلاديمير : ( ينظر بإمعان ) يبدو أنه يعانى من تضخم فى اللوزتين .
استراجون : ( مثله ) ليس هذا أكيداً .
فلاديمير : إنه يلهث .
استراجون : لا بد .
فلاديمير : وعيناه .
استراجون : ماذا عنهما ؟
فلاديمير : بارزتان من رأسه ..
استراجون : يبدو لى أنه يلفظ آخر أنفاسه ..
بوزو : دعه فى حاله . ( يلتفتان إلى بوزو ، الذى يمسح فمه )
فلاديمير : ليس بالضرورة ( فترة صمت ) اسأله سؤالاً ..
استراجون : أيكون هذا شيئاً طيباً ؟
فلاديمير : ماذا تخسر؟
استراجون : ( على استحياء ) يا سيد ..
فلاديمير : إرفع صوتك ..
استراجون : ( بصوت أعلى ) يا سيد ..
بوزو : دعه فى سلام ( يستديران إلى بوزو الذى يمسح فمه بظهر يده بعد ان أتم طعامه ) ألا ترى أنه يريد أن يستريح . السلة ( يشعل عود ثقاب ويبدأ فى إشعال غليونه .. ينظر إلى طعام الدجاجة المتناثرة على الأرض ويحدق فيها بنهم . ولما لا يتحرك لاكى ، يلقى بوزو بعود الثقاب غاضباً ويجذب الحبل ) .. السلة يا خنزير ( يوشك لاكى على السقوط .. يستعيد حواسه ، يتقدم ، يضع الزجاجة فى السلة ويعود إلى مكانه ، يحدق استراجون إلى العظام .. يشعل بوزو عوداً آخر ويشعل غليونه ) . ماذا تنتظر منه ، ليس هذا بعمله ( يجذب أنفاساُ من غليونه ويمد قدميه إلى الأمام ) آه هذا أفضل ..
استراجون : ( على استحياء ) من فضلك يا سيدى ..
بوزو : ماذا أيها الرجل الطيب ؟
استراجون : أيـ .... هل انتهيت من الـ .. أيـ .. لست بحاجة إلـ .. أيـ .. العظام يا سيدى ؟
فلاديمير : ( مصعوقاً ) أما كان يمكنك أن تنتظر؟
بوزو : كلا كلا .. أنه يحسن صنعاً بسؤاله . هل أنا بحاجة إلى العظام ؟ ( يحركها بطرف سوطه ) كلا ، أنا شخصياً لست بحاجة إليها بعد الآن ( يخطو استراجون خطوة فى اتجاه العظام ) ولكن ( يتوقف استراجون ) .. ولكن العظام يجب أن تكون من الناحية النظرية من نصيب الحمّال . وعلى هذا فهو الشخص الذى يوجه إليه السؤال .. ( يستدير استراجون تجاه لاكى ، ويتردد ) هيا ، هيا ، اسأله .. لا تخف ، فسوف يجيبك ..
( يذهب استراجون ناحية لاكى ، ويقف أمامه )
استراجون : يا سيد .. بعد إذنك يا سيد ..
بوزو : الكلام يوجه لك يا خنزير .. أجب ( لإستراجون ) حاول من جديد ..
استراجون : بعد إذنك يا سيد ، العظام ، هل ستكون بحاجة إلى العظام ؟
( ينظر لاكى طويلاً إلى استراجون )
بوزو : ( بفرح شديد ) يا سيد ( يحنى لاكى رأسه ) أجب .. أجب .. هل تريدها أم لا ؟ ( صمت من لاكى .. لاستراجون ) إنها من نصيبك ( يندفع استراجون إلى العظام ، يلتقطها ويبدأ فى قضمها ) هذا يشغل بالى . لا أذكر أبداً أنه رفض عظمة من قبل ( ينظر بقلق إلى لاكى ) سيكون شيئاً طريفاً لو أنه سقط أمامى مريضاً . ( ينفث الدخان من غليونه )
فلاديمير : ( منفجراً ) أنها لفضيحة .
( صمت . يتوقف استراجون عن القضم مشدوهاً وينظر إلى بوزو وفلاديمير كل بدوره . بوزو هادئ فى الظاهر .. فلاديمير محرج )
فلاديمير : ( منطلقاً فى كلمات متقطعة ) أن تعامل رجلاً .. ( يشير إلى لاكى ) .. على هذا النحو .. إننى أعتقد .. كلا .. انسان .. إنها لفضيحة .
استراجون : ( لا يريد أن يغلب ) إنه لعار .. ( يستأنف قضمه )
بوزو : إنك عنيف ( لفلاديمير ) كم عمرك . لو لم يكن هذا سؤالاً وقحاً ( صمت ) ستون ؟ سبعون ؟ ( يوجه الكلام لاستراجون ) كم تظن عمره ؟
استراجون : أحد عشر عاماً .
بوزو : إننى وقح ( ينفض غليونه ضارباً به على سوطه وينهض ) يجب أن أرحل . أشكركما على مجيئكما ( يفكر ) هذا إذا لم أدخن غليوناً آخر قبل أن أذهب . ماذا تريان ( لا يقولان شيئاً ) أوه إننى مدخن بسيط جداً . مدخن بسيط جداً . وليس من عادتى أن أدخن غليونين واحداً بعد الآخر . إنه يجعل ( يضع يده على قلبه متنهداً ) قلبى يضطرب فى نبضاته ( فترة صمت ) إنه النيكوتين ، إن الإنسان يبتلعه على الرغم من احتياطاته ( يتنهد ) أنتما تعرفان هذا الأمر ( صمت ) ولكن ربما لا تدخنان ؟ نعم ، لا ؟ ليس لهذا أهمية ( صمت ) ولكن كيف استطيع الآن أن أجلس بلا افتعال ، وقد نهضت قائماً . دون أن يبدو على أننى – كيف أقول – دون أن يبدو أننى ترددت قليلاً ( لفلاديمير ) أستميحك عذراً ( صمت ) ربما لم تتكلم ؟ ( صمت ) ليس لهذا أهمية .. دعنى أرى .. ( يفكر )
استراجون : آه . هذا أفضل .
( يضع العظام فى جيبه )
فلاديمير : دعنا نذهب .
استراجون : هكذا سريعاً ؟
بوزو : لحظة واحدة ( يجذب الحبل ) المقعد ( يشير بسوطه .. لاكى يحرك المقعد ) إبعده ( يجلس . يعود إلى مكانه ) لقد فعلتها .
( يحشو غليونه )
فلاديمير : دعنا نغادر هذا المكان .
بوزو : أرجو ألا أكون السبب فى رحيلكما . انتظرا قليلاً ، لن تندما أبداً ..
استراجون : ( يستشف فعلاً من أفعال الخير ) لسنا فى عجلة من أمرنا .
بوزو : ( بعد أن يشعل غليونه ) الثانية ليست لذيذة .. ( يخرج الغليون من فمه ويتمعن فيه ) أعنى كالأولى ( يضع الغليون فى فمه ثانية ) ولكنها لذيذة على كل حال .
فلاديمير : إننى ذاهب .
بوزو : إنه لا يستطيع أن يتحمل وجودى بعد الآن . ربما لم أكن بالدقة انسانياً ، ولكن من يُعنى بذلك ؟ .. ( لفلاديمير ) فكر مرتين قبل أن تأتى بفعل متعجل .. افترض أنك ذهبت الآن ، بينما الوقت ما زال نهاراً ، فلا مجال لإنكار أن الوقت مازال نهاراً ( ينظرون جميعاً إلى السماء ) حسناً ( يتوقفون عن النظر إلى السماء ) ماذا يحدث فى هذه الحالة .. ( يخرج الغليون من فمه ، ويتفحصه ) – لقد انطفأ .. ( يعيد إشعال غليونه ) – فى هذه الحالة – ( ينفث الدخان ) فى هذه االحالة ( ينفث الدخان ) ماذا يحدث فى هذه الحالة بالنسبة لموعدكما مع هذا الجودى .. جودو .. جودين .. أنتما تعرفان على أى حال من أعنى ، ذلك الذى يمسك بمستقبلكما بين يديه .. ( صمت ) مستقبلكما القريب على الأقل ؟
فلاديمير : كيف عرفت ؟
بوزو : إنه يتحدث إلى مرة أخرى . لو استمر هذا الأمر لأصبحنا صديقين فى لمح البصر .
استراجون : لماذا لا يضع أحماله على الأرض ؟
بوزو : أنا أيضاً أكون سعيداً لو التقيت به .. كلما ازداد عدد الناس الذين ألتقى بهم ، زادت سعادتى .. إن المرء يخرج من لقائه بأحقر الناس أكثر حكمة وثراءاً ووعياً بنعمه الخاصة ، حتى أنتما ( ينظر إليهما كل بدوره ليجذب انتباههما إلى أنه يعنيهما معاً ) .. حتى أنتما ، من يعرف ، لقد أضفتما شيئاً إلى حصيلتى ..
استراجون : لماذا لا يضع أحماله على الأرض ؟
بوزو : ولكن هذا يدهشنى ..
فلاديمير : إن سؤالاً يوجه إليك ..
بوزو : ( منشرحاً ) سؤال . ممن؟ . منذ لحظة مضت كنت تدعونى يا سيدى فى خشية وارتعاش ، والآن توجه إلىّ أسئلة ، لن ينتهى هذا الأمر نهاية طيبة ..
فلاديمير : ( لاستراجون ) أظن أنه ينصت ..
استراجون : ( يدور حول لاكى ) ماذا ؟
فلاديمير : يمكنك أن تسأله الآن ، إنه متيقظ .
استراجون : عن أى شيء أسأله ؟
فلاديمير : إسأله ، ألا تستطيع ؟
بوزو : ( وقد تتبع هذا الحديث المتبادل بانتباه ملهوف ، خشية أن يضيع السؤال ) هل تريد أن تعرف لماذا لا يضع أحماله ، كما تسميها ؟
فلاديمير : بالضبط ..
بوزو : ( لاستراجون ) أواثق أنت من موافقتك على هذا ؟
استراجون : إنه ينفخ مثل كلب البحر ..
بوزو : هذا هو الجواب ( لاستراجون ) ولكن لا تتحرك أرجوك ، إنك تثير أعصابى ..
فلاديمير : انتبه ..
استراجون : ماذا فى الأمر ؟
فلاديمير : إنه على وشك أن يتكلم . ( ينتظران بلا حراك جنباً إلى جنب )
بوزو : حسناً ، هل استعد الجميع ؟ هل ينظر الجميع إلىّ ؟ .. ( ينظر إلى لاكى ، ويجذب الحبل ، يرفع لاكى رأسه ) هل لك أن تنظر إلىّ يا خنزير ( ينظر لاكى إليه ) حسناً .. ( يضع غليونه فى جيبه ويخرج بخاخة صغيرة يبخ بها حلقه ، ثم يضع البخاخة فى جيبه ، يتنحنح ويبصق ، يخرج البخاخة من جديد ويبخ بها حلقه ويضع البخاخة فى جيبه ) إننى مستعد . هل ينصت الجميع ؟ هل استعد الجميع ؟ ( ينظر إليهم جميعاً كل بدوره ، وآخرهم لاكى ، ويجذب الحبل ) يا قذر . ( يرفع لاكى رأسه ) لا أحب التحدث فى الفراغ . حسناً دعونى أرى ..
( يفكر )
استراجون : إننى ذاهب .
بوزو : ماذا أردت أن تعرف بالدقة ؟
فلاديمير : لماذا لا ... ؟
بوزو : ( غاضباً ) لا تقاطعنى ( فترة صمت . أكثر هدوءاً ) لو تكلمنا جميعاً فى نفس الوقت لما وصلنا أبداً .. ( فترة صمت ) ماذا كنت أقول ؟ ( فترة صمت .. بصوت أعلى ) ماذا كنت أقول ؟ ( يقلد فلاديمير منظر رجل يحمل حملاً ثقيلاً . ينظر بوزو إليه متحيراً )
استراجون : ( بقوة ) الأحمال . ( يشير إلى لاكى ) لماذا ؟ يحمل دائماً ( يتراخى فى وقفته لاهثاً ) لا يضعها أبداً ( يفتح يده وينتصب فى وقفته مستريحاً ) لماذا ؟
بوزو : آه . لماذا .. ألم تستطع أن تقول ذلك من قبل ؟ لماذا لا يريح نفسه ؟ فلنحاول أن نلقى الضوء على المسألة .. ألا يملك الحق فى ذلك ؟ بالتأكيد يملكه . من هذا ينتج أنه لا يريد . وهذا تفسير لأجلكما . ولماذا لا يريد ؟ ( فترة صمت ) أيها السيدان .. هذا هو السبب ..
فلاديمير : ( لاستراجون ) خذ ملحوظة بهذا ..
بوزو : إنه يريد أن يؤثر فىّ حتى أحتفظ به ..
استراجون : ماذا ؟
بوزو : ربما لم أوضح المسألة على وجهها الصحيح .. إنه يريد أن يهدئنى ، حتى أطرح عن نفسى فكرة التخلص منه .. كلا ، ليست هذه أيضاً هى المسألة بالضبط .
فلاديمير : هل تريد أن تتخلص منه ؟
بوزو : إنه يريد أن يخدعنى ، ولكنه لن يفعل .
فلاديمير : هل تريد أن تتخلص منه ؟
بوزو : إنه يتصور أنه عندما أرى كيف يحسن حمل الأشياء فسوف أميل إلى الإبقاء عليه فى هذه الحالة ..
استراجون : هل أخذت منه كفايتك ؟
بوزو : إنه فى الحقيقة يحمل من الأثقال ما لا يحمله سوى خنزير .. إنه ليس عمله .
فلاديمير : هل تريد أن تتخلص منه ؟
بوزو : إنه يتصور أنى عندما أراه لا يصيبه الإنهاك ، فسوف أندم على قرارى . تلك هى مناورته الفاشلة كأنى أعانى نقصاُ من العبيد .. ( ينظر الثلاثة إلى لاكى ) أطلس ، أنت يا ابن جوبيتر ( صمت ) حسناً ، هذا ما أعتقد . هل هناك أسئلة أخرى ؟ ( يستخدم البخاخة ) .
فلاديمير : هل تريد أن تتخلص منه ؟
بوزو : لاحظ أنه كان من الممكن بمنتهى السهولة أن يتبادل كل منا مكانه مع الآخر . لو لم تشأ الصدفة عكس ذلك . لكل منا نصيبه .
فلاديمير : هل تريد أن تتخلص منه ؟
( تقال هذه العبارة بطريقة مدغمة لا تُفهم أبداً )
بوزو : أستميحك عذراً ؟
فلاديمير : هل تريد أن تتخلص منه ؟
بوزو : نعم . ولكن بدلاً من طرده كما كان يمكننى أن أفعل ، فلقد رأيت عوضاً عن ذلك أن ألكزه فقط فى ظهره ، وها أنا مدفوعاً بطيبة قلبى أحضره إلى السوق ، حيث أرجو أن أحصل على ثمن جيد من وراء بيعه .. الحق أنك لا تستطيع أن تطرد مثل هذه المخلوقات .. أفضل شيء هو أن تقتلهم ..
( لاكى يبكى )
استراجون : إنه يبكى .
بوزو : للكلاب الهرمة كرامة أكثر من ذلك ( يمد يده بمنديله إلى استراجون ) هدئ من ثائرته طالما تشفق عليه ( استراجون يتردد ) هيا ( يأخذ استراجون المنديل ) امسح له دموعه ، فسوف يشعر أنه ليس وحيداً تماماً . ( يتردد استراجون )
فلاديمير : اسمع ، أعطنى إياه ، سأفعل أنا هذا الأمر .
( يرفض استراجون أن يعطيه المنديل .. حركات أطفال )
بوزو : اسرع ، قبل أن يتوقف . ( يقترب استراجون من لاكى ، ويمد يده ليمسح عينيه ، لاكى يلكزه بعنف فى كاحله يترك استراجون المنديل .. ويتقهقر مترنحاً على المسرح معولاً من الألم ) المنديل !
( يضع لاكى الحقيبة والسلة على الأرض ، يلتقط المنديل ، يعطيه لبوزو ، يعود إلى مكانه ، ويمسك بالحقيبة والسلة )
استراجون : أوه الخنزير ( يشد رجل سرواله ) لقد جعلنى كسيحاً .
بوزو : قلت لك إنه لا يحب الغرباء .
فلاديمير : ( لإستراجون ) أرنى . ( يطلعه استراجون على ساقه . لبوزو بغضب ) إنه ينزف .
بوزو : فأل حسن .
استراجون : ( يقف على ساق واحدة ) لن أمشى بعد الآن .
فلاديمير : ( بحنو ) سوف أحملك ( فترة صمت ) لو كان ذلك ضرورياً ..
بوزو : لقد توقف عن البكاء ( لإستراجون ) لقد أخذت مكانه فيما يبدو ( بشاعرية ) دموع العالم كمية ثابتة إذا بدأ واحد يبكى فى مكان ما ، توقف أحدهم عن البكاء فى مكان آخر ، نفس الشيء يحدث بالنسبة للضحك ( يضحك ) .. فلنمتنع إذن عن الحديث بسوء عن جيلنا ، فهو ليس أتعس فى شيء عن سابقيه ( صمت ) ولنمتنع أيضاً عن الحديث عنه بخير ( صمت ) لنمتنع عن الحديث على الإطلاق ( صمت ) صحيح أن نسبة السكان ارتفعت .
فلاديمير : حاول أن تمشى .
( استراجون يخطو بضع خطوات عرجاء ، يقف أمام لاكى ويبصق عليه ، ثم يذهب إلى الكومة ويجلس عليها )
بوزو : حسناً ، من الذى علمنى كل هذه الأشياء الجميلة .. ( فترة صمت . يشير إلى لاكى ) عزيزى لاكى ..
فلاديمير : ( ناظراً إلى السماء ) ألن يأتى الليل ؟
بوزو : لولاه لكانت كل أفكارى ومشاعرى متجهة إلى أشياء عادية ( فترة صمت . بعنف ) اتهامات وضيعة ( أهدأ ) جمال وعظمة وحقيقة من الطراز الأول ، كنت أعرف أنها جميعاً أبعد من متناول يدى ، فانتهزت الفرصة .
فلاديمير : ( وقد انتزع من استغراقه فى تفحص السماء ) فرصة ؟
بوزو : كان ذلك منذ حوالى ستين عاماً مضت .. ( يستشير ساعته ) نعم حوالى ستين .. ( نافخاً نفسه بفخر ) لا يمكن أن تتصور أنه بهذا الهرم ( فلاديمير ينظر إلى لاكى ) إننى أبدو بالمقارنة به شاباً . كلا ؟ ( فترة صمت ) القبعة . ( يضع لاكى السلة على الأرض ويخلع قبعته . ينسدل شعره الأبيض الطويل على وجهه . يضع قبعته تحت ذراعه ويرفع السلة ) أنظر الآن ( يخلع بوزو قبعته . تبدو رأسه صلعاء تماماً . يضع قبعته على رأسه ثانية ) أرأيت ؟
فلاديمير : والآن أتطرده ؟ هذا الخادم المسن الوفى ..
استراجون : يا ابن البغى .
( يضطرب بوزو بشكل يتزايد أكثر فأكثر )
فلاديمير : بعد أن امتصصت كل ما به من خير ، إذا بك تطيح به بعيداً مثل .. مثل قشرة موز . حقاً ..
بوزو : ( يئن ، ويحك رأسه بيديه ) لا أستطيع أن أحتمل ذلك .. بعد الآن .. الطريقة التى يعيش بها .. ليس لديكما فكرة .. شيء رهيب . يجب أن يذهب ( يلوح بذراعيه ) .. أكاد أجن .. ( ينهار ورأسه بين كفيه ) لا أستطيع أن أحتمل بعد الآن ..
( صمت .. الجميع ينظرون إلى بوزو .. لاكى يرتجف )
فلاديمير : إنه لا يستطيع أن يحتمل .
استراجون : بعد الآن ..
فلاديمير : سوف يجن ..
استراجون : شيء رهيب .
فلاديمير : ( للاكى ) كيف تجسر . شيء كريه . هذا السيد الطيب أتصليه بهذا الشكل ؟ أبعد كل هذه السنين ؟ .. مدهش .
بوزو : ( يشهق ) لقد اعتاد أن يكون طيباً جداً .. معيناً جداً .. ومسلياً جداً .. ملاكى الطيب .. والآن . إنه يقتلنى .
استراجون : ( لفلاديمير ) هل يريد أن يحل محله ؟
فلاديمير : ماذا ؟
استراجون : هل يريد أن يحل محله أحداً أم لا ؟
فلاديمير : لا أظن ذلك ..
استراجون : ماذا ؟
فلاديمير : لست أدرى .
استراجون : سله .
بوزو : ( أهدأ ) أيها السيدان ، لست أدرى ما الذى اعترانى .. اغفرا لى . انسيا ما قلت ( يستعيد شخصيته السابقة شيئاً فشيئاً ) لست أذكر بالضبط ما قلته ولكن ثقا أن كلمة واحدة منه لم تكن صادقة ( نافخاً نفسه وضارباً على صدره ) هل أبدو كرجل يمكن أن يعانى شيئاً ؟ بصراحة ( يبحث فى جيوبه ) ماذا فعلت بغليونى ؟
فلاديمير : إننا نقضى أمسية رائعة ..
استراجون : لا تُنسى .
فلاديمير : ولم تنقض بعد ..
استراجون : من الواضح .
فلاديمير : إنها البداية فحسب ..
استراجون : شيء رهيب ..
فلاديمير : إنها أسوأ مما لو كنا فى المسرح .
استراجون : فى السيرك .
فلاديمير : فى الميوزيكهول.
استراجون : فى السيرك .
فلاديمير : مذا فعلت بغليونى ؟
استراجون : إنك مضحك للغاية . لقد فقد أليفته .
( يضحك بصوت مرتفع )
فلاديمير : سأعود سريعاً .
( يمشى إلى جانب المسرح )
استراجون : فى نهاية الممر ، على اليسار .
فلاديمير : إحجز لى مكانى . ( يخرج )
بوزو : لقد فقدت غليونى .
استراجون : ( يهتز بعنف من جراء الضحك ) سوف يقتلنى .
بوزو : ( ينظر أمامه ) ألم يحدث أن رأيت – ( يلاحظ غياب فلاديمير ) أوه . لقد ذهب .. دون أن يقول وداعاً .. كيف يستطيع .. كان عليه ان ينتظر ..
استراجون : كان لا بد أن ينفجر غيظاً .
بوزو : أوه ( فترة صمت ) أوه . حسناً إذن بالطبع .. فى هذه الحالة .
استراجون : تعال .
بوزو : لماذا ؟
استراجون : سترى .
بوزو : هل تريدنى أن انهض ..
استراجون : أسرع ( ينهض بوزو ويذهب إلى استراجون ) أنظر ..
بوزو : ( بعد أن يضع نظارته على عينيه ) أوه ، حقاً ..
استراجون : لقد انتهى الأمر .
( يدخل فلاديمير ، على وجهه مسحة من الحزن . يزيح لاكى بكتفه عن طريقه ، يضرب الكرسى بقدمه ، يروح ويغدو بإضطراب )
بوزو : ليس منشرحاً .
استراجون : ( لفلاديمير ) لقد فاتك شيء ممتع للأسف .
( يتوقف فلاديمير ، يضع الكرسى فى وضع معتدل ، يروح ويغدو ، أهدأ مما سبق )
بوزو : إنه يأخذ فى الهدوء ( ينظر حوله ) كل شيء يأخذ فى الهدوء ، سكون هائل يهبط علينا .. انصتا .. ( يرفع يده ) روح الطبيعة تنام .
فلاديمير : ألن يأتى الليل ؟
( ينظر الثلاثة إلى السماء )
بوزو : ألا تريد أن تذهب حتى يأتى الليل ؟
استراجون : حسناً ، أنت ترى .
بوزو : فعلاً ، إنه أمر طبيعى جداً ، طبيعى جداً ، لو كنت فى موضعكما ، وكان لدى موعد مع جودين .. جوديت .. جودو .. على أى حال أنتما تعرفان من أعنى ، لانتظرت حتى يهبط الليل قبل ان أمتثل ( ينظر إلى المقعد ) أود كثيراً لو جلست ، ولكنى لا أعرف بالضبط كيف أشرع فى هذا العمل .
استراجون : هل أستطيع أن أساعدك ؟
بوزو : لو طلبت منى .. ربما ..
استراجون : ماذا ؟
بوزو : لو طلبت منى أن أجلس ..
استراجون : أتكون هذه مساعدة ؟
بوزو : أظن ذلك .
استراجون : حسناً . تفضل واجلس يا سيدى ، أرجوك ..
بوزو : كلا كلا .. لا أريد .. ( فترة صمت . جانباً ) أطلب منى مرة ثانية ..
استراجون : هيا هيا .. إجلس أرجوك ، ستصاب بإلتهاب رئوى .
بوزو : أتظن ذلك حقاً ..
استراجون : ماذا .. هذا مؤكد .
بوزو : قد تكون على حق ( يجلس ) أشكرك يا صديقى العزيز ( يستشير ساعته ) ولكن لا بد أن أرحل فى الحال لو كان علىّ أن أتقيد بمواعيدى .
فلاديمير : لقد توقف الزمن .
بوزو : ( يضع ساعته على أذنه ) لا تصدق يا سيدى .. لا تصدق ( يضع ساعته فى جيبه ) كما تشاء ، ولكن ليس هذا .
استراجون : ( لبوزو ) كل شيء يبدو أمامه اليوم مظلماً ..
بوزو : فيما عدا السماء ( يضحك مسروراً بفكاهته ) ولكننى أرى حقيقة الأمر .. فأنتما لستما


"في إنتظار غودو" - الإله ميثرا - 10-30-2008

الفصل الثانى
( اليوم التالى . نفس الوقت . نفس المكان )
( يظهر حذاء استراجون فى الوسط ، الكعبان متلاصقان ، والطرفان متباعدان ، وقبعة لاكى فى نفس المكان . بالشجرة أربع أو خمس ورقات .. يدخل فلاديمير مضطرباً . يتوقف وينظر طويلاً إلى الشجرة ، ثم يبدأ فجأة فى التحرك بشكل محموم فوق المسرح طولاً وعرضاً ، وإلى الأمام والخلف يتوقف أمام الحذاء ويلتقط أحدهما وبتفحصه ويشمه ويُظهر اشمئزازاً .. ثم يضعه بعناية ، يروح ويغدو ، يقف فى أقصى اليمين ويحدق فى البعد أمامه خارج المسرح مظللاً عينيه بيده ، يروح ويغدو ، يقف فى أقصى اليسار ، ويكرر نفس الحركات ، يروح ويغدو ، يتوقف فجأة ويبدأ فى الغناء بصوت مرتفع )
فلاديمير: دخل كلب إلى ....
( يتوقف إذ يلاحظ أنه قد بدأ بصوت عال ، يتنحنح ويستأنف الغناء )
دخل كلب إلى المطبخ
وسرق قطعة من الخبز
فنهض الطباخ وبيده مغرفة ..
وضرب الكلب حتى مات
عندئذ جاءت كل الكلاب وهى تعدو
وحفرت للكلب قبراً ..
( يتوقف ، يفكر ، ويستأنف )
عندئذ جاءت كل الكلاب وهى تعدو
وحفرت للكلب قبراً ..
وكتبت على شاهد القبر
حتى تقرأ الكلاب التى تأتى بعد ذلك
دخل كلب إلى المطبخ
وسرق قطعة من الخبز
فنهض الطباخ وبيده مغرفة ..
وضرب الكلب حتى مات
وعندئذ جاءت كل الكلاب وهى تعدو
وحفرت للكلب قبراً
( يتوقف . كما من قبل )
عندئذ جاءت كل الكلاب وهى تعدو
وحفرت للكلب قبراً
( يتوقف . كما من قبل . بحنان )
وحفرت للكلب قبراً
( يظل لحظة صامتاً لا يتحرك ، ثم يبدأ فى المسير بشكل محموم فوق المسرح . يقف ثانية أمام الشجرة ، يروح ويغدو ، أمام الحذاء ، يروح ويغدو ، يقف فى أقصى اليمين ، يحدق فى البعد ، أقصى اليسار ، يحدق فى البعد . يدخل استراجون من اليمين حافى القدمين ، مطأطئ الرأس . يعبر المسرح ببطء ، يستدير فلاديمير ويراه )
فلاديمير : أنت أيضاً .. ( يتوقف استراجون ولكنه لا يرفع رأسه . يتجه فلاديمير ناحيته ) تعال هنا حتى أحتضنك .
استراجون : لا تلمسنى ..
( ينكمش فلاديمير متألماً )
فلاديمير : هل تريدنى أن أذهب بعيداً عنك ؟ ( فترة صمت ) جوجو ( فترة صمت ، يراقبه فلاديمير بإمعان ) هل ضربوك؟ ( فترة صمت ) جوجو .. ( يظل استراجون صامتاً ، وقد أحنى رأسه ) أين قضيت هذه الليلة ؟
استراجون : لا تلمسنى .. لا تسألنى .. لا تكلمنى .. أمكث معى .
فلاديمير : هل افترقت عنك أبداً ؟
استراجون : لقد تركتنى أذهب .
فلاديمير : أنظر إلىّ ( استراجون لا يرفع رأسه . بعنف ) ألا تنظر إلىّ ..
( يرفع استراجون رأسه . ينظر كل منهما إلى الآخر طويلاً . يتباعدان ويتقاربان . يضع كل منهما يديه فى وسطه كما لو كان يتأمل عملاً فنياً . يتقاربان من بعضهما أكثر فأكثر ثم يتعانقان فجأة ، ويضرب كل كل منهما الآخر على ظهره . ينتهى العناق . لا يجد استراجون ما يسنده فيكاد يقع )
استراجون : ياله من يوم ..
فلاديمير : من الذى ضربك ؟ أخبرنى ..
استراجون : لقد انتهينا من يوم آخر ..
فلاديمير : ليس تماماً ..
استراجون : بالنسبة لى فقد انقضى بغض النظر عما يحدث ( صمت ) سمعتك تغنى ..
فلاديمير : هذا صحيح ، أذكر ذلك .
استراجون : لقد حطمنى ذلك ، قلت لنفسى إنه يشعر بالوحدة ويظن إننى ذهبت عنه إلى الأبد ، فهو لذلك يغنى ..
فلاديمير : لا يستطيع الإنسان التحكم فى الحالات التى تنتابه .. أحسست طول اليوم إننى فى حالة سعيدة ( فترة صمت ) ولم استيقظ فى الليل ، ولا مرة واحدة .
استراجون : ( بحزن ) أرأيت ، إنك تكون فى خير حال عندما أفترق عنك .
فلاديمير : لقد افتقدتك .. وفى نفس الوقت كنت سعيداً .. أليس هذا شيئاً غريباً ؟
استراجون : ( مصعوقاً ) سعيد ؟
فلاديمير : ربما لم تكن الكلمة الصحيحة ..
استراجون : والآن ؟
فلاديمير : الأن ؟ ( مرحاً ) .. ها أنت أيضاً .. ( بلا مبالاة ) ها نحن أيضاً .. ( حزيناً ) ها أنا أيضاً ..
استراجون : أرأيت إنك تكون فى أسوأ حال عندما أكون معك . أنا أيضاً أشعر بأننى فى حال أفضل عندما أكون وحيداً .
فلاديمير : ( مستثاراً ) إذن لماذا تعود إلىّ زاحفاً ؟
استراجون : لست أدرى .
فلاديمير : كلا ، ولكننى أدرى . السبب هو إنك لا تعرف كيف تُعنى بنفسك . إننى لم أكن لأسمح لهم بأن يضربوك .
استراجون : لم يكن بإمكانك إيقافهم .
فلاديمير : لماذا ؟
استراجون : كان هناك عشرة منهم .
فلاديمير : كلا ، إننى أعنى قبل أن يضربوك ، كنت سأعمل على إيقافك عن المضىّ فى ذلك الذى كنت تفعله .
استراجون : لم أكن أفعل شيئاً ..
فلاديمير : إذن لماذا ضربوك ؟
استراجون : لست أدرى .
فلاديمير : آه ، كلا يا جوجو ، الحقيقة أن هناك أشياء تبدر منك ولكنها لا تبدر منى . يجب أن تحس بها بنفسك .
استراجون : أقول لك إننى لم أكن أفعل شيئاً ..
فلاديمير : ربما لم تكن تفعل . ولكن المهم هو الطريقة التى تفعل بها الشيء ، طريقة العمل ذاتها ، إذا أردت أن تستمر فى الحياة .
استراجون : لم أكن أفعل شيئاً .
فلاديمير : يجب أن تكون سعيداً أيضاً ، سعيداً جداً ، لو قدّر لك أن تعرف .
استراجون : سعيد بماذا ؟
فلاديمير : بأن تكون معى ثانية .
استراجون : هل هذا رأيك ؟
فلاديمير : قل نعم ، حتى لو لم يكن هذا صحيحاً ..
استراجون : ماذا علىّ أن أقول ؟
فلاديمير : قل أنا سعيد .
استراجون : أنا سعيد .
فلاديمير : وأنا أيضاً .
استراجون : وأنا أيضاً .
فلاديمير : إننا سعيدان .
استراجون : إننا سعيدان ( صمت ) ماذا نفعل الآن ، طالما أننا سعيدان ؟
فلاديمير : ننتظر جودو ( استراجون يئن ، صمت ) لقد تغيرت الأمور منذ الأمس .
استراجون : وإذا لم يأت ؟
فلاديمير : ( بعد لحظة يبدو فيها إنه لا يفهم ) سنفكر فى ذلك عندما يحين الوقت .. ( فترة صمت ) كنت أقول أن الأمور هنا قد تغيرت منذ الأمس .
استراجون : كل شيء ينضح .
فلاديمير : أنظر إلى الشجرة .
استراجون : لا يستمر الصديد على حاله من لحظة إلى أخرى .
فلاديمير : الشجرة ، أنظر إلى الشجرة .
( استراجون ينظر إلى الشجرة )
استراجون : ألم تكن هنا بالأمس ..
فلاديمير : بالطبع كانت هناك . ألا تتذكر ؟ لقد كدنا نشنق أنفسنا منها . ولكنك رفضت .. ألا تتذكر ؟
استراجون : أنت تحلم .
فلاديمير : هل من الممكن أن تكون قد نسيت الآن ؟
استراجون : هذه طبيعتى .. إما أن أنسى مباشرة .. أو لا أنسى على الإطلاق .
فلاديمير : وبوزو ولاكى ، هل نسيتهما أيضاً ؟
استراجون : بوزو ولاكى ؟
فلاديمير : لقد نسى كل شيء ..
استراجون : أذكر مجنوناً ضربنى بقدمه فى ساقى ، ثم تصرف كالأبله ..
فلاديمير : هذا لاكى .
استراجون : أذكر هذا . ولكن متى حدث ؟
فلاديمير : وحارسه ، ألا تذكره ؟
استراجون : لقد أعطانى عظمة .
فلاديمير : تقصد بوزو ..
استراجون : وأنت تقول أن هذا كله حدث بالأمس ؟
فلاديمير : نعم بالطبع كان بالأمس .
استراجون : وهنا حيث نحن الآن ؟
فلاديمير : أين إذن تعتقد ؟ ألا تستطيع التعرف على المكان ؟
استراجون : ( غاضباً فجأة ) أتعرّف ! ما هو الذى تريد منى أن أتعرف عليه ؟ لقد عشت طوال حياتى القذرة زاحفاً فى الطين وأنت تتحدث إلىّ عن المناظر الجميلة .. ( ينظر حوله باهتياج ) أنظر إلى هذه الكومة من القذارة .. إننى لم أتحرك أبداً بعيداً عنها .
فلاديمير : هدّئ من روعك ، هدّئ من روعك ..
استراجون : أنت ومناظرك .. حدثنى عن الديدان ..
فلاديمير : على أى حال أنت لا تستطيع أن تزعم أن هذا ( يشير ) يحمل أى علاقة شبه ( يتوقف ) ببلدنا ماكون مثلاً . لا تستطيع أن تنكر أن هناك إختلافاً كبيراً ..
استراجون : ماكون .. من الذى تعرّض بالحديث لبلدة ماكون ؟
فلاديمير : لقد كنت هناك بنفسك ، فى بلدة ماكون .
استراجون : كلا ، لم أكن فى يوم من الأيام فى ماكون ، لقد أفرغت حياتى إفراغاً هنا ، هكذا أقول لك هنا فى كاكون ..
فلاديمير : ولكننا كنا هناك معاً ، وأستطيع أن أقسم على ذلك .. كنا نجمع العنب لحساب رجل يدعى ( يفرقع أصابعه ) .. لست أذكر اسم الرجل ، وفى مكان يدعى ( يفرقع أصابعه ) .. لست أذكر اسم المكان ، ألا تتذكر ؟
استراجون : ( بهدوء ) لم ألحظ شيئاً ..
فلاديمير : ولكن كل شيء هناك أحمر اللون .
استراجون : ( مستفزاً ) قلت لك إننى لم ألحظ شيئاً ..
( صمت . يتنهد فلاديمير بعمق )
فلاديمير : أنت رجل متعب يا جوجو ..
استراجون : من الأفضل أن نفترق ..
فلاديمير : تقول ذلك دائماً ، ثم تزحف عائداً ..
استراجون : أفضل شيء هو أن تقتلنى مثل الآخر .
فلاديمير : من الآخر ؟ ( فترة صمت ) من الاخر ؟
استراجون : مثل بلايين الآخرين .
فلاديمير : ( بحكمة ) لكل رجل صليبه الصغير ( يتنهد ) حتى يموت ( يمعن فى التفكير ) وينسى .
استراجون : لنقض هذا الوقت فى محاولة التحدث بهدوء . طالما أننا عاجزان عن التزام الصمت .
فلاديمير : الحق معك . إننا لا نتعب أبداً .
استراجون : وبهذا فلن نفكر .
فلاديمير : معنا العذر فى هذا .
استراجون : وبهذا فلن نسمع .
فلاديمير : لدينا أسبابنا .
استراجون : كل الأصوات الميتة .
فلاديمير : إنها تأتى بصوت مثل صوت الأجنحة .
استراجون : مثل أوراق الأشجار .
فلاديمير : مثل الرمال .
استراجون : مثل أوراق الشجر ..
( صمت )
فلاديمير : إنهم يتحدثون جميعاً فى نفس الوقت ..
استراجون : كل لنفسه .
( صمت )
فلاديمير : إنهم يهمسون .
استراجون : يهفهفون .
فلاديمير : يغمغمون .
استراجون : يهفهفون .
( صمت )
فلاديمير : ماذا يقولون ؟
استراجون : يتحدثون عن حياتهم .
فلاديمير : لئن عاشوا فليس هذا كافياً بالنسبة لهم ..
استراجون : يجب أن يتحدثوا عن هذه الأمور .
فلاديمير : لئن ماتوا فليس هذا كافياً بالنسبة لهم .
استراجون : ليس كافياً ..
( صمت )
فلاديمير : إنهم يأتون بأصوات مثل الريش ..
استراجون : مثل أوراق الأشجار .
فلاديمير : مثل الرماد .
استراجون : مثل أوراق الأشجار .
( صمت طويل )
فلاديمير : قل شيئاً ..
استراجون : أنا أحاول ..
( صمت طويل )
فلاديمير : ( فى عناء ) قل أى شيء ..
استراجون : ماذا نفعل الآن ؟
فلاديمير : ننتظر جودو .
استراجون : آه .
( صمت )
فلاديمير : شيء رهيب .
استراجون : غن شيئاً ..
فلاديمير : لا ، لا .. ( يفكر ) ربما نستطيع أن نبدأ من جديد ..
استراجون : هذا أسهل ..
فلاديمير : البداية هى الأمر الصعب .
استراجون : يمكنك أن تبدأ من أى نقطة ..
فلاديمير : نعم ، ولكن عليك أن تقرر أولاً .
استراجون : صحيح .
( صمت )
فلاديمير : ساعدنى .
استراجون : أحاول .
( صمت )
فلاديمير : بينما تجهد نفسك فى البحث يمكنك أن تسمع .
استراجون : فعلاً .
فلاديمير : وهذا يمنعك من أن تجد شيئاً .
استراجون : صحيح .
فلاديمير : وهذا يمنعك من التفكير .
استراجون : المرء يفكر على أى الأحوال .
فلاديمير : مستحيل .
استراجون : أتظن ذلك ؟
فلاديمير : إننا فى مأمن من التفكير بعد الآن .
استراجون : إذن فمن أى شيء تشكو ؟
فلاديمير : ليس التفكير بأسوأ الأمور .
استراجون : ربما . ولكن على الأقل هناك هذه .
فلاديمير : ماذا ؟
استراجون : هذه الفكرة . دعنا نوجه الأسئلة لبعضنا بعضاً ..
فلاديمير : ماذا تعنى بقولك على الأقل هناك هذه ؟
استراجون : هذه التعاسة الأقل قدراً .
فلاديمير : صحيح .
استراجون : حسناً ؟ ماذا لو نقدم الشكر على ما أولينا من نعم ؟
فلاديمير : الأمر المرعب هو أن يفكر الإنسان فى هذا الأمر .
استراجون : ولكن هل حدث لنا هذا من قبل ؟
فلاديمير : من أين جاءت هذه الجثث ؟
استراجون : هذه الهياكل العظمية .
فلاديمير : أخبرنى .
استراجون : هذا صحيح .
فلاديمير : لا بد أننا فكرنا إلى حد ما .
استراجون : فى البداية .
فلاديمير : مقبرة .. مقبرة .
استراجون : لا داعى لأن تنظر ..
فلاديمير : لا تملك إلا أن تنظر .
استراجون : صحيح .
فلاديمير : حاول ..
استراجون : أستميحك عذراً ؟
فلاديمير : حاول .
استراجون : لا بد أن نتجه بثبات إلى الطبيعة .
فلاديمير : لقد حاولنا ذلك .
استراجون : صحيح .
فلاديمير : إننى أعرف أنه ليس بأسوأ الأمور .
استراجون : ماذا ؟
فلاديمير : التفكير .
استراجون : واضح .
فلاديمير : ولكن بإمكاننا أن نمضى بدونه .
استراجون : ماذا تريد ؟
فلاديمير : أستميحك عذراً ؟
استراجون : ماذا تريد ؟
فلاديمير : آه .. ماذا تريد .. بالضبط .
( صمت )
استراجون : لم يكن هذا حديثاً سيئاً .
فلاديمير : نعم ولكن علينا الآن أن نجد شيئاً آخر ..
استراجون : دعنى أرى .
( يخلع قبعته ويركز تفكيره )
فلاديمير : دعنى أرى . ( يخلع قبعته ويركز تفكيره . صمت طويل ) آه .
( يرتديان قبعتيهما ويأخذان وضعاً مريحاً بعد التفكير )
استراجون : حسناً ؟
فلاديمير : يمكننا أن نستمر من حيث بدأت .
استراجون : من أين ؟
فلاديمير : منذ البداية .
استراجون : بداية ماذا ؟
فلاديمير : هذا المساء .. كنت أقول .. كنت أقول ..
استراجون : لا تسألنى . لست مؤرخاً .
فلاديمير : إنتظر .. لقد تعانقنا .. وكنا سعيدين .. سعيدين .. ماذا نفعل الآن طالما أننا سعيدان .. أكمل .. ننتظر .. ننتظر .. دعنى أفكر . ها هى الكلمة .. نستمر فى انتظار .. طالما أننا سعيدان .. دعنى أرى .. آه .. الشجرة ...
استراجون : الشجرة ؟
فلاديمير : ألا تتذكر ؟
استراجون : إننى متعب .
فلاديمير : أنظر إليها .
( ينظر استراجون إلى الشجرة )
استراجون : لا أرى شيئاً .
فلاديمير : ولكنها فى مساء الأمس كانت عارية .. وهى الآن مغطاة بالأوراق .
استراجون : الأوراق ؟
فلاديمير : فى ليلة واحدة .
استراجون : لا بد إنه الربيع ..
فلاديمير : ولكن فى ليلة واحدة .
استراجون : قلت لك إننا لم نكن هنا بالأمس .. إنه واحد من أحلامك المزعجة .
فلاديمير : وأين كنا إذن فى مساء الأمس طبقاً لرأيك ؟
استراجون : من أين لى أن أعرف ؟ فى مكان آخر . هناك العديد من الأماكن الخالية .
فلاديمير : ( واثقاً من نفسه ) حسناً . لم نكن هنا مساء أمس .. فماذا إذن فعلنا مساء الأمس ؟
استراجون : فعلنا ؟
فلاديمير : حاول وتذكر .
استراجون : فعلنا .. أظن أننا كنا نثرثر .
فلاديمير : ( متمالكاً نفسه ) عن أى شيء ؟
استراجون : أوه .. عن هذا وذاك على ما أظن .. ليس عن شيء بالذات ( بالتأكيد ) نعم أتذكر الآن .. لقد قضينا مساء أمس فى الحديث عن شيء غير محدد .. إن هذا يجرى الآن لمدة نصف قرن مضى .
فلاديمير : ألا تذكر أى حقيقة . أى ظرف من الظروف ؟
استراجون : ( منهكاً ) لا تعذبنى يا ديدى .
فلاديمير : الشمس ، القمر ، ألا تتذكر ؟
استراجون : لا بد أنهما كانا هنا كالعادة .
فلاديمير : ألم تلاحظ شيئاً غير المعتاد .
استراجون : للأسف ..
فلاديمير : وبوزو ؟ ولاكى ؟
استراجون : بوزو ؟
فلاديمير : العظام .
استراجون : كانت أشواك السمك .
فلاديمير : إن بوزو هو الذى أعطاها لك .
استراجون : لست أدرى .
فلاديمير : والضربة ؟
استراجون : هذا صحيح ، هناك من ضربنى بقدمه .
فلاديمير : إن لاكى هو الذى ركلك .
استراجون : وكل هذا حدث بالأمس .
فلاديمير : أرنى ساقك .
استراجون : أيهما ؟
فلاديمير : الإثنتان .. إرفع سروالك ( يرفع استراجون ساقه لفلاديمير ، ويترنح فى وقفته . يمسك فلاديمير بالساق . يترنحان فى وقفتهما ) إرفع سروالك ..
استراجون : لا أستطيع .
( يرفع فلاديمير السروال وينظر إلى الساق ، ثم يتركها .. استراجون يكاد يقع )
فلاديمير : الآخرى ( استراجون يعطيه نفس الساق ) الأخرى يا خنزير .. ( استراجون يعطيه الساق الأخرى . بلهجة المنتصر ) ها هو الجرح .. بدأ فى التقيح ..
استراجون : وماذا فى الأمر ؟
فلاديمير : ( يترك الساق ) أين حذاؤك ؟
استراجون : لا بد أننى ألقيته فى مكان بعيد .
فلاديمير : متى ؟
استراجون : لست أدرى .
فلاديمير : لماذا ؟
استراجون : ( مستفزاً ) لست أدرى لماذا لا أدرى .
فلاديمير : كلا ، إننى أعنى لماذا ألقيت به بعيداً .
استراجون : ( مستفزاً ) لأنه كان يؤلمنى .
فلاديمير : ( بلهجة المنتصر ، مشيراً إلى الحذاء ) ها هو حذاؤك ( ينظر استراجون إلى الحذاء ) فى نفس البقعة التى تركته فيها بالأمس .
( يتجه استراجون إلى حيث الحذاء . ويتفحصه بإمعان )
استراجون : ليس هذا حذائى .
فلاديمير : ( مبهوتاً ) ليس حذاءك ..
استراجون : كان حذائى أسود اللون .. أما هذا فبنى ..
فلاديمير : هل أنت متأكد أن حذاءك كان أسود اللون ؟
استراجون : إنه كان إلى حد ما رمادى .
فلاديمير : وهل هذا رمادياً ؟ أرنى .
استراجون : ( يلتقط واحد من الحذائين ) حسناً ، يبدو أخضر نوعاً ..
فلاديمير : ( يتقدم ) أرنى ( استراجون يعطيه واحدة .. فلاديمير يعيد تفحصها ويلقيها بغضب ) حسناً . كل هذا ..
استراجون : أنت ترى ، كل هذا سيء جداً ..
فلاديمير : آه .. لقد فهمت .. نعم ، لقد عرفت ما حدث ..
استراجون : كل هذا سيء جداً ..
فلاديمير : إنه جديد . لقد جاء شخص وأخذ حذاءك وترك لك حذاءه .
استراجون : لماذا ؟
فلاديمير : كان حذاؤه ضيقاً فأخذ حذاءك .
استراجون : ولكن حذائى كان ضيقاً جداً .
فلاديمير : ضيقاً بالنسبة لك ، وليس بالنسبة له .
استراجون : ( يأخذ وقتاً فى حل اللغز ) إننى متعب ( فترة صمت ) هيا بنا نرحل .
فلاديمير : لا نستطيع .
استراجون : لماذا ؟
فلاديمير : إننا فى انتظار جودو .
استراجون : آه ( فترة صمت . بيأس ) ماذا سنفعل .. ماذا سنفعل ..
فلاديمير : ليس هناك ما نفعله .
استراجون : ولكننى لا أستطيع أن أستمر بهذا الشكل ..
فلاديمير : هل لك فى فجلة ؟
استراجون : أهذا كل ما هناك ؟
فلاديمير : معى فجل .
استراجون : أليس معك جزر ؟
فلاديمير : كلا على أى الأحوال فأنت متطرف فى الإهتمام بمسألة الجزر هذه ..
استراجون : إذن أعطنى فجلة . ( فلاديمير يبحث فى جيوبه ولا يجد إلا اللفت ، أخيراً يمسك بفجلة ويعطيها لإستراجون الذى يفحصها ويقضمها ) إنها سوداء ..
فلاديمير : إنها فجلة ..
استراجون : أنا لا أحب إلا الفجل الأحمر ، أنت تعرف ذلك .
فلاديمير : إذن فأنت لا تريدها ..
استراجون : أنا لا أحب إلا الفجل الأحمر .
فلاديمير : إذن هاتها .
( استراجون يعطيه إياها )
استراجون : سأذهب وآتى بجزرة .
( لا يتحرك )
فلاديمير : لقد فقد الأمر كل دلالة .
استراجون : إلى حد ما .
( صمت )
فلاديمير : ماذا لو جربت ..
استراجون : لقد جربت كل شيء ..
فلاديمير : أعنى الحذاء ..
استراجون : أيكون هذا شيئاً جديداً .
فلاديمير : ويساعد ذلك على قضاء الوقت ( استراجون يتردد ) أؤكد أنه سيكون هذا بمثابة عمل لنا .
استراجون : تخفيف .
فلاديمير : ترويح .
استراجون : تخفيف ..
فلاديمير : حاول .
استراجون : ستساعدنى .
فلاديمير : بالطبع سأساعدك .
استراجون : إننا نقضى الوقت بطريقة لطيفة يا ديدى . أليس كذلك ؟
فلاديمير : نعم نعم هيا ، سنجرب اليسرى أولاً .
استراجون : إننا نعثر دائماً على شيء يوحى إلينا بأننا موجودان . أليس كذلك يا صديقى ؟
فلاديمير : ( بنفاذ صبر ) نعم نعم ، إننا إخوان . ولكن دعنا نعتمد على ما استقر رأينا عليه قبل أن ننسى .. ( يلتقط فردة حذاء ) هيا ، أعطنى قدماً ( يرفع استراجون قدمه ) الأخرى يا قذر ( يرفع استراجون القدم الأخرى إلى أعلى ، يترنحان وقد إلتفا حول بعضهما .. ينجح فلاديمير أخيراً فى وضع فردة الحذاء ) حاول أن تمشى ( استراجون يمشى ) حسناً .
استراجون : إنها تلائمنى .
فلاديمير : ( يخرج من جيبه رباطاً ) حاول أن تربطها .
استراجون : ( بعنف ) لا لا ، لا أريد ذلك ، لا أريد .
فلاديمير : سوف تندم . دعنا نجرب الأخرى ( كما من قبل ) حسناً .
استراجون : إنها تلائمنى أيضاً .
فلاديمير : ألا يؤلمك الحذاء ؟
استراجون : ليس الآن .
فلاديمير : إذن بإمكانك أن تحتفظ به .
استراجون : إنه واسع جداً .
فلاديمير : ربما حصلت على جورب يوماً ما .
استراجون : صحيح ..
فلاديمير : هل ستحتفظ به ؟
استراجون : كفى ، هذا عن الحذاء ..
فلاديمير : نعم ولكن ....
استراجون : ( بعنف ) كفى ( صمت ) أظن أن بإمكانى أن أجلس .
( ينظر حواليه باحثاً عن مكان ملائم ثم يذهب إلى الكومة المرتفعة ويجلس عليها )
فلاديمير : لقد كنت تجلس فى هذا المكان مساء أمس .
استراجون : لو استطعت فقط أن أنام .
فلاديمير : لقد نمت بالأمس .
استراجون : سأحاول .
( يواصل وضعه الجنينى ، يضع رأسه بين ركبتيه )
فلاديمير : أنظر ( يذهب ويجلس بجانبه ويبدأ فى الغناء بصوت مرتفع ) باى باى باى .. باى باى ..
استراجون : ( يرفع رأسه غاضباً ) ليس بصوت عال ..
فلاديمير : ( برقة ) باى باى باى باى
باى باى باى باى
باى باى باى باى
( استراجون ينام . ينهض فلاديمير ويخلع معطفه ويعلقه على كتفى استراجون ثم يبدأ فى السير ذهاباً وجيئة ملوحاً بذراعيه ليدفئ بدنه .. يستيقظ استراجون فزعاً ، ينهض واقفاً وينظر هنا وهناك فى اهتياج . يجرى فلاديمير تجاهه ويضع ذراعيه حوله ) كفى .. كفى .. إننى هنا .. لا تخف .
استراجون : آه ..
فلاديمير : كفى .. كفى .. لقد انتهى الأمر .
استراجون : كنت ..
فلاديمير : لقد انتهى الأمر ، لقد انتهى الأمر .
استراجون : كنت على قمة ..
فلاديمير : لا تخبرنى ، تعال ، سوف ننهى هذا الموضوع ..
( يمسك بذراع استراجون ويمشى به جيئة وذهاباً حتى يتوقف استراجون عن المسير )
استراجون : هذا يكفى لقد تعبت ..
فلاديمير : أتقصد أن تبقى هنا ساكناً لا تفعل شيئاً ..
استراجون : نعم .
فلاديمير : كما تشاء .
( يترك ذراع استراجون ويأخذ معطفه ويرتديه )
استراجون : هيا بنا نمشى .
فلاديمير : لا نستطيع .
استراجون : لماذا ؟
فلاديمير : إننا فى انتظار جودو .
استراجون : آه .. ( يمشى فلاديمير جيئة وذهاباً ) ألا تستطيع أن تبقى ساكناً ؟
فلاديمير : إننى مبترد .
استراجون : لقد جئنا مبكرين جداً .
فلاديمير : سننتظر حتى يأتى الليل .
استراجون : ولكن الليل لا يأتى .
فلاديمير : سوف يهبط فجأة كما حدث بالأمس .
استراجون : عندما يصبح الوقت ليلاً .
فلاديمير : ويمكننا أن ننام ..
استراجون : ثم يأتى النهار ثانية ( فترة صمت . بيأس ) ماذا سنعمل .. ماذا سنعمل ..
فلاديمير : ( صارخاً بعنف ) ألا تكف عن النواح .. لقد ملأتنى بأحزانك .
استراجون : إننى ذاهب .
فلاديمير : (يرى قبعة لاكى ) ما هذا ؟
استراجون : وداعاً .
فلاديمير : قبعة لاكى ( يقترب منها ) لقد انقضت ساعة ولم أرها ( مسروراً جداً ) رائع ..
استراجون : لن ترانى بعد الآن .
فلاديمير : كنت أعرف إنه المكان الصحيح . الآن انتهت متاعبنا ( يلتفت للقبعة ويتأملها ويفرد أطرافها ) لا بد إنها كانت قبعة غاية فى الأناقة ( يضعها على رأسه بدلاً من قبعته التى يعطيها لإستراجون ) خذ ..
استراجون : ماذا ؟
فلاديمير : إليك هذه .
( استراجون يأخذ قبعة فلاديمير . يحكم فلاديمير وضع قبعة لاكى على رأسه . يرتدى استراجون قبعة فلاديمير بدلاً من قبعته التى يعطيها لفلاديمير . يأخذ فلاديمير قبعة استراجون . يحكم استراجون وضع قبعة فلاديمير على رأسه . يرتدى فلاديمير قبعة استراجون بدلاً من ....*قبعة لاكى التى يعطيها لاستراجون . يأخذ استراجون قبعة لاكى . يحكم فلاديمير وضع قبعة استراجون على رأسه .. يرتدى استراجون قبعة لاكى بدلاً من قبعة فلاديمير التى يعيدها لفلاديمير . يأخذ فلاديمير قبعته يحكم استراجون وضع قبعة لاكى على رأسه . ويرتدى فلاديمير قبعته بدلاً من قبعة استراجون التى يعطيها لاستراجون . استراجون يأخذ قبعته . يحكم فلاديمير وضع قبعته على رأسه . يرتدى استراجون قبعته بدلاً من قبعة لاكى التى يعطيها لفلاديمير . يأخذ فلاديمير قبعة لاكى . يحكم استراجون وضع قبعته على رأسه . يرتدى فلاديمير قبعة لاكى بدلاً من قبعته التى يعطيها لاستراجون . يأخذ استراجون قبعة فلاديمير . يحكم فلاديمير قبعة لاكى على رأسه ، يعطى استراجون قبعة فلاديمير إلى فلاديمير الذى يأخذها ويعيدها لاستراجون الذى يأخذها ويعطيها لفلاديمير الذى يأخذها ويلقيها على الأرض )
هل تناسبنى ؟
استراجون : من أين لى أن أعرف ؟
فلاديمير : صحيح ولكن كيف أبدو فيها ؟
( يدير رأسه بدلال هنا وهناك ويخطو كمانيكان )
استراجون : منظر كريه .
فلاديمير : ولكن ليس أكثر من المعتاد .
استراجون : لا أكثر ولا أقل .
فلاديمير : إذن يمكننى أن أحتفظ بها . لقد مللت قبعتى ( فترة صمت ) ماذا أقول ( فترة صمت ) لقد سببت لى التهاباً .
( يخلع قبعة لاكى وينظر بداخلها ويهزها ، وينقر عليها من الخارج ، ويضعها على رأسه ثانية )
استراجون : إننى ذاهب .
( صمت )
فلاديمير : هل تلعب ؟
استراجون : ماذا ألعب ؟
فلاديمير : يمكننا أن نلعب لعبة بوزو ولاكى .
استراجون : لم أسمع عنها من قبل .
فلاديمير : سأقوم أنا بدور لاكى وأنت بدور بوزو ( يقلّد لاكى وهو يترنح تحت ثقل أحماله . ينظر إليه استراجون مبهوتاً ) هيا ..
استراجون : ماذا أفعل ؟
فلاديمير : اشتمنى ..
استراجون : ( بعد تفكير ) أيها الشقى ..
فلاديمير : قل أسوأ من هذا ..
استراجون : أيها الملعون .
( يتأرجح فلاديمير إلى الخلف وإلى الأمام وقد انثنى جسده )
فلاديمير : أطلب منى أن أفكر ..
استراجون : ماذا ؟
فلاديمير : قل ، فكر يا خنزير ..
استراجون : فكر يا خنزير .
( صمت )
فلاديمير : لا أستطيع .
استراجون : هذا كاف .
فلاديمير : أطلب منى أن أرقص .
استراجون : إنى ذاهب .
فلاديمير : أرقص يا قذر ( يدور حيث يقف .. يخرج استراجون من جهة اليسار مندفعاً ) لا أستطيع .. ( يرفع عينيه ولا يجد استراجون ) جوجو ( يتحرك فوق المسرح مهتاجاً ، يدخل استراجون من اليسار وهو يلهث . يسرع فى اتجاه فلاديمير ، ويلقى بنفسه بين ذراعيه ) ها أنت أخيراً ..
استراجون : ( يلهث ) إننى تعس .
فلاديمير : أين كنت ؟ ظننت إنك ذهبت إلى الأبد .
استراجون : إنهم قادمون .
فلاديمير : من ؟
استراجون : لست أدرى .
فلاديمير : كم عددهم ؟
استراجون : لست أدرى .
فلاديمير : إنه جودو .. أخيراً .. جودو .. إنه جودو .. لقد نجونا . دعنا نذهب للقائه ( يسحب استراجون فى اتجاه جانبى . استراجون يقاوم ويخلّص نفسه ويخرج من جهة اليمين ) جوجو .. عد إلىّ ( يعدو فلاديمير إلى أقصى اليسار . ويتفحص الأفق .. يدخل استراجون من اليمين ويسرع إلى فلاديمير ويلقى بنفسه بين ذراعيه ) ها أنت أيضاً .
استراجون : إننى فى الجحيم .
فلاديمير : أين كنت ؟
استراجون : إنهم قادمون من هنا أيضاً .
فلاديمير : لقد حوصرنا ( يندفع استراجون فى عجلة ناحية الخلف ) يا غبى .. لا يوجد طريق هناك ( يمسك باستراجون من ذراعه ويسحبه تجاه المقدمة .. يشير ناحية الجمهور ) هناك .. ليس هنا أحد .. إذهب .. ( يدفع استراجون صوب الجمهور ، يتراجع استراجون فى رعب ) ألا تريد ؟ ( يمعن النظر فى الجمهور ) حسناً ، أستطيع أن أفهم ذلك ... إنتظر حتى أفكر ( يفكر ) لم يبق لك من أمل سوى أن تختفى ..
استراجون : أين ؟
فلاديمير : خلف الشجرة ( استراجون يتردد ) أسرع .. خلف الشجرة ( يذهب استراجون وينحنى خلف الشجرة وإذ يتحقق إنه مازال مكشوفاً ، يخرج من خلف الشجرة ) هذه الشجرة بالتأكيد لم تكن ابداً ذات قيمة بالنسبة لنا .
استراجون : لقد فقدت صوابى ( يخفض رأسه خجلاً ) اغفر لى ( يرفع رأسه منتعشاً ) لن يحدث هذا ثانية .. أخبرنى ماذا نفعل .
فلاديمير : لن نفعل شيئاً .
استراجون : إذهب وقف هناك ( يسحب فلاديمير إلى أقصى اليمين ويوقفه وظهره إلى المسرح ) هناك لا تتحرك وراقب الطريق ( فلاديمير يتفحص الأفق ، مظللاً عينيه بيده ، يعدو استراجون ويتخذ نفس الوضع فى أقصى اليسار . يديران رأسيهما وينظر كل منهما إلى الآخر) فليسند كل منا ظهره إلى ظهر الآخر كما كان يحدث فى الأيام الجميلة الغابرة .
(يستمران فى النظر إلى بعضهما للحظة ، ثم يستأنفان المراقبة . صمت طويل ) ألا ترى شيئاً قادماً ؟
فلاديمير : كلا .
استراجون : ولا أنا .
( يستأنفان المراقبة . صمت طويل )
فلاديمير : لا بد أنك رأيت حلماً .
استراجون : ( يدير رأسه ) ماذا ؟
فلاديمير : ( بصوت أعلى ) لا بد أنك رأيت حلماًَ .
استراجون : لا داعى للصياح .
( يستأنفان المراقبة . صمت طويل )
فلاديمير ، استراجون : ( يستديران فى وقت واحد ) هل تعتقد ..
فلاديمير : أوه ، آسف ..
استراجون : استمر .
فلاديمير : لا لا ، بعدك .
استراجون : لا لا ، أنت أولاً .
فلاديمير : لقد قاطعتك ..
استراجون : على العكس ..
( ينظران إلى بعضهما البعض فى غضب .. )
فلاديمير : قرد مهذب .
استراجون : خنزير بلا شك ..
فلاديمير : أقول لك أكمل عبارتك .
استراجون : عبارتك أنت أولاً .
( صمت .. يقتربان من بعضهما .. يتوقفان )
فلاديمير : أبله ..
استراجون : فكرة .. دعنا نسب بعضنا بعضاً .
( يستديران ويبتعدان عن بعضهما قليلاً ، ثم يستديران من جديد ويواجهان بعضهما )
فلاديمير : أبله ..
استراجون : دودة .
فلاديمير : مشوه ..
استراجون : أكتع .
فلاديمير : جرذ ..
استراجون : قس .
فلاديمير : ناقم ..
استراجون : ( بصفة نهائية ) ناقد .
فلاديمير : أوه ..
( يتهاوى مهزوماً ويستدير بعيداً )
استراجون : والآن دعنا نتصالح .
فلاديمير : جوجو .
استراجون : ديدى .
فلاديمير : يدك .
استراجون : خذها ..
فلاديمير : تعال بين ذراعى ..
استراجون : ذراعاك ؟
فلاديمير : إلى صدرى ..
استراجون : هيا بنا .
( يتعانقان .. وينفصلان .. صمت )
فلاديمير : الوقت يمضى سريعاً عندما يقضيه الإنسان فى المرح .
( صمت )
استراجون : ماذا نصنع الآن ؟
فلاديمير : أثناء انتظارنا ؟
استراجون : أثناء انتظارنا .
( صمت )
فلاديمير : يمكننا أن نؤدى تمريناتنا .
استراجون : حركاتنا .
فلاديمير : تطلعاتنا .
استراجون : ترويحاتنا .
فلاديمير : ترقباتنا .
استراجون : ترويحاتنا .
فلاديمير : حتى تدفئنا .
استراجون : وتهدئنا .
فلاديمير : لنبدأ ..
( يثب فلاديمير من قدم لأخرى .. ويقلده استراجون )
استراجون : ( يتوقف ) هذا كاف .. لقد تعبت ..
فلاديمير : لسنا فى أوج لياقتنا . ما رأيك فى شيء من التنفس العميق ؟
استراجون : لقد تعبت من التنفس .
فلاديمير : أنت على حق ( فترة صمت ) دعنا نقلد الشجرة ..
استراجون : الشجرة .
( فلاديمير يقف على قدم واحدة مترنحاً )
فلاديمير : ( يتوقف ) دورك ..
( استراجون يقف على ساق واحدة ويترنح )
استراجون : أتظن أن الله يرانا ؟
فلاديمير : يجب أن تغمض عينيك .
( استراجون يغمض عينيه .. يترنح بشكل أسوأ مما سبق )
استراجون : ( يتوقف ، يشهر قبضتيه ، ويصيح ) فليرحمنى الله ..
فلاديمير : وأنا ..
استراجون : ( كما من قبل ) أنا .. أنا .. فليرحمنى أنا ..
( يدخل بوزو وهو الآن أعمى ، ولاكى .. لاكى محمل بالمتاع كما كان من قبل .. الحبل معلق بعنقه ولكن أقصر مما سبق حتى يسهل على بوزو أن يتبعه .. يرتدى لاكى قبعة من نوع مختلف . يتوقف عند رؤية فلاديمير واستراجون . بوزو يستمر فى سيره ويصطدم به )
فلاديمير : جوجو .
بوزو : ( يتعلق بلاكى الذى يهتز فى وقفته ) ما هذا ؟ من هذا ؟
( يسقط لاكى على الأرض ويسقط معه متاعه ويجذب بوزو معه .. يبقيان ممددين على الأرض بلا حراك وسط المتاع المبعثر )
استراجون : هل هو جودو ؟
فلاديمير : أخيراً ( يذهبان إلى حيث يشير بوزو ) المدد أخيراً .
بوزو : النجدة .
استراجون : هل هو جودو ؟
فلاديمير : كنا على وشك أن نضعف . أما الآن فسوف نقضى الأمسية حتى نهايتها .
بوزو : النجدة .
استراجون : هل تسمعه ؟
فلاديمير : لم نعد وحدنا ننتظر الليل ، ننتظر جودو ، ننتظر .. ننتظر .. لقد ناضلنا طوال المساء بلا عون من أحد أما الآن فقد قُضى الأمر . لقد أتى الغد .
بوزو : النجدة .
فلاديمير : الوقت يمضى . والشمس سوف تذهب وسوف يطلع القمر ، وسنذهب بعيداً .. عن هنا .
بوزو : وا حسرتاه .
فلاديمير : يالبوزو المسكين .
استراجون : عرفت إنه هو .
فلاديمير: من ؟
استراجون : جودو .
فلاديمير : ولكن هذا ليس جودو .
استراجون : ليس جودو ؟
فلاديمير : ليس جودو .
استراجون : من هو إذن ؟
فلاديمير : إنه بوزو .
بوزو : إنى .. إنى .. ساعدانى على النهوض .
فلاديمير : لا يستطيع أن ينهض .
استراجون : فلنذهب .
فلاديمير : لا نستطيع .
استراجون : لماذا ؟
فلاديمير : إننا فى انتظار جودو .
استراجون : آه .
فلاديمير : ربما أعطاك عظمة أخرى .
استراجون : عظمة ؟
فلاديمير : دجاجة .. ألا تذكر ؟
استراجون : هل هو ذاك ؟
فلاديمير : أجل .
استراجون : سله .
فلاديمير : ربما كان علينا ان نساعده أولاً .
استراجون : فى أى شيء ؟
فلاديمير : فى النهوض .
استراجون : ألا يستطيع أن ينهض ؟
فلاديمير : إنه يريد أن ينهض .
استراجون : إذن دعه ينهض .
فلاديمير : لا يستطيع .
استراجون : لماذا ؟
فلاديمير : لست أدرى .
( بوزو يتلوى ويئن ويضرب الأرض بقبضته )
استراجون : علينا أن نسأله عن العظمة أولاًُ .. فإذا رفض الإجابة تركناه فى مكانه .
فلاديمير : تعنى أن نبقيه تحت رحمتنا ؟
استراجون : أجل .
فلاديمير : وأن نخضع مساعينا الحميدة لظروف معينة .
استراجون : أجل .
فلاديمير : هذا عمل ذكى حقاً .. ولكننى أخاف من شيء واحد .
بوزو : النجدة .
استراجون : ما هو ؟
فلاديمير : قد ينهض المدعو لاكى فجاة ويهجم علينا .
استراجون : لاكى ؟
فلاديمير : هو الذى هجم عليك بالأمس .
استراجون : قلت لك كانوا عشرة .
فلاديمير : لا ، قبل ذلك ، ذاك الذى ضربك بقدمه ..
استراجون : هل هو هنا ؟
فلاديمير : موجود وجود الحياة نفسها ( يشير إلى لاكى ) إنه الآن ساكن لا يتحرك ، ولكنه قد ينقلب علينا فى أى لحظة ..
بوزو : النجدة ..
استراجون : ماذا لو أعطيناه نحن الإثنين علقة ساخنة ؟
فلاديمير : أتعنى لو هجمنا عليه وهو نائم ؟
استراجون : أجل ..
فلاديمير : فكرة طيبة حقاً .. ولكن هل نستطيع .. هل هو نائم فعلاً ! ( فترة صمت ) كلا ، أفضل شيء هو أن نستفيد من طلب بوزو للمعونة .
بوزو : النجدة .
فلاديمير : أن نساعده ....
استراجون : نساعده هو ؟
فلاديمير : لقاء تعويض محدد .
استراجون : وافرض إنه ....
فلاديمير : لا تدعنا نضيع وقتنا فى نقاش لا جدوى من ورائه ( فترة صمت . بعنف ) دعنا نفعل شيئاً بينما الفرصة أمامنا .. إن الحاجة إلينا لا تظهر كل يوم .. إنما هى فى الحق ليست حاجة إلينا شخصياً ، فقد يقوم أناس آخرون بدورنا مثلنا تماماً وربما أفضل .. إن هذه الصيحات التى تستصرخنا والتى ما زالت تدوى فى آذاننا ، موجهة إلى البشرية كلها .. ولكن فى هذا المكان ، وفى هذه اللحظة من الزمان ، تتمثل البشرية كلها فينا سواء رضينا أو لم نرض .. دعنا نستفيد من الفرصة قبل أن تضيع منا .. دعنا نمثل مرة واحد وبطريقة تدعو للإحترام هذا الجنس الكريه الذى أسلمنا إليه قدر قاس .. ماذا تقول ؟ .. ( استراجون لا يقول شيئاً ) الحق إنه إذا ما تدبرنا الأمر وحسبنا ما لنا وما علينا وجدنا إننا مصدر فخار للجنس البشرى . فالنمر يهب لمساعدة أقرانه بلا أقل تفكير ، وإلا لانزوى خزياً فى أعماق أحراشه .. ولكن ليست هذه هى المسألة ، فالمسألة هى أى شيء نفعل هنا . ومن نعم الله علينا أننا نعرف الإجابة على هذا الموضوع . أجل ففى خضم هذا الإضطراب العظيم لا يتضح إلا شيء واحد فقط ..إننا نبقى هنا فى انتظار مجئ جودو .
استراجون : آه .
فلاديمير : أو فى انتظار حلول الليل ( فترة صمت ) لقد التزمنا بموعدنا ، ويجب أن نضع حداً لهذا الأمر ، لسنا من القديسين ولكننا إلتزمنا بموعدنا . كم من الناس يحلمون بمثل هذا .
استراجون : ملايين .
فلاديمير : أتظن ذلك ؟
استراجون : لست أدرى .
فلاديمير : قد تكون على حق .
بوزو : النجدة .
فلاديمير : الأمر المؤكد هو أن ساعات الإنتظار ، فى هذه الظروف ، طويلة ، وهى تلزمنا أن نتفاداها بأفعال من شأنها – ماذا أقول – أن تبدو لأول وهلة منطقية ثم ينتهى بها الأمر أن تصبح عادة . ولك أن تقول إنها تمنع عقولنا من أن تتهاوى . بدون شك . ولكن ألم يضل العقل البشرى طريقه وهو يتعثر فى ليل لا آخر له وفى هوة لا قرار لها ؟ .. هذا ما يدهشنى فى بعض الأحيان . هل تفهمنى ؟
استراجون : ( بحكمة ) كلنا نولد مجانين . والبعض يبقى كذلك .
بوزو : النجدة .. سوف أدفع لكما ..
استراجون : كم ؟
بوزو : شلنان .
استراجون : ليس كافياً .
فلاديمير : لا أوافق على هذا الأمر .
استراجون : أتظن إنى .....
فلاديمير : كلا لا أعنى هذا ، بل أعنى إننى أؤكد إننى كنت أعانى من تعب عقلى عندما جئت إلى هذا العالم . ولكن ليست هذه هى المسألة .
استراجون : خمس شلنات ..
فلاديمير : إننا فى الإنتظار . لقد استبد بنا الملل ( يلوح بيده ) كلا ، لا تعترض ، إن الملل يكاد يقتلنا ، وما من سبيل لإنكار ذلك . حسناً . ثم يتصادف أن نجد شيئاً يروّح عن نفوسنا فماذا نفعل ؟ ندع الفرصة تضيع . هيا بنا نعمل ( يتقدم فى اتجاه الكومة ، ويتوقف ) بعد لحظة واحدة سيختفى كل شيء ونجد أنفسنا وحيدين مرة أخرى . وسط الخواء !
( يتأمل فى كآبة )
بوزو : شلنان .
فلاديمير : نحن قادمون .
( يحاول أن يرفع بوزو على قدميه ، ويفشل فى المحاولة ، ويحاول من جديد فيعثر ويسقط ، ويحاول أن ينهض ولكنه يخفق )
استراجون : ما الذى حدث لكم جميعاً ؟
فلاديمير : النجدة .
استراجون : إننى ذاهب .
فلاديمير : لا تتركنى .. سوف يقتلوننى ..
بوزو : أين أنا ؟
فلاديمير : جوجو .
بوزو : النجدة .
فلاديمير : النجدة .
استراجون : إننى ذاهب .
فلاديمير : ساعدنى أولاً ثم نمضى معاً .
استراجون : هل تعدنى ؟
فلاديمير : أقسم على ذلك .
استراجون : ولن نعود أبداً ؟
فلاديمير : أبداً .
استراجون : سوف نذهب إلى جبال البرانس .
فلاديمير : إلى أى مكان تشاء .
بوزو : عشر شلنات .. جنيه .
استراجون : تمنيت دائماً أن أتجول فى جبال البرانس .
فلاديمير : سوف تتجول فيها .
استراجون : ( متراجعاً ) من الذى تجشأ ؟
فلاديمير : بوزو .
بوزو : إلىّ .. إلىّ .. واحسرتاه .
استراجون : شيء مقزز .
فلاديمير : أسرع .. أعطنى يدك .
استراجون : إننى ذاهب ( فترة صمت .. بصوت أعلى ) إننى ذاهب .
فلاديمير : حسناً ، أظن إننى سوف أنهض فى نهاية الأمر بنفسى ( يحاول ويفشل ) عندما يحين الوقت .
استراجون : ماذا أصابك ؟
فلاديمير : إذهب إلى الجحيم .
استراجون : هل ستبقى هنا ؟
فلاديمير : فى الوقت الحالى .
استراجون : هيا وانهض ، ستصاب بالبرد .
فلاديمير : لا تقلق علىّ .
استراجون : هيا يا ديدى . لا تكن عنيداً .
( يمد يده التى يمسك بها فلاديمير فى سرعة )
فلاديمير : شد .
( استراجون يجذب ، ويتعثر ، ويسقط ، صمت طويل )
بوزو : النجدة .
فلاديمير : لقد وصلنا .
بوزو : من أنتما .
فلاديمير : رجلان .
( صمت )
استراجون : أيتها الأرض .. أيتها الأم الحبيبة ..
فلاديمير : هل تستطيع أن تنهض ..
استراجون : لست أدرى .
فلاديمير : حاول .
استراجون : ليس الآن ، ليس الآن .
( صمت )
بوزو : ماذا حدث ؟
فلاديمير : ( بعنف ) ألا تكف عن هذا أيها المشاغب .. إنه لا يفكر إلا فى نفسه ..
استراجون : ما رأيك فى غفوة صغيرة ؟
فلاديمير : هل سمعته ؟ إنه يريد أن يعرف ماذا حدث .
استراجون : لا تعبأ به .. نم ..
( صمت )
بوزو : وا حسرتاه .. وا حسرتاه .
استراجون : ( فجأة ) ما هذا ؟
فلاديمير : هل كنت نائماً ؟
استراجون : لا بد إننى نمت ..
فلاديمير : هذا اللقيط بوزو يعاود الكرّة من جديد .
استراجون : قل له أن يكف عن هذا . اضربه بين ساقيه .
فلاديمير : ( يضربه ) ألا تكف عن هذا أيها الأحمق ! ( بوزو يخلص نفسه وهو يصيح بألم ويزحف بعيداً .. يتوقف بين حين وآخر ويشيح بوجهه فى الهواء طالباً المعونة . يرتكز فلاديمير على مرفقه ويراقب انسحابه ) لقد مضى ( ينهار بوزو ) لقد سقط ..
استراجون : ماذا نفعل الآن ؟
فلاديمير : ربما أمكننى أن أزحف إليه .
استراجون : لا تتركنى .
فلاديمير : أو أنادى عليه .
استراجون : نعم ناد عليه .
فلاديمير : بوزو ( صمت ) بوزو ( صمت ) لا يجيب .
استراجون : معاً ..
استراجون وفلاديمير : بوزو .. بوزو ..
فلاديمير : لقد تحرك .
استراجون : هل أنت واثق أن اسمه بوزو ؟
فلاديمير : ( منزعجاً ) مستر بوزو .. عد إلينا .. لن نمسك بسوء .
( صمت )
استراجون : يمكننا أن نجرب معه أسماء أخرى .
فلاديمير : أخشى أن أقول إنه يحتضر .
استراجون : سيكون ذلك ممتعاً .
فلاديمير : أى شيء ذلك الذى سيكون ممتعاً ؟
استراجون : أن نجرب معه أسماء أخرى .. اسماً بعد الآخر .. سوف يعين ذلك على قضاء الوقت .. ولا شك اننا سوف نصل إلى الإسم الصحيح إن آجلاً أو عاجلاً ..
فلاديمير : قلت لك أن اسمه بوزو .
استراجون : سوف نرى حالاً ( يفكر ) هابيل .. هابيل ..
بوزو : النجدة ..
استراجون : أصبت من أول مرة .
فلاديمير : بدأت أضيق بهذه الفكرة .
استراجون : ربما كان الآخر يدعى قابيل ( ينادى ) قابيل .. قابيل ..
بوزو : النجدة .
استراجون : إنه البشرية كلها .. ( صمت ) أنظر إلى السحابة الصغيرة ..
فلاديمير : ( يرفع عينيه ) أين ؟
استراجون : هناك .. فى كبد السماء .
فلاديمير : حسناً . ( فترة صمت ) أى شيء عجيب فيها ؟
( صمت )
استراجون : دعنا ننتقل الآن إلى شيء آخر ، هل تمانع ؟
فلاديمير : كنت على وشك أن أقترح ذلك .
استراجون : ولكن إلى أى موضوع ؟
فلاديمير : آه ..
( صمت )
استراجون : ماذا لو نهضنا ، كنقطة بداية ؟
فلاديمير : لا بأس من المحاولة .
( ينهضان )
استراجون : لعب أطفال .
فلاديمير : مسألة قوة إرادة بمنتهى البساطة .
استراجون : والآن ؟
بوزو : النجدة .
استراجون : هيا بنا نمضى .
فلاديمير : لا نستطيع .
استراجون : لماذا ؟
فلاديمير : إننا فى انتظار جودو .
استراجون : آه ( فترة صمت .. بيأس ) ماذا نصنع .. ماذا نصنع ..
بوزو : النجدة .
فلاديمير : ما رأيك لو ساعدناه ؟
استراجون : ماذا يريد ؟
فلاديمير : يريد أن ينهض .
استراجون : إذن لماذا لا يفعل ؟
فلاديمير : إنه يريد من أن نساعده فى النهوض .
استراجون : ولم لا نفعل ؟ ماذا ننتظر ؟
( يرفعان بوزو ، ويتركانه فيسقط )
فلاديمير : لا بد أن نمسك به ( يرفعانه مرة أخرى ، بوزو يتهاوى وذراعاه حول رقبتيهما ) عليه أن يعاود الوقوف ( لبوزو ) كيف حالك ؟
بوزو : من أنتما ؟
فلاديمير : ألا تعرفنا ؟
بوزو : إنى أعمى .
( صمت )
استراجون : ربما أمكنه أن يتنبأ بالمستقبل .
فلاديمير : منذ متى ؟
بوزو : كان بصرى سليماً – ولكن أأنتم أصدقاء ؟
استراجون : ( يضحك عالياً ) يود أن يعرف ما إذا كنا أصدقاء !
فلاديمير : كلا ، ما يعنيه هو ما إذا كنا أصدقاءه .
استراجون : وفى هذه الحالة ؟
فلاديمير : لقد أثبتنا أننا صديقاه ، بمساعدتنا له .
استراجون : تماماً . هل كنا نساعده لو لم نكن صديقاه ؟
فلاديمير : ربما .
استراجون : هذا صحيح .
فلاديمير : لا تدعنا نختلف على هذا الأمر الآن .
بوزو : لعلكما قاطعى طريق ؟
استراجون : قاطعا طريق ؟ هل نبدو كقاطعى الطرق ؟
فلاديمير : ألا ترى أن الرجل كفيف ؟
استراجون : صحيح . ( صمت ) أو هذا ما يقول .
بوزو : لا تتركانى .
فلاديمير : تأكد أننا لن نتركك .
استراجون : فى الوقت الحالى .
بوزو : كم الساعة ؟
فلاديمير : ( يتفحص السماء ) السابعة .. الثامنة .
استراجون : هذا يتوقف على أى فصل من فصول السنة نمر به .
بوزو : هل جاء الغروب ؟
( صمت يتفحص فلاديمير واستراجون مغيب الشمس )
استراجون : يبدو كأن الشمس تشرق بالعكس .
فلاديمير : مستحيل .
استراجون : ربما كان هذا هو الفجر .
فلاديمير : لا تكن أبله .. هذا هوالغروب ..
استراجون : من أين لك أن تعرف ؟
بوزو : ( متعباً ) هل حل المساء ؟
فلاديمير : إنه لم يتحرك من مكانه على أى حال ..
استراجون : أقول لك إن الشمس تشرق .
بوزو : لماذا لا تجيبان ؟
استراجون : أعطنا مهلة .
فلاديمير : ( مؤكداً ) الوقت مساء يا سيدى ، الوقت مساء والليل يقترب . صديقى هنا يريد منى أن أشك فى الأمر ، وإننى أعترف إنه نجح فى أن يهز اعتقادى لحظة من الزمن ولكن قضائى هذا اليوم الطويل لن يضيع سدى ، وأستطيع أن أؤكد لك أن هذا اليوم يدنو من نهايته ، كيف حالك الآن .
استراجون : إلى متى يجب علينا أن نحمله ؟ ( يتركانه شيئاً ما ، ويسرع بالإمساك به إذ يتهاوى ) لسنا أعمدة ..
فلاديمير : كنت تقول أن بصرك كان جيداً ، لو إننى لم أخطئ فى الإستماع إليك .
بوزو : رائع .. بصر رائع .. رائع .
( صمت )
استراجون : ( مستثاراً ) إشرح .. إشرح ..
فلاديمير : دعه وشأنه .. ألا ترى إنه يفكر فى الأيام التى كان فيها سعيداً ؟ ( فترة صمت ) لا بد أن هذا كان أمراً سيئاً .
استراجون : لا يمكننا أن نعرف .
فلاديمير : ( لبوزو ) وقد حل بك هذا الأمر فجأة ؟
بوزو : رائع تماماًَ .
فلاديمير : إننى أسألك إذا ما كان هذا الأمر قد حل بك فجأة .
بوزو : استيقظت فى صباح يوم جميل فوجدت نفسى ضريراً مثل الحظ ( فترة صمت ) أفكر فى بعض الأحيان فيما لو كنت مستغرقاً فى النوم .
فلاديمير : متى كان ذلك ؟
بوزو : لست أدرى .
فلاديمير : ولكن بالأمس فقط ..
بوزو : لا تسألنى .. ليس لدى الأعمى إدراك للزمن . كذلك فإن متعلقات الزمن خافية عليه أيضاً .
فلاديمير : تصور .. كان بإمكانى أن أقسم على عكس ذلك .
استراجون : إننى ذاهب .
بوزو : أين نحن ؟
فلاديمير : لا أستطيع أن أخبرك .
بوزو : أظننا فى مكان يُعرف باسم " البورد "
فلاديمير : لم أسمع عنه .
بوزو : كيف يبدو المكان ؟
فلاديمير : ( ينظر حوله ) لا يمكن وصفه ، هو يشبه لا شيء ، لا يوجد شيء ، هناك شجرة .
بوزو : إذن فنحن لسنا فى البورد .
استراجون : ( متراخياً فى وقفته ) بعض الترويح ..
بوزو : أين خادمى ؟
فلاديمير : فى مكان ما ..
بوزو : لماذا لا يجيب عندما أنادى عليه ؟
فلاديمير : لست أدرى .. يبدو إنه مستغرق فى النوم .. وربما مات .
بوزو : ماذا حدث بالضبط ؟
استراجون : بالضبط ..
فلاديمير : لقد انزلقتما معاً ، ( فترة صمت ) وسقطتما على الأرض .
بوزو : إذهب وتأكد إن كان قد أصيب .
فلاديمير : ولكننا لا نستطيع أن نتركك .
بوزو : لستما بحاجة إلى لأن تذهبا معاً .
فلاديمير : ( لاستراجون ) إذهب أنت .
استراجون : بعد ما فعله بى ؟ مستحيل .
بوزو : نعم ، نعم ، دع صديقك يذهب فرائحته كريهة ( صمت ) ماذا ينتظر ؟
فلاديمير : ماذا تنتظر ؟
استراجون : أنتظر جودو .
فلاديمير : ماذا عليه أن يفعل بالضبط ؟
بوزو : حسناً ، يمكنه أن يجذب الحبل بأقصى ما يريد من قوة ، طالما لا يخنق أنفاسه . إنه فى العادة .. يستجيب لهذا الأمر ، وإلا فعليه أن يذيقه طعم حذائه فى الوجه أو فى البطن إلى أبعد ما يستطيع .
فلاديمير : ( لاستراجون ) أرأيت ، ليس هناك ما تخشاه .. وإنها كذلك فرصة لتنتقم فيها لنفسك ..
استراجون : وإذا دافع عن نفسه ؟
بوزو : لا ، لا ، إنه لا يدافع عن نفسه أبداً .
فلاديمير : سوف أسرع لإنقاذك ..
استراجون : لا ترفع عينيك عنى .
( يذهب إلى لاكى )
فلاديمير : تأكد من إنه حى قبل أن تبدأ .. لا جدوى من إرهاق نفسك إذا كان ميتاً .
استراجون : ( ينحنى على لاكى ) إنه يتنفس .
فلاديمير : إذن عليك به .
( يبدأ استراجون فى ضرب لاكى بقدمه فى غضب مفاجئ .. ويوجه له السباب وهو يفعل ذلك ولكنه يصيب قدمه .. ويتحرك بعيداً عنه وهو يصرخ ويئن .. لاكى يتحرك )
استراجون : أوه .. الحيوان .
( يجلس على الكومة ويحاول أن يخلع حذاءه ، ولكنه سريعاً ما يقلع عن المحاولة ويتهيأ للنوم ، واضعاً ذراعيه على ركبتيه ورأسه على ذراعيه )
بوزو : ماذا حدث الآن ؟
فلاديمير : لقد أصيب صديقى فى قدمه .
بوزو : ولاكى ؟
فلاديمير : إذن فهو نفسه ؟
بوزو : ماذا ؟
فلاديمير : أهو لاكى ؟
بوزو : لا أفهم .
فلا