![]() |
قررتُ أن أدخن .. - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5) +--- المنتدى: لغـــــــة وأدب (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=78) +--- الموضوع: قررتُ أن أدخن .. (/showthread.php?tid=25380) الصفحات:
1
2
|
قررتُ أن أدخن .. - نزار عثمان - 08-25-2005 غالبا ما استعذت بنفسي من شيطان نفسي حينما ينفلج لسان حاله محرضاً لدخول "ساحة لغة وأدب" كاتباً، ولطالما قهرت وسواسه الخناس، وأودعته دار القرار في محاولات (( أدبية% )) سريعة بساحة "قضايا إجتماعية، لم تلبث بعد هنيهة أن تتحول عدما .. هشيما تذروه ريح الإدارة - بتبليغ من الكاتب طبعا - إلى ما وراء النور .. "ساحة فكر وأدب" غالباً ما أقلقتني... أحببت الأدب منذ الصغر، لم أقرأه كثيرا.. أحببته كحلم، وعودت أحلامي وكانت الأيام خير معين، على عدم التحقق اختياراً، لا لشئ، إلا لخوفي من حلم قد لا يُحَقق ... لكن هذا لا يعني أنني أحببت الكتّاب والشعراء، فنظرتي لهم لم تخلُ يوماً من الارتياب، كيف لي أن أقرأ لمرضى الروح الذين هم أكثر الناس خيانة لتجاربهم؟؟ كيف لي أن أؤسر ببليغ بيانهم، وسلسبيل معانيهم، الذي قد أسرهم هو به، وبات وصمة على جبينهم، مدلاً بفصيح ذاته، صائحاً صادحاً، "ويلكم قد أُسرتم بهذيان، وأفضيتم أنفسكم، خفقان قلوبكم، رعشة أجزائكم .. أعضائكم، لسجن ظننتموه إبداعاً، وليتكم كنتم صادقين .. أنتم أسرى بي، وإلى زوال، , أنا السجن، الذي تعمدتم طائعين دخوله، فلتهنئوا بي، ولأستمر برفاتكم" .. لكن الأمر لا يعدو كونه لغة أخاذة، حتى ولو كانت جانية وكانوا ضحية.. وتجارب إنسانية مجبولة من عرق ودم ودموع تُهدر حبراً على ورق.. ما الذي يشدنا إلى الأدب؟؟ أهو الخمول؟؟ التوصل إلى دقائق حقائق الأشياء دون إعمال ذي بال للمتخيلة أو المفكرة؟؟ أهو تفاعل نرجسي يعكس بتجارب الآخرين تجاربنا أو ما نظنه كذلك تصعداً؟ أين الأديب مما قد كتب أمام ناظرينا؟ هوذا ضحية أولى لعيوننا.. وضحية مزدوجة إن كنا نضع نظارات .. لا نرى فيما كتب ما أراد البتة.. نرى أنفسنا فقط.. وأرادنا أن نراه.. شهيد الكلمة ذاك الكاتب.. شهيد تجاربه التي شاهت على ورق.. شهيد اللغة التي أسرته وباتت محرقة لروحه، واستمرارا بشحم ذهنه الذائب .. ونحن ... ماذا نحن؟؟ أعوان للغة فيما ابتغت من جبروت بحق من استخدمها؟ الإيصال المدفوع سلفاً من روحه لأنه تجرأ على المس من جلالتها؟ المقولبون والمتقلبون؟ .. لكن هل اللغة تستحق كل هذا؟ هل اسطاعت يوما نقل ما يعتمل في دخالة نفس أحدهم؟؟ معي لطالما عجزت... لا أعلم إن كان الأمر مع غيري يختلف .. سجن اللغة ضريبته لعنة الروح.. وغالبا ما يكون ثمنه ثلاثين من فضة.. حمى الكتابة تصيبني بين الفينة والأخرى بهذيانها، أتحرق لإفراغ ذلك الجيشان الشعوري الحاد المنذر باستفراغ إشارات رمزية وهمنا جميعاً أنها لغة، ظنأً أنها تصالح، ولم نكن لها إلا ضحية .. الكيبورد خاصتي يعلم تماما عما أتحدث، فهو أول ضحاياي بعدها، ألم رأسه بإثر آلاف الضربات السريعة التي يتناولها صابرا محتسبا من أنامل ولدت للعمل في التراب، بات خبزاً يومياً، صلة وصل .. ذات معبرة عن ذاتها.. الكيبورد خاصتي لساني، و"السكرين" عيني، الـ"مازر بورد" قلبي الخافق، ويلتاه كم أنا ناكر للجميل، حواسي الخمس، لا أشعر بها إلا عند اعتلالها، أرى ,اسمع .. أتكلم أكتب.. أحب أكره .. أغضب أسعد .. أتلظى أذوب .. كل هذا بحواسي الخمس.. هل تنبهت لها يوماً أو شكرت؟؟ وهل لشكر العدو من سبيل!!! بطولة ما بعدها بطولة، أن نخطئ، جميل هو الخطأ إن تصاحب مع الأمل... البطولة، الأمل غريبان عني وعن كل إنسان، لم ولن يكونا لنا كل بمفرده، إنهما كيانان .. مفهومان بعيدان يسلبان هويتي وهوية كل من قد يحملهما ولو بجزء بسيط من ذاته .. لم يتعلقا إلا بالآخر.. نعم لا بد لهما من فعل، لكن حتى فعلهما أسير لنظرة الأخر وتقديره وفق ما يحيط من موضوعي ومن ثم ذاتي .. القتل قتل .. هو جريمة وبطولة في آن .. الإرهاب إرهاب .. هو حق دفاع عن النفس وإبادة بالمجان .. الأمل لعنة التغيير ممزوجة بهستيريا الـ "ماذا لو" .. مراهقة وانعدام نضج.. معركة في ميدان خفي .. الكل يتنافس حتى على الاوكسيجين .. في أمل لينال نصيباً أوفر ... الخطأ !!! من يجرؤ أن ينافسني على خطأي؟؟ خطأي ملكي .. أصدق تعبير عني كإنسان .. بطولتي هي الخطأ .. أملي أن أبقى كذلك .. بذا وعليه أبدأ التدخين تحياتي (f) ______ (%) تقصدت وضع إشارة (*) لأقول "هع".. فلزلة كيبوردية تبدت أمام ناظري (%) .. تركتها احتراماً لحقها بالوجود .. :10: قررتُ أن أدخن .. - نزار عثمان - 08-25-2005 إستوقفتني هنيهة وأنا أشرع بالبدء حائرا ما بين ارتشاف الشاي الذي اكفهر وعبط وأسود وباتت حرقته لاذعة من الكوب المعوج خاصتي، -ولي معه حكاية .. أعود إليها إن تذكرت - وما بين السيجارة التي تلقفتها كأخواتها الضامرات بين أصابعي، منفضة السجائر، وما بين استجلاب الكلمات الهاربة لأكون أسيرها، ولما أنظم أي أفكار، كلمة "الإبهام".. ومن ثم كلمة برنتها وموسيقاها ووقعها كسابقتها "الإيهام".. طبعا الأولى تعتبر مشترك لفظي مع الأصبع المعروف، وطالما لم تعنِ غير هذا الإصبع فلا تعنيني، أما لو قُدر لها أن تعني غيره، لكان لها وزنها والثقل، على كل حال .. فأنا أعني بها – على تعدد معانيها التي قد تنال حظا من البهيمية أيضا – تلك التي تحمل في طياتها معنى المبهم أي وربما غير الواضح، أعود لـ"لإبهام"، ومنها لأختها "الإيهام" .. ولتسلم "إلهام" وأختها "هيام" أينما حلتا ووطأتا أهلا أو جبلاً(*) .. "إبهام" وتوحي بالغموض والستر وانعدام الوضوح والتعمية، الذي قد يصل بالمرء الواقع في براثنها إلى حالة من كد الذهن دونما نتيجة منطقية فعالة فعلية مستفعلة، وغالبا ما ينتهي به الأمر مستسلما يعانق ما بين سبابته ووسطاه – نكاية بـ"الإبهام" (الإصبع.. فقط ) - سيجارة تذوب بحنان بين إصبعيه المذكورين آنفاً، ولا أعيد.. وهو يعزي النفس مستعليا بلبدة منسوجة من عيدان الهواء.. بأن لا هزيمة في البين.. وأين هي الهزيمة التي قد تتأتى من "الإبهام"(**)؟؟ فالاعتراف بالهزيمة أمام "الإبهام" خطورة ما بعدها خطورة، إذ أن "إبهام" لها من الزئبقية كل القدرة والطاقة والوسع، لتبدي أمام ضحيتها البراءة، ولتُظهر بالمقابل أن هزيمته هو من سببها، والمسؤولية تقع على عاتقه، وبالتالي فلم تكن إلا نتيجة واضحة لمقدمة ظاهرة من "الإبهام"، وعليه فلو كان المختار فعلا .. ولو جدّ وتعب بمستوى ما تستحقه "إبهام" لوجد جنات عدن تجري من تحتها الإنهار، ولا يجهلن أحد على "الإبهام" فتجهل فوق جهل الجاهلين!!.. و"إبهام" هذه .. لم يُختر لها تلك الوظيفة.. بمعنى لم تفطر عليها.. بل نالت ذاك العرش القائم والمستقل بقراءة متأنية واعية ذكية للبنى الأولية المؤسسة لذاتها،.. وبالتالي لميحط الالتقاء مع حروف العلة والجر .. أما علاقة "إبهام" مع "السكون" فهي غالبا ما تكون علاقة إشكالية جدلية، مؤطرة في حالة إنزلاق دائم ... فـ"إبهام"، ولو أوحت أساسا في مظهرها الودي ذي السمات الضبابية غير المحددة ولا المحدودة، بأنها أشبه ما تكون بالـ"السكون" فهي تحتوي بذاتها سمقاً من الحركة والغليان الداخلي المفترس، وبالتالي فنقيضها الأساس هو "السكون"، ولما كان السكون رافضا طبيعياً للحركة، فلم يتأت لـ"إبهام" من مورد عليه، إلا أن تسمه بالـ"نصب" .. وبالتالي ومع كون السكون ضحية جاهزة بطبعه، لم تجد منه إلا السكون.. يأتي الحديث عن "إيهام" مع السيجارة الثانية تحياتي (f) _________ (*) لم تعتَدا سهلا أبدا (**) هع بدون % :23: قررتُ أن أدخن .. - نزار عثمان - 08-25-2005 سؤال مر بخاطري ذات مساء، وها هو يعاودني مع شرارة النار التي أضرمت سيجارتي، :"لم عمد العرب في الحقبة التي تم وسمها بالجاهلية لوأد البنات؟؟".. أهو حقاً ما تناقلته لنا الألسن من السبحة المعروفة والأسطوانة المشروخة لكثرة إعادتها؟ أم هناك أمر أعمق.... لما الإسلام فرض الحجاب على المرأة؟؟ أهو في سبيل وقايتها من هجير الصحراء.. أو غير ذلك.. أم أن هناك أمر أعمق؟؟ ثم لما الإله بنظر من يؤمن بوجوده لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار؟ لما كل هذا التخفي؟ .. وهنا ومن خلال تلك الاستفسارات الناتجة عن لذعة الشاي الذي بات متفحم اللون من سواده، وما زلت مثابراً على شربه لآخر قطرة.. تطرح الـ"إيهام" نفسها بأبرز صورها .. إنها العمق المؤسس للذات .. وكل عميق ينحو إلى التخفي، الموؤدة جمال.. الأنثى جمال.. الخالق بعرف المؤمنين به جمال .. وهنا لزوم التخفي للجمال، الحق المكتسب الحصري هو المؤسس الاول لفعل الاخفاء، القناعة الراسخة بالعمق الوجداني للشخص بامتلاكه الحقيقة المطلقة، هي المؤسس لفعل الاخفاء .. الموؤدة تُدفن .. لا حق لأحد بجمالها إلا من امتلكها ... تُدفن ثمنا لجمالها .. المرأة تُدفن بوأد ذي سمات أخرى.. لماذا؟؟ لا حق لأحد بجمالها الا من امتلكها... الإله الذي لا تدركه الأبصار ... يُدفن بوأد مختلف هو الآخر .. لماذا؟؟ لأنه بعرف المؤمنين به جمال ... ولا يمكن لأحد أن يرى نور جماله إلا من امتلكه... تصوفا عرفانا او في الآخرة ... ثقافة كاملة أنشأتها السيدة "إيهام".. ثقافة الدفن و"الايهام" .. "ايهام" هذه امتدت مذ أول موؤدة دفنت بعنوان العار .. لدفن الجمال... "ايهام" هذه تحتكر الحق لصاحب القدرة لتجيز له ما لا يجوز لغيره... والأجمل في "إيهام" أنها تخدم سيدها صاحب الحول والطول خدمة كبرى، فهي قميص من السهل جدا أن يُلبس لمن يضحي قاب قوسين أو أدنى من حرم الجمال الموؤد.. "إيهام" تتعدد بها الوجوه، ويبقى مبدأي "الدفن" و"الجمال" لهما من الحضور فيها الحصة الأمثل .. والدافع هو الحق الحصري المحتكر ... أيلزم هذا الحق دفناً؟؟ - نعم .. فلندفن .. والملجأ الآمن هو الإيهام .. ثقافة الايهام المسكوت عنها أصابتنا حتى دمائنا .. الحرية .. المنطق .. الاختيار .. الارادة .. الوجود ... التعبير .. حقوق إن وافقت حقوقنا ... إن وافقت الحق المفصل على قياسنا باعتبار الموروث والمقعد .. أما إن خالفت فالويل والثبور للمخالف .. ولتهنأ "إيهام" في ملكوتها .. تحياتي (f) قررتُ أن أدخن .. - نزار عثمان - 08-28-2005 على إثر ليلة مفعمة بالكوابيس، قررت في الصباح أن أستيقظ، وكلام الليل يمحوه النهار.. بحثت عن علبة سجائري ذات اليمين وذات الشمال، إلى أن بانت سعاد في فجوة ما بين صفين من الكتب، يحنوان عليها بانحناءة عاطفة، وتنوء ضائقة بثقلهما القاطع للأنفاس.. سارعت إلى سجائري عضاً بالنواجذ وأخذاً بالرقاب.. ولما كان الحين صباحاً، قررت بفعل خياني سافر.. وبكل ضيق ذرع أن أعلن استغنائي عن الشاي الذي اسود وعبط على ما قدمت .. وأشرب القهوة... أصدقكم .. شعرت بانتصار لذاتي، فالشاي لو قدر له اعترافاً لصاح بكل حنايا نفسه، من قلب القلب:"أأنا رخيص لديك إلى هذه الدرجة؟؟" .. لكن ولأنه عزيز نفس.. وكبير روح، يعشق ذاته كعشقي ذاتي، كعشق الله ذاته، لم يعتد إفصاحاً حتى أمام ذاته عما يختلج بها، الحسرة والندم يتآكلانه، الحب الممزوج بالعتب، وربما الحنق بات يحرق دخيلة نفسه علي، على قراري العبثي.. شعرت بهذا، فاختياري لسواه حطم ركناً من اعتداده بنفسه، وهو الذي لطالما تبدى مفتخراً بلذعته المحببة المتميزة عن جميع الأشربة، هذه اللذعة التي دأبتُ دوما على مدحها فيه، والتغزل بها.. حتى اعتادها مني، وركن واطمئن إلى أن بديلاً لن ينال حظوته، ولن يتطاول إلى مرتبته، أو يحصل على ما له من درجة.. ثم وفجأة.. وبقرار غير مسبوق، تلك العلاقة الوطيدة، والتعاضد(*) الحاصل بيني وبينه.. الذي بات تلازما صباح مساء.. انتهى.. الحرقة تنهش قلبه، .. لا أنكر .. لكن الابتسامة المتعالية، ما غادرت ثغره.. ما استطاع يوما الظهور بِسِمَةِ الضعف .. لذعته المحببة لما تزل هي هي، لا استغناء له عنها .. وإن فعل .. خسر كل ذاته، وأهرقها عطرا فواحا.. حتى أنا الذي اخترت سواه ما كنتُ لأرغب بأن يخسر تلك اللذعة، ولن يخسرها يوماً.. آمنتُ بهذا، ولا زلت .. كل ما تبدى منه مضافاً إلى الابتسامة تلك، نظرة عتاب، وكلمة بسيطة.. "لن أكون مُختاراً كمثلك" .. هي جملة نمّت عن أبعاد ثلاثة اشتعلت بذاته .. الأول: لعنة الـ"إما" "أو" التي كان ضريبتها، وضحيتها دونما أي اختيار منه، .. نعم لقد كان شهيد الـ"إما" "أو".. الثاني: إدانة الاختيار، والترفع عنه، بسمو ذات غير مسبوق.. الثالث: روح الاحتضار اللاذعة، التي ما كانت لتترك فرصة إظهار ذلك العتب، تلك النظرة المنكسرة، التي لن تغادر ذاكرتي يوماً، ولن استطع لها نسيانا.. طبعا على علم منه بهذا، وفهم .. فلم يكن غبيا يوما، لطالما اشتعل الخبث الطفولي بذاته، وانعكس بلذعاته المحببة .. تقصد ترك تلك النظرة لتعتمل بذاتي ندما، وتأنيباً، وحرقة على أيام خوالي.. لكن .. هل باختياري للقهوة بدلاً من الشاي كنت موفقاً؟؟.. هل سأندم ولو لهنيهة على ما فعلت؟؟ اللعنة على تلك الصنارة التي ما كنت يوماً أحتاجها لتتفاعل فيّ الذات انكسارا بانكساره، وشفقة على استعلائه الفائض بالمرارة .. هل حدثت نفسي قبل اختياري العبثي ما إن كان معداً للاستقلال؟ هل اختبرته قبل تركه يلوك نفسه متحسراً؟ الاختيار لعبة .. لكنه اللعبة الأخطر في يدي .. ويد كل إنسان، يبني.. يفكك، يشيد .. يهدم، يؤسس .. يُعدم، أنا شاهده، نحن شهوده.. هل أعطيتُ الاختيار حقه لأختار؟؟ إنما بالمقابل.. أليس الاختيار إنزواء؟ أليس هو سجن آخر أدخله طائعا، هارباً من سجن آخر غير عابئ بضحايا السجن الأول؟؟ هل سيعبأ بي سجاني في سجني الجديد؟؟ الركون هو ضريبة الاختيار.. الكمون والانزواء هو ثمن تلك الابتسامات الحانية الوضاءة التي لما تزل مشتعلة بالذاكرة .. خطورة ما بعدها خطورة ... الاختيار ممممممممممم .... إنتهى فنجان القهوة .. سأقوم وأغلي كوباً من الشاي .. تحياتي (f) _______ (*) بدون استخدام للأسنان :P قررتُ أن أدخن .. - نزار عثمان - 09-04-2005 قرأت حينا من المراهقة في كاغد جُمع بين دفتين، قصة عن "زعيط" وابنه "معيط" .. "زعيط" قروي بسيط، و"معيط" قد شابه أباه فما ظلم، كان "معيط" راعيا للغنم لا يشق له غبار، نشأت بينه وبين الدواب علاقة من الإلفة والمحبة، فلم يكن ليرتضي يوما هدفا دون أن يحقق طموح العنزة الجربى بالشرب من عين العين، المهم .. أن ذلك التأصل الشعوري، والترابط القيمي، كان يخيل للرائي من خلالهما أن بين "معيط" وبين الدواب علاقة من نسب أو مصاهرة.. غاية القول، أن "معيط" في ترحاله اليومي مع رفاق الدرب والمصير آخى البصل إفطاراً وغداء وعشاء، حتى بات البصل واجب الوجود في الهرم الغذائي لـ"معيط"، إن لم أقل أنه كان هو الهرم الغذائي نفسه، اللهم إلا إن استثنيت الأمومة الرضعية التي جمعته بالبقرة ... بعد ذات هنيهة، وعلى وهن في عظم "معيط" قرر "زعيط" إدخاله الكتّاب.. كان "معيط" يغدو رائحا كل صباح على مضض، ويعود بعد انتهاء الدرس كالبرق لملاقاة الأحبة والأقران.. تتالت الأيام والسنون، واستبدل "معيط" بالغنم الدفتر، وبالكلب الحارس الكتاب، وبالحمار القلم، ولم يزل وفياً لصحبته من ذكرى الأوائل غير البصل، فكان كلما يأكله تجيش به العبرة، وتتساقط دموعه بانهمار لذكرى طوتها الأيام وباتت بمنأى عن الناظر .. ثم ومع مرور الزمن، ولقلة الرجال التي توجب إباحة المحظورات، وتسم الديك بلقب "أبي علي"، ذهب "معيط" في بعثة إلى بلاد الغرب، مودعاً الأهل والأحباب، وذكريات زالت ودرست.. غاب "أبو المعط" لسنوات ثلاث، وعاد للقاء الأهل والصحب، "زعيط" كان قد ملأ الدنيا وشغل الناس زعيطا، كيف لا؟؟ ومن كان ليظن أن معيط سيصل إلى مثل تلك الدرجة... "معيط" عائد .. فلتهتز أعمدة السماء حبوراً، ولتتراقص أوتاد الأرض فرحاً، سارع العجوز لملاقاة الحبيب.. فإذا بخواجا "إفرنجي" يربط عنقه بقماشة سوداء - أحيانا توصف بالرسن -، ولما كانت شمس الطفولة والشباب، ما انفكت تصبغ بشرة "معيط" بلون ثابت، عله يستذكر أصوله الأولى، ظن الشيخ"معيط" لضعف في بصره ربطة العنق السوداء، جزءاً من بشرة "معيط" الداكنة، فسارع وهو يهم بتقبيل ابنه العائد، والإبن يتمنع بضيق ظاهر، بالقول:"زرر قميصك يا ابني"..المهم .. وصل الأب المحبور، والإبن المتململ الضائق إلى القرية، فسارعت إم معيط بالغذاء، ولما كان البصل هو سلطان الأغذية لدى ولدها المحبوب، لم تترك وصفة طعام، إلا وجعلت له فيه نصيب الأسد، .. وعند المائدة، إذ نادى منادي الطعام، وصاح النفير بالهجوم والإقدام، وإذ لما يعرف الخير أهله يتقدم، أو ربما حين أن يكثر النبش تحته يتهدم.. صاح "معيط" والألم يعتصر منه الذات، والدهشة تأخذ بتلابيبه على ما لم يعد بالمتناول إذ قد فات، والحرقة على ما قد قدم وأخر، فعبس وبظر، ثم عبس وفكّر، وندم حيث قدّر، كان لمثله قبل المجئ أن يعمل النظر .. أوهل يستحق مجيئه مثل هؤلاء البشر؟؟ .. ثم بعد أن فار تنور نفسه بالاستنكار.. صاح كبركان خامد.. وجد بنفسه ذرة من حمم ، وبكل ما أعطي من اشمئزاز:"oh, no.. onion" .. الله يكسر بخاطره .. كسر بخاطر النعجة التي كانت تنتظر منه قبلة..:D تحياتي (f) قررتُ أن أدخن .. - أوريجانوس - 09-04-2005 تسجيل متابعة حذرة، ونظرات خلسة من خلف الستار. قررتُ أن أدخن .. - نزار عثمان - 09-04-2005 (f) برجاء أن لا تكون ممن ينزعج من عبق دخان السجائر :saint: تحياتي (f) قررتُ أن أدخن .. - EBLA - 09-04-2005 واصل تدخينك (f) قررتُ أن أدخن .. - نزار عثمان - 09-04-2005 الحروف غالبا ما تكون آلة للإيضاح والظهور والتجلي، فيما اصطلحنا على اعتباره لغة.. غير أن الدخان يعيد الحرف رمزا موهوما، ضبابي، يضمحل في عبق السجائر، فلا يبقى الا نسيج من الدلالات التي تحمل نوعا من الغموض إنما بإيضاحات متعددة .. يعيها غالبا من أتقن السفر في بحور الرمادي.. سعيد بمرورك عزيزي EBLA (f) ألف لك سيجارة ؟ :saint: (f) قررتُ أن أدخن .. - أوريجانوس - 09-04-2005 اقتباس: Gramsci كتب/كتبتلا، ليس لهذه الدرجة. أنا لا أدخّن لكن يمكنك التدخين بحرّية خاصة أني أنا المتطفّل والآتي إليك. (f) في الواقع إن متابعتي الحذرة ليست بسبب سيجاراتك، بل أن هذا النمط الأدبي السريالزمي ( Meditation ) والذي يعرّبونه بكثير من التعسّف إلى: "أدب الحشيشة"، يحتاج الكثير من الهدوء خشيت أن أفسده بتسجيل متابعتي، وأعتقد أني فعلت ضوضاء أفسدت اللحظة. لذا، أسجّل فراري، (f) |