حدثت التحذيرات التالية: | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
الرجل الموسيقي ( قصة قصيرة ) - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5) +--- المنتدى: لغـــــــة وأدب (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=78) +--- الموضوع: الرجل الموسيقي ( قصة قصيرة ) (/showthread.php?tid=26403) |
الرجل الموسيقي ( قصة قصيرة ) - coco - 07-24-2005 الرجل الموسيقي ( 1 ) استيقظ رجل في السابعة صباحا بعد أن كان قد نام في الحادية عشرة مساء وبدون أي إنذار وجد نفسه ـ في السابعة صباحاـ يصدح بالموسيقى 00لأول وهلة اعتقد أنها موسيقى تأتى من المذياع ولكنها لم تكن إلا نتيجة حركة جفونه حين فتحها 00هذا جعل الجهاز الذي يصنع الدهشة والخوف أحيانا يستيقظ وبطبيعة الحال كان لتضافر عمل القلب الذي يعمل دائما وجهاز الخوف والدهشة وحركات عضلات الرقبة التي تحمل عينيه الباحثتين في أرجاء الغرفة وقع معزوفة مخيفة ..تفصد جبينه بالعرق وهو مشلول في مكانه فسمع صوت خرير مياه موسيقية ..أصيب بالرعب فراحت الآلات الوترية تزمجر وتتعاطف معها الآلات النحاسية الكبيرة ..ازداد الرعب والموسيقى مازالت هادرة ..استدار إلى المرآة في حدة مع حركة قوس الكمان الحادة ونظر إلي وجهه المصفر 00هل جن 00آلات الإيقاع كلها دقت مرة واحدة 00بوم 00بوم 00أم أنه يحلم.. تموجات الفيولينة العاطفية الغامضة 00أين زوجتي..مارش صغير من بضع ألحان على النفير ..لابد أنها بالمطبخ ..تصاعد صغير على البيانو عندما توقف أمامها في المطبخ وهو يعزف وقع الإناء الذي تمسكه وتحطم فوقف جامدا فصمتت الموسيقى ..أشارت بيدها كالخرساء فأومأ بعينيه أنه لا يدرى ..والموسيقى العاطفية الدافئة تنثال في بطء..انحنى يلم الشظايا المتناثرة على الأرض والموسيقى تشرح ما يحدث وهى غير مصدقة ..قالت: لاعليك .. عليك فقط بالهدوء..سحبته إلي حجرة النوم وأرقدته على السرير ..عندما هدأ جسده توقفت الموسيقى ..قال في صوت خفيض : إنها تصمت ..انحنت عليه فجاشت عواطفه فبدأ الكمان اللحن من جديد واغرورقت عيناه بالدموع وهو يحتضنها في هدير الموسيقى ( 2 ) فك الطبيب جهاز الضغط عن ساعده وأزاح السماعة ونظر إليه في تفحص..وقال : إنها حالة نادرة حقا لم أر مثلها في حياتي ..ولم أقرأ عنها أبدا قال في قلق : ولكن ماذا تعنى تلك الموسيقى ؟ قال الطبيب : جسدك طبيعي ..كل شيء فيه سليم ..إنها ليست مرضا قــــــــال له : كلا إنني أحس أن جسدي يضعف كأنما هو (البطارية) التي تبعث الكهرباء في تلك الموسيقى قال الطبيب : أؤكد لك أن جسدك طبيعي .. قال : إنني أحس أن جسدي يخفت وأنه يفقد ثقله ويكاد يطير قال الطبيب : لا علم لي بذلك جميع أعضائك في حالة طيبة وتعزف الموسيقى فلماذا تحس بالخوف والضيق. انشغل الطبيب بتدوين بعض الملاحظات وفي نفس الوقت كان صوت الناي الحزين يبدأ في معزوفة شجية بينما الرجل مطرق برأسه إلى الأرض ( 3) توقف رجل كان يعبر الشارع إلى الكورنيش وقال في دهشة : من أين تنبعث هذه الموسيقى ذلك أن الرجل الموسيقى كان يجلس في الظلام على حاجز الكورنيش العريض يراقب تماثيل الحديقة الغارقة في الظلام التي تواجه البحر .. لم يكن غيرهما على الشاطئ..قال له في ود : لا تخف انه أنا.. قال الرجل المندهش : من أنت ؟..أنا أسأل عن الموسيقى . قـــال : أنا الموسيقى ..ماذا في ذلك .. قـــال : هل تهزر ..هناك موسيقى تنبعث من مكان ما .. قال له في تلطف : إنها منى هل تريدها أن تتوقف .. قال الرجل : شئ مدهش .. رجل تنبعث منه الموسيقى .. هل هذا معقول .. كيف حدث لك ذلك ؟ قال : لا أدرى .. قال الرجل : إنني مدهش .. ولكن .. ولكن لماذا لا تستثمر ذلك ؟ قال : وكيف يكون ؟ قال له : إن الفرق الموسيقية باهظة الأجور هذه الأيام .. لماذا لا تكّون فرقة ..أقصد لماذا لا تكون فرقة وحدك ؟ قال : وما الفائدة ؟ قال الرجل : تكسب المال الوفير وتحقق الشهرة العريضة ( 4 ) في ظلمة الليل تسلل إلى الحديقة .. كان حارس الحديقة يغمض إحدي عينيه ويراقبه بالعين الأخري .. أمسى يجوس في الحديقة وينظر إلى التماثيل النصفية الغارقة في الظلمة حتى استطاع أن يجده ..كبيرهم ..وقف أمامه وضربات الطبول تدق من وجيب قلبه قال له : أنت أبونا ..أريد أن أفهم ما يحدث ؟ قال : أولم تفهم بعد ؟ قال له : إنني أستطيع السيطرة عليها أحيانا ولكن جسدي يهزل تدريجيا قـال : لقد تعبت من قبيلكم التعساء قال له : من لنا سواك أنت أبونا فأرشدني غاص بعينيه الحجرية قليلا داخله ثم قال : إنها تخرج من وعاء كبير داخلك ولهذا فاجأتك بعنف .إنني أرى المجرى الذي يحمل الألحان ضيقا .. حاول أن توسعه قليلا ..حاول أن تجعله نهرا قال له : إنني لاأملك إلا الاستماع إليها فقط وهى تعزف قال : نعم كمن يستمع إلى وجيب قلبه وهو يدق دون أن يعرف كيف يعمل .. إن ما تفعله الآن يضيق المجرى .. وفى القريب سوف ينسد قال له : وماذا أفعل قال : عليك أن تحدق فيه ولا ترفع عينيك عنه قال له : إنني لا أستطيع رؤيته ..جسدي يفصل بيني وبينه قال : لن يتدفق النهر إلا إذا شف جسدك وأصبحت لا ترى إلا هذا الوعاء الكبير .. ضعه نصب عينيك دائما ولا تجعل أحدا يحول بينك وبينه .. أوقع الآخرين فيه ولا تجعلهم يوقعونك فيه ..والآن إليك بعض التمارين . سكن في هدوء مغمضا عينيه الحجرية ثم حرك شفتيه فانسكب في الفراغ لحن شعبي صغير على الكمان..لوى رأسه قليلا ونظر إلى الفراغ ثم حرك شفتيه فأخذت الآلات الأخرى تأخذ مكانها وتتألف مع اللحن ..فتح عينيه في سرعة فأخذت الألحان تتحاور وتتآلف مع بعضها مكونة أبعادا جديدة وعميقة .. أطرق برأسه إلى الأرض فدبت الأصوات البشرية في اللحن .. أصوات تخرج من أعماق بعيدة ..تأتى مخلوطة بالطين والدم والدموع ..تلهج بالفرح والحزن والغضب والحنان..كل ذلك في توافق بديع..رفع رأسه في بطء فتوقفت الموسيقى ثم رنا إليه .. كان ينظر إليه في جمود .. كانت الأصوات تصرخ فيه وكان الرعب يتملكه وغمغم في خوف : كنت أحسبها هينة ..كنت أحسبها هينة ..لا أستطيع ..لا أستطيع ..بينما كان يهرع من أمامه إلى البعيد ( 5 ) خرج من أحد المراقص في منتصف الليل يترنح .. مضى على نغمات الفالس الحالمة يقطع الطريق إلى سيارته .. استوقفه جمع كان آتيا من الجهة المعاكسة .. طلبوا منه أن يعزف لهم .. قال : ولكنني منهك .. علا ضجيجهم فلم يملك إلا الإجابة .. وفى الميدان الواسع التهب الرقص .. وكلما توقف علا ضجيجهم .. حتى أحس بندى الفجر البارد يرطب وجهه .. عندئذ توقف ..فتوقفت الموسيقى .. وجدهم في نشوتهم يتساقطون وهم في حالة خدر .. مضى يجر قدميه في صعوبة .. ولكنه لم يستطع أن يكمل سيره إلي سيارته .. ووجدها أمامه .. تلك الحديقة اللعينة ذات التماثيل النصفية ..منذ أن انبعثت منه الموسيقى والتقى فيها بالأب الكبير وهو يتحاشى النظر إليها وكلما مر بها تجاهلها.. كان يعشقها طفلا ولكنها الآن صارت الرعب.. كانت التماثيل غارقة في الظلام يلفها الغموض الجليل .. دفع البوابة الحديدية الصغيرة وتسلل على أطراف أصابعه وكان يحس بمراقبتهم له ويعرف أنهم حانقون من دخوله المكان ارتمى على أول مقعد حجري وراح يخلع رابطة عنقه فقد أحس بالاختناق ..عندما استعاد بعض أنفاسه اللاهثة ارتجف فجأة ذلك أن حركة يديه لم تصنع الموسيقى التي اعتادها دائما ..أحس بها وكأنها تفتقد الصوت كما أن بعض النشاز اختلط بها..التفت حوله في دهشة ..كانت التماثيل النصفية تتحرك في بطء متجهة إليه وفى غبشة الفجر الرائقة أحاطت به..نار خفيفة استعرت داخله بينما الموسيقى اللعينة تتحشرج داخله ..أحس بالبرد والرعب ذلك أن السكون كان يطغى عليه في قسوة .. نظر إليهم جميعا ..في شموخهم لم ينظروا إليه بل اتجهت عيونهم إلي مكان بعيد يجهله ..وأحس انه كان عليه أن يذهب إلي هذا المكان الذي ينظرون إليه..تثاقل جسده على الكرسي الحجري وأحس أنه يصير جزءا منه ( 6 ) في الصباح ..استيقظ حارس الحديقة ..تحسس بندقيته ثم تمطى وجعل ينظر إلي تماثيل الحديقة ..قام من مكانه متجولا .. وقف أمام كل تمثال كأنه يقدم له ولاء غامضا ..وعندما حانت منه التفاتة إلي أحد المقاعد الحجرية وجد عليها تمثالا حجريا ملتفا على نفسه ..نظر إليه طويلا ثم إلي تماثيل الحديقة .. رفعه من على الكرسي فوجده خفيفا كريشة ..جره على الأرض في غلظة واتجه إلى باب الحديقة ثم عبر الكورنيش وقذف به البحر فرمى بعض الرشاش ثم غاص من فوره ..عاد إلي الحديقة ..نظر إلي التماثيل فبادلته النظرات وهى تبتسم في غموض كوكو |