حدثت التحذيرات التالية: | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
حكم البابا: ......السحب الكبير ليانصيب البعث - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5) +--- المنتدى: أقــلام ســاخـرة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=82) +--- الموضوع: حكم البابا: ......السحب الكبير ليانصيب البعث (/showthread.php?tid=27733) |
حكم البابا: ......السحب الكبير ليانصيب البعث - بسام الخوري - 06-09-2005 حكم البابا:السحب الكبير ليانصيب البعث GMT 4:45:00 2005 الخميس 9 يونيو القدس العربي اللندنية -------------------------------------------------------------------------------- مؤتمرات صحافية لإخفاء المعلومة لا لإعلانها: السحب الكبير ليانصيب مؤتمر البعث لا يجتمع هذا العدد الكبير من كاميرات المحطات التلفزيونية الموجودة الآن في دمشق لتغطية مؤتمر حزب البعث، إلاّ في حالتين: فرح غامر أو مصيبة كارثية، فالإعلام (للأسف) مثل الذباب لايتجمع بهذه الكثافة إلاّ فوق طبق حلوي مكشوف، أو علي جثة ميت، وعلي المؤتمر أن يقرر بنفسه اختيار واحد من هذين الوضعين (!!) وبانتظار أن يصل المؤتمر إلي تحديد خياره، يعيش الإعلاميون المتابعون للمؤتمر حيرة الصانع الذي أضاع ليرة أعطاها له معلمه ليجلب له طعاماُ، حين يستمعون إلي إجابات الناطقة باسم المؤتمر د.بثينة شعبان علي أسئلتهم، التي تأتي غالباً علي طريقة برنامج المسابقات (من غير كلام): قرّبت وبعدت، وتعتمد في إدارتها للمؤتمرات الصحافية أسلوب بناء شبكات الكلمات المتقاطعة، وتزداد حيرة هؤلاء الإعلاميين حين يلجؤون بحثاً عن معلومة أو تحليل إلي محللي سورية السياسيين فيكتشفون أنهم يقرؤون الحدث السياسي بأسلوب قراءة الفنجان: أمامك طريقان، وهناك رزقة ستأتيك بعد ثلاث إشارات، وبحسب تجارب هؤلاء الاعلاميين السابقة مع تلفزيون سورية، يجدون أنه من المفيد لعملهم سماع إذاعة الكونغو المحلية علي مشاهدة التلفزيون السوري لمعرفة خبر عن سورية أقل أهمية من أخبار المؤتمر. ففي بلاد تعتبر المعلومة خطّاً أحمر، وتعقد المؤتمرات الصحافية لاخفائها لا لإعلانها، وتعتبر الإعلام فضيحة ينبغي سترها، ربما كان علي الصحافيين الذين تحولوا إلي متسولين يقفون علي باب مركز المؤتمر الصحافي للمؤتمر البعثي، مادين أيديهم للداخل والخارج، وهم ينادون: كلمة لله، حسنة للصحفي المسكين، ربما كان علي هؤلاء الصحافيين أن يلجؤوا لمصدر معلومات مواز، لاتهتم به الكاميرات ولاتسجل صوته الميكرفونات، ويبث علي الهواء مباشرة، علي مدار الأربع والعشرين ساعة، ويملك كل الأسرار ويسرّب كل المعلومات، ولديه فيض من التوقعات، هو الإعلام الشفوي الشعبي، الذي يقرأ المكتوب من عنوانه كما يقال، ويعرف عن المؤتمر مالايعرفه حاضروه، ويعيش مع المؤتمر كما تعيش الحامل مع الطفل في بطنها. فلو كان ابن بطوطة حياً وقام بزيارة سورية في هذه الأيام التي يعيش مواطنوها مرحلة انعقاد المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث لكان سطر كتاباً عن وقائع رحلته سمّاه رحلة إلي بلاد المؤتمر ، لأنه سيظن أن المؤتمر هو الاسم الحقيقي لسورية، لكثرة ما سيسمع كلمة المؤتمر من أفواه مواطنيها في هذه الأيام ، فالسوري يبادر زوجته بالسؤال عندما يفتح عينيه في الصباح، حتي قبل أن يقول لها صباح الخير: كم يوماً تبقي علي نهاية المؤتمر؟ وعندما يلتقي صديقان لم يتقابلا منذ عقد أو عقدين أول مايسألان بعضهما عنه، ليس أحوال الصحة أو العمل أو الأسرة، انما ماهي آخر أخبار المؤتمر؟ ولو طلب طفل من أبيه دفتراً أو قلماً، أو احتاج مساعدته في حلّ معادلة رياضية، سينهره الأب قائلاً: بعد المؤتمر. فقد أصبحت كلمة (بعد المؤتمر) هي اللازمة السارية علي ألسنة الشعب السوري بكامله، فلو طلبت من أحد أن يسدد المبلغ الذي استدانه منك، سيؤجلك لبعد المؤتمر، ولو سألت بائعاً عن بضاعة مفقودة ومتي ستتوفر؟ سيجيبك: بعد المؤتمر، وغدت الزوجة تؤجل غسل الملابس وجلي الصحون، فهي تعرف مسبقاً ردّ زوجها لو طلبت منه أن يحضر لها مسحوقاً للغسيل أو سائلاً للجلي، لأنه سيؤجلها حتماً إلي مابعد المؤتمر، وأصبح بإمكان كلمة (المؤتمر) أن تحل محل قرص الـ(بندول)، وتفعل مفعول حبة (فياغرا)، وتأخذ مكان القرص المنقذ من الجلطة القلبية تحت اللسان، فضلا عن مهمتها الأساسية كمهدئ فعّال لأمراض مزمنة مثل سرطان الدخل الشهري، وروماتيزم حرية الصحافة، وايدز الاعتقال السياسي، وديسك الرأي الآخر! وبسبب هذا الترقب الشامل لنتائج المؤتمر استبدل كثير من السوريين ساعات أيديهم بأخري تحتوي علي روزنامات لأيام الشهر، وصار من الطبيعي أن تجد العديد منهم يعلقون في صدورهم مؤقتات تحسب الوقت بأجزاء الثانية مثل تلك التي يستخدمها مدربو الألعاب الرياضية، ولأن كثيرين من خطباء المساجد غير متبحرين في علوم الفقه الحزبي اللازم للاشادة بالمؤتمر في خطبهم، فقد استعاروا أوصاف الجنة في القرآن الكريم والسنة النبوية لبناء صورته في عقول مريديهم، وصار المؤتمر يتنزّل للبعض كرؤيا أو كإلهام في المنام، فيطمئن هؤلاء لارتفاع حظوتهم إلي منزلة من شاهد ليلة القدر، فتتقاطر الوفود للحصول علي بركاته، وسماع تفصيل التفصيل في رؤيا المؤتمر التي خُصّ بها، وظهر كثير من المحللين الجيوسياسيين الذين بدؤوا يقسمون تاريخ سورية إلي مرحلتين: ماقبل المؤتمر ومابعده، واستبدل الموسم بالنسبة للفلاح، والراتب بالنسبة للموظف، والتحويل بالنسبة للتاجر، بكلمة واحدة هي: المؤتمر! وحتي لايظن بعض الذين يتابعون الاهتمام غير العادي للمواطن السوري بالمؤتمر، بأن هذه اللهفة للمؤتمر، تعود إلي كون السوريين شخصيات بدائية الأداء تنتمي إلي عصر السينما الصامتة، أو مجموعة من الأبطال الايجابيين الذين خرجوا لتوهم من صفحات رواية تنتمي لأدب الواقعية الاشتراكية، يفطرون (وحدة) بالزيت الحار، ويتغدون (حرية) بالكاري، ويتعشون (اشتراكية) قليلة الدسم، ويتزوجون بمهر مقدمه (أمة عربية واحدة)، ومؤخره (ذات رسالة خالدة)، وهدفهم الوحيد من الزواج تمتين الوحدة الوطنية، ويمضون شهور عسلهم في التمتع بالبرامج السياحية لأحزاب الجبهة الوطنية التقدمية، ويطربون لسماع تصريحات وزير الخارجية السوري فاروق الشرع أكثر من طربهم لآهات السيدة أم كلثوم، ويقرأ عشاقهم لحبيباتهم في خلوات غرامهم افتتاحيات إلياس مراد رئيس تحرير جريدة البعث بدلاً من أشعار نزار قباني، وتضع أمهاتهم تحت مخدات أطفالهن رواية علي عقلة عرسان (صخرة الجولان) بدلاً من كراس (الحصن الحصين) ليدرأوا عن لياليهم شر الكوابيس، ويحلمون أحلاماً سعيدة.. فالسوريون علي عكس تلك الصورة الحزبية الجهمة العبوسة، التي تقدمهم كما لو كانوا يعيشون في حالة حداد دائم داخل سرادق عزاء، فهم بشر سكوب بالألوان الطبيعية وبالصوت الدولبي المجسم، فسائق التكسي السوري لايهمه من الوحدة العربية إلاّ محفظة السائح العربي الذي يقتنصه من أحد شوارع المدن السورية، والمواطن السوري يعرف بأن الحرية أشمل من نموذجها المحلي المتاح، الذي يعرفها بأنها النوم علي يد زوجته بدلاً من النوم علي أيدي المخابرات، ويفضّل السوري أن يُبح صوت ابنه في المناداة علي بسطة أمشاط شعر في سوق الحميدية، علي أن يبح صوته في ترديد الشعارات في معسكر طلائع البعث، ولم تستطع كل حملات الاعلام السوري حول الصحافة الملتزمة والحرية المسؤولة والإعلام الهادف والخطاب الموجّه، أن تغيّر في المرأة السورية، فهي ما زالت تصر علي زوجها ليحضر لها مجلة الشبكة اللبنانية وجريدة الثورة السورية، وعندما يحضرهما، تفتح الأولي لقراءتها، وتفتح الثانية لتمسح زجاج نوافذ بيتها بها. لهذا فاهتمام السوريين بالمؤتمر يشبه كثيراً من يقرأ القرآن أو يرتل الانجيل، لابقصد تأمل معانيهما، ولابهدف استخلاص العبر، ولارغبةً في تطبيق تعاليمهما، ولابإيمان التقرب إلي الله، وإنما لهدف واحد ووحيد هو دخول الجنة، فالبعثيون الذين ذهبوا إلي المؤتمر يرون فيه مصباح علاء الدين والذي بمجرد لمسه سيخرج منه مارد شبيك لبيك، الذي سيجعل من دعوات أمهاتهم لهم، بأن يتحول التراب الذي يمسكونه بأيديهم إلي ذهب أمراً واقعياً وبأكثر الطرق مشروعيةً، واهتمام أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية بالمؤتمر هدفه البرهنة بالدليل القاطع بأن المثل الشعبي القائل (القرعة تتباهي بشعر جارتها) هو مثل واقعي، والمعارضة تري في المؤتمر مناسبة واقعية لتطبيق القاعدة العلمية التي تقول بأن العضو يضمر إذا لم يستعمل، ولذلك تجد المؤتمر فرصة لإعادة استخدام المخيلة في انتاج الأحلام والآمال، والمواطنون ينظرون للمؤتمر من منطق أنه (إذا كان جارك بخير فأنت بخير) وهذا المنطق يصبح أكثر واقعيةً حين يكون البعث مساكناً لا جاراً ! ولذلك فالسوريون ينتظرون اليوم نتائج المؤتمر باللهفة التي ينتظرون بها عادة نتائج حفلة السحب السنوي الكبير علي جوائز يانصيب معرض دمشق الدولي (باعتبارها البرنامج الوحيد المشاهد في التلفزيون السوري)، مع فارق وحيد يكمن في أنهم يعرفون مسبقاً نتائج السحب التي سيسفر عنها المؤتمر، فهم يعلمون أن البعثيين سيفوزون بالجوائز الكبري، بينما ستفوز أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية بجوائز الترضية، وستفوز المعارضة بحلم الفوز بجائزة، وتفوز باقي فئات الشعب بمشاهدة الحفل الفني المرافق لسحب المؤتمر، وبهذا يكون كل السوريين قد خرجوا من المؤتمر فائزين. كاتب من حكم البابا: ......السحب الكبير ليانصيب البعث - بسام الخوري - 06-20-2005 تحية إلى حكم البابا ويعرب العيسى و أساتذتهما...... الكاتب: نور الدين بدران المصدر: مرآة سورية "الجديّة درع الأغبياء"/مونتسكيو نعم السيد حكم البابا حاقد على الفساد واحتقار الناس وإذلالهم،فمن يرى الفساد وما يستتبعه وطناً، فلا شك يمكنه أن يعتبر البابا حاقداً على الوطن، وهذه مأثرة أولى للبابا الحاقد الذي يشاركه فيها غالبية الوطن الآخر. والسيد يعرب العيسى يعبر عن الحقد نفسه بسخرية أخرى خاصة به، ولاشيء في الأدب يضاهي السخرية،وهذه مأثرة ثانية للاثنين معاً. وأي ابن حرام أو ابن حلال، لا فرق، في هذه الدنيا، من حقه كمواطن، كاتباً كان أو خبازاً أو مرتزقاً، أعني كإنسان، أن يقول ويكتب، ويعبر بأدواته عما يراه ويشعر به، ولاشك بأنه يراه يخدم وطنه ويحقق ذاته، فلا أحد لا يحب وطنه، ولا يتمنى أن يكون بيته أرقى البيوت العالمية، فالنملة تعتز بثقب الأرض، والأفاعي تدافع عن جحورها، والنازيون والشيوعيون والإسلاميون يدافعون حتى الموت عن أرضهم ووطنهم، واختلاف الطريقة بالدفاع عن الوطن، لا يعني إسقاط الوطنية عن المختلف، إلا عند من يرسمون بالمسطرة أوطاناً ويستحلبون في خيالاتهم السقيمة بالضرورة عشقاً محدداً (ستاندر) لهذه الأوطان الخاصة والمتخيلة، وهكذا وبالطبع وبالمنظور الديمقراطي من حق الصعلوك والأمير و كلب الأمير مثلاً، أن ينبح على هذا وذاك أوطاناً وبشراً وأفكاراً، ويضمن صوته ما يشاء. لكن عندما يتجاوز الصوت جداره ويتحول إلى أيد مسلحة بالحديد والنار وتولد الخراب المادي والنفسي، كأن يبدأ الكلب بالعض ، والأمير بالسجن والتعذيب، ويغدو صاحب الرأي المختلف مجرماً ومارقاً، ويمهد لذلك الكهنة فيفتوا ويحللوا ويحرموا هذا الرأي أو ذاك على أنه زندقة أو مروق أو كفر أو مثير للنعرات ومسيء للوطن ووحدته وإلى ما هنالك من التهم الجاهزة في محفوظات السلفية الإرهابية التكفيرية ومحفوظات محكمة أمن الدولة وغيرها من المحاكم الاستثنائية، عند ذلك لا يبقى وطن ولا إنسان. قبل السيدين حكم البابا ويعرب العيسى، كان أساتذة كبار كسوفوكليس وأسخيلوس وأبو نواس وابن الرومي والجاحظ وفولتير وموليير وسرفانتس وغوغول وتشيخوف وبرنارد شو و محمد الماغوط وزكريا تامر وعزيز نيسين وقافلة لا تحصى ممن منحوا الإنسانية تراثاً يبقى. وقبل هؤلاء وأولئك كانت الشعوب وستبقى هي الساخرة الأولى، والرحم لكل سخرية، وبات معروفاً أن الشعوب الأكثر مأساوية هي الشعوب الأكثر نكتة، وقالت العرب شر البلية ما يضحك، وشخصياً (للأسف) لم أسمع في حياتي نكتة اسكندينافية وبالتحديد سويدية حديثة. فالسادة الساخرون الحاقدون ( والأفضل أن نقول الساخطون /الغاضبون / المتذمرون/ المشمئزون....إلخ) هم أناس مرهفون جداً وغالباً موهوبون أو مميزون، في هذا البلد وفي هذا العالم، في هذا الزمان وعبر العصور، هم حالة متحدة بشعور غالباً ما يدفعه ويغذيه حب كبير للكمال أو غيره من المستحيلات، وله قرون استشعار أكثر حساسية من أحدث الرادارات، ترصد مواقع الخواء ومواطن الفساد في الإنسان وأفكاره وأخلاقه وتصرفاته، أما الجديون فهم أيضاً يشكلون جبهة أو متحداً بشرياً واحداً، عبر فضاءات الزمان والمكان، إنهم العقائديون (وطنياً –دينياً – حزبياً ..إلخ) وعلى اختلاف ألوان عصاباتهم هم متحد واحد، ولا يهم وعوا ذلك أو جهلوه، وغالباً هم لا يدرون ، وهذا أحد الفوارق الجوهرية بين معسكري الساخرين والجديين. في هذا الفارق تندمج فوارق كثيرة، فحيث يظهر الساخر لا مبالياً ومستهتراً وغير مسؤول، وغير ملتزم بشيء و"لا يربطني بهذه الأرض سوى الحذاء" (الماغوط)، يكون في الحقيقة هو الأكثر التصاقاً ومسؤولية وارتباطاً بأشد التفاصيل ومقتحماً ومتشبعاً بجوهرها إحساساً وفكراً، ولدى هذه المفارقة المذهلة تولد النكتة أو السخرية، فتضحك في حين عليك أن تبكي وتبكي حيث يجب أن تضحك، ولا يستطيع أدب أن يدخل جوهر الأشياء ويوحد الأعماق الإنسانية، كما يفعل الأدب الساخر. مقابل هذا العمق وهذه الشفافية، والبساطة والتلقائية، مقابل هذه الرهافة والحمامة والصدق،وخفة الظل والدم والطرافة، مقابل تجسيم أعظم الحقائق الفلسفية والنظرية والاقتصادية، بكلمات أو نوادر واضحة وواقعية، مقابل هذا التواضع العبقري، يقتحم الجداون حياتنا، بملامح صارمة ولا تحليلات السيد فوزي الشعيبي، ومعلقات خاوية ولا مداخلات السيدة بثينة شعبان، المستلهمة من روايات ومسرحيات السيد علي عقلة عرسان، وبألغاز وأحجيات تتصادم فيها أنصاف الأفكار، كما السيارات في فيلم أمريكي، ولا بيانات السيد علي بن البيانوني شقيق حسن عبد العظيم بن محمد ميشيل كيلو خالة أكرم علي البني. بينما يرى الساخر أن لا شيء محصناً ضد النقد، ويبدأ من ذاته ونفسه وبيته، يعتبر الجديون أنفسهم ووطنهم ودينهم وآلهتهم وزعماءهم مقدسات، ولو لامستها يد يجب أن تقطع ولو كانت يد الحقيقة، وفي قراءة الأعماق،لكلا الطرفين، يظهر بجلاء للعين البصيرة، أن الساخرين يعربون بوعي ثاقب عن قسوة وبرودة و متانة وتماسك هذا العالم وعبثيته، ولهذا يحتاج إلى نقد جذري، ويعلنون ذلك بطريقتهم الشفافة وبخفة دمهم المرهفة، بينما بوعي بليد يعرب الجديون أن مقدساتهم تلك ما هي إلا مجسمات كرتونية ، أو نماذج فخارية هشة، تنهار من أول نفخة أو زفرة أو مقالة، فيضفوا عليها كل ما لديهم من أقنعة مناقضة لجوهرها الحقيقي، ويسلحوها بفرق الاغتيال والمخابرات وصغار الكتبة والمرتزقة، وهكذا يظنون(وحسب ظنونهم يتصرفون) أن كل من يزفر ويتنهد ويتألم، هو بلا شك عدو لدود، ويجب التخلص منه. إن معظم ما أنتجه الأدب الجاد والفن الجاد والثقافة الجادة وإلى آخر هذه الجادة الهزيلة والمهزلة، لا يحمل قيماً إنسانية، بالقدر الذي تزخر فيه مقالة قصيرة من مقالات الأدب الساخر، أو نكتة أو طرفة أبدعتها عبقرية شعب من الشعوب. هكذا تنقلب المفاهيم لدى المتشددين أو المتعصبين، فيغدو الجاد الحقيقي أي الساخر غير جاد، والجاد في المظهر التافه غالباً(ليس دائماً) في المخبر، غير جاد في شيء، بل متصلب الملامح ثقيل الدم، والحضور واللغة، حتى أنه يكرّهك ويكفرك ويولد أو يحرض فيك الازدراء لكل ما هو عظيم وكبير ومقدس كالله والوطن والحب .......إلخ. هؤلاء المتشددون الخائفون على وطنهم من نقد ساخر، أو على دينهم وإلههم من نكتة أو على حزبهم وعقيدتهم من طرفة، هم جبهة واحدة لا يدري أعضاؤها أنهم بناء واحد، يجمع أحجاره العنيدة قومية أو دينية أو شيوعية، اسمنت التكفير والاستبداد والقمع. من صوفيا إلى باريس إلى دمشق، في أرجاء العالم والوطن، بألوان ارتزاق سلطوي أو تحت مظلة نفي إسلاموي (الأخوان واشتقاقاتهم) كلهم واحد في التحية والاستنكار، لأن تحيتهم واستنكارهم يصدران عن استبداد متمثل بعلاقتهم المادية والأيديولوجية بثلة من البشر أي بتعصب لقبلية معينة أو على أخرى، أي ضد أو مع هذه البطانة أو تلك التي يغطونها بحضور لفظي وعبارات كبيرة كالله والوطن وغيرهما. يظهر ذلك تجريبياً في أن هذا الطرف يؤيد السخرية من خصمه، ويرفض السخرية نفسها من فريقه. باستثناء قلة نادرة، الجديون على اختلاف جديتهم، معادون في الصميم لمنطق التطور ونظرياته، فلديهم مخططات للحياة والمجتمعات والعصور، مدرجة في عقائدهم وأديانهم وملحقاتها، فالإنسان في نظرهم يمكن أن يمسخ قرداً أو خنزيراً، ولا يقبلون أبداً بما أتت به أعظم نظريات التطور كالداروينية. قال فرويد بما معناه : هناك ثلاث نظريات حوربت بضراوة : دوران الأرض حول الشمس / الداروينية/ التحليل النفسي، ولكنه نسي أن يقول أن من حاربها هم الذين كانوا يحتلون مواقع الجدية في كل المجالات، وإن الساخرين هم من وجد فيها كنوزاً لا تقدر بثمن، وصاغوا من مناجمها أروع العقود التي ازدانت بها الصدور البشرية. في الواقع والتجربة أثبت الجديون هم (وليس الله أو الطبيعة) أنهم قادرون على تحويل الإنسان إلى مسخ (ويا ما أحلى القرد والخنزير) يسجن في زنزانة إفرادية عشرين عاماً مثلاً؟ أو تحويل الإنسان إلى لاشيء فعلياً، وذلك بضربة عنق أو حبل أو برصاصة أو أكثر، فقط لأنه قال غير ما قالوا، أو لأنه ولد في مكان مختلف عن أماكن وجودهم، فغيرت الجغرافيا العقيدة، وهكذا كان هؤلاء ضد التاريخ وأولئك ضد الجغرافيا، وكلهم ضد الطبيعة والإنسان. وأخيراً لا يفهم الجديون أن لا معنى لأي شيء بدون الإنسان (نعم لا معنى للوطن ولا معنى لله ولا للطبيعة- مع احترامي للأنواع الأخرى- دون الإنسان) ولا معنى للإنسان بدون الدمعة والابتسامة المنيعتين على الجدية، بل إن هذه الأخرى تجفف منابعهما، بقدر ما تثري السخرية تلك المنابع. الوطن الذي يضيق بمقالة ساخرة، مكان موبوء ووكر مشبوه، صفقة قذرة، إنه حظيرة لعصابة مخدرات وقتلة. والدين الذي سيتقوض برأي أو نكتة لابد أنه علبة كرتون تمتلئ بأكاذيب وأباطيل. هل من أسف على زوال هذا أو ذاك؟ وهل يمكن للطفيليات المتعيشة على هذا وذاك أن تواجه سوى الانقراض؟ |