حدثت التحذيرات التالية: | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
الخطأ بعد الخطأ ...سمير قصير - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3) +--- المنتدى: فكـــر حــــر (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=57) +--- الموضوع: الخطأ بعد الخطأ ...سمير قصير (/showthread.php?tid=27944) |
الخطأ بعد الخطأ ...سمير قصير - بسام الخوري - 06-04-2005 الخطأ بعد الخطأ الصحافيون الاجانب المخضرمون الذين يتدافعون الى دمشق مع اقتراب موعد مؤتمر حزب البعث، سيجدون بالتأكيد ان الكثير تغيّر في سوريا بالقياس مع عهد حافظ الاسد، وخصوصاً لجهة حرية التعبير. لكن المقارنة لم تعد وسيلة مقبولة لتقويم السياسة السورية بعد نحو خمسة اعوام على اعتلاء بشار الاسد سدة الرئاسة بالتوريث. فمن يتابع انباء سوريا بشكل متواصل لا يمكن ان يعنيه، بعد مرور كل هذه الاعوام، ان عدد المعتقلين السياسيين ادنى بكثير مما كان قبل عقد من الزمن. وما يعنيه في منتصف سنة 2005 هو ان هذا العدد عاد الى التزايد، وبإرادة القيمين الحاليين على الحكم وعلى رأسهم بشار الاسد. وما يعنيه أيضاً في منتصف سنة 2005 هو ان القيمين الحاليين على الحكم لا يزالون يرفضون فتح باب الحوار الوطني مع معارضيهم والمصالحة مع مجتمعهم. وكأنه لا يكفيه بقاء النائبين رياض سيف ومأمون الحمصي في السجن، فضلاً عن عارف دليلة ورفاقه من الناشطين في المجتمع المدني. فها هو حكم بشار الاسد يطبق على منتدى جمال الاتاسي، ويعتقل رئيسته واعضاء مجلس ادارته. للتذكير، إن منتدى الاتاسي كان الوحيد المتبقي من المنتديات التي ازدهرت عام 2000 واقفلت تباعاً على يد اجهزة الامن. اما السبب فيكاد يكون اشنع من فعل الاعتقال نفسه، اذ جاء تحرك المخابرات بعد جلسة للمنتدى خصصت للبحث في آفاق العمل السياسي في سوريا، وتخللتها تلاوة رسالة من المرشد العام للاخوان المسلمين (المنفي في لندن) اكد فيها التوجه الحواري والتصالحي للجماعة. وكنا اعتقدنا ان الحكم السوري استخلص العبر مما جرى له في لبنان، جراء اخطائه المتراكمة، وانه سوف يخرج من الهزيمة التي تلقاها بعزم على انتهاج سياسة توفّر عليه هزيمة اكبر، فيبادر الى تغيير جذري في ادائه يحول دون وقوع مواجهة مع شعبه تكمل ما عاناه في المواجهة مع الشعب اللبناني. وكان تحديد موعد انعقاد مؤتمر حزب البعث في بداية الشهر المقبل والذي اشار اليه الرئيس السوري في خطاب اعلان الانسحاب من لبنان، قد اوحى ان الاصلاح الذي ما برح النظام يتكلم عنه سوف تكون له اخيراً بداية. ولكن عبثاً. فما تفيده الاعتقالات الاخيرة هو ان الاصلاح عند اهل البعث لا يعني القبول بالرأي المعارض. والتحولات الاقليمية الهائلة، من العراق الى لبنان، لا تدفعهم سوى الى التهويل من الخطر الاميركي، من دون التفكير لحظة بالوسائل الانجع لدرء هذا الخطر. على العكس تماماً، فإن حكم المتبقي من البعثَين يتصرف في سوريا مثلما تصرف في لبنان، فيراكم الخطأ بعد الخطأ، وينجح في الجمع بين استعداء المواطنين واستفزاز الدول الاوروبية التي كانت تنزع الى لجم الولايات المتحدة. ولعله لم يفت احداً ان الانباء عن اعتقال مسؤولي منتدى الاتاسي تزامنت مع تصريحات رسمية مفادها ان سوريا سوف توقف التعامل الامني مع الولايات المتحدة لعدم جدواه. وفي ترجمة هذه التصريحات، ان الحكم السوري الذي لا ينفك يدين سياسة الولايات المتحدة هو نفسه مستعد لاعطائها ما تشاء شرط ان تثبته في مكانه، فيما لا يقبل مجرد التفكير في اشراك مواطنيه في البحث عن مستقبلهم. صحيح ان الحكم انعم اخيراً على الرعية بخبر سار، على ما جاء قبل اسبوعين ونيف في جريدة "الثورة" التابعة للنظام البعثي. فقد نقلت الزميلة انه تمّ الغاء الموافقة الأمنية المسبقة بشأن 67 "حالة". الخبر لم يستوقف المراقبين بما فيه الكفاية، وهذا لعمري خطأ ما بعده خطأ، اذ ان اللائحة المنشورة في "الثورة" افضل دليل على التخلف الذي فرضه الطوفان المخابراتي على حياة السوريين العامة وحتى الخاصة. فمن بين هذه الحالات التي لم تعد تستوجب موافقة امنية مسبقة، بتّ نقل أثاث منازل السوريين والعرب والأجانب المقيمين في القطر إلى خارجه، وقبول الطلاب في الجامعات والمعاهد المتوسطة ومدارس التمريض، والتكليف لتدريس ساعات من خارج الملاك، والإيفاد الداخلي والخارجي (للطلاب) والاستفادة من المقاعد الدراسية في بعض البلدان العربية والأجنبية، وتأسيس الجمعيات السكنية، وتثبيت أعضاء مجالس إدارة الجمعيات، وإقامة معارض فنية أو أسواق تجارية، وتعيين مراقب خط سيارات، وطباعة النايلون للمنشآت الصناعية! هذا بالاضافة الى منح التراخيص لمزاولة بعض المهن او فتح محلات: جليسات الأطفال، مكاتب السياحة والسفر، المكاتب العقارية، مكاتب بيع وشراء وتأجير سيارات، صالات الافراح، السيرك، استديوهات التصوير، صالونات الحلاقة، محلات النوفوتيه، محلات العصرونية، افران الصفيحة والمعجّنات... فعلاً، تغيّر الكثير في سوريا العهد "الجديد". فاذا كانت حرية الصفيحة والنوفوتيه، تطلبت خمسة أعوام فكم سيتطلب الغاء الموافقة الامنية المسبقة على صنع السياسة؟ ربما اقل بكثير، فتراكم الاخطاء يقصّر المهل، على ما صرنا نعرف في لبنان. وما كان يفترض بحكم البعث ان يفهمه من لبنان. سمير قصير الخطأ بعد الخطأ ...سمير قصير - بسام الخوري - 06-04-2005 [SIZE=6]عبدالوهاب بدرخان: «الخطأ بعد الخطأ» الحياة اللندنية: السبت: 04 ـ 06 ـ 2005 هذا العنوان لمقال أخير كتبه سمير قصير. قد يكون هو الذي قتله. لكن العناوين كثيرة ومن العبث البحث في المقالات نفسها عن خيوط تقود الى القتلة، فهم لم يستهدفوا مقالة سمير فحسب، وإنما أرادوا انهاء التفكير الحرّ المتجرد من التسويات. وفي أي حال قيل عن اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري إنه كان «الخطأ» الحاسم الذي ارتكبه القتلة ضد مصالحهم، وها هم يوقعون الجريمة التالية باغتيال الشهيد سمير قصير، ليؤكدوا أنهم أوفياء لمقولة: «الخطأ بعد الخطأ». من الضحية التالية؟ هذا هو السؤال المطروح منذ دائماً في ظل النظام المافياوي السائد في لبنان. لكنه أصبح مطروحاً بقوة منذ 14 شباط (فبراير) يوم اغتيال رفيق الحريري ورفاقه. فلا أمن ولا حماية ولا حصانة ولا رحمة ولا أي هاجس بالمستقبل. مستقبل السلم الأهلي في لبنان، وبمستقبل العلاقة بين لبنان وسورية دولة وشعباً. هناك حكومة، ويفترض أن هناك دولة، وليس هناك أمن. في ظل الوجود السوري كان للدولة والحكومة وجود افتراضي، وكان هناك أمن لحماية ذلك الوجود العسكري. بعد الانسحاب أصبح الأمن واجهة بلا أي فاعلية. لم يعد جائزاً الاعتقاد بأن لجريمتي الاغتيال هاتين خصوصية معينة، لأنهما أسستا لنظام اغتيالات لا بد أن يتواصل، :brock: فمن سيتصدى له، وهل هناك مؤسسة أمنية مستعدة لهذه المهمة. هذه المرة اختير سمير قصير كهدف، لأنه كاتب وصحافي ومفكر وناشط سياسي، وأريد باغتياله تحذير كل من هم في نسيجه. فاغتيال صحافي يهز البلد لكنه لا يعطل الانتخابات طالما أنها مطلب دولي، ينذر الصحافة والمجتمع المدني والنشطاء المستقلين والاستقلاليين كافة من دون أن يشعل نزاعاً أهلياً، كما يرسل اغتياله رسالة الى جميع اللبنانيين بأن الاستقرار والسلم ليسا لغدٍ أو لبعد غد. الهدف التالي قد يكون رجل أعمال، أو رجل دين، أو ناشطاً حقوقياً. وقد يكون ذا هوية سياسية متعارضة مع ما يرمز اليه سمير قصير، أو من الاتجاه نفسه، لا فرق، فالمهم هو إدامة الحال الفاسدة المهترئة لمفاقمة السموم في المجتمع. فهذه الاغتيالات مرسومة لتوظّف في هدف أخطر وأكبر. ولا شيء يمنع اغتيال نائب منتخب بعد اكتمال مراحل الانتخابات واستعداد المجلس النيابي «المعارض» لعقد أولى جلساته. إذ أن المطلوب اشاعة حال أقرب ما تكون الى الحرب الأهلية... هذه كلها تصورات، لكن الوسط السياسي اللبناني أصبح مطالباً بسبر «عقيدة» القتلة للتعرف الى أهدافهم وخططهم. في العادة تكون هذه مهمة الجهاز الأمني، لكن الواضح أن هذا الجهاز لم يخرج بعد من صيغته السابقة. وإذا كان موجوداً ويريد أن يعمل في الاتجاه السليم، فإن عليه أن يعترف بأن هناك قتلة منظمين ومجهزين بكل ما يلزم للقيام بالمهمات القذرة، وأن هناك من يخطط لهم ويأمرهم، وأن هناك قوى سياسية كبيرة وصغيرة متضامنة معهم. بل ان هذه القوى تحظى بحرية تحرك وحماية وحصانة. لا يمكن أن يدوم انعدام الثقة الراهن بين المجتمع اللبناني ومؤسسات الأمن، ولا يمكن أن تكون هناك الآن لائحة اغتيالات شبه معلنة ولا يكون لدى مؤسسة الأمن ما تقوله أو تفعله. وليس لهذه المؤسسة أن تكون «على الحياد» بين مجتمع مصرّ على سلميته ومدنيته وبين قتلة متأهبين لتنفيذ الأوامر. الثقة معدومة أيضاً في أي تحقيق لبناني داخلي في أي جريمة حصلت أو ستحصل بكل تأكيد. ولا علاقة لذلك بـ»عدم أهلية» المحققين، فهم مؤهلون، وإنما في عدم توفر إرادة واضحة وحاسمة من جانب الدولة لجلاء الحقيقة وراء أي جريمة. وعندما يحتاج أي بلد الى «تحقيق مستقل»، فهذا لا يعني سوى أن أي تحقيق داخلي لا يتمتع بأي مصداقية ولا يهدف إلا الى التغطية على القتلة، بل يعني أن هذا البلد بلا أي قانون، ليعني أخيراً أنه بحاجة الى وصاية دولية كاملة. انتخابات في ظل الاغتيالات. ماذا يعني ذلك؟ لا شيء اقل من افقاد الانتخابات مفعولها السياسي السلمي، ومن وضع اي انتصار للمعارضة تحت التهديد وامام الأمر الواقع الأمني، بل الأمر الواقع الطائفي. صحيح ان المطالبة باستقالة رئيس الجمهورية تستند الى منطق تغييري فرضه الانسحاب السوري من لبنان، لكن هذه الاستقالة باتت منذ الآن عنوان الانقسام ومحور الأزمة الذي سيفتتح المجلس الجديد اعماله به. ويخطئ من يظن ان المجلس المعارض سيُعطى الامكانية لفرض تلك الاستقالة بالطرق الدستورية والبرلمانية، بل ان القتلة جاهزون لتعطيل مثل هذا الخيار. أكثر من أي يوم مضى برزت الآن الحاجة، او بالاحرى برز المبرر، لتدخل دولي اكبر واكثر فاعلية. فخطة الاغتيالات باتت مكشوفة، ومن شأن المعارضة الا تستهين بها، لأن القتلة وجدوا اخيراً طريقة للرد على العمل السلمي وتعطيله وشلّه. كان اغتيال رفيق الحريري نهاية لمرحلة، ولا شك ان اغتيال سمير قصير يدشن مرحلة اخرى هدفها تعطيل اي مكسب وطني يأتي من تداعيات اغتيال الحريري والتحقيق الدولي فيه. الخطأ بعد الخطأ ...سمير قصير - بسام الخوري - 06-04-2005 رحل الرجل.. الموقف كانت عطلة نهاية الاسبوع حزينة موحشة وانا ارى جثة سمير قصير ممزقة، داخل سيارته. فالرجل لم يكن كاتبا، بل كان موقفا، لم يكن شخصا، بل كان مؤسسة، وكانت قيمته الكبرى هي انه كان مع نفر [SIZE=5]قليل من الرجال يتخذون مواقفهم، عندما كان اتخاذ الموقف عملة صعبة، ومغامرة غير محسوبة النتائج. ومرة قلت له «ما بدك تهدي شوي يا سمير» فأجاب بطريقته المعهودة «بدك اكثر من هيك»! هناك محترفو قتل في لبنان، جرائمهم متشابهة. يستخدمون تكنولوجيا عالية ودقيقة، ويختارون ضحاياهم بطريقة اكثر دقة. انهم يعلمون كم هو مكلف وصعب على الناس ان يُغتال رفيق الحريري، وهم يدركون كم هو مؤلم ان يُغتال سمير قصير. فالرجلان يحملان قضية، ويدافعان عن قضية. وسمير قصير كان صورة جميلة لرجل حمل قدرة فائقة على التحليل، وقدرة هائلة على الصبر، وشجاعة نادرة كان لبنان بحاجة اليها..! انهم يعرفون تماما ان تعويض كاتب وصاحب موقف بحجم سمير قصير هو امر صعب، وهم يدركون ان سمير قصير وراءه مؤسسة مقاتلة وشجاعة مثل «النهار» استطاعت ان تشعل شمعة، عندما كان الظلام والخوف يلفان لبنان. وكان البعض يعتقد ان ما يفعله سمير وتفعله «النهار» هو مغامرة قصيرة العمر، فكان ان اصبحت القاعدة، واصبح الآخرون الاستثناء. اصبحت الحرية هي القاعدة واصبح القمع والظلم هما الاستثناء. حديث الهمس عن الحرية والتلفت على اساس ان الحيطان لها آذان، تحول الى مئات الآلاف الذين هتفوا للحرية، بدون خوف في ساحة الشهداء. [SIZE=6]فتح قلم سمير قصير فتحة صغيرة في جدار برلين اللبناني، فكان ان انهار الجدار، وتحدى الرصاصة بالقلم، فكان ان انتصر القلم على الرصاصة وعلى الاستبداد، وعلى المواقف السياسية مدفوعة الثمن. محزن ان ترى صورة صديق جميل قتيلا على يد الذئاب المتوحشة، ومحزن ان تفتح «النهار» فلا تجد مقالة لسمير قصير. [SIZE=5]لكن العزاء الكبير هو انه مات بعد ان رأى حلمه يتحقق. وغادر بيروت وقد تفتحت فيها زهور كثيرة، وسالت بها مياه كثيرة. وتغلب فيها الخير على الشر. رحمك الله يا سمير. الخطأ بعد الخطأ ...سمير قصير - بسام الخوري - 06-04-2005 سمير قصير .. اغتيال الرمز! يتحسس اليوم كثير من الصحافيين اللبنانيين، والعرب ربما، رؤوسهم ورقابهم وأجسامهم، ويتساءلون هل سيتم استهدافهم كما تم اغتيال الكاتب الصحافي في صحيفة «النهار» القيادي المعروف في حركة اليسار الديمقراطي سمير قصير! هذا التحسس دفع بإدارات عدد من الصحف ووسائل إعلام لبنانية إلى التمني على كتابها وصحافييها وإعلامييها أخذ الحيطة في تنقلاتهم والتوجس من أي تحركات مريبة تحيط بهم، خصوصاً أن هناك من يعتقد أن هذا ليس الاستهداف الأخير الذي يمكن أن يطاول الجسم الصحافي في لبنان. تكاد الصورة الأخيرة لسمير قصير، وهو متكئ على مقود سيارته التي اغتيل فيها، لا تفارق مخيلة اللبنانيين، وتحديداً الصحافيين منهم. الصورة على قساوتها تحمل لمن لا يريد لخياله أن يموت ويذوي خوفاً وألماً رمزية اليد التي بقيت مرفوعة، وهي اليد التي بها وحدها دافع سمير قصير عن حقه في التعبير والتمرد الديمقراطي. منذ الرابع عشر من شباط (فبراير) الماضي، تاريخ اغتيال الرئيس الحريري، لم يهدأ الحراك في لبنان وكان لا بد لهذا الحراك أن يلاقي مقاومة من فلولٍ أمنية ومخابراتية تلفظ أيامها الأخيرة ولكن بعناد وبدموية تمثلت بسلسلة من الانفجارات والاستهدافات.. إلا أن الردّ الأقسى على الانتفاضة اللبنانية لم يكن باغتيال سياسي أو مسؤول حزبي، بل كان باغتيال الكاتب الصحافي سمير قصير. واختيار القتلة لهذا الكاتب المتوقد الكلمة والإطلالة لم يكن عبثياً. فخلال الأشهر الثلاثة الماضية جسّد سمير قصير، المعروف بمشاكسته ورفضه التنازل عن حقه في السعي نحو التغيير، رمزية بالغة التأثير والدلالة في «انتفاضة الاستقلال». كان محركاً فعلياً للتجمعات اليومية في ساحة الشهداء. كان يجهد كي لا تنزلق الانتفاضة نحو شعارات عنصرية أو فئوية وأن تبقى في إطار وطني ديمقراطي. وحين جنح الصوت المعارض أحياناً إلى مواقف شاذة، وحين جنحت مواقف المعارضة أو أطراف فيها لتعميم الموقف من النظام السوري على المجتمع السوري، تصدى سمير قصير لهذا الجنوح ووقف في ساحة الشهداء وحيّا المثقفين السوريين. وهو انتفض على الانتفاضة بعد أن تضعضعت في الأسابيع الأخيرة وتشرذمت قياداتها. مقالاته كانت عابرة للحدود اللبنانية، وإطلالاته عبر الفضائيات أصابت تطلعات الكثير من الطامحين إلى تغيير ديمقراطي فعلي في الدول العربية وليس فقط في لبنان. فمنذ انطلاقته تجاوز سمير قصير لبنانيته وفلسطينيته فنسج صلات مع مثقفين ومعارضين عرب. وكانت تلك بالذات ميزته التي أراد قتلته محوها. كُثْر في لبنان والعالم سيفتقدون المقال الأسبوعي لسمير قصير في صحيفة «النهار»، وكُثر هم أيضاً الذين سيراجعون كلماتهم ومقالاتهم، إذ ستكون صورة سمير على مقود سيارته تلاحقهم وتسيطر على مخيلتهم عند تعبيرهم عن موقف أو رأي. [SIZE=6]وحتى لا تكون المراهنة على عكس ذلك ضرباً من المجازفة، ينبغي أن تكثر المقالات وترتفع الأصوات المطالبة بالتغيير، فالديمقراطية وحدها ستحفظ صورة سمير قصير ويده المرفوعة. * إعلامية لبنانية تراقب وتتابع قضايا الإعلام diana@asharqalawsat.com الخطأ بعد الخطأ ...سمير قصير - بسام الخوري - 06-05-2005 موت قلم في القمة العربية التي انعقدت في العاصمة اللبنانية بيروت (في مارس 2002) والتي شهدت اطلاق مبادرة السلام العربية وغياب الرئيس مبارك عنها و«منع» عرفات من التحدث فيها فضائيا، بسبب محاصرته عسكريا في مقره برام الله واطلاقه خلالها مقولة «شهيدا.. شهيدا.. شهيدا»، وسط ذلك كله شاركت في لقاء تلفزيوني طويل جدا يغطي وقائع واحداث تلك القمة. كان مضيف اللقاء عماد الدين أديب، وكان معي من الضيوف خير الله خير الله وسمير قصير وكلاهما من لبنان. وكان ذاك هو لقائي الأول بسمير قصير، الذي اغتيل منذ أيام في عملية دنيئة عن طريق قنبلة وضعت في سيارته وانفجرت حين تشغيله للسيارة. واتذكر حماسة قصير خلال لقائنا الأول تلفزيونيا [SIZE=5]ونقده الحاد واللاذع للوجود السوري في لبنان، وذلك قبل أن يكون موضة كما هو حاصل هذه الايام، فقلت له اثناء احدى استراحات البرنامج الاعلانية: يا سمير هذه تصريحات «انتحارية». فاجاب قائلا «صار وقتها». تعشينا سويا ليلتها وتحدثنا في الشأن العربي العام واللبناني تحديدا. قابلته بعدها في دبي مع خطيبته آنذاك جيزيل خوري وكانت المناسبة اطلاق قناة العربية الفضائية وتناولنا احاديث مختلفة أخرى باسهاب أطول، وخصوصا الجانب الصحافي منها والمتعلق بكتاباته «النارية» في صحيفة النهار. وبعدها صدر له كتابان عن دار النهار، قدم لهما عميد الصحافة اللبنانية بامتياز غسان تويني. وزاد ظهور سمير قصير على الفضائيات، يدافع عن بلده ويفند الوضع السياسي فيه. ثم تزوج سمير وجيزيل، وحادثتهما هاتفيا مهنئا، وتحدثنا مطولا من جديد عن اوضاع مختلفة وكان حديثا معظمه بالاشارات والطلاسم كعادة العرب حين التحدث بالهاتف. [SIZE=4]وسمير الذي اغتالته ايدي الجبناء كان وطنيا متطرفا، وليس طائفيا أو مسيحيا متطرفا، كان يعتقد أن الحوار هو الاساس والحقوق هي المقياس، وهي لغة مرفوضة للزبانية إياهم، الذين يغتالون الصحافي على مكتبه كما حدث مع كامل مروة أو يحرقون عيون الصحافي بماء النار يزيلون أظافره ويديه ويلقون به في القمامة كما حدث مع سليم اللوزي، أو يسجن أو يعذب أو يوقف ويمنع من الكتابة كما حدث للكثير من الاخرين. القلم الحر هو ضمير يقظ ومرآة مجتمع وعقل أمة وقلب وطن، واذا نظر له هكذا نمت الشعوب، أما اذا نظر اليه كأسلحة دمار شامل وجب الخلاص منه، فهذه علامات انهيار واستشراء للفساد والنفاق. اغتيال سمير قصير بالطريقة الاجرامية هذه استمرار لمهانة الكلمة الحرة ولرسالة الإعلام الحقيقي. «النهار» وكذلك لبنان فقدا قلما وطنيا صادقا وجريئا، ولكن العرب اكتسبوا جولة مخزية جديدة في تعاطيهم مع القلم ونتاجه. وحتى يدركوا أن القلم أمانة، وفحوى ما يكتب رسالة وليس جدلا أو عبثا، سيكون بناء الأمم المستقبلي ناقصا. hussein@asharqalawsat.com |