نادي الفكر العربي
صلاة قبل الفجر - نسخة قابلة للطباعة

+- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com)
+-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3)
+--- المنتدى: قضايا اجتماعيــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=60)
+--- الموضوع: صلاة قبل الفجر (/showthread.php?tid=28286)



صلاة قبل الفجر - المغربي - 05-26-2005

من أحبه، أحبه ليلا أكثر منه في النهار.

وعندما تغرب الشمس وتغرق الأزقة في الظلام، وتـُـخيّم عليها سكينة رهيبة فيخشى حتى نور القمر الإقتراب منها ويفرّ مُـرتعشا ويتركها حالكة، عند ذلك تتجه أفكاري نحوك أيتها الشمس الغائبة المفقودة، أفكار موحشة وحزينة لأنك بعيدة، لكنها في نفس الآن أفكار فيها عزاء وتثلج الصدر لأنك رغم غيابك وبعدك فأنت حاضرة وقريبة.

أشعتك فقط هي التي غربت أما الدفء دفؤك فما يزال هنا حاضرا وموجودا. دفؤك مابرح يجوب الأزقة كشبح بين أشباح الظلام ومازال مخزونا في الصخور التي أنارتها وأثارتها أشعتك الثمينة قبل مغيبك وأفولك.
الدفء دفؤك باق مهما غبت ورحلت، دفؤك لم يضمحل بعد ولو أفل ضوؤك وشاهد على الخير الكبير الذي أسديته قبل رحيلك وغروبك أيتها الشمس المفقودة.

لكنك سوف تعودين فلم يسبق لغروب شمس أن لم يتبعه شروق جديد، ولا يُـصدّق سوى الأغبياء أن الشموس مثلك إذا ما غابت مرّة غابت إلى الأبد بدون رجعة. أمثالك لا يغبن سوى لأنهن عادلات فيتوارين وراء الجبال ويغرقن في هاوية العالم الأسفل لأن العالم الأسفل نفسه يستحقّ أشعتهن ودفأهن وهو بحاجة لها. لكنهن تلك الشموس يصعدن من جديد، فقط على المرء أن يفقه أنهن يصعدن من الجهة الأخرى المعاكسة وليس من الجهة التي غربن منها!

غداً سوف تضيئين لي عالمي مثلما تضيئين الآن عالم الآخرين على الجانب الآخر من العالم الذي هو عالمك.
عالمي الآن مظلم وكما هم أولائك الآخرون الآن سعداء بك سأكون غدا سعيدا بك. ومثلما لدي اليوم أزقة مظلمة ترقص في زواياها الأشباح الشقية المرهبة سوف يكون لهم غدا أزقتهم المظلمة وأشباحهم الراقصة. ذلك هو الإنصاف!

دعي إذن هذه الأشباح الشريرة ترقص في الظلماء وتحاول ما استطاعت تخويفي، دعيها تنتظر بلا جدوى فلن تراني أرتعش مهما طالت أصابعها كأغصان شجر الخريف ومهما تدلّت ألسنتها كالصلّ العملاق ومهما توهّجت أعينها في الليل الداجن، فغدا سوف تطلعين لي من جديد وكأن شيئا لم يكن!

غدا سوف تضيئين لي عالمي مثلما تضيئين الآن عالم الآخرين على الجانب الآخر من عالمك، وكما أولائك المحظوظون الآن سعداء بك سأكون غدا سعيدا بك. ومثلما لدي اليوم أزقة مظلمة ترقص في زواياها الأشباح سوف يكون لهم غدا أزقتهم المظلمة وأشباحهم الراقصة فيها. أليس ذلك هو الإنصاف فالشكر لإنصافك والثناء على عدالتك!

غدا فجرا، وقبل أن تطلعين نحو الأعلى من جديد، عندما تكون سحب في سماء الفجر تغيّـر لونها من الداكن إلى الفاتح مبشّـرة بإتيانك وطلوعك، سوف تتحول تلك الأشباح لضباب غسق ليس إلا وستضمحل خجولة لأنها لم تكن سوى ضبابا باطلا.

غدا سأرى ما يـُـبشّـر بطلوعك: سـُـحـُـباً في الأفق سرقت وإلتقفت بعضاً من أشعتك الدافئة الحمراء قبل طلوعك بوقت طويل، لأنها مرتفعة في الأعلى وترى قبلي ما سوف يكون وما سوف يقع!

ستعودين طالعة من جديد، وكعادتك قبل أن تطلعين، أيتها الشمس الخجولة، تريدين دائما أن تخفين محياك خلف حجاب نسجته سحب الصباح وقمم الجبال وأحلام الغسق!

ما أسداك!

لكنني سوف أراك عبر دموع الفرح وعبرات الترحيب وسوف أشكرك، سوف أراك بعينين كدّرت رؤيتهما دموع الفرحة والسعادة لأنك عدت و طلعت من جديد. سعادة من انتظر طويلا وتخلّص عاتقه من وزر ثقيل ومقيت.

وعبر دموع الفرحة سأراك تطلعين كحلم في الأفق، حلم غائم وغير واضح، لأن الدموع في العين لن تسمح لي بأن أراك بوضوح!
لكنني سوف أتعرّف على بريقك وعلى محياك المبتسم المشرق وكذلك على دفئك، وعند ذاك سأرد على ابتسامتك بابتسامة مماثلة، لكن حزينة وخرساء، إبتسامة تحييك وتقول لك في صمت: شكرا لك على عودتك..






صلاة قبل الفجر - azurite - 05-26-2005



ولكن الاكيد انها لن تعود على نفس الطريق التي غادرت منها !

كلمات موحية مغرقة في الحزن ، الا ان فيها دفئ وصدق نادرين.