نادي الفكر العربي
زيوس» كبير آلهة الاغريق هو «جوبتر» كبير معبودي الرومان - نسخة قابلة للطباعة

+- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com)
+-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3)
+--- المنتدى: فكـــر حــــر (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=57)
+---- المنتدى: تـاريخ و ميثولوجيـا (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=7)
+---- الموضوع: زيوس» كبير آلهة الاغريق هو «جوبتر» كبير معبودي الرومان (/showthread.php?tid=32411)



زيوس» كبير آلهة الاغريق هو «جوبتر» كبير معبودي الرومان - بسام الخوري - 01-19-2005

استراحة البيان، يكتبها اليوم: محمد الخولي، الذين سرقوا الحضارة

في أتون الأحداث الراهنة، ترددت كلمة «الامبراطورية» كما استخدمها البعض للتدليل على لهجة التوسع والاستعلاء الأميركية،


واستعملها البعض الآخر من أجل استدعاء الامبراطوريات التي عرفها التاريخ وخاصة امبراطورية الرومان التي تأسست نحو سنة 500 قبل الميلاد وعمرت نحوا من خمسة قرون وبسطت سيادتها على بقاع وأصقاع شاسعة من خريطة العالم القديم، لم تنافسها سوى قرطاجنة في شمال أفريقية وسوى امبراطورية فارس وقد كانت الحرب بينهما سجالا تسامعت بها البرية وترددت أصداؤها في أشعار الرومان والفرس على السواء.


وفي نوبات التفلسف التي لا تلبث ان تراودنا بين حين وحين وخاصة على ايقاع الأحداث، تأملنا أوجه الشبه الكثيرة بين امبراطورية الرومان وامبراطورية الأميركان.


ومحور هذا الشبه هو نزعة الاقتباس ومن ثم النقل والمحاكاة والاستيراد ومن ثم الهضم والتمثل والاستيعاب.


في حالة الرومان لم يتورعوا ـ قاتلهم الله ـ عن نقل ـ وهل تقول سرقة ـ التراث اليوناني وخاصة منظومة الرموز المعبودة عند الاغريق حيث استوردها الرومان من أثينا الى روما وكل ما هنالك انهم خلعوا عليها أسماء وشعارات جديدة، وهكذا أصبح «زيوس» كبير آلهة الاغريق هو «جوبتر» كبير معبودي الرومان وأصبحت ابنته العزيزة «أثينا» اليونانية هي «صوفيا» الرومانية بشحمها الرهيف ولحمها الرقيق ـ كيف لا وقد ذكرت الأسطورة كيف ان المعبودة أثينا وقد جعلوها رمز الحكمة قد ولدت ـ باسم الله ما شاء الله ـ من عقل زيوس، والدها، وسيد جبل الأولمبي الكلي الاحترام، وهكذا أيضا ولدت صوفيا ربة الحكمة عند الرومان واشتقت من اسمها كلمة «فيلو صوفيا» بمعنى محبة الحكمة التي نقلها سادتنا المترجمون العرب في العصر العباسي الثاني الى كلمة فلسفة كما قد لا يخفى عليك تماما كما حاكى شاعر الرومان أوفيد أشعار سلفه الاغريقي هوميروس فأنشأ أوفيد «الانيادة» لتكون على وزن «الالياذة».


وبعيدا عن الحكمة والتفلسف، لم يقصر الرومان في سرقاتهم الحضارية، اياه، فكان ان اقتبسوا أيضا رموز الجمال والرغبة والفتنة الطاغية والحسن الآسر والأخاذ، رمز هذا كله كان السيدة أفروديت معبودة الجمال عند اليونان، فما كان من الرومان الا ان نقلوها بالحرف دون تعديل اللهم الا في الاسم حيث أطلقوا عليها اسم «فينوس» وقد ولدت من زبد البحر على سواحل جزيرة قبرص كلمة زبد البحر هي في اليونانية أفروس ومنها طبعا أفروديت.


ومن عجائب ـ بل من مظالم التاريخ ـ ان متاع السارق أصبح أشهر وأكثر ذيوعا من متاع الطرف المسروق، لا يكاد الناس يذكرون اسم أثينا بوصفها ربة الحكمة اللهم الا صفوة دارسي الحضارات وباحثي الميثولوجيا ورهط الكتاب المهمومين بتاريخ الحضارات (وقد نكون من زمرة هؤلاء أو أولئك) لكن ها هي السيدة صوفيا وقد ذاعت شهرتها واستطار صيتها في الخافقين، يذكرها الناس عاصمة لدولة بلغاريا ويذكرونها ـ وهذا هو الأهم ـ اسما لنجمة السينما الايطالية والعالمية أو بالأدق نجمة الاغراء سابقا طبعا، صوفيا لورين، وطبعا يذكرونها كلما تطرق الأمر الى حكاية الفلسفة التي يصدق عليها الاسم الواحد ربما في كل لغات المعمورة، وكم من حسناء ما زالت تحمل اسم صوفيا وأحيانا صوفي ولكن أثينا يقتصر اسمها على اسم عاصمة اليونان، ولا ندري هل تعدى الأمر الى حيث استخدموه في تسمية بناتهم في أميركا اللاتينية وهم الذين يطلقون على الناس أسماء من قبيل «مدينة» العربي أو «مرسيدس» الذي أصبح علما على السيارة الشهيرة.


وبمناسبة استخدام اسم «مدينة» لتسمية الأشخاص فقد كان اسم «بلد» ـ نعم «بلد» شائعا بين فتيات الأجيال الماضية بالأرياف في دلتا مصر ـ الى الشمال من وادي النيل ـ وقد حدثناك في لقاء سبق عن الآنسة المبجلة «بحيرة ناصر» التي صادفناها في احدى محاضراتنا السياسية في مقر واحد من الأحزاب المصرية في قلب القاهرة.


نعود اذن الى محور الموضوع، ونحسب ان المشابهة بين الرومان الأقدمين والأميركان المعاصرين تتجسد في ان الولايات المتحدة قامت ثقافتها على استيراد ثقافة القارة ـ الأم أوروبا الغربية، حيث اعتمدت لغتها الانجليزية بعد «أمركتها» في النطق وفي المصطلحات وتمثلت تقاليدها الديمقراطية بعد ان قامت بتطويعها وتكييفها كي تتناسب مع مجتمع قوامه جماعات الرواد المستوطنين ثم لم تتورع أميركا ـ امبراطورية، الرومان المعاصرة كما قد نسميها ـ عن استيراد العقول واستقدام الكفاءات والمواهب والعبقريات ومن أجل ذلك اصطنعت اسهل قانون للتجنس في العالم وخاصة في البند الذي يعرف باسم «تجنيس المواهب» الذي يمنح حق الاقامة الفوري أو شبه الفوري لأي موهبة مؤكدة تمهيدا لاستيطانها ومن ثم استيعابها ضمن تلافيف المجتمع الأميركي.


ومن عجب ان يعاود التاريخ سلوكه الغرائبي حين جعل أميركا تتفوق على أوروبا ـ حاضنتها الأولى، ورغم ما أرتكبته أميركا من استعارات واقتباسات، وسرقات ثقافية وحضارية، فقد كفت شهرتها صيت أوروبا التي جاءت منها أصول تلك الاستعارات وجذور تلك الاقتباسات. أصبح الطعام الأميركي السريع ـ على تفاهته ـ هو الأشهر في ارجاء العالم الأربعة، وأصبحت موسيقى الجاز وايقاعات البوب الشعبية ومقطوعات البلوز المقتبسة اصلا من تراث الدغل الافريقي ومعاناة الانسان الافريقي، اصبح هذا كله ذائع الصيت في أقطار الشرق والغرب، بل يكاد يدخل في تشكيل الوجدان والذوق لشباب هذا الزمان الغريب.


وتشاء مصادفات القدر أيضا ان تتخذ أميركا طائرا هو النسر الأصلع (فالكون) ليكون شعارا لها، وتماما كما استخدمت روما من طائر «الفونيكس» شعارها لامبراطوريتها، وهو الطائر الاسطوري الذي عرفه العرب بأنه «العنقاء» وقال فيه شاعرنا أبوالعلاء المعري «ارى العنقاء أكبر ان تصادا». وقد سبق لشعراء العرب الأقدمين ان عدوه في حكم المستحيلات الثلاثة وهي: العنقاء والغول والخل الوفي.


والحق ان الرومان كانت أيديهم طويلة بكل المقاييس، وحتى طائر الفونيكس ـ العنقاء لم يكن من عندياتهم ولا من ايداع قرائحهم، فقد سرقوه بدوره ـ عيني عينك كما يقال ـ لا من جيرانهم الاغريق بل كانت السرقة الحضارية هذه المرة من اخواننا المصريين القدماء، الذين تصوروا طائرا اسطوريا اسمه «بينو» قالت أوهامهم انه كان من اوائل المخلوقات وقد قدسه أهل هليوبوليس ـ عين شمس القديمة ـ بوصفه رمزا للشمس، أي للنور والضياء، وقالوا انه لا يظهر الا كل 500 سنة وبعدها يطير الى أرض لا يعرفها أحد ليجمع منها أغصان الطيب ويأتي بها الى «هليوبوليس» فيشعلها نارا يدخل فيها، وبعدها تشاء له اقداره ان ينهض من وسط الرماد حيا من جديد ليظل في الوجدان الاسطوري رمزا للتجدد والانبعاث.


ويشاء القدر أخيرا ان تعيش الامبراطورية الرومانية خمسة قرون، وهي دورة حياة واحدة لعنقاء الفونيكس، وبعدها بادت واندثرت. وها هي الامبراطورية الاميركانية تحاكي الرومان في كثير من سلوكياتها، فماذا تخبئه لها صروف الحدثان وتقلبات التاريخ؟



زيوس» كبير آلهة الاغريق هو «جوبتر» كبير معبودي الرومان - Jupiter - 01-19-2005



محمد الخولي أدامه الله يتحدث عن "التثاقف" بصفته سرقات وكأنه يتحدث عن قصائد شعرية !


زيوس» كبير آلهة الاغريق هو «جوبتر» كبير معبودي الرومان - بسام الخوري - 01-23-2005

من هوميروس الى أيامنا: كأن الأدب يُكرر الأدب وفي كل مرة يغدو جديداً
ربيع جابر الحياة 2005/01/18

نهبط في "الأوذيسة" (القرن الثامن قبل الميلاد) الى مملكة الأموات. نهبط مرتين. مرة أولى في الكتاب الحادي عشر. ومرة أخرى في الكتاب الأخير الرابع والعشرين. في المرة الأولى ينزل اوديسيوس (الاسم اللاتيني عوليس) الى "تحت" ليعرف ماذا سيجري له في المستقبل وكيف سيصل الى بيته وجزيرته وأهله. في المرة الثانية ننزل بلا عوليس, ننزل مع الرجال الذين قتلهم عوليس في قاعة قصره بعد أن بلغ جزيرته أخيراً. هذه الزيارة الثانية مقتضبة. لكنها تحفل بالصور الشعرية - الروائية. نرى المحاربين الإغريق الذين سقطوا تحت أسوار طروادة, يتحلقون حول قائدهم أغاممنون, يستقبلون الرفاق الذين قُطعت رقابهم للتو. صور القتل العنيف هذه لن تنتهي في ملحمة هوميروس. بعد سبعة قرون يرجع فيرجــيل اليــها وهــو يكــتب "الإنيــاذة".

كأن فيرجيل يترجم "الإلياذة" و"الأوذيسة" معاً من اليونانية الى اللاتينية. في الكتاب السادس من "الإنياذة" يهبط انياذ الى مملكة الأموات ليسأل عن مستقبله. تحت لا يلتقي أباه وأسلافه فقط: يلتقي أيضاً أولاده وأحفاده. يأخذ فيرجيل عن السلف ثم يحول ما يأخذه الى نص جديد. يفعل هذا في القرن الأول قبل الميلاد. وليتأكد من جغرافيا جزر إيجه يسافر من روما الى هناك فتضربه الشمس في سفينة على ظهر البحر. يموت فيرجيل كواحد من أشخاص قصيدته بضربة شمس وملحمته لم تكتمل تماماً بعد. صحيح انه كتب السطور الأخيرة وجعل انياذ الناجي من طروادة المحروقة يقتل عدوه طورنوس ويمهد الطريق أمام بناء رومــا, يقتله كما قتل آخيل هكتور... وصحيح ان فيرجيل, على فراش الموت, فكر انه - الى حدٍ ما - أنجــز خطة الملحــمة. لكنه تردد أيضاً. بعض الأبيات لم يكتمل بعد. وهناك عبارات ناقصة. وهناك سطور لا تعجبه. أكثر من هذا: قبل أن يلفــظ الأنفاس الأخيرة طلب من تلامذته ورفاقه إحراق ما كتب: إحراق المــلحمة.

كما سيحدث مع كافكا في المستقبل البعيد الغامض (في القرن العشرين بعد الميلاد) لم يحترم أحد وصية فيرجيل. لم تُحرق الإنياذة. وجرى نسخها. ثم تحولت الى النص المؤسس للأدب الروماني.

بعد قرون طويلة نرى دانتي يسير على خطى فيرجــيل. من جديد ها نحن ننزل الى مملكة الأموات. دانتي يأخذ فيرجيل دليلاً. ويلــتقي "تحت", بعد فيرجيل, هوميروس. هل يُترجم دانتي فيرجيل الذي ترجم هوميروس؟

العصور الوسطى تقتل دانتي بالملاريا. بينما يعبر مستنقعات ايطاليا عائداً الى بيته تحط بعوضة على ذراعه. بعقصة برغشة يموت الرجل الذي وصف كل تلك المشاهد الفظيعة في الجزء الأول من "الكوميديا". بعد سبعة قرون على "الجحيم", تجتاح الحرب العالمية الأولى الأرض. عقب هذه الحرب يكتب إليوت "الأرض اليباب".

وفي قصيدته الانكليزية يمرر أبياتاً كاملة من "جحيم" دانتي. هل يترجم إليوت دانتي؟ ليس إليوت شاعراً عادياً. انه يعترف مرة تلو أخرى بدينه للأسلاف. ليـــس دانتـــي فقط. ولكن فيرجـــيل أيضاً. صاحب "الإنياذة" يحـــضر في قصائد إليوت جميعاً. ما نقرأه يتـــحــول جزءاً سرياً من شخصيتنا. والشخصـــية هي الأسلوب. إليوت كان يدرك هذا. التقليد (التراث) جوهر الأدب. لا نولد من عـــدم. ولا نمضـــي الى عـــدم.

كافكا لا ينزل في قصصه الى مملكة الموتى لكنه يتخيل حياة خلدٍ يحيا في جوف التراب. كافكا تقوده أحلامه وكوابيسه, مثل إليوت, مثل دانتي, مثل فيرجيل, مثل هوميروس. لكن كافكا ابن العصور الحديثة الماكرة. هذا المكر يتكرر في أدب أعمى آخر (الأعمى الأول: هوميروس) اكتشف اسلوبه الشخصي في السرد بينما الحرب العالمية الثانية تُدمر مدن أوروبا وآسيا.

بعيداً وراء الأطلسي كتب خ. ل. بورخيس (1899 - 1986) قصصاً قصيرة تُترجم أدباً قديماً منسياً وغير منسي. لم تكن الظلمة زحفت على عينيه تماماً بعد. ولكن حتى بعد الظلمة سيظل بورخيس يكتب أدباً نادراً. سنة 1970 دوَّن في ثلاث صفحات قصة بيدرو سالفادوريس. رجل يحبس نفسه في قبو تحت بيته تسعة أعوام خوفاً من طاغية. هذا يحدث في بوينس أيرس القرن التاسع عشر. والقصة تتكرر في "أطفال منتصف الليل" لسلمان رشدي, وفي "الصرخة الصامتة" لكينزابوري أوي. الهندي - الانكليزي, والياباني, يُترجمان بورخيس. لكن بورخيس, مثل سلفه الاسباني سرفانتس, يخبرنا في إحدى ملاحظاته انه ليس أول من دوَّن قصة بيدرو سالفادوريس. يحيلنا بورخيس على كاتب ارجنتيني (أدواردو غوتيرز) سجل القصة أثناء القرن التاسع عشر. ويقول انه لم يقرأ القصة كما دوّنها سلفه. لكننا نعلم من ملاحظة أخرى لبورخيس, ومن سيرته الذاتية القصيرة, انه طـــالما قرأ - ومنذ الطفولة - أعمال الكاتب المـــذكور. هل يداعب بورخيس القارئ؟ هل يكـــون أول من دوّن القصة لكنه ينسبها وهـــماً الى كاتب سابق كما فعل سرفانتس؟ أم ان القصة قديمة فعلاً؟ رجل يحيا تحت الأرض... ليست هذه قصة جديدة. ألم يكتبها هوميروس؟ ألم يكتبها فيرجيل أيضاً؟ وقبل ذلك ألم تُكتب في مسرحية يونانية عنوانها "الضفادع"؟ صاحب "ذاكرة شكسبير" (1983) يعلم انها قديمة وجديدة معاً. كأن الأدب يُكرر الأدب. وفي كل مرة يغدو جديداً. ما السرّ؟ انتبه ستيفنسون وهو يكتب إحدى رواياته ان الدماء التي تجري في عروقه هي دماء أبيه. ودماء جده أيضاً.