نادي الفكر العربي
طلب - نسخة قابلة للطباعة

+- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com)
+-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5)
+--- المنتدى: قــــــرأت لـك (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=79)
+--- الموضوع: طلب (/showthread.php?tid=326)

الصفحات: 1 2


طلب - Narina - 04-19-2009

مرحبا أخي روقة (f)

ممكن كتب ل "ميشيل فوكو" و "ألفرد أدلر" بالعربي أو الإنجليزي مو مشكلة
بدي أغلبك معي





طلب - فيصل وزوز - 04-19-2009

Narina اسمحي لي أن أتجاوز الأخ روقة - وليسمح لي هو أيضا أ ن أحيلك إلى هذا الرابط من مدونتي في الفورشيرد :


http://www.4shared.com/file/71614817/107f2...chel_books.html



ثم إلى هذا الموقع ( شرط أن تسجلي فيه ) :



http://gigapedia.info/1/michel%20foucault


ولي عودة إن شاء الله بخصوص كتب فوكو بالعربية ( حسب علمي كلها ترجمت للعربية - ترجمها مركز الإنماء القومي )

لكنها غالبيتها العظمى غير متوافرة على الانترنت .


طلب - yasoub - 04-19-2009

ميشال فوكو..حفريات المعرفة
http://www.4shared.com/file/55112862/a1500...online.html?s=1
ميشال فوكو ..المعرفه و السلطه.
http://www.4shared.com/file/59310031/6b5cf189/____.html?s=1



طلب - Narina - 04-19-2009

Array
Narina اسمحي لي أن أتجاوز الأخ روقة - وليسمح لي هو أيضا أ ن أحيلك إلى هذا الرابط من مدونتي في الفورشيرد :
http://www.4shared.com/file/71614817/107f2...chel_books.html
ثم إلى هذا الموقع ( شرط أن تسجلي فيه ) :
http://gigapedia.info/1/michel%20foucault
ولي عودة إن شاء الله بخصوص كتب فوكو بالعربية ( حسب علمي كلها ترجمت للعربية - ترجمها مركز الإنماء القومي )

لكنها غالبيتها العظمى غير متوافرة على الانترنت .
[/quote]


Array
ميشال فوكو..حفريات المعرفة
http://www.4shared.com/file/55112862/a1500...online.html?s=1
ميشال فوكو ..المعرفه و السلطه.
http://www.4shared.com/file/59310031/6b5cf189/____.html?s=1
[/quote]

يسلمو هالإيدين :redrose:



طلب - فيصل وزوز - 04-19-2009

"تاريخ الجنون في العصرالكلاسيكي" في ترجمة عربية
عمر كوش





يعود تاريخ صدور كتاب ميشال فوكو "تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي" (histoire de la folie à l’age classique ) إلى عام1961، وترجمه إلى العربية سعيد بنكراد (المركز الثقافي العربي، 2006). ويعتبر من أهم مؤلفات هذا الفيلسوف، بوصفه عملاً نظرياً متكاملاً، أعلن انطلاقة مشروع فوكو الفلسفي الذي أثمر "الكلمات والأشياء، 1966"، و"المراقبة والعقاب، 1975"، وامتدّ إلى أكثر من ربع قرن من الاشتغال الفلسفي، وجهه فوكو نحو الفهم والمساءلة وخلق المفاهيم في كل المجالات والاتجاهات. وجدد فيه التناول الفلسفي من عالم الهوامش: "الجنون"، و"السجون" ليحاكم مسائل المعرفة والسلطة والذاتية والموضوعية والانسان، وبالخصوص مسيرة التاريخ، ويصل إلى مبتغاه في توجيه الانشغال الفلسفي من عالم الميتافيزيقا إلى عالم المختلف والمتعدد والأغيار.

يتناول فوكو في كتابه العلاقة الكائنة ما بين الجنون وبين العقل على مدار أكثر من أربعمئة سنة من التاريخ الأوروبي، أي منذ القرن السادس عشر وحتى النصف الثاني من القرن العشرين المنصرم. لكنه خص بالدرس الموسع العصر الكلاسيكي، أو ما عُرف بـ"عصر التنوير"، وبالتحديد القرنين السابع عشر والثامن عشر. إنه ذلك العصر الذي جاء بعد عصر النهضة مباشرة، ودخلت معه أوروبا في العقلانية المحضة أو الصارمة، ونحو تلك العقلانية وجه فوكو نقده وحفرياته المعرفية ومن جانبها المتعلق بالجنون في هذه المرّة.

وتوجب عليه خلخلة الأوهام الشائعة حول العقل والجنون، والتي قررت بأن الجنون صورة عن العالم الآخر، يقع في جهة، والعقل في جهة أخرى مختلفة تماماً، ولا اختلاط بينهما، مع أن كل إنسان عاقل فيه حبّة جنون، صغرت أو كبرت. وكشف فوكو أن كل شكل من أشكال الجنون له موقعه وشاراته وإلهه الحامي، وأن نظرة الناس إلى الجنون في القرون الوسطى كانت مختلفة عن العصر الكلاسيكي وعن نظرتنا في العصر الراهن إليه. وكان كل عصر يشكل تصوره عن هذه الظاهرة التي ترعب عالم "العقلاء"، لذا كان الهمّ منصباً على التحكم في الجنون. ولم يمنع التحكم الجنون من الاحتفاظ بكل مظاهر سيادته، حتى بات جزءاً من إجراءات العقل والعمل والحقيقة، يمارس نشاطه في الوجه الشفاف للأشياء وفي تقلبات النهار، في الظاهر وفي غموض الواقعي والوهمي، في تلك اللحمة غير المحددة والمستعادة دائماً والمنبوذة دائماً أيضاً. إنه يفصل الحقيقة عن الظاهر ويوحدهما كذلك. إنه يخفي ويكشف، ينطق الحقيقة ويكذب، فهو ظل ونور. إنه يغري، بوصفه الصورة المركزية والمتسامحة، صورة كانت هشة ومازالت لهذا العصر العسير.

إن ما يؤكد فرادة مؤلف فوكو في الجنون، ويمنحه طابعه الخاص، هو استناده إلى التاريخ العجيب للجنون، وإلى كل خبرات الإنسان وتجربته مع "حدوده" الدنيا والقصوى على حد سواء، حسبما يقول سعيد بنكراد مترجم الكتاب، فقد استقى فوكو مادته في هذا الكتاب من الطب الوضعي، وخصص قسطاً وافياً من كتابه لتناول هذه المعرفة، واستقاها كذلك – وبشكل أساسي - من عوالم الأدب والفن والمسرح والفلسفة، كما استقاها من الشعوذة والخيمياء وكل الممارسات السحرية، ومن تاريخ مؤسسات الدولة، بما فيها البرلمان والشرطة والجيش و"الأوامر الملكية" والمستشفيات العامة و"المارستانات" والسجون و"الدور الصغيرة"، دون أن ننسى مؤسسات "الحجز"، وهي اختراع من اختراعات العصر الكلاسيكي العجيبة. وتناول فوكو "الطب العقلي" و"السيكولوجيا" و"التحليل النفسي" ومختلف الأشكال العلاجية التي أعقبت العصر الكلاسيكي معلنة عن ميلاد "المجنون المريض" الذي سيخلف المجنون، بوصفه "الدرويش" و"الوحش" و"الشاذ"، تماماً مثلما سيخلف المارستان والعيادة دور الحجز والمستشفى العام.
واستفاد فوكو من كل ذلك كي يطاول الخبرة الإنسانية في لحظات خلقها لأشكال العسف المتنوعة للحدّ من اندفاع الجسد والروح، وتخطيهما لحدود "المعقول" و"العقلاني" و"المستقيم" و"الرزين"، وللانتشاء بالذات داخل عوالم اللاعقل التي لا تعترف بأية "حدود إضافية" غير تلك التي تأتي من أشياء الطبيعة وطبيعة الأشياء. وجاء عمل فوكو زاخراً، يهتم بـ" أهواء النفس" البشرية في حالاتها المتنوعة، وفق معرفة علمية تخص الجنون والعقل واللاعقل والاختلال النفسي وكل السلوكات "الغريبة" و"الشاذة"، ويحدوها الاندفاع نحو حدود لا تتوقف عن التوغل في المجهول.

سفينة الحمقى
يرصد فوكو بدايات تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي، منطلقاً من نهاية الجذام مع نهاية العصور الوسطى، حين اختفى الجذام، وتوارى المصاب به أو كاد من الذاكرة، إلا أن بنياته ستستمر، إذ ستشهد الأماكن ذاتها نفس لعبة الإقصاء مع الجنون قرنين أو ثلاثة بعد ذلك، فحلّ الفقراء والمشردون والخاضعون للإصلاح والمرضى عقلياً محل المصاب بالجذام. وظهرت "سفينة الحمقى" في الحقل المخيالي لعصر النهضة، كإحدى الأساطير الروائية أو الهجائية، سفينة غريبة جانحة، مليئة بالحمقى، تنساب في الأنهار الهادئة لنهر ريناني والقناطر الفلامية. كان لها وجود حقيقي، إذ كان المجانين يطردون من جنبات المدن ويشحنون على ظهر هذه السفن، أي أنها سفينة لم تصنعها حقائق التاريخ والممارسات الفعلية، بل صنعتها حاجات المخيال الإنساني الذي فتنه عالم الجنون، فنسج حوله مجموعة كبيرة من الحكايات والرويات. ذلك أن التخلص من المجانين والإبحار بهم إلى أماكن بعيدة عن المدن الرئيسية، واقع تاريخي لا يُمكن إنكاره، ويشهد على ذلك واقع الإقصاء والنبذ الذي تعرض له المجانين طوال فترة النهضة وتلك التي أعقبتها، إلا أن ما يعطي الواقعةَ قوتها ووظيفتها الجديدة هي أبعادها الإيحائية وإحالاتها على الأحاسيس التي تسللت إلى الثقافة وصاغت داخلها حدود ضمير يشكو من قلق واضطراب تجاه عالم الجنون.

لا يفوت فوكو تناول ممارسات السحر والشعوذة والطقوس الاستئناسية، لأن عمله يطاول أيضاً العوالم الرمزية وكل الصور المخيالية التي أنتجتها المخيلة الإنسانية، بغية تحديد ورسم حدود عالم الجنون، المليء بالصور والاستيهامات، والمليء أيضا بأشكال النبذ والإقصاء وسفن الحمقى. إذ يتحدد كل شيء ضمن هذه العوالم، من خلال التقابل الذي لا يُرى بين "حقيقة الجنون الموضوعية "، التي ستعرف طريقها إلى مستشفى الأمراض العقلية، وبين العوالم الثقافية والسياسية والإيديولوجية والأخلاقية كذلك، التي تستثيرها شخصية المجنون. وهي عوالم تسللت إلى كافة أشكال التعبير الإنساني، الأدب والفن والفلسفة، وكذلك مجمل التصورات التي يعيش فيها المجنون داخل اللغة وداخل خطاطات السلوك الاجتماعي وعوالم التقديس والتدنيس على حد سواء.
كانت السفينة وعوالمها أقرب الأدوات إلى التعبير عن هذا القلق، فهي تتمايل كما يفعل الموج والزبد المنكسر على الشطآن، ونهاياتها ليست سوى بدايات متجددة، فكل مرفأ ليس سوى محطة للسير نحو محطات أخرى ضمن رحلة لا تنتهي. وقد لعب الإبحار والماء دوراً رمزياً، وإقصاء المجنون هو الذي يقوده إلى الحجز، إذ أن المجنون المحتجز داخل مركب لا يستطيع الفكاك منه، فلا يجد عير تسليم أمره للنهر ذي الأزرع المتعددة، وإلى الماء ذي السبل المتعددة. إنه يسلم نفسه إلى عالم اللايقين الموجود خارج كل شيء. لكنه مسجون ضمن السبل الأكثر حرية والأكثر انفتاحاً، فهو موثوق بشدة إلى الملتقيات اللانهائية. وإن فقدت السفينة نقطة الإرساء النهائية فإنها تتحول إلى قدر سيزيفي دائم التجدد، فكان أن لعبت رحلة ركوب الماء هذه دوراً في صياغة عوالم مخيالية تمنح المجنون وجهاً آخر، يكون فيها المجنون بؤرة المرور بامتياز، أي أسير العبور. والأرض التي سيحط عليها تجهل عنه كل شيء، تماماً كما لا تعرف اليابسة التي تطؤها أرجله من أي أرض هو آت. فلا حقيقة له ولا وطن إلا في ذلك الامتداد الخصب بين البراري التي لا يمكنه الانتماء إليها. ها هم المجانين وقد تحولوا إلى كائنات تطاردهم لعنة اللاعقل، يرحلون إلى اللاشيء على ظهر سفينة أصبحت غريبة عن الأرض التي جاءت منها، ولا تعرف أي شيء عن المرافئ التي تسير نحوها. إنها رحلة غريبة إن لم تأت بالمال، فإنها قد تعيد للمجنون عقله.

الاعتقال الكبير
لقد أعاد عصر النهضة إلى الجنون صوته، ولكنه تحكم في مصادر عنفه، وسيأتي العصر الكلاسيكي لكي يسكت صوته بقوة غريبة. في عصر النهضة كان العقل واللاعقل مجتمعة بمعنى أنه لم يكنهناك رفض صارم لـ"اللاعقل". كان هناك شعراء مجانين وأدب مجنون إلا أنه في القرن السابع عشر استبعد الجنون نهائيا من الساحة.

وظهر "المستشفي العام" في سنة 1661، كي يتجسد الحجز فيه بامتياز، سجناً وإصلاحية ومأوى ومارستاناً، بمعنى آخر أداة قمع مثلى، تنهض بكل شيء باستثناء العلاج. فقد أُنشئ في بداية الأمر في فرنسا بأمر ملكي لمحاربة العطالة والتسكع والتسول في الشوارع وعلى أبواب الكنائس، ليصبح بعد ذلك غولاً هائجاً، سرعان ما ابتلع في طريقه كل شيء. ابتلع كل الذين يوجدون على جنبات خط رفيع لا يُرى، رسمته المصالح الخاصة والعامة، مصلحة العائلة، ومصلحة المجتمع، ومصلحة الدولة. لكن عالم الحجز كان غريباً، فقد كان يضم داخله المجانين والمختلين والمنحرفين والشاذين جنسياً، كما ضم المبذرين والبخلاء والمنحلين والغارقين في اللاعقل ويعيشون في غيابات الجنس والفلسفة والأدب وكل أشكال الإبداع التي تغطي تجربة روحية لا تتوقف إلا عند حدودها القصوى، كما ضم أيضاً المرابين والمشعوذين وكل الذين خرجوا عن أخلاق المجتمع أو شككوا في قيمه.

بالمقابل، يبحث فوكو عن الجنون في أعمال سيرفانتس وشكسبير، حيث لا يطل سوى على التمزق، ومن ثم على الموت. لكن سرعان ما سيغادر الجنون مناطقه القصوى التي وضعه فيها سرفانتس وشكسبير ليحتل، في أدب بداية القرن السابع عشر، موقعاً وسطياً، لينشر الجنون سلطته داخل فضاء الرؤية الخالصة. استيهامات ومظاهر خالصة لحلم العالم وقدره السري. إنها عوالم عجيبة كما هي لوحات غويا وأعمال بوش، عوالم من صنع مخيال مزقته الأهواء، إنها التعبير الأسمى عن الحقيقة الحقيقية للجنون، لذلك لا أحد يتحكم فيها، إنها خارج سلطة القانون والدين والأخلاق، فما ينتجه المخيال يدخل ضمن عوالم الممكن المنفصلة عن قوانين الواقع وآلياته في التحكم والتوجيه والتوقع. وضمن حالات الجنون ستصنف أعمال أدبية وفلسفية كبرى كأعمال نيتشه ونيرفال وأرتو، وأعمال مجموعة أخرى من الأدباء والفنانين الذين أسلموا قيادهم لوجدان فك كل قيوده وانغمس في حالة هذيان لم يعد يعرف حدودا في الانفعالات والأزمنة والفضاءات، وضمنها أيضا صنفت أعمال ساد.

عالم الصلاحيات
كان الحجز والسجن هو التصرف مع المجانين، بوصفه الحل الذي اهتدت إليه مخيلة الفترة الكلاسيكية، حيث أصبح السجن المكان المخصص للخلاص من الخطايا ضد الجسد والأخطاء ضد العقل. لقد أصبح الجنون رديفاً للخطيئة وذاك هو الرابط الذي سيظل ثابتاً على مدى قرون بين اللاعقل والذنب. لذلك فما نعرفه عن الوجوه الرمزية للجنون أكبر بكثير مما نعرفه عن وجوهه الطبية وآليات التصنيف والعلاج الوضعي. فالسلطة الطبية، بل كل السلط، لا تستطيع فك إساره من أحكام مسبقة هي وجهه وحقيقته ووضعه. لذلك فإن هذه العوالم الرمزية لا يتحكم فيها المارستان والوصفات الجاهزة وأشكال الحراسة والعقاب، إن مضمونها من طبيعة غير مرئية، إنها أحكام متنوعة منها ما يأتي من الأخلاق والدين والقضاء: الفصل بين الذات الاجتماعية والذات الحقوقية، بين ما هو مرتبط بالإدانة الأخلاقية وبين ما يعود إلى اللامسؤولية الجنائية، ومنها ما يأتي من كل المعتقدات التي ترتكز على حقيقة ثابتة وأصلية هي أداة الحكم والتصنيف: يمكن أن يكون المجنون وجها سرياً من وجوه الله، مثل حالات الدرويش المسالم، وهو وجه مألوف في كل الثقافات، وحكمة الطبيعة هي من العمق لدرجة أنها تستعمل الجنون باعتباره الدرب القصير المؤدي إلى الحكمة، متخطيا أشكاله الخاصة من خلال عناية إلهية غير مكشوفة"، ويمكن أن يكون تعبيرا عن إدانة إلهية لإنسان خلق هلوعاً، مثل حالات الجنون الساخط والعنيف.

الحمقى
هنالك وجه آخر للتجربة، إذ لم يقتصر حجز المجانين عليهم فقط، بل طاول السجن "الحمقى"، مما يشير إلى أن العقلانية أصبحت متعجرفة ضد كل من لا يتفق معها، واختفى معها تسامح عصر النهضة. وكانت التهم توجه إليهم مثل "مترافع متصلب"، و"مشاكس كبير"، و"إنسان سيئ وكثير الشغب"، و"رجل يغني في الليل والنهار ويتفوه بسباب رهيب"، و"ذهن قلق وحزين وفظ". ولم يأبه العصر الكلاسيكي بالتفريق بين الجنون والخطأ، فقد أصبح الجنون جريمة. غير أن حقائق عوالم الجنون أطول عمراً وأشد وقعاً من حيثيات المرض وأعراضه، فهي غير ثابتة الحدود والمعالم والمعارف. إنها تمتد في كل الاتجاهات وتتسلل إلى كل مناطق الوجود الإنساني، فالمجنون يعير صورته لكل ظواهر الانتماء الثقافي، إلى مؤسساته ومعاييره ومقاييسه في الحكم وخطاطاته كأشكال "إيديولوجية" للضبط والمراقبة والردع وحماية الحدود و"الوسط المضبوط"، لكي يصبح في النهاية أداة لقياس كل ما هو غير عادي ومألوف. "هذا جنون"، حكم يُلقى في وجه كل ما لا يستقيم داخل خطاطة ثقافية أو سياسية مسبقة. وعليه فإن الأمر يتعلق بفعل ثقافي وثيق الصلة بحالة المجتمع الحضارية. وهو الفعل الذي نستند إليه من أجل الفصل بين ما نقبله باعتباره ينتمي إلى دائرة العقل، وبين ما نرفضه باعتباره لاعقلا. وهو فصل بسيط في مظهره البدئي، إلا أن امتداداته لا حد لها ولا حصر.

التحول النوعي
لم يحدث التحول في الوعي الأوروبي المتحولتجاه الجنون بشكل منتظم، مع أنه كان بارزاً في عدة أماكن فيأوروبا. فالوعي المباشر لقضية الجنون فكرياً وطبياً أخذ مسارات غير متماسكة، وكان هناك عمل مستمر موجه للجنون تعريفاً وفحصاً. وكان تعريف الجنون في القرن الثامن عشر يتحدد في الانزياح عن العقل دون معرفة ذلك، لانعدام الأفكار. وتظهر صرامة العقلانية تجاه الجنون إلى حدّ اعتبرت فيه كل ما لا يتفق معها جنوناً يجب أن يحجز ويخفى عن الظهور. وحين كان الجدل الفلسفي حول روحانية الروح أو ماديتها مشتعل في العصر الكلاسيكي، فإن السؤال طاول روح المجنون التي اعتبرت مريضة، بوصفها جزءاً من الجسد المريض. وهو سؤال هشّ، لا يقوم كل جواب عليه سوى بإغراقه بالمزيد من الالتباس.
مع الثورة الفرنسية إنهار الحجز، ولم يعد هناك سجن للمجنون، وبعد الإعلان عن حقوق الإنسان، دخلت مرحلة التحريات الكبرى بحيث لم يبق أحد في السجن إلا وفق القانون وفي الضرورة القصوى، ولن يبق المجنون في السجن بعد مرحلة التطبيق العملي لميثاق حقوق الإنسان. لكن ليل المجنون الحديث، ليس هو ليل الحلم، حيث تصعد وتتوهج الحقيقة المزيفة للصور، إنها ليلة تحمل معها رغبات مستحيلة وإرادة متوحشة، وهي رغبات لا تتمتع في الطبيعة بالقدر الكافي من الحرية.

جنون العباقرة
يتوقف فوكو طويلاً أمام جنون الفلاسفة والشعراء والأدباء والفنانين، أمثال هولدرلين، ونيتشه، وآرتو، وجيرار دونيرفال، وغويا، وساد، إلخ. وهو جنون يحق له أن يحاكم العقل الغربي المتغطرس وليس العكس، إذ لا يوجد أي عقل في العالم يستطيع أن يرتفع إلى مستوى جنون فريديريك نيتشه أو الشاعر الكبير هولدرلين. ولا يجد فوكو غير الثناء على هذا الجنون والتحدث عنه بحميمية وشاعرية، فهؤلاء المجانين الكبار قدموا روائع خالدة للثقافة الإنسانية.

ويرى فوكو أن جنون تاس، واكتئاب سويفت، وهذيان روسو، كلها حالات معبّر عنها في أعمالهم، تماماً مثلما أن هذه الأعمال مرتبطة بأصحابها. فالعنف الذي يتكلم في نصوصهم وفي حياتهم هو من نفس الطبيعة، أو نفس الهم، رؤى تتحاور فيما بينها، اللغة والهذيان يتداخلان. لقد كان العمل والجنون مرتبطين ارتباطاً عميقاً: هذا يضع حداً لذاك، إنها مفارقة. ذلك أن هنالك منطقة يتمرد فيها الجنون على العمل، ويختزله بشكل ساخر، جاعلاً من مشهده المخيالي عالماً باتولوجياً من الاستيهامات. والعكس صحيح، لقد كان الهذيان ينفصل عن حقيقته الهزيلة كجنون، ليثبت نفسه بوصفه عملاً.
إن جنون نيتشه وفان غوغ أو آرتو، معبر عنه من خلال عمل صاحبه، وهنا تنتهي الحكاية. قد يكون ذلك التعبير عميقاً، لكنه تمّ من خلال عالم آخر. لكن فوكو يعلن أن الجنون هو قطيعة مطلقة في العمل، بوصفه يشكل اللحظة المكونة لاندثار ما، ويؤسس في الزمن حقيقة العمل. إنه يرسم حدوده الخارجية وخط الانهيار، إنه بروفيل ضد الفراغ، لذلك يطالب العالم، الذي كان يعتقد بأنه يعرف حجم الجنون ويبرر وجوده من خلال السيكولوجيا، بأن يبرر وجوده أمام الجنون.

منقول من مجلة الأوان


طلب - الواد روقه - 04-19-2009

مرحبا Narina

الاخوة الاعزاء قاموا باللازم في توفير النسخ العربية

Michel Foucault - Vigiar e Punir

http://www.4shared.com/file/98751827/b242a...__pdf_.html?s=1


Foucault, Michel - Madness and Civilization

http://www.4shared.com/file/96023026/9e459...zation.html?s=1


Foucault, Michel - Pedagogy and Blood

http://www.4shared.com/file/96023800/4b030..._Blood.html?s=1



Foucault Michel - Micro Fisica Del Poder

http://www.4shared.com/file/70462485/5a5d2..._Del_Poder.html


The Science Of Living

http://www.archive.org/download/scienceofl...ng029053mbp.pdf


The neurotic constitution;
outlines of a comparative individualistic psychology and psychotherapy.
Authorized English translation by Bernard Glueck and John E. Lind

http://www.archive.org/download/neuroticco...u00adleuoft.pdf


Study of organ inferiority and its psychical compensation;
a contribution to clinical medicine. Authorized translation by Smith Ely Jelliffe

http://www.archive.org/download/studyoforg...e00adleuoft.pdf



طلب - Narina - 04-19-2009

ألف شكر :redrose:


طلب - فيصل وزوز - 04-19-2009

حوارات ونصوص (( ميشيل فوكو وجاك دريدا ))
تأريخ النشر

March 27, 2009




كريم عباس زامل



في هذه الحوارات وبداية بسيرة ميشيل فوكو وهي استعراض لحياة ميشيل فوكو تبدأ بولادته في عام 1929 إلى نهايته المأساوية بالايدز وكذلك استعراض لمؤلفاته المختلفة وتحت عنوان اعترافات ميشيل فوكو وهي بقلم روجيه بول دروا ، في هذه المقابلة والتي تبدأ بسؤال(( هل أنه فيلسوف وما هي مجالات البحث التي يقوم بها؟)) فينفي أن يكون فيلسوفا وكذلك يعتبر مجال بحثه في تأريخ الجنون في العصر الكلاسيكي وكذلك مولد العقاب والعيادة ، وحين يسأل فوكو عن ماهية الجنون ومتى يتم تسمية المجنون مجنونا فأنه يشير إلى دراساته في علم النفس المرضي وجهوده من يوم كان طالبا في تقصي الحقائق عن المجانين ومعاناته الشخصية في الحصول على المعلومات ، وعندما نشر كتابه عن تأريخ الجنون أحس بالوحدة وبالكره من الماركسيين

وهو يصف كتابه بأنه أحدث نوع من العصف في الوسط الثقافي وكذلك يقرر فوكو في هذا اللقاء بأن كتبه عبارة عن ألغام وكتل من المتفجرات وحين يسأله روجيه بول دروا هل أنه كان ماركسيا في السنوات التي قضاها في دار المعلمين العليا فأجاب بأن الشباب من جيله كانوا بين الماركسية والفينومينولوجيا التي تقود إلى هوسرل وليس إلى تفسيرات سارتر وميرلوبونتي الهيرمونطيقية وفي أشارة له إلى جينالوجيا نيتشه وهوسرل يحاول أن يطرح إشكاليات الخطاب في مجتمع بدون سلطة قاهرة وهو يتساءل هل أن السلطة واجبة أم غير واجبة ويناقش أواليات الاستغلال بالنسبة لهذه السلطة .

وفي مقال(( أوديب –النقيض)) وهو عبارة عن مقدمة كتبها فوكو لكتاب الشيزوفيرينيا والرأسمالية لجيل دولوز وفيلكس جاتاري ، حيث ينصح فوكو الآخرين بعدم الاقتراب من السلطة وكذلك يناقش علاقة الفرد بالسلطة ويحاول في مقالة أخرى عن (( السلطة الطبنفسية ))أن يوضح مهمة الطبيب النفسي ودور العيادة في العلاج النفسي .

وفي الحوار الثاني وهو تحت عنوان (( أخر حوار مع جاك دريدا )) ((أنني في حرب مع نفسي )) حيث أجرى الحوار جون بيرنيوم ، وفي هذا الحوار الذي تم قبل وفاة دريدا يحاول فيه توضيح الخطوط العريضة لفلسفته بدءا بكتابه الجراماتولوجي وكتابه أطياف ماركس وهو في البداية يؤكد على أن الفلسفة هي أمكانية نعلم فن العيش وكذلك التعلم كيف نموت وفي مقال لدريدا حول مفهوم التفكيك حيث يحاول أن يعطي لهذه الكلمة معناها الحقيقي ، حيث يقرر بأن هذه الكلمة لا تعني الهدم والانحلال بل تعني تحليل وتفكيك البنى المترسبة والتي تشكل العناصر الفلسفية التي نفكر بها .

ويستشهد دريدا ببعض نصوص هيدجر ويقول أن التفكيك ليس فلسفة ولا هو سؤال عن الوجود أنما هو منهج اختصاصي وطريقة للدراسة ومجموعة إجراءات يمكن تقديمها بشكل متكامل .

وتحت عنوان (( دروس جاك دريدا ))حيث يجري فرانس أولفييه جسيبير حوارا مطولا مع دريدا حيث يسأله في البداية عن توجهاته الفلسفية حيث بداية تعرفه على نيتشه وهيدجر وروسو وفاليري وأندريه جيد حيث كان لا يفرق بين الفلسفة والأدب ويسأله عن الفلاسفة الذي تأثر بهم فيقول بأنه تأثر كثيرا حين قرأ كيركيجارد وهيدجر وهوسرل وكذلك أعجب بسارتر حيث قال أنه كان يتمنى أن يكتب مثل سارتر في الرواية والفلسفة والسياسة وكذلك تأثر بأندريه جيد وخصوصا بكتابه ((مستنقعات ) و ((واللاخلاقي )) وحين سأل عن دور الفيلسوف قال بأنه يعتبره فوق الجميع وعلى السياسي أن يتبع خطواته وعلى الجميع أن يجعل للفلسفة مكانا متميزا .

وفي الفصل المخصص لموريس بلانشو وهو بعنوان((أسهام السيرة الذاتية ))بقلم كريستوف بيدونت حيث يتناول سيرة موريس بلانشو حيث يشير إلى دراسته للتأويل الاسطوري لمالارميه وكذلك مساهمات بلانشو البنيوية ،حيث له إسهامات واسعة في جينالوجيا الإبداع وخصوصا في كتابيه (( المحاورة اللانهائية )) و(( الصداقة )).

كما كرس نفسه للدراسات والبحوث المطولة حيث قدم مداخلات مهمة عن

(( جويس ومالارميه وميشو وفرويد ونيتشه وملفيل )).

وكذلك يقدم دريدا في فصل (( بلانشو وله الكلمة الأخيرة ))

وهو رثاء دريدا لموريس بلانشو وهي كلمته الأخيرة عنه أو اللوغوس بحق بلانشو كما يسميه أو عن فلسفة الموت ، وحين يكون الشاهد أو من يتكلم نيابة عن الميت وفاءا له أو عن سر الموت الذي يبقى محيرا .

أنه كتاب يستحق القراءة .





طلب - فيصل وزوز - 04-19-2009

ميشيل فوكو ...


--------------------------------------------------------------------------------
مؤلفة هذا الكتاب هي الباحثة الفرنسية بلاندين كريجيل وهي استاذة جامعية وفيلسوفة معروفة في فرنسا. وتشغل اليوم منصب رئيسة المجلس الأعلى لدمج الاجانب في المجتمع الفرنسي. وكانت قد نشرت سابقاً عدة كتب مهمة نذكر من بينها: فلسفة الجمهورية (1998)، الدم، العدالة، السياسة (1999)، تأملات حول العدالة (2001). وفي هذا الكتاب الجديد تتحدث المؤلفة عن اشهر فيلسوف فرنسي في القرن العشرين بعد سارتر: ميشيل فوكو.


ومنذ البداية تقول المؤلفة بما معناه: لقد مات ميشيل فوكو عام 1984 ولكن فكره لم يمت معه. على العكس فانه لا يزال يثير المناقشات الحامية ويغذي التأمل الفلسفي وقد عاداه البعض وحاولوا دفنه كفكر بحجة انه كان مراهقاً من الناحية السياسية، بل ومتطرفا فوضوياً، لا مسؤولاً.والبعض الآخر دعا الى نسيانه بكل بساطة باعتبار ان زمنه قد مضى وانقضى ولم يعد فكره يناسب عصرنا. ثم تردف المؤلفة قائلة:


ولكن على الرغم من كل هذه الانتقادات فان تأثيره امتد لكي يشمل كلتا ضفتي المحيط الاطلسي: اي في اميركا واوروبا فانتشاره واسع في الجامعات الاميركية والكثيرون هناك يعتبرون ان فكره يمثل الفلسفة الفرنسية بالفعل.


وترى المؤلفة ان فوكو جسد روح عصره من الناحية الفكرية والفلسفية. وهناك اشياء سقطت من اعماله واشياء لا تزال سارية، المفعول حتى الآن. وبما ان السيدة بلاندين كريجيل كانت مساعدة لفوكو في الكوليج دوفرانس واشتغلت معه لفترة من الزمن فانها أعلم الناس به وتعرف عما تتحدث بالضبط.


من أهم فصول الكتاب فصلان: الاول يتحدث عن فوكو كفيلسوف، والثاني يتحدث عنه كمفكر سياسي منخرط في الممارسة العملية والنضال. فيما يخص الجانب الاول ترى المؤلفة ان فوكو سيطر على كل فلاسفة عصره بفضل قوة فكره وقدرته على الاقناع وجمال اسلوبه.


والواقع ان فوكو لم يكن فقط فيلسوفاً، وانما كان ايضا اديبا شاعراً من الطراز الاول. ويكفي ان يقرأ المرء كتابه عن تاريخ الجنون، او كتاب الكلمات والاشياء لكي يتأكد من ذلك.


فهو ذو اسلوب نيتشوي بركاني، متفجر. ولذلك يعتبرونه احد كبار الكتاب في اللغة الفرنسية ليس فقط فيلسوفاً او مفكراً كبيرا.


ومن أهم سمات فوكو هي انه جمع بين تيارين متناقضين في الفكر: التيار النيتشوي الرومانطيقي، والتيار المنطقي العقلاني لقد جمع بين نيتشه من جهة، وباشلار واليكسندر توليري وكبار علماء المنطق من جهة اخرى، بمعنى آخر لقد جمع بين الحار والبارد، او بين الماء والنار. وهذا شيء قل ان يتوصل اليه مفكر.


ثم هناك ميزة اخرى له: وهي انه كان ذا ثقافة ادبية وفنية واسعة، وفي ذات الوقت ذا ثقافة علمية وابستمولوجية واسعة، ايضا، وبالتالي فقد استفاد من العلوم الطبيعية او الفيزيائية وطبق منهجيتها على العلوم الانسانية.


وهذا ما فعله كبار الفلاسفة من قبله من أمثال أوغست كونت صاحب الفلسفة الوضعية، ولا ينبغي ان ننسى ان فوكو كان ابن طبيب مشهور في مدينة بواتييه وبالتالي فعلاقته بعلم الطب والتشريح وثيقة، وفي ذات الوقت كان من أكبر المعجبين برامبو، ومالارميه، وانطونين آرثو، وسواهم.


ثم تضيف المؤلفة قائلة:


ولكن المنطق الاساسي لفلسفة فوكو يكمن في مكان آخر، انه يعود الى تقنية شخصية بحتة، ينبغي العلم بأن فوكو كان شاذا من الناحية الجنسية، هذه المسألة اثرت عليه كثيرا منذ شبابه الاول، وقد عانى الأمرين بسبب هذه العاهة التي لا يستطيع منها فكاكا.


ولهذا السبب فإن كل فلسفة ما هي إلا دفاع عن المنبوذين في المجتمع : سواء كانوا مجانين، ام مساجين، ام فقراء مهمشين، ام شاذين، ام منبوذين لسبب أو لآخر.


والميزة الاساسية لفلسفته هو انه عكس التطور الفكري السابق عليه، فمعظم الفلاسفة كانوا ينظرون الى الامور من زاوية العقل والمركز اما هو فراح ينظر اليها من زاوية الجنون والهامش او الهامشية، وهكذا اكتشف اشياء جديدة لم يرها الآخرون من قبله، لقد نظر الى الاشياء من بابها الآخر.


يضاف الى ذلك ان الرجل عانى من مرض نفسي رهيب في شبابه الاول بسبب شذوذه، وعرض نفسه على اطباء عديدين لكي يشفوه، بل ووصل به الامر الى حد انهم سجنوه فترة في احدى المصحات العقلية، ولذلك اهتم بظاهرة الجنون فيما بعد وكرس لها أطروحته الجامعية الكبيرة، وليس عبثا انه فهم مشكلة الجنون اكثر من غيره.


وعندما توصل الى اكتشافه الكبير عن الحدود الفاصلة بين الجنون والعقل استطاع ان يشفى من جنونه، وهذا ما عبر عنه صديقه التوسير عنه ما قال: انا وميشيل فوكو كنا نمشي على حافة الهاوية، اما هو فقد نجا واما انا فقد سقطت فيها!


ومعلوم ان التوسير انتهى به الامر الى خنق زوجته والسقوط في الجنون الكامل وفقدان العقل.


وبالتالي فكل فكر ميشيل فوكو ناتج عن تجربة شخصية حادة، تجربة كادت ان تودي به.


ولكنه بعد ان استطاع تجاوزها اصبح اقوى رجل في عصره، واكبر فيلسوف في جيله، فالانسان الذي ينتصر على نفسه يستطيع ان ينتصر على كل شيء.


هنا تكمن عظمة ميشيل فوكو، فمن شخص مهزوز، معقد، مريض نفسيا، استطاع ان يصبح كاتبا ومفكرا عبقريا واستاذا في كبريات الجامعات الفرنسية والعالمية، وهذا ليس بالشيء القليل.


ثم تطرح المؤلفة السؤال التالي: ما هي النظرية المعرفية الجديدة التي أتى بها ميشيل فوكو؟ بحسب رأيها فإنها تجلت بشكل واضح في كتابه الشهير: الكلمات والاشياء، ففيه اكتشف ان كل عصر له خصائصه العلمية وممارساته السلطوية، وانه يستخدم الاولى لخلع المشروعية على الثانية،


وبالتالي فلا توجد حقيقة مطلقة صالحة لكل العصور، ويرى فوكو ان العصور الحديثة تستخدم العلوم الانسانية لخلع المشروعية على سلطة التدجين والقمع السائدة فيها، وبالتالي فهناك تواطؤ بين مختلف اجهزة المجتمع ومؤسساته: كمؤسسة البصمات العقلية، ومؤسسة السجن، ومؤسسة الثكنة العسكرية، ومؤسسة المدرسة، ومؤسسة المشغل الحرفي او المصانع، وحتى مؤسسة البوليس والمخابرات.


في الماضي كان الكاهن المسيحي هو الذي يخلع المشروعية على السلطة السياسية، اما في مجتمعات الحداثة التي تشكلت بعد الثورة الفرنسية فقد اصبحت العلوم الانسانية هي التي تخلع المشروعية على مؤسسات السلطة.


بمعنى اخر فإن علم النفس، والتحليل النفسي، وعلم الاجتماع، وعلم الاقتصاد، وعلم اللغة او الألسنيات وعلم الانثربولوجيا هي التي اصبحت المعرفة، الحقيقية وحلت محل اللاهوت المسيحي القديم، فعندما يستشعر الفرنسي المعاصر بمشكلة مع ضميره او عقدة نفسية لم يعد يذهب إلى عند الكاهن لكي يجلس على كرسي الاعتراف ويعترف له بكل ما فعله، وإنما أصبح يذهب إلى عند المحلل النفساني، وهنا يكمن الفرق بين المجتمعات التقليدية، ومجتمعات الحداثة.


كل هذه الأشياء درسها فوكو ووضحها بشكل جيد. ثم كشف عن الملابسات السلطوية لكل أنواع المعرفة السائدة. فالمعرفة لا توجد في جهة، والسلطة في جهة أخرى. وإنما المعرفة هي بحد ذاتها سلطة. والسلطة تكون قادرة على جلب المعرفة إلى جانبها.


فالإنسان عندما يتوصل إلى المعرفة يستطيع أن يتحول إلى نوع من السلطة في مجتمعه. ويصبح الآخرون يهابونه ويحترمونه أكثر. بل ويستطيع أن يستغل معرفته أو شهرته لأغراض مادية إذا ما أراد. والإنسان الذي يمتلك السلطة يستطيع أن يجذب إليه كبار العلماء وان يستغل معرفتهم في ترسيخ سلطته إذا ما أراد.


وبالتالي فهناك علاقة ديالكتيكية واضحة بين السلطة والمعرفة. وهما ليستا منفصلتين عن بعضهما البعض كما نتوهم عادة. فنحن نعتقد ان السطة جاهلة أو عمياء لمجرد انها سلطة، وان المعرفة عزلاء لا هدف لها إلا الحقيقة ولا سلطة لها.. وهذا خطأ ينبغي تصحيحه.


ثم تتحدث المؤلفة عن عودة فوكو الى كانط وتقول: في أواخر حياته تحول فوكو من نيتشوي الى كانطي دون ان ينكر اعجابه بنيتشه. وبالتالي فليس صحيحا القول بأنه كان ضد التنوير كما يزعم بعضهم.


على العكس، فان فوكو لم يتنكر للتنوير أبدا على الرغم من نقده الجارح للحداثة الاوروبية ومؤسساتها.


ولكن الشيء الذي مات في فكر فوكو ولم يعد صالحا لعصرنا هو التالي: لم نعد نرى في مؤسسات الحداثة مجرد مؤسسات قمعية هدفها قمع الأفراد أو تدجينهم، وانما أصبحنا نرى فيها مؤسسات ايجابية تهدف الى حماية حقوق الانسان والمواطن، وحماية أمنه وسلامته. فلولا دولة القانون لساد قانون الذئاب في أوروبا ولأصبح الفرد يخشى على حياته من السجن التعسفي أو ملاحقة الاجهزة والمخابرات بدون سبب كما هو حاصل في دول العالم الثالث مثلا.


ولكننا نعلم ان هذا ممنوع في الغرب لسبب بسيط: هو ان الدولة محكومة بقوانين معينة لا تستطيع انتهاكها او الخروج عليها. وحتى رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء لا يستطيع انتهاك القوانين السائدة أو ملاحقة شخص ما لأسباب شخصية وبدون سبب.


وبالتالي فالدولة الشرعية التي تحكم باسم القانون تحمي مواطنيها من البطش، أو العسف، أو الظلم غير المبرر. ولا ريب في ان فوكو بالغ في نقد مؤسسات الحداثة، وبالغ في رؤية الوجه السلبي لها. ولكنه أفادنا جدا من حيث التنبيه إلى سلبيات الحداثة وساعدنا بالتالي على تصحيحها وتجاوزها. وهذا ليس بالأمر القليل. فالمفكرون النقديون هم الذين يفيدون المجتمع أكثر من المفكرين الامتثاليين الذين يقولون نعم دائما.


وتختتم المؤلفة كلامها قائلة: لماذا كان فوكو يسحرنا أكثر من غيره من كبار المفكرين؟ لماذا كان يمارس علينا تأثيرا مغناطيسيا أكثر من التوسير، أو لاكان ، أو دريدا، أو ديلوز، أو غيرهم؟ لسبب بسيط: هو انه كان فنانا وكاتبا كبيرا ومحاضرا رائعا. ثم لانه كان عبقريا بكل بساطة. وكان يعرف أن نار العبقرية ـ أو الجنون ـ قد سكنته وانه مكلف باكتشاف بعض الحقائق الكبرى للبشرية.



طلب - فيصل وزوز - 04-19-2009

يبدو أننا على وشك عمل ملف عن هذا الفيلسوف الذي طالما أثار اهتمامي ، لكن السؤال الذي دار بخلدي - أخت نارينا - هو : أي مجال من مجالات اهتمام فوكو المتشعبة الذي يستحوذ على اهتمامك حاليا ؟ طرحت السؤال لكي لا نضيع جهدنا سدى في المجالات التي لا تخدم أغراضك .