أود أولاً أن أعترف أن تقييمي ليس مقياساً، إنما أدّعي أنه تقييم مهني 100%، وهذا يجعله مختلف نوعاً عن تقييم الجمهور الذي هو الحكم النهائي. لذلك، فمساعدتكم ضرورية إذا أمكن؛ علنا نتواصل معاً ونصل معاً إلى حكم نهائي على أغنية اليوم واختيار ما هو ناجح جماهيرياً.

كيف اعتمدت تقييمي؟
أعطيت الأغنية عناصراً خمسة تشكل فيما بينها العوامل المؤلفة للأغنية كعمل فني متكامل. والعناصر الخمسة هي:
الكلمات - اللحن - الأداء - التوزيع - التنفيذ، علماً أنه لا تأثير لترتيبها. أعطيت لكل منها درجة من مائة XX %. جمعت التقييمات وقسمتها على خمسة للحصول على التقييم النهائي العام.

1- الكلمات: لتقييم كلام الأغنية، ينظر النقاد الفنيون أَولاً إلى جدّة الموضوع، ثم إلى أسلوب تعبير الكلمات عن الموضوع. والأهم من ذلك هو الرشاقة الغنائية في وزن الكلمات.

2- اللحن: لنعترف معاً أن إبداع لحن جديد تماماً هذه اليام هو معجزة بالفعل، حيث يمكن غالباً إرجاع أي جملة موسقية في أي لحن أغنية حديثة إلى أصل قديم معروف أو غير معروف. المهم في اللحن حالياً تماشيه مع موضوع الأغنية والقالب المفترض أن تكون فيه ( راقصة - طرب - Slow - Disco - الخ ... ). جمهورنا العربي حالياً اعتاد على عشق الأغنية الراقصة الرشيقة ذات اللحن البسيط الذي يدخل الأذن مباشرة ( ويخرج من الأخرى مباشرة أيضاً ). مع اهتمام بالأغاني الرومانسية البطيئة Slow وانجذاب للأغنية المنفذة بأسلوب غربي آخر مثل الديسكو أو الراب أو الشعبي الإسباني ... الخ. أما الطرب فبات حصراً على فئة معينة من "السمّيعة" وهم ليسوا بالقلة والحمد لله. فالكثير يعشق أغنيات جورج وسوف ليس لصوته الذي اختلف عن السابق 180ْ درجة بل لأسلوبه في التطريب الذي يميزه عن غيره والذي غدا مدرسة يقلده فيها الكثيرون.
علامة اللحن ستكون نتيجة لجدته (وهذا نادر)، ولتراص سبكه كجمل "ملطوشة" بدون اعتراض، ولرشاقته ومدى خدمته للكلمات والموضوع وانسجامه مع القالب المختار.

3- الأداء: نظراً إلى أن صوت المطرب لم يعد يشكل مشكلة، فالأجهزة الحديثة ومؤثراتها تجعل من صوت الغراب شحروراً فقد استعضت عنه بمستوى أداء المغني ومدى توافقه مع اللحن والقالب.

4- التوزيع: التوزيع هو السر الحقيقي في نجاح الأغنية الحديثة وله يعود الأثر الأكثر أهمية في محبة الجمهور للأغنية.
التوزيع أمر مستحدث في عالم الأغنية العربية بالمعنى الديناميكي الحديث للتوزيع الموسيقي. فالتوزيع أساساً أهم من تلحين اللحن نفسه. لنتخيل صورة مرسومة بخط منقط أسود ومنعدمة التفاصيل، هذا هو اللحن الخام. دور الموزع هو توصيل الخطوط المتقطعة، ثم إظهار التفاصيل ومدى الإضاءة، ثم إعطاء كل منطقة لونها المناسب، ثم الرتوش النهائية، ثم البرواز الأخير.
فإذا كان الملحن يضع لحناً واحداً، فإن الموزع يضع ما لا يقل عن ثلاثة ألحان أخرى تسير بالتوازي مع اللحن الأساسي لتضفي عليه القالب النهائي ليصبح جاهزاً للعرض.

حتى نهاية ثمانينات القرن الماضي، كانت كلمة "التوزيع" في الموسيقا العربية مقتصرة على التوزيع الهارموني فقط. ولا يقوم به إلا المتخصصون الآكاديميون ويقوم به باسلوب كلاسيكي محض غالباً كما فعل الرحابنة مثلاً ولا سيما الياس رحباني، وكما فعل عمر خيرت وغيرهم. أما التوزيع الديناميكي للغنية الشعبية فلم يظهر واضحاً إلا في بداية تسعينات القرن الماضي على يد عبقري موسيقي جاء من ليبيا إلى مصر حاملاً معه خيالاً خصباً مشبعاً بالروح الديناميكية الموسيقية الغربية عموماً والإيطالية والإسبانية في خمسينات وستينات القرن الماضي والتي تميزت باسلوب توزيع ديناميكي راقص رائع يعتمد على إظهار الآلات الإيقاعية بتوظيف محكم ومرافقة ديناميكية من الباص والكوردات بحيث لا يبدو اللحن الأساسي إلا من خلال صوت المطرب وبعض اللوازم الضرورية.

ففي السابق، كانت الأغنية العربية تسير وفق قالب جامد بلا ديناميكية، يعتمد على أن الفرقة كلها ترافق اللحن الذي يغنيه المطربن حتى افيقاع كان يتحرك وفقاً لغناء المطرب. أما حالياًَ، فالإيقاع بمفرده شخصية مستقلة مميزة ضمن اللحن وهي العماد الأساسي الذي ترتكز عليه الأغنية.

قام "حميد الشاعري" باستبدال آلات القرقعة اللاتينية بمثيلتها العربية وأعطاها دورها الحقيقي مستعينا بدعم قوي من آلة الدرامز وبعض الآلات الإيقاعية الغربية الأخرى. ووظف بقية الآلات الموسيقية توظيفاً صحيحاً وأهمها آلات الدعم ذات الصوت المنخفض ( الباص )، ورصّعها بالآلات ذات الصوت المتعدد بكوردات منتظمة ديناميكية ... وولدت الأغنية العربية الجديدة على يديه.

فمن بداياته المستقلة الخجولة، إلى عمرو دياب، إلى وردة الجزائرية، حالياً، حميد الشاعري لا يوزع إلا لكبار المطربين العرب إذا سمح وقته بذلك، وبات تلاميذه يستلمون العمل الأقل شأناً ولعل أهمهم الموزع المبدع "طارق عاكف".

5- التنفيذ: وهو عنصر هام وفعال في نتيجة الأغنية، وهنا أقيس مستوى تنفيذ كامل المجموعة الفنية للعمل.

أخيراً، تجدر الإشارة إلى أن الستاندرات القياسية مثل أم كلثوم وعبحليم وعبوهاب ... الخ وأغانيهم تبقى على رأس قائمة مبيعات الأغنية العربية شاء المطربون الجدد ذلك أو رفضوا. لذلك، لا أجد أنه من الممكن أن يُعطى أي عنصر من العناصر السابقة علامة كاملة. إن الوصول إلى 80% هو مستوى ممتاز ولا شك.

بعد تلك المقدمة الطويلة المملة والتي لا بد منها، سأنتقل مباشرة إلى المفهوم تماماً.

أول ألبوم حديث لفت نظري في مواقع الإنترنت كان ألبون المطرب اللبناني "وسام الأمير" الذي عرفناه في أغنيته الناجحة: "خليلي مزاجك رايق".

تعالوا نكتشف معاً جديد هذا الفنان.