نادي الفكر العربي
الأناجيل الأبوكريفية ولماذا رفضتها الكنيسة ؟ - نسخة قابلة للطباعة

+- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com)
+-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5)
+--- المنتدى: الحوار الديني (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=58)
+--- الموضوع: الأناجيل الأبوكريفية ولماذا رفضتها الكنيسة ؟ (/showthread.php?tid=33203)

الصفحات: 1 2 3 4 5 6


الأناجيل الأبوكريفية ولماذا رفضتها الكنيسة ؟ - الراعي - 09-06-2004

الأناجيل الأبوكريفية ولماذا رفضتها الكنيسة ؟

ظهرت في القرون الأولى للمسيحية عدة كتب كتبت على غرار الأناجيل الأربعة وسفر أعمال الرسل ورسائل العهد الجديد وسفر الرؤيا وسميت بأسماء رسل المسيح وتلاميذه لتلقى رواجا عند العامة وقد كتب هذه الكتب مجموعة من الهراطقة الخارجين على المسيحية والذين خلطوا بين الفكر الإنجيلي الصحيح وفكرهم الوثني السابق . وقد درست الكنيسة هذه الكتب في حينها وبينت ما فيها من فكر خرافي وثني وكانت تعرف أصحابها الذين كتبوها جيدا ، فهم ليسوا من رسل المسيح ولا تلاميذه فحرمتهم وحرمت كتبهم ، وذلك على الرغم من أنها تؤكد أهم العقائد المسيحية كلاهوت المسيح وصلبه ، لأن الكنيسة تعرف أنه لا يمكن من يخرج الحق من الباطل .
وقد تصور البعض أن الكنيسة كان أمامها كم كبير من هذه الكتب اختارت منها ما يتفق مع فكرها وعقيدتها ورفضت بقية الأناجيل الأخرى ، التي لو كنت قد بقيت حتى اليوم لتغير الفكر المسيحي والعقيدة المسيحية وكان علماء العصر الحديث المحايدون قد كشفوا ما فيها من حقائق ، تصوروا ، أنها تغير الفكر المسيحي كثيراً ، بل وتصوروا أنها تأتي بعكس ما يؤمن به المسيحيين وتكون في صالح ما يعتقده هؤلاء !!
وعلى سبيل المثال قال ناشر الترجمة العربية للكتاب المزيف والمدعو زوراً بإنجيل برنابا ، الشيخ محمد رشيد رضا ، في مقدمته لطبعة 1908م " أننا نري مؤرخي النصرانية قد اجمعوا علي انه كان في القرون الأولى للمسيح عليه السلام أناجيل كثيرة وأن رجال الكنيسة قد اختاروا منها أربعة أناجيل ورفضوا الباقي " .
ولم يقل لنا سيادته الأسباب التي قبل على أساسها رجال الكنيسة الأناجيل القانونية ، ولا الأسباب التي رفضوا على أساسها الأناجيل المرفوضة ، وحاول أن يصور لقرائه أن رجال الكنيسة قبلوا ما قبلوا ورفضوا ما رفضوا بغير علم ولا بحث ولا دليل وذلك لأغراض في أنفسهم !! بل وزعم أن المسيحيين في جميع العصور وعلى مختلف مستوياتهم الفكرية والحضارية والعلمية قبلوا هذا الاختيار دون بحث أو دليل وكأنهم ، جميعاً ، مجرد مجموعة من الأميين السذج ، فقال " فالمقلدون لهم من أهل ملتهم قبلوا اختيارهم بغير بحث وسيكون ذلك شأن أمثالهم إلى ما شاء الله " !!؟
ثم قال أنه " لو بقيت تلك الأناجيل كلها لكانت أغزر ينابيع التاريخ في بابها ما قبل منها أصلا للدين وما لم يقبل ولرأيت لعلماء هذا العصر من الحكم عليها والاستنباط منها بطرق العلم الحديثة المصونة بسياج الحرية والاستقلال في الإرادة مالا يأتي مثله من رجال الكنيسة الذين اختاروا تلك الأناجيل الأربعة ورفضوا ما سواها " !!
وما يقوله هؤلاء لا ينطبق إلا عليهم هم أنفسهم !! فهم يتكلمون بغير علم ولا دليل وليس لديهم ما يثبت مزاعمهم ، فزعمهم أن رجال الكنيسة اختاروا الأناجيل الأربعة دون بحث ورفضوا بقية الأناجيل بلا سند أو دليل مبني على مجرد أوهام !! ولذا يتصور‍‍ون ويتخيلون أنه لو ظهرت هذه الأناجيل ‍، التي رفضها رجال الكنيسة ، ودرسها العلماء بطرق العلم الحديثة وبحرية إرادة ، لأظهروا ما لم يظهره رجال الكنيسة !! ونقول لهم أن الأوهام لا تصنع الحقائق فلا الكنيسة اختارت الأناجيل الأربعة دون سند ، ولا رفض رجالها الكتب الأخرى دون دليل !! وكل ما زعمتم يدل علي عدم معرفة .
ونسي هؤلاء أو تناسوا أن أول من قبل هذه الأناجيل القانونية هم أحفاد أعظم الحضارات في التاريخ ، أحفاد حضارات البحر الأبيض المتوسط ، مثل الفراعنة الذين اشتهروا بعلمهم والسومريين والبابليين الذين اشتهروا بحكمتهم واليونانيين الذي اشتهروا بفلسفتهم التي صارت أم العلوم الحديثة والرومان الذين سادوا العالم أكثر من 1500 سنة واليهود الذين كانوا أصحاب الكتاب الإلهي الأول ، وأن المؤمنين بالمسيحية في العصور الحديثة هم من جميع الفئات والطبقات في جميع بلاد العالم سواء المتقدمة والتي يستفيد بعلمها جميع سكان الكرة الأرضية ، أو دول ما يسمى بالعالم الثالث أو حتى الساكنين في مجاهل أفريقيا . فهل جميع هؤلاء بما فيهم العلماء الذين ارتادوا الفضاء واخترعوا الكومبيوتر وغيره من الأجهزة الدقيقة جدا التي تستخدم في جميع مجالات الحياة ، مجرد مجموعة من المقلدين الذين قبلوا ما سلمته لهم الكنيسة دون فحص أو دليل ؟
كما نسوا أو تناسوا عدة حقائق ما كان يجب عليهم أن يغفلوها ، وهي :
1 – الهراطقة (أصحاب البدع) الذين ظهروا منذ فجر المسيحية الباكر وفي أيام رسل المسيح وتلاميذه والذين بنوا عقائدهم أصلا على ما جاء في هذه الأسفار القانونية . وبرغم من أنه كانت لهم أناجيلهم التي كتبوها هم لتروج عقائدهم إلا أنهم جميعا بدءوا من هذه الأناجيل القانونية .
2 – انتشار المسيحية في جميع بلاد حوض البحر المتوسط ، خاصة الأوربية والأسيوية ومصر في أفريقيا أثناء حياة رسل المسيح وتلاميذه والذين كرزوا في معظم هذه البلاد بأنفسهم وأسسوا فيها الكنائس وتركوا فيها تلاميذهم وخلفائهم . وقد كتبت الأناجيل الأربعة القانونية وبقية أسفار العهد الجديد في الكثير من هذه البلاد ، وليس في مكان واحد ، وأرسلت إلى الكثير من هذه البلاد على أيدي رسل المسيح وتلاميذهم . ولم يقبل أحد هذه الكتب المرفوضة في كنيسة واحدة من هذه الكنائس .
3 – أنه منذ العصور الأولى للمسيحية انتشرت المدارس اللاهوتية المسيحية التي كان كل تعليمها يقوم على أساس هذه الأناجيل القانونية وبقية أسفار العهد الجديد ، مثل مدرسة الإسكندرية اللاهوتية ومدرسة إنطاكية وغيرهما . وبالطبع لم تغفل هذه المدارس عن دراسة مقل هذه الكتب المرفوضة .
4 – ظهور مدارس النقد ذات الصفة الإلحادية في العصور الحديثة ، خاصة في ألمانيا ، والتي درست وناقشت كل سفر من أسفار الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد ، بل وكل حرف فيها ، وبالطبع لم تغفل عن دراسة هذه الكتب التي رفضتها الكنيسة بل درسوها وحللوها وأثبتوا فسادها وأن الكنيسة كانت علي حق عندما رفضتها !!
5 - جود أجزاء كثيرة من هذه الكتب في المكتبات المسيحية كما أن الغالبية العظمى من هذه الكتب اكتشفت وظهرت خلال القرون الثلاثة الأخيرة (ق18و19و20) ، كما تم اكتشاف مكتبة غنوسية كاملة في نجع حمادى سنة 1946م تضم معظم من هذه الأناجيل المفقودة وغيرها من الكتب الغنوسية الأخرى ، وهي موجودة بالمتاحف وأعلبها في مصر !! بل وموجودة في متناول من يريد قراءتها أو بحثها ، في العديد من المواقع على شبكة الإنترنت ، سواء بلغاتها الأصلية أو مترجمة إلى اللغات الحية كالإنجليزية مثلا ، كما ترجمت أجزاء كبيرة منها م}خراً إلى العربية ، في مصر ولبنان .
6 – كما أن هذه الكتب ، برغم من أنها مزيفة فهي ، على عكس ما يتمنى هؤلاء الكتاب ، تتفق مع الكنيسة في عدة حقائق جوهرية أهمها اتفاقها مع الأناجيل القانونية في صحة كل ما جاء في هذه الأناجيل القانونية عن الرب يسوع المسيح ولاهوته وصلبه وعالمية الدعوة المسيحية . وتختلف مع الأناجيل في كونها عبارة عن خليط بين الميسحية واليهودية ، أو بين المسيحية والغنوسية الوثنية .

1 – موقف الكنيسة من هذه الكتب :
كان للكنيسة ، منذ البدء ، تعليمها الذي تسلمته من الرسل والذي تسلموه بدورهم من الرب يسوع المسيح ، كقول الرسول : " لأني تسلمت من الرب ما سلمتكم أيضا(94)، والتي كانت شديدة الخصوبة في إصدار مثل هذه الكتب . وبرغم معرفة علماء الكنيسة ، فى القرون الأولى ، بمصدر هذه الكتب وأهدافها إلا انهم درسوها وفحصوها ولم يترددوا ، بعد ذلك ، في رفضها ووصفها بأنها كاذبة ومزورة ولا تستحق مجرد الاهتمام بها .
قال القديس اريناؤس (120-202م) " أن الهراطقة الماركونيين اصدروا عددا لا يحصى من الكتابات الابوكريفية والمزورة والتي زيفوها بأنفسهم ليذهلوا عقول الحمقى(95).
وقال يوسابيوس القيصري (264-240م) : " أنها معروفه عند معظم الكتاب الكنسيين ، وانه في مقدورنا أن نميز بين هذه الكتب القانونية وتلك يصدرها الهراطقة بأسماء الرسل مثل إنجيل بطرس وإنجيل متى (المنحول) وغيرها ، أو مثل أعمال اندراوس ، ويوحنا ، وغيرهما من الرسل ، التي لم يحسب أي واحد من كتاب الكنيسة أنها تستحق الإشارة إليها في كتاباتهم . وفى الحقيقة أن أسلوبها يختلف اختلافا بينا عن أسلوب الرسل ، كما أن أفكارها ومفاهيمها بعيدة جدا عن الأفكار القويمة الصحيحة ، وهذا دليل على أنها من صنع خيال الهراطقة ، ومن ثم وجب ألا تحسب بين الكتابات المزيفة فحسب ، بل يجب أن ترفض كلية باعتبارها سخيفة ونجسة "(96).
وقال فوتيوس " بطريرك القسطنطينية في النصف الثاني من ق 9(97) " أن لغتها خالية تماما من النعمة التي تتميز بها الأناجيل وكتابات الرسل ، وغاصة بالحماقات والمتناقضات " . ثم يختم بقوله أنها تحوى " عشرات الآلاف من الأشياء الصبيانية التي لا تصدق ، السقيمة الخيال ، الكاذبة ، الحمقاء ، المتضاربة ، الخالية من التقوى والورع ، ولا يجافى الحقيقة من ينعتها بأنها نبع وأم الهرطقات "(97).

2 - صفات هذه الكتب :

(أ) خرافية : تمتلئ هذه الكتب بالأفكار الخرافية والخيالية فتنسب للمسيح والرسل أعمالا خيالية لا مبرر لها كسجود التنانين والأسود والنمور والثيران والحمير للطفل يسوع ! وجعل بطرس سمكة مشوية تعوم ! وكلب يعظ بصوت آدمي بليغ ! وطفل عمره سبعة شهور يتكلم كرجل ! وكطرد يوحنا للبق من أحد البيوت بمعجزة ! وسقوط معبد آرطاميس الضخم في أفسس بصلاة يوحنا (98)، وقصة مهر يتكلم وشاب وتنين يرغبان في فتاة فيقتل التنين الشاب ثم يمتص التنين السم ، بناء على أمر توما ، ويموت ويحيا الشاب ! ونرى الطفل يسوع ، طفلاً مشاكساً متقلباً ذا طبيعة تدميرية يؤذى معلميه ويتسبب في موت رفقائه بصورة إعجازية لا مبرر لها ، تمزج قدرة الله بنزوات طفل مشاكس ! وتنسب ، هذه الكتب ، للمسيح ظهورات عديدة بأشكال متنوعة كطفل أو فتى أو رجل عجوز وفى أغلب الأحيان في صورة أحد الرسل ! كما تنسب للرسل أعمال خارقة ، بدون داع ، مثل فتك الصواعق بأعدائهم ! ورعب الفجار من قوات الطبيعة المخيفة كالزلازل والرياح والنيران ! وغير ذلك من الأفكار الأسطورية الخرافية المتأثرة بالفكر الإغريقي الهيلينسيتى والتي تشبع فضول البسطاء والعامة الذين اعتادوا سماع مثلها في دياناتهم الوثنية السابقة لاعتناقهم المسيحية .
يقول وستكوت : " في المعجزات الابوكريفية لا نجد مفهوما سليما لقوانين تدخلات العناية الإلهية ، فهي تجرى لسد اعواز طارئة ، أو لإرضاء عواطف وقتية ، وكثيرا ما تنافى الأخلاق ، فهي استعراض للقوة بدون داع من جانب الرب أو من جانب من عملت معه المعجزة "(99).
(ب) الزهد الجنسي والامتناع عن الزواج : تركز هذه الكتب ، خاصة الأعمال ، على الزهد الجنسي والامتناع عن الزواج وذلك كرد فعل للإباحية الجنسية التي كانت سائدة في الديانات الوثنية وتصور هذه الكتب كفاح الرسل من أجل طهارة الحياة الزوجية وإقناع الزوجات بالامتناع عن معاشرة أزواجهن جنسيا ، وتذكر أعمال أندراوس أن المسيح ظهر لعريسين ، في هيئة توما ، وربحهما لحياة الامتناع عن الجنس ، وكأن عدم الزواج هو الشرط الأسمى لدخول السماء ، جاء في إنجيل المصريين ، انه عندما سألت سالومي الرب : " إلى متى يسود الموت ؟ " قال لها الرب " إلى أن تكفوا أنتن النساء عن ولادة الأطفال لأني جئت لأقضي على وظيفة المرأة "(100).
(ج) التعاليم الهرطوقية : تمتلئ هذه الكتب بالأفكار الهرطوقية الابيونية(101) والغنوسية(102). يقول إنجيل الابيونيين أن الروح القدس حل على المسيح في شكل حمامة ودخل فيه ، ويقول إنجيل العبرانيين أن مريم أم المسيح هي الملاك ميخائيل " عندما أراد المسيح أن ينزل على الأرض ، استدعى الأب الصالح قوة قديرة من السماء كانت تدعى الملاك ميخائيل ، وعهد له من ذلك الوقت بالعناية بالمسيح وجاءت القوة إلى العالم ودعيت مريم وكان المسيح في رحمها سبعة أشهر "(103). كما يقول إنجيل العبرانيين أيضا ، أن الروح القدس أم المسيح . قال اوريجانوس في تفسيره لإنجيل يوحنا : " إذا كان هناك من يقبل الإنجيل بحسب العبرانيين حيث المخلص نفسه يقول : أمي الروح القدس أخذتني بواسطة شعرة من شعري وحملتني إلى جبل تابور "(104).
وتصور الابوكريفا الغنوسية الرب يسوع المسيح كواحد من سلسلة الآلهة المولودين من البليروما (ملء اللاهوت) وأنه عقل الآب غير المولود ، كما تصور المسيح الإله وقد حل على يسوع الإنسان ، أو المسيح والحكمة وقد حلا على يسوع ، وتصور بعضها الآب والابن ، أو الآب والابن والروح القدس كاقنوم واحد وشخص واحد ، كإنجيل المصريين اليوناني . أما غالبية الأعمال – عدا أعمال بولس – وإنجيل بطرس ، وبصفة خاصة أعمال يوحنا ، فتصور الرب يسوع بصورة دوسيتية ، خيالية ، فهو بلا ميلاد ! بلا جسد وبدون شكل ويُرى افتراضا ! وعندما كان يسير لم يكن يترك أثرا لقدميه ! وعندما كان يوحنا يحاول الإمساك به كانت يد يوحنا تخترق جسده بلا أي مقاومة ! إذ لم يكن له جسد حقيقي ! وكانت طبيعة جسده متغيرة عند الملمس فمرة يكون جامدا وتارة لينا وأخرى خاليا تماما ! كما أن آلامه وصلبه وموته كانت مجرد مظاهر وهمية ! فبينما كان معلقا على الصليب والجموع محتشدة حوله كان هو نفسه في نفس الوقت يتقابل مع يوحنا على جبل الزيتون ! لقد كان مجرد شبح وحياته على الأرض لم تكنٍ إلا خيالا ! وكان يظهر بأشكال متعددة ويغير شكله كيفما يشاء ووقتما يشاء !
(د) التعليم السرية : زعمت معظم هذه الكتب الابوكريفية أنها أقوال المسيح السرية التى أختص بها أحد أو بعض أو كل تلاميذه ، والغريب أن أكثر من إنجيل منها يزعم أن كتابه ، والذي يزعم أنه أحد الرسل ، قد خصه المسيح وحده بتعاليمه وأقواله السرية . وهذه الأقوال السرية موجهة للخاصة فقط ، وهذا عكس تعليم الرب يسوع المسيح الذي قال " لأن ليس مكتوم لن يستعلن ولا خفي لن يعرف ، الذي أقوله لكم في الظلمة قولوه في النور . والذي تسمعونه في الآذن نادوا به على السطوح " (مت26:10و27).

3 - مصدر هذه الأعمال :المصدر الأول لهذه الابوكريفا هو العهد الجديد نفسه ، فقد استقت الأناجيل الابوكريقية مصدرها واعتمدت بالدرجة الأولى على الأناجيل الأربعة القانونية ، فشرحت ما غمض فيها وأضافت إليها عبارات وأفكار تؤيد معتقداتها . قال وستكوت عن الأجزاء الباقية من إنجيل الابيونيين " هي تبين أن قيمته ثانوية ، وأن المؤلف قد أستقي معلوماته من الأناجيل القانونية وبخاصة الأناجيل الثلاثة الأولى بعد أن جعلها تتفق مع أراء وممارسات الابيونية الغنوسية "(105).
وكان سفر أعمال الرسل هو السند الأول لأسفار الأعمال الابوكريقية ، وعلى سبيل المثال فقد اتخذ كاتب أعمال بولس من سفر أعمال الرسل ، إطاراً له ، ويفتتح القسم الروماني من أعمال بطرس برحلة بولس الرسول إلى أسبانيا بعد أحداث سفر أعمال الرسل إصحاح 28 . واعتمد كاتب الرسالة إلى اللاودكيين على رسائل بولس خاصة الرسالة إلى غلاطية والرسالة إلى أفسس .
والى جانب ذلك فقد تأثرت هذه الكتب ، بالروح الأسطورية النابعة من البيئة الهيلينية التي كتبت وانتشرت فيها ، فقد ساد بعضها روح أدب الرحلات التي كانت سائدة في القرن الثاني كأعمال توما ، وحوى إنجيل الطفولة العربي عددا من القصص الشرقية . وكانت أغلب الأعمال المنسوبة للرسل من اختراع الروح الهيلينية التي كانت تجد لذتها في الخوارق والكتابات الرومانسية عن الرحلات . كما احتوت هذه الأعمال على تقاليد كثيرة لها أساس تاريخى صحيح ، احتفظت بها الجماعات المسيحية ، وكتبوا هذه الأعمال ، الابوكريفية ، لتقديم هذه التقاليد بكل تفصيل ، ولكن هذه البذور القليلة من الحقيقة تاهت ودفعت في أكوام من الأساطير.

4- هدف كتابة هذه الأبوكريفا :كتبت هذه الكتب ، في الأصل ، لتأييد هرطقة من الهرطقات والادعاء بأن تعليمها رسولي ، أو لتفصيل الأناجيل القانونية بإضافة إضافات أسطورية لاعطاء أهمية لبعض المفاهيم التي سادت بعض الدوائر الهرطوقية ولنشر وتأكيد أفكار هذه البدع ، فأعمال يوحنا مثلا ، تستخدم أسم الرسول العظيم لتبرير وتأييد وجهة النظر الدوسيتية .

5 – من هم كتّاب هذه الأبوكريفا ؟
كان كتاب هذه الكتب الابوكريفية ، في الأغلب ، هم زعماء أو بعض أفراد الفرق الابيونية والغنوسية ، وقد نسبوا بعض هذه الكتب لمستخدميها ، كإنجيل العبرانيين وانجيل المصريين ، أو لكتابها كإنجيل ماركيون وانجيل مانى ، ونسبوا جزء كبيرا منها للرسل لتلقى رواجا عند العامة من المؤمنين . وكان علماء الكنيسة من آبائها في القرن الأولى يعلمون ذلك جيدا ، فقال اريناؤس أن الماركونيين قد أصدروا عددا لا يحصي من الكتب الابوكريفية المزورة ، وقال اغسطينوس أن المانيين يستخدمون هذه الكتب الابوكريفية ، وأنها من تأليف " ملفقي الخرافات ، وأشار عدد كبير من الأباء إلى شخص من القرن الثاني يدعي " لوسيوس " علي أنه كاتب بعض هذه الكتب الابوكريفية ، خاصة أعمال يوحنا وتوما وأندراوس وبطرس فيلبس . وقد أدان مرسوم البابا جلاسيوس (496م) عدداً كبيراً من هذه الكتب ، وفي أخر المرسوم يدين كل الكتب التي كتبها لوسيوس تلميذ الشيطان ". وقال تريليان أن قسا من آسيا هو الذي ألف أعمال بولس وذلك بقصد تعظيم هذا الرسول بإضافات من عنده فعزلته الكنيسة من رتبه بعد اعترافه بذلك .

6- علماء العصر الحديث وموقفهم من هذه الكتب :

درس علماء العصر الحديث هذه الكتب بروح العلم الحديث وطرقه العصرية الحديثة " المصونة بسياج الحرية والاستقلال في الإرادة " كما أراد الناشر وغيره ، وكانت أخصب فترات بحثهم ودراستهم هي الفترة من 1886 –1945م والتي تم فيها اكتشاف كميات ضخمة من المخطوطات ، في أخيم والبهنسا والفيوم ونجع حمادي ، والتي تحوي هذه الكتب والتي ترجع إلى ما بين القرن الثاني والقرن الرابع الميلادي . وبعد الدراسة التحليلية الدقيقة ، أقر العلماء بزيف هذه الكتب وأيدوا آباء الكنيسة الذين رفضوا إقرارها أو قبولها في القرون الأولى ، كما أقروا بصحة الأناجيل القانونية الأربعة وبقية أسفار العهد الجديد القانونية لسموها وبساطتها وعظمتها . كما أقروا بأن المصدر الأول لهذه الكتب الابوكريفية هي الكتب القانونية .
قال د. سويت ، في تعليقه علي إنجيل بطرس (لندن 1893) " انه حتى التفاصيل التي تبدو جديدة تماما أو التي تتعارض مع الأناجيل القانونية ، يمكن أن تكون مأخوذة عنها . وختم بقوله " أنه بالرغم من الجديد فيها فليس هناك ما يضطرنا لاستخدام مصادر خارجية عن الأناجيل القانونية "(106).
وقال بروفيسور أور عن إنجيل بطرس ، أيضا ، أن الأصل الغنوسي لهذا الإنجيل يبدو واضحا في قصة القيامة والمعالم الدوسيتية فيها(07).
وقال ر. هو فمانR . Hofmann عن كيفية كتابة هذه الكتب الابوكريفية " أن الطريقة المستخدمة هي نفسها دائما ، سواء كان قصد الكاتب أن يجمع ويرتب ما كان طافيا في التقليد العام ، أو كان قصده أن يوجد أثرا عقيديا محدد ، لقد أنهمك في عمله حقيقة ، وبصفة عامة فقد صور ما ألمحت إليه الأناجيل القانونية ، أو حول كلمات يسوع إلى أعمال ، أو صور إتمام توقعات اليهود الحرفية عن المسيا ، أو كرر عجائب العهد القديم في شكل آخر 00الخ . لقد أتم العمل وحرص على أن يخفي اسمه ويدمغ كتابه باسم أحد الرسل أو التلاميذ ليعطيه سند رسولي "(108).
أخيرا يقول أ . روبرتس و. ج. دونالدسن أحد محرري موسوعة " ما قبل نيقية " أنه بينما تقدم لنا الأناجيل الابوكريفية لمحات غريبة عن حالة الضمير المسيحي وأساليب التفكير في القرون الأولى من العصر المسيحي ، فان الانطباع الدائم الذي تتركه في أذهاننا ، هو شعور عميق للسمو الذي لا يقاس والبساطة التي لايمكن بلوغها والعظة التي للكتابات القانونية "(109).

مع تحياتي


الراعي / عمانوئيل






الأناجيل الأبوكريفية ولماذا رفضتها الكنيسة ؟ - neutral - 09-06-2004

اقتباس:  الراعي   كتب  
 
(أ) خرافية : تمتلئ هذه الكتب بالأفكار الخرافية والخيالية فتنسب للمسيح والرسل أعمالا خيالية لا مبرر لها كسجود التنانين والأسود والنمور والثيران والحمير للطفل يسوع ! وجعل بطرس سمكة مشوية تعوم ! وكلب يعظ بصوت آدمي بليغ ! وطفل عمره سبعة شهور يتكلم كرجل ! وكطرد يوحنا للبق من أحد البيوت بمعجزة ! وسقوط معبد آرطاميس الضخم في أفسس بصلاة يوحنا (98)، وقصة مهر يتكلم وشاب وتنين يرغبان في فتاة فيقتل التنين الشاب ثم يمتص التنين السم ، بناء على أمر توما ، ويموت ويحيا الشاب ! ونرى الطفل يسوع ، طفلاً مشاكساً متقلباً ذا طبيعة تدميرية يؤذى معلميه ويتسبب في موت رفقائه بصورة إعجازية لا مبرر لها ، تمزج قدرة الله بنزوات طفل مشاكس ! وتنسب ، هذه الكتب ، للمسيح ظهورات عديدة بأشكال متنوعة كطفل أو فتى أو رجل عجوز وفى أغلب الأحيان  في صورة أحد الرسل ! كما تنسب للرسل أعمال خارقة ، بدون داع ، مثل فتك الصواعق بأعدائهم ! ورعب الفجار من قوات الطبيعة المخيفة كالزلازل والرياح والنيران ! وغير ذلك من الأفكار الأسطورية الخرافية المتأثرة بالفكر الإغريقي الهيلينسيتى والتي تشبع فضول البسطاء والعامة الذين اعتادوا سماع مثلها في دياناتهم الوثنية السابقة لاعتناقهم المسيحية .  
 يقول وستكوت : " في المعجزات الابوكريفية لا نجد مفهوما سليما لقوانين تدخلات العناية الإلهية ، فهي تجرى لسد اعواز طارئة ، أو لإرضاء عواطف وقتية ، وكثيرا ما تنافى الأخلاق ، فهي استعراض للقوة بدون داع من جانب الرب أو من جانب من عملت معه المعجزة "(99).  
(ب) الزهد الجنسي والامتناع عن الزواج : تركز هذه الكتب ، خاصة الأعمال ، على الزهد الجنسي والامتناع عن الزواج وذلك كرد فعل للإباحية الجنسية التي كانت سائدة في الديانات الوثنية وتصور هذه الكتب كفاح الرسل من أجل طهارة الحياة الزوجية وإقناع الزوجات بالامتناع عن معاشرة أزواجهن جنسيا ، وتذكر أعمال أندراوس أن المسيح ظهر لعريسين ، في هيئة توما ، وربحهما لحياة الامتناع عن الجنس ، وكأن عدم الزواج هو الشرط الأسمى لدخول السماء ، جاء في إنجيل المصريين ، انه عندما سألت سالومي الرب : " إلى متى يسود الموت ؟ " قال لها الرب " إلى أن تكفوا أنتن النساء عن ولادة الأطفال لأني جئت لأقضي على وظيفة المرأة "(100).  


وهل الخرافة والزهد الجنسي غير موجودين بالأناجيل الأربعة?



الأناجيل الأبوكريفية ولماذا رفضتها الكنيسة ؟ - البابلي - 09-06-2004


سلام المسيح رب المجد ..

تحية تقدير الى استاذي " الراعي " الصنديد ..(f)

شكرا جزيلاً لما تتحفنا به من مواضيع شديدة الوثاقة وعظيمة الفائدة .. باسلوب رصين وصقل مكين وسبك متين ..

وما اروع هذه العبارة :

يقول أ . روبرتس و. ج. دونالدسن أحد محرري موسوعة " ما قبل نيقية " أنه بينما تقدم لنا الأناجيل الابوكريفية لمحات غريبة عن حالة الضمير المسيحي وأساليب التفكير في القرون الأولى من العصر المسيحي ، فان الانطباع الدائم الذي تتركه في أذهاننا ، هو شعور عميق للسمو الذي لا يقاس والبساطة التي لايمكن بلوغها والعظة التي للكتابات القانونية "


ليحفظك الرب يسوع (f)

تحياتي الشديدة الاحترام لشخصك الكريم (f)

البابلي


الأناجيل الأبوكريفية ولماذا رفضتها الكنيسة ؟ - ضيف - 09-06-2004

طيب ما هو التنين مذكور برؤيا يوحنا اللاهوتي يا راعي والخروف ابو سبع عيون وسبع قرون مذكور ايضافي نفس السفر.ايش معنى خرافات الابوكريفيا خرافة و خرافات الاناجيل القانونية ليست بخرافة؟

طيب العهد القديم فيه خرافة او خرييفية الارنب
اللذي يجتر و خراريف اخرى لا تعد ولا تحصى.ايش معنى هو الآخر قانوني؟ يبدو ان اللذي ورد بالاناجيل القانونية والعهد القديم خراريف وهذا هو ما جعلها قانونية اما الخرافات فهي ما جعلت الابوكريفيا كخه.
ويسوع قال من استطاع ان يخصي نفسه-حسب الاناجيل القانونية -فليفعل.ايش معنى يا ايها الراعي ان الابوكريفيا زهد جنسي ودعوى يسوع في اناجيلك القانونية ليست زهدا جنسيا.
يبدو ان دعوة يسوع رهبا جنسيا و هو ما جعل الاناجيل الاربعة قانونية اما الزهد الجنسي ما جعل الابوكريفيا تفقد مصداقيتها.

مع انني قرأت ولا ادري مدى صحة ما قرأت ان ترجمة الابوكريفيا تعني اثمن من ان توضع بين يدي العامة.هل هذا صحيح عزيزي المحترم الراعي؟

يا سيدي لو تكرمت ان ترحم نفسك و تحترم عقول الناس اكن لك من الشاكرين

مع خالص تقديري لك (f)


الأناجيل الأبوكريفية ولماذا رفضتها الكنيسة ؟ - الراعي - 09-07-2004

العزيز البابلي

شكراً لمحبتك وتشجيعك وأهديك الروابط التالية :

http://www.alanbamarcos.com/AnbaMarcos_ar/...r/Article04.htm
http://www.alanbamarcos.com/AnbaMarcos_ar/...r/Article05.pdf
http://www.alanbamarcos.com/AnbaMarcos_ar/...r/Article06.pdf
http://www.alanbamarcos.com/AnbaMarcos_ar/...r/Article07.pdf
http://www.alanbamarcos.com/AnbaMarcos_ar/...r/Article08.pdf
http://www.alanbamarcos.com/AnbaMarcos_ar/...r/Article09.pdf
http://www.alanbamarcos.com/AnbaMarcos_ar/...r/Article10.pdf



العزيز صفوان

تتسرعون كثيراً في الحكم على ما جاء في الكتاب المقدس لأنكم تقرؤون بفرضية ثابتة وهي أنه ليس كلام الله ، أو محرف !! وأغلبكم لا يقرأ عن المسيحية والكتاب المقدس إلا ما ينتقدها ، وهذا ما يبدوا واضحا من معظم الذين كتبوا في هذا النادي !! فأنت تحاور على أساس هذه الفرضية ، مع أن المفروض أنه عندما ندرس ديانة ما لمحاورة أصحابها يجب أن ندرس فكرها وعقيدتها كما يؤمن به أصحابها لا كما نريد لهم أن يؤمنوا ، وأن ندرس مدارس الفكر فيها وتفسير مفسريها لكتبها 00الخ وهذا ما نفعله نحن المسيحيين عندما ندرس الإسلام ، وخير دليل على ذلك كم المنقول في ما كتبه الأخوة المسيحيين من أحاديث وسير وأراء أقدم المفسرين وغيرهم 00الخ
وأقول لك أن الله أعلن وعن إرادته للبشرية في أشكال وأنواع كثيرة منها الرؤى التي يراها النبي في الصحوة وفي هذه الرؤى يرى النبي الإعلان الإلهي ، الوحي ، في صور وأشكال وصفية تخيلية رمزية ، وهذه الصور كانت معروفة للأنبياء ومعاصريهم كما كان يظهر في هذه الرؤى مفسر سمائي ليفسر ويشرح للرائي ، ما كان غامضاً فيها ، سواء كان الله ذاته أو أحد الكائنات السمائية الملائكية التي تقوم بذلك بتكليف إلهي .
وكانت الأشكال التصويرية الرمزية التي رآها الأنبياء والراءون في رؤاهم وسُجلت في الأسفار المقدسة ، مألوفة ومعروفة لأنها كانت موجودة في البيئة المحيطة بهم . فالحيوانات المجنحة ، ذات الأجنحة ، في رؤى حزقيال (حز 1) ودانيال (دا 3:7-7،17؛ 3:8-8) كانت مرسومة بكثرة في معابد بابل التي عاش فيها النبيين ومعاصريهما . وكان نوع الحيوان أو الطائر يرمز لقوته ، كما كانت الأجنحة ترمز للسرعة وعددها يرمز لدرجات هذه السرعة ، فالحيوان ذو الأربعة الأجنحة أسرع من الحيوان ذي الجناحين (دا 4:7،6). وكانت الحيوانات الوحشية والتنانين في سفر الرؤيا (رؤ 3:12،13-16؛ 1:13-18) معروفة في العالم اليوناني الروماني وترمز للقوة الشريرة والشيطان . وكانت المنائر معروفة عند اليهود (خر 31:25-39؛ 17:37-23) لوجودها في بيت الرب وترمز في سفر زكريا لكلمة الله (زك 6:4) ، وفي سفر الرؤيا للكنائس (رؤ 12:1،13،20) .وكانت العروش مألوفة في العالم كله ، العرش هو الكرسي الذي يجلس عليه الملك أو القاضي ، وكلاهما يمثلان الحكم والقضاء ، وقد رأى الراءون في رؤاهم الله في هيئات نورانية شبه إنسانية ، جالساً على العرش الإلهي (أش 1:6؛ حز 13:1،26؛ دا 9:17) وعرش الدينونة (رؤ 11:20-15) باعتباره ملك الملوك وحاكم الكون وسيده وخالقه وديان الخليقة. كما رأوا أيضا بعض طغمات الكائنات السمائية تجلس على عروش حول عرش الله (رؤ6:4) ، وبعض القديسين الذين يجلسون على عروش (دا 9:7؛ رؤ 4:4) ليدينوا البشرية مع الديان. وكانت الخيول التي يركبها الفرسان من الملوك والقادة وجنود الفرسان في الحروب معروفة جيداً للكل ، وخاصة البلاد المحيطة بالبحر المتوسط ، وقد ظهرت في سفر زكريا ويمتطيها الكائنات السمائية الملائكية في تنفيذ المهمات الإلهية (زك 8:1-11) ، وفي سفر الرؤيا ويمتطيها السيد المسيح باعتباره ملك الملوك الذي خرج غالباً ولكي يغلب (رؤ 2:6؛ 11:9) ، وكذلك بعض قوى الشر التي تعمل في الكون .
وكان الحمل أو الخروف يرمز في الكتاب المقدس للذبيحة التي كان يقدمها الخاطئ للتكفير عن خطاياه ، وفي سفر الرؤيا يرمز للمسيح لأنه قدم نفسه على الصليب ذبيحة فداء نيابة عن كل الخطاة ومن هنا يرى الرائي الكائنات الروحية تهتف للمسيح وهو في صورة الحمل قائلة " مستحق أنت أن تأخذ السفر وتفتح ختومه لأنك ذبحت واشتريتنا للّه بدمك من كل قبيلة ولسان وشعب وأمّة " (رؤ9:5) .
وتتفق الأسفار الرؤوية ، في الأغلب ، في مغزى هذه الأشكال الرمزية وما ترمز إليه ، فيرمز بياض الشعر إلى الأزلية والحكمة والدينونة ، كما يرمز البحر المضطرب إلى العالم المضطرب ، ويرمز خروج الحيوانات الوحشية والتنانين من البحر إلى خروج الممالك والقادة ذوى الطموحات الزائدة وكذلك الأشرار من العالم. وترمز القرون في كثير من الأحيان للقادة، خاصة الأشرار (دا 8:7،20،21،24،25) .
وعادة ما كان يرى الراءون في رؤاهم صوراً متشابهة ومتماثلة لها نفس الجوهر والمغزى وقد عبروا عنها في أسفارهم بتعبيرات وأساليب لغوية وبلاغية وأدبية متشابهة ، خاصة أسفار حزقيال ودانيال ورؤيا يوحنا.
إذاً يا عزيزي ما جاء في سفر الرؤيا وغيره من بقية أسفار الكتاب المقدس عن الخروف والتنانين وغيرها هي أشكال رمزية كانت معروفة للأنبياء ومعاصريه ولا صلة لها بالخرافة .

كما أود أن أوضح لك أن الأناجيل لم تتحدث عن الزهد الجنسي بل عن التعفف الجنسي وهناك فرق بين هذا وذاك ، وقد تكلم السيد المسيح عن الزواج قائلاً " أما قرأتم أن الذي خلق من البدء خلقهما ذكرا وأنثى وقال . من اجل هذا يترك الرجل آباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسدا واحدا . إذا ليسا بعد اثنين بل جسد واحد.فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان " (مت5:19-7) و " ليكن الزواج مكرما عند كل واحد والمضجع غير نجس " (عب4:13).

أما كلمة أبوكريفا Apocrypha فهي كلمة يونانية تعني السرية وقد استخدمت في المسيحية لتعني الكتب المزيفة لأن كتاب هذه الكتب المزيفة زعموا أنها كتب سرية .

مع تحياتي


الراعي / عمانوئيل



الأناجيل الأبوكريفية ولماذا رفضتها الكنيسة ؟ - ضيف - 09-08-2004

يعني غريبة يا عزيزي الراعي ان يصدر هذا الكلام من وعي باحث.
اولا الحكم على الكتاب اللذي تعتقده مقدسا ليس التفاسير بل تفسه.
ثانيا لماذا جزمت بالرموز في كتابك ونفيتها عن الابوكريفيا؟ام ليس على الكلام جمارك فتكتب
عرائض و عرائض .

بلاش يا سيدي خرافية ابو سبع قروون وسبع عيون.
خلينا بخرراريف اليقظة
وقوف الشمس
ام ان كتابك اذا ذكر ان الشمس تقف تصدقه وتكذب
الابوكريفيا لان تنين سجد.
بلاش العهد القديم خلينا مع يسوع.
وقوله عن سقوط النجوم على الارض.
صدق او لا تصدق انوا تنين سجد ليس معضلة -بغض النظر عن كونه مخلوق خرافي ام لا-فالحيوانات يمكن تعليمها على امور كثيرة اماخريفية سقوط النجوم على الارض فهي اتخن بكثير.

طيب بلاش.
خريفية ان يسوع احيى الموتى لماذا صدقتها.
عمرك شفت واحد مات وقام من قيره بعد 3 ايام؟
ان قلت لي معجزة فما حدث يالابوكريفيا هو ايضا معجزات.
يعني ليس بصعبا على الخالق ان يخلق تنانين تنفث نارا.
الم تسمع بالحشرات اللتي تضئ؟
انا رأيتها ولم اسمع بها فقط.
الابوكريفيا محرفة و غير قانونية اما كنابك فعلى راسه ريشة
يا عزيزي كلاهما ملئ يالخراريف و الخرافات
ولماذا تجاوزت عن الارنب المجتر الخرافي ؟
يسوع لم يحرم الزواج ولم يدعي احد ذلك لكنه دعى الرجال ان يخصوا انفسهم.لماذا هذه ليست دعوة للزهد الجنسي؟ولماذا اصلا لم تعلق عليها في ردك؟
ام لنك تسمي دعوة يسوع لك بان تخصي نفسك تعففا وليس زهدا رهابيا بالجنس؟ام ان كل الرهبان لم يفهموا ما دعى اليه يسوع فلم يتزوجوا و حضرة جنابك بلا اي منطق تريد نفي الزهد من اناجيلك؟
فعلا كلامك غريب

تحياتي (f)


الأناجيل الأبوكريفية ولماذا رفضتها الكنيسة ؟ - الراعي - 09-08-2004

الزميل صفوان

تعودت في حواراتي على الأسلوب العلمي المهذب وليس الأسلوب الذي تتخذه من تجريح شخصي .
فأنت تتكلم بأسلوب لا أجد لاه تعبير إلا أن أسميه أسلوب "000" ويبدوا من حديثك أنك تربيت على عدم احترام الآخر .

وإذا استمريت في سلوبك هذا فأنا أربا بنفسي على الدخول معك في مثل هذه المهاترات ، فتربيتي وعقيدتي ترفض أن أنغمس معك في مثل هذا الأسلوب .



مع تحياتي


الراعي / عمانوئيل


الأناجيل الأبوكريفية ولماذا رفضتها الكنيسة ؟ - اسحق - 09-08-2004

hاستاذ صفوان
ملاحظة جانبية ليست فى صلب الموضوع :
وقوف الشمس أثبته العالم ايمانويل فليكوفسكى فى كتابه ( عصور فى فوضى )
تحياتى


الأناجيل الأبوكريفية ولماذا رفضتها الكنيسة ؟ - الصفي - 09-08-2004

لقد وجدت و منذ العصور الاولى للمسيحية اناجيل عديدة, فعلى اي اساس تم اختيار الاربعة لتصبح قانونية و تم استبعاد الاخرى؟ ما هي الدراسات التي اجريت و اظهرت قانونية الاربعة و انتحال الاخرى؟
و لمن ظن بانه لم توجد الا هذه الاربعة فليعلم بانه:
This is not the case, and the story of how the four gospels became chosen as part of the canon, or accepted literature of the church, offers a fascinating glimpse into the world of the early Christians.
و اذا صح ما نسب الى ارانيوس و الذي اصبح اسقف ليون الفرنسية بانه برر الاخذ باربعة اناجيل فقط بهذه الكلمات:
In about the year 180 CE, Irenaeus suggested that the proper number of gospels was four. He invoked a curious logic: there are four corners to the earth, there are four winds, there are four beasts of the apocalypse.
هناك اربعة اناجيل لان جنبات الارض اربع و الرياح اربع و الوحوش اربعة.
فهل هذا هو نوع الدراسات التى قام بها علماء الكتاب المقدس لحصر الاناجيل في اربعة و استبعاد الباقي؟
لقد انتجت العصور المسيحيةالاولى اناجيلا عديدة. احدها كان انجيل مريم المجدلية, الذي نظر الى مريم باعتبارها احد تلاميذ المسيح و زعيمة مجتمع مسيحي. انجيلا اخرا من الاناجيل المبكرة اسمه انجيل الحقيقة و الذي يتناول تعاليم المسيح و لكن لا يتحدث عن عن موته و قيامته , و انجيل توما يحتوي على اقوال منسوبة للمسيح فقط.
و بزيادة اعداد المجتمعات المسيحية , ايضا ازدادت اعداد و انواع الاناجيل. و ابان القرن الثاني اصبحت كتابة الاناجيل صناعةcottage industry .
و لكن هناك من احسوا ضرورة وضع حد لهذا النمو في عدد الاناجيل. من بين هؤلاء كان ايرانيوس الذي اصبح بيشوب ليون بعد فترة اضهاد عانته الطائفة المسيحية. و راى ايرانوس ان استمرارية الكنيسة مرتبطة بضرورة وجود نظام.
هذا النظام طال حتى النصوص التي استخدمها المسيحيون في عباداتهم. ففي حوالي سنة 180 ميلادية اقترح ايرانيوس العدد الامثل للاناجيل بانه اربعة.و قد اشرنا الى المنطق الغريب الذي استدل به على ان عدد الاناجيل يجب ان يكون اربعة لان جنبات الارض اربع و انواع الرياح اربع و الوحوش اربعة!

.. يتبع



الأناجيل الأبوكريفية ولماذا رفضتها الكنيسة ؟ - الراعي - 09-09-2004

كيف تم أختيار الأناجيل الأربعة وتقررت قانونية العهد الجديد وتأكيد وحيه ؟

قبل أن نبدأ دراستنا في هذا الفصل يجب أن نذكر بعض الأسئلة التي لابد منها وهى ؛ من الذي قرر صحة ووحي وقانونية أسفار العهد الجديد ، وأسفار العهد القديم أيضا ، ورفض غيرها من الكتب التي انتشرت في أوساط الهراطقة ؟ وهل كانت الكنيسة هي التي قدمت للمؤمنين هذه الأسفار بعينها دون غيرها ، أو بمعنى آخر ؛ هل الكنيسة هي أم القانونية وحاكمتها وقاضيتها ومنظمتها وسيدتها ، كما يتصور البعض من النقاد ؟ والإجابة التي يؤكدها التاريخ والتقليد والأسفار المقدسة نفسها هي ؛ كلا ، فالكنيسة كانت مبنية على أساس كلمة الله في هذه الأسفار المقدسة وليست مقررة لها " مبنيين على أساس الرسل والأنبياء ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية " (أف20:2) ، فقد أقرت الكنيسة الأولى بصحة ووحي هذه الأسفار وأدركتها وشهدت لها وبشرت بها وحفظتها بالروح القدس وسلمتها للأجيال التالية كما تسلمتها هي من السيد المسيح ورسله ولم تقررها .
كما أن كلمة قانون أو قانونية لم تستخدم للتعبير عن وحي أسفار العهد الجديد ، الأناجيل الأربعة ، الإنجيل بأوجهه الأربعة ، وسفر أعمال الرسل ورسائل الرسل ، بولس ويعقوب وبطرس ويوحنا ويهوذا أخو يعقوب ، وسفر الرؤيا ، وقبولها ككلمة الله ذات السلطان الإلهي حتى القرن الرابع الميلادي ، وإنما قبلت هذه الأسفار حتى قبل أن تكتب باعتبارها كلمة الله ووحيه الإلهي . وكان لهذا القبول الذي سمى بعد ذلك بالقانونية ، أسبابه ومبرراته :
(1) رسوليه الرسل ، شهود العيان ، وعمل الله معهم :
فقد كتب هذه الأسفار ودونها بالروح القدس رسل المسيح وشهوده الذين سلموا لهم نفس ما دون فيها من قبل شفاهه مؤيدين بالعجائب والمعجزات التي تدل على عمل الروح القدس فيهم وكلامه على لسانهم وبأفواههم أو كما يقول الكتاب " شاهدا الله معهم بآيات وعجائب وقوات متنوعة ومواهب الروح القدس " (عب4:2) ، " وكانت عجائب وآيات كثيرة تجرى على أيدي الرسل " (أع43:2) ، " وجرت على أيدي الرسل آيات وعجائب كثيرة في الشعب " (أع12:5؛ 8:6؛3:14؛12:15) ، والتي تؤكد رسوليتهم كرسل الرب يسوع المسيح وأن كل ما ينادون به ويعلمونه هو كلام الله بالروح القدس . يقول القديس بولس بالروح " بقوة آيات وعجائب بقوة روح الله حتى أنى من أورشليم وما حولها إلى الليريكون قد أكملت التبشير بإنجيل المسيح " (رو19:15) ، " أن علامات الرسول صنعت بينكم في كل صبر بآيات وعجائب وقوات " (2كو12:12) ، " انتم شهود والله كيف بطهارة وببر وبلا لوم كنا بينكم انتم المؤمنين كما تعلمون كيف كنا نعظ كل واحد منكم كالأب لأولاده ونشجعكم ونشهدكم لكي تسلكوا كما يحق لله الذي دعاكم إلى ملكوته ومجده . من اجل ذلك نحن أيضا نشكر الله بلا انقطاع لأنكم إذ تسلمتم منا كلمة خبر من الله قبلتموها لا ككلمة أناس بل كما هي بالحقيقة ككلمة الله التي تعمل أيضا فيكم انتم المؤمنين " (1تس10:2-13) .
(2) التقليد الرسولى المسلم من رسل المسيح :
فقد كان الذين قبلوا هذه الأسفار في البداية هم نفس الذين تسلموا ما جاء فيها من قبل شفوياً وكانوا يحفظون كل ما كتب فيها ككلمة الله ووحيه الإلهي بل واكثر مما كتب فيها ، حيث كرز رسل المسيح ونادوا لهم بالإنجيل وحفظوه لهم بأسلوب التعليم والتسليم الشفوي كما يقول الكتاب " أمدحكم أيها الاخوة على إنكم تذكرونني في كل شيء وتحفظون التعاليم كما سلمتها إليكم " (1كو2:11) ، " لأنني تسلمت من الرب ما سلمتكم أيضا " (1كو23:11) ، " فإنني سلمت إليكم في الأول ما قبلته أنا أيضا " (1كو3:15) ، " وما تعلمتموه وتسلمتموه وسمعتموه ورأيتموه في فهذا افعلوا " (فى9:4) ، " لأنكم إذ تسلمتم منا كلمة خبر من الله قبلتموها لا ككلمة أناس بل كما هي بالحقيقة ككلمة الله التي تعمل أيضا فيكم انتم المؤمنين " (1تس2:13) . هذا التعليم أو التسليم كان يسلم من الرسل إلى تلاميذهم وتلاميذهم يسلمونه لآخرين وهكذا " وما سمعته مني بشهود كثيرين أودعه أناسا أمناء يكونون أكفاء أن يعلموا آخرين أيضا "(2تى2:2). فلما دونت الأناجيل كان هؤلاء يحفظون كل ما دون فيها بل وأكثر مما دون فيها .
(3) تسليم الأسفار للكنيسة الأولى :
كما أن الذين استلموا هذه الأسفار وقبلوها هم الذين طلبوا من الرسل أن يدونوا لهم ما سبق أن تسلموه شفوياً ، ومن ثم فقد دونت بالروح القدس لهم وأمامهم وبمعرفتهم ومن ثم قبلوها بكل قداسة ووقار ككلمة الله الموحى بها من الروح القدس .
1 – الرسل وقانونية العهد الجديد :
كتبت معظم أسفار العهد الجديد قبل سنة 70 ميلادية عندما كان معظم تلاميذ المسيح ورسله أحياء حيث كتب دون الإنجيل للقديس متى والإنجيل للقديس مرقس فيما بين سنة 50 وسنة 62م ودون الإنجيل للقديس لوقا فيما بين سنة 60 و62م وسفر أعمال الرسل قبل سنة 67م وكتب القديس بولس رسائله الأربع عشره فيما بين سنة 50 وسنة 67م والقديس يعقوب الرسول فيما بين سنة 49 و 62م حيث يرى البعض أنها كتبت قبل مجمع أورشليم سنة 50م ويرى البعض الآخر أنها كتبت في أواخر حياته فيما بين سنة 60 وسنة 62م وكتب القديس بطرس رسالتيه قبل استشهاده سنة67م ، وكتب القديس يهوذا أخو القديس يعقوب رسالته بعد رسالة بطرس الثانية وقبل سنة 70م ، ودون القديس يوحنا الإنجيل الرابع وسفر الرؤيا وكتب رسائله الثلاث فيما بين سنة 80 وسنة 96م حيث ترك العالم حوالي 100م . وقد قبلت الكنيسة هذه الأسفار فور تدوينها واستخدمها الرسل في كرازتهم كالإنجيل المكتوب ، وكانت تقرأ في الكنائس واجتماعات العبادة ، في الكنائس التي كتبت فيها ولها أولاً ، مع أسفار العهد القديم بالتساوي ، " مبنيين على أساس الرسل والأنبياء ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية " (أف20:2) ، " لتذكروا الأقوال التي قالها سابقا الأنبياء القديسون ووصيتنا نحن الرسل وصية الرب والمخلص " (2بط‌2:3) ، خاصة في أيام الأحد ، يقول القديس يوستينوس الشهيد في بداية القرن الثاني : " وفى يوم الأحد يجتمع كل الذين يعيشون في المدن أو في الريف معاً في مكان واحد وتقرأ مذكرات الرسل ( الأناجيل ) أو كتابات الأنبياء بحسب ما يسمح الوقت " (Abol:47) .
ويقول القديس بولس بالروح لأهل تسالونيكى " أناشدكم بالرب أن تقرا هذه الرسالة على جميع الاخوة القديسين " (1تس27:5) .
ويؤكد سفر الرؤيا على ترتيب الكنيسة وطقسها في قراءة الأسفار المقدسة في الاجتماعات والقداسات ، وعلى حقيقة وحي السفر ، فيقول " طوبى للذي يقرا وللذين يسمعون أقوال النبوة ويحفظون ما هو مكتوب فيها لان الوقت قريب " (رؤ3:1) وتتكرر في السفر عبارة " من له أذن فليسمع ما يقوله الروح للكنائس " سبع مرات (رؤ7:2،11،17،29؛6:3،13،22) . ، و" من له أذن فليسمع " (رؤ9:13) ، كما يؤكد على حقيقة قراءة السفر عموماً ككتاب مقدس لا يجوز تحريفه أو زيادة حرف عليه أو نقص حرف منه عندما يختم السفر بقوله " لأني اشهد لكل من يسمع أقوال نبوة هذا الكتاب أن كان أحد يزيد على هذا يزيد الله عليه الضربات المكتوبة في هذا الكتاب " (رؤ18:22) .
وكانت تنسخ نسخاً من هذه الأسفار وترسل للكنائس القريبة والمجاورة ، وكانت كل كنيسة تحتفظ بالسفر الذي كتب لها أصلاً ، سواء كان هذا السفر إنجيل من الأناجيل الأربعة أو رسالة من رسائل الرسل أو سفر الأعمال أو سفر الرؤيا ، وتحتفظ بنسخ من الأسفار التي كتبت أو أرسلت للكنائس الأخرى . يقول القديس بولس في رسالته إلى كولوسى" ومتى قرئت عندكم هذه الرسالة فاجعلوها تقرا أيضا في كنيسة اللاودكيين والتي من لاودكية تقراونها انتم أيضا " (كو16:4) .
وهكذا بدأت تتجمع أسفار العهد الجديد معاً بالتدريج حسب المناطق والكنائس التي أرسلت إليها أولاً حيث بدأت تتجمع رسائل القديس بولس معاً ثم الأناجيل . ويجب أن نضع في الاعتبار أن الأناجيل الثلاثة الأولى ، ثم إنجيل يوحنا بعد ذلك ، كانت الأسرع في الانتشار يليها رسائل بقية الرسل التي كتب بعضها قبل الأناجيل وسفر الرؤيا . كما كنت الرسائل تنتشر في المناطق المجاورة للأماكن التي أرسلت إليها أولاً ، أما الأناجيل فقد كان انتشارها مرتبطاً بكرازة الكثير من الرسل التي حملوها معهم إلى أماكن متفرقة من العالم . ومن هنا تأخر الاعتراف ببعض هذه الرسائل وسفر الرؤيا في البلاد التي لم ترسل إليها أولاً ، وذلك على الرغم من القبول الفوري لها في الأماكن التي أرسلت إليها أصلاً .
وقد انتشرت هذه الأسفار المقدسة بسرعة نسبية نتيجة لانتشار المسيحية في بلاد كثيرة ، خاصة بلاد حوض البحر المتوسط في أفريقيا وآسيا وأوربا مثل فلسطين وسوريا ومصر وآسيا الصغرى واليونان وروما وقبرص وأطراف الجزيرة العربية وفارس والهند وغيرها من البلاد ، حيث يذكر سفر أعمال الرسل أناس من بلاد وجنسيات كثيرة كانت حاضرة عظة القديس بطرس الأولى وتعليم بقية الرسل عند حلول الروح القدس على التلاميذ يوم الخمسين " فرتيون وماديون وعيلاميون والساكنون ما بين النهرين واليهودية وكبدوكية وبنتس واسيا وفريجية وبمفيلية ومصر ونواحي ليبية التي نحو القيروان والرومانيون المستوطنون يهود ودخلاء كريتيون وعرب " (أع 8:2-11) . كما بشر القديس فيلبس الخصى الحبشي وزير ملكة الحبشة (أع 8) . وقد حمل هؤلاء الناس بزار الإيمان إلى بلادهم ثم ذهب الرسل إلى هذه البلاد بعد ذلك ونشروا الإيمان فيها . وبعد رجم القديس أستفانوس يقول الكتاب " أما الذين تشتتوا من جراء الضيق الذي حصل بسبب استفانوس فاجتازوا إلى فينيقية وقبرس وإنطاكية وهم لا يكلمون أحدا بالكلمة إلا اليهود فقط . ولكن كان منهم قوم وهم رجال قبرسيون وقيروانيون الذين لما دخلوا إنطاكية كانوا يخاطبون اليونانيين مبشرين بالرب يسوع وكانت يد الرب معهم فآمن عدد كثير ورجعوا إلي الرب " ( أع22:11-24) وبشر بولس الرسول في أثينا وكورنثوس (أع 1:18) . ويقول في الرسالة إلى رومية " بقوة آيات وعجائب بقوة روح الله حتى أني من أورشليم وما حولها إلى الليريكون ( مقاطعة رومانية تقع فى يوغسلافيا حاليا ) قد أكملت التبشير بإنجيل المسيح " (رو19:15) . هذا غير البلاد التي بشر فيها بقية الرسل والتي لم تذكر في سفر الأعمال . ومن ثم انتشرت أسفار العهد الجديد المقدسة في كل هذه البلاد فيما بين سنة 50 وسنة 68م فقد كُتب الإنجيل للقديس متى في فلسطين وانتشر منها إلى دول كثيرة ، وعندما ذهب القديس توما إلى الهند كان يحمل معه نسخة منه وعندما بشر القديس برنابا في قبرص حمل معه نسخة منه أيضاً ، وعندما مات ودفن هناك وضعت معه نسخة من هذا الإنجيل . وكتب الإنجيل للقديس مرقس في روما ولما سافر إلى مصر حمل معه نسخة منه إليها وأنتشر منهما إلى بلاد كثيرة ، وأرسل القديس لوقا الإنجيل الثالث وسفر أعمال الرسل إلى العزيز ثاوفيلس وانتشرا من إنطاكية واليونان إلى بقية البلاد ، ولأن القديس لوقا كان رفيقاً للقديس بولس لذا فمن الطبيعي أنهما حملا هذا الإنجيل معهما في البلاد التي بشرا وكرزا فيها ، ومن الطبيعي أنهما تركا منه نسخاً في هذه البلاد . كما أقتبس القديس بولس من الإنجيل للقديس لوقا ، كسفر مقدس وموحى به ، ومن سفر التثنية بصيغة واحدة هي " لأن الكتاب يقول " والتي تعنى الكتاب المقدس " لأن الكتاب قول لا تكم ثوراً دارساً (تث4:25) والفاعل مستحق أجرته " (لو7:10) " (1تى18:5) . وكتب الإنجيل للقديس يوحنا في أفسس بآسيا الصغرى وكانت معه الأناجيل الثلاثة الأولى وأشار لما جاء في بعض أحداثها وأضاف معلومات توضح بعض ما جاء فيها ثم دون بالروح القدس أعمال وأقوال للسيد المسيح لم تذكر فيها وتمثل 90% من هذا الإنجيل .
كما أشار القديس بطرس لوحي وانتشار كل رسائل القديس بولس فقال " واحسبوا أناة ربنا خلاصا كما كتب إليكم أخونا الحبيب بولس أيضا بحسب الحكمة المعطاة له كما في الرسائل كلها أيضا متكلما فيها عن هذه الأمور التي فيها أشياء عسرة الفهم يحرفها غير العلماء وغير الثابتين كباقي الكتب أيضا لهلاك أنفسهم " (2بط15:3،16) . وأقتبس القديس يهوذا أخو يعقوب في رسالته من رسالة القديس بطرس الثانية ( 2بط2:3-3) بقوله " وأما انتم أيها الأحباء فاذكروا الأقوال التي قالها سابقا رسل ربنا يسوع المسيح . فانهم قالوا لكم انه في الزمان الأخير سيكون قوم مستهزئون سالكين بحسب شهوات فجورهم " (يه18،19) .
2 – الآباء الرسوليون وأسفار العهد الجديد :
الأباء الرسوليين هم تلاميذ الرسل وخلفائهم الذين تتلمذوا على يديهم وخدموا معهم وكانوا معاونين لهم وصاروا خلفاء لهم واستلموا مسئولية الكرازة والخدمة من بعدهم ، وحملوا الإنجيل ، سواء الشفوي أو المكتوب ، وكان مصدر عقيدتهم ومصدر تعليمهم ، ومن ثم فقد استشهدوا بآياته ونصوصه في كرازتهم وعظاتهم وتعليمهم ، وكتاباتهم التي بقى لنا منها عدداً كاف ليكشف لنا عما تسلموه من الرسل وما تعلموه وعلموه من عقائد ، على رأسها وحي كل أسفار الكتاب المقدس ، خاصة أسفار العهد الجديد التي تعنينا في هذا الفصل ، ولاهوت السيد المسيح ، ابن الله والإله الآتي من السماء والواحد مع الآب في الطبيعة الإلهية والجوهر الإلهي والمساوي له في كل شئ ، وعقيدة الثالوث في الذات الإلهية ، وحقيقة صلب السيد المسيح وقيامته وعقيدة الفداء بدمه المسفوك على الصليب .
وكان على رأس هؤلاء الشخصيات التالية التي تركت لنا أعمالاً مكتوبة ظلت ومازالت تشهد للأجيال لصحة كل نقطة وكل حرف وكل كلمة وكل آية وكل فقرة وكل إصحاح وكل سفر في العهد الجديد والكتاب المقدس كله .
(1) القديس اكليمندس الروماني ( 30 - 100م ) :
كان القديس اكليمندس الروماني ( 30 -100م ) أسقفا لروما ( يوسابيوس ك 3ف15) ، كما كان أحد تلاميذ ومساعدي القديس بولس الرسول والذي قال عنه انه جاهد معه في نشر الإنجيل (في3:4) ، والذي تعرف على الكثيرين من الرسل وتعلم منهم ، يقول عنه القديس إريناؤس أسقف ليون ( 120 -202م ) أنه رأى الرسل الطوباويين وتحدث معهم وكانت كرازتهم لا تزال تدوي في أذنيه وتقاليدهم ماثلة أمامه عينيه (Adv. Haer.b.3:31) .
هذا القديس أشار في رسالته التي أرسلها إلى كورنثوس ، والتي كتبها حوالي سنة 96م ، إلى تسليم السيد المسيح الإنجيل للرسل ومنحه السلطان الرسولى لهم فقال " تسلم الرسل الإنجيل لنا من الرب يسوع المسيح ، ويسوع المسيح أًرسل من الله . المسيح ، إذا ، من الله والرسل من المسيح وكلاهما ينبعان من إرادة الله بترتيب منظم . وقد حمل الرسل بشارة اقتراب الملكوت السماوي بعد أن استمدوا معرفتهم من قيامة السيد المسيح وتأكدوا من كلام الرب بالروح القدس " . كما أشار إلى ما جاء في الأناجيل الثلاثة الأولى وأقتبس منها على أساس أنها أقوال المسيح ، وكلمة الله التي يجب أن تطاع فقال :
+ - " تذكروا أقوال الرب يسوع كيف قال : ويل لذلك الإنسان ( الذي به تأتى العثرات ) كان خير له أن لا يولد من أن يكون حجر عثرة أمام مختاري ، كان خيراً أن يعلق ( في عنقه ) حجر رحى ويغرق في أعماق البحر من أن يعثر أحد مختاري " ( 7:46،8 مع مت16:18؛24:26؛مر42:9؛لو2:17) .
+ " لنذكر على وجه الخصوص أقوال الرب يسوع التي قالها عندما كان يعلم الوداعة وطول الأناة لأنه تكلم هكذا : ارحموا ترحمون . اغفروا يغفر لكم . وكما تفعلون يعطى لكم ، وكما تدينون تدانون ، وكما تعطفوا يظهر لكم العطف "( 1:13،2)
كما اقتبس ما جاء في (ف8:46) ما جاء في متى24:26 ولوقا1:17،2 ، واقتبس في (ف46) معظم ما جاء في الإصحاح الأول من الرسالة إلى العبرانيين ، كما اقتبس قوله " الذي وهو بهاء مجده … صار أعظم من الملائكة بمقدار ما ورث اسماً افضل منهم " (2:36 مع عب3:1،4) . واستشهد أيضا برسائل القديس بولس الأخرى (1كورنثوس وأفسس و1تيموثاؤس وتيطس ) ، واقتبس من رسالة يعقوب ، كما يدل ما كتبه على معرفة واضحة بالإنجيل للقديس يوحنا .
ثم يؤكد لنا بصورة مطلقة إيمان الكنيسة بوحي كل أسفار العهد الجديد فيقول عن رسالة القديس بولس الرسول التي أُرسلت إليهم من قبل " انظروا إلى رسالة بولس الطوباوى . ماذا كتب لكم في بداية الكرازة بالإنجيل ؟ في الواقع فقد كتب لكم بوحي من الروح القدس رسالة تتعلق به وبكيفا ( أي بطرس ) وأبولوس " .
كما أشار في رسالته إلى لاهوت المسيح وصلبه وقيامته فقال :
" لنركز أنظارنا على دم المسيح متحققين كم هو ثمين لدى أبيه ، إذ سفكه لأجل خلاصنا ، وقدم نعمة التوبة للعالم كله ... لنكرم الرب يسوع المسيح الذي قدم دمه لأجلنا ... وقد صار الرب يسوع المسيح باكورة الراقدين من الأموات " .
(2) القديس أغناطيوس الإنطاكى ( 30 - 107م ) :
كان القديس أغناطيوس الإنطاكى ( 30 - 107م) أسقفاً لإنطاكية وتلميذاً لبطرس الرسول وقال عنه المؤرخ الكنسي يوسابيوس القيصري ( 340م ) " أغناطيوس الذي اختير أسقفاً لإنطاكية خلفاً لبطرس والذي لا تزال شهرته ذائعة بين الكثيرين " ( يوسابيوس ك3ف2:36) . وقد كتب هذا الرجل سبعة رسائل أكد فيها على المساواة بين ما كتبه الرسل وبين أسفار العهد القديم باعتبارهما ، كليهما ، كلمة الله الموحى بها وأسفار مقدسة وأستشهد فيها بما جاء في الإنجيل للقديس متى والإنجيل للقديس لوقا وسفر أعمال الرسل وما جاء في الرسائل إلى رومية وكورنثوس الأولى وأفسس وكولولسى وتسالونيكى الأولى وكانت آيات الإنجيل للقديس يوحنا مؤثرة جداً على عقله وفكره وقلبه ويبدوا أنه كان السفر المفضل لديه .
كما أشار لوحي كل رسائل القديس بولس الرسول وإيمان الكنيسة في عصره أنها كلمة الله فقال " وقد اشتركتم في الأسرار مع القديس بولس الطاهر الشهيد المستحق كل بركة … الذي يذكركم في كل رسائله بالمسيح يسوع " (أفسس12) .
كما تحدث عن لاهوت المسيح ودعاه سبع مرات ب " الله " و " إله " و " إلهنا " فى قوله عنه " الله الكلمة " و " دعي المسيح إله ورب الجنود " و " ظهر لإبراهيم وأسحق ويعقوب ودعى إله " و " عرشك يا الله " ... الخ . وعن صلبه وقيامته قال " يسوع المسيح ... تألم حقا ً على عهد بيلاطس البنطى ، وصلب حقاً ومات حقاً أمام السمائيين والأرضيين ومن تحت الأرض وقام حقاً من الأموات "( ترالس 1:9،2).
(3) القديس بوليكاربوس ( 65 - 155م ) :
أسقف سميرنا بآسيا الصغرى والذي قال عنه كل من القديس إريناؤس والمؤرخ الكنسي يوسابيوس القيصري أنه كان تلميذاً للقديس يوحنا وبعض الرسل الذين أقاموه أسقفاً على سميرنا بآسيا الصغرى والذي استلم منهم التقليد الرسولي ، يقول عنه القديس إريناؤس " إنه لا يزال ثابتاً في مخيلتي نوع الاحتشام والرصانة الذي كان يتصف به القديس بوليكاربوس مع احترام هيئته ووقار طلعته وقداسة سيرته ، وتلك الإرشادات الإلهية التي كان يعلم بها رعيته وبابلغ من ذلك كأني أسمع ألفاظه التي كان ينطق بها عن الأحاديث التي تمت بينه وبين القديس يوحنا الإنجيلي وغيره من القديسين الذين شاهدوا يسوع المسيح على الأرض وترددوا معه وعن الحقائق التي تعلمها وتسلمها منهم " ( الآباء الرسوليين للقمص تادرس يعقوب ص126 ) .
وقد كتب رسالة قصيرة سنة 110م أستشهد فيها 122مرة من الكتاب المقدس كله منها 100 من 17 سفراً من العهد الجديد ، الأناجيل الثلاثة الأولى وسفر أعمال الرسل والرسائل إلى كورنثوس الأولى والثانية وغلاطية وأفسس وفيلبى وتسالونيكى الأولى والثانية وتيموثاؤس الأولى والثانية والعبرانيين ورسالة بطرس الأولى ورسالة يوحنا الأولى ، و 12 سفر فقط من العهد القديم .
ومثل الآباء في عصره وفى فجر الكنيسة الباكر فقد أكد على وحي رسائل القديس بولس ككلمة الله الموحى بها فقال " فلا أنا ولا أي إنسان آخر قادر على أن يصل إلى حكمة المبارك والممجد بولس الذي كان قائماً يعلم بين الذين عاشوا في تلك الأيام ، وعلم الحق بدقة وثبات ، وبعد رحيله ترك لكم رسائل إذا درستموها صرتم قادرين على أن تبنوا إيمانكم الذي تسلمتموه " ( مشاهير الرجال ف2:3) . كما أقتبس في فقرة واحدة آيتين واحدة من سفر المزامير والأخرى من الرسالة إلى أفسس بقوله " كما قيل في الكتب المقدسة : أغضبوا ولا تخطئوا (مز5:4) لا تغرب الشمس على غيظكم (أف46:4) " حيث أكد لنا نظرة الكنيسة في عصره إلى كل منهما باعتباره سفر مقدس وكلمة الله .
وإلى جانب ما سبق يقول عن لاهوت المسيح وقيامته " الذي سيؤمن بربنا وإلهنا يسوع المسيح وبأبيه الذي أقامه من الأموات " (2:12 مع Lightfoot,p.181 ) . ويقول أيضاً " فلنلتصق دائماً برجائنا وعريس عدالتنا يسوع المسيح الذي حمل خطايانا في في جسده على الخشبه ( الصليب ) " ( 1:7) .
(4) الدياديكية ( أو تعليم الرسل الأثنى عشر ) ( 100م ) :
كُتب هذا الكتاب في نهاية القرن الأول وأقتبس كثيراً من الإنجيل للقديس متى وأشار إلى الإنجيل ككل ، سواء الإنجيل الشفوي أو المكتوب بقوله " كما هي عندكم في الإنجيل " (3:15،4) و " كما أمر الرب في إنجيله " (2:8) و " حسب ما جاء في الإنجيل " (3:11) و " كما يقول الإنجيل " (3:15) ، و يقتبس من الإنجيل للقديس متى بقوله " لا تصلوا كما يصلى المراؤون ، بل كما أمر السيد في إنجيله ، فصلوا هكذا : أبانا الذي في السموات …الخ " (2:8) و " لأن الرب قال لا تعطوا الخبز للكلاب " (5:9) . ويختم الكتاب بالقول " ولكن كما كتب : سيأتي الرب ومعه القديسون " (زك5:14) ثم يضيف " وسينظر العالم مخلصاً آتياً على سحب السماء " (مت3:24) .
(5) رسالة برنابا ( حوالي سنة 100م ) :
يجمع العلماء على أن هذه الرسالة قد كتبت في نهاية القرن الأول وأن كاتبها مستقيم الرأي ( أرثوذكسي ) واقتبست من الإنجيل للقديس متى (16:20) باعتباره كتاب مقدس وموحى به من الله بقوله " كما هو مكتوب : كثيرون يدعون وقليلون ينتخبون " (4:14 مع مت16:20) . كما أقتبست من رسالتي بولس الرسول إلى تيموثاؤس 1و2 . وقالت عن لاهوت المسيح وصلبه وقيامته " يا أخوتي إذا كان السيد قد أحتمل أن يتألم من أجل نفوسنا وهو رب المسكونة ... فكيف قبل أن يتألم على أيدي الناس ؟ ولكي يعطل الموت ويبرهن على القيامة من الأموات ظهر بالجسد واحتمل الآلام … وكان عليه أن يتألم على الصليب … لذلك نعيد اليوم الثامن بفرح . اليوم الذي قام فيه المسيح من الأموات وظهر وصعد إلى السماء "
( 5:5،12) .
(6) الرسالة الثانية المنسوبة لاكليمندس الروماني ( بداية القرن الثاني) :
والتي يجمع العلماء على أنها ترجع لبداية القرن الثاني ، وترجع قيمتها بالنسبة لنا في هذا المجال ، لكونها كانت تعبر عن فكر إحدى الجماعات المسيحية فى بداية القرن الثاني وشهادتها لوحي أسفار العهد الجديد وقانونيتها ، فهي تقتبس من الأناجيل الأربعة كثيراً وتسبق هذه الاقتباسات عبارات " لأن الرب يقول في الإنجيل " ( 2clem5:8) و " يقول كتاب مقدس آخر " (Ibid4:2) . ويؤكد استخدام الكاتب للفعل المضارع " يقول " أنه يشير إلى الأناجيل المكتوبة وإيمانه بأنها كلمة الله وكتابه المقدس . وفيما يلي أثنين من اقتباساته :
+ من الإنجيل للقديس متى " الذي يعترف بي قدام الناس سأعترف به قدام أبى " (مت 32:10) و " أخوتي هم الذين يعملون إرادة أبى " (مت16:10 ) .
+ من الإنجيل للقديس لوقا " يقول الرب في الإنجيل : إذا لم تحفظوا القليل فمن يعطيكم العظيم ؟الأمين في القليل جداً أمين أيضاً في الكثير " (Ibid5:8 مع لو21:8؛3:10؛10:16-12) .
3 – آباء الكنيسة في القرن الثاني الميلادي :
شهد القرن الثاني للميلاد انتشارا واسعاً للمسيحية في كل البلاد المحيطة بالبحر المتوسط ، في آسيا وأفريقيا وأوربا ، وقد عبر يوستينوس الشهيد في بداية القرن الثاني ( 120 م ) عن هذا الانتشار بقوله للإمبراطور الروماني " لا توجد سلالة واحدة من البشر سواء كانت بربر أو إغريق ، سواء كانت ساكنة خيام أو بدو متجولين بينها مصلين ومقدمي شكر لا يقدمون صلواتهم باسم يسوع المصلوب " (Dial:117) ، وقال العلامة ترتليان (145 -220م) ، من شمال أفريقيا ، في دفاعه الذي أرسله إلى الإمبراطور الروماني " نحن نملأ كل مكان بينكم ، المدن والقرى والأسواق والمعسكر والقبائل والجماعات والقصر ومجلس الشيوخ والساحة العامة ، ولم نترك لكم شيئاً سوى معابد آلهتكم " . هذا الانتشار ، الذي بدأ في أيام الرسل وامتد بعدهم ، كان وراءه العشرات بل والمئات من خلفاء الرسل وتلاميذهم الذين استلموا منهم الإنجيل الشفوي والإنجيل المكتوب ، بل وكانت هناك ضرورة لوجود نسخ من الإنجيل المكتوب في كل في هذه البلاد ، هذه النسخ التي بدأت في الانتشار أولاً عن طريق الرسل أنفسهم . وهذا أدى بطبيعة الحال لوجود مئات بل آلاف النسخ منه في كل تجمعات المسيحيين في هذه البلاد .
وكان بعض الآباء من آباء الكنيسة في كل هذه البلاد قد كتبوا عشرات الكتب في تعليم الإيمان وشرح العقيدة وتفسير الأسفار المقدسة نفسها ، ومن ثم استشهدوا في كتاباتهم بمعظم آيات الكتاب المقدس واقتبسوا منها بغزارة شملت جميع آيات العهد الجديد . وقد أحصى أحد العلماء عدد الاقتباسات التي اقتبسها آباء الكنيسة الذين كتبوا قبل مجمع نيقية سنة 325م ، بحسب الكتب التي لا تزال باقية معنا ، فبلغ عددها 32000 ( اثنان وثلاثون ألفا ) ، وذلك غير الذي اقتبسوه في الكتب الأخرى التي لم يصلنا منها شئ ، وعندما أضاف ما اقتبسه المؤرخ الكنسي المعاصر لمجمع نيقية يوسابيوس القيصري المتوفى سنة 340م بلغ عدد الاقتباسات 38000 (ثمانية وثلاثين ألف ) اقتباساً . ومن هؤلاء الآباء :
(1) بابياس أسقف هيرابوليس ( 60 - 130م) :
ويقول عنه القديس إريناؤس والقديس جيروم أنه كان تلميذاً للقديس يوحنا ورفيقاً للقديس بوليكاربوس وكان أسقفاً لهيرابوليس فريجية بآسيا الصغرى وجمع التقاليد الشفوية عن أفواه الرسل ووضع كتاباً من خمس مقالات في تفسير كلام الرب . وكان يهتم بكلام الرسل الحي المنقول عنهم بنفس درجة الكلام المكتوب ، ويعبر عن ذلك بقوله : " وإذا جاءني أحد ممن تبع الشيوخ نظرت في كلام الشيوخ مما قاله أندراوس أو بطرس أو فيلبس أو توما أو يعقوب أو يوحنا أو متى أو أحد تلاميذ ربنا أو أرستون أو يوحنا الشيخ . فأنى ما ظننت أن ما يستقى من الكتب يفيدني بقدر ما أنقله من الصوت الحي الباقي " ( آباء الكنيسة في القرون الثلاثة الأولى أسد رستم ص 42 ).
وهو يؤكد لنا هنا وجود الإنجيل الشفوي ، من خلال تلاميذ الرسل ومن استمعوا إليهم وحفظوا ما تسلموه منهم مع الإنجيل المكتوب جنباً إلى جنب مما يؤكد استحالة التفكير في مجرد تغيير أو تعديل حرف واحد في كلمة الله المكتوبة ، أو في العقيدة التي تسلمها آباء الكنيسة من الرسل .
(2) يوستينوس الشهيد ( 100 - 165م) :
من نابلس بفلسطين وقد كرس حياته للدفاع عن المسيحية وكان من أول المدافعين عنها وقد بقى لنا مما كتبه دفاعين عن المسيحية كان قد وجههما إلى الإمبراطور الروماني أنطونيوس بيوس (138 - 161 م ) والسانتوس الروماني (يوسابيوس ك4ف18) ، وحوار مع شخص يدعى تريفو اليهودي . وقد شهد فيهم للأناجيل الأربعة وأشار إليهم أكثر من سبع عشرة مره بعبارات مثل : " لأن الرسل سلموا لنا في المذكرات التي دونوها والتي تسمى أناجيل " ( 1Apol 97-Dial.103 ) . " . ثم يقول معبرا عن فكر معاصريه في وحي العهد الجديد " لأنه كما آمن إبراهيم بصوت الله وحسب له ذلك براً ونحن بنفس الطريقة آمنا بصوت الله الذي تحدث لنا بواسطة رسل المسيح وأعلن لنا بواسطة الأنبياء حتى الموت أن إيماننا تبرأ بكل ما في العالم " (Dial.19 ) . كما تحدث عن انتشار الأسفار المقدسة ، العهد الجديد والعهد القديم ، في كل مكان في العالم كان يوجد به مسيحيون ، وعن قراءتها في اجتماعات العبادة في الكنائس في كل مكان " وفى اليوم الذي يدعى الأحد يجتمع معاً كل الذين يعيشون في المدن أو في الريف في مكان واحد وتقرأ مذكرات الرسل ( الأناجيل ) أو كتابات الأنبياء بحسب ما يسمح الوقت ، وعندما يتوقف القارئ يعلم الرئيس وينصح بالعمل بهذه الأمور السارة " (1Apol.67 ) . كما اقتبس واستشهد بكثير من آياتها ؛
+ فقد استشهد بما جاء في الإنجيل للقديس متى عن ظهور النجم للمجوس وقت ميلاد السيد المسيح ، فى قوله " عندما ظهر نجم في السماء وقت ميلاده كما هو مسجل في مذكرات رسله ( أي الأناجيل ) أدرك المجوس ، من العربية ، العلامة بهذه فأتوا وسجدوا له " ( Dial.106.4 مع متى 1:2) .
+ واستشهد بما جاء في الإنجيل للقديس لوقا عن سقوط عرق كقطرات دم من السيد وهو في البستان " مكتوب في المذكرات التي دونها الرسل وأتباعهم ( أي الأناجيل ) ، كما قلت ، ان عرقه سقط مثل قطرات دم عندما كان يصلى ويقول " أن أمكن فلتعبر عنى هذه الكأس " ( Dial,103 .8 مع لوقا 42:22،44) .
+ واستشهد بالكثير مما جاء في الإنجيل للقديس يوحنا مثل قوله " قال المسيح أيضاً : أن لم تولدوا ثانية فلن تدخلوا ملكوت السموات " ( Apol.61 .4) . مشيراً إلى حوار الرب مع نيقوديموس " الحق الحق أقول لك أن كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله . قال له نيقوديموس كيف يمكن الإنسان أن يولد وهو شيخ العله يقدر أن يدخل بطن أمه ثانية و يولد . أجاب يسوع الحق الحق أقول لك أن كان أحد لا يولد من الماء و الروح لا يقدر ان يدخل ملكوت الله " (يو3:3-5) .
+ وقال عن سفر الرؤيا " وعلاوة على ذلك لدينا أيضاً رجل يدعى يوحنا وهو أحد رسل المسيح تنبأ في رؤيا صارت له " (Dial.81.4 ) .
وقال عن لاهوت المسيح أن الكنيسة تنادى ب " تعاليم اللوغوس ( السيد المسيح ، كلمة الله ) لأنه إلهي " ، ثم يقول " ونحن نعبده " ، ويقول أيضاً أن اللوغوس الذي هو المسيح هو الذي كلم موسى النبي من العليقة وقال له " أنا أكون الذي أكون ، إله إبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب " . وقال عن صلبه وقيامته " لأنه حقاً بقى المسيح على الشجرة ( الصليب ) حتى المساء تقريباً ودفنوه في المساء وفى اليوم الثالث قام ثانية " .
(3) تاتيان السوري (110 - 172م) :
هذا الرجل كان تلميذا ليوستينوس الشهيد ، ثم أنحرف عن الإيمان السليم ، وقد جمع فيما بين (166 - 170 م ) الأناجيل الأربعة في كتاب واحد أسماه " دياتسرون " أي الرباعى وقد أنتشر هذا الكتاب بغزارة في سوريا حتى جمع منه ثيودوريت ، أسقفCyrus بسوريا ، سنة 420م اكثر من 200 نسخه في كنائسه وأستبدلها بالأناجيل الأربعة . ويبدأ هذا الكتاب بمقدمة الإنجيل للقديس يوحنا " في البدء كان الكلمة .. " وينتهى أيضا بخاتمة الإنجيل للقديس يوحنا " وأشياء أخر كثيرة صنعها يسوع .. " وهو يشهد للإنجيل بأوجهه الأربعة باعتباره الإنجيل الواحد .
(4) الوثيقة الموراتوريه ( 170م ) :
وجدت هذه الوثيقة الموراتورية أو المخطوطة الموراتورية في المكتبة الامبروسية Ambrosian بميلان سنة 1740م ونشرها العالم الإيطالي موراتورى Muratori فدعيت باسمه . وكانت مكتوبة باللاتينية . وترجع نصوص هذه المخطوطة ، التي كتبت أصلاً باليونانية ، كما تؤكد هي نفسها ، للنصف الثاني من القرن الثاني الميلادي حيث تقول الوثيقة " كتب هرماس (كتابه ) الراعي حديثاً جداً في زماننا في مدينة روما عندما كان يجلس شقيقه الأسقف بيوس Pius على كرسى الكنيسة في روما " (M. Frag. James R. Adair , Jr. ) . وكانت سطورها الأولى مفقودة وتبدأ بعبارة عن الإنجيل الثاني الذي للقديس مرقس وتقول " الذي فيه كان حاضراً وقد دونه " ، ثم تتحدث عن الإنجيل الثالث الذي للقديس لوقا مما يؤكد أنها تحدثت في السطور المفقودة عن الإنجيل للقديس متى ثم الإنجيل للقديس مرقس والذي تبقى منه هذا السطر المذكور أعلاه .
" كتاب الإنجيل الثالث ، الذي بحسب لوقا ، هذا الطبيب لوقا بعد صعود المسيح ( قيامته) ؟ أخذه بولس معه كخبير فى الطريق ( التعليم ) ، دونه باسمه حسب فكره ، مع أنه لم ير الرب فى الجسد ، ولأنه كان قادراً على التحقق منه ، فقد بدأ يروى القصة من ميلاد يوحنا .
رابع الأناجيل هو الذي ليوحنا ( واحد ) من الرسل . الذي عندما حثه تلاميذه وأساقفته قال : صوموا معي من اليوم ولمدة ثلاثة أيام وما يعلن لكل واحد فلنقوله بعضنا لبعض . وفى نفس الوقت كُشف لأندراوس ، أحد الرسل ، أن ما ينجح ( يفحص ) الكل فيه يجب أن يدون يوحنا كل شيء باسمه . ولذا فعلى الرغم من وجود أفكار متنوعة تعلم في الإنجيل ككل ( أي الأناجيل الأربعة ) إلا أن هذه الأمور لا تسبب اختلافاً لإيمان المؤمنين ، لأن كل ما في جميعها أُعلن بالروح الواحد .
فكل شيء معلن في الكل : ما يختص بالميلاد وما يختص بالآلام وما يختص بالقيامة وما يختص بالأحاديث مع التلاميذ ، ما يختص بمجيئه الأول محتقر في تواضع ، الذي تم ، والثاني ممجد في قوة ملوكية . فما العجيب إذا في أن يورد يوحنا نقاط خاصة في رسائله أيضاً ، فهو دائماً صادق مع نفسه ، إذ يقول هو نفسه " الذي رأيناه بعيوننا وسمعناه بآذاننا ولمسته أيدينا نكتبه لكم " . فهو يعترف هكذا أنه ليس شاهد عيان فقط بل كاتب أيضاً لكل عجائب الرب بالترتيب .
ولكن أعمال الرسل مكتوبة في كتاب واحد . فقد لخص لوقا للعزيز ثاوفيلس الأمور العديدة التي حدثت في حضوره .. " .
وتتحدث الوثيقة أو المخطوطة بعد ذلك عن كل رسائل القديس بولس عدا الرسالة إلى العبرانيين ، وتتكلم عن رؤيا يوحنا ورسالة يهوذا ورسالتين للقديس يوحنا . ثم تتحدث عن بعض الكتب الأبوكريفية ، أي المزيفة . وتؤكد لنا هذه الوثيقة ثلاثة حقائق جوهرية هي : (1) إيمان الكنيسة في القرن الثاني للميلاد بوحي أسفار العهد الجديد وكتابتها وتدوينها بالروح القدس ، (2) وأنها أسفار مقدسة وذات سلطان إلهي ، (3) كما تميز تماماً بين هذه الأسفار المقدسة وبين الكتب المزيفة التي قالت عنها أنه " لا يمكن أن تقبل ( الكتب الابوكريفية ، المزيفة ) في الكنيسة الجامعة . لأنه لن يخلط الخل مع العسل " .
وعلى الرغم من هذه الوثيقة لا تذكر الرسالة إلى العبرانيين وكذلك الرسالة الثالثة للقديس يوحنا ورسالة يعقوب ورسالتا بطرس فهذا لا يدل على عدم الإيمان بوحيها وقداستها أو إنكارها لأن هذه المخطوطة لم تذكر هذه الرسائل لا بين الأسفار المقدسة الموحى بها ولا بين الأسفار المزيفة فقد ذكرت هذه الرسائل في كثير من كتابات الكثير من آباء القرن الثاني الميلادي الذين استشهدوا بآياتها واقتبسوا نصوصها وشهدوا لها . يقول العلامة الإنجليزي وستكوت أن عدم ذكر هذه الرسائل قد يرجع لوجود فجوة أو شق في المخطوطة نفسها . وعلى أية حال فهذه الرسائل مستشهد بها جيداً وبدرجة كافية في مصادر أخرى.( Insp. and Can. 205) .
(5) إيريناؤس أسقف ليون (120 - 202م) :
كان إيريناؤس أسقف ليون بفرنسا حاليا أحد الذين تتلمذوا على أيدي تلاميذ الرسل ، خاصة القديس بوليكاربوس ، وخلفائهم ، وكان حلقة وصل بين الآباء الرسوليين تلاميذ الرسل ومن جاءوا بعده . وقد كتب مجموعة من الكتب بعنوان " ضد الهراطقة " دافع فيها عن المسيحية وأسفارها المقدسة وأقتبس منها حوالي 1064 اقتباسا منها 626 من الأناجيل الأربعة و325 من رسائل القديس بولس الرسول الأربعة عشر و112 من بقية أسفار العهد الجديد ، منها 29 من سفر الرؤيا . وأكد على حقيقة انتشار الأناجيل الأربعة في كل مكان بقوله " لقد تعلمنا خطة خلاصنا من أولئك الذين سلموا لنا الإنجيل الذي سبق أن نادوا به للجميع عامة ، ثم سلموه لنا بعد ذلك ، حسب إرادة الله ، في أسفار مقدسة ليكون أرضية وعامود إيماننا … فقد كانوا يمتلكون إنجيل الله ، كل بمفرده ، فقد نشر متى إنجيل مكتوب بين العبرانيين بلهجتهم عندما كان بطرس وبولس يكرزان ويؤسسان الكنائس في روما . وبعد رحيلهما سلم لنا مرقس تلميذ بطرس ومترجمه ، كتابة ما بشر به بطرس . ودون لوقا ، رفيق بولس في سفر الإنجيل الذي بشر به ( بولس ) ، وبعد ذلك نشر يوحنا نفسه ، تلميذ الرب والذي اتكأ على صدره إنجيلا أثناء أقامته في أفسس في آسيا الصغرى " ( Ag.Haer.3:1 ) .
وقال عن وحدة الإنجيل " ليس من الممكن أن تكون الأناجيل أكثر أو أقل مما هي عليه الآن حيث يوجد أربعة أركان في العالم الذي نعيش فيه أو أربعة رياح جامعة حيث انتشرت الكنيسة في كل أنحاء العالم وأن "عامود الحق وقاعدة " الكنيسة هو الإنجيل روح الحياة ، فمن اللائق أن يكون لها أربعة أعمدة تنفس الخلود وتحي البشر من جديد ، وذلك يوضح أن الكلمة صانع الكل ، الجالس على الشاروبيم والذي يحتوى كل شيء والذي ظهر للبشر أعطانا الإنجيل في أربعة أوجه ولكن مرتبطين بروح واحد ... ولأن الإنجيل بحسب يوحنا يقدم ميلاده الأصلي القدير والمجيد من الآب ، يقول " في البدء كان الكلمة وكان الكلمة عند الله وكان الكلمة الله " و " كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان ... ولكن الذي بحسب لوقا يركز على شخصيته ( المسيح ) الكهنوتية فقد بدأ بز كريا الكاهن وهو يقدم البخور لله . لأن العجل المسمن ( أنظر لوقا 23:15) ، الذي كان سيقدم ذبيحة بسبب الابن الأصغر الذي وُجد ، كان يعُد حالاً ... ويركز متى على ميلاده الإنساني قائلاً " كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن إبراهيم " و " وكان ميلاد يسوع المسيح هكذا " . فهو إذا إنجيل الإنسانية ، ولذا يظهر [ المسيح ] خلال كل الإنجيل كإنسان وديع ومتواضع . ويبدأ مرقس من جهة أخرى بروح النبوة الآتي على الناس من الأعالي قائلاً " بدء إنجيل يسوع المسيح ، كما هو مكتوب في اشعياء النبي " مشيراً إلى المدخل المجنح للإنجيل . لذلك صارت رسالته وجيزة ومختصره لمثل هذه الشخصية النبوية " ( Ibid. 3:11,8 ) .
وكتب الكثير عن لاهوت المسيح وصلبه قيامته . ومما قاله عن لاهوت المسيح أن الكنيسة تؤمن " بأنه يجب أن تنحني كل ركبة للمسيح يسوع ربنا وإلهنا ومخلصنا وملكنا " .
(6) القديس أكليمندس الإسكندرى (150 - 215م) :
كان القديس اكليمندس الإسكندرى مديراً لمدرسة الإسكندرية اللاهوتية وتلميذاً للعلامة بنتينوس ومُعلماً لكل من العلامة أوريجانوس وهيبوليتوس وكان كما يصفه المؤرخ الكنسي يوسابيوس القيصري " متمرساً في الأسفار المقدسة " (ك5ف1) ، وينقل يوسابيوس عن كتابه وصف المناظر أنه أستلم التقليد بكل دقة من الذين تسلموه من الرسل ، فقد كان هو نفسه خليفة تلاميذ الرسل أو كما يقول هو عن نفسه إنه " التالي لخلفاء الرسل " ( يوسا . ك6ف13) ، " ويعترف بأن أصدقاءه قد طلبوا منه بإلحاح أن يكتب من أجل - الأجيال المتعاقبة - التقاليد التي سمعها من الشيوخ الأقدمين " (ك6ف8:13) ، وذلك باعتباره أحد خلفائهم . ومن ثم فقد سجل التقليد الشفوي الذي سمعه ورآه وتعلمه وعاشه وحوله إلى تقليد مكتوب ، كما شرحه ودافع عنه . وينقل عنه يوسابيوس ، أيضا ، قوله عن معلميه الذين استلم منهم التقليد " وقد حافظ هؤلاء الأشخاص على التقليد الحقيقي للتعليم المبارك ، المسلم مباشرة من الرسل القديسين بطرس ويعقوب ويوحنا وبولس ، إذ كان الابن يتسلمه عن أبيه ( وقليلون هم الذين شابهوا آباءهم ) حتى وصل إلينا بإرادة الله لنحافظ على هذه البذار الرسولية " ( ك5ف5:11 ) .
وقد أقتبس من أسفار العهد الجديد 1433 مرة منها 591 من الأناجيل الأربعة
و731 اقتباسا من رسائل القديس بولس الرسول و111 من بقية العهد الجديد .
(7) العلامة ترتليان (145 -220م) :
وقال العلامة ترتليان ، من قرطاجنة بشمال أفريقيا والذي قال عنه القديس جيروم أنه " يعتبر رائداً للكتبة اللاتين " ، عن صحة ووحي الأناجيل الأربعة " أن كتاب العهد الإنجيلي هم الرسل الذين عينهم الرب نفسه لنشر الإنجيل إلى جانب الرجال الرسوليين الذين ظهروا مع الرسل وبعد الرسل … يوحنا ومتى اللذان غرسا الإيمان داخلنا ، ومن الرسوليين لوقا ومرقس اللذان جدداه لنا بعد ذلك " (Ag.Marcion4:2 ) . كما اقتبس من كل أسفار العهد الجديد واستشهد بأكثر من 7000 ( سبعة آلاف ) اقتباساً .
وهناك الكثير من قادة الهراطقة في القرن الثاني ، مثل ماركيون الهرطوقى الغنوسى الذي كتب ( سنة140 م ) والذي كان يستخدم الإنجيل للقديس لوقا وعشر من رسائل القديس بولس ، وفالنتينوس الغنوسى أيضا والذي استشهد بالإنجيل للقديس متى ولوقا ويوحنا والرسائل إلى رومية و1كورنثوس وافسس وغيرها من أسفار العهد الجديد .
4 – قانون أيمان القديس أثناسيوس الرسولي :
وهناك الكثير من الآباء في القرنين الثالث والرابع مثل العلامة اوريجانوس والمؤرخ الكنسي يوسابيوس القيصري والعلامة ديديموس الضرير والقديس أغسطينوس والقديس كيرلس الأورشليمى وغيرهم من الذين اقتبسوا من كل أسفار العهد الجديد أو استشهدوا بها ، إلى جانب المجامع التي أقرت قانونية هذه الأسفار ، مثل مجمع لاودكيا ( 364م ) والقديس جيروم الذي قام بالترجمة اللاتينية المعروفة بالعامية vulgate .
وفى سنة 367م كتب القديس أثناثيوس الرسولى في رسالته الفصحية التاسعة والثلاثين يؤكد إيمان الكنيسة كلها في العالم اجمع بصحة ووحي أسفار العهد الجديد ال 27وهم كالآتي " الأناجيل الأربعة التي بحسب متى ومرقس ولوقا وبوحنا ، يليها أعمال الرسل والرسائل السبع المسماة بالرسائل الجامعة - وهى رسالة ليعقوب واثنتان لبطرس وثلاث ليوحنا ورسالة يهوذا ، إلى جانب أربعة عشر رسالة لبولس الرسول كتبت بالترتيب التالي ؛ الأولى لروما واثنتان لكورنثوس وواحدة لغلاطية يليها رسالة لأفسس ثم رسالة لفيلبى وأخرى لكولوسى ورسالتان لتسالونيكى والرسالة إلى العبرانيين وبعدهما رسالتين لتيموثاؤش ورسالة
إلى تيطس وأخيرا رسالة إلى فليمون ، وبعد ذلك رؤيا يوحنا " .


مع محبتي وتحياتي


الراعي / عمانوئيل