حدثت التحذيرات التالية:
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(958) : eval()'d code 24 errorHandler->error_callback
/global.php 958 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $unreadreports - Line: 25 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 25 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $board_messages - Line: 28 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 28 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined property: MyLanguage::$bottomlinks_returncontent - Line: 6 - File: global.php(1070) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(1070) : eval()'d code 6 errorHandler->error_callback
/global.php 1070 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval



نادي الفكر العربي
«الشرق الأوسط» تنشر محاضر استجواب المباحث الأميركية لصدام - نسخة قابلة للطباعة

+- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com)
+-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3)
+--- المنتدى: فكـــر حــــر (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=57)
+--- الموضوع: «الشرق الأوسط» تنشر محاضر استجواب المباحث الأميركية لصدام (/showthread.php?tid=34051)



«الشرق الأوسط» تنشر محاضر استجواب المباحث الأميركية لصدام - ابن نجد - 07-04-2009

صدام حسين: الإيرانيون لا يفهمون إلا إذا كسرت رؤوسهم

«الشرق الأوسط» تنشر محاضر استجواب المباحث الأميركية للرئيس السابق الذي قال إن شعبه سيحبه بعد وفاته
الجمعـة 10 رجـب 1430 هـ 3 يوليو 2009 العدد 11175
جريدة الشرق الاوسط
الصفحة: الأولـــــى
لندن: «الشرق الأوسط»

كان صدام حسين على يقين من أن الشعب العراقي سيحبه بعد مماته أكثر مما أحبه خلال حياته. هذا ما تكشفه وثائق سرية أفرج عنها الأرشيف القومي الأميركي أول من أمس، هي لمحاضر جلسات استجواب للرئيس السابق الذي أعدم نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2006.

وتورد وثائق الإف بي آي أن صدام قال في إحدى المقابلات إن إيران لم تفهم الرسالة عندما سحب العراق قواته في عام 1982، وشدد على القول هؤلاء إذا لم تكسر رؤوسهم لن يفهموا. وتغطي الوثائق 20 استجوابا رسميا وخمس محادثات عادية أجراها جورج بيرو، وهو محقق من مكتب المباحث الفيدرالي الأميركي «إف بي آي»، مع صدام ما بين 7 فبراير (شباط) و28 يونيو (حزيران) 2004. ويكشف صدام في الوثائق خفايا كثيرة عن حروبه وأيامه الأخيرة في الحكم، وحتى اعتقاله وظروفه في السجن.

وقال صدام أن المزرعة الواقعة في الدورة شمال بغداد، حيث ألقي القبض عليه في ديسمبر (كانون الأول) 2006، هي نفسها التي لاذ بها في عام 1959 بعد هربه من بغداد إثر مشاركته في محاولة اغتيال للرئيس العراقي آنذاك عبد الكريم قاسم.

وحول طريقة صدام في التحرك قبل سقوط بغداد في أبريل (نيسان) 2003، كتب المحقق أن الأشخاص الأقرب له (المرافقون) كانوا يوجهونه «للتحرك في هذا الاتجاه أو ذاك». وبسؤاله عما إذا كان يتنقل عادة بسيارة مرسيدس سوداء قبل الحرب، أوضح صدام: «ربما. كانت لدينا سيارات مرسيدس من كل الألوان». وعما إذا كان يتنقل في موكب طويل، قال صدام: «سأترك هذا للتاريخ».

وسئل صدام عن تحركاته بعد اندلاع الحرب في مارس (آذار) 2003، فأوضح أنه لم يكن في منطقة الدورة ببغداد في 19 مارس (آذار) 2003 عندما قصفتها قوات التحالف، وأضاف أنه لم يكن في المنطقة خلال الأيام العشرة التي سبقت هذا الهجوم ولا في أي وقت طيلة الحرب.

وعندما سئل صدام عما إذا لجأ يوما إلى استعمال أشباه له، كما نوقش في الكثير من الكتب والمنشورات الأخرى، ضحك وقال: «هذا فيلم سحري، وليس حقيقة». وبسؤاله عن تحركاته عندما بدأت الحرب في مارس (آذار) 2003، قال صدام إنه بقي في بغداد حتى 11 أبريل (نيسان) 2003، عندما بدت المدينة وكأنها ستسقط.

«الشرق الأوسط» تنشر محاضر الاستجواب الأميركي للرئيس العراقي السابق في السجن

بعد عامين ونصف العام على إعدامه.. صدام يكشف خفايا حروبه وأيامه الأخيرة

لندن: «الشرق الأوسط»

يكشف الرئيس العراقي السابق صدام حسين، الذي أعدم نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2006، في وثائق سرية أفرج عنها الأرشيف القومي الأميركي، أول من أمس، خفايا كثيرة عن حروبه وأيامه الأخيرة في الحكم وحتى اعتقاله وظروفه في السجن.

والوثائق التي تنشرها «الشرق الأوسط» هي عبارة عن محاضر 20 استجوابا رسميا وخمسة محادثات عادية أجراها جورج بيرو، وهو محقق من مكتب المباحث الفيدرالي الأميركي «إف.بي.آي»، للرئيس السابق ما بين 7 فبراير (شباط) و28 يونيو (حزيران) 2004. ويغطي صدام في أجوبته على أسئلة المحقق وصوله للسلطة والحرب مع إيران وغزو الكويت وأسلحة الدمار الشامل والمزاعم عن علاقته بـ«القاعدة». ويقول صدام إنه حرص على تعزيز الانطباع بأن لديه أسلحة دمار شامل ليردع إيران. ويقول أيضا إنه لم يسمح لمفتشي الأمم المتحدة بالعودة إلى العراق حتى لا يكتشفوا أنه تخلص من تلك الأسلحة وبالتالي تكتشف إيران مدى ضعف العراق وقابليته للانهيار. وعندما سئل صدام عما إذا لجأ يوما إلى استعمال أشباه له، كما نوقش في الكثير من الكتب والمنشورات الأخرى، فضحك وقال «هذا فيلم سحري، وليس حقيقة». وبسؤاله عن تحركاته عندما بدأت الحرب في مارس (آذار) 2003، قال صدام إنه بقي في بغداد حتى 11 أبريل (نيسان) 2003، عندما بدت المدينة وكأنها ستسقط. وقبل مغادرته بغداد، عقد اجتماعا أخيرا مع القادة العراقيين الكبار وقال لهم «سنناضل في السر». وبعد ذلك، غادر بغداد وبدأ تدريجيا بـ«تشتيت» حراسه الشخصيين.

وحول طريقة صدام في التحرك قبل سقوط بغداد في أبريل (نيسان) 2003، كتب المحقق أن الأشخاص الأقرب له (المرافقين) كانوا يوجهونه «للتحرك بهذا الاتجاه أو ذاك». وبسؤاله عما إذا كان يتنقل عادة بسيارة مرسيدس سوداء قبل الحرب، أوضح صدام «ربما. كانت لدينا سيارات مرسيدس من كل الألوان». وعما إذا كان يتنقل في موكب طويل، قال صدام «سأترك هذا للتاريخ».

في نهاية الجلسة، سئل صدام مرة أخرى عن تحركاته بعد اندلاع الحرب في مارس (آذار) 2003. أوضح صدام أنه لم يكن في منطقة الدورة ببغداد في 19 مارس 2003 عندما قصفتها قوات التحالف. وأضاف أنه لم يكن في المنطقة خلال الـ 10 أيام التي سبقت هذا الهجوم ولا في أي وقت طيلة الحرب. ويعتقد صدام أن قوات التحالف استهدفت هذا الموقع لأنهم اعتقدوا خطأ بأنه كان فيه.

وشكا صدام للمحقق من أنه منذ اعتقاله لم يحصل على صورة لما يحدث، وأشار إلى أنه كان نيته سؤال المحقق عن هذا قبل ذلك بيومين. ويقول المحقق إن صدام ناقش فيلما شاهده، كان مقتبسا من كتاب «قصة مدينتين» كان قد قرأه قبل فترة طويلة وفي القصة رجل محتجز مثله، انقطع عما يجري في الخارج. وحسب صدام فإن مؤلف الكتاب كان ينتقد السلطات الفرنسية على هذه المعاملة. وحسب المحقق لفت صدام إلى أن شيئا لم يتغير منذ ذلك الوقت. ورد المحقق بالقول إنه «بمرور الوقت تغيرت بعض الأشياء بينما لم تتغير أخرى».

المحقق بيرو أدار الحديث معه بالعربية وقال ان صدام كان يرى دول الشرق الأوسط الأخرى ضعيفة

خوفه من إيران جعله يكرس الانطباع بحيازته أسلحة محظورة

* أخبر صدام حسين أحد المحققين من مكتب المباحث الفيدرالية الأميركية «إف بي آي» قبل أن يتم إعدامه شنقا أنه سمح للعالم بأن يعتقد بأنه يمتلك أسلحة دمار شامل لأنه كان قلقا من أن يظهر بمظهر الضعيف أمام إيران، وذلك وفقا لوثائق تم رفع السرية عنها. كما اتهم الرئيس العراقي السابق كذلك أسامة بن لادن بأنه «متعصب» ونفى أن تكون له علاقة بتنظيم القاعدة.

بل إن صدام قال إنه شعر بأنه معرض للخطر من قبل القادة «المتعصبين» في طهران إلى درجة أنه كان مستعدا لعقد «اتفاقية أمنية مع الولايات المتحدة لحماية (العراق) من التهديدات في المنطقة».

وقد أمر الرئيس السابق جورج بوش بغزو العراق قبل ستة أعوام على أساس أن صدام حسين يمتلك أسلحة دمار شامل وأنه يمثل خطرا على الأمن القومي. وكان المسؤولون بالإدارة الأميركية في ذلك الوقت قد ألمحوا كذلك لوجود صلات قوية بين العراق وتنظيم القاعدة مما أدى إلى هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 على الولايات المتحدة.

وقد اعترف صدام، الذي كان متحديا ومتبجحا خلال اللقاءات معه، بأسى أنه كان يجب عليه أن يسمح للأمم المتحدة بمعاينة التدمير الذي لحق بمخازن السلاح العراقي بعد حرب الخليج عام 1991. وقد أفرج أرشيف الأمن القومي، وهو معهد أبحاث مستقل وغير حكومي عن ملخصات اللقاءات ـ 20 استجوابا رسميا وخمس محادثات عادية في 2004 ـ بموجب قانون حرية المعلومات، كما نشر تلك الوثائق على موقعه على شبكة الإنترنت أول من أمس. ولم يحذف إلا القليل من الوثائق المفصلة للحوارات عدا الحوار الرسمي الأخير الذي أجري معه في 1 مايو (أيار) 2004 الذي أعيد تنقيحه بالكامل.

ويقول مدير الأرشيف توماس بلانتون إنه لا يعتقد بوجود أي سبب يتعلق بالأمن القومي ويجعله يبقي مقابلات مكتب المباحث الفيدرالية مع صدام سرية. ويقول بول برسون المتحدث الرسمي باسم المكتب إنه لا يستطيع تفسير أسباب التنقيحات التي أجريت على الحوارات. وقد أجريت تلك الاستجوابات الرسمية التي يبلغ عددها عشرين استجوابا في الفترة بين 7 فبراير (شباط) و1 مايو (أيار) ثم أعقبتها تلك المحادثات العادية في الفترة من 10 مايو (أيار) إلى 28 يونيو (حزيران)، وبعد ذلك نقل صدام إلى عهدة العراقيين وتم إعدامه شنقا في ديسمبر (كانون الأول) 2006. وقد غطت الاستجوابات الرسمية وصول صدام حسين للسلطة وغزو العراق وقمع صدام حسين لانتفاضة الشيعة بالتفصيل، بينما تمت مناقشة قضية أسلحة الدمار الشامل و«القاعدة» في المحادثات العادية بعد انتهاء الاستجوابات الرسمية. ويقول بلانتون إن ذلك يرجح أن مكتب المباحث الفيدرالية قد تلقى أوامر من واشنطن لمناقشة الموضوعات ذات الأهمية الكبرى من خلال المسؤولين في إدارة بوش.

ولا يعلم المتحدث الرسمي باسم مكتب المباحث الفيدرالية السبب وراء تأجيل مناقشة تلك القضايا للاجتماعات الأخيرة. ويقول جورج بيرو العميل الذي أجرى تلك الحوارات مع صدام حسين في لقاء أجرته معه قناة «سي بي إس» من خلال برنامج «60 دقيقة» إنه تعمد وضع ظهر صدام حسين للحائط، «نفسيا، لكي يجعله يشعر بأن ظهره للحائط» ولكنه أكد أنه لم يستخدم وسائل الاستجواب القهرية لأن ذلك ضد سياسات مكتب المباحث الفيدرالية. ولا تشير الاستجوابات التي أفرج عنها أول من أمس إلى استخدام أية إجراءات قهرية خلال الاستجوابات.

وكان بيرو الذي أدار الحوارات مع صدام باللغة العربية يتحدى دائما رواية الرئيس السابق للأحداث مستشهدا بالوقائع التي تتناقض مع ما قاله. كما أنه أجبر صدام على مشاهدة فيلم تسجيلي بريطاني حول معاملته للشيعة، على الرغم من أن ذلك لا يبدو أنه قد أثر على الرئيس السابق. وعند نقطة محددة، نفى صدام تقارير الاستخبارات التي كانت تقول إنه يستخدم بديلا لتفادي الاغتيال واصفا إياها بأنها خيالية. ويقول صدام ضاحكا: «إن هذا خيال في فيلم سينمائي وليس حقيقة». ولكنه يؤكد أنه لم يستخدم الهاتف سوى مرتين منذ عام 1990 وأنه نادرا ما كان ينام في نفس المكان لليلتين متتاليتين.

وكان خوف صدام من إيران ـ التي يعتبرها خطرا أكبر من الولايات المتحدة ـ يظهر دائما خلال المناقشات حول أسلحة الدمار الشامل. وكانت إيران والعراق قد دخلتا في حرب طاحنة امتدت لثماني سنوات في الثمانينات، وقال صدام إنه كان مقتنعا بأن إيران كانت تحاول ضم جنوبي العراق لها وهي المنطقة التي تسكنها أغلبية شيعية.

ويروي بيرو في ملخصه عن حوارات 11 يونيو (حزيران) 2004: «كان صدام حسين يرى دول الشرق الأوسط الأخرى باعتبارها دولا ضعيفة ولا تستطيع الدفاع عن نفسها أو عن العراق ضد هجوم تشنه إيران». وكتب بيرو: «وكان التهديد الإيراني هو العامل الرئيسي الذي جعله لا يسمح بعودة مفتشي الأمم المتحدة، وأوضح حسين أنه كان متخوفا من أن تكتشف إيران مدى ضعف العراق وقابليته للانهيار أكثر من خوفه من عواقب رفضه للسماح بمفتشي الأمم المتحدة بالعودة للعراق».

وأشار صدام إلى أن قدرات إيران التسليحية قد ازدادت بشدة في الوقت الذي تم فيه الحد من تسلح العراق نظرا للعقوبات التي وقعتها عليه الأمم المتحدة، وبالتالي سيكون على العراق تعزيز قدراته التسليحية للتعامل مع الخطر المحدق به إذا لم يتمكن من التوصل لاتفاقية أمنية مع الولايات المتحدة.

وقد أشار بيرو إلى بن لادن في المحادثة الأخيرة مع صدام حسين في 28 يونيو (حزيران) 2004، ولكن المعلومات التي قدمها صدام تضاربت مع جهود إدارة بوش المحمومة لإثبات وجود صلة بين العراق والمجموعات الإرهابية. فقد أجاب صدام أنه طوال التاريخ كانت هناك خلافات بين الأصوليين والقادة السياسيين. وأضاف أنه «مؤمن بالله ولكنه ليس متعصبا.. وأنه لا يجب خلط الدين بالحكم». وأكد صدام أنه لم يلتق أبدا بأسامة بن لادن وأن كليهما «ليس لديهما نفس المعتقدات أو الرؤية».

أكد أن بن لادن شخص «متعصب» ولم يلتقه من قبل

صدام قال لمحققي المباحث الأميركية: عدو عدوي صديقي

أفادت وثائق مكتب المباحث الأميركية (اف. بي. آي) التي رفعت عنها السرية أن الزعيم العراقي السابق قال للمحققين إنه يعتبر أسامة بن لادن «متعصبا» ولم تكن له أية علاقات من قبل مع تنظيم القاعدة وفقا للوثائق السرية. وتحدث صدام حسين مع جورج بيرو ضابط الـ«اف. بي. آي» عن جذور الصراع في العراق وقادته التاريخيين، وأكد لهم في تلك اللقاءات أيضا أن الدين والحكم يجب ألا يختلطا. وأشار إلى أن حزب البعث لا يقوم على أسس دينية، بل هو حزب علماني ومؤسسه مسيحي. وأشار صدام حسين في الوثائق إلى أنه يعارض شخصيا أي شخص يتعاون مع الغرب ضد مصلحة بلاده. وقال صدام حسين في الوثيقة المؤرخة بتاريخ 28 يونيو (حزيران) 2004 برقم «بي ايه دبليو 60324»، إنه يعتقد أن أسامة بن لادن لا يختلف كثيرا عن المتعصبين الذين سبقوه، وأنه شخصيا لم تكن له أي علاقات مع «القاعدة». وكشفت الـ«اف. بي. آي» عن 20 مقابلة رسمية أجريت عام 2004 وخمس مقابلات غير رسمية تمت بشكل عابر، وقد تم الكشف عنها بموجب قانون حرية المعلومات. وتشير الوثائق إلى زيارة فاروق حجازي الذي التقى بن لادن في السودان، وكذلك أبو حفص الموريتاني من قيادات «القاعدة» إلى بغداد 1994 من أجل البحث عن تمويل بقيمة 10 ملايين دولار. وأكد صدام حسين في الوثيقة نفسها أنه لم يلتق أبدا من قبل أسامة بن لادن زعيم «القاعدة». إلا أن جورج بيرو ضابط الـ«اف. بي. آي» سأل صدام عن سبب عدم تعاونه مع «القاعدة»، خاصة أن هدفيهما واحد وهو العداء لأميركا، وسجل لصدام عبارة شهيرة تقول «عدو عدوي شقيقي»، إلا أن صدام حسين لم يكن يعتبر الولايات المتحدة عدوة لبلاده، ولو أراد فعلا التعاون مع أعداء أميركا، لتعاون مثلا مع كوريا الشمالية، التي زعم أن لها علاقات طيبة مع الصين. وقال صدام حسين في الوثيقة إن الولايات المتحدة استخدمت هجمات سبتمبر (أيلول) كذريعة تسمح لها بالهجوم على العراق. وجاء في الوثائق التي حصل عليها ووزعها أرشيف الأمن الوطني، وهو معهد غير حكومي للأبحاث أن كوريا الشمالية أكثر حلفائه ترجيحا.

ورد الضابط جورج بيرو أنه ربما بسبب تضارب العراق بين التصريحات ورد الفعل، فإن العراق أساء تقدير تأثير هجمات سبتمبر (أيلول) على أميركا والأميركيين، ونفى العراق أي اتصال مع «القاعدة» وزعيمها بن لادن، إلا أن الأدلة التي توفرت لدى الأميركيين قالت غير ذلك وأشارت إلى اتصالات بين الجانبين. ورد صدام حسين بقوله إنه لم يكن لديه خيارات أخرى، وإنه لم يسئ تقدير الموقف بعد وقوع هجمات سبتمبر (أيلول)، والخيار الوحيد الذي أتيح أمامه هو مغادرة العراق، ولكن ذلك بالنسبة له لم يكن خيارا. وسال ضابط المباحث الأميركية صدام حسين عن دولته العراق باعتبارها الوحيدة التي أبدت إعجابها بهجمات سبتمبر (أيلول)، التي أنكرها صدام حسين فيما بعد، وذكر الضابط الأميركي أن الصحف العراقية كانت قد أبدت إعجابها كذلك بالهجمات، إلا أن صدام حسين قال إنه كتب بعض المقالات ندد فيها بتلك الهجمات، ولكنه أيضا تكلم عن السبب الذي دفع هؤلاء الإرهابيين إلى ارتكاب مثل الأفعال المروعة، والسبب لم يكشف عنه أبدا وهو يلقي الضوء على مثل هذه الكراهية التي تبعث على قتل أناس أبرياء.

وبعد وقوع هجمات سبتمبر (أيلول) كتب طارق عزيز وزير الخارجية العراقي خطابات شخصية أدان فيها الهجوم، أحدها وجه إلى رامزي كلارك وزير العدل الأميركي الأسبق الذي كان يعرفه بصورة شخصية، واعتبرت هذه الخطابات، بمثابة وسائل اتصالات غير رسمية للعراق للتنديد بالهجمات. وكان صدام الذي عرف في وثائق المباحث الأميركية بأنه «المحتجز بارز القيمة رقم واحد» يشارك بوش العداوة تجاه رجال الدين الإيرانيين «المتعصبين»، وذلك بحسب السجلات. ونفى صدام ما أشيع عن أنه استخدم «شبيها» للهرب من الاغتيال، واصفا هذا المفهوم بأنه «سحر سينمائي وليس حقيقة»، لكنه قال إنه نادرا ما كان ينام في المكان نفسه يومين متتاليين ولم يستخدم الهاتف إلا مرتين منذ عام 1990. وجرت اللقاءات بين ضابط المباحث الأميركية وصدام حسين من فبراير (شباط) وحتى يونيو (حزيران) 2004 وبين صدام وعملاء يتحدثون العربية في الزنزانة التي كان محتجزا بها في مطار بغداد الدولي. وشن صدام حربا دامية على الحدود مع إيران عام 1980 استمرت حتى 1988استخدم خلالها العراق أسلحة كيميائية. وشن الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الحرب على العراق عام 2003 متذرعا بخطر أسلحة دمار شامل من قبل حكومة صدام، لكن لم يعثر على مثل هذه الأسلحة على الإطلاق. واعترف صدام بأن القدرات العسكرية الإيرانية كانت ضعيفة عام 1980، وأنهم كانوا يفتقدون إلى القيادة بعد أن تم عزل معظم الضباط الكبار من مناصبهم بعد انتقال السلطة من الشاه إلى الخميني. إلا أن صدام قال إن ذلك لم يؤثر، آنذاك، على قراره شن الحرب على إيران، «فلو كان جيش الشاه موجودا لكنا هزمناهم في الشهر الأول من الحرب». أما في عهد الخميني، ورغم افتقادهم إلى القيادة فقد عمد العسكريون الإيرانيون، بما فيهم الجيش النظامي والحرس الثوري، إلى دفع الآلاف باتجاه الحدود العراقية. وقد حارب الجيش العراقي ببسالة، خصوصا على طول الحدود. وسئل صدام عما إذا كانت محاولات الاغتيال التي جرت لعدد من المسؤولين العراقيين (بما فيهم وزير الخارجية طارق عزيز ووزير الثقافة لطيف نايف جاسم) من قبل مجموعات تدعمها إيران، أثرت على قراره إعلان الحرب على إيران، فقال إن 540 محاولة اغتيال جرت في العراق قبل الحرب، بينها 249 «اعتداء»، إما بواسطة خروقات جوية أو برية. والعراق قدم هذه المعلومات إلى الأمم المتحدة، وكذلك فرضت إيران حصارا على شط العرب وأغرقت سفنا عراقية وأجنبية. وقبل 29 سبتمبر (أيلول) 1980 قصفت إيران مواقع تكرير النفط في البصرة وعدد من مدن الجنوب العراقي. وقد كانت محاولات اغتيال طارق عزيز ولطيف الجاسم جزءا من عدة حوادث قادت إلى الحرب مع إيران.

وحين سئل صدام حسين عن التقارير الواردة عن عمليات التمرد التي وقعت في جنوب العراق بعد حرب 1991، زعم أنه لم يسمع بتمرد من هذا النوع. وحين أبلغ أن العديد من المقابلات والتقارير سجلت أنباء هذه القلاقل، قال صدام: «ألم نناقش هذا الموضوع؟» إلا أنه ذكر أنه بعد يوم من سريان وقف إطلاق النار عام 1991 حاول «بعض العناصر» القيام بعمليات تخريب في مدن البصرة والناصرية والعمارة في جنوب العراق. وفيما بعد امتدت هذه القلاقل إلى مدن في الشمال مثل السليمانية واربيل وكركوك. وقال صدام إن المجموعات التي قادت هذه الأعمال كانت مدفوعة من إيران وأن العراق ألقى القبض على 68 ضابطا من ضباط الاستخبارات الإيرانية جرت مبادلتهم، لاحقا، بأسرى عراقيين.

وكان صدام يعتقد أن هدف المتمردين كان السيطرة على العراق. وفي رأيه أنه تم اللجوء إلى هذا التكتيك، عام 1991، بعد أن عجزت إيران عن تحقيق هذا الهدف في حربها السابقة مع العراق. وقال إن إيران كانت تتطلع إلى السيطرة على كل العراق أو، على الأقل، على جزء منه، وخصوصا الجزء الجنوبي.

وكان صدام يعتقد أن إيران كانت تريد، أيضا، بسط نفوذها على المنطقة الشرقية من المملكة السعودية وعلى كامل منطقة الخليج.

في السجن سأل صدام عن حال العراق في غيابه.. وشكك في انتخاب العراقيين لرئيس تحت الاحتلال

* خلال حديث غير رسمي بين صدام حسين وأحد الضباط الأميركيين واسمه جورج ل بيرو سأل صدام عن الأوضاع في العراق خلال وقت اعتقاله وبعد الغزو الأميركي. فروى الضابط الأميركي الأشياء التي تحققت في العراق ومن بينها توقيع الدستور الجديد والاستعدادات لتسليم السيادة للعراقيين. وخلال الحديث تساءل صدام حول فاعلية «مجلس الحكم»، وكان من رأيه أن أعضاء مجلس الحكم يمكن أن يتفقوا فيما بينهم ليتخذوا القرارات. كما أخبر الضابط الأميركي صدام حول الانتخابات في العراق، قائلا لصدام حسين إنها تشكل فرصة أمام العراقيين لانتخاب رئيس جديد. فرد صدام مشككا، وقال إن الشعب العراقي لن يقبل انتخاب زعيم جديد تحت الاحتلال، راجعا إلى التاريخ مستشهدا بحالة الملك فيصل الذي جاء إلى الحكم تحت الاحتلال البريطاني ولم يستمر، فرد عليه الضابط الأميركي: إن استفتاء أجرى في العراق، أشار إلى أن غالبية العراقيين يريدون أن يسيطروا على الحكومة، غير أنهم في الوقت ذاته يريدون للقوات الأميركية أن تبقى في العراق.

وعند الحديث عن مكيف الهواء الذي كان يعاد تصليحه في زنزانة صدام حسين في ذلك الوقت قال صدام حسين انه معتاد على الحياة البسيطة، وشخصيا لا يحب البذخ في الحياة. وهنا سئل صدام عن عدد القصور التي كان يمتلكها والفخامة غير العادية لهذه القصور، فرد صدام قائلا: هذه القصور ملك الشعب العراقي وليست ملك شخص واحد. وقال انه في عام 1968 كانت غالبية البيوت العراقية بدائية ومصنوعة من الطين. وانه في البلاد الغربية تطور فن العمارة عبر بناء القصور، وان المعماريين العراقيين طورا تصاميمهم وفن العمارة عبر بناء القصور في العراق، وهذا انعكس بدوره على عمارة البيوت العادية في العراق. كما قال صدام حسين انه بسبب التهديدات الأميركية والإسرائيلية، خصوصا خلال السنوات العشر الماضية، فإنه يكون من الخطر على المسؤولين وقادة البلاد أن يعقدوا اجتماعاتهم في قصرين مثلا وان بناء عدد كبير من القصور كان حاجة أمنية، فمع وجود عشرين قصرا يكون من الصعب جدا تحديد أين توجد القيادة العراقية. وانه طالما أن هذه القصور ملك للشعب، فإن صدام لا يعيش في أي منها. قال صدام خلال الحديث انه يحب الحياة في بيت بسيط، وانه يأكل ما يقدم له، ولم تكن لديه مطالب كثيرة. وقال صدام انه لدى واشنطن انطباع خاطئ انه يحب الحياة المترفة والبذخ. وانه بسبب حبه للحياة البسيطة لم تتمكن أميركا من اعتقاله لفترة طويلة، موضحا أن اعتقاله جاء بسبب خيانة فردية. وقال صدام خلال الحديث أيضا إن جدول أعماله اليومي كان طويلا، غير انه كان دائما ما يجد وقتا لقراءة القصص والروايات التي يستمتع بها كثيرا. ويوضح أن يومه كان يتضمن لقاءات مع مسؤولين في حزب البعث، كما قال انه كان يلتقي مع أفراد من الشعب العراقي يوميا قائلا انه كان يجدهم أفضل مصدر للمعلومات الدقيقة. وعندما سئل كيف يمكن أن يكون العراقيون الذين كان يلتقي بهم يقولون الحقيقة في ضوء أن الكثيرين منهم يكونون في حالة خوف، قال صدام: إن هذا قد يكون الحال مع البعض لكنه تربطه علاقة طويلة مع الشعب العراقي، وان الشعب كان يعرف انه يريد الحقيقة. ثم سرد صدام حسين مثالا وهو أن عراقيا قال له إن أخ صدام غير الشقيق إبراهيم حسن المجيد كان يسير في سيارته ثم أطلق النار على إشارة مرور في الشارع.

فرفع صدام حسين التلفون وسأل شقيقه عن صحة الرواية، فاعترف المجيد أن هذا فعلا حدث. فقال له صدام أن يجمع أغراضه. ثم عرف المجيد من الإذاعة العراقية الرسمية انه قد تم طرده. وقال صدام خلال الحديث انه كان يحاسب أسرته أكثر من الآخرين. كما قال صدام انه كان مهتما بمحاولة فهم الثقافة الأميركية، وان حاول ذلك عن طريق مشاهدة الأفلام الأميركية، وطبقا لصدام فقد شاهد عددا هائلا من الأفلام الأميركية، ومن خلالها كون رأيه عن الثقافة الأميركية.

هاجم السادات.. وقال عن سورية: الفاشل لا يعرف رأسه من قدميه

* حسب الوثائق التي وفرتها المباحث الأميركية للتحقيقات مع صدام، فإنه قال للمحققين حول جمال عبد الناصر، إنه في عام 1967 عندما خسر الحرب، كان لا يزال صدام، يكن احتراما للرئيس المصري آنذاك، ففي رأيه، ناصر «يمكنه أن يمثل العرب أمام العالم» بينما الآخرون «ضعفاء». في ذلك الوقت، ناصر كان القائد الوحيد الذي يتمتع بعلاقة قريبة من «الجماهير العربية». وعلى الرغم من خسارة الحرب، فإن ناصر لم يخسر احترام الشعب. ولكن آمال الناس كانت أعظم من النتائج التي كان بإمكان ناصر أن يحققها. خسارة الحرب، بينت حدود إمكانيات ناصر والجيش المصري. وأشار حسين إلى أن الحرب سلطت الأضواء أيضا على القضايا الداخلية في القيادة المصرية. عبد الحكيم عامر، قائد الجيش المصري، لم يسمح بـ«تدخل» ناصر في القضايا العسكرية، «على الرغم من أن ناصر كان رئيس البلاد». عندما استقال ناصر في وقت لاحق، ملايين المصريين تظاهروا لأجله لكي يكمل مهامه كرئيس للجمهورية. ورأى حسين أن ناصر يبدو أنه اعتمد «على السياسات الدولية أكثر منها على تحضير جيشه وشعبه» قبل الحرب. رأي صدام في الحرب العربية ـ الإسرائيلية في عام 1973، أن الرئيس المصري أنور السادات الذي كان نائب الرئيس أيام ناصر، «لم يتمكن من إعادة الأمل للعرب». وبدا السادات ليست لديه قضية محددة ولا هدف معين، ولم يكن بإمكانه أن يفعل شيئا في ما خص 1948 و«اغتصاب فلسطين». ولأن السادات لم يكن «رجل قضية»، فلم يستطع أن «يوقد حماسة» الجيش المصري. وقال حسين: «سأناقش كل شيء إلا إذا كان يجرح شعبي، أصدقائي، والجيش». وأعطى تفاصيل حول حادث عام 1964 المتعلق بأحمد حسن البكر، الأمين العام لحزب البعث. بكر وحسين، الذي كان حينها قائد الجناح العسكري في حزب البعث، ألقي القبض عليهما بسبب تخطيطهما لانقلاب ضد الرئيس العراقي آنذاك عارف. واعترف حسين بكامل مسؤوليته في التخطيط للانقلاب إلا أنه لم يسم أي شخص آخر متورط. ويعتقد صدام ان السادات فقد شرفه بسبب اتفاقه مع إسرائيل، وإضافة إلى ذلك، ساء وضع الاقتصاد المصري بشكل كبير في ظل قيادته. وفي المقابل، ازدهر الاقتصاد المصري في عهد ناصر، وفتحت الأسواق المصرية على كل العالم العربي. أما بالنسبة لفشل الجيش السوري لـ«الترحيب علانية» بالقوات العراقية في عام 1973، قال حسين: «لا أحد أكرم من العراقيين». وسئل حسين عن تصريحاته حول فشل ـ رفض الجيش السوري تزويد القوات العراقية بخرائط وأدوات اتصالات وأمور أخرى ضرورية للقتال جنبا إلى جنب. ورد قائلا: «الفاشل لا يعرف أين هو رأسه وقدميه. كان الوضع صعبا». وأضاف: «لعله لم يكن بحوزة السوريين خرائط».
وقال حسين: «دعني أسأل سؤالا مباشرا. أريد أن أسأل أين، منذ بداية هذه المقابلة حتى الآن، تذهب المعلومات؟ لكي تبقى علاقتنا واضحة، أريد أن أعرف». فرد أحد الأشخاص الذي يجري المقابلة بالقول، إنه ممثل الحكومة الأميركية، وأن تقارير المقابلة بلا شك يراجعها مسؤولون في الحكومة، وربما يكون الرئيس الأميركي من بينهم. فرد حسين قائلا، إنه ليس لديه تحفظات إذا كان آخرون يريدون الانضمام إلى «العملية» وأنه «لا يمانع» إذا تم نشر المعلومات.

وعندما سئل إذا ما لجأ يوما إلى استعمال أشباه له، كما نوقش في الكثير من الكتب والمنشورات الأخرى، ضحك وقال: «هذا فيلم سحري، وليس حقيقة». وقال إنه من الصعب جدا أن يتقمص أحد شخصية شخص آخر.

وعندما سئل إذا ما كان آخرون في الحكومة العراقية، من بينهم ابنه عدي، لجأوا لاستعمال أشباه لهم، كما نشر في كتاب لرجل عراقي، نفى حسين أي معلومات لديه حول هذه التقارير. وقال: «أعتقد أن أبنائي لن يفعلوا ذلك». ولكنه أضاف أنه ربما قد يكونوا فكروا في هذه التكتيكات خلال الحرب، وليس في أوقات السلم. وقال إنه لم ير أشباها لأي من ولديه. وخلال الحرب الإيرانية العراقية لتحرير شبه جزيرة الفاو في عام 1987، قاتل حسين وكل أقربائه في هذه الحرب. وكانت هذه المعركة مهمة ومصيرية، وهو أمر تحدث به حسين لكل العراقيين. وقال: «عندما أؤمن بمبادئ، أؤمن بها بشكل كامل، وليس جزئي، وليس بشكل تدريجي، بل بشكل كلي». وأضاف حسين أن الله خلقنا وهو وحده يقرر متى سيأخذنا. وأنهى حسين هذا الجزء من المقابلة، بالقول: «إذا قررت أن تنشر كتابا، احرص على أن تكتبه بالإنجليزية والعربية». وفي ختام المقابلة، سئل حسين، عن تحركاته عندما بدأت الحرب في مارس (آذار) 2003. وقال إنه بقي في بغداد حتى 11 أبريل (نيسان) 2003، عندما بدأت المدينة وكأنها ستسقط. وقبل مغادرته بغداد، عقد اجتماعا أخيرا مع القادة العراقيين الكبار، وقال لهم: «سنناضل في السر». وبعد ذلك، غادر بغداد وبدأ تدريجيا بـ«تشتيت» حراسه الشخصيين، وهو يقول لهم، إنهم أتموا واجباتهم، لكي لا يلفت الانتباه.

قرأ للمحققين آخر قصيدة كتبها

صدام قال في التحقيق إن أميركا أحسنت باختيار الياور

* قال صدام حسين إن عمليات تفتيش الأمم المتحدة حققت هدفها بتجريد العراق من أسلحة الدمار الشامل. العراق لا يمتلك أسلحة دمار شامل ولم يمتلكها لمدة طويلة. وقد نصح حسين أن الكثيرين كانوا من الرأي القائل إن العراق كان مترددا بالتعاون مع عملية تفتيش الأمم المتحدة عن أسلحة. ورد حسين بأن العراق تعاون طوال 7 سنوات، ومنح مفتشي الأمم المتحدة حرية التنقل في كل البلاد، بما في ذلك القصور الملكية. وعندما ضغط على حسين حول تعاون العراق مع المفتشين، وسئل عن إخفاء حسين كامل لمكونات أسلحة دمار شامل، قال إن طبع حسين كامل الحقيقي بات معروفا للجميع. واعترف بأنه كان هناك أشخاص في الحكومة العراقية، كانوا في البداية مترددين بالتعاون مع المفتشين. وهؤلاء الأشخاص كانوا مخلصين ويعملون بجهد ومتفانين في عملهم، وكان من الصعب بالنسبة إليهم، أن يقال لهم يوما أن يفتحوا كل ملفاتهم ويسلموا كل أعمالهم وأسرار حكومتهم لدخلاء. تطلب الأمر وقتا وحصل على مراحل. وفي حلول عام 1998، امتثل العراق لقرارات الأمم المتحدة. ومع ذلك، هوجم العراق من قبل الولايات المتحدة من دون أي تبرير أو إذن من الأمم المتحدة. وأضاف صدام حسين أن العراقيين ما كانوا ليخزنوا أسلحة دمار شامل في القصور الرئاسية، لان ذلك كان ليضع الحكومة والقيادة العراقية بخطر. أسلحة الدمار الشامل كانت، وكانت ستكون، مخزنة في الصحراء، في أماكن نائية. وادعى حسين بأن الضربات الأميركية على العراق في عام 1998، وردا على محاولة الاغتيال المزعومة للرئيس السابق جورج بوش، كانت غير مبررة ولم يكن هناك استفزاز أدى إليها. ولم تحصل الولايات المتحدة على أي موافقة من الأمم المتحدة لتنفيذ هذه الضربات. وعلى الرغم من أن الاعتداءين تما بقرار الولايات المتحدة، فقد شعر حسين بأن الأمم المتحدة تجاوزت سلطتها في ما يخص العراق. قرأ صدام حسين للعميل الخاص في الـ«إف بي آي» جورج بيرو، قصيدة كتبها مؤخرا. ووجد بيرو أن القصيدة هي فرصة لمناقشة خطابات صدام حسين. وقال بيرو لحسين انه بعد أن استمع إلى عدد من قصائده، أصبح بإمكانه أن يتعرف إلى خط يده، بعد أن كان يقرأ القصائد. وقال بيرو إنه أصبح واضحا بالنسبة إليه أن صدام حسين كان يكتب خطاباته، وهو أمر تأكد لاحقا، وقال إن كل كتاباته جاء من القلب. وقال حسين أيضا إنه لم يستمتع بقراءة خطاباته، وأنه كان يفضل أن يقرأها له آخرون، مثل مذيعي أخبار. ووصف حسين شعور كتابة خطاباته، بأنه كتأدية امتحان. وقال صدام حسين إن إيران كانت تشكل أكبر خطر على العراق، بسبب حدودهما المشتركة، وكان يعتقد أن إيران كانت تنوي أن تضم جنوبي العراق لإيران. وهذا الاحتمال كان ينظر إليه حسين والعراق على أنه أكبر تهديد يواجه العراق. وكان حسين يعتبر أن بقية البلدان في الشرق الأوسط ضعيفة، ولا يمكنها الدفاع عن نفسها في مواجهة العراق أو اعتداء من إيران. وقال إنه يعتقد أن إسرائيل تشكل تهديدا للعالم العربي بأسره، وليس فقط للعراق.

وأضاف أيضا أن قدرات أسلحة إيران تطورت بشكل دراماتيكي، بينما كانت عقوبات الأمم المتحدة تجرد العراق من الأسلحة. آثار ذلك ستظهر في المستقبل، عندما تصبح القوة العسكرية لإيران تشكل تهديدا كبيرا للعراق والمنطقة في المستقبل. وقال حسين إن قدرة الأسلحة التي كان يملكها العراق كانت سببا رئيسيا في نتائج حرب العراق ـ إيران. في البداية خلال الحرب، كان العراق يملك صواريخ متوسطة المدى (270 كيلو مترا)، بينما لم تكن إيران تمتلك أي صواريخ ذات قيمة. وتمكن الإيرانيون من الحصول على صواريخ طويلة المدى من ليبيا، والتي كان بإمكانها أن تصل إلى أعماق العراق. وكان الإيرانيون أول من استعمل الصواريخ وضربوا بها بغداد. وقال حسين إنه حذر الإيرانيين من خلال خطاب ألقاه، لوقف اعتداءاتهم. ولكن إيران ضربت بغداد مجددا. ونصح علماء حسين بأنه يمكنهم تحسين مدى الصواريخ لكي تطال قلب إيران أيضا. فطلب إليهم أن يفعلوا ذلك. وردت العراق على ضرب بغداد بضرب طهران بصواريخها. وقال حسين إن إيران صدمت بسبب صواريخ العراق، وقال إن طهران كانت أكثر عرضة من بغداد لقصف الصواريخ بشكلها الجغرافي. وعرف حسين ذلك بـ«حرب المدن» وقال إن تصرفات العراق كانت ردا على تصرفات إيران. وفي موضوع آخر، قال حسين إنه يذكر فقط أنه استعمل الهاتف في مناسبتين منذ مارس (آذار) 1990. إضافة إلى ذلك، فهو لم يمكث في المكان نفسه أكثر من يوم واحد، لأنه كان يعرف بالقدرات التكنولوجية المتطورة للولايات المتحدة. وكان يستعمل البريد كأداة تواصل، أو يقابل شخصيا مسؤولين في الحكومة لكي يناقش قضايا مهمة. وانتقل الحديث بعد ذلك عن الرئيس الانتقالي للعراق، الشيخ غازي الياور. وقال حسين إن الياور يأتي من عائلة جيدة وأنه سيلقى قبولا من بلدان أخرى في المنطقة، خصوصا المملكة العربية السعودية. وقال إن الولايات المتحدة يبدو أنها بذلت جهدا كبيرا لاختيار الياور، وأنها قامت بخيار حسن. وقال عندها بيرو لحسين إن اختيار الياور لم يكن فقط قرارا أميركيا، بل قرار مشترك بين الولايات المتحدة والأمم المتحدة. وسأله بيرو حينها عن شعوره الشخصي حيال النقاش عن رئيس جديد للعراق. فبدأ حسين بالرد والحديث تحديدا عن الياور. فأوقفه بيرو وسأله ما هو شعوره الشخصي. وذكر بيرو حسين في تصريح سابق له بأنه لا يزال يعتبر نفسه رئيس العراق. وقال له إنه بات من الواضح الآن انه لم يعد الرئيس وهناك رئيس جديد وحكومة جديدة. وقال له انه لم يعد رئيس العراق، وأنه انتهى. فرد حسين بالإيجاب وقال نعم انه يعرف ذلك، وقال ما الذي يمكنه أن يفعل أمام مشيئة الله. وسأله بيرو إذا كانت لديه أفكار عن مستقبله، فقال حسين إنه بيد الله. وعندها قال بيرو لصدام حسين إن حياته شارفت على النهاية، وسأله إذا أراد أن تكون لبقية حياته معنى، فأجاب حسين بنعم.

شعبي سيحبني بعد مماتي

* قال صدام حسين إنه يؤمن بأن الشعب سيحبه بعد مماته أكثر مما أحبه خلال حياته. وذكر أن المزرعة حيث ألقي القبض عليه في ديسمبر (كانون الأول) 2003، هي نفسها حيث بقي في عام 1959 بعد هربه من بغداد اثر مشاركته بمحاولة اغتيال فاشلة للرئيس العراقي آنذاك عبد الكريم قاسم. وسئل حسين ما إذا كان قرار بدء الحرب ضد إيران في عام 1980 مستندا إلى تهديدات أو أنها كانت وسيلة للمطالبة بأراض عربية / عراقية، وتحديدا شط العرب، فرد بالقول: «نعتبر أن الحرب بدأت في 4 سبتمبر (أيلول) وليس في 22 سبتمبر كما تعتبرها إيران». ثم أعطى حسين مثلا عن جاء فلاح. ويفضل حسين استعمال أمثلة عن الزراعة والفلاحة لأنها تعني أشياء خاصة بالنسبة إليه. وقال: «في أحد الأيام، يضرب ابن الجيران ولدك. وفي اليوم التالي، يزعج ابن الجيران أبقارك. ولاحقا تتضرر حقولك بعد أن تسبب ابن الجيران بتعطيل نظام الري لديك. إذا حصلت كل هذه الأحداث، وبعد عدد كاف من الحوادث، تبادر جارك وتروي له الانتهاكات التي حصلت وتطلب إليه أن يتوقف. عادة، إنذار أو مصارحة تكفي لوقف هذه التصرفات. ولكن مع إيران، فإن هذه المقاربة لم تنجح». إيران، برأي صدام حسين، كانت تخرق اتفاق الجزائر الذي وقع في عام 1975 المتعلق بقناة الري. كذلك، كانت إيران تتدخل بالشؤون السياسية العراقية، وهذا برأي حسين، ترك العراق أمام خيار واحد.

الخميني والرسالة التي لم تفهمها إيران

* تحدث عن طريقة تفكير القادة الإيرانيين، تحديدا آية الله الخميني، والقرار الإيراني بالدخول إلى الحرب. وقال إنه عندما وصل الخميني إلى السلطة في عام 1979، كان لديه أمران «تدخلا» في ذهنه. الأول، أنه كان رجل دين متعصبا يعتقد أن كل القادة هم مثل شاه إيران، شخص تسهل الإطاحة به. وظن الخميني انه بسبب إطاحته بالشاه بهذه السهولة، يمكنه أن يفعل ذلك في أي مكان، ومن ضمنها العراق. ثانيا، أن الخميني كانت لديه «عقدة» من مغادرته / طرده من العراق في وقت سابق في نهاية السبعينات. والخميني بعد أن جرى نفيه من إيران، كان «ضيفا» على العراق «وأعطي له مأوى» في النجف. وهو هناك، بدأ يتحدث ضد الشاه والحكومة الإيرانية. الخميني، برأي حسين، لم يكن يحترم الاتفاق الموقع (اتفاق الجزائر) بين العراق وإيران، وكان يتدخل بالشؤون الإيرانية الداخلية. أعلمت الحكومة العراقية الخميني بموقفها، وقالت له أيضا «أنت ضيفنا، لا أحد يمكنه أن يسألك أن تغادر أو أن يتم تسليمك». وقال حسين أيضا إنه لا يندم على الطريقة التي عاملت بها العراق الخميني. وعند سؤاله إذا كان الخميني قد أنكر معروف العراق بعد عودته من الكويت، وهي خطوة كان يمكن أن تؤدي إلى رفض العراق إدخاله وإعادته إلى إيران، قال حسين: «لا لم يكن ذلك ليغير من الوضع. الشعب لم يكن يريد الشاه». وأصبح الخميني رمزا للشعب في إيران بعد مغادرته العراق، بسبب «طرده» من العراق. ورد حسين فقط بـ«ربما» عندما سئل ما إذا كان آية الله سيد محمد اصدر، رجل دين شيعي مؤثر أعدم في العراق في عام 1980، كان رمزا كهذا. ولكنه أضاف انه هو نفسه كان رمزا لأنه كان يمكن رؤية صوره معلقة في داخل البيوت في أماكن أخرى في العراق.

وتورد وثائق الإف بي آي أن صدام قال في إحدى المقابلات إن إيران لم تفهم الرسالة عندما سحب العراق قواته في عام 1982، وشدد على القول هؤلاء إذا لم تكسر رؤوسهم لن يفهموا. كما قال صدام إن العراق لم يكن مدينا بالكثير من الأموال بعد الحرب مع إيران، فقد تلقى مساعدات من دول عربية ظن صدام أنها ليست قروضا. وقال صدام بعد الحرب غيرت هذه الدول فكرها وطلبوا سداد الأموال فقد رأت بعض الدول أن العراق يشكل تهديدا عسكريا بينما لم يروا إيران تهديدا. وعند هذه النقطة ضحك صدام.

وحسب قول صدام في التحقيقات مع الاف بي آي فإن الخميني كان يظن أن الشيعة في جنوب العراق سيتبعونه خاصة خلال الحرب ولكنهم لم يرحبوا به وكانوا موالين للعراق وحاربوا الإيرانيين.

وعندما سئل صدام عما إذا كانت محاولات الاغتيال الإيرانية ضد مسؤولي الحكومة العراقية قبل نشوب الحرب على يد جماعات مدعومة من طهران بما في ذلك محاولة اغتيال طارق عزيز ولطيف جاسم، أثرت في قرار بغداد الذهاب إلى الحرب ضد طهران، قال صدام إن هناك 540 هجوما إيرانيا على العراق قبل الحرب، منها 249 اختراقا جويا أو غارات. وقدم العراق هذه المعلومات إلى الأمم المتحدة بينما أغلقت إيران شط العرب وأغرقت سفنا عراقية وأجنبية. وقال صدام قبل 29 سبتمبر (أيلول) 1980 قصفت إيران مصافي عراقية في البصرة ومدن أخرى جنوبية. وكانت محاولات الاغتيال ضد طارق عزيز وجاسم وآخرين ضمن الأشياء التي قادت إلى الحرب.

ولدى سؤال صدام عن الهدف من الحرب أجاب قائلا: اسألوا إيران هي التي بدأت الحرب لقد شرحت كل أسباب الحرب سابقا، وعندما أعاد محقق إف بي اي السؤال عليه قال صدام: الهدف هو جعل إيران تتوقف عن التدخل في شؤوننا الداخلية. وأعاد صدام ذكر معلومات سابقة بما في ذلك انه يعتقد أن إيران خرقت اتفاقية الجزائر الموقعة عام 1975 واحتلت كل شط العرب، بينما تنص الاتفاقية على أن حقهم في نصفه فقط، كما أنها لم تتجاوب مع الاتصالات الدبلوماسية في ما يتعلق بهذه القضية.

لا أحب السياسة أو السياسيين

* في إحدى المقابلات قال صدام: كنت أستطيع أن أكون سياسيا لو أردت لكني لا أحب السياسة أو السياسيين، وعندما ووجه بأن البعض يعتقد أنه لعب سياسة مع الأمم المتحدة، رد صدام قائلا: لقد التزمنا تماما بكل قرارات الأمم المتحدة، يجب لوم الولايات المتحدة وليس الأمم المتحدة، نحن بين قلة من الفرسان الباقين.

وقدم المحقق ملاحظة بأن بداية المشكلة بين العراق والعالم هي غزو الكويت، ورد صدام قائلا إن الولايات المتحدة كان لديها خطة مع الكويت لمهاجمة العراق، ونحن لدينا نسخة من هذه الخطة في يدنا، وخلال التحقيقات المطولة حول قرار الأمم المتحدة بشأن أسلحة الدمار الشامل، قال صدام: لقد دمرنا هذه الأسلحة، وعندما سئل عن القيود التي كانت تفرض على المفتشين في دخول مواقع، قال: أي مواقع؟ فرد المحقق: وزارة الزراعة، فأجاب صدام قائلا: والله لو كان لدي هذه الأسلحة لكنت استخدمتها ضد الولايات المتحدة.

أعلن أنه خدم الشعب العراقي على مدار فترة طويلة للغاية

نص جلسة تحقيق: صدام يقتبس من كتابه زبيبة والملك
مكتب التحقيقات الفيدرالي ـ مركز عمليات بغداد ـ 7 فبراير (شباط) 2004 ـ جلسة مقابلة رقم: 1

ـ المقابلة أجراها: جورج إل. بيرو ـ الترجمة العربية/الإنجليزية: أجريت مقابلة مع صدام حسين (محتجز على درجة قصوى من الأهمية) في 7 فبراير (شباط) 2004، داخل منشأة احتجاز عسكرية بمطار بغداد الدولي، في بغداد، العراق. وقدم صدام المعلومات التالية: أعلن صدام أنه خدم الشعب العراقي على مدار فترة طويلة للغاية. ويرى أن إنجازاته الكبرى تتمثل في البرامج الاجتماعية المعنية بمواطني العراق والتحسينات التي أدخلها على القطاعات الأخرى من الاقتصاد، ومنها تطوير التعليم ونظام الرعاية الصحية والصناعة والزراعة ومجالات أخرى رفعت بوجه عام مستوى الحياة بالنسبة للعراقيين. عام 1968، لم يكن الشعب العراقي «يكاد يملك أي شيء»، حيث عانت البلاد من ندرة المواد الغذائية، في القرى والمدن، وأهملت الأراضي الزراعية، واعتمدت الزراعة على وسائل بدائية. واعتمد الاقتصاد العراقي بصورة كاملة على إنتاج النفط، الذي صدر العراق الجزء الأكبر منه عبر شركات أجنبية، ولم تسيطر عليه الحكومة. ومع تصنيع الدولة العراقية عددا ضئيلا للغاية من المنتجات، اضطرت إلى استيراد معظم السلع. وكان نظام الرعاية الصحية «بدائيا»، وكان معدل الوفيات شديد الارتفاع، خاصة بين الفقراء. وبالمثل، كانت معدلات وفيات الأطفال مرتفعة للغاية، تقدر بما يتراوح بين 40% و50%، مع وقوع الكثير من الوفيات أثناء فترة الحمل أو عند الولادة. من ناحية أخرى، بلغت معدلات معرفة القراءة والكتابة حوالي 27%، علاوة على أن من صنفوا باعتبارهم «يعرفون القراءة والكتابة» غالبا ما افتقروا إلى البراعة الحقيقية في أي من المهارتين. وافتقرت المناطق الريفية بصورة شبه كاملة إلى الطرق، بينما كانت حالة الطرق «متردية للغاية» في المدن العراقية. وعلى المستوى الجامعي، توافرت فرص تعليمية محدودة للغاية، حتى داخل بغداد. وافتقر الكثير من المدن لوجود أي كليات. بصورة عامة، كان الأثرياء وحدهم القادرين على إلحاق أبنائهم بالتعليم الجامعي. قام صدام حسين بتحسين القطاعات سالفة الذكر كافة. من ناحيته، يرى صدام أن هذا إنجازه و«الفضل» الأعظم الذي صنعه للشعب العراقي.

وإجابة من جانبه عن تساؤل حول الأخطاء التي اقترفها، اعترف صدام بأن كل البشر يرتكبون أخطاء، وأن الله وحده له العصمة من الخطأ. ونوه باعتقاده أن الشخص الذي يجري معه المقابلة «ذكي»، ويبدو أنه قرأ تقارير عن لقاءات أجريت من قبل معه. وقال صدام «ربما لن تكون المحادثة بين شخصين على هذا المستوى من التعليم مفيدة أو ناجحة». وأضاف أنه إذا ما ادعى شخص ما لنفسه الكمال، فإنه بذلك ينسب لنفسه الألوهية. واستطرد صدام موضحا أنه لم يجر النظر إلى الجهود التي بذلها كافة باعتبارها ناجحة من وجهة نظر البعض. وعقد صدام مقارنة بين تقديره لذاته وتقدير آخرين، مشيرا إلى وجود وجهات نظر متعارضة مع آرائه بشأن نظام الحكم الأميركي، الذي قال إنه «غير مقتنع به». وأوضح أن حوالي 30 مليون شخص يعانون مغبة الفقر داخل أميركا، لكن الأميركيين لا يعتبرون هذا الأمر «جريمة». وأكد صدام أنه لن يقبل قط بمثل هذا الأمر للعراق. وعندما جذب الشخص الذي يجري المقابلة انتباهه مرة أخرى باتجاه الأخطاء التي ارتكبها، تساءل صدام «هل تظن أنني سأخبر عدوي إذا كنت اقترفت خطأ؟»، وقال صدام إنه لن يحدد أخطاءه أمام عدو له، مثل أميركا. وأوضح أنه لا يعتبر الشخص الذي يعقد المقابلة معه عدوا، ولا الشعب الأميركي، وإنما النظام الأميركي الحاكم.

قال صدام إن الأهمية لا تقتصر على ما يقوله الناس أو يعتقدونه بشأنه الآن، وإنما كذلك ما يعتقدونه في المستقبل، بعد 500 أو 1000 عام من الآن. بيد أن الأهمية الكبرى تكمن فيما يراه الله. إذا ما قبل الله أمرا، فإنه سيقنع الأفراد بتصديقه. وإذا لم يقبل الله أمرا، فليست هناك أهمية فيما يظنه الناس. واستطرد صدام بأن «خائنا» قدم معلومات قادت لإلقاء القبض عليه. وباعتباره «ضيفا» في المكان وكعراقي، لم يكن ينبغي تسليمه للقوات الأميركية. وأكد أن أحفاد هذا «الخائن» سيحملونه المسؤولية وينقلون هذا للأجيال القادمة.

فيما يخص المستقبل، أعرب صدام عن اعتقاده بأنه سيشتهر بعدله و«تعرضه للظلم». وفي نهاية الأمر، يحق للعراقيين اعتقاد ما يروق لهم. وأعلن صدام أن العراقيين لن يعقدوا مقارنة بين حكام ما قبل الإسلام وما بعده. وأشار إلى أن المواطنين العراقيين تمتعوا بالقدرة على ممارسة حقوقهم المتعلقة بالحكم الذاتي حسبما كفلها الدستور المؤقت الصادر عام 1990. وتحقق ذلك لأن الشعب كان له قائد وحكومة تتولى قيادته. ويعتقد صدام حسين أن العراق «لن يموت»، فالعراق بلد عظيم في الوقت الحالي، كما كان في أوقات أخرى على مدار التاريخ. وبصورة عامة، تصل الدول إلى القمة مرة واحدة. ولكن، وصل العراق إلى القمة عدة مرات قبل وبعد الإسلام. والعراق الدولة الوحيدة التي قامت بهذا في تاريخ العالم. وهذه «هبة» منحها الله للشعب العراقي. وعندما يسقط الشعب العراقي، فإنه ينهض مرة أخرى. ويعتقد صدام حسين أن الشعب العراقي سوف يتعامل مع المشاكل بنفسه، ويحكم نفسه، وأن الله يقرر ما الحق. ويأمل أن يتقدم العراق في جميع المجالات المالية والدينية...إلخ. ويضيف أنه من ناحية إنسانية يأمل الأمر نفسه بالنسبة للشعب الأميركي.

واقتبس صدام فقرة من كتاب «زبيبة والملك»، الذي يشار إليه كثيرا على أنه كتابه، عندما صرخ النواب «تعيش زبيبة، يعيش الشعب، يعيش الجيش». ولكن، لم يصح النواب «يعيش الملك». وسئل صدام هل سينساه الشعب العراقي أو لن يصيح من أجله. ولكنه رد بالنفي. وقال: «الأمر بيد الله»، وأكد أن الشعب وليس الملك هو الموضوع الأساسي في الكتاب. وقال: جاء الله في الأول وبعد ذلك الشعب حيث كانت مريم واحدة من الشعب وعاش المسيح بين الشعب. والإيمان شيء منشود في الحياة، والخيانة هي أسوأ شيء. وقال صدام «أراد الله أن يخبرنا ألا نفاجأ عندما يخونك الناس»، وختم صدام هذا الجزء من النقاش بالقول بأن «السجين لا يمكنه أن يفعل أي شيء للناس». وقال إنه لا يزال يؤمن بالله وكرر: «الأمر بيد الله».

وقال صدام إن الجبهة التقدمية الوطنية، وهو حزب سياسي نشأ في أول الأمر باسم الجبهة الوطنية في الفترة من عام 1970 حتى 1974، وكانت الجبهة الوطنية تتكون من الحزب الديمقراطي الكردستاني والحزب الشيوعي وحزب البعث. وتعبر الأحزاب السياسية عن الاختلافات في العراق كما تظهر في دول أخرى. ولم تكن بعض المجموعات، ومنها الأكراد، تؤمن بالاشتراكية مع التوجهات الآيديولوجية نفسها مثل البعث. وفي عام 1991، كانت الجبهة التقدمية الوطنية لم تظهر فعليا على أرض الواقع بسبب الفشل في تمرير الدستور بسبب حرب الخليج الأولى. ويعتبر صدام أي شخص مخلص للعراق والشعب بأنه جزء من البعث. وأن البعث يتحمل المسؤولية عن النجاحات والأخطاء. وفي عام 1989 ومرة أخرى عام 2002، فشل صدام في محاولة أخرى لإقناع «زملائه» بالحاجة إلى أحزاب سياسية متعددة في العراق. وفي رأي صدام، فإن الحزب الواحد لم يكن مفيدا للعراق. وقال «لا تقبل الحياة فكرة واحدة فقط. ولكنها تقبل ربا واحدا فقط». ومضى يقول إن من شأن نظام سياسي مثل النظام الأميركي، به عدة أحزاب، أن يؤدي إلى «مقدار كبير من الاضطراب» بالنسبة للشعب العراقي وسيكون عليهم أن يقبلوا ذلك. وقال «أتمنى لو كانت هناك أحزاب أخرى غير حزب البعث». الاختلافات بدءا من الأسرة مرورا بالمجتمع ووصولا للحكومة شيء جيد. وختم صدام هذا الجزء من النقاش بالقول «حاليا، الأحزاب السياسية الوحيدة القائمة في العراق هي الأحزاب التي لديها أسلحة».

واقتبس صدام فقرة أخرى من «زبيبة الملك»، التي تقول «أنا قائد عظيم ويجب أنت تطيعوني، ليس هذا وحسب، ولكن يجب أن تحبوني». وبعد ذلك سئل عما إذا كان يمكن لزعيم ما أن يحقق العظمة عن طريق إنجازاته لصالح شعبه، أم عليه أن يطلب العظمة عن طريق الخوف. وأجاب صدام بأن الخوف سوف يصنع حاكما ولكن لن يجعل الشعب يحب الحاكم. ويأتي الحب عن طريق التواصل. ويقارن «مؤلف» الكتاب هذا الملك بملوك سابقين. ولم يرد أن يؤكد أو يروج لفكرة الملكية بين الشعب، حيث إن «المؤلف» لا يوافق على هذا الشكل من الحكومة. ولذا مات الملك وعاشت زبيبة، كرمز للشعب.

ويعتقد صدام أن الشعب سوف يحبه أكثر بعد أن يرحل. والناس يقاومون احتلال العراق، في الوقت الحالي وفيما مضى، تحت «شعارات» صدام. ولكن، حاليا صدام ليس في السلطة ولكنه في السجن. ويقول صدام إن الشعب يحب الشخص لما يبذله، وأنه خلال رئاسته ومن قبلها، حقق إنجازات كثيرة للعراق، حيث توصل إلى اتفاق سلام مع برزاني (الأكراد) في الشمال عام 1970. وقام صدام بتأميم صناعة النفط العراقية في عام 1972. ودعم حرب 1973 ضد إسرائيل في مصر وسورية. وتمكن العراق من النجاة من ثمانية أعوام من الحرب مع إيران من 1980 حتى 1988، وحرب الخليج الأولى التي كانت بعد ذلك بفترة قصيرة. وتمكن العراق من البقاء خلال 13 ـ 14 عاما من المقاطعة. وسئل صدام عما إذا كانت المقاطعة ما زالت موجودة، وكان الرد عليه بالنفي. وعلى الرغم من كل الصعوبات والقضايا التي تحملها العراق، صوت مائة في المائة من الشعب لصدام في الانتخابات الأخيرة. وفي رأي صدام، فإنهم سوف يدعمون قائدهم.

الرئيس العراقي السابق: منذ اعتقالي قبل شهر أو شهرين لم أحصل على صورة لما يحدث

استهل جلسة الاستجاوب بسؤال المحقق عن طبيعة التغييرات التي شهدها العالم

* في جلسة استجواب أخرى في 15 فبراير (شباط) 2004 استهل صدام حسين الجلسة بسؤال المحقق عن طبيعة التغييرات التي شهدها العالم مثل الصين وروسيا والسياسة الدولية، فأجابه المحقق بأنه لم يحدث تغيير كبير مهم، وأن الجهود تتواصل لإعادة إعمار العراق، وهذا يتضمن دعما من الصين وروسيا، وأن الأمور تتقدم إلى الأمام بوتيرة سريعة.

بعدها شرح صدام أنه منذ اعتقاله قبل شهر أو شهرين لم يحصل على صورة لما يحدث، وأشار إلى أنه كان في نيته سؤال المحقق عن هذا قبل ذلك بيومين. وناقش صدام فيلما شاهده، كان مقتبسا من كتاب «قصة مدينتين» الذي كان قد قرأه قبل فترة طويلة، وفي القصة رجل محتجز مثله انقطع عما يجري في الخارج. وحسب صدام فإن مؤلف الكتاب كان ينتقد السلطات الفرنسية على هذه المعاملة. وحسب المحقق لفت صدام إلى أن شيئا لم يتغير منذ ذلك الوقت. رد المحقق بالقول إنه «بمرور الوقت تغيرت بعض الأشياء بينما لم تتغير أخرى».

وحول طريقته في التحرك قبل سقوط بغداد في أبريل (نيسان) 2003، قال صدام إن النجاح في تحريك الأفراد والمعدات خلال الحرب تطلب معرفة بقدرات العدو وكذلك «بقدراتنا». الأشخاص الأقرب لصدام (المرافقون) كانوا يوجهونه «للتحرك بهذا الاتجاه أو ذاك». وبسؤاله عما إذا كان يتنقل عادة بسيارة مرسيدس سوداء قبل الحرب، أوضح صدام «ربما.. كانت لدينا سيارات مرسيدس من كل الألوان». وعما إذا كان يتنقل في موكب طويل، قال صدام «سأترك هذا للتاريخ».

وبسؤاله عما إذا كان الغزو العراقي للكويت، الذي أدى إلى الحرب مع الولايات المتحدة، أدى أيضا إلى فرض عقوبات على العراق، أجاب صدام «أسألك متى أوقفت الولايات المتحدة شحنات القمح إلى العراق؟ في عام 1989. متى طلبت الولايات المتحدة من الدول الأوروبية حظر مبيعات المعدات التقنية إلى العراق؟ في عام 1989. الولايات المتحدة كانت تخطط لتدمير العراق، وهذه نية شجعتها الصهيونية والتأثير الصهيوني على الانتخابات في الولايات المتحدة الأميركية». هذه «الخطة» الأميركية وضعت أيضا بتأثير من دول قريبة من العراق، خاصة إسرائيل التي كانت تنظر إلى العراق كتهديد عسكري خطير بعد انتهاء الحرب الإيرانية ـ العراقية. وقال صدام «أؤمن بهذا جدا».

وبشأن الكويت والحرب، أوضح صدام «من الصعب أن تتجنب شخصا ما مسلحا ويقف خارج منزلك، فلا بد أن تخرج وتقاتل». وبما أن العراق بلد صغير، فقد كان من الصعب وقف الولايات المتحدة بصرف النظر عما اتخذ من خطوات.

وحول الحرب الأخيرة و«التاريخ» الذي قدمته الولايات المتحدة للعالم حول العراق، أوضح صدام «كان صعبا عليّ، وعلى أي رجل نبيل، ألا أحاول منع الولايات المتحدة من دخول العراق».

وبسؤاله عن ملاحظاته الشخصية بدلا من آرائه كرئيس للعراق، قال صدام «ليس هناك ما أعتبره شخصيا. لا أستطيع نسيان صفتي كرئيس. هذا ما أعرفه وأؤمن به. وعليه من الصعب أن أجيب من منظور شخصي. لا أستطيع نسيان دوري ومبادئي ولو لثانية أو نسيان ما كنت».

في نهاية الجلسة، سئل صدام مرة أخرى عن تحركاته بعد اندلاع الحرب في مارس (آذار) 2003، فأوضح أنه لم يكن في منطقة الدورة ببغداد في 19 مارس 2003 عندما قصفتها قوات التحالف. وأضاف أنه لم يكن في المنطقة خلال الأيام العشرة التي سبقت هذا الهجوم ولا في أي وقت طيلة الحرب. ويعتقد صدام أن قوات التحالف استهدفت هذا الموقع لأنهم اعتقدوا خطأ أنه كان فيه.
لمتابعة المحاضر اللاحقة :
http://www.aawsat.com/details.asp?section=1&issueno=11175&article=526003


RE: «الشرق الأوسط» تنشر محاضر استجواب المباحث الأميركية لصدام - ابن نجد - 07-05-2009

صدام: غالبية أعضاء البعث عام 1963 كانوا شيعة

GMT 23:30:00 2009 السبت 4 يوليو

الشرق الاوسط اللندنية

وأمينه العام كان كرديا

قال في محاضر استجواب«الشرق الأوسط» تنشرها إنه لم يكن يعلم حتى وقت قريب أن طارق عزيز كان مسيحيا

لندن: «الشرق الأوسط»

يكشف الرئيس العراقي السابق صدام حسين، الذي أعدم نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2006، في وثائق سرية أفرج عنها الأرشيف القومي الأميركي الأربعاء الماضي، خفايا كثيرة عن حروبه وأيامه الأخيرة في الحكم، وحتى اعتقاله وظروفه في السجن. والوثائق التي تواصل «الشرق الأوسط» اليوم نشرها هي عبارة عن محاضر 20 استجوابا رسميا وخمس محادثات عادية أجراها جورج بيرو، وهو محقق من مكتب المباحث الفيدرالي الأميركي «إف.بي.آي»، للرئيس السابق ما بين 7 فبراير (شباط) و28 يونيو (حزيران) 2004. ويغطي صدام في أجوبته على أسئلة المحقق في الجلسة الخامسة من الاستجواب في 15 فبراير (شباط) 2004 ظروف استيلاء حزب البعث على السلطة في عام 1968 ويقول إن قرار عدم إراقة الدماء تم بناء على طلبه، حيث كان يعتقد أن «علينا أن ننسى الماضي وألا نريق المزيد من الدماء». وكدليل على احترام ذلك القرار، أشار صدام إلى أن البعثيين لم يؤذوا الرئيس عبد الرحمن عارف ولكنهم نفوه فقط. وفي الجلسة السادسة في 16 فبراير (شباط) 2004 يكشف صدام ما جرى لناظم كزار الذي قام بمحاولة انقلابية عام 1973. وكزار كان مساعد صدام، مدير الأمن العام لحزب البعث، وهو شيعي من مدينة العمارة. وقال صدام في ذلك الوقت إنه لم يكن هناك تمييز بين سني وشيعي أو مسيحي داخل الحزب. وأشار، كمثال على ذلك، أنه لم يكن يعلم حتى وقت قريب أن أحد قادة البعث، وهو طارق عزيز، كان مسيحيا، فقد كان الحزب ناجحا لأنه ارتبط بالشعب ومن ثم لم تكن هناك تفرقة بين أفراده على أساس الدين أو العرق. وأشار صدام إلى أن قادة الحزب من السُنة في الفترة بين عامي 1958 و1963 كانوا قليلين جدا، وأن الأمين العام للحزب كان شيعيا من مدينة الناصرية. وقال صدام للمحقق «قد يثير دهشتك أن تعرف أن الأمين العام للحزب عام 1964 كان كرديا».
وفي جلسة الاستجواب السابعة في 18 فبراير (شباط) 2004 يواصل صدام شرح علاقته بكل من سعدون شاكر وعبد الكريم الشيخلي ويقول إن شاكر يعد مثالا على عضو في حزب «البعث» «وزع قدراته» فيما يقول إن الشيخلي فشل في تقبل النقد وقررت القيادة طرده.
وقال صدام إن تولي القيادة من أصعب المهام في الحياة. وأعرب عن وجهة نظره بأن أي شخص باستطاعته قيادة أعضاء الحزب والجماهير، سيتميز بالكفاءة في المنصب المخول إليه. وأضاف أن أعضاء الحزب خاضوا «محاولات»، بعضها نجح والآخر فشل. وقد استمر أعضاء الحزب في مناصبهم حتى اللحظة التي فاقت مسؤوليات مناصبهم قدراتهم الفردية، عند هذه النقطة، كان يتم استبدالهم. بالنسبة لأعضاء الحزب ذوي الخلفيات العسكرية، نوه صدام بأن تلك الخبرة العسكرية كانت محدودة ولم تترجم بالضرورة إلى عنصر مفيد في إدارة الشؤون الحكومية.
* صدام عن انقلاب يوليو 1968: طارق عزيز رفيق قديم يحظى بالاحترام لكنه لم يكن أحد الثوار
* قال إن الدوري ورمضان كانا منخرطين في الثورة منذ البداية وتصارعا فيما بينهما
* محضر جلسة الاستجواب الخامسة 15 فبراير (شباط) 2004
* قبل طرح أية أسئلة، أفاد صدام بأنه يرغب في طرح سؤال. وبعد ذلك سأل عن أي نوع من التغييرات حدث في العالم، على سبيل المثال ما يحدث في الصين وروسيا وفي السياسات الدولية. فقال المحقق إنه لم تحدث تغييرات كبيرة، وأن هناك جهودا لإعادة بناء العراق وأن ذلك يتضمن دعما من كل من روسيا والصين وأن الأمور تسير بصورة سريعة. وبعد ذلك أفاد صدام بأنه منذ أن كان في السجن لمدة شهر أو اثنين، لم تكن لديه صورة عما يحدث. وأشار إلى أنه كان ينوي طرح هذا السؤال على المحقق قبل يومين. ثم تحدث صدام عن أحد الأفلام التي شاهدها التي تقوم على رواية «قصة مدينتين» التي قرأها منذ وقت طويل حيث كانت هذه الرواية تتناول سجن أحد البريطانيين في سجن فرنسي ولم يكن على دراية بما يحدث في العالم الخارجي. وحسبما أفاد صدام، فقد كان مؤلف هذه القصة ناقدا للسلطات الفرنسية بسبب هذه المعاملة. وأشار صدام إلى أنه لم يتغير شيء منذ ذلك الوقت. وقد أجاب المحقق بأنه «عبر الوقت، تغيرت بعض الأشياء، ولم تتغير أشياء أخرى».
ثم أخبر المحقق صدام بأن جلسة اليوم سوف تكون حوارا حول استيلاء حزب البعث على السلطة في عام 1968، وعلى وجه الخصوص سيكون الحوار حول محاولة التفريق بين ما هو واقعي وما هو خيالي. وقد أجاب صدام بأنه في واقع الأمر، كان العراق في عام 1968 يعيش بصورة بدائية ولم يستطع التقدم بصورة جادة إلا من خلال مفهومين. أولهما إدراك أن هذا البلد له حضارة تاريخية قديمة. والمفهوم الثاني كان يدور حول أن العراق استطاع التعلم من خلال تجربة الأساليب التي تتبعها بقية دول العالم. وطبقا لذلك، فقد سافر صدام وغيره إلى بلاد عربية أخرى. وبمقارنة أنفسهم بغيرهم من مواطني هذه الدول، فقد اكتشفوا أن القاهرة ودمشق كانتا متقدمتين كثيرا على بغداد. وكان لدى صدام العديد من الأصدقاء الذين سافروا إلى دمشق وكانوا يعتقدون أن العراق يمكن أن يصل إلى المستوى الذي وصلت إليه دمشق من التقدم، لكنهم لم يتصوروا أن يصل إلى مستوى التقدم في القاهرة. وكانت القدرة الصناعية العراقية في ذلك الوقت مقصورة على صناعة البطاطين وتشغيل مصنع لقصب السكر في كربلاء الذي كان يحتاج إلى استيراد المواد التي يعمل بها. وبغض النظر عن هذين المجالين، كانت هناك محاولات قليلة بسيطة للصناعة في مجالات أخرى. ومع ذلك، فقد كان لدى العراق الدافع والحماس للتطور. وقد نجم عن المحاولات الأولى بعض الأخطاء، ولكن تم تداركها وعلاجها. ومع مسيرة التقدم، استمر إرسال الأفراد إلى البلاد المجاورة لكسب الخبرات. وكان من الدول التي زارها صدام وغيره: الاتحاد السوفياتي وفرنسا وإسبانيا وإيران وتركيا وكافة الدول العربية. ومن بين جميع هذه الدول، كان صدام يعتقد أن الاتحاد السوفياتي كان الأقرب إلى العراق فيما يتعلق بالنواحي الاجتماعية للشعب. ومع ذلك، لم يكن ذلك يعني أن صدام كان يأخذ أحد الجانبين الشرقي أو الغربي. وقد أفاد صدام بأنه في الوقت الذي كان ينظر فيه إلى الأساليب التي يعيش بها الآخرون إلا أننا «لا ننسى أننا عرب وعراقيون وأن للعراقيين أسلوبهم الخاص بهم الذي يربط بينهم وبين العرب الآخرين». وأضاف صدام: «بالنظر إلى سعينا نحو التطور، فإننا حاولنا ذلك في كافة المجالات بما في ذلك المجالات السياسية والاقتصادية والتقنية والصناعية».
وفي ما يتعلق باستيلاء حزب البعث على السلطة أفاد صدام بأنهم حصلوا على المساعدة من أفراد الجيش الذين كانوا أعضاء في الحزب. كما أفاد أيضا بأن العقيد إبراهيم عبد الرحمن داود والعقيد عبد الرزاق نايف اللذين لم يكونا عضوين في حزب البعث، لم يلعبا دورا هاما في السماح بالاستيلاء على السلطة دون مقاومة أو إراقة دماء. وأفاد صدام بأن قرار عدم إراقة الدماء تم بناء على طلبه، حيث كان يعتقد أنه «علينا أن ننسى الماضي وألا نريق المزيد من الدماء». وقد قال إن هذا الموضوع قد تمت مناقشته في اجتماع داخل منزل وزير الصحة الدكتور مصطفى. وقد اختلف القليل من الأعضاء مع صدام لا سيما أعضاء حزب البعث الذين تم تعذيبهم من قبل النظام السابق وكانوا يرغبون في الثأر. وقد ثار حوار قال فيه صدام إنه قد تم تعذيبه هو أيضا. وفي نهاية الأمر، تم التوصل إلى اتفاق على أنه لن تكون هناك إراقة للدماء. وكدليل على احترام ذلك القرار، أشار صدام إلى أن البعثيين لم يؤذوا الرئيس عبد الرحمن عارف ولكنهم نفوه فقط. وبالإضافة إلى ذلك، قال إن حزبه اتخاذ قرارا بإطلاق سراح المعتقلين من جميع الأحزاب بمن فيهم القوميون والشيوعيون. وفيما يتعلق بالعقيد داود والعقيد نايف، فقد أشار صدام إلى اختيار عدم إيذائهم كذلك، والاكتفاء بمجرد نفيهم. وعندما تم سؤاله عن دور العقيد داود في الجيش، قال صدام إن أبو هيثم (أحمد حسن البكر) هو الذي كان له صوت أقوى من داود الذي لم يكون له صوت حقيقي. وقال صدام إن قوات الحماية الرئاسية وهي الحرس الجمهوري كانت تتكون من ثلاث فرق: المدرعة والمشاة والقوات الخاصة. وكانت مسؤولية العقيد داود عدم الاصطدام أو الاشتباك مع الفرقة المدرعة. وكان ذلك هو دوره فقط. وقال صدام: «كنا نسيطر على الفرقة المدرعة وقد قمت بقيادة دبابة وأطلقت النار على القصر الرئاسي. ومن الناحية العملية، فقد كان يمكننا القيام بذلك دون كل من داود ونايف».
وأضاف صدام: «وصلتنا أخبار بعد الظهر قبل الهجوم بأن نايف كان يرغب في الانضمام إلى الثورة. ويبدو أن داود أخبره عن خططنا على الرغم من أننا طلبنا من داود الحفاظ على سرية خططنا. وفي أولى مراحل الثورة، اكتشفنا أن نايف وداود كانا يخططان فيما بينهما وأنهما كانا على اتصال بمسؤولين آخرين خارج خط اتصالنا. ولذا، فقد عزلناهما يوم 31 يوليو (تموز). وقد كنت أنا من تولى هذه العملية».
وحسبما يقول صدام، فقد تم إرسال داود إلى الأردن في مهمة عسكرية. وأضاف صدام بقوله: «كان من الممكن أن نقتله في أي وقت. وذهبت إلى نايف بمسدس، ولم يكن لدي سلاح آلي. وبمسدس واحد أخذت كل الأسلحة التي كانت مع نايف وحراسه». وقد كان داود يقوم بعمل عسكري في الأردن، فأرسل صدام أعضاء في حزب البعث للقبض عليه وإحضاره إلى بغداد، ويقول صدام إن داود ونايف «كانا مثل السكين في ظهرنا».
وعلى خلاف ما كان شائعا بخصوص القبض على نايف، أفاد صدام بأنه لم تتم دعوة نايف إلى الغداء في القصر الرئاسي الخاص بالرئيس. وأفاد صدام بقوله: «كنا نتناول الغداء في القصر الرئاسي كل يوم أثناء الثلاثة عشر يوما الأولى بعد الثورة لأنه كان علينا أن نقوم باتخاذ القرارات. وقد كنا دائما موجودين في القصر مثلما كانت الحال مع الرئيس البكر. وكان آخرون يحضرون عندما يتم إعداد الوجبات. وعندما وصل نايف، قمت بسحب مسدس وصوبته عليه. وصوب هو مسدسه كذلك. وكان الأمر أشبه بما يحدث في الأفلام. وقد وضعت أخي غير الشقيق برزان إبراهيم حسن في الغرفة لحراسة نايف. وعندما قبضت على نايف، قال «إن لدي أربعة أطفال. فقلت له إنني سوف أهتم بأمر أطفالك. وطلبت منه أن يجلس، وسألته إن كان يرغب في أن يعمل كسفير». وفي أول الأمر قال نايف إنه يرغب في أن يذهب إلى لبنان. ولأن حسين كان يعتبر لبنان مكانا يتم فيه إعداد المؤامرات، فإنه طلب من نايف أن يختار مكانا آخر. فطلب نايف أن يذهب إلى الجزائر، لكن صدام رفض طلبه لأن الجزائر كانت لديها ثورة أيضا. فطلب نايف أن يذهب إلى المغرب، فوافق صدام. وأخذ صدام نايف إلى المطار في سيارة وجلس إلى جواره. وكان هناك أعضاء آخرون في حزب البعث داخل السيارة. وقال صدام لنايف: «عندما أعد بشيء فإنني أوفي به. وقد وعدنا بألا يحدث شيء للرئيس عارف ولم يحدث شيء. فالرفاق يعلمون أنني وفيّ بكلمتي». وأضاف صدام أنه «سوف يكون في مكان آمن لن يؤذيه فيه أحد، ولكن عليه أن يبدي الطاعة».
كان صدام يضحك وهو يسرد قصة نايف وكان يرغب في إخبار المحقق بالمزيد من التفاصيل. وتذكر أنه أخبر نايف بقوله: «عندما يحييك الحراس فعليك أن تحييهم أيضا. وإذا حاولت أن تفكر في القيام بأي شيء، فتذكر أنني إلى جانبك. وعندما تذهب كسفير، فعليك أن تتصرف كسفير. وسوف نراقبك ونرى إن كنت تقوم بالتخطيط لشيء أم لا». وتذكر صدام أنه في الوقت الذي كان يغادر فيه نايف، فشلوا (أعضاء حزب البعث الجديد) في طلب تصريح من المسؤولين في المغرب بأن يكون نايف سفيرا هناك. وفي هذا الوقت، كان صدام وطلاب الثورة من الشباب لا يعرفون شيئا عن مثل هذه الأشياء. ومع صعود نايف إلى الطائرة التي تقله إلى المغرب في معسكر الرشيد (المطار العسكري) أرجع صدام مسدس نايف إليه. وكان صدام يصف المشهد وكأنه «فيلم سينمائي تماما».
وقد تم توجيه سؤال إلى صدام مفاده أنه إذا كان نايف يمثل تهديدا محتملا لحزب البعث، فلماذا تم تعيينه سفيرا. فكرر صدام قوله إنه لم يكن يريد المزيد من إراقة الدماء. وقال إنه أثناء انقلاب عام 1959 تم ربط أعضاء حزب البعث إلى سيارات وتم سحبهم في الشوارع حتى الموت. كما تم إعدام العذارى على أعمدة الإضاءة. وكان القتل يحدث في الشوارع. وعندما استولى حزب البعث على السلطة عام 1963، كان يتم إعدام الأشخاص بسبب الرغبة في الثأر. وكان صدام يكرر القول بأن رأيه في ذلك الوقت هو أنهم في حاجة إلى نسيان الماضي وعدم الأخذ بالثأر. وقال صدام: «كجزء من هذا التفكير، بدأنا بالقبض على داود ونايف واستمر ذلك. وكان داود يرغب في أن يكون سفيرا في المملكة العربية السعودية، فأرسلناه إلى هناك».
وفي بداية الستينات، كان هناك الكثير من العنف تجاه البعثيين من قبل الشيوعيين. واستمر صدام في قوله إنه عندما سيطر البعثيون على مقاليد الأمور لم يأخذوا بثأرهم من الشيوعيين أو غيرهم، أو على الأقل لم يفعلوا مثلما فعل بهم. وقال إنهم أخذوا الشيوعيين إلى المحاكم وأنه تم إعدام البعض (كانوا خمسة أو ستة أعضاء من الشيوعيين). وقال صدام إنهم أطلقوا سراح الشيوعيين والناصريين والأكراد وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين الذين تم اعتقالهم من قبل! وقال صدام إنه تم قتل نايف أمام باب منزله في لندن، وبعد ذلك تم إبعاد 13 دبلوماسيا عراقيا خارج البلاد. وعندما قيل لصدام إن بعض الأفراد يعتقدون أنه تم قتل نايف من قبل قوات الأمن العراقية، قال «إن الله قتل نايف. فقد بدأ نايف في العمل ضد البلاد. لقد ذهب إلى إيران وقابل بارزاني في شمال العراق، وحسب المعلومات التي توافرت لدينا، فقد قابل موشى ديان، (وزير الدفاع الإسرائيلي). وقد كان ينظر إلى مثل هذه التصرفات على أنها تصرفات مشينة. وبالنسبة لمن قتله، فإن ذلك أمر آخر. فالله وحده هو الذي يعلم». وعندما تم توجيه سؤال إلى صدام عما إذا كان يعلم من قتل نايف، قال «لقد قلت لك إن الله وحده هو الذي يعلم». وعندما تم الضغط عليه أكثر ليجيب عن هذا السؤال، قال «لقد قلت لك بصورة واضحة تماما». وقال صدام فيما يتعلق بمصير داود «ربما يكون ما زال حيا، لكنه لم يكن خائنا. فلم يتم تسجيل شيء ضده». وعندما سئل صدام عن تصرف الحكومة العراقية فيما يتعلق بنايف، قال صدام «لست متأكدا لكنني أعتقد أننا حذرناه. لا أتذكر». وبعد ذلك سئل صدام عما إذا كان قد ألقي القبض على نايف وسجنه ومعاقبته بدلا من نفيه، وأن بعض الأشخاص يعتقدون أنه كانت هناك أوامر بقتله. فأجاب صدام على ذلك بقوله: «ما يعتقده الناس شيء آخر، لكنني أعطيتك إجابتي».
أفاد صدام أنه بعد الثورة، تم التخلص من شخصيات هامة أخرى مثل صالح مهدي عماش وحردان التكريتي. وعندما سئل إذا ما كان التخلص منهم بسبب أنه كان ينظر إليهم على أنهم تهديد لحزب البعث، أجاب صدام بقوله إنه عندما نقارن بين الانقلاب الذي حدث في العراق وغيره من الانقلابات التي تحدث في بقية أنحاء العالم، فإننا سوف نجد أن عدد المسؤولين الذين تم التخلص منهم قليل جدا. وأفاد صدام بأنه على الرغم من أنه يمكن أن تتبدل المواقف، فإن العلاقات لا تتبدل. ومثال على ذلك، فإن ابنة عماش أصبحت عضوا في القيادة. وكان أخوه غير الشقيق برزان ثوريا وكان في الدبابة نفسها التي قادها صدام وأطلقت النار على البوابة الرئيسية للقصر الجمهوري يوم 17 يوليو (تموز). وقد تقلد عدة مناصب ولكنه لم يترق بعد ذلك. وقد أشار صدام إلى أن بعض الثوريين قد «فقدوا البنزين» في الوقت الذي استطاع فيه القليل منهم العمل لفترة أطول. وسئل صدام عن عزت إبراهيم الدوري وطارق عزيز. ووصف صدام عزيز بأنه رفيق قديم، وأنه ينظر إليه باحترام كبير في الحزب، لكنه لم يكن أحد الثوار. وقال صدام «إنني أتحدث عن سبعين شخصا ذهبوا إلى القصر الرئاسي». ووصف صدام عزت إبراهيم الدوري وطه ياسين رمضان بأنهما كانا منخرطين في الثورة منذ البداية حتى الآن. وقال إنهما تصارعا فيما بينهما لكنهما ما زالا في القيادة إلى اليوم الحالي.
ثم تحدث صدام عن موضوع سعدون شاكر الذي يعتقد بأنه صديق العمر بالنسبة إليه. وقد ساعد شاكر صدام على الهرب من السجن. وقال صدام «كان شاكر ينتظرني في السيارة عندما هربنا. في الواقع، فإننا لم نهرب. لقد كان لدينا اتفاق مع حراس آخرين». وأضاف صدام «كان شاكر هو الذي يقود السيارة. إنه عزيز جدا إلى قلبي. وعندما لم يكن لديه ما يقدمه استمرت علاقتنا واستمر حبنا. ولكن الأشخاص الجيدين يذهبون في الوقت المحتوم».
وعندما سئل عن تعليقه فيما يتصل بأن بعض الثوريين قد فقدوا البنزين في الوقت الذي استطاع فيه القليل منهم العمل لفترة أطول، أجاب صدام بأنه كان هناك نحو 6 أو 7 أفراد على هذا النحو. وعندما أشير إلى أن البعض قد يعتبر أن صدام «قد فقد البنزين» ضحك وقال «إنني لا أنزعج من الأسئلة التي تتناول الحقيقة. فأولا أنا لم أكن في الحكومة منذ البداية. فإذا كنت تتحدث عني كرئيس، فلا أحد كان يقول إنني قد فقدت البنزين. لقد بدأت عام 1979. وقبل ذلك، كان هناك شخص فوقي. والشخصان داخل القيادة اللذان كان يمكنهما أن يقولا لصدام إن الحزب لم يعد يستفيد منه، كانا حردان التكريتي وصالح عماش. وفيما يتعلق بالوقت الذي كان فيه صدام يقود الدبابة التي أطلقت النار على القصر، وقيادته لمجلس قيادة الثورة، سئل صدام عن أن «خدمتك كانت إحدى أطول الخدمات، فهل هذا صدفة؟» فأجاب صدام «ربما يمكنهم قول ذلك. لكن هذا الموضوع أعمق من التفاصيل التي تقدمها. فالقائد لا يصنعه أحد مصانع أوروبا. لكن القيادة تتطور بالتدريج. وكان ذلك هو ما يحدث خلف الستار». وكان رأي صدام في ذلك الوقت هو أنه يجب أن يكون البكر هو الرئيس. وأفاد صدام بأنه تم انتخابه كنائب لرئيس الحزب قبل الثورة. وقال صدام «إنني لا أحب الحكومة ولكني أحب أن أكون في الحزب. لاحظ خطاباتي. فأنا لا أقول الحكومة على الإطلاق ولكن أقول الحزب».
وقال صدام إنه يعتبر نفسه رجلا ثوريا وليس سياسيا. ففي عامي 1968 و1974 طلب من الحزب السماح له بالتخلي عن منصبه الرسمي. لكن الحزب رفض طلبه. وسئل صدام عن مقتل حردان التكريتي في الكويت وأن الناس تلقي باللائمة على قوات الأمن العراقية في ذلك. فقال صدام إنه لم يتم إرسال حردان إلى الكويت وأنه كان يعتقد أنه تم تعيين حردان كسفير في مكان آخر ربما يكون إسبانيا. وعلى أية حال، فقد أنكر صدام معرفة السبب وراء مقتل حردان ولم يقر بأن قوات الأمن هي التي قتلته. وسئل صدام عن القادة العراقيين الذين قتلوا في أماكن أخرى من العالم. وسأله المحقق عما إذا كان هؤلاء القادة يشكلون تهديدا أم أن ذلك القتل لم يكن مبررا، وما إذا كان وراءه سبب ما، أم أنه يجد الأمر غريبا؟ فأجاب صدام بقوله «يجب توجيه السؤال إلى الكويتيين».
* صدام: البكر حكم حتى عام 1979 لكنه لم يسمَّ ديكتاتورا وعندما حكمت أنا سميت ديكتاتورا
* قال إن غالبية أعضاء البعث عام 1963 كانوا من الشيعة.. وأمينه العام في 1964 كان كرديا
* محضر جلسة الاستجواب السادسة 16 فبراير (شباط) 2004
* في بداية التحقيق أحيط صدام حسين علما بأن جلسة اليوم ستكون استمرارا لمناقشات أمس بشأن السنوات التي أعقبت ثورة 1968، والأعضاء البارزين في حزب البعث.
ذكر المحقق لصدام أنه أدرك أن محاولة الانقلاب التي وقعت عام 1973 نفذها ناظم كزار مساعد صدام، مدير الأمن العام لحزب البعث، وهو شيعي من مدينة العمارة. وقال صدام في ذلك الوقت إنه لم يكن هناك تمييز بين سني وشيعي أو مسيحي داخل الحزب. وأشار، كمثال على ذلك، أنه لم يكن يعلم حتى وقت قريب أن أحد قادة البعث، وهو طارق عزيز، كان مسيحيا، فقد كان الحزب ناجحا لأنه ارتبط بالشعب، ومن ثم لم تكن هناك تفرقة بين أفراده على أساس الدين أو العرق.
وأشار صدام إلى أن قادة الحزب من السُنة في الفترة بين عامي 1958 و1963 كانوا قليلين جدا، وأن الأمين العام للحزب كان شيعيا من مدينة الناصرية. وزعم صدام أنه عندما حاول اغتيال الرئيس عبد الكريم قاسم عام 1959 لم يكن يعلم أي شيء عن السنة أو الشيعة، وأن غالبية أعضاء الحزب عام 1963، باستثناء فردين أو ثلاثة، كانوا من الشيعة. في أعقاب الثورة بدأ الناس في التساؤل، أي الأعضاء سني وأيهم شيعي. حينئذ كان من الصعب التمييز بينهم لأنهم كانوا ممتزجين معا، بيد أنه بحلول عام 1968 كان كل أعضاء الحزب تقريبا من السنة، لأن الحزب كان يعمل قبل ذلك بصورة سرية، وأن القليلين منهم كانوا يعرفون أو يهتمون بشأن ديانة الآخر، بيد أنه في أعقاب الثورة بدأ الناس في الحكومة يتحدثون بصورة أكبر عن ذلك الأمر، وأبدى الكثيرون منهم اهتمامهم بضرورة أن تكون الترقيات أو التجريد من المناصب بناء على الطائفة وانتماء الفرد الديني. وقال صدام «قد يثير دهشتك أن تعرف أن الأمين العام للحزب عام 1964 كان كرديا».
وعندما سئل صدام حسين عن فكرة أن ناظم كزار كان الذراع اليمنى له في ذلك الوقت وفجأة اعتبر بمثابة تهديد للاستيلاء على السلطة من الرئيس البكر، فند صدام هذا التشخيص بالقول إنه لم يكن رجله في الحكومة، وأن كل فرد كان يضطلع بواجبات ومسؤوليات. وأضاف أنه على الرغم من أن كزار لم يكن ثوريا أو من بين السبعين الذين استولوا على القصر الرئاسي فإنه كان عضوا جيدا في الحزب وكان قاسيا عندما كان في السجن.
لم يكن كزار مقتنعا بأن الجيش سيكون مفيدا لحزب البعث، وقد تأثر بأفكار الأعضاء الذين انشقوا واعتنقوا الفلسفة الاشتراكية الشيوعية، واعتبر كزار أفراد القوات المسلحة من الحزب طرازا قديما وعبئا، لكنه ـ على الرغم من وجهة نظره تلك ـ قرر الاستمرار تحت لواء الحزب، ولا توجد لدى صدام معلومات حول ما إذا كان كزار قد التقى أحدا من المسؤولين في إيران. وروى أنه بعد فشل انقلاب كزار هرب إلى إيران لكنه اعتقل قبل الوصول إلى الحدود. وأشار صدام إلى أنه لا يرغب في الإساءة إليه، وأنه عندما ألقى كزار القبض على حماد شهاب وزير الدفاع، وسعدون غيدان وزير الداخلية بسهولة لم يتطلب الأمر إعداد خطة كبيرة. وخلال المناقشة بشأن كزار، خرج صدام عن الموضوع ووصف تلك الفترة بأنها الأفضل في تاريخ العراق فقال: «أممنا النفط وسوينا النزاعات النفطية مع شركات النفط، واستثمرنا أموالا في مدينة الثورة، التي سميت فيما بعد باسم مدينة صدام».

وبحسب ما ذكره صدام فإن سيكولوجية حزب البعث حينئذ كانت تتجه نحو تجنيد الشباب في بداية مراحلهم الدراسية في التعليم الأساسي والثانوي، ونادرا ما كان يعمد الحزب إلى تجنيد الشباب في المرحلة الجامعية. وكانت فلسفتهم تتلخص في أنهم يرغبون في الحصول على عنصر يستطيعون تشكيله لكي ينمو داخل الحزب. وخلال فترة الخمسينات والستينات قبل الحزب بصورة أولية الشباب وبعض كبار السن، وأوكلت إلى بعض أعضاء الحزب مهمة التيقن من ولاء بعض الضباط الجدد لحزب البعث. ذكر المحقق لصدام أن كثيرا من الأشخاص يعتقدون أن خطة كزار لقتل الرئيس البكر فشلت بعد أن علم كزار أن طائرة الرئيس تأخرت، ومن ثم افترض، خطأ، أن مؤامرته انكشفت. وأكمل المحقق كلامه بالقول إن كزار اختطف بعد ذلك الوزيرين شهاب وغيدان كرهائن وفر إلى الحدود الإيرانية حيث أسر من قبل صدام. ورد صدام بالقول: «معلوماتك ليست دقيقة، فبحسب معلوماتي لم تتأخر طائرة الرئيس البكر، وكان حراسه ينتظرون وصوله». كان صدام بانتظار البكر في المطار، وبعد وصوله اصطحبه إلى القصر الرئاسي حيث شربا الشاي معا، ثم استأذن صدام لكي يتمكن البكر من زيارة أسرته، ثم تجول صدام مع فريقه المعاون له في بغداد، وخلال جولتهم سمعوا إعلانا على لاسلكي الشرطة بأن انقلابا نفذه الوزيران شهاب وغيدان.
ونظرا لخطورة الأمر أنزل صدام قائد سيارته وقاد هو السيارة بنفسه إلى محل إقامته، الذي يقع بالقرب من القصر الرئاسي. بالقرب من بوابة مقر إقامته اتصل صدام بالبكر ـ هاتفيا ـ الذي طلب معرفة مكان صدام لأن لديه أمرا هاما يريد أن يخبره به، وأجابه صدام بأنه قريب منه، وأنه سمع الأخبار. وأخبر البكر صدام أن الوزيرين شهاب وغيدان حاولا القيام بانقلاب قائلا إنه حاول الاتصال بالوزير شهاب لكنه لم يتلق إجابة. وقال صدام للبكر إن لديه حدسا بأن كزار هو من قام بذلك، لا الوزيران، وطلب صدام من البكر أن يستدعي الفرقة العسكرية، وأن يستعد للسعي وراء كزار «للإمساك به قبل عبوره إلى الحدود الإيرانية».
كانت توجد بالقرب من الحدود العراقية الإيرانية بعض القبائل، حيث اعتاد صدام وسعدون شاكر القيام برحلات صيد هناك، وبعد الثورة قام صدام بمنح تلك القبائل عددا من البنادق، وتم بث بيان في الراديو لاعتقال كزار وإعلام أقرب وحدة بعثية. ورأى أفراد من إحدى تلك القبائل، ممن علموا بالنبأ عن طريق الراديو، سيارة كزار وأحاطوا بها ثم اعتقلوه، وأرسلت مروحية عمليات خاصة للقبض على كزار والعودة به إلى بغداد.
بعد أن اتضحت الصورة للبكر أجهش بالبكاء وجمع متعلقاته وغادر قصره إلى محل إقامة صدام. وبحسب ما ذكره صدام قال البكر إنه لا يرغب في أن يكون رئيسا، وطلب من صدام أن يكون في الحكومة حتى يتمكن من الخروج، وزعم صدام أنه ألقى بيانا مشابها لذلك الذي صرح به البكر يعرب فيه عن رغبته في ترك الحكومة.
في أعقاب ذلك طالب صدام العاملين بعدم إزعاج البكر، وأن يتركوه يقيم في منزله، ثم بدأ صدام بعد ذلك بالقبض على المتآمرين المزعومين في هذا الانقلاب، واتصل بالبكر ليعمله بأن بعض المتآمرين كانوا من قيادات حزب البعث، ثم بدأ صدام في تنظيم لقاء بينه وبين البكر وقيادات حزب البعث المركزية والقطرية.
وسئل صدام حول كيفية علمه بأن كزار سيهرب إلى إيران، رد بأنه عندما بُث الإعلان في الراديو للبحث عن كزار بدأ الأهالي في الإبلاغ عن رؤيته، وتدريجيا كانت تلك الاتصالات المتتالية هي ما أدت إلى الاعتقاد بأن وجهته إيران. وعندما سئل صدام عما إذا كان كزار قد طلب لقاء الرئيس البكر، وأن الأخير رفض، قال صدام «من الواضح أن سيارة كزار تعطلت في الوحل وعندما طلب مساعدة الفلاحين المحليين طلبوا المساعدة، في ذلك الوقت أطلق كزار النار على شهاب وغيدان، ونجا شهاب الذي تظاهر بالموت».
كما سئل صدام عما إذا كان كزار قد اتصل بالرئيس البكر للتفاوض على إطلاق سراح الرهائن واختياره منزل عبد الخالق السامرائي كمكان للقاء. أنكر صدام ذلك قائلا «كان هناك بيان على موجة الطوارئ اللاسلكية بوجود محاولة انقلابية وضرورة اجتماع كل قادة الحزب في منزل عبد الخالق السامرائي». لم يعلم صدام السر وراء اختيار ذلك المنزل تحديدا في تلك الفترة، ولكن ثارت لديه شكوك بأنه تمت دعوة أعضاء الحزب إلى مكان واحد ليتم القبض عليهم. وعندما سئل عما إذا كان السامرائي مشتركا في الانقلاب نظرا لاختيار منزله كمكان للاجتماع رد صدام بأن «لجنة كان تبحث في ذلك»، ولا يتذكر صدام الشخص الذي ترأس اللجنة التي ضمت بين أفرادها عزة إبراهيم الدوري قائلا «أنا لا أريد ارتكاب أي أخطاء في التفاصيل بشأن شيء لست متأكدا منه مائة في المائة».
أقر صدام بأن السامرائي كان عضوا في الحزب منذ عام 1968. وعندما سئل عما إذا كان السامرائي قد تحدث بصورة علنية حول بعض القضايا، قال صدام «تحدث البعثيون بحرية»، وأضاف إنه «لا يزال هناك بعض أفراد حزب البعث على قيد الحياة، وأن المحققين تحدثوا معهم». وعندما سئل صدام عما إذا كان مندهشا من الادعاءات في حق السامرائي أجاب «عندما نوكل إلى فرد ما في الحزب مهمة القيام بشيء ما فنحن نثق فيه، وتلك الأمور وأخرى غيرها تحدث في الثورات». وقال صدام «سواء كنت الشخص الأول أم الثاني فقد كانت كل التساؤلات تعود إلي، وأنا لا أخشى من تحمل المسؤولية أمام القانون أو الناس. يجب ألا تضعوا اللوم على القيادة وحسب، ولكن على الأشخاص الذين تآمروا مثل السامرائي»، وأضاف صدام «أود منكم أن تتفهموا الموقف بوضوح، فقد تحدثنا أمس عن حقيقة أن نايف وحردان قتلا في الخارج ولم يقتل إبراهيم داوود، وإذا ما كانت الحكومة العراقية متهمة بقتلهم، فلماذا لم تقتل داوود؟» وأشار بالقول «على ما أذكر، حكم البكر حتى عام 1979 لكنه لم يسمَّ ديكتاتورا، لكني بعد أن حكمت سميت ديكتاتورا». ثم تساءل صدام «من الذي قتل أو اغتيل داخل أو خارج العراق بعد عام 1979؟ ومن أُعدم من الوزراء أو خارج القيادة بعد عام 1979؟».
في أعقاب تلك الأسئلة قال المحقق إن هذه الأسئلة لا إجابة لها، وأنها بحاجة إلى توضيح من أجل التاريخ، فقال صدام: «لن يكفي أن تسألني، يجب أن تسأل القيادة، وأنصحك بأن تسأل الآخرين»، حيث أعرب أنه لا يخشى من الإجابة عن الأسئلة. وقال المحقق لصدام إنه يجيب عن الأسئلة للسبب نفسه الذي سئلت من أجله، وهو من أجل التاريخ. ورد صدام «في بعض الأحيان تراني غاضبا لأن هناك بعض الأمور الغامضة. لقد مررنا خلال تلك الفترة بأوقات طيبة وأوقات أخرى مريرة، ثم ضحك، وقال إن السامرائي كان يؤدي واجبه، وكنا نمزح معه، وقد ارتكب أخطاء ثم مضينا. وأتمنى أن تكون عادلا في كتابتك للتاريخ». قال المحقق لصدام حسين «ربما لحسن الحظ، أو لسوء الحظ، سيكون لي تأثير رئيس على تاريخك». وافق صدام على ما ذكره المحقق وقال «لا يستطيع أحد أن يقول إنني لست متحيزا، فالناس يعتقدون فيما يرغبون، ولكل فرد قناعته الخاصة، فالناس ليسوا أجهزة حاسبات، فكلنا لحم ودم».
* صدام: تولي القيادة من أصعب المهام في الحياة.. ولا أريد مقارنتي بعبد الناصر أو العراق بمصر
* نفى علمه بمن قتل عبد الكريم الشيخلي.. وقال إن سعدون شاكر كان أقرب الناس إليه بعد 1968
* محضر جلسة الاستجواب السابعة 18 فبراير (شباط) 2004
* قبل بدء المقابلة، تم إخطار صدام بأن هذه الجلسة ستمثل استمرارا للجلستين السابقتين. ومن بين الموضوعات التي من المقرر تناولها قضية سعدون شاكر. اعترف صدام بأن شاكر يعد مثالا على عضو في حزب «البعث» «وزع قدراته». ومع ذلك، أضاف أنه ظل على اتصال به بعد خروجه من الخدمة. التقى صدام شاكر للمرة الأولى في سجن التاجي، بالقرب من بغداد. كان حكم قد صدر بالسجن ضد كل من صدام وشاكر في أعقاب التغيير الحكومي أواخر عام 1963، عندما أطاح انقلاب عسكري بقيادة عبد السلام عارف بالحكومة التي شكلها حزب «البعث». خلال عامي 1965 و1966، تم نقل صدام وشاكر إلى سجن آخر بالقرب من بغداد. وبعد فترة، أطلق سراح شاكر، لكنه حرص على زيارة صدام في السجن باستمرار. خلال تلك الفترة استمرت وتوطدت عرى الصداقة بينهما. في نهاية الأمر، تمكن صدام وعبد الكريم الشيخلي من الفرار من السجن بمساعدة شاكر، الذي تولى قيادة السيارة التي استخدماها في الهرب. بعد الفرار من السجن، كان شاكر لا يزال عضوا في حزب «البعث»، وعمل في إطار هذا الدور. خلال تلك الفترة، استمر صدام في علاقته الودية مع شاكر. ووصف صدام شاكر بأنه شخص جدير بالثقة تماما، مضيفا أنه اعتبره صديقا له ولأبنائه. جدير بالذكر أن شاكر أحد «الثوريين» الأصليين السبعين الذين ظهروا عام 1968.
عند سؤاله عن المناصب التي تقلدها شاكر داخل الحزب، أجاب صدام بأنه، مثلما الحال مع أي قائد آخر، كان شاكر يقبل بأي مهمة توكل إليه. وعجز صدام عن تذكر أي من هذه الأدوار، معلنا أن هذا الأمر لا أهمية له. وأضاف أن شاكر كان صديقه، وهذا هو المهم في الأمر. واقترح صدام ضرورة أن يسأل المحقق شاكر للتأكد من صحة هذه المعلومات.
فيما يتعلق بما إذا كان شاكر تولى منصب مدير جهاز الاستخبارات العراقي، أجاب صدام بأنه من المعروف أنه تقلد هذا المنصب. وأعرب المحقق عن اعتقاده بأنه من الضروري تحلي أي شخص يتولى مسؤولية هيئة مثل الاستخبارات بمؤهلات وقدرات معينة قبل تقليده مثل هذا المنصب. ورد صدام على ذلك بالقول «كنا جميعا شبابا ثوريين». وعليه، افتقروا إلى الخبرة اللازمة واكتسبوها «أثناء العمل». واستطرد صدام بأنه فيما يخص الأمور الإدارية، فإنهم تعلموا تناولها من داخل الحزب. وأكد صدام أن تولي القيادة من أصعب المهام في الحياة. وأعرب عن وجهة نظره بأن أي شخص باستطاعته قيادة أعضاء الحزب والجماهير سيتميز بالكفاءة في المنصب المخول إليه. وأضاف أن أعضاء الحزب خاضوا «محاولات»، بعضها نجح والآخر فشل. وقد استمر أعضاء الحزب في مناصبهم حتى اللحظة التي فاقت فيها مسؤوليات مناصبهم قدراتهم الفردية. عند هذه النقطة كان يتم استبدالهم. بالنسبة لأعضاء الحزب ذوي الخلفيات العسكرية، نوه صدام بأن تلك الخبرة العسكرية كانت محدودة ولم تترجم بالضرورة إلى عنصر مفيد في إدارة الشؤون الحكومية. إلى جانب ذلك، اعترف صدام بأن شاكر عمل مديرا للاستخبارات العراقية في مرحلة مهمة من عمر الثورة. إلا أنه استطرد مشددا على أن تاريخ الثورة بأكمله مهم. وقال إن شاكر ربما عمل في أكثر الفترات الحرجة. وأضاف «تزداد المصاعب مع ازدياد حجم المنصب». بعد ذلك، تحولت المقابلة إلى الحديث عن عبد الكريم الشيخلي. في هذا الصدد، اعترف صدام بأن الشيخلي كان رفيقا ثوريا وصديقا. وشارك الشيخلي وصدام في محاولة اغتيال ضد الرئيس العراقي عبد الكريم قاسم عام 1959. في أعقاب ذلك، فر كلاهما من العراق إلى العاصمة السورية، دمشق. وهناك، تعمقت صداقتهما. وحتى بعد الرحيل عن سورية، استمرت صداقتهما بعد انتقالهما معا إلى القاهرة. في أعقاب الثورة البعثية الأولى عام 1963، عاد صدام والشيخلي معا إلى العراق. ولدى عودتهما، عمل صدام مع المزارعين، بينما عمل الشيخلي في التحقيقات في «قصر النهاية». ولاحقا، تم تعيين الشيخلي ملحقا عسكريا في السفارة العراقية بلبنان. لدى الإطاحة بالحكومة البعثية على يد عارف في أواخر عام 1963، عمد صدام والشيخلي إلى «التخفي». وبقيا «متخفيين» حتى اندلاع ثورة يوليو (تموز) 1968 في العراق واستعادة حزب «البعث» السلطة. بعد ذلك، عمل صدام والشيخلي في قيادة الحزب معا حتى عام 1971. وعلق صدام بأن الشيخلي تمتع بعقلية رائعة، لكنه عجز عن التركيز على المنصب الذي يتولاه. وطبقا لما قاله صدام، فإن الشيخلي أبدى ميلا لـ«التمتع بحياته والترفيه عن نفسه». وقد أطلع صدام الشيخلي على وجهة نظر الحزب تجاهه. وفي وقت لاحق، صوتت غالبية أعضاء قيادة الحزب لصالح عزل الشيخلي عن منصبه. وعام 1980، قتل الشيخلي في بغداد. من جهته، أوضح المحقق أن صدام أغفل بعض تفاصيل علاقته بالشيخلي، بما في ذلك مسألة أن كليهما تعرض للسجن خلال الفترة ذاتها في أعقاب الإطاحة بحكومة حزب «البعث» عام 1963، مما خلق صداقة بينهما. ونوه المحقق أيضا بأن الشيخلي أنقذ حياة صدام في إحدى المرات، حسبما يسود الاعتقاد. أجاب صدام متسائلا «بأية صورة؟» وعليه، شرع المحقق في سرد تفاصيل حادثة وقعت خلال سنوات «التخفي» لأعضاء حزب «البعث» بين عامي 1963 و1968. وطبقا لما قاله المحقق، فإن صدام كان ذات يوم في شقة الشيخلي في وقت متأخر من الليل. ثم قرر مغادرة الشقة والمبيت في موقع يستخدم في تخزين أسلحة الحزب. إلا أن الشيخلي نجح في إقناعه بالبقاء مكانه. وفي وقت لاحق من الليلة ذاتها، أغارت قوات الشرطة على مخزن الأسلحة. ويعتقد البعض أن صدام ربما كان سيلقى حتفه حال وجوده بالمكان، أو على الأقل، يتم إلقاء القبض عليه. من ناحيته، اعترف صدام بصحة هذه القصة ودور الشيخلي فيها. إلا أنه أكد أن الشرطة لم يكن بمقدورها قتله أو إلقاء القبض عليه. في صباح اليوم التالي، توجه صدام في سيارة يقودها الشيخلي إلى موقع تخزين الأسلحة. ولدى وصوله، صوب ضابط شرطة سلاحه إلى صدام أثناء ضغطه على جرس باب المنزل، في الوقت الذي فر فيه الشيخلي بالسيارة. وأوضح صدام أنه رغم شجاعة الشيخلي، فإن الناس يميلون لإصدار ردود أفعال متباينة في المواقف المختلفة. آنذاك، لم يكن صدام معروفا على مستوى واسع، ولم يكن بمقدور معظم الناس التعرف عليه. وعليه، لم يتعرف ضابط الشرطة على هويته الحقيقية. وتظاهر صدام بجهله بحقيقة المكان، وسأل ما إذا كان هذا «منزل محمد». ولم يساور صدام الخوف من التعرض للقتل أو إطلاق النار عليه، لأن الشرطة العراقية لا تقدم بسهولة على قتل الأفراد، إلا إذا تعرضت أرواح أبنائها للخطر. علاوة على ذلك، فإن العراقيين بوجه عام «يعلمون بعضهم البعض»، وهناك قدر كبير من النفوذ القبلي، بمعنى أنه حتى إذا أجاز القانون مثل هذا التصرف، ستسعى القبائل للثأر. ومضى صدام في سرد قصته قائلا إنه باغت رجل الشرطة بسحب مسدس كان يخفيه تحت ملابسه وإلقائه سلاح الشرطي جانبا. وأمر صدام الشرطي بوضع يديه على سيارة الأول، التي تركها مسبقا في المكان وربما كانت السبب في اكتشاف وجود المنزل. لم يرغب صدام في قتل الشرطي، لكنه قرر إطلاق عيار ناري في الهواء بجانب رأسه. لكن السلاح لم ينطلق على النحو المناسب، وأعاد صدام حشو السلاح. ثم أخبر الشرطي بأنه سيطلق عيارا ناريا آخر فوق رأسه، وإذا تحرك سيطلق آخر في جسده. وبالفعل، أطلق عيارا ناريا فوق رأس الشرطي، الذي «أصبح كالكلب». ثم تأزم الموقف نظرا لإلقاء الشرطة القبض على بعض «رفقاء» صدام داخل المنزل. ونمت أصوات ما يدور بالخارج إلى مسامع هؤلاء «الرفقاء» وأخبروا قوات الشرطة بأن رفيقهم صدام أتى برفقة مجموعة كبيرة ستقضي عليهم جميعا. في الوقت ذاته، عاد أحد الرجال ممن كانوا مع الشيخلي في السيارة إلى المنزل حاملا سلاحا آليا. وعليه، أذعنت الشرطة لـ«الرفقاء» الموجودين بالمنزل، وطلبت مساعدتهم في النجاة من صدام ورجاله. بعد ذلك، تمت تسوية الموقف دون إراقة دماء. واختتم صدام هذا الجزء من النقاش بتأكيده على أن فترة «التخفي» تحمل الكثير من القصص، جميعها أشبه بـ«مشاهد الأفلام». ولدى إخباره بأن الشيخلي جرى وصفه، مثلما الحال مع صدام، كعضو بارز ومشهور في الحزب، رد صدام بأنه ليست هناك حاجة ولا أهمية لمقارنة فرد بآخر. وأشار إلى أن كل امرئ يختلف عن الآخر، دون أن يكون أحد أفضل من الآخر. وأقر صدام بأن الشيخلي عمل وزيرا للخارجية حتى عام 1971، عندما عزلته القيادة من منصبه. وأكد صدام أن عزل أي شخص من منصبه يتطلب صدور قرار من القيادة. ورغم أن القرار قد لا يحظى بالإجماع، يبقى من الضروري موافقة الأغلبية عليه. من وجهة نظر صدام، كان باستطاعة الشيخلي الاستمرار في خدمة الحكومة والحزب. في ذلك الوقت، كان صدام يرى إمكانية توجيه «النقد» إلى الشيخلي ومنحه فرصة تقويم سلوكه. وشدد على أن الشيخلي لم يكن ليتم انتخابه عضوا في الحزب قط دون مساعدته له. وبسبب افتقاد الشيخلي التركيز على عمله وفشله في تقبل النقد، لم تعد قياد الحزب «مقتنعة به» وقررت عزله. وفيما يتعلق بما إذا كان جرى النظر إلى الشيخلي باعتباره خليفة محتملا للرئيس بكر، أبدى صدام معارضته هذا الرأي، قائلا إن الجملة تنطوي على قوة بالغة. وعلق بأن الأمر يبدو وكأن المحقق يلمح إلى أنه تخلص من أعضاء قيادة الحزب ممن اعتبرهم تهديدا لمكانته في القيادة. وأوضح صدام أنه منذ فترة التخفي والهرب، بات زمام القيادة بيده بالفعل. خلال فترة وجوده في السجن، بعثت قيادة حزب «البعث» خطابا إلى صدام تخطره بإصدارها توصية بتعيينه عضوا في اللجنة المركزية للحزب. ورد صدام على الخطاب متسائلا «وما جدواي وأنا في السجن؟»، وطلب من مسؤولي الحزب تعيين شخص آخر في هذا المنصب، إلا أنهم لم يقبلوا ذلك. بعد ذلك، عمل صدام وبكر كعضوين في اللجنة المركزية، وهي كيان يعد أعلى من اللجنة الإقليمية وجميع الهياكل الأخرى داخل الحزب. عمل بكر أمينا عاما، بينما تولى صدام منصب نائب الأمين العام خلال فترة «تخفيه». وعلق صدام بأنه من المثير للحرج أن يتحدث المرء عن المناصب التي تقلدها. وأضاف أن مكانته داخل حزب «البعث» كانت معروفة للجميع، حتى قبل الثورة. وأكد أن كل من جرى تكليفهم بمناصب في الحزب، من الموتى أو الأحياء اليوم، كانوا جديرين بها. وقال صدام «من الصعب أن أتحدث عن نفسي». داخل الحزب، لا يروق للأعضاء الحديث عن أنفسهم. كما أوصى صدام بألا يتحدث الأعضاء عن أنفسهم. من ناحيته، أشار المحقق إلى أنه يسود اعتقاد، داخل وخارج العراق، بأنه تم القضاء على منافسي صدام المحتملين داخل الحزب خلال الفترة بين ثورة 1968 وتولي صدام الرئاسة عام 1979. في المقابل، نفى صدام أن تصدر هذه الادعاءات عمن يعيشون في العراق، أو أن يصدقوها. ونوه بأن هذه الادعاءات ربما صدرت من خارج العراق. طبقا لما قاله صدام، فإن هذه الأقاويل تشكل وجهة نظر من قالوها، ولا تعكس الحقيقة بالضرورة. بغض النظر عن هذه المعلومات، قال صدام إن أي دراسة لمثل هذا القول ينبغي أن تتم على نحو منطقي، مؤكدا أن التاريخ يعج بالكثير من الأمثلة من مختلف أرجاء العالم لعمليات صعود مشابهة إلى السلطة في أعقاب اندلاع ثورات. على سبيل المثال، في مصر، كان جمال عبد الناصر وأنور السادات الوحيدين اللذين «بقيا» مع الثورة، مع تولي عبد الناصر الرئاسة في نهاية الأمر. وفي فرنسا، أصبح جندي (نابليون بونابرت) قائد البلاد بعد الثورة الفرنسية، بينما تخلى آخرون عن الأمر. كما يعج التاريخ الأميركي بأمثلة على هذه الظاهرة. ومن وجهة نظر صدام، فإن تلك هي «الأساليب الثورية». وأعرب صدام عن اعتقاده بأن الثورات السابقة، مثل الثورة الفرنسية، اندلعت في فترات مأساوية مقارنة بعصرنا الحالي. وأشار إلى أن الثورات خطوة جديدة في الحكم، وليست «سبيلا ليبراليا» يجرى من خلاله اختيار شخص وإعداده لتولي القيادة. إن الثورات تأتي من الشعب. تضمنت ثورة عام 1968 في العراق سبعين «ثوريا»، بقي منهم في الحكومة أو الحزب عدد ضئيل للغاية بعد الثورة. وتم تعيين بعضهم في مناصب أبلوا فيها بلاء حسنا، بينما عجز آخرون عن ذلك. ولم يملك جميعهم القدرات اللازمة للقيادة والعمل المهني. وعليه، استمر بعضهم في الخدمة، بينما تساقط آخرون بمرور الوقت. إلا أن صدام أكد أنهم جميعا كانوا خدما للشعب. وعند سؤاله عما إذا كان يعتقد أن عبد الناصر تحول إلى حاكم مستبد، أبدى صدام معارضته هذا الرأي. وبناء على طلب من المحقق بوضع تعريف لمفهوم الحكم الاستبدادي، أجاب صدام بأنه نمط من الحكومة يحكم من خلاله شخص واحد بمفرده، دون برلمان أو مجلس أو لجنة. ورأى صدام أن هذا التوصيف لا ينطبق على حكم عبد الناصر، مشيرا إلى أن عبد الناصر كان في عهده برلمان. لكنه استطرد بأنه من المتعذر إقامة برلمان خلال الفترة الأولى من عمر ثورة ما، وعادة ما يتم إنشاء مجلس ثوري في بداية الأمر، ثم يعقبه في وقت لاحق إقامة برلمان أو لجنة شعبية. وأعرب صدام عن رغبته في عدم عقد مقارنة العراق وثورته عام 1968 بمصر وعبد الناصر. وقال إن عبد الناصر كان شخصا عسكريا لا ينتمي إلى حزب سياسي. أما في العراق، فكان «البعث» حزبا يضم هيكله عناصر متنوعة بين خلايا داخل القرى وصولا إلى القيادة، وكان هناك برلمان منتخب من الشعب.
وسئل صدام حول ما إذا كانت صداقته بالشيخلي استمرت بعد رحيل الأخير عن الحزب، فأجاب بأن أصدقاءه كانوا من بين من يلقاهم بصورة منتظمة داخل القيادة، وأنه لم يكن لديه أي أصدقاء من خارج الحزب والقيادة. وقال إن الصداقة الحقيقية لها «التزاماتها». وقال صدام إن شاكر كان الشخص الأقرب إليه بعد ثورة عام 1968. ومتى كان صدام بحاجة لمناقشة أمر ما، كان يرسل في طلب شاكر، وكانا يتناولان الغداء معا ويتناقشان. وأضاف صدام أنه لا يتذكر عدد المرات التي التقى خلالها شاكر بعد تركه الخدمة الحكومية. وبالنسبة للشيخلي، قال صدام إنه «أبقى على علاقات طيبة» مع نجليه قصي وعدي. وفيما يخص الشيخلي والفترة التي أعقبت رحيله عن العمل الحكومي، أكد صدام أن مشاعر الصداقة بينهما ظلت دون تغيير، لكن مقابلاتهما تضاءلت. ونظرا لضغوط العمل، لم يتسن لصدام الوقت الكافي للالتقاء بمن خارج دائرة العمل أو الحزب أو القيادة. ولدى سؤاله حول ما إذا كان حمل بداخله مشاعر خاصة تجاه الشيخلي، الذي قتل بإطلاق النار عليه في بغداد عام 1980، رد صدام بالإيجاب. وسئل حول ما إذا كان تم إلقاء القبض على قتلة الشيخلي، فأجاب صدام «لا أعتقد ذلك». واستطرد موضحا أن تحقيقا أجري بهذا الشأن، لكن بقي لغز الجريمة دون حل. ونوه صدام بأنه لا يتم حل جميع الجرائم في باقي أنحاء العالم، مثل أميركا وفرنسا وإيطاليا. وفي سؤال له حول ما إذا كان من غير المعتاد أن تبقى جريمة مقتل وزير حكومي وثوري سابق وصديق سابق لرئيس العراق دون حل، رد صدام «ما الذي تبغي قوله. لماذا تتعمد الالتفاف حول هذا الموضوع؟». وأضاف أن هناك آخرين مقربين منه داخل القيادة استُهدفوا في محاولات اغتيال، بينهم طارق عزيز وعدي حسين وغيرهما. ولا يزال لغز هذه الجرائم قائما أيضا. وأكد أن ذلك يحدث في العراق، تماما كما يحدث في أي مكان آخر من العالم. واختتم صدام هذا الجزء من المناقشة باعترافه بأن البعض قد يزعمون أن الشيخلي قتل على يد الحكومة العراقية. وأضاف: ربما يزعم البعض أي شيء، ومن المنطقي أن من يزعمون ذلك ربما يكونون هم أنفسهم من ادعوا أن الشيخلي كان من الممكن أن يتولى الرئاسة.


http://www.aawsat.com/details.asp?section=1&issueno=11177&article=526145


RE: «الشرق الأوسط» تنشر محاضر استجواب المباحث الأميركية لصدام - ابن نجد - 07-06-2009

صدام: عارضت غزو الكويت.. لكن لم يكن هناك حل آخر


GMT 7:00:00 2009 الإثنين 6 يوليو

الشرق الاوسط اللندنية



قال في محاضر استجواب تنشرها «الشرق الأوسط»: حذرتهم من أنني سأجعل دينارهم يساوي 10 فلوس

لندن: «الشرق الأوسط»

يكشف الرئيس العراقي السابق صدام حسين الذي أعدم نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2006 في وثائق سرية، أفرج عنها الأرشيف القومي الأميركي الأربعاء الماضي، خفايا كثيرة عن حروبه وأيامه الأخيرة في الحكم وحتى اعتقاله وظروفه في السجن. والوثائق التي تواصل «الشرق الأوسط» نشرها عبارة عن محاضر 20 استجوابا رسميا وخمس محادثات عادية أجراها جورج بيرو، وهو محقق من مكتب المباحث الفيدرالية الأميركية «إف بي آي»، للرئيس السابق ما بين 7 فبراير (شباط) و28 يونيو (حزيران) 2004. وفي الحلقات اليوم يتحدث صدام حسين عن فترة توليه الرئاسة من سلفه الرئيس أحمد حسن البكر. قائلا إنه كان يشعر بأنه قريب منه، وأن اختياره ليكون رئيسا جاء بطلب منه فيما يشبه الاجتماع العائلي. وقال إن الرئيس البكر كان يعاني من مشاكل صحية بداية عام 1973، من بينها بعض المشاكل في القلب. وعلى الرغم من ذلك، بذل الرئيس البكر وسعه لتأدية مهامه بأفضل ما يستطيع. ومن حين لآخر، كان البكر يقول لصدام إنه يجب أن يتقاعد وإنه لم يعد يستطيع القيام بمهامه كرئيس. وكان صدام يريد أن يبقى البكر رئيسا لأطول فترة ممكنة، ووصفه بأنه «شخص لطيف». لكن في عام 1979 اتصل البكر بصدام وطلب مقابلته في مكتبه داخل القصر الرئاسي. وفي هذا الاجتماع، قال البكر لصدام إنه لم يعد يريد أن يبقى رئيسا ولا يشعر بأنه يستطيع ذلك، وطلب البكر من صدام أن يتولى مهامه. وتحدث صدام عن غزوه للكويت، وأفاد بأنه بعد الحرب مع إيران بين عامي 1980 و1988 كان العراق يحاول إعادة بناء نفسه. وشبه صدام الموقف مع الكويت بما يحدث عندما يتشاجر أحد الأشخاص مع شخص آخر. فبعد الشجار يذهب كل طرف إلى سبيله. ولذا، فقد كان أحد الطرفين اللذين كان بينهما شجار في الماضي يرغب في القتال، وكذلك كان الطرف الآخر. فلم يكن هناك مفر من القتال مرة أخرى. وقال إنه حذر الكويت مرارا من أنها إذا لم تكف عن التدخل في شؤون العراق سيجعل دينارها يساوي 10 فلسات. وقال صدام إنه عندما تمت مواجهة الكويت بالحقائق الخاصة بسرقة النفط العراقي باستخدام الحفر العميق، اعترفوا بأنهم أخذوا «مليارين ونصف المليار برميل فقط»، وقد ذكروا هذه الحقيقة وكأنها شيء لا أهمية له. وأفاد صدام بأنه قبل غزو الكويت، كان هناك اجتماع لمجلس قيادة الثورة العراقي، حيث تمت مناقشة الموضوع. وقال إنه ربما عارض عضو أو اثنان فكرة الغزو، لكنه لم يتذكر هذين العضوين على وجه الخصوص. ولم يتذكر إذا كانت الأغلبية أو جميع أعضاء مجلس قيادة الثورة قد وافقوا على اتخاذ عمل عسكري. وأفاد صدام بقوله: «لقد كنت ضد الهجوم إذا كان هناك حل آخر».
* صدام: البكر كان يشعر بأنه قريب مني.. وتم اختياري رئيسا بطلب منه وفي ما يشبه الاجتماع العائلي
ـ قال إن مؤامرة 1979 تمت مع سورية لمنعه من تولي الرئاسة وأنهت مناقشات حول مشروع وحدة
ـ محضر جلسة الاستجواب الثامنة 20 فبراير (شباط) 2004
* قبل بدء المقابلة، قيل لصدام إن هذه الجلسة سوف تكون استكمالا لجلسات نقاش ثلاث سابقة وستركز على صعود صدام إلى الرئاسة.
بداية في عام 1973، بدأ الرئيس العراقي (أحمد حسن) البكر يعاني من مشاكل صحية، وكانت من بينها بعض المشاكل في القلب. وعلى الرغم من ذلك، فإن الرئيس البكر بذل وسعه لتأدية مهامه بأفضل ما يستطيع. ومن حين لآخر، كان البكر يقول لصدام إنه يجب أن يتقاعد، وأنه لم يعد يستطيع القيام بمهامه كرئيس. ولا يعرف صدام ما إذا كان البكر قد قال ذلك إلى آخرين من قيادات حزب البعث. وقال صدام إن البكر كان يشعر «بأنه قريب من صدام».
وفي هذه الفترة، فكر صدام بجدية في ترك الحكومة مع البقاء في الحزب، وكان السبب الرئيسي الذي جعله يريد ترك الحكومة مرتبطا بالإطاحة بحكومة البعث في عام 1963. وكان صدام يعتقد أن هذه الإطاحة وقعت لأن قيادات الحزب ركزت على الحكومة ونسيت الحزب. ولم يكن صدام يحب «السلطة» ولا موقعه في الحكومة، وعندما انضم إلى ثورة 1968، كان ينوي عدم البقاء في الحكومة، وكان صدام قد خطط للبقاء، مشاركا فقط، داخل خلايا الحزب في المستويات الأقل، وفي هذا الوقت كان يعتقد أنه من «المخجل» الخدمة داخل الحكومة، وحتى هذا اليوم ما زال صدام لا يحب الحكومة، ولكنه يحب الشعب والحزب، ويعتقد بأنه من الصعب على الحكومة أن تحكم بنزاهة. ولاحظ صدام أشخاصا وصفهم بأنهم «طيبون ومهذبون» قبل الخدمة في الحكومة، ولكن أصبحوا على النقيض بعد تعيينهم في مناصب حكومية.
وبعد ثورة 1968، تم تشكيل مجلس قيادة الثورة، وتولى هذا المجلس الحكم، ومع ذلك لم يتم الإعلان عن مجلس قيادة الثورة إلا بعد ذلك بعام في 1969. ولم يكن أعضاء المجلس، باستثناء الأعضاء العسكريين، معروفين أو «يريدون أن يكونوا معروفين»، ولهذا السبب تم تأجيل الإعلان عن مجلس قيادة الثورة، و«اضطر» صدام إلى تولي موقع قيادي في مجلس قيادة الثورة، وسأل أعضاء في الحزب صدام هل يريد للثورة أن تفشل، في إشارة إلى أن ذلك سوف يحدث دون مشاركته، وأن مسؤوليته هو أن يكون زعيما في الحزب. وكان صدام يريد أن يبقى البكر رئيسا لأطول فترة ممكنة، ووصفه بأنه «شخص لطيف». ولكن في عام 1979 اتصل البكر بصدام وطلب منه مقابلته في مكتبه داخل القصر الرئاسي. وفي هذا الاجتماع، قال البكر لصدام إنه لم يعد يريد أن يبقى رئيسا، ولا يشعر بأنه يستطيع ذلك، وطلب البكر من صدام أن يتولى مهامه، وقال له إنه إذا كان لا يريد «الطريقة المعتادة» للتعيين رئيسا، فإنه سوف يستخدم الإذاعة ليعلن أن صدام أصبح رئيسا. وقال صدام للبكر إن هذه الطريقة للإعلان عن خليفته لن تكون في صالح البلاد أو الشعب أو الحزب. وسوف يظن من هم في الخارج، أو الأجانب، أن هناك خللا ما داخل العراق، ولذا طلب من طارق عزيز تجهيز إعلان بخصوص تغيير القيادة. وعقد اجتماع لمجلس قيادة الثورة في يوليو (تموز) 1979، وصدام غير متأكد هل دعا هو أم الرئيس البكر لهذا الاجتماع.
وخلال الاجتماع وضح البكر لأعضاء مجلس قيادة الثورة أنه كان قد خطط للتنحي منذ 1973، وأوضح للأعضاء أن صدام جاهز لتولي الرئاسة. ووصف صدام الاجتماع بأنه كان «يشبه اجتماعا عائليا». وكانت هناك الكثير من المشاعر ومنها مشاعر الحزن، وتم تنفيذ عملية نقل الرئاسة إلى صدام طبقا للدستور، وقال صدام إنه تم إجراء تصويت، ولكنه لا يتذكر ما إذا كان تم عن طريق الاقتراع السري أم برفع الأيدي، واختير صدام أمينا عاما للحزب ورئيسا للعراق. وعندما سئل عما إذا كان قد لاحظ أي تغيرات في نفسه بعد تولي الرئاسة، قال صدام «لا». وقال إنه أصبح «أقوى وأقرب إلى الشعب».
وردا على سؤال عما كان يعتقد بأنه سيحدث لو سمح له بترك الحكومة، قال صدام إنه كان سيصبح شخصا عاديا، ربما مزارعا، ولكن كان سيستمر عضوا في الحزب، وفي حضور اجتماعات الحزب.
وأشار المحقق إلى رأيه الشخصي بأنه كان من الصعب تصور صدام مزارعا. وقال صدام إنه كان يخشى من أن يصبح شخصية عامة، وأن وضعه والتزاماته تغيرت، واكتسبت سمة شخصية تقريبا. ولاحظ أنه عندما كان رئيسا، كان يرى أن الآلاف من الناس قريبون منه. ولم ينتخب الناس صدام حتى 1995، ولكن يشير صدام إلى أن «الثورة أحضرتني». وبعد 1995 و2002، قام الناس في الواقع بالتصويت له وانتخابه، وبعد الانتخابات أصبحت علاقته بالشعب أقوى، وأصبح صدام يشعر بأن لديه التزاما تجاه هؤلاء الذين انتخبوه. ولم يكن صدام ملتزما أمام الناس بحكم القانون وحسب، ولكن أيضا «أمام الله».
وسئل صدام هل دعمه مجلس قيادة الثورة بالكامل ليصبح رئيسا خلال الاجتماع الذي أعلن فيه البكر استقالته، ورد أنه لم يكن هناك شيء أو شخص ضد أن يصبح هو الرئيس، وبصورة أخلاقية وبدافع الاحترام، طلب البعض من البكر البقاء رئيسا، ولكن لم يسمح البكر لما رأوه بأن يؤثر على قراره النهائي، ورأى صدام أن قرار البكر كان نهائيا لأنه نفسه لم يستطع إقناع البكر بالبقاء رئيسا.
وأشار المحقق إلى تقارير تقول إنه كان هناك على الأقل شخص خلال الاجتماع شكك في تقاعد البكر، وقال إن اختيار صدام يجب أن يحظى بالإجماع: محيي عبد الحسين المشهدي. وقال صدام إن هذه المعلومة غير صحيحة، فقد كان هناك نقاش حول استقالة البكر وليس حول عملية اختيار صدام، وعرض البعض أن يتولى بعضا من مهام البكر حتى يتسنى له البقاء رئيسا، ولكنه لم يقبل هذه المقترحات. وفي ذلك الوقت كان صدام نائبا للأمين العام للحزب ونائب رئيس دولة العراق. وعليه، فقد كان الشخص الذي يلي الرئيس، وهذه حقيقة لا يستطيع أحد أن يشكك فيها، وعلاوة على ذلك فإن الدستور ينص تحديدا على أن أي اختيار للرئيس يجب أن يكون بتصويت بالأغلبية وليس بإجماع. وتحدث بعض الأعضاء عن احتمالية تأجيل استقالة البكر. وقال صدام إنه ما زال أعضاء سابقون في مجلس قيادة الثورة على قيد الحياة ويمكن سؤالهم عن هذا الأمر. وقال المحقق إن العديد من الأعضاء السابقين في مجلس قيادة الثورة يوافقون بصورة عامة على التفاصيل التي قدمها صدام بخصوص الأمر. ولكن بعض أعضاء المجلس السابقين يقولون إن هناك معلومات تشير إلى أن المشهدي اعترض على استقالة البكر واختيار صدام رئيسا خلال الاجتماع المشار إليه. ورد صدام أنه أخبر المحقق جميع التفاصيل التي لديه.
وقال المحقق إنه تم اكتشاف مؤامرة ضد صدام بعد توليه الرئاسة بفترة قصيرة، فقد عقد اجتماع في 22 يوليو (تموز) 1979، وفيه تم الكشف عن تفاصيل المؤامرة لأعضاء بارزين في الحزب. وأضاف المحقق أن الاجتماع سجل على شريط مصور، وعرضه المحقق. وقال صدام إن هذا الأمر ليس سرا، وأن الشريط المصور أعطي لجميع أعضاء الحزب. وقال صدام إنه لا يتذكر هل بدأ طه ياسين رمضان الاجتماع ببعض التعليقات. وأقر بأنه تم إحضار المشهدي أمام الاجتماع، واعترف بمشاركته في مؤامرة ضد صدام شاركت فيها الحكومة السورية، وسمى بعضا من الآخرين الذين شاركوا في المؤامرة. وكان رد فعل صدام ومشاعره مثل أي شخص خانه الأصدقاء في الحزب والحكومة، حيث كان يشعر بالحزن وأنه «طعن في ظهره»، وكان ذلك صحيحا لأن المؤامرة شارك فيها عرب خارج الحكومة والدولة، ووصف صدام هذه التصرفات بأنها خيانة، والمشاركين بأنهم خونة.
وبالنسبة للوقت الذي علم فيه صدام بالمؤامرة، قال «في هذا الوقت». وأشار المحقق إلى أن المشهدي ألقي القبض عليه قبل أيام قليلة من الاجتماع، وتقريبا في 15 يوليو (تموز)، بعد أن أصبح صدام رئيسا. وقال صدام إنه أصبح رئيسا في 17 يوليو (تموز)، ورد المحقق بأن 17 يوليو (تموز) كان التاريخ الرسمي، ولكن تولى صدام الرئاسة فعليا قبل ذلك بأسبوع تقريبا.
وسأل المحقق صدام كيف تم اكتشاف المؤامرة. ورد صدام «هل سمعت الشريط المصور؟»، وأضاف أن المعلومات التي توجد على الشريط المصور كافية. وأشار المحقق إلى أن الشريط المصور لم يعط تفاصيل عن كيفية اكتشاف المؤامرة. ورد صدام «هذه أسرار الدولة»، وأكد صدام على أنه ما زال ينظر إلى هذه التفاصيل على أنها أسرار على الرغم من أن هذا الحدث وقع قبل قرابة 25 عاما.
وبعد ذلك حول المحقق النقاش إلى الشريط المصور الذي لم يكن سرا من أسرار الدولة. وأشار المحقق إلى أنه يظهر في الشريط المصور الكثير من الأعضاء السابقين والحاليين في القيادة البارزة، ومن بين هؤلاء الذين يظهرون في الشريط طارق عزيز وعلي حسن المجيد، الذي يرى وهو واقف ويصرخ، ويشير الشريط إلى أن نحو 66 شخصا شاركوا في المؤامرة، ومن بينهم عدنان حسين، نائب رئيس الوزراء، وغانم عبد الجليل، مدير مكتب الرئيس. وقال صدام إن عدنان كان وزير التخطيط وسكرتير لجنة للنفط والاتفاقات. واعترف صدام بأن عدنان كان قد عين بالفعل نائبا لرئيس للوزراء، وأقر صدام بأن خمسة أعضاء بمجلس قيادة الثورة كانوا متورطين في المؤامرة، ولم يكن أي منهم من الثوار السبعين الأصليين. ونفى صدام أن يكون أي من المتآمرين، بمن فيهم عدنان وغانم، أصدقاء له. وقال إن عدنان وغانم لم «يكونا قريبين منه»، وكما هو الحال مع الآخرين، فإنهم عينوا في مناصب حكومية، وقام البعض بذلك، ولم يقم آخرون، وعندما تمت الإشارة إلى أن المحقق رأى صدام يصرخ في الشريط المصور عندما سمع اسم غانم، رد صدام بأنه كإنسان لديه مشاعر، وبحكم أنه رئيس مكتبه، كان صدام يرى غانم كل يوم وهو يسلم له أوراقا كثيرة، وكان جميع أعضاء المؤامرة في القيادة. وأشار صدام إلى أن الخيانة تجعلك تشعر بـ«الحزن». وعندما أشار المحقق إلى أنه يمكن القول بأن صدام خانه أقرب زملائه إليه، قال صدام إن الشيء الأهم هو أنهم كانوا في الحكومة وكانوا مع صدام داخل الحزب.
واعترف صدام بأن أكثر من ستين شخصا كانوا متورطين، على الرغم من أنه لم تتم إدانة الجميع، وأقر صدام بأن أسماء «المتآمرين» أعلنها المشهدي أو قرأها صدام من قائمة خلال الاجتماع. وبينما كانت الأسماء تعلن، طلب من الشخص الذي يذكر أن يقف، وكانت تصحبهم الحماية خارج القاعة واحدا واحدا.
وبعد ذلك أقيمت محكمة للبت في الأمر ولتقرير العقوبة. ويقول صدام إنه لا يتذكر الرقم تحديدا أو هويات الأشخاص الذين تم التوصل إلى إدانتهم أو أعدموا أو سجنوا أو هربوا أو كانوا أبرياء أو أطلق سراحهم، وقال إن الأمر برمته، بما فيه عمليات الإعدام، تم خلال نحو 60 يوما، وبحلول الثامن من أغسطس (آب) 1979.
ويعتقد صدام أن الوقت الذي استغرقته العملية كان «أكثر من كاف» لمحاكمة محايدة، وعلى الرغم من أنه يعتقد أنه كان هناك وقت كاف للتحقيق بنزاهة، أقر صدام بأنه ربما لم يكن هناك وقت كاف «للتعمق في الأمور»، وعندما طلب منه توضيح كلامه، رد صدام بأنه ربما كان هناك متآمرون آخرون لم يتم تحديدهم، ولا يعلم صدام هل كان هناك مشاركون آخرون، ولكنه أكد على أن المعلومات المتاحة والوقت الذي استغرقه التحقيق كان كافيا لإدانة هؤلاء الذين تم تحديدهم. وعلق قائلا بأن القانون يقول إنه من الأفضل أن يطلق سراح مدان على أن يسجَن بريئون دون إدانة.
وقال إنه لا يعرف نتائج التحقيق تحديدا، فقد اتخذت محكمة القرار في هذا الأمر ونفذت الأحكام بعد ذلك. وعندما سئل عن تورط خالد السامرائي، وكيف كان يمكن لشخص موجود بالفعل في السجن أن يكون جزءا من هذه المؤامرة، قال صدام «اسألوا من قاموا بالتحقيق». وعندما سُئل من قام بالتحقيق، قال صدام إنه لا يتذكر. وأشار المحقق إلى أن برزان التكريتي، الذي كان قد عين للتو مديرا للاستخبارات العراقية، كان يترأس فريق التحقيق. ورد صدام بأنه بالتأكيد كانت هناك لجنة، ولكنه نفى أن يكون لديه علم بمن كانوا فيها. ونفى أن يكون يعرف أي شخص ربما كان في هذه اللجنة.
وعن مشاركة مجلس قيادة الثورة في هذا التحقيق، أنكر صدام في البداية معرفته بأي تفاصيل، وعلق بأنه إذا كان الأمر قد قررته محكمة، فلا بد أن هناك لجنة رسمية. وذكر المحقق صدام بخطاب أدلى به في 8 أغسطس (آب) 1979 قال فيه إن المجلس، الذي كان يضم في السابق 21 عضوا، يضم الآن 16 عضوا بسبب تورط خمسة أعضاء في المؤامرة، وقال صدام في الخطاب إنه من بين الستة عشر عضوا، قام ثلاثة بإجراء التحقيقات وشكل سبعة محكمة سمعت الحقائق وقررت العقوبة، وأضاف صدام في الخطاب أن هذه هي المرة الأولى في تاريخ الحركات الثورية والنضال الإنساني التي يشارك فيها أكثر من نصف القيادة العليا لدولة في هذا الأمر. ورد صدام على المحقق: «جيد، جيد جدا»، فوفق الدستور، يجب أن يحاكم أعضاء مجلس قيادة الثورة من قبل أعضاء آخرين في مجلس قيادة الثورة، وليس من قبل محكمة خارج المجلس. وعندما سئل عن نزاهة وحيادية قيام مجلس قيادة الثورة بمحاكمة أعضائه، رد صدام بأن النزاهة كانت موجودة بين أفراد مجلس قيادة الثورة، ولم تكن المؤامرة ضدهم ولكن ضد صدام. وعلاوة على ذلك، فإن الدستور الذي ينص على الإجراء كان موجودا قبل المؤامرة بفترة طويلة.
وعندما سئل عن التصريحات السابقة التي أدلى بها والتي قال فيها إن المؤامرة كانت ضد الحزب، قال صدام «لم أقل ذلك، ولكن قلت إنها كانت ضد صدام»، لقد تآمر المتآمرون مع دولة أخرى (سورية) لمنع صدام من تولي السلطة، وعلى الرغم من أن صدام كان رئيس الحزب، فإن المؤامرة كانت ضده شخصيا. ويعتقد صدام أنه كان هناك أشخاص لم يريدوه في السلطة، لأنه لن يكون من «السهل السيطرة عليه»، ولكن مع وجود شخص في منصب الرئيس، كان قد تآمر مع الأعضاء الخمسة بمجلس قيادة الثورة والدولة الأخرى، ربما كان يمكن لآخرين السيطرة على العراق.
وأقر صدام بأنه كان يجري العمل في ذلك الوقت على اتفاقية مؤقتة بخصوص توحيد سرية والعراق، وتحديدا عن طريق طارق عزيز، ولكن أنهت المؤامرة هذه المناقشات والاتفاقية، حيث إن «أي شيء يعتمد على التآمر لا قيمة له». وعندما سئل ما الذي كانت تأمل الدولة الأخرى في الحصول عليه، قال صدام «اسألوهم، فنحن لم نسألهم».
ونفى صدام معرفته بأي مكافأة دفعت للأفراد أو الفرد الذي اكتشف المؤامرة. وعندما سئل عن السبب وراء تصوير الاجتماع في 22 يوليو (تموز)، قال صدام إن الشريط المصور كان يهدف إلى إخبار أعضاء الحزب بما حدث. وأكد أنه، كما هذا في الشريط المصور، كانت هناك الكثير من المشاعر، ومنها الحزن، وأشار المحقق إلى أن الخوف بدا على أنه الشعور الظاهر بدرجة أكبر، في بادئ الأمر من المشاهدين، وبعد ذلك من هؤلاء الذين ذكرت أسماؤهم وصرخوا ببراءتهم عندما طلب منهم الوقوف. وقال صدام إنه طلب بنفسه من واحد على الأقل ممن ذكرت أسماؤهم أن يغادر القاعة.
وأشار المحقق إلى ثلاثة أشياء تبدو واضحة في الشريط، ومنها صدام وهو يدخن سيجارا، والتعبير البادي على وجه طارق عزيز، وعلي حسن المجيد وهو يصرخ على السامرائي، واعتقاده بأن المتآمرين سوف يبقون طالما أن السامرائي على قيد الحياة. ورد صدام بأنه يعرف المغزى وراء كل مثال أورده المحقق. وقال إنه من النادر أن يدخن ما لم تكن «الظروف صعبة». وسأل صدام عن التعبير الذي بدا على عزيز، وهل كان سعيدا أم حزينا. ورد المحقق بأن عزيز بدا مرعوبا. وقال صدام إن «قراءة» المحقق غير صحيحة، «فجميعنا كنا مرعوبين». وفيما يتعلق بعلي حسن (المجيد)، سأل صدام المحقق هل يريد القول بأن السامرائي أعدم بسبب كلام علي حسن. قال صدام إن نسخا من الشريط المصور لاجتماع يوم 22 يوليو (تموز) عام 1979 أرسلت إلى السفراء العراقيين في دول أخرى، واستخدم مسؤولو السفارات الشرائط المصورة لتقديم المعلومات للعراقيين الذين يعيشون خارج البلاد عن الأحداث التي تقع في العراق، ونفى صدام معرفته بما إذا كان تم عرض الشريط المصور على قيادات دول أخرى. وقال إنه لو كان عُرض على هؤلاء الأشخاص، فهذا «شيء جيد وليس سيئا»، وربما عُرض الشريط المصور على زعماء آخرين لأن دولة عربية أخرى شاركت في المؤامرة. وعما إذا كان الشريط المصور وزع لإثبات أن صدام يتولى مسؤولية العراق، قال للمحقق أنت شاهدت الشريط و«هذا رأيك، ولديك الحق».
وذكر المحقق تعليقات يقال إن صدام أدلى بها في وقت المؤامرة ومنها «لا توجد فرصة لأي شخص لا يتفق معنا لكي يقفز على دبابتين ويطيح بنا»، وقال صدام إنه لا يتذكر أنه أدلى بهذا التعليق، ولكنه يعتقد أنه يمكنه تفسير هذه الكلمات على أنها كانت جزءا من تفكيره. ولم توجه هذه الرسالة إلى الدولة الأخرى التي تآمر معها المتآمرون ولكن لجميع أعضاء الحزب.
وسئل عن صدق الكلام السابق الذي يقال إنه قاله إلى البكر في الستينات والسبعينات، والذي عبر خلاله عن رغبته في ترك الحكومة، وأجاب صدام بأنه بعد 1974 كان يعتقد أن لديه التزاما أخلاقيا إزاء الشعب العراقي، وبعد الكثير من النقاش مع الرئيس البكر، عرف صدام بأن هذا «مصيره»، ومنذ هذا الوقت، قرر أن يقبل هذا التعيين وخطط للرئاسة.
* صدام: الكويت أخذت مليارين ونصف المليار برميل من نفطنا.. وكنت ضد الهجوم إذا كان هناك حل آخر
ـ قال إنه حذرها من أنها إذا لم تكف عن التدخل في شؤون العراق سيجعل دينارها يساوي 10 فلوس
ـ محضر جلسة الاستجواب التاسعة 24 فبراير (شباط) 2004
* قبل بدء المقابلة، تم إخبار صدام بأن هذه الجلسة سوف تكون استكمالا للمناقشة الخاصة بتاريخ العراق. وبصورة خاصة، فإن مناقشة اليوم سوف تغطي الأحداث التي قادت إلى الغزو العراقي للكويت. أفاد صدام بأنه بعد الحرب مع إيران بين عامي 1980 و1988 كان العراق يحاول إعادة بناء نفسه. وقد شبه صدام الموقف مع الكويت بما يحدث عندما يتشاجر أحد الأشخاص مع شخص آخر. فبعد الشجار يذهب كل طرف إلى سبيله. ولذا، فقد كان أحد الطرفين اللذين كان بينهما شجار في الماضي يرغب في القتال، وكذلك كان الطرف الآخر. فلم يكن هناك مفر من القتال مرة أخرى. وحسبما أفاد صدام، فقد كان الخميني وإيران سيحتلان العالم العربي إذا لم يكن العراق موجودا. ولذا، فقد كان العراق يتوقع من العالم العربي أن يدعمه أثناء وبعد الحرب. ومع ذلك، فبعد الحرب، حدث العكس تماما، لا سيما من جانب الكويت. فمع نهاية الحرب، حيث بدأ العراق في عملية إعادة البناء، وصل سعر النفط إلى 7 دولارات للبرميل. ومن وجهة نظر صدام، فإن العراق لم يكن بمقدوره القيام بإعادة بناء البنية التحتية والاقتصاد مع هذا الانخفاض في أسعار النفط. وقد كانت الكويت تتحمل اللوم بسبب هذا التدني في أسعار النفط. وفي سعي من جانب العراق لحل هذا الموقف وتحفيز الاقتصاد، تم إرسال الدكتور (سعدون) حمادي وهو وزير الخارجية العراقي في ذلك الوقت إلى الكويت. وقد خلص حمادي والقيادة العراقية بعد الاجتماع إلى أن تدني أسعار النفط لم يكن مسؤولية الكويتيين وحدهم. وكان العراق يعتقد أن هناك جهة أخرى، أو قوة أكبر وراء هذه «المؤامرة».
أرسل العراق كذلك مسؤولين حكوميين إلى المملكة العربية السعودية لإقناع السعوديين بالضغط على الكويت. وبالإضافة إلى ذلك، فإن وزير النفط السعودي جاء إلى العراق وعقد مباحثات حول أسعار النفط والاقتصاد العراقي وأفعال الكويت. وزعم صدام أن أحد المسؤولين في الكويت قال: «إننا سوف نجعل الاقتصاد العراقي يتدهور بدرجة كبيرة، وسوف يكون بوسع المرء النوم مع امرأة عراقية مقابل عشرة دنانير». وقال صدام للسعوديين إنه إذا لم تتوقف الكويت عن التدخل في الشؤون العراقية فإنه سوف يجعل الدينار الكويتي يساوي عشرة فلوس. وقال صدام إنه عندما تمت مواجهة الكويت بالحقائق الخاصة بسرقة النفط العراقي باستخدام الحفر العميق، اعترفوا بأنهم أخذوا «مليارين ونصف المليار برميل فقط». وقد ذكروا هذه الحقيقة وكأنها شيء لا أهمية له. وفيما يتعلق بالمشكلة مع الكويت، فقد أرسل العراق مندوبين لدول الخليج الأخرى ولم يكن صدام يتذكر هذه الدول. وقد شرح هؤلاء المندوبون الموقف الكويتي والموقف العراقي. وقد وعدت الدول الأخرى بأنها سوف تصحح أسعار النفط في الاجتماع التالي للدول المصدرة للبترول (أوبك). وفي الاجتماع التالي للدول المصدرة للنفط (أوبك)، تم إصدار قرار بتثبيت أسعار النفط بين 16 ـ 17 دولارا للبرميل، حسبما يتذكر صدام. وقد تدخلت الكويت بشأن هذا القرار. وبعد ذلك، أفاد وزير النفط الكويتي أو وزير الخارجية بأن الكويت لن تلتزم بهذا القرار. وفيما يتعلق بديون القروض العراقية من دول الخليج نتيجة للدعم الذي تلقاه العراق أثناء الحرب العراقية الإيرانية، أفاد صدام بأن هذه القروض لم تكن قروضا وأنه من المفترض أن تكون مساعدات مجانية من هذه الدول. وكانت هذه الدول قد استخدمت كلمة «قروض» كصيغة فقط لإخفاء الغرض من هذه المساعدات عن الإيرانيين. وعندما تم إبلاغ العراق بأن هذه الأموال كانت بالفعل قروضا، عقد العراق مباحثات مع هذه الدول شملت الكويت، من أجل حل مشكلة هذه الديون. ولأنه تم «تسجيل هذه الأموال كقروض» إلى العراق، لم يستطع العراق تأمين قروض من دول أخرى لإعادة البناء. وقد أفاد صدام مرتين أنه ناقش تغييرا في أسعار النفط يصل بها إلى 25 دولارا للبرميل. وعندما كان سعر النفط 50 دولارا للبرميل، أملى صدام خطابا لطارق عزيز تم إرساله إلى جريدة «الثورة». وفي هذا الخطاب، أخبر صدام الدول المنتجة للنفط بأن عليها أن تستفيد من الدول الصناعية. وطلب صدام من هذه الدول تخفيض الأسعار إلى 25 دولارا للبرميل. وقد علق بأن ذلك كان أمرا غريبا في هذا الوقت لأن العراق كان يمتلك البترول وكان باستطاعته استخدام الأموال. وعندما انخفضت الأسعار إلى 7 دولارات للبرميل عام 1989 ـ 1990 دعا صدام إلى زيادة أسعار النفط إلى 24 ـ 25 دولارا للبرميل. ومن وجهة نظر صدام، فإن ذلك السعر لن يكون عبئا على المستهلك ولن يضر بالمنتج. وفيما يتعلق بنوع الرسالة التي تم إرسالها إلى العراق بخصوص عمل أو نقص عمل الكويت في هذا الشأن، أفاد صدام بقوله: «لقد أكد ذلك على معلوماتنا» أنه كانت هناك «مؤامرة» ضد العراق والقيادة العراقية واقتصاد العراق. ومن وجهة نظر صدام، فإن زيارة الجنرال الأميركي شوارزكوف إلى الكويت قد زادت من تأكيد ذلك. وقد تضمنت زيارته «تخطيطا رمليا» أو تحضيرات وقت الحرب لغزو العراق، مما عزز من رؤية صدام والقيادة العراقية. وقبل ذلك، كانت العلاقات بين الكويت والولايات المتحدة وبريطانيا العظمى معروفة للجميع. وعندما قيل لصدام إن زيارات العسكريين الأميركيين متعددة لكثير من الدول عبر جميع أنحاء العالم، حيث يجرون مناورات لا تشير إلى «مؤامرة» سأل صدام: «في أي بلد آخر قام شوارزكوف بتخطيط رملي مثلما فعل في الكويت؟» وتساءل صدام أيضا عن الدول التي قام فيها شوارزكوف بعقد مباحثات بأغراض دفاعية. وقد أفاد صدام بأنه يفهم وجود وطبيعة المناورات التي قامت بها الولايات المتحدة في مصر والأردن. ومع ذلك، فعندما تصور المناورات أو التخطيط العراق كعدو وتتضمن وسائل الدفاع عن الكويت أو مهاجمة العراق، فإن ذلك موقف يختلف عن المناورات الأخرى. ناقش صدام وجهة نظره في الغرب فيما يتعلق بالعراق خلال الأشهر التي قادت إلى الحرب في الكويت. فبعد هزيمة العراق أمام إيران، كانت وسائل الإعلام تصور العراق على أنه تهديد عسكري للمنطقة. ومع ذلك لم يكن العراق «داخل الدوائر السوفياتية» وكان يحاول إعادة بناء الاقتصاد. كما كان العراق يبدأ في بناء علاقاته مع الولايات المتحدة. وبعد وقت قصير، جعلت الولايات المتحدة من العراق عدوا لها من خلال ثلاث وسائل أو من أجل ثلاثة أسباب. أولا، القوة «الصهيونية» وتأثيرها على الولايات المتحدة وسياستها الخارجية. فهناك نظرة لدول مثل العراق على أنها تهديد لإسرائيل، وقد أصبحت هذه الدول مستهدفة من قبل «المؤامرة». وقد قدم صدام دليلا على وجهة نظره هذه، حيث أفاد أن إسرائيل أصدرت بيانا رسميا قالت فيه إن أي اتفاقية سلام مع الدول العربية يجب أن تتضمن العراق. ويعتقد صدام أن إسرائيل ليس لديها أمل في السلام، وأن الدول الأخرى هي التي تلتزم بأمنياتها. وقد استغلت إسرائيل نفوذها على الغرب ضد عبد الناصر في مصر مثلما هي الحال ضد العراق. ويمتد هذا التأثير «الصهيوني» إلى الولايات المتحدة ليشمل الانتخابات هناك. ثانيا، يرى صدام أنه كانت هناك قوتان عظميان في العالم، وهما الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي. وحسبما يرى صدام، فإن العالم كان حينذاك «أفضل من الآن» لأنه كان من السهل على هاتين القوتين الاتفاق بدلا من محاولة التوصل إلى ذلك الاتفاق بين دول عدة. وقد حاولت القوتان جذب عدد كبير من الدول إلى كل منهما، مما كان يمثل توازنا في القوى العالمية. ومع انهيار ذلك التوازن، أصبحت الولايات المتحدة وحدها هي القوة العظمى. وينظر إلى الولايات المتحدة حاليا على أنها تحاول إملاء إرادتها على بقية دول العالم بما فيها العراق. وعندما لا توافق الدول على سياسة الولايات المتحدة، مثلما هي الحال مع العراق، فإن هذه الدول تصبح عدوة. السبب الثالث الذي جعل الولايات المتحدة تجعل من العراق عدوا لها يتمثل في الأسباب الاقتصادية. فهناك جهات معينة داخل الولايات المتحدة، بما فيها مصانع الأسلحة وعناصر في الجيش، تفضل الحرب بسبب الأرباح المالية التي تجنيها. وهذا حقيقي بالنسبة للشركات التي تبيع كل شيء من السجاد إلى الدبابات دعما للحرب. وأضاف صدام أن أميركا اكتشفت أن الحرب في أفغانستان لم تكن كافية للحفاظ على هذه الأرباح التي تجنيها من مجمع الصناعات العسكرية في أميركا. ولذلك، فقد بدأت الحرب مع العراق. وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي، اجتمعت هذه الأسباب كافة الداخلية والخارجية لجعل العراق عدوا للولايات المتحدة. وأفاد صدام بأنه قبل غزو الكويت، كان هناك اجتماع لمجلس قيادة الثورة العراقي، حيث تمت مناقشة الموضوع. وكانت قيادة مجلس قيادة الثورة العراقية تأمل أن «يتدخل» السعوديون ويجدوا حلا. وقد سافر نائب رئيس مجلس قيادة الثورة العراقية إلى المملكة العربية السعودية لطلب المساعدة لكنه رجع من دون تحقيق الغرض من الزيارة. ولذلك، لم يكن هناك غير مناقشة الأمر من جانب اتخاذ عمل عسكري. وقد أفاد صدام أنه ربما عارض عضو أو اثنان فكرة الغزو، لكنه لم يتذكر هذين العضوين على وجه الخصوص. ولم يتذكر إذا كانت الأغلبية أو جميع أعضاء مجلس قيادة الثورة قد وافقوا على اتخاذ عمل عسكري. وأفاد صدام بقوله: «لقد كنت ضد الهجوم إذا كان هناك حل آخر». وقد كانت آخر المحاولات للبحث عن حل أثناء الزيارة الأخيرة إلى المملكة العربية السعودية حيث اجتمع نائب رئيس مجلس قيادة الثورة مع أخ أمير الكويت الشيخ صباح. وتم اتخاذ القرار النهائي بغزو الكويت على أساس أن «الهجوم خير وسيلة للدفاع». وقد برر صدام الغزو كذلك بناء على الحقائق التاريخية. وقال إن التاريخ يقول إن الكويت جزء من العراق. وقال صدام إن هدف الغزو كان هو «المعلن عنه». وهو أن يحكم الكويتيون أنفسهم ويقررا ما نوع العلاقات التي سوف تكون مع العراق. وبالنسبة لقادة الكويت، فقد قال صدام إنهم «خائنون» للعراق والكويت وكل الدول العربية. وقد استمر هؤلاء القادة في التآمر حتى بعد تركهم للكويت إثر الغزو العراقي. فقد كانت الولايات المتحدة هي التي تتحكم فيهم. وبسبب تآمر هذا البلد مع الولايات المتحدة، فلم تتوقع الكويت أن تكون «الضربة موجهة إليهم». وقد أفاد صدام بأن الكويت تستحق «عشر ضربات». ولم تكن الكويت قوية عسكريا مثل إيران. ولم يكن نقص الدفاعات الكويتية مؤشرا على غياب التخطيط مع الولايات المتحدة. وربما تكون الخطط التي تمت مناقشتها والإشارة إليها «تخطيط الرمال» هجومية بطبيعتها وليست دفاعية. وقد كانت هناك أسباب لغزو العراق للكويت سواء مع وجود أو غياب القوات الأميركية. ومثلما فعلت الولايات المتحدة في معظم حروبها الأخيرة، فقد «أوجدت» الولايات المتحدة الأسباب لقتال العراق في الكويت عام 1991. وقد أنكر صدام اختلاق هذه «المؤامرة» كمبرر لغزو الكويت. وزعم أن الوثائق التي اكتشفتها القوات العراقية في الكويت أثبتت وجود «مؤامرة» كويتية مع الولايات المتحدة. وأشار صدام بقوله: «يمكننا أن نناقش ذلك لأيام». واستغرق الأمر من الولايات المتحدة و28 دولة أخرى سبعة أشهر لتعبئة القوات للحرب عام 1991. وقد حدثت هذه التعبئة بسبب قوة العراق والتهديد الذي كان يشكله الجيش. وقد شجع هذا التهديد السياسيين في الولايات المتحدة على دعم القيام بعمل عسكري ضد العراق. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الفوائد المالية للشركات التي يمكن أن تستفيد من الحرب قد شجعت على ذلك أيضا. وقد تم شن الهجوم العراقي على الكويت بحيث لم يتم إكمال بناء الخطوط الدفاعية. وقد كرر صدام أن نقص القوات الأميركية في الكويت لا يعني أنه لم تكن هناك «مؤامرة».
وأعاد صدام التأكيد على أن هدف غزو الكويت كان يتمثل في السماح للكويتيين «بتقرير ما يرغبون فيه للتعامل مع العراق». وقد أنكر صدام أن إعلان الكويت كمحافظة رقم 19 للعراق يتناقض مع بيان سابق. وحسبما يقول صدام، فقد تم تأسيس حكومة كويتية بعد الغزو وشملت رئيسا للوزراء ومختلف الوزراء. كما أنكر صدام تعيين علي حسن المجيد وهو أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة كحاكم للكويت. وأضاف أن الحكومة الكويتية قررت «الالتحاق بالعراقيين». وعندما سئل عما إذا كان قد أعطى الخيار للكويتيين للتعبير عن رأيهم فيما يتعلق بالحرب الأخيرة ضد العراق، استمر في القول بأن التصرفات العراقية فيما يتعلق بالكويت كانت أكثر منطقية من موقف الولايات المتحدة تجاه العراق في الحرب الأخيرة. وقال صدام إن إعلانه الكويت كمحافظة رقم 19 كان «مستحقا ومنطقيا». وفي عام 1961 أو 1962 كان الرئيس العراقي قاسم في ذلك الوقت يرغب في جعل الكويت مقاطعة عراقية. وأكد صدام على أنه شرح بالفعل السبب وراء عدم اتخاذ إجراءات أخرى لتفادي الغزو، وكذلك الأسباب التي جعلته يخصص الكويت كمحافظة رقم 19. ومع بدء الهجوم الأميركي، تبخرت كل الحلول السياسية الممكنة. وزعم صدام أن العراق «كان سيسير في الاتجاه الآخر» إذا لم تهاجمه الولايات المتحدة. ومع استنفاد الحلول السياسية، لم يبق سوى خيارين. فقد كان بإمكان العراق الانسحاب من الكويت، مع عدم احتمال توقف الهجمات على قواته أثناء الانسحاب. أو يكون العراق «أضحوكة» العالم. وكان من الممكن أن تكون القوات العراقية مترددة في القتال إذا لم يتم إعلان الكويت المحافظة رقم 19. وكان الحل الثاني وهو الأقرب يتمثل في عدم الانسحاب وإعلان الكويت المحافظة رقم 19 حتى تقاتل القوات العراقية بشراسة أكبر.





http://www.aawsat.com/details.asp?section=1&issueno=11178&article=526408


RE: «الشرق الأوسط» تنشر محاضر استجواب المباحث الأميركية لصدام - ابن نجد - 07-07-2009

صدام: غزو الكويت كان يمكن إتمامه في ساعة

GMT 231500 2009 الإثنين 6 يوليو

الشرق الاوسط اللندنية




قال في محاضر التحقيق: هاجمنا الخفجي لجر التحالف إلى قتال بري

لندن: «الشرق الأوسط»

يكشف الرئيس العراقي السابق صدام حسين، الذي أعدم نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2006، في وثائق سرية أفرج عنها الأرشيف القومي الأميركي الأربعاء الماضي، خفايا كثيرة عن حروبه وأيامه الأخيرة في الحكم وحتى اعتقاله وظروفه في السجن. والوثائق التي تواصل «الشرق الأوسط» نشرها اليوم هي عبارة عن محاضر 20 استجوابا رسميا وخمس محادثات عادية أجراها جورج بيرو، وهو محقق من مكتب المباحث الفيدرالي الأميركي «إف بي آي»، للرئيس الأسبق ما بين 7 فبراير (شباط) و28 يونيو (حزيران) 2004. ويقول صدام في أجوبته عن أسئلة المحقق إنه «عندما قررت الولايات المتحدة مهاجمة العراق جعل ذلك ضم الكويت هو الحل الوحيد. إذ لم يكن هناك من حل سياسي». وكرر صدام ما قاله في جلسة تحقيق سابقة قال فيها إن الجنود العراقيين ما كانوا ليحاربوا بكفاءة أو ليهتموا بالكويت ما لم يتم ضمها لتكون جزءا من العراق، وشدد مرة أخرى على أن ما قامت به الولايات المتحدة هو «ما أجبرنا على ذلك». وأنكر صدام معرفته بالجرائم التي ارتكبها الجيش العراقي في الكويت خلال الغزو، التي كان من بينها عقوبات كالإعدام بالرصاص لمواطنين كويتيين كانوا يصلون على أسطح منازلهم، وآخرين رفضوا تعليق صورة صدام، ومن علقوا صور الأسرة الحاكمة السابقة في الكويت، أو من كتبوا شعارات مناوئة للعراق. لكنه اعترف بوقوع حادثتين، وربما ثلاث، قام فيهما جنود عراقيون بإعدامات في الكويت. كما يقول صدام إنه هو الذي وضع خطة الغزو العراقي للكويت، وإن إتمام غزو الكويت جاء خلال ساعتين ونصف الساعة كما كان مقدرا سلفا، وقال صدام إنه كان يجب ألا يستغرق الأمر أكثر من ساعة. ويقر صدام بأن وزير الخارجية طارق عزيز التقى وزير الخارجية (الأميركي) جيمس بيكر في جنيف بسويسرا في يناير (كانون الثاني) 1991، وأنه من وجهة نظر القيادة العراقية فإن هدف هذا اللقاء كان استغلال أي فرصة للسلام فيما يتعلق بالموقف مع الكويت. وعندما بدت الفرصة سانحة لمناقشة ذلك الأمر مع مندوب أميركا، قرر العراق أن يستغلها، وكانت القيادة العراقية تعتقد أن أي نتائج سيسفر عنها هذا اللقاء سوف «يكون لها وزنها» في المجتمع الدولي. ووفقا لصدام، فإن بيكر لم يقدم أي حلول للمسألة الكويتية، بل إنه قد أملى على عزيز خطوات محددة ترغب الولايات المتحدة أن يقوم بها العراق أولا. وأضاف بيكر: «وإلا، سوف نعيدكم إلى عصر ما قبل الصناعة». وقد أخبر عزيز بيكر بأن تنفيذ تلك الخطوات سوف يكون مستحيلا».
* صدام: ما قامت به أميركا أجبرنا على ضم الكويت.. ولولا ضمها لما حارب جنودنا بكفاءة
ـ تساءل عما إذا كان إشعال آبار النفط الكويتية «أخطر من تشرنوبل»
ـ محضر جلسة الاستجواب الـ10
ـ 27 فبراير (شباط) 2004
* قال صدام حسين حول رد فعل الحكومة العراقية تجاه قرار الأمم المتحدة رقم 662 إنه «لم يغير شيئا». وأضاف: «عندما قررت الولايات المتحدة مهاجمة العراق جعل ذلك العمل ضم الكويت الحل الوحيد. إذ لم يكن هناك من حل سياسي». وكرر صدام ما قاله في جلسة تحقيق سابقة قال فيها إن الجنود العراقيين ما كانوا ليحاربوا بكفاءة أو ليهتموا بالكويت ما لم يتم ضمها لتكون جزءا من العراق، وشدد مرة أخرى على أن ما قامت به الولايات المتحدة هو «ما أجبرنا على ذلك». وعندما أوضح المحقق لصدام أن القرار 662 صدر في أغسطس (آب) 1990 قبل قيام القوات الأميركية أو قوات التحالف بالعمليات العسكرية قال صدام إن القوات المعادية للعراق كان موجودة بالفعل في السعودية في ذلك الوقت وقد تزامن ذلك مع القرارات والبيانات التي أصدرتها الأمم المتحدة وهو ما كان بمثابة إشارة على الهجوم الأميركي ضد العراق.
وأوضح صدام أن الأمم المتحدة وقفت موقف المتفرج طوال ثماني سنوات هي عمر الحرب العراقية الإيرانية دون أن أدنى اهتمام. ولدى اقتراب الحرب من نهايتها، بانتصار العراق على القوات الإيرانية قدمت الأمم المتحدة اقتراحا وقبلت إيران اتفاقية وقف إطلاق النار. ويرى صدام حسين أن موقف الأمم المتحدة «لم يكن مشرّفا» خلال الحرب العراقية الإيرانية. فخلال الحرب بين البلدين رغبت بعض الدول الكبرى في رؤية «استنزاف القوى من الدولتين» وأضاف أن الأمم المتحدة «تتدخل في شؤون الجميع». ويعتقد صدام أن عضوية العراق في الأمم المتحدة كان يجب أن تحول دون غزوه عام 1991 والاحتلال القائم الآن.
وعندما سُئل صدام عن الجهود التي بُذلت للحيلولة دون النزاع مع الكويت أو لتحديد شروط الانسحاب بعد الغزو من قِبل الأمم المتحدة أو دول منفردة، نفى صدور مبادرات عن أي دولة. وقال إن الاتحاد السوفياتي اقترح خطة للانسحاب قبِلها العراق. بيد أن الأمم المتحدة لم تقبل ذلك المقترح. ويرى صدام أن مصر «لم تقدم شيئا».
وقدم العراق مبادرة تتعلق بخطة انسحاب من الكويت، فقد اقترح العراق في 12 أغسطس (آب) 1990 حلا «للجميع في المنطقة» تضمن ذلك تنفيذ قرارات الأمم المتحدة السابقة بشأن الأراضي التي احتلتها إسرائيل. وتساءل صدام عن السبب وراء عدم مهاجمة الأمم المتحدة إسرائيل لعدم تنفيذ تلك القرارات. وأوضح صدام أن الأمم المتحدة تغض الطرف عن أخطاء إسرائيل بيد أنها تبدي انزعاجا دائما بشأن أخطاء العراق.
وأنكر صدام معرفته بالجرائم التي ارتكبها الجيش العراقي في الكويت خلال الغزو والتي كان من بينها عقوبات كالإعدام بالرصاص لمواطنين كويتيين كانوا يصلّون على أسطح منازلهم وآخرين رفضوا تعليق صورة صدام ومن علّقوا صور الأسرة الحاكمة السابقة في الكويت أو من كتبوا شعارات مناوئة للعراق. وقال صدام: «تلك هي المرة الأولى التي أسمع فيها تلك الأقاويل»، وأضاف أنه يعتقد أن من بين العقوبات المذكورة عقوبتين لا يُعتقد أنهما تُعتبران كجرائم: الأولى أن الحكومة العراقية لم تجبر العراقيين على تعليق صور صدام ومن ثم فلا يمكن للحكومة أن تجبر الكويتيين على ذلك. وفي العراق يقوم المواطنون بتعليق صور صدام طواعية في بيوتهم. ثانيا لم يُمنع العراقيون أو الكويتيون من تأدية الصلاة في أي مكان ولا على أسطح منازلهم. وبحسب ما قاله صدام فإن الجرائم الأخرى التي تم ذكرها «تعود إلي ضمير ناقلها» وإن هذا الشخص «كاذب». اعترف صدام بوقوع حادثتين وربما ثلاث قام فيها جنود عراقيون بإعدامات في الكويت. كانت إحداهما لجندي عراقي ارتكب جريمة السرقة خلال عملية غزو الكويت والثانية لإعدام مقدم عراقي تم تعليق جثته في مكان عام لمدة 48 ساعة لاعتدائه على سيدة كويتية، وقد تُركت جثة الرجل في مكان عام لكي يراها كل الضباط العراقيين والجنود للتشديد على القوانين، وحادثة ربما لم تكن قد وقعت لكن صدام لا يتذكر تفاصيلها.
وأنكر صدام معرفته بعدد القتلى الكويتيين سواء أكانوا مدنيين أو عسكريين خلال العمليات القتالية أو خلال المذابح المزعومة التي ذُكرت من قبل. وقال صدام: «كانت تلك حربا»، وأضاف أن العراق واحدة من دول العالم الثالث التي وقّعت على معاهدة جنيف، والولايات المتحدة دولة متقدمة ويفترض بها أن لا ترتكب نفس الأخطاء بشأن عدد القتلى من المدنيين العراقيين، وكذلك الانتهاكات التي مورست بحق العراقيين أو تعذيب السجناء من قِبل القوات الأميركية.
وحول إشعال آبار النفط في الكويت من قِبل القوات العراقية المنسحبة والكارثة البيئية التي نتجت عن ذلك التي تُعتبر إحدى أكبر الكوارث البيئية في التاريخ، تساءل صدام: «هل هي أخطر من تشرنوبل؟»، وطلب معرفة عدد المدنيين الذين ماتوا في الكويت بسبب الدخان الذي أحدثته تلك النيران.
أنكر صدام قيام القوات العراقية بإشعال النيران في آبار النفط واعترف بقيام القوات العراقية بإشعال النفط في الخنادق خلال عملية الانسحاب، ليحول دون استهداف طائرات التحالف القوات العراقية، ومنع مقتل أعداد إضافية من الجنود. واعترف صدام بأنه أحيط علما بأن بعض آبار النفط قد أُضرمت فيها النيران. وقال إنه حتى لو عُرضت عليه صور أو أشرطة فيديو لتلك الأحداث فلن يصدق ارتكاب القوات العراقية لها. وذكر أن تلك الأشكال من الإعلام يسهل التلاعب بها وتزييفها. وأعرب صدام عن اعتقاده أن إشعال الجنود النفط لمنع استهداف الطائرات لهم ليس جريمة. وإذا ما حدث ذلك فهو عمل اليائس الذي لا يملك سلاحا يمكنه به الدفاع عن نفسه. وعندما سأله المحقق لو أنه قدم إليه دليل يظهر أن الآبار المائة والخمسون التي أحرقت في الكويت كانت عملا تخريبيا قامت به القوات العراقية ولم يكن عملا دفاعيا. قال صدام إنه كان سيقوم باتخاذ قرار مناسب في ذلك الوقت.
وبشأن القضية التي تمت مناقشتها من قبل والمتعلقة بإعدام الجنود العراقيين في الكويت قال صدام إن المعلومات التي قُدمت له بشأن تلك الحوادث قد تكون قُدمت له بصورة شفهية أو مكتوبة، وقد أُجريت محاكمات قبل تنفيذ حكم الإعدام. ويرى صدام أنه دون تنفيذ تلك العقوبات المغلظة والفورية لكان هناك المزيد من الجرائم وربما المئات.
وأوضح صدام أن علي حسن المجيد كان أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة خلال احتلال الكويت، وكان دور المجيد خلال فترة الاحتلال تنظيم كل شيء في الكويت. وقد اتُّخذ قرار منح المجيد تلك الصلاحية خلال اجتماع مجلس قيادة الثورة، وقد كان المجيد أرفع مسؤول عراقي في الكويت.
وحول المسؤولين العراقيين الآخرين الذين تولوا مهام في العراق قال صدام: «كان هناك العديد منهم بدءا بشرطي المرور إلى مسؤولين حكوميين كبار». لكنه لا يملك معلومات إضافية حول المسؤولين الآخرين ذوي المسؤوليات في الكويت ولم يقدم أسماء أخرى لأولئك المسؤولين العراقيين. وأضاف صدام أن الحكومة العراقية حاولت تقديم كل الخدمات للمواطنين الكويتيين خصوصا الأساسية منها كالكهرباء.
وعندما سُئل عن المقاومة الكويتية التي وقعت خلال الغزو وجهود جهاز الاستخبارات العراقي لوقفها قال صدام: «ليست لدي إجابة على ذلك بتلك التفاصيل»، وعندما سُئل مرة ثانية رد بأنه ليس بالشخص الذي يخون أصدقاءه.
وعندما سُئل صدام كرئيس سابق للعراق عن السياسة العراقية بشأن معاملة أسرى الحرب، رد صدام: «إنني لست الرئيس السابق للعراق، أنا ما زلت رئيس العراق»، وأضاف أنه يحترم رغبة الشعب العراقي (دعمهم له كرئيس). وأكمل حديثه قائلا إن العراق يحترم معاهدة جنيف وإنه طلب من الدول الأخرى القيام بالمثل، وذكر صدام ذلك في خطبه حيث طلب من الجنود احترام معاهدة جنيف والالتزام بالمبادئ الدينية».
وأنكر صدام إصداره تعليمات بإساءة معاملة وانتهاك وتعذيب أسرى الحرب. قائلا إن تلك المزاعم قد تؤثر على سمعته أمام شعبه ومن ثم فإنها غير مقبولة. وأضاف: «قد يقول آخرون إن صدام أصدر تلك التعليمات لكي يبرّئوا ساحة أنفسهم من المسؤولية. وإذا ما قالوا أشياء كهذه فأنا أتحمل المسؤولية عنها كقائد وأعترف بتلك الاتهامات ما دام ذلك الاعتراف لن يشينهم. وكرر القول بأنه ما كان ليعطي تلك الأوامر بسبب التعاليم الدينية. وقال صدام مستشهدا بحديث: «هناك بئر في الجنة إذا أطعم الإنسان يتيما أو مسجونا فسوف يشرب من هذه البئر». وقال صدام إن الدليل على اعتقاداته يكمن في خطبه. وقدم كل تأكيداته على الرغم من أعماله السابقة وليس الكلمات هي ما يهم، وأشار إلى أن خطاباته كرئيس هامة.
وعن المعلومات الموثقة التي أفادت بأن العراق أزاح القيادة الكويتية من بلدها بموافقة الكويتيين في حين رحب الكويتيون بعودتهم، عبّر صدام حسين عن رأيه في أن القيادة التي تقبل باحتلال أجنبي (الولايات المتحدة) لبلادها يمكن طردها بالقوة. وبحسب ما ذكره صدام فإن القيادة الكويتية «لم تكن من الشعب». بل على العكس من جاء بهم في الأصل هم البريطانيون. وقال إنه كان على علم بمشاعر الكويتيين قبل الغزو وبعد الاحتلال من قِبل القوات العراقية. وإذا ما قبل المواطنون الكويتيون القيادة السابقة بعد الاحتلال العراقي، فإنه على حسب قوله يحترم رغبتهم.
وكرر صدام اعتقاده الذي عبر عنه في الجلسة السابقة بأن أي «متآمر ضد أخ يجب أن يُطرد» (يقصد الكويت). وحول الأعراف العربية بعدم استخدام بعض الدول القوة ضد بعض، قال صدام إنه يتفق مع هذا القول وقد أكد عليه في خطبة مطولة قبل غزو الكويت. بيد أن الدول العربية ومن بينها الكويت رفضت الانصياع لهذا المبدأ. وبالعودة إلى مسألة أسرى الحرب أنكر صدام مرة أخرى معرفته بالتعذيب أو الانتهاكات التي أثبتتها وثائق الفحص الطبي. وتساءل صدام عما إذا كانت تلك النتائج صادرة عن الأميركيين أم هيئة تحقيق مستقلة. وكرر القول إن أي معاملة سيئة غير مقبولة سواء أكانت تجاه المدنيين العراقيين أو مواطني أي دولة أخرى. ونفى أن تكون القيادة العراقية قد قُدم إليها معلومات خاصة بانتهاكات وعمليات تعذيب بحق أسرى الحرب. وفي سياق المناقشة الخاصة بالادعاءات بسوء معاملة أسرى الحرب من جانب العراق قال المحقق: «قدمت كل من حكومة الولايات المتحدة والأمم المتحدة والصليب الأحمر تلك المزاعم للحكومة العراقية، وربما لم يُعلَم بها الرئيس لكنها لم تلق ردا من القيادة العراقية». ورد صدام بأن «ما أحطت به علما هو أن هناك سجينا أميركيا، ليس سجينا، عذرا، ولكن شخصا أميركيا أعتقد أنه كان ضابطا قيل إن طائرته أصيبت فوق الصحراء الغربية وهبط بمظلته وأن الأميركيين يبحثون عنه وعرضوا على أوراق عمل وطلبت منهم تسهيل المهمة وأن يخبروهم أنهم موضع ترحيب. ودعوهم يحتفظوا بالمعلومات حتى لا يقولوا إننا اطّلعنا عليها. دعوهم يحتفظوا بمعلوماتهم معهم. وبالنسبة إلى الأفراد الذين كانوا يُجرون عملية البحث دعوهم يأتوا هنا ويقولوا لنا أين الطيار. وأنا أعني أنهم يقومون بعملية البحث».
لم يستطع صدام تذكر اسم الطيار. وقال إنه أمر المسؤولين العراقيين بالسماح للأميركيين بالبحث عن الطيار، وقال إن المسؤولين العراقيين قدّموا يد العون من خلال تقديم معلومات حول مكان الطيار.
* صدام: أنا من وضع خطة غزو الكويت وتنفيذها استغرق ساعتين ونصف الساعة
ـ قال إنه خطط لمهاجمة الخفجي لجر قوات التحالف إلى قتال بري
ـ محضر جلسة الاستجواب الـ11
ـ 3 مارس (آذار) 2004
* قبل بدء المقابلة، قيل لصدام إن هذه الجلسة سوف تكون استكمالا لجلسات النقاش المتعلقة بغزو الكويت. وقد قال صدام إنه الذي وضع خطة الغزو العراقي للكويت، ولأن الكويت، جغرافيا، هي في الأساس أرض مفتوحة فلم تكن هناك حاجة إلى خطط تكتيكية محددة أو مصادر قوة معينة للقيام بتلك العملية، فأي شخص لديه خبرة عسكرية يستطيع أن يضع خطة غزو عسكرية فعالة.
وقد اكتمل غزو الكويت خلال ساعتين ونصف الساعة كما كان مقدرا سلفا، وقال صدام إنه كان يجب ألا يستغرق الأمر أكثر من ساعة، فهو يعتقد أن الأمر كان من المفترض أن يتم بسرعة أكبر من المقدرة سلفا، نظرا لمساندة الشعب الكويتي للغزو. وقد تراجع صدام بذلك عن تصريح سابق له في الاستجوابات السابقة بأن الشعب الكويتي قد طلب من العراق غزو بلادهم للتخلص من القيادة الكويتية. وعندما طلب منه أن يوضح كيف عبر المواطنون الكويتيون عن رغبتهم تلك إلى الحكومة العراقية قبل الغزو أجاب صدام بأن بعض الكويتيين وليس جميعهم كانوا يشعرون بذلك، مضيفا: «لقد شعرنا بأنهم يطلبون منا ذلك».
وفيما يتعلق بالهجوم على مدينة الخفجي الساحلية والذين خططوا لذلك الهجوم أجاب صدام «أنا».. مضيفا أنه لن يلقي باللوم على أصدقائه. وأضاف: إن خطط الجيش كانت سهلة بعد ثماني سنوات من الحرب مع إيران، من 1980 إلى 1988، كما أن أي عملية عسكرية تتطلب خبرة بجغرافية المنطقة وخبرة بالأسلحة وبقدرات العدو، بالإضافة إلى قدراتنا نحن، بالإضافة إلى العوامل الأخرى التي تشمل التدريب، والإمدادات اللوجيستية ومعنويات الجنود. ومع توافر تلك الخبرات، كانت خطة العملية التي قام بها الجيش في الخفجي سهلة للغاية.

فقد كانت الأرض مفتوحة بما يشبه جنوبي العراق، ولا توجد بها أي «تعقيدات»، ومصدر القلق الوحيد كان يتعلق بقدرات العدو الجوية.
وعندما سئل عما إذا كان الغرض من الهجوم على الخفجي هو إجبار قوات التحالف على الدخول في حرب برية، أجاب صدام بأن خبراء الجيش كانوا يعلمون أن أي هجوم بري ضد الجيش العراقي كان عملية صعبة، كما أنه يعتقد أن العدو يحتاج إلى حوالي مليوني جندي لكي يدخلوا حربا برية مع القوات البرية العراقية، إلا أنه يمكن استخدام السلاح الجوي لضرب القوات العراقية ومن ثم يعودون إلى القواعد.
وقد أشارت المعلومات الأولية التي توافرت للعراق إلى أن قوات التحالف البرية كانت تقبع في المنطقة المحيطة بالخفجي، ولهذا السبب قررت القوات العراقية أن تهاجم قوات التحالف وأن تجبرها على القتال.. وقال صدام «إنه يبدو أن قوات التحالف قد انسحبت في أعقاب هجوم القوات العراقية، وبعد ذلك، ظلت القوات البرية العراقية في تلك المنطقة، وكلما مر الوقت كان العراق يخسر جنودا، وذخيرة، ومعدات، وقد قتل العديد من الجنود العراقية نتيجة الضربات الجوية المتكررة لقوات التحالف بدون أن نرى أبدا العدو يقترب من الأرض».
وقد أنكر صدام حسين أن تكون القوات العراقية قد هزمت في الخفجي مما أجبرهم على الانسحاب، وقال إن العراق لم يكن ينوي احتلال المدينة، فقد ذهبت القوات العراقية البرية إلى الموقع لمحاربة قوات التحالف البرية، وبعدما لم تواجه أي مقاومة برية، انسحبت القوات العراقية في اليوم الثاني باختيارها، وألمح صدام إلى أنه يبدو أن قوات التحالف لم تكن تدرك انسحاب العراقيين لعدة أيام، وقد اعترف صدام حسين بأن قوات التحالف كانت متفوقة جويا. وفيما يتعلق بما إذا كان أحد الأهداف العراقية من الهجوم على الخفجي كان اعتقال أسرى حرب أميركيين، أجاب صدام بأن أحد مبادئ الحرب هو أن تقتل أو تأسر العدو. وبعد أربعة عشر يوما من هجوم قوات التحالف على القوات العراقية، أراد العراق أن يحدث إصابات بين صفوف قوات التحالف، إلا أن العراق كان يفضل أن يعتقل بعض جنود التحالف.
وفي رأي صدام، فإن ذلك كان يمكن أن يكون له «أثر كبير» على العدو. واعترف صدام بأن الهجوم على الخفجي ربما لم يكن فعالا، إلا أنه ربما يكون قد أظهر لقوات التحالف القوة العراقية. وربما يكون ذلك هو ما أدى إلى الضربات الجوية الممتدة التي شنتها قوات التحالف، كما أنه ربما يكون قد أدى إلى تأخير الهجوم البري لقوات التحالف.
ويعتقد صدام أنه كان يجب أن تشن القوات العراقية الهجوم البري في وقت مبكر عن ذلك، ولكن العملية تم تأجيلها لأسبوع إضافي، مما وفر فرصة لقوات التحالف لشن ضربات جوية إضافية، مما أضعف القوات البرية العراقية. وقد أنكر صدام وجود خطة لاعتقال أسرى حرب أميركيين كوسيلة لمنع الهجمات الجوية المستمرة من قبل قوات التحالف، وأكد أنه، وليس أي شخص آخر في الحكومة العراقية أو القيادات، هو من كان يعطي الأوامر بإطلاق الصواريخ الباليستية على إسرائيل، قائلا «إن كل شيء حدث لنا كان بسبب إسرائيل».. وأضاف أن كل «الأشياء السيئة» بالنسبة للعرب تأتي كنتيجة للممارسات الإسرائيلية، كما قال إن إسرائيل «تدفع» السياسيين الأميركيين و«تملؤهم بالكراهية»؛ فقد بدأت إسرائيل بالهجوم على العراق في عام 1981 مدمرة المفاعل النووي الوحيد في البلاد. ومن وجهة نظر العراق فإن الحرب مع إسرائيل «مازالت مستمرة». وخلال حرب 1991 كان صدام يعتقد أن الولايات المتحدة ربما توقف الحرب إذا «تأذت» إسرائيل. كما أنه أراد كذلك أن يعاقب الدولة التي يعتبرها مصدر كل المشكلات، وأنكر صدام أن يكون أحد أسبابه لضرب إسرائيل بالصواريخ الباليستية هو الانتقام من إسرائيل، أو جعل التحالف ينهار، أو لكي يتخلى العرب عن تأييدهم للتحالف. ووفقا لصدام، فإن الدول العربية التي كانت تساند التحالف قد لحق بها «العار». إلا أن أي سحب لتأييدهم ضد العراق كان عديم الفائدة.
وقال صدام إنه كان هناك سببان للحرب في 1991، النفط وإسرائيل. وأضاف أن الكويت لم تكن تفكر في عمل أي شيء ضد العراق، إلا إذا «دفعت» من قبل دولة أخرى (الولايات المتحدة). وعندما أخبر المحقق صدام بأن المؤرخين يعتقدون أن العراق هي من بدأت بالهجوم، أجاب صدام بأن ذلك كان نتيجة «ممارسات الكويت» ولم يكن «سبب الحرب».
وقد أنكر صدام أن تكون القوات العراقية قد انسحبت من الكويت بعد أن منيت بالهزيمة، وأصر على أن القوات العراقية قد انسحب نتيجة قرار رسمي، فقد تم التفاوض مع الروس بشأن وقف إطلاق النيران والانسحاب العراقي، وقد قبل العراق ذلك. وقد شنت قوات التحالف ضرباتها الجوية ضد القوات البرية العراقية في الوقت الذي كانت فيه القوات العراقية تنسحب بموجب أوامر رسمية أصدرتها القيادة العراقية، وأنكر صدام أن تكون القوات العراقية قد انسحبت خشية التعرض للتصفية.
وقال صدام إنه كانت هناك خطة لانسحاب القوات العراقية منذ 12 أغسطس (آب) 1990، إلا أن العراق لم يجد أي حكومة في المجتمع الدولي أو في الدول العربية يمكن أن توافق على التفاوض وفقا لتلك الخطة. وقد عبر الرئيس الفرنسي عن تأييده لتلك الخطة في البداية، ولكنه سحب ذلك التأييد بعد أن خضع للضغوط التي مارستها عليه الولايات المتحدة الأميركية. وبعد ذلك قبل العراق المبادرة الروسية التي كانت قد نوقشت قبل ذلك، وأنكر صدام أن يكون قد قبل الخطة بسبب الخسائر الضخمة التي مني بها الجيش العراقي.
ثم تحول الاستجواب بعد ذلك إلى مناقشة حول الخطاب الذي أرسله حسين كامل باسم الرئيس العراقي صدام حسين بتاريخ 19 فبراير (شباط) 1991 إلى علي حسن المجيد، والذي يشير في جزء منه إلى أنه يجب على الجيش العراقي أن ينقل أي أو كل الأشياء التي يمكن أن تساعد في إعادة بناء العراق. وقال صدام إن الطريقة الطبيعية لتلقي الأوامر من الرئيس تكون عبر الخطابات المرسلة من الديوان الرئاسي. ولم يكن كامل سكرتيرا ولكنه كان ببساطة واحدا من الوزراء العراقيين، كما أن كامل كان معروفا «بأن له طريقته الخاصة في تنفيذ الأشياء». وبعدما تلا عليه الخطاب أحد المترجمين سأل صدام حسين ما إذا كانت الأشياء التي ذكرت في ذلك الخطاب هي أشياء كان الجيش العراقي يستخدمها في الكويت أم أنها أشياء من الكويت نفسها، مضيفا أنه لم يأمر أبدا الجيش العراقي بتحريك أي أشياء سواء من معدات العراق نفسه أو من الأشياء الخاصة بالكويت. وقال صدام إن الخطاب ربما يشير إلى المعدات الكويتية التي استخدمها عدة وزراء عراقيين في الخدمات الحساسة مثل الكهرباء والمياه ووسائل النقل وخدمات الهاتف. وقال إنه ببساطة كان خطابا من وزير إلى وزير آخر، طالبا منه إعادة المواد التي أخذتها القوات العراقية إلى الكويت.. وأضاف صدام أنه لم يأمر بكتابة الخطاب، وأن أي أشياء أو مواد أخذت من الكويت بعد ذلك الخطاب تم الإعلان عنها.
وعندما سئل عما إذا كان مسموحا للقيادات العراقية إرسال خطابات باسم الرئيس بدون علمه أجاب «هناك عناصر سيئة في كل مكان. وهو ميت (حسين كامل) الآن». وأنكر صدام معرفته إذا ما كان هناك أعضاء آخرون في القيادة العراقية يتصرفون باسم الرئيس بدون أن يكون الرئيس فعليا قد خول إليهم تلك الصلاحيات، وقال صدام إن الخطاب المذكور لم يكن خطابا رسميا. وكرر أن الطريقة الرسمية لإصدار مثل تلك الخطابات بعد أوامر من صدام نفسه كانت تقتضي إرسال الخطاب من الديوان الرئاسي إلى علي حسن المجيد، خاصة ذلك النوع من الخطابات الذي يخول سلطات إلى شخص محدد هو في هذه الحالة حسين كامل.
* صدام: أميركا أملت على العراق خطوات بشأن الكويت كان تنفيذها مستحيلا
ـ قال إن العدد الكبير من الجنود العراقيين الذين وقعوا في الأسر لم يؤثر على عزيمة جيشه القتالية
ـ محضر جلسة الاستجواب الـ12
ـ 5 مارس (آذار) 2004
* قبل البدء في الاستجواب تم إعلام صدام بأن هذه الجلسة سوف تكون استكمالا للمناقشات السابقة التي تتعلق بالكويت.
أقر صدام بأن وزير الخارجية طارق عزيز التقى بوزير الخارجية (الأميركي) جيمس بيكر في جنيف بسويسرا في يناير (كانون الثاني) 1991، ومن وجهة نظر القيادة العراقية، فإن هدف هذا اللقاء كان استغلال أية فرصة للسلام فيما يتعلق بالموقف مع الكويت. وعندما بدت الفرصة سانحة لمناقشة ذلك الأمر مع مندوب أميركا، قرر العراق أن يستغلها، وكانت القيادة العراقية تعتقد أن أي نتائج سيسفر عنها هذا اللقاء سوف «يكون لها وزنها» في المجتمع الدولي.
ووفقا لصدام، فإن بيكر لم يقدم أي حلول للمسألة الكويتية، بل إن بيكر قد أملى على عزيز خطوات محددة ترغب الولايات المتحدة أن يقوم بها العراق أولا، وأضاف بيكر «وإلا، سوف نعيدكم إلى عصر ما قبل الصناعة.» وقد أخبر عزيز بيكر بأن تنفيذ تلك الخطوات سوف يكون مستحيلا.
وقال صدام إن قضية الكويت كانت بحاجة لأن توضع في إطار القانون الدولي، فكان يجب ألا يتم وضع تلك القضية في يد طرف واحد يملي من خلالها الجانب القوي (الولايات المتحدة) على الجانب الضعيف (العراق) شروط الاتفاق. فكان العراق يسعى إلى وضع إطار لا يظهر من خلاله كدولة مهزومة ولكن إطار يظهر الاحترام للجيش والشعب العراقيين.
ويقول صدام «نحن راغبون في السلام». وفي وثيقة مؤرخة بـ12 أغسطس (آب) 1990، عبر العراق عن تلك الرغبة من خلال الاقتراح الأول. وكما هو مذكور في استجواب سابق، فإن ذلك الاقتراح لم يقبله أي عضو في المجتمع الدولي، فقد أراد العراق ضمانا بألا يتعرض لأي اعتداءات وبإنهاء العقوبات التجارية المفروضة عليه. ومن دون الوجود في إطار القانون الدولي، كرر صدام بأن العراق كان ليظهر بمظهر المهزوم في قضية العراق ـ الكويت. وقد اعتبر صدام أن ذلك الاقتراح العراقي بحل سلمي والمذكور سلفا فيما يتعلق بالكويت كان قانونيا، ومثله مثل أي اقتراح آخر لن يتم قبول كل أجزائه. ولكن ذلك الحل العراقي لم تتم مناقشته أبدا على أية حال. وقد تساءل صدام إذا ما كانت قضية الكويت أكثر أهمية من القضية الفلسطينية. وقال إنه يعتقد أن الكويت تعتبر أكثر أهمية بالنسبة للولايات المتحدة والمجتمع الدولي لأن العراق كان كيانا معارضا بالإضافة لوجود النفط في الكويت. وكما هو مذكور في حوار سابق، فقد أشار صدام إلى أن الكويت «أخذت» من العراق، وأضاف أن العالم لم «يتجمع ويقف» عندما أعيد توحيد اليمن بعد سنوات من الانفصال.
واستمرارا للمناقشة المتعلقة بالاقتراح العراقي في 12 أغسطس (آب) 1990، تساءل صدام عن سبب اعتبار طلب العراق تفعيل قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالأراضي التي استولت عليها كل من إسرائيل وسورية أمرا غير عادي. فإذا كانت هذه القرارات قد فعلت، لكان العراقيون سوف يؤمنون بأن القانون الدولي يتم تطبيقه بعدالة على العراق في 1991، وقال صدام إنه لم يخبر أحد العراق بأن هناك فقرات أو مقاطع في الاقتراح العراقي تحتاج إلى التغيير أو الحذف، وأكد أن العراق كان قد سلك بجدية عدة مسالك لتحقيق السلام.
وعندما سئل عما إذا كان القادة العراقيون مندهشين من عدد سجناء الحرب العراقية الذين يقدرون بنحو 86743 والذين اعتقلتهم قوات التحالف خلال حرب 1991، أجاب صدام «لا، فتلك هي الحرب». ووفقا لصدام، فإنه لم يتم اعتقال أسرى الحرب العراقيين بالمعنى التقليدي، فكانت هناك عدة عوامل أدت إلى اعتقالهم بما فيها فقدانهم لوسائل الاتصالات والنقل، والافتقار إلى الطعام والإحساس بالضياع. ونظرا لهذه العوامل فإن العديد من الجنود العراقيين قد سافروا إلى السعودية بحثا عن الملجأ الآمن فالتقطتهم قوات التحالف.
وعلى العكس من ذلك، فقد قال صدام إن أثر الهجمات الموجهة ضد العراقيين في 2003 كان أعظم من هجمات 1991. وعلى الرغم من ذلك، فإنه تم اعتقال عدد أقل من أسرى الحرب العراقيين في 2003 وقد أرجع صدام ذلك إلى عدة عوامل كانت موجودة في 1991.
وأنكر صدام أن القيادة العراقية كانت تشعر بالإحباط من أسر ذلك العدد الكبير من أسرى الحرب في 1991. وقال صدام، «لم يكن هناك شيء يفتر عزيمتنا». وقال إن الحرب فيها حظ وسوء حظ، وإن تلك كانت إرادة الله، وأنكر أن يكون اعتقال قوات التحالف لذلك العدد الكبير من الجنود العراقيين قد أثر على القدرات العراقية في الاستمرار بالقتال، وزعم أن ذلك العدد لا يشير إلى نتيجة المرحلة أو الحرب، مضيفا أن العراق قد كسب الحرب ضد إيران على الرغم من أن إيران قد اعتقلت عددا أكبر من أسرى الحرب. وفي رأي صدام، فإن اعتقال عدد معين من أسرى الحرب لا يؤثر بالضرورة على إرادة القتال ولا يجبر على اتخاذ قرارات عسكرية معينة. وأقر صدام بأن قوات التحالف قد أطلقت سراح أسرى الحرب العراقيين في 1991 وسمحت لهم بالعودة إلى العراق بعد توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار.
وقد سئل صدام حول الخمسة وأربعين جنديا من قوات التحالف الذين اعتقلهم العراق كأسرى حرب والغرض من الظهور القسري لطيارين بريطانيين من أسرى الحرب لدى العراق على التلفزيون العراقي. وأشار المحقق إلى أن الطيارين كان يبدو أنهم قد تعرضوا للإيذاء الجسدي وأن ظهورهم على شاشات التلفزيون يعد خرقا لمعاهدة جنيف، فأجاب صدام بأن أسرى الحرب، خاصة الطيارين، يدلون بتفاصيل مختلفة حول اعتقالهم فبعضهم كان يقول إن الفلاحين أو القرويين هم الذين اعتقلوه، بينما يقول آخرون إنهم اعتقلوا من قبل «مجموعة من الناس». ربما يكون هؤلاء العراقيون قد احتفلوا باعتقال مقاتلي قوات التحالف بضربهم وجرهم. فلم يكن دائما الجيش العراقي مسيطرا أو عالما بالملابسات المتعلقة باعتقال الأفراد لأن الاتصالات بين وحدات الجيش قطعتها قوات التحالف.
وفيما يتعلق بأسرى قوات التحالف الذين تم اعتقالهم في 1991، أنكر صدام معرفته بأي نوع من أنواع الإساءة لهم من قبل الذين يخدمون في الجيش العراقي أو الحكومة العراقية. لكنه أضاف أنه لا ينكر أن الآخرين ربما قد «تصرفوا بشكل غير لائق» وإنه كان يتحدث فقط عن معرفته الشخصية بالمسألة. وأضاف صدام أنه كان سوف يدلي بمثل تلك المعلومات إذا كان يعرفها، وقال إنه ملتزم بنص أكثر قدما من معاهدة جنيف وهو القرآن. فالقرآن والتقاليد العربية يؤمنان بأن المعاملة الحسنة لأسرى الحرب تعد «نبلا». ويعتقد صدام بأنه يجب أن يحترم العالم بأسره المبادئ التي أقرتها معاهدة جنيف بغض النظر عن الملابسات أو الجنسية.
وفيما يتعلق بالتقارير التي تفيد بتعرض أسرى الحرب كافة من قوات التحالف للتعذيب في الحبس العراقي، لم يؤكد صدام أو ينفي هذه التقارير، ولكنه قال إن تلك المعلومات «في ضمير» الذين أوردوها في التقارير وفي ضمائر الذين أجروا التحقيقات. وقد فسر صدام ذلك بأن القادة يأمرون عن طريق «وسائل الاتصالات». وأن القادة الأقل منهم يقودون عن طريق «رؤيتهم أو رأيهم». ومن دون وجود وسائل اتصال مناسبة، فإن كل كيان يتصرف وفقا لـ«رؤيته للأشياء»، وكرر صدام أن أنظمة الاتصالات العراقية لم تكن تعمل منذ حرب 1991، وبناء عليه، فإنه يتوقع أن تكون بعض ممارسات الإيذاء الجسدي المذكورة مثل حرق شعر أحد أسرى الحرب ربما تكون نوعا من «الحماقة». وعندما أشار المحقق إلى أن إساءة معاملة قوات التحالف ربما تؤدي إلى الاعتقاد بأن تلك الممارسات كانت شائعة الاستخدام من قبل الجيش العراقي بأسره أجاب صدام: «لقد أجبت».
وأكد صدام أنه لا يشكك في مزاعم إساءة معاملة أسرى حرب قوات التحالف، وأنه ليست لديه أية معلومات شخصية سواء لتأكيد أو نفي تلك المزاعم. إلا أنه ومن وجهة نظر عملية، فإنه لا يشك في أن الشعب العراقي بعدما تعرض لهجوم طياري قوات التحالف ربما يكون أساء معاملة الطيارين، خاصة إذا كانوا قد شاركوا في اعتقالهم.

http://www.aawsat.com/details.asp?section=1&issueno=11179&article=526536


RE: «الشرق الأوسط» تنشر محاضر استجواب المباحث الأميركية لصدام - حسام راغب - 07-08-2009

..ولمن الشرق الأوسط اللي بتنشر تلك الحوارات, جنابك بتنشرها هنا ليش و تلوح أعناقنا..؟؟

يعني شايفنا غلابة ما بنقدر نشتري جريدة الشرق الأوسط و التي تصدر من بلاط سلمان ن عبد العزيز والأخير لا يجيد القراءة أو الكتابة أو التحدث..

يا رجل اذا عندك شيء من عندك و جيد و مستوى رفيع يليق بمقام المنتدى, فأهلا بك والا رووووووح في حال سبيلك و الله يرزقك من واسع فضله..

راغب..


RE: «الشرق الأوسط» تنشر محاضر استجواب المباحث الأميركية لصدام - Blind Pen - 07-08-2009

(07-08-2009, 05:47 PM)حسام راغب كتب:  يا رجل اذا عندك شيء من عندك و جيد و مستوى رفيع يليق بمقام المنتدى, فأهلا بك والا رووووووح في حال سبيلك و الله يرزقك من واسع فضله..

راغب..

وهذه أمثلة على ما هو جيد ومستوى رفيع يليق بمقام المنتدى بقلم الزميل حسام منذ أقل من ساعة على مشاركته هذه:

(07-08-2009, 05:03 PM)حسام راغب كتب:  عزيزي بهاء

لو كل الناس فكروا كما تفكر ما وجدت دواء لعلتك أو قلما يعبر عن رأيك أو حتى وسيلة تواصل كالنت تنثر فيها رأيك. كلامك يدل على أنك محفوف بكثير من الاحباط و لديك حقد دفين على الناجحين في حياتهم, وكل ذلك لأسباب غالبا مصدرها ارتخاء القضيب الذكري عندك الى درجة لا أمل في انتصابه ولا بالطبل البلدي..

حاول تخفف من شرب الكحول و استعن بالرياضة القاسية ولا تكتب كثيرا لأن أخطائك الاملائية لا يمكن رصدها من كثرتها..

راغب..

(07-08-2009, 01:27 PM)حسام راغب كتب:   دولة كسوريا لا تملك شيء سوى بضع أطنان من المشمش يتحول فيما بعد الى قمر الدين فيصدر في شكل "ثياب" لشاربيه حلوا طيبا في سحر رمضان الكريه..!

سوريا لا تحتوي شعبا أو أمة يمكن الاعتماد عليها. كل ما نعرفه عن السوريين في السعودية أنهم أطباء اسنانجيدين و "معنطزين" و دمهم يلطش و "نور" كدابين "بريمو" وأفاقين بلا قلب و غير مرغوب فيهم لأن السوري امتزج جهله بالفظاظة. فما لبشار سوى ايران أو السعودية أو كليهما, و "كليهما" اقذر من ذيل الكلب بعد مبيته في مستنقع لشخان الحمير..

فماذا يصنع بشار..؟؟

يديها دين. نعم الشعب السوري و هم بقايا حيثيين و غساسنة و أمم من اسيا الصغرى و الوسطى حين أولجوا عنوة بالسلام وامتزج الدم العربي الغثيث بالدماء السلجوقية تحول الى كائن لا يمكن احتوائه الا بال"سك" وهذا القانون بداية "للسك" و "التسديغ" الذي يعشقه السوريون, فهنيئا لهم هذا القانون..


راغب..



RE: «الشرق الأوسط» تنشر محاضر استجواب المباحث الأميركية لصدام - ابن نجد - 07-08-2009

صدام: انتفاضات 1991 قام بها لصوص.. ووافدون من إيران

GMT 23:30:00 2009 الثلائاء 7 يوليو


الشرق الاوسط اللندنية


قال: أعضاء في حزب الدعوة جاءوا من إيران

لندن: «الشرق الأوسط»

يكشف الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين الذي أعدم نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2006 في وثائق سرية أفرج عنها الأرشيف القومي الأميركي الأربعاء الماضي خفايا كثيرة عن حروبه وأيامه الأخيرة في الحكم وحتى اعتقاله وظروفه في السجن. والوثائق التي تواصل «الشرق الأوسط» نشرها اليوم هي عبارة عن محاضر 20 استجوابا رسميا وخمس محادثات عادية أجراها جورج بيرو، وهو محقق من مكتب المباحث الفيدرالي الأميركي «إف بي آي»، للرئيس السابق ما بين 7 فبراير (شباط) و28 يونيو (حزيران) 2004. وعندما سئل عن الانتفاضات التي أشارت تقارير عديدة لاندلاعها جنوبي العراق بعد حرب عام 1991، قال صدام إنه في غضون يوم واحد من وقف إطلاق النار عام 1991، شرعت «بعض العناصر» في تنفيذ عمليات تخريبية في المدن العراقية الجنوبية، البصرة والناصرية والعمارة. وفي وقت لاحق، انتشرت تلك الأنشطة إلى مدن شمالية، السليمانية وإربيل وكركوك. وقال صدام إن الجماعات التي نفذت مثل تلك العمليات «مدفوعة من إيران»، موضحا أن العراق ألقى القبض على 68 ضابط استخبارات إيرانيا تمت مبادلتهم لاحقا مقابل أسرى عراقيين. وأشار صدام إلى أن «العناصر» التي شاركت في الانتفاضات كانت مزيجا من لصوص ومتمردين و«أولئك الوافدين من إيران». وتضمنت المجموعة الأخيرة أشخاصا يعملون لحساب الحكومة الإيرانية، وعراقيين من أصول إيرانية، وعراقيين «هربوا» إلى إيران. وأكد صدام أنه في أعقاب اتخاذه قرار بإعادة التأكيد على سيطرة الحكومة على البلاد، أولت القيادة العراقية المنطقة الجنوبية من البلاد أولوية كبرى. وكانت تلك هي المنطقة التي واجهت فيها القوات العراقية وحاربت عناصر تنتمي بصورة أساسية لإيران. وبعد استعادة النظام إلى جنوبي العراق، ركزت القوات الحكومية على المنطقة الشمالية، حيث جابهت مقاومة هزيلة، وأحيانا لم تجد أية مقاومة. وأكد صدام أنه كان يجب على الحكومة العراقية مواجهة هؤلاء الأفراد الذين شاركوا في الانتفاضات، وقال إنه على الرغم من أن «أجنحة السلطات كانت مشتتة» بسبب حرب 1991، فقد قامت الحكومة العراقية بـ«إلقاء القبض عليهم وضربت العدو». وأضاف أن هؤلاء الذين لا يردعهم الكلام يردعهم السلاح. وطلبت القيادة العراقية من الجيش أن يجمع أكبر قدر ممكن من القوات لمواجهة «الخيانة» وللتعامل مع الاضطرابات.
* صدام: الكويت هي العراق وبريطانيا سرقتها لأن فيها نفطا.. ولم نأسر أي كويتي
ـ شكك في خسارة الكويت 180 مليار دولار جراء غزوها واحتلالها.. وطالب بتحقيق «محايد»
ـ محضر جلسة الاستجواب الـ 13
ـ 11 مارس (آذار) 2004
* قبل بدء المقابلة، قيل لصدام إن هذه الجلسة سوف تكون استكمالا لجلسات النقاش السابقة المتعلقة بالكويت. فيما يتعلق بالمعلومات التي أوردتها الحكومة الكويتية والتي تشير إلى أن الغزو العراقي واحتلال الكويت قد أسفر عن خسائر للدولة قيمتها 180 مليار دولار. سأل صدام عن مصدر تلك المعلومات، وعندما أخبر بأن المصدر هو الكويت، سأل صدام ما إذا كانت هيئة محايدة وقانونية قد سألت الكويت عن أسباب وصولها إلى تلك النتيجة، وقال إنه لم يسأل «أحد» الكويت عن تفاصيل تحقيقاتهم في تلك المسألة. وتساءل صدام مرة أخرى عن وجود دليل يدعم افتراضات الكويت.
وأعاد صدام المعلومات التي ذكرت في استجواب سابق والتي تفيد بأن «الكويت هي العراق». ووفقا لصدام فإن الكويت قد «سرقت» من العراق بموجب قرار بريطاني.. وأضاف أنه إن لم تكن الكويت دولة نفطية فإنها لم تكن «لتسرق».
وقال صدام إن غطرسة الحكام الكويتيين تجعلهم «أغبياء»، وجعلتهم يشنون الحرب. كما أنه أضاف بعد ذلك أنه يستطيع فهم أن تريد الولايات المتحدة التي تقع على الجهة الأخرى من المحيط الأطلسي أن يصبح العراق دولة فقيرة، إلا أنه لا يستطيع فهم السبب الذي يجعل الكويت ترغب في أن تجاور «دولة تتضور جوعا».
وأكد صدام أنه لا يقول إن الكويت ليس لديها الحق في إصدار مثل تلك التصريحات، ولكنه تساءل مرة أخرى عن هوية الهيئة المحايدة التي فحصت هذه المسألة وما إذا كانت قد ناقشتها مع العراق، ويعتقد صدام أنه كان يجب تشكيل شيء مماثل للمحكمة لسماع التفاصيل من كلا الجانبين ولاتخاذ قرار بشأنها. إلا أن شيئا من ذلك لم يحدث. وقال صدام إنه قبل الحرب الأخيرة، قال المسؤولون الأميركيون إنه سيتم شطب كل الديون العراقية بما فيها الديون التي يدين بها إلى الكويت. وفي رأي صدام، فإن ذلك يثبت أن «أي قدر من المال ندين به للكويت لم يكن مسألة قانونية» بل كان مسألة «سياسية».. وأضاف أن تلك السياسة كانت تنتهجها الولايات المتحدة وليست الأمم المتحدة أو الكويت أو أي كيان آخر. وقد أخبر المحقق صدام بأن الكويت لم تطلب أي تعويضات عن الأضرار التي لحقت بها خلال الغزو والاحتلال العراقي لها، إلا أنها طلبت استعادة الـ605 أسرى حرب.
وحتى اليوم، لم يعد هؤلاء الأسرى، وقال صدام إن هؤلاء الكويتيين لم يتم «أسرهم»، وإنهم مفقودون كما هو محدد في قرار الأمم المتحدة، وقال إن هناك «العديد من القصص والروايات التي أحيكت» حول تلك القضية، مثل تلك التي أحيكت حول امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل، فقد تم إثبات أن اتهامات الكويت بوجود أسرى حرب لها عندنا ليست صحيحة، وهو ما يماثل أسلحة الدمار الشامل.
وأضاف صدام أنه عادة ما يصبح الأشخاص «مفقودين» في الحرب، واستشهد بجندي التحالف الذي لا يزال مفقودا من حرب الخليج الأولى وآلاف العراقيين والإيرانيين المفقودين من الحرب بين الدولتين.
وبالنسبة للـ605 كويتيين، قال صدام إن الكويت تعرف مصيرهم، وأنكر علمه بوجود 605 كويتيين معتقلين في ظروف غير ظروف القتال بعد الغزو العراقي للكويت. كما أقر صدام بأن عزيز صالح النعمان كان حاكما للكويت خلال الاحتلال العراقي، وهو منصب كان يشغله علي حسن المجيد في ذلك الوقت، وأنه كان خاضعا مباشرة لوزير الداخلية العراقي، وقد تم تحديد مهام النعمان كحاكم لاحقا في القوانين المحلية العراقية، ولا يتذكر صدام إذا ما كان قد عين النعمان بنفسه أو أنه تم تعيينه بموجب مرسوم أصدره مجلس قيادة الثورة في العراق.
ففي العراق يحدد الدستور مقدما سلطة مجلس قيادة الثورة وسلطة الرئيس الذي هو أيضا رئيس مجلس قيادة الثورة. كما أن بعض التعيينات الحكومية مثل تلك التي تمنح لبعض المسؤولين البارزين في الجيش والقضاة والمدراء العامين تعتمد على توجيهات «رئاسية».
وأوضح صدام أن النظام العراقي لا يمنع الرئيس من ترشيح اسم للتعيين، طالبا من المجلس أن يقدم رأيه في ذلك الترشيح، فالقرارات في العراق يوقعها الرئيس، كما أن له الحق في استشارة أو عدم استشارة أحد. وقال صدام إن «طريقته» كانت أن يستشير دائما الآخرين عندما يأتي وقت اتخاذ القرار؛ فكان يتم تعيين الحكام وفقا لتوجيهات «رئاسية». ولكن صدام لا يتذكر ما إذا كان قد ناقش مسألة تعيين النعمان مع المجلس أم لا.
وعندما سئل بشأن استخدام العراق للكويتيين واليابانيين والغربيين كدروع بشرية خلال حرب الخليج الأولى بما في ذلك وضعهم في مواقع رئيسية مثل مراكز الاتصالات والمواقع العسكرية، أنكر صدام أن يكون قد تم وضع الأفراد في مواقع عسكرية عراقية. وأضاف أن الحكومة العراقية لم تكن تمنع الأفراد من التطوع كدروع بشرية لحماية الهيئات مثل مراكز الاتصالات.. وعندما سئل عما إذا كان هناك متطوعون في عام 1991 أجاب صدام «لا أتذكر».
وقد قرأ المترجم على صدام خطابا من الحكومة العراقية أصدره قصي صدام يتعلق باستخدام السجناء الكويتيين كدروع بشرية، فأجاب صدام بأنه ليس لديه معلومات حول ذلك الخطاب، وعندما أخبر صدام بأن الخطاب حصلت عليه القوات الأميركية من أحد مباني الحكومة العراقية وأن الخطاب يبدو قانونيا، أجاب صدام «لقد أجبت».
وتساءل صدام عما إذا كان هؤلاء الأسرى المذكورون في ذلك الخطاب قد سئلوا حول اعتقالهم في العراق أو استخدامهم كدروع بشرية. وقال صدام إن العراق أطلق سراح جميع الأسرى الكويتيين، وبعد أن أخبر بأن الخطاب يرجع تاريخه إلى 14 مارس (آذار) 2003 أجاب: «إنه تزييف. فذلك مستحيل». واقترح أن يتم فحص الخطاب بعناية لتحديد أصالته، وأضاف أنه كان يعتقد أن تاريخ الخطاب يرجع إلى 1991.
وذكر صدام أنه إذا كان تاريخ الخطاب هو 2003، فهو مزيف، مضيفا أن العراق لم يكن لديه أسرى في ذلك الوقت، وقال صدام إن قصي لم يكن ذلك النوع من الأشخاص الذي «يفعل مثل تلك الأمور». وكرر مرة أخرى أنه يجب على الخبراء في الولايات المتحدة والعراق فحص ذلك الخطاب لبحث مدى موثوقيته.
وفيما يتعلق بالأسلحة الكيميائية والسبب الذي لم يجعل العراق يستخدمها في حرب الخليج الأولى، أجاب صدام بأنه سئل ذلك السؤال قبل ذلك وبأنه قد أجاب. وعندما أخبره المحقق بأنه لم يسأله ذلك السؤال من قبل، أجاب صدام بأنه يرى من الغريب أن يسأله المحقق أو أي شخص آخر ذلك السؤال، ليس فقط في ذلك الوقت بل في أي وقت آخر. وأضاف أنه ليس من سياسات العراق استخدام الأسلحة الكيميائية ضد قوات التحالف، وقال صدام إن ذلك من أجل التاريخ وليس افتراضات غير واقعية. وتساءل: كيف كان سيوصف العراق إذا كان قد استخدم الأسلحة الكيميائية، وأجاب عن السؤال الذي طرحه «كانوا سوف يصفوننا بالأغبياء». ووفقا لصدام فإن المسؤولين العراقيين لم يتناقشوا أبدا حول الأسلحة الكيميائية واستخدامها قبل أو خلال حرب 1991.
وكما هو مذكور في حوار سابق، فقد أقر صدام بحدوث لقاء في يناير (كانون الثاني) 1991 قبل الحرب مباشرة بين وزير الخارجية الأميركي جيمس بيكر ووزير الخارجية العراقي طارق عزيز. ويتذكر صدام عبارة قالها بيكر «سوف نجعل العراق يعود إلى عصر ما قبل الصناعة». وقال إن العراق لم يكن تخيفه التهديدات خاصة عندما تأتي من «موقع قوي». وأنكر صدام معرفته بذلك الجزء من المناقشة الذي يتعلق بموقف الولايات المتحدة فيما يتعلق باحتمالية استخدام العراق للأسلحة الكيميائية حال تعرضها لاعتداءات. ووفقا لصدام «فقد اتخذنا القرار الصائب». وأضاف أن استخدام الأسلحة الكيميائية «لم يخطر على بالنا».
وقال صدام إن وزير الدفاع العراقي سلطان هاشم وقائد الفيلق الثاني (صالح) كانا يمثلان العراق في مباحثات وقف إطلاق النار خلال حرب الخليج الأولى. وإن مواقفهم ورؤاهم كانت مماثلة لمواقف القيادة العراقية فيما يتعلق بتأمين وقف إطلاق النار وبدء انسحاب القوات الأجنبية من العراق. وقال صدام إن العراق لم يكن يستهدف استمرار الحرب وكان يرغب في وقف إطلاق النار. وعند سؤاله حول العناصر التي ناقشها العراق في مباحثات وقف إطلاق النار في 1991 قال صدام إنه لا يتذكر أي طلبات عراقية إضافية عدا انسحاب القوات الأجنبية من أراضيهم. وفي رأي صدام، فإن القتال كان ليستمر بدون ذلك الانسحاب، وأنكر معرفته بأن العراق طلب وتلقى إذنا باستمرار طيران الطائرات المروحية. كما أنكر معرفته بالغرض من مثل ذلك الطلب العراقي.

http://www.aawsat.com/details.asp?section=1&issueno=11180&article=526674



RE: «الشرق الأوسط» تنشر محاضر استجواب المباحث الأميركية لصدام - ابن نجد - 07-09-2009

صدام رداً على شكوى امرأة: ماذا كنت تملكين.. أعواد القصب؟


يكشف الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين الذي أُعدم نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2006 في وثائق سرية أفرج عنها الأرشيف القومي الأميركي أخيرا خفايا كثيرة عن حروبه وأيامه الأخيرة في الحكم وحتى اعتقاله وظروفه في السجن. والوثائق التي تواصل «الشرق الأوسط» اليوم نشرها هي عبارة عن محاضر 20 استجوابا رسميا وخمسة محادثات عادية أجراها جورج بيرو، وهو محقق من مكتب المباحث الفيدرالي الأميركي «إف بي آي»، للرئيس السابق ما بين 7 فبراير (شباط) و28 يونيو (حزيران) 2004. وعرض المحقق الفيلم الوثائقي المتعلق بالموقف في جنوب العراق عام 1991 بعد حرب الخليج الأولى. وقد قدم صدام تعليقات قبل مشاهدة الفيلم الوثائقي وقال إن على المرء الاستماع إلى الحقائق كافة وأن يعثر على الحقيقة. وتساءل صدام: «كيف ستعرف الحقيقة؟»، وأضاف أن المحقق سوف يستخدم وسائل الإعلام الغربية التي قد تكون متحيزة للوصول إلى الحقيقة.

وقال صدام :«إن جيشكم يحتل بلدي. وأنت حر. وأنا سجين». وأضاف أن الشخص الذي يبحث عن الحقيقة يجب عليه أن يتصل مباشرة بالأفراد المعنيين. وفي ما يتعلق بجنوب العراق عام 1991 بعد الحرب، أفاد صدام بأن على المرء أن يتحدث إلى «أولئك الذين انتُهكت حقوقهم مثل النساء» من قِبل من أرسلتهم إيران. وهؤلاء الأشخاص أنفسهم الذين أرسلتهم إيران هم من ارتكبوا جرائم أخرى في جنوب العراق، منها السرقة والحرق والقتل. وأفاد صدام بأن على المرء الاتصال بالأشخاص الآخرين الذين يشاركونه (صدام) الرأي.

وأشار صدام إلى أن مثل هذا الفيلم الوثائقي قد تم إعداده في الغرب وتمت إذاعته أول مرة في أميركا، وبالتالي فإنه ليس فيلما محايدا أنتجه أفراد محايدون. وأفاد صدام بأن المشهد الذي يظهر الشيعة في جنوب العراق «يمكن أن يُرى في أي مكان في الوقت الحاضر». وشكك صدام في رقم 300 ألف الذي زعم الفيلم أنهم قُتلوا في جنوب العراق. ومع استمرار الفيلم الوثائقي قامت سيدة من الجنوب برواية تفاصيل المعاملة التي لقيتها عائلتها على أيدي الحكومة العراقية، فقالت إنهم لم يتبقَّ لهم شيء وإنهم اضطروا إلى مغادرة منازلهم بممتلكات قليلة، وضحك صدام وسأل: «ما الذي كانت تملكه من قبل؟ أعواد القصب!».

* صدام أثناء مشاهدته فيلما عن الانتفاضة الشيعية: ما يصوره الفيلم يمكن أن يُرى في أي مكان

ـ قال إن الشريط الوثائقي أُعد في الغرب وتم بثه لأول مرة في أميركا وبالتالي فإنه ليس «محايدا»

ـ محضر جلسة الاستجواب الـ16

ـ في 19 مارس (آذار) 2004

* قبل بدء الجلسة، تم إعلام صدام بأن نقاش اليوم سوف يتضمن مشاهدة الفيلم الوثائقي المتعلق بالموقف في جنوب العراق عام 1991 بعد حرب الخليج الأولى.

وقد قدم صدام تعليقات قبل مشاهدة الفيلم الوثائقي. وقال إن كل شخص يقدم معلومات بناء على خلفية معينة، وتقوم هذه المعلومات على معتقداته وخبرات حياته. وعلى الرغم من وجود الرأي الشخصي، فإن المرء يتأثر بأفكار الآخرين. وأي شخص يقدم معلومات عن العراق أو أي بلد آخر فإنه يتحدث بناء على وجهات نظر ثلاث. الأولى هي «الميزان المقدس» حسب معتقداته، والثانية هي الميزان الذي يقوم على خبرات حياته في بلده، والثالثة هي وجهة النظر النهائية التي تقوم على ما يعرفه الشخص من معلومات تتعلق بالأمم المتحدة والقانون الدولي. وبعد ذلك طرح صدام سؤالا على المحقق: «ما الميزان الخاص بك وأنت تشاهد الفيلم؟»، وقد أفاد صدام بأن الإجابة على هذا السؤال سوف تتيح له التعليق والإجابة على الأسئلة بالطريقة المثلى.

وأخبر المحقق صدام بأن على المرء الاستماع إلى الحقائق كافة، وأن يعثر على الحقيقة. وتساءل صدام: «كيف ستعرف الحقيقة؟»، وأضاف أن المحقق سوف يستخدم وسائل الإعلام الغربية التي قد تكون متحيزة للوصول إلى الحقيقة. وقال صدام: «إن جيشكم يحتل بلدي، وأنت حر، وأنا سجين». وأضاف أن الشخص الذي يبحث عن الحقيقة يجب عليه أن يتصل مباشرة بالأفراد المعنيين. وفي ما يتعلق بجنوب العراق عام 1991 بعد الحرب، أفاد صدام بأن على المرء أن يتحدث إلى «أولئك الذين انتُهكت حقوقهم مثل النساء» من قِبل من أرسلتهم إيران. وهؤلاء الأشخاص أنفسهم الذين أرسلتهم إيران هم من ارتكبوا جرائم أخرى في جنوب العراق، منها السرقة والحرق والقتل. وأفاد صدام بأن على المرء الاتصال بالأشخاص الآخرين الذين يشاركونه (صدام) الرأي.

وأشار صدام إلى أن مثل هذا الفيلم الوثائقي قد تم إعداده في الغرب وتمت إذاعته أول مرة في أميركا، وبالتالي فإنه ليس فيلما محايدا أنتجه أفراد محايدون. وأضاف أن الفيلم قد يقوم على تعليمات المسيح أو قوانين الولايات المتحدة أو القانون الدولي أو الحياة في الولايات المتحدة. وأكد صدام أنه لم يرغب في وضع المحقق في موقف صعب. وأضاف أن المحقق يجب عليه أن «يعلم الحقيقة كما هي»، لا كما يقولها صدام، ولا كما يقررها الفيلم.

بعد ذلك بدأ المحقق في عرض الفيلم الوثائقي الذي يستمر لنحو ساعة، وأفاد صدام بأن المشهد الذي يُظهِر الشيعة في جنوب العراق «يمكن أن يُرى في أي مكان في الوقت الحاضر»، وأضاف أن الشيعة الذين ظهروا في كربلاء في المسجد لم يكونوا مقيدين أو محاصَرين، مثل ما تم تصويره. وفي ما يتعلق بكلمات المعلق التي تتحدث عن المشاهد التي تُظهِر الدبابات العراقية التي تحيط بالمسجد، تساءل صدام: «أين الدبابات؟»، وأضاف أن هناك عبارة في الفيلم الوثائقي تتحدث عن «تشجيع» الرئيس بوش للشيعة لكي يثوروا على الحكومة العراقية، وهو ما يمثل «اعترافا بالجريمة».

ثم سأل صدام عدة أسئلة تتضمن تاريخ الفيلم الوثائقي، واسم المعلق، واسم المؤسسة غير الحكومية التي كان المعلق يعمل لصالحها.

وفي ما يتعلق بالمشهد الذي يُظهِر الشيعة وهم يهربون إلى جنوب العراق ويسافرون إلى إقليم كردستان في شمال العراق، أفاد صدام بأن هؤلاء الأفراد «لا يبدو أنهم خائفون ولكنهم يبدون سعداء»، وأضاف أن هؤلاء الأفراد يبدون أكرادا لا شيعة.

وبعد مشاهدة نحو 23 دقيقة من الفيلم الوثائقي، أفاد صدام بأن وقت تمارينه ووقت الصلاة قد حان. وعندما أشار المحقق إلى أنه يمكن تأجيل تدريباته إلى وقت لاحق من اليوم قال: «أعتقد أن ذلك كافٍ حتى الآن». وأضاف صدام أنه يمكن مشاهدة الفيلم الوثائقي في يوم آخر، وتساءل: «لم العجلة؟».

وأضاف صدام بعد ذلك عدة تعليقات من دون المزيد من الأسئلة، وأشار إلى أن الفيلم الوثائقي يُظهِر أن الشيعة قد ثاروا ضد الحكومة العراقية بتشجيع من الرئيس بوش. وأفاد صدام بأن «الخونة قد ثاروا بأمر من دولة أجنبية»، وأعلنوا الحرب على بلدهم.

وأضاف صدام أن المقابلة مع آية الله الخوئي تُظهِر تناقضا مع الحقيقة، فحسبما يفيد المعلق، فإن الخوئي يعتقد بالجانب الإنساني في دينه. وقال صدام إن إجابة الخوئي على سؤال المعلق تشير إلى أنه لا يوافق على خلط السياسة بالإرهاب أو العنف، وحسبما أفاد صدام، فإن ذلك يتعارض مع أفعال الشيعة.

وفي ما يتعلق بتصوير الفيلم لسلوك الشيعة، كرر صدام قوله: «يمكن أن نرى ذلك في أي مكان». وأفاد صدام بأنه إذا لم يسلم المتمرد سلاحه، فإنه سوف يواجَه بالقوة. وأضاف أن الشيعة يستخدمون مرقد الإمام الحسين في كربلاء كمقر رئيسي للمقاومة. وأفاد صدام بأن الدماء التي ظهرت على جدران المرقد كانت دماء «رفاق» عراقيين تم إعدامهم في المبنى وليسوا شيعة قُتلوا في أثناء هجوم الحكومة العراقية.

وأفاد صدام بأن الشخص الذي ظهر في الفيلم والذي يقال إن لسانه قد قُطع ربما كان شخصا أبكم. ولم يقدم الفيلم معلومات حول سبب قطع لسانه، أو من قام بذلك، غير أن المخابرات العسكرية هي التي قامت بذلك.

وأشار صدام إلى أن الأكراد الذين ظهروا وهم يسيرون ويغادرون قراهم ربما كانوا «مهاجرين»، وأضاف أنهم ربما غادروا لكي يتجنبوا منطقة للقتال. وقد تساءل صدام عما إذا كان المعلق قد سأل الشيعة عن الأشياء التي فقدوها عندما «جاء المجرمون واحتلوا مدينتهم»، وأفاد بأنه شعر بالأسف لمن يرى هذا الفيلم الوثائقي ولا يعلم الحقيقة. وتساءل صدام ببلاغة: «كيف يمكن لأحد أن يعلم كيف كان الشيعة سيتصرفون إزاء شيء حدث منذ 1300 عام؟».

وافق صدام على الاستمرار في مشاهدة الفيلم وتقديم تعليقاته في وقت لاحق.

* صدام تعليقا على امرأة من الأهوار شكَت من أنه لم يتبقَّ لها شيء: ماذا كانت تملك؟ أعواد القصب؟

ـ قال إنه أوكل مسؤولية التصدي للانتفاضة إلى «من لديه القدرة على التعامل مع الموقف»

ـ محضر جلسة الاستجواب الـ17

ـ في 23 مارس (آذار) 2004

* قبل الجلسة أحيط صدام علما بأن الجلسة ستكون استكمالا للمقابلة السابقة. وأُعلم بأن هذه المناقشة ستتضمن استعراضا للجزء المتبقي من الفيلم الوثائقي الخاص بالموقف في جنوب العراق عام 1991 في أعقاب حرب الخليج الأولى. وقد أنتج الفيلم الذي جاء تحت عنوان «آخر حروب صدام حسين» عام 1993. روى أحداث الفيلم المعلق البريطاني مايكل وود. وقد بدأ المحقق جلسة اليوم بمشاهدة الفيلم الذي استغرق حوالي 22 دقيقة وثلاثين ثانية. سأل صدام حسين عن مصدر رقم 300,000 الذي تحدث عنه المعلق في الفيلم حيث ذكر المعلق أن التقديرات بأعداد القتلى في جنوب العراق قامت بها الحكومة العراقية. وأشار المحقق إلى أن هذا الرقم نوقش خلال جزء الفيلم الذي تمت مشاهدته في الجلسة السابقة وأن مصدره هو الحكومة العراقية. وبحسب الفيلم أعلمت الحكومة العراقية الأكراد بعدد الشيعة الذين قتلوا. وأضاف المحقق أنه يعتقد أن هذه الرسالة من الحكومة العراقية يقصد منها تحذير الأكراد بعدم تحدي الحكومة.

أظهر الفيلم مشاهد من عمليات الحكومة العراقية ضد أهوار شط العرب في جنوب العراق كان من بينها تسميم المياه مما نتج عنه قتل الأسماك وتدمير القرى وتجفيف الأهوار. وعلق صدام بأن بعض تلك المشاهد لا تبدو وكأنها صورت في أماكن الأهوار. ومع استمرار الفيلم الوثائقي قامت سيدة من الجنوب برواية تفاصيل المعاملة التي تعرضت لها عائلتها على أيدي الحكومة العراقية، فقالت إنهم لم يتبق لهم شيء وإنهم اضطروا لمغادرة منازلهم بممتلكات قليلة؟ وضحك صدام وسأل: «ما الذي كانت تملكه من قبل؟ أعواد القصب!».

ثم أظهر الفيلم بعد ذلك بعض المشاهد الأخرى وعلق على معاملة الحكومة العراقية للشيعة في جنوب العراق والأكراد في الشمال وأهوار شط العرب، وناقش الفيلم إمكانية مقاضاة صدام على تلك الجرائم؟ فقال صدام معلقا: «الآن وقد اعتقلوني دعوهم يقدموني للمحاكمة».

انتهى الفيلم بعد ما يقرب من حوالي خمس وخمسين دقيقة وخمسين ثانية. وبناء على طلبه أعلم المحقق صدام بأن الفيلم أُعد عام 1993.

بشأن تولي بعض كبار القادة العراقيين مسؤولية التعامل مع انتفاضة في جنوب العراق عام 1991 قال صدام: «أوكلنا المسؤولية لمن لديه القدرة على التعامل مع الموقف»، وأنكر أنه قال من قبل إنه لم يكن يرغب في معرفة تفاصيل كيفية وقف الانتفاضة، وأنه كان يرغب فقط في معرفة النتائج. وتساءل: «من الذي قال إنني لم أكن أرغب في معرفة الكيفية التي سيتم بها التعامل مع الانتفاضة». وعندما أعلمه المحقق أنه قال ذلك في جلسة سابقة، قال: «إن الهدف الرئيسي لأي فرد كان يتمثل في وقف الاضطرابات ووضع حد للخيانة».

أشار المحقق إلى أن الفيلم الوثائقي أظهر تكلفة وضع حد للخيانة سواء من البشر والأشياء الأخرى. وقال صدام: «إن شيئا لم يظهر في الفيلم، فهو يظهر الأفراد الذين اعتقلتهم الحكومة العراقية وبعض المسؤولين الحكوميين الذين تصرفوا بصورة خاطئة». واعترف بأن الفيلم يضم مشاهد لقضايا أخرى.

تحولت المحادثة بعد ذلك إلى مناقشة تعريف الخيانة في مقابل الثورة. قام المحقق بتذكير صدام أنه شاهد قسما من الفيلم في الجلسة السابقة يزعم أن الرئيس بوش حرض الشيعة على الثورة ضد الحكومة العراقية عام 1991. وذكره أيضا أن صدام ذكر من قبل أن الشيعة بعد تشجيع بوش انقلبوا ضد بلدهم وأنه اعتبرهم متآمرين. أشار المحقق إلى أن البعض قد يلجأ إلى إطلاق نفس التسمية على حزب البعث للمحاولات الانقلابية التي قام بها والانقلابات الناجحة عام 1959 و1963 و1968 وأوضح لصدام أن البعض يشبه الانتفاضة الفاشلة بالخيانة بينما الناجحة ينظر إليها على أنها ثورة. وقال صدام: «ليس لدي تعليق». وأضاف أن الفيلم أدنى من أن أعلق عليه. ووصف الفيلم بعدم الحيادية وأنه صنع كمبرر إضافي «للمؤامرات التي تحاك ضد العراق»، من بينها تقسيم الدولة.

وقال صدام إن المتهم يجب أن يمنح الفرصة للدفاع عن نفسه وتساءل هل مُنح العراق الفرصة للدفاع عن نفسه بشأن المعلومات التي وردت في الفيلم. وتساءل أيضا حول معقولية استجواب رئيس دولة حول فيلم دعائي كهذا، وأضاف: «يجب أن نوقف هذا البرنامج»، وأكد أنه أجاب على كل أسئلة المحقق وأنه لن يعلق على مثل تلك الأفلام الدعائية.

اعترف صدام أن محمد حمزة الزبيدي وكمال مصطفى عبد الله، أرسلا إلى الناصرية عام 1991 لمواجهة انتفاضة الشيعة في هذه المنطقة، كما أرسل حسين كامل إلى كربلاء وعلى حسن المجيد إلى البصرة وعزة إبراهيم الدوري إلى الحلة.

وصف صدام الزبيدي بالرفيق في الحزب الذي وصل إلى منصب رئيس الوزراء الذي يعتبر كل عراقي مواطنا جيدا إلى أن يظهر المواطن له عكس ذلك. ووصف الزبيدي بالجيد. كما اعترف أن الزبيدي كان من بين الشيعة القلائل في زمرة القيادة العراقية. وعندما سئل عما إذا كان الزبيدي يحظى باحترام زملائه في القيادة قال صدام: «هذا شأن آخر» ورفض الاستطراد في الأمر. وأضاف إنه لن يقول سوى الأشياء الحميدة تجاه رفقائه، وبناء على إجابة صدام قال المحقق إن البعض قد يستنتج أن الزبيدي لم يكن على وفاق مع زملائه، ورد صدام بأن المحقق يمكنه الاستنتاج كما يشاء سواء بالسلب أو الإيجاب عن الزبيدي لكني: «أجبت على السؤال».

اعترف صدام أيضا أن مصطفى عبد الله تربطه به صلة قرابة بعيدة وهو عضو في حزب البعث. وقد خدم كضابط في الجيش العراقي لكنه «لم يكن في الحكومة»، وقد تولى عبد الله مهامه كأي ضابط آخر، لكنه لا يتذكر المكان الذي أوكلت مهماته لعبد الله. وعندما سئل عما إذا كان عبد الله قد شغل منصب الأمين العام للحرس الثوري والحرس الثوري الخاص، رد صدام بالقول: «أعتقد أن الأسئلة يجب أن تتعلق بأحداث الجنوب»، فرد المحقق بأن وجهة نظره في أعضاء القيادة العراقية مهمة جدا، فأجاب صدام بأن لديه إيمانا كبيرا وثقة بكل شخص سواء أكان في الحزب أو الحكومة أو الجيش حتى يظهر العكس». وأشار إلى أنه إن لم يصف شخصا بأنه «سيئ» فهو «جيد». ووصف الشخص السيئ بأنه من يتصرف بصورة مخالفة للثقة التي بينه وبين هذا الشخص.

وأشار إلى أنه خلال الحرب مع إيران تولى الحرس الثوري مهمة الخطوط الأمامية تاركا بغداد والقصور الرئاسية دون حماية، ومن ثم تشكل الحرس الثوري الخاص بداية بالسرايا ووصولا إلى الأفواج. في ذلك الوقت خدم العديد من الضباط الصغار في هذا الحرس الثوري الخاص ومن بينهم عبد الله حتى أصبح فيما بعد قائد الحرس الثوري الخاص، وعلى الرغم من أن قادة الحرس الثوري أو الحرس الثوري الخاص لم يكونوا من بين أقارب صدام حسين فإن عبد الله كان واحدا من العديدين في القيادة العراقية، وقال صدام إن عبد الله أدى واجباته كأي ضابط آخر.

وعندما سئل عن التعليمات التي وجهت للزبيدي وعبد الله بشأن الرد المناسب على انتفاضة الشيعة في جنوب العراق، قال صدام: «شرحت ذلك خلال المقابلة الماضية». وأضاف أنه خلال الجلسة الماضية شرح كيف كانت المعلومات بشأن الموقف في الجنوب تنقل إلى القيادة العراقية، وأشار المحقق إلى أن الزبيدي وعبد الله يقبعان في سجن قوات التحالف، فرد صدام: «ماذا أريده منهم هل تعتقد أن إجابتي ستكون مرهونة بالموجودين بالسجن. أنا لا أخشى أحدا إلا الله». وأوضح أن إجاباته لا تنبني على الموجودين بالسجن ولكن على ما يعتقد أنه الحقيقة، كما أنها لا تعتمد على حي أو ميت. وقال إنه ليس الشخص الذي يلقي بالتبعة على شخص ميت، كإلقاء اللوم على حسين كامل على سبيل المثال. وأضاف: أنا سأتحدث عن نفسي فقط، وطلب من المحقق الحديث بصورة مباشرة إلى الزبيدي وعبد الله لأنهما يعرفان أكثر.

وكرر صدام ما قاله في الجلسة السابقة من أن: «إجابات أي شخص تخفف من عبئه ولا تضر بسمعتي فأنا على استعداد لقبولها».

أنهى المحقق الاستجواب قائلا لصدام إنه لا يرغب في تأخيره عن الصلاة وطعامه. وقال صدام: «إذا رغبت أي حكومة في التخفيف من آثامها أمام الله فيجب عليها القيام بذلك، لأن أخطاء الحكومات ليست بالقليلة». وأنهى صدام الجلسة قائلا إنه يشكر للمحقق عدم حرمانه من الصلاة.

* صدام ردا على وثيقة تؤكد إعدام العشرات بعد تحقيقات وجيزة: ماذا كان البديل؟

ـ سأل المحقق بأي حق يسأل عن أحداث عراقية داخلية وقعت عام 1991 ـ محضر جلسة الاستجواب الـ 18

ـ 28 مارس (آذار) 2004

* قبل بدء المقابلة، تم توجيه صدام إلى أن مناقشة اليوم ستشكل استمرارا للاجتماعات السابقة المتعلقة بثورات الشيعة في جنوب العراق عام 1991.

أوضح صدام أنه من الطبيعي بالنسبة لزعيم حزب سياسي، مثل «البعث»، محاولة التعرف على أكبر عدد ممكن من أعضاء الحزب. إلا أنه بالنسبة لصدام، كانت هناك صعوبة في التعرف على أعضاء حزب البعث من خارج صفوف القيادات العليا، ومع ذلك، حرص صدام على التعرف على أكبر عدد ممكن من الأعضاء، مثلما حاول مقابلة الكثير من المواطنين العراقيين العاديين.

سأل المحقق عن نظام الاتصال بين المستويات المختلفة داخل الحزب، من المستوى الإقليمي إلى المستوى الوطني، وحجم المعلومات التي اطلعت عليها القيادات العراقية العليا بالفعل. أشار صدام إلى أن كبار القادة العراقيين تلقوا معلومات عن حزبهم بصورة مشابهة للغاية لما عليه الحال بالنسبة للديمقراطيين والجمهوريين داخل الولايات المتحدة. لدى صدور أمر توجيهي من القيادة، كان يجري إرسال التعليمات إلى جميع أعضاء الحزب، وعندما تراود أحد الأعضاء الرغبة في اتخاذ إجراء ما، يتم تقديم طلب ونقله عبر القنوات المناسبة إلى القيادة العراقية. وسئل صدام عن مشاعره إزاء أهمية أن يخطره أعضاء الحزب بالأوضاع المحلية، أكد صدام أن «هناك اختلافا بين ما ترغبه وما يمكن تحقيقه».

من ناحيته، أشار المحقق إلى العثور على عدد من الوثائق التي تصف ثورات عام 1991، ونشاطات حزب البعث خلال تلك الفترة بعد غزو قوات التحالف العراق عام 2003. وقرأ المترجم على صدام أجزاء من نسخ لوثيقتين مكتوبتين بالعربية، تحمل إحداهما تاريخ 11 أبريل (نيسان) 1991، وتم توصيفها باعتبارها تقريرا رقم 383/1/7، وعليها توقيع حسين حمزة عباس، الأمين العام لقسم قيادة صدام. وتم إرسال الوثيقة إلى الأمين العام لقسم قيادة واسط. طبقا للوثيقة، وضع عباس الخطاب بهدف شرح وتوضيح سلوكه خلال «الاضطرابات» التي وقعت في مارس (آذار) 1991. أما الوثيقة الثانية فمؤرخة أبريل (نيسان) 1991، ولا تحمل أي رقم للتقرير، لكنها تحمل توقيع أنور سعيد عمر، الأمين العام لقسم قيادة واسط، وموجهة إلى عنصر قيادي غير محدد، لكن من المفترض أنه أعلى رتبة. تشرح هذه الوثيقة عددا من الإجراءات التي تم اتخاذها خلال «الاضطرابات» التي شهدتها مدينتا البصرة وواسط في مارس (آذار) 1991، بما في ذلك إلقاء القبض على حوالي 700 مشتبه فيه من العناصر العسكرية والمدنية داخل البصرة. في الخطاب، أشار عمر إلى تشكيل لجان استجواب، وأنه تولى رئاسة لجنة الفيلق الثاني. وأكد عمر أنه شخصيا أعدم شخصين في اليوم ذاته الذي بدأ فيه التحقيقات، وأضاف أن 42 شخصا آخر أعدموا بعد أربعة أيام أخرى من التحقيق.

لدى سؤاله عن التناقض الواضح بين الإجراءات الواردة في الوثائق ونظام العدالة داخل العراق، تساءل صدام: «أين التناقض؟»، واستطرد بأن اللجان جرى تشكيلها وتمت عمليات الاستجواب وصدرت الأحكام. وتساءل مجددا: «ماذا كان البديل؟». لفت المحقق انتباه صدام إلى أن الوثائق تصف على ما يبدو موقفا لم يتم خلاله التحقيق مع الأفراد من جانب جهة محايدة. جدير بالذكر أن ضرورة توافر جهة تحقيق محايدة سبق أن ناقشها صدام فيما يتعلق بالوضع في الكويت، والجرائم التي من المعتقد أن القوات العسكرية العراقية ارتكبتها خلال احتلال الكويت عام 1991، كما أشار المحقق إلى أنه، على ما يبدو، لم تتسن للأفراد فرصة الدفاع عن أنفسهم، الأمر الذي سبق وأن ذكر صدام أنه مهم، في المقابل، قال صدام: «لم أقل أي شيء عن الكويتيين». وأعرب عن رأيه بأن موضوع الكويت وهذه القضية «أمران مختلفان»، مؤكدا أن هذه الوثائق تناقش أفعال «خيانة وتخريب». وقال إنه يبدو أن الأفراد المذكورين في الوثائق أتيحت لهم فرصة الدفاع عن أنفسهم. من ناحيته، ألمح المحقق إلى أن الشخصين المذكورين لم تتح لهما فرصة الدفاع عن نفسيهما وتم إعدامهما على الفور، وأجاب صدام: «ربما.. وربما لم يحدث ذلك». وأضاف أن هذا التقرير ربما لا يتضمن التفاصيل كافة، وقال إن الكاتب ربما كان يبالغ من أجل إظهار ولائه وقدرته على إنجاز المهام الموكلة إليه، وشكك صدام في صحة هذا التقرير، وقال إنه لو صح فإنه عندما يحين الوقت الذي تقرر واشنطن تقديم من ألقي القبض عليهم لارتكاب هذه الجرائم للمحاكمة ويستعيد العراقيون زمام قيادة بلادهم، سيحقق العراقيون في الأمر.

وتساءل صدام بأي حق يسأل المحقق عن أحداث عراقية داخلية وقعت عام 1991؟، وسأل: «هل ذلك لأنك موظف بالحكومة الأميركية؟»، وأجاب المحقق بأنه يحاول الفصل بين الإشاعات المختلقة والحقائق، وتسجيل التاريخ كما وقع بالفعل.

وقال صدام إنه من الصعب التعليق على الوثائق المشار إليها من دون توافر معلومات مفصلة، وشكك في تأكيد المحقق بأن الشخصين المذكورين في واحدة من الوثائق لم يتسن لهما الدفاع عن نفسيهما، بل وشكك فيما إذا كان تم إعدامهما بالفعل.

* صدام: اخترنا تجفيف الأهوار من أجل السكان ولأسباب استراتيجية في صالح العراق

ـ قال إنه أراد تحديث طريقة حياة عرب الأهوار «حتى لا يعيشوا مثل الحيوانات»

ـ محضر جلسة الاستجواب الـ 19

ـ 30 مارس (آذار) 2004

* قبل بدء التحقيق، قيل لصدام حسين إن جلسة اليوم سوف تكون استمرارا للنقاشات حول عرب الأهوار في جنوب العراق. ومثلما قيل في مقابلة سابقة، قال صدام إنه كان قد عاش مع عرب الأهوار لفترة من الوقت. وعندما كان صدام في مصر في مطلع التسعينات، كأن يأمل أن تعيده «مشيئة الله» إلى العراق. وبعد عودته، حاول صدام أن يوسع من معرفته بالعراق عن طريق الخبرة العملية داخل مناطق من البلاد لم يكن قضى فيها وقتا ذا بال ومنها الجبال والأهوار. ووصف صدام الحياة في أهوار جنوب العراق على أنها «ساحرة» ولكن لم تكن فصول الصيف جيدة بسبب درجة الحرارة العالية والرطوبة وانتشار الحشرات. وبالنسبة لقيام الحكومة العراقية بتجفيف الأهوار، قال إن المرء كان يختار بين اثنين: إما المحافظة على الطبيعة على حساب البشر، أو التضحية بجزء صغير من الطبيعة من أجل البشر. وقال صدام إن المياه في المناطق المأهولة بالسكان من الأهوار لم تكن دوما نظيفة بسبب التلوث الذي يتسبب فيه البشر وينتج عن الحيوانات. وكان سكان الأهوار يشربون هذه المياه ويستحمون فيها. ونتيجة لذلك، كانت الأمراض منتشرة ومنها البلهارسيا. وكان معدل أعمار المواطنين منخفضا بصورة نسبية. وقال صدام إن الحكومة العراقية لم تستطع ببساطة «أن تجلس وتشاهد هذا الوضع البائس» وأضاف أن الحكومة قررت «إحضارهم إلى الحياة» أو تحديث طريقة حياة عرب الأهوار. وأكد صدام على الخيار الصعب الذي كان أمام الحكومة العراقية وهو التفضيل بين المحافظة على الحياة البسيطة والفطرية لسكان الأهوار أو دفعهم داخل الحياة الحديثة حيث لا يتم «إهمال البشر أو إهانتهم».

وقال إن جميع مناطق العراق جميلة ووصف الأهوار مرة أخرى بأنها مكان «ساحر». وأضاف: «نمت هناك لأيام في 1981 و1982» وخلال هذه الفترة، قال صدام إنه سوف يسافر إلى الخطوط الأمامية من الحرب الإيرانية ـ العراقية في الصباح، وبعد ذلك يعود إلى الأهوار في المساء بعد إتمام مهامه. ووصف صدام هذه المدة بأنها «أفضل الأيام»، وزعم أنه كان يقضي أوقاتا من كل عام في الفترة من 1978 إلى 1984 في زيارة الأهوار. وتحدث صدام عن زيارة قام بها في 1980 لقرية تدعى بعيدا تقع في وسط منطقة الأهوار. وتفيد المعلومات بأن سكان قرية بعيدا هاجموا مركزا للشرطة. وقال صدام إنه لم يكن من السهل التعامل مع ذلك. وسافر إلى قرية بعيدا في صحبة ثلاثة قوارب، أحد هذه القوارب كان يحمل صدام وآخرين، وكان قارب آخر يحمل عناصر حماية خاصة به وقارب ثالث يحمل «صحافيين». وتم تصوير هذا الحدث وعرض على شاشات التلفزيون. وقال صدام إن سكان قرية بعيدا كانوا «سعداء لرؤيتنا»، وقاموا بذبح حيوانات وجهزوا لوليمة وظنوا أن صدام وصحبته سوف ينتظرون للعشاء. ولكن، ظلت الصحبة لثلاث ساعات ورحلت بعد ذلك. ولم يسأل صدام سكان بعيدا عن الهجوم على مركز للشرطة. وفي هذا الوقت، سأل واحد من فريق الحماية صدام عن ضرورة القيام بتحقيق في مشاركة سكان بعيدا في الهجوم. وفي رده، قال صدام: «الناس الجيدون يفهمونني، والأشرار فهموا الرسالة»، وأضاف صدام أنه إذا وقع أمر مشابه مرة أخرى، سوف يتم «التعامل معهم بالصورة المناسبة».

وقال صدام إن الحكومة العراقية لديها علاقات جيدة مع عرب الأهوار. ولكن، بعد دخول أجنبي في الوضع، «أصبح ذلك سيئا». وأكد صدام أن بعضا من عرب الأهوار أفسدتهم إيران. وتحديدا أصبحت منطقة أهوار هويزة طريقا للتهريب وبدأ ذلك خلال فترة الشاه في إيران. وأشار صدام إلى أن العائلة التي تظهر في الشريط المصور الذي عرضه المحقق سابقا كانت من هور الحويزة. وقال صدام إن الحكومة العراقية اختارت أن تجفف الأهوار من أجل السكان ولأسباب استراتيجية في صالح العراق. وأكد أن الحكومة العراقية كانت تريد أن تحدّث من طريقة حياة عرب الأهوار حتى «لا يعيشون مثل الحيوانات». وقال صدام إنه لم يكن مناسبا لعراقي أن يعيش في هذه الظروف. وكان يهدف تجفيف الأهوار إلى تحقيق أهداف استراتيجية، ففي بعض الأوقات، كان هذا الطريق تحيط به الأهوار بصورة كاملة. وعندما دخل الإيرانيون العراق عام 1984، كان هدفهم الرئيسي هو قطع هذا الطريق وعزل البصرة. وعليه، قررت الحكومة العراقية أن تجفف الأهوار وبناء منعطف يقدم طريقا آخر. ودرست الحكومة العراقية فكرة بناء منازل في الأهوار للسكان، ولكن أظهر بحث أن هذا المشروع سوف يكون مكلفا جدا ومعقدا ولا سيما في مجالات الصرف الصحي والكهرباء. ونتيجة لذلك، أهملت الفكرة، وقررت الحكومة بناء مجمعات سكنية على أرض جافة من أجل عرب الأهوار المرحلين. وعرضت أيضا على السكان أموالا لبناء منازلهم الخاصة. وقال صدام إن الحكومة وفرت المياه والكهرباء وخدمات الرعاية الصحية والمدارس للسكان. وفي السابق، كان المدرسون والمهنيون الطبيون يرفضون دخول الأهوار إلا بعد الحصول على ثلاثة أو أربعة أضعاف رواتبهم المعتادة. ووصف صدام الأهوار بأنها «مكان لطيف لزيارته ليومين أو ثلاثة أو أربعة أيام». ولكن في الصيف سوف «يأكلك» الناموس وكانت الحياة قاسية جدا. وقال صدام إن البشر يحتاجون إلى العيش حياة بدائية ولكن لأيام قليلة في وقت ما. وأضاف أن الرجل الأكبر سنا الذي ظهر في الشريط المصور يعلق على عرب الأهوار «جاء كزائر، ولكنه لم يعش هناك» ولم تعش هناك زوجته ولا أطفاله. واقترح صدام على المحقق أن يتحدث مع موظف من وزارة الري العراقية كي يفهم كيف تم تنفيذ عملية التجفيف. وقال إن المهمة أنجزت خلال ثلاثة أو أربعة أشهر. وبالنسبة للأفراد الذي خططوا أو أشرفوا على عملية تجفيف الأهوار، قال صدام إن الحكومة العراقية استفادت من الهيئات التي لديها خبرة أكبر والمعدات اللازمة. وتضمن المشروع مشاركة وزارة الإسكان ووزارة الري وربما مدنية بغداد. شارك في عملية تجفيف الأهوار «الدولة بأكملها» والكثير من خبرائها. وعندما قيل لصدام إن محمد حمزة الزبيدي زعم أنه «مهندس» عملية تجفيف الأهوار الذي اقترح للمرة الأولى خطة على مجلس قيادة الثورة في العراق عام 1991، قال صدام: «ربما». ولكن، قال صدام إنه ربما حصل على المقترح والخطة الأولى من حسين كامل. وقال إنه لا يعرف هل تشاور كامل مع الزبيدي في المشروع. وأنكر صدام العلم بأن الزبيدي ناقش تجفيف الأهوار مع القيادات العراقية الأخرى. وأضاف: «لو كان (الزبيدي) قال ذلك، فهو صادق». وقال المحقق لصدام إن آخرين زعموا أيضا أنهم كانوا أصل فكرة تجفيف الأهوار. ورد صدام بأنه مفهوم أن أي عراقي ربما يحاول أن يرجع لنفسه الفضل في القيام بهذا الأمر الهام الذي حسن من حياة عرب الأهوار وفي نفس الوقت قطع الطريق على عدو مثل إيران. وعندما سئل عن تقارير تحدثت عن وجود هاربين من الجيش العراقي ومخربين في الأهوار عام 1991 وإجراءات اتخذتها الحكومة العراقية للتعامل مع هؤلاء، أقر صدام بوجود هاربين، فطبيعي في أي نزاع طويل أن يقرر بعض الأفراد ترك مهامهم. وقد وقع ذلك في الماضي ويحدث في الوقت الحالي خلال الحرب. ويُطبق القانون العراقي على الهاربين أو تعفو عنهم السلطات. وقال صدام إن وجود هاربين من الجيش في أهوار جنوب العراق لم يكن سببا في عملية التجفيف. وقال إن المخربين بدأوا في استخدام الأهوار بعد 1991، وكان رد فعل الحكومة العراقية «مثل أي حكومة تتعامل ضد هؤلاء الذين يتعدون على القانون»، ولم يضرب صدام مثالا على رد فعل إحدى الحكومات ضد نشاط تخريبي. وأنكر وجود خطة عسكرية لمواجهة مخربين أو هاربين من الجيش. وقال إن الهاربين كانت تتعقبهم الشرطة والمواطنون المحليون والعائلة. وفي حالات التمرد مثل ما وقع عام 1991، يتدخل الجيش. وأقر صدام بأنه كانت هناك أحيان يجب على الجيش العراقي التعامل مع المخربين. وعندما سئل عن دراسة القيمة التاريخية للأهوار قبل عملية التجفيف، سأل صدام هل أجريت دراسات مماثلة للمنطقة التي بني فيها السد العالي بمصر. وأضاف أن الأنقاض التي كانت موجودة في منطقة السد تم نقلها قبل البناء. وقال صدام إنه يعتقد أن بعض النقاشات وقعت حول قضايا تتعلق بنقل الحجارة في مقابل إنقاذ الشعب من الجوع. وقال إن موضوع تجفيف الأهوار «تمت دراسته» و«لا توجد قيمة تاريخية للأهوار». وفيما يتعلق باهتمام الحكومة العراقية بالأثر البيئي لعملية تجفيف الأهوار، قال صدام إنه ناقش هذا الأمر مع خبراء «خلال الأيام العشرين التي تلت». وأشار إلى أن الأميركيين لم يسمحوا للهنود بالعيش كما كانوا قبل الاستعمار. وسأل عن القوانين المطبقة التي تحظر على الشركات الأميركية والأوروبية تدمير غابات الأمازون، التي وصفها بأنها «رئات الكرة الأرضية». وسأل صدام: «هل نحمي فصائل الطيور والحيوانات الأخرى وهل نشعر بالقلق على العراقيين؟» وتساءل هل كان يجب تبديد مياه الأهوار من أجل الإبقاء على الأهوار أم كان يجب استخدامها في الزراعة. وقال صدام: «ما قمنا به هو الصحيح». وأضاف أنه لو لم يكن صحيحا، يجب على الأميركيين أن يعيدوا فتح المياه الآن. وأشار المحقق إلى خبر حديث أشار إلى أن المواطنين العراقيين المحليين قاموا بالفعل مؤخرا بجمع المال واستئجار جرافة وفتحوا جزءا من القناة للسماح للمياه كي تعود من جديد إلى الأهوار.



http://www.aawsat.com/details.asp?section=1&issueno=11181&article=526824


RE: «الشرق الأوسط» تنشر محاضر استجواب المباحث الأميركية لصدام - ابن نجد - 07-10-2009

صدام يتحدث عن قصوره وخطاباته .. ويسلم أخيرا بأنه لم يعد رئيسا

GMT 4:45:00 2009 الجمعة 10 يوليو

الشرق الاوسط اللندنية




«الشرق الأوسط» تواصل نشر محاضر الاستجواب الأميركي للرئيس العراقي الأسبق في السجن

لندن: «الشرق الأوسط»

يكشف الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، الذي أعدم نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2006، في وثائق سرية أفرج عنها الأرشيف القومي الأميركي أخيرا خفايا كثيرة عن حروبه وأيامه الأخيرة في الحكم وحتى اعتقاله وظروفه في السجن. وبعد نشرها محاضر 19 جلسة استجواب رسمي، تواصل «الشرق الأوسط» اليوم نشر محاضر حوارات عادية غير رسمية أجراها جورج بيرو، وهو محقق من مكتب المباحث الفيدرالي الأميركي «إف بي آي»، مع الرئيس الأسبق ما بين 1 مايو (أيار) و28 يونيو (حزيران) 2004. وحُجب نص محضر حوار جرى في 1 مايو (أيار)، فيما دار الحديث في الحوار التالي في 10 مايو (أيار) حول قصور صدام ونمط حياته. وسئل صدام عن عدد القصور الرئاسية وطبيعة البذخ فيها، فقال إن القصور ملك للدولة وليست لفرد بعينه. وأضاف أن تلك القصور منحت المهندسين العراقيين الفرصة لتنمية مهاراتهم التي يمكن أن تلاحظ في تطور المنازل العراقية. وفي جلسة في 11 يونيو (حزيران) قرأ صدام على بيرو قصيدة ألفها مؤخرا. واستغل بيرو هذه الفرصة للانتقال إلى مناقشة خطب صدام. وبدا واضحا لبيرو أن صدام تولى بنفسه صياغة خطبه، الأمر الذي أكده صدام، موضحا أن جميع كتاباته كانت نابعة من القلب. واعترف صدام بأنه لم يكن يستمتع بإلقاء خطبه، مفضلا بدلا من ذلك إلقاء آخرين لها. ووصف صدام شعوره عند كتابة خطبه وتسليمها لمن يلقونها بأنه كان أشبه بمن يخوض امتحانا. وعندما سأل صدام عن آخر المستجدات على الساحة العراقية، نقل إليه بيرو الإنجازات التي شهدها العراق، وكان من بينها التوقيع على الدستور الجديد والاستعدادات لنقل السيادة للعراقيين. وتساءل صدام بشأن فعالية مجلس الحكم الذي يعتقد بحسب وجهة نظره أنه قادر على التوصل إلى اتفاق مشترك لاتخاذ القرار. ونقل إليه بيرو أيضا الانتخابات العراقية التي سيمنح فيها العراقيون الفرصة لانتخاب قائد جديد بصورة ديمقراطية. وقال صدام إن الشعب لن يقبل برئيس منتخب أثناء الاحتلال وأنه عاصر ذلك في الماضي عندما ارتقى الملك فيصل السلطة في ظل الحماية البريطانية. وحسب صدام كان جدول عمله متخما لكنه كان يحتفظ لنفسه بوقت لقراءة القصص وهو أمر كان يسعد به كثيرا. كانت أجندة صدام تضم لقاءات مع كبار المسؤولين الآخرين في حزب البعث. وزعم صدام أنه كان يلتقي بانتظام مع الشعب العراقي لأنه كان يعتبرهم أدق مصادر المعلومات. كان صدام يلتقي بالموطنين يوميا أو من وقت لآخر. وعندما سئل عن كيفية تيقنه من أن المواطنين يصدقونه القول خلال لقاءاتهم معه نظرا لأن غالبيتهم سيكونون خائفين، رد بأن «ذلك يمكن أن يكون هو القضية لكن الشعب كان يعلم أنني أريد الحقيقة».
* القصور الرئاسية هي ملك للشعب.. وفضلت السكن في منزل بسيط ـ الرئيس السابق قال إن القصور كانت فرصة للمهندسين العراقيين لتطوير مهاراتهم ـ حوار غير رسمي مع صدام ـ 10 مايو (أيار) 2004 خلال حديث غير رسمي مع جورج بيرو في زنزانته أدلى صدام حسين بالمعلومات التالية:
سأل صدام حسين عن آخر المستجدات على الساحة العراقية، فنقل إليه بيرو الإنجازات التي شهدها العراق، والتي كان من بينها التوقيع على الدستور الجديد والاستعدادات لنقل السيادة للعراقيين. وتساءل صدام بشأن فاعلية مجلس الحكم الذي يعتقد بحسب وجهة نظره أنه قادر على التوصل إلى اتفاق مشترك لاتخاذ القرار. ونقل إليه أيضا الانتخابات العراقية التي سيمنح فيها العراقيون الفرصة لانتخاب قائد جديد بصورة ديمقراطية. وقال صدام إن الشعب لن يقبل برئيس منتخب في أثناء الاحتلال وأنه عاصر ذلك في الماضي عندما ارتقى الملك فيصل السلطة في ظل الحماية البريطانية. ونقل بيرو إلى صدام نتائج أحدث استطلاع رأي أظهر رغبة العراقيين في السيطرة على الحكومة ورغبتهم في بقاء القوات الأميركية.
وخلال الحديث عن تكييف الهواء في زنزانة صدام الذي كان يجري إصلاحه قال صدام إنه اعتاد على المعيشة البسيطة وإنه لا يحب عيشة البذخ. وسُئل صدام حينئذ عن عدد القصور الرئاسية وطبيعة البذخ فيها. قال إن القصور ملك للدولة وليست لفرد بعينه، وقبل عام 1968 كانت المنازل العراقية بدائية جدا ومصنوعة من الطين. وكما طور المهندسون المعماريون مهاراتهم وتصميماتهم في بناء القلاع في الدول الغربية، منحت تلك القصور المهندسين العراقيين الفرصة لتنمية مهاراتهم التي يمكن أن تلاحظ في تطور المنازل العراقية. إضافة إلى ذلك كان هناك خطر من الولايات المتحدة وإسرائيل خصوصا خلال السنوات العشر الأخيرة، وكان على الحكومة أن تؤدي عملها وعلى القيادة أن تجتمع وتناقش القضايا قبل الوصول إلى قرارات.
إذا كان هناك قصران فقط أو مواقع يمكن للقيادة الاجتماع بها فسيكون من السهل القضاء على القيادة العراقية، ولأن تلك القصور تعود إلى الشعب فإن صدام حسين لم يقطن فيها وفضل أن يقطن في منزل بسيط. كان صدام يتناول ما كان يعد له ولم يكن له الكثير من المطالب. ويعتقد أن الولايات المتحدة كانت تحمل فكرة خاطئة بأنه مبذّر مما أدّى إلى قدرته على المراوغة من الأسر. ويعتقد صدام أن أسره كان نتيجة للخيانة.
كان جدول عمل صدام متخما لكنه كان يحتفظ لنفسه بوقت لقراءة القصص وهو أمر كان يسعد به كثيرا. كانت أجندة صدام تضمّ لقاءات مع كبار المسؤولين الآخرين في حزب البعث. وزعم صدام أنه كان يلتقي بانتظام مع الشعب العراقي لأنه كان يعتبرهم أدق مصادر المعلومات. كان صدام يلتقي بالمواطنين يوميا أو من وقت إلى آخر. وعندما سُئل عن كيفية تيقنه من أن المواطنين يصْدقونه القول خلال لقاءاتهم معه نظرا إلى أن غالبيتهم سيكونون خائفين، رد بأن «ذلك يمكن أن يكون هو القضية لكن الشعب كان يعلم أنني أريد الحقيقة». وضرب صدام مثالا لأخيه غير الشقيق وطبان إبراهيم حسن المجيد وزير الداخلية آنذاك، حيث اشتكى مواطن لصدام أنه خلال توقفه في إشارة مرورية أطلق وضبان النار على إشارة المرور من مسدسه. اتصل صدام بوضبان ليتأكد من صحة ذلك، فأقر وطبان بالواقعة، وما كان من صدام إلا أن أمره بحزام أغراضه وجعله يعلم بنبأ إقالته من الوزارة ومن الإذاعة الرسمية. وقال صدام إنه ألزم عائلته بمعايير أعلى من الآخرين.
أشار صدام إلى اهتمامه بفهم الثقافة الأميركية وقام بذلك عبر مشاهدة الأفلام الأميركية. وبحسب ما ذكره صدام فإنه شاهد العديد من الأفلام الأميركية جعلته يكون رأيه حول الثقافة الأميركية.
* توليت بنفسي صياغة خطبي.. وجميع كتاباتي نابعة من القلب ـ أقر بأنه يعي أنه لم يعد رئيسا وتساءل ماذا يمكنه فعله فتلك مشيئة الله ـ حوار غير رسمي مع صدام ـ 11 يونيو (حزيران) 2004 خلال حديثه إلى المحقق جورج إل. بيرو في إطار محادثة تمت بينهما عن طريق المصادفة، أدلى صدام حسين بالمعلومات التالية بخصوص أسلحة الدمار الشامل: قرأ صدام على بيرو قصيدة ألفها مؤخرا. واستغل بيرو هذه الفرصة للانتقال إلى مناقشة خطب صدام. وبعد الاستماع إلى عدة قصائد صاغها صدام، اكتسب بيرو الآن القدرة على تحديد ملامح أسلوب صدام في الكتابة، الذي كان شائعا في واحدة من الخطب التي قرأها بيرو منذ وقت قريب. وبدا واضحا لبيرو أن صدام تولى بنفسه صياغة خطبه، الأمر الذي أكده صدام، موضحا أن جميع كتاباته نابعة من القلب. واعترف صدام بأنه لم يستمتع بإلقاء خطبه، مفضلا بدلا من ذلك إلقاء آخرين لها. ووصف صدام شعوره عند كتابة خطبه وتسليمها لمن يلقونها أنه كان أشبه بمن يخوض امتحان. بعد ذلك، سأل بيرو صدام حول إذا ما كان صاغ خطبه وأنها نبعت من صميم فؤاده، وعن المعنى وراء الخطاب الذي ألقاه في يونيو (حزيران) 2000. فأجاب صدام بأن هذا الخطاب كان يرمي لتحقيق هدفين؛ أحدهما إقليمي والآخر عملي. إقليميا، رمى الخطاب إلى الاستجابة للتهديدات الإقليمية التي يجابهها العراق. وأعرب صدام عن اعتقاده بأن العراق لم يكن بإمكانه الظهور بمظهر الضعف أمام أعدائه، خاصة إيران. وأشار إلى أن العراق تعرض لتهديدات من جانب دول أخرى بالمنطقة وكان يتحتم عليه الظهور في صورة القادر على الدفاع عن نفسه. عمليا، حاول صدام إظهار التزام بلاده بقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بتدمير أسلحة الدمار الشامل. وأشار صدام إلى أن إيران شكلت التهديد الأكبر لبلاده بالنظر إلى حدودهما المشتركة. ورأى أن طهران سعت لضم جنوب العراق إلى أراضيها. والواضح أن إمكانية إقدام إيران على محاولة ضم جزء من جنوب العراق إليها بدت من وجهة نظر صدام والعراق كأخطر تهديد تواجهه البلاد. ونظر صدام إلى الدول الأخرى في الشرق الأوسط باعتبارها ضعيفة وعاجزة عن الدفاع عن نفسها أو العراق ضد أي هجوم إيراني. وأعرب صدام عن اعتقاده بأن إسرائيل مصدر تهديد للعالم العربي بأكمله، وليس العراق على وجه الخصوص. ومضى صدام قدما في الحوار حول القضايا المتعلقة بخطورة التهديد الإيراني للعراق. على الرغم من ادعاء صدام بأن العراق لم يملك أسلحة دمار شامل، فإن التهديد الإيراني شكل عاملا كبيرا وراء رفضه عودة مفتشي الأمم المتحدة إلى العراق. واعترف صدام بأن قلقا أكبر ساوره حيال اكتشاف طهران نقاط ضعف بغداد من التداعيات المتمثلة في الإجراءات التي ستتخذها الولايات المتحدة لرفضه السماح بعودة مفتشي الأمم المتحدة إلى العراق. من وجهة نظره، اعتقد صدام أن مفتشي الأمم المتحدة سيكشفون مباشرة للإيرانيين نقاط الضعف التي يمكن من خلالها إلحاق الضرر الأكبر بالعراق. وضرب صدام مثالا على ذلك عن طريق مده ذراعه وشرحه أن ضرب شخص ما على مقدمة اليد لن يترك التأثير ذاته مثل ضربه عند المرفق أو الرسغ، الأمر الذي سيفقده القدرة على استخدام ذراعه. أشار صدام إلى شعوره بالغضب عندما ضربت واشنطن العراق عام 1998، مستطردا أن العراق كان قادرا على امتصاص ضربة أميركية أخرى لأنه اعتبر ذلك خطرا أقل من كشف ضعف البلاد أمام طهران. أضاف صدام أن قدرات الأسلحة لدى إيران زادت بصورة هائلة، بينما تقوضت قدرات العراق جراء العقوبات التي فرضتها عليه الأمم المتحدة. وشدد على أن تداعيات ذلك ستتجلى في المستقبل، مع تحول القدرات الإيرانية على صعيد التسليح إلى تهديد أكبر للعراق والمنطقة بأسرها. رأى صدام أن القدرات العراقية بمجال الأسلحة شكلت عاملا في النتيجة التي تمخضت عنها الحرب العراقية ـ الإيرانية. في بداية الحرب، امتلك العراق صواريخ ذات مدى محدود بلغ قرابة 270 كيلومترا، في الوقت الذي افتقرت إيران إلى قدرات صاروخية قوية. إلا أن الإيرانيين نجحوا في الحصول على صواريخ طويلة المدى من ليبيا كان بمقدورها ضرب أهداف في العمق العراقي. وكان الإيرانيون من بادروا باستخدام الصواريخ وقصفوا بغداد. وادعى صدام أنه حذر الإيرانيين عبر خطاب ألقاه بضرورة وقف مثل هذه الهجمات. إلا أنهم أقدموا مجددا على مهاجمة بغداد. وعليه، حضر إليه عدد من العلماء العراقيين وأشاروا عليه أن باستطاعتهم زيادة مدى الصواريخ العراقية، بحيث تضرب هي الأخرى العمق الإيراني. وبالفعل، أصدر صدام أوامره إليهم بالشروع في ذلك. ورد العراق على الهجمات الإيرانية بضرب العاصمة الإيرانية، طهران، بالصواريخ العراقية. وأكد صدام أن الإيرانيين انتابهم غضب عارم حيال الهجمات العراقية. وأشار إلى أن طهران كانت أكثر عرضة لخطر الضربات الصاروخية بسبب طبيعتها الجغرافية. على الجانب الآخر، تنتشر بغداد جغرافيا على مساحة واسعة ومقسمة إلى أحياء، ما يحد من فعالية الهجمات الإيرانية. ووصف صدام هذه الفترة بأنها «حرب المدن»، مستطردا أن الإجراءات العراقية جاءت استجابة للأفعال الإيرانية في ذلك الوقت. وشرح صدام أن إيران كانت في موقف أضعف، نظرا لامتلاك العراق التقنية اللازمة لتصميم وتطوير صواريخه، بينما اضطرت إيران إلى الحصول على صواريخها من ليبيا. وأوضح صدام أن القيد الوحيد على العراق كان قدرته الإنتاجية، في الوقت الذي كانت إيران مقيدة بالكمية التي يمكنها الحصول عليها. واعترف صدام بأن إيران استمرت في تطوير قدراتها بمجال الأسلحة، من أجل بناء أسلحة دمار شامل. في المقابل، خسر العراق قدراته المتعلقة بالأسلحة بسبب عقوبات الأمم المتحدة وعمليات التفتيش التي أجرتها المنظمة بالعراق. سئل صدام كيف كان يمكن للعراق التعامل مع التهديد الإيراني حال رفع عقوبات الأمم المتحدة. أجاب صدام بأن العراق كان سيصبح عرضة بدرجة بالغة لهجوم إيراني. لذا، كان سيسعى لإبرام اتفاق أمني مع الولايات المتحدة لحماية العراق من الأخطار الإقليمية. وأعرب صدام عن اعتقاده بأن مثل هذا الاتفاق لم يكن ليفيد العراق فحسب، وإنما أيضا جيرانه، مثل السعودية. واتفق بيرو معه في الرأي على أن مثل هذا الاتفاق كان سيساعد العراق بصورة هائلة. لكنه أشار إلى أنه بالنظر إلى تاريخ العلاقات بين البلدين، كان الأمر سيتطلب بعض الوقت قبل أن توافق واشنطن على الدخول في مثل هذا الاتفاق مع العراق. من ناحية أخرى، لفت بيرو انتباه صدام إلى أن الفقرة 14 من قرار الأمم المتحدة رقم 687 تنص على أن نزع تسليح العراق كان جزءا من عملية نزع تسليح شاملة للمنطقة بأسرها، لكن هذا الجزء من القرار تعذر تنفيذه. كان التهديد الإيراني سيلوح في الأفق بالنسبة للعراق، خاصة مع استمرار إيران في تطوير أسلحتها. وعلق بيرو بأنه في ظل مثل هذه الظروف، يبدو أن العراق كان سيصبح بحاجة إلى إعادة بناء برامجه المعنية بإنتاج الأسلحة استجابة لما يجابهه من أخطار. ورد صدام على ذلك بقوله إن العراق كان سيفعل ما يتوجب عليه فعله، منوها بأن قدرات العراق الفنية والعلمية فاقت قدرات الدول الإقليمية الأخرى. قال صدام إنه سمح بعودة مفتشي الأمم المتحدة إلى العراق في محاولة للتصدي لمزاعم الحكومة البريطانية. وأكد أنه كان من العسير للغاية اتخاذ مثل هذا القرار، لكن الحكومة البريطانية من جانبها كانت أعدت تقريرا يحوي معلومات استخباراتية غير دقيقة. وكانت تلك المعلومات الاستخباراتية غير الدقيقة الأساس الذي اعتمدت عليه واشنطن في قراراتها. إلا أن صدام اعترف بأنه عندما اتضح أن الحرب مع الولايات المتحدة وشيكة، سمح بعودة مفتشي الأمم المتحدة إلى العراق، أملا في تجنب الحرب. لكن بدا جليا أمامه قبل الحرب بأربعة أشهر أن الحرب واقعة لا محالة. أكد صدام مجددا أنه رغب في إقامة علاقات مع الولايات المتحدة، لكن لم تتسن له فرصة تحقيق ذلك لأن واشنطن لم تكن تنصت لأي شيء يقوله العراق. علاوة على ذلك، ساوره القلق إزاء القدرات والموارد التقنية المتطورة لواشنطن. على صعيد منفصل، قال صدام إنه يتذكر استخدامه الهاتف مرتين فحسب منذ مارس (آذار) عام 1990. إضافة إلى ذلك، لم يبق صدام في المكان واحد لمدة تزيد على يوم واحد، لإدراكه القدرات الأميركية بالغة التقدم. جرت اتصالات صدام بصورة رئيسة عبر استخدام أفراد لحمل الرسائل أو كان يلتقي شخصيا مع مسؤولي الحكومة لمناقشة القضايا المعنية. واعترف صدام بأن دولة نامية مثل العراق كانت عرضة لتهديد كبير من قبل الولايات المتحدة. ثم تحولت المناقشة باتجاه الرئيس العراقي المؤقت الجديد ـ الشيخ غازي الياور. قال صدام إن الياور ينتمي لعائلة طيبة وإن الدول الإقليمية الأخرى سترحب به، خاصة السعودية. وأعرب عن اعتقاده بأن الولايات المتحدة لا بد أنها أمعنت التفكير في تعيين الياور في هذا المنصب، لأن اختياره كان قرارا صائبا. من جهته، نوه بيرو بأن اختيار الياور لم يتم من جانب واشنطن وحدها، وإنما عاونتها الأمم المتحدة. وأضاف أن اختيار الحكومة العراقية الجديدة اعتمد على الاحتياجات التي أعرب عنها الشعب العراقي. قامت الحكومة العراقية على أساس متين تمكنت من الانطلاق منه في سعيها لخدمة الشعب العراقي. بعد ذلك، سأل بيرو صدام عن حقيقة شعوره الشخصي إزاء مناقشتهما حول رئيس عراقي وحكومة جديدة بالبلاد. وشرع صدام في الإجابة بالحديث عن الياور، لكن قاطعه بيرو وأعاد سؤاله عن شعوره الشخصي. وذكر بيرو صدام بأنه سبق أن أوضح أنه لا يزال يعتبر نفسه رئيس العراق. ومع ذلك، بات واضحا للجميع الآن أنه لم يعد رئيسا للبلاد، في ظل وجود رئيس آخر يمثل الدولة والشعب العراقيين. وأخبر بيرو صدام بأنه لم يعد رئيسا للعراق، وأن أمره انتهى. أجاب صدام بأنه يعي هذا الأمر، وتساءل ماذا يمكنه فعله حيال الأمر بالنظر إلى أن تلك مشيئة الله. وسأله بيرو ما إذا كانت لديه أي أفكار حيال مستقبله، ورد صدام بأنه مستقبله في يد الله. عندئذ، أخبره بيرو بأن حياته أشرفت على نهايتها، وسأله إذا ما كان يرغب في أن يكون للجزء المتبقي من حياته معنى. ورد صدام بالإيجاب. قال بيرو لصدام إنه أحاط نفسه بأفراد ضعفاء، يأبون الآن تحمل أي مسؤولية عن إجراءات الحكومة السابقة. وأضاف أن المحتجزين بالغي الأهمية الآخرين يلقون باللوم على صدام عن كل أخطاء العراق. وأجاب صدام متسائلا ماذا بوسعه فعله. واعترف صدام بأنه ربما يتحمل المسؤولية أو اللوم، في الوقت الذي يحاول آخرون إقصاء أنفسهم عن المسؤولية.



http://www.aawsat.com/details.asp?section=4&article=526915&issueno=11182


RE: «الشرق الأوسط» تنشر محاضر استجواب المباحث الأميركية لصدام - ابن نجد - 07-11-2009

صدام يتحدث عن أخويه برزان ووطبان.. وعزيز ورمضان

GMT 23:00:00 2009 الجمعة 10 يوليو

الشرق الاوسط اللندنية




الشرق الأوسط» تواصل نشر محاضر الاستجواب الأميركي للرئيس العراقي الأسبق في السجن

لندن: «الشرق الأوسط»

يكشف الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين الذي أُعدم نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2006 في وثائق سرية أفرج عنها الأرشيف القومي الأميركي أخيرا خفايا كثيرة عن حروبه وأيامه الأخيرة في الحكم وحتى اعتقاله وظروفه في السجن. وبعد نشرها محاضر 19 جلسة استجواب رسمي تواصل «الشرق الأوسط» اليوم نشر محاضر حوارات غير رسمية عادية أجراها جورج بيرو، وهو محقق من مكتب المباحث الفيدرالي الأميركي «إف بي آي»، مع الرئيس الأسبق ما بين 1 مايو (أيار) و28 يونيو (حزيران) 2004. وفي حوار جرى في 17 يونيو (حزيران) تحدث صدام عن إخوته غير الأشقاء وكبار المسؤولين في نظامه، وقد أفاد بأن طارق عزيز كان في غاية الذكاء ومتحدثا رائعا. وأفاد بأن ابن عمه علي حسن المجيد كان يفكر مثل البدوي وكانت خبرته محدودة خارج حدود قبيلته، وكانت قراراته تقوم على هذه الخبرة المحدودة.
ووصف صدام شخصية طه ياسين رمضان بأنها شخصية واضحة. فقد كان رمضان ذلك النوع من الأشخاص الذين يتحدثون عن أنفسهم باستمرار. بعد ذلك انتقل صدام إلى الحديث عن أخويه غير الشقيقين وهما برزان إبراهيم الحسن ووطبان إبراهيم الحسن وأفاد صدام بأن برزان كان في غاية الذكاء ولكن شخصيته كانت مغلقة. ثم أفاد صدام بأن وطبان كان على العكس من برزان حيث كان ودودا وذا شخصية بسيطة. وفي آخر جلسة في 28 يونيو (حزيران) ناقش بيرو مع صدام علاقة العراق بتنظيم «القاعدة»، وقال صدام إن آيديولوجية أسامة بن لادن لم تختلف عن الكثير من المتعصبين الذين جاؤوا قبله، وإنه ليس لدى الاثنين نفس المعتقد أو النظرة. وزعم صدام أنه لم يرَ بن لادن شخصيا يوما ما. ولكن، أشار بيرو إلى أن هناك أدلة واضحة على أن الحكومة العراقية كانت قد اجتمعت من قبل مع بن لادن، واستشهد بيرو على ذلك باجتماع فاروق حجازي مسؤول الاستخبارات الخارجية بجهاز الاستخبارات العراقي، مع أسامة بن لادن في السودان عام 1994، وزيارتين قام بهما أبو حفص الموريتاني إلى بغداد وطلبه الحصول على مساعدات مالية تبلغ 10 ملايين دولار. وأجاب صدام: «نعم». وقال إن الحكومة العراقية لم تتعاون مع بن لادن.
وسأل بيرو صدام لماذا كان العراق الدولة الوحيدة التي أثنت على هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، وهو الأمر الذي رفضه صدام على الفور. وقال بيرو لصدام إن هناك تقارير عن إشادة الصحف العراقية بالهجوم. وقال صدام إنه كتب مقالات ضد الهجوم، ولكنه تحدث أيضا عن السبب الذي دفع رجالا إلى القيام بهذه التصرفات. ولم تتم مراجعة السبب الذي يمكن أن يتسبب في هذا القدر من الكره وقتل الأبرياء. وبعد الهجوم، كتب طارق عزيز خطابات شخصية يدين فيها الهجوم إلى شخصين، من الممكن أن يكون أحدهما رمزي كلارك، الذي كان يعرفه عزيز شخصيا. وكانت هذه الخطابات بمثابة وسيلة غير رسمية يدين العراق من خلالها الهجوم.
* طارق عزيز كان في غاية الذكاء.. ورمضان واضحا.. والمجيد كان يفكر مثل البدوي
ـ رئيس النظام السابق قال إن برزان كان مغلقا ولم يكن ودودا ووطبان عكسه
ـ حوار غير رسمي مع صدام
ـ 17 يونيو (حزيران) 2004
* خلال حديث غير رسمي مع جورج بيرو في زنزانته، أدلى صدام حسين بالمعلومات التالية:
أفاد صدام بأنه في معظم الأيام، كان جدول أعماله يشتمل على الاجتماع مع المواطنين العراقيين العاديين. وقد كان صدام يفضل الاجتماع معهم حيث كان يعمل أو يقيم بدلا من مكتبه الرئاسي. وفي أغلب الأحيان، كانت هذه الاجتماعات بين الساعة 3:00 إلى الساعة 6:00 مساء، حيث كان يتبادل الحديث مع المواطنين العراقيين. وكان صدام يفضل قيادة السيارة بنفسه وكان يأمر حراسه بالركوب معه، مما منحه القدرة على التوقف متى وأين شاء. وكان صدام يستفيد من هذا الوقت في معالجة المشكلات الشخصية لهؤلاء المواطنين، وكان من ذلك مناقشة مشكلاتهم الصحية وشكاواهم الشخصية، إلخ. وكان صدام يستمتع بتبادل الأفكار مع أولئك الذين يحيطون به بغرض توفير الحلول لهم. وكان يشجع من حوله على مناقشة المشكلات وتبادل الأفكار فيما بينهم، وبينهم وبينه كذلك. ومع ذلك فلم يكن صدام يستمتع بالجدل مع الآخرين على الرغم من أنه كان يعتبر نفسه محاورا ممتازا، وأكثر دراية ممن حوله. وعندما كان يدور جدل حوله، كان يقول إنه لن يشارك فيه ويبقى صامتا. وكان صدام يتناقش مع بعض الأفراد سواء كانوا أقارب أو مقربين له داخل الحكومة العراقية السابقة. وقد أفاد صدام بأن طارق عزيز (رقم 25 على القائمة السوداء) كان في غاية الذكاء وكانت لديه معلومات وفيرة عن الغرب أكثر من أي مسؤول آخر في حزب البعث. وكان عزيز متحدثا رائعا، حيث كان مدرسا سابقا للغة الإنجليزية وكان رئيس تحرير صحيفة حزب البعث. وأفاد صدام بأن علي حسن المجيد (رقم 5 على القائمة السوداء) كان يفكر مثل العرب. وأفاد بيرو بأن المجيد كان يفكر مثل البدوي، وقال صدام إن ذلك ما كان يقصده. لقد كانت خبرة المجيد محدودة خارج حدود قبيلته وكانت قراراته تقوم على هذه الخبرة المحدودة. ومع ذلك، فقد كان المجيد يتبع وينفذ الأوامر الموجهة إليه. ووصف صدام شخصية نائب الرئيس السابق طه ياسين رمضان (رقم 20 على القائمة السوداء) بأنها شخصية واضحة. فقد كان رمضان ذلك النوع من الأشخاص الذين يتحدثون عن أنفسهم باستمرار، وهو الأمر الذي كان يسمح به صدام. بعد ذلك انتقل صدام إلى الحديث عن أخويه غير الشقيقين وهما برزان إبراهيم حسن (رقم 38 على القائمة السوداء) ووطبان إبراهيم حسن (رقم 37 على القائمة السوداء). وأفاد صدام بأن برزان كان في غاية الذكاء ولكن شخصيته كانت مغلقة. وقال بيرو لصدام إن برزان لم يكن ودودا بما يكفي، ولم يكن من النوع الذي يمكن أن يطور معه بيرو صداقة. فضحك صدام وقال إن بيرو قد عرف شخصية برزان. ثم أفاد صدام بأن وطبان كان على العكس من برزان حيث كان ودودا وذا شخصية بسيطة. وحسبما يقول صدام، فإن وطبان لم يستطع تنفيذ المهام الوزارية ولم يكن قادرا على الاضطلاع بالأدوار السياسية أو حل مشكلاتها. ثم تساءل بيرو عن عابد حامد محمود (رقم 4 على القائمة السوداء) وهو السكرتير الرئاسي لصدام. فقال صدام إن عابد كان موظفا جيدا ومخلصا وكان ينفذ الواجبات والأوامر. ثم سأل صدام بيرو عن رأيه في عابد. فقام بيرو بوصف بما يعنيه مصطلح «مندوب مبيعات سيارات مستعملة». فضحك صدام مرة أخرى وقال إن بيرو كان محقا في وصفه لعابد.
* لم ألتق بن لادن.. وكتبت مقالات ضد هجمات 11 سبتمبر
ـ أقر بأن مسؤولا في استخباراته التقى زعيم «القاعدة» في السودان
ـ حوار غير رسمي مع صدام
ـ 28 يونيو (حزيران) 2004
* ناقش بيرو مع صدام علاقة العراق بتنظيم القاعدة، وعرض صدام تقريرا تاريخيا مختصرا عن الخلافات داخل الدين، ولا سيما الإسلام، وعن حكام ذوي أهمية من الناحية التاريخية. وقال صدام إنه يؤمن بالله، وإنه ليس متعصبا. وأعرب عن اعتقاده أنه لا يجب الخلط بين الدين والدولة. وعلاوة على ذلك، فإن آيديولوجية حزب البعث لم تكن تعتمد على الدين، حيث إن مؤسسها كان مسيحيا. ولكن، كان صدام واضحا في أنه يقف ضد أي شخص يتواطأ مع الغرب ضد بلاده. وقال صدام إن آيديولوجية أسامة بن لادن لم تختلف عن الكثير من المتعصبين الذين جاءوا قبله، وإنه ليس لدى الاثنين نفس المعتقد أو النظرة. وزعم صدام أنه لم ير بن لادن شخصيا يوما ما. ولكن، أشار بيرو إلى أن هناك أدلة واضحة على أن الحكومة العراقية كانت قد اجتمعت من قبل مع بن لادن، واستشهد بيرو على ذلك باجتماع فاروق حجازي، مسؤول الاستخبارات الخارجية بجهاز الاستخبارات العراقي، مع أسامة بن لادن في السودان عام 1994، وواستشهد كذلك بزيارتين قام بهما أبو حفص الموريتاني إلى بغداد، وطلبه الحصول على مساعدات مالية تبلغ 10 ملايين دولار. وأجاب صدام: «نعم». وقال إن الحكومة العراقية لم تتعاون مع بن لادن. وسأل بيرو صدام «لِمَ لا؟» ما دام للعراق وبن لادن نفس الأعداء، الولايات المتحدة والسعودية.. واستشهد بيرو بعبارة «عدوي عدو أخي». وقال صدام إن الولايات المتحدة لم تكن عدوا للعراق، ولكن كان صدام يعترض على سياساتها. ولو كان يريد التعاون مع أعداء الولايات المتحدة لكان قام بذلك مع كوريا الشمالية، التي زعم أن له علاقة بها، أو الصين. وقال صدام إن الولايات المتحدة استخدمت هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) كمسوغ للهجوم على العراق. ولم تر الولايات المتحدة سبب هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول). وقال بيرو إنه بسبب التناقض بين تصريحات العراق وتصرفاته، يعتقد الكثيرون أن العراق أخطأ في حساب تبعات هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) على الشعب الأميركي وقياداته. وأنكر العراق أي علاقة مع بن لادن أو «القاعدة»، ولكن أظهرت الأدلة استمرار التواصل بين الاثنين. ورفض صدام القول بالخطأ في حساب تبعات الهجوم، ولكنه لم تكن لديه خيارات أخرى، وكان الخيار الوحيد الذي أمامه هو مغادرة العراق، وهو ما زعم أنه لم يكن خيارا. وسأل بيرو صدام: لماذا كان العراق الدولة الوحيدة التي أثنت على هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)؟ وهو الأمر الذي رفضه صدام على الفور. وقال بيرو لصدام إن هناك تقارير عن إشادة الصحف العراقية بالهجوم. وقال صدام إنه كتب مقالات ضد الهجوم، ولكنه تحدث أيضا عن السبب الذي دفع رجالا إلى القيام بهذه التصرفات. ولم تتم مراجعة السبب الذي يمكن أن يتسبب في هذا القدر من الكره وقتل الأبرياء. وبعد الهجوم، كتب طارق عزيز خطابات شخصية يدين فيها الهجوم إلى شخصين، من الممكن أن يكون أحدهما رمزي كلارك، الذي كان يعرفه عزيز شخصيا. وكانت هذه الخطابات بمثابة وسيلة غير رسمية يدين العراق من خلالها الهجوم. وقال صدام إنه لم يكن من الممكن الإدلاء بأي تصريحات رسمية، حيث كان يُنظر إلى العراق على أنه في حالة حرب مع الولايات المتحدة. وسئل صدام عما إذا كان ذلك هو السبب في رفض طلب السفير العراقي في الأمم المتحدة محمد الدوري حضور ذكرى الحادي عشر من سبتمبر (أيلول). واحتاج ذلك إلى طلب شخصي من وزير الشؤون الخارجية لصدام للحصول على تصريح للسفير كي يحضر الذكرى. وقال صدام إنه لا يستطيع تذكر ما حدث، ولكنه يتذكر تحديدا أن السفير حضر الذكرى كممثل للأمم المتحدة ولم يحضر كممثل رسمي للعراق.
* إيجاز لـ «إف بي آي»: صدام قد يقدم أدلة ضد مساعديه إذا كان يعتقد أنهم يتعاونون مع التحقيقات
ـ كاتبوه: مع ازدياد الثقة بين الرئيس السابق وبيرو تمت إثارة مواضيع معقدة
* موجز: تقديم تقرير متقدم لشعبة مكافحة الإرهاب وفرق مجموعة التدخل في الحالات الحرجة حول صدام حسين التفاصيل: في أعقاب القبض على الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين في ديسمبر (كانون الأول) 2003 (تم حذف بقية هذا الجزء).
حتى الآن، أجرى فريق المباحث الفيدرالية الأميركية ست عشرة مقابلة مع صدام واثنتي عشرة مقابلة مع الوزراء ومستشاري الرئيس وقادة الأجهزة الأمنية وقادة الجيش السابقين المحتجزين لدى القوات الأميركية. وقد كانت اللقاءات الأخيرة محورية في معرفة أسلوب عمل حكومة صدام، والوصول إلى الكيفية التي كان يتم من خلالها اتخاذ القرار وتنفيذه.
على الرغم من أن الهدف الرئيسي من استجواب صدام كان الحصول على معلومات استخباراتية، فإن الفريق يرى تقديم صدام حسين أي معلومات ذات قيمة من دون الحصول على فائدة ملموسة في المقابل أمرا بعيد المنال، بيد أن اقتراب المحاكمة قد يجعل صدام يؤثر الفوائد من وراء التعاون بدلا من المخاطرة بالصمت. وهذا صحيح، خصوصا إذا كان يعتقد أنه سيواجه محاكمة دولية تقابل المحاكمة المحلية، وإذا ما كان يعتقد، على سبيل المثال، أن قادة النظام السابق يتعاونون خلال التحقيقات ويحملونه مسؤولية انتهاكات حقوق الإنسان والإعدامات الجماعية، أو استخدام أسلحة الدمار الشامل، بل وربما يبدي رغبة في الكشف عن أدلة ضدهم. وبحسب شخصيته، سيحاول صدام التعاون للتخفيف من تورطه في الاشتراك في تلك الممارسات، وإن لم يكن من أجل ذلك فمن أجل الحفاظ على صورته الذاتية، ولضمان الحفاظ على صورة إيجابية في التاريخ. (تم حذف بقية هذا الجزء). بعد أن قبل صدام ذلك كتب للدخول في «حوار» وليس «تحقيقا». وقضى فريق المباحث الفيدرالية الأميركية عدة جلسات يناقشونه في موضوعات لا تهدد موقفه، منحته الفرصة للحديث بحرية والتباهي بإنجازاته السابقة. (تم حذف بقية هذا الجزء).
وبينما كانت الصلة والثقة بين صدام وبيرو تزداد، تم الدفع بعدد من الموضوعات المعقدة خلال الجلسات. فعلى سبيل المثال، سئل صدام أسئلة تفصيلية حول استخدام الأسلحة الكيميائية ضد الأكراد في حلبجة عام 1988، وتفاصيل انتفاضة الشيعة في الجنوب عام 1991. وهي موضوعات كان صدام يرفض مناقشتها من قبل. انطلاق صدام في الحديث رويدا رويدا، ربما لا يكون راجعا إلى نوعية الأسئلة التي سئلت، إنما للسلوك غير العدواني الذي سئلت به. (تم حذف بقية هذا الجزء).
في 19/3/2004 عرض الفريق لصدام حسين فيلما وثائقيا أنتجه صحافي بريطاني تحت عنوان «آخر حروب صدام» وصف نظام صدام الوحشي بأصوات شهود عيان وناجين قدموا أدلة على المذابح والإعدامات الجماعية التي ارتكبت في حق الشيعة. وقبل أن يعرض الفيلم على صدام شرع في التساؤل حول موضوعية الصحافي، وتحدث مطولا حول أهمية العدالة، وعندما بدأ مشاهدة الفيلم بدا عليه الغضب الشديد، وشكك في صحة الفيلم.
ومع استمرار الفيلم أنهى صدام الجلسة قائلا إنه يرغب في تناول طعام العشاء وتأدية الصلاة، وقال إنه سيناقش الأمر في وقت لاحق. وخلال استعداداته لمغادرة الجلسة واصل صدام انتقاداته، مكررا شكوكه في صحة الفيلم، ومكيلا الاتهامات للرئيس بوش بتشجيع انتفاضة الشيعة. وفي اليوم التالي كان صدام قد استعاد رباطة جأشه، وبدا مستعدا لإكمال المناقشات.
وسيواصل الفريق جهوده في سحق صدام بكم كبير من الأدلة ضده وضد أركان نظامه السابق بشأن انتهاكات حقوق الإنسان وعمليات القتل الجماعي واستخدام الأسلحة الكيميائية. ونعتقد أنه عندما يشعر صدام بأن استراتيجية الإنكار التي ينتهجها لم تعد مجدية، قد يلجأ إلى اتهام الآخرين من قادة النظام السابقين بتلك الانتهاكات. (تم حذف بقية هذا الجزء).

http://www.aawsat.com/details.asp?section=4&article=527035&issueno=11183