حدثت التحذيرات التالية: | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
حصاد الهشيم - الحلقة الأولى - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5) +--- المنتدى: قــــــرأت لـك (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=79) +---- المنتدى: مواضيـع منقــولة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=25) +---- الموضوع: حصاد الهشيم - الحلقة الأولى (/showthread.php?tid=35266) |
حصاد الهشيم - الحلقة الأولى - Gkhawam - 11-09-2009 بقلك كامل النجار أيام دراستي بالجامعة قرأت كتاباً للكاتب والشاعر المصري الراحل إبراهيم عبد القادر المازني (1890-1949) بعنوان "حصاد الهشيم"، ونسبةً لأن العنوان يعكس الحالة التي وصلنا إليها عن طريق الصحوة الإسلامية المباركة، قررت أن "أستعير" هذا العنوان من المازني. عندما بدأ الإسلام في المدينة، أصبح محمد شيخ قبائل الأنصار (الأوس والخزرج)، وكأي شيخ قبيلة أصبح هو مصدر التشريع والتنفيذ في إدارة شؤون أتباعه. لم تكن هناك دولة بالمعنى المفهوم والذي كان سائداً في دول الجوار مثل فارس وبيزنطة (تركيا الحالية) والشام الرومانية. ولأن المدينة كانت بها قبائل يهودية متمكنة ومسيطرة على الاقتصاد، وكان هناك بعض المسيحيين الذين لم يؤمنوا به وبالتالي لم يسلموا زمام أمرهم له، حاول محمد أن يفرض رأيه عليهم وأتى بآية بعد الهجرة مباشرة تقول للمؤمنين أن يردوا النساء الكافرات إلى الكفار ويمسكوا النساء المؤمنات، وكل فريق يطلب من الفريق الآخر ما انفقه في زواجه، وقال (ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم خبير) (الممتحنة 10). ولما علم أن المسيحيين لن يقبلوا بحكمه، جاء بآية أخرى تقول (وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ) ( المائدة 47). وحتى يُرضي اليهود، جاءبآية أخرى تقول (إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونورٌ يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس وأخشون ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) (المائدة 44). فإله محمد رضي للمسيحيين أن يحكموا بالإنجيل، ولليهود أن يحكموا بالتوراة فيما بينهم. وكل الآيات التي تتحدث عن الحكم في القرآن تقول: يحكم بينكم أو أحكم بينهم. والحكم بين الناس فيما شجر بينهم من خلاف، يختلف عن التحكم في الناس، أي حكوماتهم. ولما جاء القرآن على ذكر اختيار حكامهم قال (وأمرهم شورى بينهم). فالحكم في القرآن يعني فض منازعات الناس في أمور الزواج والطلاق والميراث والزراعة، وما إلى ذلك، لكنه لا يعني منع الناس من اختيار القوانين التي تناسبهم خارج الأحكام البسيطة التي جاءت في القرآن عن السرقة والزنا والقتل والطلاق والأمور العائلية. ولكن في القرن العشرين ظهر الهندي أبو الأعلى المودودي (1903-1979) الذي أخذ الجزء الأخير من آية المائدة المذكورة أعلاه (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأؤلئك هم الفاسقون) وادعى أن الحكم لله على العباد ولا يحق لهم حكم أنفسهم بقوانين وضعية ويذلك تصبح الحاكمية لله. وأخذ سيد قطب هذا الادعاء وجعله أساس دعوة الإخوان المسلمين الذين يحلمون بتطبيق الشريعة على العالم كله. ومنذ أن بدأت مملكة آل سعود تضخ ملياراتها لدعم الإخوان المسلمين والحركات الإسلامية المنشقة عنها، أو المتولدة منها، في محاولتهم الخلاص من جمال عبد الناصر الذي كان يؤلب الشعوب العربية للثورة على حكم العوائل، بدأنا نسمع بكليشيهات مثل "الإسلام هو الحل" و "الإسلام دينٌ ودولة" و "الحاكمية لله". وبمساعدة آل سعود وباكستان، تمكنت مجموعة "طالبان" من السيطرة على أفغانستان بقوة السلاح. وبمساعدة آل سعود كذلك تمكن حسن الترابي من الركوب على دبابة اللواء عمر حسن البشير واغتصاب الحكم من حكومة السودان المنتخبة ديمقراطياً ليطبّق شرع الله. وفي إيران تمكن الخميني من إلهاب حماس الجماهير المتعطشة للحرية والخلاص من حكم الشاه، ونجح في القيام بثورته الإسلامية عام 1979. وفي غزة انقلبت حركة الإخوان المسلمين المتمثلة في حركة حماس، على منظمة التحرير الفلسطينية، لتقيم الحاكمية الإلهية في إمارة غزة، وتمكنت الأحزاب الإسلامية كذلك من السيطرة على الحكومة في العراق بعد الغزو الأمريكي، وفي الصومال ظل الإسلاميون الذين يرفعون العلم السعودي في مسيراتهم يتقاتلون فيما بينهم للفوز بتمثيل الله على أرضه. فهذه ستة أقطار يحكمها ممثلو "الإسلام دينٌ ودولة". تعريف الدولة هو "رقعة من الأرض لها حدود جغرافية متعارف عليها، ويسكنها مجموعات من الناس، قد يكونون من أصول إثنية متقاربة، مثل اليابان والصين، أو من أصول إثنية مختلفة ومتعددة، ومعتقدات عديدة، مثل أغلب بلاد أوربا الغربية بعد الغزو الإسلامي الحديث." وللدولة واجبات نحو مواطنيها، وعلي المواطنين واجبات نحو دولتهم، ولهم حقوق متفق عليها عالمياً منذ عام 1948 عندما أجازت الجمعية العمومية للأمم المتحدة منظومة "حقوق الإنسان". من واجبات الدولة لمواطنيها: 1- توفير التعليم للنشء 2- توفير الأمن للمواطن والحفاظ على ممتلكاته ونفسه وأسرته 3- توفير العلاج للمواطنين من المهد إلى اللحد 4- مساواة الجميع أمام القانون 5- إتاحة الفرصة للمواطنين لاختيار من يحكمهم 6- توفير فرص العمل للمواطنين وكفالة من لا يجد عملاً فإذا كان الإسلام دينٌ ودولة، وإذا كان هو الحل لجميع مشاكلنا، فلننظر ماذا حصدنا في العقود الثلاثة الماضية من المزارع الإسلامية في الأقطار المذكورة أعلاه التعليم: كانت أفغانستان من أوائل الدول الإسلامية التي بدأ بها التعليم في القرن التاسع عشر. وكانت أول بلد إسلامي تصدر به صحيفة يومية في ذلك القرن. وقد سمحت الدولة بتعليم البنات، وتخرجت بجامعاتها طبيبات ومهندسات. ومع قدوم "طالبان" وسيطرتهم على الحكم، أغلقوا مدارس البنات ومنعوا تعليمهن وحتى خروجهن من المنازل. وبالنسبة للصبيان غيروا المناهج القديمة وأصبح التركيز على العلوم الدينية وكتاتيب تحفيظ القرآن. وحتى بعد سقوط طالبان، ظل المقاتلون الإسلاميون يحرقون مدارس البنات (وبعد أربع سنوات من سقوط طالبان، لا تزال نسبة الفتيات الملتحقات بالمدارس في افغانستان الاقل في العالم حيث ان اقل من 10 بالمئة من الفتيات يلتحقن بالمدارس الثانوية، حسبما جاء في تقرير للامم المتحدة هذا الشهر.) (إيلاف 30/10/2005). ولم يكتف مناضلو طالبان بحرق المدارس، بل زادوا وقطعوا رؤوس المدرسين (قتل مسلحون من حركة طالبان الاصولية مدرسا في مدينة تقع وسط أفغانستان، في أحدث الهجمات التي تستهدف المدرسين والمدارس هناك. ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن مسؤولين قولهم إنّ المشتبهين قطعوا رأس المدرس معلم عبد الحبيب، حيث تمّ العثور على جثته مقطوعة الرأس في منزله بمدينة قلعة. وقال علي خيل المتحدث الحكومي إنّ المؤشرات تبعث على الاعتقاد بكون عملية القتل تمّت مساء الثلاثاء بعد أن اقتحم المسلحون منزل الضحية. وكان المدرس عبد الحبيب يعمل مدرسا في مدرسة الشيخ ماثي بابا التي تضمّ أطفالا وبنات. وأضاف ان حركة طالبان المخلوعة ضد تعليم البنات. والقى نبي خوشال مدير المنطقة التعليمية بإقليم زابل بجنوب افغانستان باللائمة في عملية الاغتيال لعناصر من تنظيم طالبان، التي تسعى لاثارة الفوضى في افغانستان. وسبق لهؤلاء أن وزّعوا منشورات العام الماضي في مدينة قلعة تدعو إلى اغلاق مدارس البنات مهددين بقتل المدرسين. واشار الى ان 100 مدرسة ضمن الاشراف التعليمي لإدارته التعليمية التي يشرف عليها بجنوب افغانستان، وتشمل 170 مدرسة قد اغلقت ابوابها العام الماضي بسبب عدم توفر الحماية الامنية. وأوضح ان ادارته التعليمية تشرف على تعليم نحو 35 الف طالب وطالبة، بينهم 2700 فقط من البنات) (الشرق الأوسط 5/1/2006). وما زال مقاتلو طالبان يجوبون الشوارع على دراجاتهم البخارية ليدلقوا حامض الكبريت على وجوه الطالبات وهن في طريقهن إلى مدارسهن. ويتكرر نفس السيناريو في وادي سوات الباكستانية لأن طالبان باكستان يطبقون الشريعة الإسلامية السمحة في الوادي. السودان: بدأ التعليم في السودان مع بداية الحكم التركي الذي أنشأ مدارس للصبيان. ثم جاءت ثورة المهدي الدينية فأغلقت جميع المدارس واستعاضت عنها بالكتاتيب التي تدرّس القرآن فقط. ومع بداية الاستعمار البريطاني أنشأ الإنكليز المدارس للصبيان وللبنات، وأقاموا أول جامعة بالبلاد. وكان التعليم في السودان مجانياً للصبيان والبنات حتى المرحلة الجامعية. استمر هذا الوضع في السودان إلى عام 1989 عندما جاءت حكومة ثورة الإنقاذ الإسلامية، فأنقذت الأطفال من التعليم بعد أن أزالت يدها عنه. متوسط دخل الأسرة في السودان أربعمائة دولار سنوياً، أي دولار واحد باليوم. فكيف يتسني لرب الأسرة إطعام أطفاله ثم تعليمهم بذلك الدولار الوحيد، مع مراعاة أن حكومة الإنقاذ تحارب تحديد النسل؟ (كان مجموع ما صرفته حكومة الإنقاذ على التعليم في الفترة 1995-1997 لا يتعدى 1.4% من الناتج القومي، في حين بلغت هذه النسبة على التوالي في بلد كساحل العاج 5% وكينيا 6% وسيشل 10%.) (خالد عويس، الحوار المتمدن، 17/8/2006). التعليم في دولة السودان الإسلامية ليس إجبارياً، ولكن زي الطالبات إجباري (وأمر الرئيس بفرض هذا الزي "الإسلامي" على جميع الطالبات بالجامعات السودانية. ويتكون الزي الإلزامي من جلباب فضفاض طويل وقميص فضفاض وغطاء للرأس (خمار) وفق "الشروط الاسلامية") (نفس المصدر). مستوى التعليم في الجامعات انحط إلى ما تحت خط الصفر، ورفضت الجامعات الغربية الاعتراف بالشهادات السودانية. وينعكس هذا الانحطاط على مستوى النضوج الفكري لطلاب تلك الجامعات وتصرفاتهم في الندوات الجامعية. (قُتل طالب وجُرح نحو 9 طلاب آخرين في صدامات طلابية وقعت امس بجامعة النيلين في الخرطوم، واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع والهروات لتفريق الطلاب، وخلفت الصدامات حال توتر في قلب العاصمة السودانية، حيث طوقت الشرطة مباني الجامعة والمناطق المحيطة) (إسماعيل آدن ومصطفى سري، الشرق الأوسط 9/2/2007). وكان سبب الصدام أن الطلبة الإسلاميين المنتمين إلى حزب البشير قدموا مشروعاً في الندوة يستوجب اعتبار الطلبة الشماليين الذين قٌتلوا في الحرب بين الجنوب والشمال، شهداء، فاعترض الطلبة الحنوبيون على ذلك، ومن ثم دارت المعركة بين الطرفين، بدل أن يناقشوا الموضوع بالمنطق والحجج، كما هو متبع في جامعات العالم المتحضر، وهذا هو تأهيل دولة الإسلام لقادة المستقبل- من رأى منكم منكراً فليغيره بيده. ((والأدهى من ذلك أن الشهادات فوق الجامعية أصبحت تُوزع على مؤيدي الحزب الحاكم كنوع من الاعتراف بالجميل. "تدل الاحصائيات التى تبرز ارتفاعا يفوق الخيال فى أعداد الذين منحتهم الجامعات السودانية شهادات الدكتوراه والماجستير فى اوقات بلغت فيها معدلات النقص فى اعداد الاساتذة المؤهلين كل مبلغ، وشهدت فيه المبانى والاجهزة والمراجع والمعينات العلمية انهيارا مريعا، واصبح التهرؤ فى المعايير الاكاديمية سمة ثابته ومضطردة. اى انه كلما ازداد التدهور فى بنيات التعليم العالى وهياكله تضاعفت اعداد (الدكاترة) وحملة صكوك الاستاذية الذين تنتجهم ذات البنيات والهياكل المتردية)) (مصطفى عبد العزيز البطل، صحيفة "الأحداث" السودانية، 4 نوفمبر 2009). وفي تقرير أعده خبير أمريكي نجد الآتي: (يقول التقرير انه فى وقت شهد هجرةً مكثفة للكوادر العلمية المقتدرة وتبعثرها فى بلدان الشتات، فان عدد الجامعات السودانية ارتفع من سبعة عشرة الى سبعٍ وسبعين جامعة. وان الرصد لحركة اساتذة الجامعات يشير الى انه خلال فترة قصيرة جدا لا تتجاوز العامين ترك الخدمة فى جامعة الخرطوم، اكبر واعرق الجامعات السودانية، مائة واثنى عشر استاذا جامعيا، تم استبدالهم بطلاب دراسات عليا وكادرات اخرى غير مكتملة التأهيل) (نفس المصدر). وفي الوقت الذي تتوق فيه معظم دول العالم الثالث إلى دفع الشباب لتلقي العلوم الحديثة، نجد في سودان ثورة الإنقاذ الإسلامية أن الدعوة للشباب تحولت من السعي وراء العلوم الحديثة إلى السعي وراء القرآن، يقول موقع وزارة العلوم والتكنولوجيا المشرف على التعليم العالي والبحوث، ما يلي (موقع وزارة العلوم والتكنولوجيا السودانية على الشبكة الدولية، وفي الوثيقة المسماه (رسالة الوزارة) او (مهمة الوزارة) ويقابلها فى الانجليزية مصطلح (Mission Statement)، و فى معرض التنويه بالمهام المسندة اليها فى موقعها الالكترونى اندلقت الى حديث مستفيض عن مفهوم التوجيه الالهى للمسلمين باتخاذ الاهبة لملاقاة اعدائهم، وعن كوننا خير امة اخرجت للناس كما اراد لنا الله، وعن دورنا الريادى بين الامم وعن كون الله استخلفنا فى الارض، وكلفنا بالتصدى لقوى الشر والعدوان، وعهد الينا بالتفكر فى القرآن، والتماس صبغة الله فى الكون، واتباع هدى رسوله الكريم فى طلب العلم كسبيل لمعرفة الخالق) (نفس المصدر). التعليم في السودان انهد من أساسه ولن يستقيم إلا بعد عقود من نهاية دولة "الإسلام دين ودولة" (قالت دراسة كُشفت في الخرطوم، إن 40% من تلاميذ المدارس في مرحلة الأساس الابتدائي في مدارس العاصمة الخرطوم لا يجيدون القراءة ولا الكتابة. وأيد نواب في برلمان ولاية الخرطوم ما جاء في الدراسة، وقالوا إنها تمثل الواقع، وشنوا هجوما عنيفا على الطريقة التي تسير بها العملية التعليمية في الولاية، وقال أحد النواب لـ«الشرق الأوسط» إن التدني أصبح شاملا من التلاميذ إلى الأساتذة إلى المناهج) (إسماعيل آدم، الشرق الأوسط، 7 نوفمبر 2009). ولم تكتف الحكومات الإسلامية بإفساد التعليم والشهادات فوق الجامعية، بل أفسدت مواطنيها فشرع الآلاف من السعوديين والإيرانيين والسودانيين والعراقيين في شراء شهادات مزورة من جامعات مرموقة في الغرب، فاختلط الحابل بالنابل، وما عدنا نعرف من هو البروفسور الحقيقي ومن هو الذي اشترى شهادته أو منحته الحكومات الإسلامية اللقب مكافأة له. وهذا ما آل إليه العلم في سودان "الإسلام دينٌ ودولة". المملكة العربية السعودية: رغم انتشار الجامعات بالسعودية، فإن التعليم عامة يسيطر عليه رجال لا يعرفون غير العلوم الدينية. هؤلاء الرجال أفتوا بتحريم تعلم اللغة الإنكليزية قبل المرحلة الجامعية ( في خطوة إستثنائية تنهي جدلاً واسعًا إستمر سنوات عدّة، وسيطرة مكثفة للمؤسسة الدينية، كشف مدير تعليم البنين في جدة عن نية وزارة التربية والتعليم السماح للمدارس الأهلية (بنون وبنات)، بإختيار المناهج وطرق التدريس ولغة التعلم فيها، باستثناء مناهج الدين واللغة العربية، التي أوجبت تدريسها باللغة العربية، في خطوة لتنويع المسارات الدراسية في جميع مراحل الدراسة في السعودية، متوقعًا أن يتم تطبيق هذا القرار إبتداءً من العام الدراسي المقبل، ضمن شروط حددتها للمدارس المعنية. علماً أن المدارس الحكومية السعودية لا زالت حتى الآن ممنوعة من تدريس اللغة الإنكليزية في المراحل الإبتدائية والمتوسطة، وذلك بسبب تدخل المؤسسة الدينية التي ترى في ذلك غزوًا ثقافيًا يهدد اللغة العربية، والثقافة العامة) (إيلاف 5/4/2007). يحدث هذا في الوقت الذي تفرض حكومات الدول الغربية على التلاميذ، ومنذ الدراسة الابتدائية، تعلم لغتين إضافيتين بجانب اللغة الأم. ولذلك نجد مواطني الدول الإسكندنافية يتحدثون الإنكليزية والفرنسية بطلاقة، مع الاحتفاظ بلغتهم الأم التي لم تهددها اللغات الأخرى. وتدريس الفلسفة ممنوع في المدارس والجامعات السعودية، على أساس أن الفلسفة تقود إلى المنطق، ومن تمنطق فقد تزندق. والسعودية تكاد أن تكون الدولة الوحيدة التي يفوق فيها عدد حاملي شهادة الدكتوراة في العلوم الإسلامية عدد حاملي نفس الشهادة في العلوم التطبيقية. وكل عام تقام المسابقات بين الطلبة في حفظ وتجويد القرآن، ولم نسمع أن مسابقة قد أقيمت بين الطلبة لتشجيع موهبة الاختراع أو التفوق في العلوم الطبيعية. وأغلب خريجي الجامعات السعودية يحملون مؤهلات في العلوم الإسلامية أو الأدبية التي لا تحتاجها دولة ناشئة كالسعودية مما أدى إلى ازدياد أعداد الخريجين العاطلين عن العمل في المملكة. وبالإضافة إلى ذلك، تُمنع البنات من الابتعاث للخارج لنيل المؤهلات فوق الجامعية، رغم أن عدد الطالبات في الكليات العلمية، خاصةً الطب، يفوق عدد الذكور، كما يمنعن من العمل في غير التدريس. ثم أن جامعة الملك سعود أصبحت الجهة الوحيدة المنوط بها إحكام الرقابة على الإنترنت وحجب المواقع التي لا تروق لشيوخ الوهابية، مع العلم أن مهمة الجامعة هي نشر العلم والمعرفة وليس حجبهما. وما زالت المملكة تصرف ملايين الدولارات على المدارس السعودية في البلاد العربية والأوربية وألأمريكتين، لتعليم الأطفال السعوديين بالخارج فقه الولاء والبراء وكراهية غير المسلمين. وقد بدأ الكونجرس الأمريكي أخيراً تحقيقاً في مناهج المدارس السعودية بأمريكا. وعندما افتتح الملك عبد الله جامعة "ثول" حديثاً لتكون أول جامعة متخصصة في الدراسات فوق الجامعية، تبارى رجالات الدين في وصفها "وكراً للفساد" لأن الدراسة بها مختلطة، وقد مُنعت "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" من دخول حرمها الجامعي. ولم تحظ أي جامعة سعودية أو عربية بمكان في التصنيف الأمريكي لأحسن 500 جامعة في العالم، ولكن كما يقول المثل money talks فقد ظهرت فجأة جامعة الملك سعود في قائمة أحسن 500 جامعة في التقرير الصيني. وهي نفس الجامعة التي تمنع انتشار الانترنت. إيران: رغم أن عدد طلاب الجامعات قد زاد زيادة ملحوظة بعد الثورة الإسلامية، فإن نوعية التعليم قد انحطت، وأصبح التركيز على إحالة المدرسين العلمانيين إلى التقاعد الإجباري، ومحاكمة وسجن أساتذة الجامعات غير المنضوين تحت لواء الثورة. وكما في السودان والسعودية، أصبح التركيز على زي الطالبات هو الشغل الشاغل لوزارة التربية والتعليم. ( دعا الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد امس، الى بذل جهود جديدة لتطهير الجامعات الايرانية من تأثير الفكر الليبرالي والعلماني، منتقدا في الوقت ذاته مشاركة الجامعيين الايرانيين في مؤتمرات علمية بالخارج، قائلا ان بعضها هدفه التغرير .... . وقال أحمدي نجاد في كلمة القاها امام تجمع طلابي، «أقول للطلاب الشبان ان تغيير النظام التعليمي العلماني المهيمن على جامعاتنا منذ 150 عاما سيكون صعبا، إلا انه علينا ان نقوم بهذه المهمة معا. لقد تم اتخاذ اجراءات في هذا الصدد، الا انها ما زالت غير كافية. وفي يونيو (حزيران) الماضي، تمت احالة 40 استاذا جامعيا الى التقاعد المبكر) (الشرق الأوسط 6/9/2006). وما زالت أعداد الطلبة الإيرانيين بالسجون تكاد تفوق أعدادهم بالجامعات. وقد نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالاً يتناول الحملات التي تشنها القيادات الإيرانية ضد مناهج العلوم الإنسانية في الجامعات الإيرانية مشيرة إلى أنها قد تكون إيذاناً بانطلاق عمليات تطهير في الجامعات. وقد قال آية الله خامنئي إن دراسة العلوم الاجتماعية تزرع الشكوك واللايقين، ودعا المدافعين الأشاوس عن الإسلام إلى مراجعة العلوم الإنسانية التي تدرس في الجامعات، قائلاً إنها تروج للعلمانية (إيلاف 2/9/2009). وهذا ما آلت إليه إمبراطورية فارس التي كانت ترفل في العلم والحضارة عندما كان محمد يرعى الغنم وعندما أقيمت مدينة البصرة من القصب بجوار قصور فارس. وبفضل العباسيين أصبحت البصرة وبغداد مراكزاً لترجمة الفلسفة والكتب اليونانية التي نورت بعض العقول الإسلامية. والآن خلت المدينتان من العلم بفضل الصحوة الإسلامية. العراق: بعد سقوط نظام البعث، انصب هم الدوائر الشيعية التي كانت مضطهدة في عهد صدام حسين، على تغيير مناهج التعليم لجعلها دينية وشيعية. وركزت بعض الدوائر على قتل وتهجير الأساتذة حتى يخلو لها الجو فتفعل ما تشاء بالتعليم. (جددت المرجعية الدينية في النجف مطالبتها بتغيير المناهج التدريسية التي كتبت في زمن النظام السابق ومراعاة ما يثير حفيظتها. وقال الشيخ خالد النعماني، نائب رئيس مجلس محافظة النجف: لدينا مدرسة اهل البيت لماذا تلغى أفكارها ومن حقنا ان ندرس أفكارها وهذه ليست طائفية ومن حق كل طائفة ان تدرس افكار طائفتها في العراق وليس مفروضا علينا أن ندرس تاريخ شخصيات تفرض علينا من قبل النظام السابق. لا اظن اخواننا السنة ولا الشيعة يرضون بذلك لأنها خارجة عن المنظومة الدينية وهي صنعت صناعة. ما قيمة الإعمار والبناء ونحن لم نغير شيئا في التدريس.. أولادنا لا يعرفون معنى التوحيد والشرك ومعنى النبوة، ونحن في النجف مستعدون لان نضع مناهج كاملة لوزارة التربية التي تماطل في الروتين. أما رئيسة لجنة التربية في مجلس محافظة النجف سهيلة الصائغ، فطالبت بان «يكون هنالك إنصاف، مثل ما هو موجود في بعض المواد التي فيها مدح وإسهاب في المدح لبعض الخلفاء والشخصيات .. نريد ذلك أيضا لأئمتنا الذين لهم الباع الطويل والصوت الأول والقلم الأول في كل المجالات حتى في المجالات العلمية) (الشرق الأوسط 12/11/2008). فالتعليم نحت القيادة الشيعية انحصر في معرفة الفرق بين التوحيد والشرك ومعنى النبوة. كليات الطب بالعراق كانت، مثل مثيلاتها التي أسسها الإنكليز بالأردن والسودان، من أشهر الكليات خارج بريطانيا، وأصبحت الآن تعاني من نقص الأساتذة ونقص المعدات، وتدهور مستواها العلمي كثيراً بعد سقوط النظام البعثي وتولي رجالات الدين زمام الأمور. المليشيات الدينية قتلت الأطباء وأساتذة الجامعات وأجبرت البقية على الهجرة خارج العراق. وما حدث للجامعات السودانية العريقة تحت حكومة "الحاكمية لله" حدث لجامعات العراق العريقة، وانهار التعليم في كلا البلدين. أما الصومال فلم يعد بها أي تعليم إذ دمرت الحرب، بين الفئات الإسلامية المتقاتلة على السلطة، جميع المدارس، وأصبحت الكتاتيب القرآنية هي المكان الوحيد للتعليم. أما غزة، تلك الإمارة الإسلامية الفريدة، فقد أصبح الشغل الشاغل لحكامها الملتحين هو فرض الزي الإسلامي على الطالبات والمحاميات، والتركيز على تجويد القرآن في المساجد بدل المدارس التي دمرتها الحروب مع إسرائيل. ولزيادة منع أي علم غير القرآن فقد أحرق شباب حماس مقاهي الإنترنت حتى لا يتعرض النشء إلى رؤية مواد غير إسلامية، وأكملوا جميلهم بحرق مكتبات المسيحيين. وليست هناك، حسب علمي، أي دراسات جادة تقارن مستوى التعليم في غزة مع التعليم في مناطق الضفة الغربية أو بقية الدول العربية. هذا حصادنا في البند الأول من بنود واجبات الدولة لمواطنيها، وهو حصاد مزري لا يصلح للدواب في القرن الحادي والعشرين ناهيك عن نشئ هو رصيد الأمة العربية والإسلامية للمستقبل. فهل حصادنا في البنود الأخرى يدعو للتفاؤل؟ سوف نرى في الحلقات القادمة التي سوف أنشرها تباعاً كل يومين إذا مكنني الوقت من ذلك. |