حدثت التحذيرات التالية:
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(958) : eval()'d code 24 errorHandler->error_callback
/global.php 958 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $unreadreports - Line: 25 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 25 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $board_messages - Line: 28 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 28 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined property: MyLanguage::$bottomlinks_returncontent - Line: 6 - File: global.php(1070) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(1070) : eval()'d code 6 errorHandler->error_callback
/global.php 1070 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined property: MyLanguage::$archive_pages - Line: 2 - File: printthread.php(287) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(287) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 287 eval
/printthread.php 117 printthread_multipage
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval



نادي الفكر العربي
يسوع، بين الحقيقة والاسطورة - نسخة قابلة للطباعة

+- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com)
+-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3)
+--- المنتدى: فكـــر حــــر (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=57)
+---- المنتدى: تـاريخ و ميثولوجيـا (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=7)
+---- الموضوع: يسوع، بين الحقيقة والاسطورة (/showthread.php?tid=35721)

الصفحات: 1 2


يسوع، بين الحقيقة والاسطورة - طريف سردست - 12-19-2009

موضوع مترجم عن مجلة سويدية : Världens Historia, 18/2009
الكلمات مابين القوسين من ملاحظاتي

جبل الزيتون يملؤه السلام، ومنظر اسوار اورشليم وابراجها يخلب الالباب، وفي المساء يعبق المكان بالروائح البهيجة. غير ان يسوع لاينتبه لهذا السلام والجمال حواليه، إذ صدره مملوء بالقلق. مع قرعات خطواته على الطريق الحجري في الليل يزداد خوفه. وحتى على الرغم من انه يحظى بمرافقة ثلاثة من اصدقائه لاتفارقه مشاعر الوحدة الطاغية شاعراً بمصيره الذي يتمنى تفاديه ولكن لامحيص منه.

في اورشليم كان يسود الانتظار المملوء بالقلق والخوف. عيد الفصح اليهودي على الابواب والمدينة ممتلئة بالحجاج من جميع الاقاصي. في ذات الوقت يراقب الحراس الرومان الوضع متنبهين لاقل الاشارات الدالة على العصيان ويحظى يسوع بقدر خاص من اهتمامهم. النجار ( المقصود يسوع) القادم من الناصرية جذب في الاوقات الاخيرة اهتمامهم الشديد، إذ عادة مايجتمع حوله عدد كبير من الناس وغالبا يمكن سماع اتباعه وهم يقولون ان إلههم اختاره من اجل تحرير فلسطين. هذا الامر كان يثير القلق ولم يكن يروق للرومان.

حسب الانجيل، لم يكن بالامكان ان تكون نهاية حياة يسوع بطريقة اخرى . كافة المؤشرات في حياته كانت تشير الى مصير خاص يلوق بالالهة. الانجيليكيين في العهد الجديد يحدثوننا ان الملاك برز عندما ظهر للوجود الطفل يسوع والملوك حضروا ورحبوا به بالعطايا. وعندما كان عمر يسوع 12 عاما زار اورشليم مع ابويه حيث اختفى منهم ليظهر في الهيكل وهو يناقش حكماء اليهود في الكتاب المقدس.

غير ان جميع هذه الادعاءات لايجد لها المؤرخين اي سند. ان يكون يسوع شخصية تاريخية مقولة يتفق عليها اغلب المؤرخين، إذ جاء ذكره في مصدر يهودي ومصدر روماني( عدا الانجيل). المؤرخ اليهودي Josefus وصف معلم وداعية بإسم يسوع، في حين ان الروماني Tacitus تكلم عن شخصية نعتها بوصف كريستوس، واشار الى انه "في فترة حكم تبيريوس Tiberius, جرى اعدام كريستوس من قبل بونطيوس بيلاتوس Pontius Pilatus". ومن خلال الاحداث التي جرى وصفها في الانجيليات يعرف المؤرخين تقريباً متى ولد المسيح، ولكنهم لايستطيعون قول اي شئ عن طفولة يسوع او ولادته.

الباحثين يعتقدون ان الاكثر احتمالا ان يكون يسوع قد ولد في الناصرة حيث كان يقطن والديه، على الرغم من ان الانجيليكيين لوقاس وماتييس يقولون ان يسوع ولد في بيت لحم، إذ ان والديه ذهبوا الى هناك بسبب كونهم مسجلين ضريبيا في بيت لحم على إعتبارهم ينحدرون من عائلة الملك دافيد. غير ان المؤرخين يشيرون الى ان هذا الادعاء يملك احتمالات متدنية للغاية. بالفعل نعلم انه جرى احصاء في فترة قريبة من فترة ولادة يسوع غير انها كانت عملية محلية للاغراض الضريبية ولم تكن منطقة الجليل مشمولة بها، حيث تقع الناصرة. إضافة الى ذلك يرفض المؤرخين الادعاءات التي تقول ان اليهود كانوا مجبرين على الانتقال الى مدن بعيدة لمجرد ان اجدادهم كانوا يعيشون فيها قبل بضعة اجيال. ويشيرون الى ان الرومان كانوا يقومون بتعداد السكان من اجل تحصيل الضرائب، ولذلك كان يهمهم فقط مكان سكن السكان الحاليين بغض النظر عن سكن الاجداد.

ولكن لماذا احتاجت الرواية الدينية الى " ترحيل" يسوع الى بيت لحم وخلق التبريرات؟

تحويل ولادة يسوع الى بيت لحم، حيث ولد الملك داوود (ديفيد)، على الاغلب تحت حاجة الانجيليكيين لخلق ترابط بين يسوع والملك داوود. حسب الاسطورة الشائعة تمكن الملك العظيم داوود من توحيد الاسباط اليهودية الاثنى عشر ليبني دولة منيعة: اسرائيل. في عهد الملك دواوود كان اليهود سعيدين وكانت الدولة قوية. في عصر يسوع كان الهرم الاجتماعي للمجتمع مرتبط بالانساب " الشريفة" وبجعل الملك داوود جدا ليسوع اعطى الانجيليكيين ابن الله افضل شجرة عائلة في المجتمع اليهودي واكثرها حظوة بالاحترام. يسوع لم يكن قريبا للملك دواوود ولكنه، مثله مثل اغلب اليهود، كان يملك مشاعر قوية تجاه الملك الاسطوري لاسرائيل والذي اصبح رمزا من رموز حرية اسرائيل (الكلام عن عصر يسوع). بعد خمسمئة عام من وفاة الملك داوود تمزقت دولة اسرائيل بسبب الخلافات الداخلية. القوى العظمى كانت تحلم بالاستيلاء على البلاد الخصبة، وتوالت الدول التي ملئت خزائنها بخيرات البلاد.

في عصر يسوع كان الرومان هم السلطة في فلسطين. لقد دخلوا البلاد قبل حوالي ستين سنة وفرضوا سيطرة حديدية على السكان. في جنوب البلاد كانت القيادة بيد مستشار روماني، مثل المحافظ اليوم. من خلال السماح له بالتحالف مع العوائل والكهنة والمجموعات الاكثر نفوذا تمكن الرومان من الحفاظ على السلام واعطى هذا الوضع نوع من النفوذ لليهود. في الجزء الشمالي من فلسطين، التي ينتمي اليها يسوع، كانت لاتخضع مباشرة للقيادة الررومانية وانما كانت تدار من قبل زعيم محلي، ولكنه في الواقع كان تابع للرومان. وكما هو الامر في المناطق الجنوبية كانت الاكثرية من السكان (حوالي 85-95%) لاتملك اي سلطة للتعبير لا دينية ولا اقتصادية. عائلة يسوع تنتمي الى هذه المجموعة، إذ ان كل الدلائل تشير الى انها لم تكن تملك سلطة او مال.

الرومان كانوا يفرضون ضرائب عالية على اليهود ويقومون ، بدون إنذار، بمصادرة الحبوب والحيوانات ومحتويات المخازن. كما كانوا يطالبون بتأمين وسائل النقل من خيول وعربات. وايضا كان من غير النادر حصول سرقات واغتصاب النساء. إضافة الى كل ذلك تأتي الانتهاكات الشرعية، حيث ان الرومان كانوا يحملون الرسوم (الرموز العسكرية) على طول الطرقات وهو امر يشكل انتهاك لمعتقدات اليهود بتحريم الرسوم والصور.

وعلى حدود فلسطين مباشرة كان يخيم جيش مؤلف من 25 الف جندي لاستخدامهم في قمع الانتفاضات. لم يكن هناك اي شك في ان اليهود لم يكونوا اسياد في بلدهم. بالنسبة لجميع الذين تربوا تحت القمع الروماني كانت كلمة " روماني" تعني الخوف والاذلال. الحقد ازدهر وتزايد عدد الذين يتكلمون عن حاجة اسرائيل الى ملك جديد على شاكلة الملك داوود قادر على توحيد كلمة اليهود والقاء الرومان في البحر وتحرير اسرائيل.

المؤرخين لايملكون مايعكس موقف يسوع من السيطرة الرومانية إذ لاتوجد معلومات من مصادر حيادية وموثوقة عن فترة ماقبل العشرين سنة من عمره. في ذلك الوقت كانت الحياة الاجتماعية في فلسطين ممتلئة بالحركات الدينية وبالدعاة الذين يسوقون لفكرة المخلص المنتظر، امل الشعب اليهودي بالخلاص. هذه الفكرة اصبحت جزء من التراث الثقافي للمنطقة (ليس لدى اليهود وحدهم) تختفي لتعود مع الازمات حتى اليوم. حسب الثقافة اليهودية فغعن الله سيساعد شعبه على الدوام طالما انهم يتوجهون اليه وبهذا الشكل ارتبطت المقاومة ضد الرومان بالعقيدة الدينية التي يتحكم بها نخبة الكهنة، وذات التفكير والسلوك ورثته الاقوام الاخرى التي نشأت دياناتها تحت تأثير اليهودية، كما نرى الامر اليوم. لذلك كان من الطبيعي ان يكون الامل بالخلاص والحصول على ملك قوي ينقذ البلاد مرتبط بالكتاب المقدس وبالتصورات والعهود الدينية التي تتنبأ بالقادم الذي "سيحطم رأس الافعى" ويعيد الحرية والازدهار لشعب الله المختار.

في جميع انحاء فلسطين كان الدعاة يعلنون قرب قدوم المسيح المخلص، بطرق مختلفة. هذه الدعوة كانت تلقى القبول الحار من الفاقدين للسلطة والامل، بإعتبارها طريق الخلاص الوحيد الباقي، وتجمع الكثير من الناس حول الدعاة النشطاء الذين كانوا يقودون الحركات الدينية، وحتى يسوع انجذب اليهم. عندما كان عمره 30 عاما تقريبا اتبع شخص تحت اسم يوحنا المعمدان كان يبشر في طرق فلسطين.

بمقاييس العصر الراهن يمكن القول ان استاذ يسوع ومصدر الهامه ( يوحنا المعمدان) كان شخصا متطرف. حسب وصف الانجيليكيين كانت ملابس يوحنا المعدان مقتصرة على "ملابس من وبر الجمل وحزام من الجلد" وكان يعيش في البراري مكتفيا بأكل "الجراد والعسل البري". في الخطب الدينية التي كان يلقيها يوحنا المعمدان على يسوع وبقية اتباعه كان يظهر شخصا لايقبل بأنصاف الحلول وينذر بسوء العاقبة. كان يشير الى ان ملكوت السماء قريب منا، ويحذر من ان من لاينصت لتحذيراته هم " ابناء الحية" القادرين على العودة الى ملكوت الرب إذا اعترفوا بخطاياهم وندموا عنها. كان يتشدد بالمطالبة بالولاء بين اتباعه قائلا:" من يملك قميصين عليه ان يتقاسمهم مع من لايملك، ومن يملك الخبز عليه ان يفعل الشئ نفسه" (لوكاس 3:11). كان يوحنا يعلن ان من ليس على الصراط المستقيم ستكون عاقبته وخيمة. يقول:" هيئوا انفسكم للغضب القادم" ويشير :" الشجر الذي لايحمل ثمارا طيبة سيقطع ويطرح في النار".


يتبع...


RE: يسوع، بين الحقيقة والاسطورة - طريف سردست - 12-20-2009

حسب الانجيليكيين سمح يسوع ليوحنا المعمدان ان يعمده بالماء. اليهود كانوا على الدوام يغتسلون ( يتوضؤن !) قبل الذهاب الى المعبد ولكن التعميد بالماء (بمعنى اسالة الماء على الرأس او تغطيس الرأس في الماء) كرمز على الانتقال الى حياة جديدة اقرب الى الله (في العبادة والاخلاص للدين) هو امر ابتدعه يوحنا المعمدان حيث كان يقوم بتغطيس رؤوس اتباعه تحت سطح ماء نهر الاردن.

بعد ذلك بدء يسوع نفسه بالتبشير في الجليل. وتماما مثل بقية المبشرين في عصره كان ينتقل من مكان الى اخر ويخطب في الكنيست حيث تجمع الناس ليأكل معهم ويناقشهم.

الباحثين لايعرفون شكل يسوع او كيف كان يتكلم غير انهم يعلمون ان لغته الام كانت الارامية. قدراته الخطابية وشخصيته الخلابة جمعت له بسرعة بضعة اتباع اصبحوا تلامذته يتبعوه في جميع تنقلاته. حسب مايذكر الانجيل تخلى تلاميذه عن حياتهم السابقة وعوائلهم واعمالهم من اجل البقاء الى جانب يسوع، منذ لحظة لقاءهم معه. غير ان الباحثين يرون ان يسوع كان قد بنى لنفسه صيتا ذائعا قبل ان يلتقي بتلاميذه الاوائل سيمون بطرس واندريا الذين تركوا شبكات صيدهم ليلتحقوا بالمعلم فيعلمهم كيف يصبحوا " صيادين للبشر".

لااحد على الدقة يعلم الفترة التي استمر فيها يسوع بالتبشير غير ان الباحثين يفترضون انها لاتزيد عن سنة واحدة. كل الدلائل تشير الى ان الحركة لم تلحق ان تصبح منظمة. يسوع وتلاميذه كانوا يعيشون ليومهم، حيث ينامون عندما يحصلون على مكان للنوم ويأكلون عندما يجدون من يقدم لهم الطعام. المؤرخين يشيرون الى انه لو كان يسوع قد تجول اكثر من عام واحد لتمكن من تنظيم اموره بطريقة افضل خصوصا انه هو واتباعه مجرد ناس بسطاء (فقراء) غير قادرين على الاستمرار لفترة طويلة بتدبير امورهم بدون دخل على الاطلاق.

بعد فترة قصيرة من تعميد يسوع على يد يوحنا المعمدان قام الرومان بإعتقال يوحنا وإعدامه. حسب الانجيليكيين، قام يوحنا بإتهام النخبة الحاكمة في المنطقة بإنعدام الاخلاق. غير ان الاكثر احتمالا، وكما اشار المؤرخ اليهودي يوهانيس، جرى إعدام يوحنا لكونه يشكل خطرا على الرومان بتعليقاته وقدراته على السخرية الخلاقة. الرومان كانوا يعون ان الدين يمكن ان يصبح سلاحا سياسياً وان مطالب يوحنا بمملكة الله على الارض يمكن بسهولة تفسيرها وتأويلها كدعوة الى الانتفاضة. (وفي النتيجة يعني الامر ان يوحنا سبق يسوع في تقديم حياته على مذبح الخلاص)

في هذا الوقت لايوجد مايدل على ان يسوع اثار قلق الرومان، او شارك في إعتراض على قتل يوحنا، ولو فعل لكان من البساطة ايقافه. في الحقيقة كانت رسالة يسوع في العديد من الاطياف هي ذاتها رسالة يوحنا: حلول موعد نزول مملكة الله اصبح قريب للغاية وجاء الوقت للتوبة والانتقال الى طاعة الله. (لربما المقصود يوم القيامة الذي لازال منتظرا حتى اليوم) وتماما كما كان الامر مع يوحنا كان يسوع ايضا يملك رسالة اجتماعية: في مملكة الله توجد عدالة، ولذلك نفس الشئ يجب ان يكون في مملكة الارض. الانسان يخدم الله افضل من خلال مساعدة الضعفاء.

وحتى في المنطقة الاخرى ( الذي لم يكن يخضع مباشرة للرومان) وقف يسوع ضد النظام القائم. حسب انجيل ماركوس حاولت عائلته اخراجه من حركته الدينية الضالة حيث كانوا يعتبرونه " مختل نفسيا" بمعنى انه كان يعاني من شكل من اشكال الامراض العقلية ولكن يسوع رفض ذلك. لقد رفض السماح لهم بالدخول وعوضا عن عائلته اصبح يطلق على تلاميذه صفة " العائلة الحقيقية". الدعويين من اتباع يسوع كانوا معبئين بالعديد من الفروقات بين مملكة الله ومملكة الارض ، حيث ان مملكة الارض ، حسب مفهوم يسوع ومعاصريه لهذه المملكة من خلال تماسهم مع مملكة الرومان والمقارنة معها، كانت موازية لمعنى الشر واللاعدالة والنفاق والاهتمام بالشكليات، في حين ان مملكة الله كانت على العكس تماما.

في انجيل ماركوس نجد امثلة على النقد الغير مباشر ضد الامبراطورية الرومانية، حيث يسوع سيقوم بطرد ارواح الشياطين من احد الرجال. حسب الرواية يقوم يسوع بسوق الشياطين من جسد الرجل الى قطيع من الخنازير ومن ثم يقوم القطيع بإغراق نفسه في بحيرة. عندما يقوم يسوع بسؤال ارواح الشياطين عن اسمائهم يجيبون:" كتيبة* اسمي، لاننا نحن كثيرين". (* Ligion) حسب الباحث في الانجيل John Dominic Crossan, المختص بيسوع التاريخي يمكن لهذه المقولة تفسيرها على انها ضد الرومان من خلال الاسقاط إذ ان تعبير كتيبة في ذلك الوقت كان يشير مباشرة الى الكتائب الرومانية المرابضة. على طيف هذا التفسير تصبح قصة الخنازير التي تنتهي غرقا، والخنزير حيوان نجس في العقل اليهودي، عبارة عن سخرية لاذعة ضد قوة الاحتلال، مخبأة بعناية في عملية شفاء اعجازي، كانت مقبولة ومفهومة وشائعة في ذلك الوقت.

بالطريقة ذاتها يمكن تفسير جواب يسوع على سؤال فيما إذا كان على اليهود ان يدفعو الضريبة للرومان. كان الجواب:" اعطي ما للقيصر للقيصر واعطي ما للرب للرب". هذا الجواب كان يملك وجهين في اعين المؤمنين، إذ مالذي يعود للقيصر ولايعود للرب؟

على كل الاحوال امتنع يسوع عن توجيه النقد المباشر الى الرومان، ولايوجد مايدل على ان خطبه العصماء عن مملكة الرب كانت تتضمن دعوة الى العصيان. وعلى الرغم من انه كان يدعو الى التغيير الاجتماعي كان ينتظر ان التغيير سيأتي من الرب وليس من الانسان، حسب تصور المؤرخين. إضافة الى ذلك كان يسوع على الدوام يتفق مع ممثلي الرومان وكان يؤكد على ان المرء يجب ان يحب الجميع، بما فيه اعدائه. يسوع كان يأكل مع جامعي الضرائب، وهم اكثر الناس مكروهين في الامبراطورية الرومانية، كما سارع للمساعدة عندما عندما طلب ضابط روماني المساعدة في شفاء احد خدمه (ماتيوس 8:5-10).

الوظائف الحكومية رفضها على الفور قائلا:" ابن الانسان لم يأتي من اجل ان يصبح مخدوما وانما من اجل ان يخدم". وفي الوقت الذي كان اليهود يحلمون، والرومان يخافون، بمسيح حاملا السيف فإن يسوع احبط الطرفين. المؤرخين يشيرون الى ان يسوع نفسه كان يعتبر نفسه يهودي مؤمن، ولذلك نرى ان يسوع حافظ بقوة على الوصايا العشرة التي حصل اليهود عليها من يهوة، حسب القناعات اليهودية، وقد اتبع وصية الطهارة امام عيد الفصح وتقديم الضحية وماشابهة. على هذا الاساس فإن مايدعيه الانجيل من روايات كثيرة عن يهود اخرين ادانوا يسوع لكونه استخف بالصحف المقدسة امر غير صحيح، حسب العديد من المؤرخين بما فيهم E.P. Sanders

يتبع...................................................


RE: يسوع، بين الحقيقة والاسطورة - طريف سردست - 12-20-2009

العديد من الروايات تتحدث عن كبار اليهود - بما فيه كبار رجال الدين- انتقدوا يسوع لعدم اتباعه وصايا الشريعة، مثلا يوجد في احد الاناجيل ان الفريسيين - مجموعة من اليهود يوصمهم الانجيليين بأنهم منافقين- كانوا يفكرون بقتل يسوع لانه شفى رجل مصاب بضمور يده في يوم سبت، على الرغم من ان السبت مقدس ويحرم العمل فيه. المؤرخين يشيرون الى ان الصحف اليهودية تحرم العمل في ايام السبت وان المعجزة اليسوعية لم تتجاوز الطلب من الرجل ان يمد يده الى الامام، وهو امر لايمكن إعتباره عمل.

المؤرخ ساندر يقول ان الانجليكيين شوهوا تاريخهم، إذ على الاغلب كانت هناك نقاشات حارة مع بقية اليهود ولكن اختلاف وجهات النظر لم تتعدى الاطر التي معظم المؤمنين يقفون عندها. حسب باحثة الاديان كاثرين مورفي - Catherine D. Murphy- كان الفريسيين اكثر تسامحا مما يدعي الانجيليين، في حين ان رجال الشريعة كانوا مجموعة من المشاغبين اللاهوتيين وكتبة ريفيين ومساعدين قضاة.

محاولة الانجيليين لتصوير اليهود على انهم اعداء يسوع الذين يحاولون منعه من نشر الدين الصحيح مرتبط، حسب ساندر، في ان اليهود كانوا المنافسين الاوائل على ساحة الدعوة اللاهوتية في الصراع على نفس الزبائن، في الفترة التي كتب فيها الانجيليين رواياتهم هذه. ( هذه النقطة عالجها ابراهيم عرفات بتفصيل في موضوعه " رومانسية الحوار الاسلامي المسيحي" إضغط هنا)

خلال هذه السنة من التجول والدعوة تزايد نمو اتباعه على الدوام. بين جميع الدعاة الذين كانوا يعدون اتباعهم ببركة ورحمة الرب والعفو من الذنوب تمكن يسوع من التميز بنشاطه وكاريزما في شخصيته وحدت جماعته حوله. في وصفه لحب الرب الغير محدود والعفو عن ذنوب خرفانه جذب اليه قلوب الجميع كما ان قدراته الخطابية كانت تجعل العديدين يفضلون ان يصغون لوصفه عن مملكة الرب حيث عناصرها تشابه تعابير حياة الارض، عوضا عن ان يسمعوا للمبشرين الاجانب الذين يصفون مقدساتهم التجريدية. كلمات يسوع كانت تقدم الامل لجميع الذين كانوا يحلمون بمخلص قادر على ان يحررهم من إضطهاد الرمان وآلاف الناس جاءت لتسمع خطبه.

وعلى الرغم من ان عدد اخر من تلاميذ يوحنا المعمدان بدأ بالدعوة والتبشير الا انه لم يتمكن اي منهم من تحقيق نجاحا يستحق الذكر او اصبح شعبيا كما حصل مع المبشر الشاب. عندما جاء يسوع الى احتفالات الفصح في اورشليم اصبحت الوضعية المتوترة اكثر توترا. العديد من الحجاج كانوا قد سمعوا عنه والرومان اصبحوا عصبيين. حسب روايات الانجيايين، كان الرومان يملكون كل الاسباب التي تبرر قلقهم لكون جمهور كبير كان في استقباله. " العديد من الناس فرشوا عبائتهم على الارض والبعض الاخر قطع الاغصان من الشجر ووضعها على الارض. والجماهير ... صرخت: Hosianna Davids Son", حسب ماتيوس. (لااعلم ماذا تعني كلمة هوسيانا، هل من اقتراح؟)

حسب المؤرخين، لااحد يعلم فيما إذا كان يسوع قد سافر الى اورشليم من اجل الاحتفال بالأعياد كبقية اليهود المؤمنين او لانه كان ينتظر ان الرب سيظهر ملكوته (مملكته) في هذا الاحتفال الرمزي. انطلاقا من ماتذكره الاناجيل يفضل المؤرخين الاعتقاد بالتفسير الثاني. وعلى كل الاحوال فالترابط بين التجمع الجماهيري وصراخهم الذي يستحضر اسم الملك داوود جعل الرومان عصبيين.

يسوع فهم ان الرومان لن يتحملوا حركته اكثر من ذلك ولذلك جمع تلاميذه للطعام الاخير. بعد ذلك صعد هو واكثر الاتباع ولاء الى جبل الزيتون للبحث عن السلام الداخلي (النفسي) في الاحراش الهادئة للوصول الى القبول بالمصير المنتظر. وفي خلال تجوله القلق حدث ماكان يتوقع: مجموعة من الرجال بوجوه قاطبة قاموا بالالتفاف حوله ومحاصرته.

يتبع...


RE: يسوع، بين الحقيقة والاسطورة - طريف سردست - 12-22-2009

حسب انجيل ماتيوس جاء "مجموعة كبيرة تحمل السيوف والتروس مُرسلة من قبل رؤساء الكهنة والشيوخ" وقادوا يسوع. احد تلامذة يسوع المسمى يهودا الاسخريوطي اشار الى الذي عليهم اعتقاله. المؤرخين يعتقدون ان القصة صادقة، إذ لاتوجد اسباب لدى الانجيليين تدفعهم للكذب وتأليف قصة عن خيانة بين قادتهم. ومن الصعب معرفة دوافع يهودا لخيانة يسوع. حسب بعض النظريات اصيب يهوذا بالاحباط لعدم قيام يسوع بمقاومة الرومان بشكل مباشر وكان يرغب ان يستفز مواجهة مباشرة. البعض الاخر يعتقد انه خان معلمه بسبب الطمع، إذ يذكر الانجيليين انه قبض 13 قطعة من الفضة ثمنا للخيانة. (غير ان مخطوطة عثر عليها قرب المنيا وتعود الى القرن الرابع تتكلم عن ان يهوذا لم يخن يسوع، للمزيد اضغط هنا)

الحاكم الروماني بونطوس بيلاتوس سمح لنفسه، حسب الانجيليين، ان يؤيد رغبات القادة اليهود في إعدام يسوع. كان القادة اليهود يموجون بالغضب لكشف يسوع لنفاقهم لذلك اتهموه بالكفر، حسب مايذكر الانجيل. جماهير من اليهود دعموا رغبات قادتهم وافشلوا محاولات بيلاتوس لاطلاق يسوع. وتعبيرا عن احباطه قام بغسل يديه كرمز عن عدم مسؤوليته عن إعدام يسوع.

هذه الرواية لاتتفق مع مايعرفه المؤرخين عن قواعد الحكم في فلسطين المحتلة. بالتأكيد يريد الرومان ابقاء علاقات طيبة مع النخبة اليهودية، ولكن القرار النهائي كان على الدوام بيد الرومان. لهذا السبب فإن أهمية رأي اليهود في الموضوع محدود للغاية وغالبا يصدر عن النخبة اليهودية مايريد ان يسمعه الرومان إذ ان النخبة الاريستوقراطية اليهودية لائمت نفسها لحقيقة انه من الاولى ان تسبق الرومان في قول مايريدون على ان يصدر القرار الروماني بالتعارض مع الرأي المعلن لليهود، إذ ان ظهور تعارض الى السطح في الجو المتوتر في ظروف عام 30 ميلادي ، قد يؤدي الى انتفاضة ستكون نتائجها وخيمة على الجميع، ومن اجل تفادي اي تعارض يستفز غضب الرومان وافقت النخبة ترديد رغبات الرومان بشأن يسوع وتحمل مسؤولية تصفيته.

هذا الاستنتاج يوافق معه الانجيليكي يوهانس احد كبار رجال الدين اليهودي. مباشرة قبل قدوم يسوع الى اورشليم اجتمع كبار شيوخ اليهود وناقشوا الخطر الذي يتضمنه تجمع العديد من الاتباع حول يسوع. في هذا الاجتماع قال يوهانس: " من الافضل لكم فقدان شخص واحد على ان ينسحق الشعب بأسره". عندها اتفقوا على الوقوف الى جانب رغبة الرومان من اجل عدم تعريض السلام ومواقعهم للخطر من اجل خاطر مُبشر. لهذا السبب، فإن الرواية التي تفول ان المجموعة التي اعتقلت يسوع كان اعضائها من اليهود، على الاغلب صحيحة.

الرواية التي تصور الحاكم الروماني بونطيوس بيلاتوس Pontius Pilatus, على انه صاحب قلب رحيم وغير حازم لاتتطابق مع بقية المصادر. هذا الحاكم معروف على انه شديد وقام بإعدام العديدين بدون محاكمة. مثلا ، بعد موت يسوع ببضعة اعوام، سمح بإعدام مجموعة من الحجاج الامر الذي كلفه منصبه كحاكم لفلسطين. كون الانجيليكيين يسوقونه في صورة رحيمة ويحاولون رفع العتب عن الرومان في موت يسوع سببه حسب المؤرخين، في كون المسيحين في القرن الاول احتاجوا الى منافقة الرومان في حين ان اليهود، والى درجة كبيرة، لم يعد لهم دور في السلطة في فلسطين.

يكتب المؤرخ اليهودي Josefus عن إعدام يسوع:" هو كان خريستوس، وعندما حكم عليه بيلاطوس بالصلب لم يصاب بالاحباط من الذين احبوه". المؤرخين لايعلمون تفاصيل عملية الصلب ولكن حسب روتين العملية كان يجري بسمرة اقدام وايدي المحكوم عليه على الصليب بحيث يصبح معلقا من اكتافه. هذا الوضع يسبب ضغط قوي على عظام القفص الصدري والحجاب الحاجز بحيث ان المحكوم يختنق ببطء. هذا الموت كان يعتبر إهانة وغالبا كان مخصص للاشخاص من اسفل الهرم الاجتماعي مثل العبيد ومثيري الشغب وافراد الانتفاضات واللصوص البسطاء. لهذا السبب يعتد المؤرخين ان يسوع جرى الحكم عليه حسب المادة التي تعاقب الاساءة الى صورة الدولة وبالتالي فقد كان حكم سياسي، بالتعبير الحديث.

الصراع مع الموت كان يمكن ان يستمر بضعة ايام، ولكن يسوع مات بعد بضعة ساعات. حسب الانجيليين نادى يسوع ربه قائلا:" ايلى ايلى لما شبقتنى" اى الهى الهى لماذا تركتنى"متى27:46
بعض المؤرخين يدعون ان هذا المعنى جرى اضافته في فترة لاحقة، في حين يرى البعض الاخر ان هذا التعبير هو دليل على ان يسوع لم يكن ينتظر ان يموت على الصليب.

وبغض النظر فيما إذا كان يعلم بمصيره او انه كان في المكان الخاطئ في الوقت الخاطئ ، فإن صلبه غير التاريخ. لقد قام الرومان بصلب الانسان يسوع ولكنهم عبدوا الطريق لحركة دينية اقوى من كل توقعاتهم، لم يتمكنوا من الانتصار عليها الا من خلال تبنيها. (مثل هذا الامر لازال يتكرر في التاريخ بشكل من الاشكال حتى اليوم، كما نرى في احداث حياة المهاتما غاندي، ومارثن لوثر كينج ونيلسون مانديلا والدالاي لاما.)

يتبع..


RE: يسوع، بين الحقيقة والاسطورة - ابانوب - 12-31-2009

السيد المسيح في التاريخ

في مناظرة نظمها طلاب إحدى جامعات الوسط الغربي في أمريكا، افتتحَتْ مُناظِرتي حديثها بالقول (وهي ماركسية): المؤرخون اليوم يرفضون أن السيد المسيح شخصية تاريخية . ولم أصدق أذنيَّ، ولكني كنت سعيداً لأن 2500 طالباً يحضرون المناظرة أدركوا أنها لم تدرس التاريخ. وكنت أحمل معي بعض الوثائق لأستخدمها في المناظرة، والأمر الثابت هو أن المؤرخين يؤكدون أن المسيح شخصية تاريخية، ولا يقولون إن المسيح شخصية أسطورية.

قال الأستاذ بروس من جامعة مانشستر: قد يلهو بعض الكتَّاب بالقول إن يسوع أسطوري، دون أن يعتمدوا على أدلة تاريخية، ذلك أن يسوع المسيح - عند المؤرِّخ المنصف - شخص تاريخي، كما أن يوليوس قيصر شخص تاريخي. إن المؤرخين لا ينكرون أبداً تاريخية المسيح (1).

أولاً - مراجع مسيحية لتاريخية المسيح:

هناك سبع وعشرون وثيقة تشهد لتاريخية المسيح، هي أسفار العهد الجديد. وتساءل جون مونتجمري: ماذا يعرف المؤرخ عن يسوع المسيح؟ ويجيب: يعرف أن أسفار العهد الجديد يمكن الاعتماد عليها لتقديم صورة صحيحة للمسيح. ويدرك المؤرخ أن هذه الصورة لا يمكن رفضها على أساس افتراضات فلسفية أو مناورات أدبية أو تفكيرات خيالية (2).

وقد كتب آباء الكنيسة عن المسيح كشخص تاريخي، من أمثال بوليكاربوس، ويوسابيوس وإيريناوس وأغناطيوس وأوريجانوس وجستن مارتر وغيرهم.

[color]ثانياً - مراجع من خارج الكتاب المقدس تشهد لتاريخية المسيح: [/color]

1 - كرنيليوس تاسيتوس: Cornelius Tacitus

وُلد ما بين عامي 52 و 53 م وهو مؤرخ روماني، كان حاكماً لآسيا عام 112 م، وهو زوج ابنة يوليوس أجريكولا حاكم بريطانيا من 80 - 84 م. وقد كتب تاسيتوس عن موت المسيح ووجود المسيحيين في روما خلال حكم نيرون، قال:

إن كل العون الذي يمكن أن يجيء من الإنسان، وكل الهبات التي يستطيع أن يمنحها أمير، وكل الكفارات التي يمكن أن تُقدَّم إلى الآلهة، لا يمكن أن تُعفي نيرون من جريمة إحراق روما. ولكن لكي يقضي على هذه الإشاعة اتَّهم الذين يُدْعون مسيحيين ، ظلماً بأنهم أحرقوا روما، وأوقع عليهم أشد العقوبات. وكان الأغلبية يكرهون المسيحيين. أما المسيح - مصدر هذا الاسم - فقط قُتل في عهد الوالي بيلاطس البنطي حاكم اليهودية في أثناء سلطنة طيباريوس. وقد أمكن السيطرة على خرافته بعض الوقت، لكنها عادت وانتشرت، لا في اليهودية فقط حيث نشأ هذا الشر، لكن في مدينة روما أيضاً .

ويشير تاسيتوس مرة أخرى للمسيحية عندما يتحدث عن إحراق هيكل أورشليم عام 70 م (كما ذكر سلبيوس سرفيوس في تاريخه في الكتاب الثاني).

2 - لوسيان: Lucian of Samosata

الكاتب الساخر في القرن الثاني الميلادي، تحدث باحتقار عن المسيحية والمسيحيين، وربطهم بمجامع فلسطين، وقال عن المسيح: الرجل الذي صُلب في فلسطين لأنه جاء بديانة جديدة إلى العالم.. وفوق ذلك فقد قال لأتباعه إنهم إخوة لبعضهم، بعد أن أخطأوا برفض آلهة اليونان وعبادة السوفسطائي المصلوب والحياة طبقاً لتعاليمه .

3 - فيلافيوس يوسيفوس: َFlavius Josephus

المؤرخ اليهودي الذي وُلد عام 37 م، وصار فريسياً في التاسعة عشرة من عمره. وفي سنة 66 م صار قائداً للقوات اليهودية في الجليل. وبعد وقوعه في الأسْر التحق بالقيادة الرومانية، وقال: في غضون هذا الوقت كان يسوع، الرجل الحكيم، إن كان يحلّ لي أن أدعوه رجلاً، لأنه عمل أعمالاً عجيبة، وعلَّم تعاليم قَبِلها أتباعه بسرور، فجذب لنفسه كثيرين من اليهود والأمم. إنه المسيح. وعندما حكم بيلاطس عليه بالصلب، بناءً على طلب قادة شعبنا، لم يتركه أتباعه، لأنه ظهر لهم حياً بعد اليوم الثالث، كما سبق للأنبياء القديسين أن تنبأوا عن هذا وعن عشرة آلاف من الأشياء العجيبة الأخرى عنه. أما الطائفة التي تبعته فهي طائفة المسيحيين الموجودين إلى يومنا هذا .

وقد وُجدت مخطوطة كتبها الأسقف أبابيوس في القرن العاشر الميلادي باللغة العربية عنوانها: كتاب العنوان المكلَّل بفضائل الحكمة المتّوَج بأنوار الفلسفة وحقائق المعرفة قال في مقدمة أحد أجزائها: وجدنا في كتب كثيرين من الفلاسفة إشارتهم إلى يوم صلب المسيح ثم أورد إقتباسنا من كتابات يوسيفوس المذكور أعلاه.

ويشير يوسيفوس أيضاً إلى يعقوب أخي يسوع، في وصفه لأعمال حنَّان رئيس الكهنة، فيقول: تسلَّم حنَّان رئاسة الكهنة، وكان شجاعاً جداً، واتَّبع طائفة الصدوقيين الذين كانوا سيفاً مسلطاً على اليهود، كما سبق أن أشرنا. وقد انتهز حنان فرصة موت فستوس، وفرصة أن الحاكم الجديد ألينوس لم يكن قد وصل بعد، وجمع مجلس قضاة، وجاء أمامه بيعقوب أخي يسوع الذي يُدعى المسيح، ومعه آخرين، ووجَّه لهم تهمة كسر الناموس وسلَّمهم للرجم (1).

4 - سيوتونيوس: )120 م) ِSuetonius

مؤرخ روماني كان أحد رجال بلاط الإمبراطور هادريان، قال: لما كان اليهود يسبّبون شغباً ضد ما قام به المسيح. فقد طردهم الإمبراطور من روما . وكتب أيضاً: أوقع نيرون العقوبات على المسيحيين، وهم جماعة من الناس يتبعون بدعة شريرة جديدة .

5 - بلني الصغير: Pilinius Secundus

(أو بلنيوس سكندس) حاكم بيثينية في آسيا الصغرى عام 112 م، كتب إلى الإمبراطور تراجان يطلب نصيحته في طريقة معاملة المسيحيين، وأوضح أنه كان يقتل الرجال والنساء والأولاد والبنات منهم. وكثُر عدد القتلى حتى أنه تساءل إن كان يستمر في قتل كل من يعتنق المسيحية، أو أن يكتفي بقتل البعض فقط. وقال إنه أجبر المسيحيين على السجود لتماثيل تراجان كما أنه جعلهم يلعنون المسيح، والمسيحي الحقيقي لا يمكن أن يفعل ذلك. وقال في نفس الخطاب عن الذين كان يحاكمهم: لقد أكَّدوا أن جُرْمهم الوحيد هو أنهم اعتادوا أن يجتمعوا في يوم خاص قبل بزوغ النهار، ويرنموا ترنيمة للمسيح على أنه اللّه، ويتعهَّدوا عهد الشرف ألاَّ يرتكبوا شراً أو كذباً أو سرقة أو زناً، وألاَّ يشهدوا بالزور أو ينكروا الأمانة .

6 - ترتليان: Tertullian

في دفاع عن المسيحية (197 م) أمام الحكام الرومان في أفريقيا يذكر ما تبودل بين طيباريوس وبيلاطس البنطي، ويقول: بناءً على ما وصل طيباريوس من أن المسيحيين انتشروا في العالم، وما بلغه عن حقيقة لاهوت المسيح جمع طيباريوس مجلسه الحاكم وحكى لهم الأمر، وأعلن قراره في صف المسيح. ولما لم يكن المجلس هو الذي أعطى الموافقة، فقد رفض الفكرة. ولكن طيباريوس قيصر تمسك بفكرته وهدَّد بعقاب من يتَّهمون المسيحيين. ولكن بعض المؤرخين يشكّون في صحة هذه الحادثة التي ذكرها ترتليان.

7 - ثالوس المؤرخ السامري: Thallus

وهو من أوائل الكُتّاب الأمميين الذين ذكروا المسيح، عام 52 م، ولكن كتاباته ضاعت، ولا نعرف عنها إلا ما اقتبسه منها كتَّاب آخرون. وقد اقتبس كاتب مسيحي اسمه أفريكانوس (221 م) من كتابات ثالوس، قال: إن ما ذكره ثالوس في ثالث كتبه التاريخية من أن الظلمة كانت بسبب كسوف الشمس، ليس صحيحاً، لأن كسوف الشمس لا يحدث في وقت كمال القمر، وقد حدث صلب المسيح وقت الفصح، وهو وقت كمال القمر .

ومن هذا الاقتباس نرى أن إظلام الشمس وقت صلب المسيح كان حقيقة معروفة، احتاجت إلى تفسير من غير المسيحيين الذين شاهدوها (1).

8 - رسالة مارا بن سيرابيون: Mara Bar-Serapion

يقول ف. بروس: توجد في المتحف البريطاني مخطوطة تحوي رسالة ترجع إلى ما بعد سنة 73 م (لا ندري بالضبط متى) كتبها سوري اسمه مارا بن سيرابيون إلى ابنه سيرابيون. وكان الأب مسجوناً في ذلك الوقت، ولكنه كتب يشجّع ولده على طلب الحكمة ويقول له إن من اضطهدوا الحكماء أصابهم سوء الحظ، ويضرب مثلاً بموت سقراط وفيثاغورس والمسيح فيقول: أية فائدة جناها الأثينيون من قتل سقراط؟ لقد أصابهم الجوع والوبأ عقاباً على جريمتهم. أية فائدة جناها أهل ساموس من إحراق فيثاغورس؟ لقد تغطت بلادهم بالرمال فجأة. أية فائدة جناها اليهود من قتل ملكهم الحكيم؟ لقد زالت مملكتهم بعد ذلك. لقد انتقم اللّه بعدلٍ لهؤلاء الثلاثة. مات الأثينيون جوعاً، وطغى البحر على الساموسيين، وطُرد اليهود من بلادهم وعاشوا في الشتات. ولكن سقراط لم يمت إلى الأبد، فقد عاش في تعاليم أفلاطون، ولم يمت فيثاغورس للأبد فقد عاش في تمثال هيرا، ولم يمت الملك الحكيم للأبد فقد عاش في التعاليم التي أعطاها (1).

9 - جستن الشهيد: Justin Martyr

كتب حوالي عام 150 م دفاعاً عن المسيحية وجَّهه إلى الإمبراطور أنطونيوس بيوس، أشار فيه إلى تقرير بيلاطس، الذي افترض جستن أنه محفوظ في الأرشيف الإمبراطوري، قال: القول ثقبوا يديَّ ورجليَّ - وَصْفٌ للمسامير التي دُقَّت في يديه ورجليه على الصليب. وبعد صلبه اقترع صالبوه على ثيابه وقسموها بينهم. أما صدق ذلك كله فيمكن أن تجده في الأعمال التي سجلها بيلاطس البنطي . ثم يقول جستن بعد ذلك: لقد أجرى معجزات يمكن أن تقتنع بصحَّتها لو رجعْتَ إلى أعمال بيلاطس البنطي (1).

وكتب موير عن جستن الشهيد يقول: فيلسوف وشهيد ومدافع عن المسيحية وُلد في فيلادلفيا نيابوليس، تعلم جيداً وكان له من الموارد ما استطاع معه أن يحيا حياة الدرس والسفر. ولما كان يفتش عن الحق بأمانة واجتهاد فقد طرق أبواب الرواقيين وأرسطو وفيثاغورس وأفلاطون، ولكنه كان يبغض الأبيقوريين. وفي بدء حياته العلمية تعرَّف على اليهودية ولكنها لم تعجبه. وقد أعجبته فلسفة أفلاطون جداً، وكاد يصل منها إلى هدف الفلسفة: رؤية اللّه، حتى جاء يوم كان يسير فيه وحيداً بقرب الشاطئ، وعندما التقى بمسيحي عجوز جذَّاب الملامح لطيف المعشر، تحدَّث معه فزعزع ثقته في الحكمة البشرية، ووجّهه إلى الأنبياء العبرانيين، الذين جاءوا قبل كل الفلاسفة المشهورين، والذين تنبأوا عن مجيء المسيح. وبعد هذه المحادثة أصبح الشاب الأفلاطوني الغيور مؤمناً بالمسيح. وكتب يقول: وجدت أن هذه الفلسفة هي الوحيدة الأمينة المفيدة . وقد كرس جستن كل جهوده بعد ذلك للدفاع عن المسيحية ونشر رسالتها (3).

10 - التلمود اليهودي:

يشير التلمود البابلي إلى المسيح بالقول: ... علَّقوه ليلة عيد الفصح .

ويدعوه التلمود اليهودي ابن بانديرا وهي استهزاء بكلمة بارثينوس اليونانية، التي تعني العذراء . فهم يدعونه ابن العذراء . ويقول الكاتب اليهودي يوسف كلاوسنر: كان الاعتقاد بميلاد المسيح غير الشرعي شائعاً بين اليهود .

وفي وصف ليلة الفصح يقول التلمود البابلي: وفي ليلة الفصح علَّقوا يسوع الناصري، وسار المنادي لمدة أربعين يوماً، يعلن كل يوم أنه سيُرجم لأنه مارس السِّحر وضلل إسرائيل. ودعا كل من يعرف دفاعاً عنه أن يهبَّ للدفاع. ولكنهم لم يجدوا من يدافع عنه، فعلَّقوه ليموت ليلة عيد الفصح! .

ويقول أولا أو علاء تلميذ الربي يوحانان الذي عاش في فلسطين قرب نهاية القرن الثالث: هل تظن أن يسوع الناصري كان مُحقّاً في دفاعه عن نفسه؟ لقد كان مخادعاً، وشريعة اللّه تنهى عن الرأفة بالمخادعين .

ومن هذا نرى أن السلطات اليهودية لم تنكر معجزات المسيح، ولكنهم عزوها إلى السحر والخداع (4).

وقد قال جوزيف كلاوسنر إن التلمود يقول إن يسوع عُلِّق، ولا يقول إنه صُلب، لأن هذه الميتة الرومانية الشنيعة لم تكن معروفة إلا للعلماء اليهود، لأنها طريقة قتل رومانية. ويقول بولس الرسول: مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ (غلاطية 3: 13) إستشهاداً بما جاء في التثنية 21: 23 ، مشيراً بها إلى المسيح (4).

وقد قال الربي أليعازر عن يسوع: كنتُ أسير في السوق عندما التقيتُ بأحد تلاميذ يسوع الناصري، اسمه يعقوب. وسألني ماذا تفعل بأجر الزانية؟ هل نحفر به مرحاضاً لرئيس الكهنة؟ فلم أجاوبه. فمضى يقول إن يسوع الناصري (وفي نسخة توسفنا يقول: يسوع ابن بانديرا) علّمنا أن أجر الزانية جاء من مكان قذر، ويجب أن يُصرف في مكان قذر. وقد أعجبني هذا القول. لكني كنت مخطئاً، لأن الشريعة تنهى عن ذلك وتطالب بالابتعاد عن بيت الزانية .

ويعلق كلاوسنر على ذلك قائلاً: القول أحد تلاميذ يسوع الناصري والقول يسوع الناصري علَّمنا كتابة قديمة ولازمة لسياق الحديث، والقول يسوع ابن بانديرا أو يسوع الناصري لا يطعن في صحة تاريخية هذه الكتابة، فقد درج اليهود منذ البداية على القول إن بانديرا هو الأب المزعوم ليسوع الناصري ! (4).


RE: يسوع، بين الحقيقة والاسطورة - طريف سردست - 01-03-2010

شكرا عزيزي ابانوب على الاضافة، وللاسف فإني لست مؤهل لتقييم اضافتك الكريمة من جانبها التاريخي. من جهة اخرى، وكما اتذكر فأن الموضوع الاساسي يقول ان يسوع شخصية تاريخية، إعتمادا على وثيقتين تاريختين فقط صادرة عن معاصري يسوع وشخصيات حيادية، في حين ان ماتفضلت به من مصادر ومراجع لايمكن القول عنها انها مصادر حيادية او انها صدرت من شاهد عاصر الشخص المطلوب البرهنة على وجوده، وبالتالي فهي براهين لاتملك قوة البرهان، ولهذا السبب على الاغلب، لم يعتبرها او يعتمد عليها كاتب المقال الاصلي.

والمثير ان بعض " براهينك" لاعلاقة لها بالنقطة المعنية على الاطلاق وانما، وعلى الاغلب، محشورة من اجل رفع عدد البراهين فقط، مثلا البرهان الرابع والخامس..

ومع ذلك فهي معلومات تستحق القراءة

خالص ودي


متابعة الموضوع::

ان تلاميد يسوع هم الذين لعبوا الدور الحقيقي في نشوء المسيحية وبقاءها حتى اليوم بالشكل الذي هي عليه اليوم. حسب الانجيل قام يسوع شخصيا بإختيار 12 شخصا ليكونوا الى جانبه في |إدارة ملكوت الرب. بعد القيامة (قيامته من الموت بعد الصلب) طلب منهم ان يجعلوا جميع الشعوب تلاميذا له، بعد ان كان الخلاص مقتصرا حصرا على شعب الرب المختار. حسب المؤرخين كان عدد " المختارين" مُتغير في خلال فترة نشاط يسوع، غير انهم قاموا بتحديد 12 شخص على انهم التلامذة الاصليين. بعضهم معلوماتنا عنهم ضئيلة في حين ان البعض الاخر دفع ثمنا غاليا لعقيدته الجديدة. التلامذة كانوا التالية اسماءهم (من اليسار الى اليمين، حسب ظهورهم في صورة العشاء الاخير):
1- Bartolomios: حسب الروايات، كان مبشرا في الجزيرة العربية واثيوبيا والمنطقة الواقعة جنوب شرق " البحر الاسود" هناك حيث سلخوا جلده ومات استشهادا في سبيل عقيدته. ولكن حسب ماجاء في مخطوطة المؤرخ الكنسي Eusebius من فترة 260-240 ميلادي، فقد سافر هذا التلميذ الى الهند.
2- يعقوب الصغير: لعب دورا هاما كأحد الزعماء في جماعة المسيحيين الاوائل في اورشليم ولكن العديد من المصادر المبكرة تخلط بينه وبين اخو يسوع الذي يحمل الاسم نفسه ولذلك فإن جميع الانباء عن يعقوب الصغير غير امينة للغاية. حسب قصة شعبية جرى صلبه في مصر عندما كان يبشر هناك.
3-اندرياس: كان احد اوائل اتباع يسوع. حسب مصادر اغريقية قام بالتبشير في مناطق من روسيا وجورجيا ورومانيا الحاليين. المؤرخ الكنسي ييسيبيوس يضيف انه بشر في اسيا الصغرى ايضا. يقال انه جرى صلبه اليونان على صليب على شكل حرف اكس.
4-يهوذا الاسخريوطي: هو التلميذ الذي يشاع عنه انه باع يسوع الى كبار الكهنة مقابل 30 قطعة من الفضة، حسب انجيل ماتيوس ندم يهوذا على فعلته وشنق نفسه. حسب مصادر اخرى اشترى يهوذا ارض بالنقود ولكنه لم يتمتع بهذه الارض لكونه وقع واصيب بطرف بطنه بحيث ان مصارينه خرجت من مكانها.
5-بطرس: كان حسب الانجيل، هو اول من رأى يسوع يقف من موته. كان من مؤسسين وقائدين المجموعة المسيحية الاولى في اورشليم وسافر الى العديد من المناطق من بينهم انطيوتشيا في تركيا والى كورينث في اليونان. وحسب القصص الشعبية سافر بطرس الى روما حيث اسس اول مجموعة مسيحية هناك. لهذا السبب تعتبره الكنيسة الكاثوليكية على انه البابا الاول. حوالي 64 ميلادي جرى اعدامه من قبل القيصر نيرون حسب التاريخ الكنسي الذي يعود الى نهاية المئة الاولى. حسب الروايات جرى جرى صلب بطرس ورأسه الى الاسفل، إذ اعتبر انه لايستحق ان يصلب كما صلب المسيح نفسه. ولكون يسوع قد وعد بطرس بمفاتيح ملكوت الرب يجري رسم بطرس على انه حارس ابواب مملكة الرب، في الصور الكنسية وفي الايمان الشعبي.
6-يوهانيس: كان من المخلصين ليسوع وحصل على دور رئيسي في المجموعة الاولى للمسيحيين في اورشليم. غير ان المؤرخين لايعلمون الكثير عن مصيره. حسب احدى الروايات استشهد عام 70 ميلادي. حسب رواية اخرى مات موتا طبيعيا عندما بلغ المئة عام في اسيا الصغرى وكان الوحيد من التلاميذ الذي مات موتا طبيعيا.
7- توماس: قام بالتبشير في سوريا وفارس واسيا الصغرى قبل ان يسافر الى الهند. في جنوب الهند توجد كنيسة مارتوما، يعتقد ان توماس هو الذي بناها، ولكن لاتوجد براهين تدعم هذا الادعاء. توماس مات شهيدا.
8- يعقوب الاكبر: كان من اوائل المنضمين الى بسوع. وحسب العهد الجديد مات شهيدا عام 44 ميلادي حيث ان ملك اليهود هيروديتس اغريبا سمح بإعدامه. ( الملك نفسه كنعاني وليس يهودي).
9-فيليبوس: كان موجودا عندما قام يوحنا المعمدان بتعميد يسوع. بعد موت يسوع قام لفترة بالتبشير في فلسطين ، وفي احد المرات قام بتعميد رجل افريقي من عائلة ملكية. كان يتكلم الاغريقية وسافر الى اسيا الوسطى للتبشير وهناك جرى صلبه ورجمه بالحجارة.
10-ماتيوس: ويسمى ايضا ليفي في بعض الاناجيل. يقال انه هو الذي كتب انجيل ماتياس (انجيل متى!)، ولكن المؤرخين يشكون بذلك. يقال ان ماتيوس قام بالتبشير في يهودا ( منطقة بين الضفة الغربية واسرائيل القديمة) وفي فارس. لااحد يعلم كيف مات.
11- يهوذا تادايوس: قام بالتبشر في فلسطين وسوريا وليبيا وارمينا وفارس حيث مات مستشهدا مع سيمون. يقال انه جرى قتله بواسطة عصا في رأسها كرة.
12- سيمون: قام بالتبشير في مصر ثم انضم الى يهوذا تادايوس ومع بعض سافروا الى ارمينيا ومن ثم الى فارس، حيث استشهد. يقال انه جرى نشره من وسطه. حسب رواية اخرى اكثر خيالية قام بالسفر الى انكلترا حيث جرى اعدامه في المنطقة المسماة اليوم لينكولنشير.

يتبع...


RE: يسوع، بين الحقيقة والاسطورة - الفكر الحر - 01-08-2010

موضوع وتعليق رائع 87

وهذه إضافة
المؤرخ Josephusيوسيفوس , يوسف
http://ar.wikipedia.org/wiki/يوسيفوس_فلافيوس
أهمية مؤلفاته في المسيحية
بقيت مؤلفات يوسيفوس عبر القرون بفضل الأهمية التي عزى إليها المسيحيون، إذ يذكر يسوع في كتاب "تاريخ اليهود" (الفصل ال18). ويسمى هذا الذكر ب"الشهادة الفلافية" (بالاتينية:Testimonium Flavianum) أي شهادة يوسيفوس فلافيوس على وجود يسوع، ويعتبر الذكر الوحيد لليسوع من شخص غير مسيحي عاش في نفس المكان وفي نفس الوقت عاشهما يسوع. وبرغم المصداقية التي يعدها المؤرخين المعاصرين لمعظم كلام يوسيفوس، يعتبر الكثير منهم "الشهادة الفلافية" مشكوكا فيها، وما زال الخلاف قائما حول مصداقيتها.
في نسخة "تاريخ اليهود" الباقية يقول يوسيفوس إن يسوع كان المسيح، ويشير بعض الباحثين إلى أنه ليس من المنطقي أن يكون يوسيفوس قد اعتبر يسوع مسيحا لأنه لا توجد أية دلالة على كونه من أنصار المسيحيين الأولين. كذلك يوجد اقتباس من كتاب "تاريخ اليهود" في "كتاب العنوان" للأديب العربي المسيحي أجابيوس بن قسطنطين الذي عاش في القرن ال10 للميلاد، وهذا الاقتباس يختلف عن النسخة الموجودة حاليا حيث لا تذكر فيه كلمة "المسيح"[1]. وتنقسم آراء الباحثين المعاصرين إلى ثلاثة افتراضات:الأول يرفض "الشهادة الفلافية" ويعتبرها تزويرا أضيف إلى النص الأصلي من أجل ترويج المسيحية،
الثاني يقبل مصداقية "الشهادة الفلافية" ويعتبرها جزءا لا يتجزأ من كلام يوسيفوس،
الثالث والأشيع من بين هذه الافتراضات، فيعتبر ذكر يسوع في الكتاب موثوق به، غير أن الأدباء المسيحيين أضافوا إليه التعابير والمصطلحات لتفخيم يسوع.
ويعتبر هؤلاء الباحثين اقتباس أجابيوس أقرب إلى نص يوسيفوس الأصلي من النسخة الموجودة حاليا.


RE: يسوع، بين الحقيقة والاسطورة - ابن سوريا - 01-08-2010

(12-19-2009, 08:23 PM)طريف سردست كتب:  غير ان جميع هذه الادعاءات لايجد لها المؤرخين اي سند. ان يكون يسوع شخصية تاريخية مقولة يتفق عليها اغلب المؤرخين، إذ جاء ذكره في مصدر يهودي ومصدر روماني( عدا الانجيل). المؤرخ اليهودي Josefus وصف معلم وداعية بإسم يسوع، في حين ان الروماني Tacitus تكلم عن شخصية نعتها بوصف كريستوس، واشار الى انه "في فترة حكم تبيريوس Tiberius, جرى اعدام كريستوس من قبل بونطيوس بيلاتوس Pontius Pilatus". ومن خلال الاحداث التي جرى وصفها في الانجيليات يعرف المؤرخين تقريباً متى ولد المسيح، ولكنهم لايستطيعون قول اي شئ عن طفولة يسوع او ولادته.

هناك انتقادات جدية ومهمة لصحة ما نُقل عن هذين المؤرخين:
http://en.wikipedia.org/wiki/Tacitus_on_Christ
http://en.wikipedia.org/wiki/Josephus_on_Jesus

خالص التحية


RE: يسوع، بين الحقيقة والاسطورة - طريف سردست - 01-09-2010

الفكر الحر، طار القداح:
جزيل الشكر على هذه الاضافات والروابط الهامة لتطوير الموضوع..
---------------------------------------

ماكتبه المؤرخ تاسيتوس يظهر لنا صورة مرعبة عن معاملة القيصر نورون للمسيحيين الاوائل في روما بعد موت المسيح، يقول:" لقد وضع عليهم جلود الحيوانات وقدموا طعاما للكلاب او جرى صلبهم على صليب ومن ثم حرق الصليب بما عليه، وعندما يختفي ضوء الشمس، كانت تستخدم اضواء الصلبان للاضاءة في الليل". حسب تاسيتوس، كانت اسباب ملاحقة نيرون للمسيحيين هو الحريق الهائل الذي التهم اقسام كبيرة من مدينة روما. غير ان اشاعة قوية تقول ان الامبراطور الروماني بذاته الذي قام بإشعال هذا الحريق من اجل تهيئة مجال لمشروعه المعماري الكبير.

كان الامبراطور في حاجة لمن يلقي عليه المسؤولية لذر الرماد في العيون وابعاد الاتهامات عن نفسه. وكما هي العادة في إتهام الجماعات الغريبة والضعيفة، كانت الجماعة المسيحية ذات الاطوار الغريبة، والتي ظهرت مؤخرا ولم تكن معروفة في السابق، مثالية من اجل تحميلها المسؤولية وتوجيه غضب السكان اليها. ولم يتوانى الامبراطور عن استخدام الفرصة ليبدو في اعين السكان المدافع عنهم، حيث اصدر الاوامر لبدء موجة من التعذيب والقتل. عملية الابادة هذه كانت الموجة الاولى من عدة موجات طويلة ومتعددة، وعلى مدى السنوات الثلاث التالية كانت المسيحية ديانة محرمة في روما.

عندما بدء الرومان الاوائل بالتحول الى المسيحية في روما في منتصف القرن الاول الميلادي، كانت المدينة تملك اقلية يهودية. الاقلية اليهودية كان معترف بها من قبل القيصر وكانت معفاة من الدعاء الى الالهة الرومانية. العلاقة مع المسيحية كانت مختلفة. اليهود لم يكونوا يبشرون بديانتهم، في حين ان التبليغ والتبشير كان جزء مهما من الديانة المسيحية، حيث يجب تحويل العالم كله الى المسيحية قبل عودة المسيح المنتظر الى الارض. بالنسبة للقيصر كان هذا الامر تهديدا كبيرا، حيث كان يملك مكانا خاصا بين الالهة الرومانية بما يعني " عبادة الذات". حسب التقاليد القديمة حصل القيصر على شرعية القيادة من الالهة ولذلك قادر على توريث هذا الحق لاولاده. لذلك فإن إعتقاد جديد لايقوم على الاعتراف بالحق الشرعي للقيصر وانما يقدم هذا الحق لشخص عادي، روما نفسها قامت بإعدامه، امر اثار الامتعاض في روما.

سكان روما كانوا ايضا منزعجين من الدين الجديد، لان المسيحيين كانوا مختلفين عن سلوك بقية الفئات الدينية. لقد كانوا منعزلين على انفسهم كما كانوا يسببون المشاكل للحياة التجارية، حيث كانوا يثيرون القلق بين التجار التي كانت تبيع حاجيات المعابد، لان المسيحيين كانوا يعملون على ابعاد الناس عن المعابد ويجعلونها تفرغ من مرتديها.

تجار اخرين كانوا يشتكون من ان الجواري المخصصين للدعارة يرفضون اداء اعمالهم عندما يعتنقون المسيحية. إضافة الى ذلك كان الرومان ينظرون بإستخفاف للطقوس المسيحية التي كانت تبدو غريبة ومخيفة. في ذلك الوقت انتشرت الاشاعات عن المسيحيين الذين "يتجولون في الليل ويأكلون لحوم البشر ويشربون دمائهم" اثارت الخوف بين السكان. (يبدو انها ذات الاشاعات التي كانت الى وقت قريب منتشرة بيننا عن اليهود). إضافة الى ذلك كانوا يستغربون كيف ان المسيحيين يقبلون بعضهم عندما يلتقون مع انهم ينادون بعضهم البعض بالاخ والاخت، الامر الذي ادى الى الاعتقاد ان نكاح المحارم هو امر عادي بينهم.

نيرون استغل الاعتقادات المسبقة وسوء الظن ليجعل الاعتقالات المنظمة امرا يوميا، ليس فقط بسبب حريق روما وانما ايضا لاسباب مثل " اعتقاداتهم المعادية للمجتمع". نيرون الذي لم يكن ليمتنع عن صلب او قطع رأس او احراق معارضيه، جعل ملاحقة المسيحيين وإبادتهم سمة من السمات التي تدل على سلطته. يكتب تاسيتوس:" فتح نيرون حديقته للزيارة والقى المحاضرات على المدرجات ومشى بين بالناس او تنقل بينهم على عربته". بمعنى انه، وعلى اضواء الاجسام المحترقة كان نيرون سعيدا بالتنقل بين الناس وتلقي تهنئتهم وابتهاجهم. كانت اصوات الجماهير تغطي على صراخ الضحايا المسيحيين.

وحتى بعد موت القيصر نيرون استمر تشجيع مشاعر الكراهية والتعسف ضد المسيحيين. ولعدة مرات جرى نفخ النار في جمر العنف الديني من جماهير روما ضد المسيحيين، تماما كما يحدث اليوم في مصر مثلا ضد الاقباط. في فترة حكم الفقيصر ماركيوس اورليوس، والتي استمرت من 161 الى 180 ميلادي كانت روما تحت ضغط سياسي وعسكري واقتصادي على السواء. حدود الامبراطورية الشمالية كانت تواجه هجومات متتابعة والسكان كانوا يعانون من الجوع، والبلاد تعرضت لطوفان وللاوبئة.

بعد اجتياح وباء الطاعون لمدينة لوغدونوم ( ليون الحالية)، عام 177، جرى تحميل المسيحيين وزر هذه المصيبة، حيث شاعت بين الكهنة ان الالهة تعاقب روما بسبب ظهور الزنادقة المسيحيين، وهذا الاسلوب لازال حيا حتى اليوم، يظهر عند الكوارث من رجال الدين اليوم، مثلا عندما فسروا اسباب السونامي الذي اصاب اندونيسيا والفيليبين. هذا الامر كان يناسب القيصر من اجل تخفيف غضب الناس وخلق تنفيس لهم، لذلك امر بإعتقال المسيحيين وعرضهم على مسارح البلاد.

غالبا كان يجري الحكم على المسيحيين ان يصبحوا طعاما للحيوانات الوحشية. كان الناس على المدرجات يقضون الاوقات المسلمية في مشاهدة عملية تقطيع اجساد المسيحيين من قبل الاسود والنمور. هذه "المسرحيات" اصبحت شعبية للغاية وتعرض قبل الصراعات الكلاسيكية بين المتصارعين حتى الموت. بعد وباء الطاعون في ليون اصبح المسيحيين هم العرض الرئيسي، وكان يجري تقطيع اوصال الجموع المسيحية طوال اليوم امام الجماهير المهللة.

العبيد المسيحيين "اعترفوا" تحت التعذيب بممارستهم لنكاح المحارم ونكاح الاطفال واكلهم للحوم البشر والجماهير تحيي القضاة. وامام الجميع كانوا يجلدوا واحدا بعد واحد، نساء واطفالا ورجالا، ويتعرضوا لانواع الاذلال.

حسب المؤرخ الكنسي ايسيبيوس Eusebios, جرى تعريض احد كهنة المسيحيين لصفائح من البرونز حامية كالجمر وضعت على جسمه، وحتى جرى قتل العجائز الذين كانوا فوق التسعين من العمر. البعض الاخر جرى تكبيله على كراسي من الحديد ثم جرى احماء الكراسي، بحيث ان الجالس يجري شويه ببطء. رائحة اللحم المشوي انتشرت في كل الانحاء.

احدى الجواري جرى ربطها على عامود، وبعد ذلك اطلقت الحيوانات المتوحشة عليها، وعلى الرغم من انها لم تمت من اصاباتها جرى لفها في شبكة ورميها امام ثور هائج، الذي قام بقذفها امامه ضربا بقرونه والمتفرجين يهللون ويصفقون. في النهاية انبرى احد الانسانيين واستل سيفه ووضع حد لعذابها.

المسيحيين الرومان كتبوا رسائل تشرح معاناتهم وارسلوها الى اخوانهم في اسيا، يقولون: " الجثث توضع بالصفوف، بقايا الاجساد التي تركتها الحيوانات المتوحشة، بقايا الاجساد المتفحمة التي تركتها النار، والرؤوس المقطوعة الى جانب اجسادها، الجنود وضعوا للحراسة عليهم عدة ايام بحيث لانستطيع دفنهم. بعض الجنود قام بخلع الاسنان وطعن الاجساد للمزيد من الانتقام. البعض الاخر كان يضحك ويبصق عليهم وهم يقولون: اين الهكم الان؟ ماهي المتعة من هذا الدين الذي فضلتوا الموت على الحياة من اجله؟".

يتبع...


RE: يسوع، بين الحقيقة والاسطورة - طريف سردست - 01-10-2010

سادتنا في الجاهلية سادتنا في الاسلام

ملاحقة المسيحيين استمرت ايضا في الانحاء الاخرى من الامبراطورية الرومانية. عام 202 اصدر القيصر سيبتيموس سيفيريوس Septimius Severus, مرسوم بمنع التحول الى المسيحية، وفي المدن الرئيسية مثل روما ، كارثاغو، وكورينث جرى ملاحقة المسيحيين بدون شفقة.

القادة الدينيين جرى نفيهم الى المهجر في حين ان المؤمنيين العاديين جرى ارغامهم على التوجه الى الالهة الرومانية. قام الرومان بربط الرجال والنساء والاطفال مع بعض وامروهم بتقديم العطايا والتضحيات الى الالهة. الخمر القادم من المعابد والذي كان من عطايا الناس للالهة جرى صبه على جميع الطعام في الاسواق، بحيث ان المسيحي يتضطر اما الى شراءه واكله او الموت جوعا. من يعارض، يوضع في السجن وتصادر امواله واملاكه ويمكن ان يجري تعذيبه. الكتاب المقدس جرى احراقه، والكنائس جرى هدمها، والمسيحيين العاملين في الجيش والادارة سحبت مراتبهم ومناصبهم. ومن تكلم كان يمكن ملص لسانه او يحرق على المحرقة. كتب القيصر ديكليتيانوس، Diocletianus, 302 : " اكثر مانخشاه، انهم ومع الزمن، (..) سيقومون بإصابة جميع انحاء الامبراطورية بسم خبيث".

وكما هي العادة في مثل هذه الظروف يتحول الملاحقين الى العمل السري، ويستمر اعداد المسيحيين بالتزايد. بل ان الاضطهاد يقدم قوة دفع اضافية لمثل هذه الحركات. يكتب احد الاشخاص الكلمات الاخيرة لاحد الذين تعرضوا للتعذيب، يقول:" آه، كم هو شرف عظيم وفضل كبير هذا الذي اختاره الله برحمته كنصيب للمرء، بحيث انه ومن خلال التعذيب وسكرات الموت يشهد ان الرب هو السيد، من خلال الجسد المحطم وانفاسه الاخيرة يشهد ان المسيح هو ابن الله".

احدى الروايات المشهورة والمتتداولة بين المؤمنين القدماء كانت تتكلم عن كاهن سميرنا والذي حُكم عليه بالموت حرقا. تقبل الكاهن الشيخ الحكم عليه امام الاف المشاهدين ورأسه مرتفعة، وعلى الاحطاب : " انتم تهددون بالنار التي تحرق لمدة ساعة وبعد ذلك تنظفئ، عجبي، انتم لاتعلمون عن نار جهنم القادم والعقوبة الابدية التي ستكون من نصيب الغير مؤمنين".

بالنسبة للقنصل الروماني في اسيا كان سعي المسيحيين للموت اكبر من ان يتفهمه عندما جاءت اليه مجموعة كبيرة من المسيحيين طالبة الموت. لقد قام بقتل بعضهم، ولكنه عندما رأى ان البقية ايضا تريد ان يقتلها استغرب وقال:" ايها الحمقى، إذا كنتم تريدون الموت حقا فيوجد العديد من الربايا يمكنكم ان تصعدوها وتلقوا بأنفسكم منها وتوجد حبال يمكنكم شنق انفسكم بها".

الايمان بالمسيح كان من القوة بحيث ان القرار الروماني بتحريم دفن القتلى المسيحيين لم يكن قادر على ايقاف دفن المسيحيين لامواتهم، الذي بذاته اصبح عملا بطولي. تقع روما في منطقة بركانية، حيث الارض عبارة عن صخور بركانية قاسية ومع ذلك قام المسيحيون بحفر انفاق وممرات امتدت الى مسافة 170 كم، وفي بعض المناطق كانت من اربعة مستويات. فيها جرى دفن اخوانهم واخوتهم المسيحيين على العكس من الرومان الذين كانوا يحرقون موتاهم. دفن الاموات في المسيحية، ( وبقية الاديان الابراهيمية) ترجع الى الاعتقاد انهم سينتصبون من جديد بأجسادهم قائمين في يوم الحساب العظيم.

وعلى الرغم الملاحقات بدون رحمة نجد ان المسيحية انتشرت وتزايد عدد اتباعها، لماذا؟ عند المواطن الروماني كانت ادارة القيصر، الذي بذاته هو الله، تبقي فراغا روحياً خصوصا عندما يكون المواطن على خلاف مع سلطة القيصر في الامور الحياتية. هذا الفراغ الروحي ملئته المسيحية بسهولة من خلال بساطة مضمونها وبساطة قواعد الحياة التي تقدمها بالمقارنة مع الديانات المنافسة الاخرى. اليهودية كانت تملك قواعد وطقوس معقدة، في حين ان المسيحية تطالب فقط بالايمان. وبالمقارنة مع الاديان الاخرى الممتلئة بالطقوس المبهرة مثل ديانة ايسيس والديانة المصرية والاغريقية القديمة، والتي كان يؤمن بها النخبة العليا والطبقة العسكرية العليا، فإن المسيحية لاتقسم الحقوق حسب النسب او الرتبة او الجنس ولاتحتاج الى طقوس معقدة للدخول فيها.

قصة النجار الذي ضحى بحياته على الصليب من اجل ان يمنح الحياة الابدية الى البشرية شاعت في روما القيصرية وعلى الاخص انبهر بها الفقراء، حيث تمنحهم الامل مجانا، الى درجة انهم اصبحوا يضحون بحياتهم طعاما للاسود. وبفضل شبكة الطرق المنظمة انتشرت الروايات وازداد الاتباع على مدى الامبراطورية.

عام 200 كان عدد المسيحيين في الامبراطورية الرومانية حوالي 200 الف. بعد مئة سنة اخرى اصبح العدد ستة ملايين. كان الجلادين الرومان على حافة الانهيار من وطاة العمل الذي لاينقطع، من تعذيب وقطع رؤس او صلب.

في بداية القرن 300 حصلت رسالة يسوع على العديد من الاتباع وحتى في صفوف الطبقة العليا، بحيث اصبح لامفر من الالتفاف على المسيحية واستيعابها. النجاح الكبير الاول جاء عام 311 ميلادي. القيصر كاليريوس، Galerius, والذي كان سابقا من اشد المعارضين للمسيحية وهو المسؤول عن العديد من الحفلات الدموية ضد المسيحيين، توصل الى انه من المستحيل اقتلاع الدين الجديد من خلال القمع والابادة. على فراش الموت اصدر هذا القيصر المريض عام 311 قرارا سمحت للمسيحيين ببناء الكنائس وإقامة الطقوس الدينية. غير انه اشار الى ان " عليهم الدعاء الى ربهم من اجل الحفاظ على امن دولتنا وامنهم على السواء". من خلال ذلك كان القيصر يأمل ان يصبح يسوع في خدمة الامبراطورية الرومانية ويقف الى جانب بقية الالهة الرومان.

غير ان الانتصار الاخير للمسيحية جاء بعد بضعة سنوات، في فترة حكم الامبراطور قنسطنطين الكبير. كما هو حال العديد من مستشاريه راى القيصر ان دعم المسيحيين يمكن ان يكون حاسم لبقائه حاكما. منافسه الاول ماكسينتيوس كان قد كسب العديد من الحلفاء من خلال اعطاء المسيحيين الموافقة على اختيار رئيسا دينيا جديدا (بيسكوب). قنسطنطين لايريد ان يكون اسوء من منافسه ، وحسب الروايات الشعبية، وفي مساء ماقبل اللقاء التنافسي الاخير مع منافسه يرى حلما يأمره ان عليه دخول الصراع تحت راية المسيحية. لهذا السبب امر برسم صليب على تروس جنوده، وتمكن من الانتصار الساحق على الرغم من التوقعات. قسطنطين نفسه اعتبر الامر معجزة من يسوع.

بعد هذا الحدث، اصبحت المسيحية والامبراطورية الرومانية وحدة واحدة لاتنفصم.


يتبع...