نادي الفكر العربي
من ديوان نازك الملائكة - نسخة قابلة للطباعة

+- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com)
+-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5)
+--- المنتدى: لغـــــــة وأدب (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=78)
+--- الموضوع: من ديوان نازك الملائكة (/showthread.php?tid=3776)



من ديوان نازك الملائكة - حسن سلمان - 08-10-2008

خواطر مسائية

إذا زحف الليل فوق السهوب

ومرّت على الأفق كفّ الغيوم

ولم يبق غير السكون الرهيب

ونام الدجى تحت جنح الوجوم

ولم يبق إلا نواح اليمام

وهمس السواقي وأنّاتها

ووقع خطى عابر في الظلام

تمرّ وتخفت أصواتها

جلست أناجي سكون المساء

وأرمق لون الظلام الحزين

وارسل أغنيتي في الفضاء

وأبكي على كلّ قلب غبين

أصيخ إلى همسات اليمام

وأسمع في الليل وقع المطر

وأّنات قمريّة في الظلام

تغنّي على البعد بين الشجر

وآهات طاحونة , من بعيد

تنوح المساء وتشكو الكلال

تمرّ على مسمعي بالنشيد

وتفتا تصدح خلف التلال

أصيخ ولا صوت غير الأنين

وأرنو ولا لون غير الدجى

غيوم وصمت وليل حزين

فلا عجب أن أحسّ الشجا

رأيت الحياة كهذا المساء

ظلام ووحشة جوّ كئيب

ويحلم أبناؤها بالضياء

وهم تحت ليل عميق رهيب

طبيعتها أبدا باكية

فصمت الدجى وأنين الرياح

وتنهيدة النسم السارية

ودمع الندى في عيون الصباح

وابصرت عند ضفاف الشقاء

جموع الحزانى وركب الجياع

تشردهم صرخات القضاء

وما أرسلوا همسات الوداع

وأصغيت لكن سمعت النشيج

يدوّي صداه على مسمعي

وراء القصور وفوق المروج

فمن يا ترى يتغنّى معي؟

سأحمل قيثارتي في غد

وأبكي على شجن العالم

وأرثي لطالعه الأنكد

على مسمع الزمن الظالم



من ديوان نازك الملائكة - بنى آدم - 08-11-2008

رائعة نازك دائما رائعة .. فيها مسحة الحزن الساكن وشحوب الحروف مع دقتها وجمالها وروعتها .. لها الفضل الأكبر فى إخراج القصيدة الحديثة لنا ( قصيدة التفعيلة ) .. كما انك تلمس فى شخصها الواقعى نفس صفات سردها الشعرى فقد كانت - رحمها الله - هادئة ساكنة هاجمها الكثيرون بلا رحمة ولا شفقه ولكنها آثرت السكون لم تركب الموجة ولم تهادن ولم تلبس ثوبا أوسع من جسدها كما نرى من محترفى الشعر الحاليين بل كانت عبقرية مختلطة بتواضع لا حدود له .

ديست بلدها بأقدام الأمريكان بعد ان ركبها البعثيون لحقب من الزمن .. وتناولتها الحياة بكثير من المحن والآلام وهى الرقيقة الحساسة وافخر كمصرى انها اختارت القاهرة لتقيم فيها الشطر الأخير من عمرها
فلها دائما:97:ولك يا حسن:97:


من ديوان نازك الملائكة - حسن سلمان - 08-11-2008

نازك الملائكة رائعة بحق
لا استطيع أن اذكر كلمات في حقها فلن توفيها الكلمات
اشتريت قصائد لها من حوالي عشر سنين
لديها سحر في كلماتها
كنت أقرأ قصائدها قبل النوم ثم اضع الكتاب تحت الوسادة وأنام
من الشعراء القلائل الذين أقرا لهم
ولها معي أجمل الذكريات
الف بستان ورد لنازك الملائكة :97::97::97::97:
وهذه لمرورك :redrose:


من ديوان نازك الملائكة - حسن سلمان - 08-12-2008

أنا

الليلُ يسألُ من أنا

أنا سرُّهُ القلقُ العميقُ الأسودُ

أنا صمتُهُ المتمرِّدُ

قنّعتُ كنهي بالسكونْ

ولففتُ قلبي بالظنونْ

وبقيتُ ساهمةً هنا

أرنو وتسألني القرونْ

أنا من أكون?

والريحُ تسأل من أنا

أنا روحُها الحيران أنكرني الزمانْ

أنا مثلها في لا مكان

نبقى نسيرُ ولا انتهاءْ

نبقى نمرُّ ولا بقاءْ

فإذا بلغنا المُنْحَنى

خلناهُ خاتمةَ الشقاءْ

فإِذا فضاءْ!

والدهرُ يسألُ من أنا

أنا مثلهُ جبّارةٌ أطوي عُصورْ

وأعودُ أمنحُها النشورْ

أنا أخلقُ الماضي البعيدْ

من فتنةِ الأمل الرغيدْ

وأعودُ أدفنُهُ أنا

لأصوغَ لي أمسًا جديدْ

غَدُهُ جليد

والذاتُ تسألُ من أنا

أنا مثلها حيرَى أحدّقُ في ظلام

لا شيءَ يمنحُني السلامْ

أبقى أسائلُ والجوابْ

سيظَل يحجُبُه سراب

وأظلّ أحسبُهُ دنا

فإذا وصلتُ إليه ذابْ

وخبا وغابْ



من ديوان نازك الملائكة - حسن سلمان - 08-19-2008

هي نازك الملائــــكة
تقرأ شعرهـــــــــا
فتعيش في عالم من الخيــــــــــــال

خرافات

قالوا الحياة

هي لونُ عينَيْ ميّتِ

هي وقعُ خَطو القاتلِ المتلفّتِ

أيامُها المتجعداتْ

كالمعطفِ المسموم ينضَحُ بالمماتْ

أحلامُها بَسَماتُ سعْلاةٍ مخدِّرةِ العيونْ

ووراءَ بسمتِها المَنُونْ

قالوا الأملْ

هو حَسرةُ الظمآنِ حينَ يرى الكؤوسْ

في صورةٍ فوق الجدارْ

هو ذلكَ اللونُ العَبُوسْ

في وجه عُصْفورٍ تَحطّمَ عُشُّهُ فبكى وطارْ

وأقام ينتظرُ الصباحَ لعلَّ مُعجزةً تُعيدْ

أنقاضَ مأواهُ المخرَّبِ من جديدْ

قالوا النعيمْ

وبحثتُ عنه في العيونِ الغائراتْ

في قصّةِ البؤسِ التي كُتبتْ على بعض الوجوهْ

في الدهْرِ تأكلُهُ سنوهْ

في الزهرِ يرصُدُ عِطرَهُ شَبحُ الذبولْ

في نجمةٍ حسناءَ يرصُدُها الأفولْ

قالوا النعيمُ ولم أجدْهُ فهل طَوى غدَهُ وماتْ?

قالوا السكونْ

أسطورةٌ حمقاءُ جاء بها جَمَادْ

يُصغي بأذنيه ويتركُ روحَه تحت الرَّمادْ

لم يسمعِ الصَّرَخاتِ يُرْسلُها السياجْ,

وقصائصُ الورقِ الممزَّق في الخرائبِ, والغبارْ, ومقاعدُ الغُرَفِ القديمة, والزُّجَاجْ,

غطّاهُ نَسْجُ العنكبوت, ومعطفٌ فوق الجدارْ

قالوا الشباب

وسألتُ عنه فحدثوني عن سنينْ

تأتي فينقشعُ الضَّبَابْ

وتحدثوا عن جنّةٍ خلف السَّرَابْ

وتحدثوا عن واحةٍ للمتعَبينْ

وبلغتُها فوجدتُ أحلامَ الغَدِ

مصلوبةً عند الرِّتاج الموصَدِ

قالوا الخلودْ

ووجدتُهُ ظلا تمطَّى في بُرُودْ

فوق المدافنِ حيثُ تنكمشُ الحياهْ

ووجدتُهُ لفظًا على بعض الشفاهْ

غنّته وهي تنوحُ ماضيها وتُنزلُهُ اللحودْ

غنّتْهُ وهي تموتُ... يا لَلازدراء!

قالوا الخلودُ, ولم أجدْ إلاَّ الفناءْ

قالوا القلوبْ

ووجدتُ أبوابًا تؤدي في اختناقْ

لمقابرٍ دُفِن الشعورُ بها وماتَ غدُ الخيالْ

جُدرانُها اللزِجاتُ تبتلعُ الجَمَالْ

وتمجُّ قبحًا لا يُطاقْ

وهربتُ شاحبةً أتلك إذنْ قلوبْ?

يا خيبةَ الأحلامِ. إني لن أؤوبْ

قالوا العيونْ

ووجدتُ أجفانًا وليس لها بَصَرْ

وعَرَفْتُ أهدابًا شُدِدْن إلى حَجَرْ

وخبرتُ أقباءً ملفّعةً بأستار الظنونْ

عمياءَ عن غير الشُّرور وإن تكن تُدعى عيونْ

وعرفتُ آلافًا وأعينُهم صفائحُ من زجاجْ

زرقاءُ في لون السماء, وخلف زرقتها دَياجْ

قالوا وقالوا

ألفاظُهم لاكت تَرَدُّدَها الرياحْ

في عالم أصواتُهُ الجوفاءُ يرصُدُها الفناءْ

المتعبونَ بلا ارتياحْ

الضائعونَ بلا انتهاءْ

قالوا وقلتُ وليس يبقى ما يُقالْ

يا لَلخرافةِ! يا لَسُخريةِ الخيالْ!



من ديوان نازك الملائكة - Narina - 08-19-2008



[صورة: nazek02.jpg]

أطفئ الشمعةَ واتركنا غريبَيْنِ هنـا

نحنُ جُزءانِ من الليلِ فما معنى السنا?

يسقطُ الضوءُ على وهمينِ في جَفنِ المساءْ

يسقطُ الضوءُ على بعضِ شظايا من رجاءْ

سُمّيتْ نحنُ وأدعوها أنا:

مللاً. نحن هنا مثلُ الضياءْ

غُربَاءْ

اللقاء الباهتُ الباردُ كاليومِ المطيـرِ

كان قتلاً لأناشيدي وقبرًا لشعـوري

دقّتِ الساعةُ في الظلمةِ تسعًا ثم عشرا

وأنا من ألمي أُصغي وأُحصي. كنت حَيرى

أسألُ الساعةَ ما جَدْوى حبوري

إن نكن نقضي الأماسي, أنتَ أَدْرى,

غُربَاءْ

مرّتِ الساعاتُ كالماضي يُغشّيها الذُّبولُ

كالغدِ المجهولِ لا أدري أفجرٌ أم أصيلُ

مرّتِ الساعاتُ والصمتُ كأجواءِ الشتاءِ

خلتُهُ يخنق أنفاسي ويطغى في دمائي

خلتهُ يَنبِسُ في نفسي يقولُ

أنتما تحت أعاصيرِ المساءِ

غُربَاءْ

أطفئ الشمعةَ فالرُّوحانِ في ليلٍ كثيفِ

يسقطُ النورُ على وجهينِ في لون الخريف

أو لا تُبْصرُ ? عينانا ذبـولٌ وبـرودٌ

أوَلا تسمعُ ? قلبانا انطفاءٌ وخُمـودُ

صمتنا أصداءُ إنذارٍ مخيفِ

ساخرٌ من أننا سوفَ نعودُ

غُربَاءْ

نحن من جاء بنا اليومَ ? ومن أين بدأنـا ?

لم يكنْ يَعرفُنا الأمسُ رفيقين .. فدَعنـا

نطفرُ الذكرى كأن لم تكُ يومًا من صِبانا

بعضُ حـبٍّ نزقٍ طافَ بنا ثم سلانا

آهِ لو نحنُ رَجَعنا حيثُ كنا

قبلَ أن نَفنَى وما زلنا كلانا

غُربَاءْ

( 1948)


الله يسلمهم حسن :redrose: