حدثت التحذيرات التالية: | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
عزاء لجيل الستينيات - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3) +--- المنتدى: فكـــر حــــر (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=57) +--- الموضوع: عزاء لجيل الستينيات (/showthread.php?tid=3782) |
عزاء لجيل الستينيات - لايبنتز - 08-10-2008 د. حسن حنفي في الشهور الأخيرة وعلى فترات متقاربة يتساقط جيل الستينيات في مصر واحداً بعد الآخر، الناقد رجاء النقاش، والصحفي سامي خشبة، والمفكر عبدالوهاب المسيري، والمؤرخ رؤوف عباس، ومن قبلهم المسرحي سعد أردش، والمؤرخ يونان لبيب رزق. وهو الجيل الذي قارب السبعين أو تعداها. هو الجيل الذي حمل نهضة الستينيات في الأدب والمسرح والشعر والسينما والثقافة. وشارك في صنع التقدم والنهضة. وقاوم قوى التخلف والرجعية. وحرص على بناء مصر. هو الجيل الذي حقق ثورة الخمسينيات ومبادئها الستة، وحولها إلى واقع وبرامج وخطط للتنمية. كان أميناً عليها. وشارك الطليعة الثورية في مقاومة الأحلاف، حلف بغداد في 1954، والحلف الإسلامي في 1965، والتأميم في 1956، والتمصير في 1957، وقوانين الإصلاح الزراعي الأول في 1953 والثاني في 1961، وقوانين يوليو الاشتراكية في 1963، وتذويب الفوارق بين الطبقات، وتدعيم المواد الغذائية، ولجان تقدير الإيجارات، والإسكان الشعبي، ومجانية التعليم، والثقافة للجماهير، ونهضة المسرح والسينما والأدب والفنون، والقيام بدور مصر في قيادة حركة التحرر العربي في الجزائر وتونس والمغرب واليمن، والوحدة مع سوريا في 1958- 1961، وتبني القومية العربية، ومقاومة الاستعمار والصهيونية. وعلى رغم الصراع ضد مراكز القوى دفاعاً عن الحريات العامة وضد الاعتقالات والتعذيب في السجون، ووقوع هزيمة 1967 إلا أن القضاء على مراكز القوى والاستعداد لإزالة آثار العدوان والرغبة في القضاء على الطبقات الجديدة التي أثرت على حساب الثورة وكما حدد بيان 30 مارس مهدت لحرب الاستنزاف 1968- 1969 التي خسرت فيها إسرائيل أكثر من مجموع ما خسرته في حروبها السابقة، وأعيد بناء الجيش. وأُعدت خطة "بدر" لعبور القناة. فما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، وتحرير الجولان والضفة الغربية والقدس قبل تحرير سيناء. ورفع شعار اللاءات الثلاث، لا صلح ولا مفاوضة ولا اعتراف إلا بعد الانسحاب من الأراضي المحتلة. وعلى هذا الأساس قبلت "مبادرة روجرز" لإحراج إسرائيل، وبيان عدم رغبتها في السلام. وتحت ضغط الطلاب ومظاهرات ميدان التحرير عام 1972 والمطالبة بسنة الحسم اندلعت حرب أكتوبر 1973 بفضل الجمهورية الأولى. واستمرت روحها في الإعلان عن المنابر في 1976، ومظاهرات يناير 1977 التي سيطرت فيها صور عبدالناصر من الإسكندرية إلى أسوان. ثم بدأ الانهيار في الجمهورية الثانية (1970- 1981) بصدور قوانين الاستثمار في 1974، وإلغاء الاتحاد الاشتراكي في 1975، وزيارة القدس في نوفمبر 1977 كرد فعل على الهبَّة الشعبية في يناير من العام نفسه، ثم كامب ديفيد في 1978، ومعاهدة السلام في 1979. ثم بدأت روح مصر في الانتفاضة من جديد، في هبة الأمن المركزي في يناير 1986، والمظاهرات الشعبية ضد العدوان الأميركي على العراق في 1998 بدعوى البحث عن أسلحة الدمار الشامل، وضد العدوان عليه في مارس 2003 بدعوى القضاء على الإرهاب. وقامت هبّة عمال المحلة في أبريل 2008 كحركة تلقائية متجاوزة لأحزاب المعارضة الرسمية، والحركات السياسية العلنية والسرية، الشرعية واللا شرعية، وجمعيات المجتمع المدني محدودة الأثر. وانكمشت مصر، وتقوقعت على ذاتها إلا في أقل القليل، التهدئة بين "حماس" وإسرائيل، فتح المعابر، فك الحصار عن غزة والقطاع، تدريب الشرطة الفلسطينية. وانطلقت روحها المكبوتة خارج حدودها في لبنان والعراق وفلسطين، في المقاومة اللبنانية ضد حصار بيروت 1982، ثم في انتفاضة الحجارة في 1987، ثم انتفاضة الأقصى في 2001، ثم في تحرير الجنوب في 2000، ثم في حرب يوليو 2006. وبدأ جيل الستينيات يتساقط وهو يرى مصر مازالت في كبوة. كان يود أن يرى نهضة مصر الثانية قبل رحيله ولكن لم يمهله العمر. كان يتحرق شوقاً كي تلحق مصر بما فات، وتنتهي هذه الكبوة التي طالت أربعة عقود من الزمان حتى بدأ المصريون ينسون مصر، وبدأت بعض الأقطار العربية تتوق للعب دورها، وبدأ العالم ينظر إلى دول أخرى باعتبارها القوة الإقليمية الوحيدة التي يمكن التعامل معها في قضايا الأمن الإقليمي، والحرب والسلام. كان يود أن يعيش حتى يتحقق حلمه القريب، وتعاد صياغة مشروعه المجهض، وتتحقق هويته بين ماضيه وحاضره. ويتحطم حلم الأفراد الجميل على صخرة الواقع الأليم. ومع ذلك لا ينطفئ الحلم. وتفجر المياه الصخر كما فعل موسى. ومازال في هذا الجيل بقية، (منهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلاً). مثل (جلال أمين، حازم الببلاوي، جودة عبدالخالق، إبراهيم العيسوي، محمود عبدالفضيل، حسام عيسي، حسن نافعة، مصطفى كامل السيد، طارق البشري، أحمد كمال أبوالمجد، فهمي هويدي، محمد أبوالغار، سيد البحراوي، أشرف بيومي، أمينة رشيد، رضوى عاشور، شاهندة مقلد، نصر حامد أبوزيد، عبدالمنعم تليمة، جمال الغيطاني وآخرين) رجالاً ونساء. منهم من يعمل، وإن كان أصغر سناً داخل الجمعيات الأهلية، وأحزاب المعارضة، وحركة "كفاية"، وحركات المعارضة في شبكة الاتصالات، المدونات و"الفيس بوك" (حركة 9 مارس لاستقلال الجامعات). والبقية تأتي. بل مازال جيل الأربعينيات يمثل ظهيراً لهم (محمود أمين العالم، عبدالعظيم أنيس، حامد عمار، مصطفى سويف، أنور عبدالملك، محمد حسين هيكل، ومحمد فائق). صحيح أن التاريخ لا يعود إلى الوراء ولكنه يتقدم نحو نموذج تحقق من قبل في مراحل تاريخية سابقة. فقد سبق عصر التنوير الأوروبي الحديث عصور بركليس عند اليونان، والمعتزلة عند المسلمين، والعقلانيين في العصر الوسيط. فالتنوير لا يعود إلى الوراء بل يتقدم ويلحق بما فات. وعبدالناصر استئناف لمحمد علي وليس عوداً إليه. ونهضة مصر الثانية في الخمسينيات والستينيات استمرار لنهضتها الأولى في العشرينيات والثلاثينيات على رغم اختلاف الرؤى، من الليبرالية الفردية إلى الاشتراكية القومية وثورة 1952 إنما هي استئناف لثورة 1919 والتي هي بدورها استمرار لثورة عرابي في 1882. من يدري ماذا كان في ذهن هذا الجيل الذي بدأ يتساقط قبل أن يتحقق حلمه؟ ومن القادر على إنقاذ البلاد؟ هل هناك جيل جديد، أمين على مكاسب الشعب أو اختياراته القومية والاشتراكية، مثل عرابي وعبدالناصر؟ هل هناك جيل جديد من الوطنيين المصريين الذي مثلته ثورة 1919 وحزب "الوفد" ممثلاً في الطليعة الوفدية؟ هل هناك جيل جديد من الوطنيين واسعي الأفق والقادرين على عقد مصالحة وطنية بين خصوم الأمس من أجل خدمة البلاد في جبهة ائتلاف وطني؟ هل هناك جيل جديد يتخلق من المصريين أبناء وادي النيل، الفلاحين والعمال والذين تلدهم مصر دائماً كلما غدرت بها الأيام وتعثر الطريق، وهو الجيل الذي حافظ على استمرار مصر في التاريخ على مدى ثلاثة آلاف عام؟ هذه تعزية جماعية لبعض من ينتمون إلى جيل الستينيات الراحلين. وعزاء لهم بأن حلمهم مازال باقياً فيمن تبقى من هذا الجيل حتى ولو لحقوا بهم. وإذا كان الواقع أكثر قوة من حلم الأفراد فإن حلم الأفراد أكثر امتداداً في الزمان من الواقع الأليم طبقاً لقول الشاعر: وإذا كان لكل أجل كتاب، فإن نهضات الشعوب أطول أعماراً من آجال الأفراد. <script>doPoetry()</script> |