حدثت التحذيرات التالية: | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
سهرة الانطاع - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3) +--- المنتدى: فكـــر حــــر (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=57) +--- الموضوع: سهرة الانطاع (/showthread.php?tid=37956) |
سهرة الانطاع - الحوت الأبيض - 07-10-2010 النص التالي نشر في الأصل بمجلة التنكيت والتبكيت من عام 1881 أي قبل ما يقارب المائة وثلاثون عاما لكن ما أشبه يومنا بالبارحة... لا أعرف إن كنا سنتقدم ما دمنا على هذه الحال. سهرة الانطاع
دخل أحد المهذبين بيتاً من بيوت رجال الملاهي فوجد عشرة من الرجال جالسين على الأسرة باهتين ساكنين لا يتكلمون ولا يتحركون ولا يرفعن أبصارهم هذا واضع عنقه على كتفه وذا مكفى على المخدة وذاك يتمايل كالنائم وآخر واضع يده على خديه فظن المهذب أن رب الدار أصيب بمصيبة وهؤلاء متكدرون مما أصابه مشفقون عليه فجلس في ناحية من المجلس وسأل رب الدار قائلاً لعلكم بخير هل من أمر نزل بالسيد حفظه الله قال لا ولكن عادتنا أن نجتمع كل ليلة للأنس والمفاكهة. المهذب: أظنكم تتذاكرون في تقدم صنائع أوروبا وانتشار تجارتها في سائر الأقطار حتى عظمت ثروتها وتقوت شوكتها. رب الدار: ما لنا علم بأوروبا ولا أهلها فإننا ما خرجنا من مصر مدة حياتنا. المهذب: عدم الخروج من البلاد ليس شرطاً في وقوف الإنسان على حقائق الأشياء وعلمه بأخبار من بعده عنه فإن التواريخ وصحف الأخبار تقص علينا أحاديث الأمم ونحن جلوس في بيوتنا. رب الدار: التواريخ لا يقرأها إلا العلماء والصحف لا يسأل عنها إلا الخواجات فإنها عبارة عن حكاية يتسلى بها الشبان. المهذب: الصحف يا سيدي ألسنة الأمم وترجمان الملوك تنقل لك ما قاله هذا الرئيس وهو بأقصى الغرب وما أجاب هذا الأمير وهو في أطراف الشرق وتخبرك بالمحاورات السياسية وأغراض الملوك وأحوال الأمم وسير التجارة وأعمال العقلاء وصنائع العلماء وخطب النبهاء وتاريخ الأذكياء وما قامت به هذه الأمة من عمار وطنها وحمايتها له وحفظه من امتداد أيدي الغير إليه وما أهملت فيه تلك الأمة حتى خاتلها الغريب وتداخل في شأنها وحجر على أهلها عوائدهم ومذاهبهم. رب الدار: هذا شيء يوجب وجه الدماغ ويشتت الفكر ولا يشتغل به إلا من ليس له شغل. المهذب: أظنكم تتحدثون في شؤونكم وتتذاكرون في أشغالكم الخاصة بكم لعلكم تهتدون لأمر يزيد في الثروة أكثر مما أنتم عليه لتفاخر بكم حكومتكم وتكافئكم على أتعابكم واجتهادكم بالرتب العالية والعلامات الشريفة. رب الدار: هذا أمر لا يهمنا فإن البلاد إذا تقدمت أو تأخرت لا تفيدنا شيئاً أحسن مما نحن فيه. المهذب: ما هو الذي وصلتم إليه يا سيد من التقدم. رب الدار: لله الحمد كل منا له بيت عظيم بحوش واسع ومضيفة لطيفة وعنده من الخدم ما يقوم بإدارة أشغاله وقد تركت لنا آباءنا أموالاً لا تفنيها الأيام فنحن في نعمة عظيمة ترى المسكين من الناس يقوم في الفجر لأشغاله ويبيت الليل يكتب ويحسب ونحن لا نخرج من البيوت إلا قبل الظهر بقليل ونعود إليها وقت العصر للمسامرة بالمضحكات والنكات اللطيفة. المهذب: إذا كانت هذه عادتكم فلم تجتمعون في مثل هذه السهرة. رب الدار: عادة الكيف أنه لا يفرج إلا إذا تعاطاه الإنسان في مجلس أنس بضحك ولعب فنحن نجتمع ليتعاطى كل منا منزوله ثم تدور النكتة بيننا فإذا دنَّن الإنسان وخدَر قام ودخل محل النوم حسب العادة فيبيت مسوطاً لا يسأل عن الدنيا ولا من فيها. ثم التفت إلى أقرانه وقال رأيكم ايه يا أسيادنا في هذه العبارة فأجابه الجميع بصوت واحد: (مَفِش غير كدِه إحنا مالنا ومال الدنيا والتجارة والتواريخ احنا رايحين نبقى زي الإفرنج يلي كل ساعة يقولوا الدنيا جرى فيها ايه والجرانيل قالت ايه والتلغرافات عادت ايه زي اللي الدنيا ملكهم هأ هأ هاي) المهذب: هكذا تكون حال من لم يتهذب صغيراً فإنه يخرج أسير شهواته بعيداً عن إدراك لمعاني جباناً بليداً غبياً ولكن قد كسفت شمسكم وظهرت أنوار المعارف والآداب وأصبحت الحكومة في جد واجتهاد تقدم بهما رجالها وتبعثكم من قبور الغفلة إلى جنات المعارف والأمة تبيت تبحث عن أسباب تأخيرها وما يوجب تقمها فهي والحكومة يد واحدة في إحياء الوطن وتوسيع تجارته وتأييد كلمته ولا نلبث أن نرى البيوت والمجامع كلها محافل آداب ومجالس أبحاث وتصبح الأطفال تبحث في حال من تقدمها وتعجب من جبن آبائها وسعيهم في إعدام المعارف بما ألفوه من اللهو والبطالة وفساد الأخلاق وما كانوا يفعلونه من القبائح والرذائل في سهرة الانطاع. |