حدثت التحذيرات التالية: | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
اليمن دخلت بآتون حرب أهلية ...الجيش يدمر مدينة بكاملها وسكانها ينزحون عنها جميعا - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3) +--- المنتدى: حول الحدث (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=64) +--- الموضوع: اليمن دخلت بآتون حرب أهلية ...الجيش يدمر مدينة بكاملها وسكانها ينزحون عنها جميعا (/showthread.php?tid=38655) |
اليمن دخلت بآتون حرب أهلية ...الجيش يدمر مدينة بكاملها وسكانها ينزحون عنها جميعا - بسام الخوري - 08-24-2010 اليمن: حصار مدينة «القاعدة».. وقتال قبلي في الشمال http://www.aawsat.com/details.asp?section=1&issueno=11592&article=583783 نزوح 80 ألفا من لودر والجيش يحاصر المسلحين المتحصنين وبينهم مقاتلون أجانب منازل مهدمة في صعدة بعد قتال بين الحوثيين وقبائل مؤيدة للحكومة أمس (إ.ب.أ) صنعاء: عرفات مدابش قال شهود عيان في محافظة أبين الجنوبية اليمنية لـ«الشرق الأوسط» إن سكان مدينة لودر الذين يقدر عددهم بأكثر من 80 ألف نسمة، نزحوا عنها جميعا إلى المدن المجاورة، ووصف الشهود المدينة التي يتحصن فيها مسلحو «القاعدة» ويحاصرها الجيش اليمني بأنها باتت تشبه «مدينة الأشباح»، حيث لا يوجد فيها أحد سوى المسلحين الذين يتحصنون في منازلها وأسواقها. وكانت الاشتباكات، أمس، بين القوات اليمنية ومسلحين من تنظيم القاعدة، استمرت لليوم الخامس على التوالي، وإن بصورة أقل مما كانت عليه في الأيام الماضية. وقالت مصادر رسمية يمنية إن أحد قادة التنظيم ويدعى عادل صالح حردبة، الذي يبلغ من العمر 27 عاما ويحمل الجنسية السعودية، قتل في المواجهات. وتتحدث مصادر رسمية عن مشاركة أجانب يحملون الجنسيتين السعودية والباكستانية، في المواجهات ضد القوات الحكومية. مواضيع ذات صلة RE: اليمن دخلت بآتون حرب أهلية ...الجيش يدمر مدينة بكاملها وسكانها ينزحون عنها جميعا - بسام الخوري - 08-26-2010 في جنوب اليمن.. فقر و«قاعدة».. وقطاع طرق (1) : قيادي في جيش أبين ـ عدن: بوش قدم لنا قولا حكيما نائب المحافظ في جعار: الدولة حاولت شراء الهدنة بالمال لكن الجهود أسيئت إدارتها النيجيري عمر فاروق عبد المطلب خلال تدربه في معسكرات «القاعدة» باليمن جعار (اليمن): غيث عبد الأحد * في تقارير من جنوب اليمن، يلتقي غيث عبد الأحد بمقاتلين جدد بتنظيم القاعدة داخل البلاد التي تصفها الولايات المتحدة بأنها تشكل «أولوية أمنية ملحة». تقع سوق مدينة جعار الصغيرة المنتمية لمحافظة أبين بجنوب اليمن، على طريق تغطيه القاذورات والتراب، يعج بأكوام القمامة وعبوات بلاستيكية فارغة وأخرى معدنية وأطعمة متعفنة. ومع هبوب الرياح الحارة، تطير الأكياس البلاستيكية في الهواء، بينما يقترب كلاب ليتشمموا بقايا الطعام حول أكشاك بيع الخضراوات. وتناضل الحافلات الصغيرة والعربات التي تجرها الحمير لإيجاد مساحة لها تمر فيها داخل الشارع الضيق. في خضم هذه الفوضى، يقف «جهاديون» مسلحون باتت المدينة تشتهر بهم. وكان بينهم رجل نحيف قصير له لحية طويلة، بينما انسدل شعر رأسه على كتفيه، ويرتدي ملابس على الطراز الأفغاني: شلوار قميص وسترة متداخلة الألوان، بينما يحمل بيديه سلاح «كلاشنيكوف» قديما. وهذا الرجل إما قاطع طريق يفرض إتاوات على التجار، أو متمرد يدعي لنفسه حمايتهم من «النظام» - والاحتمال الأكبر أنه يضطلع بكلا الدورين. شرع الرجل يلوح بيديه بمرح للمارين به، لكن لم يقدم سوى القليل منهم على إلقاء نظرة ثانية باتجاهه. ومثل الفوضى والقذارة، يعد «الجهاديون» جزءا لا يتجزأ من المشهد في جنوب اليمن. ويرتاد الجهاديون المساجد الخاضعة لإدارة الدولة بالمنطقة ومراكز تحفيظ القرآن، بل وينضمون أيضا لقوات الأمن الحكومية. إلا أنه في الفترة الأخيرة، تنامت خطورة نفوذ هذه العناصر. خلال العامين الماضيين، أسست «القاعدة» جماعة محلية تابعة لها باليمن حملت اسم «القاعدة بشبه جزيرة العرب»، والتي أعلنت مسؤوليتها عن هجمات جريئة - بينها محاولة اغتيال السفير البريطاني لدى صنعاء في وقت سابق من هذا العام. في اليمن، يمكن للمجندين دراسة آيديولوجية «القاعدة» واستقاء الإرشاد من عدد من القادة العسكريين، بينهم أنور العولقي، رجل الدين اليمني - الأميركي الذي وصف بأنه «الإرهابي الأول» من جانب جين هارمان، الرئيسة الديمقراطية للجنة الفرعية المعنية بالأمن الداخلي التابعة لمجلس النواب الأميركي. ويعتقد أن العولقي قدم التوجيه والإرشاد لعمر الفاروق عبد المطلب، المشتبه في محاولته تنفيذ تفجير طائرة اعتمادا على متفجرات أخفاها بملابسه، والميجور نضال حسن، المتهم بقتل زملائه في حادث إطلاق نار في قاعدة فورت هود. وبالنهج المحافظ الذي تتبعه من الإسلام ومناطقها الجبلية الوعرة وقبائلها صعبة المراس ومشكلات الأمية والبطالة والفقر المدقع، أطلق خبراء أمنيون على اليمن لقب «أفغانستان الجديدة». وقضت «غارديان» شهرين بالبلاد متنقلة بين المناطق القبلية في أبين وشبوة، حيث أقامت «القاعدة» وجودا لها، وحيث يشتبه في تسبب هجمات عبر طائرات أميركية من دون طيار في قتل عشرات المدنيين وقليل من المتمردين. وعبر حديثنا إلى جهاديين ومسؤولين أمنيين وأفراد قبليين، اتضح كيف أن مزيجا من التحالفات الحكومية والرشاوى والوعود التي لم تنفذ وحملات الإجراءات الصارمة التي جرى تنفيذها برعونة، سمح للمتطرفين بالازدهار وأسفر عن صعود اليمن كمحور إقليمي لـ«القاعدة». ولست مضطرا إلى التوغل في أعماق الجبال كي تستمتع إلى «الرسالة الجهادية»، ففي أحد أيام الجمعة، على سبيل المثال، أثناء جلوسي فوق سطح أحد فنادق صنعاء، سمعت صوت أحد خطباء المسجد وهو يرتفع في نهاية الخطبة قائلا «اللهم العن اليهود والنصارى.. اللهم اجهل زوجاتهم وأطفالهم عبيدا لنا.. اللهم اهزمهم وانصر المؤمنين». من جهته، يقول الدكتور أحمد الداغشي، الكاتب اليمني المتخصص في الشؤون الإسلامية والجهادية، إن هناك عاملين وراء ازدياد نفوذ «القاعدة».. «أولهما: الأوضاع المحلية التي تتسم بالبؤس على الصعيدين السياسي والاقتصادي. وقد جرت ترجمة هذا الوضع إلى الكثير من صور المقاومة - والجهاديون و(القاعدة) ضمن هذه الصور. ثانيا ما يمكن وصفه بالقمع الأجنبي الذي نعانيه جميعا عبر شاشات التلفزيون - سواء بالعراق أو أفغانستان أو فلسطين - ويضفي شرعية على خطاب (القاعدة)». في الجنوب، تخرج الأمور عن قبضة الحكومة سريعا، خاصة مع دخول قطاع الطرق والقبائل الخارجة عن القانون والانفصاليين والجهاديين جميعا في قتال ضد النظام. ورغم وجود قليل من الروابط الآيديولوجية بينهم، تسهم هذه المجموعات في أمر واحد: دولة فاشلة يمكن للتطرف أن يرتع بها. خلال أول أيامي في جعار ، تجولت بالمدينة برفقة نائب محافظ أبين. وغادرنا السوق، وانتقلنا بالسيارة إلى داخل حي بناه اشتراكيون يمنيون في سبعينات القرن الماضي لاستضافة خبراء زراعيين من شرق أوروبا. وتجري إعادة بناء المساكن الخشبية الصغيرة سابقة التجهيز باستخدام كتل من رماد الفحم، الأمر الذي يبدو وكأنه أورام سرطانية رمادية اللون تستشري بكل مكان. عند مدخل المدينة، وقف رجلان مسلحان، وانتشرت على الجدران كتابات تعلن الولاء لـ«القاعدة». وأشار نائب المحافظ إلى أنه «لم يسافر أي من هؤلاء الرجال إلى أفغانستان، لكنهم يرغبون في التشبه بمظهر أفراد القاعدة». حتى العام الماضي، كانت جعار في أيدي الجهاديين، وادعت الحكومة أنها استعادت السيطرة عليها عبر حملة هجومية شنها الجيش بقيادة وزير الدفاع. ومع ذلك، كانت المدينة لا تزال خارج حدود سيطرة قوات الأمن. قال نائب المحافظ «يتعذر على مسؤولو الحكومة القدوم هنا، لكن يمكنني المجيء لأنني كنت أتفاوض نيابة عن الحكومة معهم لبضع سنوات حتى الآن». الملاحظ أن صعود «القاعدة» في جعار شكل عملية تدريجية من التحول إلى الراديكالية مع عودة أجيال من المقاتلين المتطوعين من حروب بالخارج: الحرب الأفغانية ضد السوفيات في ثمانينات القرن الماضي، والحرب التي قادها حلف «الناتو» ضد «طالبان» وحرب العراق عام 2003. وينتشر هؤلاء المقاتلون، بجانب «جهاديون» لم يسبق لهم السفر للخارج، في شوارع جعار بحثا عن النفوذ. في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، كانت جعار في معظمها مدينة اشتراكية. إلا أنه عندما حارب النظام بصنعاء الاشتراكيين خلال حرب أهلية قصيرة الأجل عام 1994، حارب الإسلاميون إلى جانبهم. وعندما مني الاشتراكيون بالهزيمة، شجع ذلك الإسلاميين على السيطرة على المدينة. وبذلك، جرى إنشاء مراكز لتحفيظ القرآن، والتي تعد المعادل اليمني للمدارس الدينية في باكستان، بدعم من الحكومة. على امتداد السنوات العشر التالية، تحولت المدينة إلى مقر للإسلاميين الذين حصلوا على وظائف وتلقوا رواتب من الحكومة وتدفقت الأموال عليهم وقتها من السعودية لدعم مراكز تحفيظ القرآن. من جانبي، تحدثت إلى فيصل - الذي يبدو أشبه بهيكل عظمي يحمل وجهه شاربا سميكا - حيث كان يجلس داخل غرفة المعيشة بمنزله. كان فيصل عضوا بالحزب الاشتراكي ورئيس اتحاد الفنانين الشبان في أبين، وقد عاين موجة «التطرف»، وهي تجرى داخل جعار. وقال «تعرض الاشتراكيون للهزيمة في 7 يوليو (تموز) 1994، وفي 8 يوليو، جاءت إلي مجموعة من الإسلاميين، والتقطوني من منزلي ووضعوا عصابة على عيني واصطحبوني إلى مقر رئاسة إدارة الأمن السياسي. وقاموا بتقييدي وضربوني هناك. وكانوا يرغبون في معرفة ما إذا كنت شيوعيا، وأعلن قائدهم أنني من الشيوعيين. بعد ذلك، قاموا بتقييدي إلى شجرة وعلقوني هناك وشرعوا في ضربي بعصا. وأضاف «بعد ذلك، شرعت الأمور في التغيير، حيث حصل الأصوليون على وظائف وأصبحوا قادة وضباطا». وأغلقوا دار السينما وحولوها إلى مسجد. واختفت الفنون وشرعت النساء تدريجيا في ارتداء النقاب الأسود الكامل. العام الماضي، قتلوا 10 رجال، وألقوا جثثهم في الشوارع، مدعين أنهم كانوا يمارسون الشذوذ الجنسي، حسبما ذكر فيصل. من بين قادة التغيير بالمدينة في تلك الفترة خالد عبد النبي. وقد التقيته داخل مجمع خاص به يبدو أشبه بمدرسة دينية. وأمام منزله، كان عدد من الشباب يعملون كحراس وطلاب في الوقت نفسه. جلس عبد النبي على الأرض يتحسس لحيته. ومن الأرض إلى السقف، امتدت أرفف من الكتب خلفه تعج بكتب سميكة مغلفة بالجلد تدور حول الفقه والدين. وبالقرب منه، كان يوجد مسدس. وذكر عبد النبي أنهم عام 1994 تلقوا وعودا من جانب الرئيس علي عبد الله صالح بأنه سيطبق الشريعة ويقيم دولة إسلامية. وعليه، قاموا بتشكيل وحدات خاصة تعمل تحت قيادة الجيش للقتال إلى صفه. وقال «شكلنا وحدة صغيرة مع إخوة آخرين، وهاجمنا سجنا في جعار ومركز شرطة، وحررنا المدينة قبل وصول الجيش. إلا أن أيا من وعود الرئيس لم تر النور. ونحن صدقناه، ربما لأننا كنا وقتها سذجا». ورغم ذلك، بدأت موجة أسلمة المدينة بعد الحرب. وأشار عبد النبي إلى أنه «انتشر الوعظ الديني بهذا المكان على نحو غير عادي. وجرى بناء مساجد ومراكز لتدريس الشريعة، وحصلنا على كثير من الدعم. وبالطبع، كانت هناك ردود أفعال لما يدور بالعالم الإسلامي. وأصبح الناس أكثر التزاما بالدين، مما جعل بإمكانهم محاربة من يعتبرونهم الصليبيين». شرع عبد النبي في بناء الجيش الإسلامي بأبين - عدن عام 1998، وهي واحدة من أوائل المجموعات التي تستقي إلهامها من الفكر الجهادي العاملة باليمن. وتواجه الجماعة اتهامات بالضلوع في الكثير من أعمال العنف، بينها تفجيرات واغتيالات لضباط أمن، بجانب اختطاف 16 سائحا أجنبيا عام 1998، الأمر الذي أسفر عن مقتل أربعة رهائن. في أغسطس (آب) 2008، قتلت قوات الأمن اليمنية خمسة من رجال عبد النبي في محافظة أبين، وأعلنت إلقاءها القبض على 28 من أنصار «القاعدة»، بينهم عبد النبي. بعد لقائه بصالح، وافق عبد النبي، حسبما تفيد أقاويل، على مساندة الرئيس في قتاله ضد المتمردين الشيعة في الشمال والانفصاليين بالجنوب. وعليه، أطلق سراحه العام الماضي في إطار عفو عام صدر بحق قرابة 175 مسلحا إسلاميا، ينتمي الكثيرون منهم إلى رجاله. وعاد إلى أبين لإعادة بناء صفوف جماعته التي أصبحت الآن على صلة بتنظيم القاعدة، ودعا إلى إقامة دولة إسلامية بجنوب اليمن. وقال بينما أخذ يتحسس لحيته «أتفق مع جورج بوش في أمر واحد، لقد قدم إلينا قولا حكيما حقا حين قال: إما أن تكون معنا أو ضدنا.. فأنت إما مع الإسلام أو مع الصليبيين. وأنا أخبر رجال الدين المسلمين بشتى أرجاء العالم أنكم إما مع لواء المجاهدين والله أكبر أو أنكم مع لواء الصليب.. ليس هناك من خيار آخر». من بين المشكلات التي يجابهها عبد النبي الآن، حسبما ذكر، ما يتعلق بالأجيال الأصغر من الجهاديين، فعندما يحاول الجهاديون إضفاء طابع معتدل على مواقفهم، غالبا ما ينشق الأتباع من المجاهدين الصغار ويشكلون جماعات أكثر راديكالية. وعليه، نجد أن كل جيل أكثر راديكالية من سابقه. وقال «الشباب (الإسلاميون الشباب) جزء من الوضع الإسلامي بأفغانستان والصومال ونيجيريا والعراق، والجهاد واجب ديني مثل الصيام. لكن المشكلة تكمن في أن معظمهم رغم كونه جهاديا بحق وحسن النية، فإنهم يفتقرون إلى المعرفة». كنت أجلس مع فيصل بمنزله في جعار عندما جاءت رسالة تفيد بأن قائدا شابا يدعى جمال على صلة بـ«القاعدة» في اليمن، وافق على لقائي. وجاء مراهق نحيف الجسد ليدلني على الطريق. وبالفعل، سرنا وراءه عبر أزقة قذرة بين صفوف من المنازل المصنوعة من رماد الفحم. وانسحقت تحت أقدامنا. عبوات بلاستيكية وقطع من الزجاج المكسور. وخرج من إحدى النوافذ شعاع فضي صادر عن جهاز تلفزيون، بينما شرع كلبان في مطاردة بعضهما بعضا حتى بلغا ناصية واشتبكا معا في قتال عنيف. دخلنا واحدة من الأكواخ الخرسانية، التي أضيئت بمصباح أحمر صغير. كانت هناك غرفتان، إحداهما قرب المدخل يجري استخدامها كمطبخ ودورة مياه، والأخرى غرفة نوم مجهزة بأثاث جديد. وجلسنا على أرضية مغطاة بمشمع. كان جمال في منتصف العشرينات من عمره، ذو وجه مستدير وشعر طويل مموج ونظارة أضفت عليه مظهر الطالب النجيب. وسألني من أنا؟، مكررا سؤالا طرحته عليه. وأضاف «أنا مجاهد. عادة ما يكون للشباب أحلامهم وطموحاتهم في الحياة، وأنا طموحي الموت أثناء القتال في سبيل الله». وأضاف أن الجهاد أصبح حياته، مشيرا إلى أنه يقاتل من يثير سخط الله، مثل «السكارى والمرتدين ومن توقفوا عن اتباع تعاليم دين الله». تحول جمال إلى «جهادي» مقاتل منذ ست سنوات، وتعرض للسجن مرتين، وأطلق سراحه في كل مرة بعفو رئاسي. الآن، أصبح هاربا من جديد، حيث أوضح أن «مدير الأمن اتهمنا بزرع عبوة ناسفة أمام منزله». والتساؤل الذي يفرض نفسه: كيف تمكن شاب يعيش في مدينة صغيرة فقيرة لا يسمع عنها أحد بجنوب دولة فقيرة، ولم يسبق له الانتقال إلى أبعد من العاصمة، من التحول إلى تهديد، ليس للحكومة اليمنية فحسب، وإنما للعالم بوجه عام. وقال: «هناك الكثير للغاية من المآسي العربية، بالعراق والشيشان وأفغانستان وفلسطين، مما يحفز لدينا الرغبة في القتال في سبيل الله». قال «بدأنا على النحو التالي (عام 2003) بعد اندلاع حرب العراق، تحولت جعار إلى مركز كبير للتدريب للسعوديين المتوجهين للعراق. وعلى خلاف الحال مع اليمنيين، افتقر السعوديون إلى الخبرة في القتال. لقد كانوا شديدي التدين ويتمتعون بوفرة في المال، لكنهم كانوا جاهلين لكيفية إطلاق النار. وعليه، شرعنا في تدريبهم ـ فكما تعلم نتعلم نحن اليمنيين كيفية إطلاق النار منذ الطفولة ـ ثم جرى تنظيم حلقة كاملة لإرسالهم إلى العراق عبر سورية». وعلمت الحكومة اليمنية بشأن معسكرات التدريب الجهادية، حسبما ذكر جمال، ولم يكن لديها الرئيس اليمني اعتراض عليها طالما أنهم لا يقاتلون داخل اليمن. وقال «أخبرنا أن نتوجه للعراق، لكن من دون أن نعود لهنا ونخلق مشكلات له». في شتاء 2005/2006، بدأ العالم يلحظ تدفق الجهاديين على العراق، وشرع الأميركيون في الضغط على سورية واليمن والسعودية لوقف تدفق المسلحين. وعن هذا، أشار جمال إلى أنه «كشفت الحكومة النقاب عن الجماعة، وبدأت في إلقاء القبض على الأفراد لدى وصولهم الحدود. وبدأنا ندخل في صدام مع الحكومة وقتلنا بعض قوات الأمن». عام 2006، ألقي القبض على جمال، الأمر الذي أدى إلى اللقاء الأول من سلسلة اجتماعات مع صالح. وافق الأخير على إطلاق سراح سجناء مقابل وعد منهم بوقف نشاطهم. وبعد ثلاثة أيام، أطلق سراح جمال، لكن الثقة بينه وبين النظام لم تدم طويلا. وقال «مارسوا ضغوطا مكثفة علينا. وخضعت للمراقبة. وبمجرد خروجي من منزلي كنت أجد جاسوسا حكوميا بانتظاري. ولدى عودتي، أجد اثنين منهم. وعليه، شرعنا في تغيير إجراءاتنا». عندما ألقت الحكومة القبض على بعض «الجهاديين»، اندلعت أعمال القتال مجددا. وأشار جمال إلى أنه «قاتلنا ضدهم مجددا، ومضينا في القتال حتى أطلق سراح جميع إخواننا». وأعقبت ذلك دورة من إجراءات إلقاء القبض وعقد الصفقات، مما أدى إلى تفاقم قوة وغضب الجهاديين. في بعض الأحيان، كانوا يتلقون وعودا بالحصول على تعويضات من الرئيس، لكن لدى توجههم لصنعاء لجمع المال، كانوا يتعرضون لمماطلة من قبل الحكومة. ومع مرور أسابيع على هذا الوضع، كانت الصدامات تندلع مجددا. وذكر جمال أنه «قبل اجتماعنا الأخير مع الرئيس عام 2009، سقطت جعار تحت سيطرتنا. بحلول ذلك الوقت، توقف إخواننا عن الذهاب للعراق، وقالوا إنه لو لم يلق القبض عليهم في طريقهم نحو العراق، سيتعرضون إما لإلقاء القبض عليهم من جانب الأميركيين أو تعرضهم للتعذيب على يد (الحكومة العراقية) الشيعة. وعليه، رأوا أن يبقوا ويقاتلوا هنا. وبذلك، دخلنا جعار، وسقطت المدينة بأيدينا. كنا أكثر من 40 رجلا، وغادرت قوات الشرطة والجيش المدينة، وتعالت صيحاتنا (الله أكبر)، وزرعنا ألغاما ومتفجرات بالشوارع. وللمرة الأولى، عدنا لمنازلنا ونمنا في فراشنا، ولم نعد فارين. لقد تولينا مسؤولية الأمن في جعار وفرضنا بها الشريعة». أثناء حديثنا، انطلق فأر صغير يجري بين أقدامنا. وبعد اصطدامه بأحد الأقدام، سارع إلى الاختباء أسفل الفراش. اللافت أنه حتى هذا القائد الشاب جابه صعوبة في التعامل مع جيل الراديكاليين اللاحق له. وقال «لقد تعرضنا للخيانة على أيدي أبناء جعار . عندما كنا نختبئ بالجبال، اعتاد بعض الصبية من المدينة القدوم إلينا وجلب طعام وملابس. ودربنا هؤلاء الصبية على كيفية استخدام الأسلحة وتشغيل المتفجرات وبناء دوائر كهربية. كانوا صبية صغارا. ودربناهم على كيفية الهجوم وكيفية الاختباء خلف جدار» وأمسك أثناء حديثه بسلاح خيالي وأخذ يحركه بيديه يمينا ويسارا بينما يجلس القرفصاء على الأرض. وأضاف «هؤلاء الصبية بدأوا ينهبون ويضربون الناس. ودمروا المدينة». وتحولت نبرة صوته إلى مزيج من اللوم والندم، وقال «بسبب الصغار، أخفقنا في حكم المدينة، واضطررنا للرحيل والعودة إلى الجبال». وبذلك يتضح أنه حتى لجمال، الذي يمثل جيل ما بعد حرب العراق، هناك جيل آخر من خلفه لا يدري أي الممتلكات الحكومية عليه نهبها وأيها عليه الإحجام عن مهاجمتها، وهو جيل يعتقد جمال أنه صعب المراس. وسألت جمال حول ما إذا كان يعتبر نفسه جزءا من تنظيم «القاعدة» باليمن، فأجاب «جميعنا مرتبطون ببعضنا بعضا، فجميع «الجهاديين» (على صلة ببعضهم بعضا)، ثم مد ذراعيه وأشار باتجاه ثلاثتنا قائلا «أحدنا القاعدة»، مشيرا إلى نفسه، «والآخر يحميه»، مشيرا إلي «والآخر يوفر الدعم اللوجيستي»، مشيرا إلى المراهق الذي قادني إليه. وقال «الاثنان»، في إشارة إلينا «لا يعلمان سوى عضو (القاعدة) الذي يتصلان به، وهذا العضو (مشيرا لنفسه) سيكون الشخص الوحيد بهذه الجماعة الذي يعرف القيادة». وأوضح أن ما منحته إياه «القاعدة» هو التنظيم. وأضاف «قبل وصول الوحيشي (زعيم تنظيم القاعدة بشبه جزيرة العرب) والريمي (قائد جناح التنظيم المسلح) هنا، كنا في حالة فوضوية، وكنا نقاتل الحكومة متى شئنا. الآن، لا نتحرك إلا بعد صدور أوامر لنا بذلك». أثناء طريق العودة عبر شوارع خالية مظلمة، سألت الصبي المراهق حول كيف ينظر الشباب إلى الأشخاص أمثال جمال، فأجابني «إنه أشبه ببطل لنا جميعا، ونرغب في أن نكون مثله». وعندما استفسرت منه عن السبب، رد قائلا «لأنه يدافع عن قومه، ولا يسمح للحكومة بأن تفعل ما يحلو لها». عندما التقيت نائب المحافظ مجددا، سألته عن الاجتماعات التي عقدها الرئيس مع جهاديين والأموال التي وعدهم بها، فرد بقوله «ترغب السلطات في احتواء هؤلاء الرجال. إنهم يقطعون الطرق ويهاجمون نقاط التفتيش التابعة للجيش ويجمعون إتاوات من أصحاب المتاجر. هذا الوضع ليس وضعا قانونيا، وإنما يقوم على شراء الأفراد. لقد حاولت السلطات معاملة الجهاديين و(القاعدة) على النحو الذي تعامل به القبائل، حيث قدمت لهم أموال كي يبقوا من دون نشاط واضح». وأضاف «عليك أن تتفهم أن الحملة العسكرية ستتكلف كثيرا من المال من أجل الجنود والمركبات والسجون والقضايا أمام المحاكم. وعليه تقول الدولة لماذا يتعين علي دفع ثلاثة ملايين لمحاربتهم بينما بمقدوري دفع مليون واحد لتهدئتهم وتجنب شرهم؟ لكن الجهاديين يحصلون على المال، ويشترون أسلحة ويزدادون قوة. والآن، يساور الندم الدولة تجاه هذه السياسة وتعمد إلى تغييرها». وأضاف أنه إلى حد ما، حاولت الدولة شراء هدنة، لكن هذه الجهود أسيئت إدارتها. داخل منزل فيصل، سألته عن رأيه في محاولة الحكومة شن إجراء صارمة ضد «القاعدة»، فقال «لا تصدق الحكومة عندما تزعم أنها تقاتل الجهاديين. إنها تمدهم بالمال، وتتفاوض معهم وتستغلهم في قتال أعدائهم، وتطلب من الأميركيين أن يمنحونا المال حتى نتمكن من قتل (القاعدة)». ثم أغلق عينيه وقال: «الأمر أشبه بمهزلة». * خدمة «غارديان ميديا» خاص بـ«الشرق الأوسط» RE: اليمن دخلت بآتون حرب أهلية ...الجيش يدمر مدينة بكاملها وسكانها ينزحون عنها جميعا - بسام الخوري - 08-27-2010 في جنوب اليمن.. فقر و«قاعدة».. وقطاع طرق (2): شبوة: علاقة معقدة بين القبائل و«القاعدة».. وفي السماء طائرات من دون طيار بدو سمحوا لعناصر «القاعدة» بمشاركتهم في معسكرهم بعد أن وعدوهم بحفر بئر ماء جنود يمنيون يستوقفون سيارات لتفتيشها في العاصمة صنعاء أمس بعد اعتداء من قبل عناصر في «القاعدة» على دورية أمن حكومية (إ.ب.أ) شبوة: غيث عبد الأحد * بدت السماء مظلمة فوق الطريق من عدن إلى شبوة، رغم أن النهار كان قد انتصف فحسب. وقال سائق السيارة «لاند كروزر» المتهالكة التي كنا نستقلها والتي يعود تاريخ إنتاجها لثمانينات القرن الماضي: «إنها ستمطر»، وسرعان ما بدأت حبات ثقيلة من الماء في الارتطام بالسيارة، وهطلت المياه على الجبال السوداء، لتتركها متألقة كما لو كانت من الرخام. على أراضي محافظة شبوة اليمنية يتركز أكبر وجود لـ«القاعدة» في البلاد. وبجانب معسكرات تدريبية «جهادية»، يعتقد أن الكثير من قادة هذه «الجماعة الفرعية» الجديدة لـ«القاعدة بشبه جزيرة العرب» يتمركزون في شبوة، وعلى رأسهم أنور العولقي، رجل الدين اليمني - الأميركي الذي أعلنت إدارة أوباما في أبريل (نيسان) أنه أصبح هدفا مشروعا للاغتيال، الذي سبق وصفه بأنه «الإرهابي الأول» من المنظور الأميركي. قضت «غارديان» أسبوعا في التنقل داخل هذه المنطقة التي يغيب عنها القانون، حيث تحدثت إلى أبناء القبائل حول وجود «القاعدة» في محاولة لتفهم السبب وراء ترسخ جذور هذا التنظيم بالمحافظة. كانت السيارة «لاند كروزر» تعج برجال من البدو من قبيلة «العوالق». وانطلقنا معا عبر طرق جبلية تخضع بمناطق مختلفة منها لسيطرة قطاع الطرق والانفصاليين والجهاديين وقوات الأمن الحكومية، إلا أن النفوذ الأكبر عليها كان من نصيب قطاع الطرق. قابلنا أول قاطع طريق في رحلتنا بمجرد عبورنا الحدود إلى داخل المحافظة، عند منعطف طريق بين جبلين. كان 7 شباب يجلسون في ظل شجرة ممسكين بأسلحتهم، وكان بعضهم يغطي وجهه بكوفية. على مسافة تقل عن 50 مترا عبر جسر صغير وأسفل شجرة صغيرة جلست مجموعة من الجنود. لا يهاجم قطاع الطرق والجنود بعضهم بعضا، حسبما أوضح أحد رفقائي في السيارة. وعندما استفسرت عن السبب، أجاب: «كلاهما ينتمي إلى القبيلة ذاتها». التقينا مجموعة ثانية من قطاع الطرق بعد بضع ساعات لاحقا، على مسافة أبعد من الطريق. كانت هذه المجموعة أكثر نشاطا. كان الظلام قد حل في ذلك الوقت، وسدوا الطريق بعدد من الكتل الصخرية. ووقف مسلح في طريقنا، بينما جلس عدة رجال على جانب الطريق. طل الرجل برأسه من داخل نافذة السيارة وأدار عينيه بها متسائلا: «هل هناك أي شخص يعمل لحساب الحكومة؟». ورد عليه الركاب بالنفي في صوت خفيض. وعليه، سمح لنا باستكمال مسيرتنا. وصلنا إلى مستوطنة بدوية صغيرة تدعى «حطيب» بعد حلول الظلام، وحمل الرجال بسطا ليناموا عليها ووضعوها على صخور في العراء وظلوا يتجاذبون أطراف الحديث لساعات قبل أن يخلدوا للنوم. بوجه عام، يخيم التوتر على العلاقات بين القبائل و«القاعدة»، حيث يتعذر على القبائل منع الملاذ والضيافة عن أعضاء التنظيم ذلك أنه طبقا للأعراف البدوية تعد إهانة الضيف أو خيانته أو رفض تقديم واجب الضيافة له واحدة من أكثر الجرائم فداحة. في الوقت ذاته، بدأ القلق يساور أبناء القبائل إزاء وجود «القاعدة» والاهتمام غير المرغوب فيه الذي جلبوه معهم للمنطقة. في كل الليالي التي قضيتها في شبوة، شاهدت طائرات من دون طيار تحلق ببطء في السماء، مركزة اهتمامها على المشهد الصخري على الأرض. بعد بضع ليال، أثناء حديثي مع علي، نجل شقيق أحد شيوخ القبائل، وعدد من رجال آخرين تحت أنظار الطائرات من دون طيار، سمعنا صوت سيارة تقترب. وانطلقت رصاصة من مسافة بعيدة ليسارع جميع الرجال إلى التقاط أسلحتهم. وتعالت الصيحات من منزل لآخر: «القاعدة». هرول الرجال إلى منتصف القرية في انتظار وصول سيارات «الجهاديين»، لكن بمجرد ظهور أضواء السيارة القادمة، صاح أحد الرجال بأن القافلة تحمل قبليين من قرية مجاورة ينقلون أحد أقاربهم إلى المستشفى. وشرح علي أن «(القاعدة) تتمركز بهذا الجبل»، مشيرا إلى قمة جبلية بعيدة. وأضاف أنه في بداية الأمر، كانوا على مسافة أقرب كثيرا من مستوطنة البدو، لكن بعد هجوم أسقط خمسة من المسلحين قتلى، طلب أبناء القبيلة منهم الرحيل. واستطرد قائلا: «طلبنا منهم الرحيل بعد وقوع القصف». لسنوات طويلة، ظلت شبوة تعتمل بحوادث الثأر. في الواقع، يجد جميع القبليين بالمنطقة تقريبا أنفسهم متورطين في دائرة من الانتقام. والملاحظ أن الصحراء القاحلة والجبال في المنطقة تنقسم إلى رقع صغيرة من مناطق الحرب بين القبائل. خلال تنقلنا داخل شبوة، كثيرا ما كنا ننحرف عن الطريق الرئيسي لندخل في أعماق الصحراء تجنبا للمرور بأرض قبيلة يتورط أحد مرافقينا في السيارة في خصومة ثأرية معها. من جانبه، أكد إبراهيم (16 عاما) وهو أحد أبناء القبائل كان يجلس في الجزء الخلفي من السيارة: «نود الانتظام بالمدارس، لكننا اضطررنا للتوقف لأن شخصا ما قد يقتفي أثرنا هناك ويقتلنا». وسألته حول ما إذا كان قد شهد كثيرا من القتال، فرد بالإيجاب. الواضح أن أبناء القبائل يعيشون في حالة من الفقر الدائم داخل هذه البيئة الصحراوية القاسية. وعندما يأتي الماء - إذا جاء - يتحرك بسرعة عبر أودية صخرية ضيقة، مخلفا وراءه الصحراء على حالها من العطش. وبخلاف الرقع الضئيلة المزروعة، تهيمن الصحراء على باقي المساحة. ونظرا لفقرهم المدقع، ليس أمام أبناء المنطقة ما يحاربون من أجله سوى شرفهم. ويؤمنون بأن السبيل الوحيدة للرد على الإهانة هي قتل العدو، بعد الصياح عليه للخروج - ذلك أنه من العار قتل رجل بمهاجمته على حين غرة من خلفه - وإطلاق النار عليه أثناء النظر مباشرة إلى عينيه. ويجري التعامل مع ثقافة الضيافة بجدية بالغة لدرجة أن خصومة قبلية استمرت عامين بسبب تعرض ضيف للإهانة. وأخبرني علي كيف تتضمن المعارك بين القبائل في بعض الأحيان أسلحة أثقل. وقال: «العام الماضي، حاصرنا قبيلة مجاورة، حاملين معنا مدافع مضادة للطائرات ومدافع هاون. وظللنا نقصفهم طيلة 3 أيام واستمر حصارنا لهم لأسابيع، حتى نفذ الطعام لديهم فيما عدا البسكويت». في ظل هذه الخلفية من القبائل المسلحة المتناحرة باستمرار، حيث يبدو أن كل رجل بالمنطقة تقريبا مطلوب لدى السلطات لتورطه في جريمة قتل أو اثنتين، يمكن لـ«القاعدة» بسهولة الامتزاج في المنطقة، خاصة أن مسلحيها لا يختلفون كثيرا عن أي من المسلحين الآخرين المطلوبين لدى السلطات الذين ينشدون الملاذ داخل قبائلهم. أخبرني رجل متقدم في العمر: «هناك القليل من المؤمنين (يقصد الجهاديين) يعيشون بالجبال، لكننا لم نر ارتكاب أي منهم لخطأ هنا. نحن لا نأبه لما إذا كانوا قتلوا أحدا في أميركا، المهم عندنا أنهم هنا في شبوة لم يرتكبوا أي جريمة. لذا، ينبغي احترامهم كأي أفراد آخرين». تقع قرية سلطان «العوالق» على تل تحيطه حقول خضراء وأشجار نخيل. في منتصف الصحراء، ترتفع بنايات سعيد التي تبدو أشبه بكنز معماري بأبراجها المصنوعة من الطمي وممراتها الضيقة. وتتسم بعض المجمعات القائمة بعلامات خلفتها أعيرة نارية، خاصة أن الكثير من حركات التمرد عصفت بالمنطقة على مر العقود. بجانب أطلال قلعة مصنوعة من الطمي دمرتها القوات الجوية البريطانية في خمسينات القرن الماضي، يوجد مجمع خراساني جديد لسلطان «العوالق». داخل المجمع، التقيت السلطان، فريد بن بابكر، وهو رجل طويل متقدم في العمر وضعيف البنية، يتميز وجهه بأنف معقوف ولحية بيضاء صغيرة. ومع ذلك، يحمل هذا الرجل في صوته الذي يبدو خفيضا لكنه حازم، ثقل السلطة القبلية بالمنطقة. ويلتزم بأوامره قرابة مليونين من أبناء «العوالق» بجنوب اليمن. ويعد السلطان فريد من الحلفاء المقربين من الحكومة، لكن في الوقت ذاته توفر قبيلته الملاذ لأعداء الحكومة والغرب. ويعتبر أنور العولقي أبرز «الجهاديين» الذين يشملهم بالحماية حاليا. جدير بالذكر أن العولقي، رجل الدين الذي لم يكن معروفا من قبل، ارتبط بميجور نضال مالك حسن، الطبيب النفسي العامل بالجيش الأميركي الذي قتل 13 شخصا في قاعدة «فورت هود» بتكساس، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2009، وكذلك بعمر الفاروق عبد المطلب، النيجيري المتهم بمحاولة تفجير طائرة متجهة إلى ديترويت خلال عطلة أعياد الميلاد. ويعد العولقي الآن واحدا من أكثر الأهداف التي تلاحقها واشنطن. وبعد حديث مستفيض حول تاريخ جنوب اليمن امتد لقرابة الساعة، أخبرني السلطان فريد أن العولقي يعيش بالقرية وأنه على علم بتحركات رجل الدين. وقال: «العولقي، وبرفقته أربعة أو خمسة أشخاص، يقضون الليل بمنازلهم، وفي الصباح، يصلون بمكان ليس ببعيد. ونحن نعلم بهذا الأمر». وعندما سألته عن سبب السماح لهذا الرجل المطلوب أمنيا بالبقاء في القرية، رد بأنه لم يرتكب أي جريمة داخل المجتمع القبلي، ولم تطلب منه الحكومة تسليمه لها. وأضاف: «لم تقتل (القاعدة) أي فرد هنا. لذا، لسنا مضطرين لقبول أو رفض تسليمهم للسلطات. ولم تطلب الحكومة منا تسليمه (العولقي) إليها. إذا فعلت ذلك، أعتقد أننا سنفكر حينها بالأمر. لكن أحدا لم يطلب منا ذلك». يقع مجمع عائلة العولقي على بعد بضعة أمتار من منزل سلطان فريد. وتوجهت إلى المجمع لأرى إن كان بإمكاني رؤيته أو التحدث إليه، لكن جميع النوافذ والأبواب كانت مغلقة. وفتح صبي نافذة صغيرة في الطابق العلوي ونظر إلي، ثم سرعان ما اختفى بالداخل وأغلقت النافذة. من ناحيتها، تقوم في بعض الأحيان الطائرات من دون طيار بما هو أبعد من مجرد مراقبة سكان شبوة. بعد مغادرة قرية السلطان، انتقلنا لوادي ماجالا بجبال العوالق. هنا، تحمل سلسلة من القبور الصغيرة تقع على جانب الطريق السريع علامات بالأحجار. بالقرب، جلس رجل عجوز في خيمة تخص أقارب له يحتسي شايا محليا. كان هو وابنته البالغة من العمر خمسة أعوام الناجيين الوحيدين من هجوم صاروخي مزدوج يقال إنه تسبب في مقتل العشرات، بينهم زوجة الرجل وأبناؤه وزوجاتهم وأحفاده. كان الرجل خارج المستوطنة البدوية ليجمع الجمال التي يملكها العام الماضي عندما نما لمسامعه صوت انفجار ضخم. وقال: «حسبت أن ناقلة بترول انفجرت، لكن الجبال من حولي اهتزت بشدة». استغرق الأمر منه عدة ساعات للوصول إلى المعسكر حيث استقر أقاربه. لدى وصوله، كان الكثير من القرويين قد احتشدوا في المكان بالفعل. وقال عبد المطلب، وهو شاب كان من أوائل من توجهوا للمنطقة، إنه شاهد النار تلتهم الناس والسيارات والحيوانات. وأضاف: «أمسكت النيران في امرأة بإحدى الخيام. وحاولت إنقاذها من دون جدوى». توجهنا بالسيارة إلى موقع التفجير الأول، حيث تدلت قطع من القماش وأجزاء من عبوات بلاستيكية يستخدمها البدو في جمع الماء أو الحليب من أغصان شجرة ميتة. انتشرت بالمكان عظام بيضاء اللون من بقايا حيوانات. وكان بالقرب جزء معدني ملتو من صاروخ. على بعد أمتار قلائل، كانت هناك قذيفة رمادية طويلة لصاروخ. طبقا لرواية القرويين وتقرير برلماني يمني وآخر عن منظمة العفو الدولية، فإن قرابة 10 من الرجال والنساء والأطفال من عائلة حيدرة لقوا حتفهم في واحد من معسكرين للبدو في 17 ديسمبر (كانون الأول) 2009. انتشرت بعض الشظايا البلاستيكية وقطع من ملابس سوداء بالمكان والكثير من عظام الحيوانات. بعد ذلك، سرنا لمدة 20 دقيقة على أعشاب شائكة للوصول للمعسكر الآخر الذي تعرض لهجوم في اليوم ذاته. هنا، تدلت بقايا حياة بدوية متقشفة من شجرة أخرى: شظايا بلاستيكية وقطع أقمشة ومشمع يستخدم كملاذ. من بين الحطام، عشرات الأحذية السوداء المنصهرة لرجال ونساء وأطفال. هنا، قتل أفراد عائلة باكاظم، حسبما أفاد قرويون. طبقا للجنة برلمانية يمنية، بلغ إجمالي القتلى 41 مدنيا في الهجومين، و14 من مقاتلي «القاعدة». وينتشر بين الحطام أجسام غريبة صفراء تتعارض تصميماتها الهندسية مع الأسمال البالية التي تخص البدو. وحملت الأجسام الصفراء عبارة «البحرية الأميركية» ورقما مسلسلا. وكانت هناك قذائف منتشرة بالمكان. وسألت أحد الرجال الذين رافقوني بالموقع، ويدعى مقبل الكاظمي، عن تقارير بشأن وجود أعضاء «القاعدة» بالمكان. وأجابني أن محمد الكاظمي، أحد المطلوبين من جانب الحكومة لصلاته بـ«القاعدة»، كان هنا ومعه بضعة رجال. ويعتقد أنه لقي حتفه. وأضاف: «كان عددهم أقل من 10 رجال، وعاشوا بخيمتين على أطراف معسكر باكاظم». وعندما سألته عن سبب مشاركة البدو معسكرهم مع «القاعدة»، رد علي قائلا: «لقد أخبر المقاتلون البدو بأنهم سيحفرون لهم بئرا ليحصلوا على الماء». داخل هذه المنطقة الفقيرة القاحلة، لا بد أن هذا بدا ثمنا جيدا. * خدمة «غارديان ميديا» خاص بـ«الشرق الأوسط» http://www.aawsat.com/details.asp?section=4&article=584179&issueno=11595 RE: اليمن دخلت بآتون حرب أهلية ...الجيش يدمر مدينة بكاملها وسكانها ينزحون عنها جميعا - بسام الخوري - 09-29-2010 انتهت أعمال اجتماع «أصدقاء اليمن»، الذي جاء على هامش المؤتمر السنوي للأمم المتحدة. اجتماع نيويورك يجيء بعد مرور ثمانية أشهر على اجتماع لندن، وأكثر من أربعة أعوام بعد مؤتمر المانحين عام 2006، الذي كان قد وعد بأكثر من ثلاثة مليارات دولار لم يصل إلا القليل منها لأسباب تتعلق بعدم الثقة التي يبديها بعض المانحين في قدرة المؤسسات الاقتصادية والتنموية اليمنية على استثمار تلك الأموال بالطريقة الصحيحة. الوضع اليمني اليوم ينبغي أن يكون على رأس الأولويات بالنسبة للسعودية ودول الخليج، ليس فقط بسبب ازدياد نشاط «القاعدة»، وبروز الحركة الحوثية كتهديد - نسبي - لسلامة الحدود الخليجية، بل لأن اليمن ذا الـ23 مليونا هو أفقر دولة عربية، محتلا المرتبة 166 من 174 في قائمة الناتج المحلي الإجمالي عالميا، حيث 43 في المائة من السكان يعيشون تحت خط الفقر. هناك أكثر من 10 ملايين يمني يعيشون بأقل من دولارين في اليوم. أما نسبة البطالة فتبلغ 40 في المائة، ووفقا لآخر تقرير أصدره البنك الدولي بشأن اليمن فإن عائدات النفط القليلة واحتياطيات المياه معرضة للنفاد بحلول عام 2017. إذن الأزمة ليست في وجود 300 من عناصر «القاعدة» فقط، أو في سيطرة الحركة الحوثية على بعض المناطق في الشمال، بل هي أخطر لأن تماسك الدولة وشرعيتها باتا على المحك في الظرف الراهن. صحيح أن الدولة اليمنية ليست بصدد الانهيار كما يبالغ بعض منتقدي الحكومة، بيد أنها وصلت لمرحلة حساسة من عدم الاستقرار، بحيث بلغت المرتبة 15 في قائمة الدولة الفاشلة التي تصدرها مجلة «فورن بولسي» بالتعاون مع مؤسسة صندوق السلام الأميركية كل عام. هناك قلقان فيما يتعلق باليمن: أولهما، أن الحكومة المركزية التي تعاني منذ عام 2004 من تهديد «القاعدة»، والحوثيين، والانفصاليين الجنوبيين، باتت منهكة بشكل كبير بحيث تشتت انتباهها في حروب متتالية أرهقت توازن القوى السياسية في اليمن، وكلفت خزانة الدولة اليمنية الكثير. أما الأزمة الأخرى فتتعلق بعجز اليمن عن معالجة أزمته الاقتصادية بحيث بات الفقر الاجتماعي يهدد شرعية مؤسسات الدولة عبر خلق البيئة الناقمة على الوضع الاقتصادي مغذية أطرف المعارضة الثلاثة. أمام هذه التحديات فإن الدول ذات الشأن في المنطقة وخارجها أمام تحد خطير، فكثير من التهديدات التي واجهت أمن دول مثل السعودية والولايات المتحدة باتت تصدر من اليمن. محاولة اغتيال الأمير محمد بن نايف العام الماضي جاءت عن طريق تنظيم «القاعدة في شبه جزيرة العرب»، وهو التجمع الأكثر خطورة لـ«االقاعدة» بعد فشلها ومحاصرتها في السعودية. أما عمر عبد المطلب النيجيري الذي حاول تفجير الطائرة الأميركية العام الماضي فقد تدرب في اليمن هو الآخر، مما يعني أن اليمن أصبح في وضع أمني ضعيف بحيث بات يشكل قضية أمنية بالنسبة لعدد مهم من الدول المؤثرة في الحرب على الإرهاب. الحل الذي يتم تسويقه، لا سيما في أوساط بعض السياسيين الأميركيين والأوروبيين، يقوم على أن الحل الأسرع للأزمة اليمنية يتمثل في معالجة الوضع الاقتصادي، بل إن عددا من أولئك المسؤولين والخبراء باتوا يطالبون صراحة في أن تحتضن الدول الخليجية المزيد من اليد العاملة اليمنية في محاولة لامتصاص الجذور السيسيو - اقتصادية للأزمة اليمنية، ففي تقرير أصدرته مؤسسة ماكينزي بالتعاون مع الحكومة اليمنية (أغسطس/ آب الماضي)، أن الاقتصاد اليمني بحاجة إلى تأمين أربعة ملايين وظيفة في الخليج خلال السنوات العشر القادمة، في حين أن أعداد اليمنيين العاملين في الخليج اليوم لا تتعدى نسب الثمانينات إلا بقليل، وحتى ولو وافقت الدول الخليجية على احتضان تلك الأعداد فإن سوق العمالة الأجنبية البالغة 12 مليونا لا تتسع لأعداد إضافية. بدورها تواجه دول الخليج موقفا صعبا في التعاطي مع الوضع اليمني، فهي لا تريد أن تكون في دور المتدخل في الشؤون الداخلية اليمنية نظرا لتاريخ من النزاع مع اليمن لم يهدأ إلا في العقد الأخير. أما بالنسبة للعمالة اليمنية فالرأي السائد هو أن دول الخليج لا تستطيع استيعاب أعداد مليونية من العمال اليمنيين كما كانت الحال عليه أثناء فترة الطفرة العمرانية والصناعية منتصف السبعينات حتى حرب الخليج الثانية (1990 - 1991)، ثم إن حجم العمالة الماهرة المدربة في اليمن قليل بالمقارنة مع غالبية اليد العاملة المتوفرة، ثم مع افتراض إمكانية إرسال تلك العمالة لدول الخليج بغية تأمين حوالات خليجية من العملة الصعبة للاقتصاد اليمني، فإن وجهة النظر الخليجية هي أن اليمن أحق بتلك اليد اليمنية الماهرة لإعادة تنشيط الاقتصاد اليمني. في السبعينات والثمانينات كان هنالك ما يقارب المليون ونصف من العمالة اليمنية العاملة في دول الخليج، وقتها كان اليمن عضوا غير دائم في مجلس الأمن حين اتخذ قرار الوقوف إلى جانب نظام صدام حسين خلال أزمة غزو الكويت. حينها قال وزير الخارجية الأميركي، جيمس بيكر، محذرا اليمن من التصويت ضد القرار «إن اليمن سيدفع الثمن غاليا». وقد كان، فخلال شهور قليلة طلب من أكثر من 800 ألف عامل العودة إلى ديارهم. تلك الحادثة كبدت الاقتصاد اليمني الكثير، بحيث تراجعت المساعدات الدولية إلى 200 ألف دولار، وأصبحت تلك الأعداد العاطلة عن العمل عبئا على الحكومة اليمنية، بل إن حرب الشمال والجنوب 1994 أفرزت واقعا اجتماعيا واقتصاديا باتت ظواهره واضحة بعد عقد من الزمن، ولم تفلح كثير من المبادرات الداخلية والخارجية في تصحيحه. في بحثها الهام «اليمن: الاقتصاد المنهار» - ضمن دورية الشرق الأوسط (صيف 2010) - تقول نورا آن كولتن، إن «مشكلة اليمن، كأي دولة تعاني من تحول اقتصادي وشح في المصادر، هي أن يد اقتصاد السوق الخفية لا تستطيع العمل لوحدها». يد الاقتصاد الخفية، وهو مصطلح استخدمه آدم سميث (1759) والاقتصاديون من بعده، في الإشارة إلى قدرة الأسواق على تصحيح نفسها اعتمادا على قانون العرض والطلب. ما تريد كولتن قوله هو إن الاقتصاد اليمني في هذه المرحلة عاجز لأسباب بنيوية عن العمل، أي ان الحل الاقتصادي وحده قد لا يتمكن من حل مشكلات اليمن الراهنة، إذ لا بد من قيام عقد اجتماعي جديد يمكن اليمن من تجاوز أزمته. الحقيقة هو أن الانفصال بين الشمال والجنوب، بل حتى انفصال صعدة عن صنعاء قد لا يحل الأزمة كما ينادي الانفصاليون، لأن الانفصال لا ينجح إلا إذا كانت تلك الكيانات قادرة على القيام بذاتها كدول، وهو أمر غير ممكن التحقيق، ودعونا نتذكر أن الجنوب لم يكن ليكون دولة لولا الدعم البريطاني أيام الاستعمار، ثم الدعم السوفياتي أيام الحرب الباردة. في الوقت الراهن، لا يبدو أن اليمن قادر على تخطي الأزمة لوحده، بل يحتاج إلى مساعدة الآخرين، وأهم من ذلك إلى نصحهم، والمكاشفة الصريحة. إذا استمر المسؤولون في اليمن على التعامل مع الحراك الجنوبي والحوثيين كأنهم «القاعدة» فإن الحل السلمي للأزمة لن يتحقق، ومن جانب آخر فإن دول المنطقة التي حاولت غض الطرف عما يجري هناك، قد بات الشرر يطالها. http://www.youtube.com/watch?v=9C-L8RvpHVc&feature=related http://www.youtube.com/watch?v=nh0YuB-89d8&feature=channel http://www.youtube.com/watch?v=bMD8PqK04f0 الرد على: اليمن دخلت بآتون حرب أهلية ...الجيش يدمر مدينة بكاملها وسكانها ينزحون عنها جميعا - بسام الخوري - 10-26-2010 قضايا وآراء | اليمن .. دولةٌ تتفتت http://www.youtube.com/watch?v=2YDpDrKUVd0 |