حدثت التحذيرات التالية: | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
تاريخ سورية 1920-1963 - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3) +--- المنتدى: فكـــر حــــر (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=57) +---- المنتدى: تـاريخ و ميثولوجيـا (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=7) +---- الموضوع: تاريخ سورية 1920-1963 (/showthread.php?tid=38817) |
تاريخ سورية 1920-1963 - بسام الخوري - 09-04-2010 الحلقة الأولى من تاريخ سورية المؤلف من 30 حلقة تقريباً ستُنشر تباعاً تاريخ سورية 1 النقطة الفاصلة في تاريخ سورية المجيد الذي صنعه كل أبنائه وتعتيم النظام المُتعمّد عليه ما دفعني لأن أخوض في تاريخ سورية السياسي الحديث والمجيد ، الذي صنعه رجالها المُناضلين الأقوياء ، ليطلع عليه شعبنا السوري والعربي ليُفاخر به ، هو التعتيم المُتعمد من قبل النظام في سورية ، الذي يمنع أي حديث أو كتابة عن ذاك التاريخ وتلك الحقبة الغنية بالأحداث العظام والتضحيات الكبرى ، الى ما قبل وصول البعث العسكري ، بقصد تجهيل الأجيال القادمة ، ومحي ذاكرة المواطنين لتاريخ آبائهم العظام ، الذي صنعه الأبطال من كل شرائح وطوائف مجتمعنا - جهاداً ونضالاً وجلادةً وصبراً ومُقاومةً بوجه المُستعمر الفرنسي والعُنصريين الأتراك القوميين لا العثمانيين ، الذين سيطروا على مقاليد الأمور في الدولة العثمانية قبل الإعلان عن انهيارها بعقود ، فأساءوا للعرقيات والقوميات باسم العثمانيين ، والخلافة حينها لم يكن لها حول ولا قوّة ، مما أدّى إلى التدهور الكبير في الحياة المعيشية في الأمصار ، وانتشار الظلم والفساد مبلغه فيها، مما أثار النّاس وهيّجهم للثورة لاسيّما الثوّار منهم ، الذين كانت أعدادهم ضئيلة في بداية الأمر، لكنهم صاروا فيما بعد كمد البحر ، كما هو واقع سورية اليوم ؛ التي يركبها الفساد من كل جانب ، ويسودها الظلم في كل أنحائها ، وأعداد مُناضليها بازدياد رغم كُل التصرفات التعسفية بحقهم ،وهم ماضون في طريقهم إلى أن ينال شعبنا كامل حقوقه بإذن الله بالعزيمة والصبر، لأنّها سُنّة الله على الأرض بزوال الظلم وإن طال ، وعودة الحق ليتربع على عرشه في حياة النّاس ، كما تخلّص العرب من سلطة الباشوات التركية ، ومن الاستعمار الفرنسي ، الذي أراد أن يُقسم سورية إلى ست دول وفشل ثُمّ اندحر ، لتعيش سورية أحلى أيّامها بتضامن أهلها وتوحدهم ، من أول قيام الثورة العربية إلى ما قبل مجيء الحكم العسكري البوليسي عام 1963 ، الذي عطّل الحياة وأفسد البلاد ، حتّى صارت في مؤخرة الدول - فقراً وجوعاً وتكميماً للأفواه ، وساحة رُعب يستجير من هولها كُلّ الناس ودخولي في موضوع التاريخ السياسي لسورية ما قبل انقلاب العسكر في آذار 1963 كان بسبب نزولي إلى معرض الكتاب المُقام حالياً في صنعاء ، والذي لفت نظري فيه !! انعدام الكتب السياسية والتاريخية عن حقبة ما بعد قيام الثورة العربية وعهد الجلاء ، ومن طبعيتي ككاتب وصحفي عندما أجد شيئاً مغلوطاً فإنني لا أكتمه ، ولذا فقد توجهت لأصحاب دور النشر السورية لأسألهم عن السّر في ذلك واحداً واحداً ، حتّى المُشرف عن دار الهيئة العامّة السورية للكتاب الحكومية المنوط بها الاهتمام بهذا الشأن لم يسلم من سؤالي ، والذي لم أجد عنده الجواب ، بل قال بأنّه عندهم أكثر من 180 عنوان ولم أجد شيئاً من هذا ، وخاصة وأنّ موقعهم لا يتجاوز مساحته التسعة أمتار على هيئة دُكّان يُرثى لها ، وليس فيها من العناوين ما يجعل المرء حتّى يلتفت إليها ، بينما الدور السعودية والكويتية وغيرها لهم المساحات الكبرى والعناوين الكثيرة ، وسورية العلم والعلماء لا تُمثّل إلا ببقعة حقيرة وكُتب لا تُعبّر عن إمكانية شعبنا ومساحة دولتنا ، ثُمّ توجهت إلى بقية الدور السورية لأسألهم عن انعدام كتب التاريخ السياسي الحديث ما قبل انقلاب العسكر فأجابني البعض بما لا يتوقعه احد من وراء سؤالي ؟ على أنني دخيل وأُريد خراب بيتهم من وراء إثارتي لهذا الموضوع ، بينما قال البعض بأنّ هذا ممنوع وبشدّة في سورية ، وأنّ الكتاب بعد كتابته يُعرض على هيئة ألرقابه الإستخباراتية الحازمة التي لا تتهاون بمثل هذه الأمور ، والذي قد يستغرق الإطلاع عليه لعدم الموافقة أشهراً ، ليُحجز الكتاب فيما بعد وليُسائل صاحبه عن مُحتوياته ، وفي النهاية يكون الرفض ، ليذهب تعب الكاتب وجهده الذي قضاه في كتابته هباءً هذا إن سلم ، إلا بعض الكتب السطحية الجرائدية والمغلوطة التي يسمحون فيها لتكون مثل ذرّ الرماد على العيون ، لأضع التساؤل هنا !! عن الأسباب التي تجعل الحديث عن أمجاد أبطالنا وتاريخ بلادنا التي تؤدّي إلى خراب البيوت ؟ ولماذا ؟؟وما وراء ذلك ؟؟؟ ، وهل هم عُملاء بنظر النظام؟!!! أم أنهم يوهنون من عزيمة وهيبة الدولة ؟ !!! أم أنّهم قادة كبار يخشى من ذكرهم النظام وهم أموات وحينها فقط شعرت بالفراغ الكبير ، ووجدت لزاماً على نفسي بما أمتلكه من معلومات وعناوين واطلاعات ودراسات للكتابة ، وحضّاً لغيري من السياسيين والمُفكرين للخوض بهذا الموضوع من تاريخنا المجيد ، لاسيّما للمعاصرين لأي مرحلة من الحقبة الماضية للكتابة وتسليط الأضواء ، وراجين من كل من يملك المعلومة الصحيحة بتزويدنا بها لتوثيقها ، سواءً كان ذلك عن بطولات أو خيانات لبعض المجموعات ، وصور مُشرقة ، وأنا من جهتي كُنت قد ابتدأت في السابق بعدّة مواضيع ، ومنها مُخطط للخلافة العثمانية مُختصراً حياة كل واحد منهما وإنجازاته ومواطن الضعف والخلل التي سادت فترته(http://www.asharqalarabi.org.uk/markaz/salatin.doc )بأسلوب أنيق على هيئة شجرة لا يمّل قارئها منها ، ليطلع الباحث على التاريخ الوسيط الى مرحلة قيام الثورة العربية على الأتراك وليس العثمانيين الذين كانت على أيامهم العرقيات وحرية الأديان والأشخاص في أحسن حال ماقبل سيطرة القوميين الأتراك على زمام الأمور، ليُتخذ من هذا المُخطط المُختصر مُقدمة مُهمة لمعرفة للربط بين التاريخ الوسيط والتاريخ الحديث للولوغ فيه والوصول إلى نتائج وحقائق معرفية مُستندة إلى العمق المعرفي في التاريخ ، ليطلع بعدها الباحث على نشوء الدول بعد مُعاهدة سايكس بيكو ووعد بالفور الذي بُني على أساس إقامة دولة لليهود للتخلص منهم أُوربياً بعد اتهام العسكريين منهم فرنسياً عام 1871 بتسريب معلومات عسكرية لألمانيا اثر حرب السبعين ، وفيما بعد ألمانياً لحساب فرنسا والتحالف اثر الحرب العالمية الأُولى والتي أُطلق عليها اليهود المُعاداة للسامية لاستعطاف العالم ومُعاهدة سيفر والمؤتمر السوري 1920 ، ثُم المجلس الأعلى للحلفاء الذي اعتبر امتداد لمؤتمر لندن الذي أقرّ باستقلال الدول العربية الخمس ووضعها تحت الانتداب الفرنسي والبريطاني ، والحرب العالمية الأولى التي أدّت إلى تقاسم دول الخلافة العثمانية ، إلى أن أخذت دول العالم وضعها المُتعارف عليه ، وما وصلنا اليه اليوم في سورية من الهوان عندما ابتعدنا عن المطالبة بحقوقنا والاستسلام للأمر الواقع ، تحت سطوة الجلاّد . فعلى إثر هزيمة الأتراك وليس العثمانيون في الحرب العالمية الأولى ، كون الخلافة كانت مُعطّلة ولا رأي لها في دخول الحرب مع ألمانيا ضد الحلفاء ، وإنما هي توريطة العسكتاريا التركية التي ابتعدت عن الخلافة الشاملة إلى القومية الطورانية التركية ، التي أثارت الحساسيات والنزعات العنصرية وتجاوزت في ظُلمها كُل الحدود ، حتّى عمّ الفقر والجهل والفساد والظلم في كل المناحي ، ممّا أدّى إلى انفصال الأطراف عن المركز ، ومنها الإعلان في سورية عن تشكيل أوّل حكومة عربية بعد نضالات وتضحيات كبيرة قدّمها الشعب السوري في 28 أيلول 1918 برئاسة الأمير محمد سعيد الجزائري - حفيد المناضل الشهير عبد القادر الحسيني الذي قُتل في القدس بمعركة مع الصهاينة – والتي استمرت لأيام باسم الشريف حسين بن علي قائد الثورة العربية الكبرى ، ليرتفع حينها في سماء سورية علمها الأول باللون الأسود والأخضر والأبيض ، لتشهد سورية الحكومة الثانية ولأيام أيضاً برئاسة علي رضا باشا الركابي من 30\9 إلى 5\10 \1918 تمهيداً لإعلان قائد الجيوش العربية الأمير فيصل بن الشريف حسين لهذا المنصب الذي استمر فيه إلى 8\3\1920 وقت تتويجه ملكاً على سورية ، عقب انعقاد المؤتمر السوري العلامة الفاصلة بتاريخ سورية ، والذي – المؤتمر - سحب من الفيصل الكثير من الصلاحيات ، وأُعلن فيه العديد من القرارات التاريخية ، ومنها إعلان استقلال سورية بحدودها الطبيعية استقلالاً تامّاً بما فيها فلسطين ، ورفض ادعاء الصهاينة في إنشاء وطن قومي لهم في فلسطين ، وإنشاء حكومة مسئولة أمام المؤتمر الذي هو مجلس نيابي ، والذي- المؤتمر السوري - رفضت نتائجه من قبل فرنسا التي بحسب معاهدة سايكس بيكو 1916 تكون سورية ولبنان تحت وصايتها ونفوذها، ليدخل معها الملك وحكومته في صراع مرير إلى 28\6\1920 يوم خلعه ، ولتدخل سورية فيما بعد مرحلة الانتداب الفرنسي والتشرزم والتقسيم والثورات ضد المُحتل وعالم البطولات والأمجاد والتوافق الوطني ، والذي سأتكلم عنه وعن تلك المرحلة في الحلقة الثانية من هذه السلسلة عن تاريخ سورية السياسي الحديث ملاحظة : بعد خلع الملك فيصل بن الشريف حسين عن الملك في سورية من قبل الفرنسيين ، كان هناك في مصر يُعقد مؤتمر القاهرة نفس العام أواخر 1920إثر ثورة العشرين في العراق ضد الاحتلال البريطاني ، حيث هناك تشكل المجلس التأسيسي لزعماء العراق وشخصياته السياسية ، الذين توافقوا فيما بينهم على الإعلان للملك فيصل بن الشريف حسين بن علي ليكون ملكاً على العراق ، ليتوّج ملكاً مطلع عام 1921 إلى عام 1933، أبرم خلالها مع البريطانيين عام 1930 مُعاهدة، أقرّت بموجبها إنكلترا استقلال العراق عن التاج البريطاني وإنهاء حالة الانتداب ، وتوفي بالسكتة القلبية في سويسرا ، وقيل بالسُم الذي وضعته له ممرضته له عن عمر ناهز الخمسين سنة ، ليخلفه من بعده ابنه غازي إلى عام 1939 الذي توفي بحادث سيارة ، وقيل تمّ التخلص منه بقتله لصلته بهتلر ، ومن بعده ابن غازي فيصل الثاني الذي ظلّ تحت وصاية خاله لأربعة عشر عاماً عندما بلغ سن ال 18 عام 1953 ليستلم الأمر رسميا ، وكان خلال فترة الوصاية يُدير الدولة الوزير نوري السعيد ، الى يوم14\7\1958 الذي أُطيح به وبالنظام الملكي على يد عبد الكريم قاسم ، وقتل فيها الملك فيصل وعبد الإله وصي العرش ودفن في المقبرة الملكية في الأعظمية ببغداد تاريخ سورية 2 الملحمة الوطنية في فترة اندحار الأتراك والاستعمار الفرنسي لا شك أن هذه الفترة كانت مُلبدة بالغيوم السياسية وعدم اتضاح الرؤيا لدى الكثيرين من النّاس ، فالبعض من الغيورين على وحدة الأمّة وقف إلى الجانب العثماني ، وتعصبوا لحكم الخلافة عن غير وعي وأنا مُقدّر لهم هذا الشعور، ولكنهم يفعلون ذلك عن غير معرفة كاملة عن تلك المرحلة ، حيث كان السلاطين العثمانيين في تلك الحقبة ما قبل سقوط الخلافة بعقود لا يملكون من الأمر شيء ، وإنما السلطة والإدارة كانت في يد القوميين الأتراك المُتعصبين وحزبهم الإتحاد والترقّي ، الذين تمكنوا من الإمساك بزمام الأمور أواخر القرن الثامن عشر ، ثُمّ صفى لهم الأمر تماماً عام 1908 ،وتمثل ذلك بعد خلع السلطان عبد الحميد في معركة دامية عام 1909 ، ليكون الخليفة من بعده كشيخ الإسلام لا شأن له في السياسة ، ومن ثُمّ لتدار الأمور من قبل كمال أتاتورك ، الذي على عهده تفككت عُرى الأمّة الإسلامية وضاعت أملاكها ، وأُدخلت الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى برغم رفض الخليفة لها بمخطط مدروس ، وعلى عهده ظهرت القوميات في أبشع صورها وجاع النّاس بسبب سياساته المُتعصبة التي تدعوا إلى تتريك العرب والقوميات الأخرى ، ومنع الغذاء والدواء ، وضجّت أطراف الدولة وقامت الثورات في كل مكان للتخلّص من هذا العهد التركي المُتعصب والمُتعجرف ومنهم ثورة العرب بزعامة الشريف حسين بن علي، الذي عقد الاتفاقيات لجلب السلاح ونيل التأييد ، فأفلح مرّة وخُدع مرّة ، وحاول أن يؤول إليه أمر زعامة العرب والمسلمين ليُجدد الخلل الحاصل ، فاجتهد في هذا السبيل ، ولكن المؤامرة كانت أكبر منه وحالت دون تحقيق ذلك ، ولكن أولاده استطاعوا تحقيق الكثير من المكاسب ، ثُمّ لينشب فما بعد خلافاً بين الشريف حسين وقبائل من أهل الحجاز بزعامة آل سعود ، الذين التفت حولهم الجموع واستطاعوا استعادة المُبادرة منه ، ليبسطوا سلطانهم على كل أرض الحجاز ، ويوحدوا الممالك والبلدات في مُعظم شبه الجزيرة المساحة المتعارف عليها الآن بالمملكة العربية السعودية ، وليكون الى جوارهم مملكتين للهاشميين العراق والأردن وعلى وفاق تام وبحساب الخسارة والربح قد نجد بعض الخلل في الحسابات ، ولكنها جميعها كانت نابعة عن اجتهادات ، ومنها أن تكون الأطراف العربية لاعبة لا ملعوب فيها ، ثُمّ أننا رأينا فيما بعد ما فعله أتاتورك بعاصمة الخلافة العثمانية من التعدي على الأديان والعرقيات ، ومحاولته لتتريك الأجناس رغماً عنهم ، وحتّى الانتقام من العرب كونهم من الداعمين للخليفة العثماني ، فمنع الآذان باللغة العربية وحارب القوميات ، ولحق بالنّاس الظلم في كل أطراف الخلافة ، ولذلك نستطيع أن نقول عن تلك الفترة بأنها كانت ضبابية غير واضحة المعالم للكثير مع مأساوياتها ، ومن الطبيعي مثل هكذا أوضاع أن تشهد ثورات تتضامن في الأعراق والأديان للتخلص من الظلم ، كما جرى في سورية من قبل العرب والأكراد والدروز والعلويين والمسيحيين والأرمن ، للتخلّص من الكابوس والظُلم وحالة الاستبداد والاستعمار الفرنسي ، وليكون أوّل حاكم بعد جلاء الأتراك لأيام 1918 الأمير محمد سعيد حفيد عبد القادر الجزائري ، ويتبعه ليومين الدمشقي الكردي اللواء شكري الأيوبي الذي عُيّن حاكماً مابين ولاية الجزائري والأمير فيصل ليومين ، ومن ثمّ حاكماً على بيروت ثُمّ على حلب في حكومة علي رضا باشا الركابي ، لتؤول الأمور بعدها لقائد الجيوش العربية الأمير فيصل من أكتوبر عام 1918 إلى 8\3\1920 حين تتويجه ملكاً ، ورفض الفرنسيين لذلك ، ودخوله في صراع معهم ، انتهى بعزله في 28\6\1920 ، لتدخل سورية بعدها بعهد الانتداب الفرنسي ، الذي كافح فيه السوريين في أروع ملاحم البطولة والفداء ، حتّى أقرت فيها فرنسا باستقلال سورية بحدودها الحالية عام 1941بعهد رئاسة الشيخ تاج الدين الحسيني بعد أن قسمتها أثناء الانتداب إلى ست دول، والتي كان فيها أول رئيس سوري منتخب عام 1932 إلى نوفمبر 1936،محمد علي العابد من أكراد دمشق ، إلى نيل استقلالها الكامل الذي تخلله عدة زعماء ، وسنتحدّث عنهم لاحقاً ، وانسحاب أخر جندي فرنسي في 17\4\1947 عيد الجلاء وأمّا الحديث عن فترة الانتداب من عصبة الأمم للفرنسي على سورية بداعي الوصاية للمساعدة على إنشاء مؤسسات الدولة كما ادعوا بعد سقوط الدولة العثمانية "التركية "فأوجزه بأرقام وعناوين مختصرة ، لأنّ تلك الفترة ما قبل انتخاب أول رئيس للدولة عام 1936 وما بعد معركة ميسلون شهدت سلطة المفوضين الساميين والحكّام الفرنسيين ، حكومات لدول مستقلّة بعد تقسيم سورية لست دول وهم دولة دمشق (1920) ودولة حلب (1920) ودولة العلويين (1920) ودولة لبنان الكبير (1920) ودولة جبل الدروز (1921) ولكل منها علم وعاصمة وحكومة وبرلمان وعيد وطني وطوابع مالية وبريدية خاصة. وبسبب الرفض الشعبي للتقسيم وعدم الاعتراف به قامت فرنسا في عام 1922 بإنشاء اتحاد فدرالي فضفاض بين ثلاث من هذه الدويلات (دمشق وحلب والعلويين) تحت اسم "الاتحاد السوري"، واتخذ علم لهذا الاتحاد كان عبارة عن شريط عرضي أبيض يتوسط خلفية خضراء. وفي الشهر الأخير من عام 1924 قرر الفرنسيون إلغاء الاتحاد السوري وتوحيد دولتي دمشق وحلب إلى دولة واحدة هي دولة سورية، وأما دولة العلويين فقد فصلت مجددا وعادت دولة مستقلة بعاصمتها في اللاذقية وبعد هذا بقليل في عام 1925 قامت في جبل الدروز الثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان باشا الأطرش وامتدت الثورة إلى دمشق ولبنان واللاذقية وحماة وحمص . أرادت فرنسا على إثرها تأديب السوريين فأوعزت إلى بعض البرلمانيين الموالين لها في حلب بالانعقاد لإعلان الانفصال عن دمشق. ولكن الوطنيين في حلب بقيادة إبراهيم هنانو أحبطوا المشروع بعد أن أقاموا الاحتجاجات والتظاهرات وقاموا بقطع الطرق المؤدية إلى البرلمان يوم التصويت لمنع أعضائه من الوصول والتصويت على قرارهم المتوقع وفي عام 1930 تم اتخاذ دستور جديد لسورية وإعلانها باسم "الجمهورية السورية"، واتخذ علم جديد كان عبارة عن ثلاثة أشرطة عرضية (من الأعلى للأسفل: أخضر ، أبيض ، أسود) وتتوسطه ثلاثة نجوم حمراء ترمز إلى المحافظات الثلاث (دمشق وحلب ودير الزور). وفي عام 1936 تم توقيع معاهدة الاستقلال مع فرنسا والتي سمحت لدولتي اللاذقية وجبل الدروز بالانضمام إلى الجمهورية السورية. أما لبنان الكبير (الذي صار اسمه عندها الجمهورية اللبنانية) فلم ينضم إلى الدولة الموحدة بسبب كون الغالبية فيه من الموارنة أصدقاء فرنسا والمؤيدين بشدة للانفصال لتخوفهم من المُحيط المسلم الكبير من حولهم من توجسات زرعها الاستعمار الفرنسي. أما المسلمون في لبنان فقد كان موقفهم واضحا ضد التقسيم منذ البداية وقد قاموا بالاحتجاج والعصيان ولم يقبلوا بفكرة الدولة اللبنانية حتى الأربعينات بعد أن قبل رياض الصلح بها وصارت واقعاً اللعب فيه يؤدّي إلى الفرقة والاقتتال والانقسام والتشرذم ، ولا يخدم المصالح العربية أو الإسلامية ، إلاّ إن جاء عن رضى بالنفس ، ولكن أكيد ليس في ظل حكومات الاستبداد والقهر والطغيان ، وانتهاك حقوق الإنسان الواسعة الآن في سورية مُلحقات معركة ميسلون معركة ميسلون (8 ذي القعدة 1338هـ=24 يوليو 1920م) قامت بين متطوعين سوريين بقيادة وزير الحربية يوسف العظمة من جهة ومُساندة الملك فيصل فيما بعد عندما وجد الإصرار من العظمى لدخولها مع تحفظه على الاشتباك في البداية لعدم التكافؤ في القوى والإعداد ، ولغدر الفرنسيين بوعودهم للملك فيصل بعدم دخولهم المُسلح لسورية ،وبين الجيش الفرنسي، بقيادة هنري غورو من جهة أخرى. و تعبر معركة ميسلون معركة عزة و كرامة من وجهة نظر البعض ، وتهور واندفاع من قبل الآخرين ، حيثُ خاض غمارها وزير الدفاع يوسف العظمة الذي كان يعلم أن جيشه المتواضع جدا ، وبأسلحة الخفيفة والقليلة ، والأسلحة البيضاء كالسكاكين والخناجر والعصي لمعظم جيشه في مواجهة الجيش الجرار الذي كان يقوده غورو و المزود بطائرات ودبابات ومدافع وإمدادات ، والذي لم يصمد أمامها طويلا إلا لساعات في معركة عند ميسلون ، ولذلك سُميت بها ، والتي قاوم فيها السوريين وعددهم ثلاثة ألآلاف ببسالة في معركة غلب عليها طابع الفوضوية وعدم التخطيط ، قُتل فيها ثمانمائة رجل من رجال المُقاومة ، واحتُلّت بعدها دمشق في اليوم نفسه الثورة السورية الكبرى ألثوره ألسوريه الكبرى انطلقت بعدما عمّت الثورات السورية في كل أنحاء البلاد ، تأكيداً على رفضهم للاحتلال والتجزئة والتقسيم الذي عملت عليه فرنسا ، ومن أجل وحدة البلد ، ، حتّى وصل الاستياء مداه من الفرنسي المحتل ، وخاصة بعد اعتقال الوطنيين الأحرار عقب توجههم للقاء المفوض السامي الذي دعاهم للتفاوض ،فاشتعلت الثورة الكبرى في سورية عام 1925 بأكملها ضد الاستعمار الفرنسي او ما يسمى دوليا بالانتداب الفرنسي ، وهي من أهم الثورات والتحركات الشعبية الثورية التي حدثت في تاريخ سورية الحديث أثناء فترة الانتداب الفرنسي .فتحركت الثورة من كل مدن سوريا بقياده عدد من الأبطال المجاهدين ، منهم سلطان باشا الأطرش ، وإبراهيم هنانو ، وحسن الخراط ، وصالح العلي واشترك فيها كافة فصائل الشعب وسمي سلطان باشا الأطرش القائد العام للثورة السورية وقد ساعده ذلك على كسب محبة وثقة الدروز الذين ساعدوه في مسيرة التحرير الذي ما لبثت أن تشتعل في كافة المحافظات السورية ، لا سيّما حماة التي قصفها الفرنسيين بالطائرات كما قصفها النظام السوري الحالي مع فارق التشبية في مدى الإجرام والتخريب والدمار ، الذي أتى على المدينة بأكملها في ظلّ هذا النظام ، ثم قصفهم لدمشق .وظهر جلياً تساعد ثوار الجبل مع ثوار الغوطة في دمشق .في هذه التحركات الكبيرة والثورة العامة التي زعزعت بشكل كبير سياسة الفرنسيين في سوريا وأصبحوا على قناعة تامة بأن الشعب في سورية لن يرضخ ولا بد من تأسيس حكومة سورية وطنية والرضوخ لإرادة الشعب وثورته الكبرى وتشكيل مفاوضين من مختلف محافظات سوريا وعمل انتخابات برلمانية مستقلة ،استمر على عقبها رجال الدولة والسياسيون السوريون وقاعدة الثورة ، ولم تهدأ الأحوال في البلاد إلا بعد الانتخابات البرلمانية المستقلة في الثلاثينات ورفض الزعيم سلطان باشا الأطرش استلام الرئاسة أو تشكيل حكومة مستقلة في السويداء جبل العرب لما في ذلك من تقسيم في المنطقة وتوالت الضغوط إلى حصول الاستقلال الشامل عام 1946. أهم الثورات الشعبية في ظل الاحتلال قبل الثورة الكبرى : ثورة حوران وثورة صالح العلي في جبال العلويين عام 1919م ، ثورة إبراهيم هنانو في جبل الزاوية عام 1920م تاريخ سورية "3" صُنع بدم ودموع ونضالات وآمال وآلام وتلاحم ومحبّة وُمُعاونة الأشقّاء وجدنا في الحلقة السابقة كيف توّحد السوريين وتآلفوا حتّى صاروا جبهةً واحدة في مُقاومة متطرفي الترك القوميين ومن ثُمّ الاستعمار الفرنسي من خلال التجييش والنهوض والثورات المتتالية ، والتي كان أهمها الثورة الكبرى التي انطلقت من كل أنحاء البلاد عام 1925 بقيادة المُناضلين أمثال سلطان باشا الأطرش وإبراهيم هنانو وحسن الخرّاط وصالح العلي وغيرهم الكثير ، والتي حينها أدركت فرنسا بأنّ الشعب السوري لن يرضخ ولن يستسلم ، ولا بُد من التفاوض معه لترتيب عملية التسليم والخروج بماء الوجه ضمن جدول مُبرمج ، فتمّ على إثر تلك الأحداث تشكيل حكومات وطنية لتدريبها تمهيداً لرحيلهم وباعتبار الاستعمار والاستبداد صوّان مُتشابهان لا ينفكّان ، وهما في النهاية لا يؤديا إلاّ إلى نتيجة واحدة من خراب البلد وظُلم النّاس وقهرهم وسلبهم واستغلالهم ، كونهما لا يؤمنان بحق الشعوب ، ويعيشان على عرق وجهد ودماء الشعوب ، وهما لأجل ذلك يُمارسان كُل أساليب الطُغيان والاستكبار ، كما رأينا ما فعله الاستعمار الفرنسي في بلدنا من التقسيم والتخريب والتجويع وإفقار النّاس وقصف المدن عند فترة الإنتداب ، وهو تماما مافعله نظام الإستبداد ......وتخريب وإضعاف نفسية المجتمع وانهزاميته ، والتوهين من عزيمة الدولة من خلال الخوف في الدفاع عن الوطن ، حتّى صارت سورية بمن فيها ...... ، بفضل هذا النظام الذي يرفض التصالح الى شعبه والتحاور معه ، ومشاركته في اتخاذ القرار ، وتماما بما كان يجري في رومانيا -عهد تشاوشسكو- من الظلم والإضطهاد ، وفي تشيلي من قِبل بنوشيه ، ودول البلطيق والمُستقلّة في عهد الإتحاد السوفيتي والأمثلة كثيرة ، وليس بخافياً على أحد في فترة الاستعمار الفرنسي على سورية ، كان أيضاً شعبنا العظيم يتلّفى دعم أشقائه العرب في ثوراته وانتفاضاته لا سيّما الثورة وبشكل سرّي من الملك فيصل بن الشريف الحسين في العراق وغيره من الدول العربية ، هذا عدا من تسخير علاقاته الملك مع الإنكليز لدعم تفاوض السوريين مع الفرنسيين لنيل حقوقهم في ظُلّ التنافس والاستقطاب السائد في ذلك الوقت من كلا الدولتين العُظميين ، وفي عصرنا هذا ونقولها بصراحة بأننا بحاجة الى مثل هذا الدعم من الأشقّاء العرب والمجتمع المدني ومُنظمات حقوق الإنسان للتخلص من حالة الظلم والاستبداد التي يعيشها أهلنا في سورية ، والتي يُعاني منها ايضاً مئات الألاف من أبناء شعبنا الذين لايستطيعون العودة الى بيوتهم واهليهم ومزارعهم وأرضهم وذويهم واصدقائهم ، وإلى رائحة وعبق الوطن الحبيب وسورية التي كانت بلد الحرّية والنور ، بلد العطاء والدعم والمُساندة للأشقاء ، والبلد الآمن الذي يطمئن إلية كل العرب والمسلمين ، والبلد الذي كان يُسابق دول النمور الأسيوية وصار كالرماد ، وحتّى أجواءه صارت مُلوثة بفعل الإهمال ونهب الدولة ، فلا طُرقات مُلائمة ولا أنفاق ولا بُنية تحتية ، والموت بسبب الإهمال يحصد يومياً عشرات الأرواح ، والبلد الذي كان يهابه الأعداء ويُحسب له ألف حساب قبل مجيء هذه السلطة العسكرية عام 1963 ، والذي صار اليوم معزولاً بفعل سياسات هذا النظام ، وارتباطاته بحلف طهران الفارسي التوسعي وبُعده عن إخوانه العرب، ولذلك نحن أحوج ما نكون إلى الدعم العربي لإيجاد الطريق لدعم الشعب السوري للتخلص من هذه الحالة الاستبدادية المزمنة والمستعصية بأي طريقة يراها العرب للتعاون والتنسيق ، ولتخليص بلدنا من الوقوع في براثن الفارسية الشيعية ، التي سخّرت الإمكانيات الهائلة لتغيير وجه سورية العروبي والإسلامي السُنّي وبكل أسف ، والكثير من قادة الدول العربية نائمة ، وهم لا يأخذون التحذيرات بكل أسف على محمل الجد ، وإنما لازالوا يتفرجون ، ولذلك نُهيب بتلك الدول مدّ يد العون ، وخاصة وانّ سورية اليوم تشهد حالة وطنية وتلاحم بين شرائح المجتمع مالم تعرفه سورية منذ وجود الاستعمار الفرنسي والتخلص منه ، ونحن لا نُطالبهم بالاقتتال والحرب ، بل بالضغط الدبلوماسي والسياسي والأخلاقي وكما فعله الغرب مع جيرانه رومانيا وهنغاريا وبولندا وغيرهم في عمليات التغيير دون أن تُراق قطرة دم ، فبعض الأنظمة أُزيلت بثورة شعبية مدعومة من الجيران بالتأييد والمُساندة ، وبعض الأنظمة انقلبت على نفسها وارتضت بالأمر الواقع وسلطة الجماهير ، ونحن لا نُريد أكثر من ذلك الدعم ، لمساعدتنا بالتغيير السلمي ونشر السلام وأخيراً : وما دمت أتحدّث عن تاريخ سورية سأكتفي في الختام بإشارات عن تلك المرحلة ، لأدخل فيما بعد في مرحلة الاستقلال حيث أشرتُ في مقالة تاريخ سورية 2 "الملحمة الوطنية في فترة اندحار الأتراك والاستعمار الفرنسي" بأنّ مرحلة الانتداب شهدت سلطة المفوضين الساميين والحكّام الفرنسيين وحكومات لدول مستقلّة بعد تقسيم سورية ، وشهدت وجود رؤساء وزراء لحكومات مركزية في دمشق تحت سلطة المفوضين الساميين الفرنسيين ، وهم على التوالي 1- جميل الألشي ... من 6\9\1920 إلى 30\11\1920تغيرت في أيامه شكل الوزارات واستبدلت باسم المديريات 2- حقّي العظم ... من 1\12\1920 إلى 28\6\1922من أصل تركي وفي أيّامه تصاعدت مطالب الوطنيين بإعادة وحدة الأراضي السورية ، وتمّ الإعلان عن انشاء الإتحاد السوري ، ومقرّه في حلب 3- صبحي بركات الخالدي ... من 28\6\1922 إلى 1925من مواليد 1889انطاكية وكان مُتعجرفاً ، وكان مُسايراً للفرنسيين ، شكّل حكومتين ، وهو أول رئيس لسورية بعد توحيدها باتحاد فدرالي فضفاض بين حلب ودمشق والعلويين ، ثُمّ تم توحيد دمشق وحلب وفصل العلويين عن ذلك الإتحاد ، وعلى عهده قامت الثورة السورية الكبرى وقُصفت دمشق من قبل الفرنسيين 4- الدامادا أحمد نامي بيك ...كردي صهر السلطان العثماني من 4\5\1926 إلى 8\2\1928 شكّل ثلاث حكومات في تلك الفترة ، وعُين لإسترضاء السوريين وزُعماء الثورة ، وقد قبل بهذا المنصب في الوقت العصيب والثورة قائمة في جميع أنحاء البلد ، وقال في بيانه إنه يهدف الى اخراج البلاد من الكارثة والمصائب المفجعة التي تمثلت بالإحتلال الفرنسي ، وقدّم استقالته اثر الخلاف الكبير مع الفرنسيين 5- الشيخ تاج الدين الحسيني ... من 15\2\1928 إلى 19\11\1931 على عهده صدر العفو العام على جميع السياسين الذين اعلنوا الحرب على فرنسا إلا سبعين منهم ، وتميزت فترته بتشكيل الأحزاب التي فاق عددها ال 25 حزبا سياسياً 6- حقّي العظم ... من أصل تركي من 15\6\1932 إلى 17\3\1934 أول رئيس حكومة اثر فوز كتلته بثلاثين صوت من خمسين في ظل تحت الانتداب الفرنسي وهو محمد علي العابد أول رئيس دولة حيادي "غير منتمي " تمّ الإتفاق عليه لإسقاط صبحي بركات الذي قُصفت دمشق على عهده عام 1925، والذي – العابد - كانت ولايته من 1932 إلى 1936 ، وهي نفس السنة التي تم توقيع معاهدة الاستقلال مع فرنسا والتي سمحت لدولتي اللاذقية وجبل الدروز بالانضمام إلى الجمهورية السورية. مواضيع ذات صلة تاريخ العلم السوري تغير العلم السوري عدة مرات خلال القرن العشرين، إلا أن ألوانه: الأبيض و الأحمر و الأسود و الأخضر لم تتغير. وهي الألوان المعتمدة في أعلام دول عربية كثيرة. و هي ألوان علم الثورة العربية الكبرى التي قادها الشريف حسين عام 1916 و اشتقها من التاريخ العربي الإسلامي: فالأخضر يرمز إلى الخلفاء الراشدين و الأبيض يرمز إلى الأمويين، والأسود إلى العباسيين ، والأحمر إلى النضال العربي ودماء الشهداء على مر العصور. http://www.airssforum.com/f133/t91138.html تاريخ سورية "4" فترة الهدوء التي جاءت بالعاصفة ورئاسة العابد لاشك أنّ سورية في ظل الاستعمار الفرنسي كما هي في ظل الأنظمة الإستبدادية والقمعية في تعاملها مع الشعوب، حيث كانت سورية تعيش في مخاض صعب وكبير لنيل الاستقلال ، وتحمّل شعبنا السوري من أجل ذلك كلّ الآلام الجسام من محاولات الإذلال وقصف المدن والقُرى والقتل العشوائي والمُحاكمات الجائرة والاعتقالات وإحراق المزروعات لتجويع الناس وإفقارهم للضغط عليهم لإخراسهم ، وسلب النّاس أراضيهم وحالة البؤس الشديدة التي لحقت بالمواطنين ، مما أدّى ذلك إلى الوصول للثورة السورية الكُبرى وبدعم كبير من الدول العربية الشقيقة ، حتّى اقتنعت فرنسا بأن لا بقاء لها على أراضينا ، وفقدانها لأي أمل بأن تكون سورية ولاية فرنسية ، ومن حينها أخذت تضبضب أوراقها وملفاتها لساعة الرحيل ، ليكون عام 1930 أولى الخطوات نحو بداية الاستقلال ، ساعة الإعلان عن الدستور الجديد باسم الجمهورية السورية ، بعدما قسمتها فرنسا الى أجزاء فيما مضى ، وليكون عام 1936مؤكداً لنضالات شعبنا على الاستقلال والمُضي قُدما بهذا الاتجاه ، ليُسفر ذلك عن معاهدة الاستقلال مع فرنسا التي سمحت مُرغمة لانضمام دولتي العلويين وجبل الدروز ليكونوا في صلب الدولة السورية ، بعد رفض أبناء شعبنا هناك الانفصال ، ليبقى لبنان فقط بمساحته 10452كم مربع لحيثيات مُعينة مُستقلاً ، حيثُ كان من قبل منذ عام 1861 بحُكم ذاتي في الدولة التركية إثر مذابح الأرمن ، والذي نال استقلاله عن فرنسا عام 1943 والذي احتلته عام 1918 ويبدأ الحديث عن فترة الهدوء التي جاءت بالعاصفة ، وذلك بعد الثورة السورية الكبرى ، التي بدأت فرنسا بتقدّيم التنازلات لامتصاص الغضب الشعبي العام ، عبر السماح بتشكيل حكومات لإدارة شؤون البلاد بإشرافها ، فترضى عن بعضها حيناً وتسخط عن الأخرى فتعرقلها ، فتشكّل خلال تلك الفترة أكثر من 25 حزب سياسي ، الى عام 1932 الذي حُسم فيه خيار الشعب عندما أُعلنت نتائج أول انتخابات اضطرت فرنسا لقبول نتائجها ، والتي فاز فيها ثلاثون نائباً من المُعتدلين في حلب برئاسة حقّي العظم من خمسين ، وسبعة من الكتلة الوطنية وعشرة من المستقلين برئاسة الزعيم الكردي الدمشقي محمد علي العابد ، الذي فاز بأغلبية أصوات 36 نائب في مجلس النواب ، قاطعاً الخط على صبحي بركات المتعاون مع الفرنسيين ، والذي بدوره كلّف حقي العظم بتشكيل وزارة جديدة ضمن المُعادلات السياسية ولم تكن كفئة لها ، مما تسبب لها الوقوع في بعض الأخطاء ، ومنها توقيع مُعاهدة الصداقة والتعاون المُجحفة مع فرنسا بصورة انتداب جديد ، لكن مجلس النواب رفضها بحينها بداية عام 1933 ، وقامت فرنسا على إثر ذلك بتعطيل المجلس النيابي ، وكذلك شهدت فترته انعقاد مؤتمر الكتلة الوطنية في حمص ، الذي انُتخب فيه إبراهيم هنانو زعيماً له ، وهاشم الأناسي رئيساً ، وكان لل – الكتلة الوطنية – الدور الأكبر فيما بعد لإجبار فرنسا على توقيع معاهدة الاستقلال ، بسبب استطاعة الكتلة تحريك الشعب وبعث روح التحدّي وغليان الشارع ، ومن ثُمّ تفلّت الأمور من عِقالها ، لتستقيل حكومة العظم عام 1935 ، ويحل محلها في رئاستها تاج الدين الحسيني ، الذي صادف أول استلامه وفاة زعيم الكتلة الوطنية إبراهيم هنانو ، لتشتعل البلاد من جديد ، ويكون وفاته مُناسبة لتجييش العواطف والقيام بمظاهرات كبيرة ، تتكاتف فيها كُل القوى الوطنية لتستقيل حكومة الحُسيني بعد أشهر ويحل محلّها حكومة المستقل عطا الأيوبي ، التي تستقيل أيضاً مطلع عام 1936 بعد التوقيع على مُعاهدة الاستقلال مع فرنسا ، وبهد اجراء انتخابات جديدة تفوز فيها الكتلة الوطنية بأغلبية ساحقة ، لتنتخب هاشم الأناسي رئيساً للجمهورية السورية بدلاً عن المُنتهية ولايته العابد ، وفارس الخوري رئيساً لمجلس النواب ، وجميل مردم على رأس الحكومة والخلاصة أن فترة علي محمد العابد كانت أشبه ما يكون بالهدوء الذي جاء بالعاصفة ، فامتاز عهده بتحدّي القوى الوطنية لسلطة الاحتلال وظهور الكتلة الوطنية الواضح التي أنشئت عام 1928 ، وتقدمت حينها تقدّمت على حزب الشعب الذي أسسه الدكتور عبد الرحمن الشهبندر عام 1925، ثُمّ استطاعت فيما بعد الكتلة الوطنية تحريك الشارع لإرغام الاحتلال للإذعان للتوقيع على مُعاهدة الاستقلال وبطلان الانتداب الفرنسي عام 1936 ، والقبول بشروطها ،وكان منها : مُساواة السوريين مع الفرنسيين بنفس شروط معاهدة العراقيين مع البريطانيين التي كانت أكثر قبولاً، وأن يتبعها تصريح من الجانب الفرنسي بأن لا مصلحة له في تجزئة البلاد السورية ، وان يجري التباحث في هذه الشؤون مُباشرة مع الحكومة الفرنسية في فرنسا وليس عبر المُفوضين المُرسلين، والعمل المباشر على إعادة الحياة النيابية الحرّة التي جرى تعطيلها عام 1933 بأسرع ما يمكن على أساس الانتخاب الشعبي ، والعفو العام عن جميع الأحداث التي جرت بسبب التعطيل وإطلاق المعتقلين والموقوفين بسبب الأحداث ، ثُمّ جرت انتخابات فيما بعد وزعت خلالها المُعارضة منشورات تُهيّج خواطر النّاس ضد الكتلة ، بعدم ربط الاتفاقية المُبرمة لواء اسكندر ون بسورية وقبولها بتنفيذ قانون الطوائف ، ولكن هذا لم يمنع من فوز الكتلة الساحق ، وتشكيل حكومة منهم برئاسة جميل مردم محمد علي العابد محمد علي بن احمد عزت العابد : (1867-1939): هو أول رئيس جمهورية سوري بعد الاستقلال عن فرنسا ، . ولد في دمشق ودرس الابتدائية في دمشق والإعدادية في بيروت ، وأكمل تعليمه في اسطنبول وأكمل الحقوق في باريس.تُمّ عاد إلى الآستانة وعُين مستشار قضائي ودرس أصول الفقه الإسلامي والفقه الروماني والتشريع الأوربي إضافة إلى إجادته للغة العربية والتركية والفرنسية والإنكليزية والفارسية ثُمّ عمل في وزارة الخارجية العثمانية وعيّن سفيراً للحكومة العثمانية في واشنطن ، 1905. ووزيراً مفوضاً للدولة العثمانية عام 1908 في واشنطن وهو نفس العام الذي حصل فيه الانقلاب التركي على العثماني ليلحق به أباه إلى كاليفورنيا ، ثُمّ لينتقلا إلى سويسرا وفرنسا وانجلترا ومصر حتى وفاة والده الذي كان مستشارا للسلطان عبدالحميد الثاني في الاستانه بتركيا قبل الانقلاب. وفيما بعد عاد محمد العابد إلى دمشق عام 1920 وكانت فرنسا تسيطر على البلاد السورية ، عين وزيرا للمالية في حكومة الملك فيصل السورية وفي حكومة الاتحاد السوري عام 1922 بعهد الجنرال الفرنسي غورو وذلك بعد الحرب العالمية الأولى. وانتُخب رئيسا للجمهورية السورية من - 11 حزيران 1932 إلى 21 كانون أول 1936 م - ، وغادر إلى باريس عام 1936 وتوفى هناك عام 1939 ونقل جثمانه ودفن في دمشق . في دمشق ثمة شارع راقٍ باسمه بقرب شارع الحمراء يمتاز بوجود بعض الأبنية ذات الطراز المعماري الفرنسي من مخلفات الانتداب . والده أحمد عزت العابد، ولد في دمشق وتلقى علومه فيها ثم تابع في بيروت، وأتقن الفرنسية والتركية بالإضافة إلى لغته العربية. عُين مفتشاً للعدلية في سورية واعتبر واحداً من أشهر سياسي عهد انهيار السلطة العثمانية عدّ في بدء أمره من أنصار الإصلاح، وأصدر جريدة أسبوعية بالعربية والتركية أسماها (دمشق). ثم سافر إلى الأستانة وخدم السلطان عبد الحميد الثاني فأصبح مستشاره الأقرب خصوصاً فيما يتعلق بسياسة السلطان الأوروبية، حيث أعانه عزت العابد على انتهاج سياسة تحول دون اتفاق الدول الأوروبية على البلاد. من أهم ما هو معروف عن عزت العابد مسعاه الدؤوب لإنشاء سكة الحديد الحجازية، غادر البلاد العثمانية بعد انقلاب 1908، فذهب إلى لندن ثم أخذ يتنقل بين إنكلترا وسويسرا وفرنسا إلى أن استقر في مصر وتوفي فيها عام 1924 فنقل جثمانه إلى دمشق. تاريخ سورية "5" فترة الانتكاسة الوطنية وإعادة الصحوة وضياع اسكندر ون بعد أن استطاعت الكتلة الوطنية في أيلول عام 1936 من تحقيق الكثير من المكاسب من خلال المُعاهدة التي أُبرمتها في باريس ، وأرغمت فرنسا على القبول بالكثير من شروطها ، ومنها انتقال سلطات الدفاع والأمن والدرك والجمارك والخارجية و.. إلى القيادة السورية وتأسيس جيش وطني سوري ، جرت بعد ذلك بأسابيع انتخابات ، حققت فيها الكتلة الوطنية الفوز الكاسح ، ونالت من التأييد الشعبي بما يُقارب نسبته 90% ، وعلى إثر ذلك قدّمت حكومة عطا الأيوبي المستقل استقالتها ، ليجتمع مجلس النواب الجديد وينتخب فارس الخوري رئيساً له ،وهاشم الأتاسي رئيساً للجمهورية ، الذي كلّف جميل مردم بتشكيل الحكومة في كانون الأول 1936،ليُصادق المجلس فيما بعد على مُعاهدة باريس التي اُعتبرت نصراً كبيراً بحينها ، واعترافاً فرنسياً بالعهد الوطني الجديد المُتطلع الى الاستقلال الكامل ، ليُقدّم بعد ذلك رئيس الجمهورية المُنتهية ولايته السيد علي محمّد العابد استقالته ، ولتُمسك الكتلة الوطنية بزمام الأمور وبزخم جماهيري مُنقطع النظير، ولكن جرت الأمور فيما بعد بما لا تشتهيه السفن ، بسبب التنافس الحزبي بين الفصيلين الوطنيين المُعارض والحاكم ، ويحصل شيء لم يكن بالحسبان ، وهو بداية تراجع شعبية الكتلة التدريجي بسبب ما أصابها من غرور النصر والتفرّد والغطرسة ، فلم تعد ترى أحداً وطنياً سواها أو من يؤيدها ، وصارت تنعت من يُخالفها بالخيانة والرجعية والاتهامات الممجوجة في مُحاولة لتكميم الأفواه، مما أدّى إلى اشتعال الحرب الكلامية الطاحنة على إثر ذلك بين المُعارضة والسلطة هذه الحرب التي بدأتها المُعارضة باتهامها الكتلة الوطنية ، عبر المنشورات والخطب والتجمعات الشعبية ، بخداع الشعب بالمعاهدة التي أسمتها بالمُنتقصة للحقوق ، وشنّت على الحكومة الوطنية حرباً ضروساً في الشارع وبالألفاظ الجارحة كالاتهام بالخيانة والتآمر لعدم ذكر مُفاوضي الكتلة للواء اسكندرون الذي هو تحت سلطة الانتداب الفرنسي في المعاهدة ، بدلاً من اللجوء الى المؤسسات الوطنية والطرق المشروعة في مُناقشة الأمور ، ممّا ولّد ذلك ردّة فعل لدى الحكومة الجديدة التي شعرت كمن يطعنها في الخلف بعد كل الجهود التي بذلتها ، مما حداها للقيام بحملة اعتقالات شملت رموز في المُعارضة ، مُتهمةً إيّاهم بالتآمر واستغلالهم لأجواء الحرية التي وفرها الحكم الوطني ، ليكون المُستفيد الأكبر من وراء هذا التراشق الفرنسيين ، الذين وجدوها فرصة لاستعادة مافقدوه ، فقاموا على تعميق الخلاف لتعزيز مكانتهم والانسحاب من التعهدات التي أبرموها ، وشاركوا في شن الهجوم على العهد الوطني الجديد ، الذي أرغم فرنسا على الخضوع لشروطه التي ضاعت مع هذا الخلاف ، بعدما تنصل منها المُحتل فيما بعد ، لأنها فقدت لسندها الجماهيري ، عندما اضمحلت شعبية الكتلة الوطنية ، لتعود زمام الأمور إلى المُحتل ليعبث في الساحة السياسية السورية من جديد هذه الساحة الذي خسرت فيها الكتلة الوطنية الكثير من تأييدها عندما أصابها الغرور ، ورفضت أن تُدير هذه الزوبعة بحكمة وانشغلت أيضاً كما هي المُعارضة في تقزيم الآخرين ، حتّى صارت محطّ سهام الجميع ، وحتّى ممن التزم الحياد في الصراع السياسي بين الأطراف على الرغم مما قدمته هذه الكتلة من تضحيات ، حتّى صارت تتللقى الانتقادات من زعماء داخل الكتلة نفسها ، لأن هذه الكتلة بالأساس هي عبارة عن تكتل يضم مُعظم الطيف السياسي والنسيج الاجتماعي ،مما زاد الضغوط عليها وعلى حكومتها ، إلى أن اضطرت أدّى حكومة جميل مردم في 18\2\1938 لتقديم استقالتها ، لتتشكل حكومة بديلة بقيادة لطفي الحفّار من الكتلة الوطنية التي تضطر أيضاً للاستقالة بعد ثلاثة أسابيع بضغط من الفرنسيين ، لتعهد إلى الرجل المستقل نصّوح البخاري الذي يستقيل بعد فترة وجيزة ،ثم ليأتي دور استقالة الرئيس هاشم الأتاسي ، الذي قدمها للبرلمان في تموز 1939عبر البريد الذي أعاق وصوله الفرنسيين للبرلمان ، بعدما اشتدت الضغوط من المُعارضة بقيادة زعيم حزب الشعب العائد من مصر الدكتور عبد الرحمن الشهبندر على الحزب الحاكم ، ليتسنّى للفرنسيين وقف العمل بالدستور وحل المجلس النيابي ، ليستغلّوا هذا الوضع المتدهور وينقضّوا من جديد لإعادة زمام الأمور إليهم مُستفيدين من هذا الخلاف والتناحر وليعهدوا بالسلطة التنفيذية فيما بعد إلى مجلس مؤلف من مُديري الوزارات برئاسة مُدير الداخلية بهيج الخطيب ، الذي أدار سورية بالأوامر الفرنسية إلى منتصف عام 1941 ، ودون أي ردود فعل عنيفة لهذه القرارات التي أعادت سلطة الفرنسيين بقوّة بسبب التصدّع في الصف الوطني ، لتعطي فيما بعد فرنسا لواء الإسكندرون لتركيا كرشوة طمعاً في تحالفات معها ، ولعدم انضمام تركيا لدول المحور لضمان حيادها في الحرب الدولية القادمة، والتي سمحت للأتراك بموجب الاتفاق الذي عُقد بينهما في حزيران 1939 ، بالسماح لدخول الجيش التركي للواء اسكندر ون جنباً الى جنب مع الجنود الفرنسيين ، تمهيداً لانسحاب الفرنسيين للأتراك ، ليكون فيما بعد تركياً خالصاً وتحت سيطرتهم مُنسلخاً عن سورية ، ليُقدم الرئيس القوتلي استقالته على إثرها ، بعدما وقف عاجزاً من أن يُقدم شيء لقضية الإسكندرون بعد الهجومات على كتلته من كل مكان ، ولتنهار الحياة الاجتماعية والاقتصادية إلى أدنى مستوى بعد أن عمّت الفوضى والمجاعة وارتفاع الأسعار وشُحة المواد ونقص الحبوب من جديد ، مما فجّر فيما بعد ثورة عارمة ضد الفرنسي ، وهيأ ذلك لبروز صحوة وطنية جديدة تتجاوز أخطاء الماضي وخلافته بقيادة زعيم الكتلة الوطنية شكري القوتلي ، الذي حاول الاستفادة من وضع فرنسا الجديد أثناء الحرب العالمية الثانية ، ومن اختلافات فرنسا المحلية والبينية العميقة بعد اجتياح الألمان في بداية الحرب لنصف فرنسا واحتلاله ، ومن ثمّ الاستفادة من الصراع الذي نجم بين الديغوليين في المنفى ، والفيشيين الموالين للألمان في المُستعمرات، ومن ظروف التنافس بين البريطانيين والفرنسيين ، ومن حالة الوعي لدى الجماهير السورية وقواه الفاعلة بضرورة العمل الجاد في هذه المرّة للاستفادة من الظروف لإنهاء الاحتلال ومهما كانت الأثمان مواضيع متعلقة بهيج الخطيب : حكم سورية بسلطة تنفيذية من الفترة 1939 إلى 1941 كرئيس لمجلس مؤلف من مُديري الوزارات في ظل الإنتداب الفرنسي على سورية وتميز حكمه بعدم الاستقرار فيما اتهمه البعض بأنه احد الموظفين الأكفاء الموالين لفرنسا ، ووقعت في عهده من الحوادث الجسام ، ومنها اغتيال عبد الرحمن الشهبندر في 7 تموز 1940 ،وحاول بهيج بدفع من الفرنسيين إلصاق التهمة بالكتلة الوطنية ، فاعتقل منهم قرابة الثمانين ، واستطاع العديد من قادتهم الفرار ومنهم القوتلي والحفّار ومردم والجابري ولجوء القوتلي للسفارة السعودية وعند انتهاء حكم سلطة المديرين عام 1941 أُعيد إلى وظيفته الأولى مديراً عاماً لوزارة الداخلية ، وتولّى وزارة الداخلية بالوكالة ، بعد عامين عُيّن مُحافظاً للواء دمشق ، ثُمّ سُرّح من منصبه فهاد غلى لبنان مسقط رأسه الفيشيين والديغوليين مع بداية الحرب العالمية الأولى اجتاحت ألمانيا الهتلرية العديد من الدول الأوربية ، ومنها نصف مساحة فرنسا بما فيها باريس ، والتي على إثر هذا الغزو عُقدت معاهدة فرنسية ألمانية عام 1940 ، نُصّب فيها بيتان رئيساً لفرنسا الذي نقل مقر حكومته المتعاونة مع الألمان من باريس الى فيشي ، ولذا عُرف أنصاره بالفيشيين ، بينما الجنرال ديغول وأنصار حركة تحرير فرنسا رفضوا الهدنة مع ألمانيا وشكلوا حكومة في المنفى البريطاني ، ثم نقلها إلى الجزائر ، وعُرف أنصاره بالديغوليين ، ليبدأ الصراع من حينها في المُستعمرات الفرنسية والتي من بينها سورية ، التي جرى فيها اقتتال عنيف ما بين قوات فيشي المُتمركزة في أجزاء كبيرة من سورية والتي سمحت لألمانيا باستخدام الأراضي والموانئ السورية والمطارات من أجل عبور القوات الألمانية للعراق وبين القوات الديغولية المدعومة والمتحالفة من بريطانيا ، انتهت بانتصار الديغوليين الساحق على الفيشيين في سورية هاشم الأتاسي مُقتطفات عن مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والإستراتيجية ومراجع اخرى هو هاشم ابن مفتي حمص السيد خالد بن محمد بن عبد الستار الأتاسي، ولد في حمص عام 1875 في بيئة دينية علمية اُشتهرت بُكثرة العلماء ،تلقى علومه الابتدائية والثانوية في حمص ، ثم انتقل إلى المدرسة الملكية بالآستانة ونال إجازة في الإدارة، بدأ حياته العملية كمأمور بمعيّة والي مدينة بيروت عام 1894 ثُمّ عُيّن قائم مقام عام 1897 ثم مُتصرفاً عامّاً 1913 وكان من أبرز أعضاء المؤتمر السوري ، الى أن انتخب رئيساً له عام 1920. تولى رئاسة الوزراء مدة قصيرة أواخر أيام الملك فيصل 3/5/1920 وكانت في أيامه معركة ميسلون حيث دخل الفرنسيون دمشق، فاستقال على إثرها هاشم الأتاسي ثم عاد إلى حمص ليُعتقل فيها لأربعة أشهر ، وفي عام 1927اختير الأتاسي رئيساً للكتلة الوطنية عند أول تشكيلها ، وظل رئيساً لها حتى انشقاقها، والتي لعبت دوراً بارزاً في الحياة السياسية في ذلك الوقت. وفي نيسان 1928 انتخب نائباً عن حمص في الجمعية التأسيسية ثم رئيساً لها، وهي التي صاغت دستوراً عطل الانتداب الفرنسي أهم مواده . أُعيد انتخاب الأتاسي في مجلس النواب عام 1932 بالتزكية عن حمص وكذلك عام 1936 ، وفي 22 كانون الثاني من عام 1936 بدأ المفوض السامي الفرنسي مفاوضاته مع هاشم الأتاسي بصفته أبرز الزعماء. ثُمّ ترأس الأتاسي في نفس العام الوفد السوري إلى المفاوضة في باريس، وخرج بمعاهدة تضمنت تسع مواد تنص على مختلف أوجه التعاون بين دولتين حليفتين وعلى إسقاط المسؤوليات المترتبة على الحكومة الفرنسية، وانتقالها إلى الحكومة السورية فور وضع المعاهدة موضع التنفيذ... وعند عودة الوفد جرت انتخابات برلمانية فازت فيها الكتلة الوطنية بالأغلبية وانتخبت هاشم الأتاسي رئيساً للجمهورية في كانون الأول عام 1936 ، الذي بقي في منصبه حتى استقالته في تموز عام 1939 ، ليعتزل السياسة ردهة من الزمن ويعود بعدما طُلب منه في كانون الأول سنة 1948 العودة للحاجة المُلحة لجهوده وتشكيل وزارة اتحادية التي فشل في تشكيلها ، ثُمّ اعتذاره عنها ، ليُعاد الطلب اليه ثانية لتشكيل حكومة بعد الانقلاب الثاني الذي قام به الزعيم سامي الحناوي في 14 آب 1949، إلى ما بعد انتخاب الجمعية التأسيسية. وبعد انتخاب الجمعية التأسيسية أعيد انتخاب هاشم الأتاسي رئيساً للجمهورية عام 1950. إلا أنه استقال احتجاجا على تدخل أديب الشيشكلي في شؤون الدولة، وعارض حكمه ورعى مؤتمراً من الأحزاب في حمص لمناهضته ونشر بيان باسمه، وبعد الإطاحة بحكم الشيشكلي أُسندت رئاسة الجمهورية إلى هاشم الأتاسي لاستكمال مدته الدستورية فاستمر حتى انتهت مدة ولايته في أيلول/1955، فاعتكف في داره بحمص إلى أن توفي في 6/12/1960، ودفن في حمص. أحمد نصوحي البخاري ابن سليم البخاري الذي كان في ذلك الوقت رئيس العلماء في دمشف ولد بدمشق عام 1881 ، اُشتهر بالبخاري نسية لجدته البخارية ، تزوج نصوحي من السيدة رفيقة بنت ممدوح عام 1919 ، تخرج من المدرسة الحربية العثمانية في استانبول ، وتخرج من مدرسة الأركان هناك ونال هناك رتبة رئيس ، اشترك كقائد بحرب البلقان والحرب العالمية الأولى وأُسر هناك لتسعة أشهر في سيبريا تمكن بعد تسعة أشهر الهرب ومن ثُمّ العودة الى تركيا مطلع عام 1916 ، ليشترك فيما بعد بحرب القفقاس برتبة عقيد وحرب غزّة ، ثم تولى قيادة الفرقة السابعة حتّى انسحاب الأتراك من سورية ، وفي العهد الفيصلي تولى قيادة فيلق حلب فرئاسة ديوان الشورى الحربي الثانية برتبة زعيم ، ثُم عُين مُعتمداً في مصر أوائل 1920 ، ثُم مُديراً عاماً للشؤون الحربية أواخر العام نفسه وظل يزاول هذا المنصب حتّى عام 1921، ثم تقلّد رئاسة الوزارة في عهد الرئيس هاشم الأتاسي في 6\4\1939 حتّى تموز من نفس العام ، واستقال منها لعدم قيام الفرنسيين بتحقيق الشروط التي اُتفق عليها تقلّد عدة وزارات فيما بعد ، ولم ينتم لأي حزب حوكم والده سليم البخاري في الديوان العرفي في عاليه ونُفي بروسية كما حُوكم شقيقه جلال الدين في عاليه وأُعدم مع الشهداء في بيروت ، وتوفي أحمد نصوحي في 1 تموز 1962 عبد الرحمن الشهبندر نقلا عن مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والإستراتيجية سياسيّ سوريّ من دمشق ( 6 تشرين ثاني 1879 - اغتيل في 6 تمّوز 1940 ) درس الطب في الجامعة الأمريكية ليتخرّج منها عام 1906. إتّصل ببعض معارضي الحكم التركي مثل عبد الحميد الزهراوي في بداية شبابه بدأ محاربًا لتصرّفات جمال باشا السفّاح،ثمّ فرّ هاربا الى العراق ومنها إلى الهند مستقرا في مصر التي توّلى فيها رئاسة تحرير جريدة الكوكب ليتركها بعد أن تبيّنت له تبعيّتها للسياسة الإنكليزيّة، ومن ثمّ ساند ثورة الشريف الحسين ضد الأتراك.ثمّ عاد إلى سورية ليتسلّم في الحكومة السورية التي ترأسها هاشم الأتاسي في أيار 1920الشهبندر وزارة الخارجيّة السورية التي سقطت بدخول الفرنسيّين وفرضهم الانتداب على سوريّا ومن ثم سجنه ونفيه ، تزوج عام 1924 من سارة المؤيّد العظم في تموز/1924، عاد الشهبندر إلى دمشق، ألّف حزباً سياسياً سماه (حزب الشعب) حيث تولى رئاسته، وأطلق على نفسه لقب الزعيم. وأخذ الشهبندر يعمل من جديد في تنظيم العمل السياسي، ويدعو إلى الوحدة العربية، ويطالب بإلغاء الانتداب، وإقامة جمهورية سورية في نطاق الاتحاد مع جميع البلدان العربية المستقلة. إنضمّ عام 1925 للثورة السوريّة في جبل العرب، ليضطرّ بعدها للهرب خارج سوريا حيث صدر بحقه غيابيًّا حكم بالإعدام. ألغي الحكم لاحقًا ليعود إلى دمشق في أيّار عام 1937 ويبدأ بمعارضة المعاهدة السورية الفرنسية 1936من خلال خطبه الحماسية التي قسمت المجتمع إلى قسمين ما بين مؤيد ومعارض. في عام 1940 قامت مجموعة باغتياله في عيادته وألصقت التهمة بزعماء الكتلة الوطنيّة: سعد الله الجابريّ وجميل مردم بك و لطفي الحفار. لاحقًا تمّ القبض على الفاعلين واعترفوا بفعلتهم، وأن الدافع إليها كان دافعًا دينيًّا، وزعموا أن الشهبندر تعرّض للإسلام في إحدى خطبه، وأنّهم فعلوا فعلتهم انتقاماً وثأرًا للدين الحنيف. فحكمت المحكمة عليهم بالإعدام، ونفّذ فيهم الحكم شنقًا يوم الثالث من شهر شباط سنة 1941. م مايؤسف له بأن يضيع تاريخ عُظمائنا وصورهم التي أيضاً فتشت عنها طويلاً ولم اجد سوى هذه الصور ... لنستدل على مدى اهمال النظام الحالي والأنظمة السابقة لأولئك القادة أبطال الإستقلال تاريخ سورية "6" فترة اللا عودة إلى الوراء وباتجاه الاستقلال الحقيقي مع الإسقاطات كان هناك العديد من محاولات الاستقلال الحقيقية في السابق ، منذ بداية الاحتلال الفرنسي في العشرينات زمن الملك فيصل بن الشريف حسين رحمه الله ، وكانت هناك ثورات مُتتالية وقوية وعنيفة على الاستعمار الفرنسي من كل أنحاء سورية ، لا سيّما الثورة الكبرى عام 1925 ، التي أسفرت عن إقناع الفرنسيين بأن لا بقاء لهم على أرضنا ، وأنّه لا بُد من وضع ترتيبات الرحيل التي ماطلوا بها كثيراً مع السوريين الذين ناضلوا بقوّة إلى عام 1930 الذي أسفر عن ميلاد دستور مُهم باسم الجمهورية السورية ، وهو ما فتح الشهية فيما بعد لتحويل المُعاهدات والاتفاقات إلى وقائع ومُطالبات جدّية لنيل الاستقلال ، ليُطالعنا عام 1936 الوحدة الوطنية بانضمام دولتي الدروز والعلويين إلى الدولة السورية الأم من خلال مُعاهدة الاستقلال مع فرنسا التي تمّ التوقيع عليها ، بعد سنوات عجاف مرّت على سورية مابين إقرار الدستور السوري عام 1930 ومعاهدة الاستقلال ، تراوحت بين مدٍ وجزر في الغلبة مع الاستعمار ، استطاعت خلالها الكتلة الوطنية تحريك الشارع بقوّة ، وبعث روح التحدّي إلى أن أُخضع الاستعمار على التوقيع على المُعاهدة عام 1936 وإجراء الانتخابات التي فازت فيها الكتلة الوطنية بأغلبية ساحقة ، مما أثار حفيظة المُعارضة التي تراشقت مع الحكومة الوطنية الاتهامات والمعارك الكلامية مما أضعف موقف الطرفين أمام الفرنسي الذي استغلّ الظرف ليُعطي الأتراك لواء اسكندر ون كرشوة لكسبهم إلى جانبه بالحرب الدولية المُقبلة المتوقع حدوثها مع ألمانيا وحُلفائها ، ومن ثُمّ قام الفرنسي على إلغاء تلك المُعاهدة وأوقف العمل بالدستور ليحلّ المجلس النيابي ، بعد استقالة الرئيس هاشم الأتاسي قبل ذلك احتجاجاً على تنازل الفرنسيين عن لواء اسكندر ون للأتراك ، والذي لم تُقبل استقالته إلا فيما بعد ، ليُعهد بالسلطة التنفيذية فيما بعد إلى مجلس مؤلف من مُديري الوزارات برئاسة بهيج الخطيب دون اعتراضات كبيرة تُذكر من الشارع لما حصل على غير العادة بسبب الخلاف ، تماماً كما يحصل الآن مع بعض فصائل المُعارضة من الخلافات الجانبية فيما بينها ، بسبب حماقات بعض الأفراد الذين يُريدون جرّنا بعيداً عن مواجهة الاستبداد والظلم التي يتضوع منها شعبنا السوري الآهات والآلام والأحزان والضحايا وازدياد إرهاب المواطنين ، ليكون عام 1941 حاسماً في إعادة الصحوة من جديد في نفوس الرجال ، بعد أن ذاق النّاس ويلات الخلاف والتناحر ، لينتفضوا من جديد ، ويُرغموا فرنسا بقبولها استقلال سورية تكتيكياً في 27\ أيلول 1941 لإخماد الإضطرابات ، التي – وثيقة الاستقلال لاقت تأييداً دولياً لجهة التحرر والاستقلال فليس عيباً أن يخسر المُناضلون جولة في رحلة الحياة ، ولكن العيب أن يخسروا تجاربهم المريرة التي مرّت بهم ، لتكون تلك التجارب أولى درجات النجاح في تحقيق الأهداف كما حصل لاحقاً ، وليس عيباً أن يخسر الأحرار في سورية بعض الجولات مع الإستبداد ، بعد أن أزهقت الأرواح وسحق النّاس في الشوارع ، وغيّب المُناضلين في عتمة المُعتقلات منذ عقود وتشريده للملايين بسبب سياساته التعسفية والقهرية ، ولكن العيب أن نسمح له بفعل ذلك بسبب الاختلاف وعدم رصّ الصفوف ، وعدم وجود خطّة مُتفق عليها للتخلص من حالة الاستبداد والفساد المُعشعشة في بلادنا ، بسبب عدم التلاقي لوضع خطّة الطريق نحو التحرر من حالة الإستحكام والإستبداد ، كما فعل الأحرار عام 1941 ضد الاستعمار الفرنسي بقيادة زعيم الكتلة الوطنية شكري القوتلي الذي وحد الصفوف ، وألف القلوب وجمع الناس على كلمة واحدة ، لينهضوا من جديد لتحمّل أعباء المسئولية والعمل الوطني ، مُستفيدين من الثغرات عند المُحتل ، ومن حاجة الفرنسيين الديغوليين الذين انتصروا مع حُلفائهم البريطانيين على الفرنسيين البيشيين المُتعاونين مع ألمانيا الهتلرية لتهدئة الشارع كونهم في معمعة الحرب العالمية ، وليُعلن حينها الزعيم القوتلي الذي فاوض المُستعمر من منطق القوّة إنهاء الأحكام العرفية والإفراج عن المُعتقلين السياسيين مُرغماً الفرنسيين على ذلك ، ومن ثُمّ تحريك الشارع من جديد لاستمرار الإنتفاضة ، مما أجبر حكومة بهيج العميلة إلى تقديم الاستقالة بأمر من الفرنسيين ، ومن ثُمّ تشكيل حكومة مؤقتة بقيادة خالد العظم في 3 نيسان 1941 ، بعد تعثر كبير وبصلاحيات رئيس دولة ، لتبقى حالة الإستنفار والإضطرابات والاحتجاجات مُستمرة رغم اقتراح ديغول المُنتصر على الفيشيين لإجراء اتفاقية لمُعاهدة استقلال سورية جديدة ، اُستُشف منها الوطنيون بأنها غير جادة ، بل لم تكن إلا صورية بقصد إلهاء الشعب السوري بها عن الاستقلال الكامل ، وبما يكفل استمرار السيطرة الفرنسية على مُقدرات سورية بدعوى حماية سورية أثناء الحرب ولسلامة الجيوش المُتحالفة ، مما أدّى إلى رفض الكتلة الوطنية لمثل تلك المُعاهدة ، ليلتهب الشارع من جديد على الفرنسيين ، مُستفيدين من التأييد الدولي والعربي لنيل المطالب وكان على رأس المؤيدين العرب لحق استقلال سورية السعودية والعراق ، وكذلك البريطانيين بسبب التنافس الفرنسي البريطاني على دول المشرق ، ليستقيل بعد ذلك رئيس الوزراء ذو الصلاحية الرئاسية خالد العظم قي 15 أيلول من نفس عام 1941 ، ليُؤتى بعده تعييناً للرئاسة الشيخ تاج الدين الحُسيني ،الذي كلّف حسن الحكيم بتشكيل الوزارة ، لكن الإضطرابات ظلّت مُستمرة في عهده مما دفع فرنسا إلى الإعلان مُرغمة عن استقلال سورية رسمياً في 27\ ايلول 1941 لإخماد الإضطرابات التي أضّرت بسمعة فرنسا لاستخدامها المُفرط القوّة لقمع المُحتجين ، لتتوالى التأيدات فيما بعد لهذا الإعلان المُهم من أنحاء العالم ، ولتشتد مطالب السوريين الضاغطة بعد إعلان الاستقلال هذا لتصل مطالبهم بصلاحيات أوسع للحكومه من يد الفرنسيين من حق التشريع والجمارك والأمن العام والدرك وبتأييد دولي لتلك المطالب ، ليستقيل رئيس الوزراء حسن الحكيم الذي لم تُلبى مطالبه احتجاجاً، ليخلفه حسني البرازي الذي اشتد في طلب المزيد من الحقوق التي تؤدي في النهاية إلى استلام الصلاحيات والسلطات كاملة من الفرنسيين ليتم ترحيلهم عن سورية ، ليقضي البرازي في الوزارة تسعة أشهر ،بما فيها الثلاثة الأخيرة التي عُطلت فيها الحياة نهائياً ومصالح النّاس لتعم الفوضى في كل أنحاء سورية ، مما تسبب ذلك إلى تدخل البريطانيين لتهدئة الأوضاع ، والوصول مع الفرنسيين إلى اتفاق لحل الإشكال ، فأُقيلت على إثرها الوزارة ليخلفها حكومة جميل الألشي في 8\1\1943 الذي أُنيطت به صلاحيات رئاسة الجمهورية بحكم الشاغر إثر وفاة الرئيس الحُسني بعد أيام من تشكيل الحكومة ، لكن احتجاجات الوطنيين على الألشي ورفضهم التعاون معه أدّى إلى إقالته في 25\3\1943 ، ومن ثم تعيين حكومة انتقالية برئاسة عطا الأيوبي ، الذي أوصل البلاد بالاتفاق مع الفرنسيين والوطنيين إلى انتخابات تشريعية ، فازت فيها الكتلة الوطنية بأغلبية ساحقة ، وانُتخب فيها شكري القوتلي رئيساً بالإجماع ، لتدخل سورية فيما بعد بمرحلة اللا عودة إلى الوراء وباتجاه الاستقلال الحقيقي الذي لا رجعة عنه ، وباستقواء كبير من المؤسسات التي بُنيت بعد تلك الانتخابات والجماهير التي صمدت بوجه الطغيان الفرنسي حتّى تحقق الاستقلال الكامل والجلاء في 17\4\1947 ، مواضيع مُتعلقة حسن الحكيم : من مواليد دمشق عام 1886 ومن الأُسر العريقة فيها ، تلقى علومه الابتدائية والثانوية في المدارس العثمانية بالآستانة ن كان يشغل منصب مدير الشعبة الثانية للوازم العسكرية عند انسحاب الجيش التركي أثناء الحرب العالمية الأُولى ، وعُين في العهد الفيصلي مُفتشاً للمالية من عام 1918 و 1920 ، ليصير مُديراً عاماً للبريد والبرق عام 1920 ، وحوكم في بداية الاحتلال الفرنسي أمام ديوان الحرب العرفي من أجل البرقية التي أُسندت إليه كونه أمر بتأخيرها ، احتجاجاً على قبول الحكومة إنذار الجنرال غورو ، لكنه بُرأ من هذه التهمة ثم هاجر إلى مصر ثم إلى شرق الأردن حيث عُهد إليه منصب مستشار المالية هناك عام 1921 ، وبعد عودته إلى سورية حكمته السلطة الفرنسية في حادثة مستر كراين عام 1922 بالسجن عشر سنوات قضى فيها في بيت الدين وفي جزيرة أرواد مع صديقه الزعيم الدكتور عبد الرحمن الشهبندر تسعة عشر شهرا ، وبعد أن أُعيدت إليه حريته اشترك في الثورة السورية الكبرى ، فحكم عليه بالإعدام فالتجأ إلى الأردن ومصر وفلسطين ، فعُين مُديراً للبك العربي في يافا عام 1931-1934 ، وساهم عام 1936 في تأسيس المصرف الزراعي في بغداد ، بتكليف من صديقه رئيس الوزراء العراقي ياسين باشا الهاشمي ، وبعد أن قضى بعيداً عن سورية اثني عشر عاماً من 1925-1937 عاد إليها في العهد الوطني عام 1937 فعُين مديراً للأوقاف الإسلامية بين عامي 1937-1938 ثُم تقلد منصب وزارة المعارف ، فالمديرية العامة للمصرف الزراعي ، وفي 16 أيلول عُهد إليه برئاسة مجلس الوزراء بين عامي 1941-1942 وفي عهد حكومته أعلنت فرنسا استقلال سورية بتاريخ 27 ايلول 1941 بلسان الجنرال كاترو بناء على العهد الذي قطعه بالنيابة عن فرنسا بتاريخ 8 حزيران 1941 ، وقد سارعت الدول العربية والأجنبية إلى الاعتراف بهذا الاستقلال وفي مُقدمتهم السعودية ومصر وإنكلترا وأمريكا وفي انتخابات تشرين الثاني عام 1949 للجمعية التأسيسية فاز بتمثيل مدينة دمشق ومن ثُمّ بعضوية المجلس النيابي السوري ، بعد أن تمّ تحويل هذه الجمعية إلى برلمان ، وفي عام 1951 تقلد منصب وزير دولة ، وفي آب من نفس العام عُهد إليه للمرة الثانية بتشكيل الحكومة بوزارة ائتلافية التي استقال منها بإصرار شديد في 10 تشرين الثاني من نفس العام 1951 ، لينسحب من الحياة السياسية تماماً وكان الحكيم عضوا في مؤتمر الشعب الأول ، ثُمّ سكرتيراً لحزب الشعب وعضواً في مجلس إدارته لاتي كان يرأسها عبد الرحمن الشهبندر ، يحمل من الأوسمة الوسام المجيدي الرابع وميدالية الحرب من الحكمة العثمانية بهيج الخطيب : عنه في مُلحقات مقالتي تاريخ سورية 5 فترة الانتكاسة الوطنية وإعادة الصحوة وضياع اسكندر ون عطا الأيوبي عطا الأيوبي (1877-1951)، رئيس سوري سابق حكم سورية عام 1943. ولد لعائلة سياسية بارزة في دمشق ، وتعلم في مدارسها ، وفي الكتب الملكي العثماني ، درس الإدارة العامة في اسطنبول، وبدأ حياته المهنية في الخدمة المدنية العثمانية. ، وهو من أكراد دمشق في حي الصالحية في 1908، أصبح حاكما لمدينة اللاذقية السورية. لم يلعب دوراً مهماً في فترة الصراع العربي العثماني خلال السنوات 1916 - 1918، وبقي في دمشق بعد هزيمة العثمانيين في تشرين الأول / أكتوبر 1918. وخلال الأيام الأربعة الفاصلة بين رحيل الأتراك ووصول الجيش العربي، ألف حكومة مع مجموعة من وجهاء سوريا في دمشق، وكانت هذه الحكومة برئاسة الأمير سعيد الجزائري الذي كان يقيم في دمشق في تلك الفترة التي رفض السوريون فيها اتفاقية سايكس - بيكو وأعلنوا استقلال بلادهم ضمن حدودها الطبيعية في 8 آذار 1920 وتوجوا فيصل بن الحسين ملكاً عليهم. في حزيران يونيو 1920 عين عطا الأيوبي وزيراً للداخلية في حكومة علاء أحمد نظام الدين وذلك خلال حكم الملك فيصل. هاجمت الجيوش الفرنسية سورية لإخضاعها والسيطرة عليها. كان عطا الأيوبي ضد هذا التدخل الفرنسي وأقام علاقات مع المناضلين السوريين وكان يعمل على تمويل الثوار بالأسلحة والأموال ومنهم صالح العلي، زعيم الثورة في الساحل السوري، وإبراهيم هنانو، زعيم تنظيم "حلب الثورة". في اللاذقية، ويقال أنه غض النظر عن أنشطه عمر البيطار، ورفض، بصفته وزيراً للداخلية، إلقاء القبض على المتمردين، وكان يعطي الثوار المعلومات لوضع الكمائن على الحاميات الفرنسية. كما كان وزيراً خلال معركة ميسلون الشهيرة حيث هزم الجيش السوري من جانب الجيش الفرنسي واستشهد في تلك المعركة زميله يوسف العظمة، وزير الحربية. أراد عطا الأيوبي بعد معركة ميسلون اللجوء إلى الوسائل الدبلوماسية لتحرير سوريا وقبل بمنصب في الحكومة الموالية لفرنسا. في آب أغسطس 1920 ، قامت مجموعة من الرجال المسلحين بمحاولة قتله وذلك في منطقة حوران في جنوب سوريا متهمة إياه بالخيانة لقبوله منصباً وزارياً تحت حكم "الانتداب الفرنسي". فشلت محاولة الاغتيال في قتله أو حتى في إقناعه بالتنحي وبقي في منصبه حتى 1922، بعد أن أصبح وزيراً للعدل في الحكومة الموالية لفرنسا برئاسة صبحي بركات، وحفظ منصبه حتى بدء الانتفاضة الوطنية ضد الانتداب الفرنسي في 1925. ويرى البعض أن الرجل كان يستعمل مركزه لخدمة الثوار والعمل على استقلال سوريا. في عام 1928 تحالف الأمير عطا الأيوبي مع "الكتلة الوطنية" دون أن ينتسب رسميا إليها. كانت هذه الكتلة تدعو لتحرير سوريا من خلال الوسائل الدبلوماسية بدلا من المقاومة المسلحة. خلال الثلاثينات من القرن العشرين، كان الأيوبي يلعب دور الوسيط بين الجانبين. أصبح وزير العدل في حكومة تاج الدين الحسني في آذار مارس 1934. تدهورت العلاقات بين الكتلة الوطنية والفرنسيين تدهورا حادا في عام 1936 ، ودعا قادة التكتل الامة باتفاق سري مع عطا الأيوبي إلى الإضراب العام الذي شل الحياة التجارية، اعتقل المئات من السوريين وتعرضوا للضرب على أيدي الجيش الفرنسي. استمرت هذه المحنة ستين يوماً وقد أحرجت فرنسا أمام المجتمع الدولي. وتخوف الفرنسيون من انتشار الإضراب في المستعمرات الفرنسية في شمال أفريقيا، عندها وعدت الحكومة الفرنسية بمعالجة مظالمها في سورية، ودعت أحد كبار الكتلة مع وفد إلى باريس لمحادثات من أجل الاستقلال. في الوقت الذي كانت تناقش فيه الكتلة مستقبل سوريا، تم حل حكومة تاج الدين الحسني وطلب المفوض السامي الفرنسي هنري دي مرتال، من الأيوبي تشكيل حكومة انتقالية مستقلة للإشراف على شؤون الدولة. وقد تمكن رئيس الوزراء الجديد من تكوين ائتلاف مجلس الوزراء ضمت عناصر من الكتلة الوطنية والمؤيدين للوجود الفرنسي. وعندما عادت الكتلة من فرنسا في أيلول / سبتمبر 1936 ، استقال الأيوبي من منصبه بعد أن عملت حكومته لمدة 10 أشهر وكان قد أعلن الأيوبي مع رئيس الكتلة الوطنية إنهاء الإضراب العام، وأعلن فوز الكتلة في التوصل إلى اتفاق مع فرنسا التي تضمن استقلال سوريا على فترة 25 عاما. صدق السورييون على هذا الاتفاق ولكن الفرنسيين تراجعوا ورفضوه خوفاً من فقدان مستعمرة مهمة في العالم العربي وذلك إبان اندلاع الحرب العالمية الثانية في أوروبا. في آذار مارس 1943، خلال الحرب العالمية الثانية، قام الجنرال الفرنسي شارل ديغول بالهجوم على سوريا وذلك للقضاء على الموالين لحكومة فيشي الموالية لألمانيا والمتمركزين في دمشق وقضى عليهم. أصبح الأمير عطا الأيوبي رئيسا للوزراء لفترة انتقالية ونصب نفسه أيضا وزيراً للخارجية والدفاع والداخلية وأشرف على الانتخابات الرئاسية. ترك منصبه في آب أغسطس 1943، واستقال من الحياة السياسية وذلك إبان انتخاب الرئيس شكري القوتلي رئيسا للدولة. كرمته الكتلة الوطنية إبان الاستقلال في نيسان أبريل 1946. وذلك للدور العظيم الذي لعبه في مساعدة الثوار والكتلة الوطنية في تحقيق الاستقلال السوري. كان الأمير عطا الأيوبي قومياً كرس نفسه لخدمة سوريا واستقلالها ولم يكف يوماً عن استعمال مركزه السياسي لتقديم الخدمات للثوار من أجل تحقيق الاستقلال. توفي عام 1951. خالد العظم رئيس وزراء سورية لأكثر من فترة هو من أُسرة من المُرجح أن تكون ذات أصول تركية من عشائر قونيه نسبة إلى الجد الأول ( كيمك حسين ) الذي استقرّ حفيده ابراهيم في الأراضي السورية بعد الحملة العسكرية على بغداد سنة 1638 م , والذي هو جد العائلة المنتشرة اليوم في جهات مختلفة من سوريا, بينما مصادر مُقربة من العائلة ومن مُتحمسي العرق العربي يجدون أُصوله عربية حتى أن بعضهم يرجع بأصولها إلى عهد خالد بن الوليد ومرد هذه الاختلافات قلة المصادر و المعلومات في الفترات التاريخية السابقة وخاصة أثناء حكم المماليك و الدولة العثمانية و صعوبة الحصول عليها و ندرتها ، ولأنّ تلك الدول لم تكن تهتم بالأنساب بقدر ما تهتم بالأصلح للسلطة ، ولم تكن في ذلك الزمان تلك التقسيمات العرقية والمناطقية ، ومذهبهم في ذلك اعتمادهم على المواطنية ، وبالتالي كان من الصعوبة بمكان معرفة أصول وفصول كل فرد من أفراد الدولة العثمانية التي ينضوي تحت لواءها عشرات الدول في دولة الخلافة العثمانية الواحدة ولد خالد العظم في عام 1903 وتوفي في تشرين الثاني عام 1965 ـ تولّى رئاسة ست وزارات واحدة ما قبل الاستقلال وخمسة ما بعده ، وآخرها عام 1962 التي استمرت إلى انقلاب البعث العسكري في الثامن من آذار عام 1963، درس في روسيا واعتنق الأفكار الاشتراكية ، وهو المليونير الأحمر كما يقولون والرأسمالي السوري العتيد ، وهو صاحب قصّة الانفصال الجمركي عن لبنان وإلغاء الوحدة الجمركية عام 1950، مارس الأعمال الصناعية والاقتصادية ، وكان أحد مؤسسي شركة الإسمنت جميل الألشي ... من 6\9\1920 إلى 30\11\1920تغيرت في أيامه شكل الوزارات واستبدلت باسم المديريات ، وكان رئيس وزارة لحكومات مركزية في دمشق تحت سلطة المفوضين الساميين الفرنسيين وفي 8\1\1943 خلف وزارة حسني البرازي إثر خلاف هذا الأخير مع الرئيس تاج الدين الحُسيني ، الذي توفي بعد أيام بشكل غامض ، لتُناط بجميل الألشي صلاحيات رئاسة الجمهورية بحكم الشاغر بعد أيام من تشكيل الحكومة ، لكن احتجاجات الوطنيين على الألشي ورفضهم التعاون معه أدّى إلى إقالته في 25\3\1943 ، حسني البرازي هو من عشيرة البرازية الكردية التي انتشرت مابين بلاد الشام والحجاز والبلدان العربية ، وهو من مواليد حماة سوريا سنة 1895، وقد أتى أجداده الى حماه منذ 150 سنة، تعلم فيها وفي دمشق ، ودرس الحقوق في الأستانة ، وعمل في الزراعة في حماه وضواحيها حيث كان يملك من الأراضي الواسعة ، وساهم في الحركات الوطنية وفي تأسيس الأحزاب العربية في استانبول تولى في عهد الملك فيصل متصوفية حمص كما شغل محافظة الإسكندرون المستقلة ومُفتشية عدلية سورية ، انتخب عضوا في الجمعية التأسيسية سنة 1928 ، وساهم في تأسيس الكتلة الوطنية وشارك في وضع الدستور السوري ، وتولى رئاسة الوزارة مع وزارة الداخلية عام 1949 ، ومُحافظاً لمدينة حلب ، وانتخب عضوا في الجمعية التأسيسية سنة 1949 ، وعيُن حاكما عسكرياً في 5 نيسان عام 1949 ، وأصدر جريدة الناس التي تُقفت سنة 1955 الرئيس تاج الدين الحسيني من مركز الشرق العربي للدراسات الإستراتيجية من مواليد دمشق ، وهو محمد تاج الدين بن العلاّمة محدث الديار الشامية الأكبر محمد بدر الدين بن يوسف الحسيني المهاجر من المغرب "مراكشي الأصل"، ولد سنة 1890م نشأ في ظل أبيه وتلقى العلم عنه بعد إنهاءه الدراسة في المدارس الرسمية ، وصار استاذاً للعلوم اللغوية والدينية في المدرسة السلطانية بدمشق وهو دون العشرين من العمر ، ثُم عُين في مجلس إصلاح المدارس في المجلس العمومي لولاية سورية عام 1916 ، ثُمّ عُين مديراً لجريدة الشرق ورئيس تحريرها بعد الحرب العالمية الأولى عام 1919 التي أمر بإنشائها جمال باشا قائد الجيش الرابع العثماني بعد انتهاء الحكم العثماني على سوريا، انتخب تاج الدين عضواً في المؤتمر السوري، كما عينه الملك فيصل سنة 1920م مديراً عاماً للأمور العلمية في دائرة كانت مرجعاً أعلى لدوائر الأوقاف والفتوى والمحاكم الشرعية والخط الحجازي ـ وهذه الوظائف تشبه المشيخة الإسلامية في العهد العثماني ، _كما درّس في معهد الحقوق مادة أصول الفقه والأحوال الشخصية والفرائض والوصايا. لماّ دخل الفرنسيون سوريا، خرج تاج الدين لوداع الملك فيصل، ثم لماّ دخل الجنرال غورو دمشق دُعي تاج الدين لاستقباله بصفته الرسمية، فامتنع وقال عبارته المشهورة: (من ودع فيصلاً لا يستقبل غورو)، فأُقصي من عمله، وبقي شهوراً عدة منزوياً، إلى أن تشكل وفد لمقابلة الجنرال غورو في أمور تتعلق بمصلحة البلاد، وكان من جملة حديثهم أن بينوا له مكانة الشيخ تاج الدين، وأن عزله عن منصبه لا يليق، فعين حينذاك عضواً في مجلس الشورى، ثم في محكمة التمييز، وبعد ذلك صار قاضياً شرعياً. لم تستقر الأوضاع في سوريا منذ دخول الفرنسيين، فأرادت فرنسا اصطناع زعيم تسوس من خلاله المجتمع السوري. فرأت في الشيخ تاج الدين رجلاً مناسباً لكنه فقبل ذلك ولكن بشروط أولها الإعتراف بالآماني والمطالب الوطنية لكنها رُفضت فاعتذر عن القبول ، ولكنه قبل فيما بعد عندما قبلوا ببعض شروطة ، ولأن البلد هي في وضع مأزوم فعين رئيساً للجمهورية في 14 شباط 1928م. وتولىّ الرئاسة في الموعد المذكور، كما ألغى الأحكام العرفية التي ظلت قائمة خلال ثلاث سنوات، واستطاع نشر الهدوء في البلاد إلى جانب إنشائه المشاريع العمرانية الكثيرة مثل المرافق العامة ودور الدولة وآثار أخرى تشهد بسهره واهتمامه. وبعد مدة من حكمه، أقنع تاج الدين الفرنسيين بضرورة انتخاب جمعية تأسيسية تضع دستوراً للبلاد، وعلى إثر ذلك جرت انتخابات الجمعية التأسيسية بحماس ونشاط، وظهرت قائمتان رئيسيتان: قائمة الوطنيين وقائمة المعتدلين الموالين للانتداب. وكان اسم الشيخ تاج الدين على رأس كل منهما، وظل يحافظ على دهائه وهدوئه ويبذل من الجهود ما يرضي الفرقاء، مما هيأ له الفوز في الانتخابات دون أي اعتراض. عملت الجمعية التأسيسية لمصلحة البلاد ووضعت دستوراً وافقت عليه حكومة الانتداب، بعد إقناع مستمر من تاج الدين الحسيني رئيس الدولة، ونشرته في 14أيار عام1930، لكن بعد إضافة مادة (116) عطل مضمونها جوهر الدستور، فقد ركزت على أمور كثيرة لا تصبح ناجزة إلا بعد (اتفاق بين الحكومتين الفرنسية والسورية)، مما جعل الأوضاع تزداد اضطراباً. فأصدرت حكومة الانتداب قراراً بإنهاء حكومة تاج الدين الحسيني التي استمرت أربع سنوات رغم وصفها بالحكومة المؤقتة. في سنة 1934 وعلى أثر المظاهرات والاضطرابات التي رفضت معاهدة السلم والصداقة بين فرنسا وسورية، شكّل الشيخ تاج الدين حكومة جديدة، فازدادت المظاهرات الغاضبة التي عمت أرجاء سورية، ومضى تاج الدين في سياسته الأولى حتى عام 1936 حيث قدم استقالته بعد أن تأزم الوضع، وكثرت الاعتقالات، وسافر إلى أوروبا ينتقل بين عواصمها، وأنهى تطوافه بإقامته في باريس، وبقي فيها إلى قيام الحرب العالمية الثانية ثم رجع إلى دمشق. عهد المندوب العام لفرنسا في الشرق في 12أيلول1941 إلى الشيخ تاج الدين الحسيني بمهمة رئاسة الجمهورية السورية، وفي 27أيلول1941 تقدم المندوب العام إلى الحكومة السورية بتصريح خطي يتضمن إعلان استقلال سورية، وقعه تاج الدين الحسيني. في هذه الأثناء عيّنت بريطانيا الجنرال ادوارد وزيراً مطلق الصلاحية لبريطانيا في سورية ولبنان. اشتد الخلاف بين رئيس الجمهورية تاج الدين ورئيس وزرائه حسن الحكيم، فأصدر مرسوماً بحل الوزارة، وعهد بتأليفها إلى حسني البرازي، وسارت هذه الوزارة مدة ستة أشهر على تفاهم مع رئيس الجمهورية تاج الدين وسلطة الانتداب، إلى أن بدأ الخلاف حول العلاقة مع الانتداب، إذ كان البرازي يصرح بترجيح موالاة بريطانيا، بينما ثابر رئيس الجمهورية على حسن الصلات بفرنسا، ودام هذه الخلاف ثلاثة أشهر كان البرازي خلالها كثير الاتصال بالجنرال البريطاني ادوارد، وتمكن تاج الدين رئيس الجمهورية من إزاحة البرازي وكلف بتشكيل حكومة ثالثة في عهده، وبعد أيام قليلة توفي تاج الدين صريع مرض مفاجئ حار فيه الأطباء في 17ـ كانون ثاني سنة 1943، وأثارت الصحافة الشكوك من حوله إلى حد القول أنه مات مسموماً، خاصة وأن الشيخ تاج الدين كان بين مطرقتين: المطرقة الفرنسية لحمله على عقد معاهدة بين سورية وفرنسا، والمطرقة البريطانية التي كانت تعمل على تحقيق المزيد مما في نفس الشيخ من رفض وإصرار ضد المعاهدة. لماّ سُئل الأستاذ فارس الخوري عن الشيخ تاج الدين الحسيني وصحة ما كانت تقول عنه الكتلة الوطنية من أنه صنيعة الفرنسيين وممالئلاً لسياستهم الاستعمارية أجاب: (لم يكن تاج الدين كذلك، ولكنه كان وطنياً سورياً مخلصاً وعاملاً باراً في الحقل العام.. إلا أنه كان يختلف عنا معشر رجال الكتلة بالاجتهاد، فيقول ليس بالإمكان أبدع مما هو كائن، ولذا فإنه كان يتظاهر بالتفاني بصداقته للفرنسيين لجلب أكبر نفع لبلاده، ودرء ما يمكنه درؤه من الضرر، إضافة إلى أنه كان عمرانياً كبيراً خلّف آثاراً كثيرة في مختلف أنحاء الوطن السوري ناطقة بفضله) كما سُئل فارس الخوري عما إذا كان راضياً بدخول شقيقه فائز الخوري في الحكم كوزير للخارجية السورية في عهد الشيخ تاج الدين غير الدستوري عام (1941ـ1943) فأجاب: طبيعي أنني كنت راضياً وإلا لما كان دخل في الحكم. قائد الثورة الكبرى سلطان باشا (1891-1982) قائد وطني و مجاهد ثوري سوري درزي، القائد العام للثورة السورية الكبرى 1925، ضد الانتداب الفرنسي، أحد أشهر الشخصيات الدرزية في العصر الحديث عرف بوطنيته و شجاعته و رفضه لتجزئة سورية. أجبرت الثورة الفرنسيين على إعادة توحيد سورية بعد أن قسمتها إلى أربع دويلات: دمشق، وحلب، وجبل العلويين، وجبل الدروز... كما اضطرت إلى الموافقة على إجراء انتخابات فازت فيها المعارضة الوطنية بقيادة إبراهيم هنانو وهاشم الأتاسي. ولد سلطان باشا الأطرش في قرية القريّا في محافظةالسويداء منطقة صلخد في الجمهورية العربية السورية، لدى عائلة الأطرش الدرزية الشهيرة. والده ذوقان بن مصطفى بن إسماعيل الثاني مؤسس المشيخة الطرشانية 1869، كان مجاهداً و زعيماً محلياً قاد معركة ضارية في نواحي الكفر عام 1910، وهي إحدى معارك أبناء الجبل ضد سامي باشا الفاروقي، والتي كانت تشنها السلطنة العثمانية على جبل الدروز لكسر شوكته وإخضاعه لسيطرتها، أعدمه الأتراك شنقاً بسبب تمرده عام 1911. أماّ والدة سلطان فهي شيخة بنت إسماعيل الثاني. هو كبير إخوته علي و مصطفى و زيد، و له أختان سمّية و نعايم تزوج في سن التاسعة عشرة من عمره من ابنة عمه فايز غازية لكنها توفيت بعد فترة قصيرة دون أن يرزق منها أطفالاً و بعد عودته من الخدمة الإجبارية تزوج من ابنة الشيخ إبراهيم أبو فخر من بلدة نجران و اسمها تركية و رزق منها جميع أولاده الذكور: طلال و فواز و يوسف و جهاد توفو جميعاً و منصور و ناصر و طلال و الإناث: غازية و بتلاء و زمرد و تركية و نايفة و عائدة و منتهى نضال سلطان الأطرش بعد الثورة الكبرى بعد توقف الثورة نزح سلطان الأطرش بجماعات من الثوار إلى الأزرق في الأردن، وبعد توقيع معاهدة 1936 بين سورية وفرنسا عاد الأطرش إلى سوريا بعد إعلان العفو العام عن الثوار من قبل الانتداب الفرنسي. لم يتوقف نضال سلطان الأطرش عند هذا الحد، بل شارك أيضاً بفعالية في الانتفاضة السورية عام 1945، والتي أدت إلى استقلال البلاد، كما دعا في العام 1948 إلى تأسيس جيش عربي موحد لتحرير فلسطين، وبالفعل تطوع المئات من الشباب واتجهوا للمشاركة الفعلية في حرب 1948. وأثناء حكم الشيشكلي، تعرض سلطان لمضايقات كثيرة نتيجة اعتراضه على سياسة الحكم، فغادر الجبل إلى الأردن في كانون ثاني 1954، عندما عمّ الهياج أنحاء سورية لاسيما بين الطلبة الذين كانوا في حالة إضراب مستمر، واعتقل العديدون بينهم منصور الأطرش أحد أبناء سلطان الأطرش، فجرت محاولة درزية لإخراجه من السجن أدت إلى اشتباك مسلح، سرعان ما تحولت إلى معركة في جبل الدروز، وعاد الأطرش إلى بلده بعد سقوط الشيشكلي. أيد سلطان الأطرش الانتفاضة الوطنية التي قادها الزعيم الدرزي كمال جنبلاط في لبنان عام 1958، ضد سياسة كميل شمعون، كما بارك الوحدة العربية التي قامت بين مصر وسورية عام 1958، ووقف بحزم وثبات ضد عملية الانفصال عام 1961. وكان جمال عبد الناصر قد كرم سلطان باشا الأطرش في عهد الوحدة فقلده أعلى وسام في الجمهورية العربية المتحدة، أثناء زيارته لمحافظة السويداء. عام 1966 بعث الأطرش خطاب احتجاج مفتوح إلى هيئة الأركان، عندما كان حافظ الأسد وزيراً للدفاع بسبب حملة التطهير الجماعية للضباط الدروز من الجيش عقب فشل انقلاب الرائد الدرزي سليم حاطوم على نظام صلاح جديد. توفي سلطان باشا الأطرش عام 1982 بسبب أزمة قلبية، وحضر جنازته أكثر من مليون شخص، تاريخ سورية 7 فترة المخاض الوطني وقمّة التضحيات فترة المخاض الوطني باتجاه الاستقلال هي الفترة الصعبة التي عمّت فيها الفوضى وقلّة المواد والاحتكارات وانتشار الفقر والفساد ألقت على عاتق رئيس الحكومة عطا الأيوبي بصلاحيات رئيس الدولة الرئيس في 25 آذار – 19 آب 1943 مسئوليات جمّة وعظيمة بعيداً عن سلطة الانتداب التي تركته يواجه الأزمة بمفرده بقصد إفشاله ، بعد الشهور الماضية من الفوضى وحالات الثورة والغليان الشعبي ضد الفرنسي المُحتل ، وتعطيل الحياة العامّة ومصالح النّاس ، ليصدر – الرئيس الأيوبي - على الفور عفواً عن المُعتقلين السياسيين وأصحاب الرأي من الوطنيين الأحرار الذي اجتمع معهم ومع ممثلي الشعب من الكتل الوطنية للتوصل إلى حلول للنهوض بالبلاد من جديد على كل الصُعد وفي كل المجالات ، مما أعطى كُل ذلك الطمأنينة في نفوس الشعب ، لتتحسن صورة الحكومة والثقة بأدائها بعد فرض سيطرتها بتعاون كل الفئات ، مما ساهم ذلك في تخفيف أزمة الخبز الصعبة وخلق أجواء هادئة تمهيداً لإجراء انتخابات كانت شرطاً من الرئيس الأسبق هاشم الأتاسي أحد رجالات الكتلة الوطنية على الفرنسيين الذي رفض منهم استلام الحكم تعييناً أو المُشاركة فيه أو العودة إليه إلا بعد إجراء الانتخابات التشريعية الحرّة ، ووفق لما ستُفرزه صناديق الاقتراع ، التي أشرف على ترتيبها وإدارتها والسهر عليها حكومة الأيوبي ، وكان التنافس فيها واضحاً بين الكتلة الوطنية بزعامة شكري القوتلي وبين الهيئة الشعبية الشهبندرية - التي كانت إلى ما قبل عودة الشهبندر النهائية تُسمى بحزب الشعب - التي على ما يبدو تمّ معاقبتها من الشعب انتخابياً لصراعها الأهوج مع الحكومة الوطنية بين عامي ( 1936-1939 ) لأنها كانت السبب في إسقاطها الذي لم يستفيد منه إلا الفرنسي بضياع الكثير من المُكتسبات السورية ، فعُوقبت في الانتخابات التي فازت فيها الكتلة الوطنية فوزاً ساحقاً إضافة إلى فوز عدد من عدد من المُستقلين ورجال الأعمال وزعماء العشائر والأحياء التي نسقت مع الزعيم شكري القوتلي الذي نال أغلبية 118 صوت من أصل 120 لمنصب الرئاسة في 17 آب 1943، ليخوض هذا الرجل الشريف الوطني الغيور المؤمن بقضيته أشرس معارك التحرر والصمود لنيل الاستقلال ، بعدما أنفق من ماله الكثير على العمل الوطني إلى حد التبذير وضياع الأملاك لجمع القلوب وفيما يخدم النضال من أجل التحرير . هذا الرجل الذي نذر نفسه لربه وقضية شعبه ، ووضع نصب عينيه الانتصار ولا بديل عنه ، وتجلّى ذلك بأبهى صوره عندما بدأت فرنسا الديغولية تتنصل من وعودها بعد التقاط أنفاسها إثر تقهقر قوّات المحور – المانيا وإيطاليا - وانحسار حكومة فيشي في فرنسا على يد الحلفاء بمنح سورية كامل الاستقلال لربطها بمعاهدة تضمن لها الاحتفاظ بالقواعد العسكرية وبعلاقات ثقافية ومالية اقتصادية كاملة وهو ما رفضه الرئيس القوتلي ونوّاب الشعب الذين دعوا الجماهير إلى مُساندتهم فهبّوا عن بكرة أبيهم من كل أنحاء سورية يُلبون الواجب الوطني ، فعمّ الإضراب في القطر السوري بأجمعه وارتدى الطلاب والأساتذة والجامعات ومُمثلي الشعب لباس الدرك لتنظيم الصفوف والتهيئة للهجوم على القوات الفرنسية الذين كسبوا الكثير من أسلحتهم ومُقاومة هذا الاحتلال والوقوف في وجه أطماعه ، مما تسبب بردة فعل فرنسية التي تتمركز مُعظم قواتهم في دمشق بقصفها بنيران المدفعية الثقيلة والطيران ، كما قُصفت حماة .............. نتيجة الثورة على حالةىالاستبداد ، والتي لم تُكتمل حينها لعدم نضوج الوعي الوطني عند الكثير من فصائل المُعارضة التي جلست تنظر إلى ما يجري دون أن تُحرك ساكنا ، بعدما أوهمها النظام بحسن نواياه وأن المُستهدف هم الرجعيين وليس الوطن كما صوّر لهم ، وكما هم لم يثوروا بفعل المُكايدات السياسية ، وفي ظل التباعد بين الأفرقاء ، مما مهد للنظام فيما بعد من التهام القوى واحداً تلوى الآخر لينطبق عليهم القول " أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض " وهو نفس الخطأ الذي وقع فيه الوطنيين عام 1938 عندما تشاغلوا عن الاحتلال بأنفسهم ، لكنهم في هذه المرّة كانوا مُصممين على تحقيق النصر المؤزر على العدو ، وكان أول ما قُصف في دمشق يوم 29ايّار 1945 مقر البرلمان مُمثلي الشعب ،الذي استمر لأيام وجرت على أعتابه مذبحة قُتل فيها جميع حامية المجلس ومُثل بجثثهم ، وكان الرئيس القائد شكري القوتلي الذي حاول الفرنسيين إخافته بنسف البيت بمن فيه من عائلته لإرغامه على توقيع مُعاهدتهم مريضاً في الفراش تنزف معدته من القرحة وهو ينظر من نافذة غرفته إلى دمشق وهي تحترق ، وقال حينها قولته المشهورة مُتحدياً " إنني أنتظر من يحملني إلى مجلس النواب كي أموت مع هؤلاء الأبطال الرجال الذين يذودون بأرواحهم دفاعاً عن حُرمة البلاد وكرامتها فألقى ربّي راضياً مرضياً ، وذلك خير من عقد هدنة أو استسلام للمُعتدين"، وكانت جُملة الضحايا في الهجوم على دمشق 616 شهيد و2072 جريح مما أثار الرأي العام العالمي بسبب وحدة القرار الوطني وتعاطف الدول العربية مع مُكونات الشعب السوري المُتحدة ، ومما أوجد ردة فعل وطنية تجاوزت فيه مرحلة الحديث عن مُفاوضات ، بل صار الحديث فيه فقط في جلاء القوات الفرنسية عن سورية لا غير ذلك ودون قيد أو شرط ، في نفس الوقت الذي سقط فيه عشرات الآلاف في المُدن السورية بداية الثمانينات ، والمئات الإضافية إلى يومنا هذا ولم يُستغل كُلّ ذلك وأيضا لم يتحرك الضمير العالمي بسبب الخلاف إلا مؤخراً بفضل التلاقي الذي حصل والتلاحم الذي وُجد بين أطياف المُعارضة ، وشعور الجميع بهذا الخطر الحقيقي الذي يتهددهم جميعاً ويتهدد الوطن بفعل حالة الاستبداد الموجودة والكاتمة على صدور الشعب وإمكانياته وطُموحاته ، حتّى صارت بلادنا على حافة الهاوية في العديد من المرّات ، ولا زال وطننا مُهدداً بفعل السياسات التعسفية والفساد وما وصل إليه الشعب من حالة الجوع والقهر بما لم تشهده سورية طوال تاريخها القديم والحديث وللحقيقة أقول : بأنّ القائد الرئيس القوتلي أدرك بأنّه لن ينفع سورية أي تحالفات أو مُعاهدات مع الاستعمار أو مُماطلات كانت قد جُربت في السابق ، وتمّ التعاقد عليها مع الفرنسيين الذين كانوا سُرعان ما ينقضوها مع أي ظرف مُغاير ، وأدرك القوتلي أنّ الدول والنّاس لا تحترم إلا القوي ، وأنّ القوي لا يكون كذلك بمفرده بل عبر اتحاد مجموعات المُكونة للمجتمع الوطنية ، وعبر اجتماع الكلمة التي تلتف حولها الجماهير فيسهل عليها التغلب على الخصم والوصول لغاياتها المنشودة كما هم استحقوا شرف تحرير الأرض السورية واستقلال سورية بفضل تضحياتهم وتفانيهم وإصرارهم للوصول إلى الأهداف ، وكذلك نحن لن نتحرر من حالة الاستبداد الجاثمة على صدور شعبنا إلا عبر توحيد الكلمة ، والتوجه إلى الشعب بخطاب واحد ، ومن ثُمّ التوجه إلى الدول لدعم المطالب المشروعة في التحرر من ربقة الظلم والاستعباد والحالة الاستبدادية مواضيع مُتعلقة : شكري القوتلي : الكثير من مقاطعه نقلاً عن موقع الشرق العربي للدراسات الحضارية والإستراتيجية هو شكري بن محمود بن عبد الغني القوتلي. ولد في دمشق عام 1891 من عائلة عربية عريقة نزحت اليها من العراق منذ سبعمائة عام ، تلقى علومه الابتدائية في مدرسة الآباء العيزرية بدمشق. وفي عامه الحادي عشر انتسب إلى مدرسة عنبر ليتم دراسته الثانوية، أكمل تعليمه في الكلية الشاهانية بالأستانة وتخرج منها يحمل الليسانس في العلوم السياسية عام 1912. التقى بالأمير فيصل بن الشريف حسين سنة 1915 بدمشق وتوطدت الصداقة بينهما وانضم الى الجمعية العربية – الفتاة – واتفق مع أعضائها على العمل المُشترك لاستقلال البلاد العربية عن تركيا التي باتت تحكمها جمعية تركيا الفتاة ذات القومية الطولونية المُتطرفة التي عملت بكل تعصب على تتريك العناصر العثمانية ليضعوا فيما بعد أُسس الثورة العربية وحدود الأقطار العربية التي ينبغي أن يشملها الإستقلال ، وشكّل العلم العربي وألوانه ، وهو العلم الذي رفعته سورية يوم أن أعلنت استقلالها في 8 آذار 1920 ( وكان مُقرراً في ذلك الحين أن يتخذ كل قطر عربي استقل بعد سورية العلم نفسه ، وويضاف اليه نجمة تُمثله ، فالدولة العربية الثانية التي تستقل بعد سورية يكون علمها نجمتان والثالثة ثلاثة نجوم وهكذا ...) اعتقله الأتراك لانتمائه الى الجمعية العربية الفتاة في عام 1915 بأمر من باشا السفاح ، ثُم أُطلق سراحه ، ولكنهم عادوا واعتقلوه ثانية مع رفاقه بعد الوشاية عليهم في الحرب العالمية الأولى عقب الانتهاء من مجزرة المجلس العسكري العثماني ببلدة عالية، فاعتقل وزج به في سجن (خان الباشا) بدمشق، وهدد بالتعذيب، فخشي أن يبدر منه في حالة الإغماء ما يقضي عليه وعلى أخوته في جمعية الفتاة، فحاول الانتحار بقطع شريان يده، وكتب رسالة بدمه وجهها إلى جمال باشا السفاح يحذره فيها من مغبة الظلم، وغاب عن وعيه فنقل للمعالجة، ثُمّ بعد ذلك غيّر الأتراك سياستهم بعد نشوب الثورة العربية الكبرى ، فأفرجوا عن جميع المُعتقلين السياسيين وكان شكري القوتلي منهم وبهذا نجا من المحاكمة. والتقارير عن بطولة القوتلي رفعته إلى دائرة الأضواء كبطل قومي، وفي عام 1918 أسس مع بعض أصدقائه حزب الاستقلال العربي. كلفه الملك فيصل بتشكيل ولاية دمشق، ولما احتل الفرنسيون سورية كان اسمه في قائمة المحكوم عليه بالإعدام لما تميز به القوتلي عن رفاقه بالدعوة الى مقاومة الخضوع للأجنبي مهما يكن شكل هذا الخضوع ، ولكن المؤامرة على استقلال سورية بين الدول العظمى المُنتصرة كانت أقوى من أن تُقاوم في ذلك الحين ، فوقعت معركة ميسلون في 24 تموز عام 1920 وضاع الإستقلال .ونزح أحرار سورية الى مصر ومنهم القوتلي الذي نزح إلى القاهرة ثم الى حيفا، وبقي أربعة أعوام يتنقل بين فلسطين ومصر وأوروبا يدعو للقضية السورية. ليعود إلى دمشق هو ورفاقه عام 1924 بعد اسقاط الحكم عليهم ، ولما نشبت الثورة السورية ضد الفرنسيين عام 1925 التحق بها فصدر عليه حكم الإعدام من جديد . عاد إلى دمشق سنة 1930 بعد سقوط حكم الإعدام عنه، واشترك في المؤتمر العربي القومي الذي عُقد في القدس في كانون الأول 1931 ووقع على الميثاق التاريخي، وفي عام 1932 كان أحد الأعضاء المؤسسين للكتلة الوطنية التي تحولت فيما بعد إلى الحزب الوطني المنادي باستقلال سورية كهدف أساسي له. أثناء وجود الوفد المفاوض في باريس تولى القوتلي إدارة مكتب الكتلة الوطنية، والذي أسفر عن توقيع مُعاهدة أدّت الى الدعوة الى انتخاب مجلس النواب السوري عام 1936 وكان القوتلي من أعضائه، ثم تولى في أول حكومة وطنية وزارتي المالية والدفاع، وفي أثناء غيابه في السعودية عقد جميل مردم بك رئيس الوزراء اتفاقيتي البنك السوري والبترول مع فرنسا، وكذلك مساعي جميل مردم بك لدى وكيل وزارة الخارجية الفرنسية والتي انتهت بإعطاء الحكومة الفرنسية ضمانات باحترام حقوق الأقليات، وقبول الخبراء الفرنسيين، ومتابعة سياسة التعاون بين البلدين السوري والفرنسي. لكن الوزراء والنواب اعترضوا على هذه الاتفاقية، وكان أشدهم نقمة شكري القوتلي فاستقال من الوزارة في 22/3/1938 احتجاجاً، واكتفى بالنيابة، وفي العام نفسه انتخب نائباً لرئيس مجلس النواب. عام 1941 انتخب القوتلي زعيماً للكتلة الوطنية خلفاً للمرحوم إبراهيم هنانو، فأعاد تنظيم صفوفها بعد أن لجأ زعماؤها إلى العراق بعد اتهامهم بمقتل عبد الرحمن الشهبندر، وقد ألصقت هذه التهمة بالوطنيين وكان ذلك في تموز عام 1940، أما القوتلي فلجأ إلى حماية قنصل السعودية في دمشق والذي تربطه صلات وثيقة بالفرنسيين فتدخل لديهم باسم الملك عبد العزيز، وحقق مع القوتلي وثبتت براءته والوطنيين بعد اعتراف قاتل الشهبندر بالجريمة ، ليستمر في نضاله الذي أسفر ب 8 حزيران 1942 عن إعلان الفرنسيين عن استقلال سورية على لسان الجنرال كاترو مُمثل ديغول وعلى أثر دخول الديغوليين سورية في الحرب العالمية الثانية، كان القوتلي السياسي الأكثر شعبية، وبعد وفاة تاج الدين الحسني رئيس الجمهورية بالتعيين، قاد القوتلي معركة الانتخابات بقائمة موحدة في سائر البلاد، وبالتئام مجلس النواب انتخب رئيساً للجمهورية بالإجماع في 17/8/1943، وهو أول زعيم وطني تولى رئاسة الجمهورية السورية بالإجماع . ازدهرت سورية في أيام القوتلي، كما قاد التحرك السياسي في فترة الاستقلال من 1943 ولغاية الجلاء الذي كُتب على يديه عام 1946، والتي تميزت بالنشاط السياسي السوري في الحقل العربي، وقد تمحور هذا النشاط حول ثلاثة مواضيع:- 1ـ دعم استقلال سوريا التام أي ضمان جلاء الجيوش الأجنبية عن أراضيها. 2ـ العمل من أجل قضية الوحدة العربية (الجامعة العربية) خاصة بعد إعلان الأمير عبد الله أمير شرق الأردن مشروع سوريا الكبرى. 3ـ العمل من أجل قضية فلسطين. بعد انقلاب حسني الزعيم انتقل القوتلي إلى مصر، واستقر في الإسكندرية، وتغيرت الأوضاع في سورية مع مرور الأيام، فعاد إلى دمشق وانتخب رئيساً للجمهورية عام 1955 للمرة الثالثة. في عام 1958 قصد مصر على رأس وفد من سورية، فاتفق مع رئيس الجمهورية الرئيس جمال عبد الناصر على توحيد القطرين وتسميتهما (الجمهورية العربية المتحدة)، وتنازل عن منصبه لصالح الوحدة، وانتخب عبد الناصر رئيساً لها، وقد أُطلق عليه لذلك لقب المواطن العربي الأول. تنقل بعد قيام الوحدة بين سوريا ومصر وأوروبا، وعندما وقع انقلاب الانفصال في 28 أيلول1961 كان في جنيف، فعاد إلى دمشق بطلب من حكومة الانفصال، وبقي في دمشق حتى انقلاب 8 آذار1963 حيث غادرها إلى جنيف وبعد عام انتقل إلى بيروت واستقر بها. واشتدت عليه القرحة التي كان مصاباً بها إلى أن توفي في (30 حزيران1967)، فنقل جثمانه إلى دمشق حيث دفن في مقبرة الباب الصغير. كان ما ألقاه من الخطب الرسمية قد جمع أيام رئاسته الثانية في كتاب (مجموعة خطب الرئيس شكري القوتلي). كما عمل مدة في تدوين مذكراته، لكن لا علم بما حل بها. تاريخ العلم السوري تغير العلم السوري عدة مرات خلال القرن العشرين، إلا أن ألوانه: الأبيض و الأحمر و الأسود و الأخضر لم تتغير. وهي الألوان المعتمدة في أعلام دول عربية كثيرة. و هي ألوان علم الثورة العربية الكبرى التي قادها الشريف حسين عام 1916 و اشتقها من التاريخ العربي الإسلامي: فالأخضر يرمز إلى الخلفاء الراشدين و الأبيض يرمز إلى الأمويين، والأسود إلى العباسيين ، والأحمر إلى النضال العربي ودماء الشهداء على مر العصور. علم الدولة العثمانية، و قد بقي العلم الرسمي لسورية حتى جلاء آخر جندي عثماني عن دمشق يوم الإثنين في 30 أيلول عام 1918. علم الملك فيصل، علم الثورة العربية الكبرى ما بين 1916 - 1918، رفع في سماء دمشق يوم خروج العثمانيين منها في 30 أيلول عام 1918 ، و بقي العلم الرسمي حتى تاريخ 8 آذار 1920 يوم توج الأمير فيصل ملكاً على سورية تحت اسم الملك فيصل الأول. علم سوريا المستقلة، و هو العلم الثاني للملك فيصل، رفع في دمشق بعد إعلان استقلال سوريا في 8 آذار 1920. و بقي مستخدماً الى حين سقوط نظام فيصل و بدء الإنتداب الفرسي يوم السبت في 24 تموز 1920 . و هو العلم الذي تبناه الأردن فيما بعد علماً رسمياً مع اجراء تعديل بسيط في ترتيب الألوان. العلم الأول الذي فرضته سلطات الاحتلال الفرنسي. و قد تبناه ما كان يسمى بالمندوب السامي الجنرال هنري غورو ، و دام علماً رسمياً من 24 تموز 1920 حتى 1 أيلول 1920. العلم الثاني الذي فرضته السلطات الفرنسية في أعقاب الثورة السورية الكبرى. اعتمده رئيس وزراء سورية آنذاك، جميل الألشي، الذي اقترح اقحام العلم الفرنسي داخل العلم السوري. و دام استخدام هذا العلم من 22 حزيران 1922 و حتى عام 1930. العلم الثالث الذي فرضته السلطات الفرنسية. تم اعتماده خلال فترة رئيس الوزراء تاج الدين الحسني من عام 1930 و حتى 1 كانون الثاتي 1932. العلم الثالث في ظل الاحتلال الفرنسي. دام استخدامه لأطول فترة في تاريخ سورية، من 1 كانون الثاني 1932 و حتى تاريخ وحدة سورية و مصر و اندماجهما في الجمهورية العربية المتحدة (1958 - 1961). تم اعتماده مرة أخرى عند الإنفصال بتاريخ 28 أيلول 1961 ثم استبدله حزب البعث العربي الإشتراكي يوم وصوله الى السلطة في 8 آذار 1963. بقي هذا العلم علماً رسمياً حتى في الفترات التي حصلت بها الإنقلابات في الأربعينيات و الخمسينيات و لمدة 27 عاماً. و هو يسمى "علم الإستقلال" لأنه كان العلم الرسمي عند تحقيق الإستقلال يوم الأربعاء في 17 نيسان 1946. علم الجمهورية العربية المتحدة التي صهرت سوريا ومصر عام 1958 و العلم الحالي للجمهورية العربية السورية. تبناه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في 22 شباط 1958. و تم التخلي عنه من قبل نظام الرئيس ناظم القدسي بتاريخ 28 أيلول 1961 "علم الإستقلال". أعيد علماً رسمياً بعد انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة عام 1961 أول علم بعد قيام ثورة الثامن من آذار بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي. تبناه مجلس قيادة الثورة في 8 آذار عام 1963 و بقي العلم الرسمي حتى 1 كانون الثاني 1972. علم اتحاد الجمهوريات العربية بين مصر وسوريا وليبيا الذي أعلن عام 1971. تبناه حافظ الأسد. و بقي كذلك حتى 29 آذار 1980. العلم الحالي للجمهورية العربية السورية. و هو نفس علم الجمهورية العربية المتحدة علم الوحدة بين سورية و مصر (1958 - 1961)، عاد و اعتمده حافظ الأسد لكي يخدع به الجماهير العربية بالشعارات الزائفة التي لا وجود لها على أرض الواقع عند حُكّام سورية الإستبداديين الجدد عطا الأيوبي : ترجمته في مقالتي " تاريخ سورية 6 فترة اللاعودة إلى الوراء وباتجاه الاستقلال الحقيقي " هاشم الأتاسي : ترجمته في مقالتي " تاريخ سورية 5 فترة الانتكاسة الوطنية وإعادة الصحوة وضياع اسكندر ون " تاريخ سورية 8 بداية الاستقلال وزعامة القوتلي في السابع عشر من آب ألف وتسعمائة وثلاثة وأربعون عند انتخاب الرئيس شكري القوتلي رئيساً لسورية في ظل الإحتلال الفرنسي من البرلمان المُنتخب شعبياً قبل أيام من التصويت عليه ، كانت سورية على موعد مع بداية الطريق لاستقلالها الحقيقي وحريتها وسيادتها تحت قيادة هذا الرمز الوطني الكبير القائد المؤمن بعدالة قضيته ، والواثق بانتصار إرادة شعبه في التحرر من الاحتلال الفرنسي الغاصب ، والموثوق به جماهيرياً وحزبياُ ونضالياُ ، والمُجمع على كفاءته في إدارة معركة التحرير الحقيقية بعدما قدّم الغالي والثمين فداءاً لدينه ووطنه وأُمته ، وأقدم على التضحية بروحه عدّة مرات لأجل خلاص سورية من الاحتلال والظلم والاستعباد ، ، وهنا سأستعرض بعض النقاط الهامة التي قام بها القوتلي تدعيماً لمشروع التحرر من الصلات الخارجية ومشاريعه التوحيدية الداخلية أولاً : شعور القوتلي بأنّ أي تغيير وأي نضال ما لم يكن له دعم وغطاء خارجي إضافة إلى التأييد الداخلي سيبوء بالفشل وسيُحبط في مهده ، مما سيُعرض حياة المُناضلين للخطر والاستفراد من الأجهزة القمعية المُحتلّة للقضاء عليهم كما قضت على العديد من الثورات ما قبل ذلك التاريخ ،ولذلك كان سعي القوتلي للحصول على دعم وتأييد أهم دولتين عربيتين للاستقلال وهما السعودية ومصر وإضافة إلى العراق وباقي الدول ، وحتى تأييد الدول الكبرى لمطالبه التي هي على تنافس مع المُحتل الفرنسي كبريطانيا وأمريكا ، ومن أجل ذلك كان يعمل كالمكوك لحشد الرأي العام لقضية شعبه في التحرر والخلاص من الكابوس الظالم الجاثم على تراب وطننا وصدور شعبنا كما هو جاثم اليوم نفس الكابوس في سيناريو مُتشابه جداً مع حالة الاحتلال بحالة الاستبداد ، ففي نهاية عام 1943 استطاع القوتلي وحكومته التي كانت برئاسة سعدالله الجابري (1 آب 1943 إلى 14 تشرين الأول 1944 ) من انتزاع الصلاحيات التي كانت بيد السلطة الفرنسية إلى الدولة السورية كحق التشريع والإدارة والجمارك وغيره ...ولم يبقى بأيدي الفرنسيين من السلطة إلا الجيش بحلول أواخر تشرين الأول عام 1944 الذي أرادت فرنسا استخدامه كورقة للضغط على السوريين لإجبارهم على توقيع مُعاهدة معهم تُمنح فيها فرنسا من الامتيازات ما يسمح لها بالتراجع التدريجي عن وعودها بمنح سورية كامل استقلالها ، وعندما وجدت الرفض لتلك المعاهدة صارت تستدعي المزيد من الجنود لتعزيز قواتها في القطر السوري من أجل إرغام السوريين على تحقيق مطالبها بالامتيازات الثقافية والمالية والاحتفاظ بالقواعد العسكرية كي تبقى في البلد ، وذلك بعد أن أوشكت الحرب العالمية الثانية أن تضع أوزارها وميل كفة الانتصار فيها بوضوح لصالح الحلفاء على قوات المحور مما يُعطيها الفرصة من جديد للتفكير في البقاء ،إلا أن الحكومة السورية الجديدة برئاسة فارس الخوري ( من 14 تشرين الأول 1944 إلى 30 أيلول 1945 ) والرئيس القوتلي ومعهم الشعب الذي تمّ تعبئته ضد رغبات وأطماع فرنسا رفضوا جميعاً هذه المطالب وأصروا على الاستقلال الكامل الغير منقوص ، لتشهد سورية على إثر ذلك حالة وطنية قل نظيرها ليلتحم الشعب مع قادته ونوابه المُنتخبين ويعلنوا جميعاً تحديهم للغُزاة بما ملكوا من الأدوات والوسائل على الرغم من بساطتها ، ويعم الإضراب العام والشامل على مساحة الوطن بأسره ، مما أدّى ذلك إلى ردّة فعل فرنسية همجية عنيفة ، حيث قاموا على تنفيذ تهديداتهم وذلك بمحاصرة البرلمان السوري في 29\أيار 1945 وقصفه ليرتكبوا المذبحة بما عُرف بمجزرة البرلمان ثُمّ تلاها مباشرة قصف دمشق الذي ذهب ضحيته المئات مابين جريح وشهيد وكذلك الإغارة على المدن والقرى السورية الأُخرى لإخماد الثورة، لينتهي هذا الهجوم الهمجي بالإنذار البريطاني للفرنسيين ومن ثُمّ دخولهم للفصل ما بين القوّات السورية الشعبية والفرنسيين الذين عادوا إلى الثكنات ، ليجري فيما بعد عملية تسهيل مُغادرة الرعايا الفرنسيين ، ولتعود الحياة إلى طبيعتها بعد تلك المجازر الوحشية ، وينتهي إلى الأبد الحديث عن مفاوضات مع فرنسا بل فقط الجلاء دون قيد أو شرط وفي 10 آب 1945 انتهت الحرب العالمية الثانية وقبل شهرين احتفل العالم بإقامة هيئة الأمم المتحدة ، ولم يعد أمام البريطانيين والفرنسيين مُبرراً لوجود قواتهما في الشرق العربي ، وبضغط أمريكي روسي عُقدت الاتفاقات والترتيبات من أجل الرحيل ليتم التوقيع في أواخر كانون الأول 1945 على عهد حكومة سعدالله الجابري الثانية - ( من منتصف عام 1945 إلى يوم الجلاء عند استقالته لما تقتضيه التقاليد الدستورية) – ورئاسة القوتلي على آلية المُغادرة وفي 11 آذار تبدأ مُغادرة الجيوش الأجنبية في كل من سورية ولبنان ، لينتهي جلاء آخر جندي عن سورية في 17 نيسان 1946 لتكون سورية أول بلد عربي تحرر في أسيا وأفريقيا دون أي امتياز لأجنبي على أراضيها بفضل تضحيات شعبنا الحبيب وما ملكت من القيادات الوطنية المُخلصة وعلى رأسها الرئيس المُنتخب القوتلي الذي ألقى خطابه الشهير يوم الجلاء وأعلن فيه عن احترامه الدائم لإرادة الشعب في اختياراته، وعن عهد برلماني دستوري تتنافس فيه الأحزاب لكسب ثقة الشعب وإطلاق الحريات العامة مما أعطى ذلك الطمأنينة للمواطن وانتعشت من خلاله الحياة العامة للمواطنين ، بعد تكليفه للسيد سعد الجابري لتشكيل حكومة الاستقلال التي كان عليها العمل على بعث الأمان والاستقرار والعدل وفرص العمل والإنتاج و... بعد رحيل المُحتل ، وقطعت في ذلك شوطاً طويلاً ، وكذلك أعادت ترميم علاقاتها مع الدول العربية والغربية ونظمت هيكلة الدولة ، إلا أن هذه الحكومة لم تستمر طويلاً بسبب تدهور صحة رئيس الحكومة الجابري الذي داهمه مرض الكبد مما أدّى إلى استقالته في 28 |12|1946 بعد مُعاناته مع المرض وتغيبه عن الحكومة لشهري 11 و 12 وقيام برئاسة الوزارة عنه بالنيابة السيد خالد العظم ، ومن ثُمّ وفاته بعد فترة قريبة ، ولُيكلف من بعده السيد جميل مردم في (28 |12|1946 – 6|10|1947) ، والذي على عهده عًدّل قانون الانتخاب ، لتجري الانتخابات البرلمانية بعد ذلك بناءاً على التعديل في 7| 7| 1947 ويختار الشعب مًمثليه الذين قاموا أيضاً على تعديل الدستور تكريماً للقائد المُنتخب الكبير القوتلي ليسمح له بإعادة ترشحه لمرة ثانية لأن القانون لا يسمح لأكثر من مرة ، ويُعاد انتخابه لولاية ثانية كرئيس في 17| 8| 1948 ، إلى أن أُطيح به عبر الانقلاب العسكري الغادر في 3آذار 1949 على يد الجنرال الأرعن حسني الزعيم المدعوم أمريكياً وفرنسياً ، ليُجبر بعدها القوتلي على تقديم استقالته في 6| 4 | 1949 واستقالة رئيس وزراءه خالد العظم الذي خلف وزارة مردم من 26|12|1947 إلى يوم الانقلاب ولتعيش البلاد فيما بعد حياة العسكرة الكريهة على يد الانقلابيين بعدما نعمت لأشهر بطعم الاستقلال والحرية والاستقرار والأمان ، ليعود إليها الرعب والتخبط والإنتهازية والتفرد من جديد مُلحقات مما قاله الزعيم شكري القوتلي عند استقلال سورية " لم تنل سورية استقلالها منحة من الدول الاستعمارية أو نتيجة لمُقررات المؤتمرات الدولية التي عُقدت إثر الحرب العالمية الثانية كما يظن بعض الجاهلين بحقيقة الأمور ، بل أنّ هذا الاستقلال قد كلف سورية منذ عام 1920 وحتى نيسان 1946 مائة ألف شهيد ومئات بل أُلوف الملايين من الليرات ، لقد بذل الشعب السوري بكل فئاته ومُدنه وقراه وبواديه دماً زكياً سخياً وأبدى من ضروب الشجاعة والبذل بالروح والمال والممتلكات ما يعجز الإنسان عن وصفه " وأقول أنا بهذا الصدد : بأنه أيضاً شعبنا الحبيب دفع عشرات الآلاف من أبناءه للتخلص من حالة الاستبداد التي هي والاستعمار وجهان لعملة واحدة ، ولا زال يدفع من خيرة أبنائه ، ويبدو بأنه قد آن الأوان لقطف ثمار الحرية والتخلص من الزمرة الحاكمة الآثمة الجاثمة منذ عقود على صدور شعبنا السوري تعمل فيه قتلا.وتشريداً وإفقاراً ... وقال القوتلي بعدما تمّ انتخابه كأول رئيس للجمهورية العربية السورية ، إنّ مثلنا الأعلى الذي نتطلع إليه اليوم هو إيثار المصلحة العامة على الخاصة ، ورعاية القانون واحترام النظام ، وعلى الحكومة أن تتحلّى بالعدل والحزم وتغليب سلطان القانون العادل على كل سلطان ، فنحن أُمّة واحدة لا أقليات ولا أكثريات بيننا سعد الله الجابري نقلاً عن مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والإستراتيجية هو سعد الله عبد القادر لطفي الجابري، ولد في حلب عام 1894. والده الحاج عبد القادر مفتي مدينة حلب، أنجب ستة أبناء من بينهم سعد الله الذي بدت عليه مظاهر النباهة والإقدام منذ صغره، فنشأ وترعرع في حلب، وتلقى علومه الابتدائية والتجهيزية فيها وصحا على اجتماعات واتصالات تقوم بها عائلته مع رجالات البلد، حيث كان القوم يجتمعون في منزل الشيخ عبد الحميد الجابري للتداول في أمور البلاد وما آلت إليه . أنهى سعد الله دراسته الثانوية في حلب، فاستقدمه أخوه إحسان الجابري إلى استانبول لمتابعة دراسته في الكلية الملكية السلطانية، فاتصل هناك بالشباب العربي في الأستانة وأسسوا جمعية العربية الفتاة وأقسموا اليمين للعمل على استقلال البلاد العربية. أُرسل سعد الله إلى ألمانيا حيث درس سنتين وعاد إلى استانبول بمناسبة إعلان الحرب العالمية الأولى، فجند في الجيش العثماني (كجك ضابط) وعُين مراقباً على الأرزاق وقوافلها في بلدة (أرض الروم) وقضى مدة الحرب هناك. عندما انتهت الحرب عاد سعد الله إلى حلب، ودخل في حركة حقوق الإنسان، ولما قامت الثورات عام 1919 على أثر نية الحلفاء تقسيم البلاد العربية ودخول الفرنسيين سوريا؛ كان سعد الله الجابري على اتصال بزعيم الثورة في الشمال إبراهيم هنانو يؤيد ثورته ويدعمه، كما جدد اتصاله بمن كان معه في الكلية السلطانية مثل شكري القوتلي وغيره من العناصر الوطنية. ونظراً لجرأة الجابري في مواجهة الفرنسيين، فقد اعتقل في سجن أرواد مدة من الزمن مع هاشم الأتاسي وجماعة من الوطنيين... ومنذ ذلك التاريخ بدأت رحلة جديدة من النضال إذ كانت سوريا تغرق رويداً رويداً تحت وطأة المحتل الفرنسي. كان الجابري وجماعته يوالون الاجتماعات والاحتجاجات ورفع المذكرات لجمعية الأمم يشككون فيها بنوايا الفرنسيين، وحين أعلنت السلطة الفرنسية استعدادها لإقامة حكم دستوري في البلاد، كان الوطنيون قد قرروا في مؤتمرهم الدخول في الانتخابات، ولما أُنتخب إبراهيم هنانو والجابري لأول مجلس تأسيسي رأى الفرنسيون أن هذا المجلس لا يمكن أن يخدم مصالحهم، لذا عمدوا إلى إلغائه، فعاد الوطنيون إلى النضال وقامت المظاهرات والاحتجاجات واعتقل الجابري. وبعدما أّفرج عنه تنادى الوطنيون لوضع ميثاق الكتلة الوطنية ونظامها الأساسي فكان هاشم الأناسي رئيساً وإبراهيم هنانو والجابري نائبين للرئيس. لما رفضت الكتلة الوطنية معاهدة عام 1933، قامت المظاهرات في جميع أنحاء سوريا وجرت اعتقالات للوطنيين وكان من بينهم سعد الله الجابري حيث صدر عليه حكم بالسجن ثمانية أشهر. اشتد الطغيان الفرنسي في سوريا، وأُغلقت مكاتب الكتلة الوطنية وعمت الاعتقالات رجال حلب ودمشق وباقي المدن، واشتد الذعر وأضربت جميع المدن السورية، وأُلقي القبض مجدداً على الجابري ونفي إلى جزيرة (عين ديوار). تجاه ما وصلت إليه سوريا من الاضطراب، استدعى الفرنسيون الوطنيين واتفقوا معهم على أن يرسلوا وفداً يمثل وطنيي البلاد إلى فرنسا للمفاوضة لعقد معاهدة، فكان الجابري عضواً في هذا الوفد، فصدر عفو عام عن السوريين وأُفرج عن الوطنيين وتمت معاهدة عام 1936م. شغل الجابري وزارتي الداخلية ثم الخارجية في وزارة جميل مردم بك، في أول حكومة وطنية كان فيها هاشم الأتاسي رئيساً للجمهورية. لكن الفرنسيين أثاروا الفتن والنعرات الطائفية مما أدى إلى تعطيل الدستور وإنهاء الحكومة، فاستقال رئيس الجمهورية وكانت نهاية العهد الوطني. بتعطيل الحياة الدستورية وإبعاد الوطنيين عن الحكم، زاد إمعان الفرنسيين في اضطهاد الوطنيين، فاستولوا على السلطة مباشرة وأنشأوا حكومة موالية لهم، وفي هذا الظرف وقعت حادثة جعلت سعد الله وصحبه يغادرون سوريا كلاجئين إلى العراق، وذلك حينما وُعِد قاتل الوطني الدكتور عبد الرحمن الشهبندر بالعفو عنه، إذا اعترف أنه كان مدفوعاً إلى القتل من قبل رجال الكتلة الوطنية: شكري القوتلي وسعد الله الجابري وجميل مردم بك،غير أن القضاء برأهم. ولم يعد سعد الله الجابري إلى سوريا إلا حينما دخلت الجيوش البريطانية سوريا بصحبة جيش فرنسا الحرة وأُعلن استقلال البلاد. عندما انتُخب شكري القوتلي لرئاسة الجمهورية في 17/8/1943، تولى الجابري رئاسة وزارته. هذه الوزارة التي أدى عنادها الوطني إلى قيام الفرنسيين بعدوانهم على سورية عام 1945، وفي عهد وزارته أيضاً تم جلاء القوات الفرنسية عن البلاد. كان سعد الله الجابري رئيس الوفد السوري في توقيع بروتوكول الإسكندرية، ورئيس وفدها في اللجنة التحضيرية للمؤتمر العربي العام، كما حضر إعلان أنشاص لتأسيس الجامعة العربية. مرض سعد الله الجابري في آخر زيارة له إلى مصر، حيث كان هناك لحضور مجلس الجامعة العربة عام 1947... فبقي في الإسكندرية للتداوي، إلا أن رئيس الجمهورية شكري القوتلي طلب منه الاستقالة من رئاسة الوزارة فاستقال. رجع الجابري إلى حلب وقضى فيها بضعة أشهر، وما لبث أن وافاه الأجل في حزيران عام 1947. فارس الخوري نقلاً عن مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والإستراتيجية ولد فارس الخوري في قرية الكفير التابعة لقضاء حاصبيا في لبنان في 20/تشرين ثاني 1873م. والده يعقوب بن جبور الخوري مسيحي بروتستانتي، كان نجاراً وله بعض الأملاك الزراعية في القرية. والدته حميدة بنت عقيل الفاخوري ابنة رجل قضى في مذبحة عام 1860 بين الدروز والمسيحيين. كانت مهتمة بابنها البكر فارس كل الاهتمام وتخطت كل المصاعب من أجل تعليمه. متزوج وله ولد تلقى فارس الخوري علومه الابتدائية في مدرسة القرية، ثم بالمدرسة الأمريكية في صيدا، ولما كان متفوقاً على أقرانه فقد عينه المرسلون الأمريكان معلماً في مدرستهم الابتدائية في زحلة. دخل فارس الكلية الإنجيلية السورية، والتي سميت بعد ذلك (الجامعة الأمريكية) ببيروت. ولكن المرسلين الأمريكيين لم يمكنوه من الاستمرار، فقد عينوه من جديد في مدرستهم بقرية مجدل شمس عام 1892، ثم نقلوه إلى صيدا، وفي عام 1894 عاد للدراسة في الجامعة الأمريكية وحصل على شهادة بكالوريوس في العلوم عام 1897، وكانت هذه الشهادة في ذلك الحين شهادة ثقافية عامة ليس فيها اختصاص في أحد فروع العلوم والآداب، دعاه رئيس الجامعة للتدريس في القسم الاستعدادي كمعلم للرياضيات واللغة العربية. دعي فارس الخوري لإدارة المدارس الأرثوذكسية في دمشق، ولإعطاء بعض الدروس في مدرسة تجهيز عنبر. ثم عُين ترجماناً للقنصلية البريطانية (1902ـ 1908) حيث أكسبته وظيفته الجديدة نوعاً من الحماية ضد استبداد الحكم العثماني. لم يترك فارس الخوري الدرس والتحصيل، بل ظل منكباً على الدراسة والمطالعة فدرس اللغتين الفرنسية والتركية لوحده دون معلم وبرع فيهما، كما أنه أخذ يطالع الحقوق لنفسه، وامتهن المحاماة، وتقدم بفحص معادلة الليسانس بالحقوق فنالها. في عام 1908م انتسب لجمعية الاتحاد والترقي فكان هذا أول عهده بالسياسة. نظم فارس الخوري الشعر وأولع به، فكان شعره وطنياً تناول فيه القضايا العربية، وكذلك كان أديباً حيث ملأت منظوماته الشعرية وكتاباته الصحف السورية والمصرية. إلا أن انشغاله في علوم السياسة والاقتصاد والعمل الوطني والقومي والعلمي جعله ينصرف عن الشعر ولا يقوله إلا في المناسبات. انتخب فارس الخوري سنة 1914 نائباً عن دمشق في مجلس المبعوثان العثماني. وفي سنة 1916 سجنه جمال باشا بتهمة التآمر على الدولة العثمانية، لكنه بُرئ ونفي إلى استانبول، حيث مارس التجارة هناك. عاد فارس الخوري إلى دمشق بعد انفصال سوريا عن الحكم العثماني. وفي عام 1919 عُين عضواً في مجلس الشورى الذي اقترح على الشريف فيصل تأسيسه، كما سعى فارس مع عدد من رفاقه إلى تأسيس معهد الحقوق العربي، وكان هو أحد أساتذته، كما اشترك في تأسيس المجمع العلمي العربي بدمشق. تولى فارس الخوري وزارة المالية في الوزارات الثلاث التي تألفت خلال العهد الفيصلي. وعلى إثر احتلال الفرنسيين لسوريا عام 1920 انصرف الخوري إلى العمل الحر كمحام. ثم انتخب نقيباً للمحامين واستمر خمس سنوات متتاليات، كما عُين حقوقياً لبلدية دمشق، وعين أستاذاً في معهد الحقوق العربي لتدريس مادتي أصول المالية وأصول المحاكمات الحقوقية. لفارس الخوري ثلاث مؤلفات في القانون هي: (أصول المحاكمات الحقوقية) و(موجز في علم المالية) و(صك الجزاء). أسس فارس الخوري وعبد الرحمن الشهبندر وعدد من الوطنيين في سوريا حزب الشعب رداً على استبداد السلطة الفرنسية... ولما نشأت الثورة الفرنسية عام 1925 اعتقل فارس الخوري وآخرون ونفوا إلى معتقل أرواد. في عام 1926 نفي فارس الخوري إلى خارج سورية بسبب استقالته من منصب وزير المعارف في حكومة الداماد أحمد نامي بك احتجاجاً على سوء نوايا الفرنسيين. شارك فارس الخوري وعدد من الوطنيين في تأسيس الكتلة الوطنية، وكان نائباً لرئيسها يضع القرارات ويكتب منشوراتها، وهذه الكتلة قادت حركة المعارضة والمقاومة ضد الفرنسيين، وكانت من أكثر الهيئات السياسة توفيقاً وفوزاً مدة تقارب العشرين عاماً. على أثر الإضراب الستيني الذي عم سوريا عام 1936 للمطالبة بإلغاء الانتداب الفرنسي تم الاتفاق على عقد معاهدة بين سوريا وفرنسا، ويقوم وفد بالمفاوضة لأجلها في باريس، فكان فارس الخوري أحد أعضاء هذا الوفد ونائباً لرئيسه. انتخب فارس الخوري رئيساً للمجلس النيابي السوري عام 1936 ومرة أخرى عام 1943، كما تولى رئاسة مجلس الوزراء السوري ووزيراً للمعارف والداخلية في تشرين أول عام 1944... وكان لتولي فارس الخوري رئاسة السلطة التنفيذية في البلد السوري المسلم وهو رجل مسيحي صدى عظيم فقد جاء في الصحف: (... وأن مجيئه إلى رئاسة الوزراء وهو مسيحي بروتستانتي يشكل سابقة في تاريخ سورية الحديث بإسناد السلطة التنفيذية إلى رجل غير مسلم، مما يدل على ما بلغته سورية من النضوج القومي، كما أنه يدل على ما اتصف به رئيس الدولة من حكمة وجدارة). وقد أعاد تشكيل وزارته ثلاث مرات في ظل تولي شكري القوتلي رئاسة الجمهورية السورية. كان فارس الخوري متجرداً في أحكامه، عميقاً في تفكيره، صائباً في نظرته، وقد جره هذا الإنصاف لأن يقول عن (الإسلام) الذي درسه وتعمق فيه أنه محققاً للعدالة الاجتماعية بين بني البشر. فمن أقواله في الإسلام: (.. يمكن تطبيق الإسلام كنظام دون الحاجة للإعلان عنه أنه إسلام). ـ (… لا يمكننا محاربة النظريات الهدامة التي تهدد كلاّ من المسيحية والإسلام إلا بالإسلام). ـ (… لو خيرت بين الإسلام وبين الشيوعية لاخترت الإسلام). ـ (… هذا هو إيماني. أنا مؤمن بالإسلام وبصلاحه لتنظيم أحوال المجتمع العربي وقوته في الوقوف بوجه كل المبادئ والنظريات الأجنبية مهما بلغ من اعتداد القائمين عليها. لقد قلت ولازلت أقول، لا يمكن مكافحة الشيوعية والاشتراكية مكافحة جدية إلا بالإسلام، والإسلام وحده هو القادر على هدمها ودحرها). ويؤثر عنه كثير ممن عاشره حبه للإسلام وتعلقه به عقيدة وشريعة، وكثيراً ما أسر باعتقاده هذا إلى زائريه ومخلصيه. في عام 1945 ترأس فارس الخوري الوفد السوري الذي كُلّف ببحث قضية جلاء الفرنسيين عن سوريا أمام منظمة الأمم المتحدة، التي تم تأسيسها في نفس العام، حيث اشترك الخوري بتوقيع ميثاق الأمم المتحدة نيابة عن سورية كعضو مؤسس. كما ألقى الخوري خطبة في المؤتمر المنعقد في دورته الأولى نالت تقدير العالم وإعجابه. حيث أبدى فيها استعداد سورية وشقيقاتها العربيات لتلبية نداء البشرية من أجل تفاهم متبادل أتم، وتعاون أوثق، كما تحدث فيها عن خطورة المهمة الملقاة على عاتق المؤتمر، وأظهر تفاؤله في إمكانية تحقيق الفكرة السامية التي تهدف إليها المنظمة العالمية. وبناء على جهوده فقد منحته جامعة كاليفورنيا (الدكتوراه الفخرية) في الخدمة الخارجية اعترافاً بمآثره العظيمة في حقل العلاقات الدولية. انتخب فارس الخوري عضواً في مجلس الأمن الدولي (1947ـ 1948)، كما أصبح رئيساً له في آب 1947، وقد اهتم بالقضية الفلسطينية اهتماماً خاصاً، وأكد رفض الدول العربية إقامة دولة لليهود فيها. كما شرح القضية المصرية وطالب بجلاء الإنجليز عن أراضيها، وأكد على السلام العالمي وطالب بإنهاء تنافس الدول الكبرى، وحذر من وقوع حرب ذرية مدمرة. ولطالما ضجت هيئة الأمم بخطبه ومناقشاته باللغة الإنجليزية من أجل نصرة الحق في القضية العربية. عاد فارس الخوري إلى بلاده بعد انتهاء عضوية سورية في مجلس الأمن الدولي، وكان قد انتخب رئيساً للمجلس النيابي لعام 1947 عندما كان يمثل سورية في مجلس الأمن. ولكن عندما حل هذا المجلس على أثر الانقلاب الذي قام به حسني الزعيم ثابر فارس الخوري على عمله في الحقل الدولي، وترأس الوفود السورية إلى هيئة الأمم متابعاً نضاله ودفاعه عن القضايا العربية. في عام 1954 طلب رئيس الجمهورية هاشم الأتاسي من فارس الخوري تشكيل حكومة سورية، لكنها لم تستمر سوى أشهر معدودة، وكان من أهم الأمور السياسية أثناء توليه وزارته الرابعة، الصدى البعيد في المجلس النيابي، وفي دوائر الحكومة وجماهير الشعب الذي أحدثه صدور الأحكام القاسية ضد الإخوان المسلمين في مصر. مما جعل سائر الحكومات العربية (بما فيها الحكومة السورية) تتوسط لدى القاهرة لتخفيف هذه الأحكام، وعرض الخوري وساطته الشخصية بالإضافة لوساطة حكومته والشعب السوري برئيس جمهوريته ومجلسه النيابي وفئاته وأحزابه، وواضعاً كرامته الشخصية كرجل يحفظ له المصريون أخلد الذكريات، لقاء تخفيف هذه الأحكام فلم يجد ذلك نفعاً، ونفذت أحكام الإعدام في ست من أقطاب الدعوة الإسلامية في وادي النيل. فكان لذلك أثر كبير في نفسه لم يزايله بقية عمره. اعتكف فارس الخوري في منزله.. يذهب مرة كل عام إلى جنيف ليشترك في جلسات لجنة القانون الدولي التي هو عضو فيها. وأقيمت الوحدة بين سورية ومصر ولم يكن للأستاذ فارس الخوري أي رأي بقيامها أو بانهيارها. في 22 شباط 1960، أصيب فارس الخوري بكسر في عنق فخذه الأيسر بغرفة نومه، وكان يعاني من آلام المرض الشديد في مستشفى السادات بدمشق، حينما منح جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية من قبل الرئيس جمال عبد الناصر بناء على توصية المجلس الأعلى للعلوم والفنون. وكانت وفاة فارس الخوري مساء الثلاثاء 2 كانون الثاني 1962، في مستشفى السادات بدمشق. جميل مردم بك نقلاً عن مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والإستراتيجية ولد جميل مردم بك في دمشق عام 1893، وهو ينتسب لأسرة سورية عريقة. تلقى علومه الابتدائية والثانوية في معاهد الآباء العازاريين في دمشق، وقصد إلى دمشق للتخصص في العلوم الزراعية، وانتسب في الوقت نفسه إلى معهد العلوم السياسية في باريس، وفي العام 1911 أسس بالاشتراك مع مجموعة من الشباب المثقف جمعية سرية سميت (الجمعية العربية الفتاة) في باريس. وهدف هذه الجمعية تحرير الأرض العربية من الهيمنة الأجنبية. كان جميل مردم بك واحداً من الثمانية الذين وجهوا الدعوة للمؤتمر العربي لعام 1913، وشغل فيه وظيفة أمين السر العام المساعد، وكانت مهمته تنسيق الجهود وتصنيف المطالب الوطنية للعرب، وصدرت عن المؤتمر قرارات تم تبليغها للدول العظمى ولسفير الإمبراطورية العثمانية في باريس. وعندما صدرت موجات الحكم بالإعدام من قبل محكمة عالية على رواد القضية العربية، كان مردم بك مايزال في فرنسا، وعلى الرغم من ذلك فقد صدر الحكم عليه غيابياً. وبين عامي 1917 و1918 قام برحلة إلى دول أمريكا اللاتينية بصفته مندوباً عن مؤتمر باريس بهدف تقوية الصلة مع الجاليات العربية التي استقرت في تلك البلاد. بعد أن نجحت الثورة العربية وأُعلنت الهدنة، قصد الشريف فيصل بن الحسين أوروبا من أجل الدفاع عن التطلعات العربية بعد انسلاخ الأقاليم العربية عن الإمبراطورية العثمانية، وقد انضم جميل مردم بك الذي كان مايزال في فرنسا إلى الشريف فيصل، واستطاع أن يًسمع صوت سوريةفي خطاب ألقاه أثناء مؤتمر الصلح في فرساي. وقد عاد مردم بك إلى سورية برفقة الشريف فيصل في ربيع 1919، وأصبح بعد إعلان الاستقلال مستشاره الخاص، كما سمي معاوناً لوزير الخارجية الدكتور عبد الرحمن الشهبندر في حكومة الرئيس هاشم الأتاسي. بعد دخول الفرنسيين سورية بقيادة الجنرال غورو في تموز عام 1920، انتعشت الحركات التحريرية، وانضم جميل مردم بك مع مجموعة من رجال المقاومة إلى حزب الشعب الذي أعلن في العام 1925 الثورة ضد الاحتلال الفرنسي، وساهم في المعارك التي جرت بين قوات الاحتلال الفرنسي وبين المقاومة السورية. وعندما حاصرت القوات الفرنسية جبل الدروز وأمرت باعتقال زعماء الثورة، استطاع مردم بك الفرار والوصول إلى مدينة حيفا الفلسطينية. وقد سبق للمجلس العدلي أن أصدر الحكم عليه بالإعدام غيابياً. ولذا رضخت السلطات البريطانية لطلب تسليم مردم بك، فأوقفته وقامت بتسليمه إلى السلطات الفرنسية التي نفته إلى جزيرة أرواد قبالة مدينة طرطوس على الساحل السوري، وقد أعلن الفرنسيون بتاريخ لاحق العفو عن المنفيين في جزيرة أرواد. لما شكل زعماء النضال الوطني السوري عام 1928 حركة تحريرية عرفت باسم الكتلة الوطنية، أسندت أمانة السر العامة لهذه الكتلة لجميل مردم بك، وقد اتفق هؤلاء على توحيد نضالهم من أجل الوصول بسوريةإلى الاستقلال التام، مع المثابرة على عدم الاعتراف بالانتداب. في عام 1928، وبعد أن اقتنعت سلطة الانتداب بأن يكون لسوريةدستور تضعه جمعية تأسيس منتخبة من قبل الشعب، كان مردم بك واحداً من النواب الذين انتخبوا عن مدينة دمشق وساهم في وضع الدستور. دخل مردم بك الوزارة لأول مرة عام 1932 باسم الوطنيين وتقلد وزارتي المالية والاقتصاد الوطني، إلا أنه استقال بعد أن تأكدت الكتلة الوطنية أن فرنسا ليس لديها نية بالتنازل عن الانتداب، لكنه بقي في ساحة النضال من موقعه في الكتلة الوطنية يعمل بفاعلية ونشاط وقام بزيارة المملكة العربية السعودية والعراق ومصر وفرنسا. في عام 1934 عندما ثار خلاف بين المملكة العربية السعودية وإمامة اليمن، وتطور إلى نزاع مسلح، الأمر الذي أثار قلق الرأي العام العربي، اشترك مردم بك في لجنة المصالحة التي توجهت إلى الجزيرة العربية وبذلت المساعي الحميدة التي أدت إلى عقد معاهدة صداقة وتحالف بين البلدين. في مطلع عام 1936، دعت الكتلة الوطنية للإضراب العام، ولبت المدن السورية جميعها، وسارت مظاهرات ضخمة وألقت السلطة القبض على جميل مردم بك في أعقاب خطاب مثير ألقاه في مقبرة الباب الصغير بعد تشييع أحد الشهداء، وقد فرضت عليه الإقامة الجبرية في قصبة قرق خان، وقد استمر الإضراب حوالي الشهرين، انتهى بعد أن عقد اتفاق بين الكتلة الوطنية والسلطة الفرنسية، ينص على أن يذهب وفد سوري إلى باريس للمفاوضة من أجل إبرام معاهدة تضمن استقلال سوريا، وتألف الوفد برئاسة هاشم الأتاسي وكان مردم بك عضواً فيه، وبعد مفاوضات توصل الطرفان إلى عقد معاهدة في 9 أيلول/1936. ولما وضعت المعاهدة موضع التنفيذ وجرت انتخابات حرة نجح فيها مرشحو الكتلة الوطنية، وقد نجحت القائمة التي ترأسها جميل مردم بك عن مدينة دمشق والغوطتين، وفي أول جلسة عقدها المجلس انتخب النواب فارس الخوري رئيساً للمجلس وهاشم الأتاسي رئيساً للجمهورية. وألف مردم بك أول وزارة وطنية. وفي خلال عامي 1937 و1938، زار مردم بك فرنسا ثلاث مرات عمل خلالها على استعجال تصديق البرلمان الفرنسي على المعاهدة ومن أجل وضع بعض بنود المعاهدة موضع التنفيذ. وقد أجرى اتصالات عديدة تبادل خلالها وجهات النظر مع عدد من الشخصيات السياسية كان منهم هريو، وبلوم، وفلاندان، وبونيه، وفيينو وسارو. خلال هذه المرحلة أيضاً، برزت قضية لواء الاسكندرونة، وقام مردم بك بزيارة إلى تركيا تلبية لدعوة تلقاها من حكومتها وتدارس مع رجال الدولة الأتراك مختلف وجوه العلاقات السورية ـ التركية، كما تعرف على الرئيس كمال أتاتورك وتباحث معه في الشؤون التي تهم البلدين. وقد اتسمت هذه الاتصالات بين مردم بك والزعماء الأتراك بطابع التفاهم المتبادل الأمر الذي جعل من المؤسف أن تحل قضية لواء الاسكندرونة دون أي مساهمة سورية. قدمت حكومة مردم بك استقالتها في شهر شباط في جو عاصف اجتاح العلاقات الفرنسية السورية، وأكد أن فرنسا قد رجعت عن تنفيذ معاهدة 1936 في عامي 1940 و1941 زار مردم بك العراق والمملكة العربية السعودية، كما زار مصر بالاشتراك مع بشارة الخوري عام 1942. في عام 1943 أعيد العمل بالدستور، وأعيد انتخاب مردم بك في مجلس النواب وكُلف بنيابة رئاسة الحكومة ووزارة الخارجية من (آب 1943ـ تشرين الأول 1944)، ثم وزارة الخارجية مع وزارتي الدفاع والاقتصاد الوطني من (تشرين الأول 1944ـ آذار 1945) ومن جديد تولى وزارة الخارجية مع الدفاع من (آذار 1944ـ إلى آب 1945)، وشغل في هذه الأثناء رئاسة الوزارة بالوكالة في غياب فارس الخوري في سان فرانسيسكو. كما انتدب وزيراً مفوضاً في تشرين الأول عام 1945 إلى مصر لتأسيس المفوضية السورية، وكذلك إلى السعودية في تشرين الثاني عام 1945 للغرض نفسه. أعاد تشكيل الحكومة في تشرين الأول عام 1947، وتقلد بنفسه وزارة الدفاع الوطني عندما بدأت العمليات الحربية في أيار عام 1948، وأدخل إصلاحات جذرية في مؤسسة الجيش. شُغلت حكومة مردم بك بأكبر امتحان واجهته سوريةبعد الحرب العالمية الثانية، وذلك هو القضية الفلسطينية. فمع نهاية عام 1947، بدأت الحكومة تتعرض لضغوط من كل جانب لمنع تقسيم فلسطين (ولو بالسلاح)، وحين وصل نبأ قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين إلى دمشق، أضربت المدينة وثارت المظاهرات، واقتحمت السفارتين الأمريكية والبلجيكية والمركز الثقافي السوفييتي ومركز الحزب الشيوعي (وقتل أربعة من الشيوعيين)، وعرفت المدن السورية الأخرى حوادث مماثلة. وزاد مجلس النواب الضرائب وأقر قانون خدمة العلم وصوت على شراء أسلحة، واستقال كثيرون من ضباط الجيش السوري كي يشاركوا في جيش الإنقاذ، وبدأت عصابات مسلحة بمهاجمة مستوطنات يهودية قرب الحدود السورية. فتدخلت الوحدات البريطانية، كما بعثت الحكومة البريطانية بمذكرات إلى الحكومة السورية احتجاجاً على غارات المتطوعين العرب الذين كان يوجه عملياتهم فوزي القاوقجي، وقد جعل من سورية مقراً لقيادته، ووقّعت سورية الميثاق السياسي والعسكري للجامعة العربية لتوحيد الجهد تجاه فلسطين. وفي نيسان عام 1948، أثارت مذبحة دير ياسين الشعب السوري، وفي أيار عقد مجلس الجامعة العربية اجتماعاً في دمشق وسط انتقادات لاذعة للاجتماع الذي جاء في الوقت المتأخر، وفي 16 أيار أي بعد يومين من إعلان بن غوريون قيام دولة إسرائيل، دخل الجيش السوري فلسطين، ولكن سرعان ما صد في وادي الأردن بعد قتال عنيف، وتصاعد النقد الموجه للحكومة السورية، وبات معروفاً الفساد الواسع الذي صحب المجهود الحربي، وأعمال لجنة جمع التبرعات لفلسطين. وفي آب عام 1948، تشكلت حكومة جديدة احتفظ مردم برئاستها. ولم تلبث أن نشبت أزمة سياسية صحبها تدهور اقتصادي وتفجر الإضراب والمظاهرات في المدن السورية كافة، وحصلت مواجهات دموية، فاستقال جميل مردم بك في الأول من كانون الأول عام 1948، وأصبحت سورية بلداً بلا حكومة وبلا أمل في حكومة تنبثق من زعامة مدنية كفؤة. فهو بلد يهيمن عليه مواطنون مكروبون هائجون، واقتصاد منهار، وجيش أحس أن فئة الساسة المخططين قد خانته. قدم مردم بك استقالة حكومته بعد فشل الجيوش العربية في فلسطين، وغادر سورية إلى مصر وأقام في القاهرة إلى أن وافاه الأجل في عام 1960. وفي خلال هذه المدة جرت محاولات عدة لحمله على العودة إلى النشاط السياسي، لكن حالته الصحية لم تمكنه من ذلك. وعندما سقط حكم الشيشكلي في عام 1954، أوفد الرئيس جمال عبد الناصر كبار الشخصيات لإقناع مردم بك بالعودة إلى سورية ووعده بتقديم الدعم والمساعدة إذا رغب بترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية، لكن مردم بك الذي كان يعاني من أول أزمة قلبية تعرض لها، عارض الاقتراح ونصح مخاطبيه بأن يدعموا عودة الرئيس شكري القوتلي إلى رئاسة الجمهورية لأنه أُبعد عنها بطريقة غير دستورية، وعودته سوف تؤكد شرعية السلطة السياسية. في شهر أيلول عام 1954، أصدر جميل مردم بك تصريحاً أعلن فيه اعتزاله الحياة السياسية ولم يكن قد تجاوز الواحد والستين من العمر، وبتاريخ الأول من شباط عام 1958، دعاه الرئيس جمال عبد الناصر للوقوف معه ومع الرئيس شكري القوتلي عند التوقيع على الإعلان عن الوحدة بين سورية ومصر. وفي 30 آذار1960، توفي جميل مردم بك في القاهرة، ونقل جثمانه إلى سورية حيث ووري الثرى في مدافن العائلة بدمشق. ويُعتبر جميل مردم بك من أحد المساهمين الفعليين لحزب الشعب وكذلك الكتلة الوطنية ، وفي عام 1946 شكل الحزب الوطني وبعد اشتراكه في الحكم عهد الى نبيه العظمة أمر هذا الحزب ليؤسس فيما بعد الحزب الجمهوري حسني الزعيم نقلاً عن مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والإستراتيجية هو حسني ابن الشيخ رضا بن محمد بن يوسف الزعيم. ولد في حلب عام 1897، كان والده مفتياً في الجيش العثماني، وكان فاضلاً من رجال العلم، استشهد في هجوم على قناة السويس في الحرب العالمية الأولى سنة 1915. أما والدته فكردية، وله شقيقان: الأول الشيخ صلاح الزعيم والثاني بشير الزعيم. درس حسني الزعيم في المدرسة الحربية بالأستانة، وقبل أن يتم دراسته جُعل من ضباط الجيش العثماني، اعتقله البريطانيون في الحرب العالمية الأولى. ثم تطوع في الجيش الفيصلي الذي دخل دمشق وحارب العثمانيين، وفي عهد الانتداب الفرنسي تطوع في الجيش الفرنسي، وتابع علومه العسكرية في باريس. بعد وصول قوات فيشي إلى سورية انقلب على الديغوليين، وحارب ضدهم، وفي عام 1941 اعتقله الديغوليون، وأُرسل إلى سجن الرمل في بيروت حتى 17 آب 1943، حيث أُفرج عنه، وسُرح من الجيش وهو برتبة كولونيل (عقيد). منذ عام 1945 ظل يتردد على السياسيين وأعضاء مجلس النواب لإعادته إلى الجيش، فتعرف على رئيس تحرير صحيفة (ألف باء) نذير فنصة، الذي توسط له وأعاده إلى الجيش، فعين رئيساً للمحكمة العسكرية في دير الزور، ثم انتقل إلى دمشق مديراً لقوى الأمن. وفي أيلول 1948 أصدر رئيس الجمهورية مرسوماً بتعيين الزعيم قائداً للجيش بعد ترفيعه إلى رتبة زعيم. تطورت العلاقة بين الزعيم ونذير فنصة، بعد زواج الزعيم من شقيقة زوجته. عرف عنه إدمانه على شرب الخمر، ولعب القمار، وحب الظهور والمغامرة بصورة مسرحية ملفتة للانتباه، أصيب بمرض السكري الذي جعله عصبي المزاج متهوراً. كان الزعيم منذ صغره تواقاً للسلطة. له كلمة مأثورة: (ليتني أحكم سورية يوماً واحداً ثم أُقتل بعده). يعتبر حسني الزعيم، صاحب أول انقلاب عسكري في تاريخ سورية المعاصر، ففي ليلة 30 آذار 1949 قام بانقلابه متفقاً مع بعض الضباط، فاعتقل رئيس الجمهورية شكري القوتلي، ورئيس وزرائه وبعض رجاله، وحل البرلمان، وقبض على زمام الدولة وتلقب بالمشير. وألّف وزارة، ودعا إلى انتخابه رئيساً للجمهورية، فانتخبه الناس خوفاً في 26 حزيران 1949، وكان يحكم وقد وضع له غروره نصب عينيه صور نابليون وأتاتورك وهتلر. يقول أوين في كتابه (أكرم الحوراني): (لقد تأكد حديثاً بعد السماح بنشر بعض الوثائق السرية، وبعد ما يقرب من أربعين عاماً من انقلاب حسني الزعيم تورط الولايات المتحدة بأول انقلاب عسكري في العالم العربي، وكان قد أُشيع لسنوات بأنها ساندت انقلاب حسني الزعيم، كما كان مايلز كوبلند عضو المخابرات المركزية السابق قد ذكر في كتابه لعبة الأمم عن المساعدات الأمريكية لحسني الزعيم. ولكن روايته لم تؤخذ آنذاك على محمل الجد، واستناداً لما كتبه فإن سورية كانت على حافة اضطراب سياسي عنيف، بينما كانت حكومة الكتلة الوطنية عمياء عنه. ورأى السفير الأمريكي في سورية أن الأوضاع ستأخذ أحد مجرين: إما احتمال قيام الانتهازيين قريباً مع مساعدة السوفييت بانتفاضة دموية، أو أن يسيطر الجيش على السلطة بمساعدة الأمريكيين السرية للمحافظة على النظام، إلى حين إحداث ثورة سلمية. ويقول المؤلف أيضاً: وهكذا شرعت المفوضية الأمريكية بالقيام بعملية هدفها تشجيع الجيش السوري على القيام بانقلاب، من أجل الحفاظ على سورية من الاختراق السوفييتي، وجلبها إلى طاولة السلام مع إسرائيل، ولم يكن حسني الزعيم الخيار الأول لفريق العمل السياسي الأمريكي المشرف على العملية، ولكنه أصبح هدفها لأنه لم يكن هناك الكثير مما يمكن عمله، لقد رأى فيه الأمريكيون نواحي إيجابية عديدة، فقد كانت له مواقف شديدة العداء للاتحاد السوفييتي، وكان يرغب في الحصول على مساعدات عسكرية أمريكية، بالإضافة لكونه مستعداً لعمل بناّء بخصوص (القضية الفلسطينية)، واستناداً للوثائق السرية التي سمح بنشرها التقى الزعيم حسني الزعيم مرات مع مسؤول من السفارة الأمريكية، للنقاش حول الانقلاب، وقد بدأت هذه اللقاءات في أواخر 1948، وانتهى الإعداد للانقلاب أوائل 1948، وفي شهر آذار من العام نفسه تقدم حسني الزعيم بطلب المساعدة من الأمريكيين للقيام بانقلابه). دفع حسني الزعيم ثمناً للدول الكبرى لاعترافها به، اتفاقياتٍ تخولها إقامة نفوذ ومصالح لها في سورية، ففي 30 حزيران سُمح لشركة التابلاين الأمريكية أن تمارس عملها، وأن تنشئ المطارات وسكك الحديد وأن تشتري البضائع وتقيم المنشآت المعفاة من الرسوم والضرائب مقابل حصول سوريا على مبلغ 20ألف إسترليني سنوياً. كما صادق على الاتفاق الموقع بين سوريا وشركة المصافي المحدودة البريطانية، بشأن المصب في بانياس لتصدير البترول العراقي، ونصت الاتفاقية حصول الشركة على امتياز لمدة سبعين عاما لإنشاء وصيانة مصفاة أو مصافي في الأراضي السورية، على أن تؤول ممتلكات الشركة في سورية إلى الحكومة السورية بعد أن تنتهي مدة الامتياز، وتتعهد الحكومة السورية لقاء العائدات بإعفاء الشركة من الضرائب والرسوم وعدم انتزاع الأراضي التي تمتلكها طول مدة الامتياز. وتتعهد الحكومة بإعطاء الشركة أفضلية في الموانئ السورية كما لها الحق في إنشاء وصيانة ميناء أو موانئ في سورية لأغراض المشروع، وأن تضع عوامات لربط السفن وتنشئ إشارات وأضواء على الشاطئ وحواجز لصد الأمواج. ولها حق إنشاء السكك الحديدية، والطرق البرية وإنشاء وصيانة شبكات هاتفية وبرقية ولاسلكية، وتتعهد الحكومة بمنح موظفي الشركات الأجانب تسهيلات خاصة لتنقلاتهم عبر مراكز الحدود. وتحصل الحكومة على عائدات نسبية (6 مليون جنيه عن 2 مليون طن نفط الأولى، و10 مليون عن 4 مليون الأولى و13 مليون جنيه عن 6 ملايين طن فما فوق). كما صادق حسني الزعيم على الاتفاقية بين الحكومة السورية وشركة خطوط أنابيب الشرق الأوسط المحدودة البريطانية، لنقل النفط العراقي عبر أنابيب مارة في سورية إلى البحر الأبيض المتوسط. وقد حصلت هذه الشركة على امتياز لمدة سبعين سنة أيضاً لمد وصيانة خط أو خطوط الأنابيب من الحدود السورية ـ العراقية شرقاً وحتى البحر الأبيض غرباً. وتضمنت الاتفاقية بنوداً مشابهة لبنود الاتفاقية الموقعة مع شركة المصافي المحدودة. وفي 7 تموز 1949 سلم الزعيم الحكومة اللبنانية (أنطون سعادة) زعيم الحزب القومي السوري الاجتماعي، الذي التجأ إليه وكان محكوماً عليه بالإعدام، ليتم إعدامه في 8 تموز، مما أثار سخط السياسيين وعامة المواطنين عليه. فقد الزعيم في غضون ثلاثة أشهر معظم شعبيته، وأثار عداء مختلف فئات المواطنين. فسياسته الموالية للغرب أثارت عليه الفئة المحايدة، وتصرفاته الرعناء جلبت عليه سخط الزعماء الدينيين وأتباعهم من المدنيين، وأساليبه الأوتوقراطية قوضت آماال الليبراليين. والأهم من ذلك كله أنه خلق سخطاً بين الضباط بتعيينه اللواء عبد الله عطفة الذي أخفق كقائد للجيش السوري في الحرب الفلسطينية وزيراً للدفاع، وكذلك بترفيعه لكثير من أصدقائه ومؤيديه في الجيش. وضع حد لحكم الزعيم حين أطاح به خصومه العسكريون ليلة 13 آب 1949. وضُم إليه رئيس وزرائه محسن البرازي ونذير فنصة مستشاره الخاص، واجتمع المجلس الحربي الأعلى برئاسة الزعيم سامي الحناوي، وأجرى محاكمة سريعة لرؤوس العهد، وأصدر حكمه: بإعدام (حسني الزعيم ومحسن البرازي) وبعد لحظات من صدور الحكم نُفذ بهما حكم الإعدام رمياً بالرصاص، وذلك في 14 آب 1949 تاريخ سورية "9" فترة الحكم الوطني [SIZE="5"] [COLOR="red"]تُعتبر فترة الحكم الوطني من الجلاء حتى الانقلاب العسكري بقيادة الجنرال الأرعن حسني الزعيم ، امتداداً للحكم الوطني الديمقراطي الذي ابتدأ رسمياً في آب عام 1943 في ظل الاحتلال الفرنسي لمُقاومته، [/COLOR]إثر النضالات الصعبة والتضحيات الكبيرة التي قدمها شعبنا ورجاله الوطنيين الشُرفاء للتخلص من الاستعمار الجاثم على أرضنا السورية على مدار ربع قرن من الزمان ، والتي أدت تلك النضالات والتضحيات إلى انتخابات تشريعية نزيهة لأكثر من مرّة لاختيار ممثلي الشعب الذين كانوا يُطوقون بعد كل نجاح بما يُقوض مشاريعهم للتخلص من الاحتلال عبر عمليات الدس والتحريض وتأليب القوى عليهم وبعث الفتن والضغائن ، إلى انتخابات 1943 التي جاءت بالمُناضل الكبير شكري القوتلي رئيسا للجمهورية العربية السورية ؛ الذي كان له الفضل الأكبر لما ملكه من حكمة وإخلاص لقيادة سورية نحو التحرر وجلاء المحتل الفرنسي إلى غير رجعة ،والذي استمر على رأس الدولة إلى يوم الانقلاب العسكري الأول عليه وعلى الديمقراطية والحياة المدنية ، ليضطر حينها إلى تقديم استقالته وحكومته وهو داخل سجنه في 6\4\1949، ليعود فيما بعد فترة الانقلابات منتصف الخمسينيات وسلطة العسكر ، وعبر الانتخابات التشريعية إلى الرئاسة ثانيةً ، ليتم على عهده الثاني الوحدة مع مصر عام 1958 ، ويتنازل حينها عن الرئاسة لصالح الرئيس جمال عبد الناصر ، ليطلق عليه حينها لقب المواطن العربي الأول . هذا المواطن العربي الأول الذي كان مع الاستعمار صلباً وفي المواجهة ، وكان في نفس الوقت مع إخوانه السوريين خادمهم ومُلبيا لحاجاتهم ، وهو الذي أنفق جُلّ ماله لدعم قضية الاستقلال والتآلف الوطني ، الذي تجلت أروع صوره في تشكيلاته الحكومية المتتالية ، وكذلك في أشخاص المُرشحين والفائزين للمجالس البرلمانية التي وجدنا فيها التمثيل الأفضل لكل فئات الشعب ،سواءاً كان ذلك قبل الاستقلال أو بعده ، أي ما بعد جلاء الفرنسيين عن بلادنا ، والتي كلف القوتلي حينها أول حكومة في 27\4\1946 برئاسة سعدا لله الجابري الذي وُصف أيضاً بالتصلب والحزم مع المحتل وصدق الوطنية وحسن الأداء والكفاءة على نفس مستوى الرئيس القوتلي في العزيمة والشكيمة ، ، وقد ضمّت هذه الحكومة أسماءا تُعبر عن معظم شرائح المجتمع من الأحزاب الوطنية التقليدية ذات التاريخ النضالي العريق ، ولأهميتها التاريخية سأذكر أسماءها ، وهم " خالد العظم للعدل والخارجية ونبيه العظمة للدفاع وصبري العسلي للداخلية وأحمد ألشرباتي للمعارف ميخائيل آليان للأشغال العامة وأدمون حمصي للمالية وعادل أرسلان للمعارف ، والتي جعلت من أُولى مهامها إعادة هيكلة الدولة بما يضمن المساواة بين مختلف أبناء الشعب وإقامة العدل وتكافؤ الفرص وضمان الاستقرار بما يكفل إعادة الاستثمار وعودة رؤوس الأموال لتأمين فرص العمل لكل المواطنين ، وقد استطاعت بالفعل تأمين مُعظم أهدافها ، إلا أن هذه القوى الوطنية وشخصياتها لم تستطع تطوير نفسها تنظيمياً وتقنياً بما يلاءم العصر ، مُعتمدة في وصولها للسلطة على سجلها الوطني وارتباطاتها بالوجاهات والأحياء والعوائل ، دون أن يكون لها منهج ورؤية أو بنية تنظيمية ، والذي زاد من شرذمتها وضعفها فيما بعد كثرة اختلافاتها الشخصية التي عمّقت من الشرخ بين مكوناتها ، مما ساعد على ضعف تأثيرها في نفوس الناس مع الأيام ، الذين انجر الكثير ممن هم في سن الشباب وراء تلك الأفكار البراقة التي تبنتها بعض الأحزاب التقدمية ، القائمة على الإيديولوجيات والضبط والتنظيم ومعسول الكلام ، مما أدخلها في المُنافسة الحقيقية على كسب الشارع ، لتؤثر في الحياة العامة ، وتُمهد الطريق فيما بعد للقبول بالانقلاب الأول بعد ثلاث سنوات من الاستقلال والحياة الديمقراطية ، دون أن يلقى الإنقلابيون لأي مقاومة ؛ الذين دعمتهم تلك القوى المُسمات بالتقدمية ، المتعاونة مع الضباط الفاسدين وقوى الاستعمار الذين كانوا يتلقون الدعم منها ، مما أدّى ذلك إلى ضياع الإرث الديمقراطي الكبير الذي شهدته سورية إلى ما قبل قيام الانقلاب العسكري الأول المُشين بقيادة الجنرال حسني الزعيم ، وتآمر الغادرين ، وليتعاقب على السلطة ما بعد الاستقلال إلى يوم الانقلاب خمس حكومات . ومنها الحكومة الثانية بعد الاستقلال ، والتي قد شُكلت بعد استقالة حكومة سعد الله الجابري بسبب تدهور وضعه الصحي ، وعدم مقدرته للقيام بمهامه ، الذي ناب عنه في تلك الفترة خالد العظم لشهري 11و12 للعام نفسه 1946 ، ليُكلف الرئيس القوتلي بعد ذلك السيد جميل مردم مكانه برئاسة الوزارة رسميا ومعه حقيبتي الداخلية والصحة في 28\12\1946 – 6\10\1947 ، والتي كان فيها سعيد الغزّي وزيرا للمالية وأحمد ألشرباتي في الدفاع وحكمت الحكيم للاقتصاد وعادل أرسلان للمعارف وعدنان الأناسي للعدل والأشغال العامة ونعيم أنطاكي للخارجية ، وعلى عهد هذه الحكومة تمّ انتخاب المجلس النيابي الثاني في العهد الوطني في 7\7\1947 ، والذي بدوره قام على تعديل الدستور للسماح لرئيس الجمهورية شكري القوتلي بترشحه لمرة ثانية ، تقديراً له ولنضاله ، ووفاءاً لهذا الرجل الكبير الذي قاد السفينة بأمان ، وخوفاً من إحداث هزّة انتخابات رئاسية مع وجود انقسام بالرأي العام اثر أحداث فلسطين ، وما رافقها من إثارة وغليان لا يعرف المرء أين ستؤدي بالوضع لو انفتحت الأمور على مصراعيها ، ولم تُعرف أبعاد الخطوات القادمة ، لتستقيل الحكومة الثانية في 6\10\1947 بعد الانتخابات التشريعية لاختيار حكومة بديلة للعهد البرلماني الجديد . الحكومة الثالثة : كانت برئاسة جميل مردم بك إضافة للخارجية بتاريخ 6\10\1947 – 22\8\1948 وسعيد الغزّي للاقتصاد وأحمد ألشرباتي للدفاع ومحسن البرازي للداخلية والصحة وأحمد الرفاعي للعدل والأشغال العامة ووهبي الحريري للمالية ومنير العجلاني للمعارف ، وفي عهد هذه الحكومة أُعيد انتخاب الرئيس شكري القوتلي رئيساً لولاية ثانية درءا لأبواب الفتنة والانقسامات بعد خسارة حرب فلسطين ، واعتماداً على حزم هذا الرجل ووطنيته وسمعته وتاريخه لتخطي تلك المرحلة الصعبة ، الذي ابتدأت ولايته فيها من 17\8\1948 ، وفي عهده هذه الحكومة هُزمت الجيوش العربية في مواجهتها مع الكيان الصهيوني الذي أعلن عن إنشاء كيانه ودولته بعد انسحاب القوات البريطانية في 15\5\1948 وتسليمهم فلسطين للصهاينة ، وكانت سورية تُعتبر من أكثر الدول العربية تأثراً بما حدث في فلسطين ، مع أنّ الجيش السوري في ذلك الوقت كان فتياً وقليل العدد وقد تمكن من إحراز انتصارات كثيرة على العدو الصهيوني والوصول إلى بحيرة طبريا ، إلا أن استهدافاً شخصياً تحت قبة البرلمان كان يستهدف حسني الزعيم قائد الجيش المُتهم بدعم ضباط التموين الذين ثبت جلبهم للأغذية المغشوشة والفاسدة ، مما دفع الأمور الى التطور لتأخذ منحى التصعيد مابين المُعارضة والسلطة التي أُنهكت بفعل تلك الاحتجاجات والمظاهرات . الحكومة الرابعة : أيضاً برئاسة جميل مردم بك الذي حمل معه حقيبة الدفاع في 22\8\1948 -16\12\1948 ، وكُلف بها للمرة الثالثة بعد استقالة وزارته السابقة إثر مباشرة الرئيس شكري القوتلي لمهامه كرئيس لفترة ثانية مدتها خمس سنوات ، وضمّت هذه الوزارة لطفي الحفار نائباً لرئيس الوزراء وزيرا للدولة وسعيد الغزي للعدل والمالية ومحسن البرازي للخارجية ومحمد العايش للزراعة والدولة وصبري العسلي للداخلية وميخائيل آليان للاقتصاد وعادل أرسلان للصحة والشؤون الاجتماعية وأحمد الرفاعي للأشغال العامة ووهبي الحريري للمالية ، والتي –الوزارة – اضطرت للاستقالة بسبب تداعيات حرب فلسطين عام 1948 ، وتحميل الشعوب لحكامها نتيجة التقصير ، واصطدام الجماهير مع السلطات أدت في النهاية إلى سقوط العديد من الحكومات العربية ومنها الحكومة السورية برئاسة جميل مردم الحكومة الخامسة : كُلف بها خالد العظم في أعقاب المظاهرات والاضطرابات التي أعقبت حرب فلسطين في 16\12\1948 – 6\4\1949 ، ليحمل فيها العظم أيضاً حقيبتي الدفاع والخارجية ، ومحسن البرازي للمعارف ومحمد العايش للزراعة ، وأحمد الرفاعي للعدل والصحة والشؤون الاجتماعية وحنين صحناوي للاقتصاد وحسن جبارة للمالية وعادل العظمة للداخلية ومجد الدين الجابري للأشغال العامة ، وكان من مهام هذه الوزارة أن تعالج اتفاقية التابلاين لمرور البترول داخل سورية لتقدمها للمجلس النيابي وكذلك النظر في اتفاقية النقد السوري المعقودة مع فرنسا للتصديق عليها أو رفضها، وكذلك معالجة الموقف على الجبهة الفلسطينية لعقد هدنة مع الكيان الصهيوني ، وتأمين الموارد المالية لتسديد ثمن الأسلحة المُشتراة من فرنسا ، إلا أن الاضطرابات والمظاهرات المدعومة من بعض البرلمانيين الناقمين على قائد الجيش حسني الزعيم الذي ثبت تورطه في عمليات فساد ودعم الضباط الفاسدين بعد تشكيل الحكومة الجديدة لم تهدأ ، مما دعا الحكومة إلى الإعلان عن فرض الأحكام العرفية والاستعانة بالجيش لفرض النظام ، الذي اغتنم قائده حسني الزعيم الفرصة وبدعم أمريكي فرنسي لإنجاح الانقلاب لتمرير معاهدة التابلاين مع أمريكا واتفاقية النقد مع فرنسا ، التي تنظم وضع العملة السورية وعلاقتها مع الجانب الفرنسي وكان ذلك أيضا بتعاون وثيق من أكرم الحوراني صاحب الصلاة الوثيقة بالانقلابيين ومُعد بيان الانقلاب وقارئه ليُعلن الانقلاب المشئوم في 30 آذار 1949 ، ويتم بعدها التوقيع من قبل حسني الزعيم على كل المُعاهدات المشبوهة والهدنة مع إسرائيل بكل سهولة ويسر . مواضيع متعلقة : سعدالله الجابري وجميل مردم وحسني الزعيم عنهم : في مُلحقات تاريخ سورية 8 خالد العظم عنه : في ملحقات تاريخ سورية 6 بيان الانقلاب الأول لحسني الزعيم ... الذي أعده وقرأه أكرم الحوراني 30 آذار 1949 ومما جاء فيه ( .... مدفوعين بغيرتنا الوطنية ومتألمين لما آل إليه وضع البلد من جرّاء افتراءات من يدعون أنفسهم حكاماً مُخلصين لجأنا مضطرين إلى تسليم زمام الحكم مؤقتاً في البلاد التي تحرص على استقلالها كل الحرص ، وسنقوم ما يترتب علينا نحو وطننا العزيز غير طامحين إلى استلام الحكم بل القصد من عملنا هو تهيئة حكم ديمقراطي صحيح محل الحكم الحالي المزيف ، وإننا لنرجو من الشعب الكريم أن يلجأ للهدوء والسكينة مقدماً لنا المعونة والمساعدة للسماح لنا بإتمام مهمتنا التحريرية وإن كل محاولة للإخلال بالأمن من بعض العناصر الهدامة تقمع فورا دون شفقة أو رحمة ) مكونات الجيش السوري بعد الاستقلال نيسان 1946 كان الجيش السوري بعد جلاء القوات الأجنبية مكونا من فلول الجيش المختلط والحرس السيار والهمّل وخليط من الأقليات الغير متجانسة التي اُستقدمت من مناطقها لتكون بتصرف المندوب السامي الفرنسي كي يحفظوا ولاء الأقليات ، ولذلك فقد كانت العائلات المالكة للأراضي والإقطاعية تحتقر الجندية كمهنة لوجود هذا الخليط الهجين الكسل المتأخر دراسياً والمغمور اجتماعياً والمعروف بتهوره ومغامرته لأنه لا يملك الأبعاد لقراراته ، وأيضاً لسيطرة العاطفة الوطنية على تلك العائلات ، التي تعتبر الانتساب إلى هذا الجيش في فترة مابين الحربين العالميتين خدمة للمحتل الفرنسي ، وقد انضمت هذه الفلول فيما بعد إلى قوة الدرك السورية التي قاوم الكثير منها الجيش الفرنسي المحتل اثر اندلاع الثورة الشعبية للمطالبة بالاستقلال ، والتي كان لرجال الدرك الأكثر وعياً وانتظاماً حينها من المواقف المُشرفة في حلبة النضال الوطني وهي معروفة من الجميع ، ومن هذا المزيج تكونت القوات السورية الوطنية ، وصدر بعدئذ قانون الخدمة العسكرية الإلزامية على اثر حرب فلسطين وكان أكثر ضباط وجنود الجيش من العساكر الذين تطوعوا في صفوف الجيش الفرنسي السوري المختلط ، وكان لا يُسمح لهم بالارتقاء المناصب العليا القيادية في الجيش ، وبالتالي لم يكونوا بشعورهم بمستوى الحركة الوطنية ، مما جعل الجيش السوري الناشئ مطية سهلة للمغامرين من ضباطه ، وكان سبباً من أسباب الشقاق والتمزق في صفوفه ، وإبعاده عن واجبه المُقدس في الدفاع عن حدود الوطن وتحمل مسؤوليته وزجه في خضم السياسة والنزاع الحزبي والطائفي والعشائري، وكما قال بشير فنصة عن تلك المرحلة بأنها لأسباب ظروف تاريخية دولية فُرضت على سورية بحكم الانتداب والاستعمار الفرنسي للقضاء على استقلالها المنشود ، وقال فنصة عن هذا الجيش الذي ضم فلولا من العساكر والضباط المرتزقة بأنهم احد مخلفات الانتداب الفرنسي الذي عمل جاهداً في سبيل القضاء على جميع المؤسسات ذات الطابع الوطني المستقل ، وربط جميع أجهزة الدولة بما فيها القوات المسلحة بالحكام والمستشارين الفرنسيين تاريخ سورية 10 الأحزاب السياسية ما قبل الاستقلال " 1 " عتب علي العديد من الأصحاب لكوني لم أذكر المراجع الكثيرة لمواضيع بحثي ومقالاتي التسع الماضية عن تاريخ سورية وقد أيدهم بذلك ، ولكنني مددتهم بها لكونهم يعملون بحوثاً ويستفيدون منها مما قلب المُعادلة عندهم زيادة في الأهمية ولذلك ارتأيت أن أضع أسماء المراجع أسفل هذه المقالة عمّا كتبته في الماضي واللاحق، ولا أعتقد أن ما تطرقت إليه من تاريخ سورية كان سهلاً بل استغرق وقتاً طويلاً وخاصة فيما يتعلق بالتاريخ الذي تناولته منذ خروج القوميين الأتراك من سورية إثر هزيمتهم في الحرب العالمية الأولى وليست الخلافة العثمانية كون الخلافة كانت مُعطّلة ، بدءاً من مُخطط السلاطين والخلفاء العُثمانيين الذي يوصلنا إلى بدء التاريخ السوري المستقل والحديث ، والذي نال استحسان وإعجاب الأكاديميين والمُتخصصين في التاريخ من الأتراك واليمنيين وكبار رجال السياسة في البلد عندما وزعته على المؤتمر الذي دُعيت اليه تحت عنوان مُناقشة البُعد التاريخي للعلاقات التركية اليمنية في جامعة العلوم والتكنولوجيا بصنعاء ، وعنوان المقالة التي تناولته بها ( العُرب والترك والكرد وغيرهم هم سواء تحت راية الإسلام ) ورابط المخطط التفصيلي للخلافة العثمانية (http://www.asharqalarabi.org.uk/markaz/salatin.doc ) ثم مرورأ بالحكومة العربية الأولى باسم الشريف حسين بن علي قائد الثورة العربية الكبرى ، من ثُمّ تنصيب ابنه الأمير فيصل ملكاً على سورية ومن ثُم فترة الإنتداب الفرنسي التي استمرت إلى يوم الجلاء عام 1946 وبما تخللها من ملاحم وطنية بطولية وقفت كل فئات الشعب ضد تجزئة سورية وضد الاحتلال لتصنع سورية المجد والحرية والحلم بدم ودموع ونضالات وآمال وآلام وتلاحم ومحبّة وُمُعاونة الأشقّاء ، ليكون الحكم الوطني الديمقراطي في نهاية المطاف الذي أطاح به الدكتاتور الأرعن حسني الزعيم بانقلابه العسكري المشئوم بدعم الغرب وأمريكا في 30 |3\1949 ، ليُقضى بعدها على الحلم السوري الذي تراجعت طموحاته في الهدف المنشود وانتكبت سورية به ثُمّ عمل على القضاء على الحراك السياسي والحياة المدنية المتآلفة والأجواء الديمقراطية وعلى الأحزاب الوطنية التي كان لها الفضل في التجييش ضد الاستعمار ودحره ، وعلى الصحف التي كانت المرآة العاكسة لكشف أي فساد ، ولم يبقى لشيء مسموح فيه غير التسبيح بحمد هذا الطاغوت ، الذي لم يسمح لأحد بالظهور إلا لوجهه القبيح وحركاته البهلوانية الممجوجة والسخيفة واستعراض عضلاته وسقم تفكيره ، ولا لصوت أن يعلو فوق صوته ، لتحل الكارثة في سورية بسياسة الانقلابات وسلوك القتل والاعتقال للمعارضين ، وليبقى هذا الأسلوب مُتبعاً إلى يومنا هذا في التعامل مع المُخالفين مع ازدياد أعداد المتضررين والمنفيين قسراً بما لم يدخل في الموسوعات العالمية ولا سيما موسوعة غينس للأرقام الخيالية ، وليهز هذا الطاغوت الخبيث المجتمع الدمشقي والسوري بشكل عام ، وليُعلن على الملأ إعجابه الشديد بأتاتورك الخسيس ويسير على خطاه ، بمحاربته للباس التقليدي العربي والكوفية والعقال وإزالة الأوقاف الإسلامية وإحلال قوانين غربية مكان القوانين الإسلامية ، وتشجيعه على الملاهي الليلية الإباحية وعهر المُجتمع ومنع الأحزاب والصحف واعتقال رؤسائها ، ثُم تعقبه لكل من له علاقة بالسلطة من مكانة أو رأي ، وقبل الدخول في التفاصيل نتوقف بشرح موجز عن الأحزاب التي كانت قائمة الى ما قبل مجيء هذا الدكتاتور كانت الحياة السياسية في سورية – سورية ولبنان - قد بدأت بتأسيس الجمعيات الأدبية والثقافية والدينية والاجتماعية ، وهم الذين لعبوا الدور الأساس في تأسيس الأحزاب الكبيرة الفاعلة في الحياة السياسية التي كانت إلى جانب الصحافة الأكثر نوراً وإشراقاً في تاريخ سورية الذي وصل إلى درجة التحضر والوعي ما لم يبلغه أحد من الدول المُجاورة ، وقد نادت في تلك الفترة بالاستقلال والتخلص من حكم الأتراك الطولونيون المُتزمتين المُسيطرين على مقاليد الأمور وليست الخلافة العثمانية التي كانت تعيش في رُباها كل الأعراق في تآخ وانسجام ، بغية إقامة الخلافة العربية - التي حالت دون قيامها اتفاقية سايكس بيكو السرية- بدلاً من الحكم الأتاتوركي البغيض ، الذي ميّز بين البشر على أساس العرق وأهمل أقاليم الأطراف التي عانت الفقر والبؤس والتأخر لتأتي هذه الأفكار بدعوى النهوض بالبلدان ، ولتجري فيما بعد الأحداث بناءاً على هذه المُعطيات وقد تأسس في سورية – سورية لبنان الأردن فلسطين - إلى ما قبل 1908 تاريخ الانقلاب الأتاتوركي الذي كان يعمل أسياده على إضعاف الدولة العثمانية على مدار خمسين عام ويزيد إلى أن نجح هذا التلميذ بإنهاء الخلافة العثمانية تماما ، وكان في تلك الفترة العديد من الجمعيات والأحزاب السياسية ، البعض منها كان مشبوهاً ومُمولاً بقصد استهداف الخلافة العثمانية والسلطان عبد الحميد الذي كان يُقاوم ويُحاول أن يُعيد مجد دولته دون جدوى ، فكان لبعض هذه الأحزاب توجهات وامتدادات إلى الاستعمار والغرب المتآمر على إسقاط الخلافة العثمانية وإنهائها وتفتيتها ، وقد لعب كمال أتاتورك قائد الجيش حينها وعسكرياته دور المتآمر لتوريط الدولة العثمانية للدخول في الحرب العالمية الأولى لإنهاك السلطنة العثمانية ومسك زمام الأمور بيده بدعم غربي واضح ، وبتأييد من بعض الأحزاب التي تم تجهيزها لهذه المُهمة ومن الجمعيات والأحزاب التي وُجدت إلى ما قبل انقلاب 1908 1- الجمعية العلمية السورية : أسست في بيروت 1847 وكانت كناد أمريكي أسسه المُبشرون قبل افتتاح المدارس الكبيرة ، نشطت واستقطبت رجال فكر ومثقفين وكان من أهم أهدافها النيل من الخلافة العثماني 2- جمعية بيروت السرية : أسست عام 1875 من خريجي الجامعات الأمريكية في بيروت ، وتُعتبر هذه الجمعية أول من عمل بشكل مُنظم في حركة العرب القومية 3- مؤتمر دمشق عام 1877 : عُقد من وجهاء دمشق وصيدا وصور بالتعاون مع علماء الشيعة للدعوة إلى استقلال سورية – سورية ولبنان والأردن وفلسطين -عن الخلافة العثمانية بأقاليمها الأربعة ، والاعتراف بالخلافة العثمانية واختيار الأمير عبد القادر الجزائري أميراً ، وهذا المؤتمر لم يحظى بقبول البريطانيين على عكس الفرنسيين الذين دعموه وأيدوه ، ولكن مُحاولة هذا المؤتمر باءت بفشل أهدافها ، إذ استطاع العثمانيين من إحباطها 4- جمعية حفظ حقوق الملّة العربية : وأسست عام 1881 ، وكان خطابها عروبي حاد يدعوا المسلمين والمسيحيين إلى الإتحاد للتخلص من الحكم العثماني 5- الجمعية الخيرية في دمشق : جمعية إسلامية خيرية تعمل في مجال السياسة ، أسسها الشيخ طاهر الجزائري أواخر القرن التاسع عشر ، وكانت تدعوا إلى إعادة العمل في الدستور العثماني المُعطل ، وجعل الحكم في البلاد العثمانية عامة والعربية خاصة على أساس حكم شوروي ، وكان من الرجال الأوائل في هذه الجمعية مصلحين ومؤلفين معروفين كالشيخ جمال الدين القاسمي والشيخ عبد الرزاق بيطار والشيخ سليم البخاري ، ثم التحق بهم كل من السادة رفيق العظم ومحمد كرد علي وفارس الخوري وعبد الحميد الزهراوي وشكري العسلي وعبد الرحمن الشهبندر... 6- وجمعية وطن المُنبثقة عن حزب الإتحاد والترقي وكانت برئاسة كمال أتاتورك ومقرها في استانبول ثم امتدت إلى دمشق والقدس وكان أعضائها من ضباط الجيش الخامس الذي كان مقره في سورية 7- جمعيات متعددة ومنها : جمعية أحرار حمص ، وحزب أباة الضيم في حلب ، وجمعية النشأة التهذيبية في حلب لتحريض الشباب الناشئة لإنشاء جمعيات لبث الرقي العلمي والتقدم الأدبي ولم تطل من أيامها إذ أقفلت بعد عام من انشائها 1907 الجمعيات والأحزاب التي أُسست في استانبول بعد الانقلاب الأتاتوركي من عام 1908 إلى عام 1914 والتي شارك فيها السورين إخوانهم العرب في التأسيس وفي بعض الجمعيات والأحزاب التركية 1- الجامعة الإسلامية في استانبول : أسست أواخر العهد العثماني وفتحت لها فروع في الدول العربية وكان من غاياتها الوقوف ضد الاتحاديين ، ومن أبرز قادتها شكيب أرسلان والشيخ عبد العزيز جاويش ومحمد العظم دمشق وآخرون 2- جمعية الإخاء العربي العثماني منصف عام 1908 : أسست من قبل المثقفين العرب من جميع الولايات العربية ، ومن أبرز المؤسسين صادق باشا المؤيد العظم وكان مُنتمياً إلى جمعية الإتحاد والترقي وضابطاً سابقاً في الجيش العثماني ، وكان من أبرز أهدافها جمع كلمة الملل والمكونات العثمانية على أساس عدم التمييز بين المذاهب والجنسيات ، وتمكين الرابطة الجامعة بينهم لخدمة الدولة العثمانية ولم يذكروا في برنامجهم الأمة العربية ولم يدعو إلى الاستقلال عن الدولة العثمانية حسب المُسمى آنذاك ، ولكنها دعت إلى نشر الثقافة العربية والمُحافظة على عاداتهم وتقاليدهم ، وبالتالي مع إن نجح كمال أتاتورك بخلع السلطان تنصل من مسؤولياته عنها بسبب سياسته التتريكية ، فأنهى حياة هذه الجمعية التي تتعارض مع مبادئه التتريكية وأغلق جريدتهم فبقيت إلى 13 نيسان 1909 3- المنتدى الأدبي : أسس عام 1909 على أنقاض جمعية الإخاء العربي بعد أن تم إغلاقه العثماني وليس على أساس سياسي مما أدى إلى الاعتراف به رسمياً بينما رجاله من مناهضي التسلط التركي ، وقد انتخب رئيساً له أحمد جميل بك الحسيني رئيساً ، وهو خليط من المثقفين والأدباء والمفكرين والعسكريين والأسماء اللامعة المعروفة ، استطاعوا أن يُطوروا العمل السياسي وينشروا أفكارهم في العديد من الدول العربية ، وأصدوا باسمهم مجلتهم وتواصلوا مع رجالات الحكم في اليمن والسعودية واستطاعوا أن يثبتوا أنفسهم على الأرض ويُحققوا إنجازات على نطاق السلطة المحلية 4- الحزب النيابي العربي : أسس في عام 1911 على شكل تكتل نيابي يُمثل في بداية الأمر النواب العرب في مجلس المبعوثات العثماني ، وكانت غايته الدفاع عن حقوق العرب في أنحاء السلطنة العثمانية مما رفع من شأنهم وصاروا يُمثلون كتلة سياسية قوية تُنافس التركية في مجلس المبعوثات وتزاحمها في المطالب 5- حزب الأحرار : أسس في استانبول عام 1909 ، ويضم جميع القوميات ومنهم نافع الجابري من حلب وخضير بك من دير الزور وشكري العسلي ورشدي الشمعة من دمشق ، وبرنامجه رفض تجزئة الولايات العثمانية وتوثيق روابط الاتحاديين مع عناصر الولايات وتفعيل الإدارات المحلية ، وبمساعدة هذا الحزب تمكن السلطان عبد الحميد من تدبير انقلابه الثاني على الاتحاديين في 13\4\1909 حيث استولوا على المباني الحكومية ، وقاموا بحملة ضد تركيا الفتاة ، إلا أن الأخيرة استطاعت تنظيم نفسها بقيادة محمود شوكت باشا وكمال أتاتورك لتجري المعارك في الشوارع والمدن ، فقُمع الانقلاب الثاني وخُلع السلطان عبد الحميد ونُصب أخوه، ولهذا الحزب جرائد عديدة 6- وكان هناك أحزاب وجمعيات مُتعددة ومنها حزب الأهالي "فرقة عباد" 1910 وحزب الحرية والإتلاف المؤلف من ائتلاف حزب الأحرار والأهالي والنواب والأشخاص المنسحبين من حزب الإتحاد والترقي ، وكان هناك الجمعية المحمدية " الأخوة المحمدية " أُسست في منتصف 1908 وكان من أهدافها حماية الشريعة من مؤامرات اليهود والماسونيين ومقاومة جمعية تركيا الفتاة وانتهت عند عزل السلطان عبد الحميد ، والجمعية القحطانية ضمت شخصيات عربية مرموقة ، وسعت إلى تشكيل كيان عربي مستقل ضمن الدولة العثمانية يُحافظ على اللغة ويتبنى القضايا العربية ، وجمعية العلم الأخضر نسبة الى العلم النجدي ومتجهة أفكارها وأنظارها إلى الملك ابن سعود وحميد الدين في اليمن ليتخلصوا من الأتراك وقد أسست 1912 ، وجمعية العهد أسست 1913 وغايتها الاستقلال الداخلي في البلاد العربية وبقاء الخلافة العثمانية وديعة مقدسة بأيدي آل عثمان ، والحزب الاتحاد العثماني أو الصادق 1912 والحزب الحر المعتدل 1911 والحزب الاتحادي 1911 وهناك حزب السخافة وغيرة من الأحزاب التي ظهرت في سورية ومعظمها امتداد للأحزاب التي تناولناها والعهد الفيصلي الذي سنتكلم عنه في الحلقة القادمة إلى يوم الانقلاب الأرعن بقيادة الدكتاتور حسني الزعيم يتبع .......... ومما هو جدير ذكره أن الحكومة العثمانية كانت تُطلق على الأحزاب اسم جمعيات ، والجمعية بحسب القانون هي مجموع مؤلف من عدة أشخاص لتوحيد معلوماتهم أو مساعيهم بصورة دائمة ولغرض لا يُقصد منه اقتسام الربح ، وهو لا يحتاج إلى رخصة ولكن يلزم إعلام الحكومة بها بعد تأسيسها ، ولكن منع القانون من تأليف جمعيات سياسية عنوانها القومية أو الجنسية ، ومنع تأليف الجمعيات السرية بعض المراجع التي تم الإعتماد عليها في أبحاثي ومقالاتي عن تاريخ سورية 1- مُزكرات ومنشورات ومقالات السياسيين السوريين 2- صحف ومجلات وجرائد سورية قديمة 3- مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية 4- مواقع في النت ويوكيبيديا 5- صحف ومراجع لبنانية متعددة 6- الاحزاب السياسية في سورية السرية والعلنية لهاشم عثمان 7- الحكومات السورية في القرن العشرين لسعاد جمعة وحسن ظاظا 8- الصراع على سورية باتريك سيل 9- الأسد الصراع على الشرق الأوسط 10- صحوة الرجل المريض لموفق بن المرجة 11- تاريخ دمشق ومن حكمها خليل طيب 12- المحاكمات السياسية في سورية هاشم عثمان 13- عبد الرحمن الشهبندر حياته وجهاده لحسن الحكيم 14- الصراع على السلطة في سورية نيقولاوس فان دام 15- هؤلاء حكموا دمشق لسليمان المدني 16- كفاح الشعب العربي السوري لاحسان هنيدي 17- الحياة الجزئية في سورية محمد حرب فرزات 18- الحكومة العربية في دمشق 19- النضال التحرري الوطني في لبنان 20- الثورة العربية الكبرى ثلاثة اجزاء لامين السعيد 21- الاخوان المسلمون كبرى الحركات الاسلامية لاسحاق موسى 22- دمشق والقدس في العشرينات لعدنان مردم بك 23- الحكومة العربية في دمشق للدكتورة خيرية قاسمية 24- الوثائق التاريخية المتعلقة بالقضية السورية في العهدين العربي الفيصلي والانتداب الفرنسي حسن الحكيم رئيس وزراء سورية السابق 25- سورية من الاحتلال الى الجلاء نجيب الارمنازي 26- تاريخ سورية المعاصر للدكتور غسان محمد رشاد حداد 27- تاريخ لبنان للدكتور علي معطي 28- سورية ولبنان وفلسطين تحت الحكم التركي ترجمة الدكتور يس جابر 29- كتيب لم أعثر على اسمه ومؤلفه من النوع القيم يتكلم عن الأحزاب السياسية 30- مؤلفات ومراجع عن الخلافة العثمانية تتجاوز الخمسين ، وهذا فيما يخص بحث المخطط التفصيلي للسلاطين العثمانيين الأحزاب السياسية ما قبل الاستقلال " 2 " دخل علي العديد من أصحاب مراكز البحوث ممن طلبوا ذكر المراجع لُيشيدوا بما كتبته عن تاريخ سورية التسلسلي والعديد من المُفكرين والسياسيين ومنهم دبلوماسي كبير عمل في إحدى السفارات الأوربية في دمشق لفترة طويلة وغيره من السياسيين الذين لا أعرفهم ، حتى أنّ أحدهم قال بأنه لأول مرّة أحصل على هذا التسلسل في التاريخ السوري وهذه الدقة ، وأعرب البعض منهم عن تفاؤله بالأيام القادمة وقال أيضاً : بأنهم يُتابعون بدقة تحركات وتحالفات واختلافات المعارضة ، وأنا على الدوام أرسل لهم ما أكتب ، ولكن البعض منهم طلب الكتابة دون الإسقاطات الكثيرة على واقعنا كما بدا في الحلقات السبع الأولى وقد لبيت لهم طلبهم هذا فيما بعد ، كما وأني في نهاية كتابتي عن هذا التاريخ المجيد سأقوم على حذف الكثير من الإسقاطات التي سأُنزلها في كتاب مُتخصص إن قدّر الله ، ولا أُخفي على أحد بأنني اتبعت منهج التسلسل وعدم قطع المراحل التاريخية كما فعلت بالمخطط التفصيلي لخلفاء وسلاطين الدولة العثمانية ، وكما أفعل ذلك بما يخص الخلافات الأموية والعباسية والفاطمية وسلسلة النسب النبوي وآل البيت التي دخل عليها الكثير من الأغاليط والموبقات في عمل كبير لا يحتاج إلا إلى الطباعة التي فيها كسل وغير خبير في الخطوط والترتيبات التي أُريدها وإلا لأُخرجت للنور منذ زمن بعيد ، وعلى كل حال أُتابع الحديث عن الأحزاب السياسية التي عرفتها سورية في تاريخها الحديث الذي شهد في فترتها الذهبية ماقبل مجيء أول دكتاتور عدداً كبيراً من الأحزاب ذات الماضي التاريخي العريق ، والتي لم يبقى منها إلا القليل بفعل عوامل الطغيان والظروف التاريخية السياسية المُعقدة ، في نفس الوقت الذي ظهرت فيه أحزاب جديدة بعضها يستمر وبعضها يتلاشى بحسب طبيعة الظروف حيثُ أنّ مُعظم الأحزاب التاريخية في تلك الفترة كان لها امتدادات إقليمية بحكم وقوعها في منظومة الخلافة العثمانية التي تمتد على مساحة العالم الإسلامي ، ولذلك نرى بأنّ الكثير من الأحزاب العربية ولا سيما السورية نشأ في حضن عاصمة الخلافة العثمانية استانبول بقصد الدفاع عن قضايا العرب والسوريين بعدما استولت الطغمة الحاكمة الطولونية البغيضة ، وصارت تُعامل الناس على أساس الجنس والعرق مما أدّى الى تدهور كبير في أوضاع الجنسيات الأخرى والتعدي على ثقافاتها ولغتها ، حتى أنّ هذا الأحمق أتاتورك قرر أن يكون الآذان في اللغة التركية في تعد صارخ حتى على مبادئ وعقائد الأُمّة الإسلامية بما فيهم الترك ، وكذلك نشأت أحزاب سورية في دول المهجر كمصر وفرنسا وبروكسل وجنيف وحيثما تواجد السوريين وبتواصل كامل مع إخوانهم الأحرار العرب ومع الحكومات العربية وبتنسيق كبير لخدمة قضاياهم ، وهو ما تفتقده المُعارضة السورية اليوم وبكل أسف مما يدل على حيوية ونشاط ذلك الجيل وتلك الأحزاب التي حاولت الدكتاتوريات المتسلطة طمس معالمها وسحقها ومحيها عن الوجود فأسس في سورية في أواخر العهد العثماني مجموعة من الأحزاب ومنها : جمعية الإتحاد والترقي فرع دمشق وابرز قادتها رفيق العظم ومحمد كرد علي وأمين الكزبري - و الإتحاد والترقي فرع حمص وفرع حماة وفرع اللاذقية - وحزب الحرية والإئتلاف في دمشق ، ومن أبرز قادتها عبد الرحمن الشهبندر وشكري العسلي ، وكانت غايتها نشر اللامركزية في الحكم - وجمعية التشبث الشخصي واللا مركزية الإدارية في دمشق كفرع لأساسها في باريس ، ومن أبرز قادتها في سورية رفيق وحقي العظم وفي باريس البرنس صباح الدين ونامق زكي وحسن طوسون ، من أهدافها تطبيق اللامركزية في البلاد العربية الخاضعة للحكم العثماني - وجمعية الطلبة في دمشق " الإخوة العشرة "وسُميت بذلك اقتداءٍ بالعشرة المُبشرين في الإسلام ، وكانت ذات نزوع نحو استقلال البلاد العربية عن السلطة الأتاتوركية ، وكان قد جرت بينهما وبين جمعية العربية الفتاة عن طريق محمد المحمصاني ، انتهت كتوحيد لنضال مشترك بين الجمعيتين بانضمامهما إلى العربية الفتاة - وحزب الإصلاح الحقيقي في دمشق - وجمعية الدستور - وجمعية الإخاء العربي في حلب ، وغايتها الوقوف في وجه جمعية الاتحاد والترقي التركية النزعة - والجمعية المُحمدية فرع دمشق " الحزب المُحمدي " والجمعية العربية الوطنيية في دمشق وفي فرنسا وبروكسل وجنيف منذ 1895 الى عهد الدكتاتور الأرعن حسني الزعيم ... أُسس في تلك الدول الجمعية الوطنية العربية لأبناء سورية الهاربين من الحكم العثماني – وجمعية الوطن العربي " عصبة الوطن العربي " التي تأسست 1904 في باريس من قبل نجيب عازوري ، وغرض الجمعية توحيد الكنائس الكاثوليكية تحت اسم الكنيسة الكاثوليكية العربية ، وانفصال الولايات العربية عن الدولة العثمانية ولكنها لم تلق التأييد العربي لميولها للمصالح الغربية – والجمعية السورية التي أُسست في باريس عام 1908 وكانت تدعوا إلى استقلال سورية إداريا ، وكان على رأسها نخلة ورشيد مطران – وجمعية أصدقاء الشرق ، أُسست من قبل بعض السوريين المقيمين في فرنسا ، وكان من أهدافها توثيق الصلات مع العهد الجديد في تركيا "جماعة الاتحاديين " - وجمعية الناطقين بالضاد 1909 وغايتها العمل ضد الدولة العثمانية والنهوض بالأمة العربية ، وانتهت 1911 حينما أصبحت تُسمى بالجمعية العربية الفتاة - والجمعية العربية الفتاة 1911 تاسست في باريس ومن ابرز مؤسسيها جميل مردم من دمشق ومحمد المحمصاني من بيروت وبعض الشخصيات العربية ، وقد تحاشت منذ تأسيسها ذكر الاستقلال عن دولة الترك الطولونية ولكنها أثناء الحرب العالمية الأولى طالبت به صراحة ، ومن أهم أعمالها الدعوة إلى عقد المؤتمر العربي الأول في باريس والذي عُقد 1913 ، وعلى الرغم من نشاطاتها الواسعة إلا أنها بقيت قليلة العدد بسبب اعتمادها على الطلاب المتواجدين في فرنسا ثم نقلت نشاطها إلى بيروت 1913 ، والى دمشق 1914 مما أدى إلى ازدياد أعدادها ومن ضمن المنضمين إليها السادة شكري القوتلي رحمه الله والأمير فيصل الأول وإبراهيم هنانو ورياض الصلح ومحمد المحمصاني ورضا علي الركابي ، وقد فتحت لها فروعاً في المدن السورية ، وقد ساهمت بكل قواها في الثورة العربية ، وبعد الحرب العالمية الأولى اشتركت في الحكومات العربية التي أسسها الأمير فيصل في دمشق ، ولعبت دوراً رئيسياً في الوزارات التي شُكلت في سورية حتى سقوط الحكم الفيصلي ، الى أن تشتت أعضاءها وأسسوا أحزاباً جديدة كحزب الاستقلال والنادي العربي والتقدم وجمعيات أُخرى أُسست في باريس ، كجمعية تعاون الطلاب العرب في باريس 1913 – والجمعية السورية المركزية 1917 ورئيسها شكري غانم وسكرتيرها جورج سمينة، ومن أهدافها تأسيس دولة سورية بحدودها الطبيعية وتحت الانتداب الفرنسي ، وإقامة نظام اتحادي في سورية ورفض توحد سورية بالجزيرة العربية مع السعودية ، وفي 1918 قامت هذه الجمعية بالدعاية لمعاهدة سايكس بيكو ، وكانت تعمل لصالح المصالح الفرنسية – – وجمعية الوحدة العربية في باريس – والجمعية الفرنسية السورية – والمؤتمر العربي في باريس – والعصبة العثمانية أُسس في 1908 من بعض رجال الأعمال البيروتيين ، وكانت تدعو بداية الأمر إلى المساواة بين الأجناس داخل الدولة العثمانية ثم أخذت تدعو إلى استقلال سورية عنها – – وجمعية المؤتمر الأول للطلبة العرب في أوربا 1938، وكان منها عن سورية وحيد العجلاني دمشق وأسعد المحاسيني – – ولجنة الطلاب السوريين في طولوز التي أرسلت عام 1933 برقية احتجاج الى رئيس لجنة الانتداب في عصبة المم بجنيف حول الإجراءات التعسفية التي تقوم بها السلطات الفرنسية في سورية – – والجمعية السورية العربية ، أسست في الثلاثينيات في باريس – وجمعية الطلاب العرب في جنيف أسست إثر نكبة فلسطين – – وجمعية الثقافة العربية في باريس ، أسست في الثلاثينيات وكان عملها في الأمور الثقافة القومية – ومؤتمر الشباب العربي في باريس عام 1935 لغاية نصرة القضية السورية والفلسطينية وهناك جمعيات وأحزاب سورية كثيرة أسست في مصر كسورية ومُشتركة منذ عام 1897 إلى 1940 ، ومنها جمعية الشورى العثمانية ، وجمعية الجامعة العربية عام 1910 ، وقد أسسها السيد محمد رشيد رضا بغرض إيجاد اتحاد بين أفراد الجزيرة العربية ونشر التعاون والاتفاق بينهم لإيجاد صلة بين الجمعيات العربية في سورية والعراق للعمل من أجل القضية العربية - و الجمعية الثورية ، وجمعية الثورة العربية ، وحزب اللامركزية الإدارية العثماني في مصر ، والحزب السوري الحر المعتدل أ وحزب الاتحاد السوري الحر المعتدل القاهرة وجمعية الدفاع عن حقوق سورية ولبنان ، وجمعية إعانة المنكوبين في البلاد السورية في القاهرة ، والجمعية الوطنية السورية في القاهرة ، ومؤتمر الطلبة العرب ، ولجنة الصلات بين الأحزاب ، وجمعية المنتدى الأدبي في مصر وفي عهد الحكومة العربية في دمشق من 1918-1920 بعض الأحزاب جدد ترخيصه والبعض جديد ومن هذه الأحزاب : الجمعية العربية الفتاة " سبق الحديث عنها وهي جمعية سريه أسست لها أحزاباً علنية وهم حزب العهد السوري ومعظمهم من الضباط وحزب الاستقلال العربي وحزب التقدم وهو الواجهة البرلمانية لجمعية الفتاة والذي استطاع أن يسيطر على البرلمان في عهد الملك فيصل والنادي العربي كواجهة علنية لنشاطات جمعية الفتاة الأدبية والاجتماعية ، وكانت هذه الجمعية مدعومة من الملك فيصل الأول باعتباره أحد أعضائها إلا أن هذه العلاقة لم تدم إذ حصل بينهما خلاف بسبب معاهدته مع فرنسة التي رفضتها هذه الجمعية والمُعارضة مما جعله أن يؤلف حزباً أسماه الحزب الوطني الذي ألفه من الأعيان والوجهاء ، وقد تلاشت تلك الجمعية وأحزابها بعد معركة ميسلون إذ هاجر الكثير من أعضائها للخارج والآخرين انضموا إلى أحزاب أخرى - واللجنة الوطنية العليا أسست في دمشق في 11\1919 وضمت أعضاء ممثلين عن مختلف الأحزاب في سورية وضمت علماء دين مسلمين ومسيحيين وأسست لها فروعاً في الأقطار العربية وميثاق اللجنة يتضمن الوقوف في وجه أي اتفاق يحد من سيادة الأمّة ويُفقدها استقلالها ومن أعمالها قيامها بتدريب المتطوعين وتجنيدهم على نفقة الأهالي وجمع الأموال لمؤازرة المقاومة الشعبية والدفاع الوطني ، وانفرطت بعد دخول الفرنسيين دمشق - والحزب الوطني السوري الذي أُسس في 15 \1\1920 اثر خلاف الملك فيصل مع الجمعية العربية للفتاة ضم الأعيان الأرستقراطيين وأصدقائهم الذين يلتفون حولهم ، وكان الحزب يدعو إلى تأسيس حكومة ملكية ديمقراطية نيابية تكون مع الشعب برئاسة الملك فيصل ، ويسعى الى استقلال سورية بحدودها الطبيعية استقلالا لا شائبة فيه وتقوية الصلاة القومية والأدبية والاقتصادية بين الشعب العربي ، والرفع من المستوى المعيشي السوري ورفع الكفاءات وعلى الرغم من دعم الملك له لكنه بقي محدوداً في دمشق وظلت جمعية الفتاة العربية هي الأقوى وكانت جريدته الأردن والحزب الديمقراطي أُسس في 1920 بدمشق داخل البرلمان السوري ، كمُعارض لحزب التقدم الذي كان يدعم الملك فيصل وحكومته والجبهة الشعبية في دمشق التي أسست في أواخر العهد الفيصلي في دمشق ، وهي عبارة عن مجموعات من المثقفين القادمين من سائر المدن السورية والبلدان العربية ، وقد أخذت على عاتقها بذل المساعي لتوحيد الإخاء العربي وتحقيق الاستقلال والوحدة العربية حزب الله : أُسس هذا الحزب في حماة بعد الاحتلال الفرنسي بقائده فوزي القاوقجي ، وكان من مؤسسية سعيد ترمانيني وعبد السلام الفرجي ومحمد علي وطاهر الداغستاني ، وهو حزب ديني لجذب العلماء لنصرة الإسلام وتقوية نفوذهم بالمجتمع ، ثُم انضم إليه صالح قنباز ونجيب البرازي ، وامتد الى حمص وبعلبك وطرابلس ودير الزور والحزب الوطني العربي والنادي الوطني في اللاذقية وحزب الاتحاد السوري فرع دمشق والجمعية العربية الفلسطينية والحزب الديمقراطي الإسلامي وحزب الإتحاد العربي وأما عن الأحزاب والجمعيات التي أسست في سورية من 1920-1949 فهي تتمثل في خمسة تيارات رئيسية تقليدية وطنية وقومية وإسلامية وماركسية وإقليمية قطرية والتي سأتطرق إلى أهمها في الحلقة القادمة وهي بحسب التأسيس الحزب الحديدي 1922 سري غايته قلب الحكومة المحلية في سورية ومقاومة الانتداب الفرنسي بالقوة وإرهاب ومطاردة عملائه إلا أن الفرنسيين استطاعوا من إلقاء القبض على معظم قادته وتولى الدفاع عنهم فارس الخوري وسعيد الغزّي - وحزب الشعب 1925أول حزب مُعترف به بعهد الانتداب بقيادة عبد الرحمن الشهبندر في دمشق وسرعان ما تم حلّه - وحزب الوحدة 1925 أسس في دمشق وكان ميالا للتفاهم مع الفرنسيين بغية تحسين الوضع وتوجيه سورية نحو حكومة واحدة مستقلة - والهيئة العامة للمنكوبين السوريين في النبك 1925 – وعصبة الميدان 1925 وجمعية الضاد السرية في حلب واعتبرها البعض المُحرك الأساسي لأهم الأحزاب السورية - والمجلس الوطني للجنة الثورية للسوريين في الغوطة وضواحي دمشق 1926 - ومؤتمر بيروت (المؤتمر الوطني في بيروت) 1927 - ومؤتمر وادي سرحان 1928 - والكتلة الوطنية 1925 تكونت نتيجة تباين الرؤى في مواجهة الاحتلال بالطريقة السلمية أم المواجهة العسكرية ومنها الشباب الوطني 1936 الذي كان من ابرز قادته منير العجلاني ، الذي يُعتبر إحدى واجهات الكتلة الوطنية وكذلك فرقة القمصان الحديدية هي إحدى المنظمات التابعة لمنظمة الشباب الوطني - وفرقة الغوطة - وفرقة ميسلون (الكشاف العربي) - ومشروع الفرنك 1934 جمعية اقتصادية ذات أهداف قومية غايتها جمع المبالغ من المواطنين لتُنفق في سبيل القضية العربية - والمكتب العربي للدعاية والنشر - والحزب القومي العربي 1939 برئاسة زكي الارسوزي - وحركة الدفاع في جبل الدروز - ومؤتمر الحديثة 1929 - وحزب الإصلاح 1929 برئاسة حقي العظم - حزب الأمة الملكي 1929 - وحزب الاتحاد الوطني 1929- وحزب العهد الوطني – 1931بزعامة الأمير سعيد الجزائري وحزب الائتلاف 1932 بزعامة حقي العظم ويُسمى أيضاً بكتلة الجنوب - والحزب الحر الدستوري 1932 -والرابطة الوطنية الملكية 1932 - وعصبة العمل القومي1933 اثر انشقاقها عن الكتلة الوطنية - وعصبة العمل القومي فرع الاسكندرونة - والجبهة الوطنية المتحدة 1935 شكلوها اثر استقالة منير العجلاني وزكي الخطيب عن الكتلة الوطنية - والاتحاد الوطني العام1935 على شكل تكتل سياسي مكون من العديد من الأحزاب لكل حزب عضوين في الإدارة وهو من سعى إلى تأسيس حزب الفتوة العربي 1935 الذي نزع الى مبدأ القوة العشوائية وتنظيم الكتائب والفرق دون تحديد دور كل منها ولم يكن له تأييد - وحزب اتحاد العناصر (حزب الاتحاد الوطني) وحزب استقلال هاتاي - وجمعية خلق اوي - وجمعية الكنج سبور - والمعهد الثقافي لنشر الثقافة التركية - وحزب الطاشناق الملكي - وحزب الهاشناق الديمقراطي والحزب العربي ألأرمني وجمعية الدفاع عن الاسكندرونة وحزب الشباب (حركة الشباب) أسس هذا الحزب 1938 بعد اندماج نادي الشباب وجمعية المجاهدين ومركزه حماه ، ومن ابرز قادته عثمان الحوراني وعلي الأرمنازي والدكتور صالح قنباز وتفيق الشيشكلي ، لينضم اليهم فيما بعد أكرم الحوراني ، وعام 1946 أصدر الحزب جريدته لصاحبها أكرم الحوراني ، وفي بداية الخمسينيات تغير اسمه إلى الحزب العربي الاشتراكي ومؤتمر العلماء الأول في دمشق 1938 هو تكتل ديني ذات طابع سياسي موسمي وجمعية المؤتمر العربي القومي 1931ومن قادته شكري القوتلي وهو فرع من المؤتمر القومي الذي عُقد في القدس - والهيئة الشعبية 1937 أُسست على أنقاض الجبهة الوطنية المتحدة ومن أبرز قادتها عبد الرحمن الشهبندر ومنير العجلاني - وحزب الجامعة العربية برئاسة إحسان الجابري ، وكان يعمل على توحيد الأقطار السورية والعراقية وفلسطين ضمن النظام الملكي الدستوري واللجنة المركزية للدفاع عن فلسطين في سوريا والرابطة العربية بدمشق 1937 - ولجنة طلاب التجهيز في دمشق 1938 - ومنظمة حركة اليقظة العربية القومية التي هاجمت الكتلة الوطنية والأحزاب الأخرى واعتبرتها متآمرة على قضايا البلاد - والهيئات الوطنية في الجزيرة ونادي الضباط المتقاعدين وجمعية فتيان الجزيرة ونادي الصقور الأموي 1936 نبة إلى صقر قريش الأموي - والشباب القومي 1938 - والطلاب الوطنيين الأحرار 1938 - ومؤتمر الشباب العربي بدمشق 1938 - ولجنة التعاون الوطني السياسي والدعوة الى مؤتمر ثقافي عربي في دمشق - والحزب القومي السوري الاجتماعي 1932 أسس في بيروت ورئيسه أنطوان سعادة - - والحزب الشيوعي السوري اللبناني وأول تأسيسه كان باسم حزب الشعب اللبناني عام 1924 وأُطلق عليه لقب أبناء عشرة لينين - - ولجنة مكافحة النازية والفاشستية في سوريا ولبنان أنصار السلام في سوريا وجمعية أصدقاء الاتحاد السوفيتي في دمشق - والأخوان المسلمين 1935 من حلب بدار الأرقم بدأت الشهرة ولكنهم كانوا يعملون تحت الأضواء منذ نشوء الحركة في مصر 1928 كونهم جزء من حركة الإخوان المسلمين التي أنشأها الإمام حسن ألبنا ، وخاضت أول انتخابات لها عام 1947 بعد توحدها في ظل قيادة واحدة عام عام 1945 بقيادة الشيخ مصطفى السباعي كأول قائد للجماعة باسم المراقب العام للإخوان المسلمين في سورية ولبنان حيث كانت تعمل تحت أسماء مختلفة وأهداف متشابهة وفي مرحلة لاحقة أصبح لكل قطر تنظيمه وفازت بثلاث مقاعد نيابية لكل من مصطفى السباعي بهاء الدين الأميري ومحمد المبارك - - والجمعية الوطنية في جبل الدروز 1925 برئاسة سليمان الأطرش - والميثاقيون وحزب الشبيبة وحزب الأحرار وحزب سوريا الفتاة واللجنة التنفيذية للمؤتمر السوري الفلسطيني في جنيف وجمعية العلماء في دمشق 1938 - وحزب البعث العربي الاشتراكي 1943 - وحزب الأحرار السوري 1944 - وحزب الاتحاد 1949 - والحزب الاشتراكي التعاوني 1940 - والحزب الوطني 1947 - وحزب الشعب 1948 - وجمعية الاتحاد العربي فرع دمشق حزيران 1949 ملاحظة : ومما هو جدير ذكره أن الحكومة العثمانية كانت تُطلق على الأحزاب اسم جمعيات ، والجمعية بحسب القانون هي مجموع مؤلف من عدة أشخاص لتوحيد معلوماتهم أو مساعيهم بصورة دائمة ولغرض لا يُقصد منه اقتسام الربح ، وهو لا يحتاج إلى رخصة ولكن يلزم إعلام الحكومة بها بعد تأسيسها ، ولكن منع القانون من تأليف جمعيات سياسية عنوانها القومية أو الجنسية ، ومنع تأليف الجمعيات السرية بعض المراجع التي تم الاعتماد عليها في أبحاثي ومقالاتي عن تاريخ سورية 1- مذكرات ومنشورات ومقالات السياسيين السوريين 2- صحف ومجلات وجرائد سورية قديمة 3- مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والإستراتيجية 4- موقع جماعة الإخوان المسلمين السوريين 5- مواقع في النت ويوكيبيديا وعبر الجوجل 6- صحف ومراجع لبنانية متعددة 7- الاحزاب السياسية في سورية السرية والعلنية لهاشم عثمان 8- الحكومات السورية في القرن العشرين لسعاد جمعة وحسن ظاظا 9- الصراع على سورية باتريك سيل 10- الأسد الصراع على الشرق الأوسط 11- صحوة الرجل المريض لموفق بن المرجة 12- تاريخ دمشق ومن حكمها خليل طيب 13- المحاكمات السياسية في سورية هاشم عثمان 14- عبد الرحمن الشهبندر حياته وجهاده لحسن الحكيم 15- الصراع على السلطة في سورية نيقولاوس فان دام 16- هؤلاء حكموا دمشق لسليمان المدني 17- كفاح الشعب العربي السوري لاحسان هنيدي 18- الحياة الجزئية في سورية محمد حرب فرزات 19- الحكومة العربية في دمشق 20- النضال التحرري الوطني في لبنان 21- الثورة العربية الكبرى ثلاثة أجزاء لامين السعيد 22- الإخوان المسلمون كبرى الحركات الإسلامية لإسحاق موسى 23- دمشق والقدس في العشرينات لعدنان مردم بك 24- الحكومة العربية في دمشق للدكتورة خيرية قاسمية 25- الوثائق التاريخية المتعلقة بالقضية السورية في العهدين العربي الفيصلي والانتداب الفرنسي حسن الحكيم رئيس وزراء سورية السابق 26- سورية من الاحتلال إلى الجلاء نجيب الارمنازي 27- تاريخ سورية المعاصر للدكتور غسان محمد رشاد حداد 28- تاريخ لبنان للدكتور علي معطي 29- سورية ولبنان وفلسطين تحت الحكم التركي ترجمة الدكتور يس جابر 30- كتيب لم أعثر على اسمه ومؤلفه من النوع القيم يتكلم عن الأحزاب السياسية 31- مؤلفات ومراجع عن الخلافة العثمانية تتجاوز الخمسين ، وهذا فيما يخص بحث المخطط التفصيلي للسلاطين العثمانيين تاريخ سورية 12 الأحزاب السياسية ما قبل الاستقلال " 3 " ذهبت إلى أحد الأشخاص وهو يكتب في التاريخ ما يزيد مؤلفه عدد صفحاته عن الخمسمائة صفحة، والذي أشار عليه بأنه لم يستغرق معه لأكثر من أسابيع كدلالة على غزارة علمه ، وعندما وجدت فيه التواريخ الكثيرة وكيفية الحصول عليها بهذه السرعة الزمنية فأجاب : بأنه يحتفظ بها في ذاكرته ، وعندما ناقشته عن صعوبة ذلك لم أجد الجواب ، بينما أنا ما أكتبه لحدث مُعين وتاريخ مُعين للتثبت منه قد أقلب مئات الصفحات لأتأكد من صحته إما عن طريق التواتر في نقل الخبر ، وإما عن طريق أحداث وقعت في وقت مُعين مما قد يتطلب جُهداً كبيراً للوصول إليه ، وأحياناً لكتابة جملة قد أستغرق أياماً للتأكد من صحتها ومُطابقتها للواقع ، وفي بعض الأحيان أُعجب بترتيب مُعين لفكرة أو تسلسل أنقله كما هو من مصدره بما يتناسق مع السياق وهو قليل جداً ، ولكن الصحيح بأنني أبذل جُهداً كبيراً لما أكتبه لأن يكون صحيحاً ودقيقاً ليس قدر المستطاع فحسب بل بمزيد من التعب والعناء ، وأن تتطلب الأمر بالاتصال بمن يهمه الأمر واليوم حديثنا عن أهم الأحزاب والجمعيات السياسية التي أسست في سورية منذ فترة الاحتلال الفرنسي 1920الى30\3\1949 لحظة انقلاب الجنرال حسني الزعيم على الحياة السياسية في سورية وهي تتمثل في خمسة تيارات رئيسية تقليدي وطني وقومي وإسلامي وماركسي وإقليمي قطري ، وسأتناول في هذه المقالة التقليدي والإسلامي الحافلين بالأحداث والإثارة . 1- أما التيار التقليدي الوطني فهو يتمثل بالكتلة الوطنية ، وهو التجمع الذي قاد النضال حتى حقق الجلاء والاستقلال السياسي ، ثُم انقسم الى الحزب الوطني وحزب الشعب الشهيرين 2- التيار القومي : المتمثل بحزب البعث العربي الاشتراكي الذي كان تحت مُسميات عديدة 3- التيار الإسلامي : ويتمثل في جماعة الإخوان المسلمين 4- التيار الماركسي : المتمثل بالحزب الشيوعي إضافة إلى بعض التنظيمات الماركسية الصغيرة 5- التيار الإقليمي القطري : والمُتمثل بالحزب السوري القومي وكان وحزب الشعب - الأول الذي أُسس في دمشق علم 1925 - ، وهو أول حزب مُعترف به بعهد الانتداب الفرنسي بقيادة عبد الرحمن الشهبندر وسرعان ما تم حلّه من الفرنسيين الذين اجازوه ، ثُمّ حظروه بسبب اشتراكه في الثورة الكبرى عام 1925 ومن أبرز قادته فارس الخوري وحسن الحكيم ولطفي الحفار وعبد المجيد الطباع وجميل مردم وإبراهيم هنانو وعبد الرحمن الكيالي ... وكان الحزب يدعو إلى تحقيق السيادة القومية ووحدة البلاد بحدودها الطبيعية وضمان الحريات وتوجيه البلاد نحو سياسة ديمقراطية اجتماعية مدنية وحماية الصناعات وتطويرها ، وكان أول أعمال الحزب أن شارك في الثورة السورية مما لم يتوقعه الفرنسيون منه ، واستشهد فيها بعض قادته وهرب البعض خارج البلاد وتشتت الحزب بعد انقضاء الثورة وتضاءل بسبب التباين في الرؤى حول مقاومة الاحتلال حيث رأى البعض ومنهم المؤسس عبد الرحمن الشهبندر باستمرار العمل المُسلح والثورة ، بينما البعض الآخر الذي يتزعمه لطفي الحفار وفارس الخوري وحسني البرازي رأى الحل السلمي مما أنشأ التصدّع في الحزب ، وذهاب الكثير من كوادره إلى أحزاب أخرى وبعضهم اشترك في السلطة وآخرون فارون ، إلى أن تم تشكيل الكتلة الوطنية ، وأما جريدته فكانت المُفيد - والكتلة الوطنية : هي التجمع الذي قاد النضال الوطني ضد الاستعمار وحقق الجلاء والاستقلال السياسي بزعامة الرئيس شكري القوتلي أو ل رئيس للجمهورية في العهد الوطني ، وهي عبارة عن مجموعة من الوطنيين القُدامى المتمرسين ، وقد لعبت هذه الكتلة الدور الرئيسي في الحياة السياسية منذ عام 1928-إلى- عام 1945 ولا سيما في منتصف الثلاثينيات عندما وافق أعضائها على طمس خلافاتهم ليصلوا إلى مُعاهدة 1936 ، ولم تكن حزباُ بالمعنى المألوف بل مجرد تكتل وتجمع ضم ذوي النفوذ والجاه وأصحاب رؤوس الأموال ورؤساء العشائر وكانت تفتقد إلى العقيدة السياسية والتنظيمية ، وكان مُرتكزها في الاستمرار على احتكار الوطنية حتى أطلق عليها حزب نحن وبس لان رجالها حصروا الوطنية والنضال في أشخاصهم ، ولم يعترفوا لغيرهم بأي دور . وبسبب استمرار الصراعات الداخلية فيها والخلافات الشخصية التي تعمقت فيما بعد لتؤدي إلى انشقاق كبير بزعامة رشدي الكخيا وناظم القدسي عن سعدالله الجابري ، وبسبب قلّة المؤسسات ذات الخبرة الجيدة ، مما جعلها عدة كتل في كتلة واحدة ، وهي في الأخير كتلة مؤلفة من كافة الطيف السياسي والعرقي المبني علاقاتها على العائلية وسحر سجل قادتها الوطني ، ولأسباب عديدة انقسمت الكتلة إلى حزبين ، الأول الحزب الوطني بدمشق بزعامة سعدا لله الجابري ومردم والحفار ..عام 1947 والثاني حزب الشعب بحلب عام 1948 بزعامة ناظم القدسي ورشدي الكيخيا ومعروف الدواليبي ومصطفى برمدا - - وكانت قد نشأت الكتلة الوطنية عام 1925 إثر اندماج أحزاب الشعب والوطني واللجنة العليا الوطنية عام 1927 على أنقاض حزب الشعب المنحل ، بعد عقد مؤتمرهم الوطني في بيروت الذي انتخب فيه هاشم الأتاسي رئيسا وفارس الخوري وإبراهيم هنانو نائبين للرئيس وجميل مردم سكرتيرا وشكري القوتلي أمينا للصندوق وسعدالله الجابري وعفيف الصلح عضوين من مجلس مؤلف من 38 عضواً بعضهم في الخارج كعبد الرحمن الشهبندر في مصر وإحسان الجابري وشكيب أرسلان في جنيف وثمانية منهم كان من لبنان ضمن سورية الطبيعية ومنهم كعبد الحميد كرامي وأرسلان ، والذي قرروا في مؤتمرهم إنهاء مرحلة العمل المسلح وبدء الكفاح السلمي والتفاوض مع السلطات الفرنسية ، وعلى اثر ذلك قرروا الدخول في الانتخابات النيابية عام 1928 وفازت الكتلة بأغلبية المقاعد ووضعت دستور بما يُعبر عن أيدلوجية الكتلة الوطنية المتأثرة بحرارة النضال والتيارات العالمية وأفكار الثورة البرجوازية الفرنسية ، ولم تظهر بصورة رسمية إلا عام 1931 وتأخذ أُطراً تنظيمية إلا عام 1932 بعد مؤتمرهم الذي عُقد في حمص ، الذي أوضح فيها غاياته وهي تحرير البلاد السورية المنفصلة عن الدولة العثمانية من كل سلطة أجنبية وإيصالها إلى الاستقلال التام والسيادة الكاملة وجمع أراضيها المجزأة الى دولة ذات حكومة واحدة ، على أن يبقى للبنان حق تقرير مصيره ضمن حدوده القديمة ، والعمل على اتحاد مع الدول العربية ، وفي سنة 1931 حصل انقسام في الكتلة الوطنية على غرار ما حصل في حزب الشعب ولكن دون خروج أحد منها بل كانت الأطراف المُعتدلة توفق ما بين الفرنسيين والمتطرفين منه ، وعام 1932 وعلى اثر الانتخابات التي قاطعها المتشددون من الكتلة وفاز فيها .. وانتخب فيها السيد محمد علي العابد رئيساً للجمهورية ليحصل انقسام آخر مابين جماعة حلب بقيادة هنانو وجماعة دمشق بقيادة جميل مردم بينما جماعة حمص بقيادة هاشم الآتاسي على الحياد - - وبقيت الكتلة في المعارضة إلى عام 1936 الذي جرت فيه الانتخابات التي على إثرها تم التوقيع على المُعاهدة الفرنسية بضغط الكتلة ، وفي هذه الانتخابات فازت الكتلة بالأكثرية ، وانتخب السيد هاشم الأتاسي رئيسا للجمهوري وفارس الخوري لرئاسة مجلس النواب وجميل مردم لرئاسة الوزارة ، وفي عام 1939 استقلت الحكومة لتؤلف الوزارة من جديد ، وبعد عشرين يوم تستقيل بسبب عدم تنفيذ الفرنسيين لمعاهدة 1936 ، لتُشكل وزارة أخرى من غير الكتلة التي لم تدم ويستقيل بعدها الرئيس بعد الهجوم على البرلمان لتنتقل بعدها سورية إلى الحكم الاستعماري المباشر ، لتجري تكتيكات يُعين من خلالها الشيخ تاج الدين الحسيني من خارج الكتلة في أيلول عام 1941 رئيسا للجمهورية ، لتعود الكتلة في تموز 1943 إلى قمة السلطة ، بعد أن فازت بانتخابات 1943 وانتخب شكري القوتلي رئيساً وسعدا لله الجابري على رئاسة الوزارة - - ومن الملاحظات الهامة على الكتلة : أنها لعبت الدور الرئيسي في الحياة السياسية منذ عام 1928-إلى- عام 1945 ، وأنها لم تكن حزباُ بالمعنى المألوف بل مجرد تكتل وتجمع ضم ذوي النفوذ والجاه وأصحاب رؤوس لأموال ورؤساء العشائر وافتقدت العقيدة السياسية والتنظيمية ، واستمرار الصراعات الداخلية فيها مما جعلها عدة كتل في كتلة واحدة ، وهي كتلة مؤلفة من كافة الطيف السياسي والعرقي - وفي عام 1939 انشق عنها مجموعة من قيادييها من حلب وشكلوا كتلة برلمانية انبثق عنها عام 1948 حزب الشعب ، والباقون شكلوا عام 1947 ما عرف بالحزب الوطني الذي تسلم الحكم بعد الاستقلال - ومما عُرف عن الكتلة بأنها شكلت واجهات حزبية مثل الشباب الوطني والقمصان الحديدية ، وصحيفتها الأيام ، ومن الصحف المؤيدة لها الشباب والاستقلال العربي والسياسة والقبس وألف باء في دمشق والشباب العربي في حلب ومنها الشباب الوطني 1936 الذي كان من ابرز قادته منير العجلاني ، الذي يُعتبر إحدى واجهات الكتلة الوطنية وكذلك فرقة القمصان الحديدية هي إحدى المنظمات التابعة لمنظمة الشباب الوطني - وفرقة الغوطة - وفرقة ميسلون (الكشاف العربي) وقبل الخوض في انقسام الكتلة الوطنية ، والتي بخروج قادة كبار منها من المناطق الشمالية وبتأييد كبير من المناطق الوسطى لا سيما عائلة الأتاسي الأكثر غناءً وثراء ، علينا أن نُحلل الخارطة السياسية لأسباب ذلك الانقسام ، والذي يأتي في الغالب لأسباب مصلحية مناطقية ، إذ أنّ الكتلة الوطنية التي صارت تُدعى بكيانها الكامل بالحزب الوطني ، ولم يتغير عليها شيء من أفكارها سوى أنها صارت أكثر دمشقية الطباع ، والانغماس في سياستها التطبيعية مع محور السعودية ومصر ، بينما حزب الشعب على ما يبدو هو من فجر التحالف الكتلوي لأنه يتعارض مع مصالح الشمال السوري الذي كانت تربطه بالطريق التجاري العظيم المُمتد من أوربا والأناضول إلى بلاد الرافدين العراق وإيران والهند مصالح اقتصادية جمّة أثناء وحدة الخلافة العثمانية ، والتي تضررت جداً في مرحلة بداية الإستعمار الفرنسي بسنواته الأولى عندما أغلقت الحدود بين سورية جهة حلب وتركيا ، فتوقفت طموحات التجار الحلبيين على الداخل السوري الذي لم يكن يكفيهم التجارة على المستوى الداخلي على حسب ما كانوا عليه من التوسع الذي حقق لهم النمو والازدهار ، مما لم يتأثر به الجنوب بنفس الدرجة من تأثرهم ، ولذلك كان سعي هذا الحزب الحثيث إلى إزالة الحدود العراقية السورية عبر وحدة البلدين أو إيجاد صيغة أكثر توافقية بغية فتح الحدود ، وبدلاً من استغلال كل طرف لعلاقته مع الدول المُرتبطة ، إلا أنهم لم يستطيعوا التوفيق بين الوجهتين والاستفادة من الطرفين لحدّية المواقف المُتخذة في ذلك الحين ولغياب المؤسسات الواعية ، مما أفقدهم ذلك الرؤية الصحيحة في إدارة كفة الأمور وتخلفهم عن مواكبة الرأي العام ولا سيما رأي الشباب الذي صارت تتنازعه الأفكار الرديكالية والقومية وغيرهم ممن صار يُزاود عليهم ولا سيما بعد نكبة فلسطين ، التي ظهر فيها ضعف الأداء العربي الرسمي ومنهم الحكومة السورية التي وصفت بالفساد ، فأثارت هذه القوى الفوضى والاضطرابات مما مهد للجيش التدخل وتحليه بمزايا السلطة وطعمها ، مما أطمعه للدخول في الحياة السياسية لسحقها عبر الانقلاب الأول بقيادة الجنرال حسني الزعيم 30 أذار 1949 الحزب الوطني : تمت الدعوى اليه في أذار ، وعُقد أول مؤتمر له في 23\4\1947 ، وقد فاز برئاسة الحزب سعدالله الجابري ، ثم تشكلت لجانه الأربعة عشر السياسية والاقتصادية والداخلية والقضاء ... الخ ،وكان أول خطوة اتخذها موافقته على إجراء الانتخابات على دفعة واحدة ، وبعد أشهر قليلة من ولادة الحزب ظهرت مشكلة فلسطين ، وبعد اندلاع المعارك بأيام وفي 4\12\1947 عقد الحزب أكبر مؤتمر له تناول الأمور الإجرائية للحزب وقضية فلسطين الساخنة ، والتي دعوا الشعوب والدول العربية للتضامن والمواجهة وتقديم الدعم اللازم ، وفي 8\11\1947 قدم الحزب استقالته من الحكومة في أعقاب المظاهرات والاضطرابات التي أعقبت حرب فلسطين ، ليُكلف خالد العظم بتشكيل حكومة جديدة أطاح بها فيما بعد الجنرال حسني الزعيم بانقلاب عسكري ، يطيح بالحياة السياسية والمدنية في سورية ، وللمزيد من المعلومات عن وزارة العظم في " تاريخ سورية 9 فترة الحكم الوطني" وجريدة الحزب القبس والإنشاء ، وله صُحف في المحافظات كالاعتدال في اللاذقية حزب الشعب الثاني – أُسس في حلب في آب 1948– وانبثق من المعارضة هناك خلاف عمن انشق عن الثاني في الكتلة الوطنية التي انقسمت إلى حزبين الوطني الدمشقي والشعب الحلبي ، بمعنى أن هذا الانشقاق الذي حصل ليس بفعل انسحاب مجموعة ناظم القدسي ورشدي الكيخيا الكبيرة ، وإنما نشأ عن انسحاب أعداد كبيرة عن الحزب الوطني ، وما يؤكد هذا القول هو الإعلان عنه في جريدة القبس التابعة له قبل أن يرى النور ، وبكلا الأحوال لم يتم تأسيس هذا الحزب إلا بعد سنة تقريباُ عن تأسيس الحزب الوطني مما يجعلنا نتساءل عن السبب والمهم أنّ كلا الحزبين وضع المُبررات اللازمة للانسحاب ، ولكن قد ذكرت أعلاه المُبررات المُقنعة للانقسام ، وكانت أولى الخطوات التي اتخذها حزب الشعب امتناعه عن حضور جلسة البرلمان 17 آب أغسطس 1947 ، التي أقسم فيها الرئيس شكري القوتلي اليمين الدستورية ، وبعد شهر عبر الحزب عن استيائه مُطالباً تثبيت المخالفة الدستورية التي ارتكبها رئيس المجلس بعدم تلبية الطلب لدعوة المجلس استثنائياً وفق طلب أكثرية المجلس ، ومنع النواب من الكلام بالقوة ، وبلغة أُخرى بدأ التصعيد الإعلامي بين الطرفين بقصد النيل من الآخر، مما وتّر الساحة السياسية ليستفيد من ذلك زمرة العسكر التي نفذت انقلابها الغاشم بليل مُظلم وكانت جريدة الحزب هي الشعب ، التي صدرت 2\3\1949 ، ومن جرائده النذير حلب ، والسوري الجديد حمص ، والجلاء اللاذقية ... وغيرهم - الأخوان المسلمين - وعن أسباب نشوء هذه الجماعة هو كما جاء في مقالة " نشأة الإخوان المسلمين "من موقع مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والإستراتيجية في المضمون : - بأنه كان للإسلام دولة ورجال يحمونه والمقصود الخلافة العثمانية والخليفة فيمنعونه من أعدائه ويحمون عقائده ، وبالتالي كانت النظرة للأحزاب سلبية ، إذ أن مُعظم تلك الأحزاب في تلك الفترة كان من صناعة الغرب لاستهداف الدولة ، والى وقت ليس بالقليل كان يُنظر للأحزاب نظرة ازدراء ، فلم يكن من تيار إسلامي يجرؤ على المُناداة بتشكيل حزب ، ولا الخليفة أمر بمثل هذا التشكيل لمواجهة الأحزاب ذات اليمين وذات الشمال ، مما أدى إلى تقدم واضح للآخر الذي احتضنه الغرب وثقفه بثقافته التغريبية وأشرف على تدريبه ، وفتح له المجالات وأعطاه كافة أدوات التمكين العلمية بينما كان القصور يلف رجالات الفكر الأصيل في لغة الخطاب والتعاطي للقيود والسدود المفروضة عليه عدا عن الحياة الاجتماعية التي كانت تعيش خليطا متناقضا وغير متجانس من العادات والتقاليد وأساليب الحياة..، وكانت حينها الحياة السياسية هي في غاية السوء في ظل هيمنة الاستعمار وسيطرته على معظم الأجزاء العربية والإسلامية ، لتنفتح البلاد بعد سقوط الخلافة على غزو استعماري تغريبي تحت سلطة القهر العسكري والتفوق المادي ، في ظل غياب القائد الموجه لحياة المسلمين بل صار يقودهم الآخرين نحو شواطئهم الملوثة بعيداً عن الإسلام بواسطة قوى مُتغلبة تملك السطوة والعلم والأدوات اللازمة ، بينما الساحة تفتقد إلى التنظيمات الإسلامية الحركية التي تعمل بجد على توعية الناس وتنبيههم وتنظيمهم في مواجهة هذا التغريب والهجمة الشرسة ، حتى كان الفتح المُبين على يد الشيخ المُجدد الشهيد حسن البنا رحمه الله عندما أعلن عن تأسيس جماعة الإخوان المسلمين في مصر عام 1928، مُستلهمة مبادئها من كتاب الله وسنّة رسوله المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم ، وكانت دعوتها للناس كافة لمن يؤمن بأفكارها ومبادئها ، ومن ثُمّ تبنى فكرتها العديد من الجماعات فيما بعد من جميع الأجناس والأعراق كرداً وعجماً وعُرباً وألواناً وأشكالاً ، ومن هؤلاء مؤسسين للحركة في بلدانهم في الدول . - أما على الساحة السورية فتشكلت جماعات متفرقة في المدن السورية تُنادي بنفس الفكرة إلى سنة 1935 عندما اجتمعت تلك المجموعات في حلب بدار الأرقم لتوحيد جهودهم ، ومن تلك اللحظة بدأت شهرتهم ، فهم جزء من حركة الإخوان المسلمين التي أنشأها الإمام حسن البنا ، وأُطلق عليها اسم الجبهة الاشتراكية الإسلامية عندما تحالفت مع نائبين برلمانيين آخرين عندما فازت في الجمعية التأسيسية بمقعدين مع نائبين آخرين ، وقد خاضت أول انتخابات لها عام 1947 بعد توحدها في ظل قيادة واحدة عام 1945 بقيادة الشيخ مصطفى السباعي كأول قائد للجماعة باسم المراقب العام للإخوان المسلمين في سورية ولبنان حيث كانت تعمل تحت أسماء مختلفة وأهداف متشابهة وفي مرحلة لاحقة أصبح لكل قطر تنظيمه وفازت بثلاث مقاعد نيابية لكل من مصطفى السباعي بهاء الدين الأميري ومحمد المبارك ودعوة الإخوان المسلمين كما جاء في مراجعهم : هي (دعوة الإسلام) بالشمول والتكامل والتوازن والوضوح والدقة التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم والثابتة لدينا بالقرآن الكريم والسنة الصحيحة ، وليست دعوتهم إلى العزلة وحب السلامة كما هي نظرة ممثلي الإسلام الرسمي ، ومن هنا يتضح الفرق بين الإسلام الشعبي التقليدي والرسمي اللذان يشتركان في العُزلة وبين الإسلام السياسي الذي يدعو إلى الحركية ومواجهة الأخطار، لذا فهم - إخوان سورية - يعتبرون قيام حركة الإخوان المسلمين في سورية، إنجازاً ضخماً يحققه الإسلام، فوجود الحركة برأيهم يعني أن الإسلام غدا قادراً على الوقوف في الساحة، متمثلاً في قالب فكري عصري، وتنظيم سياسي قوي يطرح الفكرة الإسلامية، ويدافع عنها، ويتحدى بها الأفكار والأحزاب السياسية الأخرى… في فترة راجت فيها الأفكار الحمراء أيّما رواج!! ويعني ثانياً: أن الإسلام، سلب الأحزاب الأخرى إمكانية المناورة عليه، أو على المسلمين، وعرّاها أمام أعين الجميع، ووضع في قفص الاتهام جميع الدعوات والأحزاب المعادية للإسلام عقيدة أو شريعة. وأنه وبقيام جماعة الإخوان المسلمين، وجد المسلمون المثقفون منهم بشكل خاص، الإطار الملائم الذي يصبون جهودهم من خلاله في سبيل نصرة الإسلام ، إلا أنهم يعترفون بأن حركتهم في سورية بقيت تنظيماً نخبوياً ثقافياً قوامها المثقفون، ولا سيما العاملين في سلك التعليم والأطباء والمهندسين والمحامين... وظلت قواعدها تتشكل باستمرار من طلبة المدارس والجامعات، وأكثر هؤلاء ممن ينتمون إلى الشرائح الاقتصادية المتوسطة عموماً، أو بيوتات العلم الشرعي ، ولكنها تداركت هذا الخلل فيما بعد فسارعت إلى تشكيل جهازين؛ أحدهما للعمال، والآخر للفلاحين بغية استدراك النقص. ، وتوجهت في خطاب خاص إلى هذه الفئات الاجتماعية وتعتقد الجماعة بأن أضخم إنجاز حققته هو أنها أخرجت المسلمين من الزوايا والتكايا، وأسقطت وصاية القاصرين، والمسيئين عنه، وأكسبته مداً جماهيرياً، وأبرزته في الإطار الحضاري المتناسب مع روح العصر مما أكسبها الجماهيرية والتأييد الشعبي منذ نشأتها ، وأكسبها الثقة في قلوب الناس وأما عن أهدافهم : فقد حددتها الجماعة بوضوح في مؤتمرهم السادس عام 1946 في يبرود بسورية ، وتتلخص في تحرير الأمّة من الاستعمار والنفوذ الأجنبي وتوحيدها وحفظ عقيدتها على أساس الإسلام وإصلاح المجتمع ومحاربة الاستعمار بالتعاون مع الهيئات المختلفة ومحاربة محاولات التفرقة بين الطوائف والأديان وإصلاح جهاز الدولة والنظام السياسي وذكر باتريك سيل في كتابه الصراع على سورية ملخصا حركتهم قائلاً في صفحة 35 ما يلي : أنه من بين الجماعات التي جندت الرأي العام لصالح القضية الفلسطينية وخاصة الرأي الطلابي ، وإنها كانت الأكثر نشاطاً في هذا الجانب والأكثر بروليتاريا ، وأن مؤسسها حسن ألبنا الذي اغتيل عام 1949 كان يدعو إلى العودة إلى طهارة صدر الإسلام وصفائه ، ويُطالب بالعمل على إنقاذ فلسطين الإسلامية من الصهيونية المادية ، فأحيا الإسلام كقوة سياسية يُحسب حسابها وأعاد شباب مصر إلى ديانتهم ، وحين اغتيل كان قد بنى حركته وجعلها أقوى ضاغط في الشرق الأدنى العربي وأعضائها يتجاوزون النصف مليون ، وحمّل الجماعة مسئولية انحياز وميل مصر إلى العرب وقضاياهم في التوحد والتحرر من الاستعمار التي لم تكن مُهتمة آنذاك هذا الاهتمام ، ويُحملهم المسئولية مع غيرهم في هيجان الشارع المصري ووقوفه إلى جانب الوطنيين في سورية الذين كانوا يخوضون المرحلة الأخيرة من كفاحهم ضد الانتداب الفرنسي وحلت الجماعة نفسها فيما بعد مع بقية الأحزاب عندما أصدر الشيشكلي أمراً بذلك عام 1952 وعادت إلى النشاط 1954 وجريدتها المنار التي أُغلقت في عهد حسني الزعيم لتعود فيما بعد إلى الظهور وأنا هنا لم أتدخل في التوصيف بل بما جاء في كتبهم والوثائق والمراجع التي بحوزتي عن تلك الفترة ، وخاصة أن المُراقب العام للإخوان المسلمين الشيخ مصطفى السباعي كان يلقى التأييد من معظم القوى الفاعلة التي تعاون معها في إطار شخصي وجماعي إلا الحزب الشيوعي المكروه في ذلك الحين ، والذي كان على النقيض منهم وكان مُعاديا لمعظم الأحزاب السياسية , وكذلك حزب البعث وحلفائه الذي كان على صراع معهم ومع معظم الأحزاب بحسب تحالفاته وتقلباته ، ومن شخصيات فردية موالية لهذين الحزبين وكان بروز الإخوان المسلمين على الساحة السورية بشكل ملفت مطلع عام 1947 ، عندما أقاموا الاحتفالات الكبرى في المُدن تمهيداً لبدء حملاتهم الانتخابية ، وازداد نشاطهم أكثر أواخر عام 1948 حيثُ توسعوا أكثر في العاصمة دمشق، وكان رأيهم الحاسم حول قضية سورية الكبرى ورفضهم تبنيها لأن هذا يُثير حساسيات الدول التي أعلنت بعضها لمن يُحاول فرض ذلك بالقوّة بأنها لن تواجه إلا بالقوة مثلها ، وهذا يعني انقسام الدول وصراعها البيني وتمحور الدول والذي سيؤدي إلى التدخل الأجنبي ، وهذا ما لم يخدم القضية الفلسطينية ولواء اسكندرونة المنهوب المُتآمر عليهما من الدول الاستعمارية ، وأن الفرق مابين سورية الكبرى التي تُسقط من حساباتها فلسطين ولواء اسكندرونة ، وسورية الطبيعية التي من صلبها فلسطين واللواء كبير وشاسع مُلحق : نظرة الإخوان المسلمين الى الأحزاب في تلك العهد والأسباب لتسميتهم بجماعة بدلاً عن الحزب من بحث جماعة الإخوان المسلمين السورية النشأة عن مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والإستراتيجية كان رجال الحركة الوطنية في معظمهم الثمرة المباشرة للانفتاح على الغرب، فهم نخبة من الأرستقراطية الأسرية أو الاقتصادية درست غالباً في مدارس الغرب، وتشبعت بأفكاره، وأساليبه في الحكم والسياسية، واستطاعت أن تنقل إلى الساحة الوطنية أنموذج – الحزب السياسي- الغربي، لتقود من خلاله معركة الصراع ضد المستعمر، ولتستحوذ بالتالي على مقاليد الأمور في سورية، وهكذا نشأت منذ وقت مبكر-الكتلة الوطنية- التي كانت وطنية بحق بمعنى أنها كانت تضم أفراداً من جميع التوجهات، إذ أن برنامجها المعلن وغير المكتوب كان الخلاص من الاستعمار... ولقد انقسمت هذه الكتلة فيما بعد وعلى أسس شخصية إلى حزبين رئيسيين: حزب الشعب... والحزب الوطني ولقد كان الحزب الشيوعي السوري قد سبق إلى الوجود منذ الثلاثينيات، حدث هذا بالطبع بتأثير عوامل خارجية، كانت لها اليد الطولى في تأسيس هذا الحزب وتدعيمه... وإلى جانب ذلك وفي عصر انفتاح مبهر على الأفكار والعقائد بدا أن كل صاحب رأي وقلم يمكن أن يشكل حزباً فأحزاب قومية ضيقة، وأخرى قومية عربية، وثالثة علمانية مطلقة، وأخرى قومية اشتراكية... ولقد غدت الحياة السياسية بالفعل كالسوق الأسبوعي يباع فيه الفحم كما يباع فيه أفخر أنواع السجاد... لم يكن الإسلام غائباً عن هذا كله، ولكنه كان يفتقد الصيغة.. نظر المسلم -الخاص- إلى هذه الأحزاب من حوله، وإلى رجالها وأساليبها وارتباطاتها، فأنف من مصطلح /حزب / وتجنبه، بل أعلن الحرب عليه، لم يغير موقفه هذا أن لفظ /حزب/ لفظ قرآني، وأنه ورد في القرآن الكريم مصطلح: حزب/الله/ وحزب /الشيطان/ لقد بدأ الأمر برفض فكرة /الحزب/ وسيستمر هذا الأمر نصف قرن آخر، لقد أحب المسلمون أن يتميزوا في العصر الذي يعيشون فاختاروا لأنفسهم مصطلح /جماعة/ وربما لأنهم رأوا فيه معنى أشمل وأجمع من مصطلح الحزب الذي أخذ معناه من واقع مفروض... وبدأت تظهر على الساحة السورية دعوات أخرى، هي النقيض المصطنع للحركة الوطنية، تلك الدعوات التي أرادها الاستعمار، أن تصنع الصراع مع الحكم الوطني، ليفوت الفرصة على المقابل الطبيعي... إن المستعمر حين يغادر أرضاً يخلف مصالح ومطامع في تلك الأرض، وهو لابد أن يطمئن على تلك المصالح بعد غيابه، وكان رجال الحركة الوطنية بأسلوب تفكيرهم الغربي، وبميلهم الطبيعي إلى الغرب، يقدرون قيمة تلك المصالح، ويتصورون ازدواجاً مباشراً بينها وبين مصالح الوطن الحقيقية. ولكن المستعمر لم يكن على ثقة تامة بقدرة رجال الحركة الوطنية، على الاستمرار والبقاء، لأسباب عقائدية ودولية ومحلية؛ ولذا فقد فتح الباب للبدائل، ليضغط على رجال الحركة الوطنية أولاً، وليضع رجله في ركاب الآخر، لتحقيق ضمانة مستقبلية عند حدوث أي تغير. ومن ثم يستقطب جماهير الأمة حول دوامات الضياع بالجري وراء السراب. وهكذا أدخلت الساحة السياسية في سورية شعارات الأحزاب اليسارية والقومية الإقليمية والعامة بعض المراجع التي تم الاعتماد عليها في أبحاثي ومقالاتي عن تاريخ سورية 1- مذكرات ومنشورات ومقالات السياسيين السوريين 2- صحف ومجلات وجرائد سورية قديمة 3- مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والإستراتيجية 4- موقع جماعة الإخوان المسلمين السوريين 5- مواقع في ألنت ويوكيبيديا وعبر الجوجل 6- صحف ومراجع لبنانية متعددة 7- الأحزاب السياسية في سورية السرية والعلنية لهاشم عثمان 8- الحكومات السورية في القرن العشرين لسعاد جمعة وحسن ظاظا 9- الصراع على سورية باتريك سيل 10- الأسد الصراع على الشرق الأوسط 11- صحوة الرجل المريض لموفق بن المرجة 12- تاريخ دمشق ومن حكمها خليل طيب 13- المحاكمات السياسية في سورية هاشم عثمان 14- عبد الرحمن الشهبندر حياته وجهاده لحسن الحكيم 15- الصراع على السلطة في سورية نيقولاوس فان دام 16- هؤلاء حكموا دمشق لسليمان المدني 17- كفاح الشعب العربي السوري لاحسان هنيدي 18- الحياة الجزئية في سورية محمد حرب فرزات 19- الحكومة العربية في دمشق 20- النضال التحرري الوطني في لبنان 21- الثورة العربية الكبرى ثلاثة أجزاء لامين السعيد 22- الإخوان المسلمون كبرى الحركات الإسلامية لإسحاق موسى 23- دمشق والقدس في العشرينات لعدنان مردم بك 24- الحكومة العربية في دمشق للدكتورة خيرية قاسمية 25- الوثائق التاريخية المتعلقة بالقضية السورية في العهدين العربي الفيصلي والانتداب الفرنسي حسن الحكيم رئيس وزراء سورية السابق 26- سورية من الاحتلال إلى الجلاء نجيب الارمنازي 27- تاريخ سورية المعاصر للدكتور غسان محمد رشاد حداد 28- تاريخ لبنان للدكتور علي معطي 29- سورية ولبنان وفلسطين تحت الحكم التركي ترجمة الدكتور يس جابر 30- كتيب لم أعثر على اسمه ومؤلفه من النوع القيم يتكلم عن الأحزاب السياسية 31- مؤلفات ومراجع عن الخلافة العثمانية تتجاوز الخمسين ، وهذا فيما يخص بحث المخطط التفصيلي للسلاطين العثمانيين تاريخ سورية 13 الأحزاب السياسية ما قبل الاستقلال " 4 " هذه الحلقة الرابعة والأخيرة من تاريخ الأحزاب السياسية ما قبل الاستقلال ، وقد عملت جهدي أن أكون مُنصفاً لها ، مُستعيناً بالمراجع حيناً وبالنتائج أحياناً أُخرى ، فلا يُكتفى أن نرفع الشعارات دون مُحاولة تطبيقها ، أو رمي الفشل على الدوام على عناصر لا نستطيع الاقتناع بها ، ولقد عمل حزب البعث منذ تأسيسه في الأُمّة السورية عمل المعول الذي هدم كل بُنيان سياسي واجتماعي ترابطي وديني – وهنا حديثي فقط عن سورية والى فترة ماقبل الإنقلاب الأول وبحسب ماورد في المراجع - ومثله الحزب الشيوعي البكداشي السوفيتي العميل الذي لم يُثبت ولاءه يوما للوطن ، وما عدا هذين الحزبين كانت تعترضهما عثرات وسقطات ، نجاحات وإخفاقات ، ولكن على العموم لم يكونوا راغبين بالإساءة ، فلا يهمنا دين أحد أو مُعتقده في العمل الوطني ، بل يهمنا ما يُقدمه للوطن ، وعندنا الرجل العادل من أي ملةٍ مُقدم على الفاسد حتى وإن كان أخي من أُمي وأبي ، ولكن في نفس الوقت على الأحزاب والجمعيات والشخصيات أن تحترم الأديان وعقائد الناس وتسعى إلى تسهيل أمورهم الدينية ، وتسن القوانين بما لا يتعارض مع عقيدة الأُمّة ، فلقد أثبت فارس الخوري المسيحي الزعيم الوطني تعايشه مع كل المكونات السورية دون أن يكون لأحد عليه من حرج في تولي المسئوليات الكبار ، وكذلك جميل مردم وسلطان الأطرش الذي قاد الثورة السورية الكبرى والكثير من القيادات من كل الطوائف والعرقيات ، عندما عملت معاً ، وجنباً الى جنب دون غضاضة في تعايش قل نظيره بين فئات الشعب في ظل أجواء الحرية وأما حزب البعث العربي الاشتراكي : وأنا هنا أُريد أن أُفرق بين مبادئ حزب البعث الأصلية بين النظرية والتطبيق ، بين الرجال الذين عملوا بإخلاص لمبادئهم وهم كُثر وبين من خانوا قضيتهم ، بين من اقتنع بمبادئه الرنّانة وخُدع بها وبين الذين تاجروا بها ، وإننا كحزب نحترم وجوده ونحترم رجاله المخلصين ، كما وأنّ عليه احترام وجودنا ، وأن على أعضائه مسؤولية الانقلاب الذي يدعو الحزب إليها لتغيير أوضاعه ، كما وأننا لا نُطالب بتغيره بل بتنفيذ شعاراته وبنوده ، ومن المفترض على مؤتمراته القيادية والقطرية وو... أن تنتفض وإلا سيبقى كالوباء يقتل نفسه ومعه غيره كما ضحت بقياداته الوطنية المُبعدة، ونحن ندعو إلى الثورة فيه كما تلقينا مثل هذه الدعوات من العديد من أعضائه لتصحيح مساره ، وإلا سيكون مصيره إلى الدعوة لاجتثاثه كما حصل في العراق ، وهو ما لا نتمناه لأي حزب كان وحتى لحزب البعث الذي ذقنا من وراءه الأمرين ، بل ندعوا الى اصلاحه وإعادة تقيمه وترميمه ليتماشى مع الحالة الوطنية الحرة ومشاعر الجماهير ورغباتها وتطلعاتها فهو في أساس تأسيسه منظمة سياسية قومية شعبية اشتراكية انقلابية تأسست عام 1940 على يد ميشيل عفلق عميد الحزب وصلاح البيطار أمين الحزب العام وفيما بعد بانضمام أكرم الحوراني وهو حزب تأسس في دمشق بأفكار مُستوردة مع بداية الأربعينات الذي كان يعمل تحت اسم " حركة الإحياء العربي ، ليتغير اسمه إلى " الحزب العربي القومي " عام 1941 ليصير فيما بعد باسم" البعث العربي عام 1943" الذي أسسه فيما مضى زكي الأرسوزي في دمشق عام 1940 ، عندما انضمت قواعد الحزبين - البعث العربي و العربي القومي – في حزب واحد وأدّى ذلك الى انزعاج الأرسوزي وانسحابه من الحياة الحزبية ، وهذا الحزب في أساس قيامه على خلفية الثقافة التغريبية التي اكتسبها مؤسسيه ميشيل عفلق وزميله صلاح البيطار أثناء دراستهما في فرنسا من عام 1929 الى 1934 اللذان تأثرا بالفكر الاشتراكي الفرنسي ، ونالا دعم الشيوعيين الفرنسيين بشكل مُفرط ، وهؤلاء من أيدوا بقاء الانتداب على سورية عام 1936 عندما كان الوطنيون يبذلون قُصارى جهدهم للتخلص منه ، هؤلاء الفرنسيين المُستعمرين الذين شاركوا الروس والإنكليز على تقسيم الأرض الإسلامية وتمزيقها وقضم أجزائها بأبعاد دينية صليبية تحت دعاوي تمدين سورية والسوريين فقسموها الى ست دول ، واستولو على الوقف الإسلامي دون غيره ليعبثوا به ، وشرعنوا للحالة الطائفية بقوانين وفرقوا على أساسه بين المواطنين السوريين ، كما فعل بوش عند تدميره للعراق تحت مُسمّى نشر الديمقراطية فقسمها مبدأياً الى ثلاث دول وكذلك على أساس طائفي لترسيخ الفرقة ومن ثُم التناحر والإختلاف ، والتي وصفها الشيخ مصطفى السباعي رحمه الله " بمهزلة المهازل في عهد العلمانيين " وهما لا يُنكرا فضل مناهلهما – عفلق والبيطار- الأساس وهو الحزب الشيوعي ، فأنشأ عند عودتهما الى سورية عام 1935 صحيفة الطليعة ، ليؤسسا للبعث عبر رفعهما الشعارات البرّاقة التي لم تكن بأكثر من جوفاء ، وقد ثبت ذلك من وراء ممارسات الحزب العملية التي فُهم منها بقصد الوصول للسلطة والتسلق والتملق والعبث في الساحة السياسية والترابط الإجتماعي عبر النيل من الرموز الوطنية وخلق الصراعات البينية على قاعدة فرق تسد بين المدينة والقرية ، وبين الأديان والأعراق والطوائف ‘ مُشتركا معهم فيما بعد أكرم الحوراني، وقد وُصف حزب البعث بالفوضوي والهدّام كما وصفته الصحف بعد تأسيسه ومُعادي للدين الإسلامي ، كونه يرى في نفسه إمكانية إحلال أفكاره المُختلطة مابين التراكمية الشيوعية والمعادية للدين الإسلامي مكان تعاليم الإسلام السمحاء التي بقيت راعية لكل الأديان والأفكار على مدار قرون قد خلت ، حتى أنّ زكي الأرسوزي نادى بالعودة الى العصر الجاهلي قبل الإسلام ، وسمّاه بالعصر الذهبي والبطولي ، فتبنى البعث بفكرته من الإسلام ما كان جاهلياً فقط ، ولم يأتي دستوره آنذاك على ذكر الإسلام بشيء ، سوى أفكار طرحها عفلق كقصاصات رفعا للإحراج ،بل لم يحمل وصفاً للعاملين في مجال الدعوة إلا بالرجعية وكيل الاتهامات الباطلة بالعمالة التي لم يتسم بها إلا هو ، بعدما رُفعت السرية عن الكثير من الوثائق ، وكان همّه الوحيد في تلك الفترة تفتيت الجبهة الوطنية وبث الفرقة فيها وبين الناس ، وهو بعيد عن الإصلاح والبناء الذي يدعو له ولا يفعل شيء تجاهه وهو يرى نفسه كما جاء في خطاب عفلق 1957 أنّ وجود الاستعمار في سورية كنتيجة للموجودات من المكونات السياسية والاجتماعية ، وبمعنى بأن لا يكون زوال الاستعمار إلا بوجود البعث – المُتفهم لأفكارهم الاشتراكية المُرتبطة بأرض المنشأ – عن عفلق في سبيل البعث صفحة 207، وهو يركب كل موجة وإن كانت مُتناقضة مع مبادئه وشعاراته ، فهو يدعوا إلى الوحدة ، وهو أول من يزرع الشقاق بين الأطراف السياسية ويتهمها بالعمالة والرجعية ، واعتباره الكتلة الوطنية ومن بعدها الحزب الوطني والشعب حصون للرجعية ، وهو من انقلب على الوحدة مع مصر ، وكذلك يدعو إلى الحرية ، وهو أول من أيد وبارك ودعم الانقلاب العسكري الأول للجنرال حسني الزعيم وطالب بمُحاكمة العهد الوطني وسماه بالبائد ، وكذلك أيد جميع الإنقلابات العسكرية من بعده ، والاشتراكية التي وصلت شراكتها إلى كل بيت سوري في مقدار الظلم والتجويع وتوزيع المُعاناة ، فلم يكد بيت في سورية إلا وأخذ نصيبه من هذه الشراكة التي تتوسع يوماً بعد يوم وتتنوع أساليبها وأفانينها تحت المُسميات والشعارات البراقة ، عدا عن ذلك ما لحق الرفاق المؤسسين عفلق والبيطار والحوراني وكبار القيادات من التصفيات والقتل والإبعاد ، حتى أنّ معظمهم قضى وارتحل إلى الله في السجون أو على أرض المنافي ، ولم يُسمح بنقل رُفاتهم الى أرض الوطن ، فميشيل عفلق نُبش قبره في بغداد وصُلب وأُحرق وعُبث بجسده من كل أجزاءه ، والحوراني دُفن على حدود دمشق في الأردن ، والبيطار قُتل غدراً في باريس ، وهو يُراوغ كما يُراوغ الثعلب في أساليبه للوصول ، حتى سُمي أحد رموزه بثعلب الشرق الأوسط لخبث أدواته وأساليب مكره كما ورد على لسان السياسيين السوريين ولا مانع أن نعرض أفكار البعث كما وردت في أدبياته، فهو يدعو إلى الوحدة العربية ويبشر بالفكر القومي. ويوصف حزب البعث على أنه مزيج من الاشتراكية، والقومية العربية " بينما هو خليط من الأفكار الشيوعية والرؤى الشمولية كما وصفته صحف الأربعينيات ".وفي تناقض واضح تبنى المبدأ السياسي وهو في نفس الوقت يعمل أيضاً على أساس الانقلاب الشعبي ضد الحاكم الظالم أو العميل أو من يواكب الاستعمار . " فأين نجد هذا الانقلاب على الفاسدين سوى التهليل والتصفيق ؟ " وقد اصطدمت قوميته المُزايدية مع الحكومات العربية المختلفة في أماكن وجود الحزب. ويرفع الحزب شعار "أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة" أما أهدافه فهي "وحدة، حرية، اشتراكية". وترمز "الوحدة" إلى اتحاد الأقطار العربية "– فماذا تحقق منها سوى المزيد من الشرذمة ؟ "، و"الحرية" من القيود الأوروبية وتحرر الأقطار العربية منها –" ولما لا يكون من السوفيتية أيضاً والشيوعية والاحتضان الفرنسي الأمريكي ؟. وميشيل عفلق ومعه صلاح البيطار وأكرم الحوراني وقيادات حزبية أُخرى " اللذين غيروا الكثير من أفكارهم فيما بعد " وهم ينحدروا من الطبقة المتعلمة المتوسطة في دمشق. فبعد عودتهم من دراستهم في باريس إلى دمشق عام 1933، بدءوا بالتبشير بأفكارهم في وسط الطلاب والشباب وعملوا على نشرها بين الشباب من طلبة المدارس والجامعات، إلا أن تجمعهم لم يتحول إلى حركة سياسية إلا في بداية الأربعينات حين شكل عفلق و البيطار جماعة سياسية منظمة باسم الإحياء العربي التي أصدرت بيانها الأول في شباط عام 1941. . وابتداء من حزيران 1943 أصبحت بيانات الحركة تحمل اسم "البعث العربي". ومن الأعضاء المؤسسين ابن مدينة دير الزور المحامي جلال السيد. يرد في بعض المصادر أن لزكي الأرسوزي من لواء الاسكندرون دور في تأسيس حزب البعث، إلا أن كل الشواهد التاريخية تدل على ان الأرسوزي لم يكن له اي دور أو أية علاقة في تأسيس حزب البعث العربي، و هو و إن كان من دعاة القومية العربية، إلا أن فكره يختلف جذريا عن فكر البعث، حيث أنه "لا يدخل الاشتراكية في فلسفته السياسية، و هو أقرب إلى التفكير النازي" كما يقول جلال السيد في كتابه "حزب البعث العربي". خاضت حركة البعث الانتخابات العامة في سوريا عام 1943 للإعلان عن مبادئها على أوسع نطاق، ورشح ميشيل عفلق نفسه في بيان حمل أول وأقدم شعارات الحزب: "أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة". وكان الأستاذان عفلق والبيطار قد استقالا من مهنة التدريس قبل ذلك بعام ليتفرغا للعمل الحزبي، وافتتحا أول مكتب للحزب في دمشق سنة 1945، و في هذا التاريخ تم أول حفل لأداء القسم في حياة الحزب و لم يكن عدد أعضائه يومذاك يتجاوز الأربعمائة. وفي تموز عام 1946 صدرت جريدة البعث اليومية. تم تأسيس حزب البعث بصورة رسمية عندما انعقد مؤتمره الأول في دمشق في 7 نيسان 1947 و أنتخب ميشيل عفلق عميدا له. في سنة 1952، ثم اندمج حزب البعث مع الحزب العربي الاشتراكي الذي كان يرأسه أكرم الحوراني في حزب واحد أصبح اسمه "حزب البعث العربي الاشتراكي" كحزب قومي علماني لمواجهة الأحزاب الإسلامية والوطنية أزمة حزب البعث العربي الاشتراكي: وكون الحزب يعتمد في إيديولوجيته على شعار توحيد جميع الدول العربية في دولة واحدة وبتبني المنهج الاشتراكي فيتطلب ذلك منه تطبيق هذه الإيديولوجية. وقد عانى الحزب من ثلاث مشاكل هزت كيانه ومصداقيته، الأولى عدم وجود منهج وبرنامج عمل علمي واضح المعالم يمكن تنفيذ أفكاره على الأرض فبقي أسير أهدافه التي بقيت شعارات لم تجد من ينفذها على بساطتها ويسر تحقيقها. والثانية تسلط أشخاص غير مؤمنين بفكر الحزب على قياداته التنظيمية والرسمية بعد توليه السلطة لأكثر من مرة وفي أكثر من دولة عربية. والثالثة تبنيه لأسلوب تنظيم الأحزاب الشيوعية، أشبه بالتنظيمات الاستخبارية منها إلى التنظيمات السياسية، معتمدةً على أكبر قدر من الاستقطاب الحزبي لمنتمي الحزب دون الاهتمام بنوع العناصر وتأثيرها الاجتماعي، مما شجع المغامرين والانتهازيين بتحقيق المطامح الشخصية وعلى أحداث انشقاقات مستمرة في الحزب منذ نشأته ( "موقف الأحزاب الوطنية من حزب البعث : كانت نظرة عدائية كارهة له ولمعظم رموزه الذين لعبوا في الساحة الوطنية وعبثوا بها، حتى وصفت الصحف ميشيل عفلق بالموهوم ، وأنه بدأ حياته في الحزب الشيوعي وهو لا يزال تلميذا فيه وتلقى أكبر دعمه منه ، وانه شبّ على أفكاره الفوضوية وترعرع في أحضانه مدة طويلة ، ثُم حاول التغلب على خالد بكداش للوصول إلى رئاسة الحزب فلم يُفلح ، في نفس الوقت الذي يدعي بأن أساس منشأه وطني وهو ينفي هذه التهم عن نفسه ، كما وقد وصفوا البعث لعبارته بالانقلابي بأنه هدام وفوضوي وبعيد عن الإصلاح والبناء ، وعند وقوع انقلاب الدكتاتور حسني الزعيم قام ميشيل عفلق وقيادة البعث بما فيهم السيد أكرم الحوراني الذي كان يتزعم الحزب العربي الاشتراكي والذي كان اسمه حزب الشباب بمباركة الخطوة بل وما كان سائداً بأنه على عاتق الحوراني اُلقيت المهام الغامضة كمستشار قانوني للحكم ، واتخذ من وزارة الدفاع مقراً له يُعد فيه البلاغات الأولى لحركة الانقلاب التي أسماها بالثورية ، واعتبر وحلفائه قيامها بإرادة الشعب ، بل وطالبوا الزعيم بمحاكمة العهد الوطني البائد وصنائعه كما أسموه في بيانهم ، بينما الزعيم الوطني فارس الخوري عندما رأى الانقلاب ومن أول أيامه لم يوجه الى الدكتاتور إلا كلمات .. سامحك الله فقد فتحت باباً يصعب على التاريخ إغلاقه وكان موقف البعث فيما بعد من الحزب الشيوعي: كما صدر عن مكتب البعث عن الدكتور مدحت البيطار عام 1945 ، بأن هذا الحزب دعامة للشعوبية وداعية للأجنبي ولذلك فقد دعى إلى محاربته ووزع على الصحف السورية بياناً مطولاً بهذا الخصوص") ومع ذلك فهما يتفقا في خصومتهما للقوى الوطنية والإسلامية ، ويجتمعا في كثير من الأحيان رغم عدائهما الشديد ، في تناقض كبير للتعبير في الموقف المبدئي الحزب الشيوعي : هذا الحزب كما وصفه نظيره البعثي بأنه دعامة للشعوبية وداعية للأجنبي وأول تأسيسه كان باسم حزب الشعب اللبناني في 28\10\ 1924 ، ومن أبرز مؤسسيه فؤاد الشمالي وهو مصري من أصل لبناني ويوسف إبراهيم وفريد طعمة وبطرس قشعمي وبرغر اليهودي وأُطلق عليه لقب أبناء عشرة لينين ، تأسس هذا الحزب على يد عناصر طائفية وعرقية من نفر من الشباب السوريين واللبنانيين عرب وأرمن ويهود وسواهما ، كانوا تعرفوا على الشيوعية في صفوف الحزب الشيوعي المصري وفي فلسطين أثناء حراك الصهاينة وفي المهاجر ، وقد تبنى هذا الحزب التعاليم الماركسية اللينينية ، واعتبر نفسه جزءاً من الحركة الشيوعية العالمية ، التي من أهم مؤشراتها الالتفاف حول الإتحاد السوفيتي ، وفي سنة 1925 جرت اتصالات بين حزب الأرمن البلشفيين "حزب عصبة سبارتكوس " بزعامة مادويان وحزب الشعب انتهت إلى حل الحزبين وتأسيس الحزب الشيوعي السوري اللبناني وألفوا لجنتهم المركزية وعلى رأسها اليهودي الروسي القادم من فلسطين أكوب بيتر ، واُنتخب سكرتيراً عاماً وأسموه بالرفيق شامي وفي دمشق تأسست أول حلقة شيوعية على يد شاتيلا فانضم إليه آنذاك خالد بكداش وفي الثلاثينيات اختفى بيتر وأبو زيام وبوغر من اليهود الذين كانوا يُشرفون على الحزب ليحل محلهم خالد بكداش الشاب الكردي ذو العشرين عاما بجدارة لحمل رايتهم وعلى رأس زعامة الحزب ، ومعه رفيق رضا وفرج الحلو اللذان استوليا على الحزب في ظروف غامضة وطرد المؤسسين قادة الحزب كيوسف يزبك وفؤاد الشمالي ، وظل هؤلاء يقودون الحزب إلى عهد الوحدة ويطورونه ، ليستفيد بكداش من كونه كردياً وفردا بارزا ومن إحدى الأسر الكبرى لإدخال أتباع له على أسس عرقية ودينية ، وخاصة في الأحياء الفقيرة عند الأكراد والفلاحين في دمشق ، ليمتد فيما بعد الى المدن الأخرى ومر الحزب بين فترتي 1932-1936بتركيز عقائدي ونشاط ثقافي وإشراف خارجي عبر البولوني ويُدعى نخمان لتيفنسكي الذي كان يتنقل مابين فلسطين وسورية ولبنان يهيئ للاجتماعات ويُحلل الوضع ويختار الشباب الذين سيوفدهم إلى موسكو لتلقي التعاليم الماركسية في معهد الشيوعيين الشرقيين وأصدروا مجلة الطليعة لنشر الأفكار الشيوعية ، ودافعوا عن فرنسا بتسليمها لواء اسكندرون مُعتبرين ذلك موقفاً فردياً لا يُعبر عن جميع الفرنسيين ، في محاولة لتسخيف وتسفيه الشعب السوري وفي 31\12\1944 اجتمع ممثلي الحزب في كل من لبنان وسورية وكان عددهم 190 عضو ينوبون عن سبعة الآلاف شيوعي وقرروا فصل الحزب إلى حزبين سوري ولبناني وانتخاب لجنة مركزية تُشرف على الحزبين ، مُستهدفين في خطابهم الفلاح والقطاعات الفقيرة بشعارات الحرية ورفع مستوى البلاد الاقتصادي والمساواة والاستقلال ، وعندما تحررت سورية ولبنان من الانتداب الفرنسي ، تحولت تبعية هذا الحزب الشيوعي السوري واللبناني إلى الإتحاد السوفيتي مباشرة عن طريق سفارته ، وكان موقفه من القضية الفلسطينية مُهين ، إذ اعترف بوجود الكيان الصهيوني وأعلن مناصرته له كما صوت الإتحاد السوفيتي في الأمم المتحدة في 29\11\1947 لصالحة إقامة دولة يهودية ثم اعترافه بدولة إسرائيل أيار 1948 ، واعتبر الحزب الشيوعي القوى المُناهضة لذلك بأنها رجعية ، فطورد على إثر ذلك وحُلّ الحزب في 12\1948 وعاد إلى نشاطه السري حتى عام 1954 ، واستطاع أن يدخل البرلمان بأول نائب له في هذا العام منذ تأسيسه، وقد سخر منه السوريين عندما أطلق على نفسه حزب الجلاء وهو في نفس الوقت لا يُرى على الخارطة السورية عدا عن أنه منبوذ حكومياً وشعبياً ، وظهور عمالته ودناسته واستفزازه لمشاعر الجماهير بتواطئه ومُناصرته للصهاينة في فلسطين ، والتهجم على الحكام العرب الذين رفضوا التقسيم ووقف القتال ضدهم وتبعيته للإتحاد السوفيتي ومصالحها ، وبيعه لتراب الوطن بالثمن البخس ، هذا عدا عن مجاهرته بتعديه على الأديان والذات الإلهية ، وقيامه بأعمال البلطجة ، وتهجمه على الأحزاب السورية واتهامها بالعمالة للاستعمار والإمبريالية ، والإخلال بالأمن وإثارة الشغب ، مما أدى ذلك إلى تصاعد لهجة العداء التي وصلت ذروتها عندما وقع الصدام العربي الإسرائيلي ووقوفه إلى جانب الأخير، مما أدى إلى ملاحقتهم جماهيرياً وحكومياً وكان للحزب واجهات سياسية فيما يلي أهمها : 1- لجنة مكافحة النازية والفاشية في سورية ولبنان 2- أنصار السلام في سورية 3- عصبة الطلبة الديمقراطيين العرب 4- جمعية أصدقاء الاتحاد السوفيتي بدمشق وكان للحزب واجهات حزبية 1- رابطة الكتاب السوريين وصارت تدعى برابطة الكتاب العرب 2- اتحاد الطلاب الديمقراطيين 3- اتحاد الفلاحين السوريين 4- مؤتمر العمال السوريين 5- جمعية حماية الأمومة والطفولة وكل هذه الجمعيات أصبحت بحكم المُنحلة بعد قيام الوحدة مع مصر وأما صحف الحزب : جريدة الإنسانية ، وجريدة صوت الشعب وجريدة النور والنداء والفجر ونضال الشعب والسلام ومجلة الطريق والثقافة الوطنية ونضال الجماهير الحزب السوري القومي الاجتماعي أنشأه أنطون سعادة سريّاً في لبنان 16\11\1932 و انكشف في 16 نوفمبر 1936 لسلطات الانتداب الفرنسية التي سجنت أعضاءه آنذاك. وللأمانة التاريخية أستطيع أن أقول بأنه لا يُعرف في الوطن العربي حزباً تتالت عليه المصائب والنكبات في ذلك الحين ومحاولات التصفية كالحزب القومي السوري القومي الاجتماعي أو الحزب القومي كما هو شائع على الألسن ، فاتهم في لبنان بمحاولة قلب الحكم والتي على ضوءها فيما بعد أعدم أنطوان سعادة عندما لجأ لسورية وسلمه الزعيم وأُعدم رميا بالرصاص وكان لصاحب الدور الأكبر في التحريض على الحزب القومي لأكرم الحوراني وجماعته من الضباط البعثيين كما ورد عن الحزب والسياسيين ، لأن أكرم الحوراني كان يخشى من ازدياد نفوز الحزب القومي السوري في الجيش ، وهو الذي كان يريد أن يكون الجيش قلعته يتحصن بها ، ولا يسمح لأحد غيره وغير حزبه أن يقترب منها ، ولذلك نرى جريدة البعث بحينها أول من طالب بتصفية الحزب ، مما يبعث على الشكوك فيما بعد بفكرة المؤامرة من وراء اغتيال المالكي ، ربما يكون العسكريين البعثيين من قام بها وأُلصقت بالقومي السوري وكما جاء في كتاب باتريك سيل الصراع على سورية صفحة 95 عن مفهوم الحزب للوحدة العضوية للمجتمع السوري : بأنها لا تستند إلى العرق أو الدم فضلاً عن عدم استنادها على العروبة والإسلام ، ولكنها تستند إلى التاريخ بدءاً بشعوب العصر الحجري !ً بالأكاديين والكنعانيين والكل دانيين والأشوريين والآراميين والعمريين والحثيين بل أنّ أنطوان سعادة يُشير في كتابه نشوء الأمم الى أنّ المسيحية الشرقية – وينتمي هو إلى اليونان الأرثوذكس – هي هوية الأمة السورية ، التي لم تُحسن الدفاع عن نفسها أمام غزو الجزيريين أي العرب والمسلمين الفاتحين ، وربما كانت الرسالة الحقيقية للحزب إعادة الأمّة الى تلك الهوية ، أو اعادة هذه الهوية لها مرّة أُخرى مُلحق من اليوكيبيديا عانى الحزب من النظام السياسي و الاجتماعي الطائفي المكرّس دستورياً في لبنان و الانقلابات العسكرية في سوريا مما أدى لاصطدامه على الدوام مع الطبقات السياسية الطائفية في لبنان و الحكم العسكري في سوريا. أنطون سعادة مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي دخل الحزب في صراع مع السلطات في لبنان تحت الانتداب الفرنسي منذ إنشائه، و اعتبرته السلطات الفرنسية ثم اللبنانية حزباً غير شرعيّ. بعد اعتقال مؤسسه وأعضاءه ثلاث مرات بين عامي 1936 و 1938، سافر أنطون سعادة إلى أميركا الجنوبية متنقلاً بين البرازيل والأرجنتين لتسع سنوات نشر فيها عقيدته بين المغتربين السوريين-اللبنانيين هناك، وعاد إلى لبنان عام 1947 ليصطدم مع السلطات اللبنانية المستقلة حديثاً. شاركت فصائل مسلحة للحزب في فلسطين في الثورات المتتالية حتى حرب 1948 ضد إنشاء إسرائيل. اصطدم الحزب مع مجموعة من حزب الكتائب في منطقة الجمّيزة أسفرت عن حرق مطبعته وتصاعدت بملاحقة أنطون سعادة ولجوئه إلى سوريا برغبة من حاكمها العسكري آنذاك حسني الزعيم الذي عاد فسلمه للسلطات اللبنانية يوم 6 يوليو/تموز 1949 فأعدمته رمياً بالرصاص بعد يومين. انتقل ثقل الحزب بعدها إلى سورية ليشارك بقوة في الحياة السياسية والبرلمانية حتى اغتيال نائب رئيس أركان الجيش السوري العقيد عدنان المالكي واتهام رقيب سوري قومي يدعى يونس عبد الرحيم بتنفيذ الجريمة عام 1955 حُظر الحزب على إثرها من ممارسة نشاطه رسمياً في سوريا حتى عام 2005. نتيجة هذا الاغتيال حصل انشقاق داخلي في الحزب قام به جورج عبد المسيح لعلاقته بالمؤامرة. استمر عبد المسيح يقود فصيلاً يحمل نفس اسم الحزب "جناح الانتفاضة" ويعتمد نفس العقيدة والدستور و تختلف فيه القيادة فقط، ولا يزال هذا الجناح ناشطاً حتى الآن. للحزب نشاطات خارج سوريا الطبيعية، حيث له فروع كثيرة في المهجر حيث الجاليات السورية-اللبنانية، بينما يناصره القليل في الأردن وفلسطين و باقي أجزاء سوريا الطبيعية عدا عن سورية ولبنان. [عدل] العقيدة يعتبر أن "السوريين أمة تامة" و أن "القضية السورية قضية قومية قائمة بنفسها و مستقلة عن أية قضية أخرى" أهداف الحزب الأساسية تتمثل في النهوض بسوريا الطبيعية بكل المجالات و توحيدها لأنها تشكل وحدة جغرافية واحدة لها اسم تاريخي هو الهلال الخصيب. تشير عقيدة الحزب السوري القومي الاجتماعي إلى أن العراق (حتى الكويت و الأحواز) و الشام (الجمهورية العربية السورية) و لبنان والأردن وفلسطين و أطراف جغرافية أخرى مثل سيناء و قبرص و كيليكيا و هضبة عينتاب هي وحدة جغرافية واحدة تضم أمة واحدة فُرِّقت بقرارات استعمارية. وقد انتهج الحزب سياسة علمانية بتركيزه على فصل الدين عن الدولة و منع رجال الدين من التدخل في شؤون الدولة، وسياسة اجتماعية اقتصادية تضعه في يمين الوسط بمحاربته الإقطاع و دعوته لتنظيم الاقتصاد القومي على أساس الإنتاج لصيانة حق المجتمع و الدولة. و يعد الحزب القومي من أشد الأحزاب السورية و أقواها تنظيمياً. وكان للحزب القومي السوري في سورية جريدة الجيل الجديد والبناء اللتان تصدران من دمشق ومجلة القيثارة من اللاذقية بعض المراجع التي تم الاعتماد عليها في أبحاثي ومقالاتي عن تاريخ سورية 1- مذكرات ومنشورات ومقالات السياسيين السوريين 2- صحف ومجلات وجرائد سورية قديمة 3- مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والإستراتيجية 4- موقع جماعة الإخوان المسلمين السوريين 5- مواقع في ألنت ويوكيبيديا وعبر الجو جل 6- صحف ومراجع لبنانية متعددة 7- الاحزاب السياسية في سورية السرية والعلنية لهاشم عثمان 8- الحكومات السورية في القرن العشرين لسعاد جمعة وحسن ظاظا 9- الصراع على سورية باتريك سيل 10- الأسد الصراع على الشرق الأوسط لباتريك سيل 11- صحوة الرجل المريض لموفق بن المرجة 12- تاريخ دمشق ومن حكمها خليل طيب 13- المحاكمات السياسية في سورية هاشم عثمان 14- عبد الرحمن الشهبندر حياته وجهاده لحسن الحكيم 15- الصراع على السلطة في سورية نيقولاوس فان دام 16- هؤلاء حكموا دمشق لسليمان المدني 17- كفاح الشعب العربي السوري لاحسان هنيدي 18- مصطفى السباعي الداعية المجدد للدكتور عدنان زرزور 19- الحياة الجزئية في سورية محمد حرب فرزات 20- الحكومة العربية في دمشق 21- النضال التحرري الوطني في لبنان 22- الثورة العربية الكبرى ثلاثة أجزاء لامين السعيد 23- الإخوان المسلمون كبرى الحركات الإسلامية لإسحاق موسى 24- دمشق والقدس في العشرينات لعدنان مردم بك 25- الحكومة العربية في دمشق للدكتورة خيرية قاسمية 26- الوثائق التاريخية المتعلقة بالقضية السورية في العهدين العربي الفيصلي والانتداب الفرنسي حسن الحكيم رئيس وزراء سورية السابق 27- سورية من الاحتلال إلى الجلاء نجيب الارمنازي 28- تاريخ سورية المعاصر للدكتور غسان محمد رشاد حداد 29- تاريخ لبنان للدكتور علي معطي 30- سورية ولبنان وفلسطين تحت الحكم التركي ترجمة الدكتور يس جابر 31- كتيب لم أعثر على اسمه ولا مؤلفه وهو من النوع القيم يتكلم عن الأحزاب السياسية 32- مؤلفات ومراجع عن الخلافة العثمانية تتجاوز الخمسين ، وهذا فيما يخص بحث المخطط التفصيلي للسلاطين العثمانيين RE: تاريخ سورية 1920-1963 - بسام الخوري - 09-04-2010 تاريخ سورية السياسي الحديث 14 فترة حسني الزعيم والانقلاب الأول .... مع قصة الهجوم على القصر وقتله والبرازي كما وردت من أصحابها في المُلحقات ( تنويه لا بُد منه بالنسبة لمقالات الأحزاب السياسية من تاريخ سورية : حيث جاءت مُعنونة إلى ما قبل الاستقلال ، وهو بالفعل ما كانت النية معقودة عليه ، و كانت الكتابة حين البدء على هذا الأساس ، ولكن تم إدخال فترة الاستقلال والحكم الوطني إلى ما قبل انقلاب الجنرال حسني الزعيم كونها فترة مُمتدة مع ما قبلها ، ولم انتبه للعنوان كون الموضوع والبحث المُضني فيه آخذ جُلّ وقتي ولذا وجب التنويه ، ليكون العنوان الأصح الذي اتمنى تصحيحه "الأحزاب السياسية إلى ما قبل انقلاب حسني الزعيم" ) في الساعة السابعة من صبيحة يوم الأربعاء 30\3\1949 أذاع راديو دمشق البلاغ العسكري رقم 1 فحواه أن الانقلابيين قد سيطروا على البلد بدواعي خوفهم على استقلاله ولتهيئته للحكم الديمقراطي الأمثل ولمكافحة الفساد وأنّ ذلك جرى دون إراقة أي قطرة دم كما جاء في البيان ، الذي حذروا فيه من الإخلال بالأمن وقمع المُشاغبين والمحتجين بلا رحمة أو شفقة ...،وكان قد سبق البلاغ اعتقال الرئيس شكري القوتلي فجر ذلك اليوم ومعه رئيس الوزراء خالد العظم اللذين أُودعا في سجن المزه ، ليقدما استقالتهما بعد أسبوع من اعتقالهما بفعل الضغط الشديد عليهما بعد رفضهما وتمنع القوتلي بشدة الذي أرهقته حالته الصحية من القرحة فاستقال، وليُعلن قائد الجيش فيما بعد حسني الزعيم – بن حسن بن زعيم البهديني - عن استفتاء لرئاسة الجمهورية ، فيها يكون المرشح الوحيد ، بعد أن صارت سورية ترزح تحت الأحكام العرفية والحكم العسكري المباشر، وبالتالي فقد فاز فيها بأغلبية ساحقة كحالة أي دكتاتور ، مما دفعه إلى التفرد والغرور وتصرفه كطاغية وليس كرئيس مما جعل الشعب يزداد نفوراً منه يوماً بعد يوم ، ويزداد كرهاً إلى كره كونه المُتهم الأول بالتلاعب في تموين الجيش والمواد الغذائية الفاسدة ولا سيما كما أُشيع بفضيحة الزيت التي كان سيُحال على إثرها للقضاء مع البستاني ، والتي من خلالها لم يكن يُذكر اسم الزعيم إلا ويضع الناس أياديهم على أُنوفهم كتعبير عن الاحتجاج الدالّ على رائحة الزيت الفاسد الكريه ، مما جعل الزعيم تحت ضغط نفسي ودعم خارجي ، فتقدم بانقلابه متغذيا بالرئيس القوتلي وساسته الوطنيين الذين كشفوا حقيقته بأنفسهم قبل أن يتعشوا به مُبرراً انقلابه بأنه حال دون قيام ثورة دموية شعبية ، وبدعوى لتحقيق آمال الشعب ، وأنه كإجراء دفاعي بعد الإجراءات التي اتخذتها الحكومة السابقة والرئيس المُخالفة للدستور، وكان ذلك الانقلاب بغطاء خارجي غربي أمريكي ، بغية التصديق على المُعاهدات المُتعثرة من البرلمان ، ومنها اتفاقية الهدنة مع إسرائيل بالشروط الإسرائيلية حيث اعتبرت القوى المُعارضة هذا المشاريع بداية الاستعمار الأمريكي وعودة الفرنسي عبر إملاء شروطهم ، ولما تولد عندهم من حساسية عالية من الاستعمار الفرنسي الذي ذاقت منه سورية الويل والثبور فكان حسني الزعيم أول من شرّعن لسنّة الانقلابات العسكرية في عالمنا العربي والتفرد في السلطة بمؤازرة حُلفائه من بعض القوى ولا سيّما البعثيين في ذلك الوقت ، والتي صارت نهجاً في مُعظم الدول العربية فيما بعد وبدعم خارجي لتحقيق مآرب الغرب ، بغية القضاء على أي طموح استقلالي للبلاد عبر حكام استبداديون منبوذون من الشعب ويفعلون ما يؤمرون ، حيث التعامل مع شخص دكتاتور معروف بأطماعه الشخصية وبتضحيته بالمصلحة العامة في سبيل الشخصنة ، وهو معروف بفسادة وسوء طويته ، مما يجعله ضعيفاً أمامهم ، على عكس الرئيس القوتلي الذي كان يحظى بتأييد برلماني وشعبي منقطع النظير ، ويستطيع الوقوف بوجه الأطماع الخارجية بما يُحقق مصلحة البلاد والعباد ، بينما الزعيم عند اعتلائه سُدّة الحكم كان أول ما فعله هو ما رفضته الجماهير بحينها ، سواءً كان صواباً أو خطأً بتوقيعه على المُعاهدات المذكورة دون الرجوع للشعب ومُمثليه ومنها اتفاقية الهدنة مع إسرائيل بالشروط الإسرائيلية ، هذا عدا عن مُحاولته في إرضاء الغرب بأي وسيلة عبر محاولته في الانقلاب على المجتمع ونسف جذوره وعمليات إزالة الأوقاف الإسلامية وتشجيعه للخروج عن العادات والتقاليد الأصيلة وتشجيع الخنا والفجور ، وأساليب البلطجة التي اتبعها في تعامله مع السياسيين كما فعل سيدة كمال أتاتورك ومما يجدر ذكره عن وثائق سرية ظهرت عن الخارجية البريطانية بعد مرور ثلاثون عام على أول انقلاب عسكري في الوطن العربي ، بأنّ انقلاب حسني الزعيم دبره الإنكليز لتدعيم خططها المعروفة بالهلال الخصيب متجاوزة حليفتها فرنسا ، إلا أنّ هذا الطرح له ما يُناقضه ، عندما عزت فرنسا الانقلاب إلى الطموح الشخصي العسكري والى الطريقة التقليدية في أمريكا اللاتينية لا أكثر ولا أقل ، وفُهم هذا بسبب الإشارة الفرنسية للخارجية البريطانية بان تُبقي اتصالها مع الزعيم بدعوى عدم ذهابه لمكان آخر إن لم يلقى الدعم المدني في الداخل السوري مما يؤكد توافق الحليفين البريطاني والفرنسي على الرضا فيما جرى بينهما من عملية تقسيم العالم العربي، وحفاظ كل واحد منهما على حقوق الآخر من خلال المُعاهدة الموقعة بينهما ، وحرص البريطانيين على بعث الاطمئنان في صدور الفرنسيين المُتشككين منهم ، ولأن المُنفذين أيضاً والمخططين هم أدوات فرنسية أو لربما كان هناك تدبير بريطاني لتغير المُعادلة بإبعاد فرنسا عبر فرض الأمر الواقع ، واستخدام تلك الأدوات لوصول الزعيم ومن ثُمّ الاستغناء عن تلك الأدوات بالاعتماد كُلياً على الزعيم الذي عمل جاهداً على استرضائهم ، وذلك لتعزيز موقفهم بالشرق الأوسط ، وحماية مصالحهم من أي هيمنة فرنسية أمريكية ، لا سيما وأن البريطانيين تدخلوا سابقاً في عملية فصل القوات مابين الفرنسيين والسوريين عام 1945 ، وأرغموا الفرنسيين على الامتثال لأوامرهم بينما كتاب لعبة الأمم لمايلز كويلاند عضو الاستخبارات المركزية سابقاً يُشير إلى أصابع أمريكية ، فيحلل ذلك البعض بأن الدور الأمريكي جاء تالياً ، بقصد الحفاظ على حياة الرئيس شكري القوتلي الذي تراءت الأخبار عن نيّة حسني الزعيم لتصفيته ، مما استدعاها للتدخل عبر سفيرها بدمشق للتحدث إلى الزعيم بأن مثل هذا العمل سيؤدي إلى نتائج وخيمة ، ومثل هذا المُبرر لتبرير الدعم لحسني الزعيم لا يكاد يُصدق وهذا الوضع السوري المُعقد، وما كانت عليه الحالة المُريبة والتشكك من أطراف الصراع مما دفع الدول الغربية ولاسيما فرنسا وبريطانيا وأمريكا للاعتراف بنظام الزعيم في وقت واحد ومُبكر ، حتى حسب زعمهم لا يُفكر نظام الزعيم بغيرهم للتوكل عليه كالسوفيت مثلاً ، وكما جاء عن رجل الاستخبارات البريطاني ونداس الذي أكد التورط الإنكليزي في دعم الانقلاب من خلال قوله للوزير سامي كبارة " إذا لم تحصل حكومة حسني الزعيم على مساعدة فورية فإن نظامه سينهار " ولذلك سارعوا للاعتراف به وبالتالي فلن يكون لأي نظام انقلابي بقاء دون أن يكون له غطاء خارجي ، بينما كان الفرنسيين يعتقدون بأن الإسراع بالاعتراف بنظامه يجعله أكثر إصغاء لنصحهم وإرشاداتهم التي هو أحوج ما يكون إليها، وهذا ما أكده المبعوث الفرنسي هيوستون لرئيس وزراء لبنان رياض الصلح بأن حكومته مُتحمسة للاعتراف بحكومة الزعيم ، في نفس الوقت الذي أبهم فيه الصلح إن كان هناك دوافع سرية وراء هذا التسرّع الفرنسي ، وكذلك الاعتراف العربي جاء مُتزامناً مع الأُوربي مع بعض التخوفات من قبل السعودية ومصر ، لما كانت تربطهم من علاقات وطيدة مع الرئيس القوتلي ولم تكن فترة حكم الزعيم طوال فترة رئاسته القصيرة التي استمرت 137 يوم ، حين انقلاب العقيد سامي الحناوي عليه في 14\8 آب \1949 إلا بما وصفها رياض الصلح" بالجنون " والحكم الفردي المُستبد والمحسوبية ، والتي أدت إلى فشله في إدارة سياسة الدولة ، والى تخلي حُلفائه عنه الذين أوصلوه الى السلطة وخططوا لانقلابه المشئوم ، مما يُفسر تخبطه الشديد وعدم التوازن الذي أصابه في احتلاله لمنصب لا يستحقه ، إذ كشف من خلال ممارسته الحكم على عدم امتلاكه لأي تجربة سياسية ، مما أدّى إلى المُطالبة وحاجة البلاد إلى إزالته ، كما أنّ حدّة تصريحاته أربكت الوضع الإقليمي ، عبر اتخاذه لخطوط غير مفهومة ، ولا تنم إلا على الغباء والفردية في التصرف ومنها تسليمه للمعارض اللبناني اللاجئ انطون سعادة الذي قُتل على إثر ذلك ، مما أدّى إلى اجتماع عوامل كثيرة عجّلت في نهايته ، وبنفس الكأس الذي سقاه للوطنيين الأحرار وفئات شعبنا السوري وأخيراً : لنصل إلى خُلاصة بانّ الانقلابات العسكرية ليست صناعة عربية أو سورية ، بل هي تشكيل أوربي أمريكي مدروس لخدمة مصالحهم ، تهافت عليه بعض المنبوذين الذين سعوا إلى استرضاء الأجنبي لتدعيم نفوذهم ليكون لهم من القسمة والحساب شيئاً ، حتى صار رجال الاستخبارات للدول الخارجية كحكام فعليين في البلاد ، فيستقصون الأخبار ويُقررون المصائر ، ويكفي للاستدلال على ذلك بالنتائج ، بأنّ هذه الانقلابات لم تكن يوماً لصالح الشعوب وتطلعاتها وآمالها ، بل لم تكن إلا خنجراً مسموماً في جسد الأمم والشعوب مُلحقات لمواضيع متعلقة : بيان الانقلاب الأول لحسني الزعيم ... الذي أعده وقرأه أكرم الحوراني 30 آذار 1949 ومما جاء فيه ( .... مدفوعين بغيرتنا الوطنية ومتألمين لما آل إليه وضع البلد من جرّاء افتراءات من يدعون أنفسهم حكاماً مُخلصين لجأنا مضطرين إلى تسليم زمام الحكم مؤقتاً في البلاد التي تحرص على استقلالها كل الحرص ، وسنقوم ما يترتب علينا نحو وطننا العزيز غير طامحين إلى استلام الحكم بل القصد من عملنا هو تهيئة حكم ديمقراطي صحيح محل الحكم الحالي المزيف ، وإننا لنرجو من الشعب الكريم أن يلجأ للهدوء والسكينة مقدماً لنا المعونة والمساعدة للسماح لنا بإتمام مهمتنا التحريرية وإن كل محاولة للإخلال بالأمن من بعض العناصر الهدامة تقمع فورا دون شفقة أو رحمة ) وكان السيد فارس الخوري قد قال له إثر انقلابه .. سامحك الله فتحت باباً يصعب على التاريخ اغلاقه مكونات الجيش السوري بعد الاستقلال نيسان 1946 كان الجيش السوري بعد جلاء القوات الأجنبية مكونا من فلول الجيش المختلط والحرس السيار والهمّل وخليط من الأقليات الغير متجانسة التي اُستقدمت من مناطقها لتكون بتصرف المندوب السامي الفرنسي كي يحفظوا ولاء الأقليات ، ولذلك فقد كانت العائلات المالكة للأراضي والإقطاعية تحتقر الجندية كمهنة لوجود هذا الخليط الهجين الكسل المتأخر دراسياً والمغمور اجتماعياً والمعروف بتهوره ومغامرته لأنه لا يملك الأبعاد لقراراته ، وأيضاً لسيطرة العاطفة الوطنية على تلك العائلات ، التي تعتبر الانتساب إلى هذا الجيش في فترة مابين الحربين العالميتين خدمة للمحتل الفرنسي ، وقد انضمت هذه الفلول فيما بعد إلى قوة الدرك السورية التي قاوم الكثير منها الجيش الفرنسي المحتل اثر اندلاع الثورة الشعبية للمطالبة بالاستقلال ، والتي كان لرجال الدرك الأكثر وعياً وانتظاماً حينها من المواقف المُشرفة في حلبة النضال الوطني وهي معروفة من الجميع ، ومن هذا المزيج تكونت القوات السورية الوطنية ، وصدر بعدئذ قانون الخدمة العسكرية الإلزامية على اثر حرب فلسطين وكان أكثر ضباط وجنود الجيش من العساكر الذين تطوعوا في صفوف الجيش الفرنسي السوري المختلط ، وكان لا يُسمح لهم بالارتقاء المناصب العليا القيادية في الجيش ، وبالتالي لم يكونوا بشعورهم بمستوى الحركة الوطنية ، مما جعل الجيش السوري الناشئ مطية سهلة للمغامرين من ضباطه ، وكان سبباً من أسباب الشقاق والتمزق في صفوفه ، وإبعاده عن واجبه المُقدس في الدفاع عن حدود الوطن وتحمل مسؤوليته وزجه في خضم السياسة والنزاع الحزبي والطائفي والعشائري، وكما قال بشير فنصة عن تلك المرحلة بأنها لأسباب ظروف تاريخية دولية فُرضت على سورية بحكم الانتداب والاستعمار الفرنسي للقضاء على استقلالها المنشود ، وقال فنصة عن هذا الجيش الذي ضم فلولا من العساكر والضباط المرتزقة بأنهم احد مخلفات الانتداب الفرنسي الذي عمل جاهداً في سبيل القضاء على جميع المؤسسات ذات الطابع الوطني المستقل ، وربط جميع أجهزة الدولة بما فيها القوات المسلحة بالحكام والمستشارين الفرنسيين وإليكم قصة الإنقلاب على الزعيم وقتله من روايتين مكملتين لبعضهما ممن شارك في الإقتحام والقتل الأولى من محمد معروف مؤلف كتاب « أيام عشتها » يكشف لأول مرة كيف أعدم حسني الزعيم وعند سؤال محمد معروف من الصحفي طارق ترشيشي من صحيفة آوان أنت تقول في كتابك «أيام عشتها» إن عصام مريود هو من أعدمهما! -عصام مريود وبعض الضباط القوميين السوريين لأن الزعيم سلم رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي أنطوان سعادة للسلطات اللبنانية التي أعدمته. يعني إعدام حسني الزعيم كان ثأراً لأنطوان سعادة؟ -لا، لم تكن عملية ثأر، لقد تألمنا جميعاً لأن كل ضباط الجيش من الشباب تأثروا بأداء حسني الزعيم كيف أنه يأتي برئيس حزب (سعادة) ويؤمنه على حياته ويقول له سأعطيك 3 آلاف جندي وأناصرك على رياض الصلح وتحتل لبنان وأنا موافق معك، وبعدها يسلمه لكي يعدموه، وتحصل معركة يخوضها القوميون السوريون ويُقتل فيها ضابط من آل عساف على ما أذكر ويستسلم بعدها القوميون. وقال لي يومها غسان جديد إن الأسلحة كانت فاسدة وغير صالحة. إن سلوكية حسني الزعيم في الحياة لم تكن صحيحة. الملك فاروق ورياض الصلح والبرازي { لقد قرأتُ يوماً في كتاب «الحبر أسود أسود» لناصر الدين النشاشيبي بعضاً من دردشاته مع حسني الزعيم حيث يرد الأخير عليه عندما يحذره من عدم رضى الرأي العام العربي على سلوكه السياسي قائلا: «إن الرأي العام العربي هو حمار كبير». -حسني الزعيم كان يكره رياض الصلح، والأخير كان يعتبره إنساناً مجنوناً. وللحقيقة فإن الصلح تقرّب منه بواسطة شخص اسمه محسن البرازي المتزوج من آل الجابري، والصلح كان متزوجاً من آل الجابري أيضاً، ولذا كانا قريبين بعضهما من بعض بالمصاهرة. ويومها كان يهم إنكلترا وفرنسا استقرار لبنان، وكانتا تعاديان الحزب القومي السوري لأن منهجه معاد لإسرائيل وينادي بوحدة سورية الكبرى. وأذكر أن رئيس الجمهورية اللبنانية اتصل يومها بالملك فاروق وطلب منه التكلم مع محسن البرازي الذي كان في زمانه سفير سورية في القاهرة قبل أن يعُيّنه حسني الزعيم لاحقاً رئيساً للوزراء بحكم أنهما من أصل كردي. واتصل الملك فاروق بالزعيم وطلب منه فرط الاتفاق القائم بينه وبين الحزب القومي السوري، وبتأثير مزدوج يومها من البرازي والصلح وكل الدولة اللبنانية وصل إلى سورية شخص اسمه فريد شهاب وآخر كان مديراً للأمن العام وشخص ثالث كان قائداً للدرك لا أتذكر اسمه وجاء إبراهيم الحسيني بالزعيم أنطوان سعادة وسلمهم إياه وطلبوا منهم يومها أن يقتلوه في الطريق، وبالفعل اتصلوا برياض الصلح فقال لهم «إياكم أن تفعلوا هذا الشيء». فحاكموه يومها ولم أعد أعرف ما حصل. ما الدافع الذي جعل حسني الزعيم يسلم أنطوان سعادة للسلطات اللبنانية التي أعدمته؟ -حصل ضغط على حسني الزعيم، لأن الإنكليز والأميركيين لا يريدون أن تحصل مشاكل في لبنان. زد على ذلك فقد اتصلوا بواسطة محسن البرازي وبالملك فاروق. وأثناء ذلك عُيّن محسن البرازي رئيسا لحكومة حسني الزعيم، فاتصل الملك فاروق بالزعيم، وأعتقد أنه حصل ضغط عليه لأنه هو الذي سهّل كثيراً للأميركيين خطوط التابلاين وما إلى هنالك، لأن السوريين لم يستطيعوا القيام بذلك، فما كان منه إلا أن سهّل لهم كل الأمور وعقد معهم اتفاقات، حتى قيل أن الأميركيين ساعدوه في الانقلاب. ولكني شخصياً لا أعتقد ذلك لأن الانقلابات العسكرية في سورية كانت سورية بحتة، وليس صحيحاً أنه كان وراءها أميركا أو العراق أوالسعودية. إعدام حسني الزعيم ومحسن البرازي { ذكرت في كتابك «أيام عشتها» أنكم عندما دبرتم الانقلاب على حسني الزعيم كنتم متفقين على عدم إراقة أي دم، فماذا تبدل حتى أُعدِمَ حسني الزعيم ومحسن البرازي؟ -أولاً بالنسبة لحسني الزعيم بالفعل طُلب من شخص درزي يقال إنه من آل أبو عساف ينتمي إلى الحزب السوري القومي أن يأتي به حسب الاتفاق إلى مقر الأركان، وكانت من مهمات عصام مريود في الوقت نفسه أن يأتي بمحسن البرازي إلى الأركان أيضاً، ولكنه بدلاً من أن يأتي به إلى الأركان مرره على بيت أكرم الحوراني الذي كان أقرب المقربين بالزمن لحسني الزعيم، ولكن من أزاحه من عند الزعيم كان محسن البرازي (والاثنان من حماه)، وقبل الانقلاب قال لي الحوراني إن محسن البرازي هو روح الزعيم الشريرة، وكان ناقماً عليه بشدة. عصام مريود بدل أن يأتي به رأساً إلى الأركان أتى به إلى بيت أكرم الحوراني فقال له «روح صرفو» وهذا ما حصل. ويُقال إنه ضربه وركله برجله أيضاً. وفي هذه الأثناء جيء بشخص إلى مقر الأركان الذي كنتُ احتللته ضمن خطة الانقلاب العسكرية التي كنت من واضعيها، وقد أضاع هذا الشخص نظارته، وهو يرتدي «البيجاما»، فركض نحوي وتمسك برجلي اليسرى، وكان إلى جانبي ضابط يعرفه فلطمه على خده، فقلت له «مين حضرتك» فقال لي: «أنا محسن البرازي ويريدون قتلي». فقلت له: «لا تخف لن يقتلك أحد». وبالفعل فإن أول بند من بنود خطة الانقلاب كان عدم إراقة أي دم إلاّ في حالة الدفاع عن النفس، وإذ تسلم سامي الحناوي هيئة الأركان جاءني ضابط مدرعات من جماعة حسني الزعيم اسمه بديع ملحم، وقال لي إن الحناوي يريدك لكي توقف ما حصل، فسلمت محسن البرازي لملحم وقلت له: «لا تسلمه لأحد». وذهبت إلى الحناوي، في هذا الوقت كان عصام مريود مازال رئيساً للأركان، فسحب البرازي من الضابط الذي كان أقل رتبة منه، والتقى حينها مع الجماعة الذين أمسكوا بحسني الزعيم واقتادوا الاثنين الى مكان اسمه «الشراطيط»، وقال حسني الزعيم للجنود «أنا عملت لأجلكم»، ولما كاد يحصل انقسام بين هؤلاء عاجله أحدهم بمسدسه وقتله ودفنوه في المكان». والرواية الثانية من قصة الدخول الى قصر الزعيم وقت الإنقلاب وإعدامه المصدر:مذكرات أكرم الحوراني حول وقائع هذه الحادثة نثبت هنا بعض ما جاء في مذكرات الضابط فضل الله أبو منصور الذي داهم مقر حسني الزعيم في حي أبي رمانة ليلة 13-14-آب1949 فاستسلم الحرس بتواطؤ رئيسهم مع رجال الانقلاب. يقول فضل الله أبو منصور في كتابه أعاصير دمشق: "مشيت إلى باب القصر يرافقني ادهم شركسي والرقيب فايز عدوان، وقرعت الباب بقوة فلم أسمع جوابا وكررت القرع ثانية وثالثة والليل ساج والهدوء شامل والصمت تام، وواصلت قرع الباب بشدة، فإذا بالأنوار الكهربائية تشع وإذ بحسني الزعيم يطل من الشرفة صائحا: - ما هذا؟.. ما هذا؟.. من هنا؟.. ماذا جرى؟ أجبته بلهجة الامر الصارم: - استسلم حالا، فكل شيء قد انتهى، وإلا دمرت هذا القصر على رأسك. فانتفض وتراجع مذعورا، فعاجلته بوابل من رصاص رشاشتين إلا انه دخل القصر وتوارى فيه.. فأطلقت الرصاص على باب القصر حتى حطمته ودخلت واذا بحسني الزعيم ينزل من الدور الثاني وهو يرتدي بنطلونه فوق ثياب النوم وزوجته وراءه تصيح: - حسني، حسني، إلى أين يا حسني؟ وقبل ان يتمكن من الرد على زوجته دنوت منه واعتقلته، ثم صفعته فقال محتجا: - لا تضربني يا رجل. هذا لا يجوز، احترم كرامتي العسكرية. أجبته بصوت متهدج: - أنا أول من يحترم الكرامة العسكرية، أما من كان مثلك فلا كرامة له، أما أقسمت للزعيم أنطون سعادة يمين الإخلاص وقدمت له مسدسك عربونا لتلك اليمين ثم خنته وأرسلته إلى الموت؟ قال: - والله يا بابا أنا بريء... اتهموني بذلك ولكنني بريء. فانتهرته قائلا: - هيا بنا، اخرج، لا مجال لكثرة الكلام. مشى حسني إلى الخارج صاغرا وهو يحاول أن يكبت الخوف الذي أخذ يبدو بوضوح في قسمات وجهه وحركاته المرتبكة، وكنت في ثياب الميدان، وقد أرخيت لحيتي السوداء فلم يعرفني، وحسبني شركسيا، فأخذ يخاطبني باللغة التركية ولكنني أمرته بالتزام الصمت، ثم أدخلته الى المصفحة التي كانت تنتظر على الباب الخارجي وسرت به صوب المزة. كان حسني في المصفحة ساهما تائه النظرات، كأنه لا يصدق ما يرى ويسمع... كأنه يحسب نفسه في منام مخيف... ثم تحرك وتفرس في وجهي فعرفني، وتظاهر بشيء من الارتياح ثم قال لي: - يا فضل الله أنا بين يديك، معي ثمانون ألف ليرة، خذ منها ستين ألفا لك ووزع عشرين ألفا على جنودك وأطلق سراحي، دعني أهرب الى خارج البلاد. فسألته: - من أين لك هذه الثروة؟ ألست أنت القائل انك دخلت الحكم فقيرا وستخرج منه فقيرا؟ كيف انقلب فقرك ثراء؟ فأخذ يتمتم: - والله يا بابا أنا بريء .. هذه مؤامرة علي دبرها الانكليز لتقويض استقلال البلاد... والله أنا بريء، أنا أحبكم، أنا جندي مثلكم. أجابه فايز عدوان: - لو كنت تحبنا لما باشرت تسريحنا دون سبب ونحن في الجبهة نقاتل أعداء الوطن، أنت لا تخاف الله ولا تحب احدا. قال: - والله يا إخواني انأ مظلوم، الذي سرحكم هو عبد الله عطفة رئيس الأركان العامة، أما أنا فقد أصدرت أمرا لتشغيلكم في خط التابلاين. عند هذا الحد أمرت حسني بالصمت وحظرت عليه مخاطبة الجنود، فساد على المصفحة صمت ثقيل، اذ لزم حسني الصمت، وقد بدا على ملامحه الرعب الشديد، فكان ينظر الى مسدسي المصوب إلى رأسه، والى رشيشات الجنود المحيطة به فتلمع عيناه ذعرا. سارت المصفحة على طريق المزة إلى حيث كان الحناوي وأركانه ينتظرون خارج المدينة حتى تأتيهم الأخبار عن نتيجة مغامرتي. ولما وصلت إلى مفرق كيوان وجهت رسولا ينقل خبر اعتقال حسني الزعيم إلى الحناوي ويسأله: "ماذا تريدون ان أعمل بالأسير؟". ما كاد الرسول ينطلق على دراجته النارية حتى تكلم حسني وسألني: - من هو قائد الانقلاب؟.. أيكون أنور بنود؟ أجبته بالنفي ولم أذكر اسم أحد، فاستطرد قائلا: - إذن فهو الزعيم سامي الحناوي؟ فنهرته قائلا: - هذا لا يعنيك الآن ولا يهمك، ستعرف ما يجب أن تعرفه بعد قليل. ولما تأخرت الدراجة رأيت أن طول الانتظار على مفرق كيوان لا يوافق، فأمرت آمر المصفحة فايز عدوان من "الكفر" بمواصلة السير على طريق المزة القنيطرة. ولما ابتعدت عن المدينة، انحرفت عن الطريق وأقمت انتظر. كنت أظن أن الجميع زحفوا معي إلى دمشق، ولكنني علمت فيما بعد أنهم تريثوا حتى يروا نتيجة قيامي بمهمتي، ولما وصلت إلى مفرق كيوان من القصر الجمهوري بتلك السرعة، ظن كثيرون آني فشلت ولذت بالفرار، فكادوا يفرون هم أيضا.. ثم عاد الرسول بعد نصف ساعة ليقول لي: " القيادة تطلب إليك أن تبقى هنا حتى يأتيك منها إشعار بما ينبغي أن تعمل، وكانت الساعة قد بلغت الثانية والنصف بعد منتصف الليل، وأقمت انتظر في المصفحة دون أن أحول نظري عن حسني الزعيم حتى الساعة الثالثة والدقيقة 45 . كان الزعيم يلبس بنطلونه العسكري المختص برتبة مشير وقميصا تحتانيا من القطن، مما يدل على أنه هب من فراشه مذعورا ولبس بنطلونه بسرعة دون أن يجد متسعا من الوقت ليلبس شيئا آخر، لذلك أحس بالبرد وخاطبني قائلا: - يا فضل الله أعطني معطفك، بردان. فخلعت معطفي وأعطيته اياه فارتداه شاكرا، ثم طلب سيكارة، فأشعلت واحدة من النوع المختص بالجيش وقدمتها له فأخذ يدخنها ساهما وقد بدا عليه شيئا من الارتياح لأنني أعطيته كل ما طلب، وخيل إليه أن هذه المسايرة تدعو إلى التفاؤل. فحاول من جديد أن يخاطب جنود المصفحة ولكنني أمرته بالصمت فقال: - إلى أين تريدون أن تأخذوني؟ قلت: - إلى مكان يليق بك، فلا تخف. قال: دعوني أنزل قليلا من المصفحة .. أريد أن أقضي حاجة. قلت: - اقض حاجتك هنا في المصفحة ولا حرج عليك. فأطاع دون أن يفوه بكلمة. وآنذاك وصل الرئيس عصام مريود، والملازم أول حسن حكيم، والملازم عبد الغني دهمان، في مصفحة، تتبعهم سيارة كبيرة ملأى بالحنود، ومعهم معتقل آخر هو رئيس الوزراء محسن البرازي، ومعه ابنه... بقي الابن في المصفحة على الطريق وجاءني الجنود بمحسن جريا على الأقدام، فإذا هو في ثياب النوم يرتعد خوفا ويردد بصوت مرتجف: - ارحموني .. ليس لي أية علاقة بما جرى.. ارحموني.. ارحموا أطفالي دخيلكم. وتكلم الرئيس عصام مريود فقال لي: - حكمت القيادة على حسني الزعيم ومحسن البرازي بالإعدام. ويجب ان يتم التنفيذ فورا.. هذا هو قرار المجلس الحربي. فأمسكت حسني الزعيم بيدي اليسرى، ومحسن البرازي بيدي اليمنى، وسرت بهما إلى المكان الذي تقرر ان يلاقيا فيه حتفهما وهو يقع على مقربة من مقبرة كانت للفرنسيين في مكان منخفض، وقد أدرت وجهيهما صوب الشرق، صوب دمشق. وكان الجنود في موقف التأهب لإطلاق النار. أوقفتهما جنبا إلى جنب، وتراجعت مفسحا للجنود مجال التنفيذ، فإذا بمحسن البرازي يصيح: - دخيلكم .. ارحموني .. أطفالي.. أنا بريء. وإذا بحسني الزعيم يشجعه باللغة الفرنسية قائلا: n, ayez pas peur, ils ne nous tuerons pas c,est imoissible أي لا تخف لن يقتلونا، هذا مستحيل. وما كاد حسني يصل إلى هذا الحد من كلامه حتى انطلق الرصاص يمزق الرجلين ويمزق أزيزه سكون الليل ولم يكن الفجر قد بزغ بعد (1) يبدو أن رواية فضل الله أبو منصور صحيحة بناء على حادثتين جرتا معي: الحادثة الأولى: قبل انقلاب الحناوي بثلاثة أسابيع، كنت أسهر في النادي العائلي بالقصاع مع الأستاذ نخلة كلاس ورفاق آخرين عندما أقبل علينا عصام مريود ثملا وقد أخذ منه السكر مأخذه، فراح يشتم حسني الزعيم ويتوعد بالقضاء عليه، فنصحته بأن لا يكرر هذا الحديث مرة أخرى في مكان عام لأن عيون إبراهيم الحسيني بالمرصاد. الحادثة الثانية: في ليلة الانقلاب وأنا نائم في بيتي "دار اليقظة" في زقاق صخر استيقظت على طرق شديد فأطللت من النافذة فإذا بالضابط عصام مريود ومصفحة واقفة عند رأس الشارع. نزلت وفتحت له الباب فقال: - إن شئت جلبت لك ألان محسن البرازي ليقبل حذاءك. كنت لا أزال بين النوم واليقظة في تلك الساعة المتأخرة من الليل. وكان عصام مخمورا وقد زاده السكر هياجا، فقلت له: - ما هذا الكلام يا عصام؟ .. من قال لك إنني أرضى بذلك؟ .. إن محسن البرازي أستاذي في الحقوق ولن أرضى أن أراه بمثل هذا الموقف، ثم أغلقت الباب بعصبية. وقد روى خالد بن محسن البرازي لأحد أصدقائه ما يلي: "دخل الجند منزلنا في الساعة الثالثة بعد منتصف الليل، وأطلقوا الرصاص إرهابا، فأطل أبي يستطلع الخبر. وإذ بهم يقبضون عليه ويضربونه ويضعونه في سيارة جيب. ووضعوني إنا في السيارة المصفحة، وساروا بنا إلى مركز أركان حرب الجيش، فاخذوا والدي وصعدوا به إلى مركز القيادة بينما ظللت انأ في المصفحة، وبعد وقت قصير عادوا به وانطلقت السيارات باتجاه قلعة المزة، وعلى بعد مائتي متر تقريبا من قرية المزة رأيت حسني الزعيم واقفا وحوله الجند على بضعة أمتار من الطريق العام. فأنزل الجند والدي من السيارة وقادوه إلى قرب الزعيم وأطلقوا عليه الرصاص، فسقطا مضرجين بدمائهما" (صحيفة النهار اللبنانية 18/8/1949). لقد تكتم ضابط الحناوي عن تفاصيل مصرع حسني الزعيم ومحسن البرازي خشية من ثأر آل البرازي. وكان عصام مريود يدعي أنه سلمهما أحياء إلى ضباط آخرين، وبعد اغتيال سامي الحناوي على يد حرشو البرازي ثأرا لابن عمه محسن البرازي كشف فضل أبو منصور عن تفاصيل مصرعهما. (1) المقدم في الجيش السوري فضل الله أبو منصور: أعاصير دمشق - طبعة لم يذكر مكان ولا تاريخ صدورها - ص68-77. حسني الزعيم ماجاء عنه من مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والإستراتيجية هو حسني ابن الشيخ رضا بن محمد بن يوسف الزعيم البهديني "من أصول كردية ". ولد في حلب عام 1897، كان والده مفتياً في الجيش العثماني، وكان فاضلاً من رجال العلم، استشهد في هجوم على قناة السويس في الحرب العالمية الأولى سنة 1915. أما والدته فكردية ، وله شقيقان: الأول الشيخ صلاح الزعيم والثاني بشير الزعيم. البهديني : عشيرة كردية كبيرة منتشرة في سورية وتركيا والعراق ولبنان وزعيمها سليمان أغا حاج سعدون درس حسني الزعيم في المدرسة الحربية بالأستانة، وقبل أن يتم دراسته جُعل من ضباط الجيش التركي، اعتقله البريطانيون في الحرب العالمية الأولى. ثم تطوع في الجيش الفيصلي الذي دخل دمشق وحارب الأتراك، وفي عهد الانتداب الفرنسي تطوع في الجيش الفرنسي، وتابع علومه العسكرية في باريس. بعد وصول قوات فيشي إلى سورية انقلب على الديغوليين، وحارب ضدهم، وفي عام 1941 اعتقله الديغوليون، وأُرسل إلى سجن الرمل في بيروت حتى 17 آب 1943، حيث أُفرج عنه، وسُرح من الجيش وهو برتبة كولونيل (عقيد). منذ عام 1945 ظل يتردد على السياسيين وأعضاء مجلس النواب لإعادته إلى الجيش، فتعرف على رئيس تحرير صحيفة (ألف باء) نذير فنصة، الذي توسط له وأعاده إلى الجيش، فعين رئيساً للمحكمة العسكرية في دير الزور، ثم انتقل إلى دمشق مديراً لقوى الأمن. وفي أيلول 1948 أصدر رئيس الجمهورية مرسوماً بتعيين الزعيم قائداً للجيش بعد ترفيعه إلى رتبة زعيم. تطورت العلاقة بين الزعيم ونذير فنصة، بعد زواج الزعيم من شقيقة زوجته. عرف عنه إدمانه على شرب الخمر، ولعب القمار، وحب الظهور والمغامرة بصورة مسرحية ملفتة للانتباه، أصيب بمرض السكري الذي جعله عصبي المزاج متهوراً. كان الزعيم منذ صغره تواقاً للسلطة. له كلمة مأثورة: (ليتني أحكم سورية يوماً واحداً ثم أُقتل بعده). " فحكم 137يوم وقُتل يعتبر حسني الزعيم، صاحب أول انقلاب عسكري في تاريخ سورية المعاصر، ففي ليلة 30 آذار 1949 قام بانقلابه متفقاً مع بعض الضباط، فاعتقل رئيس الجمهورية شكري القوتلي، ورئيس وزرائه وبعض رجاله، وحل البرلمان، وقبض على زمام الدولة وتلقب بالمشير. وألّف وزارة، ودعا إلى انتخابه رئيساً للجمهورية، فانتخبه الناس خوفاً في 26 حزيران 1949، وكان يحكم وقد وضع له غروره نصب عينيه صور نابليون وأتاتورك وهتلر. يقول أوين في كتابه (أكرم الحوراني): (لقد تأكد حديثاً بعد السماح بنشر بعض الوثائق السرية، وبعد ما يقرب من أربعين عاماً من انقلاب حسني الزعيم تورط الولايات المتحدة بأول انقلاب عسكري في العالم العربي، وكان قد أُشيع لسنوات بأنها ساندت انقلاب حسني الزعيم، كما كان مايلز كوبلند عضو المخابرات المركزية السابق قد ذكر في كتابه لعبة الأمم عن المساعدات الأمريكية لحسني الزعيم. ولكن روايته لم تؤخذ آنذاك على محمل الجد، واستناداً لما كتبه فإن سورية كانت على حافة اضطراب سياسي عنيف، بينما كانت حكومة الكتلة الوطنية عمياء عنه. ورأى السفير الأمريكي في سورية أن الأوضاع ستأخذ أحد مجرين: إما احتمال قيام الانتهازيين قريباً مع مساعدة السوفييت بانتفاضة دموية، أو أن يسيطر الجيش على السلطة بمساعدة الأمريكيين السرية للمحافظة على النظام، إلى حين إحداث ثورة سلمية. ويقول المؤلف أيضاً: وهكذا شرعت المفوضية الأمريكية بالقيام بعملية هدفها تشجيع الجيش السوري على القيام بانقلاب، من أجل الحفاظ على سورية من الاختراق السوفييتي، وجلبها إلى طاولة السلام مع إسرائيل، ولم يكن حسني الزعيم الخيار الأول لفريق العمل السياسي الأمريكي المشرف على العملية، ولكنه أصبح هدفها لأنه لم يكن هناك الكثير مما يمكن عمله، لقد رأى فيه الأمريكيون نواحي إيجابية عديدة، فقد كانت له مواقف شديدة العداء للاتحاد السوفييتي، وكان يرغب في الحصول على مساعدات عسكرية أمريكية، بالإضافة لكونه مستعداً لعمل بناّء بخصوص (القضية الفلسطينية)، واستناداً للوثائق السرية التي سمح بنشرها التقى الزعيم حسني الزعيم مرات مع مسؤول من السفارة الأمريكية، للنقاش حول الانقلاب، وقد بدأت هذه اللقاءات في أواخر 1948، وانتهى الإعداد للانقلاب أوائل 1948، وفي شهر آذار من العام نفسه تقدم حسني الزعيم بطلب المساعدة من الأمريكيين للقيام بانقلابه). دفع حسني الزعيم ثمناً للدول الكبرى لاعترافها به، اتفاقياتٍ تخولها إقامة نفوذ ومصالح لها في سورية، ففي 30 حزيران سُمح لشركة التابلاين الأمريكية أن تمارس عملها، وأن تنشئ المطارات وسكك الحديد وأن تشتري البضائع وتقيم المنشآت المعفاة من الرسوم والضرائب مقابل حصول سوريا على مبلغ 20ألف إسترليني سنوياً. كما صادق على الاتفاق الموقع بين سوريا وشركة المصافي المحدودة البريطانية، بشأن المصب في بانياس لتصدير البترول العراقي، ونصت الاتفاقية حصول الشركة على امتياز لمدة سبعين عاما لإنشاء وصيانة مصفاة أو مصافي في الأراضي السورية، على أن تؤول ممتلكات الشركة في سورية إلى الحكومة السورية بعد أن تنتهي مدة الامتياز، وتتعهد الحكومة السورية لقاء العائدات بإعفاء الشركة من الضرائب والرسوم وعدم انتزاع الأراضي التي تمتلكها طول مدة الامتياز. وتتعهد الحكومة بإعطاء الشركة أفضلية في الموانئ السورية كما لها الحق في إنشاء وصيانة ميناء أو موانئ في سورية لأغراض المشروع، وأن تضع عوامات لربط السفن وتنشئ إشارات وأضواء على الشاطئ وحواجز لصد الأمواج. ولها حق إنشاء السكك الحديدية، والطرق البرية وإنشاء وصيانة شبكات هاتفية وبرقية ولاسلكية، وتتعهد الحكومة بمنح موظفي الشركات الأجانب تسهيلات خاصة لتنقلاتهم عبر مراكز الحدود. وتحصل الحكومة على عائدات نسبية (6 مليون جنيه عن 2 مليون طن نفط الأولى، و10 مليون عن 4 مليون الأولى و13 مليون جنيه عن 6 ملايين طن فما فوق). كما صادق حسني الزعيم على الاتفاقية بين الحكومة السورية وشركة خطوط أنابيب الشرق الأوسط المحدودة البريطانية، لنقل النفط العراقي عبر أنابيب مارة في سورية إلى البحر الأبيض المتوسط. وقد حصلت هذه الشركة على امتياز لمدة سبعين سنة أيضاً لمد وصيانة خط أو خطوط الأنابيب من الحدود السورية ـ العراقية شرقاً وحتى البحر الأبيض غرباً. وتضمنت الاتفاقية بنوداً مشابهة لبنود الاتفاقية الموقعة مع شركة المصافي المحدودة. وفي 7 تموز 1949 سلم الزعيم الحكومة اللبنانية (أنطون سعادة) زعيم الحزب القومي السوري الاجتماعي، الذي التجأ إليه وكان محكوماً عليه بالإعدام، ليتم إعدامه في 8 تموز، مما أثار سخط السياسيين وعامة المواطنين عليه. فقد الزعيم في غضون ثلاثة أشهر معظم شعبيته، وأثار عداء مختلف فئات المواطنين. فسياسته الموالية للغرب أثارت عليه الفئة المحايدة، وتصرفاته الرعناء جلبت عليه سخط الزعماء الدينيين وأتباعهم من المدنيين، وأساليبه الأوتوقراطية قوضت آماال الليبراليين. والأهم من ذلك كله أنه خلق سخطاً بين الضباط بتعيينه اللواء عبد الله عطفة الذي أخفق كقائد للجيش السوري في الحرب الفلسطينية وزيراً للدفاع، وكذلك بترفيعه لكثير من أصدقائه ومؤيديه في الجيش. وضع حد لحكم الزعيم حين أطاح به خصومه العسكريون ليلة 13 آب 1949. وضُم إليه رئيس وزرائه محسن البرازي ونذير فنصة مستشاره الخاص، واجتمع المجلس الحربي الأعلى برئاسة الزعيم سامي الحناوي، وأجرى محاكمة سريعة لرؤوس العهد، وأصدر حكمه: بإعدام (حسني الزعيم ومحسن البرازي) وبعد لحظات من صدور الحكم نُفذ بهما حكم الإعدام رمياً بالرصاص، وذلك في 14 آب 1949. تاريخ سورية السياسي الحديث 15 وانقلاب سامي الحناوي لم يمضي إلا أسابيع على الانقلاب المشئوم لحسني الزعيم الذي جرثم الحياة السياسية والمدنية في سورية ، إلا ويُفاجأ السوريين في الرابع عشر من آب 1949بانقلاب ثان عند الساعة الثالثة فجراً، حيث اخترقت بعض الدبابات والمُصفحات وآليات الجند صباحاً شوارع دمشق حتى وصلت إلى القصر الجمهوري ومنازل كبار رجالات الزعيم كمحسن البرازي رئيس وزراءه والمقدم إبراهيم الحسيني مدير الشرطة العسكرية لتقوم على اعتقالهم والسيطرة على النقاط والمفارز الحساسة والمباني بما فيهم مبنى الأركان العامة وغير ذلك مما يستدعي سيطرة الانقلابيين ، الذين كانت دواعيهم كثيرة ، ولعلّ أهمها مساوئ حسني الزعيم ودكتاتوريته واستبداده وطغيانه ومنها ما هو متعلق بالوضع الداخلي وعمليات القمع، ومنها ما سببه عربي كالدعم العراقي نظراً لاستيعاب المحور السعودي المصري للزعيم فلا بُد من إسقاطه ، ومنها ماهو دولي بسبب صراع المصالح الأمريكية والفرنسية من جهة والمصالح البريطانية من جهة أُخرى ، وهذا مانستطيع ان نُفسره بالتأييد البريطاني والتعبير عن ارتياحهم ومديحهم لقادة الانقلاب ، بينما الصحف الفرنسية اعتبرته من تدبير المخابرات البريطانية بما لهذه التصريحات من دلالات وكان أول تصريح لقائد الانقلاب العقيد سامي الحناوي على ماجرى ، أن حسني الزعيم لم يُعدم لانقلابه الأول بل لخيانته لزملائه قادة إنقلابه الذين ساعدوه لتغيير الأوضاع إلى الأفضل ، بعدما وعد باسم الجيش الأبي الحامي للبلاد والعباد فيما مضى لإنقاذ البلاد من الفوضى ، وإذا به يُعمق من هوّة الفساد والفوضى ويتطاول على الكرامات وأموال الأمّة وينتقل من الحامي إلى الحرامي ، ومن تأمين النّاس إلى استعبادهم ، حتّى صار الجيش قمّة في السخرية وأداةً من أدوات البطش والجريمة لهذا الطاغية ، فكان انقلاب الحناوي باسم الجيش أيضاً إنقاذاً لشرف الأمّة والبلاد بحسب ماجاء ، ولمنع استمرار انحراف السلطة التي كان عليها حسني الزعيم ، وإعادة الاعتبار للوطنيين الأحرار الذين زجّ بهم في السجون وهروب الكثير من بطشه إلى المنافي، ولإعادة العمل بالدستور الذي صاغه مُمثلي الشعب وعودة الحياة الديمقراطية عبر الانتخابات الحرة لاختيار ممثلي الشعب والرئيس ، ولإعادة الاعتبار للرئيس الوطني القوتلي عندما أجبره الزعيم على الاستقالة ، ثم وعد الحناوي بانسحاب الجيش من الحياة السياسية والعودة إلى الثكنات ، وترك إدارة أمور شؤون البلاد للزعماء السياسيين الذين سينتخبهم الشعب ، فهل وفّى هذا القائد بوعده ؟ وإنّي لأُشبهه بالرئيس السوداني سوار الذهب الذي أدّى مُهمة مُحدد بإجراء انتخابات حرّة ونزيهة ومن ثُم انسحب من الحياة السياسية ، ولكن لربما كان خطأه تضمينه لخطابه في اليوم الثاني لأمر خارج عن إرادته لحالة الفوضى والإرباك التي سادت ظروف الانقلاب ، تبني قتل حسني الزعيم والبرازي دون مُحاكمة كي لا تسود روح البلبلة بين صفوف ضباطه ، وجميعنا يعلم بأن قتلهما جاء كانتقام وردة فعل من الملازم أول منصور أبو فضل من القومي السوري المُشارك في الانقلاب لتسبب حسني الزعيم في مقتل أنطون سعادة زعيم حزبه ، وبتحريض ودفع من أكرم الحوراني ، ولكن دون استطاعة الحنّاوي التنصل منها حيثُ وكما جاء عن أحد منفذي الانقلاب محمد معروف بقوله : بأنه عندما مرر الضابط عصام مربود مُحسن البرازي الذي تسلمه من الضابط بديع مُلحم لنقله لهيئة الأركان مرره على منزل الحوراني الذي أشار على البرازي بأنه روح حسني الزعيم الشريرة ، وقال الحوراني للضابط بعدما ضرب مُحسن وركله برجله اليسرى " روح صرفو "كون عائلة البرازي التي اعتمد عليها حسني الزعيم على عداوة تقليدية مع الحوراني ، وبالفعل نُفذ فيهما حكم الإعدام على الرغم مما اتفق عليه الإنقلابيون بعدم إراقة أي دم ، مما اضطر الحناوي لقبول الأمر الواقع الذي حصل ، على الرغم من أمرً سابق له إلى الضباط الذين يحتجزون الرهينتين بعدم المساس بهما عندما شعر بتدبير قتل الزعيم والبرازي ، ولكن كما يبدو بأنه سبق السيف العزل وموضوع الانتقام خارج عن الانصياع للأوامر ، مما اضطر الحناوي تضمين بيان الانقلاب وقيادته عملية القتل كي لا تُثار البلبلة بين الصفوف ومن جهة أخرى نقول بأن الحناوي بالفعل قد وفّى بوعده وكان على مستوى الحدث، وقد أثبت أنه ليس ذا أطماع في السلطة ، كما وعُرف عنه النزاهة والتواضع والبعد عن أي طموح سياسي، وهذا ما فسره تصرفاته منذ اليوم الثاني للانقلاب ، وتخلصه من أعباء الحكم وضغط الضباط عليه الذين ساعدوه في الانقلاب ، فقد اجتمع مع رؤساء الأحزاب وسلّم أمور البلاد والسلطة رسمياً للرئيس هاشم الأتاسي المشهود له بالكفاءة والتاريخ الوطني والحيادية بعدما أقرّ مرسوم استقالة الرئيس شكري القوتلي الذي أُكره عليها أيام حسني الزعيم وحل مجلس النواب ،، وتلا ذلك بياناً أُذيع من إذاعة دمشق قال فيه الحناوي "إنني لكي أمنح سورية الحياة بلداً حراّ ومستقلاً ، فإني أعهد بالحكومة إلى زعماء البلد السياسيين وأعلن عن انتهاء مُهمته الوطنية وعودة الجيش إلى ثكناته" وكان قد أمر بالإفراج عن جميع المُعتقلين السياسيين ، بعدما سمح بعودة الأحزاب والصحف المُغلقة ، على أن يُراقب الجيش الأوضاع السياسية عن طريق وزير الدفاع ، تاركاً تشكيل الحكومة للرئيس الأتاسي الذي شكلها بنفس اليوم أي في 15 آب 1949 . وكان في رئاسة الحكومة الرئيس هاشم الأتاسي وخالد العظم للمالية وناظم القدسي للخارجية ورشدي الكيخيا للداخلية واللواء عبدالله عطفة للدفاع ، وأكرم الحوراني للزراعة وسامي كبارة للعدالة والصحة وفيضي الأتاسي للاقتصاد الوطني ، ومجد الدين الجابري للأشغال العامة وعادل العظمة وزيراً للدولة وميشيل عفلق للمعارف الذي استقال في 19\11 وفتح الله أسيون أيضاً وزيراً للدولة ، وكان من مهام هذه الوزارة البدء في الإعداد لانتخاب الجمعية التأسيسية لوضع دستور جديد ، وإصدار قوانين الانتخابات التي حددت له موعداً في 15\11\1949 ، مُنحت المرأة من خلاله حق الانتخاب دون الترشح ، وجرت الانتخابات في موعدها فاز فيها حزب الشعب بالأكثرية ، والتي على إثرها عقدت الجمعية التأسيسية أولى جلساتها في 12\12\1949 ، وانتخب فيها رشدي الكيخيا زعيم حزب الشعب رئيسا لها والاتاسي لرئاسة الجمهورية ، مما عزز موقع حزب الشعب وصار الطريق مُمهداً للوحدة مع العراق ، لتستقيل تلك الوزارة فيما بعد ويُكلف ناظم القدسي برئاسة الحكومة الجديدة التي لم تستمر أكثر من يومين ، ليكلف معروف الدواليبي بالوزارة لكنه فشل في تشكيلها ، ليكلف خالد العظم الذي كان له الانقلاب بالمرصاد قبل أن ينتهي من تشكيل الحكومة. فجرت الرياح بما لا تشتهي السفن ، لكون هناك من تتعارض مصالحهم وارتباطاتهم مع الوحدة ، وعوامل أُخرى قوية تمنع ذلك وأهمها الجيش الذي على رأسه الشيشكلي وآخرين معه، وسياسيين يرفضون تلك الوحدة مع العراق لارتباط العراق بمُعاهدات مع بريطانيا ، وكذلك محور الرياض مع القاهرة ، ودولياً أمريكا وفرنسا ، ولذلك ما إن قاربت الأمور على النضوج إلا ونرى عودة مظاهر الانقلاب باختراق الدبابات من جديد لشوارع دمشق واستيلاء العقيد أديب الشيشكلي على السلطة العسكرية دون المدنية التي لم يمسسها بسوء في 19\12\1949 ، وليكون الانقلاب داخل المؤسسة العسكرية بدعوى الدفاع عن نظام الحكم الجمهوري في سورية وإنقاذه من النفوذ البريطاني والوحدة مع العراق الملكي ، لينتهي بذلك عهد الحناوي الذي يُفرج عنه بعد فترة وجيزة مُغادراً إلى لبنان ليلقى مصرعه على يد قريب البرازي " حرشو " ثأرا لمحسن ، ويُنقل الى دمشق ويُدفن هناك ، وليبدأ عهداً جديداً ، فيه يتقاسم الطرفان العسكري والسياسي الأدوار بحسب موقعهما ، وليبدأ في البلد عهد مُتقلب يلعب فيه الطرفان لعبة القط والفار لسنتين قادمتين قبل الانقلاب الثاني الذي سأتحدث عنه لاحقاً ، يتمتع فيها قائد الانقلاب الجديد باستقرار مقبول ونفوذ أوسع ، يُنهي الأمور في النهاية لصالحه وأخيراً : فقد امتازت فترة حكم الزعيم سامي الحناوي بنقل البلاد من الحكم الاستبدادي الفردي إلى مؤسسات الدولة على الرغم من مُعارضة بعض ضباط الجيش المُشاركين له في الانقلاب لهذا النهج ، ورجوع الجيش إلى ثكناته على الرغم من وجود صراع خفي بين مكوناته حول تأييد السياسات القائمة بالميل نحو العراق ورفضها ، وتمتاز فترته أيضاً بالتنافس السياسي السلمي ، والإقدام على الوحدة بين سورية والعراق كون الأكثرية لصالح حزب الشعب الذي سعى لفتح الحدود وتنشيط التجارة بما يُنعش الشمال السوري المُتضرر من وراء إغلاق الحدود ، وليس لربطها بالهلال الخصيب كما أكد على ذلك ناظم القدسي ، حيث كانت المطالب العراقية ، بإقامة الوحدة بين قطرين في ظل عرش واحد ، بينما السوريين كانوا يرون بوجوب وجود برلمان موحد يُمثل فيه الشعبان العراقي والسوري ، وعلى أن المُعاهدة البريطانية العراقية لا تشمل السوريين ، لكن الجانب البريطاني المؤثر في الوضع العراقي رفض إعطاء التأكيدات بذلك لكونه لا يُريد فعلياً هذه الوحدة وإنما التظاهر بها ، بهدف كسب السوريين إلى صداقة معهم ، وعدم إرباك الوضع العراقي وإدخاله في حسابات يصعب السيطرة عليها ، وربما لعدم إزعاج الفرنسيين وإفساد العلاقة معهم لكون سورية تحت النفوذ الفرنسي ، مما أربك السياسيين أمام الجيش وازدياد خلافاتهم وتجميد الوضع السياسي ، مما مهد لحركة انقلابية جديدة تُعيد هذا الحلم في التوحد ، وتميزت فترة الحناوي أيضاً بسيطرة حزب الشعب السياسية عبر صناديق الاقتراع على الحياة السياسية ملحقات : كان الزعيم سامي الحناوي قد شكل مجلساً حربياً أعلى أول استلامه للسلطة ممن نفذوا معه الانقلاب لإدارة شؤون البلاد ريثما يتم تشكيل حكومة دستورية ،وقد أُوكل للمجلس صلاحيات السلطات التشريعية والتنفيذية والعسكرية وهو مكون من : العقيد سامي الحناوي قائد اللواء الأول ، والعقيد بهيج الكلاس المستشار في وزارة الدفاع ، والعقيد علم الدين قواص رئيس أركان اللواء الأول ، والمقدم أمين أبو عساف قائد كتيبة مدرعات ، والنقيب عصام مربود ضابط في سلاح الطيران ، والنقيب محمود الرفاعي معاون مدير الاستخبارات العسكرية ، والنقيب حسن الحكيم قائد قوة مدفعية ، والنقيب محمد معروف قائد الشرطة العسكرية ، والنقيب محمود دياب رئيس الشعبة الثالثة في الأركان العامة ، والنقيب خالد جادا مرافق رئيس الجمهورية بدأ العقيد الحناوي بلاغه العسكري الأول بعبارة "لقد قام جيشكم الباسل .." وصارت لازمة عربية فيما بعد لكل انقلابي ومعها عبارة الختام التي صارت لازمة أيضاً " وعد بالعودة الى الثكنات وتسليم أمور السياسة إلى رجالاتها " البلاغ رقم 1 لانقلاب سامي الحناوي أذيع في الساعة السابعة من صباح 14 آب (أغسطس) 1949 لقد قام جيشكم الباسل بالانقلاب يوم الثلاثين من آذار الماضي لينقذ البلاد من الحالة السيئة التي وصلت إليها، لكن زعيم ذلك الانقلاب أخذ يتطاول هو وحاشيته على أموال الأمة، ويبذرها بالإثم والباطل، ويعبث بالقوانين وحريات الأفراد. لهذا، وبعد الاعتماد على الله، عزم جيشكم، الذي لا يريد إلا الخير بالبلاد، أن يخلصها من الطاغية الذي استبد هو ورجال حكومته. وقد أتم الله للجيش ما أراد، فأنقذ شرف البلاد، وآلى على نفسه أن يسلم الأمر إلى الأحرار المخلصين من رجالات سوريا. وسيترك الجيش لزعماء البلاد أنفسهم قيادة البلاد، وسيعود الجيش إلى ثكناته ويترك السياسة لرجالاتها سامي الحناوي من مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والإستراتيجية هو محمد سامي حلمي الحناوي، ولد في مدينة إدلب سنة 1898،"بينما كما جاء عن صلاح العقاد في كتابه المشروع العربي المعاصر أنّ ولادته في حلب " وتخرج من مدرسة دار المعلمين بدمشق سنة 1916، ودخل المدرسة العسكرية في استانبول فأقام سنة وتخرج منها في 24\7\1917 برتبة مُرشح ضابط . خاض معارك قفقاسيا وفلسطين في الحرب العالمية الأولى وتمّ أثره من قِبل الجيش العربي الفيصلي الذي انضم اليه على إثر ذلك ودخل في مدرسته الحربية وتخرج منها 1919 برتبة ملازم ، ثم أُلحق بالدرك الثابت في سنجق الاسكندرونة، ومن ثُم في المستشارية الفرنسية في ادلب حتى وصل الى رتبة نقيب ، وبعد قيام العهد الوطني وتأسيس الجيش السوري تمّ قبوله كضابط فيه وكان من قواد الجيش السوري في معركة فلسطين سنة 1948 ورُفع بسبب بسالته هناك الى رتبة مُقدم ، وفي عهد الزعيم تمّ ترفيعه استثنائياً الى رتبة عقيد ، وبعد نجاح انقلابه رُفع الى رتبة الزعيم. عندما ثار حسني الزعيم على شكري القوتلي وأبعده عن الحكم، أبرق الحناوي يؤيد الانقلاب ويعلن ولاءه لحسني الزعيم، فجعله هذا زعيماً (كولونيل) وقائداً للواء الأول، ولما ضج الناس من سيرة حسني الزعيم، اتفق الحناوي مع جماعة كان بينهم ثلاثة من حزب أنطون سعادة فاعتقلوا الزعيم ورئيس وزرائه محسن البرازي، وأعدموهما بعد محاكمة عسكرية سريعة يوم 14 آب/1949، وأقاموا حكومة مدنية يشرف على سياستها العسكريون وفي مقدمتهم سامي الحناوي، وقد لعب فيها عديله الدكتور أسعد طلس (من حلب ومن كبار موظفي وزارة الخارجية حينئذ دوراً مهماً للاتجاه نحو الوحدة مع العراق). وبعد يومين على الانقلاب سلم الحناوي السلطة رسمياً إلى هاشم الأتاسي الرئيس الأسبق الذي أذاع فوراً تشكيل الوزارة، ثم أعلن الحناوي أن مهمته الوطنية المقدسة قد انتهت، وأنه سيعود إلى الجيش، وكانت تشكلت لجنة بعد ساعات من وقوع الانقلاب ضمت هاشم الأتاسي وفارس الخوري، ورشدي الكيخيا، وناظم القدسي وأكرم الحوراني، أوصت بتشكيل حكومة مؤقتة يرأسها هاشم الأتاسي تعيد للبلاد الحياة الدستورية، وقد سيطر حزب الشعب على شؤون الحكومة الجديدة، واحتل أعضاؤه الوزارات التي اشترط الحزب احتلالها باستمراره (الخارجية والداخلية) بناء على توصيات صاحب الانقلاب سامي الحناوي. استمرت الوزارة برئاسة هاشم الأتاسي من 14 آب/1949 حتى 10 كانون أول/1949 دون أن يحصل تبديل بين أعضائها، وكان من بين الموضوعات التي عالجتها:- 1ـ استمرار العمل بالأحكام الصادرة في عهد حسني الزعيم: فقد أعلنت الحكومة احترامها للاتفاقيات المعقودة في عهد الزعيم وأبرزها اتفاق شركة التابلاين لإمرار النفط السعودي عبر سورية، واتفاق شركة أنابيب العراق لإمرار الزيت العراقي عبر سورية، واتفاقيات التصفية للمسائل المعلقة بين سورية وفرنسا، ويأتي في مقدمتها الاتفاق النقدي. اضطرت الحكومة لاتخاذ هذا الموقف بعد اتصالات مع الوزراء المفوضين لكل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا الذين أكدوا موقف حكوماتهم بعدم الاعتراف بالانقلاب الجديد ما لم يعتبر تلك الاتفاقيات نافذة. 2ـ تطهير الجهاز الحكومي: فبعد أسبوع من تولي حكومة الأتاسي مهامها تلقت مجموعة من المراسيم بعزل بعض الموظفين وإحالة البعض الآخر على التقاعد موقعة من الزعيم سامي الحناوي ومؤرخة بتاريخ 13 آب/1949. وجرت مداولات بين الحكومة وصاحب الانقلاب الحناوي، لكنه أصر على عزلهم لأن وزراء حزب الشعب لا يميلون إليهم. 3ـ انتخاب جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد، وهدف حزب الشعب من ذلك هو استبعاد عودة السيد شكري القوتلي لاستلام منصب رئيس الجمهورية، لهذا أقرت الوزارة المراسيم التي أصدرها حسني الزعيم ومن ضمنها مرسوم قبول استقالة القوتلي وحل مجلس النواب. وكانت النتيجة انتخاب هاشم الأتاسي رئيساً للجمهورية، وأهم المواضيع التي ركز عليها في اجتماعات الجمعية التأسيسية: الوحدة السورية العراقية والتي عكسها نص قسم رئيس الجمهورية الذي جرت الموافقة عليه (أقسم بالله العظيم أن أحترم قوانين الدولة وأحافظ على استقلال الوطن وسيادته وسلامة أراضيه، وأصون أموال الدولة، وأعمل لتحقيق وحدة الأقطار العربية) وكان الحناوي أقرب إلى الجهات التي حبذت هذا الاتجاه. نجحت حكومة حزب الشعب في الحقلين المالي والاقتصادي عندما أقر مجلس الوزراء السماح بتصدير القطن فارتفعت أسعاره، وكذلك سمح بتصدير كمية من الحنطة إلى الخارج فحققت أرباحاً تحولت نحو شراء كمية من الذهب فازدادت نسبة التغطية الذهبية للعملة السورية. وبعد النكسات التي أصابت جهود زعامة حزب الشعب لإقرار الصيغ الدستورية الكفيلة بإعلان الاتحاد مع العراق، اتفق أقطاب الحزب مع اللواء (سامي الحناوي) على قيام الجيش باعتباره الورقة الأخيرة المتاحة في أيديهم، بالتحرك لتحقيق هذا الهدف، وبتاريخ 16 كانون الأول/ 1949 وجه اللواء سامي الحناوي دعوة إلى خمسة من كبار الضباط للاجتماع به لمناقشة موضوع الاتحاد السوري ـ العراقي، فشعر هؤلاء بأن حضورهم يعني وضعهم تحت سلطة قائد الجيش فيفرض عليهم ما يريد، فاتخذوا التدابير اللازمة لاعتقاله، وبالفعل اعتقل الحناوي وأسعد طلس وآخرين من أنصارهما، وكان هذا الانقلاب الثالث بقيادة أديب الشيشكلي. سُجن الحناوي مدة ثم أُطلق سراحه، فغادر دمشق إلى بيروت، وهناك ترصده محمد أحمد البرازي فاغتاله بالرصاص في 30 تشرين أول/1950 انتقاماً لمحسن البرازي ونقل جثمانه من بيروت إلى دمشق فدفن فيها. اشتهر سامي الحناوي بالخلق الكريم والإخلاص في عمله وبأنه كان طيب القلب. تاريخ سورية السياسي الحديث 16 وانقلاب الشيشكلي " 1 " في التاسع عشر من كانون الأول - ديسمبرعام 1949 استيقظ أهل دمشق على مُجنزرات ودبابات الجيش وهي تحاوط مداخل دمشق ، والشعب السوري يستمع إلى بلاغ وقعه العقيد أديب الشيشكلي دون ذكر صفة له أو منصب قد أُذيع ويقول فيه "ثبت لدى الجيش أن رئيس الأركان العامة اللواء سامي الحناوي ، وبعض ممتهني السياسة في البلاد، يتآمرون على سلامة الجيش وسلامة البلاد ونظامها الجمهوري مع بعض الجهات الأجنبية. وكان الجيش يعلم بهذا الأمر منذ البداية، وقد حاول ضباطه بشتى الطرق، بالامتناع تارة وبالتهديد الضمني تارة أخرى، أن يحولوا دون إتمام المؤامرة وأن يقنعوا المتآمرين بالرجوع عن غيّهم فلم يفلحوا، فاضطر الجيش حرصاً على سلامة البلاد وسلامته، وحفاظاً على النظام الجمهوري، أن يقصي هؤلاء المتآمرين، وليس للجيش أية غاية أخرى، وإنه ليعلن أنه يترك البلاد في أيدي رجالها الشرعيين، ولا يتداخل إطلاقاً في القضايا السياسية، اللهم إلا إذا كانت سلامة البلاد وكيانها يستدعيان ذلك." وكان الشيشكلي ذو التوجه القومي هو قائد الانقلاب في هذه المرّة ، يُشاركه فيه أكرم الحوراني الذي يُشاطره أيضاً الاتجاه المُعادي للعراق ويُشاطره في خطيئة تدخل العسكريين في شؤون السياسة حتى بات الجيش كدولة داخل الدولة وفوقها، وكان فيما سبق للشيشكلي أن شارك بالانقلابين السابقين مما أكسبه الخبرة ليقوم بانقلابه الثالث ، لأن كلا الانقلابين السابقين لم يُحققا طموحاته ، فقام بانقلابه هذا على قيادة الجيش والمجلس العسكري ، فاعتقل الإنقلابيون الرئيس الحناوي ومُساعديه بحجة أنّ الحناوي كان يُحضّر إلى اتحاد بين سورية والعراق وقد بدا الشيشكلي أكثر دهاءً وصلابة ومهارة سياسية من الذين سبقوه ،إذ كان جندياً بارد الطبع ذو موهبة في حياكة الأمور وتنظيم الرجال وإدارتهم من وراء ستار ، فترك للسلطة السياسية الاستمرار في مهماتها وصراعاتها الحزبية التنافسية بعيدة عنه ، وجعل الجمعية التأسيسية تمضي في طريقها لإعداد الدستور ، ومنها تشكيل الحكومات وسحب الثقة ورفع العرائض ، واكتفى هو بدور القوة الفاعلة والمراقب من وراء الستار ، ثُم عدّ الشيشكلي حركته بالتصحيحية في صفوف السلطة العسكرية ، وقد استمرت هذه الحالة زهاء السنتين مما جعل المنظرين السياسيين يُراقبونه من خلف ستار دون أن يكشف عن مكنونات نفسه أو يُظهر خفاياها ، ولم يكن الجيش في تلك الفترة سوى حكم يُحتكم إليه ليدعوا السياسيين للانتظام في لحظات الأزمات الوطنية ، لا أن يكون أداة الحكم ، فترك الرئيس هاشم الأتاسي في منصبه وكذلك ما أفرزته العملية السياسية من إفرازات من انتخاب الجمعية التأسيسية ، وفي نفس الوقت كان هُناك حكومة مُستقيلة ورئيس وزراء مُكلف هو خالد العظم عند انقلاب الشيشكلي ، ليتحول التكليف لناظم القدسي وبطبيعة الحال شكّل ناظم القدسي الوزارة برئاسته مع حمله لحقيبة الخارجية والغالبية فيها لحزب الشعب الذي حمل حقيبة الدفاع والاقتصاد الوطني بيد فيضي الاتاسي والعدل لزكي الخطيب والتربية لهاني السباعي والداخلية لأحمد قنبر والمالية لشاكر العاص وكان للأشغال العامة محمد المبارك من الجبهة الإسلامية الاشتراكية وللزراعة محمود العظم مستقل وللصحة جورج سلهوب مستقل ، وقد باشرت مهامها في نهاية كانون الاول - ديسمبر1949. بيد أنّ هذه الوزارة لم تدم لأكثر من ثلاثة أيام كونها لم تنل رضا الجيش ، بسبب مُحاولة العسكريين إلحاق قوى الأمن الداخلي بالدفاع ، ورفض المؤسسات الدستورية لهذا الأمر مما اضطرت للاستقالة التي أعقبها استقالة رئيس الجمهورية إلى الجمعية التأسيسية مما جعل الوضع مضطرباً ، واستدعى نواب في الجمعية التأسيسية للتدخل وإقناع الرئيس بالعدول عن الاستقالة ووعد من العسكريين بعدم التدخل ثانية في الشؤون السياسية ، فقبل الرئيس سحب الاستقالة وكلف خالد العظم في 25\كانون الأول - ديسمبر\1949 بتأليف الوزارة التي تم الاتفاق عليها ، فيها لحزب الشعب أربعة حقائب وللحوراني بدعم الجيش لوزارة الدفاع ، وعلى رئاسة الأركان كواجهة للشيشكلي أنور بنود ، على أن يكون الشيشكلي نائبا له ، في نفس الوقت الذي كان بيد الشيشكلي كل السلطات ، وصدرت التعينات بمرسوم بعد يومين على النحو التالي : خالد العظم رئيساً لها ووزيراً للخارجية ، وفيضي الأتاسي للعدل ، وفتح الله أسيون للصحة ، وسامي كبارة للداخلية ، ومحمد المبارك للأشغال العامة ، وأكرم الحوراني للدفاع ، وهاني السباعي للمعارف ، وعبد الباقي نظام الدين للزراعة ، ومعروف الدواليبي للاقتصاد الوطني ، وعبد الرحمن العظم للمالية ، والجدير ذكره أن وزارتي الدفاع والزراعة كانتا بدعم الجيش للحوراني وعبد الباقي وفي ظل هذه الحكومة عادت سورية باتجاه محور القاهرة الرياض الذي يسعى إليه الشيشكلي ، وهي السياسة المُنسجمة مع رغبات الجيش وبتأييد الحزب الوطني ، بعد عقد اتفاقيات مع تلك الدولتين ، إلا أن رئيس الوزراء خالد العظم لم يقو على الوقوف أمام احتجاجات بعض الوزراء على الدستور الذي تمّ إقراره بالأغلبية في الجمعية التأسيسية ، مما أدّى ذلك إلى استقالة الحوراني والفيضي المعارضين للدستور ولشعورهما بقرب انهيار حكومة العظم بسبب وجود أزمة معيشية من وراء قضية فك الارتباط الجمركي مع لبنان ، فاستقال العظم في 28 أيار- مايو 1950 ، ليكلف ناظم القدسي فشكل ناظم القدسي الوزارة جميعها من حزب الشعب عدا وزيرين زكي الخطيب للعدل وفوزي سلو للدفاع ممثلا الجيش ، وحمل القدسي الخارجية مع الرئاسة ، ورشاد برمدا الداخلية وشاكر العاص للاقتصاد الوطني وفرحان الجندلي للتربية وجورج شلهوب للإشغال العامة والمالية حسن جبارة لكن رئيس الوزراء ناظم القدسي تعرض لمعارضة قوية من الجمعية التأسيسية وخارجها مما أرغمه على تقديم استقالته ليُعيد القدسي تشكيل الحكومة ثانية في 4\حزيران - اغسطس \1950 ، والتي لم تستمر طويلاً لتستقيل في 8\أيلول -سبتمبر\1950 ، ويشكل الوزارة الثالثة برئاسته والتي دامت لسبعة أشهر ومكونة معظمها من حزب الشعب برئاسة ناظم القدسي والخارجية ، ورشاد برمدا الداخلية ، وللاقتصاد الوطني فرحان الجندلي وللأشغال العامة احمد قنبر وللزراعة علي بوظو وللصحة جورج شلهوب وحسن الحكيم مستقل وزيرا للدولة وزكي الخطيب للعدل وفوزي سلو للدفاع ممثلا الجيش وخلال هذه الفترة المذكورة أعلاه كانت الجمعية التأسيسية قد قطعت شوطاً كبيراً من خلال المناقشات والدراسات ، وقدمت مشروع الدستور إلى الجمعية التأسيسية التي أقرته في 5\أيلول-سبتمبر\1950مُتضمنا 166 مادة ، حيث احتوت مُقدمة الدستور على جملة أهداف ، من ضمنها حرية المواطنين ومساواتهم في الحقوق والواجبات والقضاء على الفقر والمرض والجهل وتوطيد العلاقة بين سورية وسائر الأقطار العربية والإسلامية ، وفصل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ... ، ثم تحولت هذه الجمعية التأسيسية بعد إقرار الدستور إلى مجلس نيابي له الحق في انتخاب رئيس الجمهورية ، وتكون دورته أربع سنوات ، ابتداءً من يوم انتخابها في كانون الأول - ديسمبرعام 1949 ، بدلاً من إجراء انتخابات برلمانية جديدة ، مما أثار الحزب الوطني بزعامة العائد من المنفى الرئيس شكري القوتلي الذي هيّج مؤيدوه - المتطلعين إلى تحقيق مكاسب سياسية -المواطنين وعملوا إضرابات واحتجاجات ومظاهرات ، واعتبروا هذه الحركة لمد أمد الحكم لحزب الشعب ، وعلى إثر ذلك انتخب المجلس هاشم الأتاسي رئيساً للجمهورية ، ورشدي الكخيا رئيساً للمجلس النيابي وفق الصيغة الجديدة وفي 23\آذار - مارس 1951 كُلف ناظم القدسي للمرة الرابعة في تشكيل الحكومة التي لم تستمر لأكثر من يوم واحد ، في أقصر وزارة عُمراً في تاريخ سورية ، ليُكلف بعدها خالد العظم لتشكيل وزارة خامسة دون أن يُشرك أي حزب من الأحزاب بما فيهم حزب الشعب الذي ضمن العظم موافقته وموافقة العسكريين لتصدر مراسم الوزارة الخامسة في 27\آذار - مارس \1951 التي استمرت إلى نهاية تموز - من عام 1951 لتقدم استقالتها تحت ضغط حزب الشعب وعرقلته ، مما سبب أزمة سياسية حصلت في وزارته وحركة احتجاج واسعة في البلد شلت الحركة فيه تماما وكانت وزارة خالد العظم الخامسة قد ضمّت عدداً من الوزراء المُقربين من الجيش ، إضافة الى تعاون رئيس الوزارة وزير الخارجية خالد العظم الوثيق مع سلطة العسكر ، الذين اعتمد عليهم في حسم خلافاته مع حزب الشعب المُعرقل له في المجلس النيابي ، وعبد الباقي نظام الدين للزراعة والعدل ، وفوزي سلو ممثل الجيش وزيراً للدفاع الوطني ، وسامي طبارة من مجموعة الحوراني للصحة والأشغال العامة والمواصلات ، كما وضمت كل من عبد الرحمن العظم للمالية ورئيف الملقي للمعارف والاقتصاد الوطني وكان أبرز ماتمّ في عهد هذه الوزارة التخطيط لإنشاء مرفأ في مدينة اللاذقية بعد فك الارتباط الجمركي مع لبنان بغية تحرير التجارة السورية التي كانت تعتمد على مرفأ بيروت بحكم على ماكان عليه الوضع ايام الانتداب الفرنسي على البلدين، ومد سكة الحديد من مناطق الجزيرة والفرات التي تُعتبر من أهم مناطق الإنتاج إلى مرفأ اللاذقية الواقع على البحر المتوسط ، وكذلك تمّ في عهد هذه الوزارة الرد على التحرشات الصهيونية عند بحيرة الحولة ، وتم ترفيع العقيد الشيشكلي إلى رتبة زعيم وتعينه رئيساً للأركان وفي آب – أغسطس 1951 كلف الرئيس الأتاسي حسن الحكيم المستقل بتشكيل الوزارة السادسة رغم معارضة الجيش لميوله للوحدة مع العراق ، ولكنه في النهاية أُرغم الجيش للقبول به لكون حزب الشعب رافضاً التعاون مع الجيش ، فتم تشكيل الوزارة برئاسته إضافة للمالية له ، وكان غالبية الوزراء ذات صفة نيابية من حزب الشعب الذي قبل المشاركة وليس القيادة، وكان فيها فيضي الأتاسي للخارجية ، وفتح الله أسيون للصحة وشاكر العص للاقتصاد الوطني ، وفوزي سلو للدفاع ، ورشاد برمدا للداخلية ، وحامد الخوجة للأشغال العامة والمواصلات ، وعبد الوهاب حومد للمعارف ، وعبد العزيز حسن للعدل ، ومحمد المبارك للزراعة وكان من أهم أعمال هذه الوزارة مُعالجتها للعديد من القضايا كمشكلة التمويل ومشكلة الإضرابات التي تتكرر من حين لآخر وذلك عن طريق تشريع قانون يضمن حقوق العمال والموظفين ، كما وحلت مشكلة الموازنة التي كانت مستعصية ، والتي شكلت في الماضي جدلاً واسعاً وكانت السبب في سقوط حكومة العظم ، فسدت العجز بضغط النفقات وإقرار مبدأ الضرائب التصاعدي ، واستمرت هذه الوزارة إلى 24\تشرين الأول – أكتوبر من نفس العام إثر تقديم بعض الوزراء لاستقالتهم على إثر تدخل الجيش في أعمال الحكومة ومنها سفر الشيشكلي إلى السعودية بمهمة رسمية دون تكليف ، لتنهار هذه الحكومة على إثر خلافات أخرى عصفت بين الوزراء بسبب تباين وجهات النظر حول مشروع الدفاع المشترك ، وموضوع ربط الدرك " شرطة الأرياف " بوزارة الداخلية التابعة للحكومة، بينما الجيش يريد ربطها بالدفاع ليُشرف على الانتخابات ليتسنى له تزويرها والسيطرة على مقاليد الاموركاملة ، ولتنشأ أزمة حكومية على اثر ذلك ابتدأت باستقالة وزير الداخلية رشاد برمدا ، و استمرت ثمانية عشر يوماً ، انتهت بتشكيل وزارة التحدي للجيش برئاسة معروف الدواليبي في 28\تشرين الثاني -نوفمبر 1951، وسميت بذلك لكون الدواليبي احتفظ بوزارة الدفاع لنفسه ورفضه إعطائها للجيش ، وكان تشكيل هذه الوزارة بعد رفض التكليف للرئاسة والتشكيل لكُلٍ من زكي الخطيب ومعروف الدواليبي وسعيد حيدر وعبد الباقي نظام الدين وجميع هؤلاء اضطروا للاعتذار بسبب إصرار الشيشكلي وأعوانه الضباط على تعيين واحداً منهم وزيراً للدفاع ، وعدم قبولهم إلحاق قيادة الدرك بوزارة الداخلية ، إلى أن قبل بها الدواليبي مُجددا بشروطه ، ووزع بقية الحقائب على حزب الشعب ، مما اعتبرها الشيشكلي كإهانة مُتعمدة أدت إلى الانقلاب وكانت حكومة التحدّي مؤلفة من رئيسها معروف الدواليبي إضافة الى حمله حقيبة الدفاع عن حزب الشعب الذي منه أيضاً كل من هاني السباعي في التربية ، وأحمد قنبر للداخلية ، وشاكر العاص للخارجية ، وعلي بوظو للمالية ، ومحمد شواف للصحة ، وجورج شاهين للأشغال العامة والمواصلات ، بينما منير العجلاتي مستقل للعدل ، ومحمد المبارك للزراعة عن الجبهة الإسلامية الاشتراكية ، وعبد الرحمن العظم مستقل للمالية فاستمرت حكومة التحدي برئاسة معروف الدواليبي ليوم واحد ، بعدما ألفها بأمر من الرئيس هاشم الأتاسي دون استشارة الشيشكلي وأعوانه ، وفي نفس اليوم استدعى الأتاسي الشيشكلي إلى مكتبه في رئاسة الجمهورية وطلب منه التزام السكينة وعدم القيام بأي عمل طائش ووعد الشيشكلي بالالتزام ، ولكن بعد ساعات قليلة من فجر نفس اليوم قام الشيشكلي بانقلابه الثاني في 29\تشرين الثاني - نوفمبر\1951 أطاح فيه بحكومة الدواليبي بعدما اعتقله ومعظم أعضاء وزارته وأذاع البلاغ رقم واحد يُعلن فيه استلام الجيش زمام الأمن في البلاد ، ثُم قام بزيارة لرئيس الجمهورية هاشم الأتاسي في القصر الجمهوري ، ليُباحثه في الموقف الدستوري اللازم لإخراج البلاد من المأزق الحالي ، فطلب منه الإفراج عن الدواليبي ومن معه فوافق الشيشكلي على أن يُقدم الدواليبي استقالته ، إلا إن الدواليبي رفض وبقي في السجن خمسة أشهر ، وحاول الرئيس إثر ذلك إيجاد مخرج للأزمة يصون من خلاله مصالح البلاد ، بحيث يُجنب البلد حكما عسكريا مُباشرا ، فكلف أكثر من شخصية نيابية بالوزارة ولكنهم رفضوا ، ووقع الإختيار على حامد الخوجة لتأليف وزارة جديدة ، لكن الجيش حال دون نجاحها بعدما ازدادت شراهتهم لاستلام الحكم وتهميش أي وزارة ، مما صار مفهوما لدى الرئيس الأتاسي باستحالة عمل شيء ، فقدم استقالته وعاد إلى حمص وعندها تولى الشيشكلي رئيس المجلس العسكري رئيس الأركان العامة مهمات رئيس الجمهورية وسائر السلطات بموجب البلاغ العسكري رقم 1 بتاريخ 3\كانون الأول -ديسمبر\1951 ، ليتبعه البلاغ الثاني بتخويل الزعيم فوزي سلو بمهمات السلطتين التشريعية والتنفيذية ، ومهمات رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع ، وكلف الأمناء العاملين – وكلاء الوزارت بمهام الوزراء ، مما أدى ذلك إلى قيام المظاهرات الاحتجاجية في المدن الرئيسية ، وقام الشيشكلي على قمعها بشدة وأخيراً : كان عهد الشيشكلي الأول يمتاز بوجود العسكر في الثكنات مع محاولاته اللا مُنتهية في فرض وصايته على القرارات السياسية الهامة وتحركشاته في الحياة السياسية ، والضغط على البرلمان من خارجه ، واكتفى الشيشكلي بدور القوة الفاعلة والمراقب من وراء الستار وتعامل بذكاء ودهاء مع للسلطة السياسية إذ ترك لها الاستمرار في مهماتها وجعل الجمعية التأسيسية تمضي في طريقها لإعداد الدستور ، ومنها تشكيل الحكومات وسحب الثقة وانتخاب الرئيس الذي كان طوال هذه الفترة من نصيب السيد هاشم الأتاسي وتقلّب الحكومات ، بينما كان الشيشكي متولياً لمجلس العُقداء وإليه يعود الأمر والنهي فيه ، ليحله مع مطلع عام 1951 على إثر خلافه مع بعض ضباطه ومنهم أنور بنود الذي عينته حكومة خالد العظم رئيساً للأركان ورفض الشيشكلي لذلك ، وطلبه الرسمي بأن يكون مكانه ، وعلى أن يُرسل بنود كملحق عسكري إلى أنقرة ، بدعوى اكتشاف الشيشكلي لمؤامرة اغتياله نجا منها بأعجوبة ، وعلى ضوء ذلك ألف الشيشكلي بديلاً عن مجلس العُقداء برئاسته أسماه بالمجلس العسكري ، وجعل الزعيم فوزي سلو وزيراً للدفاع نائباً له مما جعله يتفرد بالسلطة ، وتقلد منصب رئاسة الأركان في 23نيسان - ابريل1951، وقد عُرف عهده الأول بعهد الحكم المزدوج بينه في السلطة العسكرية وبين الأتاسي في السلطة السياسية ، وكان هناك صراع واضح بينهما على من يُنهي الآخر من الحياة السياسية ، فكانت المهادنات والاتفاقات والخصومات والمصالحات والإسترضاءات ، وفي نهاية المطاف تم ترفيع الشيشكلي من رتبة عقيد إلى زعيم في حكومة خالد العظم الخامسة التي كانت موالية للجيش - 27\آذار – مارس \1951 إلى نهاية تموز - من عام 1951- تمهيداً للانقضاض على السلطة بشقيها السياسي والعسكري ، خاصة بعد نجاح العسكريين في مصر في تسلمهم السلطة ، ليُعطيه ذلك المُبرر بأنه ليس الوحيد في العالم العربي من يحكم حكماً عسكرياً ، لينتهي الصراع عند البلاغ رقم واحد ملحقات البلاغ رقم 1 لانقلاب العقيد أديب الشيشكلي الأول أذيع من إذاعة دمشق يوم 19 كانون الأول(ديسمبر) 1949 ثبت لدى الجيش أن رئيس الأركان العامة اللواء سامي الحناوي وعديله السيد أسعد طلس، وبعض ممتهني السياسة في البلاد، يتآمرون على سلامة الجيش وسلامة البلاد ونظامها الجمهوري مع بعض الجهات الأجنبية. وكان الجيش يعلم بهذا الأمر منذ البداية، وقد حاول ضباطه بشتى الطرق، بالامتناع تارة وبالتهديد الضمني تارة أخرى، أن يحولوا دون إتمام المؤامرة وأن يقنعوا المتآمرين بالرجوع عن غيّهم فلم يفلحوا، فاضطر الجيش حرصاً على سلامة البلاد وسلامته، وحفاظاً على النظام الجمهوري، أن يقصي هؤلاء المتآمرين، وليس للجيش أية غاية أخرى، وإنه ليعلن أنه يترك البلاد في أيدي رجالها الشرعيين، ولا يتداخل إطلاقاً في القضايا السياسية، اللهم إلا إذا كانت سلامة البلاد وكيانها يستدعيان ذلك. العقيد أديب الشيشكلي 19 كانون الأول 1949 البلاغ رقم 1 لانقلاب العقيد أديب الشيشكلي الثاني أذيع من إذاعة دمشق يوم 29 تشرين الثاني- نوفمبر- 1951 صادر عن رئيس الأركان العامة رئيس المجلس العسكري الزعيم أديب الشيشكلي البلاغ رقم " 1 " (تُحيط رئاسة الأركان العامة الشعب السوري الكريم علماً بأن الجيش قد استلم زمام الأمن في البلاد ، ونرجو أن يخلد الجميع إلى الهدوء والسكينة وتسهيل مهمة الجيش ومتابعة أعمالهم دون قلق أو اضطراب ، كما وتُنذر من تُسول له نفسه الإخلال بالأمن بأشد الإجراءات ) اللواء أركان فوزي سلو : رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء عسكري ورجل دولة 1905- 1972 هو أحمد بن عبدالله بن إسماعيل بن سليمان بن سيمكو بن سلو آغا البهديناني ولد بدمشق وهو من أصل كردي ، التحق بالقطاعات الخاصة الفرنسية العاملة في سورية ابان الانتداب ، ودخل الكلية الحربية عام 1922 ، وعمل قي الفترة 1924- 1932 في الفيلق الأول المختلط السوري والفوج الثاني وفوج الشرق السابع والفوج الخامس ، ورقي في العام 1934 إلى رتبة رئيس – نقيب – ونقل إلى المدرسة الحربية في حمص ، وفي عام 1936 أتم دورة عسكرية في فرنسا ، ثم اتبع دورة أركان في العام الذي يليه ، ثم خدم في فوج الشرق السابع منذ عام 1939 إلى أن سُرح عام 1941 بعد حل القطعات الفرنسية ، ولم يلبث أن أعيد إلى الخدمة في ظل الانتداب ورُفع إلى رتبة مقدم عام 1942 ، والى رتبة عقيد مؤقت عام 1944 ، ثم تلقى دورة إدارية في مديرية المحاسبة ، وأُحيل بعدها إلى التقاعد عام 1945 ، التحق بالجيش السوري في 23حزيران عام 1945 ، وغدا مُديراً لمصلحة الميرا " الإمداد والتموين ، ثم عين مديراً للكلية العسكرية في 4 تشرين الأول عام 1945 ، وهو يُجيد اللغة العربية والكردية والفرنسية والتركية حصل على رتبة عقيد عام 1946 ن وعين قائداً للواء الثالث عام 1947 ، وعين في عام 1949 رئيساً للمحكمة العسكرية التي تشكلت بعد أن تسلم الجيش مهمة المحافظة على الأمن في 23كانون الأول عام 1948 بقيادة الزعيم ، وإعلان الأحكام العرفية في البلاد بسبب التظاهرات التي عمّت سورية وأدت إلى انقلاب حسني الزعيم بتاريخ 30 آذار 1949 ، رقي إلى رتبة زعيم "عميد" في 16 نيسان 1949 ، وعين رئيساً للأركان العامة ، وترأس الوفد السوري الذي فاوض إسرائيل ووقع معها اتفاقية هدنة بتاريخ 7شباط 1949 ، والتي اعتبرت من ضمن اتفاقيات رودوس ، على الرغم من أنها وُقعت على الحدود في إطار اتخذ طابعاً عسكرياً بحتاً ، وبعد انقلاب الشيشكلي في 19كانون الأول 1949 وتزايد تدخل الجيش في الحياة السياسية ، عُين سلو مديرا عاماً في وزارة الدفاع التي تولاها أكرم الحوراني في 27كانون الأول 1949 – أواخر أيار 1950 ، ثُم عُين وزيراً للدفاع في 4حزيران 1950 في وزارة ناظم القدسي ، وكان بحكم منصبه مُمثلاً للجيش في الحكومات التي تعاقبت في أواخر عام 1951 ، وإثر استقالة وزارة حسن الحكيم بتاريخ 10 تشرين الثاني 1951 وقيام رئيس الجمهورية هاشم الأتاسي بتعيين معروف الدواليبي رئيساً للوزارة في محاولة لوضع حد لتدخل العسكريين في الحياة السياسية مما أدّى إلى اعتقال الدواليبي ووزراءه ن وعُطل البرلمان ، مما دفع هاشم الأتاسي رئيس الجمهورية إلى الاستقالة ، فأصدر رئيس الأركان العامة ورئيس المجلس العسكري الشيشكلي مرسوماً تولى سلو بموجبه منصبي رئيس الدولة ورئيس الوزراء في 3 شباط 1951 ، وتولى في آذار 1953 مهام وزارة الدفاع بالإضافة إلى منصبه ، وفي 1 أيار رقي إلى رتبة لواء ، وأُحيل على التقاعد في 11 آذار 1953 ، وغادر دمشق الى السعودية وعُين هناك مستشاراً عسكرياً للملك سعود ، اعتمد أثناء رئاسته على الأمناء العاملين في كافة الوزارات معروف الدواليبي الدكتور معروف الدواليبي (1907 - 15 يناير 2004) سياسي سوري من أهالي حلب عن عمر يناهز 93 عام ودفن في البقيع في المدينة المنورة. زوجته أم محمد، فرنسية مسلمة، تزوجها خلال دراسته في فرنسا عام 1939 حيث حصل على شهادة الدكتوراه في القانون ولد محمد معروف الدواليبي في حلب ( 1907م) ونشأ فيها ، وهو ابن السيد رسول آغا الباديني الملقب بالدواليبي ، فحصل على شهادة الشريعة والعلوم الإسلامية من الخسروية في حلب ، ثم حصل على الليسانس في الحقوق ، والليسانس في الآداب من جامعة دمشق ، ثم سافر إلى فرنسا فحصل على الدكتوراه في الحقوق ، مارس المُحاماة عام 1935 ، وعُين أستاذا في الجامعة السورية عام 1947 لتدريس مادة الحقوق الروماني ، ومادة علم أصول الفقه الإسلامي ، انتخب نائباً عن حلب عام 1947 ، وانتخب عضوا في الجمعية التأسيسية عام 1949 ، وأصبح رئيساً لها عندما انتقلت إلى مجلس نيابي عام 1951 ، تسلم وزارة الاقتصاد الوطني في 27 كانون الأول 1950 ، وحتى 4حزيران عام 1950 ، ومثل وفد سورية في مجلس الجامعة العربية في آذار ، وفي 23حزيران 1951 انتُخب رئيساً لمجلس النواب السوري ، كُلف بتشكيل الوزارة السورية أوائل تشرين الثاني عام 1951 أثناء الأزمة الوزارية الكبرى حينذاك فاعتذر ، وقد استمرت الأزمة حتى تاريخ 28من نفس الشهر ، فكلف برئاسة مجلس الوزراء للمرة الثانية ، وقد ألفها على أسس دستورية ، ولم يشترك فيها مندوبا عن العسكريين القابضين على ناصية الجيش حينذاك لما عُرف عنه كرهه الشديد لتدخل الجيش في الحياة السياسية ، فاستلم هو بنفسه وزارة الدفاع بالإضافة إلى رئاسة الوزارة ، ولكن وزارته اُعتقلت في اليوم التالي في 29 تشرين الثاني من قبل رئيس الأركان العامة أديب الشيشكلي ، فطلبت القيادة العسكرية منه وهو مُعتقل تقديم استقالته فرفض ، وبقي في السجن خمسة أشهر ، ثم أفرج عنه . فتابع نشاطه السياسي ضد الشيشكلي وهو غير مُعترف بحكمه ، واعتقل في المرة الثانية في 29 كانون الأول عام 1952 حتى 29حزيران 1953 إلى أن خرج من السجن ، واشترك في مؤتمر حمص المُكرس ضد الشيشكلي لمنعه من الاشتراك في مؤتمر حمص ، ولما رجع من حمص وُضعت عليه الرقابة فاضطر إلى مغادرة دمشق إلى لبنان ، وتبعته سيارة من رجال المكتب الثاني السورية تحمل الرشاشات في سيارة تُريد به الشر ، فعمل عل تضليلها ، واستطاع الإفلات منها ، وظل يتابع عمله السياسي ضد حكم الشيشكلي حتى حدث الانقلاب وأُطيح بالشيشكلي في 25شباط 1954 ، فعاد فورا إلى حمص ، ومن هناك عاد إلى دمشق بصحبة فخامة الرئيس الجمهورية هاشم الأتاسي ، الذي عاد واستلم سلطاته الدستورية ، ورفع إليه الدواليبي استقالته الشرعية من رئاسة الوزارة التي ألفها قبل اعتقاله عام 1951 ، واشترك في التشكيل الوزاري الجديد كوزير للدفاع الوطني منذ شهر آذار 1954 حتى 19 حزيران من ذلك العام وجدد انتخابه في أيلول 1954 لمجلس النواب الجديد أيضا. له عدد كبير من المؤلفات في الحقوق والشريعة بالعربية والفرنسية انتمائه السياسي : أثناء الانتداب الفرنسي انتمى إلى حزب الكتلة الوطنية ، وكان عضوا مكتبها عام 1936 ، وعضوا في المجلس الأعلى للكتلة الوطنية عام 1938 ، ولما انحلت الكتلة الوطنية في عهد الاستقلال اشترك مع الأستاذ علي بوظو أمين عام حزب الشعب السوري السابق بتأسيس حزب الشعب وعمل على وضع حد لتدخل العسكريين في السياسة. عارض الوحدة مع مصر، وتولى رئاسة الوزراء في فترة الانفصال. انتقل إلى السعودية بعد انقلاب البعث في آذار (مارس) 1963، حيثُ سُجن على إثره وخرج من السجن بأمر الرئيس أمين الحافظ في العام 1964 ومنه إلى السعودية ، وعمل مستشاراً سياسياً في الديوان الملكي السعودي من (1965) إلى أن نعته المملكة في 24 ذو القعدة 1424 هـ الموافق 16 كانون الثاني 2004 م. كتب في الشريعة الإسلامية والحقوق، ومن مؤلفاته "الحركة التشريعية في الإسلام" و"مدخل إلى علم أصول الفقه الإسلامي" وقد نعاه رئيس المنتدى الإسلامي العالمي للحوار الأمين العام المساعد لمؤتمر العالم الإسلامي بما يلي إلى الأمة العربية والإسلامية وكل محبي السلام ننعي دولة الأستاذ الدكتور محمد معروف الدواليبي رئيس مؤتمر العالم الإسلامي الأسبق رئيس وزراء سوريا الأسبق مستشار الديوان الملكي السعودي، والمفكر الإسلامي الكبير، والفقيه المبصر الأستاذ في القانون الدولي المقارن في الجامعات السورية وجامعة الصوربون في فرنسا سابقا ورائد الحوار بين الثقافات والحضارات واتباع الأديان في التاريخ المعاصر وصاحب المؤلفات العديدة في الفقه والدراسات والفكر الإسلامي والقانون والسياسات الدولية سائلين المولى عز وجل أن يتقبله قبولا حسنا وان يسكنه العلا من الجنة وان يعوض امتنا بخير وانا لله وانا إليه راجعون . أسماء ورد ذكرها : التفاصيل عنها حسن الحكيم : عنه في مُلحقات تاريخ سورية 6 حسن الحكيم : عنه في ملحقات تاريخ سةرية 6 شكري القوتلي : في مُلحقات تاريخ سورية 7 هاشم الأتاسي : عنه في مُلحقات تاريخ سورية 5 وللإضافة عن الرئيس الوقور هاشم الأتاسي رحمه الله روحه المرحة ، حيث اجتمع ذات يوم في اليمن مع الإمام يحيى حاكم اليمن آنذاك ، فقال له الإمام يحيى ممازحاً له ، بأننا سمعنا عن أهل حمص أنهم جدبان أصحاب هفّة " لما يُعرف عن أهل حمص البساطة والطيبة والتحمل - ، فردّ عليه هذا الشامخ فهز الرئيس رأسه وقال أصلهم من اليمن ، فضحك الحضور جميعاً |