حدثت التحذيرات التالية: | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
عبد الباري عطوان ورأي القدس العربي - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5) +--- المنتدى: المدونــــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=83) +--- الموضوع: عبد الباري عطوان ورأي القدس العربي (/showthread.php?tid=40383) الصفحات:
1
2
|
عبد الباري عطوان ورأي القدس العربي - بسام الخوري - 11-19-2010 شكرا.. لا تحاضروا علينا في التسامح الديني راي القدس: 2010-11-18 اعربت وزارة الخارجية الامريكية عن قلقها لتدهور الحريات الدينية في الكثير من الدول في العالم، وخصت بالذكر في تقريرها السنوي بعض الدول الاوروبية التي قالت انها تفرض قيوداً قاسية على التعبير الديني. التقرير الامريكي المذكور لم يعط التفاصيل الكافية عن حالة الاسلاموفوبيا التي تجتاح حالياً معظم المجتمعات الغربية، بما فيها الولايات المتحدة الامريكية نفسها، حيث تتعرض الاقليات الاسلامية الى ضغوط شديدة من الاحزاب السياسية ووسائل الاعلام ايضاً، حتى ان العداء للاسلام بات الطريق الاسهل للوصول الى المزيد من المقاعد في البرلمانات. ولعلها صدفة لافتة للنظر ان يصدر هذا التقرير بعد اسابيع معدودة من مسرحية حرق نسخ من القرآن الكريم التي كان يخطط لتنفيذها قس امريكي في كنيسة مغمورة في فلوريدا، والاهتمام الاعلامي الضخم الذي احيطت به، وكذلك من حالة الجدل المتصاعدة حول خطط اقامة مركز اسلامي بالقرب من موقع هجمات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر (غرواند زيرو)، وحملات الكراهية الشرسة التي تعرض، ومازال يتعرض لها المسلمون بشكل عام من جراء ذلك. تكريس الحريات الدينية رسالة نبيلة شريطة ان يكون حملتها قدوة في هذا الصدد، يقدمون نموذجاً للشعوب الاخرى في هذا الاطار، ولا نعتقد ان هذه الشروط تنطبق على الادارة الامريكية ووزارة خارجيتها التي تصدر هذا التقرير السنوي، فسجلها في هذا الاطار غير مشرف على الاطلاق بالنظر الى سياستها الخارجية وحروبها خاصة في العالم الاسلامي. فمن المخجل ان الادارة الامريكية تؤيد وتساند بكل القوة طرح الحكومة اليمينية الاسرائيلية المتطرفة باعلان اسرائيل دولة يهودية صرفة، الامر الذي يعني ان حوالي خمس سكانها من المسيحيين والمسلمين ليس لهم مكان في هذه الدولة، واذا سمح لهم بالبقاء فان عليهم التعايش مع ديانة غالبة مسيطرة كمواطنين من الدرجة الثانية وربما العاشرة. من يطالب بالتسامح الديني عليه ان يعارض بقوة قيام الدول على اسس عنصرية او طائفية، وان يتصدى لاي توجه لعزل واقصاء اصحاب الديانات الاخرى، وان يطبق هذا المبدأ الانساني على الجميع، وليس بطريقة انتقائية. لا نتردد لحظة في الاعتراف بان بعض الحكومات العربية لا تعامل اقلياتها الدينية على قدم المساواة مع اتباع الديانة الغالبة، وان هناك ممارسات تمييز في الوظائف والمراكز العليا ضد ابناء هذه الاقليات، ونضرب مثلا بالمملكة العربية السعودية ومصر على وجه الخصوص، حيث تعاني الاقليات القبطية (مصر) والشيعية (السعودية) من اجراءات تحد من حرية معتقدها. كما نشاهد كنائس مسيحية تتعرض للنسف في 'العراق الجديد' على ايدي جماعات ارهابية مجهولة، بعضها محسوب على الحكومة حسب بعض الآراء. ويظل لزاما علينا ان ننبه الى نقطة رئيسية في هذا المضمار، وهي ان جميع الحكومات المتهمة في التقرير بقمع الحريات الدينية تعتبر من الحلفاء الخلص للولايات المتحدة في العالمين العربي والاسلامي. فالكنائس المسيحية في العراق لم تتعرض مطلقا لاي هجمات في زمن النظام العراقي السابق الذي اطاحت به القوات الامريكية بالقوة اثناء غزوها واحتلالها للعراق في آذار (مارس) عام 2003، بل ان التقسيمات والمحاصصات الطائفية لم تضرب اطنابها في هذا البلد الا مع مقدم القوات الامريكية وحلفائها الغربيين. الادارات الامريكية المتعاقبة شجعت الانظمة العربية الدكتاتورية الحاكمة على قمع الحريات وحقوق الانسان من خلال صمتها عليها، بل وتقديم الدعم والحماية لها، فطالما ايدت الديكتاتوريات القمعية العربية السياسات الامريكية، وشاركت في حروبها ضد الارهاب في افغانستان، او لتغيير نظام علماني في العراق، فانه لا غبار عليها، وهي معفية من اي لوم. وربما يجادل بعض الامريكيين وحلفائهم، بان الحكومة الامريكية تدخلت لحماية المسلمين في البوسنة، واقامت دولة لهم في كوسوفو، وهذا صحيح، ولكنه استثناء يثبت القاعدة، او بيضة ديك نادرة، فالامتحان الحقيقي لقيم الحريات التي تروج لها الادارات الامريكية هو في الشرق الاوسط، وفي كل من فلسطين والعراق ومصر والمملكة العربية السعودية، بمعنى آخر يجب التركيز على المراكز وليس على الهوامش. قيم التسامح الامريكية المزعومة سقطت بشكل مريع في العراق، وفي افغانستان، وفي فلسطين المحتلة، فما قيمة الحديث عن الحريات الدينية والدولة التي تحمل هذا الشعار غزت بلداناً، وقتلت اكثر من مليون انسان في العراق ويتمت اكثر من خمسة ملايين طفل، وأتت بنظام طائفي بدلاً من نظام علماني وفجرت حربا طائفية في البلاد؟ الولايات المتحدة هي آخر دولة يجب ان تحاضر على العالم في التسامح الديني والحريات وحقوق الانسان لان صفحتها في هذا الصدد ليست بيضاء على الاطلاق بل ملطخة بالدماء. الرد على: عبد الباري عطوان ورأي القدس العربي - بسام الخوري - 11-25-2010 نصيحة جنبلاط لسعد الحريري راي القدس: 2010-11-24 عندما يطالب السيد وليد جنبلاط مجلس الوزراء اللبناني بأن يشجب بالاجماع المحكمة الدولية المكلفة النظر في جريمة اغتيال رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، وان يرفض قرارها المرتقب، فإن هذه المطالبة يجب ان تجد صدى ايجابياً، لأن الرجل الذي كان الى وقت قريب من اقوى اعمدة تكتل الرابع عشر من آذار بزعامة السيد سعد الحريري رئيس الوزراء، يعرف جيداً أجندة هذه المحكمة السياسية والجهات التي تقف خلفها، والأهداف التي تتطلع الى تحقيقها. كلام السيد جنبلاط على درجة كبيرة من الأهمية لأنه يتزامن مع اجتماع مجلس الوزراء الاسرائيلي المصغر لمناقشة تدهور الاوضاع في لبنان، وكيفية التصعيد مع حزب الله اللبناني، مثلما يتزامن ايضاً مع التسريبات التي وردت في الشريط الوثائقي الذي بثته محطة 'سي.بي.سي' الكندية قبل يومين، ووجهت اصابع الاتهام صراحة الى حزب الله بالوقوف خلف جريمة الاغتيال هذه. هناك خطة محكمة لتفجير الاوضاع في لبنان تحت ذريعة القرار الظني للمحكمة الدولية، وهي محكمة مسيسة تقف خلفها جهات تريد خلط الأوراق واغراق البلد، وربما المنطقة بأسرها في حمام دماء، وحروب أهلية وطائفية. فأي محكمة دولية هذه التي يجري تسريب تحقيقاتها الى الصحف والمجلات ومحطات التلفزة، وأي مصداقية لها اذا كانت ادلة الاتهام توزع قبل صدور قرارها الظني بصفة رسمية؟ المحاكم المحترمة، وغير المسيسة، تجرى تحقيقاتها في اجواء من السرية والتكتم، وتحرص على عدم ظهور نتائج هذه التحقيقات، واسماء المتهمين فيها الا في مؤتمر صحافي يعقده رئيسها، ولكن هذه المحكمة مسيسة، واداة في خدمة مخططات معادية للبنان وأمنه واستقراره، ولقوى المقاومة المتواجدة على ارضه على وجه الخصوص. انها محكمة 'مخترقة' بعملاء المخابرات المركزية الامريكية تماما مثلما اخترق هؤلاء فرق التفتيش الدولية المكلفة بالبحث عن اسلحة الدمار الشامل العراقية، وإلا كيف يمكن تسريب وثائق هذه المحكمة اولا الى مجلة 'دير شبيغل' الالمانية قبل أكثر من عام، والآن الى محطة تلفزيون كندية؟ السيد سعد الحريري يجب ان يستمع الى 'نصيحة' رفيق دربه وحليفه السابق السيد وليد جنبلاط، ويقدم مصلحة لبنان والأمة باسرها على اي اعتبارات اخرى، لأنه لو فعل ذلك سيصبح بطلا قوميا، لبنانيا وعربيا، وسيدخل التاريخ كرجل رفض ان يخضع للإملاءات الامريكية، وكظم غيظه، كولي للدم، وفضل حقن دماء الآلاف من اللبنانيين التي يمكن ان تسفكها الحرب التي يعد اعداء لبنان، واولهم اسرائيل، لإشعال فتيلها. نحن مع العدالة، ومعاقبة كل المجرمين المسؤولين عن اعمال القتل والاغتيال في لبنان والجهات التي تقف خلفهم، ولكننا في الوقت نفسه نرفض هذه العدالة الامريكية 'العوراء' التي ترفض ان ترى اعمال الاغتيال والقتل والتسميم الاخرى التي استهدفت الكثير من القادة العرب، وتريد توظيف عملية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري لخدمة المصالح الاسرائيلية البحتة، وانهاء آخر ظاهرة مقاومة شريفة في الوطن العربي للاحتلال والغطرسة الاسرائيليين. الرد على: عبد الباري عطوان ورأي القدس العربي - بسام الخوري - 12-02-2010 مصر وسيناريو الجزائر القدس العربي اللندنية GMT 0:55:00 2010 الخميس 2 ديسمبر عبد الباري عطوان المشهد المصري الراهن لا يثير القلق فحسب، وانما الرعب ايضا، فبعد متابعتنا 'عن بعد' للانتخابات البرلمانية الاخيرة، وما جرى فيها من اعمال تزوير، لا نتردد للحظة واحدة في التعبير عن مخاوفنا، والقول ان مصر تركض نحو سيناريو خطير، يذكرنا بطريقة او باخرى بما حدث في الجزائر عام 1990 عندما تدخلت السلطات وألغت الانتخابات ونتائجها لمنع فوز الاسلاميين، وسيطرتهم بالتالي على البرلمان. السلطات المصرية لم تلغ نتائج الانتخابات البرلمانية، كما ان الاسلاميين لم يفوزوا فيها، ولكنها فرغت هذه الانتخابات من مضمونها، عندما مارست كل انواع التزوير والبلطجة، وبطريقة تفتقر الى الحد الادنى من الذكاء، في احتقار واضح لعقل المواطن المصري. ولهذا لم يكن مفاجئا ان يقرر اكبر حزبي معارضة في مصر، الاخوان المسلمين وحزب الوفد انسحابهما من انتخابات الاعادة التي من المقرر ان تبدأ يوم الاحد المقبل للتنافس على سبعة وعشرين مقعدا. فعندما يقاطع الاخوان المسلمون الذين يمثلون اليمين المحافظ، وحزب الوفد الذي ينطق باسم الوسط الليبرالي، وحزب التجمع الذي يحافظ على ما تبقى من تراث اليسار، فهذا يعني ان هذه الانتخابات ليست حرة ولا نزيهة ولا شفافة، بل انتخابات من اتجاه واحد، لتكريس هيمنة حزب الدولة وسيطرته المطلقة على البرلمان. الديمقراطية الحقة تعني التعددية السياسية والانتقال السلمي للسلطة، والاحتكام لصناديق الاقتراع، وما شاهدناه في الايام القليلة الماضية ليس له اي علاقة بهذا التوصيف لا من قريب او بعيد. انتخابات تذكرنا بمثيلاتها في الانظمة الشمولية في الكتلة الاشتراكية قبل انهيارها، وانهيار نظام الحزب الواحد عمودها الفقري الاساسي. الشعب المصري الطيب كان اكثر ذكاء، وابعد رؤية من كل احزاب المعارضة السياسية، عندما تعاطى مع هذه الانتخابات بلا مبالاة كانت ابلغ من كل البيانات السياسية والاكثر تشخيصا للحالة، وفضل مقاطعة هذه الانتخابات باحجامه عن المشاركة فيها لانه يعرف نتائجها مقدما. فقد ادرك بحدسه، الناجم عن خبرة عريقة، بلورتها تجارب عديدة، ان الحزب الحاكم سيصوت لنفسه، وسيقرر هوية النواب الذين يريدهم، في برلمان صوري مستأنس، يصفق للزعيم، ويبصم على مشاريع قراراته، دون مراجعة، او حتى الحد الادنى من النقاش. الاخوان المسلمون ارتكبوا خطأ استراتيجيا فادحا عندما فشلوا في قراءة المزاج الشعبي العام، مثلما فشلوا في رصد نوايا النظام وتقويمها بشكل علمي مدروس، واعتقدوا انهم يستطيعون زيادة عدد مقاعدهم في البرلمان (زيادتها من 88 الى 130 مقعدا)، فخسروا مقاعدهم السابقة جميعاً وحصلوا على 'صفر كبير' في الجولة الاولى من الانتخابات. وربما يجادل بعض الذين ايدوا خيار المشاركة، وعارضوا قرار المقاطعة، بانهم كانوا يريدون احراج النظام، وفضح ممارساته في التزوير والبلطجة، وكأن هذه الممارسات ليست مفضوحة ويعرف تفاصيلها اصغر طفل مصري. * * * ما لم يفهمه ويدركه اصحاب القرار في حركة الاخوان المسلمين هو معادلة القوة والضعف التي تحكم النظام الحاكم وسلوكياته، وهي معادلة تتلخص في انه عندما كان النظام قويا، ويتمتع رأسه بصحة جيدة، ويؤدي دورا وظيفيا لمصلحة القوى الغربية في المنطقة على الوجه الاكمل، سمح بهامش من الديمقراطية والحريات الاعلامية، وحافظ على الحد الأدنى من استقلالية بعض مؤسسات الدولة، والقضائية منها على وجه الخصوص، ولكن عندما ضعف النظام، وبدأت قاعدته الشعبية تتآكل، ومؤسساته السياسية تدخل مرحلة الهرم والشيخوخة، ورأسه يواجه مشاكل صحية، انقلب بالكامل على العملية الديمقراطية الهشة، وتراجع عن هامش الحريات الذي منحه للصحافة، وبدأ يتصرف مثل النمر الجريح، يتخبط، ويخبط في جميع الاتجاهات، بعد ان ضاعت بوصلته بالكامل. كان هذا التوجه واضحاً للعيان منذ ان اقدم النظام على اغلاق المحطات الفضائية المحلية، وتكميم صحيفة 'الدستور'، وارهاب القنوات الخارجية من خلال فرض قوانين واجراءات تحد من عملها بالكامل، ورفض اي رقابة خارجية محايدة على مسيرة العملية الانتخابية تحت ذريعة استقلالية القرار المصري، ومنع اي محاولة للتدخل في الشؤون السيادية حتى لو جاء من الولايات المتحدة الامريكية العراب الرئيسي لمعظم انظمة الاعتدال العربية. الاحزاب المصرية لم تلتقط هذه الاشارات، ومن التقطها فشل في تفكيك شيفرتها، واستخلاص الدروس والعبر منها، ووجدت نفسها تقع في مصيدة اعدت لها باحكام لتدمير ما تبقى لها من مصداقية في الشارع المصري. النظام المصري لو كان يتمتع بالحد الادنى من الذكاء، لتصرف بطريقة مختلفة، خاصة بعد مطالبة المتحدث الامريكي بانتخابات حرة ونزيهة بحضور مراقبين دوليين، من حيث السماح لاحزاب المعارضة بالفوز بنسبة اكبر من المقاعد في البرلمان، كرد على الادارة الامريكية وكل المشككين بنزاهة الانتخابات. فوجود المعارضة، والاسلامية منها بالذات، في البرلمان السابق خدم النظام اكثر مما خدم هذه المعارضة، واضفى عليه، اي النظام، شرعية ديمقراطية لا يستحقها. فلم يحدث مطلقاً ان عطلت هذه المعارضة مشروع قانون، او غيرت سياسات، او راقبت اداء السلطة التنفيذية. مجرد قطعة في ديكور ديمقراطي مزور. *** السؤال المطروح الآن هو عما سيحدث بعد 'الصحوة المتأخرة' لاحزاب المعارضة المتمثلة في مقاطعتها لانتخابات الاعادة، والانسحاب من العملية السياسية برمتها. هناك عدة احتمالات يمكن رصدها على الشكل التالي: أولاً: ان تنزل احزاب المعارضة الى الشارع في مظاهرات صاخبة، ونحن نتحدث هنا عن الاحزاب الفاعلة مثل حزبي الاخوان والوفد، الامر الذي قد يؤدي الى حدوث صدامات دموية مع اجهزة النظام الامنية، ووقوع خسائر في الارواح تزيد من اشتعال الموقف. ثانياً: ان تلجأ احزاب المعارضة والقوى الشعبية الاخرى الى اساليب العصيان المدني والاضرابات والاعتصامات. ثالثاً: ان تحدث انشقاقات خاصة في صفوف حركة الاخوان المسلمين، وتلجأ الاجنحة المتطرفة التي عارضت الدخول في الانتخابات الى اعمال عنف، مثلما حدث في مرحلة السبعينات عندما افرزت الأزمة السياسية في حينها جماعات متمردة مثل حركة الجهاد الاسلامي، والتكفير والهجرة، والجماعة الاسلامية. من الصعب علينا ان نتنبأ بأي من هذه السيناريوهات هو اقرب الى التحقيق، فمصر من اكثر البلدان في المنطقة غموضاً، واكثرها صعوبة على المنجمين السياسيين من امثالنا. فمن الممكن ان تشهد ثورة عارمة تقلب الاوضاع رأساً على عقب، ومن الجائز ان لا يحدث شيء على الاطلاق بسبب طبيعة الشعب المصري المسالمة، ظاهرياً على الاقل. مصر وباختصار شديد، مقدمة على مرحلة صعبة، والامور فيها مفتوحة على كل الاحتمالات، والشيء الوحيد المؤكد ان حزبها الحاكم وان يحتفل بفوزه الكاسح يوم الاحد فانه قد لا يتمتع به، لانه فوز 'مزور' وبلا اي نكهة ديمقراطية. نتمنى لمصر، ومن كل قلوبنا، الاستقرار والبعد عن كابوس العنف. الرد على: عبد الباري عطوان ورأي القدس العربي - بسام الخوري - 12-04-2010 ويكيليكس.. ما خفي اعظم عبد الباري عطوان 2010-12-03 نضم صوتنا الى اصوات الكثيرين الذين يشككون بالنوايا والاهداف التي تكمن وراء نشر مئات الآلاف من وثائق الخارجية الامريكية، ونجد عبر موقع ويكيليكس، في الوقت نفسه ان هناك الكثير من الصواب لدى بعض مؤيدي النظرية التآمرية التي تقول ان هناك اجندات واضحة خلف هذه التسريبات ابرزها توريط زعماء عرب في الحرب مع ايران، واذكاء نيران حرب طائفية سنية ـ شيعية، او عربية ـ فارسية في المنطقة، ولكن هناك نقاطا ايجابية عديدة تستحق التوقف عندها لاستخلاص الكثير من الدروس والعبر، ابرزها فهم طريقة التعامل الرسمية الامريكية مع منطقتنا وزعمائها، والدور الذي يلعبه هؤلاء في السياسات والحروب الاقليمية، فربما يساعدنا هذا على فهم بعض الامور الغامضة والتحركات العسكرية والدبلوماسية الامريكية المكثفة في منطقتنا التي تقف على شفير حرب اخرى. ولعل المحطة الابرز في هذه الوثائق تلك المتعلقة بالضعف العربي والارتماء تحت الاقدام الامريكية طلبا للمساعدة ونيل الرضا، فالقراءة المتأنية تكشف لنا ان الادارة الامريكية هي التي تحدد الاعداء (ايران) وهي التي تحدد الاصدقاء الجدد (اسرائيل). مما يعني ان مئات المليارات التي جرى اقتطاعها من قوت الشعوب العربية لشراء اسلحة امريكية متطورة لم تخرج الانظمة من دائرة الضعف والهشاشة اولا، ولم تكن بهدف تحرير المقدسات العربية والاسلامية ثانيا. فما تضمنته هذه الوثائق من استجداءات من قبل زعماء عرب للتسريع بضرب ايران، واستخدام عبارات لم يكن يتصور احد انها موجودة في قواميس دول 'معتدلة' تدعي الحكمة والتعقل، ظلت دائما تميز نفسها عن انظمة ثورية عربية، مثل 'قطع رأس الافعى الايرانية'، كان صادما بالنسبة الينا، ومن المؤكد انه صادم بالنسبة الى الملايين غيرنا. فمن المفارقة ان هذا التعبير، اي قطع رأس الافعى، رسخ في الوعي العربي بارتباطه باسرائيل، مصدر كل الشرور في المنطقة باحتلالها الاراضي العربية، ولم يخطر في بالنا ان هناك من يريد ان يحذف اسرائيل من رأس قائمة العداء العربي ويضع مكانها ايران، لان هناك قلقا امريكيا اسرائيليا من طموحاتها النووية، مثلما كان هناك القلق نفسه من اسلحة الدمار الشامل العراقية المزعومة. فجأة، اصبحت مشكلة العرب الرئيسية او معظمهم، ايران، والنظام القائم فيها، ولم يقل لنا الذين يستعجلون ضرب ايران، عما اذا كانوا قد فكروا مليا بنتائج مثل هذا التوجه على امنهم واستقرار بلادهم، بل ووجودها كدول في حال تجاوب امريكا واسرائيل مع عويلهم واستجداءاتهم. نذهب الى ما هو ابعد من ذلك ونسأل عما سيكون عليه الحال، لو ادت الضربة الامريكية ـ الاسرائيلية الى اطاحة النظام الحالي، وأتت بنظام قومي فارسي متعصب صديق للامريكان واسرائيل، يتوج شرطيا في المنطقة، ويعتمد مندوبا ساميا يتولى ادارة شؤونها نيابة عن الباب العالي الامريكي ـ الاسرائيلي؟ * * * ومن المؤلم بالنسبة الينا على الاقل، ان الوثائق قدمت صورة مأساوية للزعماء العرب، من حيث الكفاءة والمسلك الشخصي، فهؤلاء ظهروا مترددين منافقين، يطعنون بعضهم بعضا، ويشتكون للسفراء الامريكان من بعضهم بعضا، ولم نقرأ في هذه الوثائق ان زعيما عربيا واحدا قال انه يملك الشجاعة، او الرغبة، لحماية بلاده والتصدي للخطر الايراني المزعوم. كلهم يريدون من امريكا واسرائيل ان تقوم بهذا الدور نيابة عنهم، بينما ينعم هؤلاء بالراحة في قصورهم الفخمة. من المؤكد ان ايران، وبعد ان اطلعت على مواقف القادة العرب، الذين يحرضون امريكا واسرائيل على ضربها ستفكر جديا في انتاج اسلحة نووية، بل ربما تسرع في اي خطوات اقدمت عليها في هذا الصدد، وستجد المبررات اللازمة للمحاججة في شرعية قرارها هذا ومنطقيته. نحن المواطنين العرب، بحاجة ماسة الى معرفة هذه الاسرار، ونفاق حكامنا، ومدى سيطرة الادارات الامريكية على دوائر اتخاذ القرار في بلداننا، حتى نعرف كيف ان بلداننا ما زالت محتلة، ومن دون كرامة وطنية، او سيادة فعلية حقيقية، تماما مثلما كان عليه الحال ايام الاستعمار البريطاني والفرنسي والايطالي، مع فارق وحيد وبسيط، وهو ان السفير الامريكي حل محل السفير البريطاني او الفرنسي في زمن الانتداب. فهل يعقل ان يصل الأمر بوزير دفاع لبنان ميشال المر الى درجة مطالبة السفيرة الامريكية السابقة ميشال ساسون بتمرير رسائل الى اسرائيل بعدم الاعتداء على الخط الازرق الحدودي، وعدم قصف البنية التحتية للمناطق المسيحية اللبنانية، وانه اعطى اوامره الى قائد الجيش في حينه (اي اثناء عدوان تموز/يوليو عام 2006) العماد ميشال سليمان (الرئيس الحالي للبنان) بعدم التصدي لهذا العدوان الاسرائيلي؟ المتحدث باسم السيد المر قال ان الوثائق مجتزأة ومشبوهة وغير دقيقة ولا قيمة لها، ولكنه لم ينف نفياً قاطعاً هذه الوثيقة، او الاجتماع الذي استمر مع السفيرة الامريكية لاكثر من ساعتين ونصف الساعة قبل حدوث العدوان. فكيف يمكن الحديث عن الشراكة والتعايش في بلد مثل لبنان اذا كان وزير دفاعه يعطي ضوءاً اخضر لاسرائيل لقصف المناطق الاسلامية الشيعية، وكأن من سيتعرضون لهذا القصف ليسوا لبنانيين، بل ليسوا بشراً في الاساس؟ اهمية ما تضمنته هذه الوثيقة هو توقيت الافراج عنها، وكونها جاءت لتؤكد مخاوف اللبنانيين بقرب حدوث الانفجار الكبير المتوقع بعد اذاعة القرار الظني عن محكمة اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري الذي تؤكد التسريبات انه سيدين حزب الله بتنفيذ جريمة الاغتيال هذه. *** صحيح ان الوثائق لم تتناول اسرائيل، ولم تكشف عن اسرار مجازرها في حربي لبنان والعدوان على قطاع غزة، والاعتداء على سفن الحرية والمواقف الامريكية بل والعربية ايضاً تجاهها. وهو امر يثير الريبة، ولكن الصحيح ايضاً ان امامنا وليمة ضخمة من المعلومات ربما يؤدي كشفها الى بدء عملية التغيير الديمقراطي التي تتطلع اليها شعوب المنطقة، بعد سقوط آخر الاقنعة عن وجوه الانظمة الديكتاتورية والقمعية. لسنا بحاجة لكشف الغطاء عن حجم الجرائم الاسرائيلية، فنحن نعرفها جميعاً، ولكننا بحاجة ماسة لكشف الغطاء عن جرائم الزعماء العرب ومجازرهم السياسية والاخلاقية في حقنا نحن الشعوب، وكيفية اهدار ثروات المنطقة لتمويل حروب امريكية بشكل مباشر او غير مباشر تأتي دائماً بنتائج عكسية تماماً، وتنقلب وبالاً علينا كأمة، وما يحدث في العراق هو احد الامثلة. فهذه الانظمة لن تستطيع القاء المحاضرات علينا في الوطنية، كما ان الولايات المتحدة لن تجرؤ على وعظنا حول ضرورة احترام القوانين والمعاهدات الدولية وهي التي تخترق هذه القوانين والمعاهدات ولا تتورع عن التجسس على الامين العام للامم المتحدة ومساعديه وجميع المندوبين الاجانب في المنظمة الدولية بدون استثناء. نحن ننظر الى النصف او الربع الممتلئ من كأس هذه الوثائق مع اعترافنا وتسليمنا، ونقولها للمرة المليون، بوجود اجندات خفية، ونرى ان عملية التغيير في المنطقة العربية يجب ان تنطلق، وان تنطلق ايضاً حملة عالمية لنقل مقر الامم المتحدة من نيويورك الى اي مكان آخر في العالم، فدولة تخترق الميثاق وتتجسس على موظفيها وتخون الثقة، لا تستحق ان يستمر وجود هذه المنظمة على أراضيها. الرد على: عبد الباري عطوان ورأي القدس العربي - بسام الخوري - 12-10-2010 عبد الباري عطوان يمتدح الحريات الدينية في سورية طباعة أرسل لصديق رأي القدس 09/ 12/ 2010 هناك الكثير من الامور التي تستحق الانتقاد في سورية هذه الايام، ابتداء من عدم ديمقراطية النظام، وانتهاء بسجله على صعيد انتهاك حقوق الانسان وغياب القضاء المستقل، ولكن من المؤكد ان تمتع الاقليات الدينية بحقوقها في سورية هو من الايجابيات الابرز للنظام الحاكم في دمشق. ولهذا فان التقرير السنوي الذي تصدره الخارجية الامريكية حول الحريات الدينية في العالم ارتكب خطأ فادحا بتوجيه انتقادات الى الحكومة السورية في هذا المضمار، واثبت ان مثل هذه التقارير مسيسة، وتستخدم من قبل الادارة الامريكية كورقة ضغط على الانظمة والحكومات التي لا تدور في فلكها. النظام في سورية علماني صرف، بل انه من الانظمة العلمانية القليلة في الوطن العربي، والاقليات الدينية، والمسيحية على وجه الخصوص، تتمتع بامتيازات لا تتمتع بها الاكثرية المسلمة، بالمقارنة مع بعض الانظمة العربية الاخرى المعروفة بعلاقاتها الحميمة مع الولايات المتحدة مثل المملكة العربية السعودية ومصر على سبيل المثال لا الحصر. ولعل تدفق المسيحيين العراقيين الى سورية بالآلاف هربا من 'الديمقراطية' الامريكية في العراق هو احد الادلة البارزة في هذا الصدد التي تدحض الاتهامات الامريكية. لسنا هنا بصدد الدفاع عن النظام السوري، فهناك جوانب في ممارساته المتعلقة بالحريات والحقوق الانسانية من الصعب الدفاع عنها، خاصة من قبل صحيفة محظورة في سورية منذ سنوات، ولكننا بصدد كشف النفاق الامريكي الفاضح في هذا المضمار. فالحكومة الامريكية التي نصبت نفسها قائدة للعالم الحر، والمدافع عن قيم التسامح الديني، هي الاكثر انتهاكا لهذه القيم، ليس داخل الولايات المتحدة فقط، حيث تتعرض الاقلية المسلمة الى عمليات تمييز شرسة منذ احداث الحادي عشر من ايلول (سبتمبر)، وانما خارجها ايضا. فكيف يعقل ان تعترف هذه الحكومة التي تمثل مجتمعا متعدد الديانات والاعراق والثقافات وتتباهى بذلك، كيف يعقل ان تعترف باسرائيل دولة يهودية، وتحول اكثر من مليون ونصف المليون من مواطنيها العرب الاصليين الى غرباء او اجانب مشكوك في مواطنتهم او انتمائهم الى هذه الدولة. الادارة الامريكية الحالية، وبضغط من اللوبي الاسرائيلي، خانت كل قيم العدالة والتسامح والمساواة التي كانت احدى دعائم التعايش والذوبان في البوتقة الامريكية لمئات الملايين من المهاجرين، عندما رضخت لمطالب الحكومة اليمينية الاسرائيلية الحالية واعترفت باسرائيل دولة يهودية، تميز عنصريا بين المسلمين والمسيحيين العرب، وتسحب منهم حق المواطنة والانتماء الى بلد عاشوا فيه قبل قيام اسرائيل بآلاف السنين. نحن مع حرية العبادة، ومع احترام جميع الاديان، وحفظ حقوق جميع اتباعها دون تفرقة او تمييز، فالدين لله والوطن للجميع، ولكننا لسنا مع استخدام هذه الورقة من قبل ادارة او ادارات امريكية هي اول من ينتهك هذه الحريات، بل وتؤيد وتساند من ينتهكها ايضا، وتكافئه على ذلك بالمساعدات المالية والعسكرية. الرد على: عبد الباري عطوان ورأي القدس العربي - بسام الخوري - 12-15-2010 ويكيليكس انقذ حياة الملايين رأي القدس 2010-12-14 شكل موقع ويكيليكس علامة فارقة في تاريخ الاعلام وحرية المعلومات من خلال كشفه عن العديد من الوثائق السرية الامريكية، ولهذا ليس غريبا ان تتصاعد المحاولات لاغلاقه، واطالة أمد فترة اعتقال صاحبه جوليان اسانج خلف القضبان. بالامس مثل اسانج امام محكمة بريطانية تنظر في امكانية تسليمه الى السويد حيث يواجه تهمة الاغتصاب، وسواء افرجت عنه المحكمة بكفالة ام ظل رهن الاعتقال، فان 'التسونامي' السياسي والاعلامي الذي اطلقه، وهز العالم، سيستمر في تحطيم اسوار الدبلوماسية الامريكية الحصينة، ويميط اللثام عن الجوانب التآمرية لها في اكثر من منطقة في العالم. لا نعرف الكثير عن طبيعة التهم الموجهة الى اسانج من قبل المحكمة السويدية المختصة بالنظر في دعوى الاغتصاب الموجهة اليه، ولكن ما تسرب يكفي لاستخلاص العبر منها، وابرزها ان الرجل يحاكم سياسيا رغم نفي محاميه وجود دوافع سياسية حول مطاردته قانونيا. فعندما يصرح اكثر من مسؤول امريكي بان الرجل انتهك قوانين السرية الامريكية، وعرض حياة مواطنين امريكيين وغير امريكيين للخطر، فان هذا يعني وجود قوى عظمى تطالب برأسه والانتقام منه، باي صورة من الصور. وربما يجادل البعض بان وثائق ويكيليكس لا تكشف عن الكثير من الاسرار، خاصة تلك المتعلقة بمنطقتنا، فكل ما جرى تسريبه كان معروفا، وهذا ينطوي على الكثير من الصحة، ولكن نظل بحاجة الى وثائق ومن قبل دولة بحجم الولايات المتحدة، لكي يتم التأكد من المعلومات. لا شك ان هناك معلومات اكثر خطورة ينتظرها المتابعون لهذه التسريبات، كل لاسبابه، وقد يكون الرجل تعرض لمساومات عديدة من قبل اجهزة امنية، مرفوقة باكثر من عصا واكثر من جزرة، لحجب بعضها، خاصة ان هناك اكثر من اربعة ملايين وثيقة ما زال مضمونها حبيس اجهزة الكمبيوتر، والمأمول ان لا يتم الرضوخ لهذه المساومات والضغوط المرافقة لها. ندرك جيدا كم هو صعب الصمود أمام اساليب التعذيب النفسي التي يواجهها شخص مثل اسانج خلف القضبان، مثلما ندرك ايضا حجم الاحباط الذي يسيطر عليه، وهو يطارد من قبل المحاكم بتهمة طالما نفاها، واكد بطلانها. وهو في النهاية انسان له طاقات محدودة على التحمل. يبدو غريبا بالنسبة الينا ان تكون التهمة الخطيرة بالاغتصاب التي يواجهها اسانج تنحصر في ادعاء احداهن انه مارس معها الجنس دون التجاوب مع طلبها بارتداء الواقي الذكري، اي ان ممارسة الجنس بارتداء الواقي عمل مرحب به، ولا يرتقي لمستوى التهمة المذكورة. كثيرون هم الذين تضامنوا مع صاحب موقع ويكيليكس في مختلف انحاء العالم، لانه تحدى المؤسسة الحاكمة لكل العالم، وقرر فضح الدولة الاعظم وصفقاتها السرية، ومن المؤكد ان الحكومات الرسمية، والعربية منها على وجه الخصوص، ليست من بين هؤلاء المتضامنين. اسانج، وبغض النظر عن المصير الذي سيواجهه، ولا نستبعد ان تطول اقامته خلف القضبان، هذا اذا لم يفارق الحياة مقتولا او مسموما، سيدخل التاريخ كرجل أحدث ثورة عالمية في ميادين الدبلوماسية وحرية وصول المعلومات الى من يستحقها اي المواطن العادي البسيط. وما يستحق التحية ايضا تلك الصحافة الحرة المستقلة التي نشرت الوثائق دون خوف او تردد رغم الضغوط العديدة التي تعرضت لها، ونخص بالذكر صحيفة 'الغارديان' البريطانية. وثائق ويكيليكس حفظت ارواح الملايين بضربتها الاستباقية هذه، واظهار 'الكارت' الاحمر في وجه الحكومات المتعطشة للمؤامرات وخوض الحروب، وقتل الابرياء. فقد ادركت، اي الحكومات، ان المواطن والمؤرخ والباحث لن يحتاج الانتظار ثلاثين او خمسين عاما ليعرف الحقائق. انه ردع اعلامي ربما لا يقل اهمية عن الردع النووي، لما يمكن ان يترتب عليه من كبح جماح الاستكبار، ولجم خفافيش الظلام المتعطشين لسفك الدماء من خلال دبلوماسياتهم السرية. الرد على: عبد الباري عطوان ورأي القدس العربي - بسام الخوري - 12-17-2010 لهذه الاسباب يخافون 'حزب الله' عبد الباري عطوان 2010-12-16 تخشى اسرائيل 'حزب الله' ليس فقط لانه قوة عسكرية جبارة منظمة باحكام، وانما لانه يملك مؤسسات مدنية وتقنية متطورة للغاية تديرها عقول جبارة تعمل من خلف ستار، وتملك احدث ما انتجته التكنولوجيا في ميادين الاتصال والتجسس وجمع المعلومات، وهذه ميزات غير موجودة لدى معظم الدول العربية التي تنفق المليارات لشراء اسلحة وطائرات ونظم المراقبة والاتصالات. ولم يكن مفاجئا ان تعترف القيادة العسكرية الاسرائيلية بنجاح اجهزة الحزب في اختراق ارشيف الصور الاستخباراتية التي التقطتها الطائرات العسكرية الاسرائيلية اثناء اختراقها للاجواء اللبنانية قبيل تنفيذ جريمة اغتيال رئيس وزراء لبنان الراحل رفيق الحريري، وهي الصور التي عرضها السيد حسن نصر الله اثناء احد خطاباته التي القاها اخيرا لتفنيد اتهامات 'القرار الظني' لحزب الله بالوقوف خلف الجريمة، ولتأكيد دور اسرائيل وعملائها في عملية الاغتيال هذه. بالامس حقق الحزب انجازا لا يقل اهمية عن انجازاته السابقة عندما كشف النقاب عن محطات تجسس اسرائيلية مزروعة في المرتفعات المطلة على بيروت 'جبل صنين'، واخرى في منطقة صيدا، قام الجيش اللبناني بتدمير الاولى، واقدمت الطائرات الاسرائيلية على تدمير الثانية في غارات جوية شاهدها الجميع في المنطقة بالعين المجردة. الجيش اللبناني اعلن امس انه اكتشف منظومتي تجسس اسرائيليتين متطورتين فوق جبال صنين يمكن ان تكونا ساعدتا القوات الاسرائيلية في رصد واستهداف مواقع عسكرية للمقاومة، وقال الجيش ان اكتشاف هاتين المنظومتين جاء 'نتيجة معلومات حصلت عليها مديرية المخابرات من مصادر المقاومة'. مثل هذه الانجازات، ومن قبلها الانتصار الكبير الذي حققته المقاومة الاسلامية في جنوب لبنان اثناء حرب تموز (يوليو) عام 2006، هي التي دفعت الجنرال جيورا ايلاند المستشار السابق للامن القومي الاسرائيلي الى الاعتراف بان اسرائيل لا تستطيع هزيمة 'حزب الله' في مواجهة مباشرة، وان الحزب سيلحق ضررا بالغا بالجبهة الداخلية الاسرائيلية في حال اندلاع الحرب. * * * الجنرال الاسرائيلي الذي خدم اثناء حكم رئيسي الوزراء السابقين ارييل شارون وايهود باراك، كان يتحدث الى الاذاعة الاسرائيلية، اي انه ربما أراد توجيه رسالة تحذير الى رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو بعدم الاقدام على حماقة غزو لبنان مرة اخرى، لانه سيحرق اصابعه، وسيخرج مهزوما في نهاية المطاف مثلما حدث لخلفه ايهود اولمرت ووزيرة خارجيته تسيبي ليفني. الردع العسكري الذي حققه 'حزب الله' وفشلت في تحقيقه دول عربية عديدة، يعود بالدرجة الاولى الى وجود قيادة يلتف حولها انصاره، ومستعدون للتضحية بارواحهم من اجل قضايا الامة والعقيدة المصيرية، وهو ايمان وولاء وانتماء لا يحظى به اي زعيم عربي آخر في مشرق الامة ومغربها. ما يجعل الاسرائيليين يترددون في التحرش عسكريا بالمقاومة في لبنان هو معرفتهم الدقيقة بان زعيم حزب الله يملك الشجاعة باصدار الاوامر لتوجيه آلاف الصواريخ لقصف العمق الاسرائيلي، وتدمير منشآت حيوية دون ان يرف له جفن على عكس معظم الزعماء العرب الآخرين الذين يؤمنون بخيار السلام، ويستجدون المسؤولين الاسرائيليين عبر القنوات الامريكية، للتجاوب مع خيارهم السلمي هذا. في خطابه الذي القاه بالامس في ذكرى عاشوراء تحدث السيد نصر الله كعادته بلغة ومفردات وجمل نسيها او تناساها معظم الزعماء العرب اذا لم يكن كلهم عندما استذكر شهداء الامة والعقيدة جميعا. وأكد ان فلسطين يجب ان تتحرر من البحر الى النهر وشدد على ان الذين يتحدثون عن التنازلات غير مفوضين ولم ينصبهم احد للحديث باسم الامة ومقدساتها وخاطب المجتمعين العرب في القاهرة للبحث في البدائل التي جربها حزب الله واثبتت فعاليتها في حرب لبنان الاخيرة. الجنرال الاسرائيلي المذكور لم يفته الاقرار بالتفوق العسكري الاسرائيلي في مواجهة 'حزب الله'، ولكنه ينبه في الوقت نفسه الى الخسائر الباهظة التي ستلحق باسرائيل، على الصعيدين البشري والمادي، في حال انطلاق عشرات الآلاف من صواريخ المقاومة على حيفا وتل ابيب وصفد وحتى ديمونا في اقصى الجنوب. مفهوم الانتصار بالنسبة الى الاسرائيليين هو غيره عند العرب والمسلمين، والمقاومة اللبنانية على وجه التحديد. فالاسرائيليون يريدون انتصارا 'نظيفا' اي باقل قدر ممكن من الخسائر البشرية، والمقاومة تراه عكس ذلك تماما، اي الحاق اكبر قدر ممكن من هذه الخسائر، مضافا اليها تحطيم اسطورة الجيش الاسرائيلي الذي لا يقهر، وزرع الرعب في نفوس الاسرائيليين. الاسرائيليون حاولوا تطبيق هذا المفهوم اثناء حربهم على قطاع غزة، ونجحوا في ذلك عسكريا، ولكن لحقت بهم هزيمة فادحة سياسيا واعلاميا، فقد جاءت النتائج كارثية، حيث خرجوا من هذه الحرب رغم انتصارهم العسكري في حرب غير متكافئة على الاطلاق، متهمين بارتكاب جرائم حرب، ومنبوذين من الاغلبية الساحقة من الرأي العام الغربي حليفهم الاساسي، وفوق هذا وذاك خسروا تركيا حليفهم الوحيد في المنطقة. * * * الاسلحة المتقدمة، والتفوق في عدد الطائرات والدبابات لا يحسم الحروب لصالح من يستخدمونها الا في ظل غياب الارادة والقيادة الوطنية، والا لما هربت الولايات المتحدة مهزومة من العراق، وفي طريقها للاعتراف بهزيمة اخرى في افغانستان. والتجربة الاسرائيلية في لبنان قبل اربع سنوات اثبتت ان الارادة البشرية اذا ما جرى دعمها بقيادة شجاعة قادرة على اتخاذ قرار المواجهة، وترسانة من الصواريخ يمكن ان تقلب كل معادلات القوة لصالح الطرف الاضعف. ترسخ هذه القناعة لدى حزب الله وقيادته هو العامل الحاسم في رفض القرار الظني قبل صدوره، واتخاذ قرار علني بعدم التجاوب مع اي طلب من المحكمة بتسليم اي شخص مهما جاءت النتائج، ومهما تعاظمت التهديدات الامريكية والاسرائيلية. من المؤلم ان الطرف الوحيد الذي اعلن انه لن يسكت على اي حرب اسرائيلية على لبنان، هو السيد رجب طيب اردوغان رئيس تركيا السنّية، اثناء زيارته الاخيرة الى لبنان، وهذا ما يفسر خروج مئات الآلاف في الشوارع لاستقباله، بينما يزور معظم الزعماء العرب لبنان 'متسللين' تماما مثل نظرائهم الامريكان والبريطانيين عندما يزورون العراق وافغانستان. القرار الظني سيصدر حتما، ومن المرجح انه سيدين حزب الله، ولكنه سيكون نقطة تحول تاريخية، من حيث كونه علامة فارقة، فلبنان وربما المنطقة كلها، ستكون مختلفة تماما بعد صدوره، حيث سيبدأ تاريخ جديد منذ اللحظة الاولى التي سينطلق اول صاروخ لضرب تل ابيب ومطاراتها كرد على اي عدوان اسرائيلي جديد. الرد على: عبد الباري عطوان ورأي القدس العربي - بسام الخوري - 01-06-2011 مجزرة الاقباط ومكافأة نتنياهو عبد الباري عطوان 2011-01-05 في الوقت الذي تتصاعد فيه الاتهامات لاسرائيل واجهزتها الاستخباراتية باختراق امن مصر من خلال شبكات التجسس وتورط عملائها في اذكاء نيران الفتنة الطائفية، تفرش السلطات المصرية السجاد الاحمر لبنيامين نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل الذي سيحل ضيفا على الرئيس حسني مبارك في منتجع شرم الشيخ. نتنياهو منبوذ في مختلف انحاء العالم، وحكومته تتصدر قائمة الحكومات الاكثر عنصرية وتطرفا في العالم بأسره، فلماذا تكافئه السلطات المصرية بمثل هذا الاستقبال الحار، وفي مثل هذا التوقيت وعلى اعلى المستويات؟ في كل مرة يحشر فيها نتنياهو في زاوية العزلة والنبذ يتوجه الى شرم الشيخ باحثا عن طوق النجاة من الرئيس مبارك، لكسر عزلته، وللايحاء للعالم الغربي بانه مقبول عربيا، وان عملية السلام لم تمت والابواب جميعها مفتوحة في وجهه، بما في ذلك باب الدولة الاكبر عربيا. الهدف من هذه الزيارة كما قال نتنياهو هو لبحث الامن وعملية السلام، والامن الذي يقصده هنا هو امن اسرائيل، والسلام الذي يعنيه هو سلامها، لانه ببساطة عمل ويعمل على زعزعة استقرار مصر وامنها من خلال شبكات التجسس التي تجندها اجهزة استخباراته، وتزرعها في قلب المؤسسات المصرية الحساسة، ومنها وزارة الاتصالات مثلما تبين مع الجاسوس المصري الذي جرى اعتقاله قبل اشهر معدودة بالجرم المشهود. نتنياهو يريد ان يحول مصر الى حارس يحمي الحدود الاسرائيلية، وان تحشد كل امكانياتها الامنية لمنع تسلل الافارقة الباحثين عن لقمة خبز او فرصة عمل، حتى لو ادى ذلك الى اطلاق النار عليهم بهدف القتل. فالمهم هو حماية اسرائيل وتعزيز امن مستوطنيها. السلطات المصرية تبني اسوارا فولاذية على حدودها مع قطاع غزة، تعززها بأبراج عالية، واجراءات امنية تصل الى درجة الاذلال لابناء القطاع في كل مرة يدخلون فيها الى قفصهم المحاصر او يغادرونه مخفورين بالامن والكلاب البوليسية حتى المطار، وكأنهم مجرمون مرحلون. مصر تعيش حاليا حالة غليان طائفي، ومن المفترض ان تتفرغ كل الاجهزة الامنية والسياسية لمواجهة حممه، وتهدئة المشاعر المتأججة، واحتواء الغضب، ومن المؤكد ان زيارة شخصية مكروهة، يمثل بلدا عدوانيا، مثل نتنياهو ستضاعف حالة الغليان هذه، وتضيف عبئاً جديداً وثقيلاً على كاهل الحكومة المصرية. * * * لا نعرف سر نقطة ضعف الرئيس مبارك تجاه نتنياهو، مثلما لا نفهم الحكمة من وراء استقباله في مثل هذا الظرف الصعب، خاصة انه لا توجد اي قضايا ملحة تحتاج الى مثل هذا الاجتماع المهين في توقيته، والحرج في اهدافه واجنداته. كنا نتوقع، ان يلغي الرئيس مبارك مثل هذا الاجتماع، وان يتذرع بتطورات الاوضاع الداخلية التي تحتاج الى متابعة لصيقة ومكثفة من قبله كشخص يتربع على قمة المسؤولية في بلاده، ولكن توقعاتنا هذه، مثل كل سابقاتها، لم تكن في محلها، نقولها ونحن نشعر بالمرارة. نتنياهو هذا شخص يحترف الكذب، ومعروف على مستوى العالم بأسره بهذه الصفة، يجيد المراوغة والتضليل، ولا يحترم وعودا، ولا يحفظ عهودا، حتى الادارة الامريكية 'قرفت' منه واوقفت التعاطي معه من كثرة اكاذيبه عليها، فلماذا يحظى بالمصداقية في مصر الرسمية، ويستقبل بكل الاحترام والتقدير من قبل رأس الدولة فيها؟ الحكومة المصرية يجب ان تركز على أزماتها الداخلية، وان تطرق كل السبل من اجل ايجاد حلول ناجعة لها، وأبرز عناوين هذه الازمات هو اهمالها الامن المصري من اجل الحفاظ على الأمن الاسرائيلي. صورة مصر تهـــتز في العالم بأســره، ودورهـــا يتراجـــع الى ما تحــت الصفر بسبب انشغالها طوال السنوات الثلاثين الماضية بوهم السلام مع اسرائيل، وتسويق هذا الوهم الى العرب، والفلسطينيين منهم على وجه الخصوص. منظمات حقوق الانسان في العالم ثائرة ضد مصر بسبب اقدام قوات امنها على قتل العشرات من الافارقة الذين يريدون التسلل الى اسرائيل، فلماذا لا تترك هذه المهمات القذرة الى القوات الاسرائيلية المرابطة على الجانب الآخر من الحدود؟ الرأي العام العربي غاضب في معظمه بسبب المشاركة الرسمية المصرية في فرض الحصار الظالم على قطاع غزة، فماذا حصلت مصر الرسمية مقابل هذا الغضب الذي انعكس سلباً على دورها ومصالحها في الدول العربية؟ الم تنتقد اسرائيل علناً تقصير مصر في هذا المضمار رغم الخدمات اللامحدودة المقدمة منها، ألم يقل نتنياهو بالأمس فقط انه غير راض تماماً عن الجهود المصرية لمنع التهريب عبر الأنفاق؟ * * * الاوضاع تتدهور في مصر، وساحتها الداخلية باتت مشاعاً للتدخلات الخارجية في وضح النهار بعد مجزرة كنيسة الاسكندرية ليلة عيد رأس السنة، فبابا الفاتيكان يطالب بوضع المسيحيين المصريين تحت الوصاية الدولية بعد فشل حكومتهم في حمايتهم. اما فرانكو فراتيني وزير خارجية ايطاليا فيطالب العالم الغربي بربط المساعدات لمصر باحترام حقوق الاقليات المسيحية، بينما حث رئيسه الايطالي على الانتقال من مرحلة الاقوال الى الافعال لحماية ابناء الطائفة المسيحية في مصر وغيرها من البلدان العربية. هذه مقدمات لحرب صليبية جديدة ضد الدول العربية، وهذه تصريحات تشكل اهانة للنخبة المصرية الحاكمة، وكل مثيلاتها في الدول العربية. فهل تقبل ايطاليا وفرنسا وامريكا ان تتدخل مصر او ايران او تركيا في شؤونها الداخلية وتأخذ على عاتقها مسؤولية حماية الاقليات المسلمة فيها؟ هل سحبت مصر سفيرها من المانيا، او هددت بتخفيض العلاقات عندما تعرضت المواطنة المسلمة مروة الشربيني للقتل العمد في المحكمة من قبل الماني اعتدى عليها ولجأت الى العدالة طلباً للحماية من تهديداته؟ نتنياهو لن يقف الى جانب مصر في مواجهة هذه التهديدات في شؤونها الداخلية، الم يعِد مصر بمساعدتها لتأمين انتخاب السيد فاروق حسني وزير الثقافة اميناً عاماً لليونسكو بوقف الحملات اليهودية المتطرفة ضد ترشيحه، واثناء اجتماع مماثل في شرم الشيخ ايضاً، فماذا كانت النتيجة؟ كنا نتمنى ان نقول بأن الرد الأقوى على كل هذه التدخلات الاجنبية المهينة هو باحترام حقوق الاقليات في مختلف ارجاء الوطن العربي، ومعاملتها على قدم المساواة مع ابناء الاغلبية، ولكن المؤسف ان حقوق الاغلبية مهضومة، في ظل انظمة ديكتاتورية أدمنت القمع واصبحت مرجعية فيه، تصدّر خبراتها الى العالم. الاقليات تتساوى مع الاغلبيات في الظلم للأسف الشديد. الرئيس مبارك لا يحتاج الى مثل هكذا اصدقاء يعبثون بأمن بلاده، ويتجسسون على مواطنيه، ويتآمرون لضرب وحدتهم الوطنية. متاعب مصر بدأت عندما تخلت عن قضاياها الوطنية، وهويتها القيادية، ووضعت كل بيضها في سلة سلام مثقوبة ومغشوشة، مع اناس ادينوا بجرائم الحرب والتطهير العرقي ونقض العهود. RE: عبد الباري عطوان ورأي القدس العربي - بسام الخوري - 01-18-2011 حذار من خطف الثورة عبد الباري عطوان 2011-01-17 ظاهرتان لفتتا الانتباه في المنطقة العربية، او بلدان منها، كرد فعل على الثورة الشعبية التونسية، وبتأثير مباشر من فعالياتها: *الاولى: اقدام عدد من الشبان على احراق انفسهم امام دوائر حكومية رسمية للتعبير عن استيائهم من الاوضاع المعيشية على غرار ما فعله الشاب محمد البوعزيزي ابن سيدي بوزيد الذي اشعل فتيل الاحتجاجات على طول بلاده وعرضها. فقد اقتدى به أربعة شباب في الجزائر وواحد في موريتانيا وآخر في مصر حتى الآن. *الثانية: مسارعة حكومات عربية الى تخفيض اسعار المواد الغذائية وبعض السلع الاساسية الاخرى في محاولة لامتصاص النقمة الشعبية، ومنع تفجر احتجاجات في شوارع مدنها وعواصمها، فالحكومة الجزائرية كانت البادئة بهذه الخطوات عندما خفضت اسعار المواد الغذائية الى النصف، وكذلك فعلت نظيرتها السورية عندما دعمت اسعار وقود التدفئة، بينما ذهبت الحكومة الكويتية الى ابعد من ذلك عندما دفعت مبلغ ألف دينار لكل اسرة، علاوة على توزيع الطعام مجاناً، فيما اعلن العاهل السعودي الملك عبدالله ان الميزانية الجديدة ستعالج اي قصور اقتصادي واجتماعي بالمملكة. الخطوتان ليستا الحل المناسب الذي يتطلع اليه رجل الشارع العربي، وان كانتا ضروريتين، فاذا كان بمقدور الحكومات الاقدام على مثل هذه الخطوات، وتملك القدرات المالية لتقديم مثل هذه 'الرشوة' السريعة للمواطنين، فلماذا تأخرت كل هذه السنوات، ولماذا لم تتحسس معاناة المواطنين قبل اندلاع الثورة الشعبية في تونس؟ الشعوب تريد الخبز، مثلما تريد مواد ضرورية اخرى بأسعار معقولة، ورواتب تتماشى مع معدلات التضخم وغلاء المعيشة، ولكنها فوق كل هذا وذاك تريد حكما رشيدا وحريات سياسية، واصلاحات اجتماعية، وخطط تنمية مدروسة توفر الوظائف للشباب، والأهم من هذا كله مكافحة الفساد، والتوزيع العادل للثروة. ' ' ' اسرة بن علي ليست الوحيدة المتهمة بالفساد، فالغالبية الساحقة من الاسر الحاكمة في الجمهوريات العربية غارقة في الفساد، وافرادها الذين يتقاتلون على الصفقات التجارية، واحتكار الشركات ووكالات السلع الاجنبية معروفون لجميع المواطنين. انظمة الحكم العربية ترتكز على تحالف غير مقدس بين الحاكم واسرته ومجموعة من رجال الاعمال كونت ثروات طائلة من امتصاص عرق الفقراء والمحرومين، واستخدمت الدولة وادواتها لخدمة فسادها ومصالحها. والتصرف كما لو انهم فوق القانون. جرائم عديدة ترتكبها مافيات السلطة في اكثر من بلد عربي ولا يتم اكتشافها بسبب تواطؤ السلطة واجهزتها الامنية مع هؤلاء المجرمين وحمايتها لهم، وتجاهل اجهزة الاعلام الرسمية لهذا التحالف غير المقدس. التونسيون الذين اثاروا اعجاب العالم العربي بأسره، واقدموا على اهم سابقة في تغيير نظام حكم ديكتاتوري بطرق سلمية حضارية، لم ينزلوا الى الشوارع طلبا للخبز فقط، وانما من اجل استعادة كرامتهم، واستقلالهم الحقيقي، ولا نبالغ اذا قلنا ان مستوى المعيشة في تونس افضل من جيرانها 'النفطيات'. الشعب التونسي يريد انهاء سيطرة الحزب الواحد على السلطة، وتأسيس ديمقراطية حقيقية تقوم على التعددية السياسية وتوسيع دائرة المشاركة في الحكم، ودائرة صنع القرار. نرى محاولات دؤوبة من قبل انصار النظام القديم لخطف الثورة الشعبية، وتوظيف نتائجها في اعادة انتاج النظام وتدويره من جديد، الامر الذي يثير قلق الكثيرين من ابناء هذه الثورة والمتعاطفين معهم في الوطن العربي بل والعالم بأسره. استمرار بعض رموز النظام القديم في الحكومة الجديدة المعلنة بالامس هو مبعث هذا القلق ومصدره، والشيء نفسه يقال ايضا عن استبعاد بعض الاحزاب والشخصيات الوطنية من المشاورات الصورية التي أدت الى تشكيلها. صحيح ان استقرار البلاد، ووقف اعمال العنف، واعادة الامن الى مستوياته المعقولة، ووضع حد لاعمال النهب والسلب وتدمير الممتلكات العامة والخاصة هي هدف سام يشكل اولوية، ولكن الصحيح ايضا انه يجب التركيز في هذه المرحلة على استقرار ابدي يدوم وليس استقرارا مؤقتا، وعنوان الاستقرار المأمول هو التجاوب مع مطالب الشعب كاملة، وعدم التضحية بدماء الشهداء. لا نريد من الشباب الجزائري او المصري او الموريتاني ان يحرق نفسه للتعبير عن احباطه او حرمانه من فرص المشاركة في تقرير مصير بلاده وانما نريد ان يقتدي بالنتائج التي تترتب على احراق البوعزيزي نفسه، اي النزول الى الشارع للاحتجاج بطريقة حضارية سليمة ضد الطغمة الفاسدة التي اوصلت الشباب العربي الى هذا الوضع المؤسف والمأساوي. ظاهرة الاحراق هذه وبالقدر الذي تعكس به درجة الظلم التي يعانيها شبابنا، تأكيد على استعداد شبابنا للموت من اجل الوطن. ولكننا نقول لهؤلاء الشباب نريدكم ان تعيشوا من اجل الوطن. ' ' ' التونسيون ضربوا مثلا في التحركات الشعبية للوصول الى التعددية السياسية عندما نزلوا الى الشوارع نساء ورجالا، اسلاميين وعلمانيين فقراء وطبقة وسطى جنبا الى جنب ودون اية تفرقة من اجل مصلحة بلادهم والتخلص من كل ما علق بها من ادران الفساد والديكتاتورية. تونس لم تكن الدولة البوليسية الوحيدة، فالغالبية الساحقة من الانظمة العربية تحكم بقبضة حديدية من قبل اجهزة امن قمعية تتفنن في التعذيب وانتهاك حقوق الانسان، ويغيب فيها كليا حكم القانون والقضاء العادل المستقل ولذلك نتوقع ان لا يكون ما حدث في تونس هو الاستثناء وانما القاعدة التي ربما تمتد الى جميع هذه الدول البوليسية. في الختام نتمنى على الشعب التونسي وطلائعه القيادية من خارج النخبة الانتهازية ان يتحلى بكل درجات الوعي وان لا يسمح لثعالب الحزب الدستوري بان تخطف ثورته، فما نراه حاليا هو توزيع مناصب او حقائب وزارية لبعض الشخصيات في احزاب مستأنسة لم تكن بعيدة كثيرا عن النظام السابق بل ظلت دائما تحت عباءته وتقتات على فتات رضائه. فالمسألة ليست بإسناد حقائب ثانوية هامشية وغالبا غير سيادية الى بعض الشخصيات الحزبية من خلال مشاورات صورية وتحت ذريعة الانتقالية او المؤقتة. ما يجب ان يصر عليه الشعب التونسي تأسيس جمعية وطنية مؤقتة تمثل كل الاتجاهات السياسية والاجتماعية تتوافق فيما بينها على رئيس وزراء جديد ومستقل ونظيف اليد ويملك الخبرة ليقود السفينة في هذه المرحلة تمهيدا لوضع دستوري جديد لمرحلة جديدة وتتم على اساسه انتخابات حرّة نزيهة لانتخاب رئيس جمهورية وبرلمان يمثل الشعب التونسي تمثيلا حقيقيا. نضع ايدينا على قلوبنا لمحبتنا للشعب التونسي وحرصا على تضحياته ودماء شهدائه لاننا لا نريد لهذه الثورة الا ان تنجح وتعطي ثمارها ليس في تونس فقط وانما في كل انحاء الوطن العربي. الرد على: عبد الباري عطوان ورأي القدس العربي - بسام الخوري - 01-18-2011 http://www.youtube.com/watch?v=-1V4ulRmVQ4 اللوبي الصهيوني حين يتحرك.. عبد الباري عطوان |