حدثت التحذيرات التالية: | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
محورية الإنسان في المسيحية- عن موقع الحوار المتمدن- إبراهيم عرفات - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3) +--- المنتدى: فكـــر حــــر (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=57) +--- الموضوع: محورية الإنسان في المسيحية- عن موقع الحوار المتمدن- إبراهيم عرفات (/showthread.php?tid=40731) |
محورية الإنسان في المسيحية- عن موقع الحوار المتمدن- إبراهيم عرفات - إبراهيم - 12-08-2010 إبراهيم عرفات الحوار المتمدن - العدد: 3209 - 2010 / 12 / 8 المحور: العلمانية , الدين , الاسلام السياسي راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع يروق الفكر اللاديني لكثير من الشباب العربي هذه الأيام إذ يتهم نصوص المسيحية بأنها نصوص عتيقة مقدسة (ومكدسة على سبيل السخرية) وتغفل دور الإنسان وحقوق الإنسان ولصدمة الكثيرين في المؤسسات الدينية وما قد يعتريها من ضعف وأنانية وسائر أسقام الأنا الإنسانية. قالت إحدى العزيزات وقد فاض بها الكيل: فلنخرج من عباءة رجال المؤسسات الدينية ولنتركهم يتحدثون ويفعلون ويقيمون كما يريدوا لشغل أوقات فراغهم،سنتغير ونتطور ونلحق بركب حضارة اليوم متى انطلقنا دون نظر لرضاء نصوص نحو أفق الإنسانية التي تحترم الإنسان وتقدر إيجابيته وحقه في العيش بكرامة أكثر من أي تفسيرات أخري لنصوص احتكرتها مؤسسات تحتاج للإصلاح قبل أن تقود آخرين. نطرح نحن بدورنا السؤال: هل من الإنصاف اختزال المسيحية في كبوة رجال المؤسسات الدينية؟ هل نتربص بهم فإن سقطوا ندعوا الناس لترك الإيمان وأن يصبح الإنسان إلهًا لنفسه؟ ومن قال إن تعاليم المسيح لا تحترم الإنسان؟ نعم، هي نصوص عتيقة كما تقولين وليست نصوص حديثة قد يطويها الدهر طي النسيان كما طوى غيرها فلا نعرف منها سوى الإسم. نعم، هي نصوص عتقية ولكن هل النصوص هدفها النصوص أم أن النصوص غايتها ما هو أهم من النص نفسه؟ هذه النصوص العتيقة غايتها وهدفها الإنسان والإنسان فقط لا غير. جميع نصوص الكتاب المقدس هي قصة طويلة مديدة عبر التاريخ يحكي فيها الله الخالق بواسطة الإنسان قصته مع الإنسان: إنها قصة الحب بين الله والإنسان. إنسان كإشعيا النبي يعرف مدى شعور الله العاشق لشعبه فينشد أنشودته مصورًا هذا الحب بمشاعر جيّاشة: لأنشدن لحبيبي نشيد محبوبي لكرمه. كان لحبيبي كرم في رابية خصيبة. (إشعياء 5/ 1) أليس الله هو القائل بمحورية الإنسان عندما قال إنّ السبت جُعل للإنسان لا العكس. لا أظن أن سارتر كان أول من قال بذلك! الإنسان ليس مسخرًا في المسيحية ليكون "عبدًا" ينفذ بشكل آلي ما يُملى عليه بل هو في نظر الله "ابن" يتجاوب بالحب مع بادرة الحب التي يبادر بها الله. إنه مدعو للعيش بكامل الحرية وفي ملء الحرية. نصوص الإنجيل لدينا أفقها واسع رحب إذ الإنسان في المسيحية هو هدف الله وغايته. ما من هدف آخر لدى الله في المسيحية سوى الإنسان، وهذا ما فطن إليه كثير من رسل المسيح وفلاسفته. بولس يقول عن إلهه إنه قد أحبه وبذل نفسه من أجله. في غلاطية 2/ 20 يصف موقف الله فيقول: ابن الله الذي أحبني وجاد بنفسه من أجلي. في أي دين من أديان العالم، يا سيدتي، يجعل الله هدفه الإنسان لا نفسه، ولأجل هذا الإنسان يجود بنفسه؟ في الكتاب المقدس الذي بين أيدينا اليوم، الإنسان يريد به الله أن يحتل مركزًا هامًا في الكون وهو أنه يصبح ابن الله/ ابنة لله. يرفض المسيح موقعه كـ "عبد" ويقولها صراحة تفاديًا لأي سوء فهم حاضر أو مستقبلي: "لا أعود وأسميكم عبيدًا بل أنتم أبناء." العبودية فيها إذلال العبيد ويسلكون بذهنية القهر والمقهور يذيق الآخرين كؤوس القهر المريرة أما البنون فينعمون بالأمان والثقة والحرية، وهذا ينعكس إيجابًا على من حولهم من دون شك. الإنسان في المسيحية مدعو إلى أن يكون الإبن الوارث المشارك في الطبيعة الإلهية (رومية 8: 17، رؤيا 21: 7، متى 5: 4) وهذه كلها مفردات تصيب المسلم بالاقشعرار لأن الله في الإسلام له عبيد وليس له أبناء، والمشاركة في الطبيعة الإلهية مرفوضة رفضًا باتًا لمن هو عبد قابع في عبوديته المطلقة للعزة الإلهية. وبما أن الإنسان في المسيحية هو الابن الوارث/ الابنة الوارثة، فهذا ينطوي على قدر كبير جدًا من الحرية تليق بوضعه كـ ابن/ ابنة. والحرية (أو المحبة) إنْ تقوقعت في ذاتها وطلبت ما لذاتها تصبح سجنًا بل الحرية تطلب في ما هو لخير الآخرين من حيث أنها حرية أبناء الله المتفجرة من أحشاء المسيح والذي ما جاء أبدًا ليكبل الإنسان ويقول له افعل هذا ولا تفعل ذلك وكأننا في حضانة أو روضة أطفال. بولس رسول المسيح يقول: كل الأشياء تحل لي ولكن ليس كل الأشياء توافق (1كورنثوس 6: 12- 20). في البيوت السليمة ووسط الأسر السوية الناضجة، للابن صلاحيات كثيرة هي للأب حيث يقول الأب السماوي لابنه: أنت ابني. أنت هدفي. كل شيء حولك هو لك والأشياء لك دون أن تصبح أنت واحدًا من هذه الأشياء. بالحب لك كل شيء. بل كل شيء لكم وأنتم للمسيح والمسيح لله (1كورنثوس 3: 22). في دين الحب، حيث توجهت ركائبه كما يقول ابن عربي، الحب يحتوي كل شيء ويكلّل كل شيء ويملأ النفس من النعم والنور ويضيئها بالشفافية. إنْ كان هذا هو الحال، فماذا عسانا أن نضيف للمسيحية؟ ماذا ينقص؟ تدارك بولس هذا الأمر الذي تحار أمامه العقول من فرط الحب الإلهي وصار حاله ما نقول بالعامية (بقى مش لاقي حاجة يقولها) حيث يقول: فماذا نقول لهذا؟ وماذا نضيف إلى ذلك؟ إن كان الله معنا فمن علينا! إن الذي لم يضن بابنه نفسه، بل أسلمه إلى الموت من أجلنا جميعا، كيف لا يهب لنا معه كل شيء؟ (رومية 8: 31، 32). ونحن بدورنا نرد على بولس قائلين: معك حق يا بولس؛ لقد غنمنا إنسانيتنا كاملة في المسيح وقد غنمنا ما هو أكثر منها. يفيض قلبنا فرحًا ونحن نرى أننا معك لنا كل شيء. نحن لا نُمني أنفسنا بجنة أخروية بها أنهار من عسل وخمر وقصور من ذهب وعاج ولكننا نرى بأم أعيننا ما قد غنمناه في الحاضر الآن وما أسعدنا في حياة فاض بها في قلبنا منه تعالى فصار لنا كل شيء! كثيرون كانوا يسمعون ما أقصه عليهم من ظروف اضطهادات قد تعرضت لها بسبب اعتناقي المسيحية وكانوا يقولون لي الآية الشهيرة بأن الرب سوف يعوضني ويعطيني مائة ضعف لأني تركت بيت ووطن وأهل إلخ (مرقس 10: 28-30). من جانبي كنت أشكرهم على حسن نواياهم ولكني كنت أود لو أن أصيح فيهم: يا قوم، ألا ترون ما أنا فيه الآن؟ ما وعد به المسيح ليس شيء سوف يتحقق في زمن من الأزمنة اللاحقة بل قد أعطاني إياه المسيح الآن. الآن أنا إبراهيم عرفات لي كل شيء! أنا سيد الموقف. أنا فوق الظروف. لا يعوزني شيء بل أنا في حياة الفيض إذ أعكس صورة مجد الرب شخصيًا (2 كورنثوس 3: 18). غيري يرى أن الخروج من المأزق لما آلت إليه الأمور هو "الشريعة" رافعين شعار الإسلام هو الحل وأما أن فأقول لهم بتصريح الإنجيل صراحة أن المحبة هي كمال الشريعة، ومن أحب غيره فقد أتم الشريعة (رسالة رومية 13: 10). لو توفر الحب الحقيقي الفائض من أحشاء الله شخصيًا، فهذا الحب هو السبيل الأكيد الذي يوصلنا إلى حيث نحن ذاهبون، وهو الوحيد الذي يكفي لانتشالنا من الغابة التي خلقناها بأيدينا عندما صار الإنسان ذئبًا لأخيه الإنسان يريد أن يزهق روحه لأجل حرية تصرفه في جسمه/ جسمها راجمًا إياه حتى الموت. في المسيحية، إلهي يحبني كما أنا وبما أنا عليه الآن لا كما ينبغي أن أكون. إنه لا يتشارط على أحد كي ما يحب أو لا يحب بل لا يملك سوى أن يحب لأن الحب هو، وهو الحب. في المسيحية، لقد أخذنا ملء الله مباشرة ولم يعد ينقصنا شيء وتحقق لنا ما قاله يعقوب قديمًا: لي كل شيء (تكوين 33: 11). هذا الملء الذي قد أخذناه من المسيح هو كمال الشريعة وتمامها وملؤها. هذا الملء يحقق إنسانيتنا تمام التحقيق وهو تمام العقائديات والتشريعات على اختلافها. |