حدثت التحذيرات التالية: | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
عندما يتحول الخوري إلى حرامي حروف على الدنيا السلام - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5) +--- المنتدى: لغـــــــة وأدب (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=78) +--- الموضوع: عندما يتحول الخوري إلى حرامي حروف على الدنيا السلام (/showthread.php?tid=40742) |
عندما يتحول الخوري إلى حرامي حروف على الدنيا السلام - بسام الخوري - 12-09-2010 عندما يتحول الخوري إلى حرامي حروف على الدنيا السلام http://www.aawsat.com/details.asp?section=19&article=598145&feature=1&issueno=11695 الأب سهيل قاشا ينتحل مقدمة كتاب «معتزلة البصرة وبغداد» كاملة له 77 كتابا في المسيحية والفكر القديم والتراث الإسلامي غلاف كتاب «المعتزلة» غلاف كتاب «معتزلة البصرة وبغداد» لندن: رشيد الخيون ننشر هنا مقال الباحث رشيد الخيون، عن انتحال الأب سهيل قاشا لمقدمة كتاب «معتزلة البصرة وبغداد»، الذي نشره الخيون عام 1997، بينما نشر قاشا كتابه «المعتزلة»، عام 2010. وقد اطلعت «الشرق الأوسط» على الكتابين، ووجدت أن الأب نشر مقدمة الخيون كاملة، وكما هي من دون أي تغيير، وبلغت كلماتها أربعة آلاف وثلاثمائة وثمانية وعشرين كلمة. كشفت أكثر من سرقة أدبية وعلمية، على صفحات جريدة «الشرق الأوسط»، منها كتب كاملة في الأديان والمذاهب، وعلى وجه الخصوص الإيزيدية والصابئة المندائيين. فدفعني ذلك إلى استفتاء فقهاء الدين، ومن مختلف المذاهب: علماء الأزهر، وآية الله خامنئي، وآية الله فضل الله، وغيرهم، ونشرت فتاواهم، التي وصلتني، تعقيبا على مقال في جريدة «الشرق الأوسط»، العدد: 9021 المؤرخ في 10 أغسطس (آب) 2003. وقبلها نشرت مادة عن سرقة كتاب حول اليزيدية، قام بها أكاديمي سوري، رئيس لقسم أكاديمي، في «الشرق الأوسط»، العدد: 8302 والمؤرخ في 21 أغسطس 2001. ونشرت مادة عن سرقة كتاب حول الصابئة المندائيين، قام بها كاتب عراقي، في «الشرق الأوسط» أيضا، العدد: 8421 والمؤرخ في 18 ديسمبر (كانون الأول) 2001. ومادة في جريدة «إيلاف»، 3 مايو (أيار) 2004، فضحت سرقة بحث في الصابئة المندائيين أيضا. وفي الجريدة ذاتها بينت أن الدبلوماسي الإيراني علي دشتي ترجم إلى الفارسية بتصرف كتاب الرصافي «الشخصية المحمدية»، ولم يؤلف «23 عاما.. دراسة في السيرة النبوية المحمدية»، «الشرق الأوسط»، العدد: 9703 المؤرخ في 22 يونيو (حزيران) 2005. وكتبت أيضا مادة «القرصنة والتدليس في نشر الكتب»، عما يحصل في إيران من قرصنة طباعة الكتب العربية، «الشرق الأوسط»، العدد: 9941 والمؤرخ في 15 فبراير (شباط) 2006. وكنت قد ناشدت رئيس إقليم كردستان العراق السيد مسعود بارزاني في مقالة نشرتها على صفحات الرأي في «الشرق الأوسط»، العدد: 10068 والمؤرخ في 22 يونيو 2006، تساءلت فيها عن توزير أحد سراق الحروف، حيث أصبح أحدهم وزيرا، وقيل لي إن أحد مستشاريه لم يطلع الرئيس على المقالة، تحت حجة أن هناك وزراء لهم باع في الفساد المالي، فما قيمة سرقة الحروف؟ مع أنها أخطر بكثير من سرقة الدراهم، فإذا كانت الدراهم تخص الجيوب فالحروف تخص العقول. وأتذكر أنني دخلت في معارك كي أمنع أحد المتسترين بالعمامة والدين من نشر مواد منتحلة في المجال الثقافي، عندما كنت محررا في جريدة «المؤتمر» العراقية (2000 - 2003)، لكن هذا المعمم أخذ حزبه يناديه بالشيخ الدكتور، بتوجيه على ما يظهر من رئيس حزبه، الذي يرى أنه في حاجة إلى عمائم تقدمه للجمهور العراقي المغلوب على أمره وعقله، وهو لم يحصل على الشهادة المتوسطة، ويمتلك الآن معهدا يعيد به تشكيل العقل العراقي، فتأمل حجم الكارثة. لكل ما تقدم لا أجد عذرا لترددي في الكتابة عما انتحله الأب سهيل قاشا من كتابي «معتزلة البصرة وبغداد»، لندن: دار الحكمة 1997 الطبعة الأولى، حيث ظهرت المقدمة كاملة في كتابه «المعتزلة ثورة الفكر الإسلامي الحر»، بيروت: مكتبة السائح والتنوير، وتوزيع دار الفارابي 2010. أقول ترددي لأنني كنت أظن بالأب قاشا أنه سيملأ بعض الفراغ الذي تركه آباء وباحثون مسيحيون كبار. كنت أظنه سيسد ثغرة مما تركه الأب أنستاس الكرملي (ت 1947)، وكوركيس عواد (ت 1993)، وغيرهما من كبار الباحثين والمحققين العراقيين، المسيحيين تحديدا! لهذا حرصت على اللقاء به في بيروت (يوليو 2007)، وتم نشر اللقاء أو المقابلة في جريدة «الشرق الأوسط» أيضا، وقد أطنبت حينها في الإطراء عليه، ونشرت المقابلة في صفحة كاملة. وهذا شيء مما قلته في تقديمه لتلك المقابلة: «كتب نحو 77 كتابا في مختلف مجالات التاريخ والثقافة، وكانت حصة التاريخ الإسلامي منها غير قليلة... بدأ كاتبا قبل أن يرتسم كاهنا، وبعدها لم تتغير الحال... ظل كاتبا وباحثا إضافة إلى الكهانة» «الشرق الأوسط»، العدد: 10563 المؤرخ في 3 أكتوبر (تشرين الأول) 2007. واقتنيت معظم ما كتبه الأب المذكور، مطمئنا أن الكرملي أورق كراملة، ومنهم الأب سهيل قاشا. كنت في معرض الشارقة، 29 أكتوبر 2010، فلمحت عند دار الفارابي كتابا تحت عنوان «المعتزلة»، اشتريت الكتاب لمؤلفه لا لموضوعه، فما لدي من كتب حول المعتزلة ليست قليلة، وبتصفحي له وجدت أن المواضيع مطروقة كثيرا من قبل. عدت وأنا أتصفح الكتاب، ووجدته رجع إلى كتابي «معتزلة البصرة وبغداد» كثيرا، وليس في الأمر مثلبة، مع أنه لم يضع الكتاب كأحد مراجعه مع ثبت المراجع، وقلت إنه النسيان، وزحمة الوقت عند الانتهاء من العمل في الكتاب، ومعلوم أن المصادر آخر ما يرصد في الكتاب، وكذلك المقدمة! لكن المفاجأة، عندما بدأت بقراءة المقدمة، وإذ هي كلماتي عينها، ومن ينسى كلامه المكتوب؟ وأيضا صبرت ولم أحكم أو أقطع بالحكم على أنه سرقة، فقلت ربما هناك تخيلات في الأمر مني، أو هو توارد خواطر مثلما يقال. لكن بعد المقابلة بين مقدمتي لكتاب «معتزلة البصرة وبغداد»، وما وضعه الأب قاشا من مقدمة لكتابه «المعتزلة» وجدته انتحلها حرفيا، وحينها ذهلت ولم أعرف كيف أتصرف؟ حتى حزمت أمري وقلت: لا بد من الكتابة! ولماذا أقف موقفين حيال سراق الحروف، والسرقة هي السرقة، سواء قام بها البعيد أو قام بها القريب؟ فمن كتبت عنهم سابقا لم يحصل أن التقيت بهم، أو حتى قرأت لهم. أما الأفظع في الأمر فقد قدم الأب سهيل قاشا لمقدمته بالكلمات التالية: «خدمة للعلم والمعرفة، ثم نزولا على رغبة طلابنا في معهد مار بولص للفلسفة واللاهوت، زيادة في الإيضاح والفائدة، نعمل على إبرازه إلى النور بمقدمة جديدة، هاك نصها..» (قاشا، المعتزلة، طبعة 2010 ص 11). والنص هو مقدمتي بحروفها ومفرداتها ومقاطعها وأفكارها، والشبه بين المقدمتين هو شبه الغراب للغراب (معتزلة البصرة وبغداد 1997). وتبلغ عدد كلماتها أربعة آلاف وثلاثمائة وثمانية وعشرين كلمة، وهي المقدمة كاملة. هنا أجد من الصعب نشر المقدمتين كي أظهر التطابق التام بينهما، لكن آتي بأول المقدمة ونهايتها ومن الكتابين، فلعل الصورة تتضح للقارئ اللبيب. جاء في مقدمة الأب قاشا (المعتزلة 2010): «من بين مخلفات التاريخ يبرز الاعتزال، بمقالات شيوخه، محفزا نشطا في استلهام دلالات العقل مقابل النقل، والتحرر من أسر رتابة النصوص. بسبب أن هذا الفكر يمتلك رؤية حيوية حيال معرفة الوجود، طبيعة ومجتمعا، وعلاقتهما بالله. رؤية تمكن الإنسان، إلى حد ما، من حرية التصرف في شأنه الاجتماعي، ومن التأثير الواعي على الطبيعة، وتوجيهها لمصلحته. حاول المعتزلة في مختلف مراحلهم الكلامية والفلسفية تأكيد مسؤولية الإنسان عن أفعاله. ومن دون شك، يقود ذلك إلى تفعيل دور العقل في تنظيم الحياة الاجتماعية والاستفادة من الطبيعة بشكل خلاق، بعد فهم قوانينها عن طريق، تكدس، التجارب. ويبرر أحد رموز الاعتزال البصريين القاضي عماد الدين عبد الجبار في (فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة) اعتبار العقل الأصل الأول في الإيمان والحياة، حتى قبل القرآن الكريم والسنة النبوية، بقوله: (لأن به يميز بين الحسن والقبيح، ولأن به يعرف الكتاب حجة، وكذلك السنة والإجماع، وربما تعجب من هذا الترتيب بعضهم، فيظن أن الأدلة هي الكتاب والسنة والإجماع فقط، أو يظن أن العقل إذا كان يدل على أمور فهو مؤخر. وليس الأمر كذلك، لأن الله تعالى لم يخاطب إلا أهل العقل، ولأن به يعرف أن الكتاب حجة، وكذلك السنة والإجماع، فهو الأصل في هذا الباب» (قاشا، ص 11). جاء في مقدمة كتابي (معتزلة البصرة وبغداد 1997) ما نصه: «من بين مخلفات التاريخ يبرز الاعتزال، بمقالات شيوخه، محفزا نشطا في استلهام دلالات العقل مقابل النقل، والتحرر من أسر رتابة النصوص. بسبب أن هذا الفكر يمتلك رؤية حيوية حيال معرفة الوجود، طبيعة ومجتمعا، وعلاقتهما بالله. رؤية تمكن الإنسان، إلى حد ما، من حرية التصرف في شأنه الاجتماعي، ومن التأثير الواعي على الطبيعة، وتوجيهها لمصلحته. حاول المعتزلة في مختلف مراحلهم الكلامية والفلسفية تأكيد مسؤولية الإنسان عن أفعاله..».(رشيد الخيون، معتزلة البصرة وبغداد، طبعة 1997، ص 5). خاتمة مقدمة كتاب «المعتزلة» للأب قاشا: «في هذا الكتاب تمت دراسة عشرين ونيف من الشخصيات الكلامية، من نفاة القدر والصفات والقائلين بخلق القرآن من غير المعتزلة ومن شيوخ الاعتزال البارزين. كان في مقدمة هذه الشخصيات الفقيه المعروف الحسن البصري، الذي لا تربطه رابطة بالاعتزال، كما يشاع عنه ذلك، سوى أن مؤسسي الاعتزال واصل بن عطاء الغزال وعمرو بن عبيد الباب كانا من مرتادي مجلسه في مسجد البصرة، ولعل بحث تفاصيل حياته يكشف عن ظروف الحركة الفكرية والكلامية آنذاك، ويكشف أيضا موقفه وفقهاء عصره من الاعتزال. أما الإمام أبو حنيفة النعمان، والمقتولون الأربعة الجعد بن درهم ومعبد الجهني وجهم بن صفوان وغيلان الدمشقي فأمرهم له صلة بمقدمات ظهور الاعتزال الفكرية، فالمذكورون تبنوا تلك الأفكار بدرجات مختلفة من الوعي والمساهمة. لم يستوعب الكتاب مفكري الاعتزال من بصريين وبغداديين كافة، مع ذلك سيكون تلامذتهم عين اهتمام مشروع آخر» (الأب قاشا، المعتزلة، طبعة 2010، ص 26 - 27). خاتمة المقدمة الأصل من كتاب «معتزلة البصرة وبغداد»: «في هذا الكتاب تمت دراسة عشرين ونيف من الشخصيات الكلامية، من نفاة القدر والصفات والقائلين بخلق القرآن من غير المعتزلة ومن شيوخ الاعتزال البارزين. كان في مقدمة هذه الشخصيات الفقيه المعروف الحسن البصري، الذي لا تربطه رابطة بالاعتزال، كما يشاع عنه ذلك، سوى أن مؤسسي الاعتزال واصل بن عطاء الغزال وعمرو بن عبيد الباب كانا من مرتادي مجلسه في مسجد البصرة، ولعل بحث تفاصيل حياته يكشف عن ظروف الحركة الفكرية والكلامية آنذاك، ويكشف أيضا موقفه وفقهاء عصره من الاعتزال. أما الإمام أبو حنيفة النعمان، والمقتولون الأربعة الجعد بن درهم ومعبد الجهني وجهم بن صفوان وغيلان الدمشقي فأمرهم له صلة بمقدمات ظهور الاعتزال الفكرية، فالمذكورون تبنوا تلك الأفكار بدرجات مختلفة من الوعي والمساهمة. لم يستوعب الكتاب مفكري الاعتزال من بصريين وبغداديين كافة، مع ذلك سيكون تلامذتهم عين اهتمام مشروع آخر» (رشيد الخيون، معتزلة البصرة وبغداد، طبعة 1997 ص 19). لا أدري هل هو استغباء القارئ أن يأخذ الأب قاشا المقدمة حرفيا ويتورط بالإشارة إلى العشرين من شيوخ معتزلة البصرة وبغداد، ولم يعن بدراستهم، ثم يأمل القارئ أن يكون أبو حنيفة والآخرون في مشروع آخر! أم الثقة الزائدة بالنفس؟ أرخ الأب سهيل قاشا لمقدمته (دير يسوع الملك 11/ 7/ 2009). أما تاريخ كتابة مقدمة «معتزلة البصرة وبغداد» فهو يناير (كانون الثاني) 1997. وكتب يقول في مستهل مقدمته قبل انتحال مقدمة كتابي كاملة إنه نشر كتابا عام 1998 تحت عنوان «رؤية جديدة في المعتزلة»، ولم أرها. لا أدري كيف درس طلبة الفلسفة على يد الأب قاشا، وبماذا وعدهم؟ أوعدهم أنه سينتحل لهم مقدمة كتاب كاملة؟! ولا أدري كيف سينظر في كتب الأب الأخرى التي بلغت 77 كتابا، في المسيحية والفكر القديم والتراث الإسلامي. لست حزينا لانتحال مقدمة كتابي، بقدر ما أحزنني خيبتي في الأب الباحث قاشا، وإحباطي من الأمل في تكرار ظاهرة الأب الكرملي وكوركيس عواد وميخائيل عواد. كذلك ما يحز في النفس أننا فقدنا رجل دين كنا ندخره لتصويب خطايانا، ونسمع منه الكلمة الثقة والفعل القويم. حقيقة أُصبت بخيبة كبرى وأنا أراجع ما اعتمدته من الأب سهيل قاشا في مقالاتي وفي كتبي، وما كتبته فيه في تلك المقابلة، وكيف قدمته إلى جريدة «الشرق الأوسط» كأحد مفاخرنا نحن العراقيين، الذين أطفأ الرماد نار ثقافتنا، وننتظر فينيقها ينهض من جديد، والأب قاشا إحدى الجذوات، ولكن! في الختام أتقدم بالشكر الجزيل للأب إبراهيم سروج المشرف على مكتبة السائح لتفهمه وحرصه على تبيان الحقيقة. ولا شك عندي أنه سيعمل على حجب الكتاب وسحبه من المكتبات. RE: عندما يتحول الخوري إلى حرامي حروف على الدنيا السلام - بسام الخوري - 12-09-2010 الأب سهيل قاشا: اليهودية.. إنجاز بابلي المؤرخ المسيحي الذي اختص في التاريخ الإسلامي لندن: رشيد الخيُّون بعد شراء كتب الأب سهيل قاشا "اليزيدية"، و"أحيقار"، و"المسيحيون في الدولة الإسلامية" من مكتبة "الفرات" بشارع الحمراء ببيروت قال لي صاحبها مروان: "هل التقيت بالأب سهيل"؟ قلت له: "وأين هو الآن"؟ قال: كل صباح الاثنين والخميس يشرب القهوة هنا، إذا أحببت برؤيته! وقد تم اللقاء. حيث يعمل في الطابق الأعلى من البناية باحثاً وأستاذاً في "جامعة الحضارة الإسلامية المفتوحة" ومؤسسها الشيخ الدكتور العراقي مخلص أحمد الجدة. حسبت أن الأب قاشا يقطن بالموصل أو بغداد، إلا أنه فاجأني عندما ذكر أنه ترك العراق منذ 15 عاماً، حتى ارتسم كاهناً، ويقيم الآن بدير يسوع الملك بلبنان. للأب السرياني الكاثوليكي دراسات معمقة في تاريخ العراق الديني والاجتماعي، وشدد بدراساته على تاريخ اليهودية، وإن تحدث عن سلب إسرائيلي لحقوق بابلية، ومنها تسمية العملة الرسمية الإسرائيلية (شيكل)، وهي (الشيقل) البابلي. أما رأيه بيهود العراق فأمر آخر كما يبدو. كتب حوالي 77 كتاباً في مختلف مجالات التاريخ والثقافة، وكانت حصة التاريخ الإسلامي منها غير قليلة. وهو يحمل النظام السابق جريمة الإساءة للعلم والعلماء، ومما ذكره لي أن مختصاً اثارياً مثل جابر خليل التكريتي، أصبح مدير الآثار العراقية في ما بعد، أهين بحشره في شاحنة وسوقه إلى الجيش الشعبي، وقد جازف الأب، وأعلن امتعاضه على مثل هذا الموقف. والأب ليس أقل احتجاجاً على الوضع الراهن، فهو يرى أن أمريكا وإسرائيل لهما أغراضهما، وأن علماء العراق وثرواته وبشره هم الضحية لما يجري. أصدر أكثر من كتاب باسم صهيب الرومي، وقد حصل أن أعتقد البعض أنه صهيب بن المثقف العراقي المندائي غضبان رومي، وفي وقتها استبعدت أن يكون الطبيب صهيب غضبان مؤلفاً وباحثاً في مثل هذه المجالات. إلا أنه بعد اللقاء بالأب أشار إلى أن دار النشر ارتأت أن تصدر كتبه حول الإسلام باسم آخر، فاختارت له الرومي، كونه اسم صحابي معروف، ويستبعد أن يكون متداولاً اليوم. الحوار مع الأب طويل وغني، فهو يتحدث بالدين كونه كاهناً وبالتاريخ كونه مؤرخاً وبالأدب واللغة كونه أديباً ومطلعاً على خفايا اللغات القديمة. - يتضح من كتبك وخواطرك الأدبية أن النشأة الأولى كانت في الثقافة العامة، ثم بدأ الميل الديني، وظلا متلازمين؟ * ولدت ببلدة (قرقوش) القديمة، جنوب شرق الموصل، ومعنى الاسم بالسريانية (باخديدا)، وهي ما زالت تعرف بهذا الاسم أيضاً. ولدت في بيت متعلم. كان الوالد ذا ثقافة عامة، مهتماً بجمع الكتب في شتى ميادين المعرفة، العربية منها والسريانية. ودرست الابتدائية في ذات البلدة، ثم دراسة الثانوية بالموصل نفسها، حيث مدرسة أم الربيعين المتوسطة، ثم المدرسة الثانوية الشرقية. بعدها تخرجت من دورة إعداد المعلمين. واثناء تلك المراحل كنت متواصلاً مع المكتبة العامة، مكتبة الملك غازي بالموصل، ففيها قرأت الكثير من الكتب: التاريخ القديم، والروايات. وقد دأب مديرها آنذاك أحمد نيلا، مع تقدمه في السن، على إرشادنا إلى الكتب المهمة، وبهذا نشأ العديد من أدباء الموصل الشباب، حتى عرفوا بأدباء المكتبة العامة. درست بالجامعة المستنصرية فرع الموصل، عند افتتاحها، لكني بعد ثلاثة أعوام من الدراسة اكتشفت أن دراسة الاقتصاد والإدارة ليست هوايتي. فوجدت ضالتي في كلية التربية - قسم التاريخ بجامعة الموصل، وتخرجت بدرجة الثاني على القسم. وكنت الأول إلا أن إدارة الكلية أخبرتني بعدم التمكن من أخذ المرتبة الأولى، لأن القسم هو قسم التاريخ الإسلامي! وأنا مسيحي. - متى احترفت الكتابة والتأليف؟ - حين صدرت مجلة "الفكر المسيحي"، أخذت أكتب فيها المقالات الأدبية والدينية، مما شجعني للكتابة في مجلات أخرى مثل "فتى العراق"، و"فتى الموصل"، وكنت أكتب بأسماء مستعارة، ذلك مهابة للكتابة، ورغبة مني في كشف أخطائي بعيداً عن المجاملة، ومن أسمائي المستعارة: سهيل التغلبي، وسلمى التغلبية، وعندها تلقيت تشجيعاً، من أدباء مرموقين مثل: الأستاذ سعيد الدوه يجي، مدير متحف الموصل، ود. محمد بكر صديق الجليلي، وحسن العمري، و الصحفي في جريدة "الهدف"عبد الباسط يونس. وقبل هذا كتبت أول كتاب، وأنا مازلت طالباً في المدرسة الاعدادية، أثناء كثافة النشاط الشيوعي بالعراق (1959)، وذلك كوني من أسرة متدينة، وكان تحت عنوان (البراهين في وجود الله)، وهو بحث لاهوتي، وقد شجعني على نشره عدد من الكهنة بعد قراءتهم له. قالوا: "إنه جدير بالنشر". ولما كنت طالباً وصغير السن ترددت في أن يظهر اسمي على مثل هذا العنوان. إلا أن عمتي تكلفت بنشره عام 1963، متحملة تكاليف الطباعة الـ (170) ديناراً ، التي قامت بها مطبعة الزمان ببغداد، وقد نشرته بنصيحة من أحد القسسة تحت عنوان "أنت مَنْ أنت"! وكنت أود نشره تحت عنوان "البرهان في وجود الرحمن". وبعد رؤية اسمي الصريح على غلاف الكتاب، وهو يتداول بين القراء تشجعت كثيراً للدخول في عالم الكتابة والتأليف، وتعمقت ثقتي بنفسي. وحصل أن تحملت والدتي تكاليف نشر كتاب جمعت فيه مقالات ومجموعة قصص، وصدر تحت عنوان "صور من المجتمع"، وكلفت طباعته (65) ديناراً آنذاك. - متى بدأ اهتمامك في الشأن الديني كي ترتسم كاهناً؟ * حدث، بعد سنتين من صدور الكتاب المذكور، أن جُددت كنيسة قديمة في قريتنا (قراقوش)، فكلفني الكهنة بالكتابة حول تاريخ الكنيسة وشفيعها، وهو القديس (مار زينا). وقد طبع الكتاب على حساب الكنيسة. وبعد سنة حصل أن توفي رئيس دير قراقوش، وكان أسقفاً، فكلفتني الكنيسة بالكتابة حول حياته. ثم شجعني المطران زكو (بطرك السريان الكاثوليك بالشام حالياً) أن أبعث بمقالاتي إلى المجلة البطريركية بدمشق، وبعثت بأول مقال تحت عنوان "الطموح فضيلة أو رذيلة"! وأخذت المجلة تنشر لي مقالاً في كل عدد، وحينها نشرت عدة مقالات تحت عنوان "أحوال نصارى العراق في عهد بني أمية"، ثم نشرت مجموعة مقالات تحت عنوان "أحوال نصارى العراق في عهد بني العباس"، ومقالات أخرى عنوانها "اللغة العربية لدى المسيحيين العراقيين"، وقد نشرت تلك المقالات في كتب مستقلة. وحصل أن طلب مني أحد الناشرين من البصرة نشر تلك المقالات في كتاب "لمحات من تاريخ نصارى العراق"، وصدر عن مطبعة الزمان. ثم جمعت مقالاتي الخاصة بتاريخ تكريت لنشرها في كتاب خاص، إلا أنه لم ير النور بسبب المنع الصادر من وزارة الإعلام العراقية، على الرغم من تقديمه ثلاث مرات لاجازته، وانتظر حتى نشرته ببيروت العام 1994. نشرت وأنا داخل العراق (12) كتاباً، منها: "تاريخ أبرشية الموصل للسريان الكاثوليك"، و"المرأة في قوانين حامورابي". وبعد الدراسات والاهتمامات بشأن الكنيسة أصبحت مقرباً من راعي أبرشية الموصل المطران عمانوئيل، وقد طلب مني بل أقنعني أن أرتسم كاهناً، فبعثني إلى بيروت لمدة سنتين، قضيتها في حياة الأديرة للاختبار الديني والاجتماعي، حسب تقاليد الكنيسة، حتى ارتسمت كاهناً العام 1994، ومنذ 1992 وأنا أقيم ببيروت، وقد تسلمت إدارة مدرسة الفلسفة واللاهوت التابعة للكنيسة لمدة سبعة أعوام. - وجهت الكثير من اهتمامك إلى الصلة بين التراث العراقي القديم والتوراة أو الأدب الديني اليهودي. فما هو الدافع؟ * السؤال مهم. أنا قرأت التوراة أكثر من خمسين مرة، وذلك ضمن توجهي الديني أولاً، وثانياً رغبة في المعرفة.وقد وجدت الصلة قوية ما بينها وبين التراث البابلي في العديد من الأمور: قصة الخليقة، قصة الطوفان، شريعة موسى وما أخذته من شريعة حامورابي، ووجدت دخول حكمة أحيقار في سِفر "الجامعة" وفي سِفر "الحكمة". وتبين أن هذا جاء بعد وصول اليهود عبر السبي البابلي إلى العراق، فتأثروا بتلك الأفكار العراقية القديمة، وتمكنوا من توظيفها، بل وكتبوا على غرارها. كان أول كتاب وضعته في هذا المجال تحت عنوان "مقتبسات شريعة موسى من شريعة حامورابي". وواجهت المحاربة والنقد العنيف بسببه من عدة أطراف، وكان جوابي أن الحضارة ليست ملك أحد، وأنها في تزاوج دائم. ثم كان كتاب الثاني وهو "أثر حكمة احيقار في الكتاب المقدس"، وكان أساسه ندوة عقدت ببغداد عام (1977) تحت عنوان "التراث الشعبي العربي". وأتذكر في تلك السنة أن إسرائيل مفردة استخدمت "شيقل" لعملتها النقدية الرسمية، وما هو معلوم أنها عملة عراقية قديمة، وهي من حق تراث العراق القديم، وقد وردت (77) مرة في شريعة حامورابي، وتزن الدرهم والنصف من الفضة. وأعلنت في تلك الندوة أنه لم يقتصر سطو إسرائيل على مفردة الشيقل، وإنما على أشياء أخرى كما أوضحت في كتاب "التوراة البابلية". وكنت برهنت فيه بأن العديد من أفكار التوراة هو تراث عراقي أصيل، وهذا يعني أن الصهيونية أسست دولتها على حساب تراث العراق. - كيف توجهت إلى الكتابة في التاريخ الإسلامي، وبهذه الكثافة من الدراسات؟ * أقولها بصراحة كان سبب تحولي إلى الكتابة والبحث في التاريخ الإسلامي هو قراءة كتاب المؤرخ اللبناني فيليب حتى، حيث وجدت هناك دساً بلا إنصاف. وقد دفعني ذلك إلى قراءة مئات الكتب من هذا التاريخ، حتى توصلت إلى تأليف كتاب "المسيحيون في الدولة الإسلامية"، و"اللقاء الإسلامي المسيحي". كذلك نشرت سلسلة مقالات تحت عنوان "لقاء الإنجيل والتوراة"، وكتاب "سيرة محمد"، وقد كتبته بنزاهة تاريخية، فنحن قبل أن نكون مسيحيين ومسلمين كنا عرباً وعراقيين، فعندما أكتب عن التاريخ الإسلامي أكتب عن تاريخي أنا، وقبل أن أكتب عن اليهود أكتب عن بابل، فالتاريخ مشترك. - ما هي صلة المسيحيين العراقيين، من مختلف الطوائف، بأقوام العراق القدامى، أعني هل هم بقية تلك الأقوام من سومريين وبابليين وآشوريين؟ نعم! ما أعتقده أن للعراقيين كافة صلات ما بالأقوام القديمة، فالآشوريون لم يفنوا عن بكرة أبيهم، وكذلك البابليون والسومريون والأكديون. لكن هناك اختلافا حول تأكيد تلك الصلات، فمثلاً الآشوريون اليوم يعتبرون أنفسهم هم الأصل، والكلدان والسريان والعرب كذلك، والحقيقة أن هؤلاء كانوا شعباً واحداً، وكانوا على ما أظن يتحدثون لغة واحدة بالعراق. ـ ما هي تلك اللغة؟ يصعب تحديها بالضبط، وقد سماها المستشرقون بالسامية، لكن هذا غير صحيح. ـ ألا تكون هي الآرامية؟ يمكن ذلك. وربما هي الآرامية القديمة جداً. لأن هناك تشابها كبيرا بين ألسن تلك الشعوب. فمثلاً، الأكدي يقول: (إي)، والسرياني: (آلوها) أو (آلاها)، والعربي: (الله). إنها لفظة واحدة لكنها تغيرت حسب الموقع الجغرافي. أقول: إن الشعب العراقي كان شعباً واحداً. ومن وجهة نظري أنه بعد الطوفان نزح الآشوريون والآراميون نحو الشمال، بينما الذين نزحوا نحو الغرب عرفوا بالآموريين، أي الغربيين. إنه شعب واحد تقسم بعد الطوفان، وكل قسم استعمل ألفاظ البيئة الجديدة، التي لم تكن من بيئته الأصلية. فمَنْ قصد الجنوب تعامل مع الأهوار، ومَنْ قصد الشمال تعامل مع الجبال، ونحن جميعاً عراقيون. - هناك رأي مفاده أن الآشوريين الحاليين غشوا العراق أوان الحرب العالمية الأولى، وأن لا صلة لهم بالآشوريين القدماء، حتى أُطلق عليهم تسمية آثوريين، وهم لا يحبذونها! * كان الرحالة المبشر ويكَرام هو الذي نشر قصة الآشوريين أو الآثوريين، حينما قدم مبشراً إلى أوروميا وسلماس في القرن التاسع عشر. وكان الآشوريون بطبيعة الحال مسيحيين، واسم كنيستهم الكنيسة النسطورية أو الشرقية. وكان ويكَرام قادماً من بريطانيا ليبشر بينهم بالكاثوليكية، وحصل أن رفضوا دعوته. وحسب ما ذكر هو في كتابه "مهد البشرية"، الذي ترجمه إلى العربية جرجيس فتح الله، أنه أتى إلى الآشوريين من باب قومي أكثر منه دينيا، فأخبرهم أنهم أبناء نينوى، وأنهم أحفاد الآشوريين القدماء ذوو الحضارة العريقة، ولهم أن يكونوا كيان دولة خاصة بهم بالعراق. كان يتحدث إليهم من أوروميا وسلماس في منطقة شمال غربي إيران. ومن الطبيعي أن يصدق، بل ويتمسك هذا الشعب المنهك بهذا الادعاء، فبدأوا المحاولة بإيجاد كيان سياسي بالعراق، لأن هناك نينوى، ومن حينها سمتهم بريطانيا بالحليف الصغير، حيث تدور رحى الحرب العالمية الأولى، ودخلوا مع الجيش البريطاني عندما دخل بعقوبة وبعدها الموصل، وأُطلق عليهم تسمية الآثوريين ووعدوهم بدولة، إلا أن الإنكليز ضربوهم ضربة شبه قاضية سنة 1933 على يد القوات العراقية للأسف. والآن نهضت الدعوة من جديد، وأخذوا يتبنون فكرة أن المسيحيين العراقيين كافة هم من القومية الآشورية، وهذا غير صحيح. ـ لكن المؤرخ أبا الحسن المسعودي، وهو من أعلام القرن العاشر الميلادي، يورد حد العراق الشمالي بمفردة آثور، إذن التسمية قديمة؟ * نعم! انها مفردة سريانية قديمة، وتعني الوطن، وآثوري تعني المواطن. وحسب اعتقادي أنها كانت موجودة عندما سقطت نينوى (612 قبل الميلاد)، حيث تفرق سكانها بأيدي سبأ، وكانوا مطلوبين من سائر الشعوب لأنهم قهروها بالقوة العسكرية، فاختفوا فترة من الزمن، بعدها حنوا إلى ضواحي نينوى فأتوها تحت اسم آثوريين. ومعلوم، أن مفردة آثوري مأخوذة من (أثري) وتعني الوطن. وأتوا تحت هذه التسمية حتى لا يميزوا عن بقية الشعوب، وبعيداً عن الاسم الرسمي لهم. وهكذا أخذت تسمية آثوري تعني المواطن، بينما تسمية آشوري تعني شيئاً آخر، وهي تسمية دينية، أي الذي يتبع الإله آسور أو آشور. - أليس لها صلة بمفردة (الأثري) المندائي أي الملاك؟ * لا، لا أعتقد أن هناك علاقة بين المفردتين سوى تشابه اللفظ. - قبل قليل تقدمت بالقول: ان الأقوام العراقية القديمة ومنهم الآشوريون لم ينقرضوا فأين بقيتهم إذن إذا لم يكن هؤلاء هم الآشوريون؟ * باعتقادي، أنهم لما صاروا مسيحيين ابتعدوا عن لفظة أو تسمية آثور، فتسموا بالسريان المشارقة وهم الآشوريون، والكلدانيون، أما السريان المغاربة فهم اليعاقبة والموارنة. أي مَنْ أقاموا بشرق الفرات وإيران عرفوا بالسريان الشرقيين، ومَنْ أقاموا بغرب الفرات بين سوريا وفلسطين عرفوا بالسريان الغربيين وقد تبنوا اليعقوبية مذهباً. - بعد الحديث عن تاريخية الشعوب العراقية نأتي على القلق الذي يساور الجميع حول وحدة العراق، متعللين بالقول ان العراق بلد حديث التكوين، أوجده الإنكليز، وليس كياناً جغرافياً قديماً. قالوا ذلك على الرغم من الأدلة على وجود هذا الكيان الجغرافي المحصور بين آثور الموصل وعبدان البصرة ساطعة. ما تعليقك على ذلك؟ * لا، ليس العراق مخلوقاً بريطانياً، وهو موجود تاريخياً ككيان جغرافي، والدليل على ذلك أن مفردة العراق منحوتة من اسم (أوروك)، وهي من أقدم تسميات البشرية المدنية، وهي مفردة سومرية تعني مطلع الشمس، أو الضياء أو النور. فالحدود الشرقية للعراق هي أوروك حيث اتجاه مطلع الشمس، وكانت الشمس تغطيها حتى تخوم البحر الأبيض المتوسط. وظل هذا المفهوم متداولاً لدى الدول التي حكمت تلك المنطقة، وظلت مفردة العراق بصيغتها أوروك كامنة تحت تسميات الدول التي تداولت عليها. ولما دخل العرب العراق، قبل الفتح الإسلامي أطلقوا على العراق تسمية "عراقين". وهم نزلوا سنجار أيضاً، شمال العراق، وقد عرفت بالسريانية بين عربايا، أي بيت العرب، وامتد هذا البيت من سنجار وماردين ونصيبين وديار بكر. وكانوا يعنون بالعراقين: العراق الجنوبي الذي يمتد من البصرة وبغداد حتى تكريت. أما العراق الشمالي فيمتد من الموصل فما فوق، وقد التحم العراقان، ليكون العراق الحالي. وعندما أتى فيصل الأول لم يأت إلى ولايات منفصلة ليحكمها، صحيح أن العثمانيين قسموا العراق إلى ولايات من الناحية الإدارية، لكن اسمه وكيانه ظل موحداً. - ألم يسم والي بغداد بوزير العراق؟ * نعم، كان تسمى بذلك. وحتى عندما كان يأتي الحجاج يقولون نمر بالعراق لا بالبصرة والموصل. - بماذا ترد على مَنْ يصر على أن العراق مفردة أو تسمية إيرانية؟ * لا توجد بالفارسية مفردة (عراق)، وأن مفردة أرك لا ينحت منها اسم (عراق)، بينما أوروك هي الاسم والمكان. - لكن، كيف أصبحت أوروك عراقاً؟ * لأن الاسم كان شائعاً، ويعبر عن مكان جغرافي، عن الأرض التي هي العراق اليوم. ومعلوم، أنه في العربية يمكن قلب الهمزة إلى (عين)، فـ (أرب الو) السريانية تحولت في العربية (أربعة أيلو)، بالعين وليس بالهمزة. وعلى العموم أن العراق الذي يريدون تجزئته لا يقبل التجزئة. وقد جرت محاولات حثيثة من قبل ولم تنجح. فلما طالبت تركيا بالموصل كان مطران السريان الكاثوليك جرجيس العام 1920 يأتي إلى المدرسة ويكتب جملة على اللوح "الموصل رأس العراق لا يقطع". ـ وهل هذا الحدث موثق؟ * إنه موثق لدينا في سجلات المطرانية بالموصل، وكان المطران جرجيس شاعراً معروفاً بالعربية، ولدينا توثيقات تؤيد أن المسيحيين يدركون أن العراق القديم هو الكيان الجغرافي الحالي. ويذكر في وثائقنا أن الإنكليز عندما دخلوا الموصل (1918) أرسل القائد (لجمن) في طلب البطريرك عمانوئيل الثالث، وأخبره بنية الإنكليز في قيام دولة مسيحية بشمال العراق، ولما سمع البطريرك هذا الرأي قام منتفضاً، ورد على (لجمن) بالقول: "هل استشرت أخوتي الآخرين"؟ قال لجمن: "مَنْ هم"؟ قال له: "المسلمون وغيرهم". ثم أردف قائلاً: "هذا العراق لا يتجزأ! وأنا أرفض هذا الرأي رفضاً كاملاً". مما حدا الجمن أن ينفي البطريرك بعيداً عن الموصل إلى البصرة، وظل هناك حتى أعاده المسلمون البصريون إلى البصرة. هذا دليل صريح بأن العراق هو الذي عشنا على أرضه قديماً وحديثاً، وإلا كان يمكن للبطريرك عمانوئيل الثالث أن يستقل بدولته المسيحية. - بماذا أنت مشغول حالياً؟ أشتغل الآن على كتاب "عراق الأوائل"، أبين فيه ما الفرق بين الماضي والحاضر، جامعاً ما ابتكره العراقيون عبر التاريخ من اختراع أو اكتشاف، وأعلن أول مرة عبر تاريخ البشرية. مثلاً: التشريع هو استنباط عراقي، والعجلة هي اختراع عراقي، التقويم وتنظيم اليوم إلى ساعات هو ابتكار عراقي، والتنجيم ابتكار عراقي، وغرفة النوم في القصور، صالون تسريح شعر الرأس واللحية. وفي العصر الحالي كان أول شرقي يصل أمريكا هو عراقي، وهو الياس الموصلي، وصلها عام 1623، وأن أول مركز للاستشراق أسسه عراقي وهو يوسف حتيشو. ـ ما هي دوافع مثل هذا التأليف؟ * حقيقة بدأت اسمع في المحاضرات والندوات التلفزيونية كأن العراق ليس فيه حضارة، وأخذت الابتكارات والأسبقيات تنسب إلى سوريا ولبنان فقط. فأخذت أسمع أن بيروت هي أم الشرائع، ولا ندري أين هي الشرائع التي سبقت بها بيروت بابل. لقد شعرت بطمس وغمط لحضارة بلادي في الثقافة العربية اليوم. وتراني اشتغل أيضاً على كتاب آخر اسمه "لبنان في ذاكرة العراقيين" قديماً وحديثاً. وأولهم كان جلجامش، عندما قال: "قدمت إلى غابة الأرز وقتلت حارسها خمبابا، وقطعت أشجارها وأتيت بها إلى أوروك فبنيت بها معبداً". أفكار الرجل ليست سيئة فلماذا لطخ يديه وثوبه الكهنوتي بالسرقة الأدبية ...ككاهن لايحق له نقض التوراة واتهامها بالسرقة ....وهل ارساله للبنان هو بمثابة عقوبة وعزل من منصبه ....هكذا تصرفات تجعل ثقتنا برجال الدين سواء كانو مسيحيين أو مسلمين تتراجع يوما بعد يوم ... الرد على: عندما يتحول الخوري إلى حرامي حروف على الدنيا السلام - بسام الخوري - 12-09-2010 http://www.aawsat.com/details.asp?section=19&article=598145&feature=1&issueno=11695 |