ميلر صاحب كتاب القرآن المذهل - صف كم صف كم - 01-05-2011
عام 1977 قرر الدكتور جاري ميلر المبشر الكندي النشيط وأستاذ الرياضيات والمنطق في جامعة تورنتو أن يقدم خدمة جليلة للمسيحية بالكشف عن الأخطاء العلمية والتاريخية في القرآن الكريم، بما يفيده وزملاؤه المبشرين عند دعوة المسلمين للمسيحية ولكن الرجل الذي دخل بمنطق تصيد الأخطاء وفضحها، غلب عليه الإنصاف وخرجت دراسته وتعليقاته أفضل مما يمكن أن يكتبه معظم المسلمين دعاية للكتاب الحكيم، ذلك أنه أحسن 'تدرب القرآن'. وكان أول ما أذهله: هو صيغة التحدي التي برزت له من في مواضع كثيرة من مثل "ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً"، "فأتوا بسوره من مثله"، "عشر آيات"، "آية"، دخل الرجل الحلبة متحدياً وخرج منها منبهراً بما وجده.
وأستعرض فيما يلي بعضاً من نتائج تدبره كما جاء في كتابه: 'القرآن المذهل':
1- يقول د. ميلر: 'لا يوجد مؤلف في العالم يمتلك الجرأة ويؤلف كتاباً ثم يقول هذا الكتاب خال من الأخطاء ولكن القرآن على العكس تماماً يقول لك لا يوجد أخطاء بل يتحداك أن تجد فيه أخطاء ولن تجد'.
2- لا يستعرض القرآن أيضاً من الأحداث العصيبة التي مرت بالنبي – صلى الله عليه وسلم – مثل وفاة زوجته خديجة أو وفاة بناته وأولاده. بل الأغرب أن الآيات التي نزلت تعقيباً على بعض النكسات في طريق الدعوة، كانت تبشر بالنصر، وتلك التي نزلت تعقيباً على الانتصارات كانت تدعو إلى عدم الاغترار والمزيد من التضحيات والعطاء. لو كان أحد يؤرخ لسيرته لعظم من شأن الانتصارات، وبرر الهزائم، ولكن القرآن فعل العكس تماماً، لأنه لا يؤرخ لفترة تاريخية بقدر ما يضع القواعد العامة للعلاقة مع الله والآخرين.
3- توقف ميلر عند قوله تعالى: "قل إني أعظكم أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا"، مشيراً إلى التجربة التي أجراها أحد الباحثين في جامعة تورنتو عن 'فعالية المناقشة الجماعية'، وفيها جمع أعداداً مختلفة من المناقشين، وقارن النتائج فاكتشف أن أقصى فعالية للنقاش تكون عندما يكون عدد المتحاورين اثنين، وأن الفعالية تقل إذا زاد هذا العدد.
صورة للمناظرة التي كانت بينه وبين الشيخ أحمد ديدات رحمه الله
4- هناك سورة كاملة في القرآن تسمى سورة مريم وفيها تشريف لمريم عليها السلام بما لا مثيل له في الكتاب المقدس، بينما لا توجد سورة باسم عائشة أو فاطمة. وكذلك فإن عيسى عليه السلام ذُكر بالاسم 25 مرة في القرآن في حين أن النبي محمد لم يذكر إلا 5 مرات فقط.
5- يرى المنكرون للوحي وللرسالة أن الشياطين هي التي كانت تملي على الرسول ما جاء به، والقرآن يتحدى: "وما تنزلت به الشياطين، وما ينبغي لهم وما يستطيعون". فهل تؤلف الشياطين كتاباً ثم تقول لا أستطيع أن أؤلفه، أو هل تقول: إذا قرأت هذا الكتاب فتعوذ مني ؟!!!
6- لو كنت في موقف الرسول – صلى الله عليه وسلم – هو وأبي بكر محاصرين في الغار، بحيث لو نظر أحد المشركين تحت قدميه لرآهما. ألن يكون الرد الطبيعي على خوف أبي بكر: هو مثلاً 'دعنا نبحث عن باب خلفي'، أو 'إصمت تماماً كي لا يسمعك أحد'، ولكن الرسول – صلى الله عليه وسلم – قال بهدوء: "لا تحزن إن الله معنا" , الله معنا ولن يضيعنا . هل هذه عقلية كذاب أو مخادع، أم عقلية نبي ورسول يثق بعناية الله له؟
7- نزلت سورة المسد قبل وفاة أبي لهب بعشر سنوات. وهي تتحدث عن عذاب أبي لهب يوم القيامة , وكان أمامه 365 × 10 = 3650 فرصة ليسلم وبالتالي يثبت أن هذا الكتاب كاذب، ولكن ما هذا التحدي؟!! لم يسلم أبو لهب (ولو بالتظاهر)، وظلت الآيات تتلى حتى اليوم. كيف يكون الرسول واثقاً خلال عشر سنوات أن ما لديه حق، لو لم يكن يعلم أنه وحي من الله؟
8- وتعليقاً على قوله تعالى "ما كنت تعلمها أنت ولا قومك" تعقيباً على بعض القصص القرآني، يقول ميلر: 'لا يوجد كتاب من الكتب الدينية المقدسة يتكلم بهذا الأسلوب، إنه يمد القارئ بالمعلومة ثم يقول له هذه معلومة جديدة!! هذا تحد لا مثيل له؟ ماذا لو كذبه أهل مكة – ولو بالادعاء – فقالو: كذبت كنا نعرف هذا من قبل. ماذا لو كذبه أحد من الباحثين بعد ذلك مدعياً أن هذه المعلومات كانت معروفة من قبل؟ ولكن كل ذلك لم يحدث.
صورة لغلاف كتابه القرآن المذهل
وأخيراً يشير د. ميلر إلى ما ورد في الموسوعة الكاثوليكية الجديدة تحت موضوع 'القرآن'، وكيف أنها ورغم تعدد الدراسات والمحاولات للغمز في صدق الوحي القرآني، (مثل أنه خيالات مريض أو نفث شياطين، أو كان يعلمه بشر، أو أنه وقع على كتاب قديم، ... الخ)، إلا أنها انتهت إلى: 'عبر القرون ظهرت نظريات كثيرة حول مصدر القرآن إلا أن أيّ من هذه النظريات لا يمكن أن يعتد به من رجل عاقل'. ويقول د. ميلر إن الكنيسة التي كان بودها أن تتبنى إحدى هذه النظريات التي تنفي صدق الوحي لم يسعها إلا أن ترفض كل هذه النظريات، ولكنها لم تملك الجراءة على الاعتراف بصدق نظرية المسلمين.
لا أدري هل أقول: جزاك الله خيراً يا دكتور ميلر على هذا التدبر المنصف لكتاب الله؟ أم أنادي كل المبغضين للإسلام أن يطلعوا على ما كتبه هذا الرجل؟ أم أطلب من المهتمين بمواضيع الإعجاز القرآني أن يضيفوا إلى مناهجهم هذا المنهج من 'محاولة كشف الأخطاء' بما يثبت التحدي، ويؤكد الإعجاز "ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً "
ملحوظة أخيرة
قبل حوالي 30 عاماً اشترك د. ميلر في مناظرة شهيرة عن الإسلام والمسيحية مع الداعية الإسلامي أحمد ديدات ممثلاً للجانب المسيحي، وكان منطقه قوياً وحجته حاضرة وغلب بحثه عن الحقيقة على تعصبه لدينه، حتى أن عدداً من الشباب المسلم الذي حضر المناظرة، تمنى لو أسلم هذا الرجل.
كان هذا البحث خلال عام 1977 ولكن ما حدث أن عام 1978 أشهر الدكتور ميلر إسلامه واتخذ اسم عبد الأحد عمر، وعمل لسنوات في جامعة بالسعودية قبل أن يتفرغ تماماً للدعوة للإسلام وتقديم البرامج التليفزيونية والإذاعية والمحاضرات العامة التي تعرض للإسلام عقيدة وشريعة
RE: ميلر صاحب كتاب القرآن المذهل - صصصصصصصص - 01-05-2011
يعطيك العافية أخ صف كم صف كم قدمت معلومات مفيدة
الرد على: ميلر صاحب كتاب القرآن المذهل - صف كم صف كم - 01-05-2011
شكرا على ردك الطيب
الرد على: ميلر صاحب كتاب القرآن المذهل - FuryCradle - 01-05-2011
لقد أسمعت لو ناديت حيا - ولكن لا حياة لمن تنادي
ولو نار نفخت بها أضاءت - ولكن أنت تنفخ في رماد
RE: ميلر صاحب كتاب القرآن المذهل - سامي بحبك - 01-07-2011
(01-05-2011, 02:05 PM)صف كم صف كم كتب: عام 1977 قرر الدكتور جاري ميلر المبشر الكندي النشيط وأستاذ الرياضيات والمنطق في جامعة تورنتو أن يقدم خدمة جليلة للمسيحية بالكشف عن الأخطاء العلمية والتاريخية في القرآن الكريم، بما يفيده وزملاؤه المبشرين عند دعوة المسلمين للمسيحية ولكن الرجل الذي دخل بمنطق تصيد الأخطاء وفضحها، غلب عليه الإنصاف وخرجت دراسته وتعليقاته أفضل مما يمكن أن يكتبه معظم المسلمين دعاية للكتاب الحكيم، ذلك أنه أحسن 'تدرب القرآن'. وكان أول ما أذهله: هو صيغة التحدي التي برزت له من في مواضع كثيرة من مثل "ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً"، "فأتوا بسوره من مثله"، "عشر آيات"، "آية"، دخل الرجل الحلبة متحدياً وخرج منها منبهراً بما وجده.
وأستعرض فيما يلي بعضاً من نتائج تدبره كما جاء في كتابه: 'القرآن المذهل':
1- يقول د. ميلر: 'لا يوجد مؤلف في العالم يمتلك الجرأة ويؤلف كتاباً ثم يقول هذا الكتاب خال من الأخطاء ولكن القرآن على العكس تماماً يقول لك لا يوجد أخطاء بل يتحداك أن تجد فيه أخطاء ولن تجد'.
2- لا يستعرض القرآن أيضاً من الأحداث العصيبة التي مرت بالنبي – صلى الله عليه وسلم – مثل وفاة زوجته خديجة أو وفاة بناته وأولاده. بل الأغرب أن الآيات التي نزلت تعقيباً على بعض النكسات في طريق الدعوة، كانت تبشر بالنصر، وتلك التي نزلت تعقيباً على الانتصارات كانت تدعو إلى عدم الاغترار والمزيد من التضحيات والعطاء. لو كان أحد يؤرخ لسيرته لعظم من شأن الانتصارات، وبرر الهزائم، ولكن القرآن فعل العكس تماماً، لأنه لا يؤرخ لفترة تاريخية بقدر ما يضع القواعد العامة للعلاقة مع الله والآخرين.
3- توقف ميلر عند قوله تعالى: "قل إني أعظكم أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا"، مشيراً إلى التجربة التي أجراها أحد الباحثين في جامعة تورنتو عن 'فعالية المناقشة الجماعية'، وفيها جمع أعداداً مختلفة من المناقشين، وقارن النتائج فاكتشف أن أقصى فعالية للنقاش تكون عندما يكون عدد المتحاورين اثنين، وأن الفعالية تقل إذا زاد هذا العدد.
صورة للمناظرة التي كانت بينه وبين الشيخ أحمد ديدات رحمه الله
4- هناك سورة كاملة في القرآن تسمى سورة مريم وفيها تشريف لمريم عليها السلام بما لا مثيل له في الكتاب المقدس، بينما لا توجد سورة باسم عائشة أو فاطمة. وكذلك فإن عيسى عليه السلام ذُكر بالاسم 25 مرة في القرآن في حين أن النبي محمد لم يذكر إلا 5 مرات فقط.
5- يرى المنكرون للوحي وللرسالة أن الشياطين هي التي كانت تملي على الرسول ما جاء به، والقرآن يتحدى: "وما تنزلت به الشياطين، وما ينبغي لهم وما يستطيعون". فهل تؤلف الشياطين كتاباً ثم تقول لا أستطيع أن أؤلفه، أو هل تقول: إذا قرأت هذا الكتاب فتعوذ مني ؟!!!
6- لو كنت في موقف الرسول – صلى الله عليه وسلم – هو وأبي بكر محاصرين في الغار، بحيث لو نظر أحد المشركين تحت قدميه لرآهما. ألن يكون الرد الطبيعي على خوف أبي بكر: هو مثلاً 'دعنا نبحث عن باب خلفي'، أو 'إصمت تماماً كي لا يسمعك أحد'، ولكن الرسول – صلى الله عليه وسلم – قال بهدوء: "لا تحزن إن الله معنا" , الله معنا ولن يضيعنا . هل هذه عقلية كذاب أو مخادع، أم عقلية نبي ورسول يثق بعناية الله له؟
7- نزلت سورة المسد قبل وفاة أبي لهب بعشر سنوات. وهي تتحدث عن عذاب أبي لهب يوم القيامة , وكان أمامه 365 × 10 = 3650 فرصة ليسلم وبالتالي يثبت أن هذا الكتاب كاذب، ولكن ما هذا التحدي؟!! لم يسلم أبو لهب (ولو بالتظاهر)، وظلت الآيات تتلى حتى اليوم. كيف يكون الرسول واثقاً خلال عشر سنوات أن ما لديه حق، لو لم يكن يعلم أنه وحي من الله؟
8- وتعليقاً على قوله تعالى "ما كنت تعلمها أنت ولا قومك" تعقيباً على بعض القصص القرآني، يقول ميلر: 'لا يوجد كتاب من الكتب الدينية المقدسة يتكلم بهذا الأسلوب، إنه يمد القارئ بالمعلومة ثم يقول له هذه معلومة جديدة!! هذا تحد لا مثيل له؟ ماذا لو كذبه أهل مكة – ولو بالادعاء – فقالو: كذبت كنا نعرف هذا من قبل. ماذا لو كذبه أحد من الباحثين بعد ذلك مدعياً أن هذه المعلومات كانت معروفة من قبل؟ ولكن كل ذلك لم يحدث.
صورة لغلاف كتابه القرآن المذهل
وأخيراً يشير د. ميلر إلى ما ورد في الموسوعة الكاثوليكية الجديدة تحت موضوع 'القرآن'، وكيف أنها ورغم تعدد الدراسات والمحاولات للغمز في صدق الوحي القرآني، (مثل أنه خيالات مريض أو نفث شياطين، أو كان يعلمه بشر، أو أنه وقع على كتاب قديم، ... الخ)، إلا أنها انتهت إلى: 'عبر القرون ظهرت نظريات كثيرة حول مصدر القرآن إلا أن أيّ من هذه النظريات لا يمكن أن يعتد به من رجل عاقل'. ويقول د. ميلر إن الكنيسة التي كان بودها أن تتبنى إحدى هذه النظريات التي تنفي صدق الوحي لم يسعها إلا أن ترفض كل هذه النظريات، ولكنها لم تملك الجراءة على الاعتراف بصدق نظرية المسلمين.
لا أدري هل أقول: جزاك الله خيراً يا دكتور ميلر على هذا التدبر المنصف لكتاب الله؟ أم أنادي كل المبغضين للإسلام أن يطلعوا على ما كتبه هذا الرجل؟ أم أطلب من المهتمين بمواضيع الإعجاز القرآني أن يضيفوا إلى مناهجهم هذا المنهج من 'محاولة كشف الأخطاء' بما يثبت التحدي، ويؤكد الإعجاز "ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً "
ملحوظة أخيرة
قبل حوالي 30 عاماً اشترك د. ميلر في مناظرة شهيرة عن الإسلام والمسيحية مع الداعية الإسلامي أحمد ديدات ممثلاً للجانب المسيحي، وكان منطقه قوياً وحجته حاضرة وغلب بحثه عن الحقيقة على تعصبه لدينه، حتى أن عدداً من الشباب المسلم الذي حضر المناظرة، تمنى لو أسلم هذا الرجل.
كان هذا البحث خلال عام 1977 ولكن ما حدث أن عام 1978 أشهر الدكتور ميلر إسلامه واتخذ اسم عبد الأحد عمر، وعمل لسنوات في جامعة بالسعودية قبل أن يتفرغ تماماً للدعوة للإسلام وتقديم البرامج التليفزيونية والإذاعية والمحاضرات العامة التي تعرض للإسلام عقيدة وشريعة شكرا يااخي العزيز صف كم صف كم ومع ذلك ستجد من يكابر ولا يجد حيلة في الرد غير السب والشتم
سيبقى الاسلام عزيزا شامخا الى يوم الدين
الرد على: ميلر صاحب كتاب القرآن المذهل - طريف سردست - 01-07-2011
اتساءل هل ميلر يعرف العربية ام انه قرأ القرآن حسب الترجمة السعودية له؟
ثم لماذا لاتستشهد بباحث مختص بالقرآن مثل تيودور نولدكه الذي كتب تاريخ القرآن، ويمكن تنزيل كتابه من هتا
RE: ميلر صاحب كتاب القرآن المذهل - العلماني - 01-11-2011
(01-05-2011, 02:05 PM)صف كم صف كم كتب: عام 1977 قرر الدكتور جاري ميلر المبشر الكندي النشيط وأستاذ الرياضيات والمنطق في جامعة تورنتو أن يقدم خدمة جليلة للمسيحية بالكشف عن الأخطاء العلمية والتاريخية في القرآن الكريم، بما يفيده وزملاؤه المبشرين عند دعوة المسلمين للمسيحية ولكن الرجل الذي دخل بمنطق تصيد الأخطاء وفضحها، غلب عليه الإنصاف وخرجت دراسته وتعليقاته أفضل مما يمكن أن يكتبه معظم المسلمين دعاية للكتاب الحكيم، ذلك أنه أحسن 'تدرب القرآن'. وكان أول ما أذهله: هو صيغة التحدي التي برزت له من في مواضع كثيرة من مثل "ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً"، "فأتوا بسوره من مثله"، "عشر آيات"، "آية"، دخل الرجل الحلبة متحدياً وخرج منها منبهراً بما وجده.
وأستعرض فيما يلي بعضاً من نتائج تدبره كما جاء في كتابه: 'القرآن المذهل':
1- يقول د. ميلر: 'لا يوجد مؤلف في العالم يمتلك الجرأة ويؤلف كتاباً ثم يقول هذا الكتاب خال من الأخطاء ولكن القرآن على العكس تماماً يقول لك لا يوجد أخطاء بل يتحداك أن تجد فيه أخطاء ولن تجد'.
يضحكني مثل هذا الكلام، إذ تصوّر مثلاً بأن الرسول يأتي بكتاب يقول أنه من عند الله خالق الكون ثم يقول لقومه: هذا ما أوحاه إلي ربي، أتلوه عليكم حرفاً حرفاً، فانظروا إليه ملياً وإذا وجدتم من خطأ فيه فاعرضوا عنه صفحاً، لأن ربي في هذه الحالة قد أخطأ ولم يكن يعرف ماذا يقول!!!
يعني بالعربي، عندما تدعي أن بيدك كلاماً تنزل عليك من الله حرفياً، فمن البديهي أنك سوف تقول بصحته الكاملة والتامة. مع هذا، وبشكل غريب لافت للنظر نرى "الله" بعد أن ينزل على نبيه وحياً أوحاه، يغيّر رأيه فجأة بشأن أمر من الأمور و"ينسخه". فجأة يسفّه الله آيات كان هو قد أنزلها ويراها غير جديرة "بالحفظ" أو بالأحرى غير جديرة بالتزام المسلمين بها، فتراه يأت بأحسن منها (حسب العبارة القرآنية). الغريب هو أن الله، يجعل كلامه "متدرجاً" ووحيه أيضاً، فعنده من خلال "النسخ" آية "أحسن من آية"، و"القديم لأه والجديد أيوه". هذا الأمر بحد ذاته يدخل بين الآيات تراتبية غريبة "وضائعة" في نفس الوقت لضياع التاريخ الدقيق لنزول السور والآيات (إلا بعضها).
2- لا يستعرض القرآن أيضاً من الأحداث العصيبة التي مرت بالنبي – صلى الله عليه وسلم – مثل وفاة زوجته خديجة أو وفاة بناته وأولاده. بل الأغرب أن الآيات التي نزلت تعقيباً على بعض النكسات في طريق الدعوة، كانت تبشر بالنصر، وتلك التي نزلت تعقيباً على الانتصارات كانت تدعو إلى عدم الاغترار والمزيد من التضحيات والعطاء. لو كان أحد يؤرخ لسيرته لعظم من شأن الانتصارات، وبرر الهزائم، ولكن القرآن فعل العكس تماماً، لأنه لا يؤرخ لفترة تاريخية بقدر ما يضع القواعد العامة للعلاقة مع الله والآخرين.
في القرآن الكثير من الوقفات مع أحداث من حياة النبي. بل هو موقع على هذه الأحداث التي كانت مهمة "للدعوة". ولعل الكتب عن "أسباب النزول" تضحك على هذا الزعم الهزيل. ولنأخذ مثلاً على هذا "سورة المسد" المكية (سورة 111)، فهذه السورة هي "الخامسة" من ناحية "تاريخ التنزيل" (وفقاً للمصحف الذي أصدره الأزهر الشريف سنة 1922) وهي تعتني "بأبي لهب" "وامرأته" في إشارة واضحة لضيق الرسول من "أبي لهب" بل من امرأته أيضاً.
هذه السورة أيضاً تظهر "تاريخية" القرآن، وارتباطه بحياة النبي. ولعل المسلمين يتخذون منها يوماً سبباً في تقييد "النص القرآني بواقعه التاريخي" وعدم سحبه على حياتنا نحن. فهذه السورة "الفقيرة في المعنى والمبنى" قد تكون يوماً أساسية جداً في التخلص من "القيود التي يفرضها القرآن على حياة المسلمين اليوم". (ممكن أن نستعمل معها أيضاً حديث "تأبير النخل" لإرساء العلمانية، على غرار العلمانيين الأوروبيين الذين استعملوا "أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله" في التخلص من هيمنة الدين المسيحي على الفكر الأوروبي).
3- توقف ميلر عند قوله تعالى: "قل إني أعظكم أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا"، مشيراً إلى التجربة التي أجراها أحد الباحثين في جامعة تورنتو عن 'فعالية المناقشة الجماعية'، وفيها جمع أعداداً مختلفة من المناقشين، وقارن النتائج فاكتشف أن أقصى فعالية للنقاش تكون عندما يكون عدد المتحاورين اثنين، وأن الفعالية تقل إذا زاد هذا العدد.
طيب و"أرسطو" أيضاً أرسى "المشي" كقاعدة في إلقاء الدروس وسماعها (عرف تابعوه بالمشائين). فهل هذا يجعل من طريقته "إعجازاً" لو جاء اليوم باحث ما وأثبت، ما هو بديهي أصلاً، أن المشي يحول دون تشتت الذهن والنعاس والنوم في سماع الدروس؟
صورة للمناظرة التي كانت بينه وبين الشيخ أحمد ديدات رحمه الله
4- هناك سورة كاملة في القرآن تسمى سورة مريم وفيها تشريف لمريم عليها السلام بما لا مثيل له في الكتاب المقدس، بينما لا توجد سورة باسم عائشة أو فاطمة. وكذلك فإن عيسى عليه السلام ذُكر بالاسم 25 مرة في القرآن في حين أن النبي محمد لم يذكر إلا 5 مرات فقط.
فيها تشريف لمريم صحيح، ولكنها "فهماً عربياً" للكتاب المقدس نفسه (الإنجيل في هذه الحالة، أو قل أناجيل: متى ولوقا ويوحنا)، وإعادة كتابة بطريقة مختلفة للإيمانيات المسيحية التي كانت قد تفشت في الجزيرة العربية.
الآن، لو أخذنا بالحسبان بعض المصادر الشديدة التأثير على الرسول الكريم في تلك الأيام مثل "ورقة بن نوفل" و"خديجة" (والراهب "بحيراء" كما تقول بعض الروايات)، ثم أخذنا بالحسبان "حنيفية الرسول" وتفشي الكثير من المذاهب المسيحية في الجزيرة وتخومها (بكر، تغلب، طيء، غسان، لخم ... إلخ)، ثم أخذنا ثالثة بالحسبان "النهج القرآني العام" في إعادة صياغة بضعة كتابات من التوراة والتلمود والإناجيل (بضمنها الأناجيل الأبوكريفية) وتقرّب الإسلام للمسيحيين واليهود عبر هذه الكتابات لعرفنا أن تشريف مريم هذا عادي جداً (تصوروا مثلاً لو لم يكن هذا التشريف موجوداً، فهل كان الرسول يستطيع أن يهرب إلى الحبشة مع جماعته عندما اشتد عليهم الضيق في مكة؟)
بالنسبة "للمسيح"، فإنه ذكر أكثر من "محمد" وكان "نبياً" (سورة مريم)، ولكن رسالته حُرفّت حسب رأي المسلمين، وبقي محمد هو "سيد" المرسلين ولا دين عند الله إلا ما جاء به هذا الأخير. يعني "دين عيسى" أصبح "دقه قديمه" ومقامه "أصغر من مقام محمد"، وبالطبع هو ليس ابن الله ولا حاجه، ولكنه مجرد نبي مهم في وقت ما، حُرفت رسالته (يا حرام :) ) وكان المسار الإلهي بحاجة لتصحيح من جديد عبر نبي آخر وأخير. فالله الذي لم يستطع، كما يبدو، أن يحفظ رسالة عيسى من التحريف، تعلم الدرس ولقنه جيداً، وحفظ النص القرآني ورمى بالنصوص الأخرى إلى جهنم. أما ما أتى به "عيسى" - عند المسلمين - فهو "ضراط على بلاط" :) وشريعة منسوخة لو تقيد أحد بنصوصها فإن الله سوف "يلعن أبو سنسفيله" يوم القيامة :) ...
5- يرى المنكرون للوحي وللرسالة أن الشياطين هي التي كانت تملي على الرسول ما جاء به، والقرآن يتحدى: "وما تنزلت به الشياطين، وما ينبغي لهم وما يستطيعون". فهل تؤلف الشياطين كتاباً ثم تقول لا أستطيع أن أؤلفه، أو هل تقول: إذا قرأت هذا الكتاب فتعوذ مني ؟!!!
أنا لا أومن بالشياطين ولا بالأديان (والابراهيمية منها خصوصاً) لذلك فلا تعليق على مثل هذه الحجج. ولكن من المثير رصد "منزلة الشيطان" في الفكر الديني "الإبراهيمي عموماً". فالشيطان، كما يبدو، هو صنو الإله، لذلك فقصة "وما ينبغي لهم" مش عاجبيتني كتير ... فالله، في الفكر الديني، لا يستطيع "الاستغناء" عن "الشيطان" وإلا فقد منزلته في قلوب المؤمنين.
الله في الفكر الديني هو "إله عاطل عن العمل" وينتهي تأثيره نهائياً لو لم يقم الشيطان بعمله. لذلك فهو بحاجة للشيطان دائماً كي يحفظ منزلته ووجوده في قلوب عباده. فيوم الحشر نفسه والحساب والعقاب لا حاجة لهما لولا وجود الشيطان ...
طبعاً، هذا خارج عن موضوعنا ولكني أحببت التنبيه إلى ضرورة التفكر بمنزلة الشيطان في الفكر الديني وقوته الخارقة المعادلة بالضرورة للإله.
6- لو كنت في موقف الرسول – صلى الله عليه وسلم – هو وأبي بكر محاصرين في الغار، بحيث لو نظر أحد المشركين تحت قدميه لرآهما. ألن يكون الرد الطبيعي على خوف أبي بكر: هو مثلاً 'دعنا نبحث عن باب خلفي'، أو 'إصمت تماماً كي لا يسمعك أحد'، ولكن الرسول – صلى الله عليه وسلم – قال بهدوء: "لا تحزن إن الله معنا" , الله معنا ولن يضيعنا . هل هذه عقلية كذاب أو مخادع، أم عقلية نبي ورسول يثق بعناية الله له؟
أعتقد بأن الرسول الكريم كان يؤمن، هو نفسه، أن الله يوحي إليه (رأيت بحثاً جميلاً عند "مكسيم رودنسون" - في كتابه عن محمد - عن تصديق الرسول لنفسه بهذا الخصوص). ولكن هل كان الله يوحي إليه فعلاً؟ هذه مسألة أخرى. هنا يكون تصرف الرسول هو كتصرف أي مؤمن عادي من بني البشر عندما تشتد عليه صروف الدهر فيلجأ إلى الصلاة والتضرع لرب يؤمن به. ولكن إيمانه لا يعني بأن الله يسمعه ولا حتى أن الله موجود أساساً. فالإيمان بطبيعته عبارة عن "تصديق" لبعض الفرضيات التي قد نبررها بشواهد من الحياة، ولكنه لا يعني شيئاً "موضوعياً" بحد ذاته.
7- نزلت سورة المسد قبل وفاة أبي لهب بعشر سنوات. وهي تتحدث عن عذاب أبي لهب يوم القيامة , وكان أمامه 365 × 10 = 3650 فرصة ليسلم وبالتالي يثبت أن هذا الكتاب كاذب، ولكن ما هذا التحدي؟!! لم يسلم أبو لهب (ولو بالتظاهر)، وظلت الآيات تتلى حتى اليوم. كيف يكون الرسول واثقاً خلال عشر سنوات أن ما لديه حق، لو لم يكن يعلم أنه وحي من الله؟
هاهاهاهاه، لو حدث مثل هذا لنزلت سورة أخرى تقول: ألم ترى أبا لهب كيف ارعوى* وكيف دخل إلى حظيرة الدين بعدما هوى* فاليوم نبدل حبله بجبة من "أوا" * ويدخل وامرأته دار سرور وجوى* كذلك نبدل المؤمنين بآيتنا حياة بعد فنى* إن الله غفور رحيم بأهل الحجى*
ثم ينشغل المفسرون بتفسير "أوا" وما تعني، فيقول السيوطي أنها من لبس أهل الجنة ويروي حديثاً يصله بمجاهد أنها ضرب من حرير خاص مأخوذ من نبتة تنبت تحت "العرش" .. إلخ ...
يعني، عندما يكون صاحب الوحي موجوداً فمن السهل أن يتنزل وحياً آخر حسب الضرورة. وهذا حصل أكثر من مرة طبعاً في حياة الرسول، وقصة "زوجة" ابن النبي (بالتبني طبعاً) مشهورة معروفة، قالت عنها عائشة: ما أرى إلا أن ربك يسارع في وحيه (أو شيء من هذا القبيل).
8- وتعليقاً على قوله تعالى "ما كنت تعلمها أنت ولا قومك" تعقيباً على بعض القصص القرآني، يقول ميلر: 'لا يوجد كتاب من الكتب الدينية المقدسة يتكلم بهذا الأسلوب، إنه يمد القارئ بالمعلومة ثم يقول له هذه معلومة جديدة!! هذا تحد لا مثيل له؟ ماذا لو كذبه أهل مكة – ولو بالادعاء – فقالو: كذبت كنا نعرف هذا من قبل. ماذا لو كذبه أحد من الباحثين بعد ذلك مدعياً أن هذه المعلومات كانت معروفة من قبل؟ ولكن كل ذلك لم يحدث.
"ما كنت تعلمها أنت ولا قومك" عبارة عن جملة مستقطعة من آية من سورة تتحدث عن "نوح" وما حصل له. رواية نوح نفسه هي رواية "سومرية" قديمة أستوردها اليهود للتوراة، وصاغها الرسول بلسان عربي مبين مع تدخل - كالعادة - في الحدث، كي تتناسب والقصص القرآني، والذي هو خليط من "القصص التوراتي" وبعض القصص والأحاديث العربية القديمة.
المعلومات التي تعطينا إياها الكتب المقدسة ليست معلومات حقيقية إلا فيما ندر. وهي تتأرجح عادة بين "المعلوم بالبديهة" وبين "الغيبيات" التي لا يستطيع أحد أن يعارضها لطبيعتها "المفترضة وغير الواقعية". لذلك فقصص مثل قصص "فرعون" و"موسى" و"نوح" و"لوط" و"أبو رجل مسلوخة" هي "قصص" من قبيل "صدق أو لا تصدق"، وليست "حقائق علمية" نستطيع أن نشير إليها بالبنان، وبالكاد نستطيع اعتبارها "شواهد تاريخية" ضعيفة والله يرحمك يا "طه حسين" :)
صورة لغلاف كتابه القرآن المذهل
وأخيراً يشير د. ميلر إلى ما ورد في الموسوعة الكاثوليكية الجديدة تحت موضوع 'القرآن'، وكيف أنها ورغم تعدد الدراسات والمحاولات للغمز في صدق الوحي القرآني، (مثل أنه خيالات مريض أو نفث شياطين، أو كان يعلمه بشر، أو أنه وقع على كتاب قديم، ... الخ)، إلا أنها انتهت إلى: 'عبر القرون ظهرت نظريات كثيرة حول مصدر القرآن إلا أن أيّ من هذه النظريات لا يمكن أن يعتد به من رجل عاقل'. ويقول د. ميلر إن الكنيسة التي كان بودها أن تتبنى إحدى هذه النظريات التي تنفي صدق الوحي لم يسعها إلا أن ترفض كل هذه النظريات، ولكنها لم تملك الجراءة على الاعتراف بصدق نظرية المسلمين.
هكذا قالت حقاً الموسوعة الكاثوليكية؟
طيب إذا اعتبرنا هذا جدلاً أنه صحيح، أفليس من الانصاف أن نشكر "الكنيسة" التي كتبت هذا الكلام عوضاً من عرض هذا "التسامح الكنسي" في النص وكأنه "استسلام" أمام حقائق تاريخية وموضوعية تفرض نفسها على الكنيسة؟ فسيرة النبي وحياته فيها ألف اجتهاد واجتهاد، وقصة الوحي بطبيعتها لا تدخل "العقل" ولكنها تتمسك بالقلب و"صدقوني ماتوا ولاد جيلي" :) ...
لا أدري هل أقول: جزاك الله خيراً يا دكتور ميلر على هذا التدبر المنصف لكتاب الله؟ أم أنادي كل المبغضين للإسلام أن يطلعوا على ما كتبه هذا الرجل؟ أم أطلب من المهتمين بمواضيع الإعجاز القرآني أن يضيفوا إلى مناهجهم هذا المنهج من 'محاولة كشف الأخطاء' بما يثبت التحدي، ويؤكد الإعجاز "ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً "
ملحوظة أخيرة
قبل حوالي 30 عاماً اشترك د. ميلر في مناظرة شهيرة عن الإسلام والمسيحية مع الداعية الإسلامي أحمد ديدات ممثلاً للجانب المسيحي، وكان منطقه قوياً وحجته حاضرة وغلب بحثه عن الحقيقة على تعصبه لدينه، حتى أن عدداً من الشباب المسلم الذي حضر المناظرة، تمنى لو أسلم هذا الرجل.
كان هذا البحث خلال عام 1977 ولكن ما حدث أن عام 1978 أشهر الدكتور ميلر إسلامه واتخذ اسم عبد الأحد عمر، وعمل لسنوات في جامعة بالسعودية قبل أن يتفرغ تماماً للدعوة للإسلام وتقديم البرامج التليفزيونية والإذاعية والمحاضرات العامة التي تعرض للإسلام عقيدة وشريعة
هاهاهاه، طبعاً، هذه هي النهاية الوحيدة المحتملة لهذا "الفيلم الهندي". ولكن السؤال الذي يطرح نفسه كما تساءل صاحبنا "طريف" أعلاه: هل كان الدكتور ميلر هذا يعرف "اللغة العربية" قبل أن يسلم؟
ملاحظة: أنا لا أحب "الحوار الديني" ولا أحب دخول ساحته، ولكن هذا "الصلف الساذج" لجماعة المؤمنين في هذا الموضوع أحنقني وأغاظني. فهذه الاستعلائية من خلال "كتاب" ما بت أمقتها مقتاً شديداً ... (هاهاهاه، وكي أحافظ على توازني "العلماني"، ففي المرة القادمة سوف أقف للكتابات المسيحية المماثلة بالمرصاد :)، أو بنفتح موضوع عن "شريعة التثليث غير المعقولة" عند المسيحيين .. وما حدا أحسن من حدا ... ) ...
واسلموا لي
العلماني
|