حدثت التحذيرات التالية: | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
الإنسان ومصيره - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: عـــــــــلــــــــــوم (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=6) +--- المنتدى: فلسفة وعلم نفس (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=84) +--- الموضوع: الإنسان ومصيره (/showthread.php?tid=41234) |
الإنسان ومصيره - رشيد عوبدة - 01-11-2011 إن الحديث عن مصير الإنسان من قبل الفلسفة حديث يرجع إلي المسألة الأخلاقية وبالذات إلي السؤال الكانطي ماذا يجب أن أفعل؟. وإن كان كانط قد رأى أن الإنسان يجب أن يخضع للواجب(الأوامر القطعية) وان نسير وفقا للعقل فإننا نرى أن الحديث عن مصير الإنسان من خلال هذا المثال يتضمن القول بكون الإنسان مسؤولا عن ذاته فالمصير هو ما نصيره نحن وليس هو القدر أي ما هو محدد لنا من قبل قوة غيبية .إن القول في مصير الإنسان قول يخص الإنسان لماذا وجدت؟ما هو معني وجودي؟ ما الغاية منه؟ وهو قول يخص كل الوجود ومنزلة الإنسان ولا شك أن كل هذا يرتد إلي سؤال ما الإنسان ؟ وهو السؤال الأساسي في الفلسفة وبهذا المعني فالفلسفة هي التي تبحث في مصير الإنسان بل تظهر الفلسفة علي أنها مصير الإنسان نفسه . ذلك أن الفلسفة هي تساؤل الموجود الإنساني بشأن الوجود ولكن لماذا السؤال؟ إن الإنسان يجد نفسه في هذا العالم ضمن حدود تمثل لب كيانه وقوام ذاته ، إنه يوجد في مكان لم يختره، وعبر زمان لا سلطان له عليه ، وداخل جسد لم يعرف كل أغواره لينتهي إلي موت لا يفهم منه شيء يكون له قدر محتوم، كما يوجد بين أشخاص مماثلين له لا قوام لحياته بدونهم لكنه لا يصل أبدا إلى الالتحام بذواتهم أو معرفتهم معرفة كاملة ولكل هذا يتساءل الإنسان ، وأن تساؤله هذا هو ما أوجد الفلسفة . لكن عوض أن نبحث عن غايات خارجية لوجودنا يتعين أن نحدد غايات ذاتية تكون هي ماذا يجب أن نفعل ؟ أولا وبالذات بأنفسنا ، فإن لن جسدا وأنه ما يربطنا بالعالم ، إذ أننا نرتبط بالأشياء التي خارجنا ارتباطا حسيا ، وأن هذا الجسد الذي يكون واسطة بيننا وبين العالم هو أساس فعلنا في العالم . إن الجسد يكوّن العالم ، إن الجسد ليس أبدا قسما ماديا نجره معنا إننا بالعكس نعيشه في الأرض الذي نمشي عليها وفي المطر الذي يبللنا، وفي الألم الذي نحس به، وفي العذاب الذي يمثله الحرمان أو الجوع أو الغربة أو الوحدة، فالجسد بالنسبة إلينا ليس شيء كبقية الأشياء الأخري ، إنه موطن الإحساس بالحياة التي فينا . وأن الجسد هو ما يجعلنا موجودين في العالم ونرتبط بالعالم علي تلك الأشكال التي تمثل الحضارة نمطها. ثم إلي جانب كوننا جسد فإننا نكون فكرا أو عقلا بحيث أن وجودنا هو وجود لكائن عاقل يقول باسكال:"من جهة المكان يحويني الكون ويبتلعني كنقطة ومن جهة الفكر فإني أحتويه" وتبعا لهذا ولكونه فكرا فإن وجود الإنسان في العالم يتمثل في كشف لحقيقة العالم لهذا يري هيدجر"إن الإنسان هو الكائن الذي بواسطته يوجد الوجود" أي هو ما به يأخذ العالم معنى وتكون له حقيقة. ثم إن وجود الإنسان في العالم هو وجود مع الآخرين دوما يقول هيدجر:"إن الكينونة مع الغير يحد وجود الكائن الإنساني"ومن هذه الزاوية يربط الإنسان بالإنسان الآخر علاقات فهم متعددة بما فيها سوء الفهم يصل لحد المأساة يحس فيها الإنسان في علاقته بالآخر بطغيان الآخر عليه أو يحس بحاجته إليه كما يعيش فقدانه له وموته. إذا ماذا يجب أن نفعل ؟ إن حياة الإنسان صيرورة وبهذا فللإنسان علاقة بالزمان ، ففي حين أن الحيوان له حاضر فقط نري أن للإنسان امتداد لحاضره في الماضي وكذلك في المستقبل وأن المستوي الأساسي للإنسان في الزمان هو المستقبل ذلك أن الإنسان يضع شخصه أمامه علي أنه ما يجب تحقيقه .إن الإنسان يسبق ذاته دائما، إنه ينظر إلى ذاته كممكن ومستقبل .إلا أن هذا المستقبل سرعان ما يصير حاضرا وإثر ذلك يصبح ماض ليصبح من جملة الأشياء التي يستحيل أن تعود . إن علاقة الإنسان بماضيه هي دوما علاقة حسرة أو ندم في شيء يحس الإنسان بكونه يفلت منه وأن علاقة الإنسان بمستقبله هي دوما علاقة توجس مخيفة ، فالشئ ليس في متناول يده وأنه محكوم علي الإنسان أن يعيش الزمان كمأساة.وأن كل محاولة رفض هذا الزمان أي لإيقافه إلي جانب كونها تكون مستحيلة فإنها تعبر في الأصل عن نقص في الكينونة، فان نوقف الزمان هو أن نزيفه لذلك علينا أن نضطلع بالزمان في ذاتنا علي أنه سبيل للحرية بالنسبة إلينا . فالزمان مظهر عدم جمود الإنسان وبهذا المعنى فقطعة الحجارة هي وحدها التي يكون الزمان علي حاله أما أن يوقف الإنسان الزمان فمعناه أن يتحول إلي شيءأي إلي قطعة حجارة أو طاولة...وأن تجربة الإنسان القصوى للزمان هي تجربة الموت ويفيد الموت محدودية الإنسان في الزمان ويدرك الإنسان أن الموت يمثل الحد الأقصى للحياة ليدرك أن العدم جزء لا يتجزأ من الحياة ويدرك الإنسان بالنظر إلي الموت أنه ليس مشروعا لا نهاية له.إن الإنسان يحيي الزمان الذي ينفتح بواسطته الممكن والأمل وتتجسد الحرية ،إلا أن الزمان يضع أمامه كذلك نقطة النهاية هي الموت لكن رغم كل شيء لا يجب أن نحول الموت ما يعطي معني للحياة .إن الحياة تكتسب معناها لما تكونه من فعل ضد الموت. يبدو الإنسان من خلال ما سبق كائنا محدودا فهو محدود مكانيا ( نقطة ضئيلة من المادة) وهو محدودا زمانيا وهو محدودا فكريا وهو محدودا نفسيا فكيف يمكن أن يكون ؟ وبعبارة أخري ماذا يجب أن يفعل؟ إن الفلسفة الوجودية (سورين كيركيكارد+مونيي+كارل يسبيرس+سارتر) تمثل النظرة المعاصرة في مسألة مصير الإنسان ويسوق سارتر المبدأ التالي للوجودية قائلا"الوجود(في الإنسان ) يسبق الماهية" والمقصود بالماهية ما به يكون شيء ما هو هوأي جملة خصائصه والمقصود بالوجود الكينونة الفعلية في الزمان والمكان وبهذا المعني المعنى فإن ماهية الطاولة مثلا تسبق وجودها ، إن هذه الماهية توجد في ذهن الصانع قبل صنع الطاولة وأن وجود الطاولة بعد صنعها لا يضيف شيئا إلي ماهيتها وعكس ذلك فإن الوجود في الإنسان يسبق ماهيته أي أن الإنسان يوجد في زمان ومكان عاطلا عن كل ماهية وإثر وجوده يتحدد وفق ما يراه مناسبا ليكسب هكذا ماهية معينة (ليكون جبانا أو شريرا...)ذلك أن الإنسان موجود في ذاته وموجود لذاته أي يكون له وعي في الظروف المذكورة بحيث يكون حرا لكي يختار ما يجب أن يكون وتري الوجودية أن الإنسان يجب أن يختار أن يكون إنسانا يقول سارتر:"إن الوجودية تعتقد أن الإنسان بدون سند وبدون أية مساعدة محكوم عليه أن يخلق الإنسان" ومعني هذا أن الإنسان ليس محددا من قبل إلاه مثلما تكون الطاولة التي تكون محددة من قبل صانعها وهذا ما يجعل الإنسان مسؤولا عن ذاته ولذلك يقول سارتر:"إن القول بأن الوجود يسبق الماهية هو القول ان الإنسان حر" بهذا المعني كذلك إن الإنسان ليس هو ما هو. يقول سارتر:" إن الكائن الذي هو ما هو لا يمكن أن يكون حرا" وان نقول أن الإنسان خلافا للجماد وللحيوان هو ما ليس هو ، هو أن نقول أنه ليس ماهية ثابتة إنما هو صيرورة من جهة كونه يضع ما يكون، وهو أن نقول ان الوجود يسبق الماهية .لهذا يصح أن نقول أن الإنسان محدود الكيان فهو على حد تعبير هيدجر موجود في العالم وموجود مع الآخرين إلا أن الإنسان ضمن حدوده المكانية والزمانية يكون قادرا علي خلق ذاته ونحت كيانه إلا أن القضية تعني أن الإنسان انطلاقا من كونه موجودا واعتبار أنه محدد ومحدودا يكون قادرا علي إختيار ما يجب أن يكون ، يجب أن يختار الإنسانية أي يجب أن يختار أن يكون حرا وهكذا نري أن الإنسانية من منظور الوجودية ليست ماهية الإنسان المسبقة ، إنها غاية . نلاحظ أن قلة من الناس قد إختار بالفعل الإنسانية إنهم الفلاسفة لأنهم إختاروا الحرية ويحسن أن نذكر في هذا المستوي سقراط الذي زمن الانحطاط المجتمع اليوناني اضطلع بالإنسانية في شخصه كفعل وممارسة ، يجب أن نذكر سقراط لكي نعرف أن الفلسفة هي طريق الإنسان في أن يكون كما يجب أن يكون . |