حدثت التحذيرات التالية: | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
ردود الأفعال العالمية على تنحى حسنى مبارك - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3) +--- المنتدى: حول الحدث (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=64) +--- الموضوع: ردود الأفعال العالمية على تنحى حسنى مبارك (/showthread.php?tid=41757) |
ردود الأفعال العالمية على تنحى حسنى مبارك - بسام الخوري - 02-12-2011 http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=350303&SecID=12 لوموند: أمريكا تفقد نفوذها في مصر 2011-02-12 مصريون يحتفلون في ميدان التحرير باريس- رأت صحيفة (لوموند) الفرنسية اليومية المستقلة الصادرة السبت أن الولايات المتحدة "لا ترغب.. في أن تسود الفوضى مصر ولا أن يهتز السلام بين مصر وإسرائيل، إلا أنها لم تشأ أن تنحاز إلى الجانب الخطأ في هذه الأحداث". وقالت الصحيفة التي تصدر في باريس "الحقيقة أن هذه التطورات في مصر لم يكن لها أن تحدث لولا الولايات المتحدة الأمريكية، التي صارت حائرة فيما يحدث إلى حد ما ولم تستطع أن تؤثر فيه كثيرا.. صحيح أن الولايات المتحدة تمتلك القنبلة النووية، وصحيح أنها يمكن أن تضر بمصر إذا امتنعت عن تقديم مساعداتها التي تصل إلى ملياري دولار سنويا، إلا أن السؤال المطروح هو: من المستفيد من إجراء مثل منع المساعدات عن مصر؟" وذكرت الصحيفة: "يشبه تصوير الولايات المتحدة على أنها تمسك بجميع خيوط اللعبة من الخلف تصور نظرية المؤامرة المحبب لدى الكثيرين، وكلاهما بعيد عن الحقيقة. كما أن الحرب الباردة ولت منذ زمن بعيد، ولم تعد واشنطن وموسكو تحددان مسار الأحداث في نطاق نفوذهما، وما يحدث في مصر لم يكن ممكنا التنبؤ به على الإطلاق" شكرا للسيد القائد.. الشعب المصري خالد الشامي 2011-02-11 لندن ـ 'القدس العربي' ـ يوم تاريخي، استغرق جيلا كاملا انتظره، واعمارا افنيت قبل ان نراه. مشهد سياسي بدون محمد حسني مبارك للمرة الاولى منذ ستة وثلاثين عاما. حقبة درامية في تاريخ مصر والعالم العربي انتهت. صفحة جديدة ليس فقط تاريخ بلد او امة بل كل انسان شهد ميلاد الحرية من رحم الثورة. للمرة الاولى منذ فجر التاريخ، انكسرت ارادة الفرعون امام ارادة شعب تسلح بحضارته والامه واماله. الشعب المصري ادهش نفسه والعالم بانجازه احدى اعظم الثورات في تاريخ الانسانية في مواجهة احد اقوى الانظمة الشمولية واكثرها عنادا في العالم. بعد ان جاء وقت، بدا فيه ان الفرعون يشبه الزمن والحياة والموت، كانه قدر لا مفر منه، وجد الشعب الطيب المكافح الصابر المضحي المقاتل، (خير اجناد الارض) المنتصرلامته، ولو بعد حين، نفسه السيد البطل، بلا خوف وبلا ذل وبلا تبعية. الشعب المصري ظفر بانتصاره في منعطف تاريخي حاسم سيكون له ما بعده، بينما تتشبث انظار العالم بميدان تحريره وشهدائه، ليستعيد مكانه ومكانته الطبيعية كمصدر الهام كوني لقيم الحرية والكرامة والاستقلال. الشعب المصري انجز ثورة تليق بتاريخه وعراقته، ليست مجرد تغييرات تشمل رأس النظام السياسي، بل انجز ثورة مدرسة قدمت كل يوم دروسا في الوحدة الوطنية والتضامن والتحدي والصبر والصمود والشجاعة والابداع في مواجهة الطاغوت. وبعيدا عن روح الانتقام او التشفي، يجب ان تبدأ المحاسبة القانونية الحضارية العادلة لكل من اسهموا في اطالة امد الديكتاتورية، وحققوا من ورائها المكاسب والمناصب، وكل من نهبوا اموال هذا الشعب المكافح وثرواته، وكل من احتقروا ذكاءه وزينوا له كذب الديكتاتور واوهامه. ويجب البدء دون تأخير في تحول ديمقراطي حقيقي يعيد السلطة للشعب، ويحترم حقوق الانسان، ويعلن الحرب على امبراطورية الفساد التي بناها النظام الديكتاتوري. اما فلول النظام البائد وابواقه، فرجاء كفاكم اهانة واحتقارا لهذا الشعب العظيم، الذي يعرفكم جيدا، واذا كنتم نسيتم فاننا لحظكم العاثر نعيش عصر الانترنت ان اردتم ان تستذكروا 'ابداعاتكم' في الترويج للتوريث والتمديد والتدليس. الشعب المصري اليوم للمرة الاولى منذ قرون، السيد حقا والقائد حقا على ارضه، يملك مصيره، ولا يملكه فرد او حزب او عصابة. فشكرا للسيد القائد. والمجد لشهدائه الابرار، ولمناضليه الذين طالما حملوا ارواحهم على اكفهم من اجل هذه اللحظة. شكرا ايها الشعب العظيم لانك اعدت لنا مصر ام الدنيا وان كره الكارهون. شكرا لشعب مصر العظيم عبد الباري عطوان 2011-02-11 اجمل خطاب سمعته في حياتي هو ذلك الذي القاه اللواء عمر سليمان، واعلن فيه قرار الرئيس المصري 'السابق' حسني مبارك بالتنحي، وتكليف المجلس الاعلى للقوات المسلحة المصرية بتولي القيادة في الدولة المصرية، وأسوأ خطاب سمعته في حياتي خطاب الرئيس مبارك الاخير الذي ألقاه مساء امس الاول واعلن فيه نقل صلاحياته الى نائبه اللواء سليمان. الخطاب الاول لم يتجاوز عدد كلماته 12 كلمة فقط، ولكنه اثلج قلوب اكثر من 350 مليون عربي، ومليار ونصف مليار مسلم، ينتشرون في مختلف انحاء العالم، وكانوا ينتظرون هذه اللحظة التاريخية لسقوط الديكتاتور، وانطلاق عملية التغيير الديمقراطي التي انتظروها طويلا. لم يخرج الرئيس مبارك من الحكم بشكل لائق مثلما كان يتمنى ويخطط، بل لم يصمد لنهاية فترة رئاسته امام ثورة الشباب مثلما تمنى ديكتاتوريون آخرون في المنطقة شهروا سيف ملياراتهم لدعمه في حال اوقفت الادارة الامريكية دعمها المادي له. خطاب الرئيس مبارك الاخير كان ينطوي على الكثير من الغرور، ويكشف عن عقلية امثاله المتحجرة والعاجزة عن فهم ما يجري من حولهم، وقراءة مطالب الجماهير قراءة صحيحة، فلو كنت كاتب خطاباته لنصحته بان يعتذر للشعب المصري، ويتواضع امامه، ويطلب السماح منه، ويؤكد له انه رجل مريض مصاب بسرطان البنكرياس، ولم تبق امامه الا اسابيع او اشهر معدودة، ويريد ان يقضي آخر ايامه على ارض بلده قبل ان يدفن في ترابها. كنت اتمنى لو ان الرئيس مبارك وهو يودع شعبه، قبل ان يودع الحياة، اعلن عن تبرعه بجميع ملياراته التي نهبها من عرق الفقراء والكادحين لسداد ديون مصر، وبناء المستشفيات والجامعات والمدارس، ومشاريع استثمارية تخلق مئات آلاف الوظائف للعاطلين عن العمل، ولكنه لم يفعل، لان الله اراد له الهوان والاذلال والنهاية البائسة فأعمى بصره وبصيرته 'يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين' صدق الله العظيم. الانجاز كبير، والاحتفالات به اكبر، فالشعب المصري العظيم حقق المعجزة، وخلع الديكتاتورية من جذورها، بالعزم والتصميم والارادة القوية والصمود الذي لا يجاريه اي صمود آخر في وجه آلة قمعية هي الاكثر جبروتاً في العالم الثالث. ' ' ' سقوط مبارك ونظامه هو سقوط مرحلة بكاملها، سقوط ما يسمى بمحور الاعتدال، سقوط اتفاقات كامب ديفيد وكل ملحقاتها المذلة للعرب والمسلمين، وانهاء مرحلة التغول الاسرائيلي التي جعلت الانظمة العربية تركع امام المسؤولين الاسرائيليين وتستجدي السلام معهم، وتتنازل عن ما تبقى من فلسطين من اجل نيل رضاهم. هذه الثورة الشعبية المباركة اعادت مصر الى نفسها، واعادتها الى العرب جميعا كدولة رائدة محورية تلعب دورا اساسيا في صياغة معادلات القوة في المنطقة، وتؤسس لمرحلة جديدة، ومشروع عربي يعيد للأمة كرامتها ومكانتها بين الامم، تماما مثلما فعلت بعد ثورة تموز (يوليو) 1952. ثورة تموز (يوليو) قادها الجيش واحتضـــنها الشــعب الذي انتصرت له ورفعت الظلم عنه، وحررته من الاقطاع والسخرة، وثورة 25 كانون الثاني (يناير) فجرها الشعب وحمتها القوات المسلحة ردا للجميل وعرفانا به. الجيش المصري العظيم الذي خاض كل حروب الأمة ضد الاغتصاب الاسرائيلي مطالبا باستعادة مكانته ودوره، وتحقيق التوازن الاستراتيجي في المنطقة، ونصرة قضايا الامة، والانتصار للشعوب العربية في معاركها ضد الديكتاتوريات الخانعة بل والحامية للمشاريع الامريكية والاسرائيلية في المنطقة. لا نريد للآخرين ان يتعظوا، وان يبادروا بالاصلاح، لان الديكتاتوريات المستبدة لا يمكن اصلاحها، ولا بديل عن ازالتها، فالطبع يغلب التطبع، ومن يظلم شعبه، ويصادر حرياته، وينهب ثرواته لا يمكن، بل يجب الا يستمر في الحكم وأن يقدم الى محكمة الشعب العادلة لمحاسبته على كل نقطة دم سفكها، وكل انين انسان حر تحت سياط التعذيب. السؤال الذي تردده غالبية المهنئين لبعضهم البعض بزوال الطاغية هو عن الشعب العربي الآخر الذي سيتسلم راية الثورة من شقيقه المصري، والديكتاتور العربي الثالث الذي سيسقط رضوخا لحناجر الثائرين، من شباب شعبه. ' ' ' قلناها منذ اليوم الاول للثورة المصرية بان ارادة الشعب هي الاقوى، وان شباب هذا الشعب لن يصرخ اولا، لانه صاحب الحق، وهو مصدر كل الشرعيات، ولذلك لم يأت انتصاره مفاجئا بالنسبة الينا، مع اعترافنا باننا كنا نضع ايدينا على قلوبنا، ونحن نرى المؤامرات على هذا الشعب، خاصة من قبل ما يسمى بلجان الحكماء، وانتهازيي الثورات، وبعض الانظمة العربية المذعورة التي ستشعر باليتم بعد رحيل مبارك. شكرا للشعب المصري العظيم، شكرا للارحام المصرية الطاهرة التي انجبت شباب ميدان التحرير، وكل ميادين مدن مصر الاخرى، شكرا لشرفاء مصر من الاعلاميين الذين انحازوا الى قضية شعبهم العادلة ورفضوا الاستمرار في الكذب والتضليل. شكرا لكم جميعا لانكم اعدتم الينا كرامتنا، واعدتم مصر الينا كريمة عزيزة رائدة قائدة. الرد على: ردود الأفعال العالمية على تنحى حسنى مبارك - بسام الخوري - 02-12-2011 دولياً ترحيب باستقالة مبارك وحذر حيال مستقبل مصر السبت, 12 فبراير 2011 بروكسل - ا ف ب قوبل تنحي الرئيس المصري حسني مبارك بالترحيب في انحاء مختلفة من العالم وكذلك في الغرب حيث كان الترحيب مشوبا بالحذر بشأن تطورات الوضع في مصر بينما عبرت ايران ومنظمات اسلامية عن ارتياحها الى هذا الحدث. واعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما ان مصر "لن تعود ابدا كما كانت" داعيا الجيش المصري الى ضمان عملية انتقالية "تتصف بالصدقية" نحو الديموقراطية بعد تنحي مبارك. وقال اوباما في كلمة في البيت الابيض بعد ساعات من تنحي مبارك ان "شعب مصر قال كلمته واسمع صوته (...) المصريون قالوا بوضوح انهم لن يقبلوا بشيء باستثناء ديموقراطية فعلية"، منبها الى ان مصر تنتظرها "ايام صعبة". واعتبر المتحدث باسم البيت الابيض روبرت غيبس ان الحكومة الايرانية "تخشى ارادة شعبها"، مشيرا الى احتمال انتقال التحركات الشعبية الى ايران. وقال الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ان "الشعب المصري اسمع صوته وخصوصا الشباب الذين يعود اليهم ان يحددوا مستقبل بلدهم"، مؤكدا انه يحترم "قرارا صعبا تم اتخاذه لمصلحة الشعب المصري". ودعا الى "عملية انتقالية شفافة ومنظمة وسلمية" مبديا امله في عودة سريعة الى النظام المدني. ورحب نائب الرئيس الاميركي جو بايدن باستقالة الرئيس المصري معتبرا انه "يوم تاريخي" تشهده مصر. وقال في اول رد فعل اميركي على تنحي مبارك انها "لحظة مصيرية" في الشرق الاوسط، لكنه نبه الى ايام مقبلة "حساسة ستكون تداعياتها كبيرة". وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون ان مبارك "استمع لصوت الشعب" مما يفتح الطريق امام "اصلاحات اوسع واعمق". من جهتها رأت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل انه "تغيير تاريخي" داعية النظام المصري المقبل الى احترام "امن اسرائيل" ومعاهدة السلام مع الدولة العبرية. وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون انه "يجب التقدم بتجاه حكومة مدنية وديموقراطية" في مصر. واشاد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بالقرار "الشجاع والضروري" الذي اتخذه مبارك وعبر عن امله في ان تنظم السلطات الجديدة في مصر انتخابات "حرة وشفافة" تسمح بمجيء مؤسسات ديموقراطية. واكد الامين العام لحلف شمال الاطلسي اندرس فوغ راسموسن انه يرحب بقرار مبارك معبرا عن ثقته بان مصر ستبقى "قوة للاستقرار والامن" في المنطقة. ودعت وزيرة الخارجية الاسبانية ترينيداد خيمينيث الى "عملية انتقالية سريعة وسلمية" الى الديموقراطية بينما قال نظيرها السويدي كارل بيلت ان "ما سيجري الآن في مصر سيكون حاسما للامكانات الديموقراطية في مصر". ورحبت وزيرة الخارجية الدنماركية ليني ايسبرسن "بالقرار السليم" الذي اتخذه الرئيس بتخليه عن السلطة، داعية القيادة الجديدة للبلاد الى "مد اليد" الى المعارضة. ورحب وزير الخارجية الهندي س.م. كريشنا بتنحي مبارك داعيا الى "نشر الديموقراطية في مصر" وتنظيم انتخابات سريعة واعرب عن ثقته بان القوات المسلحة المصرية ستضمن "انتقالا هادئا للسلطة". ورحبت رئيسة وزراء استرالية جوليا غيلارد ووزير الخارجية كيفين راد في بيان مشترك ب"يوم استثنائي لشعب مصر" واضافا ان "المصريين طالبوا بالملايين بالتغيير، بمجتمع منفتح وديموقراطي يقدم فرصا اكبر لشعبه". وشدد رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر على ضرورة اجراء انتخابات حرة ونزيهة واحترام حقوق الانسان في مصر بما فيها حقوق الاقليات. واشاد رئيس جنوب افريقيا جاكوب زوما بقرار مبارك التنحي معتبرا انه "فكر كزعيم ووضع مصالح مصر فوق مصالحه الخاصة". وقال رئيس الوزراء التشيكي بيتر بيكاس انه يأمل ان تنظم مصر "انتخابات ديموقراطية وحرة". وصرح الرئيس الاميركي السابق جيمي كارتر "نريد ان يعلم المصريون انهم يحظون بدعم الاسرة الدولية في وقت يسلكون الطريق الصعب لبناء امة ديموقراطية حقا". واعلنت سويسرا تجميدا "فوريا" لحسابات حسني مبارك والقريبين منه في الاتحاد ولمدة ثلاث سنوات لتجنب اي احتمال "لاختلاس ممتلكات للدولة المصرية". وبعد الاعلان عن استقالة مبارك استأنفت بورصة نيويورك ارتفاعها وعوضت الخسائر التي سجلتها عند الافتتاح وحذت بورصة لندن حذوها. اما اسرائيل التي تخشى تصاعد التيار الاسلامي مستفيدا من التغييرات في مصر فتبنت موقفا اكثر اتجاها الى الحذر وعبرت عن املها في ان تجري المرحلة الانتقالية التي بدأت في مصر "بدون هزات". وكرر مسؤول اسرائيلي ضرورة الحفاظ على معاهدة السلام بين مصر واسرائيل التي وقعت العام 1979 والتي رأى انها "تخدم مصالح البلدين وتشكل ضمانا للاستقرار في المنطقة برمتها". وامل وزير الخارجية الايطالي فرانكو فراتيني ان "تتواصل العملية الانتقالية (في مصر) في شكل سلمي ومنظم" واصفا استقالة مبارك بانها "تطور مهم للشعب المصري وتطلعاته الديموقراطية المشروعة". واعربت الحكومة البرازيلية عن تضامنها مع الشعب المصري داعية الى انتقال سياسي "في اجواء من السلام والهدوء". ودعا رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو المصريين الى "التفاهم الوطني" و"المسؤولية"، معتبرا ان "عملية ارساء الديموقراطية" بعد استقالة مبارك ستكون "صعبة وشاقة". في المقابل رحبت حركة المقاومة الاسلامية (حماس) برحيل حسني مبارك معتبرة انه "بداية انتصار الثورة" بينما شهد قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس مظاهر فرح. ودعا سامي ابو زهري المتحدث باسم الحركة "القيادة المصرية الجديدة الى اتخاذ قرار فوري برفع الحصار عن غزة وفتح المعبر المصري الى الابد". بدوره اعتبر اسماعيل هنية رئيس وزراء حكومة حماس ان "مصر تكتب تاريخا جديدا للامة و ان الحصار على غزة بدا يترنح". وفي الوقت نفسه، رأت ايران ان المصريين حققوا "انتصارا عظيما". وقالت ان "ما حققته الامة المصرية الكبيرة بارادتها رغم مقاومة (...) المسؤولين المرتهنين للقوى الكبرى، يشكل انتصارا عظيما". وتحدث الاخوان المسلمون في الاردن عن "درس للكثير من الانظمة العربية" بينما تظاهر نحو 500 شخص امام مقر السفارة المصرية في عمان، بينهم مصريون. وقام عدد من المشاركين بتوزيع الحلوى والورود وإطلاق الالعاب النارية. وقالت وزارة الخارجية السودانية في بيان ان السودان يحترم "ارادة الشعب المصري" لتحقيق "تطلعاته المشروعة الى الكرامة والحرية والاستقرار والسلام". واضافت ان "الانتقال السلمي للسلطة الى المجلس الاعلى للقوات المسلحة يعكس الارادة الوطنية". وفي تونس التي شهدت حركة احتجاجية اطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي، جاء رد الفعل الشعبي بسرعة وشهدت الشوارع حالة من الفرح فيما وجهت الحكومة التونسية "تحية الى نضال الشعب المصري الشقيق وتضحيات شهدائه"، في بيان صادر عن وزارة الخارجية. وسجلت مظاهر فرح في بيروت من اطلاق ابواق السيارات والالعاب النارية وهنأ حزب الله اللبناني المصريين ب"انتصارهم التاريخي". وعبرت تركيا بلسان وزير خارجيتها احمد داود اوغلو عن "تهانيها" للشعب المصري وقالت انها تأمل في "حكومة" تلبي تطلعات الشعب المصري. وقالت قطر انها "تحترم ارادة وخيار الشعب المصري" وعبرت عن املها في ان تتمكن مصر من ان "تلعب من جديد دورها القيادي في العالم العربي والاسلامي". وتجمع آلاف الوافدين المصريين والعرب في العاصمة القطرية ابتهاجا بتنحي مبارك حاملين لافتات عبروا فيها عن البهجة بتنحي مبارك ورفعوا الاعلام المصرية فيما حمل بعضهم ايضا صور الزعيم المصري الراحل جمال عبدالناصر. وهتفت مجموعات من الشباب "مصر مصر حرة والحرامية برة" و"تحيا مصر" و"الشعب المصري اسقط النظام". واكدت الامارات العربية المتحدة دعمها لمصر و"ثقتها في قدرة المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر على ادارة شؤون البلاد" و"حرصها الدائم على تعزيز العلاقات التاريخية الأخوية المتميزة مع الشقيقة مصر". وعبر الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس عن امله في "انتقال سلمي" يقود مصر الى نظام ديموقراطي. وفي باريس احتفل حوالى 300 شخص معظمهم من اصل مصري في وسط باريس بتنحي الرئيس المصري. وقال سالم محمد (52 عاما) الذي قال انه منظم التجمع "نحن سعداء جدا بحريتنا ورحيله امل في ديموقراطية لبلدنا وللعالم العربي". ورفع المتظاهرون ومعظمهم من الشباب اعلام مصر وكانوا يرقصون ويغنون ويتبادلون القبل. كما تجمع اكثر من مئة مصري امام سفارة بلادهم في واشنطن احتفالا برحيل مبارك واشادوا بدعم باراك اوباما للمتظاهرين في مصر. «الحمد لله على سلامتك يا مصر» طارق الحميد السبـت 10 ربيـع الاول 1432 هـ 12 فبراير 2011 العدد 11764 جريدة الشرق الاوسط الصفحة: الــــــرأي العنوان أعلاه ليس من بنات أفكاري، بل هو نص ما قاله الشاب المصري وائل غنيم بعد إعلان خبر تنحي الرئيس حسني مبارك عن منصبه تحت ضغط الثورة.. نعم هي الثورة المصرية، وكما قال السيد عمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أمس، على قناة «العربية» بأنها «الثورة البيضاء». الحمد لله على سلامة مصر التي تفاجأت بنفسها وشبابها، الذي أجرى نيلها من جديد في عروق المصريين وكل العرب.. مصر التي تفاجأت بمكانتها ونظرة العالم كله لها. والأهم من كل ذلك حب العرب لها، فعلى مدى الثمانية عشر يوما الماضية كانت مصر محور النقاش، ولها الدعاء. عربيا، كلٌ عبر عن خوفه على مصر بطريقته، وكلٌ عبر عن حبه بطريقته أيضا، لكن الجميع كان يدعو لمصر، وأمنها وسلامتها. العاطفة هي سيدة الموقف اليوم، حتى لدى أكثر الناس عقلانية، لكن ما حدث في مصر يعد أمرا مذهلا. فهي ثورة لم يُرِق ثوارها قطرة دم واحدة، بل كانوا أكثر حكمة وتعقلا ممن حاولوا قمعهم. ظلت مصر عهدة بيد المعتصمين في شوارعها لقرابة أسبوعين دون إخلال أمني، عدا ذاك الذي حدث يوم انسحب الأمن العام. رأينا شعبا، وشبابا، يلتحفون العلم، ويقفون بجانب الجيش المصري الحكيم مرددين «الشعب والجيش إيد واحدة». رأينا حب مصر على أرض الواقع، وليس قصائد، أو خطابات. هي ثورة الشعب، ثورة ليس لها قائد يأتي بالطائرة من الخارج مثل ما رأينا في حالة إيران يوم جاء الخميني من فرنسا، ولا هي أيضا انقلاب قصر، ولا هي أمر أبرم في مكان ما في الخارج. كل الحكاية أن مصر عادت شبابا من جديد بيد شبابها، وهذا أجمل ما رأيناه في أرض الكنانة طوال الأيام الماضية، ولكن الاستحقاقات اليوم كبيرة، سواء على المصريين أو العرب جميعا المحبين لمصر وأهلها. اليوم لا بد أن يشمر المصريون السواعد لبناء بلد ديمقراطي حقيقي. اليوم يجب أن يقول المصريون لأنفسهم: لا للانتقام، ولا للتشفي.. ونعم لأخذ العبر. اليوم على الشباب أن يؤسسوا حزبهم، ويصدروا قياداتهم الجديدة. اليوم على المصريين، بكافة مشاربهم، أن يلتزموا كلمة شرف، أو قل «كلمة شباب» كما فعلوا في ميدان التحرير يوم كانت «كلمة الشباب» كبيرة، وهي «سلمية.. سلمية» بأن لا تكون مصر دولة آيديولوجيات، أو انقسام، بل يعلنون بناء الدولة الحديثة، دولة المواطنة والعيش الكريم، خصوصا أن المصريين قد حققوا كل مطالبهم، واليوم عليهم تحقيق أحلامهم. أما العرب، كل العرب، فعليهم اليوم الوقوف مع الدولة المصرية، والشعب المصري، لتخرج مصر من أزمتها الاقتصادية، ولتتعافى سريعا من شدة الاهتزاز الذي حدث. فمصر ليست للمصريين وحدهم، بل هي لكل العرب. ونحن بانتظار مصر قوية، سياسيا، واقتصاديا، وثقافيا، وعلميا، وإعلاميا، وحتى فنيا. وهذا ليس كلام عاطفة، بل هذا عين العقل، فما فعله الشباب في مصر يقول لنا إن مصر ستكون دائما بخير. ولذا نقول «ألف حمد لله على سلامتك يا مصر»! tariq@asharqalawsat.com مصر.. الأسئلة السهلة والأجوبة الصعبة محمد الرميحي السبـت 10 ربيـع الاول 1432 هـ 12 فبراير 2011 العدد 11764 جريدة الشرق الاوسط الصفحة: الــــــرأي تسمر الناس، والعرب على وجه الخصوص، في الأسابيع الماضية لمتابعة المشهد المصري وتطوراته. الأسئلة كانت سهلة، السؤال الأهم: هل هي ثورة الإنترنت والجيل الرقمي؟ وكانت الإجابة - في الغالب - أن هذا صحيح، إلا أنها إجابة قاصرة. لأن لوم الإنترنت يأخذنا إلى مكان بعيد جدا عن الأسباب. بدأ كثيرون لوم الوسيلة ابتعادا عن البحث في الأسباب، كمثل معاقبة المبلغ عن الحريق والتجاوز عن مشعل النار. عصر الإنترنت هو وسيلة، الأسباب تكمن في مكان آخر، لذلك من سوء التقدير السياسي مراقبة أو قطع وسائل الاتصال الحديثة، أو محاربة قنوات تلفزيونية لأنها - لدى البعض - مصدر الاضطراب، هي فقط جسر وممر لا غير، أما الأسباب فهي تقع في مكان آخر كما سوف نرى. في العدد الأخير من المجلة الأميركية الـ«فورن أفيرز» ذات الباع الطويل في رسم السياسات الأميركية، عدد يناير (كانون الثاني) - فبراير (شباط) من هذا العام، نشر مقال مطول تحت عنوان «القوة السياسية لشبكات الاتصال الإلكترونية» وهي دراسة موجهة إلى متخذ القرار الأميركي، ينصح فيها كتابها باتباع عدد من السياسات الأميركية، ليست مجال حديثنا هنا. تاريخ نشر الدراسة يدل على أن كتاب المقال المطول لم تصلهم أخبار تونس، وبالتأكيد مصر، حيث كان الحدثان، وقت كتابة الدراسة، في علم الغيب. ما يلاحظ في الدراسة أنه ليس بالضرورة أن يكون الحشد الشعبي من خلال الشبكات الاجتماعية الإلكترونية ذا نتيجة إيجابية في نهاية المطاف. في بعضه نعم، وفي عدد آخر منه لا.. بعض النجاحات مثل ما حدث في الفلبين؛ ففي 17 يناير 2001 أثناء محاكمة رئيس الفلبين الأسبق جوزيف سترادا، قرر مؤيدو الرئيس في البرلمان أن يخفوا بعض الإثباتات التي تدينه، بعد أقل من ساعتين من اتخاذ ذلك القرار، تبادل الآلاف من النشطين الفلبينيين المستائين من رئيسهم الفاسد، رسالة تليفونية قصيرة نصها «اذهب إلى الساحة في وسط المدينة والبس قميصا أسود»، وبسرعة تضخم العدد، وخلال الأيام التالية وصل إلى الملايين في شوارع وسط مانيلا العاصمة، كان الوضع مخيفا، مما حدا بالمشرعين الموالين للرئيس إلى أن يغيروا رأيهم ويسمحوا بتقديم الإثباتات التي تدينه، وبعد ثلاثة أيام فقط خرج الرئيس الفلبيني من الحكم. في إسبانيا، حدث الشيء نفسه عام 2004 حيث تنادى عشرات الآلاف من الإسبان للإطاحة برئيس الوزراء جوزيه ماريا آزنار، لأنه كذب عليهم حول المتسبب في انفجارات قطارات مدريد، حيث قال في البداية إنهم جماعة الباسك (المجموعة المناهضة للحكم الإسباني في شمال إسبانيا) وتبين لاحقا أن رئيس الوزراء أراد الاستفادة السياسية من ذلك الحدث، حيث عرف الجمهور أن المنفذين آخرون، فأطيح به عن طريق الحشد الشعبي بواسطة وسائل الاتصال الحديثة. هناك عدد آخر من النجاحات في استخدام وسائل الاتصال الحديثة في الحشد والوصول إلى النتائج المرادة. إلا أن هناك أيضا العديد من الإخفاقات. في روسيا البيضاء، بيلاروسيا، عام 2006 عندما قامت مظاهرات في الشوارع نظمت من خلال البريد الإلكتروني ضد الرئيس ألكسندر لوكاشينكو، عندما زور الانتخابات البرلمانية، ولكن تلك المظاهرات فشلت في الوصول إلى الإطاحة بالرئيس، جزئيا بسبب القوة الفظة التي استخدمها ضد مناهضيه، وجزئيا بغياب الاهتمام من وسائل الإعلام العالمية. في مكان آخر قريب منا، فشلت الحركة الاحتجاجية الخضراء في إيران، رغم أن منظميها حشدوا ملايين في الشوارع وأيضا عن طريق استخدام الإنترنت ومن خلال «فيسبوك» و«تويتر»، لقد قوبلت الحركة بقوة ساحقة من مؤيدي النظام والقوة الفظة من النظام نفسه، فلم تأت أكلها. في تايلاند 2010 المحتجون في وسط بانكوك (القمصان الحمر) الذين استخدموا وسائل الاتصال الحديثة لحشد الآلاف من مناصريهم وسط المدينة احتجاجا على الحكومة، وقررت الحكومة التايلاندية استخدام القوة المفرطة فشتت الجمع، بعد أن قتل العشرات منهم. هناك إذن أمثلة حية كثيرة وحديثة، في استخدام وسائل الاتصال الحديثة من أجل الحشد والتعبئة للقيام بعمل شعبي واسع ضد نظام قائم. بعضها نجح في مقصده النهائي، وبعضها فشل، لا يتسع المقام هنا لعرض الكثير منها، إلا أن الرسالة التي يمكن استخلاصها أن «الوسيلة» ليست بتلك الأهمية التي يعتقد بعضنا أنها السر السحري لإجراء التغيير، السر السحري يكمن في مكان آخر. حتى تصل الرسالة، دعونا نذهب قليلا إلى تاريخ أقدم، ديسمبر (كانون الأول) 1955، لم يكن هناك إنترنت ولا «فيسبوك»، حيث قررت المرأة السوداء التي تعمل خياطة في إحدى مدن الجنوب الأميركي أن تركب الحافلة إلى بيتها، ووجدت كرسيا شاغرا ارتمت عليه، وكانت القوانين تفرض أن يخلي الأسود للأبيض الكرسي، ولكنها رفضت عندما صعد رجل أبيض في المحطة التالية، وذهب سائق الحافلة إلى مقر الشرطة، فغرمت المرأة خمسة عشر دولارا، ورفضت أن تدفع الغرامة، وكانت الشرارة التي انطلقت في سماء أميركا بعد ذلك لما سمي لاحقا بحركة الحقوق المدنية التي استمرت 400 يوم، سببت الصداع لكل أميركا، ثم أصبحت روز باركس بطلة من أبطال الحقوق المدنية الأميركية، ونال السود بعد ذلك الحادث الكثير من حقوقهم المدنية. الشبكات الاجتماعية ووسائل الاتصال الحديثة لا تستطيع وحدها إجبار الحاكم على ترك الحكم أو تغيير رأيه، خطايا الحكم في عصرنا هي التي تفعل ذلك، وهي تراكمية مع مرور الزمن، ومتضخمة نتيجة القراءة الخاطئة للأحداث. في الحالة المصرية، ليس أكثر من الإشارات العديدة التي كانت تشير إلى مناطق الفساد. من شاهد فلم «عمارة يعقوبيان» للمبدع علاء الأسواني يعرف على وجه الدقة مبلغ الفساد المنتشر، ويكاد الفيلم، أو الرواية السابقة له، أن يشير إلى ذلك بالاسم، وغير ذلك من الأفلام والمسلسلات والكتب والمقالات، لعل آخرها مسلسل وحيد حامد «الجماعة»، وعدد كبير من الكتاب المصريين والنابهين أشاروا إلى المساوئ المنتشرة التي قوبلت إما بالإهمال أو الملاحقة الأمنية والزج في السجون. النقطة الحرجة عندما يقرر المجتمع المدني أن يتحمل التضحيات، مهما بلغت، لأن العيش في الواقع أكثر إيلاما من تلك التضحيات المطلوبة، عندها ينقلب المشهد، لا كرامة للمواطن ولا حقوق إنسانية في حدها الأدنى مع فساد للنخبة الحاكمة يزكم الأنوف، ويكفى ما ظهر حتى الآن من فساد لمسؤولين مصريين، ربما تصبح فقط رأس جبل الجليد الذي يختفي حتى الآن تحت سطح التسويف. وهناك ممن إذا وصل إلى سدة السلطة تنفتح شهيته للمال الحرام واضطهاد الناس في الوقت نفسه، فهذا يتطلب ذاك. من شاهد منا ما نقلته وسائل الاتصال (عدسة تليفون جوال) لما حدث على كوبري قصر النيل في جمعة الغضب، ووسائل الاتصال مقطوعة في مصر، حيث فرمت السيارات المصفحة جلود وعظام البشر، يعرف أن استخدام القوة المفرطة من جانب الدولة لا يؤدي إلى النتائج المرادة في الردع مهما بلغت فظاظتها، إن قررت جماعة واسعة من المجتمع المدني دفع الثمن. إذن هي الحكمة القديمة المتجددة «العدل أساس الملك». ومتى ما فقد العدل، صار مقدمة لفقد السلطة! فلا لوم على الإنترنت؛ لقد ظهرت براءتها. الرد على: ردود الأفعال العالمية على تنحى حسنى مبارك - بسام الخوري - 02-12-2011 ثورة مصر تنتصر: فجر عربي جديد مصريون يحتفلون في ميدان التحرير بتنحي مبارك أمس (رويترز) المتظاهرون أمام القصر الرئاسي قبيل الإعلان عن تنحي مبارك أمس (أ ف ب) طلال سلمان دهمنا العيد قبل أن نستعد له بما يليق بدهر انتظاره: ها هم فتية مصر يعيدون إليها الروح، ويستعيدون الوطن العربي من ليل القمع والخرافة والتيه عن هويته، ويتقدمون بها وبه على طريق الغد الذي سُرق منها ومنهم لزمن مفتوح على الخيبة والشعور بالعجز عن التأثير.. وسنؤرخ بالفجر الجديد الذي انبثق عفياً من قلب ليل الثاني عشر من شباط ـ فبراير ـ 2011، بوصفه موعداً مع الدخول إلى العصر. ها هم فتية مصر يعيدون الاعتبار والمعنى إلى كلمات ابتذلها من استخدمها زوراً ليغطي طغيانه: الحرية، الديموقراطية، كرامة الشعب، إرادة الأمة، وينجزون ـ خلال عشرين يوماً ـ ما عجزت أحلام آبائهم عن إنجازه خلال ثلاثة عقود، بل أربعة إذا ما استذكرنا بيع دماء المجاهدين رخيصة في سوق نخاسة الصلح المنفرد مع العدو الإسرائيلي. لم يحملوا من السلاح إلا إرادتهم وعلومهم وفقرهم ومعاناتهم من أجل الخبز مع الكــرامة. لم ينشــئوا ميليشيا، وهم أبناء الدولة التــي بدأ بها ومعها عصر الدول، لم يخرّبوا المؤسسات العامة التي كان الطغيان قد أفرغـــها من دورها في خدمة أصحابها الشرعيين. لم يدمّروا المنشآت الخاصة وهــم يعــرفون أنها حصيلة نهب عــرق جباههم. لم يتــشدقوا بشعارات طنانة وفخمة الإيقاع. لم يزعموا أنهم سيغيّرون الكون. قـــالوا فقط: نحــن هنا، نريــد استــعادة وطننا ودولته. تنادوا فتلاقــوا فأكدوا حضورهم فإذا حكــم الطغيان يتهــاوى بعدما عصى جيش الشعب رغبته في الانتقام والتدمير... وإذا جبروت الطاغية يتهاوى كبيت من قش أمــام صمودهم العظــيم صفاً واحــداً. لــم يوحّدهم حـــزب ولا جماعة ولا جبهة مدوية الشعارات في فراغ القــدرة. نادوا بعضهم بعـضاً فـإذا هـم الشـعب كله. مشوا إلى ميدان التحرير فنصبوا إرادتهم راية، فإذا الناس ـ أهلهم ـ يأتون إليهم من كل حدب وصوب وقد سلّموا بأهليتهم للقيادة. لم ترهبهم آلة القمع التي أعدها النظام البارك عليهم منذ ثلاثين عاماً أو يزيد. رقصوا، غنوا، أنشدوا، كتبوا. أكد كل كفاءته: أفواج للحراسة والتنظيم، الأطباء لمعالجة الجرحى ومن تأخذهم النشوة إلى الإغماء، الصيادلة لتأمين الدواء، وأفواج لاستلام تبرعات أهلهم بالخبز والمأكولات السريعة. والجميع لمواجهة طوابير الأمن المركزي ورجالات الشرطة الذين خصص قائدهم وزير الداخلية المكافآت لمن يبدع في إهانة شقيقاته ورفاقه وأهله، فإذا احتاجت قوات القمع مدداً جيء بأصحاب السوابق والبلطجية والحرامية من أبناء الليل لكي يفرّقوا شملهم فما تفرّق. وحــين نزل إليهــم الجيش اطــمأنوا فارتدوا على مهاجمــيهم من راكــبي الجمال والبــغال والحمــير حتى هزموهم. جاءوا عشرات إثر عشرات، مئات إثر مئات، ألوفاً، عشرات الألوف، مئات الألوف، مليوناً إثر مليون... امتلأ بهم الميدان، امتدوا إلى الإسكندرية والمنصورة، إلى طنطا وبني سويف، إلى الفيــوم وأسيوط والمنيا إلى الأقصر وأسوان والخارجة. صاروا كموج البحر الذي بلا ضفاف. صــاروا الأمة. قالوا: نحن هنا! نحن الوطن! نحن السيادة، نحن الحرية، نحن التقدم... وإلى جهنم الطاغية ونظامه البوليسي المتخلّف، المستقوي عليهم وهو المرتهن ـ بإرادته ـ لدى العدو الإسرائيلي والمهيمن الأجنبي. جاءت مصر كلها، بفقرائها، بمتوسطي الحال والأغنياء بجهدهم وعرق الجباه والكفاءة. وتابعتهم الأمة وقلوب أبنائهم في عيونهم، يتأملون فيهم صورة مستقبلهم. صار الوطن للجميع، اقباطاً ومسلمين، والدين لله. لم يكن حلماً، بل كان أبهى كالحقيقة. كــانت الإرادة تدوي وهــي تصنع التاريخ فتبدّل المصائر لتصنع النصر الذي كان يتبدى مستحــيلاً. صار فتية الورد حركة. صارت الحركة ـ بالإرادة ـ ثورة. صارت الثورة طوفاناً. هم العقول المنوّرة بالعلم. هم أبناء الشقاء والظلم الأبدي. هم أبناء الفقراء والمفقرين. أبناء الناس الطيبين الذين سئمهم الصبر وظلوا يأملون عبثاً أن ينتبه إليهم نظامهم الدكتاتوري. أن يستذكر أنهم قد ارتضوه رئيساً لأنه حارب عدوهم، فإذا به يستــضيف العدو إلى إفطارات رمضانية، ويقاتلهم بالجوع والإذلال ورهن إرادتهم وإضعاف دولتهم ودفعها إلى الشارع الدولي تتسوّل القروض والإعــانات بكرامتها. تساءلوا: هل هذه هي مـصر؟ هل هذه دولتـنا التي كان لهــا شرف القيادة ومجد الريادة ليس في وطنها العــربي الكبير وحده، بــل في كل أفريقيا ونصف آسيا، وكــان لها مجد الحضور في النــادي الدولي بوصفها صاحبة قرار. [ [ [ كانوا فتية بعقول حكماء، وكانوا ثواراً بصدق الوطنيين: لم يطلبوا العون من أية جهة، بل هم رفضوا أن «ينصحهم» الخارج، أو أن يدعمهم، أو أن يتبنى مطالبهم. هذه معركة تحرير وطنهم، وهم لها. هذه لحظة إثبات أهليتهم بوطنـهم بــحضارته الممتدة من فجر التاريخ، ولسوف يثبتونها. هذه لحظة إسقاط الطاغية، وهي مهمتهم. ولقد نجحوا. كانوا أذكى من أن يخدعهم الطاغية بتنازلات جزئية تبقيه وتلغيهم. رفضوها وهم يؤكّدون رفضهم. وكانوا أذكى من أن يجروا إلى مصادمة الجيش الذي عرف فيهم أهله فانحاز إليهم. وكانوا أصلب من أن تجوز عليهم حيلة تعيين نائب الرئيس، ثم حيلة تفويضه بصلاحياته. ثبتوا حتى سقطت الخدع جميعاً، ووقف «النائب» في مواجهتهم يعلن «تنحي» الرئيس وتنحيه معه، مفوضاً الجيش. مع لحظة سقوط حسني مبارك ومعه نائبه عمر سليمان، اندفعت العواصم تستذكر كم نصحته، وكم تمنت عليه أن يكون «ديموقراطياً»، فأبى، لأنه لا يعرف أن يزوّر طبيعته. ومع سقوطه الفعلي تبارت العواصم بقيادة واشنطن ورئيسها الأسمر ذي الجذور الإسلامية، باراك أوباما، تحاول ادعاء «أبوة» الانتصار الذي حققه فتية مصر، وتحاول استمالتهم بوصفها الوكيل الوحيد للديموقراطية، إنتاجاً وتوزيعاً، في العالم كله، وبادعائها أنها المرجع الفرد للحرية وصناعة التاريخ... اما نادي الملوك والامراء والسلاطين والرؤساء المزمنين، فانهم ارتعدوا من هذا التغيير الآتي اليهم. [ [ [ اليوم عادت مصر إلى مصر. عادت مصر إلى هويتها الأصلية. وستعود غداً إلى دورها المفتقد، والذي لا يعوّضه غيرها. وها هي الأمة العربية من أقصى مغربها إلى أدنى مشرقها ترقص فرحاً في الشوارع، وتعلي راية مصر خفاقة على شرفات المنازل وواجهات المحال التجارية والفنادق والمصانع وسيارات الأجرة. لقد هُزم الطغيان في الأرض العربية. تونس كانت المقدمة، وها مصر تكتب سيرة الغد بانتفاضتها المجيدة. ولكم كانت نبيلة تلك اللفتة من الجنرال قارئ البيان الثالث لقيادة القوات المسلحة حين رفع يمناه بالتحية، حين جاء على ذكر شهداء ثورة مصر التي أعادت إلى الأمة ثقتها بنفسها وإيمانها بأنها قادرة على صنع غدها. ساعات ما قبل النصر انتصار ثورة مصر الذي جاء مدويا، سبقته ساعات حرجة بعدما امتنع مبارك في كلمته الاخيرة الى المصريين مساء امس الاول عن اعلان التنحي الذي يبدو ان البيت الابيض كان يتوقعه منه شخصيا، واكتفى بتفويض صلاحياته الى نائبه عمر سليمان، ما أشعل غضبا شعبيا مصريا لم يسبق له مثيل، وساهم في بلورة قرار المحتجين في إنزال الشعب المصري برمته الى الشوارع امس، والانتقال من الاعتصام في ميدان التحرير الى باحة قصر الاتحادية الرئاسي، وهي خطوة نفذت في ساعات الصباح الاولى وتوجه آلاف المتظاهرين الى الشارع المؤدي الى القصر، وسرعان ما ارتفع عددهم الى نحو 200 الف متظاهر مزودين بالخيم والاسعافات الاولية، حاولوا بالفعل التقدم الى القصر لكن وحدات الحرس الجمهوري تصدت لهم، وبدا ان المواجهة اتخذت شكلا جديدا وساحة جديدة وسط إنذارات شعبية متتالية باقتحام البوابات الرئيسية. في تلك اللحظات سرب الخبر الاول الى قناة العربية عن ان مبارك وأفراد أسرته غادروا القصر والقاهرة على متن طائرات عسكرية انطلقت من مطار الماظة العسكري القريب، من دون ان تتحدد وجهتهم، التي تردد انها شرم الشيخ، ما ساهم في تهدئة المتظاهرين الذين كانوا يضغطون على وحدات الحرس الجمهوري، وباتت قيادة الجيش وقواتها في موقف صعب، لانها لم تكن تود الاصطدام مع المحتجين لكنها لا ترغب ايضا في السماح لهم باقتحام القصر، ما دفعها الى اصدار بلاغها العسكري الثاني الذي يتعهد بصون الثورة ومكتسباتها وبتنفيذ التعهدات التي قدمها مبارك حول تعديل الدستور وقبول الطعون في الانتخابات النيابية والانتقال الى التجربة الديموقراطية المنشودة. لكن ذلك البلاغ لم يوقف الهجوم على القصر ولم يبدد عزيمة المتظاهرين على اقتحامه والاعتصام في حرمه حتى رحيل مبارك الفوري، فيما كان جمهور ميدان التحرير يستعد لحسم المواجهة مع الرئيس والنظام، مستفيدا من الدعم الهائل الذي تلقاه من جموع المصريين الذين انضموا اليه. ومع ساعات الظهر تصاعدت المواجهة، وسط مخاوف من احتمال اندلاع أعمال عنف، فيما كانت القيادة العسكرية تناقش سبل اقناع الشعب بالهدوء والتروي، لا سيما بعدما تبين ان سليمان عاجز عن القيام بمثل هذه المهمة لا سيما بعدما فشل في دوره السياسي الاخير في احتواء المعارضين للنظام وشق صفوفهم وكسب المزيد من الوقت لرئيسه. واستقر الرأي على ان الجيش وحده هو الذي يستطيع تهدئة الغضب الشعبي، لانه لا يزال يحظى بمكانة خاصة في قلوب المصريين ويمثل خط الدفاع الاخير عن الدولة والشرعية، فتقرر ان يقوم سليمان بواجبه الاخير ويعلن بنفسه عن تنحي مبارك عن الرئاسة وعن تنحيه ضمنا عن منصبه كنائب للرئيس، ويفسح المجال للمجلس الاعلى للقوات المسلحة كي يتولى زمام الامور، التي لا تزال حتى اللحظة تتسم بالضبابية، لان بلاغاته الثلاثة لم تعلق العمل بالدستور ولم تعلن الاحكام العرفية كما هي العادة، بل اكتفى بالاشــراف على عملية الانتقال المنظم للسلطة.. التي لم يعرف ما اذا كانت ستحمل او ستحتاج الى توقيع رئيس المجلس وزير الدفاع المشير حسين طنطاوي. وفور انتهاء سليمان من تلاوة بيان تنحي مبارك المقتضب وتسليم السلطة الى المجلس الاعلى، شهدت مصر عرسا شعبيا لم يسبق له مثيل، ورقص المصريون وغنوا في الشوارع والساحات في جمهوريتهم المستعادة وفي جميع مراكز اغترابهم حول العالم وتبادلوا التهاني بانتصار ثورتهم السلمية التي صارت علامة فارقة في تاريخ الانسانية، وهللوا لاستعادة وطنيتهم من قاع القهر والذل والهوان، ورفعوا رؤوسهم عاليا، وتحولت احتفالاتهم الى موجة فرح عربية وعالمية عارمة، فتسارع المهنئون بالنصر من مختلف العواصم، وتهاوى بعض الذين حاولوا سرقته من شعب خرج الى الثورة بحسه الطبيعي ومن دون اي شعارات او ايديولوجيات سياسية. ولم يجرؤ المجلس العسكري نفسه على قطع هذا الاحتفال الشعبي التي استمر حتى ساعات متأخرة من الليل، استعدادا للفجر الجديد الذي صنعه المصريون بجدارة وكرامة. وامتنع الجميع عن طرح الكثير من الاسئلة المعلقة حول طبيعة المرحلة الانتقالية ومدتها، علما بأنه تردد ان الجيش ينوي الدعوة الى اجراء انتخابات رئاسية مبكرة في غضون ثلاثة اشهر على ابعد تقدير، تكون خلالها التعديلات الدستورية قد انجزت، ومهدت لتسلم رئيس مدني يقود عملية اصلاح جذرية للنظام برمته، تتضمن بداية تنظيم اجراء انتخابات نيابية جديدة ودعوة المصريين الى الكثير من الاستفتاءات الشعبية لنقل بلدهم الى رحاب الحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية، حسب الشعارات التي رفعها جيله الشاب الذي قاد الثورة الاهم وحمل بشارة قرن عربي وإسلامي مشرق. إهانة للطغيان ساطع نور الدين ليس الحدث الذي ستحفظه كتب التاريخ هو طرد حسني مبارك من الرئاسة ومن القاهرة. كان مجرد كهل خرف يحتضر. انقطع منذ سنوات عن العالم المحيط به، وترك لأسرته ومريديه أن يعيثوا فسادا في أرض مصر، لم يكن حتى ليصدق أن الشعب المصري بات يكرهه ويشعر بالعار لوجوده في القصر الرئاسي. والارجح انه ظل حتى اللحظة الاخيرة يعتقد أن صور الملايين التي نزلت الى الشوارع تطالبه بالتنحي الفوري هي صور مزيفة أو مركبة أو خاضعة لضغوط وإملاءات خارجية على ما جاء في كلمته التلفزيونية الخرقاء ليل الخميس. لم يكن فرعونا أو طاغية أو حتى مستبدا، كان حاكما أحمق، أهان صورة الحكام الطغاة الذين يدبون الرعب في شعوبهم ويسرقون النوم من عيون أطفالهم. أساء اليهم جميعا، في سنوات حكمه وفي لحظات سقوطه، التي كانت سمتها الوحيدة هي العناد، الذي لا يستند الى جبروت أو كبرياء أو حتى كرامة. مجرد حماقة خالصة كادت تهدم الهيكل على رؤوس المصريين جميعا، لولا حكمتهم ووعيهم وحرصهم على بلدهم. لعله شعر ببعض القلق عندما عبرت طائرة نظيره التونسي زين العابدين بن علي الأجواء المصرية متجهة الى المنفى السعودي، قبل حوالى شهر، لكنه على الأرجح لم يشعر بالخوف على كرسيه. فمثل هذا الشعور لا يصدر إلا عن كائن حي مسؤول عن وطن وشعب أو عن نظام ومؤسسات، أو حتى عن عائلة، لن يجد أفرادها بعد اليوم ملاذا آمنا من المحاكم. في اليوم الثالث أو الرابع من الثورة، كانت الفرصة لا تزال سانحة لكي يدخل مبارك التاريخ كأول رئيس مصري يتنحى عن السلطة ويشكل سابقة عربية وإسلامية ثانية بعد سلفه السوداني عبد الرحمن سوار الذهب، ويصير مدرسة ومرجعاً ومكتبة، ولكي يصبح، حسب تعبير صديق مصري لماح، مانديلا مصر، فينضم الى حكمائها الكبار، ويحتل مقعدا شاغرا بين مجموعة حكماء افريقيا بل العالم كله. لكنه أبى واستغفل، واستخف بقدرة شعبه وإرادته على التخلص منه مهما كان الثمن وعلى وصمة ظلت عالقة على جبينه طوال ثلاثين عاما. لعل طغاة كثيرين يشعرون اليوم بالارتياح لأنهم تخلصوا من عضو صغير في ناديهم المغلق، فقط لأنه أساء الى مهابتهم المحفورة على شواهد القبور وبوابات السجون.. ولأنه حاول جاهدا أكثر من مرة أن يلتحق بهم وينافسهم على القمة، لكنه ظل في مرتبة متدنية.. قبل أن يسقط بطريقة مشينة لا تليق بالدكتاتور الذي كتب عليه أن يدخل السلطة على ركبيته ولا يخرج منها إلا على ظهره. في حكمه وفي سقوطه، ألحق مبارك الأذى الفادح بفكرة الطاغية، ونظرية الطغيان، وصار كل مستبد يراجع طرائق استبداده، لكي لا يدخل كتب التاريخ مثلما دخلها مبارك باعتباره حاكما أخرق لبلد عظيم وشعب حكيم. الرد على: ردود الأفعال العالمية على تنحى حسنى مبارك - بسام الخوري - 02-12-2011 الاندبندنت: خروج الطاغية ونشوة الشعب آخر تحديث: السبت، 12 فبراير/ شباط، 2011، 03:29 GMT * ارسل لصديق * اطبع نسخة سهلة القراءة احتجاجات في مصر احتجاجات في مصر تنحي الرئيس المصري حسني مبارك هو الموضوع الأكثر تغطية في الصحف البريطانية الصادرة السبت، وهكذا كان الحال منذ اندلاع الثورة في مصر. في صحيفة الاندبندنت نجد أكثر من موضوع، ما بين تقرير ومقال وافتتاحية، بينها نجد مقالا للصحفي روبرت فيسك الموجود في القاهرة منذ بداية الأحداث. عنوان المقال "رحيل طاغية ونشوة شعب" يرصد فيه ردود فعل الشعب المصري في القاهرة على إعلان الرئيس المصري حسني مبارك تنحيه. "فجأة انفجر الجميع بالغناء، والضحك، والبكاء. فجأة ركع الكثيرون على الأرض وبدأوا بتقبيلها. بدأ البعض بالرقص والبعض شكر الله على تخلصه من الرئيس. بدا المشهد وكأننا في عرس، وكأن كل رجل وامرأة أمامي تزوج لتوه. سيعرف هذا الحدث في التاريح باسم ثورة 25 يناير، وهو اليوم الذي اندلعت فيه الثورة، وسيؤرخ له على أنه اليوم الذي هب فيه شعب مصر"، هكذا وصف فيسك المشهد. رحل الرجل العجوز، يقول الكاتب، ولم يسلم السلطة لنائبه بل للجيش. "العرب الذين يضطهدهم الغرب ويميز ضدهم ويعاملهم الكثير من الإسرائيليين الذين يرغبون ببقاء حكم مبارك كمتخلفين وجهلاء، هبوا ونفضوا عنهم خوفهم وطردوا الرجل الذي يحبه الغرب ويعتبره "زعيما معتدلا". نعم، ليست شعوب أوروبا الشرقية وحدها القادرة على مواجهة الوحشية وتحديها، يقول فيسك. "عالم شجاع" وتحت عنوان مصر: عالم عربي جديد وشجاع، تكتب صحيفة الجارديان في افتتاحياتها عن الثورة المصرية واصفة كيف انتهت ثلاثون عاماً من الديكتاتورية خلال 30 ثانية. والوقت الذي قصدته الصحيفة هو الوقت الذي استغرقه إعلان نائب الرئيس عمر سليمان نبأ تخلي حسني مبارك عن منصب الرئيس وتسليم السلطة إلى المجلس العسكري الأعلى. وتقول الجارديان إنه بعد 18 يوماً من الاحتجاجات المتواصلة قاوم خلالها الشباب المعتصمون في ميدان التحرير كل ما واجههم به النظام الذي كان يلفظ أنفاسه من البلطجية وإطلاق النار والاعتقالات إلى قطع خدمات الانترنت وشبكات الهاتف المتحرك وملاحقة وسائل الإعلام- بعد كل ذلك استطاع الشعب المصري أن يوصل صوته في النهاية. وتمضي الصحيفة قائلة إنه مهما يحصل بعد الآن، فإن ما حصل بالفعل يعد لحظة تاريخية مهمة، فقد أعادت ترسيخ مكانة مصر كقائدة للعالم العربي والشعب المصري في الصميم الأخلاقي لهذا العالم. وتؤكد الجارديان على أن الثورة نفذها أشخاص عاديون يطالبون بعناد غير عادي بحقوق سياسية أساسية هي: انتخابات حرة، تشكيل أحزاب سياسية حقيقية وقوات شرطة تلتزم بسيادة القانون ولا تقوضها. وتلفت الصحيفة الانتباه إلى الروح الوطنية التي سادت الثورة بالقول إن المسلمين والمسيحيين وقفوا فيها جنباً إلى جنب ولم يرفع فيها إلا العلم الوطني. وأظهر المصريون معاً أنهم إذا كان بإمكانهم قهر الخوف لديهم فإن بمقدورهم أن يطيحوا بأعتى الديكتاتوريين. وتختم الصحيفة بالقول إن مصير مبارك لن يمر مرور الكرام على جميع الديكتاتوريين الآخرين في العالم العربي وخارجه. الجيش وتسليم السلطة تنحى مبارك وتسلم الجيش مقاليد الحكم، وماذا بعد؟ في افتتاحيتها التي اختارت لها عنوان "على الجيش المصري أن يسلم السلطة للشعب" حاولت صحيفة الاندبندنت الإجابة على السؤال. مبارك رحل مبارك بعد ثلاثين عاما في السلطة إذن أطاح الشعب بمبارك، وحصد ثمرة احتجاجاته التي استمرت 18 يوما، ولكن تسلم الجيش مقاليد السلطة بعد رحيل مبارك يخلق شعورا بغياب اليقين والقلق، تقول الصحيفة. لقد لعب الجيش دور "وسيط الخير" في الأحداث، ورفض استخدام العنف ضد الشعب، وامتنع حتى عن التدخل. من المؤسف القول إن الحقبة التي ستعقب رحيل مبارك تعتمد على الجيش بمقدار ما تعتمد على الشعب، كما ترى الصحيفة. في أحسن الأحوال سيلتزم الجيش بالمطالب التي ثار من أجلها الشعب، وسيلغي قوانين الطوارئ، ولكن التجارب تعلمنا أن المؤسسة العسكرية قد تحتفظ بالسلطة التي حصلت عليها، وهنا يأتي دور الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والذي دعموا الثورة من الخارج، حسب الافتتاحية. فجر جديد وتحت عنوان " فجر مصر الجديد" علقت صحيفة الديلي تليجراف في افتتاحيتها على ما جرى في مصر قائلة إن سقوط رئيس أقوى وأكبر دولة من حيث عدد السكان في العالم العربي يعتبر حدثاً مهماً جداً لكن عواقبه على بلد كان يعيش في ظل نظام الطوارئ منذ عام 1981من الصعب فهمها. وتقول الصحيفة إن حقيقة الإطاحة بمستبد طال حكمه، في أعقاب الرحيل السريع نسبياً للرئيس التونسي زين العابدين بن علي الشهر الماضي، تعني أن الذعر سيتنامى في عواصم المنطقة ومنها تل أبيب. وبحسب الصحيفة فإن هناك آمالاً في مصر نفسها بأن تؤدي استقالة الرئيس مبارك إلى انتقال سلس إلى الديمقراطية ولكن حتى لو كان الانتقال سلساً، فإن هذا لايعني بالضرورة أنه سيكون سريعاً. وتقول التليجراف إنه لا يوجد شك بأن ما يهلل له باعتباره نصراً لقوة الشعب ما هو في الجوهر سوى استيلاء للجيش على السلطة. وتمضي الصحيفة قائلة إنه في غياب معارضة تتمتع بالشرعية، فإن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يمثل المؤسسة الوحيدة القادرة على ملء الفراغ. وبرأي الصحيفة فإن أحداث الأمس قد تكون بداية لأزمة تعيشها مصر وليس نهاية لها. وتختم الصحيفة افتتاحيتها بدعوة الغرب إلى عدم التدخل في شؤون مصر مذكرة إياه بعواقب ما حصل قبل ثلاثين عاماً في إيران عندما تم اختطاف الثورة التي بدأت علمانية من قبل الإسلاميين. http://www.independent.co.uk/news/world/africa/robert-fisk-a-tyrants-exit-a-nations-joy-2212487.html Robert Fisk: A tyrant's exit. A nation's joy They sang. They laughed. They cried. Mubarak was no more Saturday, 12 February 2011 * A tyrant's exit. A nation's joy Everyone suddenly burst out singing. And laughing, and crying, and shouting and praying, kneeling on the road and kissing the filthy tarmac right in front of me, and dancing and praising God for ridding them of Hosni Mubarak – a generous moment, for it was their courage rather than divine intervention which rid Egypt of its dictator – and weeping tears which splashed down their clothes. It was as if every man and woman had just got married, as if joy could smother the decades of dictatorship and pain and repression and humiliation and blood. Forever, it will be known as the Egyptian Revolution of 25 January – the day the rising began – and it will be forever the story of a risen people. The old man had gone at last, handing power not to the Vice-President but – ominously, though the millions of non-violent revolutionaries were in no mood to appreciate this last night – to Egypt's army council, to a field marshal and a lot of brigadier generals, guarantors, for now, of all that the pro-democracy protesters had fought and, in some cases, died for. Yet even the soldiers were happy. At the very moment when the news of Mubarak's demise licked like fire through the demonstrators outside the army-protected state television station on the Nile, the face of one young officer burst into joy. All day, the demonstrators had been telling the soldiers that they were brothers. Well, we shall see. الرد على: ردود الأفعال العالمية على تنحى حسنى مبارك - بسام الخوري - 02-12-2011 حسن حنفي بداية، اعتذاراً لشعب مصر بعد أن أسأنا به، نحن المثقفين، الظنون ونحن في حمأة جلد الذات، والقسوة مع النفس، والندب والعويل الذي تعودنا عليه، وطالما طالت المدة، وانسد الأفق، وطال النفق ودب اليأس في القلوب. وظننا أننا نعبر عن حالة موجودة بالفعل عند الشعب وهي عندنا نحن (أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي) دون أن نسمع (وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ). لقد انسدت سبل التغيير، ضعفت أحزاب المعارضة، وزيفت الانتخابات الأخيرة بحيث حصل الحزب الحاكم على كل المقاعد تقريباً. واستأسد الأمن بكافة أشكاله، العلني والسري، من وزارة اعتبرت الشعب عدوها الأول في الطريق وفي أقسام الشرطة وفي المعتقلات والسجون، أمن في يد السلطة والمال، بين التجمع الخامس والعشوائيات، بين المدن الجديدة والقرافة، والنظام له ما يدعمه محليّاً وإقليميّاً ودوليّاً. واتهمنا الشعب بأنه متخلف لم يرقَ إلى مستوى مجتمع المعرفة، ولم يواكب نظام العالم الجديد، ظل مجتمعاً محليّاً ولم يصبح في مستوى المجتمع العلمي العالمي مثل الصين والهند وإسرائيل. يصعب تغييره. الفقر فيه منذ سبعة آلاف سنة، منذ شكاوى الفلاح الفصيح حتى سكان المقابر والعشوائيات. والقهر مغروز فيه منذ فرعون. سمته المجتمع الأبوي البطريركي. وما كان تاريخاً لمصر أصبح بنية. وما بدأ عادة أصبح طبعاً، وما كان نظاماً أصبح طبيعة وسمة وخاصية، يتحدث عنها علماء الاجتماع الثقافي والسياسي. وانسدت طرق التغيير، أحزاب سياسية ضعيفة، شقة وجريدة وشلة، ومنظمات المجتمع المدني نخبوية، لم يتعود عليها الناس، ومفاهيم ما زالت غير شائعة في الثقافة الشعبية مثل حقوق الإنسان، والتنظيمات لا يعلمها أحد، وطويلة الأمد، ومهما بلغت سريتها فإن الأمن لها بالمرصاد، سرعان ما يكتشف خلاياها. ويكون مصيرها الاعتقال والتعذيب والسجن بلا محاكمة أو بمحاكمة عسكرية صورية تحت مظلة قوانين الطوارئ. وقد تكون الضباط الأحرار في الأربعينيات عصر الفورة الوطنية بكل مكوناتها، ولم تعد الآن، يُحال الضباط وهم في الأربعينات إلى الاستيداع بمعاش كبير للانخراط في الحياة الاقتصادية، وتكوين الشركات الخاصة في عصر الانفتاح الاقتصادي. طبقاً لتحليلات المثقفين السابقة انتهت مصر. وضاع شعبها ولم يجد أمامه إلا الطرق العرجاء والأبواب الخلفية. يفرغ فيها همه. ويبث فيها كربه. ويشكو إليها حزنه. لم يجد إلا الدين والإغراق فيه هروباً إلى الداخل. "الإسلام هو الحل". والحفاظ على الهوية عن طريق الشعائر والمظاهر الخارجية، الذقن والجلباب والطاقية، والحجاب والنقاب والانعزال. والجماعات الإسلامية، مجتمع "طاهر" للتعامل اليومي في الصحة والمرض، في البيع والشراء، في التعليم والعلم، مجتمع "المؤمنين" في مواجهة مجتمع "الكافرين". والمخدرات باب خلفي آخر. يكثر عرضها في الأفلام باعتبارها السلوك المفضل للشباب والرجال، وللمحبطين والعاطلين، للفقراء والمحرومين. وهي أيضاً هروب إلى الداخل في عالم الخيال بعد أن استعصى عالم الواقع. نسيان للهم، وسعادة بالدخان من خلال الأنفاس بعد أن استحالت السعادة في الأسرة والمجتمع. سعرها بين الصعود والهبوط مثل العملات الأجنبية، ونادرة مثل الغذاء. يستهدفها الأمن كما يستهدف الجماعات الدينية والسياسية. فإن غلا الثمن، وبقي لدى الناس نشاط طبيعي فالكرة هي الملاذ. والانتساب إلى النوادي الرياضية والتحزب لها بل والعراك من أجلها بديل عن الانتساب إلى الأحزاب السياسية وعن الانحياز للوطن ضد أعدائه. تتوقف الحياة العامة، وتخلو الطرقات أوقات المباريات. ثم تمتلئ بعدها بهتافات النصر أو بالهجوم على الفريق الآخر الكاسب واتهامه بأبشع الاتهامات ونسيان تاريخه الوطني وأخوته في العروبة والإسلام. كل ذلك رغبة في تحقيق أي نصر، وانتصار في أي معركة. فالثورة ضد الظلم طريق مسدود وليس له إلا الطرق الخلفية يفرغ فيها نشاطه. وإذا كان الشباب ميسور الحال، من الطبقة الجديدة، من أبناء الزمالك و"جاردن سيتي" والمدن الجديدة والتجمع الخامس فإنه يندرج في عالم رجال الأعمال والأسواق الحرة و"المولات"، "السيتي ستارز"، جنينة مول"، والسوبر ماركت، حيث يسيل اللعاب وتنتفخ الجيوب استهلاكاً وربحاً. هو عالم الثراء السريع وما يتضمنه من رشاوى وفساد في نظام سياسي يقوم على السلطة والمال. فإن صعب الحال أو طالت المدة بدأ التسلق على الحزب الحاكم بالانضمام إليه وإلى لجانه السياسية والاقتصادية والإعلامية. فتسهل السلطة ما عصى على الثروة. ويبرز الإعلام ما أخفته النجوع. فإذا استعصى ذلك كله نظراً لطول طوابير الانتظار وغياب ضربات الحظ بدأ الوقوف في طوابير السفارات الأجنبية سعياً لتأشيرة دخول بعقد عمل أو هجرة دائمة. فإن استعصت الهجرة الشرعية فالهجرة غير الشرعية عن طريق البحر. الموت غرقاً بدلًا من الموت جوعاً. فالحل عند الآخر بعد أن استعصت الحلول في الوطن. والثراء المنتظر في المستقبل أفضل من الفقر المدقع المستمر في الحاضر. فإن أغلقت كل الأبواب الأمامية والخلفية فقد انتهى كل شيء. ولم يبق إلا الانتحار حرقاً في الميادين العامة أو أمام مجالس الشعب والشورى. الخروج من الحياة بعد الخروج من التاريخ. وفجأة، وعلى غير انتظار حدث ما لم تتوقعه تحليلاتنا نحن المثقفين. بل وانقلب بعضها رأساً على عقب، من التطرف الديني والمخدرات والكرة و"المولات" والحزب الحاكم والهجرة ونهاية التاريخ إلى الانتفاضة والثورة والغضب والصمود والطوفان. وظهرت نهاية النفق. وعادت الروح. وظهر شعب مصر وتاريخه وكرامته وشبابه ومستقبله. وأبدع ثورة مصرية بعد ثورة تونسية تفوق الثورات الفرنسية والروسية والأميركية وانتفاضات الشعوب في أوروبا الشرقية. فعذراً شعب مصر، أسأنا بك الظن وأنت أحسنت الظن بالتاريخ. (حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا). عذراً شعب مصر. نقلا عن (الاتحاد) الإماراتية الرد على: ردود الأفعال العالمية على تنحى حسنى مبارك - بسام الخوري - 02-12-2011 حتى في سقوطه.. طاغية متعجرف نسرين عزالدين GMT 16:40:00 2011 السبت 12 فبراير 1Share بعيدا عن وجه عمر سليمان المتجهّم وعن وجه مرافقه الأكثر تجهّما، كانت لحظة مثالية. لحظة تتوقف فيها القلوب عن الخفقان وتغرق العيون بالدموع وتعجز الألسن عن الكلام. لقد أسقط الشعب النظام.. سقط محمد حسني مبارك ونظامه. لحظة تاريخية لمصر وللعالم العربي.. لا داعيَ للكلام فلنصمت. بضع كلمات من سليمان وإنفجرت مصر بصيحات الفرح والهتافات. فلا داعيَ للكلام، أصواتهم أجمل من أصواتنا وبالتأكيد لا نملك تعبيرا يضاهي في روعته تعبيرهم. "بسم الله الرحمن الرحيم، أيها المواطنون، في هذه الظروف العصيبة التي تمرّ فيها البلاد، قرّر الرئيس محمد حسني مبارك تخليه عن منصب رئيس الجمهورية، وكلّف المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شؤون البلاد، والله الموفق والمستعان". بكلمات مختصرة ووجه متجهّم وبعيون شاخصة، خرج عمر سليمان معلنا تنحي مبارك بعد أن كان الأخير قد خرج على الشعب المصري ليل الخميس بخطاب الآمر الناهي. قاموا بما يحلو لهم ليل الخميس، الرئيس المخلوع اليوم لعب دور الطاغية حتى آخر رمقٍ وحين سقط قرر أن يسقط على طريقته الخاصة.. بتعجرفٍ . "في هذه الظروف العصيبة قرر حسني مبارك التنحي"، لم يدخل الرئيس المخلوع كلمة الشعب أو الإستجابة للمطالب أو تقديم مصلحة البلاد على أيّ مصلحة شخصية، لم يضع أيًّا من هذه الكلمات في خطاب التنحي.. فهو قرّر وحسب.وكأنه كان يملك خيار البقاء من عدمه، لقد أسقط وخلع وطرد وهذا واقع ما حصل. كان كما دائما طاغية لا يسمع ولا يرى، يعيش في قصوره العاجيّة فلا يرى خارجها شيئا. أبى أن يرحل على طريقة بن علي، ولو قدّر لنا أن نقيس مقدار الطغيان، فإن مبارك يتجاوز بن علي بأشواط وإن كانت المقارنة لا تجوز إذ إنّ كليهما نكّلا بطريقة لا تخطر ببال أحد بشعوبهما، وإنّما "لخصوصيّة" مصر ومنصب الرئاسة فيها، فإن سقوط مبارك كان مدويا أكثر من "زميله" التونسي المخلوع. حين تنحى الملك فاروق عام 1952 جاء في خطاب التنحي ما يلي "نحن فاروق الأول ملك مصر والسودان لمّا كنّا نطلب الخير دائما لأمتنا ونبتغي سعادتها ورقيّها ولما كنا نرغب رغبة أكيدة في تجنيب البلاد المصاعب التي تواجهها في هذه الظروف الدقيقة ونزولا عند إرادة الشعب قررنا النزول عن العرش.." كلمات لا وجود لها في قاموس مبارك أساسا، فهو لم يسمع بخير الأمة ولا يتمنى لها السعادة، وهو بالتأكيد لن يعترف صراحة وعلانية أنه قرر النزول عند رغبة الشعب. هو قرر فحسب. صحيح أنها مجرد كلمات لا تمحو ما اقترفته أيدي الطغاة طوال سنوات تربّعهم على عروشهم، لكنّها خاتمة وفرصة لإظهار القليل من التواضع أمام إرادة الشعوب. فرصة أخيرة للإعتراف بأن كلمة الفصل تبقى بأيدي الشعوب ولو بعد حين، ولكن وبما أن مفهوم السلطة في عالمنا العربي "مقلوب" فإن الرؤساء لا يرون أن أدوارهم محصورة بخدمة الشعب، على العكس تماما فهُم يعتبرون بأن الشعوب وجدت لخدمتهم ولتحمّل طغيانهم دون إعتراض. وللمفارقة الغريبة أن يختار مبارك الحادي عشر من شباط/ فبراير للتنحي، يوم سقوط شاه إيران وقيام الجمهورية الإسلامية، وهو الذي يكنّ كرهًا عميقا لإيران كما كشفت وثائق ويكيليكس الأخيرة. ربما كان الأجدر به لو استقال ليل الخميس مجنّبا نفسه مزاوجة تاريخ سقوطه بتاريخ سقوط محمد رضا بهلوي وقيام الجمهورية الإسلامية في إيران. لكنه اختار أن يعاند شعبه حتى الرمق الأخير، فليل الخميس خرج بمقاربة أقل ما يقال فيها إنها منفّرة ومقزّزة متوجها إلى الشعب المصري "بحديث الاب لأبنائه وبناته"، أيّ أب يسرق الأبناء والبنات ويقتلهم وينكّل بهم ويعذبهم ويشرّدهم ويفقّرهم ويسلب أحلامهم ومستقبلهم. لا همّ، لقد رحل الطاغية، وكما يقال ما قبل الحادي عشر من فبراير ليس كما بعده.. لقد تكلّم الشعب وفرض إرادته. أطلق جبابرة تونس شرارة الثورات، وأكمل أبطال مصر المسيرة. صحيح أن مهمة الشعب المصري كانت أكثر تعقيدا من مهمة الشعب التونسي، نظرا للدعم العربي والدولي الذي كان يحظى به مبارك، لكنّ الخطوة الأولى دائما هي الأصعب.. كسر حاجز الخوف والإنطلاق. وهذا ما قدمه شعب تونس للعرب، قدم لهم الأمل بغد أفضل ومنحهم العزم على العيش بكرامة بلا خوف من طاغية يقمع ويقتل وينهب. لو كنت تونسية.. ولو كنت مصرية.. هل كان شعوري ليكون أكثر حدّة ؟ هل كانت سعادتي لتكون أكبر مما هي عليه. لا أعلم، لن أجزم تأكيدا أو نفيا فلا أملك الجواب. ولكنني أعلم بأنني كعربية أولا وكلبنانيّة ثانيا أشعر بالتماهي المطلق مع الشعبين التونسي والمصري.. تماه أنكره الحكام العرب كحق لنا وفصلوا بيننا بسياستهم الموالية للمشاريع الأميركية والإسرائيلية، حرّضونا على بعضنا بعضًا من خلال طائفية بغيضة وعنصرية مقيتة. أما اليوم فالشعوب العربية أثبتت أنها كينونة واحدة، بهم واحد وأمل واحد ومصير واحد. أعتذر لأن الكلمات خانتني أمام عظمة إنجازكم، لذلك سأصمت وانصت الى ما تقولونه، فلا شيء مما سنقوله نحن سيضاهي روعة أقوالكم وفرحة تحرركم.. وتحررنا. |