كل النواصي في يديك مع القلوب مع الهمم ..
وأراك إن أطلقتها أهلكت بالأمم الأمم ..

أما وقد تمالأت الكلاب عليك من كل صوبٍ وجانب, وبتنا نرى نفس البارجات الحربية التي لما ينقشع دخان نيرانها التي قتلت أبنائنا ونسائنا ورجالنا العراقيين بعد .. نفس الطائرات التي قصفت المنازل والمدارس والمعابد ومزقت البلاد إلى أشلاء؛ يقال لنا أنها هي هي من ستحمي أبنائنا في ليبيا منك سيدي العقيد .. بالأمس القريب واليوم وغداً وهي تحوم كالغربان والضباع ولا تنفك تلهث في زفارة لسان ولعاب ينسكب كالسلسبيل بانتظار استواء الجيف المتعفنة .. بتنا نسمع نفس الخطاب الذي خبرناه وعهدناه عشية الغزو على العراق .. نفس الأجواء ونفس التدابير ونفس الرجال وإن بسحنات ملونة؛ قوات تُحشد وأمريكا تناقش وبريطانيا تتململ وفرنسا تعترض والصين تحذر وروسيا تدعو للتروي!

ما قمت به سيدي العقيد من قمع للمتظاهرين "المسلحين" لم يكن بدعة ابتدعتها ولا ماركة مسجلة لديك, وحتى عندما عمدت إليها لم تكن أهم زبائنها ولا أفضل من استخدمها ولا أكثرهم إغراقاً بها, لقد رأينا بالأمس خرفان الخليج يسحقون المتظاهرين "المسالمين" بالمدرعات والمصفحات, فما كان من محترفي النفاق والعهر السياسي من قادة أمريكا وشراميطها في أوروبا إلا أن خرجوا علينا بكل صفاقة الدنيا ليُشيدوا بحكمة أشباه الرجال وعواهر الخليج ,, ما أوقحهم وقد تناسوا الهبات والمكرمات وأثمان الضمائر والنفوس التي كنت تغدقها عليهم بالأمس ليمسحوا مؤخرات خدمك وحاشيتك .. ها هم الآن يتذوتون شرف العاهرة - مع احترامي وتقديري لها - ويجمدون الأرصدة والعقار والأموال في البنوك - وكم ذا اعتاشوا على ريعها. فهل يتجاسرون الآن على فعل الشيء ذاته مع أرصدة أطفال آل سعود والصباح وخليفة وثاني ونهيان وأشباههم ..

لم تكن "المظاهرات" التي في ليبيا سلمية قط ,, فقد رأيناهم مدججين بالسلاح وهم يحتفلون بهستيرية على ظهور الدبابات التي غنموها منذ اليوم الأول للمظاهرات, نعم, لم تكن مظاهرات ولا اعتصامات ولا بطيخ, بل تمرد مسلح يقود حرب عصابات غير موجهة .. لا أخفيك بأني تطاولت عليك قبل الآن وعذري - إن كان لي عذر - بأني كنت وغيري ضحايا للتضليل الإعلامي القذر والذي مارس هوايته المفضلة في نشر الغسيل الوسخ .. لقد أوهمونا كذبا وبهتانا وزورا بأنك كنت تقصف المنازل والمدارس والبيوت الآمنة بالطائرات والدبابات والبوارج والغواصات, وتفننوا في سرد الأرقام والتقافز عليها بين الآلاف وعشراتها ومضاعفاتها ..!

فخامة العقيد السعيد معمر عبد السلام بومنيار القذافي .. أناديك وأشد على يديك بألا تأخذك بهم سنة ولا لوم, فالرحمة والشفقة مفردات يرددها الببغاوات ولا يعرفها التاريخ, أنت الآن على تخوم خوض حرب يجابهك فيها عتاة العالم بجنون, ليس لأنك مجرم حرب فهم خبراء في صناعة الحروب وأياديهم ملطخة عن آخرها بالدماء, وليس حماية لشعبك فأنت أكثر حرصاً عليه منهم, وهم لن يتوانوا عن محوه بالقنابل النووية لو استدعى لهم الأمر فعل ذلك, أنهم ببساطة ينظرون لما تحت قدميك, شبقوا للنفط وقد ظنوك كالأسد الجريح, ولكن هيهات مادامت في العروق دماء تنضح, وفي اليد بندقية وفي الجيوب رصاص .. وعليك الآن البدء بالمتمردين في بنغازي والبيضاء وسحق أولئك الغوغاء الذين خرجوا وهم لا يعرفون ماذا يريدون ولماذا خرجوا ودونما وعي أو تفكير. كل ما هو واضح أنهم يقودون بلادهم على طبق من فضة نحو تسليمها لقوات الاحتلال المتربصة على الحدود, فاطلق عليهم أسودك ولا تكترث بالمرجفين ولا تدخر فيهم حارقاً ولا خارق واضرب فديتك منهم جحفلاً نجدا, فهم ليسوا بضحايا فالضحايا لا يغتنمون الدبابات والقذائف والسلاح من إخوانهم في البلاد والسلاح, بل يحتمون بها ويفخرون بأبناء قواتهم المسلحة ويعرفون كيف يلتحمون معهم عند الشدائد .. وثق بأن الغالبية من أبناء شعبك سيقفون إلى جانبك للوقوف بوجه أي تدخل قادم من الخارج .. الأمر الأهم الآن والمعركة الحقيقة التي يجب الإعداد لها تتمثل في استراتيجية الإمساك بالعظمة التي ستروض بها كلاب الغرب بحيث تمسك بهم من اليد اللي بتوجعهم, ألا وهي السيطرة الكاملة والمحكمة على حقول وآبار النفط وعمل الاحتياطات لتلغيمها بما لا يدع هناك أي فرصة لمحاولة إطفائها فهي لن تكون أرخص من الدماء التي سيسقطها المحتل من أجل الحصول على الخرا الأسود .. فليحترق عن آخره ومعه قلوبهم وعليا وعلى أعدائي يا ولاد القحبة.

بقي أن أقول سيدي العقيد بأن أسودك ليسوا بمرتزقة كما تنبح الفضائيات ليل نهار فالمرتزقة غيرهم .. أنهم أولئك الذين يعودون على ظهور الدبابات الأمريكية .. تلك التي يستحل قوادها نسائهم وأعراضهم وبلادهم, وبئس الثمن المقبوض ..