هل نحن علي اعتاب الدستوبيا ؟dystopia - طنطاوي - 04-27-2011
بداية انا لست من المتشائمين وانما انا احاول ان اكون موضوعيا .
لعل الاتجاه الذي تبدو ان الاحداث تسير فيه يهي للمراقب ان المنطقة تتجه نحو مزيد من الحرية
لكن برايي الامر غير صحيح
فنحن لم نسمع في خضم المناقشات التي طالت كل شئ اي شخص يدافع عن الحرية او عن قيم الانسان وحقوقه من حق الاعتقاد لحرية التعبير التام لحرية التنقل
الثورة ثورة مشخصنة ضد مبارك كشخص وليست انتصارا لقيم معينة او نظام معين
فلم يحدث تغيير جوهري في الخطاب واراء الناس قبل الثورة وبعد الثورة
مازالت طريقة التفكير والمفردات نفسها موجودة
---
هل ثارت الشعوب بسبب كرامتها وسوء اداء حكامها
ام ان ثوراتها نتيجة عوامل موضوعية ترتبط بمتغيرات كونية
بمعني اخر هل الشعوب تحركت مجبرة ام مختارة؟
انا اعتقد انها كانت مجبرة
فليس من قبيل الصدفة ان الثورات تتالت بعد الازمة المالية الاوربية التخيرة
وتزامنت مع اعلان دول اوروبية غربية للافلاس !
اسعار النفط في العالي ولا بديل رخيص للطاقة يلوح في الافق
-----
الرعاية الصحية الجيدة نسبيا التي وفرتها الانظمة التقدمية
ساهمت في تضخم اعداد الشعوب عن طريق خفض الوفيات ( وفرة المضادات الحيوية وبرامج التلقيح )
بينما ظلت الاراضي الزراعية ثابتة
مستوي المعيشة يجب ان ينخفض!
-----
الكوارث الطبيعية تتوالي
والمناخ يتغير بطريقة مجنونة
وكل لطمة مناخية تؤثر علي الاقتصاد !
----
فانا لست من المتشائمين
لكني اعرف ان هذه العوامل اثرت علي مانعيشه اليوم
وستظل تؤثر
فلاتستبشروا بخير كثير وسهل يهطل فجاة !
فمن اين سياتي الخير والعالم ككل يعيش في شح وعلي وشك الافلاس
ومن اين سياتي الخير ونحن لا نعرف قيم الحرية وحقوق الانسان والتسامح
كيف سياتي الخير وثقافة الناس مازالت لا تحب العمل وتريد كل شئ ببلاش
مازال الكبت الجنسي موجودا
احتقار الاقليات وانكار حقهم في الوجود ( البهائيين نموذجا) البارانويا ضد الاقباط !
وكراهية اليهود والزنوج !
نحن نتجول في المواقع وعالفيسبوك وهذا هو ما نقراءه !
فكيف تتوقعون تغيرا جوهريا وانتم لم تتغيروا من داخلكم ؟ مازالت سحناتكم والسنتكم كما هي !
RE: هل نحن علي اعتاب الدستوبيا ؟dystopia - الحوت الأبيض - 04-27-2011
(04-27-2011, 08:30 PM)طنطاوي كتب: الرعاية الصحية الجيدة نسبيا التي وفرتها الانظمة التقدمية
ساهمت في تضخم اعداد الشعوب عن طريق خفض الوفيات ( وفرة المضادات الحيوية وبرامج التلقيح )
بينما ظلت الاراضي الزراعية ثابتة
مستوي المعيشة يجب ان ينخفض!
الشعب يريد زيادة الأمراض
الرد على: هل نحن علي اعتاب الدستوبيا ؟dystopia - مؤمن مصلح - 04-27-2011
موضوع جيد وبحاجة لتفاعل من الزملاء
RE: هل نحن علي اعتاب الدستوبيا ؟dystopia - observer - 04-27-2011
(04-27-2011, 08:30 PM)طنطاوي كتب: بداية انا لست من المتشائمين وانما انا احاول ان اكون موضوعيا .
لعل الاتجاه الذي تبدو ان الاحداث تسير فيه يهي للمراقب ان المنطقة تتجه نحو مزيد من الحرية
لكن برايي الامر غير صحيح
فنحن لم نسمع في خضم المناقشات التي طالت كل شئ اي شخص يدافع عن الحرية او عن قيم الانسان وحقوقه من حق الاعتقاد لحرية التعبير التام لحرية التنقل
الثورة ثورة مشخصنة ضد مبارك كشخص وليست انتصارا لقيم معينة او نظام معين
فلم يحدث تغيير جوهري في الخطاب واراء الناس قبل الثورة وبعد الثورة
مازالت طريقة التفكير والمفردات نفسها موجودة

معك حق تماما، فها هم السلفيون قد انفلتوا من عقالهم، و المظاهرات تخرج في مصر بسبب تعيين محافظ قبطي و المجلس العسكري يستجيب و يوقف عمله، و شوكة الاسلاميين تقوى بركوب الموجة، و تنتصر المادة الثانية بالدستور المصري بشكل كاسح بعد الاستفتاء الاخير على الرغم من ان هذه المادة لم تطرح اساسا للاستفتاء. يعني لم يحدث اي تغيير ولو طفيف في مفهوم الدولة المدنية و المواطنة، هذا ان لم يكن حتى تراجعا نحو الخلف، و بالتالي يبقى اهم ركن من اركان الثورة ناقصا حتى نستطيع ان نطلق على ما حدث في مصر ثورة.
RE: هل نحن علي اعتاب الدستوبيا ؟dystopia - neutral - 04-28-2011
اقتباس:الثورة ثورة مشخصنة ضد مبارك كشخص وليست انتصارا لقيم معينة او نظام معين
فى نظام مبارك لم يكن هناك قيم أو نظام ولكن جمود سياسى كامل وشئ طبيعى والوضع هكذا أن تكون هناك حالة سيولة سياسية بعد سقوطه والمسألة مسألة وقت حتى تتضح معالم كل فريق وجماعة على الساحة.
مبارك أيضا ليس شخص ولكن ممثل ورمز لمجموعة من الأفكار والقيم السلبية وشئ إيجابى من وجهة نظرى أن توجه الثورة غضبها تجاه هذا الرمز.هل من المنطقى أن نقول أن محاكمات نورمبرج كانت تتميز بالشخصنة تجاه هتلر وأعمدة حكمه?
مبارك اليوم بوضعه الحالى سبب من أسباب عدم الإستقرار ويجب إغلاق هذا الملف بسرعة حتى نلتفت لأمور أهم ولكن يبدو أن الجيش غير مدرك لمدى الغضب الشعبى ضد مبارك ومازال بيتعامل معه بحنية وقفازات حريرية. لماذا يجب معاينة مستشفى سجن طرة لمعرفة ماإذا كانت تصلح لإقامته أم لا? هل أنا لو سقطت فى قبضة العدالة سيعاينون مستشفى سجن طرة ليروا إن كانت تصلح لإقامة جلالتى من عدمه! لماذا لايلقى مبارك فى زنزانة كغيره وبدون الإهتمام بمعرفة أحوال مستشفى السجن ولو حدث له طارئ طبى يسرى عليه مايسرى على باقى المساجين وبصراحة لو مات نتيجة عدم وجود رعاية طبية مناسبة يكون أحسن ويوفر علينا مصاريف الأكل والمحاكمة. أخر شئ جيد ممكن أن نفعله لمبارك هو ألا نسجنه مع المسجونين الجنائيين وأكثر من هذا يبقى دلع ومياصة وسوء تقدير من الجيش.
RE: هل نحن علي اعتاب الدستوبيا ؟dystopia - طنطاوي - 04-28-2011
(04-27-2011, 08:58 PM)الحوت الأبيض كتب: (04-27-2011, 08:30 PM)طنطاوي كتب: الرعاية الصحية الجيدة نسبيا التي وفرتها الانظمة التقدمية
ساهمت في تضخم اعداد الشعوب عن طريق خفض الوفيات ( وفرة المضادات الحيوية وبرامج التلقيح )
بينما ظلت الاراضي الزراعية ثابتة
مستوي المعيشة يجب ان ينخفض!
الشعب يريد زيادة الأمراض ؟
 (04-27-2011, 09:02 PM)مؤمن مصلح كتب: موضوع جيد وبحاجة لتفاعل من الزملاء
RE: هل نحن علي اعتاب الدستوبيا ؟dystopia - طنطاوي - 04-28-2011
(04-28-2011, 01:32 AM)neutral كتب: اقتباس:الثورة ثورة مشخصنة ضد مبارك كشخص وليست انتصارا لقيم معينة او نظام معين
فى نظام مبارك لم يكن هناك قيم أو نظام ولكن جمود سياسى كامل وشئ طبيعى والوضع هكذا أن تكون هناك حالة سيولة سياسية بعد سقوطه والمسألة مسألة وقت حتى تتضح معالم كل فريق وجماعة على الساحة.
مبارك أيضا ليس شخص ولكن ممثل ورمز لمجموعة من الأفكار والقيم السلبية وشئ إيجابى من وجهة نظرى أن توجه الثورة غضبها تجاه هذا الرمز.هل من المنطقى أن نقول أن محاكمات نورمبرج كانت تتميز بالشخصنة تجاه هتلر وأعمدة حكمه?
مبارك اليوم بوضعه الحالى سبب من أسباب عدم الإستقرار ويجب إغلاق هذا الملف بسرعة حتى نلتفت لأمور أهم ولكن يبدو أن الجيش غير مدرك لمدى الغضب الشعبى ضد مبارك ومازال بيتعامل معه بحنية وقفازات حريرية. لماذا يجب معاينة مستشفى سجن طرة لمعرفة ماإذا كانت تصلح لإقامته أم لا? هل أنا لو سقطت فى قبضة العدالة سيعاينون مستشفى سجن طرة ليروا إن كانت تصلح لإقامة جلالتى من عدمه! لماذا لايلقى مبارك فى زنزانة كغيره وبدون الإهتمام بمعرفة أحوال مستشفى السجن ولو حدث له طارئ طبى يسرى عليه مايسرى على باقى المساجين وبصراحة لو مات نتيجة عدم وجود رعاية طبية مناسبة يكون أحسن ويوفر علينا مصاريف الأكل والمحاكمة. أخر شئ جيد ممكن أن نفعله لمبارك هو ألا نسجنه مع المسجونين الجنائيين وأكثر من هذا يبقى دلع ومياصة وسوء تقدير من الجيش.
كل هذا جميل ولكن
انا اقصد ان ننظر لسلسة الثورات هذه في سياقها المادي كجزء من سلسلة من الاحداث التي تتالي بسبب حتميتها ، بمعني
الطاقة تنضب
الماء يشح
التصحر يزيد
عدد سكان العالم يزيد
كل هذا ادي لانهيار النظام الاقتصادي بالخارج
لكن عندنا فقد ادي لما نحن فيه اليوم.
فالثورة ليست مثلا تكليلا لحركة ثقافية تحررية مثلما كان الامر في الثورتين الفلرنسية والبشفية
وانما حبه ناس انخفضت قوتهم الشرائية بشكل مفاجئ وشعروا بغياب الفرص لمستقبل افضل
والدليل
انك مازلت تقرئ كلام نظريات المؤامرة وجملا مثل نحن قوم اعزنا الله بالاسلام
فعلي مستوي العقلية واللغة نستطيع ان نقطع بانه ليس هناك ثورة علي الاطلاق
باختصار
انا اقول انه يجب علينا ان ننظر للثورات كجزء مما يحدث في العالم لان الامر بالفعل كذلك
ولانه سيمكننا من توقع ماسيحدث
فالاقتصاديون لايتوقعون نهوضا سريعا للاقتصاد العالمي
وعليه فيجب ان نتوقع اضمحلالا للاوضاع اذا لم نكن واعين للامر
RE: هل نحن علي اعتاب الدستوبيا ؟dystopia - أسامة مطر - 04-30-2011
أعتقد أن هذا المقال يخص الموضوع
اقتباس:فيصل جلول
لا يمكن لخبير ثوري إلّا أن يصاب بالذهول في حضرة بعض «الثورات» العربية، حتى لا أقول كلّها، ليس لأنّها لا تشبه الثورات على «الاستعمار والإمبريالية» فحسب، بل لأنّها تحيل إلى «الثورة العربية الكبرى» بزعامة هاشميي الأردن. كذلك تفوح من بعضها رائحة «الثورة العراقية» تحت الاحتلال ضد النظام السابق، وأخرى شأن «ثورة الكونترا» في نيكاراغوا، و«الكوبيين البيض»، وغيرها من ثورات من تصفهم الأجهزة الأمنية الغربية بـ«الديموقراطيين» أو «المقاتلين من أجل الحرية». وكدت أن أحشر الأوكرانيين والجورجيين وبولونيي ليخ فاليسا، وتشيكيي فاكلاف هافل في هذه الخانة، فاستدركت لظني أنّ هذه التجارب تنتمي إلى الفضاء الأوروبي أو الأطلسي «السيد»، وهي مندمجة، أو مرشحة للاندماج فيه، وبالتالي تتصل بديموقراطية السادة، ولا تتساوى مع «ثورات» التابعين، الموصوفة ديموقراطياً على سبيل المجاملة.
ولا نظلم بعض «الثورات» العربية عندما نرى شبهاً لها مع «ثورة لورانس»، في مطالع القرن العشرين. ذلك أنّها تنطلق أو تدور أو تنجز أو تختم، بمساعدة من الدول الغربية، بل يصل التشارك بين الثوار والسادة الغربيين إلى حد يسمح باحتجاج علني أبداه «ثوار ليبيا» على الحلف الأطلسي، لأنّه لا يقصف «مواقع القذافي»، وينبغي أن تقصف. وتقول صحيفة «لو كانار أنشينه» الباريسية، إنّ الثوار الليبيين تقدموا من الاستخبارات الخارجية الفرنسية بطلب رسمي لتدبير اغتيال العقيد الليبي، الأمر الذي أثار حفيظة المعنيين وتعليقاتهم الساخرة. ولا تثريب على هذه الشراكة من جهة الغرب، بل هي واجبة بحسب الرئيس الفرنسي ساركوزي، الذي أكد لمن يرغب أنّ الثورات العربية «لم ترفع شعارات إسلامية ولم تطلب الموت للغرب وهي تناضل من أجل سيادة القيم الغربية فلماذا نتردد في دعمها؟».
لا حاجة للنظر إلى هذه الشراكة بغير ما ذكر الأمير شكيب أرسلان، شاهد «الثورة الهاشمية» الكبرى، إذ قال في كتابه الشهير «لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم؟»، «ما أنزل بالإسلام والمسلمين وبالعروبة والعرب مثل هذا الهوان إلّا الدول التي وسمت نفسها بالديموقراطية، ولا استعبدهم إلا الزاعمون أنّهم أنصار الحرية، فعلى المسلمين عموماً والعرب خصوصاً، إذا أرادوا الشفاء من مرضهم أن يحسنوا تشخيصه». ولعل الأمير اللبناني لا ينام قرير العين مع ثورات لم تحسن تشخيص أمراض العرب والمسلمين، فظنّ بعضها أنّ طغيان الحاكم المحلي يبرر ارتكاب الكبائر، وبالتالي عقد شراكة «ثورية» مع طغاة العالم.
ولا نجرد بعض ثوريي هذه الأيام من حسن النية، فحالهم كحال أسلافهم الذين عملوا مع «لورانس العرب»، وما كان لأحد أن يرميهم بالعمالة للأجنبي أو لبريطانيا في حينه. حصل ذلك بعدما تبيّن لاحقاً أنّ الحلفاء أشرفوا على توطين المشروع الصهيوني في فلسطين، وقسموا بلاد العرب إلى ولايات جمهورية وملكية، وتنكّروا لوعد المملكة العربية المتحدة، ثم تحاصصوا بلداننا وثرواتنا وتوزعوا النفوذ فيها والوصاية عليها. هكذا كانت الحال، وهكذا استمرّت، وهذا ما هو قائم إلى هذه الساعة، وقد ترسخ عبر اتفاقات كامب ديفيد ووادي عربة وأوسلو، وكان يراد له أن يتسع، بحيث تنضمّ اتفاقات مماثلة إلى شقيقاتها، غير أنّ المقاومتين اللبنانية والفلسطينية مانعت، ومعها سوريا التي صارت هدفاً «للتغيير» أو «الاغتيال»، لا فرق، بعد احتلال العراق. غير أنّ المشروع الأميركي فشل، وانطوى معه التغيير، وابتعد أكثر فأكثر بعد حرب لبنان وحرب غزة، ليعود مجدداً من الداخل وعبر بعض الفضائيات بصيغة إصلاحية، تبتغي القتل بذريعة التغيير.
العناق بالخناق
الواضح أنّ «الثورات العربية» طرأت بعدما استقرّت في العالم العربي حالة جمود خطيرة. فقد وضعت القضية الفلسطينية في الثلاجة، ومعها الجولان. وعاش لبنان حالاً من اللاحرب واللاسلام مع إسرائيل، ومثله قطاع غزة. والتزمت واشنطن الصمت، بعد تراجع أوباما عن ضغوطه لوقف الاستيطان، وانزواء بلاده الاستراتيجي بعد إخفاقاتها الشرق أوسطية، وتلقّيها إصابات مباشرة في العراق وأفغانستان، فضلاً عن أزمة الأسواق المالية العالمية. كلّ ذلك جعل الموقف العربي في مواجهة احتمالات ثلاثة:
أولاً: قلب الطاولة على الصهاينة والأميركيين، والتخلص مرة واحدة من الصراع العربي ـــــ الإسرائيلي وهو أمر متعذر، لأنّ سلطة القرار في العالم العربي في قبضة دول «معتدلة»، ينسب إليها الحرص على رعاية توازن إقليمي تكون تل أبيب طرفاً أساسياً فيه.
ثانياً: الانخراط في صراعات مذهبية وإثنية، لإغراق تيار المقاومة في مستنقع أهلي لا نجاة منه. وقد نجح التيار، حتى الآن، في تجنب هذا المستنقع.
ثالثاً: انفجار عفوي هنا وهناك، بأثر من التعبئة المتواصلة في الفضائيات ووسائل الاتصال الحديثة ضد الأنظمة العربية، دون تمييز بين نظام مناهض للغرب وإسرائيل، وآخر موال لهما، وهو ما يقع منذ أواخر العام الماضي.
الجدير بالذكر أنّ الحملات التحريضية على الأنظمة العربية، نجحت في تفكيك مسلّمات مهمة في الثقافة السياسية العربية، من بينها أنّ أمر التنمية والتخلف في العالم العربي ليس شأناً داخلياً منعزلاً عن الصراع مع إسرائيل وعن ميزان القوى مع الغرب. كذلك نجحت في تصوير الحاكم العربي على أنّه أكثر عداءً لشعبه من الصهاينة، وبدا من خلال الاستماع إلى بعض هذه الحملات أنّ الجهاد المقدس يجب أن يكون ضد الحكام لا ضد الغرب، بل بدا أحياناً أنّ الولايات المتحدة والغرب هم أفضل للعرب في ثقافة الفضائيات من رؤسائهم وملوكهم. وما كان ذلك الجهد المتواصل مستهجناً، فهو ينطلق من بلدان تحميها قواعد وأساطيل أميركية وغربية. واللافت في هذا الصدد، أنّ تيار الممانعة والمقاومة كان يبتهج بالإطلالات التي توفرها الفضائيات لبعض رموزه، ويفتخر بـ«عروبتها المزعومة»، غير مدرك أنّها تسعى معه إلى ضرب من «العناق بالخناق».
مثّل احتراق «البوعزيزي» في تونس منطلقاً لانتفاضة ناجحة وسريعة ضد زين العابدين بن علي، وهو حاكم أوتوقراطي مترهّل وفاسد ومستبد، استسلم للصهاينة والغرب، وحصل منهم على ما يحتاج له من صكوك الغفران للتعاطي مع شعبه بالطريقة التي يحب. وانتهت الانتفاضة إلى رحيل ذلك النظام من دون أن يدافع عنه ألف متظاهر في الشارع. مثله كان حال الرئيس حسني مبارك، الذي ارتكب الكبائر في العلاقة مع الصهاينة، وتجاوز كلّ المحرّمات في علاقته بالفلسطينيين، متذرعاً بمشاركته في حرب أكتوبر 73، فإذا به يرحل هو الآخر مكتشفاً، في لحظات حكمه الأخيرة، أنّ جماهيره المصفقة والمهللة أشبه بديكور يحتل شاشات التفلزة لا الساحات العامة. ثم كرت السبحة، وانتشرت الانتفاضات في بلدان عربية عديدة، حيث الحكام العرب سواسية، وإسقاط الرئيسين التونسي والمصري يوجب إسقاط الليبي واليمني والسوري، أما الأردني والبحريني فيحتاجان إلى إصلاحات والى صمت من بيدهم الأمر في الإعلام التحريضي، وهو ما حصل حتى الآن.
صناعة الرأي العام
لقد بدا أنّ إسقاط الرؤساء العرب صار ميسراً، لأنّ حماتهم الأميركيين أصيبوا بالضعف من جهة، وما عادوا مفيدين لهم من جهة ثانية. وكذلك، لأنّهم حكموا عكس إرادة شعوبهم زمناً ورغباتها طويلاً، وسدّوا آفاق التغيير في سلطاتهم. لكن أيضاً، لأنّ الرؤساء والملوك فقدوا، منذ سنوات، سيطرتهم على صناعة الرأي العام الذي صار يصنع في قناة الجزيرة والفضائيات الأخرى، التابعة لتركيا وإيران وبريطانيا وأميركا وفرنسا..إلخ، أو شبكات التواصل الاجتماعي. وفيما تراجع دور الأحزاب التقليدية في المعارضة، تقدم دور المنظمات غير الحكومية، الممولة معرفياً وقيمياً ومادياً، من الخارج، وكانت أشبه بـ«البنية التحتية المنظمة» للتحرك الشبابي على الشبكة الافتراضية، وعلى أرض الواقع. وقد زودت هذه المنظمات الشباب المنتفضين بالوسائل والتقنيات اللازمة، ومن بينها كتاب «من الدكتاتورية إلى الديموقراطية» للجامعي الأميركي الكهل جين شارب (83 عاماً) وهو أشبه بدليل عملي لكيفية تفكيك السلطة المطلقة. ويلاحظ أنّ هذا الكتاب تصدر لوقت طويل واجهة الموقع الإلكتروني للإخوان المسلمين.
إنّ فقدان الأنظمة العربية للقدرة على صناعة الرأي العام، راوح بين هذا النظام وذاك. ففي مصر وتونس، بدا مطلقاً بسبب انفصال النخبة عن النظام الحاكم. وفي اليمن، بدت المسألة محصورة في صنعاء وتعز، حيث نشطت المنظمات غير الحكومية بدعم خارجي كبير، وألّفت تياراً جديراً بالحماية، تولت القنوات الفضائية رفده على الدوام بدعم معنوي، دعم أدى بدوره إلى زيادة الاستقطاب من حوله، فيما ظلّ تأثير الوسائل الحديثة محدوداً في الأرياف، وفيها ظلّت قاعدة السلطة قوية ومخلصة، ولا تزال حتى اللحظة، الأمر الذي أدى إلى انقسام أفقي، من شأنه، إذا ما طال، تشطير البلاد إلى أقسام متناثرة، وبالتالي تخريب اليمن بدلاً من رعاية انتقال السلطة فيه بطريقة سلمية وتوافقية تحفظ وحدة البلاد واستقرارها النسبي.
زنقة العقيد
أما في ليبيا، فقد انقشعت فجأة الغيوم الكثيفة التي كانت تلفّ هذا البلد خلال أربعة عقود، وأخذ الرأي العام العربي والدولي، يكتشف للمرة الأولى أسماء المدن والبلدات الليبية التي حجبتها عن العالم صورة معمر القذافي الأحادية. لقد كان الليبيون في شرق البلاد الأكثر تضرراً من نظام العقيد، وبالتالي أول من ثار، بمن فيهم وزراء النظام وضباطه وجنوده. في المقابل، تردد الليبيون في الغرب، وربما انحاز قسم منهم إلى النظام، خوفاً من الانتقام أو خسارة مصالح تراكمت خلال العقود الأربعة الماضية.
وفي السياق، بادر ليبيو الشرق إلى الاتصال بالدول الأوروبية، ورفعوا العلم الملكي القديم، وطلبوا الحماية الغربية مع وعود جذابة بعقود نفطية، تذكّر الشركات الغربية الكبرى بما قبل التأميم الليبي للنفط، في سبعينيات القرن الماضي. هكذا، انعقد تحالف غير مقدس بين «الثوار» الليبيين والحلف الأطلسي، لإطاحة العقيد الليبي الذي كان قد أمضى الشطر الأعظم من العقد الماضي في إنجاز مصالحة باهظة الكلفة مع دول أطلسية. وكان يظن أنّ هذه المصالحة تتيح له حكم ليبيا إلى الأبد، متذرعاً بأنّه ليس رئيساً، بل مرشداً ثورياً يقرر في الواقع ما ينبغي ولا ينبغي في هذا البلد الغنيّ بموارده والفقير بنظامه السياسي.
لقد رسم تحالف الأطلسي مع الثوار في ليبيا السقف الذي تدور تحته «الثورة الليبية»، وقد يرسم سقف الثورات العربية الأخرى. فتلك الأخيرة موجهة نحو الداخل، وليست معنية بالنزاع مع الخارج، بما في ذلك إسرائيل، التي لم ترشق بشتيمة واحدة من معظم الثوريين في المدن والبلدان المنتفضة.
والواضح أنّ أولوية الداخل لدى «الثوار» تستدعي التفاهم مع الخارج، الأمر الذي يحيلنا إلى مقولة رددتها المعارضة العربية خلال السنوات الأخيرة من أنّ لها الحق في التخابر مع الأجنبي، ما دام الحكام يتخابرون معه، وأنّ الحاكم ليس أفضل من المعارض في هذا الصدد. يعني ذلك أنّ سقف المعارضة الثوري المزعوم، هو سقف النظام نفسه في التعاطي مع الأجنبي، بل ربما تكون علاقة المعارضة بالأجنبي أكثر دونية، لحاجتها الماسة للدعم والاعتراف بشرعيتها.
هنا تجدر الإشارة إلى أنّ الدكتور سمير جعجع قد أصاب عندما قال مفتخراً: إنّ العديد من المتظاهرين العرب ساروا على درب 14 آذار، التي عبدت بالتفاهم والتنسيق مع الولايات المتحدة. وقد ذهب أحد قدامى اليسار اللبناني إلى ابعد من ذلك، عندما ادعى أنّه صانع المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، وأنّ هذه الصنعة تتيح له التنسيق مع السفير الأميركي في بيروت، في المعركة من أجل «الديموقراطية وضد الاستبداد والوصاية السورية...»، على حدّ زعمه.
أولوية الداخل على الخارج
وإذا كان سقف الثورة في العالم العربي محكوماً بتغيير النظام لا التبعية للأجنبي الذي يحمي النظام ويدعمه، فيعني ذلك أنّ «الثوري» الوافد سيسير على نهج الحاكم المخلوع في علاقته مع الأجنبي، وبالتالي فإنّ حصيلة التغيير لن تمسّ جوهر الحكم وشروطه، بل شخصه أو أشخاصه. وفيما تبدو مصر الأكثر قدرة على تكوبن نظام جديد يحسن شروط التبعية للخارج، فإنّ ليبيا واليمن تكادان تسقطان في الخراب الأهلي الذي يستدرج التدخل أو الوساطة الأجنبية لمصلحة هذا الفريق أو ذاك، أي إدارة الخراب عن بعد، بانتظار مخرج يكرّس نظام الفئة الغالبة.
وفي سوريا، من المتوقع أن تتكثف جهود المناهضين للسيطرة على الحكم من الداخل، بعدما أخفقت محاولات الانقضاض عليه من الخارج. وقد يخفق هذا الهجوم كما أخفقت محاولة عام 2005، لكن المشكلة التي كانت قائمة بالأمس ولا تزال حتى اليوم، تكمن في إهمال النظام السوري لعناصر قوته السياسية وموجبات تفعيلها بوسائل لا تعتمد العنف والترهيب. فالأجهزة الأمنية قد تحمي النظام إلى حين، بينما الوسائل السياسية والفكرية التي يمكن النظام تفعيلها، قد تحميه في كلّ حين.
من جهة ثانية، اشترت دول مجلس التعاون الانتفاضة الشعبية البحرينية والتظاهرات العمانية الأولى، ببضعة مليارات من الدولارات، واشترت صمت شعوبها بمليارات أخرى. وهي تراهن على الخروج سالمة من موجة التغيير، وأن يكون ما بقي من العالم العربي الخارج من الثورات مفككاً في جزء منه، وبالتالي سلس القيادة والتوجيه والعمل تحت السقف الغربي. فهل هذا ما يريده شباب الثورة في البلدان العربية؟
ما من شك في أنّ الثوار الشباب في ساحات التغيير والحرية، يأملون مع فجر انتصار كلّ ثورة أن يحصلوا على الضمان الاجتماعي والصحي والمنحة الدراسية في الخارج، وأن تحظى المرأة الحامل بدار للحضانة بالقرب من منزلها، وأن يحوز متخرج الجامعة على وظيفة مرموقة، وأن يجمع الطبيب ثروة صغيرة ويحصل المهندس على مشاريع عمرانية. ويأملون أن تنمو هذه الفئات، كما تنمو الفئات البرجوازية الصغيرة في المدن الأوروبية، وأن يتاح الاختلاط بين الجنسين، حيث لا اختلاط، وأن تغرق الأسواق بالمواد الاستهلاكية وتفتح دور السينما والمسرح وصناديق الاقتراع على مصراعيها وتنهض ورشة صناعية وأخرى سكنية وثالثة زراعية وتنهمر مليارات الدولارات بعد رحيل الرئيس... هكذا يحلم المهمشون، ومن أجل تلك الأحلام يضحّون بأرواحهم. بيد أنّ هؤلاء سيكتشفون بعد حين، أنّ الثورة لا تعني الديموقراطية، وأن الجمهورية لا تعني الديموقراطية أيضاً، وأنّ الملكية الدستورية ليست جنّة الله على الأرض، وأنّ الديموقراطية كما تلوح من السوق الأوروبية هي ديموقراطية الأغنياء، وأنّها ما كانت يوماً ديموقراطية الفقراء، ابتداءً من روما القديمة وصولاً إلى فقراء المدن المهمشين في أوروبا.
ولا أدري في أي وقت سيكتشف الثوار الجدد أنّ العالم العربي سيصبح غنياً، أي قادراً على تأسيس البنية التحتية للديموقراطية، عندما يصبح سيداً على موارده ومصيره. فالتابع لا يراكم ثروة حرة، ويتبع سيده الأجنبي في أحواله المختلفة، فإن قال السيد الغربي إنّ ثمن برميل النفط يجب ألّا يعلو فلا يعلو، وإن قال السيد الأجنبي إنّ على التابع أن يشتري سلعاً غربية بأموال النفط يشتريها، بدل أن يصنع مثلها. وإن صنع، تعاقبه منظمة أوروبية تسهر على حقوق الملكية، ويعاقبه ابن جلدته، وكيل الشركة الأوروبية الحصري. ويعني ذلك أنّ على التابع أن يظل تابعاً، وعلى المنظومة العربية أن يعاد تشكيلها بعد الثورات، وفق شروط تبعية محسّنة على أن تكون جديرة بمواجهة إيران التي تطرق أبواب الغرب للخروج من التبعية، وطلباً للشراكة في المجالين الإقليمي والدولي.
بعبارة أخرى يمكن القول إنّ الشباب الثوريين الذين ضحّوا ويضحّون بأرواحهم من أجل التغيير الجذري، سيكون عليهم إذا ما أرادوا فعلاً أن تكلل ثوراتهم بالنجاح، أن يحرّضوا نظراءهم على الثورة في البلدان الثرية، وأن يتجاوزوا في حركتهم السقف الذي ترسمه الفضائيات العربية، وأن يطردوا القواعد الأميركية، ويطالبوا بالشراكة مع الغرب على الصعيد الدولي. وبالتالي، عليهم أن يطالبوا بأن تصبح بلدانهم شريكاً، لا تابعاً ثانوياً في العلاقات الدولية. وفي هذه الحالة فقط، يمكن العرب أن يراكموا الثروة وأن يغيّروا وجه عالمهم رأساً على عقب. وفي هذه الحالة، وفيها وحدها، يمكن أن تكتسب تضحيات الشباب الذين سقطوا في ساحات الحرية والتغيير قيمتها الحقيقية ومعناها التام.
منقول
http://www.al-akhbar.com/node/10195
الرد على: هل نحن علي اعتاب الدستوبيا ؟dystopia - طريف سردست - 05-01-2011
فيصل جلول يقدم نظرة قومجية ويختزل مكونات الثورة الى العلاقة مع الخارج (العدو بالضرورة) ولايرى اي مبررات اخرى. هذه نظرة انتهى عصرها ولم تعد قادرة على ايجاد مشترين. ان الشعوب لم تعد موافقة على التخلي عن حريتها وحقوقها السياسية والمدنية في مقابل خطاب سياسي معاد لاسرائيل، بينما الحاكم يُشبع غرائزه في كل ماهو ممنوع على الشعب ومع ذلك لاينسى ان يبصق عليهم
الرد على: هل نحن علي اعتاب الدستوبيا ؟dystopia - الحوت الأبيض - 05-01-2011
توضيحا للتعليق الذي كتبته لاحقا، كتبته مازحا إلى حد ما. على أي حال هنالك نظريات اقتصادية لعل أول من نظر لها كان توماس مالتوس (وبالإنجليزية تجدون المزيد) حول التزايد السكاني وضرره، وقد أثرت كثيرا في الفكر الاقتصادي في القرن التاسع عشر. ومن هنا كانت دعوتي الساخرة لزيادة الأمراض لحل المشكلة المستعصية.
الحقيقة التزايد السكاني ليس دوما آفة بل هو يزيد من قوة العمل (نظريا) لكن المهم وجود توازن بين الزيادة السكانية وتوفير أماكن العمل. لا يزال هنالك ما يكفي من الطعام لإطعام كافة البشر على وجه الأرض ومشكلة مصر كانت ولا تزال النظام الاقتصادي الفاسد قليل الإنتاج ولو انتهجت إصلاحات فيه لتحسن الوضع كثيرا... بدلا عن اضطهاد العاملين وتركيز الثروة بأيدي قلة مقربة من السلطة يجب الاهتمام للعدل الاجتماعي.
|