حدثت التحذيرات التالية: | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
سوريا- السيطرة الغامضة - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3) +--- المنتدى: حول الحدث (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=64) +--- الموضوع: سوريا- السيطرة الغامضة (/showthread.php?tid=44047) |
سوريا- السيطرة الغامضة - فضل - 06-25-2011 تاريخ النشر: السبت 25/6/2011م الساعة 13:13م عدلي صادق في إصدار مهم، له طابع الراهنية والضرورة، طرحت دار رياض نجيب الرئيس في لندن، الترجمة العربية من كتاب 'السيطرة الغامضة: السياسة والخطاب والرموز في سورية المعاصرة' الذي هو أصلاً عبارة عن دراسة في الاجتماع السياسي، أعدتها البروفيسورة ليزا وادن، رئيسة قسم العلوم السياسية في جامعة شيكاغو، ونالت بها لقب الدكتوراة! * * * في هذه الدراسة الرصينة، تركز الكاتبة على ظاهرة الحاكم الفرد، الذي أحاط نفسه بهالات التقديس، وبمسلّمات ملفقة، تزعم أن له مواهب خارقة، ويوحي بأن له عبقرية لن تتكرر، بل إن الوطن نفسه سوف يضيع، إن أصابه مكروه، وبالتالي فهو ـ في تلك المُسلّمات ـ المعادل الموضوعي لرب العالمين، على النحو الذي جاء مؤخراً في شهادة عفوية، على شاشة التلفزة، لرجل تعرض للتعذيب، على أيدي عناصر أمنية سورية، فسمعهم يأمرونه بأن يستبدل بشار برب العزة! في المقدمة، يقول مترجم الكتاب، البروفيسور نجيب الغضبان، أستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة آركنساس، أنه على الرغم من تركيز الكتاب على حافظ الأسد، إلا أن كل ما فيه ينطبق الى حد كبير، على ابنه بشار الذي يحكم سورية الآن. أما المؤلفة ليزا وادن، فقد خصت الطبعة العربية بمداخلة في تقديمها، تتعلق بمفهوم 'الشرعية' باعتباره مفهوماً يفتقر الى الوضوح، وفي ثناياه يكمن المسكوت عنه الذي يظل في حاجة الى إيضاح، كديناميات السلطة والطاعة والموافقة والإذعان. وهي تنوّه الى أن مصطلح 'الشرعية' يدل على ثلاثة معان، أولها الحق الأخلاقي في الحكم، الذي يكون مرادفاً لشرعيته وشعبيته، وهذا ما لم يتحصل عليه حافظ الأسد في أيام حكمه بقبضة من حديد. وتلاحظ الكاتبة عن حق، أن دراسة الأنظمة الاستبدادية، بعيون بحثية ثاقبة، تجد صعوبة كبيرة في وضع الخيط الذي يفصل بين التظاهر الشعبي العام بالولاء والتصديق والموافقة، والولاء والتصديق الحقيقيْين! ولعل أذكى ما توصلت اليه الباحثة، في كتابها 'السيطرة الغامضة' هو أن قتل السياسة، يكون من خلال إغراقها بالبلاغة الإنشائية والخطابية، التي تنتظر من الجمهور، تفاعلاً بما يُسمح به من الحديث اللانقدي. ففي الفصل الأول، تروي ليزا وادن، كيف تتشكل آلية التموضع الذهني للجمهور في نقطة القبول بالقائد الذي بديل له 'إذ يصار الى تصوير حافظ الأسد، في الخطاب السوري الرسمي المعاصر، على أنه الحاضر في كل مكان، والعالم بكل شىء، والأب، والمناضل، والمعلم، والقائد الأبدي، وخليفة صلاح الدين الأيوبي. وإن كان ثمة أيقونات مختلطة بالمأثور الثقافي أو حتى الديني، تزيّن الأبنية والسيارات وواجهات المحال والمطاعم، ينبغي أن تشهد بخلوده، وبتأثير التكرار وقوته، يصبح المواطن متمرساً على التعبير عن تلك المعاني، كأنما يؤدي طقوس النجاة. وأقرت الكاتبة أن الأسد نجح في تكريس انطباع ببراعته السياسة، غير أن أولئك الذين يصيغون المديح أو المجبرين على استهلاكه، لا يصدقون بينهم وبين أنفسهم حرفاً واحداً من التوصيفات الخارقة للقائد. ومن بين براهين الكاتبة على حقيقة ذلك، ظاهرة قوامها أن أية صحيفة عربية تصل الى يد قارىء سوري، من لبنان أو من الخليج، يمكن أن تتحول الى مرجع سياسي، أو الى جزء من مكتبته وإرشيفه. أما الصحيفة الرسمية السورية، حمّالة المدائح، فإنها من الوجهة الوظيفية الأهم، أغطية موائد (أي لفرشها على المائدة للأكل) وأن مبيعات جريدة 'الثورة' مثلاً، تقلصت بنسبة 40% لأن من كان يبتاعها ليطالع الكاركاتير الساخر بريشة على فرزات، ثم يفرشها، توقف عن شرائها بعد طرد الفنان فرزات من الجريدة. كتاب 'السيطرة الغامضة' يصف تجربة الأسد الإبن ويحلل بُنية النظام الأسدي، قياساً على نظريات ماكس فيبر وانطونيو غرامشي. وفي راهنيته، يسلط الكتاب الضوءء من جديد، على تجربة الإبن بشار الأسد، الذي مضى على ذات الدرب، وهو الذي أوحى برغبته في انتهاج خط سياسي جديد، لكنه سرعان ما لجأ الى تعظيم نفسه، وانتهاج سياسة أبيه القاسية، واستخدام شعارات الأبدية في الحكم، ونشر الصور بالبذخ نفسه. ومع الانفجار الشعبي الراهن، أعاد الإبن انتاج لغة السلطة القمعية ذاتها، بإشاراتها الفارغة وكلماتها الباهتة وأساليبها التمويهية الكريهة الفاقدة للصدقية! ففي خطاب الأسد قبل أيام، بدا بشار كما لو أنه فوق البشر وأنه من سلالة فلاسفة ذوي فضائل على البشرية. وحقيقة الأمر أن والده، لم يكن سوى ضابط طيار كالمئات من أمثاله، رفعته سلطة حزبية انقلابية، من رتبة رائد الى رتبة لواء دفعة واحدة. وخلال ثلاث سنوات صار الرائد وزيراً للدفاع، ثم من خلال المساجلات والانقلاب الحزبي صار رئيساً للجمهورية. لم يُؤسس لديموقراطية ولم يحرر أرضاً ولم يرفع شأناً من شؤون المجتمع، وحوّل الجمهورية الى نظام الوراثة وأجج الطائفية وأضعف الحزب الذي أوصله الى الحكم، فجعله في موضع السخرية، ثم رحل لكي تحكم أسرته، ليأتي اليوم فيبشر ابنه السوريين بحزمة قوانين لاستيعاب الانفجار ولاستمرار 'السيطرة الغامضة'، دون أن يمنحهم الحق في أن يختاروا من يحكمهم! |