حدثت التحذيرات التالية: | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
الغلاء وغلاء المواد الغذائية - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3) +--- المنتدى: حول الحدث (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=64) +--- الموضوع: الغلاء وغلاء المواد الغذائية (/showthread.php?tid=4425) |
الغلاء وغلاء المواد الغذائية - نبيل حاجي نائف - 06-23-2008 الغلاء وغلاء المواد الغذائية فجأة أصبحت كلمة الغلاء "وبالذات غلاء المواد الغذائية" تتردد على كل شفة ولسان فى طول العالم وعرضه. فماذا حدث؟ حتى وقت قصير كانت منظمة الأغذية والزراعة العالمية تقول إن الإنتاج العالمى من المواد الغذائية يزيد بنسبة عشرة فى المئة على الأقل عن نسبة الاستهلاك. وبموجب معادلات الاقتصاد الحر، فإن الأسعار تنخفض عندما يكون الإنتاج - أو العرض- أكثر من الاستهلاك أو الطلب. أما اليوم فإن الوضع انقلب رأساً على عقب. فالطلب على المواد الغذائية تجاوز الإنتاج - أو هكذا تبدو الصورة- الأمر الذى أدى إلى ارتفاع الأسعار بنسب لم يسبق لها مثيل من قبل، حتى أن فقراء العالم أصبحوا ينفقون 80 فى المئة من دخلهم على المواد الغذائية. إن ارتفاع الأسعار بشكل غير طبيعى يمكن يحدث كل فترة من الزمن، فتحدث قفزات واسعة فى أسعار المواد والسلع، نتيجة أوضاع اقتصادية أو طبيعية أو سياسية هامة وأساسية، مثل الحروب أو عوامل مناخية سيئة، أو غلاء مادة أساسية وهامة جداً، مثل البترول، كما هو حادث الآن. والذى جعل الوضع الآن على هذه الصورة، وجود فروق فى الموارد والقدرات الاقتصادية والحضارية والإدارية والمعرفية بين الدول، ووجود دول صغيرة ضعيفة ومحدودة الإمكانات والموارد، ودول فاشلة فى سياساتها وأنظمتها، أو تابعة لغيرها من الدول القوية. لا تستطيع التعامل مع هذا الوضع دون مساعدة الدول الغنية والقوية، وبالتالى يتعرض أفراد هذه الدول لأوضاع معيشية سيئة نتيجة غلاء المواد الغذائية نسبة لدخلهم المتواضع. أن استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية قد يسبب كارثة جوع وسوء تغذية غير مسبوقة مع كل ما قد تؤدى هذه الكارثة أليه من اضطرابات مجتمعية. يذكر أن ثلثى الفقراء فى العالم يعيشون فى القارة الآسيوية، حيث لا يتقاضى 1,7 مليارا من الآسيويين أكثر من دولارين فى اليوم. هذا ويقدر برنامج الغذاء العالمى أن عدد الذين لا يجدون ما يسدون به رمقهم الآن يتجاوز المئة مليون. وهناك من يقول إن التحدى الأكبر الذى يواجه المجتمع الدولى على المدى الطويل يتمثل بكيفية تحقيق التوازن ما بين تحقيق التنمية المستدامة والتصدى للتغيير المناخى والحفاظ على إنتاج ما يكفى من مواد غذائية. كان جان زيغلر، المقرر الأممى السابق حول الحق فى الغذاء، أول من قرع جرس الإنذار العام الماضى باحتمال حدوث أزمة غذائية فى عالم لا ينتج ما يكفى لتغذية ضعف سكانه، بسبب عدم التكافؤ فى التوزيع، ونتيجة للجوء الكبير إلى استخدام منتوج الذرة وقصب السكر والصويا فى إنتاج الوقود البيولوجي. إذا كانت المجاعات التى عرفها العالم خلال فترات محددة تتمثل فى نقص فى الغذاء، إما بسبب الحروب أو الكوارث الطبيعية، فإن خصوصية الأزمة التى تعانى منها بعض البلدان اليوم تتمثل فى توفر الغذاء بكثرة ولكن بأسعار لا يقدر على دفعها عدد كبير من الناس. وهذا ما دفع الناطقة باسم برنامج الغذاء العالمى فى جنيف كريستيان بيرتيوم إلى القول "إن المجاعة اليوم اتخذت وجها آخر". ويوما بعد يوم، تثير الأزمة الناجمة عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية التى قادت إلى اندلاع انتفاضات الجوع فى العديد من الدول قلق المنظمات الأممية التى بدأت تستعد تحسبا لتفاقم الأوضاع. لقد أعربت المنظمات الإنسانية الأممية فى جنيف الثلاثاء 15 أبريل-نيسان عن القلق بخصوص تفاقم الأزمة المترتبة عن ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية الأساسية ما أدى إلى اندلاع مظاهرات عنيفة فى عدد من بلدان العالم خلال الأشهر الأخيرة، من بينها الكاميرون، ومصر وإثيوبيا، وهايتي، وإندونيسيا، ومدغشقر، وموريتانيا، والفيليبين، والمغرب. وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 30 دولة نامية معرضة للاضطرابات والقلاقل بسبب تفشى الفقر والجوع. عوامل وأسباب الجوع قديماً متى كان يجوع الإنسان؟ عندما كان الإنسان صياداً وباحثا عن الثمار، كان يجوع عند قلّة الطرائد أو عندما يفشل فى صيدها وعندما تقل وتندر الثمار، وكان يجوع أيضاً عندما يسلبه "أو ينافسه " الآخرون فى صيده وغذائه. وعندما أصبح مزارعاً، كان يجوع عندما تكون المواسم سيئة لسبب من الأسباب، وأيضاً عندما يسلبه الآخرون غذاؤه أو أرضه، أو عندما كانت الظروف الطبيعية والكوارث تحرمه من غذائه أو تجعله شحيحاً. وفى الحالتين كانت التأثيرات الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية، محدودة وبسيطة. وكان تأثير تزايد السكان بدرج تفوق توفر الموارد الغذائية أحد الأسباب. لكن الآن بعد أن تحضر الإنسان وملك القدرات المعرفية والتكنولوجية المتطورة بكافة أشكالها وفى كافة المجالات، أصبحت قضية الفشل فى إنتاج الغذاء أو ندرته غير واردة. ولكن بقية الأسباب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية موجودة بل ازداد وتوسع تأثيرها بشكل كبير وأصبحت هى العامل الأساسى فى حدوث جوع الإنسان. إن الجائعين الآن يمكن لهم أن يتحرروا من جوعهم، ويتجاوزوه، بعد أن يتعرفوا على أسبابه، فالطبيعة "الآن" ليست هى السبب على الأغلب بل الظروف والأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، فالإحصائيات تشير وتؤكد عن إمكانية الطبيعة توفير الغذاء لكل إنسان، وبالوسع استثمار الأراضى بمساحات أكبر، وزيادة الإنتاج كما ونوعا، وإتباع سبل التحديث الزراعي، لقد كان فيما مضى الجفاف والفيضانات والآفات الزراعية من المسببات القوية فى المجاعة والفقر، لكن كثيرا من الدول استطاعت أن تحد من أخطار هذه المسببات. فالإصلاح فى الاقتصاد والسياسة متلازمان، فلا بد هنا من سياسة اقتصادية سليمة، ونظام سياسى ديمقراطى عادل، وتحديث مضطرد، فى التكنولوجيا، وتطوير وتحسين فى الإنتاج. فما حدثت من مجاعات فى التاريخ، ناجمة بالأساس عن سلوك بعض الفئات البشرية المتحكمة فى الأرض والاقتصاد، وناجم عن طبيعة النظم الحاكمة بالدرجة الأولى. فما عرف عن دول النمور الآسيوية، أن بعضها كانت قاحلة، ضعيفة بالموارد، ومنها من اتسمت بمناخ وبيئة جغرافية غير مواتية، وكانت متخلفة وفقيرة رغم كل ذلك شهدت هذه الدول مرحلة من التنمية البشرية والاقتصادية والثقافية، فأصبحت اليوم تضاهى الدول الأوروبية فى تطورها، وينعم شعبها بحالة من الرخاء والاستقرار، أليس كل هذا يعود إلى طبيعة تلك النظم. يقدر البنك الدولى ووكالات المعونة؟ أن ارتفاع أسعار الغذاء قد يرفع عدد من يكابدون الجوع بواقع 100 مليون بالإضافة إلى 850 مليون يعانون من الجوع بالفعل. وقدر بان أن "الفاتورة العالمية" للتغلب على أزمة الغذاء تقدر بما بين 15 و20 مليار دولار سنويا وان إمدادات الغذاء ينبغى أن ترتفع بنسبة 50 فى المئة بحلول عام 2030 لتلبية الطلب المتزايد. لقد تضاعفت أسعار السلع الغذائية الرئيسية خلال العامين الماضيين وسجل الأرز والذرة والقمح مستويات قياسية. وسجلت بعض الأسعار أعلى مستوياتها فى 30 عاما بعد حساب عامل التضخم مما قاد لاحتجاجات وأعمال شغب فى بعض الدول النامية حيث ينفق السكان أكثر من نصف دخلهم على الغذاء. هناك عدة عوامل تفسر ارتفاع أسعار المواد الغذائية الحادث الآن: - المضاربة بالمواد الغذائية من أجل جنى الأرباح. - العوامل المناخية السيئة كالفيضانات والجفاف أدى لانخفاض الإنتاج. - زوال دعم حكومات الدول المتقدمة للمزارعين. منذ عقود طويلة تدعم حكومات دول الاتحاد الأوروبى إنتاجها الزراعى عن طريق دفع علاوات وتعويضات مباشرة للمزارعين بعدة مليارات من اليورو سنوياً. ويؤدى هذا الدعم إلى خلق فوائض زراعية أوروبية ضخمة يتم تصدير قسم منها إلى البلدان النامية بأسعار أقل من تكاليف إنتاجها الفعلية. وهو الأمر الذى أدى إلى منافسة الإنتاج الزراعى فى هذه البلدان بشكل أدى إلى تقليصه، وإلى اعتمادها على الاستيراد من أوروبا والولايات المتحدة. وبزوال الدعم صعدت أسعار المواد الغذائية بشكل غير طبيعي. - سوء التوزيع مع وجود الوفرة. -الإيثانول لتعويض المحروقات، والذى يستخرج من القمح والذرة أساسا تسبب هذا فى تقليص المساحات المخصصة للزراعات الغذائية. أن حوالى 33% من محصول الذرة بالولايات المتحدة ستستخدم خلال العام الحالى 2008 فى إنتاج الوقود الحيوى لتعبئة خزانات البنزين. - القفزة الاقتصادية التى عرفتها الصين والهند والتى تستورد أكثر فأكثر المواد الغذائية. حلول وخيارات أما الحلول والخيارات المتاحة، فهى حلول اقتصادية واجتماعية وسياسية ويمكن ان تشمل: - تدخل الدول الغنية، والدول الأساسية المنتجة للبترول، لمساعدة الدول الفقيرة. - تدخل المؤسسات الدولية والأمم المتحدة للمساعدة الدول الفقيرة لتجاوز هذا الوضع. نظراً لاستحالة أو صعوبة حل هذه المشكلة من قبل الدول الفقيرة دون مساعدة خارجية. وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون قد أعلن فى الشهر الماضى عن تشكيل لجنة رفيعة المستوى متخصصة فى التعامل مع أزمة ارتفاع أسعار المواد الغذائية. وقد أعلن عن تشكيل خلية أزمة خاصة بمتابعة أزمة الغذاء العالمي، وأوضح أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية يضع المجتمع الدولى أمام تحديات كبيرة. والخلية التى يترأسها بان كى مون تضم رؤساء جميع وكالات الأمم المتحدة والبنك الدولى مهمتها اتخاذ الإجراءات فى حالات الطوارىء وسبل معالجة هذه الأزمة على المدى الطويل. وقال الأمين العام بان جى مون لقادة العالم الذين يحتمل أن يختلفوا بشأن الربط بين إنتاج الوقود الحيوى وأسعار الغذاء المرتفعة "ليس هناك ما هو أكثر إذلالا من الجوع وبصفة خاصة حين يكون من صنع يد البشر". وطلب من الدول المشاركة فى قمة منظمة الأغذية والزراعة "ألا تنجذب إلى السياسات الغذائية التى تؤدى إلى إفقار جيرانها". وقال المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "الفاو" التى تستضيف القمة أن الدول الغنية تنفق مليارات الدولارات على الدعم الزراعى واستهلاك زائد للغذاء أو إهدار له، وعلى الأسلحة. وقال وزير الزراعة الأمريكى اد شيفر أن الوقود الحيوى يسبب فقط حوالى ثلاثة بالمئة من ارتفاع أسعار الغذاء عالميا، وتقول منظمة اوكسفام الخيرية أن النسبة تقترب من 30 فى المئة. هيمن الجدل حول الوقود الحيوى والمساعدات الزراعية على افتتاحية قمة منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "فاو" التى اختتمت أعمالها فى العاصمة الإيطالية روما مؤخرا. وصدرت عن القمة قائمة تشير إلى أن 37 دولة فى احتياج عاجل لمساعدات غذائية من الخارج، من بينها 21 دولة أفريقية و10 فى آسيا و5 فى أميركا الوسطى والجنوبية ودولة واحدة فى أوروبا وهى مولدوفا، فى حين يعانى 862 مليون شخص من الجوع الشديد أو سوء التغذية بسبب الزيادة الحادة فى أسعار الغذاء. وحث الأمين العام للأمم المتحدة، بان كى مون، فى كلمته الافتتاحية للقمة قادة العالم على إزالة القيود المفروضة على التجارة، وكذلك الحد من الضرائب، وغيرها من الإجراءات التى أدت إلى ارتفاع أسعار الغذاء إلى أعلى معدلاتها خلال 30 عاماً. ودعا الأمين العام المشاركين فى القمة إلى تحقيق اكبر قدر ممكن من الإجماع الدولى حول "الوقود الحيوي" الذى يعتبر من عوامل ارتفاع أسعار المواد الغذائية، قائلا "أمامنا فرصة تاريخية لإنعاش الزراعة". ويرى البعض: إن مشكلة غلاء المواد الغذائية والجوع، يمكن معالجتها وحلها، فقدرات العالم الآن قادرة على أن تنتج ثلاثة أو أربعة أمثال حاجة سكان العالم من المواد الغذائية، بشرط أن يكون الاستهلاك مدروس ومعقول وليس فيه الكثير من الهدر والتبذير. وكما ذكرنا: فإن "الفاتورة العالمية" للتغلب على أزمة الغذاء تقدر بما بين 15 و20 مليار دولار سنويا وان إمدادات الغذاء ينبغى أن ترتفع بنسبة 50 فى المئة بحلول عام 2030 لتلبية الطلب المتزايد". إن 20 مليار دولار سنوياً، مبلغ متواضع مقارنة بقدرات العالم الاقتصادية، والنظام العالمى قادر على حل مشكلة الجوع وتأمين الغذاء المناسب لكافة سكان العالم، فبوجود الهيئات والمؤسسات الدولية، والإعلام الذى يطلق الإنذار وتحديد أبعاد المشكلة، ستتخذ الإجراءات المناسبة لحلها. أما مشكلة غلاء البترول، فهى مشكلة خطرة، ويمكن أن تكون لها تأثيرات كبيرة على مناحى عديدة، اقتصادية، وسياسية، واجتماعية. وقد تؤدى نتيجة تفاعلاتها على الاقتصاد العالمى إلى حدوث تضخم عالمى ليس له مثيل، يهدد النظام الاقتصادى العالمى برمته، وبتداعيات اقتصادية كارثية، للكثير من الشركات والمؤسسات وحتى الدول. وسوف ينعكس هذا على كافة مناحى حياتنا الاجتماعية، بطالة وفقر...، وستكون خارج عن السيطرة ولا يمكن لأى كان التحكم به. |