حدثت التحذيرات التالية: | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
المواطنة و التبعية في زمن العبودية - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3) +--- المنتدى: فكـــر حــــر (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=57) +--- الموضوع: المواطنة و التبعية في زمن العبودية (/showthread.php?tid=45374) |
المواطنة و التبعية في زمن العبودية - Reef Diab - 10-10-2011 في الدول المتقدمة في العصر الحالي، نادراً ما ترى المشاعر الوطنية الحماسية الا في حالات الحروب و الأزمات او المنافسات الدولية، اذ يقتصر رفع الاعلام و الحديث عن الوطن بحماس على يوم العيد الوطني او ذكرى الانتصار في حرب ما، اما باقي السنة فالوطن بالنسبة لهم هو بلد يعيشون فيه، عليهم واجبات تجاهه و لهم فيه حقوق، و تنظم تلك الواجبات و الحقوق و العلاقة بين الافراد مجموعة من القوانين يخضع لها الجميع بالتساوي، و يشرف على تطبيق تلك القوانين حكومة يختارها الشعب و يدفع لها اتعابها ثم يحاسبها ان اخطأت و يختار غيرها. يختلف الناس في تعريف مفهوم المواطنة و لكن اكثرهم يتفق على ان المواطنة هي عقد اجتماعي ينظم العلاقة بين افراد يعيشون على ارض واحدة و يخضعون لقوانين واحدة، و يقوم بمهمة الاشراف على تطبيق تلك القوانين دولة يختارها الشعب و يعطيها شرعيتها اما لدى الشعوب التي تعيش تحت ظل حكومات ضعيفة و قوانين هزيلة فانك تجد المشاعر الوطنية يغلب عليها الحماس و يكثر مخزونها من الشعارات و الاغاني و ذلك بسبب الحاجة الماسة لهذه العواطف من اجل الابقاء على النسيج الوطني متماسكاً، و هذا ليس امراً تعاب به تلك الشعوب انما هو تجاوب طبيعي مع الخوف من انهيار ذلك المجتمع امام المحن او العدوان,,, كلما ازدادت التهديدات على سلامة الوطن كلما ازدادت حاجة المواطنين لاظهار ولائهم للوطن و رفع الشعارات الحماسية. قديماً كان لدى كل قبيلة عربية شاعراً يتغنى بها و يقول قصائد المديح و الفخر في امجادها و لاسيما في اوقات الحرب و النزاعات، و حين يسود السلام و الاستقرار كان اولئك الشعراء يتفرغون لقصائد الغزل و التأمل و غيرها، كان اولئك الشعراء يمثلون آنذاك ما نسميه اليوم بالاعلام الوطني، و لكن هذا الاعلام يختلف عن شعراء الماضي بأنه لا يتوقف عن مديح الحاكم، في الحرب و في السلم، ليل نهار، و كأن الحاكم هو وحده الوطن!. المشكلة الحقيقية لدى غالبية الدول التي تحكمها حكومات ديكتاتورية توليتارية هو ربط مفهوم الوطن بذلك الفرد الحاكم، فالحاكم بكل بساطة يقول للمواطنين: امنكم و عيشكم الكريم مرتبط بامن و سلامة الوطن و هذا بدوره مرتبط بشكل جدلي بوجودي في الحكم، فاذا انا ذهبت ذهب معي استقراركم و امنكم و وطنكم، و هكذا ينتهي دور العقد الاجتماعي الذي يربط المواطنين ببعضهم و بوطنهم، و يسيطر الوهم على عقول الناس بان سلطة الحاكم هي العروة الوثقى الوحيدة التي تجمع بينهم و ان زوال ذلك الحاكم هو زوالاً للوطن، و بالطبع فان الحاكم لا يترك هذا المفهوم بدون دعائم تسنده مثل مخاوف من المجاعات او مخاوف من الفتنة الطائفية او من عدوان خارجي ظالم او من مؤامرات، هذه كلها تجعل الالتفاف حول الحاكم جزءاً من ممارسة المواطنة "الشريفة". لهذا فانت ترى اولئك اللذين تنطلي عليهم تلك الخدعة يدافعون عن الحاكم بشراسة و كأنهم يدافعون فعلاً عن الوطن، و هم حين يحتفلون بعيد الوطن يرفعون صور الحاكم اكثر من الاعلام، و يقومون ايضاً بعكس الفعل مع الاحتفاظ بالمبدأ، و أعني بهذا أنهم حين يرفعون اعلام الوطن و ينادون باسمه فانهم يقصدون بهذا الدفاع عن الحاكم، و كلما زاد الخطر على الحاكم كلما خرجوا باعلام اطول، و تراهم مثلاً حين تنتقد الحاكم يردون عليك بان الوطن غالي و ان الوقوف ضد الوطن خيانة، و اننا سنفدي الوطن بدمائنا (و هم هنا يقصدون الدفاع عن الحاكم )، و اذا انت خالفت السلطة الحاكمة فانت هنا بالنسبة لهم تتحول الى مواطن غير صالح ( في احسن الحالات )، و من الغرائب في هذا الموضوع هو كيف أن اعلام السلطة في حال تعرضت سلطة الحاكم لاي تهديد فانه يبدأ بالتغني بالتاريخ و بطولات الاقدمين و مآثرهم و كأن الوطن ليس بحاضره فقط انما بتاريخه ايضاً ينتمي للقائد الحاكم و يبجله. الوطن و الحاكم صنوان لا يفترقان، هذا ما يزرعه الحاكم في عقول الناس ليجعل ولائهم له جزءاً لا يتجزأ من ولائهم للوطن، و كل من يخرج عن هذا ليطالب بوطن حر فهو خائن للوطن, يصل الامر بالبعض احياناً أنه ينسى الغاية النهائية و يتمادى الى الوقوف مع الحاكم حتى لو قام هذا الاخير بحرق الوطن و قتل ابناءه. الوطن= الحاكم، و الحاكم = الوطن، و الا فالخراب، هذا هو مفهوم المواطنة في كنف الديكتاتوريات و اي معارضة لهذا تنال المصير المحتوم حتى لو احترق كل الوطن, هؤلاء الحكام يقدمون كل ما لديهم و لدى ذلك الوطن من موارد من اجل تكريس ذلك المفهوم لانهم يعلمون انه اذا توقف المواطن للحظة و فكر و استنتج انه هو المصدر الحقيقي للشرعية و ان هذه السلطة التي ينعم بها الحاكم ان هي الا وهماً يزول بارادة الشعب. يعلم الحاكم انه ان ادرك المواطن هذه الحقائق و قرر الاخذ بها فهو سيطالبه ان ينزل من برجه و يخلع عنه الثياب الفضفاضة التي عليه و يرفع عن رأسه تاج الالوهية المزيف و يقول له ارحل، فانا اريد وطناً حراً، بعقد اجتماعي جديد عادل يضمن حقوقي و يحدد واجباتي و يحميني في المستقبل من اقزام تضع اقنعة الوطنية تتحكم في مصيري و تنهش خيرات وطني، أريد حياة طبيعية كريمة مثل باقي الشعوب. |