نادي الفكر العربي
الإدعاء المقبول و الإدعاء العريض .. - نسخة قابلة للطباعة

+- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com)
+-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3)
+--- المنتدى: فكـــر حــــر (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=57)
+--- الموضوع: الإدعاء المقبول و الإدعاء العريض .. (/showthread.php?tid=46114)



الإدعاء المقبول و الإدعاء العريض .. - الــورّاق - 12-02-2011

تحية ..

في حالة اثبات عدم الوجود (عدم وجود سم في الطعام – عدم وجود اله و خالق للكون – عدم وجود كلمة محددة في نص محدد ) ، فإنه يجب الإحاطة بكل أجزاء الشيء لكي يتم الإقرار بعدم الوجود فيه . فمثلا مجموعة اشخاص تبحث من بينهم عن شخص اسمه سالم ، فيجب ان تعرف اسمائهم كلهم لتقول ان هذه المجموعة لا يوجد بينهم شخص يدعى سالم .

لا يحق الادعاء بعدم الوجود إلا لمن احاط بالوجود ، وإلا فالإدعاء باطل . (قانون) ، وتـُقـَدّم الإحاطة بالوجود مرفقة بالإدعاء معاً . و هذه القاعدة ملازمة لكل من ادعى عدم وجود ، اذاً ادعاء عدم وجود اله ، وبدون حصر لكل الوجود ، في هذا الكون او غيره ، يعتبر ادعاء لا قيمة له وغير منطقي ولا علمي . وهذه اسميها مغالطة (الإدعاء العريض) .. العاقل لا يصدر مثل هذه الادعاءات ؛ لانه يعلم أنه سيـُطالـَب بالاحاطة ، وحينها تكون كلمة : لا ادري بوجود من عدمه ، اعقل من كلمة : لا يوجد .

وأي انسان صاحب عقلية علمية لا يلجأ إلى الادعاء العريض ، في الوقت الذي نرى فيه الملاحدة يدعون العلمية ، ويدعون عدم وجود اله !! الادعاء العريض و العلمية على طرفي نقيض ، وهذا في اي موضوع : فكلما ادعيت عدم وجود ، مع عدم احاطتك بالوجود ، فأنت واقع في مغالطة الادعاء العريض كما اسميها .

بينما ادعاء "الوجود" لا يحتاج منك الاحاطة الكاملة بكل الموجودات ، اي أنك لست محتاجا لغير ذلك الموجود لكي تثبت وجوده ، وبالتالي انت لست محتاجا للاحاطة . وهذا اسميه الادعاء المقبول (أو : النظرية) . ومن هنا نجد ان اصحاب الاديان اقرب الى العقلانية من الملاحدة .

معرفة كل الوجود تقتضي الاجابة عن كل الاسئلة ، و ليس عن وجود الاله فقط ، وهذا ما لا يملكه الملاحدة ولا يدعونه . اذا هم واقعين في مغالطة عقلية جوهرية .

صاحب الادعاء المقبول يـُطالبه الناس بالادلة ، التي تشير الى وجود ذلك الموجود . اما مدعي العلم الكامل ، فإنه يـُطالب بالإثباتات الكاملة اليقينية ، بما فيها المشاهدة والتجربة . وهكذا يكون الإيمان من نوع الادعاء المقبول .. والعلم الثابت من نوع الادعاء العلمي اليقيني ، كالرياضيات .. والإلحاد من نوع الإدعاء العريض الغير مقبول منطقيا ، والخالي من الادلة ، لانه لا يملك ولا يقدم الإحاطة المسبقة بكل الموجودات قبل ادّعائه ، وبما أن هذا لم يتم ، إذا لا يقـُبل هذا الادعاء من الاساس في قوانين العقل . وهنا يموت الالحاد عقليا ..

نفي الوجود يحتاج الى حصر لكل الموجود المتعلق به . فإذا قلنا : لا يوجد اقلام في الدرج ، فنحتاج الى حصر كل شيء في الدرج . واذا قلنا : لا يوجد اقلام في المنزل ، فهنا توسـّع مجال الحصر ، و بدأنا الدخول في الإدعاء العريض . وإذا قلنا : لا يوجد في المدينة او البلد اقلام .. أوغلنا اكثر في الادعاء العريض . وإذا قلنا : لا يوجد قلم في العالم !! فهنا ثبت الجنون !!

لاحظ انه مع كل مرحلة من الادعاء العريض ، تقل القيمة العقلية للمدّعي ، فما بالك على من يحكم على كون ٍ لم تصل اليه عنه اي معلومة ! فإذا كنا قد ضحكنا على صاحب القلم و إدعاء عدم وجوده في البلد ، فماذا سنفعل مع من يدعي عدم وجود شيء في كون لا نهاية له ؟ و كل معرفتنا عنه لا تساوي هباءة في بحار من الجهل ؟؟!!

شكرا ..