حدثت التحذيرات التالية: | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
خريطة طريق للخروج من الأزمة السورية - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3) +--- المنتدى: فكـــر حــــر (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=57) +--- الموضوع: خريطة طريق للخروج من الأزمة السورية (/showthread.php?tid=46124) |
خريطة طريق للخروج من الأزمة السورية - فارس اللواء - 12-02-2011 خريطة طريق للخروج من الأزمة السورية دخلت الحركة الاحتجاجية السورية التي انطلقت في منتصف آذار (مارس) شهرها الخامس هذا الأسبوع. ومع مرور الأسابيع، اتّسعت رقعة تظاهرات يوم الجمعة واشتدّت حدتها. وأكثر من أي وقت مضى، تطالب الدعوات بلهجة حادة بإسقاط النظام. ويقول المتظاهرون الغاضبون إن ما يزيد عن 1500 شخص من صفوفهم لقوا حتفهم في الشوارع فيما تم توقيف أكثر من 10 آلاف، أما النظام فيردّ بدوره أن 400 من جنوده ورجال الشرطة قُتلوا على أيدي «عصابات مسلحة». ومع ارتفاع عدد الضحايا من الجانبين، يتّسع الشرخ بين النظام والمناوئين له. ويبدأ شهر رمضان المبارك هذه السنة في الأول من آب (أغسطس). وحين يفطر الصائم عند مغيب الشمس، يُطعم الغني الفقراء وفق التقاليد، في أغلب الأحيان على طاولات مصنوعة من ألواح على مساند في باحات المساجد، أو أقله هذا ما كان يقام قبل أن تتحوَّل المساجد إلى مراكز احتجاجات. وإذا تجمهرت حشود كبيرة في الشهر القادم لمناسبات من هذا النوع، فقد يؤدي ذلك إلى اضطرابات خطيرة. تواجه المعارضة السورية خياراً صعباً: فإما أن تبذل قصارى جهدها لإسقاط النظام، أو أن تتعاون معه من اجل بناء سورية جديدة وأفضل. المسار الأول محفوف بالمخاطر: إذا تم تفكيك الدولة البعثية، ماذا سيحلّ محلها؟ فالمستقبل يبقى مجهولاً. أما المسار الثاني فيتطلب إيماناً راسخاً: أي الاقتناع بأن النظام يريد حقاً تطبيق إصلاحات جذرية من خلال حوار وطني، علماً أن محاولته لإطلاق هكذا حوار باءت بالفشل حتى الآن في إقناع المعارضة. أساء النظام معاملة الحركة الاحتجاجية. لقد كان بطيئاً في فهم طبيعة التحدي الشعبي، وبالتالي كان عنيفاً وغير مؤهل لمواجهته. ويبدو أن الاحتجاجات أخذت الأجهزة الأمنية على حين غرَّة، مثلها مثل الرئيس بشار الأسد نفسه. ومن خلال اللجوء إلى الذخيرة الحيّة ضد المتظاهرين، أظهرت هذه الأجهزة عدم انضباط واحتقاراً متعجرفاً لحياة المواطنين العاديين. الناس العاديون يريدون الاحترام، وهذا أحد دوافع الربيع العربي. أما الأسد فكان يتخبَّط مرتبكاً. ومن بين خطاباته الثلاثة التي أدلى بها خلال الأشهر الأربعة الماضية، شكل اثنان كارثتين على صعيد العلاقات العامة، والثالث كان بعيداً كل البعد عن الدعوة المُلهِبة والمذهلة للبلاد التي كان يتوقعها مناصروه وتتطلبها المناسبة. وقبل كل شيء، أخفق الأسد في وضع حد لعمليات القتل والتوقيف الاعتباطي والضرب والتعذيب التي لطّخت سمعته وسمعة بلاده. في غضون ذلك، بقي حزب «البعث»، الذي تنصّ المادة الثامنة الشهيرة من الدستور على أنه «الحزب القائد للدولة والمجتمع»، صامتاً عملياً، مؤكداً الاعتقاد السائد بأنه أصبح قوقعة جوفاء، معنيّاً فقط بحماية امتيازاته وشبكته الفاسدة من المحسوبيات. وإذا أظهر نظام الحكم نفسه على أنه ضعيف، فالمعارضة لا تزال أكثر ضعفاً. تريد تحدي النظام إنما يبدو بوضوح أنها لا تعلم كيفية التعامل، وهي منقسمة إلى حوالى عشرة مسارات بين علمانيين ونشطاء حقوق مدنية وديموقراطيين وإسلاميين، وبين شبان عاطلين عن العمل غاضبين في الشوارع ووجوه من المعارضة تحظى بالاحترام، كرَّست ذلك سنوات أمضتها في السجن، وبين المعارضة في الداخل والمنفيين في الخارج، وبين أولئك الذين ينادون بالتدخل الغربي والذين يرفضون أي شكل من أشكال التدخل الأجنبي. لقد التقت المعارضة في مدينة أنطاليا التركية قبل بضعة أسابيع، والتقت مؤخراً في إسطنبول، إنما لم تبرز أية قيادة قوية أو برنامج واضح، ولا حتى أي شيء قد يشبه حكومة بديلة. أما حركات المعارضة التي أعلنت عن نفسها – وهي التجمع الوطني الديموقراطي، والموقعون على «إعلان دمشق»، و»مجلس الإنقاذ الوطني» الذي تم تشكيله في إسطنبول الأسبوع الماضي، ولجان التنسيق المحلية داخل سورية – فليست سوى تجمعات أفراد غير منظمين لا تجمعهم هيكلية متينة أو يتمتعون بقاعدة شعبية كبيرة ولا يعلنون سوى عن عدد قليل من الأفكار الواضحة. والحقيقة تكمن في أنه، مثلما اكتشفت كل من تونس ومصر، يصعب إلى أقصى الحدود الانتقال من نظام أوتوقراطي قائم على مركزية كبيرة ويحكمه حزب واحد، إلى أي شيء يشبه التعددية الديموقراطية. ففي تونس، يعتزم 90 حزباً على الأقل خوض الانتخابات المقررة في تشرين الأول (أكتوبر) القادم في ظروف من الارتباك الهائل. وفي سورية، كما في معظم الدول العربية، لا توجد خبرة في الانتخابات الحرة، وتفتقر هذه البلدان إلى أحزاب سياسية فعلية، وإلى اتحادات عمال حرة، ومؤسسات اجتماعية حكومية أو مدنية، وفصل للسلطات، ونظام قضائي مستقل، فيما أن التربية السياسية الحقيقية ضئيلة. كما أن مجلس الشعب السوري مهزلة. ولا تزال مشكلة دمج الحركات الإسلامية في إطار نظام سياسي ديموقراطي معضِلة يصعب حلّها، تماماً كما في مصر وتونس. ففي مصر، يثير «الإخوان المسلمون»، الذين أعادوا تسمية انفسهم بـ «حزب الحرية والعدالة» استعداداً للانتخابات، مخاوف الطبقات الوسطى والميسورة التي تلقت تعليمها في الغرب، وتثير حركة «النهضة» التونسية المخاوف نفسها. ولهذا السبب ينظر العديد من العلمانيين القلقين في كل أنحاء المنطقة إلى تركيا معتبرين إياها نموذجاً نظراً إلى أن حزب «العدالة والتنمية» الذي يرأسه رجب طيب أردوغان اثبت أن الإسلام ينسجم مع الديموقراطية. في سورية، ينبغي إعادة بناء كل شيء من الصفر، بما في ذلك إيديولوجيا الدولة. كما أن الشعارات القديمة، من معاداة الاستعمار والدفاع عن الوحدة العربية والقومية العربية والبعث والإسلام المتشدد والعروبة في حد ذاتها، ستكون جميعها بحاجة إلى إعادة نظر وتحديد معانيها مجدداً استعداداً للتحدي السياسي القادم. وبما أن المهمة شاسعة إلى هذا الحد، وبما أن أي انتقال للسلطة قابل للتطبيق سيتطلب بالضرورة وقتاً طويلاً، يرى بعض المراقبين أن حواراً بين نظام الحكم والمعارضة هو الطريق الأسلم في المرحلة التالية. ولا يشكل إعداد نظام سياسي جديد المشكلة الوحيدة، إذ أن ما يوازيه إلحاحاً وأهمية هو معالجة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية الهائلة التي تواجهها دول مثل سورية: طفرة سكانية كبيرة، وبطالة متفشية بين الشباب، وطبقة وسطى تزداد فقراً، وطبقة عاملة شبه معدمة، وتكاليف معيشة تبلغ مستويات قياسية، وسياسات تحرُّر اقتصادي لم تطبَّق بالشكل الصحيح ولم تستفد منها سوى نخبة فاسدة صغيرة، ناهيك عن إهمال حقوق العمال سواء في الأراضي أو المحال والمصانع. سورية بحاجة إلى عقد اجتماعي جديد. إن أنظمة الحكم الملكية الثرية في الخليج قادرة على حل أزماتها. فالسعودية، على سبيل المثال، أعلنت عن خطط إنفاق 70 بليون دولار على بناء مساكن ذات تكاليف منخفضة. أما في سورية، التي يعيش فيها العدد ذاته من السكان تقريباً، فهي لا تستطيع سوى مجرد الحلم بأرقام مماثلة كهذه. ولكن الاقتصاد السوري سيحتاج بلا شك إلى عملية تعويم مالي، من اجل تجنّب انهياره وقد يتوجب على إيران أن تهرع إلى نجدته. يجب ألا يفترض أحد أن النظام السوري سيسقط من دون قتال. فمعظم الأنظمة تسعى إلى تدمير أعدائها. لقد ارتكبت الصين مجازر «ساحة تيان آن من» فيما خاضت روسيا حربها الضروس في الشيشان، وسحقت إيران «الحركة الخضراء». وفي العام 1982، قتلت إسرائيل 17 ألف شخص في لبنان في محاولة لتدمير منظمة التحرير الفلسطينية وإقامة نظام مناصر لها في بيروت. إن استعمال الذخائر الحيّة هو اختصاص إسرائيلي، وهذا ما اكتشفه لبنان في العام 2006 (1600 قتيل)، وغزة في العامين 2008 و2009 (1400 قتيل آخر)، والفلسطينيون في السنوات الست الفائتة. حين تعرضت الولايات المتحدة لهجمات 11 سبتمبر، اجتاح هذا المعقل العظيم للديموقراطية أفغانستان ومن ثم العراق. ومات مئات الآلاف فيما هُجِّر الملايين أو أُرغموا على الفرار إلى الخارج. وكان مصير الكثيرين التعذيب. هل واجه خالد شيخ محمد 160 مرة أو 180 مرة عمليات الإيهام بالغرق خلال تعذيبه؟ لا تزال سورية تستضيف نحو مليون عراقي ليسوا سوى ضحايا حرب الولايات المتحدة. إن الحرب الطائفية الأهلية التي تستحضر النموذج العراقي أو اللبناني هي كابوس كل سوري. ومن الضروري أن يكون مسار آخر للخروج من الأزمة. باتريك سيل/ كاتب بريطاني متخصص في شؤون الشرق الأوسط |