حدثت التحذيرات التالية: | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
السوريون اليوم! - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3) +--- المنتدى: حول الحدث (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=64) +--- الموضوع: السوريون اليوم! (/showthread.php?tid=46845) |
السوريون اليوم! - ابن سوريا - 01-18-2012 السوريون اليوم! فايز سارة/ الحياة لا يحتاج السوريون في تعريفهم البسيط إلى كلام كثير يقال فيهم، إذ يستمدون اسمهم من الانتماء إلى بلد اسمه سورية، تبلغ مساحته مائة وثمانين ألف كيلومتر مربع، مقسم إدارياً إلى أربع عشرة محافظة، وبعدد إجمالي من السكان يــــناهز ثلاثــــة وعشرين مــــليون نسمة، وبتوزعهم دينياً إلى مسلمين ومسيحيين، مع فارق كبير بين نسبة كل منهما، ومثـــــل ذلك تكاد تكون النسبة إذا نظرنا إلى السوريين حسب أصولهم القومية، حيث أكثرية من العرب، إلى جانب الأكراد والأشوريين والشركس والأرمن والتركمان، أما من حيث الطوائف الدينية، فيتوزع المسلمون إلى طوائف، أكبرها من السنة، والى جانبها طوائف من العلويين والشيعة والدروز والإسماعيليين، كما يتوزع المسيحيون إلى طوائف من الروم الأرثوذكس والروم الكاثوليك، ثم السريان والأشوريين والأرمن والبروتستانت والموارنة، وفي إطار هذه المواصفات يمكن رؤية ملامح السوريين في عداد شعوب شرق المتوسط. غير ان التعريف البسيط للسوريين لا يعطي صـــــورة واقعـــــية عن السوريــــــين الذين يحتلون اليوم مركزاً مهماً في لوحة أحداث المنطقة، والذين تتناقل وسائل الإعلام أخبارهم وبتركيز واضح منذ حوالي عشرة أشهر، هي المدة التي انقضت على بداية حركة الاحتجاج والتظاهر في أواسط آذار (مارس) الماضي، والتي قادت إلى تبدل نوعي في تعريف السوريين، سواء من حيث معرفة العالم بهم ولجهة تعريفهم بأنفسهم. السوريون اليوم متظاهرون في احد وجوههم، وضحايا في وجه آخر. متظاهرون في عشرات المدن والقرى الموزعة ما بين القامشلي في الشمال ودرعا في الجنوب مروراً بحمص في الوسط، ومن دير الزور في الشرق إلى اللاذقية في الغرب مروراً بالوسط الساخن، وهم ضحايا، إذ تجاوز عدد من قتلوا بصورة موثقة ستة الاف شخص، باستثناء المفقودين، وهم الآخرون بالآلاف، إضافة إلى عشرات آلاف الجرحى وكثير منهم تحولوا إلى معاقين، وثمة عشرات آلاف المعتقلين والمطلوبين، ونحو ثلاثين ألف نازح خارج البلاد موزعين ما بين تركيا والأردن ولبنان وليبيا، وقد تجاوز عدد النازحين إلى الأخيرة خمسة آلاف نسمة. تظاهرات السوريين ما زالت تحمل مطالب الحرية والكرامة، كما كان عليه الحال في البداية، وقد وسعت مطالبها السياسية إلى حد إسقاط النظام، في إطار رد على استمرار الحل الأمني - العسكري وتصاعده ضد الاحتجاجات السلمية، لكن بعض التظاهرات لا تخلو من هتافات غير سياسية، وبعضها لا يتوافق مع أفق ثورة السوريين من اجل الحرية والكرامة، وهو يتشابه مع الدعوات التي تظــــــهر هنا وهناك لتوجه بعض معارضي النظام إلى مقابلة عنف السلطات بعنف الثورة، وهي دعوات ما زالت تقابل برفض وحذر شديدين في أوساط سورية واسعة، أبرز مبرراتها أنّ تحــــولاً كهـــــذا سيفقد ثورة السوريين أقوى أسلحتها، وهو السلمية، ويخرجها من موقفها الأخلاقي الحاسم في رفضها العنف الذي يمارسه النظام والرد عليه بالتظاهر السلمي. السوريون اليوم منقسمون بين جماعة تريد التغيير بمعناه العميق وأخرى تريد الحفاظ على الوضع القائم مع إجراء تغييرات طفيفة، وثمة جماعة ثالثة مترددة، قلقة، وجزء منها خائف من احتمالات المستقبل. وان كان الاخيرون من المترددين ودعاة الحفاظ على النظام اقرب إلى السكون في نظرتهم إلى التغيير، فان الجماعة الأولى تبدو أكثر نـــــشاطاً وحيوية رغم ما أصابها من أضرار وأذيات بشرية ومادية كبيرة بفعل القمع العنيف الذي تقابل به رغبتها بالتغيير. والرغبة في التغيير عند هذه الجماعة، ليست محكومة بالتظاهر والاحتجاج فقط، بل ان ذلك تعبير عن مضامين أعمق لمشروع سوري كامل عنوانه العام إقامة نظام ديموقراطي تعددي مدني الطابع، نظام يوفر العدل والعدالة والمساواة وحكم القانون في إطار شرعة حقوق الإنسان، نظام لكل السوريين بلا استثناء، وهذه الجماعة في الطريق إلى مشروعها تسعى إلى براهين عملية ويومية على الطريق، يتجسد أبرزها في مضامين هتافات التآزر بين المدن والقرى التي تطلقها حناجر المتظاهرين، وفي تأكيد وحدة السوريين، وفي التطمينات السياسية التي يتم تبادلها، وفي المساعدات المادية والعينية التي تتبادلها المناطق في ما بينها، بما فيها عبوات الدم، التي تمزج دماء السوريين في أوعية بشرية واحدة، وكلها وقائع تضفي على مشروع المستقبل أبعاداً عملية. القسم الأكثر حيوية من السوريين اليوم يرسمون صورة أخرى لأنفسهم، تتجاوز التعريف البســــيط الذي كانوا يعرفون به، ليصلوا إلى صورة أكثر إثارة وحيوية، صورة فيها كثير من المعاناة والآلام، لكن فيها كثير من الأمل، ليس في تغيير حياتهم، بل في إعطاء مثال لكل الراغبين في تغيير حياتهم من الشعوب التي تعاني من أنظمة الاستبداد والاستئثار في عالم اليوم. |