حدثت التحذيرات التالية:
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(958) : eval()'d code 24 errorHandler->error_callback
/global.php 958 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $unreadreports - Line: 25 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 25 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $board_messages - Line: 28 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 28 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined property: MyLanguage::$bottomlinks_returncontent - Line: 6 - File: global.php(1070) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(1070) : eval()'d code 6 errorHandler->error_callback
/global.php 1070 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval



نادي الفكر العربي
ذكريات من السجون السورية - نسخة قابلة للطباعة

+- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com)
+-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3)
+--- المنتدى: فكـــر حــــر (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=57)
+---- المنتدى: قانون وحقوق الإنسان (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=8)
+---- الموضوع: ذكريات من السجون السورية (/showthread.php?tid=47069)



ذكريات من السجون السورية - بسام الخوري - 02-02-2012

أدب السجون -
ذكريات من السجون السورية 21/11/2005

- الحياة في سجن الشيخ حسن
- تدمير النخب الثقافية في السجون
- أحلام السجون وبناء الشخصية


عبد الحكيم قطيفان– ممثل سوري: أنا عبد الحكيم قطيفان، ممثل، خريج المعهد العالي للفنون المسرحية، اعتقلوني سنة 1983، كان عمري خمسة وعشرين سنة، طلعت بنهاية العام 1991 كان عمري أربعة وثلاثين سنة.

حسيبة عبد الرحمن– كاتبة سورية: حسيبة عبد الرحمن، سبع سنين سجن دائرة كل فروع التحقيق بسوريا ما بقى لي غير فرع الخارجي وبأختم كل فروع الأمن بسوريا، كل الزنازين بأعرفها بأعرف أوصافها، أبعادها أول ما بأنزل بأول واجهة فرع بأقدار أعرف لوين رايحة حتى لو كنت مُطمَّشة عبر معرفتي لشوارع دمشق.

الحياة في سجن الشيخ حسن

عدنان مقداد– شاعر سوري: أنا عدنان مقداد، اعتُقلت لمدة 15 سنة من عام 1980 حتى عام 1995 منهم أربع سنين هون بالقلعة، الحقيقة هذه مسألة الكتابة عانيت منها أكثر لما نقلونا بعد أربع سنين على الشيخ حسن.. سجن الشيخ حسن كان إلُيه سمعة سيئة جدا هلا ما حدا بيعرفها، هلا كثير أنا قلت بس بأقول للناس أنه سجن الشيخ حسن بيقولوا ما بنعرفه موجود داخل مقبرة.. داخل مقبرة باب الصغير داخل المقبرة وكأنه ياللي بها السجن هذا هم ناس أموات أو لازم ينحسبوا كأموات، هناك ممنوع كل شيء ممنوع القلم ممنوع الورقة ممنوع الكتاب ممنوع الجريدة ممنوع كل شيء ما فيه غير تصطحب بطانيتك وصُبَّاطك وفقط بيعطوك كمان الفرشة ما فيه يعني لا تملك شيء أواعيك اللي ثيابك فقط لا غير، أذكر أنه يعني نحن أنا إذا بدي أكتب جملة لازم أشعل عود الكبريت حتى أكتب على ورقة باكيت الدخان بعد ما يخلص نفتحه ونصير نكتب على خلفيته ومرة صار لي بَرية قلم صغيرة صرت أكتب فيها، ضلينا سنة هناك نكتب بها الشكل هذا وهناك فعلا أنا تعلمت الكتابة بالشيخ حسن أكثر فأكثر، أربع سنين بالقلعة كاتب حوالي ثلاث أربع مجموعات حذفتهم هادولا واعتبرت أنه هذه بدايتي هنا منها مرة وقعت ورقة من أوراقي بأيدي الأمن جُن جنونه كان السجان أبو عيد المساعد هذا بيوجعه رأسه لما يحس أنه حدا بيسوى شغلة من ورائه أو ما بيعرفها وأبو عيد بلحظة من اللحظات بتنقلب عيونه 180 درجة بتصير عيون وحش وعيون جلاد حقيقي.

عبد الحكيم قطيفان: أنا يوميا بالشيخ حسن بصدق شديد يوميا أصحى من نومي أبلش أتلامس حالي لأنه حالات الشيزوفرنيا بتعرف كانت كثير اللي تجيك حالات الرعب وحالات الخوف وحالات الاستيقاظ بالليل على صريخ وعلى هيك الأصوات وهذا اللي طول الليل عم بيصرخ بعد سنوات طويلة من انتهاء التحقيق ما هو عم بيتألم أنا بأتذكر يوميا فعلا أصحي الصبحيات أنه شعري جبيني أنفي فمي (Ok) أنه أنا بعدي لهلا مازلت بحالة الشيزوفرنيا أو حالة الجنون، كان دائما عندي إحساس بأنه هذا القهر المطبق من أبو عيد ومن أبو حسن ومن أبو فلان وعلان، أنا أبو عيد بأتذكره بالتحقيق هذا الرجل يعني طبعا هو وحش مش بني آدم هو بني آدم مش سَوِي نفسياً.

حسيبة عبد الرحمن: بالرغم من أن هو مدير سجن لكن هو شخص جبان.. شخص جبان كان يحاسبنا على أي شيء نعمله بدنا نعمل مسرح لازم يروح يتصل بالأمن ليقول لهم عم يعملوا مسرح، بدنا نحن مثلا نكتب جريدة.. جريدة حائط نقعد نكتب فيها شعر أو مقالات سياسية يرفع تقرير للسجن، بدنا نكتب بنفس الوقت هو يصادرها.

عبد الحكيم قطيفان: هلا نحن كنا على كتف المقبرة تماما إذا بتتذكر لأنه يوميا كان يجيبوا ميتين وكان القرآن الكريم وكان إلى آخره، نحن كنا نسمع طبعا الناس تترحم الله يرحمه وناس كذا إلى آخره، ناس تتخيل حالها محل ناس تحس أنه بمعنى اللي بيشوف مصيبة غيره بتهون مصيبته أنه هيك أنه ميت.. ميت الله يحرمه إلى آخره بس أنا يعني الحمد لله أنه أنا مازلت عايش وكنت أحب شغلة كثير ظريفة كان الآذان الصبح لما بتطلع المآذن تبع الشام سبع من المآذن حول الشيخ حسن هيك الحارات القديمة لدرجة أنه كنت دائما أسهر يعني طول الليل حتى يطلع هذا الزلمة فيه صوت كان كثير شجن كان يقول هيك إذا بتتذكر اصحو الفجر واغتنموا الأجر، أثابنا وأثابكم الله، أنا أصحى لهيك وأحط رأسي وأنام.

حسيبة عبد الرحمن: في السجن الأيديولوجيا بترجع لورا بتقدم الحياة اليومية، حياة يومية مساحتها مساحة جدران السجن قد إيش وكم حجرة فيه؟ كم مهجع فيه؟ كم سجين فيه فقط، خارجه ما فيه شيء غير كأنه بيجيك من بره صوت آذان جامع ربما أو صوت شرطي أو صوت شرطية جاية أما أنت عالمك هو هون بالتالي أحلامك وكلك بهذا المكان بتصير حتى أحلامك مرتبطة بالأكل أنت أما ما بيكون عندك أكل كافي بتصير بتحلم بالأكل ما بتصير تحلم بشيء ثاني، لو كان معي ورقة وقلم بهذه الفترة يمكن كان طلع معايا أوراق غرائبية ولو رجعت قرأتها لا يمكن أعرف أنه هاي أنا اللي كاتبتها بس مع الأسف الشديد طبعا بالزنازين ما فيه أوراق وما فيه مجال يكون معك شيء تسجله.

عبد الحكيم قطيفان: الجمعية تبع الشيخ حسن هي عبارة عن يعني فيه عندك هاي الطاموسة بيسموها يعني بتنزل لها ثلاث درجات..

عدنان مقداد: بُقَّها نازل لتحت.

عبد الحكيم قطيفان: بالضبط، عبارة عن حوالي ثلاثة أمتار بأربعة أمتار وبعدين فيه عندك حمام مفرد وحيد وبعدين تجيك مصطبة هيك أنا بأتذكر كنا يعني بفترة من الفترات أحيانا ننام خمسين زلمة فيها أحيانا أربعين أحيانا أربعة وأربعين شو بيحولوا لك من مَزَّة على الشيخ حسن شو بيحولوا لك من تدمر على الشيخ حسن شو بيحولوا لك من تدمر.. من الشيخ حسن على تدمر، أنا بأتذكر فترات أحيانا يعني الرجل مثلنا حصته تنقاس بالسنتيمتر كنا نقيسها قياس يقول لك أنت اليوم أربعة وأربعين سنتي لك ثلاثة وثلاثين سنتي لك خمسة وثلاثين سنتي لك خمسين سنتي، أنا بأتذكر هاي الفترة من الفترات القاهرة جدا بأتذكر فيه كان فيه شاب اسمه عمار عرب عمره كان حوالي 13 سنة لما جابوه..

عدنان مقداد: صغير طفل.

عبد الحكيم قطيفان: كان فيه عندي ميل عاطفي عجيب له كنت أتخيل أخواتي فيه إلى آخره فكنت دائما أنا وعمار نأكل مع بعض نقعد ما بعض هيك نحكي مع بعض بشكل من الأشكال صرنا ننام مع بعض لدرجة أنه صار فيه مصلحة أنه أنا أنام جنب عمار عرب لأنه عمار يمكن هو..

عدنان مقداد: قطعته صغيرة.

عبد الحكيم قطيفان: قطعته عشرين ثلاثين سنتي عرفت ليه شنو أنا بالمحصلة فعمالين نجمعها ثلاثين وأربعين سبعين سنتي المهم فيه معانا عشرة سنتيات إحنا نحص فيهم، أنا بأتذكر فيه بشر كانت تنام على سيفها مرَّت فترة علينا أنه ما فيه نوم كنا نقعد على الدرجة نعمل شي يسموها هي مثل الدورية أو المناوبة أنت خيّ بتنام ساعتين بتصحيني تنام ساعتين.

عدنان مقداد: أول ما اعتقلونا أخذونا مطمَّشين ما عرفت أنا وين ظليت يومين ثلاثة ما عرفت أنا وين، بعدين عرفت أنه أنا بفرع المنطقة العسكري بالعدوي كان، أول ما دخلونا لتحت على القبو بشكل تلقائي كان الصُباط.. الحذاء هو المخدة هي اللي بننام عليها يعني شيء مفارقات فظيعة.. الصباط صار شقفة واحدة لما طلعونا بدي ألبسه ما عاد يتلبس صار شقفة واحدة.

عبد الحكيم قطيفان: فترة الزنازين هاي فيه فترة كثير مؤلمة وفترة كثير مزعجة لأنه أنت على مدار أربعة وعشرين ساعة محبوس ضمن فراغ طوله مترين تقريبا بحوالي مائة وأربعين مائة وخمسين سنتي مش أكثر من هيك فيه شرفة حمام وفيه حنفية فأتذكر كنا مجموعة يعني بالزنازين صار فيه اقتراح أنه نحكي حكاية صرنا نحاول أحيانا نفتح باب الزنزانة هذا صغير وكان عبارة عن عشرة أو 15 بأربعين سنتي أحيانا كنا نطلع رؤوسنا بها الطريقة هاي أحيانا ما نقدر بس يعني من خلال كان بيخش الموجودين بباب الزنزانة، حكينا كثير عن أفلام السينما الأفلام الواقعية الإيطالية والفرنسية، حكينا عن روايات حنا مينا، حكينا عن المسرح السوري أنه فقط ما تظلك أنت أسير هاي اللحظة اللي لها علاقة مثلا الجراذين اللي بيطلعوا لك من البالوعة أو السجان اللي بيضربك لا أنت تحاول تنقل حالك من مستوى خلينا نعتبره تفاصيل كثير يومية مؤلمة لحالة كثير لعلاقة مش بالتطير الروحي بس لعلاقة بالتخصيب الوجداني فكان تقريبا يعني هاي حالة أنا بأنساها كانت تعمل لنا معوضة كثير هائلة للشيء اللي عم نفتقده في الحياة.

عدنان مقداد: أنا بالنسبة لي القلم والورقة هاي شغلة مقدسة عندي، إذا بدي أنام بدي أحط القلم والورقة تحت المخدة وأنا نايم بأقوم أكتب جملة وبأرجع بأنام، المهم أنه علاقتي بالشعر كثير حمتني وحمت نفسيتي من أنها تتأذى من جراء السجن والشيء اللي تعرضنا له، دائما فيه شيء يفرغ شحنات عم بأطلعها بس عمال تخليني سليم ومعافى أكثر فأكثر.


تدمير النخب الثقافية في السجون

حسيبة عبد الرحمن: أنا بأعتبر لو كنا بمكان تاني وبظرف تاني ما حدا راح يعتقلنا لأنه على الأقل إحنا منا حزب مسلح، كنا شباب وما بأخفيكي مشكلة حقيقية باعتقالنا لأنه يعني كانوا خيرة شباب سوريا كان ممكن يشيلوا مشروع ثقافي بسوريا هُما اللي اعتقلوا مع الأسف الشديد يعني هي النخبة صارت كلها بالسجن نتيجة هذا السجن دمروا هي النخبة اللي كانت ممكن تحمل مشاريع معرفية ثقافية إلى آخره، دخولهم إلى السجن لفترات زمنية طويلة دمرهم وخلاهم يطلعوا شخصيات مهمشة مهترئة من جوة مكسورة ما بأعتقد في مجال ترجع تشتغل بمشروع ثقافي أو معرفي.

عدنان مقداد: أنا ما بأعتبر يعني نفسي رجل سياسة أنا بأعتبر نفسي لي علاقة بالأدب وبالقصيدة بالدرجة الأولى.

عبد الحكيم قطيفان: أنا مقتنع بأنه هذا الاعتقال الطويل جدا وبالتالي هذا الألم الطويل جدا للشخص نفسه لأهله لأصدقائه ومحبينه كثير ظالم وكثير لا إنساني، أنا برأيي لو فضل أنه هؤلاء الناس مختلفين مع الدولة مع السلطة (Ok) بس هذا الاختلاف لم يكن يعني بالمحصلة مرجعيته هي الدم والقتل يعني الذبح المتبادل، هو كان مجرد فكرة بالرأس فيه نشاط سياسي دعاوي مش أكثر من هيك هذا النشاط السياسي الدعاوي لا يحتمل أو لا يعني غير مقبول إطلاقا أنه أنا أقابل يعني مقابله أنه أنا أدفع سنوات من عمري طويلة جدا.

عدنان مقداد: أنا اعتُقلت بـ1986 هي كانت مرحلة مكثفة عن تاريخ سوريا كلِّيته وصلَّت فقدان الأشياء بكاملها يعني أكثرية الناس ما مارسوها الشي اللي نسب إليهم يعني أنا نفسي مثلا اتُّهمت أنه أنا إخوان المسلمين وأنا شيوعي، فُت على الزنزانة وكان أمامي السجان وهو يظن أنه أنا إخوان مسلمين بيتعامل معي على إني إخوان مسلمين فإذاً أنت كمخبر ممكن أنت تكتب تقرير في أي شخص وتدخله على السجن وأنا هاي شوفتها حالات شوفتها أمامي يعني واحد من يلغاه والثاني بيكتب في التقرير وسرعان ما تيجي السيارات وتأخذه.

حسيبة عبد الرحمن: السجن هو مكان أسوأ مكان ممكن يكون للإنسان عندما تحجب حرية البشر لا يمكن للبشر أن تُخرج أفضل ما عندها ستخرج أسوأ ما عندها.

عدنان مقداد: أنه الإنسان بها البلد معزول فيه قضية.. قضية عدم الاعتراف بالآخر.. الآخر مش موجود أنت كل شيء، الآخر ليس له أي وجود وليس له أي حق في الاعتراض أو إذا الآخر بده يكون على مسار معين أو فغيابك هو تسلط الآخر، لما أنت لا تستطيع أنك تعترض على شيء يعطيه الحق في أنه يتمدد ويأخذ وجهة نظره هي السائدة هي الكل بالكل هو الكل بالكل أيضا يعني.

عبد الحكيم قطيفان: أحكي لك عن قصة حب صارت معي؟ ونحن بعدرا طبعا يعني صار بعد فترة من الإضراب.. إحنا عملنا اضرابين ثلاثة بتتذكر فبعدين سمحوا لنا بالزيارات كل 15 يوما حيك شار أنا بأتذكر أخت صديق لإلي ورفيق لإلي وكثير بأحبه حبينا بعض أنا وهي، أنا بأعرفها هيك بنت صغيرة، راحت الأيام جت الأيام ما بأعرف شيء أربع خمس سنين ما شفتها وبعدين شفت هيك بأحد الزيارات اتطلعت فيها حاطة سلسال ذهب هيك عم تلعب فيه هيك بين أسنانها، شعر، حمرة بودرة، ما أعرف يعني المهم صار قصة حب عجيبة غريبة يعني أي قيس وليلى أي عروة بن الورد أي.. إلى آخره لدرجة أنه طبعا فترتها صاروا يسمحون لنا ببعض الجرائد تيجينا فصرنا نقرأ عن مهرجان دمشق السينمائي نقرأ عن مسرحيات القباني الحمرة عروض القومي إلى آخره إصدارات الكتب مهرجانات تيجي من برة فأنا كانت هي بأعتبر.. البنت بأعتبرها بوابل الحياة يعني كانت يعني أنا بأتذكر أنه مثلا أقرأ عن فيلم سينما أو خبر عن فيلم سينما فدايما كنت أتخيل أنا وياها ماشيين لبعض فايتين على السينما عم نحضر هذا الفيلم، عن مسرحية أتخيل أنه أنا وياها نازلين على الحمرة أو القباني أو العمال إلى آخره كمان هيك حاضرين هذا الفيلم تناقشنا إلى آخره، ما تتخيل الهلوسة الذهنية اللي بتصير فيه هلوسة عجيبة غريبة، المهم ظليت حوالي سنتين أنا وهي البنت أهرَّب لها الرسائل، فيه مرة من المرات علقت الرسالة بين شبكين تبع الزيارة كان فيه بيناتنا بأتذكر بعدرا حوالي 80 سنتي فعم ألقفها هيك للرسايل لفينها هيك تبع هذه الورقة تبع السجاير ما وصلت يعني وبلشنا النفخ بدنا الآن قبل ما ييجي السجانين وأنفخ.. وهي تنفخ إلى آخره أهلي اتكركبوا وهي كركبت لأنه فورا بيحولوك تعرف على الفرع مباشرة وتعد لدرعا.

[موجز الأنباء]

عبد الحكيم قطيفان: فبأتذكر أنه عشنا رعب عجيب غريب لمدة يمكن حوالي هم سبع ثواني بس يمكن كانوا حوالي يعني سبعة شهور من الـ(Stress) العصبي، الغريب عدنان أن هي كانت بوقت فعلا أن كل شيء جميل بالحياة كنت أحس أن الحياة ما ممكن تكون جميلة إلا بهاي البنت وحتى فكرت أنه إذا فيه بينعمل وكالة ما وكالة لأهلي لأبي لأخواتي أنه حدا يزوجني إياها ما مشكلة لأنه أنا بالنسبة إليّ ما فيه أي إيشي وأخويا بيعرف وأهلها بيعرفوا وإلى آخره، الغريب أنه بعد ما طلعنا التقيت فيها أنا حسيت أنه هاي البنت مو هي البنت اللي برأسي.

عدنان مقداد: أنا حالة حب ما عشتها حالة الحب وإنما التقيت بزوجتي وتعرفت عليها وتعرفت على أهلها وتزوجتها، زوجتي ما أنها مثلي يعني أفكارها مختلفة عني يعني بتصلي بتصوم عادي، هاي بيئتنا يعني وهذا بلدنا نحن.. أنا تعلمت كيف أحترم الآخر بالسجن.

حسيبة عبد الرحمن: ما كنا مدركين حجم التغيير اللي صار فينا نتيجة السجن، أول مرة بأكتشف حجم التغيير اللي صار رغم أنه كانت فيه مظاهر قسوة لكن ما كانت واضحة إلا لما بلشت أمي تقول لي مرة منهم أنت متغيرة كثير صايرة قاسية، أول مرة بأتفاجأ أنه فعلا أنا صايرة قاسية أنا كنت حنونة شخصية كنت حنونة شو اللي قلبني؟ شو اللي خلاني حتى أمي لما ماتت ما قدرت أبكي؟ ولما أبي مات وأنا بالسجن ما قدرت أبكي، كل شيء عملت نزلت دمعتين مسحتهم لكن كانت دموعي تنزل وأنا نايمة بالسجن وبرة السجن ويمكن هذا اللي دفعني بشكل من الأشكال لأكتب الرواية لأنه كنت بحاجة إلى هاي الذاكرة المتعَبة حتى على الورق أقدر أتخلص من أعباء النفسية لأقدر أرجع على الأقل أوازن نفسي من أول وجديد كبني آدم كإنسانة.

عدنان مقداد: الشغلات اللي كانت فيما بعد عرفت أنه تركت أثرا عميقا جدا في نفسي هي وفاة والدي.. والدي ما كان كبير بالعمر كان عمره حدود الستين سنة أو أقل حتى خمسة وخمسين هو كان يسافر على السعودية بيشتغل عامل هناك كل سنة بييجي فجاء زارني الزيارة الأخيرة وعم بيقول لي يا ابني شوف بتحب توصيني شيء أنا بدي أسافر جاي أودعك فقلت له يعني ما بدي شيء غير سلامتك قال لي لا وصيني إذا بدك شيء قل لي، قلت له ما بدي شيء غير سلامتك فعم يحكي معي هيك بيقول لي أصبح أنا اللي لي عندك لك وصية، قلت له تفضل، قال لي أوعك توقَّع لهم.. أوعك توقَّع لهم، يعني أنا وقتها حسيت كان إحساسي واسع جدا يعني أنه هاي المرة الوحيدة يا اللي أهلي بيطلبوا فيني أني.. بيطلبوا فيها مني أني ما أوقَّع كانوا بدهم أني أطلع بأي شكل من الأشكال وبأعرف أنا أنه كانوا ينتظروني أشد الانتظار حتى والدي اللي عم بيوصيني كان.. أني ما أتنازل يعني هاي الشغلة كبيرة بالنسبة لي أنا عرفت الشغلة هاي أكثر وأكثر بعد ما طلعت من السجن.. بعد ما طلعت من السجن قلت لأمي بدنا نروح نزور قبر أبي رحنا ببصرة عمتي قلت لها بدي تروحي بكره الصبح معي الصبح بكير فرحنا أنا وياها، شغلة غريبة عجيبة يعني لا تُصدق، عمتي سبقتني بعدة خطوات ركضت ركِّيض دارت حول القبر وقالت له هاي طلع عدنان يا محمد، أدركت وقتها قد إيش كان أبي ينتظرني قد أيش كانوا أهلي ينتظروني ما كنت أعرف إلا بهاديك اللحظة عرفت.


أحلام السجون وبناء الشخصية

عبد الحكيم قطيفان: يعني هو السجن مثل أي شيء بالحياة له وجهان أنا برأيي الشخصي، وجه هو له علاقة ببناء الشخص بأبنيك يعني بأبنيك من جوانب العلاقة يمكن بالثقافة يمكن.. السجن ما كسرني بالعكس يعني يمكن أنا طلعت معنوياتي يمكن أحسن من هلا، فيه نقطة كثير مهمة جدا أنا دائما بأحس أنه هي الفرق ما داخل السجن وخارج السجن أنا جوات السجن كنت أحلم يمكن أحلم أعمل ممثل مهم، يمكن أحلم أعمل مسرحية مهمة، يمكن أحلم أعمل فيلم سينما مهم، يمكن أحلم أعيش علاقة حب مع امرأة مهمة ما بأعرف بس كنت أحلم ودايما بأحس أنه أنا فيه شيء بحياتي جميل وعشت تخيلات عجيبة حلوة معه، أنا هلا بالحياة هلا يمكن ما بأحلم أو يمكن أقول لك مو فاقد الحلم بس يمكن تفاصيل حياتي اليومية كثير بشعة وكثير قاسية وكثير ما فيها شيء شفاف ولا وجداني أنا بأحس انه ما فيها حلو.

عدنان مقداد: أنا ما كنت أظن في يوم من الأيام أنه الحلم راح يكون جريمة في يوم من الأيام أو حلم اليقظة الواحد بينه وبين نفسه أنه يكون جريمة إلا حتى شوفتها بعيني.

عبد الحكيم قطيفان: بفترة الاعتقال بالأيام الأولى طبعا هي يعني مرحلة ما بأتمنى ما حدا بيمر فيها بالحياة أنه على طريقة أنه فيه شيء ما تتمناه لعدوك أنا فعلا ما بأتمناها لعدوِّي لأنه هي مرحلة من لما بيخدوك من بيتك إلى لما بتوصل إلى الفريال يعني إلى الزانزين لما بينزلوك نبلشوا بالمحاصرة يتعاطوا معاك من لما بيحطوا هيدي الطماشة على عيونك يعني بتمر حالات عجيبة أنه أنا رايح شو هيعملوا فيّ إلى متى وكيف وشلون وكذا إلى آخره ففيه شريط عجيب غريب بالمرة، في الفترة الأولى من التحقيق بتكون قاسية كثير مؤلمة تكون مفتوحة على كل الاحتمالات، نومك سيئ جدا أعصابك سيئة جدا أكلك سيئ جدا ذهنك بيشتغل على مدار مش 24 ساعة يمكن 44 ألف ساعة بالـ24 ساعة فيمكن بأتذكر باليوم الأربع عشر صار عندي كيف الجربان صار بأحس أنه بيحك جلده كُليَّته كل جسمه عم يتحك بدو حلو، فيه شيء غريب دماغ غريب بدك حلو، أنه أنا بأتمنى أصير دبانة يارب حقق إياها طلعني من هاي الزنزانة وهي السبع أبواب لأطلع على برة فبدي سبع أبواب يمكن لأطلع على برة وأنا صدقني ما أفل أنا بس بأطلع بروح على صدر إن كان هريس أو عوامة إلى آخره بأنزل أنا كدبانة مش عبد الحكيم بأنزل على هذا الصحن القطر أو الصدر القطر بأغطيك يمكن بأكل الأطرى هيك وبعدين بدي أطير وبدي بأرجع لهم ما بأهرب فبأتذكر أنه جابوا لنا حلو ثلاث حبات نمُّورة هي صغيرة اللي هيك يعني الواحدة تقريبا بتطلع قد هي نمُّورة يمكن اسمها، أنا بالنسبة لإلي كان عيد ويمكن بلشت أرجف لأنه لما عطونا إياهن هيك بأتذكر حتى فيه واحد طلبت منه قلت له ممكن تجيب لي هيك قطعة بلاستيك معينة؟ يعني شفت بس بلاستيك تبع كيس نايلون أي شيء قال لي ليش؟ قلت له محتاجة لأنه أنا فكرت وخططت على أنا ما بدي أكلهم على دفعة واحدة لأنه أنا أظن لازم يعملوا لي فترة زمنية بأتذكر لما عطوني إياها جابوا لي هذه البلاستيكة حطيتهم بإيدي هيك، لما عدت أكلت لحست لحس منهم ما عملوا أثر على البلاستيكة أنا بلشت لحست الأطراف ما بدي أكل الحلو لكن حطيتهم تحت رأسي محل ما بدي أنا أنام على المصطبة تبع الزنزانة لأنه بالرجلين من تحت كان يطلع جرذون دائما يأكل الخبز تبعنا يعني يجيبوا لك رغيف خبز أحيانا إنت ما لك نفس تأكله فكنت تحط رغيف الخبز تلفه بآخر البطانية تحطه هيك فأحيانا كان يطلع الجرذون من البالوعة يسحبوا وأنت تكون عم تتفرج عليه لدرجة صار فيه صداقة بيننا وبين الجراذين تبع البلد إياها إنه بيطلعوا يأكلوا الخبز تبعك وخلاص أكلوه فإنه أنا هذا إذا بيطلع جرذون ممكن أعمل معركة عشان ما يقربوا على الثلاث حبات الحلو يعني بالنسبة لي يعطون فعلا حلو كان.

حسيبة عبد الرحمن: ما الذي تغير بالأولاد يا أمي بعد أن أمضوا زمنا في جوف الغولا وبعد أن مصَّت دماءهم؟ ما الذي تغير يا أمي؟ الآن بعد ما طلعت ما كان فيه ظرف مناسب للشغل طلعنا نحن في ظرف كثير سيء، أنا ما كان عندي شغل بالأساس ولما طلعت حاولت أرجع أكمل وأشتغل ما وافقوا غطوا لي فترة السجن الست سنوات اللي قضيتها ورا بعضها لكن ما قبلوا يغطوا لي فترة التخفي وهيك ما قدرت أكمل وأرجع الشغل، كمان كان اسمي أنا محروق حاولت أشتغل بأكثر من مجال منه صحافة منه أي شيء لأنه اسمي محروق بهذه الفترة ما قدرت ما كان حدا يقبل يشغلني، كل ما روي إنه هذا شبح يعني شو بدكم تعلقونا مع النظام؟ كل ما أروح لمحل بدي أشتغل يقولوا شو بتعلقونا مع النظام؟ يعني بالفترة الأخيرة لصار فيه مجال فعليا لأقعد أشتغل حتى أنزل اسمي.

عبد الحكيم قطيفان: يمكن هلا أنا ممثل معروف بالبلد بيعرفوني بسوريا وخارج سوريا إلى آخرة بس دائما أنا عندي رعب من بكرة بس أتذكر بكره بأرتعب حاسس إني ما عندي أمان، أنا من جوة ما عندي أمان ما عندي إحساس بالأمان، ليش ما بأعرف.

عدنان مقداد: أهلنا على طول يحذرونا دير بالك ما نشتغل بالسياسة دير بالك، إليّ صديق صحفي أمه جاءت بزيارة.. هو ما له علاقة بشيء أمه قالت له.. تيجي تقول له بالزيارة كم مرة قلت لك يا ابني لا تحكي بالسياسة هو بده يسكتها أمه بده يسكتها همَّا ما بيعرفوا عني شيء هي تقول له كم مرة قلت لك لا تشتغل بالسياسة ما بدك ها دول الأحزاب من بدك هذا.

حسيبة عبد الرحمن: هلا دائما الخوف بيدفع الناس للأكاذيب ونحن مجتمعات دائما خائفين، هذا ما هو مفصول على الإطلاق ليش عملوا هذه ردة الفعل العنيفة يعني نحن معلش نختلف مع بعضنا بس على طريقة القطيع.. عفوا على طريقة العشيرة على طريقة القبيلة لازم هذا الخلاف أو هذه المشاكل ما لازم تطلع خارج إطارنا بمعنى كنا بالسجن دفناه بالسجن ما بيصير إن احنا ننقله لطرف ثاني هذا الموضوع اللي ها المراءاة دائما عم تعمل مشكلة مجتمعية كاملة وما كنا نحن خارجه مع الأسف الشديد.

عبد الحميد قطيفان: أحيانا كنا نمارس القهر على بعضنا، مش كان السجان يمارس هذا القهر علينا كنا نمارسه نحن على بعضنا القهر أحيانا.

حسيبة عبد الرحمن: وإذا بدنا نكثفها ونقول دي من أي حقل حقيقة بأنه نحن من جواتنا نحن ناس غير ديمقراطيين، نحن نطالب بالديمقراطية ونحن بالعمق أشخاص غير ديمقراطيين نُخب غير ديمقراطية ما بوقتنا نبغي نسمعه.

عبد الحميد قطيفان: بالفترة الأولى يعني كان فيه خوف كان فيه قلق من إنه واحد ما يكون سبب بأذى أحد أو خَرَبان بيت أحد يمكن خفت جزئيا على مستقبلي إنه أنا متخرج جديد من معهد العالي للفنون المسرحية وأنا عندي أحلام عريضة وعملنا فرقة بحث مسرحي وكان عندنا نص واشتغلنا عليه شهور، يمكن هذا كله يعني خفت عليه جزئيا بس الخوف الأساسي إنه الواحد إنه يظل رجل.. أهم شيء إنه يظل رجل إنه ما يكون واحد تافه ورخيص ومؤذي فكان عندي هاجس على إنه أنا يعني لازم أظل رجل تحت أي ثمن.

عدنان مقداد: أنا ها الحين ما بأخاف بس وقتها كنت مرعوبا يعني اللي بيشوفني يقول هذا ما هو شيء مرض بالرجفة رجلي مطمش وفوتوني بسيارة واحد من هون وواحد من هون ثلاثة ورايا واللي وراي يضربني عم أقول لهم من أنتوا هلا بتعرف مين نحن.

عبد الحكيم قطيفان: كانوا بشكل أو بآخر معبئين على إنه هذا المعتقل هو عبارة عن واحد يمكن يكون إرهابي ممكن يكون واحد مصاص دم ممكن إلى آخرة بس بنكتشف بعد فترة من المعايشة الطويلة إنه بالعكس شاب مثقف شاب بيفهم شاب كثير عنده شيء من الطيبة والنخوة إلى آخره فبتتحول لدرجة إنه فيه صداقات كثير صارت بيننا وبين يعني سجانين ولدرجة إنه كان يخدمونا حتى في مسألة الكتب بعد فترة لما بلشوا يسمحوا لنا بمسألة القراءة فيه كتب طبعا ما كان مسموحة فأحيانا نضطر إنه يعني نطلبها برجاء من واحد من السجانين فكان أحيانا يهربوها لنا تهريب فعلا..

عدنان مقداد: بأتمنى كل البشر بسوريا يمارسوا العمل السياسي ويفهموا ليش إننا عايشين حتى يساهموا أكثر وأكثر أن يطوروا بلدهم وأن يعيشوا بشكل أفضل.

عبد الحكيم قطيفان: يمكن هذا بيستدعي إنه نسأل بالمحصلة لمسألة الانتماء شو الوطن؟ شو الانتماء؟ وشو نحن بهذه المعادلات؟ أنا بالنسبة إليَّ يمكن حبي لهذا البلد حبي على إنه.. أنا يمكن قرأت بتاريخ سوريا يمكن قرأت يمكن من أيام القوافي من 860 من لما اطلع بالمحصلة كتب عن الاستبداد وغير الاستبداد يمكن شهداء عصر النهضة في بداية هذا القرن يمكن أول انتخابات ديمقراطية بالوطن العربي صارت بسوريا أول برلمان عربي منتخب يمكن أول امرأة بسوريا أول امرأة بالوطن العربي انتُخبت أو بمعنى أدق صوتها هي بسوريا، يمكن لما قرأت عن مذكرات خالد العظمة وقد إيش هذه البلد كانت عظيمة وإلى آخره فأنا بأحب هذا البلد وبأحس إنه أنا يمكن من حقي تكون سوريا أفضل من هيك من حقي تكون سوريا أجمل من هيك وبالتالي هذه الوتيرة اللي كانت فيَّ بالعشرينات والثلاثينات والأربعينات والخمسينات لازم نكون نحن بمستوى آخر وبزمن آخر.

عدنان مقداد: أنا بأعتبر إنه الانتماء الأكبر هو الانتماء للناس هذا الانتماء الكبير والإنسان إنسان متكامل وكلي بتأتي أفكاره بتدعم انتماؤه تصقله بتخليه انتماؤه يكبر أكثر وأكثر.

عبد الحكيم قطيفان: أنا هلا بيسألوني أنتم شو بدكم؟ أنا على المستوى الشخصي ما بدي شيء بس أنا كتير بأتمنى إنه يكون فيه عندنا قانون يسرك يا أخي إنه يكون عندي مرجعية قضائية إنه أحس طالب الجامعة منه بالمحصلة واحد بيروح يجيب من أهله ليدفع إتاوات لأساتذة الجامعة، هذا الخراب بالقانون، بالإدارة، بالجيش طب ليه؟ أنا عندي دلوقتي أخي بيخرج من الجيش بيأخذ مصروفه من أهله طب ليش؟

حسيبة عبد الرحمن: يمكن هذا المحل صغير اللي أنا واقفة فيه خلاني أحلم لما يكون عندي بلد كثير واسع بلد كثير نظيف بلد كثير جميل.



http://www.aljazeera.net/NR/exeres/BCDEF880-1D4B-4FF7-829D-B595AC219482
أدب السجون -
ذكريات سجن تدمر والأعمال الأدبية 30/03/2006

- سجن تدمر وذكرياته
- أعمال الأدب بالسجن ومدى الاستفادة منها

غسان جباعي- كاتب ومخرج مسرحي: غسان جباعي كاتب ومخرج مسرحي، دخلت على السجن كان عمري 31 سنة عام 1988 وبقيت لعام 1998 عشر سنوات، سنة منهم بفرع التحقيق العسكري تحت الأرض وأربع سنين ونصف بتدمر، بعدين تم نقلي إلى سجن صيدنايا العسكري الأول ومن ثم إخلاء سبيلنا.

فرج بيرقدار- شاعر: فرج بيرقدار شاعر، مواليد 1951، أمضيت بالسجن 14 سنة، لما اُعتقلت كان عمري 36 وطلعت بالخمسين، السنة الأولى أمضتها بفرع فلسطين تحت التحقيق، بعدها نُقلت إلى سجن تدمر الصحراوي، أمضيت خمس سنوات إلا شوي، فيما بعد نقلت إلى صيدنايا حتى الإفراج عني بأواخر سنة ألفين.

ياسين الحاج صالح- كاتب: اسمي ياسين الحاج صالح كاتب، مواليد 1961، دخلت على السجن سنة 1980 كان عمري 19 سنة، قضيت عشر سنين وشوي بسجن المسلمية بحلب، بعدين أربع سنين بعدرا جنب دمشق وبالـ 1993 حاكمتني محكمة أمن الدولة 15 سنة، بعد ما خلصت أرسلوني على تدمر قضيت سنة إضافية.. يعني كملت 16 سنة وطلعت بآخر سنة 1999.

غسان جباعي: منّا متعودين نروح على تدمر بدون طميشات وكلبشات.

سجن تدمر وذكرياته

ياسين الحاج صالح: أنا بأتذكر أنا ما كنت مطمش لما أخذونا على تدمر، فيأخذونا الساعة خمسة ونصف الصبح ويظل.. بينقلونا على تدمر على صيدنايا.. على سجن صيدنايا ولا على الفِرع علشان المساومة ولا هيك شيء ساعتين.. يعني كل اللي عندنا شوية إنه آخذنّا على تدمر لكن الأمل كان عم يلعب دوره بيكذّب هيك توقعات، نزلونا على السيارة وما تيقنّا إنه رايحين على تدمر إلا لما طلعت بالباص على أبو الشامات، كنا مكلبشين طبعاً والقياس.. السيرة اللي كانت عم تنحكى من الناس اللي عم أخذونا على تدمر كانت المعاملة كثير سيئة، مكلبشين وجوهنا صفر، ما شايف وجهي لكن وجوه.. كنا ثلاثين واحد.. وجوه زملائي كانوا شاحبين بطريقة مريعة، أول ما عرفنا إنه ماشيين على تدمر.. يعني حسينا يمكن كلنا بإنه مثل اللي وقع ببئر عميق، تخلى عن كل أمل، ما بدأ الرعب ما بدأ.. يعني الرعب الحقيقي ما بدأت صورة تدمر تتجسم إلا لما وصلنا واستلمونا.

فرج بيرقدار: الفظيع بالأمر نحن مأهلين حالنا نفسياً بالفِرع بعد سنين التحقيق والعذاب قلنا خلاص بدنا ننتقل على السجن نشوف رفاقنا وفيه زيارات، قالوا لنا أنتم مجموعة خاصة.. هيك وصلتنا التسريبات.. ممكن يأخذوكم على المزة مو على صيدنايا، قلنا مليح المزة، بعدين جاءتنا تسريبة إنه والله ممكن يعاقبوكم ويأخذوكم على تدمر، المهم طلعنا، صفونا في ميكرو هيك صوته ناعم مو على طريقة سيارة الزيل هاي، فقلنا لبعضنا.. يعني قلنا إنه ما معقول إنه ها الميكرو الأنيق هذا الظريف يكون لتدمر، مشيت باتجاه الميكرو هناك بلشت الشتائم والضرب وإيديك وراء ظهرك، ما أدري شو حط الأشي حطينا، إيديك وراء ظهرك، كلبشونا، طلعنا ها الميكرو، رأسك تحت المقعد.. يعني أنا قلت ما معقول ثلاث ساعات ونصف.. أربع ساعات الطريق نظل مكلبشين للوراء، أكيد يا صيدنايا يا المزة، بس وقتها بدأ الميكرو يمين شمال، نحن ما شايفين، بدأت أحس أو هيك تقارن الأعمى كيف استخدم حواسه ليعرف اتجاهاته.. ليعرف كثير قصص؟ فيك تقول أول تجربة، ترويض أو تدريب إن أنا أكون أعمى، لما وصلنا طبعاً الكل كان عم يشتغل بنفس الطريقة، ما عم نعرف فين عم بنروح، كنا وصلنا بساحة الأمويين، راح يمين.. يعني باتجاه الشرق، طلعنا باتجاه مساكن (كلمة غير مفهومة) رجع لف والله دق الطريق قلنا باتجاه تدمر أو معلولة صيدنايا، كنا نتوهم إنه بركة إن شاء الله يكون باتجاه يا أخي باتجاه معلولة صيدنايا، لما لف باتجاه الشرق قبل معلولة صار واضح إنه باتجاه تدمر وبدأت عاد.. يعني ضرب على أي حديث.. على أي حركة، لدرجة.. يعني أحد رفاقنا أنزلق القيد على يده فصرخ، سأله أحد عناصر الدورية شو فيه عندك؟ قال له الكلابشة راح تقطع يدي، فقال لزميله روح دبر له الكلابشة بمعرفتك، فجاء لعنده وراح مسكه وعلى رأسه وطب.. حل المشكلة الرفيق ما عاد حكي.

غسان جباعي: أنا بأتذكر لما نزلونا مرة من تدمر على دمشق للتحقيق بأتذكر الرجعة، رجعنا مع مجموعة من بعض الشباب أنا الوحيد بينهم اللي بأعرف أنا لوين جئت ولوين راجع، هم ما كانوا بيعرفوا، صاروا يتشارطوا، نفس الشيء إنه مستحيل نروح على تدمر، ليش على تدمر نحن شو مسويين لنروح على تدمر، قلت لهم يا شباب على تدمر.. طريقنا تدمر، فهمسنا لبعض طميشة وكلابشات وكنا حتى متكئين بسيارة زيل كنا متكأين على بعض.. يعني كل واحد على ظهر الثاني، فنكشني واحد أنا سألته أنتم مين كذا؟ قال أنا فلان، طلعوا كلهم بأعرفهم، بنعرف بعض، الأخطر بالأمر لما أنت بتنزل هناك وبيكون واقفين بالجهتين وكل واحد معه عصايته وبيعملوا لك استقبال.. يعني هذا لا يمكن أنساه بحياتي.

[فاصل إعلاني]

غسان جباعي: بتعرفوا مثلاً ليش لما بينقلونا ويمررونا داخل المدن ليش كانوا يطلبوا منا أنه ننزل رؤوسنا لتحت المقاعد؟ لأنهم كانوا بيخجلوا أنه يشوفونا الناس ونحن راكبين بالسيارة ومقيدين ومطمشين.

ياسين الحاج صالح: لما تتفرج من الشباك أنت ما عدت مجرد سجين، صرت تعمل شيء آخر إنساني غير لما تكون حبسك ضمن وضعية السجين مذلول مرعوب مهان.

غسان جباعي: نحن مرة جاء لعندنا ضابط كبير، بييجي علشان يشوف شو طلباتكم؟ شو ناقصكم؟ شو معتازين؟ شو إلى آخره.. فأنا تشجعت وأقول تشجعت لأنه فعلاً كنت عم أحكي ورجليّ عم بيرجفوا هيك تحتي، طبعاً فيه ناس طلبوا تنفس أكثر، فيه ناس طلبوا ما بأعرف شو أكل، كتب، الاحتياجات الأساسية والضرورية، صحة.. معالجة صحية، فأنا قلت له بدي أسألك سؤال نحن ليش موجودين هون بتدمر؟ هل حملنا سلاح ضدكم.. يعني هلا بتسموهم إرهابيين؟ يعني هل تعاوننا مع دولة أجنبية استلمنا دولارات من أحد؟ القانون بيطالنا بأي جرم نحن ارتكبناه؟ قال طبعاً أنت مجرم سياسي.

ياسين الحاج صالح: بتعرف كيف كانوا يأخذوا السجناء وخصوصاً اليساريين.. من أصول يسارية مثل حكاياتنا؟ كانوا يأخذونا على تدمر لأنه إما بعد التحقيق مباشرة علشان كسر العين والبهدلة أو عقوبة لأنه عاملين شي شغلة بالسجن.. شي مشكلة، هلا نحن ما بأول السجن ولا عاملين، الحقيقة عوقبنا نعم لكن على مساومة، الشغلة الفظيعة الحقيقة اللي أخذتنا على تدمر أنه أخذونا ثلاثين واحد بمَن فينا ناس وافقوا على المساومة، بما فينا ناس وافقوا على أنه بيتعاون مع الأمن على أنه ما بأشتغل بالسياسة وعلى أنه بأكتب لكم تقارير وكله، بعض الناس قالوا لهم الضباط أنه بكره راح تنام ببيتك.. كانوا ثلاثة عمداء قالوا بكره راح تنام ببيتك.. ثلاث عمداء من الأمن السياسي، البكرة ببعض الحالات كان خمسة سنين ونصف بتدمر، خمس سنين ونصف.. يعني عم يحرقوا حق الاستسلام، أنا مستسلم.

فرج بيرقدار: ياسين مطلوب البشر يعرفوا شو صار، أنا برأيي وسيلة تربوية ممتازة للأجيال القادمة لكي لا تمر بالمآسي اللي حصلت، البعض بيجوز يقول يا أخي ما في داعي لنكش ها الأمور، أخي ما فيك تتجاوز ها المرحلة، الجمر بده يبقى تحت الرماد، أنا برأيي مطلوب هذا تمثيله تماماً فيلم، مسلسل، إلى آخره وإلا البشر بده يتم نظري أو بده يتم أحياناً أوهام وتضخيمات ومبالغات.

ياسين الحاج صالح: هلا.. يعني أظن السجن هو المكان اللي بيجسد.. يعني بخيال الواحد وذاكرته جمال المبتذل.. شيء مبتذل، أنه واحد يمشي بالشارع، أنه يمشى تحت المطر، أنه يقعد بحديقة، أنه يتفرج على الناس الماشيين إلى آخره، بالسجن كثير يصير جميل وحلو، بيتخيل الواحد كثير حاله، هلا بتدمر مو بس هيك بتدمر السجن للناس.. للإخوان بالحقيقة أنا ما عديت بها التجربة.. يعني يحلم الواحد حلم أنه ينام يمدد رجليه.

غسان جباعي: مسموح لك بأربعين سنتيمتر فقط، أربعين سنتيمتر.. يعني بيخلوك تصير أنت تقاتل على سنتيمتر، هذه الأجساد المتلاصقة.. هذا الإحساس بالتجمع القطيعي سواء أنت أردت أم أبيت، الحصر في مكان واحد أنه كيف نحن استطعنا نتغلب على ذاتنا وعلى المكان وعلى الشرط اللي نحن موضوعين فيه.

ياسين الحاج صالح: غسان ما لازم يفوت عن بالنا أول شيء كثير من أصدقائي كنا أصدقاء قبل السجن أو تعرفنا داخل السجن، كانت فرصتهم بتحمل السجن وبتجاوز محنة السجن أقل بكثير، مجموعة ظروفات.. ظروف وإمكانيات متنوعة وإمكانيات أهلنا الحقيقة أيضاً كانوا.. يعني الستة عشرة سنة اللي قضيتها أنا فيه عندنا سنة ونصف أظن بين سنة 1988 و1989 كان ما فيه عندنا زيارات وبسجن تدمر بعد ذلك.. يعني ثلاثة عشر سنة ونصف فيه زيارات، الزيارات تحفظ كرامة السجين، بيجيبوا له أهله مصاري، يجيبوا له أهله أكل ويجيبوا له عاطفة.

فرج بيرقدار: أخي السجين منسي.. نسيان معنوي للسجين، السجين المنسي فظيع، هذا بيتعرض لأكبر ضغوط بس أنا بأقول لحسن الحظ مثلاً أنا ما كنت منسي من أهلي، ما كنت منسي من أصدقائي، أيضاً ما كنت منسي من منظمات بالخارج لحقوق الإنسان وغيرها، هذا منحني درجة من التماسك أعلى.

ياسين الحاج صالح: اللي خسروا معركتهم مع السجن هم اللي اعتبروا السجن زمن مهدور، تحمل محض وانتظار للحظة الإفراج، لحظة الإفراج لا بأس.. يعني ما بنختلف عن بعضنا إذا طلعنا بعد سنة، لكن إذا خمسة عشر سنة لا بيختلف، اللي يستني لحظة الإفراج كل الوقت راح يُهزم كل وقت، اللي يتصالح مع السجن وبيعتبر أنه أعمل لسجنك كأنك مسجون أبداً وأعمل لحريتك كأنك خارج غداً، بمعنى.. وخصوصاً أنه كنا محبوسين حبس عرفي.. يعني ما أحد منا بيعرف قد أيش راح يقضي بالسجن.. يعني حرمونا من فرصة أنه نسوى عد تنازلي للحبس.

غسان جباعي: بأظن الإنسان الأناني ما فيه يعيش بالسجن، الإنسان اللي بيكره الآخرين.. بيكره المجتمع ما فيه يعيش بالسجن، الحب العلاقة لأنه فيه حياة جماعية بالسجن، الحياة الجماعية بتخلق جو كثير جميل، بتحول السجن فعلاً إلى مركز ثقافي مثلاً.

فرج بيرقدار: وأحيانا لجو ممض يعني أن تبقى أربعة وعشرين ساعة تحت عيون رفاقك الرحيمة اللي أنت مضحي بدمك من أجلهم وهم مضحيين بدمهم من أجلك تضحية حقيقية، بس بالسجن يا أخي بتحط فئران بحي صغير تتغير طباعهم وبيصيروا.. كمان له أخلاقه وقيمه بيخليك أنت بيطلع لك نصف بيضة ما بتتنازل عنه لرفيقك لأنه أنت بتبقى جسدياً عم بتقاوم بدك نصف البيضة هذه.

ياسين الحاج صالح: كان ملحوظ على فكرة بالسجن أنه أخلاقنا بتتحسن يوم الزيارة، فيه وفرة من الأكل فيعني مستوى التعفف عندنا كلنا بيرتفع.

فرج بيرقدار: يعني قراءات السجن متعددة، كل واحد عم بيقرأه بطريقة، أولاً بتسمع طريقتين وبتشوف طريقة ثالثة، أحد وجوهه وهو مكان معادي أنا باعتقادي لما بينجح في إعادة تأسيسه للقول للحول لحالي حنيني أو جزء منه هذا أيضاً بده نقص تحظره السجن.

ياسين الحاج صالح: يعني محتاجين لنحوّل السجن لبيت، بقدر الإمكان بنجرده من خصائص المكان الغريب المعادي لنوع من البيت، بنستوطنه، بنحوله إلى وطن بشكل من الأشكال.

فرج بيرقدار: بس أنا الحقيقة من الزنزانة من فترة التحقيق شعرت أنه يا أخي كيف بدك تواجه مهابة السجن، وحدي من مقومات المواجهة شعرتها هي الشعر والحقيقة بسنوات لاحقة اكتشفت أنه حفظت توازني، خلاني أشعر بمعنى لأنه السجن مكان لا معنى له وزمن لا معنى له.

غسان جباعي: اخترعنا أول شيء أقلام من عظم، نأخذ الضلع هذا تبع اللحمة اللي يجيبوا لنا إياها، نأخذ الضلع نحفه بشكل ونعمل له رأس مدبب ونجيب ورق الميجا تبع السجائر ونكتب عليه بالضغط قصائد وقصص وحتى بأتذكر عملنا جريدة صباحية فيها افتتاحية وفيها قصة وفيها شعر وفيها نكت، فكل يوم تفوت الصبح تلاقي جريدة معلقة مطوية هيك على حبل، هذا الاختراع ممنوع لأنه هم ما بدهم إياك تقدر بسهولة تنتصر على الشيء المحيط فيك، بدهم إياك بتظل دائماً عبد لهذا الشيء أو على القليل تتعذب حتى توصل له، فتعرف الطاقات اللي موجودة بتدمر، الطاقة الموجودة بالسقف اللي الشرّاقة كانوا يسموها وإذا كان المهجع كبير كانوا يحطوا اثنين علشان.. والحراس اللي فوق اللي كل الليل بيطلوا عليك وكل الليل بيشوفوا الساعة كذا بدك تنام، طيب أنت بدك تكتب، كيف بدك تكتب؟ بدنا نحتال، نحاول ننزل تحت البطانية، كمان البطانية ما لازم تكون مرتفعة كثير بيكشفوك، بدها تكون بطانية، فأنا مثلاً صدفة مرة أنه تحركت تحت البطانية بطريقة ما، كمشني، أخذوني على الزنزانة ثاني يوم أعطينا اسمه لهذا، خذ اسمه، أنت اسمك كذا، ثاني يوم بيعلموا عليك تعرفها هاي تعليمات فيعني فيما بعد طبعاً بكل.. على فكرة كل فترة سجن تدمر هي فترة من الإلغاء الكامل لكل حقوقك، ما لك أي حق، حتى التنفس كان عذاب حقيقي لنا.. يعني أنا من الناس اللي كانت بتحب التنفس، ما بدي أتنفس.

ياسين الحاج صالح: سجن تدمر السجان حاضر بكل لحظة، سجن المسلمية وعدرا السجان غير حاضر إلا حضور غير مباشر، حضور غير قمعي ويومي، بتدمر مو بس ما فيه كتب أو أدوات للطبخ أو للشاي أو للمتاع أو ما يشبه ذلك، فيه خوف كثيف حاضر بكل لحظة.. يعني خوف فقدان للأمان، شعور بالقلق وبالانعصار وبيت الواحد ريشة في مهب الريح.

[موجز الأنباء]

ياسين الحاج صالح: بالفترات السابقة أعتقد أنه كان فيه.. يعني كنت نجحت إلى حد لا بأس فيه بحل مشكلة السجن إلى درجة أنه صدقاً بأخر 1995 لما أنهيت الـ 15 سنة تبعي صرت أحس بالقلق بأنه أنا حالل مشكلة السجن بشكل كثير مليح، هلا الطلعة هي المشكلة، أنه خروجي من السجن بعد 15 سنة هو المشكلة.. يعني بشكل من الأشكال صار السجن نوع من الحل، 15 سنة من التعود ويعني كنت بأكتب شوي وأتيح لنا بعد سنة 1988 أقلام فكنت بأكتب وبأشتغل، فهذا الوحش تم ترويضه بشكل لا بأس فيه وقدرة على التكيف لا بأس فيها، نوعية المشاكل اللي يطرحها على السجن صرت قادر على إيجاد حلول ماشي حلها، هلا لما انتهت الـ 15 سنة راحت السكرة وجاءت الفكرة، هلا شو بدنا نعمل بره يا أبو الشباب؟ بدك تعيش، بدك تشتغل، بدك تحب وتعشق، بدك تستأنف حياتك.. تستأنف الحياة شغلها فيك من أول وجديد، فكان هالقلق موجود وحُل للأسف بطريقة وحشية ويعني لا يمكن أن تخطر على بال اللي هي النفي إلى سنة إلى سجن تدمر.

غسان جباعي: لما أخذوني كان ابني عمره أربعين يوم وطبعاً ما قدرت شفته حتى انفتحت الزيارات بعد ثلاث سنين، كنا دائماً لما ييجوا يزورونا بده يسلم عليّ وبدي أسلم عليه، كان فيه فراغ بيناتنا شبكين وداخل الشبكين فيه حارس، فكنت أمد إيدي أنا لحتى أسلم عليه ويمد إيده هو على قد ما يستطيع، فيا يلا أقدر ألمس أصابيعه، فجاء لعندنا مرة مدير السجن قال شو بدكم؟ شو أنتم عايزين؟ شو طلباتكم؟ صار يطلبوا ناس تنفس، ناس كتب، ناس أكل، ناس ما بأعرف شو، فأنا رفعت إيدي وسألته سؤال قلت له حضرتك عندك أطفال؟ قال لي ليش عم تسأل.. يعني شو هالسؤال؟ قلت له أنت عم تضم أولادك كل يوم يمكن، أنا صار لي ست سنوات ما ضميت لأبني، ما شميت رائحته، فيه مجال تسمح لي ولو بزيارة واحدة إنه نقدر نضم أطفالنا؟ أنه هذا الطفل بحاجة أكثر مني لأني أضمه، قال لي ماشي يبدو إنفعل وحس بأنه هذا شيء إنساني.. يعني وحق، قال لهم زيارة خاصة، زيارة خاصة يعني بالغرفة وهاي أول مرة بعد ست سنوات فعلاً أضم لأبني وهو بيضمني وبأشم رائحته، ما كنت بأعرف رائحته.

فرج بيرقدار: يعني رغم خمس سنين بالسجن وتنقلت بين أكثر من مهجع وأكثر من ساحة.. يعني من ساحة لساحة علشان أكون خريطة للسجن، أنه هذا المبنى قد إيش بتحسه يا أخي ممتد ولا متناهي ودهاليز بتنفّد على بعض، بالأخير طلعت من سجن تدمر كانت الصورة ناقصة، عندي أجزاء منها، رفاق آخرين عندهم أجزاء غيرها، بصيغة حاولنا نكملها، رسمنا ماكيت بس تم نظريا، بس عندي رغبة هلا فعلاً إني أفوت لجوه يا أخي لأنه جوه فظيع، مثلاً بعد مرور زمن صمت.. سكون ما فيه غير أصوات الحراس والصراخ وأحيانا صريخ بالليل فقط إنه قف وما قف على أساس واحد هارب، وصلنا لمرحلة لما وصلنا أول صوت داخل السجن وصلنا صوت نهيق حمار، بتصدق السعادة هللت هيك من جوه يا شباب إذاً إحنا فيه ناس قراب منا، منّا مقطوعين بالصحراء، إحنا معناه أننا قريبين لتدمر، صوت الحمار كان مؤنس جداً والحقيقة كان لطيف على العكس بأصوات الحراس لما كانوا بيصرخوا قف.

غسان جباعي: كنا نسمع كمان الصمت، أنا ما بأتذكر إلا الصمت وبأحس بأنه المكان مسكون بالأشباح حتى اللي كانوا يصيحوا قف طبعاً كانوا يصيحوا لأنهم خائفين، كنت تحس إنهم شياطين أو ما بأعرف، الصمت كان بالنسبة لي الشيء الوحيد اللي بأتذكره أنا من تدمر، الصمت المرعب المخيف يالي بيسبق شيء له علاقة بصرخة ألم، بفقد واحد، بخسارة إنسان، هيك.. يعني انطباعي كان.


أعمال الأدب بالسجن ومدى الاستفادة منها

ياسين الحاج صالح: أنا قبل السجن.. قبل ما أروح سجن تدمر ما كان عندي فكرة، ما كان عندي أية تصور ما كان على السجن غير إنه هو مكان لا.. يعني فيه أناس قساة بشكل أساسي للحقيقة، ما عندي أية تصور للمكان، لما صرت جوه السجن الصورة اللي.. يعني فهمت شوي شوي إنه منع تكون صورة مكانية عن المكان اللي إحنا فيه هو جزء من عملية تخويف والرعب لأنه أنت لما تكون صورة عن مكان أو المجال اللي أنت شاغله بتحس بالأمان، بأعرف زواياه وبأعرف مداخله وبأعرف مخارجه وبأعرف أبوابه وبأعرف نوافذه لما يكون مكان أنت دائماً لما بتتحرك فيه مطمش إذا خرجت منه عم مطمش ومنكس الرأس هذا جزء من عملية تلقينك لخوف إنه أنت بمكان غريب، مرمي بعالم غريب عليك ومحفوف بالقسوة وبالرعب والترويع، عدم معرفة المكان هو جزء أساسي من تعريف سجن تدمر، لكن الشيء الغريب إنه صار لي هلا طالع من سنين وأربع شهور لكن بعد اللي فاجئني بعد ما طلعت من السجن إنه ما استطعت أبداً إنه أخصص وقت كاف لأخذ الدفاتر اللي كاتبها، أبداً ما استطعت إنه أخصص لها ولو أسبوع واحد، يمكن لأنه قامت بدورها، هي ساعدتني على إنه أتحمل السجن وعلى إنه أبقى على قيد الحياة بالسجن فما عاد لها فائدة جديدة بعد ما طلعت بره.

غسان جباعي: أقول لك الغريب بالأمر إنه داخل السجن ما كان فيه مجال إني أسوي المسرح، بس بعد ما طلعت من السجن كمان ما كان فيه مجال لأسوي مسرح، رغم إنه فيه عندهم ممثلين كويسين وعندنا كتّاب وعندما معهد عالي للفنون المسرحية بس ما فيه مسرح، لا جوه في مسرح ولا بره في مسرح.

فرج بيرقدار: أنا أحكي حالة شبيه أيضاً.. يعني بيجوز أنا طلعت بثمان مخطوطات.. ثمان كتب خلال أربعة عشر سنة، لكن صدقني بعد ما طلعت أول ثلاث سنين ما قدرت أكتب شيء، ما كتبت شيء جديد إلا المقابلات أو مقالات أو يعني شغلات سهلة أما إني أكتب قصيدة ما قدرت، بعد ثلاث سنين ما حتى قدرت استرجع لكن الثلاث سنين ها دول أمضيتهم بالتنقيح وبالتدقيق وبحذف وشطب وبإلغاء بعض القصائد اللي كاتبها لحتى اطمئنيت إنه خلاص صاروا جاهزين للطباعة، وقتها شعرت إنه هلا المرحلة نزلت عن أكتافي، سجن تدمر مثل ما سميت لك مرة مملكة للموت والجنون فعلاً، أنا قلت إنه هي عار مو بس على تاريخ سوريا، مثل ما كثير سجنوا كثير ماتوا، هي عار على تاريخ البشرية فعلاً، قد ما حكيت ما.. يعني ما تضغط إنه رحيم بدك آلاف الكتب وآلاف الشهادات لأنه خيو.. يعني اللغة عندي أنا سميت الكتاب خيانات اللغة.

ياسين الحاج صالح: أنا حاولت أكثر من مرة هيك أعبّر عن الموضوع أظن ما نجحت فعلاً، يمكن صعب النجاح، معك حق تحكي على خذلان اللغة أو خيانة اللغة أو هيك شيء بس.. يعني حاولت أعبّر عن الأمر بالشكل التالي إنه تدمر هو المكان اللي يصير الخوف فيه نمط حياة، أنا كنت بأحس الخوف إحساس عضوي غسان، عضوي جسدي، كنت بأحسه بعضلات العضد هنا بعضلات الخاصرتين..

غسان جباعي [مقاطعاً]: الفرائص..

ياسين الحاج صالح [متابعاً]: وهن شديد جداً.. يعني راح توقع على الأرض وبالأمعاء.. يعني بيحس الواحد.. يعني بالمثل الشعبي إنه عملها تحته من الخوف فعلاً، هلا ما وصلت إلى هنا بس صارت مصورة بالنسبة لي تماماً، نشفان ريق.. صرت بأعرف إيش معني نشفان ريق، تقصف الركب.. صرت بأعرف إيش معنى تقصف الركب، مرة عدى عليّ في سنة 1993 الحقيقة مريع من الخوف، العقاب العشوائي الشنيع واللي ممكن يصيب أي واحد بأي وقت والتعليم كل يوم بيتعلم ثلاثة أربعة أو خمس مريع.. يعني تعرف لما يكون واحد معلم وهو وتكون حالته بالويل وزملاؤه كلهم بيكونوا.. يعني مرعوبين وخائفين، كنت ليلي بتعرف ليلي يعني بيحرس بين كل ساعتين واحد تحت شراكة.. يعني هو بيراقب.. مسؤول أمن بالمهجع إذا جاز التعبير وكل علم نائمين كويس وكلهم على سيفهم يعني على جنب وكلهم مطمشين كويس وما في حدا بالتواليت أو هيك شغلة، كنت مرعوب هلا ما فيه شيء محدد الحقيقة بس يبدو تراكم الخوف لدرجة إنه حسيت إنه راح يغمى عليّ، فعلا راح يغمى عليّ، حسيت إنه إذا ظليت دقيقة خلاص راح أقع على الأرض، فصحيت رئيس المهجع الله يفتكره بالخير أرمني هلا بالسويد صحيته إنه كمّل الليلي عني، تخيل.

غسان جباعي: أنا ما بأتذكر كنت خائف ولا لا، ما بأعرف عن جد، لما جاؤوا أخذوني حسيت بالفترة الأولى إنه أنا بين أيادي أمينة ولو ها دول جيشنا ودول أمننا، ففعلاً حسيت بالأمان، حتى دخلت لجوه وأكلت أول كف، أنا ما كنت أخاف مثلاً جسدياً، ما أخاف على جسدي، أنا لما بيكون فيه عندي مشكلة ربّما طبعي أو تركيبتي هيك بس يكون فيه عندي مشكلة أنا بأتحاول لمراقب، بأصير بأتفرج حتى على عذابي يعني..

ياسين الحاج صالح [مقاطعاً]: بتحط حالك خارج المشهد.

غسان جباعي [متابعاً]: أيوه بالضبط، ما بأعرف صح غلط بس فعلاً، لما أكلت أول كف..

ياسين الحاج صالح: صرت داخل المشهد.

غسان جباعي: صرت حتماً داخل المشهد..

ياسين الحاج صالح: موضوع المشهد.

غسان جباعي: صرت المشكلة الأساسية وين، ربّما الخوف من إنه تخاف على كرامتك، بتخاف تنهان ولما بتنهان ماعاد شيء تخاف عليه.

فرج بيرقدار: سجن تدمر خوف يومي، هلا خوف من ضربة طائشة تعطبك، تطلع بعاهة دائمة وكثيرين جوه وفي التحقيق أيضاً شيء وسيلة قاسية تعطبك، خوف أحياناً بتشوف غيرك عم يتعذب تشعر بخوف تاني، هلا أنا كل رجليّ عم بترجف بس ملامحي بأتحكم فيها، كانوا بيقولوا دائماً عني المحققين إنه أنت عكروت، إنه أنت.. يعني ما بتخاف أنت بينما أنا مرعوب من جوه، خايف يا أخي بس الخوف شيء وإني بديهم إياه شيء تاني ما مستعد له.. يعني كرامتي.. أنا خايف على كرامتي.. يعني غسان بسبب شدة التعذيب وأساليب الفظيعة وتراكمها على زمن مديد الأجساد أنهكت، عدد من مجموعتنا غدى عيانين، كان بعض الأصدقاء اللي لهم علاقة بالطب بيقولوا هي مرحلة مؤقتة بس كل واحد.. يعني الواحد سنة.. سنتين أنا مثلاً سبع سنين معتقد إنه خلاص ما عاد فيه إمكانية، أنا فاقد القدرة الجنسية، لاحقاً بعد سبع سنين.. يعني بدأت أشعر إنه لا والله كأنه عم بتستيقظ مسألة، هلا هذا اللي بيجوز دفعني إني أكوّن فلسفة خاصة تجاه المرأة، المرأة هي قيمة جمالية، هي قيمة إنسانية، هي رحمة، هي ظلال من القداسة، هي منقذ لك، ممرضتك جوه، بيتهيألي الجسد بيتراجع، بيجوز بدأ يتقدم السنوات الأخيرة لما أنا تعافيت ووضعي الصحي صار جيد بس للأسف فيه رفاق لي حتى الآن هم فاقدين القدرة الجنسية تماماً.. يعني التعذيب عطبهم عطب نهائي وربّما يكون فيه غير التعذيب، إهانات نفسها.. إهانات لما بيذلوك كل شيء، تبدأ تحس ما عدك إنسان، ما عدك رجل كامل المعني بيتهيألي حتى البعد النفسي ممكن يؤثر على هذا الموضوع ربّما ما بأعرف.. يعني بس أنا أزعم ربما الحاجتين مشترك.

غسان جباعي: أنا بالنسبة لي شخصياً اللي أنقذني إنه أنا من الصفعة الأولى أصبت بالخصاء.. يعني ما أعد أشعر إطلاقاً بأي رغبات.. يعني حتى يمكن اتعطلت مجموعة من الحواس أهمها اللمس والذوق.. يعني أنا بدي أحكي عن نقطة طبعاً ممكن تكون لها علاقة بالموضوع اللي عم نحكي فيه، لأنه إحنا ما كنا نشتهي المرأة أو نساءنا خلينا نقول خاصة المتزوجين بقدر ما كنا أيضاً نغار عليهم لأنه إحنا تاركينهم، هاي نقطة كانت مؤلمة أكثر بكثير من حاجتك للمرأة عند بعض الناس طبعاً، رغم إنه نادر ما حصل.. يعني إنه في امرأة تخلت عن رجلها، لكن هذا ربّما بالغريزة موجود.. بالفطرة عند الإنسان هو ترك هذه المرأة في خضم الحياة وبالتالي كان يشتهيها ويخاف عليها ويغار عليها وربّما يكرهها، كان مجموعة من الأحاسيس.

ياسين الحاج صالح: يعني لما يكون الواحد شاب ويفوت على السجن ويطول فترة طويلة بيعشق كثير من النساء اللي (كلمة غير مفهومة)، أنا عشقت كثير من النساء اللي نصفهن أنا خلقتهن ونصفهن تذكرتهن، مثال هلا للي خلقتهن صورة للمرأة المثلى مركبة من أوصاف منتزعة من عدد لا يحصي من النساء، ها المرأة المثلى طبعاً تظلم كل امرأة واقعية لما الواحد يعمل مقارنة وأعتقد إنه صورة المرأة المثلى هاي المحلوم بيها زمناً طويلاً عملت داخلي فجوة لا يمكن إنه تملؤها كل نساء العالم.

غسان جباعي: أول ما فتحولنا الزيارات جاءني كتاب أجمل رجل غريق في العالم لماركيز ونحن مثل ما بتعرف ولما بتجينا الكتب كنا نفتش فيها بلكي باعتين لنا شيء نقطة شيء حرف كذا، فأنا عم بأفتح الكتاب لاقيت شعرة على شكل الحرف (S) فقلت هذا أول حرف من اسم زوجتي، زوجتي حطت لي إياها حتى أتذكر شعرها، تميت سبع سنوات محتفظ بهذه الشعرة حتى اكتشفت بعدين بأنه هاي الشعرة بالصدفة كانت موجودة، لكن هذه الصدفة عيّشتني حلم جميل لمدة سبع سنين.

ياسين الحاج صالح: هلا أنا ما بأعرف تدمر.. يعني يهلني ها الضخامة وها الجلالة هذا، إنه معقول ما شافوا مكان يحطوا فيه السجن الحقير غير بهذا المكان العظيم الرائع هذا.

غسان جباعي: ها دول ما شوفناهم ولا مرة بحياتنا.

فرج بيرقدار: وين بدك تشوفهم أسوار وراء أسوار.

http://www.aljazeera.net/NR/exeres/6CC58BFC-091F-4E91-86F5-C8D87C1FD923.htm
أدب السجون -
محمد الماغوط.. سجن العصفور الأحدب 11/04/2006

- ضجيج الخوف
- سجن بلا حدود

ضجيج الخوف

محمد الماغوط- شاعر وكاتب مسرحي: عندما أتعب أضع رأسي على كتف قاسيون وأستريح ولكن عندما يتعب قاسيون على كتف مَن يضع رأسه؟ حلوة عيون النساء في باب توما حلوة.. حلوة وهي ترنو حزينة إلى الليل والخبز والسكارى ليتني حصاة ملونة على الرصيف أو أغنية طويلة على الزقاق ليتني وردة جورية في حديقة ما يقطفني شاعر كئيب في أواخر النهار أشتهي أن أكون صفصافة خضراء قرب الكنيسة أو صليبا من الذهب على صدر عذراء تقلي السمك لحبيبها العائد من المقهى وفي عينيها الجميلتين ترفرف حمامتان من البنفسج، أشتهي أن أقبل طفلا صغيرا في باب توما ومن شفتيه الورديتين تنبعث رائحة الثدي الذي أرضعه فأنا مازلت وحيدا وقاسيا أنا غريب يا أمي.

أهلا وسهلا.. لما دخلت السجن شايفه كيف؟ حسيت أنه بداخلي شيء تحطم بعد السجن كل كتابتي مسرح شعر سينما صحافة حتى أرمم هذا الكسر وما قدرت لحد الآن، هلأ إذا بالليل دق الباب ما أفتح أقول إجوا يأخذوني مع أني محمي الدولة حاميتني وآخذ وسام وبأخاف، السجن مثل الشجرة له شروش شروشه بتروح على القصيدة على المسرحية على الفيلم تروح على الفم اللي عم تقبليه على الصدر اللي عم ترضعي منه على الله اللي عم تصلي له.

أنا محمد الماغوط أبي اسمه أحمد عيسى وأمي ناهدة الماغوط الأب والأم من نفس العائلة كنا فقراء كثير نحن كنت بخرابو هون في الشام أبي الله يرحمه بعث رسالة أن يرأفوا بحالي لأنني فقير علقوها في لوحة الإعلانات بالمدرسة والرايح والجاي يقرأها ويضحك ومن يومها هربت من المدرسة، ما كان يخطر لي في يوم من الأيام أني أكون أن أصل للذي وصلت له، كنت كل أحلامي كابن ضيعة أتزوج بنت خالتي بنت عمي وأجيب أولاد وعيش بالضيعة وأدفع بدل عسكرية وأخلص، انقلبت الآية دخلت بحزب لم أقرأ مبادئه وصرت من سجن إلى سجن حتى وصلت لعند حضرتك الآن، كانت الدنيا برد وشتوية كان في حزب البعث والحزب القومي حزب البعث في حارة بعيدة وَحْل وكلاب تعوي وجانب بيتنا الحزب القومي وفيه صوبيا دخلت فيه.

مراسلة الجزيرة: وحزب البعث ما كان عندهم صوبيا؟

محمد الماغوط: ما أعرف كان مسؤول الحزب هناك سامي الجندي وهو ملاكم وأنا أكره العضلات يسفقني شي بوكس يرجعني لبطن أمي، الدنيا ليل ومطر وبرد قرأت عبلة خوري مذيعة كانت عن إعدام أنطون سعادة استغربت أنا بهذا الليل ليش الإنسان يعدم؟ وبالسجن تعرفت على أدونيس وعملت لهم مسرح في السجن ديكور وإكسسوار وحوار.

مراسلة الجزيرة: سجن المزة؟

محمد الماغوط: بالمهجع الرابع وأدونيس كان بالمهجع الخامس كنا دائما أمام بعضنا حتى خليت الشرطة يمثلوا.

مراسلة الجزيرة: شو المسرحية؟

محمد الماغوط: ليوسف وهبي شو عرفني! وحتى بمشهد من المشاهد صرت أحكي مصري ومعنا واحد قال لي لا صرنا نقول المرض المهيمن على المجتمع قال لي لا. أحب سنية كثير أشوفها بمنامي كثير أحب بناتي كثير، هادول أظافري اللي أواجه بهم العالم، سنية شاعرة مهمة كثير في فترة كنا بالسجن بنفس الليلة لكن هي بمكان وأنا بمكان، يوم رحت على بيروت أخذت أشعار ناشرها هنا الشتاء الضائع أغنية لباب توما قرأهم يوسف الخال وقال لي يا محمد بدنا لمجلة شعر قصيدة.. ممكن تعمل لنا قصيدة لها المجلة متى تبعثها؟

قلت له بكرة قال شو بكرة؟ قلت له خلاص بكرة كتبت حزن في ضوء القمر، أيها الربيع المقبل من عينيها خذني إليها قصيدة غرام أو طعنة خنجر.. والله نشرها بأول العدد بعدين كنت أنا بالسجن هربان مُهرب معي قصيدة مذاكرتي قال ما عندك شيء للنشر؟ قلت عندي مذكراتي ومخيط عليها بثيابي الداخلية قال لي هاتها نشوفها والله طبعناها مقاطع اسمها القتل عن سجن المزة التحقيق والاستجواب والضرب واللبط والمسبات والخوف والظلم يعني كله. ضع قدمك الحجرية على قلبي يا سيدي الجريمة تضرب باب القفص والخوف يصدح كالكروان، ها هي عربة الطاغية تدفعها الرياح وها نحن نتقدم كالسيف الذي يخترق الجمجمة، آه ما أتعسني إلى الجحيم أيها الوطن الساكن في قلبي منذ أجيال لم أر زهرة.

كمال خير بك علاقة عمر والتقينا بسجن المزة ببداية الستينات يوم انقلاب القوميين هرب هو كان من القادة، صديق كارلوس كثير كان هو الموجِّه له كتب عني بأطروحته فصول حلوة كثير اللي أخذها بجنيف دكتوراه، إلياس مسوح سجنت معه وأدونيس سجنت أنا وإياه، صداقة السجن والسفر شغلة والجوع، الخوف حفر في مثل الجرافة جوه بأعماقي بقلبي بروحي بعيني بأذني بركبي الخوف بالركب وهي عم ترتجف أنا ما أرجف من البرد ولا من الجوع أرجف من الخوف. بِعْ أقراط أختي الصغيرة وأرسل لي نقوداً يا أبي لأشتري محبرة وفتاة ألهث في حضنها كالطفل لأحدثك عن الهجير والتثاؤب، فأنا أسهر كثيراً يا أبي أنا لا أنام حياتي سواد وعبودية وانتظار فاعطني طفولتي وضحكاتي القديمة على شجرة الكرز وصندلي المعلق في عريشة العنب لأعطيك دموعي وحبيبتي وأشعاري لأسافر يا أبي. الخوف هو فقدان الحرية انعدام الحرية هذا هو الخوف أنا بطبيعتي ما أنظر أقول كلمة وخلاص اللي يفهمها يفهمها اللي ما يفهمها عمره ما يفهمها، الخوف لا يُشرَح مثل الله لا يُفَسََّر مثل البحر مثل السماء، فيه حدا يعرف شو فيه بالسماء؟ كواكب متصلة ببعضها والخوف سياط كماشات أسنان مقلوعة وعيون مفقوءة عم تغطي العالم والعالم عم يرقص ويغني ولا يبالي، الخوف هو الظلم.

مراسلة الجزيرة: تعذبت كثير؟

محمد الماغوط: كثير.. لا أنا المبدأ كان يضايقني أكلت كرباجين ثلاثة ولحد الآن أحكي فيهم وكَفّين ثلاثة على فمي.

مراسلة الجزيرة: التقيت شي مرة بالسَجّان؟

محمد الماغوط: نعم بالصدفة.. فتح بياع حلو ودخلت بدي أشتري حلو لقيته قلت له أنت كنت بسجن المزة قال لي مضبوط قال لي أنا كنت موظف وبس وصرنا أصحاب لا أشتري إلا من عنده، مثلاً كان عندنا بالسجن سجانين واحد من دير الزور لئيم كثير وواحد من حوران يده حجمها حجم سهل البقاع خبطته لا توجع هداك لكزته مثل السم، مرة بالسجن جايبين عشان الصلاة راديو وميكروفون.. تعرفي أول أغنية طلعت فيه وهم عم يجربوه يا ظالم لك يوم.. أقسم بالله صرخوا أغلقوا الراديو.. كثير أحبه {وَالنَّجْمِ إذَا هَوَى} ما أحلاها. الآن في الساعة الثالثة من القرن العشرين حيث لاشيء يفصل جثث الموتى عن أحذية المارة سوى الإسفلت، سأتكئ في عرض الشارع كشيوخ البدو ولن أنهض حتى تُجمع كل قضبان السجون وإضرابات المشبوهين في العالم وتوضع أمامي لألوكها كالجَمَل على قارعة الطريق حتى تفر كل هرّاوات الشرطة والمتظاهرين من قبضات أصحابها وتعود أغصاناً مزهرة مرة أخرى في غاباتها. الجوع والخوف والعار والفشل وأنا مع الإمام علي لما يقول الفشل شكل من أشكال الموت.

مراسلة الجزيرة: تخاف من الموت؟

محمد الماغوط: لا.. صديقي وأحبه ما أعرف أحكي ما أحكي ما أعرف ما أنظر أكره العقل أكره التنظير.. الحزن هو الوحدة وحدة القلب كل شيء بالعالم حزين رغم الممثلين الكوميديين وأفلام كارتون العالم حزين بضوء القمر أو في الظلام الحزن مثل الله موجود في كل مكان أنا شايفه، كيف بكتابتي أحب دائماً الشيء المريب اللي يلفت النظر أكره الشيء العادي أحب الطويل أو القصير العاهرة أو القديسة اللص أو الشرطي.


[موجز الأنباء]

سجن بلا حدود

محمد الماغوط: مَن كان مثلي يحب العناوين؟ رياض الريّس وكان يشجعني يعني مثلا سأخون وطني كانت نفحات من المزبلة العربية أو سأخون وطني قال لي لا سأخون وطني وكان ممنوع بقى سنتين ممنوع والكتاب بألفين ليرة بعدين سمحوا فيه، بالنسبة للقافية ما كانت تعني لي شيئا بدلا من البحث عن قافية تركب على البيت كان بدي حذاء ألبسه بدي رغيف آكله بدي محل أنام فيه حتى مرة واحد لغوي يعني شافني على باب مقهى الهافانا قال لي أنت بقصيدة من القصائد وضعت طالما وبعدها اسم.. طالما لا تدخل على الاسم قلت له لا بدها تدخل.. ناس عم يدخلوا السجون على المعتقلات على المصحات العقلية جواسيس طالعة فايتة ما ضاقت عينك إلا من طالما تبعي.. بدك وفعلا هاي راحت معي هيك.. شغلة لأن حتى إذا عندي خطأ لغوي أصر عليه أو مطبعي ما أسمح لأحد يعبث بكتابتي أكتب صح وأنطق صح خلاص شو بدي بقى.. بالنسبة لرواية الأرجوحة قصتها قصة كتبتها في فترة كنت ملاحَق فيها كل أجهزة الأمن كانت عم تدور علي الناصرية والبعثية والقومية كلهم وكاتبها أنا كانت حوالي 150 صفحة كيف بدي أهربها على السلمية لعند أمي؟ فصرت مثلا كلمة حزب أضع لها شخبطة لفوق وسهم إلى تحت أكتب كلمة الحزب جَرَبْ.. كلمة المخابرات حرباية.. وأسهم أسهم من كثرة ما صار فيه أسهم صارت مثل بيوت المسؤولين في الشتاء، راحت الأيام طلب مني رياض الريّس مادة للنشر في الناقد قلت له والله ما عندي شيء جاهز بس عندي رواية عند أمي قال جيبها فجبناها وكنت أوصيت أمي 25 سنة بقيت الرواية تحت رأسها جئت لأقراها لم أفهم شيئا أسهم طالعة أسهم نازلة وشام شريف والشيشكلي وحزب السهرة الراقص منين هي؟ قال لي رياض عندي أجهزة بلندن لفك الخط.. الخط مهما كان معقد قلت إحنا نفس الشيء قلت له هي مكتوبة من خمس وعشرين.. ثلاثين سنة لا نفس المشاعر ولا نفس الأحاسيس فطبعناها كما هي. كنا في البيت أنا قومي سوري وأخي شيوعي وواحد من جماعة أكرم الحوراني وأمي تقول عن ماركس سركيس لا تعرف نطق الاسم.. سمعت عن مجلة الآداب ليوسف إدريس كنت أنا طالب زراعة قلت لنفسي شو طالب زراعة!؟ فكتبت محمد الماغوط دكتور في الزراعة وأرسلت القصيدة فنشروها، مرة وأنا راجع من البستان حافي الدرك قال أنت الماغوط؟ قلت أنا قال تعال معنا قلت شو فيه؟ قال بتعرف حالك شو عامل والله كان قائد الفصيل قاعد ببيته على هضبة وحوله موظفو البلدية والطابور وموظفو النفوس وغيرهم قام وسلم علي قال أنت ناشر قصيدة اسمها النبيذ المر عن فلسطين؟ قلت نعم فيها شيء؟ قال لي لا يعطيك العافية تفضل قعدت أنا وارتحت نفسيا ووضعت رجل على رجل وأنا حافي فاكتشفت كم كنت صغيرا قال أنا عم أبعث لمجلة الآداب ما عم ينشروا لي قلت والله أحكي لك معم. أكره الكرافات لما أكون لابس كرافات وهذا يصير أحيانا لا أفهم ما أحكي ولا أفهم ما أسمع أنا مبسوط ببجاماتي الجدد اليوم فيه اثنين جدد اثنين جايين.

مراسلة الجزيرة: تحب اللبس؟

محمد الماغوط: نعم كثير كنت معقدهم ببيروت لعلي الجندي ولعاصي الرحباني باللبس عاصي كان يقول لي يا محمد على الواجهة أشوف الكنزة هيك ألبسها بتصير هيك، بالنسبة لمسرحية العصفور الأحدب كنت ملاحق من كل أجهزة الأمن تمام كالعادة في غرفة نصية لما أقف يطرق برأسي بالسقف فدائماً كنت منحني وأنظر من زاوية على مطعم أبو كمال كل قادة الثورة كانوا يأكلون هناك وأنا أقول لهم أفرجيكم. لن أضع رأسي حيث يضعه الآخرون مثل الشهيد عدنان المالكي في أرقى شوارع دمشق بقبعة وسيف بيدي ونياشين على صدري حتى أعرف مَن صرعه في ريعان شبابه وقلب المنطقة عاليها سافلها وجعلها تتدحرج بكل طاقتها ومواردها وأحزابها ومثقفيها ومطربيها صعوداً وهبوطاً يميناً ويساراً من جبل إلى هضبة إلى سفح إلى نفق إلى كامب ديفد إلى أوسلو إلى صبرا وشاتيلا إلى قانا إلى مدريد إلى ابن لادن إلى علي الكيماوي إلى علي الديك ورَسَم خريطة جديدة لنا وللعالم أجمع لن نكون أكثر من جدار لتعليقها أو بعوضة على إطارها. كل مشاكلنا وتشردنا وجوعنا وسمّونا خونة بالجيش ويسلمونا سلاح من وراء مقتل عدنان المالكي يعني مثلاً قُتل المالكي الساعة الخامسة بالملعب البلدي الساعة أربعة كانوا عم يسألوا عني بالسلمية معناها القصة مرتبة مع أن الذي قتله يونس عبد الرحيم صديقي كثير كان بالشرطة العسكرية كنت أمر لعنده كل ما أنزل من قطنا إلى الشام وكنت عامل عملية لعيني وعليها ضماد والله مررت عليه سألت عنه قالوا لي بمهمة قلت لهم أنا محمد الماغوط قولوا له أنا بحاجة له لأمور ضرورية فيه خطط تغيرت.. والله وحياتك.. اغتالوا المالكي جمعوا كل القوميين ومنهم أنا سنة 1955..

مراسلة الجزيرة: كثير بشعرك تذكر الأمة العربية؟

محمد الماغوط: أمة ما فيه عندي نعم دائما حتى انتمائي للحزب كان دائما لجوء للأكثرية الأكثرية تحمي، لما صارت الوحدة هربنا على بيروت هناك التقيت بجماعة شعر يوسف الخال وأنسي الحاج وشوقي أبو شقرا والرحابنة وسعيد عقل بيروت أحبتني كثيرا حبتني حب غير طبيعي وأعطتني شيء غير طبيعي..

مراسلة الجزيرة: والشام؟

محمد الماغوط: الشام تأخذ ما تعطي لا تعطي أبداً.. الشام كثير أحبها وسميت بنتي شام. دمشق يا عربة السبايا الوردية وأنا راقد في غرفتي أكتب وأحلم وأرنو إلى المارة من قلب السماء العالية أسمع وجيب لحمك العاري عشرون عاماً ونحن ندق أبوابك الصلدة والمطر يتساقط على ثيابنا وأطفالنا ووجوهنا المختنقة بالسعال الجارح تبدو حزينة كالوداع صفراء كالسل ورياح البراري الموحشة تنقل نواحنا إلى الأزقة وباعة الخبز والجواسيس ونحن نعدو كالخيول الوحشية على صفحات التاريخ نبكي ونرتجف.. أي مسؤول في الدولة يقول لي مسرحيتك أو قصيدتك أو مقالتك حلوة أقول أنا لا هذه كتابتي فيها غلط..

مراسلة الجزيرة: طب كيف عم تتكرم الآن؟

محمد الماغوط: ما أعرف أنا يعني الآن إذا أحبوا أن يساهموا مثل كأنني مشروع أنا مشروع قبر يساهموا فيه لا أنا السلطة لا أتصالح معها والأشخاص أشخاص الشاعر عمره لا يكون رفيق سلطة أو صديق سلطة مستحيل عبر العصور أو أنا هذا إحساسي حتى مرة في لبنان هذا سامي الخطيب كان وزير داخلية كان بالمخابرات قال لي شو تشتغل يا ولد؟ وكنا ممسوكين قلت له.. والله يعني بالـ 1959 انقلاب القوميين 1960 – 1961.. قلت شاعر قال لي فيه كيس شَعْر بـ (كلمة نابية) تشيل لي إياه؟ والله العظيم كنت دائما أختلف أنا وسعد الله ونوس إنه يريد حرية وقلت أنا بالعكس القمع هو الأم الرؤوم للشعر وللإبداع، أنا كل ما أكون خائف أبدع وعندي احتياطي من الخوف لا ينضب مثل البترول أحب المجابهة أنا التحدي.. طفولتي بعيدة وكهولتي بعيدة وطني بعيد ومنفاي بعيد أيها السائح أعطني منظارك المقرب علّني ألمح يدا أو محرمة في هذا الكون تومئ إلي صورني وأنا أبكي وأنا أقعي بأثمالي أمام عتبة الفندق وأكتب على قفا الصورة هذا شاعر من الشرق.. هي سعلة المزة..

مراسلة الجزيرة: لحد ها اللحظة فيه سجناء رأيك داخل وخارج السجون؟

محمد الماغوط: طالما فيه ظلم لازم يكون فيه سجون شيء طبيعي.

مراسلة الجزيرة: كيف بتشوف المصائب اللي عم تصير حوالينا وأنت قاعد ببيتك؟

محمد الماغوط: ماني قاعد عايش الأحداث كلها ومتنبئ فيها أحسن من السكون اللي عم يصير أحسن من السكون المطلق..

مراسلة الجزيرة: شو تتمنى؟

محمد الماغوط: إنه ما يبقى سجين على وجه الأرض ولا جائع على وجه الأرض بس أمنية واحدة تكفي.. أنه عجيب حياة سبعين سنة يقدر الواحد يلخصها بخمس دقائق. دموعي زرقاء من كثرة ما نظرت إلى السماء وبكيت دموعي صفراء من طول ما حلمت بالسنابل الذهبية وبكيت فليذهب القادة إلى الحروب والعشاق إلى الغابات والعلماء إلى المختبرات أما أنا فسأبحث عن مسبحة وكرسي عتيق لأعود كما كنت حاجباً قديماً على باب الحزن ما دامت كل الكتب والدساتير والأديان تؤكد أنني لن أموت إلا جائعاً أو سجيناً.