حدثت التحذيرات التالية: | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
حديث صريح في الثورة السورية ودور الإسلاميين فيها ... - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3) +--- المنتدى: حول الحدث (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=64) +--- الموضوع: حديث صريح في الثورة السورية ودور الإسلاميين فيها ... (/showthread.php?tid=49125) |
حديث صريح في الثورة السورية ودور الإسلاميين فيها ... - ابن سوريا - 08-20-2012 هذا الموضوع أفتتحه استكمالاً لنقاش وسؤال من الزميل وحيد في هذا الموضوع: http://www.nadyelfikr.com/showthread.php?tid=49103&pid=1026862071#pid1026862071 سأحاول أن أشرح لك الوضع، بعيداً عن الجو المشحون هنا بسبب بعض المؤيدين من غير السوريين الذين يمتهنون الاستفزاز على سبيل "خالف تعرف"، ولن أستطرد حول دورهم الذي يلعبونه في النادي بقصد أو بدون قصد، جهلاً أو رغبة بالظهور. وسأكون صريحاً قدر الإمكان، وسأعرض الوقائع كما أعرفها وأراها وعايشتها وأعيشها دون تجميل. بداية: فإن الثورة السورية ثورة شعب مقموع، وهذا قد لا يختلف عليه حتى المؤيدون، فالأساس في الثورة هو الظلم، والفساد وإلغاء الإنسان بشكل تام. فحتى نفهم خلفية الثورة السورية (التي أراها حتمية). علينا أن نفهم طبيعة النظام السوري أولاً، والبيئة التي أخرجت منها هذه الثورة. فالنظام السوري ليس كمثله شيء في الشرق الأوسط، فهو لا يشبه النظام التونسي ولا المصري وبعيد تماماً عن شكل النظام اليمني، فهو قائم على فكرة أساسية له وهي "إلوهيته" وهيبته الفائقة، وعلى صعيد التنفيذ فلقد شكل حوله عدة حلقات للهيمنة على الناس ونفوس الناس وأفكار الناس، فلعب على الطائفية والإقليمية والصراعات الطبقية بآن معاً، وهذا فعلاً أمر يتميز به النظام السوري وحده بجمع المتناقضات. فهو يعزز الانقسامات العامودية (طائفية إقليمية) ويبني أيضاً على الانقسامات الأفقية (الطبقية)، كذلك فإنه يدعي العلمانية ولا يرى ضرراً من التحالف من حزب الله السلفي الشيعي المتطرف دينياً، أو حماس الأخوانية أو إيران الإسلامية الثيوقراطية، ويستغلها كلها لهدف واحد وهو تعزيز سلطته كنظام متغلغل في كل أمور الناس. ولجأ إلى عدد كبير من الآليات لتحقيق ذلك، أولها أجهزة أمن قوية ومتعددة ومتغلغلة في الناس، واستغل كل مؤسسات الدولة لتعميق عبادة الشخص وتمجيده بشكل دائم من المدرسة للنقابات للإعلام للجامعات للجيش فليس لدينا مؤسسة واحدة خارج سلطته الدوغمائية الأمنية فحتى في الجيش هناك في كل فرقة وكتيبة كيان أمني يراقب الجميع. فهل تعرف بلداً يدرس في منهاج اللغة الفرنسية مثلاً ترجمة أقوال رئيسه القائد، أو يركز في منهاج التربية الدينية على منجزات القائد الضرورة؟ كذلك فهو اعتمد الفساد منهجاً، ولم ينشأ بشكل طبيعي كما في الدول البيروقراطية (الشيوعية مثلاً). بل إن الفساد والإفساد هي سياسة واعية مقصودة عليا انتهجها حافظ الأسد ليضمن ولاء الحلقة الثانية خصوصاً في الجيش والدولة. كما اعتمد على تخويف الأقليات، وضمان الولاء للطائفة العلوية من خلال عدة أدوات منها تجهيلها ودفع حثالاتها لمراكز مفتاحية في الجيش والأمن، ليبقي الطائفية متكرسة في المجتمع، شرط أن تبقى محسوسة دون أن تكون ظاهرة. هذا الكم من الأدوات خلق دولة الرعب، حيث لم يعد يهم بعد فترة أن تكون مراقباً أو لا، فأنت تشعر بداخلك أن النظام قوي جداً، وأن أجهزة أمنه تراقبك وتعرف عنك كل شاردة وواردة، فأصبح الأخ يخاف من أخيه والإبن من أبيه والزوج من زوجته. لذلك قلت مرة أن ثورة سوريا كانت معجزة، ولها إرهاصات بالطبع فما هي؟ أولها هو ثورة الاتصال، فالأنترنت والموبايل، جعل العالم أكثر تقارباً، وأتى جيل يضيق ذرعاً بهذا الوضع الشاذ الذي يعيشه، حتى بالنسبة للمصري أو المغربي أو حتى الخليجي. فهؤلا لا يتحدثون همساً عندما يرغبون انتقاد قياداتهم أو الحديث بالسياسة، فحتى المصري لا يرتعد ويشعر بالرعب حين يتحدث عن مبارك. وأنا لا أتحدث على سبيل المبالغة، بل ربما لا أستطيع تصوير مقدار الرعب الذي كان موجوداً (وما زال جزئياً) في قلوب الناس، فالناس كانت حتى تخاف أن تنظر نظرة "مسيئة" لصورة القائد الرمز. إذاً أتى جيل جديد، عاش بالإضافة للقمع عدة أمور سببها الاتجاه لليبرالية الإقتصادية بعد وصول بشار للحكم، وهو على فكرة نموذج غريب عجيب وفكرة حمقاء من بشار ومحيطه، فالليبرالية لا يمكنها أن تنجح إلا في جو ديمقراطي أو على الأقل مؤسساتي، وليس في ظل دولة أمنية تهيمن فيها وتتغول السلطة على الدولة، فالخصخصة التي قام بها بشار "شفطها" و"لهطها" أبناء قبيلته في الحلقة الأولى (مخلوف، شاليش) والحلقة الثانية بدرجة أقل، لأنهم تعودوا على ثقافة الفساد على المستويات العليا. فانحط كل شيء في سورياأكثر مما هو منحط؛ المستوى المعيشي، المستوى التعليمي الذي صار مخصخصاً فاسداً، العلمي، التقني ... الخ. العامل الأخير الذي فجر الشرارة لدى هؤلاء الشباب هو الربيع العربي، فثورات تونس ومصر ونجاحاتها حمّست فئة شبابية للبدء بحراك شبابي تصاعد شيئاً فشيئاً، وقد استفاد في تصاعده بغباء النظام في التعاطي مع الحركة الاحتجاجية التي بدأت سلمية إصلاحية (تطالب بالإصلاح)، ثم مع تزايد سيول الدماء أصبحت ثورة جذرية، ثم ثورة مسلحة. علينا أن نفهم أيضاً أن هذا النظام يعي أنه لو تنازل قيد شعرة سيسقط، لأنه قائم على فكرة أساسية لو سقطت سيسقط وهي إلوهية الشخص القائد، ليس مهماً طبعاً إن كان بشار يحكم فعلاً، ولكن الصورة هي التي تهم النظام، فيجب أن يقع في قلب الناس الخوف والرعب والوهرة والهيبة أمام النظام المشخصن. بغير ذلك سيسقط خلال فترة قصيرة. هذا ما يفسر أن النظام لم يقدم أي تنازل لشعبه، ولو شكلياً، فحتى طريقة تشكيله للحكومة كانت أسوأ من ذي قبل، وأتانا بدستور أكثر سوءاً مما قبله. فالدستور الذي هو عقد اجتماعي يجب لتأسيسه مشاركة كل مكونات الشعب/الأمة عند إقراره، ولكن النظام خرج علينا به لا نعرف من أين، وقام باستفتاء "مسخرة" لتصديقه، هذا عدا عن أن الدستور كله على بعضه والحكومات بسوريا لا أهمية بها، فمن يحكم هي عصابة أمنية تعمل خارج إطار الدساتير والقوانين والحكومة نفسها، كل سوري يضحك حين تذكر أنه الوزير قال وقرر وعمل، فنحن نعرف أنه أصغر عنصر أمن بيدعس على أكبر وزير، وهذه أيضاً ليست مبالغة بل حقيقة واقعة. لذا كانت الثورةالمسلحة أو تسلح الثورة أمراً حتمياً، فهذا النظام لا مجال للحوار معه، لأنه لا يحاور ولم يحاور أحداً، وحين يتحدث عن الحوار فهو يتحدث عن الحوار مع نفسه وبقيادة ذاته. الآن نأتي لدور الأخوان المسلمين: دور الإسلاميين بشكل عام في بداية الثورة كان هامشياً، بحقيقة الأمر فإن دور كل القوى السياسية في البداية كان هامشياً جداً، حتى تلك التي كان لها وجود على الأرض (كقوى إعلان دمشق وهي بأغلبيتها قوى ليبرالية وكلها علمانية). بل إنها تفاجأت بالثورة، ومرت فترة قبل أن تستطيع إدراك الثورة ودعمها. أما الأخوان فلقد تأخروا أكثر. بالإضافة إلى أن أخوان سوريا تاريخياً وحالياً يؤمنون فعلياً بالحياة المدنية الديمقراطية، وكانوا متواجدين في الحياة السياسية البرلمانية الديمقراطية في سوريا مثل غيرهم من القوى حتى وصول حزب البعث للحكم عام 1963. عند بدء الثورة كان وجودهم التنظيمي والفعلي بسوريا شبه معدوم، ولقد اشتغلوا خلال الثورة على التواجد في الحراك كغيرهم من القوى السياسية، ولكنهم أقل حضوراً مثلاً من إعلان دمشق، ولكني أعتقد أنهم أكثر تنظيماً (كمثال فإن مؤسس تنسيقية الحراك التي يتهمها النظام السوري بالإرهاب والإسلامية ومدري شو، هو علماني ملحد من إعلان دمشق وأعرفه شخصياً). وأكثر شباب التنسيقيات يمقتون الأخوان ويتمهونهم بالعمل على مستقبلهم السياسي في سوريا أكثر من عملهم لدعم الثورة (وهذه حقيقة). أعتقد من ناحيتي بأنه سيكون لهم دور بعد الثورة في الفترة الأولى بسبب قوة تنظيمهم، ولكن مع ذلك لا أتوقع لهم أكثر من 20-30 بالمائة، وسوف يهبطون بعد ذلك لمستوياتهم الطبيعية في سوريا 5-10 بالمائة. بالإضافة إلى أنهم ليسوا حاضرني بقوة في الجيش الحر (هناك قوى إسلامية أخرى ولكن ليس الأخوان)، والمجلس الوطني يسيطرون عليه نسبياً ولكنه أثبت فشلهم بسبب سياسة الأخوان المائعة. بالنسبة للجيش الحر، فلا بد من نظرة تاريخية له لتشكله وتشكل كتائبه من خليط مدني/منشقين، وصولاً للوضع الحالي المستقر والموحد نسبياً اليوم. ولهذا سأخصص مداخلة أخرى لاحقاً اليوم إن سمح لي الوقت. خالص مودتي طارق RE: حديث صريح في الثورة السورية ودور الإسلاميين فيها ... - ((الراعي)) - 08-21-2012 آسف ابن سوريا لا أريد أن أقاطع عرضك ولكن هذا الفيديو مهم، من رويترز، وقد ثم حذفه من قبل. Inside the Free Syrian Army: A trip to the front lines - Fast Forward RE: حديث صريح في الثورة السورية ودور الإسلاميين فيها ... - نضال الأمير - 08-21-2012 لا اجد ما اضيفه على كلامك يا ابن سوريا "كفيت ووفيت" قبل ما اروح عندي ملاحظة التدين الذي رافق الثورة السورية سببه الموت الذي يتوقعه كل ناشط فيميل الى التعلق بالله حتى ان قابله يكون على الاقل تائبا، حتى وصلت الى الانسان العادي ذكر وانثى ومراهق لا ينام احدهم في بيته او في سرداب محتميا من القصف الا متوضئا لانه لا يعلم ان كان سيصحو ثانية او تكون النهاية الرد على: حديث صريح في الثورة السورية ودور الإسلاميين فيها ... - ابن سوريا - 08-21-2012 تحياتي لكما (الراعي) ونضال، شرفتم الموضوع، وبإمكانكم التعليق كما تشاؤون وترغبون. سأكمل بعد قليل تتمة لعرض أحداث الثورة السورية كما أراه وسأتطرق خلاله لموضوع التدين. الرد على: حديث صريح في الثورة السورية ودور الإسلاميين فيها ... - ابن سوريا - 08-21-2012 نأتي الآن لنشأة الجيش السوري الحر، وقبل ذلك بالطبع لا بد من التطرق سريعاً لحيثيات هذا النشوء وأطرافه من خلال عرض لأحداث الثورة السورية. 1- مقدمة لا بد منها: الثورة السورية إذاً أطلقها شباب ضاق ذراعاً بوضع غير محتمل، متسلحاً بالأمل الذي أججه الربيع العربي، بعد أن عانت الأجيال السابقة من الخوف والرعب وخصوصاً اليأس من إمكانية التغيير. بدأت الثورة بمظاهرات تصاعدية من ناحية الشعارات والأعداد، ولقد بدأت عفوية تلقائية كعفوية وتلقائية الشباب وصارت تنتظم شيئاً فشيئاً. النظام للصراحة ساعد كثيراً في تأجيج الثورة في عنجهية القوة التي يتميز بها، فهو لم يكن يحتمل ولا يتصور أن يثور عليه أحد، ولقد تبدى ذلك جلياً في حديث لبشار الأسد مع صحيفة أجنبية قبل شهر تقريباً من اشتعال الثورة السورية، حيث صرح بأن التغيير والإصلاح غير مستعجل الآن، وربما يبدأ بعد جيل أو جيلين. كذلك فلقد تفاجأ النظام في المكان، فبينما كان مستعداً جيداً لوأد الثورة لو اشتعلت في دمشق أو حلب وخصوصاً حلب (كانت التوقعات في البداية متجهة نحو حلب لثقلها السكاني وكونها طرفية وللمعارضة القوية الموجودة فيها ولتميزها ببيئة متدينة ومحافظة ولمعاناتها من النظام خلال أحداث الثمانينيات). لكن الثورة اشتعلت في درعا، الريف الحوراني الملاصق لدمشق والذي كان يعتبر تاريخياً خزاناً للبعث ومؤيداً للنظام على طيلة الفترة السابقة ويتميز أيضاً بتجانسه السكاني وتركيبته العشائرية الموالية عموماً للنظام، وكذلك لضعف الإسلاميين تاريخياً في هذه البقعة الجغرافية. فكيف اشتعلت الثورة في درعا وكيف فاجأت النظام؟ البعض يعتقد خطأ أن المحرك الأساسي للثورة هي أطفال درعا، وهذا غير صحيح تماماً، فقضية أطفال درعا كانت عاملاً مؤججاً، ولكن التخطيط للثورة وللخروج بالمظاهرات بدأ قبل الحادثة بأكثر من شهر، بل إن الشباب الذين خرجوا في 18 آذار/مارس 2011 لم يكن ببالهم الأطفال المعتقلين (الذين لم يكونوا خرجوا بعد من المعتقل ولم يرى أحد علامات التعذيب عليهم). بل إن ما قام به أطفال درعا كان من الإرهاصات وبسبب وجود بيئة شبابية تعمل للتظاهر والبدء في الحركة الإحتجاجية. فلماذا درعا إذاً؟ في البداية ورغم موالاة حوران التاريخية للنظام، فلقد بقيت مهمشة تنموياً لعقود طويلة، وذلك ضمن سياسة التجهيل للبيئات الموالية التي كان يعتمدها النظام، ومع ذلك فلقد خرج العديد من المتعلمين من حوران، وكثير من أبناء حوران من متعلمين وغير متعلمين هاجروا للخارج ولا سيما دول الخليج، لذلك تشكلت طبقة متوسطة شبابية مرتاحة مادياً نوعاً ما منفتحة على التقنيات الحديثة، وفيها جزء جيد من العاطلين على العمل الذين يعيشون في بيئة تفتقد لأسس التنمية، وفيها الأفق مسدود، هكذا بيئة هي البيئة المثالية لنشوء ثورة. انطلقت الثورة فتعامل معها النظام بعنف شديد، متوقعاً قدرته على إخمادها بسرعة من خلال العنف من ناحية ومن خلال الضغط على العشائر من ناحية أخرى، ولكن ما اعتقده قوة له ارتدت عليه بشكل معاكس. فالقوة المفرطة التي تعامل بها مع الناس أججت العشائر ووجد بذلك الشباب معيناً لهم، تلك الروابط الريفية العميقة، ومفاهيم مثل الفزعة (وهو مفهوم النخوة والمؤازرة). فانتقلت الشرارة سريعاً من درعا المدينة إلى كل ريف حوران خلال أيام قليلة (عشرة أيام). وبات النظام يتخبط. لماذا استخدم النظام الجيش سريعاً في حربه على حوران؟ في حقيقة الأمر فإن الثورة السلمية كانت كثيراً ما تستخدم في مواجهة الأمن سلاح الحجارة الجماعي (مثل ما حدث في انتفاضة فلسطين)، وهنا اكتشف الشباب ضعف الأمن وترهله، إذ تكمن قوة الأمن من خلال الاصطياد الفردي للمعارضين، من خلال الاعتقالات الليلية بعدد كبير من العناصر، ثم التعذيب والتغييب وما إلى ذلك، لكنهم أصبحوا عاجزين عن مواجهة شباب بأعداد كبيرة في الساحات، فاستطاع الشباب طردهم في الكثير من الأحيان من محيط المظاهرات بوهرة أعدادهم أو ببعض الحجارة. ولأن النظام كان مصراً على إخماد الثورة بأي شكل فلقد قام بزج الجيش في قمع المظاهرات وذلك بعد شهر واحد فقط من الثورة، وهنا ومع هذا القمع المفرط والوحشي، بدأت المحافظات الأخرى ولا سيما الريفية منها بالقيام بسرعة، وكذلك كان لوسائل الاتصال الحديثة دوراً كبيراً في قدرة التنسيقيات المختلفة التي كانت في طور النشوء على التواصل مع بعضها البعض وتبادل الخبرات وتخفيف المناطق عن بعضها البعض أمنياً ... الخ وعندما اشتعلت في حمص وهي المدينة الثالثة في سوريا أدركنا بأن الثورة بلغت مرحلة اللاعودة، وأنه صار مستحيلاً على النظام إعادة الوضع لما كان عليه، ولكنه لعنجهيته وعدم قدرته على احتمال هذه الحقيقة استمر في غيه بغباء منقطع النظير، واستمر في تجريبه المجرب. في نهاية هذه المقدمو، أحب أن أتطرق لمسألة مهمة، وهو سؤال يسأله أو سأله البعض، ولا سيما بعضٌ من مثقفي التنظير الجالسين في أبراجهم العاجية (كأدونيس مثلاً)، لماذا انطلقت في الجوامع؟ فلا بد لنا أن نعرف بأنه لم يكن في سوريا أي هامش ولو بسيط للحرية لا في التعبير ولا في التنظيم ولا في النشاط، وفترة ربيع دمشق لم تدم أكثر من سنة(2001)، والقوى الوحيدة التي كانت تعمل على الأرض من المعارضة (إعلان دمشق) كانت ملاحقة ومهمشة وضعيفة جداً بسبب القمع والمحاصرة، فمثلاً بعد انتخابات المكتب التنفيذي للإعلان في 2006 قام النظام في اليوم التالي له باعتقال كل قياداته. فلم يكن من مكان يسمح فيه بالتجمع في لحظة محددة إلا الجامع، وعلى فكرة فالكثير ممن كانوا يخرجون في المظاهرات كانوا من اللادينيين وغير المتدينيين، وكانوا يصلون فقط للتواجد في اللحظة المناسبة وكثير منهم كان ينتظر خارج الجامع دون أن يصلي. كما أذكر كيف أقام الشباب في جانب المسجد العمري بدرعا بعد أيام من اندلاع الثورة ساحة يطلقون فيها العنان لصوت مرسيل خليفة وسميح شقير، ويجتمع فيها من طوائف وأطياف مختلفة (كمنتهى سلطان الأطرش، وسهير الأتاسي وغيرهم الكثير). فيا عيني على هيك سلفية وهابية تكفيرية ولكن يبقى للتدين والدين دور كبير لاحقاً مع ازدياد العنف كما أشار نضال، في إعطاء الناس القدرة على الصبر مع المصائب والمخاطر التي تحيط بهم. فمجتمعنا بشكل عام متدين، ولكن تدينه بأغلبيته تدين معتدل. وسأعود لاحقاً للحديث عن العلاقة بين الثورة والدين. 2- نشأة الجيش الحر: بعد عدة أشهر من القمع المكثف بدأت تنشأ خلايا للجيش الحر، وكان ذلك تقريباً بين الشهرين السادس والسابع للثورة. فلقد ضاق الناس ذرعاً بالموت مجاناً، ولا أحد أتى لنجدتهم ولا أفق للحل، فماذا يفعلون؟ بدأت تنتظم صفوف بعض المدنيين والمنشقين، وبدأوا بتشكيل كتائب مهمتها الأساسية التصدي للنظام في قمعه للثورة والمظاهرات. ويجب أن نلاحظ هنا أنه لم يكن هناك تجانساً ولا تنظيماً موحداً، ولا شكلاً واحداً لتشكل تلك الكتائب، فبعضها كانت قياداته مدنية، وأغلب عناصره من المدنيين، وبعضه شكله ضباط منشقون. لذا نجد انضباطاً أكبر وعقيدة موحدة لدى التشكيلات العسكرية، التي ورثت من الجيش النظامي ثقافة الجيش والانضباط، بينما كان من الصعب في البداية ضبط المدنيين، واتسمت حركاتهم أحياناً كثيرة بالعفوية واتخاذ قرارات خاطئة، كإعلان منطقة محررة دون امتلاك الأدوات لمقارعة النظام والاحتفاظ طويلاً بتلك المنطقة لتحقيق مكاسب على الأرض. اليوم المشهد مختلف لا سيما مع تشكيل مجالس عسكرية في كل المحافظات، والتي استطاعت وضع عسكريين على رأس أغلب الكتائب العاملة (ما عدا بعض الكتائب المدنية القليلة التي أثبتت نجاحاً وانضباطاً ولكن حتى هذه يجري اليوم الضغط عليها لوضع عسكري في قيادتها). واليوم أغلبية كتائب الجيش الحر منطوية تحت قيادات تحدد استراتيجيتها وحركتها، ولقد لاحظنا ذلك جلياً عند بدء مهمة المراقبين، فلقد استطاعت أن تثبت وقف إطلاق النار أكثر من النظام وجيشه، ولم يحدث أي خرق له إلا حين قررت قيادة الجيش الحر ذلك. من ناحية العقيدة، فالجيش الحر أعلن ويعلن ويعمل على الأرض نبذه لأي شكل من أشكال الطائفية وأي عمليات انتقامية، ولقد شهدت بنفسي هذه الروح الوطنية لدى عناصر الجيش الحر، فرغم أنك قد تجد من المدنيين من يتحدث بالطائفية، فإنهم يرفضون أي كلام من هذا القبيل ويردعونه بشكل مبدئي بوعي يثير الإعجاب. ولكن قد يتساءل البعض، ألم تحدث انتقامات، وهل هناك قتل على الهوية؟ بالطبع حدثت انتقامات، ولكنها فردية بأغلبها، وليس من أفراد في الجيش الحر، ولقد حدثت عمليات خطف وانتقام من الطرفين (سنة وعلوية) في مناطق عدة ولكني أراها بقيت محصورة بشكل كبير، وهذا أمر صعب تلافيه في ظل القمع الذي يقوم به النظام. ولم يحدث ما يمكن تسميته قتل على الهوية من قبل الجيش الحر. أذكر مرة شخص موالي قال لي عن عملية اغتيال لضابط، والله حرام عمبيقتلوه بس لأنه علوي، قلت له: والله هلق عرفت منك أنه علوي، لم يقتلوه لأنه علوي بل لأنه ضابط يشارك في القمع والقتل. كذلك هناك بعض النقاط المهمة جداً: 1- هناك ظاهرة فلتان أمني في مناطق بعينها لا سيما المدن التي خرجت عن سيطرة النظام ولكنها ليست تحت سيطرة الجيش الحر تماماً، وسببها إخلاء مقصود للأمن من قبل النظام لإشاعة الفوضى. 2- قيام النظام ببداية الثورة بإطلاق سراح كل المعتقلين لأسباب إجرامية كالقتل والسرقة والنهب، والإبقاء على المعتقلين السياسيين. 3- قيام النظام نفسه بعمليات إجرامية ينسبها للجيش الحر للإساءة إليه. خلق ذلك وعلى هامش الثورة ظواهر عدة، منها أفراد أو مجموعات استغلت الحرب الدائرة لتحقيق مصالح شخصية أو للسرقة والنهب ونسبتها لأطراف معارضة، ولقد تصدى للكثير منها الجيش الحر. مثلاً منذ أيام حدثني صديق بدمشق، بأنه كان في باص الدولة الذي يقلهم للعمل، فأقوفهم مسلحون ملثمون، وأخذوا الباص وأخلوا سبيلهم. طبعاً هذه عملية أنا متأكد أنها من أعمال النظام، فالباص تبع الدولة ماذا سيفعلون به؟ أصلاً باصات الدولة من عصر النبي "كيكي" عندنا أحدث واحد منها عمره ثلاثين سنة، وكما نقول عنا "مهرتك عايف التنكة تبعو"، هذه عملية القصد منها هي الإرهاب فقط، وإخافة الناس من الجيش الحر، ومن دلائل ذلك أن الجيش الحر لم يعد يقوم بعملياته ملثماً، ويلبس الزي العسكري. ونجد مثلاً بأن الأمن مستتب تماماً في كل المناطق التي يسيطر عليها الجيش الحر سيطرة تامة، وفي المناطق الريفية أيضاً التي تخضع لسيطرة نسبية للجيش الحر. هذا لا يعني أنه لم تحدث أخطاء من الجيش الحر، ولكنها تبقى هامشية، وليست من عقيدته، وكثيراً ما يحاربها ويقوم بتصحيحها وتصويبها شباب التنسيقيات والناشطون المدنيون. 3- حجم الدعم الخارجي؟ فأقول بصراحة، كنت أتمنى أن يكون الدعم أكبر مما عليه، وهنا لا أنكر وجود دعم بالمرة، ولكني أعتقده طبيعياً وهو التحالف الموضوعي المعروف في السياسة، ولكن ليس هناك علاقة هيمنة لأي قوى غربية أو عربية؟ بل لو كان الدعم فعلاً على مستوى كبير لسقط النظام منذ زمن طويل، ولنحكم العقل والمنطق، أليست تلك القوى بقادرة على تزويد الجيش الحر بمضادات للصواريخ؟ الجواب المنطقي بالطبع. وهذا السلاح كان سيحسم المعركة خلال أسابيع قليلة، فالجيش الحر يتميز عن النظامي بالبيئة الحاضنة التي يمتلكها فهو يتحرك في بيئته كالسمك في الماء، من درعا لريف دمشق لأغلب أحياء دمشق، لحمص، لإدلب لحلب لدير الزور .. الخ النظام على الأرض ضعيف جداً، ويثبت ذلك قصفه الدائم في الفترة الأخيرة لسوريا الثائرة التي تشكل سبعين بالمائة من البلد من بعيد. فهو على الأرض منتهٍ. لماذا إذاً لم تزودنا أمريكا أو فرنسا أو تركيا أو حتى الدول العربية بالمضادات؟ ذلك لأنه لا يوجد قوة تتحكم بالجيش الحر وقراراته، ولأنها متخوفة من سوريا حرة ديمقراطية، حتى الدول الخليجية والتي ترغب بسقوط الأسد بناء على مصالحها الإستراتيجية، ولكن نجاح الثورة سيزعجها ويرعبها وسيطرح لديها قضية الحريات والديمقراطية. 4- الجيش الحر والدين: كما قلت في نقطة سابقة، الشعب السوري بأغلبيته مؤمن، وبجزء كبير منه متدين، لذلك من الطبيعي أن يكون في جيشه الحر الكثير من المتدينيين، وفي الحقيقة فهذه ليست مشكلة لأي ديمقراطي، فليست مهمة الثورة إسقاط الدين، ولا يجب أن يكون لديها مشكلة مع الدين، بل أن تنشأ غداً سوريا حرة للجميع، يستفيد من ثورتها الجميع حتى ممن لم يكن يدعمها. ولكن هذا الدين هو الدين الشعبي التقليدي المعتدل، لا سيما أن سوريا ليس فيها تجانس ديني أساساً لدى السنة (أو للدقة ما يسمى السنة)، فلدينا أطياف واسعة من التيارات تمتد من السلفية للقرآنيين، وتمر بالصوفيين والأشاعرة بمذاهبهم كلها. فهل هناك سلفيون في الجيش الحر؟ بالطبع، ولكنهم جزء من المجتمع السوري بالأساس، ولكني أعتقد بأنهم يشكلون قلة قليلة، وبأغلبيتهم ليسوا سلفيين تكفيريين. من ناحية أخرى لا بد من التفريق بين الثورة والنهضة، فالنهضة تأتي لاحقاً للثورة، وتحتاج عدة عقود، وجيل أو جيلين لتتكرس وتحتاج جهود الجميع، الأولوية اليوم هي لإسقاط النظام، لإنتاج بيئة ديناميكية قابلة للتطور والتطوير والحراك والنشاط السياسي، فنحن كنا في حالة جمود، لا يمكن معها إنتاج أي شيء، لا على المستوى السياسي ولا الثقافي ولا المعرفي ولا الإقتصادي. أتمنى أن يكون هذا العرض وافياً ومفيداً، وأكرر أنه يعبر عن مشاهداتي من الواقع السياسي والميداني، بالإضافة لتحليلات تعبر عن آرائي. وأي أسئلة أخرى سأحاول الإجابة عنها بما أستطيع. وأعتذر مقدماً عن الإجابة على الأسئلة الكيدية، والمناكفين، والشبيحة خالص تحياتي ومودتي طارق RE: حديث صريح في الثورة السورية ودور الإسلاميين فيها ... - ((الراعي)) - 08-21-2012 شكراً طارق على هذا العرض هذه مقالة لحازم الأمين تتعلق بالجماعات الدينية في الجيش الحر، وضعتها من قبل في إحدى الصفحات ، وأعيد وضعها هنا لأنها تتعلق بالموضوع. «الإسلاميون» الأكثر تنظيماً وتمويلاً وغموضاً والأقل عدداً ونفوذاً ريف حلب (سورية) - حازم الأمين الثلاثاء ١٤ أغسطس ٢٠١٢ لا تقاتل الوحدات «الإسلامية» في ريفي حلب وإدلب ضمن تشكيلات «الجيش السوري الحر». يقول المسؤولون في هذا الجيش وفي تلك الوحدات إن ثمة تنسيقاً بينهما، لكن قيادة الجيش الحر، وهو الفصيل الأكبر والأقل انسجاماً، تقول إنها لا تملك نفوذاً على هذه الجماعات. وفي موازاة ذلك ثمة حرص كبير يمارسه الجميع هنا على التكتم على طبيعة هذه الجماعات وعلى هوياتها الدينية والسياسية وعلى تركيباتها البشرية. يقول قائد مجموعة من الجيش الحر في ريف حماة، رداً على إلحاح في السؤال: «نعم هناك مقاتلون غير سوريين يقاتلون في صفوف جبهة النصرة وفي صفوف كتائب أحرار الشام، لكن نسبتهم لا تتعدى في الأولى الـ20 في المئة، وفي الثانية الـ5 في المئة». لا يرغب المقاتلون في ريف حلب الحديث عن هؤلاء، يقولون إن الوقت الآن هو لقتال النظام. وزائر مدن وبلدات ريفي حلب وإدلب سيشعر أن المجتمعات المحلية ليست مكاناً نموذجياً لانتشار الجماعات الإسلامية المتشددة. الناس هنا قليلو التشدد. الصحافيون الغربيون والعرب من غير الصائمين لن تواجههم صعوبات كبيرة. النساء السوريات لا يخضعن لحصار ولفصل حاد عن مجتمع الرجال. هن محجبات، لكن حجابهن غير محكم. لا أثر لمنقبات باستثناء أولئك اللواتي يجرين مقابلات صحافية ويرغبن بإخفاء وجوههن. البحث عن المقاتلين غير السوريين ليس سهلاً. في سراقب (ريف ادلب)، رفض مسؤول «جبهة النصرة» استقبالنا، وكان يقف على مدخل مكتبه مقاتلون قال لنا مواطنون سوريون، إنهم ليبيون وإن بينهم أردنياً وسعودياً، وفي أتارب (ريف حلب) رفض المسؤول العسكري في «كتائب الفاروق» حسن عبد الرزاق الكلام عن الوحدات الإسلامية المقاتلة مؤثراً الحديث عن السوريين على ما قال. يشعر السوريون هنا بمرارة كبيرة جراء تسليط الإعلام العالمي الضوء على المقاتلين غير السوريين في الوحدات الإسلامية. «كتائب أحرار الشام» التي استولت على معبر باب الهوى على الحدود التركية - السورية هي اليوم محل انتقاد شديد من قبل الكثير من المواطنين في المدن الريفية هنا. ينقل الناس العاديون حكايات عن سعي أفراد هذه الكتيبة إلى تصدر مشهد الثورة والحرب. يقولون إن إقدامها على احتلال المعبر خطوة استعراضية، خصوصاً أنها (كتائب الأحرار) آثرت احتلال المعبر من الجهة التركية حيث يسهل وصول الإعلام، فيما آثرت كتائب الفاروق البقاء من الجهة السورية للمعبر لحمايته من احتمال معاودة الجيش النظامي محاولة استعادته. الإسلاميون أقلية في صفوف المقاتلين السوريين، لكنهم الأكثر تنظيماً وقدرة للوصول إلى الإعلام. حين تنقطع الكهرباء مثلاً، الإسلاميون وحدهم من يملك «براوزر» فضائي للإنترنت، وخلال تنقلنا بين مواقع المقاتلين، رصدنا جِرار الغاز، تلك السلعة التي لا أثر لها في كل من ريفي حلب وادلب، ذاك أن النظام السوري أوقف إيصال الغاز إلى هذه المناطق. الإسلاميون وحدهم أيضاً من بين الثوار السوريين من يتقاضى رواتب دورية جراء تفرغه للعمل في وحداتهم المقاتلة. فعندما سألنا أيمن في بلدة دانا في ريف حلب عن مصدر دخله قال إنه متفرغ في كتائب «أحرار الشام» ويتقاضى راتباً شهرياً. أما حسن عبد الرزاق قائد كتيبة مصطفى عبد الرزاق في أتارب التابعة للجيش الحر بقيادة رياض الأسعد، فقال انه ومنذ بدء القتال قبل سنة تقريباً وحتى الآن لم يتقاض مقاتلوه سوى راتب واحد من المجلس الوطني. هذا التفاوت في القدرات خلق حساسيات وسجالات بين الجماعات المقاتلة. أبو زيد المسؤول الشرعي في كتائب أحرار الشام رد على سؤال «الحياة» عن حقيقة تمتعهم بدعم خارجي يفوق غيرهم من الجماعات المقاتلة قال: «إن الدعم يصل إلى الجميع مع فارق أن ما يرسل لنا من مساعدات، يصل إلينا، أما الأطراف الأخرى فالمساعدات التي تُرسل لها تتوقف في إسطنبول ولا تصل إلى سورية». وعن هوية الجهات التي ترسل مساعدات لأحرار الشام قال: «إنهم مغتربون سوريون في الخليج بالإضافة إلى جمعيات خيرية عربية وعالمية»، رافضاً الكشف عن هوية هذه الجمعيات. أما السلاح فيصل إلى «الأحرار» بحسب أبو زيد عبر التجار الذين يبيعون سلاحاً للجميع. «جبهة النصرة» وهي الجماعة التي يقول السوريون إنها الأقرب إلى تنظيم «القاعدة»، أكثر نخبوية، وهي مقفلة على نحو محكم. تقيم في المدن والقرى إلى جانب مقرات الجيش الحر وكتائب أحرار الشام. عدد عناصرها قليل، والحساسية الاجتماعية والسياسية حيالها مرتفعة. لكن السوريين حديثو العهد بالعمل العام السياسي والعسكري، ولا يملكون لغة لتظهير هذه الحساسية، كما أن غياباً رهيباً للمجلس الوطني ولهيئات المعارضة الخارجية الأخرى لا يساعد على مواجهة من هذا النوع. وفي سياق تقصي الإسلاميين في الثورة السورية لا بد من الإشارة إلى أنه لا أثر لجماعة الإخوان المسلمين وسط كل هذا الضجيج. الرد على: حديث صريح في الثورة السورية ودور الإسلاميين فيها ... - wahidkamel - 08-21-2012 ............... متابع بشغف ، ارجو منك الاستمرار طارق الرد على: حديث صريح في الثورة السورية ودور الإسلاميين فيها ... - ابن سوريا - 08-21-2012 أهلاً الراعي، شكراً لنقل المقال الذي يؤكد على الواقع فعلاً. أهلاً وحيد، سأحاول العودة لطرح ملاحظات أخرى لاحقاً. ولكني أحيل حالياً لهذا المقال الذي يفيد في رؤية الوضع في سوريا وتداعيات سياسة العنف وعنجهية القوة من قبل النظام: http://www.syria-news.com/readnews.php?sy_seq=151013 (يُفضل قراءة الموضوع على موقع سيريا نيوز) قصّة الزوايا العشر للأزمة السوريّة...(5-10)... بقلم: إياد الجعفري مقالات واراء شارك "سيناريو الحرب الأهلية"...سوريا في الطريق إليها يشكّل توصيف الحرب الأهلية واحداً من أكثر القضايا إثارة للجدل، ليس فقط بين الساسة الذين عادة ما يرتبط توصيفهم لمشهد ما بأجندات ومصالح محددة، لا بل أيضاً في أوساط المختصين في بعض مجالات العلوم الإنسانية التي تتطرق لتوصيف الحرب الأهلية، الأمر الذي يزيد من إشكالية الاتفاق على معايير محددة تسمح بتوصيف تطورات ميدانية في بلد ما بأنها حرب أهلية. والمفارقة أن الخلاف حول تداعيات الحرب الأهلية في بلدٍ ما، محدود للغاية، مقارنة بالخلاف الواسع حول توصيف الحرب الأهلية ذاتها. سورية في حرب أهلية...في أدبيات القانون الدولي نبدأ بالأدبيات الأكثر شيوعاً في القانون الدولي والتي يمكن أن نقول بوضوح وصراحة أنها تجعل من المشهد السوري الراهن حرباً أهلية كاملة المواصفات. فالحرب الأهلية في كتابات القانونيين الدوليين هي حرب داخل حدود دولة واحدة، إما بين أفراد جماعة ما وبين الدولة، أو بين أفراد جماعات متناحرة، أو بين قوات الدولة وقوات متمردة عليها في حالة من حالات العصيان. وعادة ما يكون أحد أطراف الحرب الأهلية حكومة ذات سيادة كانت تمتّع بالسيطرة التامة على إقليم دولتها قبل بدء النزاع المسلّح. يمكن أن نلحظ بسهولة أن اعتماد توصيف القانون الدولي للحرب الأهلية يجعل الحالة السورية الراهنة حرباً أهلية بصورة واضحة، وهو ما يفسّر اعتماد عدد من المنظمات الدولية –منها الصليب الأحمر- توصيف الحرب الأهلية للحالة السورية بصورة مباشرة في الأسابيع الأخيرة. تعدّد في التعريفات...واختلاف في المعايير إن انتقلنا إلى حقلي التاريخ والسياسة، سنجد اختلافاً واضحاً بين فقهاء هذين الاختصاصين في توصيف الحرب الأهلية، وفي هذا السياق قد يكون من المفيد استعراض بعض التعريفات الأكثر شيوعاً للحرب الأهلية بين فقهاء التاريخ والسياسة، والتدقيق على نقاط الخلاف بينها، وإسقاط هذه التعريفات على الحالة السورية: * معيار العنف الداخلي: وبناءً عليه تعرّف الحرب الأهلية بأنها حرب بين مجموعات داخل الدولة نفسها من أجل تحقيق الاستقلال لمنطقة من الدولة أو لتغيير السياسات الحكومية أو للإطاحة بالحكم. وهذا التعريف بعموميته هذه، يرفضه الكثير من المختصين في التاريخ والسياسة نظراً لكونه يتجاهل ظاهرة الثورة التي قد تأخذ أحياناً مساراً عنفيّاً لتغيير سياسات الحكومة أو للإطاحة بها، ويفرّق منتقدو هذا التعريف بين الثورة والحرب الأهلية. * معيار الصراع الإثني أو الديني: وبناءً عليه تعرّف الحرب الأهلية بأنها صراع داخلي تقوم به جماعات على أسس أثنية أو دينية –مذهبية أو آيدلوجية، من أجل تغيير بعض السياسات الحكومية أو الإطاحة بنظام الحكم، أو الحصول على الحكم الذاتي لمنطقة معينة، أو الانفصال عن الدولة. وقد يكون هذا التعريف من أكثر التعريفات شيوعاً وتقبّلاً في أوساط المتخصصين في التاريخ والسياسة، فاعتماد المعيار الإثني أو الديني – المذهبي أو الآيدلوجي، هو الأكثر شيوعاً في هذا المجال، وهو معيار يجعل الكثير من المراقبين الغربيين يصنّف المشهد في سوريا على أنه حرب أهلية، باعتبار أنه صراع بين أكثريّة سنيّة وأقليّة علويّة. لكن منتقدي هذا التوصيف يذكّرون بأن كثيراً من المصطفين مع نظام الأسد هم من السنّة، بل أن بعضاً من عتاة قادة الأمن والجيش الموالين للأسد، هم من أبناء الأكثرية السنيّة، ويمكن لحظ ذلك في حال استعراض أبرز قادة الجيش والأجهزة الأمنيّة، كما أن عدداً من رموز المعارضة للنظام هم من غير السنّة، وبعضهم من العلويين والمسيحيين، الأمر الذي يخلق نقطة ضعف واضحة في إمكانية اعتماد المعيار الديني – المذهبي في توصيف المشهد في سورية، رغم حالة التعبئة النفسية السائدة من جانب بعض الجهات الإعلامية ذات الخلفية الدينية المذهبية التي تعتمد هذا التوصيف بصورة علنيّة. * معيار المناطق المعزولة: وبناءً على هذا المعيار تعرّف الحرب الأهلية بأنها عنف مسلّح منظّم، يتم تنفيذ عمليات العنف خلاله انطلاقاً من مناطق معينة باتجاه مناطق أخرى، بحيث تمثّل بعض المناطق قواعد عسكريّة لكل طرف. وهذه النقطة بالذات يصرّ عليها بعض خبراء السياسة تحديداً، فتوصيف الحرب الأهلية لا يكتمل إن لم تكن هناك مناطق معزولة لكل طرف، يتمتع فيها بمقومات السيطرة، وينطلق منها لتنفيذ عملياته ضد الطرف الآخر، وذلك لم يتحقق بعد في سورية بصورة واضحة، إذ لا يمكن لنا أن نقول أن المناطق التي تعلن المعارضة المسلحة تحريرها، هي خاضعة تماماً لسيطرة المعارضة وبعيدة عن ضربات النظام، إذ لم تستطع المعارضة المسلحة حتى الساعة أن تشكّل منطقة بعيدة تماماً عن ضربات النظام، تؤمّن لها إمكانية التنظيم الآمن وترتيب الصفوف بعيداً عن ضربات سلاح جو النظام، وإن كان هذا التطور بدأ يلوح في الأفق بعد التطورات الميدانية الأخيرة في شمال وشرق سوريا، لكنه لم يكتمل بعد، الأمر الذي يجعل توصيف الحرب الأهلية منقوصاً، بينما توصيف الثورة أكثر ترجيحاً. * معيار العنف الأهلي: وبناءً على هذا المعيار تعرّف الحرب الأهلية بأنها عنف أهلي في سياق حرب متكاملة الأركان، الهدف منها ممارسة السلطة، أو الاستيلاء عليها، يحدث داخل أراضي الدولة ذاتها، يتضمن مشاركة شعبية لقطاعات من الأهالي والمدنيين. وفي حال إسقاط هذا التوصيف على الحالة السورية الراهنة، فإنه قد يحظى بالكثير من النقد، ذلك أن تجربة الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990) هي الأمثل للانسياق وفق هذا التوصيف، حيث كان الاقتتال أساساً بين ميليشيات مسلحة لجماعات على أسس آيدلوجية (سياسية) ودينية بمشاركة شعبية – أهلية واسعة، أما في الحالة السورية الراهنة، فالاقتتال يتضمن طرفين، الأول حكومي لا يمكن توصيفه بالميليشيا، وإن التحق به بعض المدنيين لأسباب مذهبية أو مصلحية، أما الطرف الثاني فهو متمرّد على نظام حاكم، يوجّه عنفه في معظم الحالات ضد أجهزة القسر الحكومية من أمن وجيش، وليس ضد قطاعات أهلية أخرى، إلا في حالات محدودة لا يمكن تعميمها على كامل المشهد السوري، مما يجعل توصيف العنف الأهلي أضيق بكثير من المشهد السوري الراهن. ليست حرب أهلية...لكنها الطريق إليها بناءً على ما سبق، وإن استثنينا تعريف القانون الدولي للحرب الأهلية، والذي يتمتع بعموميّة عاليّة، يمكن لنا أن نلحظ أن توصيف الحرب الأهلية في معظم تعريفاته السابقة لا ينطبق على الحالة السورية الراهنة، وإن كانت الأخيرة تتضمن الكثير من عناصر الحرب الأهلية لكنها لا تمتلك كل عناصرها، وإن كانت تتضمن بعض العناصر التي قد تتطور لتجعل من توصيف الحرب الأهلية أكثر اتساقاً مع المشهد السوري، بمعنى أننا لسنا اليوم في حرب أهلية، لكننا قد نكون في الطريق إليها. عند هذه النقطة قد ينتقد الكثير استنتاجنا آنف الذكر باعتباره لم يعتمد على ما يكفي من الجدل العلمي، لذلك سنستفيض أكثر في توصيف الحرب الأهلية وإسقاطاتها على الحالة السورية الراهنة معتمدين على عدد من الدراسات في هذا المجال. جذور الحرب الأهلية قد يكون من أندر الكتب المختصة في المكتبة العربية بهذا الخصوص كتاب "جذور الحرب الأهلية (لبنان-قبرص-الصومال-البوسنة)" للكاتب اللبناني فريدريك معتوق، الذي حاول دراسة أربع حالات للحروب الأهلية في دول العالم الثالث في القرن العشرين، بغية استنتاج جملة قواعد مشتركة يمكن الاعتماد عليها في التنبؤ باحتمالات الحرب الأهلية وتوصيفها وتداعياتها. وعبر مراجعة هذا الكتاب يمكن ملاحظة جملة نقاط مثيرة للاهتمام: * يشير فريدريك معتوق إلى أن "تحديد الجغرافيا الآمنة أو المعادية للمتحاربين الأهليين" هي من ثوابت الحروب الأهلية، بمعنى أن الأطراف المتحاربة إن لم تكون تحظى بمناطق معزولة آمنة لكل منها، فإن توصيف الحرب الأهلية يصبح منقوصاً، وهنا نعيد التذكير بما سبق وأشرنا إليه، بأن عنصر المناطق المعزولة لم يتحقق بعد في الحالة السورية الراهنة، لكنه قد يكون تطوراً مرتقباً بفعل ما يحدث ميدانياً في شمال وشرق سوريا حالياً، وفي حال تحقّق فهذا يعني أننا بتنا أمام عنصر مكتمل من عناصر الحرب الأهلية. * جانب آخر هام يشير إليه الكاتب اللبناني مفاده وجود حالة سيكولوجية مجتمعية ترافق انطلاقة الحرب الأهلية وتطورها، وهي نيّة القطيعة مع الطرف الآخر، بمعنى أن أطراف الحرب الأهلية تكون في حالة من الرغبة في الانفصال عن بعضها، وهو عنصر غير موجود بوضوح في الحالة السورية الراهنة، إلا إن أردنا أن نعتمد بعض التسريبات التي تتحدث عن ترتيبات لإنشاء "دويلة علوية" في الساحل السوري، أو ما يدور من حديث عن مساعي لأطراف كردية لترسيخ أمر واقع مفاده انفصال شمال شرق سوريا عن البلاد، وهما قضيتان تتطلبان نقاشاً منفصلاً سنتناوله في سيناريو تقسيم سوريا لاحقاً، لكن يمكن الإشارة إلى أن هذا العنصر غير مكتمل لأن طروحات الانفصال غير مستساغة من معظم الأطراف، وليست شعارات مرفوعة لأحد حتى الساعة. * يشير معتوق إلى حيز هام مفاده أن الحروب الأهلية في العالم الثالث عادة ما تندلع في الدول الاستبدادية أو في دول الديمقراطيات الهشّة. * كما ويشير إلى أن قادة الحروب الأهلية في العالم الثالث عادة ما يتحولون إلى دمى بيد القوى الأجنبية، عكس قادة الحروب الأهلية في العالم الغربي، والذين عادة ما يرفضون التورّط بأي ارتباطات أجنبية. * لا تنتهي الحروب الأهلية في العالم الثالث عادة إلا باتفاقات هشّة، أو بتقسيم دائم. إن استنتاجات فريدريك معتوق المبنية على تجارب أربع حروب أهلية في العالم الثالث، تثير مخاوف من مستقبل التطورات الميدانية في سورية. وإن كان عنصرا الحرب الأهلية المذكورين في كتابه لا ينسجمان تماماً مع المشهد السوري اليوم، إلا أن المخاوف، كما سبق وذكرنا، قائمة، من أننا قد نكون في الطريق نحو اكتمال عناصر الحرب الأهلية، التي في حال دخلنا في أجوائها، فإن النتائج ستكون، حسب كتاب معتوق، تلاعب أجنبي طويل الأمد، وخاتمة تخيّرنا بين اتفاقات هشّة تجعل سوريا، كلبنان اليوم، دوماً برميل بارود معرّض للانفجار مرة أخرى، وبين تقسيم دائم للخارطة السورية. قراءة من القراءات...النظام يعدّ لحرب أهلية قد تكون إحدى نقاط الاتفاق النادرة بين النظام والمعارضة، هي اتفاق الطرفين على رفض توصيف الحرب الأهلية للمشهد السوري الراهن. من جانب النظام، قد يعني ذلك أنه لم يعد الممثل الشرعي لسوريا في المحافل الإقليمية والدولية، وأن قواته النظامية باتت في نظر الرأي العام الدولي ميليشيا مسلحة، مما يفقده حق احتكار استخدام القوة. من جانب المعارضة، قد يعني ذلك فقدانها تعاطف الرأي العام الدولي معها باعتبارها ضحيّة، والأخطر من ذلك تحميل المعارضة المسلحة مسؤوليات الأمن وإدارة الخدمات في المناطق الخاضعة لسيطرتها، مقابل إزالة هذه المسؤولية عن كاهل النظام في المنظور الدولي. لكن في مقابل الرفض الواضح للنظام والمعارضة لتوصيف الحرب الأهلية، تتداول أوساط إعلامية وبحثية عديدة قراءة تتبناها الكثير من أطياف المعارضة السورية، مفادها أن النظام الحاكم ينحو بالبلاد، بملء إرادته، وبكامل وعيه، نحو حرب أهلية، لأنه بات على قناعة بأنه في الطريق لفقدان السلطة، لذا فهو يفضّل إدخال البلاد في فوضى عارمة تفضي نهاية إلى الانفصال بالساحل في "دويلة علوية". وفي دراسة بعنوان "تداعيات الأزمة السورية...من انتفاضة شعبية إلى ثورة مسلحة"، أعدّها المركز اللبناني للأبحاث والاستشارات في مطلع تموز الجاري، يعدّد معدّو الدراسة جملة من الترتيبات والإجراءات المدروسة التي اعتمدها النظام السوري بغية ربط مصير الطائفة العلوية بمصير الأسرة الحاكمة، وممارسة عنف مفرط بحق الأكثرية السنيّة، مع تشجيع لحالات الهجرة الداخلية، وتعزيز حالة الانقسام العامودي، وتهديد التركيبة السكانية لسوريا عبر وضع الطائفة العلوية في مواجهة تداعيات العنف المفرط حيال الأكثرية السنيّة بغية جرّ المجتمع الدولي إلى وضعيّة يصبح فيها مجبراً على القبول بقيام "دويلة" في الساحل السوري تقي العلويين مخاطر الانتقام من جانب الأكثرية السنيّة. ورغم أن هذه القراءة تتضمن الكثير من الجوانب الواقعية في المشهد السوري، إلا أنها تتجاهل جملة قضايا أهمها أن النظام حتى الساعة لم يبدي قناعة بأنه بات عاجزاً عن إحكام السيطرة على كامل التراب السوري، رغم التطورات الميدانية الأخيرة في دمشق وحلب وشمال وشرق سوريا، والأهم من ذلك اعتماده الملحوظ حتى اللحظة على عدد من القيادات الأمنية والعسكرية والسياسية والإعلامية غير المنتمية للطائفة العلوية، كما أنه لم يسحب قواته نخبته ونواته العسكرية الصلبة من حرس جمهوري وفرقة رابعة باتجاه الساحل، بل على العكس أبدى تمسكاً ملحوظاً بالعاصمة، إلى جانب أن هذه القراءة تذهب بنا باتجاه سيناريو التقسيم الذي أعتقد أنه يحوي الكثير من التهويل، وهو ما سيخضع لنقاش مفصّل في مقال آخر، بإذن الله. سورية في الطريق إلى حرب أهلية...في توصيفات مراقبين غربيين المراقبون في الغرب على ما يبدو يرتاحون تماماً لتوصيف الحرب الأهلية، ويظهر ذلك بصورة واضحة في تقرير أعدّه خبير عسكري أمريكي لصالح "معهد دراسة الحرب" الأمريكي نهايات حزيران الماضي، أثار الكثير من الجدل والمتابعة. طلب التقرير الأمريكي من "المجتمع الدولي أن يستعد لحرب أهلية طويلة في سورية"، محذّراً من أن "مدى عدم الاستقرار الإقليمي يعتمد على نجاح المعارضة في تحويل نفسها إلى حكومة بديلة أو دخول مناطقها في حالة فوضى وتنافس بين المجموعات المتحاربة". وتوقّع التقرير أنه إذا استمر النزاع على مساره الحالي فإن "المتمردين" سيتمكنون من مبارزة السلطة في مساحات واسعة من البلاد، لكنهم لن يتمكنوا من إسقاط النظام في المستقبل المنظور". وتوقّع التقرير أن يحتفظ النظام بالعاصمة دمشق حتى نهاية العام 2012، وأن يصمد فترة أطول بكثير في الساحل السوري، لكنه استبعد أيضاً أن يستعيد النظام سيطرته على كامل البلاد. وفي هذا السياق اعتمد التقرير مقارنة بين مواجهة النظام اليوم مع الثائرين عليه، وبين مواجهته مع الإخوان المسلمين في ثمانينات القرن الماضي، يومها تطلب حسم المعركة مع الأخوان الذين كانوا، حسب التقرير، يمتلكون 4 آلاف مقاتل، أكثر من ثلاث سنوات، أما اليوم، فيمكن إحصاء ما لا يقلّ، حسب التقرير، عن 40 ألف مقاتل في صفوف المعارضة، مما يعني استحالة حسم المعركة لصالح النظام. توصيفات تقرير "معهد دراسة الحرب" الأمريكي ترجّح حصول حالة أقرب إلى توازن القوى بين الطرفين المتحاربين، ومع استمرار الإمدادات للطرفين من جانب حلفائهما، ستستمر المعركة إلى أمد غير محسوم، مما يعني أن سورية في طريقها إلى حرب أهلية بكل ما تعنيه الكلمة. قد تلحق الهزيمة بالنظام...لكنها قد تدمّر البلاد في نفس الخانة السابقة، يصب مقال للكاتب اللبناني سعد محيو بعنوان "نذر عاصفة كاملة" في مطلع تموز الجاري، يعتبر فيه الكاتب أن "المعارضة المسلحة بدأت تصبح كياناً مستقلاً، على مستوى من التسلّح والتمويل والقرار السياسي، وباتت تقريباً هي التي تملك الكلمة الأخيرة حول مآل الانتفاضة السورية ومسارها....."، ويوضّح الكاتب أن خلافات المعارضة السياسية عزّزت من شعبية المعارضة المسلّحة. ويستطرد الكاتب موصّفاً المشهد المرتقب في سوريا، بأنه "جيشان سوريان يتواجهان، تدعمهما قوى دولية وإقليمية متصارعة". ويضيف محذّراً من أن الجيش الحر الذي يعتبر مظلة للمعارضة المسلحة، لا يملك القرائن الكافية التي تدلل على سيطرته الكاملة على أكثر من 300 مجموعة مسلحة مختلفة، تعمل جميعها باسمه، "قد تلحق الهزيمة بالأسد، لكنها قد تدمّر سورية". حرب العصابات كل القراءات السابقة ترجّح سيناريو الحرب الأهلية في سورية، لسببن رئيسيين، الأول عدم قدرة أي طرف من طرفي النزاع على حسم المعركة، والثاني وجود دعم إقليمي ودولي لكل طرف. وإن كان المعارضون المتحمسون يرجّحون اقتراب نهاية النظام، ويرون أن الجيش السوري الحر قادر على مقارعة النظام والإجهاز عليه بالاعتماد على حرب العصابات، فإن هذه القراءة على الرغم مما تتضمن من صوابية في تأكيد أن حرب العصابات قادرة على هزيمة أعتى الجيوش، وتجارب تاريخية عديدة تؤكد ذلك، فإنها تتجاهل في الوقت نفسه أن حرب العصابات تتطلب أمداً طويلة كي تثمر، وهو ما تؤكده تجارب تاريخية عديدة أيضاً. ما سبق يعني أن التفاؤل بقدرة الجيش السوري الحر على هزيمة جيش النظام، إن لم يترافق مع إقرار بأن ذلك يتطلب المزيد من الوقت وبأن المشهد الراهن في سورية لا يمنح المؤشرات الكافية التي تدلل على الاقتراب من هذه النهاية، فإن هذا التفاؤل يصبح مبالغاً فيه، ويصبح حالة من التعبئة والتجييش أكثر منه حالة من التوصيف الموضوعي. كما أن القراءات السابقة جميعها تؤكّد أن الإصرار على الذهاب باتجاه النزاع المسلّح قد يفضي إلى ديمومة هذا النزاع، وترسيخ سورية كساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية. الغرب يريدها حرباً أهلية إحدى القراءات التي تثير الكثير من الجدل هي تلك التي يعتقد أصحابها بأن الغرب، وربما أيضاً بالتنسيق مع روسيا والصين، يريدونها حرباً أهلية في سورية، فذلك يرضي إسرائيل، ويطيح بواحدة من الدول الإقليمية الفاعلة في المنطقة، والأهم من ذلك أنها تلهي العرب بالعرب. هذه القراءة بقدر ما تحظى بمعطيات ودلائل موضوعية، بقدر ما تتجاهل معطيات ودلائل أخرى تؤكد بأن الفوضى الشاملة الخارجة عن كل عِقال في سورية، ليست في مصلحة لا الغرب، ولا إسرائيل، فانفلات زمام الأمور من يد النظام السوري، يهدد بانفلات الصراع من حدوده، وانتقال النزاع المسلّح إلى دول الجوار، وخاصة لبنان والعراق، فيما يعرف في الأدبيات المختصة بـ "أثر العدوى"، خاصة في ظل ما يربط سورية بدول الجوار من نسيج اجتماعي وديمغرافي مشترك. إلى جانب ذلك، أثبتت كل التجارب التاريخية أن الحروب الأهلية في دول العالم الثالث أثمرت حركات متطرفة دينياً، وتجارب لبنان والعراق وأفغانستان والصومال كلها تؤكد ذلك، ويكفي أن نذكر أن حزب الله كان وليد الحرب الأهلية اللبنانية، مما يعني أن الحرب الأهلية في سوريا تنبئ بميلاد حركات متشددة دينياً لن تكون أبداً مريحة لأمن إسرائيل وأمن دول الجوار السوري. وبناءً على ما سبق، يمكن أن نفهم الخشية المعلنة من جانب الأطراف الإقليمية والدولية من انفلات زمام الأمور في سوريا، خاصة بعد التطورات الميدانية الأخيرة. إلى أين يمكن أن يسير المشهد في سوريا إن انزلقنا إلى الحرب الأهلية؟ * نزاع مسلّح يدوم لسنوات: فالبناء على ما سبق من دراسات وقراءات، يفيد بأن اعتماد طرفي النزاع على الاقتتال كاستراتيجية وحيدة لحل الأزمة السورية، مع خشية أنصار كل طرف إقليمياً ودولياً من خسارة حليفه، وبالتالي تعزيز إمداداته، فإن ذلك يعني الولوج في دوامة من النزاع الدامي المسلّح، يصعب حسمه في وقت قريب. * تسوية قسريّة على السوريين: إحدى احتمالات تطور الأوضاع قد تكون باتجاه حصول توافق إقليمي – دولي ناجم عن الخشية من امتداد الفوضى إلى خارج الحدود السورية، والنتيجة قد تكون تسوية قسريّة مفروضة على طرفي النزاع عبر الضغط من جانب حلفاء كل طرف إقليمياً ودولياً. * الغلبة للأكثرية: إن قارنا المشهد في سوريا بتطورات الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990)، فإن أول ما يمكن أن نلحظه أن الحرب الأهلية ليست في صالح الأقليات، حتى مع وجود الدعم الخارجي، وأنه في حال طال أمد النزاع المسلح وصولاً إلى حالة اختلال موازين القوى بين الطرفين لصالح الأكثرية المذهبية، فإن تجارب الحروب الأهلية على أسس دينية أو عرقية تثبت أن الطرف الغالب عادة ما يكون الأكثرية الديمغرافية، إن لم يحصل تدخل خارجي عسكري مباشر، وأن الدعم اللوجستي فقط لا يكفي لحماية الأقليات. * امتداد الاقتتال إلى صفوف الأكثرية: الجانب الذي يمكن لنا أن نتوقعه أيضاً، أن الفوضى لن تقف بمجرد انتهاء النزاع بين طرفيه الرئيسيين، ذلك أن حالة العسكرة التي ستسود المجتمع ستولّد نزاعات مسلحة بين المجموعات التي كانت منضوية تحت نفس اللواء، خاصة في حالة الأكثرية هنا، بمعنى أنه حالما تتمكّن الأكثرية من حسم المعركة لصالحها، ستبدأ التناقضات تظهر في صفوفها، وقد ننزلق إلى اقتتال بين ذات المجموعات التي سبق وقاتلت تحت نفس اللواء. * انهيار مؤسسات الدولة: وهي أبرز نتائج الحروب الأهلية عادةً، وهي تهدد بتحول سورية إلى دولة فاشلة على النمط الأفغاني أو الصومالي، أو في أفضل الأحوال إعادة إعمار سورية بفروض إقليمية ودولية وبالتالي ربط قرارها السيادي بقيود مالية أجنبية. * عدم الاستقرار السياسي على المدى المنظور: ذلك أن التسويات السياسية الهشّة التي عادة ما تحاول وضع حدّ للاقتتال المنفلت من أي عِقال، لا تصمد طويلاً أمام أية أزمة جديدة مستقبلاً، والتجربة اللبنانية خير شاهد على ذلك. * احتمالات التدخل العسكري المباشر: قد تودي التطورات في الساحة السورية إلى تدخل خارجي عسكري مباشر، قد يكون تركي بدعم من حلف الناتو، بغية وقف الاقتتال، وهو تطور غير مستبعد، بل مرجّح، ويستبعد أن تتخذ روسيا حياله إجراءات عسكرية مضادة، فكل التجارب التاريخية، حتى في العهد السوفيتي، تؤكد أن روسيا لا تحبّذ التورط عسكرياً ضد الغرب بصورة مباشرة. وفي حال حصل هذا التدخّل فيرجّح ترتيب تسويات معدّة على مقاس مصالح الأطراف المنخرطة عسكرياً. خلاصة أخيرة...رسالة إلى صقور النظام والمعارضة قد يعترض الكثيرون على ما سبق وأوردناه من نتائج وتوقعات، وقد يرفض آخرون توصيف الحرب الأهلية للحالة الراهنة في سورية، لأنه يمسّ نموذجاً يتبناه في خياله، لكن واقع التطورات الميدانية لا ينبئ بأن أياً من قراءتي النظام أو المعارضة المعلنتين، سليمتان موضوعياً. * وبدايةّ، نقول لصقور النظام، أنصار الحسم العسكري، والتطهير الميداني، وبروباغندا الإرهابيين المرسلين من الجوار الإقليمي، في مؤامرة "كونيّة" غير مسبوقة.....يكفي مكابرة، ويكفي عناد، فمنذ الأشهر الأولى التي تبنى فيها النظام الحل الأمني العسكري كاستراتيجية لحل الأزمة، نصحه الناصحون بأن ذلك لن يجدي، بل سيعقّد المشهد، وهو ما يحدث اليوم، فالنظام بات عاجزاً عن السيطرة على كامل التراب السوري، و"الجماعات المسلحة الإرهابية" التي كان يدعي وجودها في المحافظات الحدودية تكاثرت عشرات المرات، لتغزو عاصمته، ومن ثم حاضرته الاقتصادية والتجارية الأولى، ومع ملاحقة هذه الجماعات باستخدام آلة عسكرية صماء، يتعزّز الشرخ بين السوريين، وتتفاقم حالة الدمار الاقتصادي والمعنوي الراهنة في الأرض السورية. لذلك حان الوقت للإقرار بأن جزءاً كبيراً من المجتمع السوري يثور على النظام، وأن عنف النظام فاقم من ردود الفعل، وحوّل المشهد في سورية إلى حرب أهلية، أو تكاد. وإن كان من الممكن إصلاح شيء اليوم، فإنني أعتقد بأننا نحيا اللحظات الأخيرة قبل أن يغادر القطار المحطة التي يمكن فيها معالجة الكارثة التي تلمّ بوطننا. فعلى رموز النظام أن تتعظ من أخطائها، وأن تقرّ بأزمتها، وأن تفتح الأبواب أمام التسويات والحلول السياسية، وأن تقدم تضحيات تعوّض بواسطتها السوريين ولو قليلاً عما عانوه، وتنقذ ما بقي من نسيج اجتماعي سوري، والأهم أن تنقذ مصير جزء من المجتمع السوري واظبت على الإدعاء بأنها تحميه، قبل فوات الأوان.... * ومن ثمّ....إلى صقور المعارضة، أولئك الذين على ما يبدو أصابتهم عدوى الحل الأمني العسكري الحاسم من جانب النظام، فباتوا يهللون من حين لآخر، لغزوة أخرى، لمدينة أخرى، تكون نتيجتها المزيد من الدمار، دون أن نحصد أية نتائج...وإن كنا نقرّ لهؤلاء بأن تعنت النظام هو ما أوصلنا إلى ما وصلنا إليه، فإننا في المقابل نسألهم: هل يعني ذلك أن نتعنت كما يفعل؟، وإن كنا ندرك أن تعنت النظام دمّر البلاد، فهل من المعقول أن نستنسخ عقليته؟...ونسأل هنا لمن أعلنها ثورة للحرية والكرامة...لماذا كلما طرح ناشط أو سياسي ما نداءً أو مبادرةً باتجاه تسوية سياسية مع النظام، تغلق في وجهه الأبواب، وتنطلق الحناجر بالتخوين والارتياب؟،...أليس من الأنسب ترك أبواب التسويات السياسية مفتوحة، فإن وجدنا تجاوباً من جانب رموز النظام، نكون قد جنبنا بلادنا وأهلنا المزيد من الدمار والخراب، وإن لم نجد، فلا يمثّل ذلك أية خسارة، إذ لم يطلب أحد منكم وقف أي عمل مسلح، أو حراك سياسي معارض على الأرض....المطلوب فقط فتح قنوات للتفاوض السياسي إلى جوار المظاهرات والنشاطات الميدانية المعارضة الأخرى.... * إن إصرار كل طرف على انتصار حاسم، يزيل به الآخر من الوجود تماماً، قد يدخل سورية في دوامة غير منظورة من الاقتتال الأهلي، التي قد لا نخرج منها في الختام بتلك النتائج التي أملها كل طرف، ليكون الجميع خاسر، ولنا في تجربة الحرب الأهلية اللبنانية خير برهان، فبعد 15 سنة من الاقتتال الأهلي خرج جميع الأفرقاء اللبنانيين نادمين دون أن يحصّل أياً منهم شيئاً من الأهداف التي رفعها بداية الحرب، وكان الرابح الأكبر هي الجار الإقليمي للبنان، سوريا. * وختاماً، وإن كنا نحمّل النظام ورموزه المسؤولية الرئيسية عما سيترتب على التطورات الميدانية الأخيرة في سورية، وعن المجهول الذي سيأخذون سوريا إليه، فإننا لا نعفي صقور المعارضة من جزء من المسؤولية على هذا الصعيد، سائلين المولى عز وجلّ أن ينير القلوب والعقول بالحكمة ونفاذ البصيرة والخشية من الخالق، وأن يتحرك الجميع بضمير المصلحة العامة، وليس وفق الأهواء والمصالح الشخصية، لإنقاذ ما تبقى من سوريا، قبل فوات الأوان. يتبع... سيناريو تقسيم سوريا.... الرد على: حديث صريح في الثورة السورية ودور الإسلاميين فيها ... - wahidkamel - 08-25-2012 لست خائفا علي سوريا الا بعد سقوط بشار ، تشرذم المعارضة والنظام ما زال قائما يلقي بهواجس وشكوك حول سوريا ما بعد بشار ، فهل يأخذون العبرة والعظة مما يحدث في مصر الان ؟ استفدت كثيرا من هذا العرض يا طارق فشكرا لك |