حدثت التحذيرات التالية:
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(958) : eval()'d code 24 errorHandler->error_callback
/global.php 958 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $unreadreports - Line: 25 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 25 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $board_messages - Line: 28 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 28 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined property: MyLanguage::$bottomlinks_returncontent - Line: 6 - File: global.php(1070) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(1070) : eval()'d code 6 errorHandler->error_callback
/global.php 1070 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval



نادي الفكر العربي
العُرس المقدسيّ‏ ‬قبل قرن ونصف - نسخة قابلة للطباعة

+- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com)
+-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3)
+--- المنتدى: قضايا اجتماعيــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=60)
+--- الموضوع: العُرس المقدسيّ‏ ‬قبل قرن ونصف (/showthread.php?tid=49405)



العُرس المقدسيّ‏ ‬قبل قرن ونصف - vodka - 10-11-2012

































العُرس المقدسيّ‏ ‬قبل قرن ونصف




حسيب شحادة

الحوار المتمدن-العدد: 3422










اعتمدتُ‏ ‬فيما‏ ‬يلي‏ ‬على ما ورد في‏ ‬كتاب‏ "‬الفنون الشعبية في‏ ‬فلسطين‏" ‬تأليف‏ ‬يُسرَى جوهرية عرنيطة، بطبعته الثالثة التي‏ ‬صدرت في‏ "‬أبو ظبي‏" ‬عام ١٩٩٧. ‬استقتِ‏ ‬الكاتبةُ‏ ‬المعلوماتِ‏ ‬النادرةَ‏ ‬حقاً‏ ‬عن عرس لدى طائفة الروم الأرثوذكس في‏ ‬مدينة القدس الغالية من والدها،‏ ‬وهو بدوره نسخ ما دوّنه السيد معتوق زخريا في‏ ‬مذكراته عن العرس الذي‏ ‬حضره عام ١٨٥٥. ‬
من الموضوعات الهامّة التي‏ ‬كانت تُطرح في‏ ‬السهرات العائلية المتكررة زواج أبناء الحاضرين الذين بلغوا سنّ‏ ‬الرشد‏. ‬اعتاد كل شخص ذكرَ‏ ‬أسماء الصبايا من العائلات المختلفة لاختيار سعيدة الحظ‏. ‬الجدير بالذكر أن الهمَّ‏ ‬كلّه كان‏ ‬ينصبّ‏ ‬على الوالدة،‏ ‬فهي‏ ‬الأساس في‏ ‬عملية التحري والانتقاء‏. ‬هذا النهج‏ ‬يتمشّى والمثل الفلسطيني‏ ‬المعروف‏ "‬طُب الجرّة ع تمّها بْتِطلع البنت لأمّها‏". ويُذكر أن العريس لم‏ ‬يكن على أي‏ ‬عِلم بما‏ ‬يجري‏ ‬في‏ ‬هذا الشأن المصيري‏.‬
إثْر‏ "‬حطّ‏ ‬العين‏" ‬على فتاة معيّنة تتوجّه إحدى قريبات العريس إلى أهل الفتاة لتجسّ‏ ‬النبض،‏ ‬معددةً‏ ‬مناقب الشاب‏ ومآثره. ‬بعد شهر تقريباً‏ ‬يُعطى الجواب فإن كان سلبياً‏ ‬بدأ الذم والتجريح المتبادَل،‏ ‬وإن كان ايجابياً‏ ‬فلا بد من مرحلة الطلبة والتقارُب‏.‬

الطلبة

يتوجَّه بعض أقرباء العريس والوجهاء لطلب‏ ‬يد العروس‏. ‬بعد احتساء القهوة‏ ‬يقولُ‏ ‬أكبرُهم سنًا‏:‬‏ "‬طالبين بنتكم فلانة إلى ابننا فلان،‏ ‬طالبين قربكم،‏ ‬مش طالبين بُعدكم‏". ‬يجيبه والدُ‏ ‬العروس أو وليّ‏ ‬أمرها‏: "‬مقدمة جارية في‏ ‬مطبخكم،‏ ‬مبروكة عليكم‏" ‬وعندها تنطلق الزغاريد‏. ‬إثر ذلك بأسبوع‏ ‬يزور الكاهن أهل العروس للحصول على المباركة رسمياً‏ ‬وإبلاغ‏ ‬أهل العريس بذلك‏. ‬ثم‏ ‬يعيّن الأهل موعداً‏ ‬للخطوبة ويُتّفَقُ‏ ‬على الهدايا‏.‬

الخطوبة

يحضرها بعض الرجال المدعوين من كلا الطرفين والكاهن والعروس‏. ‬ويقدم الكاهنُ‏ ‬لها ما‏ ‬يُدعى باسم‏ "‬المسكة‏" ‬المهداة من العريس‏. ‬وهي‏ ‬عبارة عن زهور مجدولة على ثلاثة أشرطة ملّونة،‏ ‬واحد زهري‏ ‬والثاني‏ ‬أبيض والثالث أخضر،‏ ‬وخاتم ومنديل‏. ‬قد تضاف إلى ذلك قطعةٌ من القماش ومحرمة من الحرير إذا كانت حالة أهل العريس تسمح بذلك‏. ‬تُقدَّم القهوة في‏ ‬هذه المناسبة،‏ ‬وعلى العروس الوقوف في‏ ‬ركنٍ‏ ‬من أركان الغرفة وهي‏ ‬مكتوفة اليدين‏. ‬بعد أن‏ ‬يشرب الحاضرون القهوة تشرع العروس بتقبيل أيدي‏ ‬الجميع ابتداء من الخوري‏ ‬وحتى أصغرهم‏. ‬لا‏ ‬يحق للخاطب أن‏ ‬يحضر هذا الاحتفال ويُحَرَّم على الخطيبة التفوّه باسم خطيبها حتى ولو اتفقَ‏ ‬وحمل أحد أشقائها نفس الاسم‏. ‬كما ويتحتّم على الفتاة،‏ ‬وفقًا للتقاليد التي‏ ‬كانت مرعية في‏ ‬تلك الفترة،‏ ‬التقوقع في‏ ‬البيت خشية أن‏ ‬يراها خطيبُها‏. ‬عند ضرورة الخروج من البيت لا بد من تفادي‏ ‬المرور بالقرب من مسكن العريس‏.‬

الشوفة

تحلّ الشوفة‏ ‬يومَ الأحد الثاني‏ ‬بعد الخطبة،‏ ‬حيث‏ ‬يزور العريس للمرة الأولى دارَ العروس مصطحبًا معه بعض أصدقائه‏. ‬فور الدخول‏ ‬يبدأ العريس بتقبيل أيادي‏ ‬المتواجدين في‏ ‬البيت،‏ ‬وهكذا‏ ‬يُعلمهم بأنه صاحبُ الحظ السعيد‏. ‬لا‏ ‬يرى العريس شريكةَ حياته المستقبلية بل‏ ‬ينصرف بعد تقديم‏ "‬الواجب‏"، ‬الشراب والحلوى والقهوة‏. ‬أم العريس تودّع الخطيب الذي‏ ‬تشاهده للمرة الأولى،‏ ‬يقبّل‏ ‬يديها وتعطيه محرمة حرير‏. ‬بعد ذلك تدخل الخطيبة وتتوافد نساء أهل العريس عصرًا،‏ ‬ويُستَقبَلنَ‏ ‬بالزغاريد والبخور وماء الورد‏. ‬من اللافت للنظر أن تلك الزغاريد عبارة عن حوار بين الطرفين‏ ‬يليها‏ ‬غناء ورقص‏. ‬كما وتقدِّم والدة العريس بعض الهدايا من الحلي‏ ‬والأقمشة والمناديل‏. ‬بعد ذلك‏ ‬يشعر الخطيب بالمسؤولية الملقاة على عاتقه بخصوص تقديم الهدايا في‏ ‬المناسبات على ضوء العادات والتقاليد‏. ‬بعبارة أخرى، عليه أن‏ ‬يجدّ‏ ‬ويكدّ‏ ‬لتأمين ذلك‏. ‬ففي‏ ‬عيد العنصرة عليه أن‏ ‬يقدّم ما اتفقَ‏ ‬عليه من حليّ‏ ‬وملابس‏. ‬أما في‏ ‬عيد الصليب فعليه تقديم ما بين إحدى وعشرين إلى إحدى وثلاثين حبّة من السفرجل وأخرى من الرّمان وأخرى من الخوخ‏. ‬يحرّم على العروس،‏ ‬لا الأكل من هذه الفواكه فحسب،‏ ‬بل وحتى لمسها‏. ‬في‏ ‬عيد أحد الشعانين‏ ‬يُقدَّم للعروس حذاء وشمعة‏. ‬وفي‏ ‬الأعياد الأخرى تقدَّم النقود بغية ابتياع ما‏ ‬يلزم من الملابس‏.‬

مدّة الخطبة

قد تطول الخطبة عامين أو ثلاثة،‏ ‬وفق حالة العريس المادية‏. ‬غنيّ‏ ‬عن القول بأنه لا‏ ‬يتسنّى للعريس أن‏ ‬يرى عروسَه‏. ‬يحقّ‏ ‬له زيارةُ أهلها بصحبة أمه أو أخواته‏. ‬هنا لا بدّ‏ ‬من التنويه بالمشكلة العويصة التي‏ ‬كانت تتعرّض لها عائلة العروس عند زيارات أهل العريس لها‏. ‬لا بد من إخفاء العروس عن أنظار الزائرين‏. ‬ذلك الإخفاء كان أمراً‏ ‬عسيرا إذا ما علمنا أن الناس سكنوا آنذاك في‏ ‬غرفة واحدة‏. ‬حُشرَت العروس في‏ "‬الركسة‏" ‬أي‏ ‬في‏ ‬ذلك القوس المعدّ‏ ‬لوضع الفراش‏. ‬هناك كانت تقبع تلك المخلوقة حابسةً‏ ‬أنفاسَها خلف الستار،‏ ‬حتى انفضاض السهرة‏. ‬الويل ثم الويل لو سمحت للكرى أن‏ ‬يزحف إلى جفونها فيختلّ‏ ‬التوازن وتحدث الطامة الكبرى‏. ‬عندها تسقط المسكينة أمام الجميع‏ ‬ويُروى أن ذلك قد وقع بالفعل للكثير من العجائز المقدسيات‏ في. ‬في‏ ‬مثل هذه الحالة المربكة‏ ‬يحتدّ‏ ‬أهل العروس قائلين بلهجتهم المعهودة‏ "‬قطيعة شو قليلين ذوق‏...‬عارفينا ساكنين أوضه وحده‏...‬وطوَّلو القعده‏...‬موتي‏ (‬إنشا الله تقبرني‏) ‬نامت ووقعت‏". ‬

الاستعداد للعرس

قبل موعد الإكليل بأربعين‏ ‬يوما‏ ‬يتسلّم أهل العريس تلك الأقمشةَ التي‏ ‬كانوا قد قدّموها للعروس لخياطتها وشراء ما‏ ‬يلزم‏. ‬كما وتقدِّمُ‏ ‬والدةُ‏ ‬العريس قبّعةَ‏ ‬ابنها،‏ ‬التي‏ ‬يكون الدهر قد أكل عليها وشرب،‏ ‬للعروس للاحتفاظ بها بين طيّات ملابسها‏. ‬مقابل تلك الأمانة تسلّم أمُّ‏ ‬العروس مَحْرمة ابنتها للعريس للاحتفاظ بها‏. ‬في‏ ‬اجتماع آخر‏ ‬يبتُّ‏ ‬الطرفان بكل ما‏ ‬يتعلّق بترتيبات الفرح،‏ ‬مثل عدد المدعوين ونوع الضيافة ومكان الإكليل‏. ‬في‏ ‬نهاية هذا الاجتماع‏ ‬يقدّم الكاهن لأمّ‏ ‬العروس ما لا‏ ‬يقلّ‏ ‬عن ليرة ذهبية وتُدعى هذه التقدمة باسم‏ "‬تقدمة حمّام‏ ‬العروس‏". ‬

حمّام العروس

إعتاد الناس إجراءَ‏ "‬حمّام العروس‏" ‬عصرَ‏ ‬يوم الجمعة،‏ ‬أي‏ ‬قبل العرس بيومين‏. ‬تستيقظ نساء أهل العريس فجرَ‏ ‬يوم الجمعة لإعداد‏ "‬الطبيخ والنفيخ‏" ‬لا سيّما اللحم والأرز ويطبخن ما‏ ‬يُعرف باسم‏ "‬اللبنية‏". ‬عند الظهر تصبّ‏ ‬النساء الطعامَ‏ "‬بأطباق نحاسية ويصففن اللحمَ‏ ‬فوق اللبن ويقدحن السمن البلدي‏ ‬ويزيّنّ‏ ‬الأطباق بالزهور‏". ‬يحمل الحمّالون هذه الأطباق على رؤوسهم ويسيرون خلف عازفي‏ ‬المزمار وزمرة الصبية حاملين الشموع وأفنان شجر الليمون‏. ‬تلك المسيرة كانت كافية لتنقل للأهلين خبرَ‏ ‬اقتراب أوان حمّام العروس‏. ‬في‏ ‬عصر‏ ‬يوم الجمعة تنقل نساء أهل العروس العروسَ‏ ‬إلى الحمّام العمومي‏ ‬حيث‏ ‬يستقبلهنّ‏ ‬أهلُ‏ ‬العريس بماء الورد والبخّور‏. ‬يقدّم الشراب‏ ‬وألوانٌ‏ ‬من الطعام والبذورات في‏ ‬إيوان الحمّام،‏ ‬كما وتُعزف الموسيقى وترقص الجناكي‏ ‬وتزغرد النساء‏. ‬من جهة ثانية‏ ‬يحضُر الكاهن صباحَ‏ ‬يوم الجمعة المذكور إلى منزل العريس لتسجيل ما فيه من أملاك ستشاركه بها عروسه‏. ‬يكرّر الكاهن نفس العملية في‏ ‬بيت العروس ويحضّر ثلاث نسخ من هاتين القائمتين‏. ‬تُعطى نسخة واحدة لأم العريس وواحدة لأم العروس والأخيرة‏ ‬يحتفظ بها الكاهن‏. ‬هاتان القائمتان تكونان هامّتين في‏ ‬حالة وفاة أحد الزوجين‏. ‬من الزغاريد التي‏ ‬كانت تردَّد في‏ ‬هذه المناسبة‏:‬
ها هي‏ ‬نعيماً‏ ‬يا عروس حمّامِك ها هي‏ ‬وعاشوا‏ ‬يا عروس بلانِك
ها هي‏ ‬وتسلم‏ ‬يا عروس دقن بيِّك ها هي‏ ‬اللي‏ ‬قام واهلُه بشانِك

تجميل العروس

تتولّى القابلةُ‏ ‬أوّلا عمليةَ‏ ‬تجميل جسم العروس وفق‏ "‬الطريقة البلدية المزعجة‏". ‬ثم‏ ‬يأتي‏ ‬دور مصفّفة الشَّعر التي‏ ‬تجمّل الوجه وتدلّك البدن أيضاً‏. ‬بعد ذلك تقوم صاحبة الحمّام بطلي‏ ‬رِِجلي‏ ‬العروس حتى الرُّكبة واليدين حتى الساعد بالحنّاء‏. ‬وبعد الاستحمام تخرج العروس لتجلس في‏ ‬صدر الإيوان،‏ ‬وتُعزف الموسيقى ويبدأ الرقص من جديد‏. ‬بعد رجوع العروس المنهكة إلى البيت تتلقّى درساً‏ ‬وافياً‏ ‬كافياً‏ ‬في‏ ‬غرفة مغلقة من بعض العجائز حول العلاقة الجنسية مع عريسها بعد‏ ‬يومين‏. ‬

تسلّم الجهاز

في‏ ‬مساء‏ ‬يوم الجمعة‏ ‬يجتمع الأقرباء والأصدقاءُ‏ ‬في‏ ‬بيت العريس،‏ ‬وبعد العشاء‏ ‬يتوجّهون،‏ ‬وفي‏ ‬معيّتهم الحمّالون،‏ ‬إلى دار العروس لتسلّم الجهاز‏. ‬يتمّ‏ ‬ذلك بعد أن‏ ‬يدفع الكاهن مبلغا رمزيّاً‏ ‬لوالد العروس قدرُه ثمانية وأربعون قرشاً‏. ‬كما ويقدّم لأهل العروس شريطاً‏ ‬عريضاً‏ ‬عليه صليبٌ‏ ‬يُحتفظ به حتى الاكليل،‏ ‬وتُدعى هذه المرحلة‏ "‬عقد الخاتم والزنّار‏". ‬

حمّام العريس

يتمّ‏ ‬حمّام العريس في‏ ‬الحمّام العمومي‏ ‬أيضا‏. ‬يكون ذلك وسط زفّة‏ ‬يقوم بها أقارب العريس وأصدقاؤه وتُعزف الموسيقى وتُطلق الزغاريد‏.‬

دعوة العرس

تأتي‏ "‬العزّامة‏" ‬وهي‏ ‬امرأة قوية الشخصية في‏ ‬الخمسين من عمرها إلى بيت العريس لتعرضَ‏ ‬لائحة بأسماء من‏ ‬ينبغي‏ ‬دعوتُهم حسب تقديرها‏. ‬تلك اللائحة شفوية،‏ ‬إذ أن‏ "‬العزّامة‏" ‬أميّةٌ‏ ‬ولها من الذاكرة الثاقبة ما‏ ‬يخوّلها لحفظ أسماء البلدة برمّتها‏. ‬بعد الموافقة على أسماء المدعوّين تحمل‏ "‬العزّامة‏" ‬شمعداناً‏ ‬نحاسياً‏ ‬طوله سبعون سنتيمتراً‏ ‬وعليه شمعة وتقوم بزيارة البيوت لدعوة الأهالي‏. ‬حال وصولها لكل بيت تزغرد وتغني‏ ‬وترقص‏. ‬تُقدَّم لها القهوة وتُبلِّغ‏ ‬الموجودين بموعد العرس ومكانه‏. ‬يعطي‏ ‬كلّ‏ ‬ربّ‏ ‬عائلة مدعوةٍ‏ ‬للعرس حليةً‏ ‬ذهبية معينة للعزّامة وهذا دليل بتبليغ‏ ‬الدعوة‏. ‬بعد الانتهاء من ذلك تعود‏ "‬العزّامة‏" ‬إلى دار العريس وتسلّم جميع الحليّ‏ ‬لأهل العريس مشيرة إلى صاحب كل واحدة منها بأمانة تامّة ولا تخونها ذاكرتُها بذلك أبدا‏. ‬تُستخدمَ‏ ‬هذه الحلي‏ ‬والمجوهرات المجمّعة لتزيين العروس في‏ ‬جلوتها‏ (‬تجليتها‏) ‬وبعد حفلة الزفاف تُعاد إلى‏ "‬العزّامة‏" ‬التي‏ ‬تقوم بدورها بواجبها في إعادة‏ "‬الأمانات‏" ‬إلى أصحابها‏. ‬

هدايا العريس

منذ اليوم الأوّل لأسبوع الزفاف تبدأ الهدايا المختلفة بالوصول إلى بيت العريس‏. ‬يتقدّم حاملَ‏ ‬الهدايا عازفُ‏ ‬مزمار ليكون أهل البلدة على علم بما‏ ‬يحدث‏. ‬الهدايا متنوعة،‏ ‬فقد تكون خروفا صُبغ‏ ‬صوفُه باللون الأزرق أو قفّة من الأرز مزيّنة بالزهور أو كؤوسا من السكر أو أطباقا من البندورة والباذنجان الخ‏. ‬

حلاقة العريس

بعد تناول العَشاء‏ ‬يجلس العريس على كرسي‏ ‬بملابسه القديمة،‏ ‬وحوله الرجال‏ "‬تشوبش‏" ‬والنساء تزغرد وتقول إحداهن مثلاً‏:‬

ها هي‏ ‬يا حلاق احلق له في‏ ‬مواسك الذهبيـّة‏ ‬
ها هي‏ ‬واستنى عليه‏ ‬يا حلاق لما تلتم الاهليّه

وأخرى تقول‏:‬
احلق‏ ‬يا حلاق بموسك الرفيع واستنى على فلان تامنه‏ ‬ييع
احلق له‏ ‬يا حلاق بموسك الفضه واستنى على فلان تامنه‏ ‬يرضى

وثالثة تقول‏:‬
قول لي‏ ‬وين باقي‏ ‬يا فلان‏ ‬يا بعدي
في‏ ‬حمام العرس والشعر جعدي
قول لي‏ ‬وين باقي‏ ‬فلان‏ ‬غندور
في‏ ‬حمام العرس والشعر مبلول

من هذه الشوبشات‏ ‬يمكن الإشارة إلى‏:‬

أول كلامي‏ ‬بالدستورمن خوف ليغلط لساني
لامدح العذرا أم النورمن‏ ‬يوم ربّي‏ ‬نشاني
عريسنا‏ ‬يا قبّة النور تضوي‏ ‬على‎ ‬كل وادي
يا ريت امك وابوك جابوا عشرة متلك‏ ‬يوم الحبل والولادِة
عريسنا لا تهكل هم واحنا جينا لك فوازِع
صغيرنا ضرّيب البارود وكبيرنا عَ‏ ‬الخيل راكب
قول شقره من الخيل وجلالها من ذهب اصفر
خيالها العريس اسمر اللون يشبه الامير عنتر
قول شوباش عن العريس ممنون لكل الشبّان
ان شا الله مردود بالأفراح
يا اللي‏ ‬سندتولي‏ ‬راسي

في‏ ‬هذه اللحظة‏ ‬يُرسل المرسالُ‏ ‬الأوّل حاملاً‏ ‬فانوساً‏ ‬كبيراً‏ ‬إلى دار العروس للتبليغ‏ ‬بمرحلة حلاقة العريس للاستعداد لتسليم العروس بعد حين‏. ‬بعد الانتهاء من الحلاقة‏ ‬يُرسَل المرسال الثاني‏ ‬ويمزّق أصدقاء العريس ملابسَه إرباً‏ ‬إرباً‏ ‬ليصبح شبه عارٍ‏. ‬عملهم هذا‏ ‬ينمّ‏ ‬عن أملهم في‏ ‬إزالة جهل العزوبية عنه‏. ‬كما وتتم حلاقة الإشبين والأصدقاء المقربين ليصابوا بعدوى الزواج‏. ‬في‏ ‬المرحلة الثالثة،‏ ‬أي‏ ‬إرسال المرسال الثالث،‏ ‬نرى موكباً‏ ‬قوامه عشرة رجال وعشر نساء وكاهن الرعية‏ ‬يتوجهون حاملين الشموع إلى دار العروس‏. ‬يُستقبل الموكب بالترحيب وتعزف الموسيقى،‏ ‬والجناكي‏ ‬ترقص،‏ ‬وتُقدَّم الحلويات مثل المعمول والغريّبة،‏ ‬وكذلك البذورات‏. ‬ويقال عند تقديم المعمول‏:‬
شوفو معمول الهوى راح ع الفرن وما استوى تعوا‏ ‬يا ناس تفرجوا كل العرسان مش سوى
ها هي‏ ‬احنا دار العريس هينا جينا
ها هي‏ ‬قولو لام العروس تلاقينا
ها هي‏ ‬بقمقم الفضه والورد رشيناها
هي‏ ‬لا عدو فيكم ولا فينا

فتردّ‏ ‬قريبات العروس بقولهن‏:‬

ها هي‏ ‬اهلا وسهلا بكم
ها هي‏ ‬يسلم العريس اللي‏ ‬جابكم
ها هي‏ ‬وان كان العريس جلابكم
ها هي‏ ‬لا ضيم صابنا ولا صابكم

بعد القيام بواجب الضيافة تقول قريبات العريس‏:‬

ها هي‏ ‬قومي‏ ‬يا عروس حل الرواح
ها هي‏ ‬والبلبل‏ ‬غنّى والديك صاح
ها هي‏ ‬جيبوا صانع اسمه صلاح يصيغ‏ ‬أساور للإيدين الملاح

فتردّ‏ ‬نساء جماعة العروس‏:‬

ها هي‏ ‬يا الله خدوها‏ ‬يا اماره
ها هي‏ ‬والله انتم الكسبانين
ها هي‏ ‬وهذه بالحق عروستنا
ها هي‏ ‬بتنهدي‏ ‬برضه للسلاطين
ها هي‏ ‬عريس عريس لا تندم عالمالي حواجب عروستك خطين اقلامي
ها هي‏ ‬حواجب عروستك ميّة على ميّة تسوى أهل بلدك من ألف للميّة
ها هي‏ ‬وريتها تثمر وتعمّر وتملّي‏ ‬البيت صبياني

ولسان حال العروس‏ ‬يقول كما‏ ‬يردد‏:‬
قالت العروس وهي‏ ‬طالعه سلموا على الدار وجيرانها
وسلموا لي‏ ‬على أمي‏ ‬الحنونه ياما ليالي‏ ‬لفّتني‏ ‬باحضانها

يتقدم الموكبَ الكهنةُ‏ ‬وهم‏ ‬يرتلون الترانيم الدينية المناسبة باليونانية،‏ ‬ومعهم حاملو الشموع وأغصان الليمون الطويلة فالعروس وخلفها باقي‏ ‬الناس من كلا الطرفين‏.‬
الرجال‏ ‬يطلقون الشوبشات‏ (‬المحوربة في‏ ‬أماكن أخرى في‏ ‬فلسطين‏) ‬والنساء‏ ‬يزغردن‏. ‬ثم‏ ‬يلتقي‏ ‬الموكب هذا بموكب العريس في‏ ‬الطريق،‏ ‬وفي‏ ‬مقدمته عازفو العود والكمان والقانون والدربكة‏. ‬تستمر الزفّة ثلاث ساعات على الأقل‏. ‬قد‏ ‬يُحمل العريس على أكتاف أصدقائه العريضة عند شعوره بالتعب وهو جالس على كرسي‏. ‬يتبارى العازفون وتشتد حلقات الدبكة والزغاريد‏. ‬عندما‏ ‬يطلّ‏ ‬الموكبان الواحد على الآخر‏ ‬ينبغي‏ ‬على العروس التوقف عن السير حالاً،‏ ‬وعلى العريس التقدم نحوها‏. ‬والويل كل الويل إذا انعكس الأمر،‏ ‬عندها تبدأ المعاتبات وربما تنشب المشاجرات‏.‬

سلوك العروس في‏ ‬الزفّة

يمسك‏ ‬يدَها اليمنى أقربُ‏ ‬مقربيها وبيدها اليسرى أقرب مقرّبي‏ ‬أهل العريس‏. ‬على العروس أن تبقى صامتة ومغمضة العينين بمنديل طولَ‏ ‬المسيرة‏. ‬ترتدي‏ ‬العروس إزارًا‏ ‬طويلا وهو بمثابة قطعة من القماش الأبيض تلتفّ‏ ‬به السيدة من رأسها إلى أخمص قدميها‏. ‬وفوق المنديل‏ ‬يوضع البرنجك أي‏ ‬البرنس‏. ‬لا حولَ‏ ‬للعروس ولا قوةَ‏، ‬بل عليها تنفيذ التعليمات التي‏ ‬تسمعها من هنا ومن هناك،‏ ‬إرفعي‏ ‬رِجلك،‏ ‬إصعدي‏ ‬درجة،‏ ‬أنْزلي‏ ‬رجلا، انتبهب في‏ ‬حفرة الخ‏. ‬

الإكليل في‏ ‬الكنيسة

عند باب الكنيسة تردّد أم العريس‏:‬

باب القيامه عالي واجب اشرعه بايديِّ
وخلّي‏ ‬قلبي‏ ‬يفرح
قد ما بكيت عينيِّ
دارنا وفي‏ ‬دارنا بير مغطّى بشرشف حرير
حلفْت‏ ‬يا ناس ما ألمه
إلا أشوف ابني‏ ‬في‏ ‬اكليل

كما وللكاهن نصيب في‏ ‬الإطراء فيقال مثلاً‏:‬
خورينا‏ ‬يا طيّب‏ ‬يا مليح
كلّل العرسان واستريح
ومد‏ ‬يمينك وباركهم وبارك شعب المسيح
خورينا‏ ‬يا لابس‏ ‬يا سكر‏ ‬يابس
يا معمّد الصبيان
يا مكلّل العرايس

تقف العروس أمام الهيكل وعلى‏ ‬يمينها الرجال وعلى‏ ‬يسارها النساء أما الأشابين فعلى الجوانب‏. ‬يُلقى الأرز والملبّس عند دورة الإكليل فوق الرؤوس علامة للفأل الحسن‏. ‬بعد انتهاء المراسيم الدينية‏ ‬يتقدّم الإشبين ويرفع العريس ويخبطه أرضاً‏ ‬ثلاث مرّات إشارة إلى نفض الجهل وعدم المسؤولية الملازمين للعزوبية‏. ‬ثم‏ ‬يضع الكاهن الشريط والصليبَ‏ ‬آنفي‏ ‬الذكر على كتفه الأيمن إلى تحت الخاصرة اليسرى‏. ‬أما العريس فعليه ارتداء الشريط مدّة أسبوع مضيفا إليه رأس ثوم وعرق سدابية‏ (‬نوع من الزهر‏). ‬

بعد الإكليل والخميرة

يتوجه موكب العرس عائداً‏ ‬إلى بيت العريس،‏ ‬سالكا طريقا أخرى حتى ولو كانت أطول وأشقّ،‏ ‬علّها تكون فاتحةَ‏ ‬خير وتوفيق للعروسين‏. ‬في‏ ‬حالة مرور الموكب بمقهى مثلاً‏ ‬يخرج صاحبه ويسكب إبريقاً‏ ‬من القهوة الساخنة على الأرض أمام العروسين إذ أن‏ "‬كبّ‏ ‬القهوة خير‏". ‬عند وصول البيت على العروس أن تدخله بالمقلوب حتى ولو كان في‏ ‬الطابق الثاني‏. ‬جرت العادة أن تلصق أُسرة العريس عجينةً‏ ‬فيها عِرق أخضر فوق باب‏ ‬غرفة العروسين‏. ‬على العروس وضع كفها على العجينة ويأتي‏ ‬دور عريسِها ليضعَ‏ ‬كفَّه على كفها ضاغطا ثلاث مرّات وأعين أهل العروس متركزة على كيفية ضغط كف العريس‏. ‬إن كانت حركة‏ ‬يده خفيفةً‏ ‬اغتبط الناظرون وإن كانت عنيفة تجهمّتِ‏ ‬الوجوهُ‏ ‬وقد‏ ‬يؤدّي‏ ‬ذلك إلى المسبات وحتى النزاع،‏ ‬إذ أن ضربة الكفّ‏ ‬الشديدة تفسّر أن هناك‏ ‬غلا وحقدا دفينا في‏ ‬نفس العريس إزاء أهل العروس‏. ‬

جلوة العروس

تدخل العروس‏ ‬غرفتَها في‏ ‬حين‏ ‬يتوجّه العريس إلى إيوان الدار،‏ ‬حيث ترقص النساء وتزغردن‏. ‬تستقبل الجناكي‏ ‬العريس بالأغنية المعروفة‏ "‬البدر لما زار‏ ‬يا عيني‏" ‬فيتكرّم عليهن بما تيسّر من نقود‏. ‬يجلس العريس في‏ ‬صدر الغرفة منتظرا قدوم العروس مرتدية أفخر الملابس ومجللة من الرأس إلى أخمص القدمين بالبرنجك‏. ‬عند وصولها وسط الغرفة‏ ‬يذهب العريس ويرفع البرنجك عن وجهها ويعود إلى مكانه‏. ‬تخطو العروس خطوة خطوة نحو عريسها على أنغام الأغنية الشعبية المعروفة‏ "‬واتمخطري‏ ‬يا عروسة‏". ‬
اتمخطري‏ ‬يا عروسه

اتمخطري‏ ‬اسم الله‏ ‬يا عروسه يا ورده جوّه الجنينه
عقد القرنفل‏ ‬يا‏ ‬غزاله والفل مخيم علينا
قومي‏ ‬ادخلي‏ ‬قصرك العالي وقولي‏ ‬لعريسك‏ ‬يا حلالي
واقضي‏ ‬الايام والليالي وساعات وعيشه هنيه
قومي‏ ‬اطلعي‏ ‬اسم الله ع سريرك ابن الاكابر عريسك
ربي‏ ‬يهنّيكِ‏ ‬بعريسك آه‏ ‬يا حلاوه‏ ‬يا شلبيّه
وحياة عريسي‏ ‬ما بطلع إلا بسبع جواري
تنتين‏ ‬يمشوا قدامي تنتين‏ ‬يمشوا وراي‏ ‬
ثلاثة‏ ‬ينثروا لي‏ ‬الازهار ورد‏ ‬ياسمين وعطريه

بعد ما يقارب النصف ساعة تخرج العروس لتغيير ملابسها وتتكرر هذه العملية عدّة مرّات حتى تنتهي‏ ‬من عرض كل ما لديها من فساتين‏. ‬من الشعر الشعبي‏ ‬في‏ ‬هذه المناسبة‏:‬

واللي‏ ‬ياخد متلك يحسب عليه العمر ولّى
صمدتك صمدة الستات والقمر على خدك‏ ‬غمزات
اسم الله عليكِ‏ ‬واحده والتانية تنتين
والتالتة خرزة زرقة ترد عنك العين
يا خالق الزيتون الاخضر يا عالي‏ ‬دائما عن العين
يا سيدتنا مريم تردّي عن العروسين العين

النقوط

هذه عبارة عن النقود التي‏ ‬يقدّمها المدعوون للعروسين لتيسير حياتهما الزوجية الجديدة‏. ‬ومن المعتاد أن تقف العروس وبجانبها إمرأة محنّكة‏. ‬تنتقل هذه النقود من‏ ‬يد العروس إلى‏ ‬يد تلك الامرأة فإلى مفوّض من طرف العريس الذي‏ ‬يقوم بتسجيل اسم كل منقّط ومبلغ‏ ‬نقوطه‏. ‬تحفظ قائمة المنقطين لدى العريس لتسديد تلك الديون مستقبلا فكما‏ ‬يقول المثل الفلسطيني‏ "‬هادي‏ ‬قِرضه ودينه‏". ‬أخيرا‏ ‬يدخل العروسان‏ ‬غرفتهما‏.‬

بوسة الراس

من العادات الطريفة قبل قرن ونصف من الزمان،‏ ‬أن تقوم العروس بعجن بعض الخبز صبيحة اليوم الثاني‏ ‬لزفافها‏. ‬ذلك الخبز في‏ ‬اعتقادهم فأل حسن للبركة والرزق في‏ ‬الحياة الزوجية‏. ‬ومما‏ ‬يقال في‏ ‬هذا الصباح:

الله‏ ‬يصبحكم بالخير
يا اللي‏ ‬قاعدين ع الصفّين
وان كان العريس بيناتكم
يا ربي‏ ‬ترد عنه العين
طلّت الشمس من راس الجبل طلّت
خلاتنا تحصنت ورجالنا التفّت
واللي‏ ‬شافت رجالنا وما سمّت
تعدم صباها قبل الشمس ما طلت

في‏ ‬مساء اليوم التالي‏ ‬يزور أهل العريس أهلَ‏ ‬العروس وهناك‏ "‬يبوس‏" ‬العريس رأس‏ "‬مرة عمّه‏" ‬ويحتفلون بإقامة عشّ‏ ‬جديد في‏ ‬بيت المقدس‏. ‬