حدثت التحذيرات التالية: | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
صباح دمشقي - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3) +--- المنتدى: حول الحدث (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=64) +--- الموضوع: صباح دمشقي (/showthread.php?tid=49546) |
صباح دمشقي - أبو علي المنصوري - 11-10-2012 [ size=large]كان يوماً تشرينياً حقيقياً عندما أشرفت في صباحه على مدينة دمشق ,حيث كانت الغيوم تسير مسرعةً في كبد السماء وهي تنثر حبات المطر على زجاج السيارة بينما تنساب أحياناً أشعة الشمس بين الغيوم من جهة الشرق ...وعلى جانبي الطريق كانت تنتشر ثكنات جنود الأسد التي لم نكن نعلم أنها قد أعدت منذ زمانٍ بعيد للدفاع عن حكم الطاغية الأسد والتنكيل بكل من يتجاسر على الوقوف في وجه نظامه المستبد ...وكان منظر الحرائق مخيفاً وهي تنشر أعمدة دخانها من أطراف المدينه وغوطتها ,في تكرار عصري لجميع أنواع التعديات التي تعرضت دمشق لها في التاريخ ,هذه المدينة القديمة قدم العالم نفسه...وخطرعلى بالي أن هذا الديكور مشابه ولم يتغير الا قليلاً لما حل بالمدينة من قبل الطغاة الذين مروا عليها وخصوصاً خلال محنتها الكبرى من قبل تيمورلنك الأعرج . وها هي تعاد هذه المحنة مرة أخرى من قبل نيرون الجديد بشارٍ الأهبل ...يشهد على ذلك جبل قاسيون الشامخ والذي عاصر الكثير من هذه المشاهد حتى تحدب ظهره,وجبال القلمون بقممها الموحشه وجبل المانع بلونه الأسود وجبال الحرمون بلونها الأزرق.... كل هذه الجبال تراقب دمشق هذا الصباح كما كانت تفعل في الماضي مشهداً أصبح مألوفاً وعادياً بالنسبة لها,ومن المؤكد أن دمشق تظهر من قمم هذه الجبال وكأنها كومة حطب مشتعلة تناثرت شراراتها فأشعلت حرائق أخرى مفجعة في غوطتيها الغربية والشرقية من قطنا الى دوما مروراًبالمعضمية وجديدة عرطوز وداريا وكفربطنا وزملكا وحرستا وصولاً الى دوما وعربين . لقد أحرقت دمشق وغوطتها مرات كثيرة ولكن المحنة هذه المرة مميزة ومفجعة فأية سلطة مشؤومة تلك التي تقوم باحراق عاصمتها... هاهي أصوات المدافع تهز أركان المدينة القديمة الجديدة ،وعمود عظيم من اللهب يرتفع في السماء ,محركاً ذيلاً من الدخان المتصاعد والمنحني بعد ذلك باتجاه الشمال....ومن أعلى المدينة لابد أن الطاغية ينظر من شرفات قصره وهو بلباس الرياضة الى المدينة ويمسك بالناظور ليتلذذ بمنظر النيران التي يصبها جيشه المغوار على بيوت المدنيين الفقراء المهمشيين في كفر سوسة ونهر عيشه والتضامن وفي السيدة زينب والقابون..فهؤلاء أعداؤه الذين تحدث مراراً عن مقاومتهم وممانعتهم وهذه بيوتهم المتهالكة التي تسيء الى منظر عاصمته بينما بيوت ومساكن جنوده وعبيده والمجاورة لقصره من اليمين واليسار أصبحت بالنسبة إليه رمزاً لحضارة آبائه وأجداده ...... لقد أضحت دمشق الفيحاء مدينة تحترق صباح مساء تحت ضربات جنود الطاغية ...وأهلها يقتلون بسكاكين الشبيحة الطغاة...والطيران السوري يقصف المدنيين السوريين ومدفعية حماة الديار تعزف ألحان الموت ....والناس يسيرون في شوارع الأحياء المنكوبة حائرون..الكثير منهم أصبحوا معدمون هائمون على وجوههم ينامون في الحدائق وعلى الطرقات بعد أن سوى الطاغية بيوتهم بالأرض ليعيد تنظيمها بعد أن أنسته هذا العمل سنين الممانعة والمقاومة الكاذبة.. نعم جرائم حرب مؤكدة يقترفهاالحاكم الطاغية وأزلامه وجنوده المجرمون وهي جرائم ترتكب بأوامر صادرة مباشرة عن الأسد والدائرة المحيطة به...في ظل صمت دولي وتصريحات لا ترقى لمستوى الدمار والمجازر الجارية في شوارع سوريا وحواريها .. تصريحات خجولة واتهامات لا تعدو كونها إتهامات سياسية لاتسمن ولاتغني من جوع ..إضافة الى حالة إنسانية ومعيشية مزريه وصلت الى حد الجوع المدقع في ظل منع وصول الإعانات الانسانية ومحاصرة الناشطين العاملين في حقول العمل الإنساني في سوريا..مازالت الاعتقالات التعسفية مستمرة بوتيرة متزايدة ومتسارعة...ومازال القتل بدون أذن قضائي مستمراً...ومازالت المظاهرات السلمية تقمع بوحشيه مع فارق بسيط وهو استبدال الرصاص الحي بصواريخ الطائرات والأسلحة الثقيلة... حتى أن وسائل إعلام الطاغية تنشر وتصرح علناً بأنها تقصف المستشفيات الميدانية ..وسيارات الاسعاف كل ذلك بدون خجل..فالعالم نائم والعرب متخاذلون والصامتون مازالوا ساهمون ينتظرون فرجاًمن الله أو سكاكين الشبيحة.. صباح دمشق هذا كما هو في الأيام السابقة مليء بالقصف من مدافع جيش الطاغية وبالطائرات التي افتقدها أهل دمشق منذ أكثر من أربعين عاماً ليشاهدوها اليوم تلقي قنابلها وحممها وتستعرض بطولاتها عليهم وعلى أطفالهم...والحرائق وأعمدة الدخان الصادرة عنها تنافس الغيوم التي تسير مسرعة لاتريد أن ترى هول الفاجعة والمجازر التي يقترفها من كان بالأمس رئيساً وأصبح اليوم غولاً مع جيشٍ دعوه يوماً حماة الديار ,فإذا به ينقلب الى مخرب الديار .... ولكن مهما فعل نيرون بدمشق وبمدن وقرى سوريا من خراب ودمار فإن مصيره إلى زوال .. وتبقى دمشق بأهلها الأحرار عروساً للعواصم وشامخة الى الأبد. |