اعتدت في طفولتي اثناء مشاهدتي للتلفاز ان اغير محطاته بحثا عن اي قناة تبث الرسوم المتحركة.. كان ذلك قبل اختراع (الدش)، ومازلت اذكر يوم وقعت عيناي على قناة تابعة لجيش لبنان الجنوبي الموالي لإسرائيل اثناء احتلالها الجنوب اللبناني، ولم اتخيل يومها اني سأرى شيئا مماثلا يحدث لبلدي، لكنه حدث بوجود حفنة من بائعي شرفهم وضمائرهم ممن يعملون في قناة الجزيرة مباشر مصر، تلك القناة التي منعت من البث في مصر؛ فواصلته من الدوحة آخذة معها كل محروم من النخوة والشهامة.. والوطنية، ليخرج علينا هؤلاء ناعقين ليل نهار مطالبين بعودة رئيس عزله شعبه، متباكين على ديمقراطية لا وجود لها في الدولة التي يقيمون بها وعلى حرية الرأي والتعبير التي اتحداهم ان يطالبوا بها للشاعر القطري المحكوم بالمؤبد محمد بن راشد العجمي، لجريمة ارتكبها وهي إلقاء قصيدة مدح فيها الربيع العربي.
اتحداكم ايها المناضلون الثوريون "بحناجركم" ان تطالبوا بالحرية لهذا الشاعر المسجون بالقرب من استديوهاتكم التي تتغنون فيها بالحرية، او ان تشاركوا في اعداد فيلم وثائقي عن الستة آلاف قطري من عشيرة الغفران وهي إحدى فروع قبيلة المرة الذين نزعت منهم الجنسية القطرية في عهد الأمير السابق وذلك بسبب دعمهم لأمير قطر الأسبق الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني الذي أطيح به سنة 1995 من قبل نجله، او طرح قضية لماذا لا يوجد مجلس شعب قطري او لماذا لا يحق للمواطن القطري الترشح والتصويت في اي انتخابات أو ان تفتحوا ملف عشرات الالاف من العمال الذين يعاملون كالعبيد عندكم، طبعا لن يحدث، فربما انت نفسك ايها المذيع الثوري لا تمتلك جواز سفرك بعد ان قمت بتسليمه الى كفيلك في قطر... فهل تصدق حقا انهم يحترمونك ويدافعون عن قضيتك؟!
ان فاقد الشيء لا يعطيه، ولا يعقل ان تكرس دولة لا علاقة لها بالديمقراطية كل وسائلها الاعلامية في الدفاع عن ديمقراطية شعب اخر.. افلا تعقلون؟!
هل فكر احد منكم يا اشباه الرجال في فتح معجم لغوي او سياسي وقراءة تعريف الخيانة، طبعا لا، ولمَ يفعل؟ وبالامس القريب يطل علينا احد ابواقهم في برنامجه ليقترح علينا اعادة تعريف معنى السلمية، مشجعا اولئلك الذين يقومون بالقاء المولوتوف على سيارات الشرطة، فلا نستغرب من امثالكم اعادة تعريف الوطنية بما يُرضي من تعملون خدماً لديهم.
إن الخيانة ان تأكل وتشرب وتقيم تحت سماء دولة معادية لبلدك وتهاجم وطنك وتحرض شبابه على العنف من اجل مزيد من الدماء وارتفاع اعداد القتلى الذين تتاجر بهم في برنامجك لتحيي صمود الثوار وتطالبهم بالمزيد، ثم تنصرف الى العشاء في احد مطاعم الدوحة سعيدا هانئا منتظرا راتبك الشهري الذي تأخذه نظير قيامك بدورك في محاولة تقويض اركان الدولة ومهاجمة جيش بلادك بل والسخرية من الشعب الذي تراه ساذجا مغيبا، لكن المغيب الحقيقي هو من يصدقكم ويصدق كذبكم انتم ومن ينفق عليكم.
ان الخيانة قد وقعت منكم حتى لو توهّمتم انكم مخلصون لله والوطن، فاقترافكم للخيانة امر حدث ولا يُشترط فيه استحضار نية القيام بهذا الفعل الشائن، فأنتم خونة أدركتم أم لم تدركوا. إضافة الى انكم لستم سوى مجرد تدمى يُتلاعب بها وستُرمى قريبا في اقرب حاوية قمامة، ولكم في ما حدث مع شيخكم القرضاوي عبرة وعظة، فالرجل بمجرد ان ذكر دولة الامارات بالسوء في احدى خطبة المسمومة، ناله من الهجوم ما عجز معه عن ان يفتح فمه ويدافع عن نفسه، وذلك لأن له دورا محددا لا يجب ان يتخطاه، وكل هذا حدث لمجرد ذكْر الإمارت، فماذا كان سيحدث له لو مس دولة قطر بسوء، طبعا لا هو ولا انتم تتخيلون أنه سيفعل ذلك، ومع ذلك تستحلون توجيه السباب لخير اجناد الارض.
وأبشر اسيادكم وكفلاءكم الذين ينفقون عليكم لتستمروا في الرقص والقفز على انغام طبولهم، بأنهم سينفقونها، ثم تكون عليهم حسرة ثم يُهزمون، فمثلهم ينطبق عليه قول الشاعر:
كناطحٍ صخرة يوما ليوهِنها......فلم يضرْها؛ وأوهى قرنه الوعلُ.
أما مصر فهي سائرة في طريقها ولن يضرها نباح وعواء امثالكم.
وتبقى كلمة اخيرة اوجهها للمغرر بهم من الشباب الذين مازالوا يستمعون لهؤلاء الخونة: ان قيادات الاخوان اما في السجون بسبب ما اقترفته ايديهم واما في دول ناصبت مصر العداء، وكلا الفريقين لا امل له في النجاة الا بوقوع حرب اهلية في مصر، فلا تكن انت مطية لأهدافهم الدنيئة، ولا ازيد على ذلك، فالسعيد من وُعظ بغيره، والشقي من اتْعظ به غيرُه.