حدثت التحذيرات التالية:
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(958) : eval()'d code 24 errorHandler->error_callback
/global.php 958 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $unreadreports - Line: 25 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 25 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $board_messages - Line: 28 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 28 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined property: MyLanguage::$bottomlinks_returncontent - Line: 6 - File: global.php(1070) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(1070) : eval()'d code 6 errorHandler->error_callback
/global.php 1070 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined property: MyLanguage::$archive_pages - Line: 2 - File: printthread.php(287) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(287) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 287 eval
/printthread.php 117 printthread_multipage
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval



نادي الفكر العربي
هل تعقل الحيوانات؟ - نسخة قابلة للطباعة

+- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com)
+-- المنتدى: عـــــــــلــــــــــوم (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=6)
+--- المنتدى: عـــــــلوم (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=86)
+--- الموضوع: هل تعقل الحيوانات؟ (/showthread.php?tid=5221)

الصفحات: 1 2


هل تعقل الحيوانات؟ - طريف سردست - 05-05-2008




Rob Shumaker يصف صديقه الذي صار له معه 25 سنة وهو قرد من نوع الاورانجوتانغ Orangutang ، بأنه من الناحية العقلية بمستوى القرود الافريقية ويتفوق عليها في بعض المجالات. انه لايكتفي بتبادل الافكار من خلال الرموز على السبورة ، بل يُبدي تفهم لرغبات الاخرين ويقوم بخيارات منطقية ومُفكر بها جيدا تشير بوضوح الى ديناميكية عقلية، لايملك مثلها الشمبانزي. في الحياة البرية يملك الاورانجوتانغ مواهب وتقاليد مكتسبة وغنية: بعض الجماعات تقوم بصنع الادوات من اجل الوصول الى الحشرات في اعماق جذوع الاشجار، والبعض الاخر يستخدم اوراق الاشجار كالمظلة للحماية او كمنديل او يقوموا بطويهم ليصبحوا مخدة او لحماية ايديهم من اشواك الاشجار. في بعض المرات النادرة قاموا بطويهم وجعلهم لعبة.

[صورة: bess-kasih.jpg]

ماذا يرى الفيل عندما يرى نفسه بالمرآة؟ انه يعلم انه يرى نفسه، الامر الذي يعتبر سلوك غير عادي، نعلم بوجود مثل هذا السلوك عند الانسان والقرود والدلفين فقط. في التجربة مع المرآة، يقوم الفيل ، في البدء، بتفحص المرآة ذاتها، عندها يفهم انه ينظر الى صورته المعكوسة. يبدء بالتحرك بشكل غير عادي ويتحسس بقعة على جبهته جرى صبغها، لم يكن ليستطيع رؤيتها بدون المرآة. هذا الامر يشير بمالايقبل الشك الى إمتلاكه الوعي بالذات

الاسماك من نوع Astatotilapia burtoni, تراقب بقية الافراد، في فترة الصراع على الاناث من اجل تقدير قوة المنافس. ذكور المستوى الادنى يقومون بتبديل الوانهم الى الوان الانثى من اجل التمكن من سرقة الطعام من منطقة ذكر اخر. هذا يحدث وعمرهم لم يتجاوز الثمانية اسابيع، ودماغهم لازال بحجم حبة البازلياء، حسب تعبير Russel Fernald, الذي يبحث في تأثير العلاقات الاجتماعية المتبادلة على خلايا الدماغ لدى الاسماك.

[صورة: cichlid250107.jpg]

الخرفان قادرة على تذكر الوجوه، فالخروف الواحد يتذكر ملامح 50 خروفا اخر وحوالي عشرة اشخاص من البشر، وتبقى هذه الوجوه بذاكرته لمدة سنتين. الوجوه المعروفة لهم تهدأ اعصابهم، كما انهم قادرين على التمييز بين الفرح والغضب ويفضلون المرح. هذا مع ان الخرفان لاتعتبر من الحيوانات الذكية.

الغوريلا Kanzi اصبح مشهور في وقت مبكر. لقد كان يرافق امه البالغة من العمر 27 سنة، عندما كان العلماء يحاولون تعليمها. النتيجة ان كانزي هو الذي تعلم واصبح يفهم 300 رمز ويفهم بضعة الاف من الكلمات. لقد تمكن من بناء تعابير واستوعب قواعد جديدة وقام بصنع ادوات مساعدة ذات تكنيك مختلف إنطلاقاً من تنوع صلابة الاحجار. يقول العالم William Fields: " لو عشنا مع البوبو على مدى 15 جيل، فإن البونوبو سيصبح اقل قردية والانسان اقل انسانية".

[صورة: nr_17b07.jpg]

Irene Pepperberg, الباحثة في جامعة هارفارد، قررت ان ترى مالذي يفكر فيه الحيوان من خلال محادثته. لذلك جلبت ببغاء عمره سنة واحدة، اسمته Alex, وبدأت بتعليمه إصدار تعبيراته الصوتية باللغة الانكليزية. عندما بدأت بتجرتها مع الببغاء الذي مات وله من العمر 31 سنة، كان العلماء يعتقدون ان الحيوان ليس مؤهل للتفكير المستقل وانما افعالهم قائمة على ردود الفعل الانعكاسية المبرمجة فيهم مسبقا. اغلب مالكي الحيوانات المنزلية لن يتفقوا مع العلماء ولكن ملاحظات مالكي الحيوانات المنزلية القائمة على المشاعر لاتعتبر علم. ولكن كيف سيتمكن العالم من البرهنة على ان الحيوان قادر على التفكير، وانه قادر على امتلاك تصورات عن العالم المحيط تساعده على القيام بالخيارات الصحبحة.

بعض الخصائص تعتبر مؤشر عالي على إمتلاك الملكات الفكرية ، مثل الذاكرة الجيدة القدرة على فهم القواعد والرموز، الوعي الذاتي، فهم مبررات الاخرين، القدرة على الابداع وعلى المحاكاة. من خلال التجربة تمكن العلماء من توثيق هذه القدرات خطوة اثر خطوة عند الحيوانات، ونتائجهم التي توصلوا اليها تشكك بإعتقاداتنا السابقة عن ان القدرة على التفكير من خصائص الانسان فقط.

بعد ثلاثين سنة من بدء التجربة على الببغاء اليكس كانت الباحثة ايرينا لازالت تعلمه الانكليزية. العديد من العلماء كانوا يعتقدون بعدم جدوى هذه التجربة، والبعض كان يعتقد ان الشمبانزي افضل لاجراء التجربة. الشمبانزي والبونوبو والغوريللا تعلموا التواصل من خلال استخدام الاشارات ولوحة الرموز ، والنتائج كانت رائعة. مثلا كان القرد Kanzi, من نوع البونوبو يحمل لوحة الرموز معه من اجل التواصل مع " صديقه" الباحث، وقد توصل الى اختراع توليفات من الرموز ليعبر من خلالها عن افكاره. ولكن هذا الامر لايمكن مقارنته بحيوان قادر على النظر اليك مباشرة ليفتح فمه ويتكلم.

[صورة: Pepperberg.jpg]

ايرينا قامت بتعليم اليكس كيف يستخدم حنجرته من اجل نطق حوالي مئة كلمة انكليزية، ومن بينها مجموعة من اسماء الفواكه والخضروات. اليكس قام بخلط كلمة الفروتي مع كلمة الموز من اجل التعبير ان التعبير ان طعم التفاحة هو خليط من الاثنين. كما ان اليكس كان قادرا على الحساب حتى الرقم ستة وكان في طريقه ليتعلم الرقم سبعة وثمانية. لاحظت الباحثة كيف ان اليكس كان يردد الكلمة سبعة من اجل تعلم طريقة نطقها بشكل صحيح، حسب عادته في التعلم.. كان يفكر. من الضروري الاشارة الى انها لم تقدم له اي جائزة على محاولته للتكرار ولم تحفزه على ذلك. كان يقوم بسماع الصوت المنطوق عدة مرات قبل ان يبدء بمحاولة تقليده بصورة صحيحة. لم يكن الهدف تعليم الببغاء لغة بشرية وانما استغلال قدرته على التقليد لنتمكن من خلال ذلك بالوصول الى فهم افضل لقدراته على التعبير.

بمعنى اخر كانت ايرينا تسعى ان تسأل اليكس عن مفاهيمه الاساسية عن العالم، بإعتباره قادر على تقليد بعض الكلمات الانكليزية. على الاغلب لن تستطيع ان تسأله عن مايفكر به، ولكنها قادرة ان تستفهم منه عن قدراته في الحساب والالوان والاشكال. من اجل ان تستعرض هذا الامر على ارض الواقع اخرجت كوب اخضر ومفتاح اخضر ووضعتهم امام الببغاء، وقالت له: ماهو الشئ الذي يجمعهم؟ وبدون تردد اجاب الطائر: اللون. لتسأله من جديد: ماهو الشئ الذي يفرقهم؟ فيجيب: الشكل.

[صورة: alexparrot.jpg]

الاختبار استمر عشرين دقيقة واظهر فيها اليكس قدرته على التفريق بين الالوان والاشكال والاحجام ونوع المادة( الصوف، والمعدن، والخشب). وقد كان يعلم بوجود شجرة خارج غرفته ويعبر عن رغبته بالذهاب اليها. إضافة الى ذلك قام بحساب بعض الحسابات البسيطة مثل ان يحسب عدد الكرات الصفر من بين كرات مختلفة الالوان. وعندما تقوم الببغاءات الصغيرة الاخرى التي تتدرب معه بنطق كلمة بشكل خاطئ يقوم اليكس بالتعليق قائلا: تكلم بوضوح.



الكثير من القدرات المكتسبة والناضجة لدى اليكس، مثل قدرته على فهم معنى التعبير التجريدي " متشابه" وتعبير "مختلف" تعتبر من خصائص الحيوانات العليا. مثل القرد الانسان ( والانسان) تعيش الببغاوات حياتها الطويلة في مجتمعات معقدة. تماما كالحيوانات العليا تضطر الببغاوات الى الاخذ بالحسبان بالعديد من العوامل في علاقة ديناميكية وبيئة متغيرة.

الحيوانات تحتاج الى التمييز بين الالوان كي تتمكن من التفريق بين الفاكهة الناضجة والغير ناضجة. عليهم ان يتمكنوا من معرفة مايمكن اكله ومالايجوز اكله. إضافة الى ذلك سيكون من المناسب ان تكون لهم قدرة معقولة على الحساب لمعرفة افراد القطيع. الطيور التي تعيش فترة طويلة لايمكنها ان تفعل كل ذلك بفضل ردود الغعل الغريزية فقط، يجب ان يكون لديها قدرة على التعلم ايضا.

بالنسبة للعديد من الكائنات ستكون القدرة على فهم العالم المحيط من خلال تقسيمه الى مكونات بسيطة تجريدية مسألة تعطي افضليات هامة. هذه القدرة جزء من التطور كمحرك يقوم بدفع النظام البيلوجي الى الامام والذي اوصلنا الى الانسان الذكي.

تشارليز داروين حاول تفسير كيفية ظهور ملكة التفكير عند الانسان ولذلك وسع مفهوم التطور ليشمل دماغ الانسان: تماما كما هو الامر مع بقية اقسام فيزيلوجيتنا لابد ان تفكيرنا (او عقلنا) قد تطور عن اشكال ابسط، بإعتبار ان جميع الكائنات تقف امام تحديات اساسية واحدة. جميع الكائنات، مهما اختلف مستوى تطورها، عليها ان تجد شريك جنسي وان تبحث عن طعام، هذه المهمات تتطلب قدرة على حل معضلات وعلى وضع الامور في نظام معين. بعد ملاحظة ودراسة دودة الارض وصل الامر بتشارلز داروين الى الادعاء ان دودة الارض هي كائنات قادرة على تعلم السلوك، إذ انهم يقررون نوع الورقة التي سيقومون بإستخدامها لسد منفذ النفق بها. لقد اندهش داروين من كون اللافقريات تملك قدرة على التفكير.

حسب تقديرات تشارليز داروين، توجد العديد من مستويات الانتلجنسيا (التفكير او العقل) في عالم الحيوان. غير ان موقف داروين هذا تخلى عنه العلماء في اوائل القرن التاسع عشر، عندما اتفق الباحثين على ان استنتاجات الملاحظات الحقلية تثير الضحك، حيث جرى اعطاء الحيوان خصائص انسانية الى حد كبير. اغلب الباحثين قاموا بتبني فكرة " ردود الافعال الانعكاسية"، التي تجعل الحيوان قريبا من الماكينة، واصبحوا يركزون على التجارب المختبرية. ولكن اذا كان الحيوان كالماكينة كيف يمكن تفسير ظهور العقل لدى الانسان اذن؟ بدون نظرية داروين القائمة على آفاق التطور ليس لقدرات التعلم عند الانسان اي قيمة، من الناحية البيلوجية. ببطء عاد العلماء الى تبني نظرية التطور، والان تظهر التجارب على الحيوان ان القدرة على التعلم لها جذور عميقة وديناميكية.

لربما كانت الكلاب النموذج الافضل على كيفية تطور القدرات العقلية. اغلبية مالكي الكلاب يقومون بالتكلم مع كلابهم وينتظرون منهم ان يفهموا مايقال لهم. الكلب Border collien Rico, قدم، عام 2001 في التلفزيون الالماني، استعراضا مدهش لقدرات الكلاب. ريكو يعلم اسماء 200 لعبة وكان يتعلم بإستمرار اسماء جديدة.

الباحثين من معهد ماكس بلانك في ليبزيخ الالمانية قابلوا الكلب ريكو، وهذا الامر ادى الى تقرير علمي كشف القدرات اللغوية الهائلة للكلب: انه قادر على ان يتعلم ويتذكر الكلمات الجديدة بنفس سرعة تعلم الاطفال لها. الاطفال في عمر السنتين يتعلمون حوالي عشرة كلمات في اليوم. الاطفال لديهم إستعدادات عقلية موروثة تقوم بتوجيه هذه القدرة والتحكم بها، وتعتبر احد الاحجار الاساسية في تعلم اللغة. الباحثين يرون ان قدرات الكلب ريكو تتحكم بها الاستعدادات العقلية ذاتها التي لدى الاطفال.
[صورة: 250px-Dog_retrieving_stick.jpg]

من اجل الحصول على المزيد من النماذج المماثلة للكلب ريكو، قام العلماء بقراءة جميع الرسائل التي ارسلت اليهم من قبل المئات ممن يعتقدون ان كلابهم لديها نفس ذكاء ريكو. لقد ظهر انه يوجد فقط اثنين لديهم قدرة مماثلة، وكلاهما يعودون الى الجنس ذاته الذي ينتمي اليه ريكو Border collien. احداهم اطلق عليها اسم Betsy, وتملك مخزون من الكلمات يصل الى 300 كلمة. اختصاصية علم cognitiv psykolog Juliane Kaminski, تشير الى انه حتى القرود البشرية، التي تعتبر اقرب الاقرباء الينا، لم تكن قادرة على ماتقدر عليه بيتسي. الكلبة تستطيع سماع كلمة جديدة وتعلم ان هذا الصوت له معنى خاص به.

تضيف العالمة ان " قدرة الكلاب على فهم طرق تواصل البشر هي مسألة حديثة"، " لقد تطورت بسبب طول الفترة التي قضوها الى جانب الانسان". وبالرغم من ان جوليان كامينسكي لم تختبر قدرات الذئاب الا انها تشك بأن تكون لديهم القدرات نفسها. الباحثين يعتبرون ان الكلاب جرى تدجينها قبل 15 الف سنة، وهي فترة قصيرة نسبيا لتطوير معارف لغوية. الى اي درجة تتشابه معارفهم اللغوية مع معارف الانسان؟ عندما نفكر بشكل تجريدي نستخدم الرموز ونسمح له بالحلول مكان شئ اخر. الباحثين قاموا بتجربة لمعرفة فيما اذا كانت الكلاب قادرة على الشئ نفسه.

الكلبة بيتسي كانت مستلقية امام صاحبتها عندما قدمت الباحثة جوليانا مجموعة صور ملونة الصاحبة وطلبت منها ان تختار واحدة. جميع الصور كانت لالعاب خاصة للكلاب والتي لم يحدث ان رأتها بيتسي سابقاً. هل ستستطيع بيتسي ان تربط بين الصورة الثنائية الابعاد مع اللعبة الثلاثية الابعاد؟ صاحبة الكلب اخذت احدى الصور وطلبت من الكلبة ان تجدها. الكلبة انطلقت الى المطبخ واحضرت اللعبة بالذات.

بالرغم ذلك فإن الباحثة جوليان ليست واثقة فيما إذا كان بقية العلماء سيقبلون استنتاجاتها، لكون القدرات التجريدية للكلبة، مهما كان تأثيرهم قليل، لربما يقتربون من طريقة البشر بالتفكير.

في نفس الوقت لازلنا نحن البشر العرق الاكثر ابداعا. غير ان الباحثين يشيرون الى ان الابداع ، مثله مثل اي نوع اخر من النشاط العقلي، لم ياتي من اللاشئ، لقد تطور ببطء وتراكم.

الناس تندهش لمعرفتها ان الشمبانزي قادرة على انتاج الادوات. مثل هذا السلوك ليس قاصرا على الحيوان فقط بل نراه عند بعض انواع الطيور ايضا، بالرغم من ان تاريخ التطور لديهم مختلف للغاية عن تاريخنا. الجد الاخير الذي كان يربطنا بالطيور هو من السحالي وذلك قبل 300 مليون سنة. هذا الامر يعني ان التطور توصل الى اكثر من عقل متطور واحد، وبالتالي فالذكاء ليس حصرا على الحيوان فقط، حسب العالم اليكس كاسيلنيك Alex Kacelnik المختص في بيلوجيا السلوك.

اليكس كاسيلنيك وزملاؤه قاموا بدراسة احد ممثلي هذه الانواع الذكية وهو الطائر (صارخ الاحراش) وهو نوع من انواع الغربان، الذي يستخدم الكثير من الادوات. انهم يقومون بصنع سهم من الاعواد لغرزها في القمة من شجر النخيل حيث تختبئ الديدان والحشرات الاكثر دسماً. ومن حيث ان هذا الطير يستخدم الادوات تماما كالشمبانزي ، يمكن للمختصين البحث عن نقاط التشابه في مسيرة تطورهم التي حفزت هندسة هذا التطابق في دماغهم. لابد ان هناك شئ ما في بيئة هذه الانواع كان الاساس لنمو القدرة على صناعة الادوات. السؤال الذي يطرح نفسه هو فيما إذا كانت قدرتهم على صناعة الادوات محدودة ام انهم قادرين على الابتكار؟ هل يملكون مايسمى " الليونة العقلية"؟ على الاقل نعام ان الشمبانزي يملك هذه الليونة العقلية.
[صورة: cuervo_saca_cesta_comida_tubo_mediante_alambre.jpg]

في الطبيعة يستخدم الشمبانزي قياسات متعددة من العيدان تصل الى السبعة من اجل استخراج العسل من الخلية. في القفص يستطيعون استنتاج كيف عليهم وضع الصناديق فوق بعضها للوصول الى الموزة المعلقة بحبل. ليس من السهل معرفة فيما اذا كان الطائر " صارخ الاحراش" يملك ليونة عقلية، لكون الطيور سريعة الخوف للغاية. حتى بعد سنوات من ملاحظتهم في بيئتهم الطبيعية لم يتمكن العلماء من الحسم فيما إذا كانت قدراتهم على استخدام الادوات وراثية او مكتسبة تعلموها من الاخرين. وإذا كانت وراثية، فهل لديهم القدرة على استخدامها في مجالات إبداعية اخرى، مثل الشمبانزي؟

من اجل معرفة هذا الامر قام Alex Kacelnik بعزل اربعة افراخ من الطيور منذ لحظة خروجهم من البيضة، بحيث انهم لن يتعلموا اي شئ من الطيور الكبيرة. بوقت قصير بعد ان طاروا وجدوا اعواد او ماشابه ، استخدموها لالتقاط الحشرات من ثقوب الشجر. الان نعلم ان استخدام الادوات هي قدرة موروثة. الاختبارات اظهرت ان هذه الطيور لها قدرات ابداعية اخرى. في تجربة مختبرية تمكن الطائر من لوي طرفي شريط معدني ليصبح مناسبا لرفع وعاء فيه لحم من بطن ماسورة زجاجية، بما فيه تقدير الطول االمناسب، بالرغم من انها المرة الاولى التي يرى الطائر فيها شريطاً معدنياً. الطائر جرى عليه العديد من التجارب الاخرى الاكثر تعقيدا وتمكن من حل جميع المعضلات. هذا الامر يعني انه يملك تصور عما يريد فعله، وهو نموذج عن الابداعات التعليمية.

الانسان ليس الكائن الوحيد القادر على التخطيط وايجاد مخرج من معضلة، او حتى الوحيد القادر على الكذب. سلوك الاحتيال يحتاج تفكير معقد، بسبب ان المرء يحتاج الى قدرة على فهم وتقدير ومعالجة فرد اخر وتوقع تصرفاته. هذه القدرة نتقاسمها مع الشمبانزي والاورانجتونغ والغوريللا والبونوبو. الباحثين لاحظوا ان القرود في الطبيعة تقوم بإخفاء الطعام خلف ظهرها حتى لايراها القرد الطاغي.

الطيور ايضا يمكنها ممارسة الحيلة. التجارب المختبرية اظهرت ان طائر " صارخ الاحراش" يقوم بتوقع غايات الاخرين ويعالج الامور قبل وقوعها. مثلا الطائر الذي يقوم بسرقة الطعام من مخابئ الاخرين، ويرغب بإخفاء الطعام لنفسه، يرى ان وجود طائر اخر اثناء عملية الاخفاء خطر ان يقوم بسرقته، لهذا السبب ينتظر الى يغادر الطائر الاخر فيقوم بتغيير مكان إخفاء الطعام. هذا الحدث يعتبر حتى الان افضل برهان على قدرة الطيور على الاستنتاج من تجاربها الشخصية.

تجريبيا تمكن العلماء من إثبات ان البيئة التي تقدم القلق والتوتر (مثلا الحاجة الى اخفاء الطعام او تخزينه للشتاء) تحفز تطور القدرات العقلية. الباحث Nicky Claytons, برهن ان بعض الطيور لها قدرة اخرى، كانت تعتبر في السابق خاصة بالانسان وهي القدرة على تذكر حادث خاص بذاته، إذ يبدو ان الطيور تعلم كم مضى من الوقت على تخزين الطعام وفيما إذا كان قد آن الاوان لاخراجه قبل ان يتعفن.

علماء النفس العاملين في حقل السلوك يسمون هذا النوع من الذاكرة episodiskt; ويشيرون الى انها موجودة لدى الانواع القادرة على العودة بذاكرتها الى الماضي. وبالرغم هذه التجارب لازال البعض يرفض الاعتراف بإمتلاك الطيور لهذه القدرة. تقول العالمة Sara Shettleworth, " الحيوان لاينتقل عقليا بين الماضي والحاضر". انهم لايستطيعون التفريق بين الحاضر والماضي والمستقبل بنفس طريقة الانسان.

في نهاية الستينات من القرن الماضي بدأ الباحث Louis Herman, بالتحقق من القدرات التعليمية عند احد انواع الدلفين. تماما كالانسان يعيش الدلفين حياة اجتماعية جماعية وينتشر وجوده من اقصى القطب الى المنطقة الاستوائية. الدلافين تستخدم الصوت كثيرا ولديها حواس خاصة ومتميزة مثلا حاسة تحديد المواقع.

من اجل التواصل مع دلافين التجربة قام لويس هيرمان بإبتداع لغة إشارات، تستخدم فيها الايدي والاذرع، و لها قواعد بسيطة. عندما تكون اليد مضمومة وتحرك كما لو كان الشخص يحلب البقرة تعني " حلقة"، وكلا الذراعين على الراس تعني " كرة". حركة الايدي كأشارة " تعال الى هنا" بيد واحدة تعني " إجلب". كجواب على إيعاز "كرة، حلقة، إجلب"، قام الدلفين بدفع الكرة الى الحلقة. وإذا اصبح الايعاز "حلقة، كرة، إجلب"، يقوم الدلفين بجلب الحلقة الى الكرة. مع الوقت اصبح الدلافين يفهمون تعابير اكثر تعقيدا واظهروا فهم افضل للبناء القواعدي.

تواصل الدلافين مبني على الصوت. التجربة اثبتت انهم قادرين على تقليد اي صوت. هذه المقدرة لها ، على مايبدو، علاقة بحاجاتهم الخاصة للتواصل. يشير لويس هيرمان الى انه لايقول بأن الدلافين تملك لغة، ولكن لها ادمغة تملك طاقة كافية لفهم قواعد جديدة، التي نقدمها لها من خلال تعليمها لغة مكتسبة. الدلافين قادرة ايضا على التقليد. إذا قام احد المدربين بالانحناء الى الخلف وبرفع احد اقدامه، يستلقي الدلفين على ظهره ويرفع احد زعانفه. في السابق كان المرء يعتقد ان التقليد هو مقدرة بسيطة للغاية، ولكن في السنوات الاخيرة اكتشف علماء السلوك ان التقليد امر صعب للغاية ويحتاج الى ان المُقلد قادر على خلق صورة ذهنية لجسم الشخص الاخر وحركاته وبعد ذلك نقلها الى اجزاء جسمه المماثلة، وهذا الامر يتطلب " وعي بالذات". .

في الطبيعة يحتاج الدلافين غالبا الى جعل حركاتهم متطابقة مع بعض، مثلا عندما يقفزون ويغطسون قرب بعضهم البعض، ولكن العلماء لازالوا يجهلون الاشارات التي يتبادلوها لتنظيم انسجام الحركات وتطابقها بدقة. لويس هيرمان يريد ان يجرب الوصول الى الاشارات التي تستخدمها الدلافين بين بعضها البعض. لقد طلب من دلفينين ان يجدوا لعبة يلعبونها مع بعض. كلا الدلفينين سبحوا مبتعدين عن طرف الحوض وبدؤا بالدوران في قاع الحوص لمدة عشرة ثوان ثم قفزوا الى الهواء وداروا حول نفسهم في الوقت الذي كانوا يقذفون فيه الماء من فمهم، وكل ذلك جرى بتناسق مدهش. وقد علق الباحث انهم لم يقوموا بتدريبهم على مثل هذا العمل، وانهم لايعرفون على الاطلاق كيف تمكنوا من تنسيق الامر بين بعضهم.

النتائج تشير الى ان التطور يعطي الافضلية للكائنات العاقلة، لكون الحيوانات العليا والدلافين قاموا بتطوير قدرات عقلية بمعزل عن بعضهم البعض (بيلوجيا). نحن لانملك شئ مشترك من الناحية البيلوجية والبيئية ولكن نتشابه بالحياة الاجتماعية الجماعية، طول العمر والحاجة الى بناء علاقات اجتماعية كنتيجة لحاجة الصغار الى الاقامة فترة طويلة لدى امهاتهم، يمكن الاشارة اليهم كعوامل اكثر احتمالا لاسباب الدوافع المشتركة لنشوء العقل.



المقال مترجم من قبل محمود العودة عن مجلة:
ناشيونال جيوغرافي، الاصدار السويدي، العدد 3، 2008، الصفحة: 43-61