حدثت التحذيرات التالية: | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
الرئيس الأجرب وملوك الخيبة - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3) +--- المنتدى: فكـــر حــــر (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=57) +--- الموضوع: الرئيس الأجرب وملوك الخيبة (/showthread.php?tid=5276) |
الرئيس الأجرب وملوك الخيبة - عزالدين بن حسين القوطالي - 04-30-2008 الرئيس الأجرب وملوك الخيبة عبد الحليم قنديل كاتب من مصر بدت المفارقة ظاهرة، لكنها الخيبة التي تجمع الرئيس الأجرب مع ملوك الكوتشينة ! في قصور الخليج، بدت شعبية بوش طاغية، وبدت السيدة رايس ـ وزيرة خارجية بوش ـ كأنها تجمع عبيدها إلي مائدة، وبدا أمرها نافذا فيهم بغير تعقيب ولا تثريب، أمرتهم بالذهاب للعراق، وفتح السفارات في المنطقة الخضراء، والتنازل عن الديون والتعويضات، وليس لأجل ضمان عروبة العراق، فوزير خارجية العراق ـ الذي صاحب رايس ـ كردي انفصالي وليس عربيا، وليس لأجل دعم الشعب العراقي، بل لدعم حكومة المالكي في الحرب ضد المقاومة الصدرية بعد البعثية والإسلامية، وعلي ظن أن ذلك قد يحاصر النفوذ الإيراني، وكأن النفوذ الإيراني مجرد سفارة في بغداد قد يحاصرها وجود سفارات عربية! وبدا انصياع عواصم الخليج ـ ومعها القاهرة وعمان ـ ليس عن مظنة اقتناع، بل تنفيذا لأوامر بوش التي لا راد لها، ولا عاصم من شقائها... وفي واشنطن، بدت الصورة مقلوبة، بدا الآمر هنا مهانا هناك، بدت خيبة بوش أكبر من خيبة قبيلته من الحكام العرب، بدا بوش ضحية لفشله في العراق بالذات، فقد نشرت صحيفة الواشنطن بوست مقالا لكاتب العمود الشهير دان فرومكين، كان العنوان: بوش هو الرئيس الأكثر فشلا في التاريخ الأمريكي، وبأرقام الاستطلاعات الأحدث كان المغزي ظاهرا، ففي آخر استطلاع لمعهد غالوب، تراجعت نسبة الموافقين علي أداء بوش الرئاسي إلي 28%، بينما كانت النسبة ذاتها 90% عقب حوادث وعواصف ايلول (سبتمبر) 2001، ووصلت نسبة المعترضين بشدة علي أداء بوش إلي 69%، 6% بسبب تراجع الاقتصاد، و 63 % بسبب الفشل المريع في العراق، وفي استطلاعات رأي أخري ـ كما يقول فرومكين ـ فإن أربعة أخماس الأمريكيين يريدون الخروج من العراق. ولم يسبق لرئيس أمريكي أن انتهي إلي هذه الخيبة، فحين استقال الرئيس الأمريكي الأسبق نيكسون، وأرغم علي الخروج من البيت الأبيض، وكان من حزب بوش الجمهوري نفسه، كانت نسبة المعترضين علي أدائه الرئاسي بعد فضيحة ووترغيت 48% لا أكثر، وكانت نسبة المعترضين علي الأداء الرئاسي لهاري ترومان ـ سنة 1952 ـ 67%، وليس 69% كما هي حال بوش الآن، وكان تدني نسبة التأييد لترومان عائدا إلي الفشل في الحرب الكورية وقتها، تماما كما أن انحطاط نسبة التأييد لبوش عائد ـ بالأساس ـ للفشل الأمريكي في الحرب العراقية، أي أن بوش يبدو في بلاده الآن ليس كبطة عرجاء بل كرئيس أجرب، والسبب ـ بالذات ـ تضخم فاتورة الدم والمال التي يدفعها الأمريكيون في العراق، ودون التقدم إلي إنجاز واضح في هدف السيطرة علي احتياطي البترول العراقي، أي أن المنفعة غائبة والضرر ظاهر ومتفاقم، والمنفعة والضرر والحساب البراغماتي هي المعاني التي يفهمها الأمريكيون دون سواها، فلا أحد في التفكير الغربي السائد يعرف الموقف الصحيح بصحته الأخلاقية أو القانونية أو المبدئية، ولا يعرف الخطأ بالمعايير العكسية المجردة، بل الصحة ـ دائما ـ مرتبطة بالنفع المباشر، والخطأ مقرون بالدم النازف والمال الضائع، وهذا هو السبب الجوهري في تحول ميزان الرأي العام الأمريكي ضد بوش، وليس لنوبة كرم وأخلاق مفاجئة، فقد كان يؤيده بحماس حين بدا بوش في صورة رامبو بعد حوادث ايلول (سبتمبر)، وحين انتهي إلي المذلة في العراق تفرق عنه تأييد الرأي العام، وربما تروق لبوش ـ في محنته ـ فكرة الهروب إلي الأمام، وتوجيه ضربات جوية مكثفة ضد إيران، لكن الضربة ـ مهما بلغت ضراوتها ـ ليس متوقعا لها أن تسقط النظام الإيراني، وهو ما يعني أن خطر إيران في العراق سوف يظل واردا، وربما بمعدلات أكبر، وعلي سبيل تصفية الحساب مع أمريكا، وبدوافع انتقام تتوافر وسائلها وقواتها... وربما كانت هذه الصورة لمأزق بوش هي التي تدفعه لطلب نجدة من قبيلته العربية الحاكمة، وهو استطراد في الخطأ إلي حد العمي، فملوك ورؤساء وأمراء حلف رايس ـ من القاهرة للبحرين ـ هم الذرية الضعاف في القصة كلها، وخسروا الرهان علي قوة رامبو الأمريكي الذي انتهي لمأزق لا فكاك منه في العراق، فقد بنوا حساباتهم كلها علي غرض البقاء لا غير، وبأي ثمن يسفح من كرامة أوطانهم أو من ثرواتها، ولم يروا غضاضة في الإطاحة برأس صدام حسين مقابل أن تبقي رؤوسهم، ونفذوا بالحرف أوامر السيد الأمريكي في دعم المجهود الحربي، وبقواعد وتسهيلات وأجواء مفتوحة وحشود وجسر ممتد من بورسعيد علي البحر الأبيض إلي الكويت عند رأس الخليج، وقبل الإثم العسكري كان الانحطاط قد جري في السياسة، وفي رهن الإرادة في حساب بنك السياسة الأمريكية، فلم يكن ممكنا أن تفتح الطريق لغزو بغداد عسكريا، الي أن سقطت القاهرة سياسيا قبلها بربع قرن، لكن الذي لم يتوقعه أحد حدث، نعم نجحت أمريكا في غزو العراق كما كان متوقعا، وفي إسقاط صدام حسين فاعتقاله ثم إعدامه فيما بعد، وجري تفكيك الدولة العراقية، بدا أن دولة العراق لقيت حتفها، لكن أمريكا أيضا ـ في ما لم يكن متوقعا ـ لقيت حتفها هناك، وربما المفارقة ـ الآن ـ أن العراق بوسعه استعادة الدولة، لكن أمريكا لم يعد بوسعها استعادة حلم النصر الذي تعجل بوش بإعلانه، ثم بدا أن حسابه طويل وبلا نهاية في بيئة عراقية لديها من شراسة المقاومة ما يكفي لهزيمة ألف بوش... بدت قبيلة بوش من الحكام العرب في ذيل قوائم الحساب، فقد أدوا أدوارهم المقررة في دعم المجهود الحربي الأمريكي، ثم تركوا العراق لواشنطن تفعل به ما تشاء، ثم لا شيء آخر، وكأن العراق ـ بعد الغزو ـ سقط من خرائط الجغرافيا والتاريخ العربي، أو كأنه حقل تجارب مخصوص لأمريكا، لكن الأخيرة بدت عاجزة، وبدت إعلانات بوش مثيرة للسخرية، وبدت ثقته في حكومات الدمي ـ من علاوي للجعفري إلي المالكي ـ في غير محل، فهؤلاء بلا قيمة إلا بقدر ما للسيطرة الأمريكية بالسلاح، وهم جاءوا ـ في أغلبهم ـ علي ظهر دبابة أو بمعية طائرة عسكرية أمريكية، والانتخابات التي جرت كأنها لعبة أشباح، وتفكيك العراق ـ الذي أرادته واشنطن ـ فيه من الخطر ما هو أكثر من دواعي السلامة للأمريكيين، فقد يبدو العراق ـ لأول وهلة كيانا مغريا بسهولة التفكيك، فهو أقرب إلي ـ والتشبيه لنا ـ بواقي فساتين تاريخية، الفستان الشيعي ممتد من مركزه الأكثف في إيران إلي جنوب العراق ووسطه، والفستان السني ممتد من مركزه في السعودية وسورية والأردن إلي وسط وغرب العراق، والفستان الكردي ممتد من مركزه في تركيا إلي رأس العراق، ويبدو العراق ـ علي هذه الصورة ـ كأنه حقل دم، أو كأنه خط الصدام المباشر لجماعات محملة بأحقاد التاريخ وثاراته وأساطيره كلها، لكن هذه الصورة المغرية بالتفكيك وسهولته لا تبدو ملخصة تماما لأحوال العراق، هذه الصورة مجرد مشهد جانبي للعراق، وعلي ما يبدو فيها من إغراءات التصديق، فإن المشهد في القلب ـ وبالتفاصيل ـ يوحي بالعكس، ففي الوسط الكردي نفسه تبدو النزعة العروبية ظاهرة بثقافة الإسلام ولغته الجامعة، وفي التكوين العراقي عروبة سلالية غالبة بنسبة 80% علي الأقل، وعشائر عربية جامعة في الجنوب والوسط والغرب والشمال إلي كركوك، وهو ما يجعل الاصطفاف الطائفي الذي أرادته أمريكا ـ في أوساط عرب العراق ـ علي درجة من هشاشة الاصطناع لا ثبات الأصالة، ومحصور في تكوين حكومات الدمي الطائفية بأكثر منه عند قواعد الامتزاج السكاني، ورغم محاولات تعميق الشرخ، وبعمليات تفجير مشبوهة كما جري في مرقد الإمامين العسكريين بسامراء، واستثارة ما يشبه حرب أهلية انتهت مشاهدها إلي فرز سكاني مؤسف، لكن عناصر التجاذب بدت صامدة وقادرة علي الحد من أثر صناعة التنافر، وبدا النسيج العراقي الضام قابلا للالتئام. وربما تلخص سيرة المقاومة العراقية القصة كلها، فقد ظهرت المقاومة في البداية كأنها سنية الطابع، وبدواعي استعادة العرش الضائع، ثم بدا للمراقب عن كثب، أن المقاومة تستقطب عطف الأكراد علي الطريقة النقشبندية، فيما بدا تيار المقاومة الصدرية عروبيا بامتياز، ومستقطبا لغالب الولاء الشعبي في أوساط الشيعة، أي أن المقاومة تميل أكثر فأكثر لأن تكون بحجم العراق، ورغم عوائق متصله بثارات موروثة من زمن صدام حسين، فإن عناصر التجاذب تبدو علي حيوية أكبر من عناصر التنافر، وتبدو استعادة العروبة الموحدة للكيان العراقي ممكنة أكثر علي أساس وحدة المقاومة للأمريكيين، وبانتظار قوة صهر قادرة علي بناء العراق العربي المقاوم لا عراق الوصاية الأمريكية... وطبيعي، أن أمريكا لا تريد عراقا عربيا بالمعني المقاوم، لا تريد لقاء ولا تقارب الصدريين مع البعثيين والإسلاميين المقاومين، وتخوض حربا ضد الكل وبغير أمل في النصر، وتعلق هزائمها علي مشجب النفوذ الإيراني، ويستنجد رئيسها بوش بقبيلته العربية التي تطيعه طاعة العبد للرب، وليس واردا بالطبع أن تسدي نجدة ملوك الخيبة نفعا لبوش، فكلاهما ضحية لانتصار المقاومة، والفارق مهول بين العرب بالاسم والعرب بالمقاومة... |