حدثت التحذيرات التالية:
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(958) : eval()'d code 24 errorHandler->error_callback
/global.php 958 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $unreadreports - Line: 25 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 25 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $board_messages - Line: 28 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 28 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined property: MyLanguage::$bottomlinks_returncontent - Line: 6 - File: global.php(1070) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(1070) : eval()'d code 6 errorHandler->error_callback
/global.php 1070 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval



نادي الفكر العربي
أولبرايت تكتب «مذكرة الى الرئيس المنتخب».. اليابان وجهتك الأولى في شرق آسيا - نسخة قابلة للطباعة

+- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com)
+-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3)
+--- المنتدى: حول الحدث (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=64)
+--- الموضوع: أولبرايت تكتب «مذكرة الى الرئيس المنتخب».. اليابان وجهتك الأولى في شرق آسيا (/showthread.php?tid=5631)



أولبرايت تكتب «مذكرة الى الرئيس المنتخب».. اليابان وجهتك الأولى في شرق آسيا - بسام الخوري - 04-09-2008

أولبرايت تكتب «مذكرة الى الرئيس المنتخب» لاستعادة رأس المال السياسي الأميركي المبدد (2 من 5) ... اليابان وجهتك الأولى في شرق آسيا والصين ستشيخ قبل أن تُصبح ثرية
الحياة - 09/04/08//


مادلين أولبرايت وكيم يونغ ايل
تنصح وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت في «مذكرتها» الرئيس الأميركي الذي سينتخب أواخر السنة بألاّ ينسى أن اليابان هي الحليف الأول لبلاده في شرق آسيا. وتقول له: «عندما تزور شرق آسيا من المرجح أن ترِد الصين في ذهنك في المقام الأول، لكن طوكيو يجب أن تكون وجهتك الأولى، فالحليف الموالي يستحق الأولوية».

تحاول أولبرايت في هذا الفصل من كتابها، أن تعيد الاعتبار الى سياسة أميركية بدأت هي وضع ملامحها في عهد الرئيس بيل كلينتون، وشهدت الانقلاب عليها في عهد بوش الذي «رفض - في موضوع كوريا الشمالية – أن يفعل ما فعله، لا لسبب إلا لأن كلينتون فعله».

وإذ تنصح بالسعي الى كوريا شمالية «لا تهددنا أو تهدد جيرانها» ترى أن «الصين ستشيخ قبل أن تصبح ثرية (...) وعندما تجلس مع هوجين تاو (الرئيس الصيني) ستجده مُصراً على سماع تطميناتك في شأن تايوان، وإذا لم تقدم له ذلك ستصبح المسائل الأخرى ثانوية».

في ما يأتي حلقة ثانية مختارة من «مذكرة» أولبرايت:

تمتلك أوروبا حلف شمال الأطلسي، ويمتلك نصف الكرة الغربي منظمة الدول الأميركية، غير أنّ البلدان الرائدة في شرق آسيا لم تتجمّع معاً بالطريقة ذاتها. فالنزاعات السابقة لا تزال تلازم هذه البلدان، ما يتركها من دون رؤية مشتركة للمستقبل، ويعقّد علاقاتنا مع المنطقة. عليك التقدّم بعناية إذ تكون الحساسيات شديدة دائماً حيث يتنافس التقليد والحداثة. فلأميركا مصلحة في تأمين موقعها كقوة في المحيط الهادئ، وفي ما يمكن أن يدعى القرن الآسيوي. غير أنّ الطريق إلى النجاح لا يمرّ عبر محاولة إصدار الأوامر - وهو ما سيفشل بالتأكيد - بل بالعمل كنوع من الحَكَم الودّي. ومن مزايا مثل هذه السياسة أنّها تضعنا في موقع مراقبة جميع الفاعلين عن كثب.

عندما تزور شرق آسيا، يرجّح أن ترد الصين في ذهنك في المقام الأول، غير أنّ طوكيو يجب أن تكون وجهتك الأولى. فالحليف الموالي يستحقّ الأولوية(...)

في السنوات الاثنتي عشرة التي سبقت عام 2001، توالى عشرة رؤساء حكومات على حكم اليابان، ثم جاء جونيشيرو كويزومي إلى السلطة. وفي حين أطلق على أحد أسلافه لقب «البيتزا الباردة»، فإنّه كان مليئاً بالحيوية وذا أفكار غير تقليدية (وشعر رائع). فأدخل النشاط على اقتصاد ساكن، بقلب سياسات حزبه والتحدّث صراحة عن الحاجة إلى الإصلاحات وصعوبة التكيّف معها. كان كويزومي بليغاً وعصرياً، خلافاً للسياسيين اليابانيين الذين يثيرون الملل، على رغم ثقافتهم، إلى حدّ أنّ أحد الديبلوماسيين الأميركيين شكا من أنّه لا يستطيع البقاء يقظاً أثناء موائد العشاء إلاّ بالجلوس على شوكته.


جونيشيرو كويزومي (أ ب)
كانت خصوصية كويزومي الفردية شهيرة في اليابان ولكن ليس بالمقدار ذاته لدى الآسيويين الآخرين. وعندما انتهت ولاية رئيس الوزراء التي استمرّت خمس سنوات، لم يكن الصينيون ولا الكوريون الجنوبيون على علاقات ودية جداً معه(...)

حاول آبي شينزو، خليفة كويزومي، إصلاح العلاقات بتبادل الزيارات مع قادة بكين وسيول. ثم أثار الغضب بالمعاندة في إنكار الأدلّة على إكراه الآسيويات على تقديم خدمات جنسية للجنود اليابانيين في أثناء الحرب. وأثار آبي أيضاً الشكوك في نواياه عندما وقّع اتفاقاً أمنياً مع أستراليا، ورفع مكانة هيئة الدفاع في بلده، وتحدّث بإيجابية عن إعادة كتابة «الدستور السلمي» لليابان بعد الحرب، لتقليل القيود على العسكريين. وفي عهد كويزومي، خطت اليابان نحو موقف عسكري أشدّ متانة بالمشاركة في الدفاع الصاروخي عن ميدان القتال، ونشر مدمّرات عالية التقنية في المحيط الهندي، وإرسال قوات غير مقاتلة إلى العراق، والموافقة على إنشاء قيادة مشتركة مع الولايات المتحدة في قاعدة يوكوتا الجوية.

من الأسئلة المطروحة عليك: هل تشجّع اليابان على أن تصبح شريكاً عسكرياً أكثر قدرة وظهوراً؟ شرح مخطّطونا الدفاعيون ان اليابان تمتلك المهارة كي تصبح حليفاً قوياً في الحفاظ على الاستقرار في شرق آسيا. ويضغط اليابانيون، أو بعضهم على الأقل، للتحرّر من قيود ما بعد الحرب. وأجبر جدّ شينزو، وكان رئيساً للوزراء أيضاً، على الاستقالة لأنّه اقترح أن تصبح اليابان شريكاً أمنياً كاملاً للولايات المتحدة.

لماذا يجب ألاّ نؤيد فكرة الدستور الجديد، وألاّ نرحّب بتطوير قوة عسكرية حديثة لليابان؟

ثمة أسباب عديدة. فنادراً ما ناقش أحد، حتى الصينيون، الوجود العسكري الأميركي في المحيط الهادئ. ويرجع ذلك إلى أنّ الفضل في كبح اليابان يعود إلى قواتنا، على رغم وجودها في آسيا لحماية اليابان. ومن المرجّح أن يشجع رفع القيود عن الجيش في ذلك البلد، الصين على البناء السريع لقوتها العسكرية، ويدفع الكوريتين إلى علاقة أوثق مع بكين. كما أنّنا لا يمكن أن نفترض أنّ الجيش الياباني المستقلّ سيكون متجاوباً دائماً مع المصالح الأميركية. إذ كانت النقطة الرئيسة لتسويق وضع دستور جديد تستند إلى الوطنية أكثر من استنادها إلى التحالف، فالدستور الجديد (لليابان) كما أكّد سيحلّ محلّ الدستور الذي فرضه الاحتلال الأميركي على البلاد.


آبي شينزو
إنّ رغبة آبي في أن تصبح اليابان أكثر حزماً على الصعيد الدولي تتوافق مع ضحالة مهاراته السياسية في الداخل. وفي أيلول (سبتمبر) 2007، أجبر على الاستقالة بسبب عجز حكومته وهزيمة حزبه الكارثية في انتخابات منتصف المدّة. لذا عندما تصل إلى اليابان، سيستقبلك ياسو فوكودا، وهو قائد ياباني من الطراز القديم، ذو صلة قوية بالسياسة ونهج أكثر احتراماً للصين. ثمة توقّع على نطاق واسع بأن ترتدّ اليابان في حقبة ما بعد كويزومي إلى عاداتها في حقبة ما قبل كويزومي، ما يعني تعاقب القادة الذين يرضون رغبات الفئات النافذة بدلاً من التعامل مع المشاكل الاقتصادية الهيكلية. مع ذلك يمكنك أن تتوقّع ترحيباً حاراً في اليابان، ومحادثات شديدة التنوّع مع رئيس الوزراء وقادة كبار على درجة عالية من الذكاء. احرص على رسم ابتسامة على وجهك عندما تصل، واحمل هدية في يدك، وشوكة في جيبك.

لم تنتهِ الحرب الباردة بعد في شبه الجزيرة الكورية. فمركز القتال والشريط الشائك ما زالا يفصلان بين الشمال والجنوب، على طول خط العرض الثامن والثلاثين. إنّنا نودّ أن تتحوّل كوريا الشمالية - اسمها الرسمي جمهورية كوريا الشعبية الديموقراطية - إلى عضو بنّاء في مجموعة آسيا والمحيط الهادئ، لكنّنا نفتقر القدرة على فرض تلك النتيجة، في غياب المخاطرة بسفك دماء غزيرة. وهكذا، على صانعي السياسة في واشنطن وسيول التمسّك بمهمّة السياسة الخارجية الكلاسيكية الصعبة التي تقضي بالتوفيق بين الأهداف والقدرات. وأفضل ما يمكننا أن نأمل به في المستقبل القريب، هو كوريا شمالية لا تهدّدنا أو تهدّد جيرانها. وذلك يجب أن يكون هدفك الرئيسي.

منذ البداية، يحمل التحالف بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية زواجاً قائماً على المصلحة أكثر من العواطف. فالموقف الأميركي التقليدي هو أنّ كوريا الجنوبية يجب أن تكون ممتنّة لنا لإنقاذها من الشمال. بعضهم ممتنّون. يتذكّر بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، أنّ الجنود الأميركيين أعطوه بسكويتاً وشوكولا وعلكة، ويضيف أنّ «أميركا كانت تقدّم لنا كل ملابسنا». وقتل أكثر من ستة وثلاثين ألف عسكري وعسكرية أثناء الحرب الكورية، ونُشر عشرات الآلاف هناك منذ ذلك الوقت، ساعين الى تجنّب النزاع(...)

يفخر الكوريون الجنوبيون اليوم بأنّهم بنوا الاقتصاد الحادي عشر في العالم وينوون التوقّف هناك، وهم عازمون على تأكيد هوية قومية منفصلة عن الولايات المتحدة والبلدان الآسيوية. وهم لا يزالون يقدّرون تحالفهم مع واشنطن لكنّهم لا يرغبون في أن يخضعوا للرعاية. في السنوات الأولى من عهد بوش خصوصاً، أثارت الخلافات على التكتيكات في التعامل مع الشمال مشاعر معادية لأميركا، حيث خلص كثيرون في الجنوب إلى أنّ الولايات المتحدة أشدّ خطراً على السلام من بيونغيانغ. وهكذا فإنّ الرئيس رو مو هيون اعتبر أنّ من المفيد في حملته الانتخابية عام 2002 القول أنّه لم يزر الولايات المتحدة قطّ، وقال: «ليست لديّ أي مشاعر معادية لأميركا، لكنّني لن أخضع للأميركيين»(...).

الرؤية الرسمية في الجنوب هي أنّ الشمال سيبقى خطراً على الأرجح إذا شعر بأنّه مهدّد، والمرجّح أن يصبح بلداً أكثر التزاماً بالقانون إذا عومل على أنّه كذلك. وهكذا انتهج الجنوب، في العقد الماضي ما يدعوه «سياسة الشمس المشرقة» تجاه الشمال التي تميّزت بالمشاريع الصناعية التعاونية والسياحية، ولمّ شمل الأسر والشراكات الأولمبية، وتميزت أيضاً باجتماعي قمة ودّيين.

رحّبت إدارة كلينتون بـ «سياسة الشمس المشرقة» لأنّنا نؤمن أيضاً بأنّه يجب التعامل مع بيونغيانغ، إذ إنّ كيم يونغ إيل ليس على وشك التقاعد أو الاختفاء. وفي عهد كلينتون، أقنعنا كوريا الجنوبية بتجميد برنامج أسلحتها النووية وتعليق تجاربها على الصواريخ البعيدة المدى. وقد قمت بتجربة زيارة العاصمة الكورية الشمالية عام 2000، على أمل تحقيق تقدّم إضافي. ونظراً لاحتمال أن تتوجّه إلى هناك بنفسك - في مرحلة ما من رئاستك - دعني أتوقّف دقيقة عند ما وجدته هناك.

بيونغيانغ مدينة النُصُب التي تكرّم أسوأ حكومة على وجه الأرض. استادات رياضية وتماثيل وأبراج تستخدم في الاحتفال بكيم يونغ إيل، القائد المحبوب كما يدعي، ووالده المتوفّى، كيم إيل سونغ، مؤسّس جمهورية كوريا الشعبية الديموقراطية. تشهد المدينة قليلاً من الحياة التجارية وفيها القليل من السيارات أو الدراجات النارية الخفيفة، بل إنّ الدراجات النادرة تبدو في حالة مزرية. لا كلاب أو قطط في الشوارع، أو حتى طيور مغرّدة على الأشجار، إذ لم أسمع شدوها البتة. في البحيرة الموجودة خارج منزل الضيافة الذي أقمت فيه، كانت هناك بطة واحدة. وفي غياب إنارة الشوارع، كان موكب سياراتي يوجّه نحو الطريق الصحيح بزوج من العصي الفلورية يلوّح بهما شرطي لا يظهر جسمه في الظلمة. إنه مكان غامض وكئيب، تصفّق فيه الحشود كأنّها روبوت في الاحتفالات المعدّة، بل يرقص الصغار في سنّ الخامسة في تناغم تامّ(...).

في اجتماعاتنا في بيونغيانغ، وجدت كيم يونغ إيل عقلانياً وذكياً وواسع الاطلاع. إنّه رجل قصير مكتنز إلى حدّ ما، يسعى إلى إعطاء انطباع بأنّه أطول قامة بارتداء أحذية خاصة ونفش شعره. وعلى غرار شخصية الأمير هال في مسرحيات شكسبير، كان لعوباً في شبابه ومعروفاً بشرهه ومقايضة الجنس بالأدوار كمنتج سينمائي. وخلافاً لوالده، يفتقر كيم إلى مؤهّلات العسكري البطل. إذ ورث السلطة على رغم العقيدة الشيوعية التي تدين تقديس الشخصيات والقيادة الوراثية. وللحفاظ على بقائه اضطر إلى التلاعب بالقوات المسلّحة والنظام الحزبي، بحيث يقاتل المنافسون المحتملون بعضهم بعضاً، فيما يحتفظون بولائهم له، أو يخشون تحديه. ولأنّه ابن شخصية جُعلت أكبر من الحياة، تشوّهت حياته، ما تركه غافلاً عن معاناة الشعب الكوري الجنوبي. وكشخص، يمكن أن يكون شهماً، كما عرفت أثناء عشاء رسمي عندما أمر السقاة بالكف عن صب الخمر في كأسي، بالتالي وقاني من عادة التنافس في الشرب في كوريا الشمالية.

عندما غادرت منصبي، كنت أتوقّع أن تتابع إدارة بوش من حيث انتهيت، كما أشار وزير الخارجية الجديد كولن باول. لكن الرئيس بوش رفض أن يفعل ما فعله كلينتون، لا لسبب إلا لأنّ كلينتون فعله. كان ذلك الموقف الأساسي، كل شيء إلا كلينتون. وبدلاً من التفاوض مع كوريا الشمالية، تقاتلت الفئات داخل فريق بوش. في البداية رفضوا تماماً التحدّث مع الشمال، ثم أرسلوا ديبلوماسيين منعوا من قول أي شيء سوى «انزعوا سلاحكم وإلاّ». ردّت كوريا الشمالية بطرد مفتّشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وإخراج البلوتونيوم من ثمانية آلاف قضيب وقود مستنفد، وبناء رؤوس نووية، وأجرت تجربة نووية في 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2006.

هزّت هذه الحادثة الإدارة وجعلتها تتبع نهجاً ديبلوماسياً جدياً مع كوريا الشمالية. وكانت النتيجة اتفاقاً تجمّد بموجبه كوريا الشمالية برامجها النووية وتسمح للمفتشين بالعودة، مقابل المساعدة في تلبية حاجاتها من الطاقة. وأعاد ذلك الوضعَ إلى حيث تركته إدارة كلينتون، باستثناء إتاحة الفرصة للشمال لتخصيب يورانيوم يكفي لصنع ثماني أو تسع رؤوس نووية إضافية. وتتواصل المساعي للحصول على ضمانات في شأن الأسلحة النووية لكوريا الشمالية وتفكيك قدرتها على إنتاج المزيد. وتقع المهمّة الصعبة للتعامل مع كيم يونغ إيل على عاتقك الآن (...).

على رغم أنّ نيكسون توجّه إلى الصين، فإنّ العلاقات الديبلوماسية الرسمية لم تقم إلاّ في عهد إدارة كارتر. كان العداء الصيني - السوفياتي في أوجه، لذا كانت سياسة الحرب الباردة الشغل الشاغل في ذلك الوقت. غير أنّ العولمة كانت المعنى الضمني. عندما أصبح دنغ شياو بنغ أول زعيم صيني شيوعي يزور واشنطن في 1979، أبلغ كارتر خططه الخاصة بانفتاح اقتصاد البلاد. وألقى تبعة تخلّف الصين على قرار أسلافه بإغلاق أبوابهم في وجه الغرب. وعمد دنغ، وهو ممن لا يتمسّكون بالتقاليد القديمة، إلى تفكيك «البيت الذي بناه ماو» في شكل منهجي، وتخلّى عن التشدّد الشيوعي مدخِلاً ما سماه «اشتراكية السوق».

زرت جمهورية الصين الشعبية العام الماضي، وكنت زرتها من قبل برفقة وفد من مجلس الشيوخ الأميركي برئاسة إدموند موسكي، رئيسي السابق. في ذلك الوقت، كانت بكين مدينة الدرّاجين السريعين والمشاة الرشيقين. أما اليوم، وكدليل على التقدّم، فإنّ طرقاتها تختنق بالسيارات المتوقّفة تقريباً. إذ نما الاقتصاد الصيني منذ ثبات الأسواق التنافسية بمعدّل مستقر لم يجارِه أي بلد في التاريخ. وتراجع الفقر المدقع في شكل حادّ، واتسعت الطبقة الوسطى، وأصبحت المراكز الصناعية الصينية تجتذب المستثمرين الأجانب. لا يرجع نجاح الصين إلى كثرة العمال ذوي الأجر المتدنّي، فالصين «تنتج» أعداداً متزايدة من العلماء والمهندسين، في 2003، أصبحت ثالث بلد يطلق إنساناً إلى الفضاء، وموازنتها للبحوث تنمو باضطراد، وتجري تجارب على تصميمات جديدة في مجالات مثل التكنولوجيا البيئية، والطاقة النووية المدنية، والهندسة البيولوجية.

بدّل هذا التحوّل الاقتصادي النظرة السياسية الصينية. فالنموّ بحاجة إلى وقود، والصينيون يجوبون السوق الدولية للحصول على النفط والخشب والمعادن. وأقاموا علاقات توريد في كل قارة، وبين شركائهم حكومات إيران والسودان وبورما وفنـزويلا، ليس رباعياً مستساغاً. كما تسعى الصين إلى إثبات حضورها الديبلوماسي. فقد سافر الرئيس هو جينتاو على نطاق واسع، وغالباً ما لقي استقبالاً أكثر حفاوة من استقبال الرئيس بوش. وكي تبرز الصين استقلاليتها، بدأت تساعد في عقد اجتماعات إقليمية تستبعد عنها الولايات المتحدة: قمة إفريقية، ومؤتمر لشرق آسيا، ومنظمة شانغهاي للتعاون، وهي هيئة تنسّق سياسة الطاقة وتجري تمارين عسكرية، تضمّ روسيا، وطالبت بسحب القوات الأميركية من آسيا الوسطى. يؤكّد الزعماء الصينيون بذكاء على هوية مزدوجة، فعندما تطرح قضايا مثل التجارة الحرة أو تغيّر المناخ، يصرّ الصينيون على أن يعاملوا معاملة خاصة لأنّهم لا يزالون بلداً نامياً. وعندما تكون القضايا سياسية، يطالبون بإشراك الصين في صوغ القوانين العالمية، بما يليق بقوّة كبرى. وذلك ليس ادعاء غير معقول، فالصين بلد نامٍ، بكل المقاييس، وبلد كبير.

سترحّب كرئيس بدمج اقتصاد الصين، فيما سيطغى قلقك من تأثير صعودها في نهاية المطاف على السلام والديموقراطية، وعلى قيادتنا(...)

ستحلّ الذكرى العشرون لمجزرة ساحة تيانانمين في حزيران (يونيو) في السنة الأولى من عهدك، ولكن ما أهميّتها؟ تجاهل الزعماء الصينيون المصمّمون على منع تجدّد الانتفاضة الديمقراطية الالتماسات المتكرّرة، داخلياً ودولياً، بالسماح بنظام سياسي أكثر تراخياً وتنافسية. فدروس تيانانمين واضحة بالنسبة إليهم: الاستقرار هو الخير المطلق، والحركات المعارضة ستسحق. ولن يسمح للانتقادات الخارجية بتعريض النظام الداخلي للخطر.

لا شكّ في أنّ انفتاح البلد الاقتصادي أدّى إلى مزيد من التوسّع في التعليقات الاجتماعية والسياسية في غرف الدردشة على الإنترنت وفي الصحافة. وشعرت القيادة بالحاجة إلى اعتماد لغة الديموقراطية بمساواتها بالنظام الصيني الراهن. ثمة تنافس كبير داخل الحزب الشيوعي، بما في ذلك تحديد الولايات والانتخابات، لكنّ المعارضين يُعتقلون أيضاً، والحرية الدينية مقيّدة، والتنظيمات السياسية محظورة، وشبكة الإنترنت خاضعة للرقابة(...).

القيادة في الصين متعدّدة الرؤوس. أصبح هو جينتاو الأمين العام للحزب الشيوعي في عام 2002، ورئيساً للصين في السنة التالية، ورئيساً للجنة العسكرية الصينية في 2004. ومع أنّه لم يُظهر بعد رؤية دنغ كسياو بنغ، لكنّه أثبت براعة في ارتقاء سلّم السلطة والحفاظ على القمة. ولم يكن تقدّمه متصلاً بما فعله بمقدار اتصاله بما لم يفعله: الدعوة إلى أفكار جديدة أو إثارة استياء الفئات القوية مثل الجيش. بل إنّه الآن، بعد مرور سنوات على تولّيه منصبه، يبدو فنياً أكثر مما هو منظّر أيديولوجي، وخطاباته تنهل من شعارات أسلافه. وهو يدعو البلد إلى بناء مجتمع منسجم، محاكياً كونفوشيوس وكارل ماركس والدكتور فيل. ولعل حذره نابع من مأزقه: الصين كبيرة وتتحرّك بسرعة كبيرة، بحيث تستحوذ القيادة على كل الوقت والاهتمام اللذين يمكن أن يقدّمهما المرء.

ليس هناك قانون بأنّ النموّ الاقتصادي – لا سيما عندما يكون سريعاً ومتفاوتاً - سيؤدّي إلى الرضا الاجتماعي. وعلى رغم أنّ الفجوة المتوسّعة بين الأغنياء والفقراء مشكلة عامة، فإنّها في الصين تصطدم بحدّة مع القيم الاجتماعية التي تشدّد على المساواة. ثمة انقسام كبير بين المناطق الحضرية التي ازدهرت، والمناطق الريفية التي لم تزدهر. وعدم المساواة ينتج الاستياء، خصوصاً عندما يشتبه الناس في أنّ الأغنياء لم يحصلوا على ثرواتهم بالجدّ والإبداع، بل عبر الفساد الرسمي. ويشعر الناس بالغضب أيضاً من التلوّث، وبالمرارة من المشاريع الصناعية التي تدفعهم إلى الخروج من أراضيهم، وبالخوف من انتشار الأمراض الخارجة عن السيطرة.

الأهم أنّ الصين تتّجه إلى أنّ تصبح منطقة «عدم طيران ديموغرافي». فمنذ سنوات تتراجع لدى شعبها نسبة المواليد، في حين أنّهم يعمّرون، ما يؤدي إلى زيادة مضطردة في متوسّط الأعمار. وبعد عقد أو اثنين من الآن، قد يجد العامل المثالي - وهو الابن الوحيد - أنّ عليه إعالة أطفاله ووالديه وجديه. ويمكن طمأنة مَن يخشون تحوّل ثروة الصين المكتسبة حديثاً إلى الجيش، بأنّ جزءاً منها على الأقل سيخصّص للأدوية وألعاب ماه جونغ وخزّانات الأوكسجين. فالصين ستشيخ قبل أن تصبح ثرية.

يحتاج البلد وهو ينمو إلى أكثر من احترام الأجداد كي يحافظ على تماسكهُ. وعلى القيادة الشيوعية أن تبقى سبّاقة وتسعى إلى منع المظاهر الصغيرة للتعبير عن الرفض، من التحوّل إلى احتجاجات كبيرة. وللنجاح، عليها أن تجيب عن سؤال واضح: كيف يشرح حزب شيوعي يضمّ رأسماليين ويرأس سوقاً مالية قوية، ما الذي يفعله؟ أجاب القادة الصينيون ببراعة وأوضحوا بإسهاب فلسفته التي تكافئ المشاريع الحرة (إلى حدٍّ ما) والوطنية (من دون إفراط) والاستقرار.

بالنسبة إلى أي رئيس أميركي، المعضلة في التعامل مع الصين تكمن في أن السياسة الداخلية تدفع في اتجاه، فيما تدفع الرغبة في الديبلوماسية المثمرة في اتجاه آخر. خلال الحملة الانتخابية، وجدت أنّ مهاجمة الصين تستقطب تصفيق معظم الأميركيين، باستثناء رجال الأعمال والاختصاصيين في السياسة الخارجية وعسكريينا. غير أنّك في البيت الأبيض ستحاول تجنّب الاستياء لأنّ الصين أصبحت مهمة جداً. فهي تمتلك ثلاثمئة بليون دولار على شكل سندات خزينة، وهي عضو دائم في مجلس الأمن، ولديها نفوذ سياسي في أماكن ليس فيها نفوذ، وإذا كنت تصدّق منتقدي السياسات الاقتصادية الصينية، فإنّ لديها سلطة الحياة والموت على ملايين الوظائف الأميركية(...).

وعندما تجلس مع هو، في النهاية، ستجده مصراً على سماع تطميناتك في شأن تايوان. وإذا لم تقدّم له ذلك، ستصبح المسائل الأخرى ثانوية. فعلى رغم أنّ تايوان لديها من الثروة والتنظيم ما يمكّنها من الازدهار كبلد مستقل، فإنها غير معترف بها كدولة - وتخضع للضغط لئلا تعلن عن نفسها كدولة - لأنّ بكين تصرّ على أنّ تايوان جزء من الصين. ومنذ انفتاح نيكسون، أقرّت الولايات المتحدة بمطلب الصين من دون أن ترفضه أو توافق عليه(...).

الولايات المتحدة غير ملتزمة رسمياً بإنقاذ تايوان في حال تعرّضها لهجوم، لأنّنا لا نريد أن يطمئنّ التايوانيون جداً إلى حمايتنا بحيث يستفزّون بكين. وعلى نحو ذلك، لا نريد أن يعتقد الصينيون بأنّ بإمكانهم مهاجمة تايوان والنجاة بفعلتهم. الوضع يشبه المواجهة الثلاثية الجوانب في نهاية فيلم «الطيّب والشرير والبشع»، ولكن قبل أن يبدأ إطلاق الرصاص. ما دمنا هناك نحدّق ببعضنا بعضاً، لن يلحق الأذى بأحد.

واضح أنّ جزءاً من استراتيجية الصين العسكرية يقوم على دفعنا - وتايوان - إلى التفكير مرتين في شأن التحرّكات المفاجئة(...).

الأخبار السارّة أنّ القيادة الصينية تبدو صبورة. وليس هناك ما يدعوك إلى توقّع إيقاظك ذات صباح على أخبار اجتياح الجيش الأحمر منافذ المصانع والفنادق ذات النجوم الأربع في تايوان. وعلى رغم أنّ كل خليفة لماو يحبّ أن يذكر بأنّه وحّد البلد، فإنّ الرئيس «هو» لم يظهر أي ميل إلى سلوك طريق سفك الدماء. ويجب أن يكون الوضع الراهن مقبولاً لبكين، وعليك إقناع تايبيه بالتعايش معه أيضاً(...).

تستند السياسة الخارجية الصينية إلى مبدأيْ السيادة وعدم التدخّل في الشؤون الداخلية للآخرين. ولا يهتمّ زعماؤها بأفكارنا عن الأخلاق أو في تأييد معايير عالمية. فمن المستحيل على سبيل المثال، تصوّر أنّ بكين تصدر تقارير سنوية تقوّم ممارسات الحكومات الأخرى في مجالات مثل حقوق الإنسان أو حظر المخدّرات أو الإرهاب أو التهريب أو الحرية الدينية. وذلك اختلاف مهمّ بين الصين والولايات المتحدة، وميزة كبيرة للصين من الناحية الديبلوماسية.

سينعم شرق آسيا بالاستقرار شرط ألاّ يحاول بلد ترهيب الآخر. لا يبدو أنّ الطموحات الإمبريالية تستحوذ على الصين أو اليابان، ولكن لن يرضى أي منهما بأن ينظر إليه بأنّه الدولة الأصغر. وتتطلّع كوريا الشمالية إلى طريقة لإدامة خرافتها المهلهلة بالاعتماد على الذات. ولا تزال تايوان تواجه خياراً بين ضبط النفس وخطر استفزاز الصين، وذلك ترتيب غير عادل لكنّه لا يشكّل عقبة أمام ديموقراطيتها وازدهارها.

يجب أن تستفيد السياسة الأميركية من انشغال البلدان الآسيوية ببعضها بعضاً بالدرجة الأولى. الصين تريد كبح جماح اليابان، وكذلك الكوريون والجميع تقريباً. وخضعت فيتنام ومنغوليا لحكم الصينيين في الماضي وستقاتلان قبل أن تخضعا ثانية. وستحاول البلدان الصغيرة تجنّب الاضطرار إلى الاختيار بين الولايات المتحدة والصين، لذا ستعمد إلى الحفاظ على علاقات جيدة مع كليهما. إذا نُظر إلى الولايات المتحدة بأنّها تحاول الحفاظ على استقرار التوازن في المنطقة، فستحظى بصورة إيجابية، وإذا نظر إلينا بأنّنا نحاول سنّ قوانين ليلتزم بها الجميع، فسنوجِد مشاكل، الأفضل لنا أن نتجنّبها نظراً إلى المتاعب التي نواجهها في أمكنة أخرى. علينا أن نشجّع بلطافة تطوير إطار عمل أمني إقليمي نشارك فيه. وعلى رغم أنّ الظروف غير ملائمة لإقامة تحالف مماثل لحلف شمال الأطلسي، ستكون هناك قيمة لوجود وسائل رسمية لبناء الثقة، وتقاسم المعلومات، وتنظيم البعثات الإنسانية، وحل الخلافات باكراً، قبل أن تؤدّي الكلمات القاسية إلى حروب ساخنة.




أولبرايت تكتب «مذكرة الى الرئيس المنتخب».. اليابان وجهتك الأولى في شرق آسيا - بسام الخوري - 04-09-2008

أولبرايت تكتب «مذكرة الى الرئيس المنتخب» لاستعادة رأس المال السياسي الأميركي المُبدد (1 من 5) ... الخطأ المأسوي في العراق... وأميركا تواجه 4 أخطار أولها الارهاب وازدياد عداء العرب والمسلمين
الحياة - 08/04/08//


مادلين أولبرايت وبيل كلينتون
«مذكرة الى الرئيس المنتخب» تقرير سياسي دولي شامل وضعته وزيرة الخارجية الأميركية السابقة مادلين أولبرايت في تصرف الرئيس الأميركي المقبل الذي سيتسلم مهماته في البيت الأبيض في 21 كانون الثاني (يناير) 2009. ومع أن أولبرايت محسوبة على فريق المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون فإنها لا تخصّها أو تخص مرشحاً آخر من الحزب الديموقراطي بهذا التقرير، وهي إذ لا تخفي انحيازها الى سياسات الديموقراطي بيل كلينتون، وتبدي غضبها واستياءها من سياسات الرئيس جورج بوش، توجه المذكرة الى أي رئيس سينتخب شارحةً رؤيتها لموقع الولايات المتحدة ودورها في الأزمات والعلاقات الدولية وللمهمات الملقاة على عاتق الرئيس في تحسين صورة بلاده وجعلها تستعيد احترامها وثقتها بنفسها.

وتعتبر أولبرايت أن «رأس المال السياسي الأميركي» الذي تراكم في زمن كلينتون «بُدد للأسف (...) منذ اليوم الأول (لوصول بوش) حصل الأشخاص غير المناسبين على المناصب العليا (...) وقُدِّم الامتثال للإيديولوجيا على المهنية وسُمح للأكاذيب بالتنكر في لبوس الحقيقة».

وتضيف ان الخطأ المأسوي يبرز بجلاء في العراق «لكن ثمة أخطاء أخرى، إهمال الحلفاء والإفراط في الاعتماد على القوة العسكرية والسماح لأمثال ديك تشيني ودونالد رامسفيلد بأن يكونوا وجه أميركا».

وتمضي أولبرايت ناصحةً الرئيس المقبل بالعمل «لاستعادة ما فقد والمضي قدماً من هناك، وأن تبدأ بإدراك أن حقنا في القيادة لم يعد مقبولاً. فقدنا شرعيتنا الأخلاقية واذا لم نفهم ذلك فلن نعرف كيف نصوغ استراتيجية ناجحة». وحددت الوزير السابقة والمُحاضرة في جامعة جورج تاون أربعة أخطار تواجه اميركا هي:

1 – الإرهاب وتصاعد معاداة اميركا في العالمين العربي والإسلامي.

2 – تراجع الإجماع الدولي في شأن الانتشار النووي.

3 – تنامي الشكوك في شأن قيمة الديموقراطية.

4 – تماسك رد الفعل المادي للعولمة بسبب اتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء.

وتختم أولبرايت مخاطبة الرئيس الأميركي الـ44: «كن طموحاً لكن تواضع في كلماتك ما استطعت... أنت توشك ان ترث الكثير من المشاكل من دون أن تكون لديك سلطة في السماء فيما لديك القليل منها على الأرض».

«مذكرة الى الرئيس المنتخب» نشرتها أولبرايت مطلع السنة وستصدرها قريباً مترجمة الى اللغة العربية «الدار العربية للعلوم»، وتبدأ «الحياة» ابتداء من اليوم بنشر خمسة فصول مختارة منها:

< الفصل الأول: تفويض بالقيادة

مذكّرة (شخصية وسرية)

إلى: الرئيس المنتخب

من: مادلين ك. أولبرايت

التاريخ: ليلة الانتخابات، 2008

أهنّئك على نجاحك. أحسنت صنيعاً! حقّقت فوزاً عظيماً. لكن ذلك النصر يستتبع مسؤولية قيادة أمة منقسمة في عالم يمزّقه النـزاع وانعدام المساواة، وتجرِّحه الكراهية، ويحيّره التغيير، ويقلقه تجدّد مشهد المعركة النووية الفاصلة. في الأيام التالية، سيطمئنك قادة لم تسمع بهم قطّ، من بلدان لا تكاد تعرف موقعها، إلى صداقتهم وسيعرضون المساعدة. نصيحتي لك أن تقبلها لأنّك بحاجة إليها. إنّنا معشر الأميركيين نحبّ أن نعتبر أنفسنا نموذجاً للكرم والفضيلة، لكنّ العديد من الشعوب في كثير من الأماكن يعتبرون أنّنا أنانيون ومتآمرون وعنيفون. والناخبون يريدونك أن تغيّر هذا المفهوم وان تحمينا في الوقت ذاته. أن تهزم أعداءنا وتؤمّن لنا المستقبل الاقتصادي. بعبارة أخرى، أن تفعل ما وعدت به في حملتك الانتخابية.


دورية أميركية في بغداد
جرت مقارنة الرئيس الأميركي بحاكم الكون، ومدير الدفّة في سفينة شراعية عظيمة، وبو - با العظيم في الأوبرا الكوميدية «ميكادو»، والشخصية المنفردة الغارقة في «البؤس الرائع» (وصف جيفرسون)، و «التجسيد الشخصي... لكرامة الشعب الأميركي وعظمته» (وصف ويليام هوارد تافت). وحدّد دارسو المنصب مجموعة من الأدوار الرئاسية: القائد الأعلى، والديبلوماسي المعلّم، والمتحدّث الوطني، وكبير المديرين، والمشرّع الأول، وقائد الحزب، وراعي الفنون، ومقدّم التهاني للفرق الرياضية، والوالد البديل. ويريدك مستشاروك أن تركّز على النشاطات التي تحافظ على أرقام مرتفعة من التأييد في استطلاعات الرأي وتعيد انتخابك. وأحضك على التركيز على الواجبات التي تعيد سمعة بلدنا وتحفظ سلامتنا.

في 20 كانون الثاني (يناير) 2009، ستضع يدك على الكتاب المقدّس ويحلّفك رئيس المحكمة العليا روبرتس، أمام 300 مليون أميركي، وستة بلايين شخص في أنحاء العالم، على «الحفاظ على دستور الولايات المتحدة وصيانته وحمايته». وستحذو حذو جورج واشنطن وتضيف الدعاء النابع من القلب، «ليكن الرب في عوني». وبعد أداء اليمين، ستصبح أقوى شخص في العالم. ولن يعود من قبيل المصادفة أن تعزف لك الفرقة الموسيقية» أهلاً بالرئيس» عندما تدخل قاعة ما. فقد وصلت إلى أعلى منصب في بلدنا؛ والسؤال الذي تنبغي الإجابة عنه، هل لديك ما يلزم لتؤدّي عملك بامتياز؟

قبل ثماني سنوات، فيما كانت الألفية الثانية تقترب، بدا مستقبل أميركا مشرقاً جداً. كان العالم ينعم بالسلام، والاقتصاد العالمي يرفل بالعافية، والولايات المتحدة تتمتّع بموقع لا نظير له. كان البرنامج الذي ترشّح بموجبه جورج دبليو بوش عام 2000 يشير إلى الحقبة بأنّها «زمن رائع في حياة أمتنا». وأبلغ كولن باول، وزير الخارجية المقبل في ذلك الوقت، الكونغرس بأن «علينا العمل جيداً معاً لأنّنا نواجه تحدياً كبيراً أمامنا. لكنّه ليس تحدياً للبقاء، بل إنّه تحدٍّ للقيادة. فنحن لا نواجه عدواً إيديولوجياً مظلماً وخطيراً، بل القوة الكاسحة لملايين البشر الذين ذاقوا طعم الحرية. إنّنا نواجه نجاحنا المدهش».

على غرار كل ميراث، يمكن أن يستثمر النجاح الرائع في شكل منتج أو غير منتج. لكنّ رأس المال السياسي الأميركي بُدِّد للأسف. وعندما قارنت السجلات مع أعضاء الحكومات السابقة - الديموقراطية والجمهورية على السواء - شاهدت أناساً يهزّون رؤوسهم وهم لا يصدّقون الطريقة التي أسيء فيها استخدام السلطة الرئاسية. والسؤال الذي يجمع عليه: بماذا كانوا يفكّرون؟ منذ اليوم الأول حصل الأشخاص غير المناسبين على المناصب العليا. وشوِهت عملية اتخاذ القرار أو تم تجاوزها. وقُدّم الامتثال للإيديولوجيا على المهنية، وسُمح للأكاذيب بالتنكّر في لبوس الحقيقة. وأُعلن أنّ المبادئ المركزية في الهوية الأميركية عفا عليها الزمن. ونُحِّيت أدوات الأمن المهمة، بما فيها الديبلوماسية جانباً. كنت آمل بأن ينقذ الرئيس بوش إدارته في سنواته الأخيرة، لكنّ المكاسب التي تحقّقت جاءت متأخّرة وهامشية. ومن المؤسف القول إنّك ستتولّى منصبك واحترام القيادة الأميركية أدنى مما كان عليه في ذاكرة أي شخص على قيد الحياة(...).

يبرز الخطأ المأسوي في العراق بجلاء، لكن ثمة أخطاء أخرى؛ إهمال الحلفاء، وفرط الاعتماد على القوة العسكرية، والسماح لأمثال ديك تشيني ودونالد رامسفيلد بأن يكونوا وجه أميركا. نعم لدينا عذر: العالم مختلف الآن، لكن ذلك سبب يدفعنا أكثر إلى التنبّه لمواطن القوة المثبتة. لقد أحدثت هجمات 11/9 الإرهابية صدمة لنا، لكنّنا عشنا طوال عقود من الزمن ونحن نعرف أنّ الموت يمكن أن يصل الينا عبر البحر. كانت الهجمات سبباً للحزن والغضب، ولإعادة التأكيد على مؤسساتنا واستراتيجياتنا، ولم تكن سبباً وجيهاً للذعر أو التخلّي عن مبادئنا عندما كنّا في أشدّ الحاجة إليها.

في أعقاب 11/9، بدأت إدارة بوش في شكل جيد لكنها سرعان ما نسيت مَن هم أشدّ أعداء بلدنا خطراً علينا. كان كثيرون من الأميركيين مقتنعين بأنّنا غزونا العراق لأنّ صدام حسين مسؤول عن 11/9 بالتالي شعرت الغالبية بأنّ مواجهة صدام ستوجّه ضربة إلى «القاعدة». ووافق كثيرون مع الرئيس على أنّه يمكن تقسيم العالم إلى مَن هم منحازون إلى الولايات المتحدة وأولئك الذين يهلّلون للإرهابيين. وأعجب كثيرون بيقين الرئيس؛ حتى عندما ساورتنا الشكوك حيال ما هو أكثر الأمور يقيناً لديه.

إنّني من المتفائلين الذين يقلقون كثيراً. فالأسباب التي تدعو إلى القلق تحيط بنا، بعضها مستتر، وبعضها الآخر يشاهد يومياً على الـ «سي أن أن» و «فوكس نيوز» و «الجزيرة». ربما يبدو الاضطراب والنقد اللاذع غامريْن. فالسم منتشر في الهواء. مع ذلك فإنّ رسالتي الرئيسية إليك فيما تهيّئ نفسك لتسلّم الرئاسة أن تثق بمن نحن وما الذي نؤمن به، فقد واجهنا أخطاراً أشدّ، وحافظنا على رباطة جأشنا، وتغلّبنا عليها.

يمكن أن نفترض أنّه لو كتبت مذكّرة كهذه قبل نصف قرن، لكان بامكاننا أن نرسم صورة لأميركا آمنة وقوية. فقد كان أسامة بن لادن طفلاً في ذلك الوقت، ولم تكن «القاعدة» موجودة، ولم يكن الإرهاب الدولي مصدر قلق كبير. كانت الولايات المتحدة قائدة العالم الحرّ من دون منازع، وكان العالم نفسه أقل تعقيداً وأبطأ حركة. مع ذلك كتب جورج كينان في الخمسينات إنّ «الإحساس بعدم الأمن يسيطر على وعينا القومي». وكان والتر ليبمان يخشى من أنّنا «نعيش في عصر الاضطراب والفوضى. ومع أنّ الولايات المتحدة أصبحت غنية وقوية، نعرف في قرارة أنفسنا أنّنا أصبحنا... غير آمنين وقلقين... إذ إنّنا غير واثقين مما إذا كانت مسؤولياتنا أكبر من حكمتنا». بل إنّ نصي المفضل في الكلية خلص إلى نتيجة كئيبة فحواها أنّ «الأشدّ عناداً وبلادة فحسب هو الذي يغامر بالتوقّعات المتفائلة عن المستقبل... فالخوف يستحوذ على البشر في كل مكان... وتجاوزت معرفة الإنسان وقدرته التقنية قدرته الأخلاقية».


جورج بوش (أ ب)
لا يرجع هذا التشاؤم إلى إخفاقات البشر، وإنّما إلى إبداعاتهم. إذ كان التقدّم من القنبلة التقليدية إلى النووية ذا حجم أكبر من أي شيء منذ تناول أول رجل سريع الغضب قطعة من الخشب وحوّلها إلى هراوة. فبعد هيروشيما أصبح احتمال الفناء الجماعي الفوري جزءاً من حياتنا. إنّنا نخشى أن تنتشر معرفة صنع الأسلحة النووية بسرعة، ويشعر بعضهم بأنّ ذلك علامة من الله على أنّ نهاية العالم أصبحت وشيكة(...).

توالت العقود، وصاغ الرؤساء من الحزبين دوراً واضحاً لأميركا كزعيمة للنظام الدولي؛ وكمدافعة عن القانون، وبانية للمؤسسات العالمية، وكبلد تشعر بنفوذه كل الأقاليم وتُحترم آراؤه على نطاق واسع. وعلى رغم أنّهم لم يكونوا من غير نقائص، فقد كان سجلّهم مليئاً بالإنجازات. فالأسلحة النووية التي طالما خشيناها لم تستخدم ثانية، وتوقّف عدد القوى النووية المعلنة عند خمس. وانتهى انقسام أوروبا. وأصبح الأعداء القدامى أصدقاء. وبدت الحضارة نفسها كأنّها ترتقي السلّم درجتين درجتين.

مع ذلك، في السنوات التي تلت الحرب الباردة مباشرة، فاجأت طلابي بأنّني أعتقد بأنّ العالم سيصبح أكثر خطورة. أصبحنا معتادين على أخطار عداوة القوة الكبرى، وطوّرنا بدأب وسائل احتوائها. وستثبت الحقبة الجديدة أيضاً أنّها أقل قابلية لتوقّعها على رغم أنّها أكثر حرية. لقد أعادت الأمم والناس تعريف مصالحهم؛ وعادت المظالم القديمة إلى الظهور. وعلينا أن نبذل جهداً كبيراً للحؤول دون الانـزلاق إلى الماضي.

وهكذا أحضر بيل كلينتون في التسعينات، على غرار كنيدي، الحماسة معه إلى مهمة الحكم في زمن التغيّر؛ فوسّع حلف شمال الأطلسي وأصلحه، ودعم خفض ديون البلدان الأشدّ فقراً، وعزّز الديمقراطية من دون محاولة فرضها، وسعى وراء السلام، وفعل ما لم يفعله أي قائد آخر لحشد العالم ضدّ الإرهاب الدولي.

عشية تدخّل حلف شمال الأطلسي لمنع القتل الجماعي في كوسوفو، اتصل بي كلينتون في الوقت الذي اعتاد عليه، منتصف الليل، فهو نادراً ما ينام ولا يعتقد بأنّ الآخرين بحاجة الى النوم. راجعنا معاً الخطوات التي اتخذناها لإيجاد حل ديبلوماسي للأزمة. وقبل القتال، ضغط علينا كلينتون للحصول على كل جزء من المعلومات. كان يجلس خلف مكتبه محاولاً التخلص من الصداع بضغط علبة كولا لايت على جبينه، متسائلاً عن كل شيء: التاريخ، والشخصيات، والعوامل الاجتماعية والثقافية، والأخطار على قواتنا، والتكلفة التي يحتمل أن يتكبّدها المدنيون، وإذا كانت خططنا بعد الصراع واقعية. كان مصمّماً على إنجاز المهمة بطريقة صحيحة لأنّه يعرف أنّه قد يخطئ. كان دقيقاً، وذلك شأنه في كوسوفو وفي كل مسألة مهمة.

كان نهج كلينتون بالنسبة إلى وزيرة خارجيته ميزة ثمينة. لم يكن صعباً عليّ إقناع الناس في الخارج بأنّ الولايات المتحدة تدرك وتهتمّ. فهم يعرفون ذلك بالفعل، لأنّهم يستمعون منذ سنوات إلى الرئيس الذي أخذ وقته ليتعلّم عنهم، وأظهر أنّه مهتمّ بمستقبلهم، ويريد المساعدة إذا أمكنه ذلك.


جون ماكين (أ ب)
في خطاب تنصيبه الثاني، أشار بيل كلينتون إلى بلدنا بأنّه «البلد الذي لا يستغنى عنه». أعجبتني العبارة جداً فاستعرتها إلى أن ارتبطت بي. اعتقد بعضهم بأنّ المصطلح متعجرف، ولكن ليس هذا ما قصدته، بل شعرت بأنّه يعبّر عن واقع ان معظم المبادرات الواسعة النطاق يحتاج إلى بعض المداخلات، على الأقل من أميركا. وكنت أرجو أيضاً أن ينشئ هذا المصطلح إحساساً بالفخر لدى الأميركيين، بحيث نكون أكثر استعداداً للاستثمار في المشاريع الخارجية، وأقل تردّداً في قبول المهمات الصعبة.

على رغم أنّ بلدنا يشترك في الكثير مع البلدان الأخرى، لا يوجد حالياً أي منافس له في القوة وطول الباع. وهذا يخلق الفرص وكذلك الإغراءات. والأفعال الأميركية مثال يحتذى في خيرها وشرّها. فإذا حاولنا تنحية القانون جانباً، فإنّنا ندعو الآخرين إلى فعل الشيء ذاته(...).

اليوم، فيما تستعدّ لتولي الرئاسة، لا يزال بروز القوة الأميركية بين الحقائق الكبرى للحياة في القرن الواحد والعشرين، لكن قدرتنا على استخدام تلك القوة تراجعت. وتلك أيضاً من الوقائع الكبرى للحياة في القرن الواحد والعشرين.

الأسباب معروفة جداً. أحدثنا فوضى في محاربة الإرهاب؛ افتقرنا إلى استراتيجية متسقة، وفشلنا في إقامة ارتباط واضح بين الخطوات التي نتخذها والنتائج المرجوة. تسبّب تعزيزنا للديمقراطية في القلق حتى بين من يدعون إلى الإصلاحات الديموقراطية في بلدانهم. لأنّنا حين نتحدّث عن الديموقراطية، يفكّر كثيرون في العراق؛ النموذج الذي لا يرغب أحد فيه. وركّزنا اهتمامنا على الخليج، فافتقرنا إلى السياسات الفعّالة تجاه التحديات الفائقة، مثل الطاقة والبيئة. واستجبنا ببطء وتردّد للمشاكل الناشئة في آسيا وأميركا اللاتينية وإفريقيا. كنّا ذات يوم أسياداً في ممارسة الديبلوماسية العالمية، فأصبحنا هواة.

بل يبدو أنّ اللبنات الأساسية للقوة الأميركية تشظّت وبليت. إذ اتسع انتشار عسكريينا حتى بلغ نقطة الإعياء، بما في ذلك الحرس الوطني والقوات الاحتياط. وتضرّرت قيادتنا الاقتصادية الدولية بالنهج غير المتسق تجاه التجارة وسياسات الموازنات التي حوّلت ذهب الفوائض إلى سجل قياسي في العجز. ووهنت تحالفاتنا في أوروبا والمحيط الهادئ الآسيوي. ويعتقد بأنّنا ننافق في ما يتعلّق بالأسلحة النووية وحقوق الإنسان وحكم القانون.

يجب أن تعمل كرئيس على استعادة ما فقِد، والمضي من هناك. ويجب أن تبدأ بإدراك أنّ حقّنا في القيادة لم يعد مقبولاً. فقدنا شرعيتنا الأخلاقية، وإذا لم نفهم ذلك، فلن نعرف كيف نصوغ استراتيجية ناجحة. سنكون مثل محامٍ يفترض أنّ هيئة المحلّفين في جيبه بسبب انتصاراته السابقة، في حين أنّها ليست كذلك لأنّ الهيئة ترفض أن تعتبر الأمر مسلّما به(...).


هيلاري كلينتون (رويترز)
لم يعد بامكاننا افتراض أنّ هناك من يقاسمنا فهمنا تاريخنا على نطاق واسع. فالقلائل نسبياً يسمعون كلمة «أميركا» ويفكّرون أولاً في معركة لكزنغتون أو النزول على شاطئ أوماها. بالنسبة إلى مَن هم دون العشرين - وهم الغالبية في العديد من البلدان - لا تعني المواجهة في الحرب الباردة بين الحرية والشيوعية سوى القليل(...).

وسط دوّامة الأحداث في السنوات الخمس عشرة الماضية، تشكّل أربعة اتجاهات خطراً واضحاً وراهناً على المصالح الأميركية. أولاً، الإرهاب وتصاعد معاداة أميركا في العالمين العربي والإسلامي؛ ثانياً، تراجع الإجماع الدولي في شأن الانتشار النووي؛ ثالثاً، تنامي الشكوك في شأن قيمة الديموقراطية؛ رابعاً، تماسك ردّ الفعل المعادي للعولمة بسبب اتساع الهوّة بين الأغنياء والفقراء.

ثمة خطر خامس محتمل يمكن أن يفاقم تلك الأخطار الأربعة. كانت أميركا تردّ تاريخياً على فترات التدخّل الشديد في الخارج بمحاولة الانعزال. حدث ذلك في أعقاب الحرب العالمية الأولى، وبعد فيتنام، وبعد الحرب الباردة أيضاً. وكوزيرة للخارجية خصصت الكثير من الوقت والجهد في محاولة إقناع الأميركيين بأنّ التاريخ لم ينتهِ عندما انهار جدار برلين. وخلافاً للمفاهيم السائدة حالياً في الخارج، فإنّ الشعب الأميركي يفضّل التركيز على المشكلات في الداخل أكثر من الإلقاء بثقلنا في الشؤون الدولية. وبعد العراق، سيكون الأميركيون متردّدين في ركوب الأخطار. ويجب علينا ذلك، ولكن لا ينبغي أن نكون متردّدين جداً فنسمح بنموّ التهديدات الجديدة.

إنّنا في مزاج سيئ. وذكّرنا إعصار كاترينا بأنّ مكافحة الفقر والظلم في مجتمعنا لا تزال غير مكتملة. ونشعر بالقلق من تصدير أعمالنا وتجاوز حدودنا، وهناك أمور كثيرة تجري في العالم لا نفهمها، ويتزايد شعورنا بعدم الميل إلى محاولة فهمها. إذ وجد استطلاع حديث للآراء أنّ 42 في المئة من الأميركيين يقولون إنّ على الولايات المتحدة «أن تهتمّ بشؤونها في العالم وتدع للآخرين المضي قدماً بأفضل ما يستطيعون». الاهتمام بالشؤون الشخصية فضيلة في أميركا، ولا ينتظر الكثير من الغرباء على أي حال. فلماذا لا نفضّ الاشتباك؟ لماذا لا ندع الآخرين يتولّون القيادة؟

ستكون مسؤوليّتك كرئيس الإجابة عن هذين السؤالين. ومن الضروري أن تعيد صوغ الحجة التي تدعو إلى القيادة الأميركية وتعيد تحديد مضمونها. لسنا في سنة 1808 أو 1908. إذا سُمِح بأن تصدأ أدوات القوة الأميركية، فستملأ قوى أخرى الفراغ. بعضها سيلحق الضرر، وبعضها الآخر لن يكون أداؤه جيداً. وسيأتي الوقت الذي علينا فيه الاستيقاظ ثانية، وثمة خطر بأن يأتي بعد فوات الأوان. من الأفضل بكثير أن نبقى يقظين. فلدينا قدرات فريدة، وعلينا استخدامها للأغراض الصحيحة.


باراك أوباما (أ ب)
يجب أن نطمئن لأنّ النظرة إلى الشعب الأميركي مواتية أكثر من النظرة إلى سياساتنا، ولأنّ العديد من الغاضبين من بعض ما نفعله يريدوننا أن ننجح عموماً. واستطلاعات الآراء نفسها التي تظهر تراجعاً في شعبيّتنا توحي أيضاً بأنّ العالم غير متلهّف إلى بروز قوة عظمى مناوئة؛ إذ ينظر إلى الطموحات العسكرية الصينية بارتياب؛ ولا يوثق بالقادة الروس؛ والرئيس الإيراني مكروه. ترتفع خيبة الأمل لدينا عندما يعتقد بأنّنا نتصرّف من دون مراعاة مصالح الآخرين ومخاوفهم: عندما نرفض مثلاً الاستماع إلى نصيحة العرب والأتراك قبل غزو بلد إلى جوارهم؛ أو عندما نعارض معاهدة في شأن تغيّر المناخ أو محكمة جنائية دولية، بدلاً من العمل مع الآخرين لتحسين تلك الترتيبات؛ أو عندما نجعل سياسة الهجرة كرة قدم سياسية في حين نطلب من المكسيك أن تعطي الأولوية لمكافحة المخدّرات.

أنت تنصّب للمرّة الأولى مرّة واحدة فقط، فحاول تحقيق أقصى ما يمكن فيها. وعندما تبدأ الخطاب، سيتغيّر صوت أميركا. فالآذان التي صُمّت في كل أنحاء العالم ستفتح لحظة واحدة على الأقل، وكذلك العقول. تأكّد من العبارة المميّزة التي تريدها. فقد كانت تلك العبارة «كل ما تخافونه هو الخوف نفسه» مع فرانكلين د. روزفلت. وكانت مع جون ف. كنيدي «لا تسأل»، ومع جورج هـ. دبليو بوش شيئاً مثل «النسيم العليل». وتحدّث كلينتون عن التغيير («نحن نفرض الربيع») وتعهّد رئيسنا الثالث والأربعون - أتذكر؟ - أن «تُظهر أميركا هدفها من دون تكبّر».

كُن طموحاً، ولكن تواضع في كلماتك ما استطعت. فمن عادة المرشّحين الرئاسيين أن يرسموا صورة وردية لما سيكون عليه العالم إذا انتخبوا، كما لو أنّ السماء ستفتح بحيث يتدفّق العدل الحقّ. لا تنتظر مثل هذه الهدية. فأنت توشك أن ترث كثيراً من المشاكل من دون أن تكون لديك سلطة في السماء، فيما لديك القليل منها على الأرض.