حدثت التحذيرات التالية: | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
فلسفة الموت - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: عـــــــــلــــــــــوم (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=6) +--- المنتدى: فلسفة وعلم نفس (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=84) +--- الموضوع: فلسفة الموت (/showthread.php?tid=5936) |
فلسفة الموت - لايبنتز - 03-21-2008 فويرباخ والموت ينبغي أن تعاش الحياة بكامل امتلائها رغم الموت بقلم : جاك شورون ، ترجمة : كامل يوسف حسين ليس النصح القائل بأننا لا ينبغي أن ندع حماسنا للحياة تثبطه الحقيقة القائلة بأنه (ليس هناك علاج للموت) في حالة فويرباخ أمرا يتعلق بحيوية متدفقة تتجاهل على نحو مريح فناءنا، فقد كان فريرباخ طوال حياته مهتما بالموت وبمشكلة الخلود، وكتاباته الأولى والأخيرة تتناول هذه القضايا (1) والقيام بالبحث عن الكيفية التي استطاع بها أن يجمع بين الفرح بالحياة والوعي بالموت وأن يؤكد الحياة في الوقت الذي يذعن فيه مبتهجأ للموت، وما اذا كان الآخرون قادرين على أن يحذوا حذوه هو أمر أكثر إلحاحا اليوم، حيث إن الفزع من الكف عن الوجود يسم حياة عدد غير يسير من الناس، ويستشعر الكثيرون بعمق الحاجة إلى التوافق مع الموت باعتباره فناء كليا. ويبدو فويرباخ في كتابه الأول " تأملات في الموت " واقعأ إلى حد كبير تحت تأثيرهيجل، وذلك على نحو يتجاوز كثيرأ ما يرغب في الإقرار به. ويبدأ على نحو مميز بتناول (المغزى الأخلاقي للموت " ويقول ان كل الأعمال الإنسانية يمكن أن تشتق من الحب " الانسان يحب ولا بد له من أن يحب) وهو يصبح انسانأ حقأ أي كائنأ أخلاقيأ حقأ حينما ينفض عنه أنانيته الطبيعية، ويتغلب على وجوده الساعي إلى ذاته، ويستسلم لوجود الآخرين، وكلما أوغل المرء في هذا المعراج ازدادت إنسانيته، والحياة الأسمى أي الحياة في الدين والفكر والاخلاق انما هي حياة يتخلى فيها المرء كلية عن ذاتيته الزائفة، ولكــــن بالإرادة ذاتها التي تريد بها الحب والحقيقة فانك تسبب الموت ذلك أن الحب لن يكتمل إذا لم يكن هناك موت، فالموت، التضحية الأخيرة والبرهان النهائي على الحب، والإنسان يغدو ذاته الحقه مرة واحدة، وهو يصبح كذلك في لحظة اللاوجود، ومن ثم فان الموت- ولانه يكشف على وجه الدقة النقاب عن الذات الحقيقية للإنسان- هو في الوقت نفسه تجلى الحب(2) . لكن الحب يفترض مقدما وجود الحرية، وإن كان فويرباخ يفترض أن هناك نوعا من التناسق الأزلي أو " الوحدة السرية والحميمة " بين ارادة الانسان الحقة والطبيعية وأن الضرورة في الطبيعة تناظر حرية الفعل للإنسان بحيث إن السلب الداخلي" يناظر سلبا يقع في المجال الطبيعي. والموت باعتباره ظاهرة طبيعية هو كذلك تضحية التكفير الأخيرة والدفاع الأخيرعن الحب، وأولئك الذين ينظرون إلى بعد أعمق يعرفون أن " الموت لا يبدأ بالموت الطبيعي وإنما هو يختتم وينتهي به ". فالموت الطبيعي لا يعدو أن يكون " زفرة للموت الداخلي والمحتجب " وهذا الموت الأسير والمحتجب إنما يطلق سراحه في الموت "الخارجي" أي الموت على نحو ما تدركه حواسنا حيث إن ذلك الموت للذات هو الحب(3). ولكن لماذا إذن تموت الحيوانات والنباتات؟ إن ذلك يرجع فحسب إلى أن البشر يموتون، فالموت البشري هو سبب موت الكائنات الحية الأخرى حيث إن موت الكائنات المحبة حقا والأخلاقية صدقا هو سبب موت تلك الكائنات التي يتميز حبها بأنه محدود. فالأسمى هو دائما سبب الأدنى: " من الأسمى يهبط الإنسان بالموت ويصبه في الخليقة ".(4) ووفقا لما يقوله فويرباخ فان للموت علة وسببا وأصلا ميتافيزيقيا ونفسيا وعضويأ. والعلة الأولى غير المحددة واللامتناهية للموت هي اللامتناهي أي الله، أما العلل المحددة والمتناهية فهي الزمان والمكان والحياة. والسبب المحدد واللامتناهي هو العقل والروح والوعي (5). ويذهب فويرباخ إلى القول بأن الأساس التأملي والميتافيزيقي للموت يصبح جليا حينما ندرك أن ذلك الذي يعرف بصورة شائعة باعتباره الموت إنما يفترض مقدما موتا يعلو على الزمان، ويعلو على الحس. وحتى إذا كان المرء لا يتمتع بأية معرفة بالله فأنه يعلم على الأقل أن الله غيرمحدود وأنه الوجود اللامتناهي، ولكي يجعل المرء الله موضوعا للروح فان عليه أن ينفي كل القيود والحتميات، لكن ضرورة سلب كل ما هو متناه للوصول إلى فكرة اللامتناهي تلك إنما تضرب جذورها لا في الإنسان بل في الموضوع ذاته، ولأن اللامتناهي ذاته هو سلب المتناهي فان التجريد الذي يقوم به الإنسان والذي ينجح من خلاله في خلق فكرة اللامتناهي لا يعدو أن يكون فحسب تقليدا لهذا الذي يقوم به اللامتناهي ذاته. "ومن ثم فالبطلان الحق والصحيح للمتناهي هو اللامتناهي ذاته، وكون الأشياء متناهية بالفعل وكونها تتغير وتفنى إنما يقوم فحسب على الوجود الحق اللامتناهي.... وعبر اللامتناهي وحده وفيه يغدو المتناهي متناهيا ويكمن البطلان أي موت المتناهي: والموت " المحسوس "، إن صح التعبير، هو الصوت الذي به يعبر الشيء الفاني ويعلن عن موته الفائق للطبيعة، إنه النور الذي يضيء ويكشف الموت السري والمحتجب وما لا يضم اللامتناهي بين جوانحه لا يمكن ان يموت " (6) . هكذا فان الرغبة في شيىء ما بعد الموت هي خروج صارخ على القاعدة، ذلك أن المرء يموت على وجه الدقة لأنه قد توافر بالفعل قبل الموت كل ما يمكن للمرء أن يتصور أنه قادر على الحصول عليه بعد الموت، فالموت لا يحل بسبب النقص أو المسغبة، وإنما بسبب الوفرة والامتلاء. إن كل ما يوجد خارج الإنسان، وكل ما يميزه باعتباره مختلفا عنه في ظل التصور العام للطبيعة هو نقاط تقييد وسلب للإنسان، وكل اصطدام بشجرة أو بحائط إنما هو ارتطام بالموت، أو بالحد، أو بنهاية الوجود. ولا يتعين على المرء أن يمشي في مقبرة لكي يصبح واعيأ بتناهيه، فكل موضوع خارج ذات المرء ينقل إليه هذه الرسالة، وكل دفعة في ضلوعه وكل ضغط يتلقاه من خارجه هو تذكرة بالموت ....Memente mori ، ولو لم تكن هناك موضوعات لكانت الذات بلا حدود،ولا متناهية وبالتالي خالدة بذاتها..per-se ، وذلك يصل بنا إلى السبب العضوي للموت، فالشخص المعين أي ذلك الذي هو في ماهيته محدود ومحدد، إنما يوجد لوقت معين فحسب، وفي هذه الحياة المحددة زمانا يغدو المرء هذا الشخص العيني وحينما تتوقف هذه الحياة يكف المرء عن أن يكون ذاته. أضف الى ذلك ان القول بأنني أنا ذلك الفرد العيني إنما يكون له معنى فحسب حينما يعني أنني أمتلك حساسية أو رهافة الحس... sensibility والزمان لا ينفصل عن الحساسية ورهافة الحس. وعندما يتوقف فإن الحساسية ومعها الفردية تتوقفان عن الوجود (7) . هكذا فان الفرد كائن متعين في الزمان والمكان، وهو فرد فحسب على هيئة جسم عيني. وليس هناك شيء وراء هذا الجسم العيني " إن نهاية جسمك هي نهايتك العينية ". والنفس لا تصبح نفسا بدون جسم تماما كما أن السيد لا يصير سيدا بدون العبد، فهي ترتبط به ارتباط النار بالوقود، فالجسم هنا هو الفتيل وغذاء النفس. (8) وانفصال الجسم عن النفس ووجود هذه الأخيرة خارج الجسم انما يمكن أن يعني شيئا واحدا: أن النفس مختلفة عن الجسم بالطريقة ذاتها التي يختلف بها التفكيرعن العقل وإلا لتعين علينا أن ننظر إلى علاقة الجسم- النفس باعتبارها شيئأ مكانيأ كما لو كانت النفس ذاتها تشغل حيزا، ومن ثم فإن الاعتقاد في الخلود بقدر ما يتمثل الخلود في صورة النفس وهي تغادر حقا الجسم هو" جنون نظري " (9). وايا ما كان سبب حياة المرء ومبدؤها فانهما أيضأ سبب موته ومبدئه، والمكان والزمان هما تأكيد ان لحياة المرء وهما سلبان كذلك لها، فالإنسان يبدأ في المكان والزمان ولكنه ينتهي فيهما أيضأ، ولكن الموت في المكان والزمان إنما يعطي فحسب عبر الحواس بحيث إن الأسس العضوية للموت هي مجرد نتائج ومظاهر وأسس وسيطة وليست مطلقة، وبالتالي فان أولئك الذين يرتضون هذه الأسس باعتبارها الأسس النهائية والحقيقية هم تجريبيون وماديون وطبيعيون لا غير. وحينما تؤكد المثالية حقيقة الخلود في معارضة مثل هذه المادية فان الأخيرة لا يمكن أن تفندها لأنهما معا تعكسان حقيقة تقوم فحسب على التجربة الحسية. والنهاية الحقة للفرد تمتد إلى ما وراء الموت الذي تكشفه الحواس " ان السبب الحقيقي لموت الفرد هوالعقل ". (10) ان العقل والوعي والروح، كل ذلك هو الأساس الثالث للموت، فالروح هي الحد لكل ما هو حسى ، ويمكن ان تصبح في ذاتها وعبر ذاتها موضوعها الخاص، فهي كلية. وما كان بالنسبة لشوبنهاور وحدة وكلية الإرادة هو في هذه المرحلة الباكرة من تفكير فويرباخ وحدة الروح " انك متوحد مع الوعي لأنك واع ومتوحد مع التفكير الذي يتوحد فيه كل شىء باعتباره مفكرا، وأنت أيها المؤ سس ، انك تنحل في الروح " والذات الحقة والأعمق غورا تدرك ذاتها بحسبانها روحا " والموت هو الإدراك الخارجي لهذا الانحلال الروحي " والروح، الوعي، العقل مستقلة عن الشخص المتعين أي الفرد المتعين، وكما تتغاير الألوان وتختفي وتنقضى كذلك فان الأشخاص المتعينين يفنون، وذلك أنهم هم انفسهم ليسوا ذاتية خالصة واعية بذاتها وإنما هم فحسب موضوعات هذه الذاتية، غير أن الموت لا يعدو أن يكون شيئأ آخر غير الفعل الذي عبره تتنحى الذوات عن (مبدئها)- أي عن الذاتية- وتصبح مجرد موضوعات، وما يعرف الصيرورة هو وحده الذي يمكن أن يموت. والقول بأن الموت قانون للطبيعة هو قول سطحي، لأنه حيثما لا توجد روح ولا حرية لا يوجد موت، فالموت يفترض الروح مقدما)) (11) 0 فالإنسان لا يموت إلا لأنه كائن حر ومفكر واع، وهنا يبدو فويرباخ غارقا في التراث المثالي الذي سرعان ماسيتنكر له بعد قليل. وقد بدأ- عل نحو ما فعل شوبنهاور قبله- بالانسان الذي يتميز عن كل الكائنات الحية الأخرى بقدرته على أن يصبح موضوعه الخاص، فهو ذات وموضوع في آن معا، وهو عارف وموجود، وكلما زادت روحانية الإنسان اتسع نطاق حريته وسما رقيه على وجوده الفزيقي. والنتيجة التي توصل إليها فويرباخ هي أنه لا الخلود ولا الموت على نحو ما يفهمان عادة حقيقيان: " لا يغدو الموت موتا حقا ومؤلما إلا قبل وقوعه وليس في غمار هذا الوقوع فالموت أشبه بوجود الشبح او الطيف بحيث انه لا يوجد إلا عند لا وجوده، كما أن لا وجوده يعني وجوده ". ومن الجلي أن هذه العبارة تختلف عن قول أبيقور الشهير، ويمضي فويرباخ إلى القول بأن " الموت ليس شيئا في ذاته، لا شيء إيجابيا ومطلقا ولا حقيقة له إلا في تصور الإنسان، وحينما يقارن المرء فحسب بين الكائن الميت وذلك الذي كان حيا ذات يوم ". ومن خلال هذه المقارنة نعزو للموت على نحو خاطئ، وجودا مستقلا ونفكر فيه خائفين ومرتعدين باعتباره دمارا قاسيا يتعرض له الموتى، لكن الموت هو: " موت بالنسبة للأحياء فحسب، إنه ليس فناء مطلقا، وإنما هو فناء يفنى نفسه، فناء هو في ذاته عدم،، فالموت هو بالفعل موت الموت، فهو عندما ينهى الحياة إنما ينهى ذاته.... إن الفناء الإيجابي الحقيقي هو الفناء الموجود في قلب الواقع ذاته..... غير أن الموت ليس هو الحد الإيجابي للحياة، وحيثما يكون كذلك يتعين أن يكون واقعا أسمى، وأكثر نبضا بالحياة من الحياة ذاتها. غير أن الموت هو حد للحياة لا واقعية له.... ومن ثم فان الحياة لا متناهية ما دام حدها هو العدم (12). وإذا كان الموت هو فحسب (سلب السلب) على نحو ما يعتبره فويرباخ مستخدما الاصطلاح الهيجلي، فان الخلود بالمعنى المعتاد للخلود الشخصى وكمجرد ضد للعدم، هوتأكيد غير واقعي وغير محدد للفرد وللحياة وللوجود. واذا قلنا عن انسان ما إنه موجود حي وحساس، له مشاعر، محب، فاننا نقول أشياء عنه لا نهاية لها. نقول شيئأ اكثر تحديدأ وواقعية وصدقا على نحو لا نهاية له، عما لو قلنا انه خالد. فماهية الإنسان تسمو كثيرأ عن فنائه أو خلوده: " وكما أن الموت والزوال لا يحرمانه من أي شيء فكذلك الخلود ولا يضيف أي شيء إليه (13) . وحيث إن الموت باعتباره سلبا هو خيال فحسب فكذلك الخلود باعتباره تأكيدا هو بالمثل أمر خيالي. " ان الحياة الخالدة هي الحياة التي توجد من أجل ذاتها وتتضمن هدفها وغرضها في ذاتها، فالحياة الخالدة هي الحياة الممتلئة الثرية في مضامينها.... كل لحظة في الحياة لها أهمية ومغزى لا متناهيين من أجل ذاتها ومكرسة بذاتها ومحققة في ذاتها، تأكيد غير متناه لذاتها الخاصة، كل لحظة من الحياة هي جرعة تفرغ كأساس اللاتناهي الذي يعيد- شأن كأس أربيرو*- ملء ذاته من جديد على نحو خارق، ان الحياة موسيقى، وكل لحظة لحن أو صوت مترع بشعور عميق.... وأصوات الموسيقى تنقضى ، لكن كل صوت له معناه كصوت وله قبل ذلك مغزاه الداخلي، " نفس".... Soul الصوت، الزوال يتقهقر باعتباره شيئأ تافها لا أهمية له." (14) ويمكن أن يكون الصوت قصيرا أو طويلا، ولكن أهو شيىء آخر غير القصرأو الطول؟ من المؤكد أن المقطوعة كلها تنتهي ولكن أولئك الذين يجعلون الزوال هو الصفة الرئيسية للحياة، أولئك الذين يعتقدون أنهما يصدرون حكما صحيحا على الحياة عندما يؤكدون تناهيها، وسواء أطلقوا على أنفسهما اسما المسيحيين أو العقلانيين أو حتى الفلاسفة هم في نظر فويرباخ حمقى، وهو يؤكد في مواجهتهم حتى في لحظاته الأخيرة حقيقة هذه الحياة. (15). وعلى الرغم من التأثير البالغ الوضوح لهيجل، فان كتاب "أفكار عن الموت" ينبىء بفويرباخ الحقيقي الذي يتجلى في مرحلة تالية (16). فلما يكد ينتهي من أفكاره عن الموت حتى أدرك أنه على الرغم من أن هذا المؤلف موجه ضد الاعتقاد في الخلود "الشخصي" فانه غير مناسب لتحقيق الهدف المقصود منه حيث إن حججه كانت لا تزال تستند الى فلسفة تأملية وهي فلسفة أصبح فويرباخ يعتبرها زاهدة تكره الإنسان كما أن ثنائيتها التي تضمم الروح والجسد، والطبيعي والفائق للطبيعة، الأزلي والزماني أصبحت مقيتة بالنسبة له. لقد شعر بأن الخلود يعد، بالضرورة، في إطار الفلسفة النظرية التأملية مشكلة مجردة لا تربطها علاقة حقيقية بالموجود الإنساني المتعين، وبالتالي فان تفنيد الخلود الذي يقوم على أساس مثل هذه الفلسفة لا يمكن أن يحقق إقناعا كاملا، وحيث ان هناك شيئا يبقى دائما ضد الإيمان بالخلود عند تأكيده، فكذلك يبقى يشيء مع هذا الإيمان عندما يقوم إنكاره على معتقدات الفلسفة التأملية. أما الإنكار الفعال حقا للخلود والذي يمكن أن يتقبله المرء تماما وبحماس فينبغي أن يقوم على تفسير يستند إلى علم الوراثة، حيث يبدو هذا الإنكار كناتج ثانوي لتفسير الأصول ولتقرير طبيعة الخلود الحقيقي، ومثل هذا الحل المرهق والمرضي لأحجية الخلود هو أمر ممكن فحسب من وجهة نظر الانثروبولوجيا. (17) ويبدأ علم الانثروبولوجيا من واقعة وجود إيمان بالخلود، ويسلم بأنه لن يتمكن أبدأ من تصور مثل هذا الإيمان ما لما يواجهه (18). وإذا ما وجد أن الناس يؤمنون بالخلود ف!نه يتساءل لماذا يؤمنون به ويقدم تفسيرا لأصل هذا الإيمان، ولا يتمثل جذر هذا الإيمان في ميل الإنسان إلى " الكمال" المتواصل، فالإنسان، عادة لا يمكن أن يتبنى شيئا له أهمية دون أن يلحق به فكرة الدوام. وعلى الرغم من أن هذا الموضوع قد يلحق به الدمار بين عشية وضحاها، فان الافتراض القائم هو أنه سيدوم إلى أجل غير معلوم. والرؤية نفسها للحياة الإنسانية ذاتها، والرغبة في الخلود لا تدور حول الحياة الأزلية التي يعد الدين بها، وإنما حول إطالة الحياة الراهنة الى أجل غير معلوم. النتيجة الأساسية لبحث فويرباخ الانثروبولوجي هي أن فكرة الخلود تنبع من غريزة المحافظة على الذات ومن التحويل غيرالواعى لفكرة الإنسان عن المستقبل إلى وجود موضوعي، فالفكرة العينية عن المستقبل السماوي، تنشأ حينما يصبح الإنسان واعيا بحدود الزمان والمكان. وبالعكس فانه حين يدرك- على نحو ما يرغب فويرباخ في جعله يدرك- امكانياته اللامتناهية على الصعيد العملي في هذا العالم ، فانه يضع الحياة المتعينة الآن وهنا لتكون الحياة المستقبلة في السماء:" كما يضع في مكان العالم الآخر بقية العالم الحقيقي كله الذي ظل يتجاهله حتى الآن، عالم الحضارة الذي يجعل القيود التي فرضها الزمان والمكان تتبدد فيرقى بنا إلى أزمان سحيقة... ويسمح لنا أن نعرف مقدمأ من خلال المماثلة قرونا قادمة لن نوجد فيها " (19). وهكذا فان رد فويرباخ على مسألة الخلود يذكرنا بالطريقة التي رد بها كوندروسيه على المشكلة ذاتها. فليس هناك شيء بعد الموت، وبالتأكيد فان هذا هو وحده الصحيح: " إذا كان الواحد هوالكل ، أما إذا لم تكن أنت الكل، فانه يتبقى بعد الموت كل الذي لم تكنه، إذا كنت الإنسانية والروح والوعي ذاتها فانه من الطبيعي أن ينتهي الكل معك. غير أنه اذا لم تكن- كما أعتقد- إلهأ وانما إنسان بين بشر آخرين وكما تظهر التجربة، فان الإنسان لا يوجد وحده ووجوده لا ينفصل عن وجود الآخرين (20). ليس هناك شيء- بقدر ما يتعلق الأمر بالفرد- غير العالم وآثار الفرد تبقى فيه ". إن هذا الموقف هو الذي يسمح لفويرباخ بأن يؤكد أن: " الموت هو موت فحسب بالنسبة للأحياء كما لو كانت الحجة الابيقورية تعني بطريقة حاسمة بالخوف المحتمل من الموت، وكما لو كان القلق والإحباط النابعان من اللاوجود- non.being راجعين فحسب إلى تأمل عقلي زائف. ومن السمات الأخرى، والتي ربما لا تقل عن ذلك أهمية والتي تدعم فلسفة فويرباخ عن الموت، تمجيده للموت، وفي غمار هذا التمجيد يبرز عنصران معا هما اقتناعه بأن الطبيعة ليست تواقة للحياة ان غريزة المحافظة على الذات هي في الوقت نفسه غريزة التدمير... فميلاد كائن هو في الوقت نفسه موت كائن آخر(21) أما العنصر الثاني فهو الانجذاب تجاه الموت الذي يمكن رصده بوضوح والذي يبدو بالفعل في مؤلفه "أفكار عن الموت" " أيها الموت ليس بمقدوري انتزاع نفسي من التأمل العذب في طبيعتك الرقيقة المرتبطة ارتباطا وثيقا بطبيعتي، يا مرآة روحي وانعكاس وجودي! من قلب انفصال الوحدة البسيطة للطبيعة عن ذاتها تنشا الروح الواعية وينهض هذا النور المتأمل لذاته على نحوما يسطع القمر في المجد المنعكس عن الشمس. وكذلك أنت أيضأ لأ تعكس في توهجك الرقيق إلأ اللهب المتقد للوعي، أنت نجمة المساء في الطبيعة ونجمة الصباح للروح، والحمقى وحدهم يظنون أن هاتين نجمتان منفصلتان وأنهم بعد الموت وحده يصلون إلى عالم الروح وأن الحياة الروحية تبدأ بعد الموت فحسب كما أن السلب الحسي هو وحده الذي يمكنه أن يكون شرط الروح وأساسها (22) ". غير أن هذا الانجذاب نحو الموت لا يقوم، على نحو ما يبدو من هذه الفقرة بالذات، على هوية الموت مع الروح وهو ما كان يمثل رؤية فويرباخ الأصلية. ففي قصيدة طويلة، كتبها بايقاع خارج على القواعد المالوفة للوزن الشعري وذلك بعد وقت قصير من إصدار كتابه " أفكار عن الموت " عبر فيها فويرباخ عما سيقوله بعد ذلك بسنوات طويلة في مؤلفه " مشكلة الخلود من منظور الانثروبولوجيا". ونجد منذ البداية تعبيرأ عن هذا الانجذاب للموت منفصلا تماما عن الموقف المثالي التأملي الأصلي: أنا أنجذب بعيدا عن هذه الحياة لأسلم قيادي إلى العدم ويفتتح القصيدة الموسومة" قصيدة مقفاة عن الموت " (1830) (23)؟ بنفس النغمة التي تعاود الظهور مرة أخرى. أنا أنجذب نحو العدم كما لوكنت أضرم النار في حياة جديدة ولا ترجع الأهمية الخاصة لهذه القصيدة ومغزاها الى كونها تبين أن فويرباخ قد،تخلى عن موقفه الهيجلي بعد أن كتب تقريبا، كتابه " أفكار عن الموت " وإنما إلىأنها تكشف الجوانب المشرقة في وجهات نظره عن الموت، وذلك بجلاء يفوق ايضاحه النثري المتأخر زمنيأ كثيرأ عن ذلك (24) وتتمثل هذه الجوانب المشرقة في وحدة الجسد والنفس واقعية الموت وتناهيه، وإنكار الخلود الشخصي في العالم الآخر(25)، وأخيرا وجهة النظر القائلة بأن الخلود الوحيد هو الخلود العضوي في نسلنا وأن النعيم الحق يتمثل في الحياة من أجل الأجيال المقبلة والبقاء في ذاكرتها. وربما كان ما يفوق ذلك إمتناعأ هو الواقعة القائلة بأننا نجد هناك الفكرتين عن الموت اللتين أصبحا بارزتين في الفكر اللاحق: الموت لا باعتباره كارثة مفاجئة وانما بأعتباره مرتبطا بالحياة منذ البداية، وتوقع الموت كأداة لمعرفة الوجود، وكذلك الوجود الأصيل بالمعنى الهيدجري للاصطلاح. لكن فويرباخ على نحو ما سنرى يعتقد أن صدمة الوعي المرهف بالموت، سوف تؤدي إلى تطهير شاف يحدث تلقائيا سلاما عقليا وتصالحا مع واقعة اضطرارنا للموت. وتعد المقاطع التالية أكثر مقاطع " القصيدة المقفاة عن الموت (26) إفصاحا: (وحدة الجسد والنفس). أنا من طبيعة لا تتجزأ موجود واحد واحد أنا، كلية واحدة لا أتنصل من شيء في كياني لا أستطيع أن أضيف اليه أوأنتقص منه شيئأ فالانسان لا يمكن أن يصاغ في أشلاء أو يتجزأ على نحو ما تهوى(تناهى الموت) لأن الموت ليس نكتة سخيفة والطبيعة لا تأتي حيلا مرحة، فانها تنهى الحياة بأسرها بالموت والحق أن الوجود يتبدد بذاته، ويلحق بمرتبة العدم. (خرافة الحياة الأخرى) رغم أن الحكايات القديمة تعلمنا أننا ملائكة سنغدو فان تلك هي حماقة اللاهوتيين هم ، أولئك الذين دلسوا علينا طوال عهود. ان ذاتيتي الخاوية تتحلل في ضريحي الكئيب وتلك هي نهاية الهوية... رغم ذلك لن أنهض أبدأ من جديد فالموت ينهي حياتي ولا بد أن أفنى وأتحول إلى عدم إذا ما كان هناك " أنا " جديدة سوف تنمو منسلة مني (الخلود الوحيد هو استمرار الحياة في نسلنا) البشرية الجديدة هي أفضل مني " أنا " ، من أجلها هربت إلى العدم هذه هي السماء الحقيقية،التي أرقى اليها عقب موتي. طريدأ اسعى نحو أولئك جميعا الذين لما يولدوا وبعد لما يوجدوا... أنتم أيها الصغار الأعزاء،الذين ستقبلون بدلا منا، الذين ستنشقون نفس حياتكمامن العمق البارد لقبرنا. (الموت كامن في الحياة منذ البداية ذاتها) كما يوجد في لب ثمار الليمون الصفراء،العصير الحمضى ،كذلك يقبع كما لو كان في دثاره،الموت في نخاعك ذاته، (الموت كأداة لمعرفة الوجود) الموت يكشف النقاب عن أساس الوجود، وهو وحده الذي يلقى على الطبيعة الضوء،وفي الموت وحده يتكشف الوجود،ومن ثم فانه في الموت يتحقق. (كيفية التصالح مع الموت) ... من هنا تلق هذه النصيحة الطيبة مني،رغم أنها قد لا تبعث البهجة صراحة:واجه الموت جاثيأ وأنت، تصلي،فالقدير هو ألم الاحتضاردع الموت في البدء يهزك ودع نفسك تفعم فزعأ منه ثم ينساب من تلقاء ذاته إلى أحشائك الدفء الرقيق للسلام الذهني. طهر نفسك أولا عبر الموت من النفس ويقينا سيعقب ذلك التصالح. إن دراسة فلسفة فويرباخ للموت من شأنها أن تكون ناقصة ما لما تذكر رؤيته للتاريخ: " ليس تاريخ الروح باعتباره التعبير الذاتي عن كائنات واعية بذاتها، مفكرة، وعاقلة- تدفقا بسيطا كتدفق الماء وإنما هو مسار معقول ومقصود، ومن-ثم فان الوجود التاريخي للفرد هو وجود مقصود، إنه حلقة معينة في الكل التاريخي.... إن لكل موجود بشري رسالته في الحياة ومصيره المقصود والمعقول، وهي تكشف النقاب عن نفسها في الفرد كدافع، ورغبة، وموهبة، وميل، ورسالة الإنسان الفرد إنما هي جوهره المقدس الذي لا ينتهك... إنها تقول: ينبغي أن تكون، يجب أن تكون، لكن هذا الوجوب هو وجوب رقيق ومعتدل، إنه ليس قهريا... وهدف الإنسان الداخلي هو كذلك هدف وجوده...... وإذا كان التاريخ فحسب لا شئ ، وإذا كان الفرد العادي المجرد من كل حتمية تاريخية وكل هدف (أي الفرد العابث الخاوي الذي هولا شئ )، هو شيء ما... عندئذ فحسب لا يكون هناك شيء بعد الموت " . (27) وإذا ربطنا هذه الثقة في قصديه العملية التاريخية بالانجذاب الرومانتيكي للموت ............... . الهوامش : (1) غالبا ما يقع بعض الخلط بشأن كتابات فويرباخ عن الموت والخلود"فيما يتعلق بعمله الموسوم "أفكار عن الموت والخلود"وليس هناك بالمعني الصحيح مثل هذا العمل علي الاطلاق فهو لا يعدو أن يكون عنوان المجلد الثالث من الأعمال الكاملة المنشورة في 1847والتي تضم]تأملات في الموت، المؤلف في 1830 والصادر دون اسم المؤلف[ مشكلة الخلود من المنظور الانثروبولوجيا1846حاشية حول :"تأملاتي في الموت والخلود" وأخيرا هناك في المجلد العاشر الذي يحمل العنوان : (( الله والحرية والخلود )) حاشية أخري تحمل عنوان : ((حول مشكلة الخلود من منظور الانثربولوجيا )). (2) الأعمال الكاملة-عشرة أجزاء –ليبزج-1847 –1866-الجزء الخامس والثالث ص15 –17 (3) المصدر نفسه – الجزء الثالث – ص 18. (4) المصدر نفسه – الجزء الثالث – ص 19. (5) المصدر نفسه – الجزء الثالث – ص 63. (6) المصدر نفسه – الجزء الثالث – ص 20-21. (7) المصدر نفسه – الجزء الثالث – ص 26-28. (8) المصدر نفسه – الجزء الثالث – ص 57-58،61. (9) نظرية المرض الروحى (المصدر نفسه ص 62)، قد يكون من المناسب أن نورد هنا تطور الجدال حول علاقة الجسم- الذهن على نحو ما طرحه فويرباخ بعد ذلك بستة وثلاثين عامآ في مؤلفه "الله والحرية والخلود"(المجلد العاشر من كتاباته الكاملة الصادر و 1866) وذلك في فصل عقده بعنوان"حول سلطان النفس على الجسم"، فبعد أن ناقش تأئيرات الجسم على العقل كتب يقول:"هناك حقائق عديدة تبرهن على أن قرارات الارادة والأفكار والتصورات والانفعالات مثل الفرح، والأمل، والحب، والخوف والغضب، والضيق، والفزع، والحزن يمكن بل وهي تقرر حالتنا العضوية الطيبة أو السيثة، صحتنا أو مرضنا، حياتنا أو موتنا، وهذه الوقائع صحيحة ولكن ماذا عن الاستنتاجات التي يتوصل الروحانيون إليها انطلاقا منها؟ وماذا عن المقدمات التي يعدونها أمورا مسلما بها؟ الا نفترض مسبقا أن النفس تريد وتفكر وتتأمل لذاتها بدون الجسم؟ولكن أليست النفس في غمار ممارستها للسلطة على الجسم إن لم نقل على الأقل في الجسم أو إذا كان المرء يكره"في"تلك باعتبارها تثير الكثير عن العلاقة المكانية أليست متحدة ومرتبطة بصورة حميمة بالجسم وبالتالي تصبح على هذا النحو نفسا متجسدة بالفعل؟ فكيف يمكن إذن أن تحل تلك العروة وأن تعزل النفس وأن يرى كفعل على الجسم ما هو فحسب فعل بالجسم وعبره؟ وكيف يمكن على الإطلاق مزاوجة تأثيرات كالحب والغضب والضيق والخوف والفزع مع نفس غير مادية وغير جسمية وغير حسية؟ من المحقق أن هناك فارقآ يعتد به بين أن أصبح مريضا بسبب نفسي أو بسبب عضوى وبين أن يكون ذلك من خشية التلوث أو من التلوث الفعلي وبين أن أفقد الوعي بسبب ضغط خارجي على مخي أو يغمى على بسبب أنباء أو مشهد يسبب لي صدمة، ولكن التمثيل نفسه ممكن فحسب على أساس وجود مخ وهذا يتلاءم تمامأ مع حقيقة أن انفعالا ما باعتباره حركة للمخ يؤدي إلى تأثير مطابق كذلك على سائر الجسم(نفسه الجزء العاشر- ص 177- 178) (10) المرحع نفسه- الجزء العاشر- ص 63- 64. (11) المرجع نفسه- الجزء العاشر- ص 65، 68- 69. (12) المرجع نفسه- المجلد العاشر- ص 84- 85. (13)المرجع نفسه- المجلد العاشر- ص 87. (14) المرجع نفسه- المجلد العاشر، ص88 (15) المرجع نفسه- المجلد العاشر، ص 90. (16) في الثانية والعشرين وبعد عامين من الدراسة تحت إشراف هيجل كتب فويرباخ يقول : (( يتملكني الآن الحافز إلى القاء نفسي نحو النقيض ذاته ))- كارل جروين- رساثل وترات لودفيج فويرباخ- مجلدان- ليبزخ- 1874- الجزء الأول ص 16. (17)الأعمال الكاملة- المجلد الثالث- ص 385. (18) المرجع نفسه- الجزء الثاني- ص 386، غير أن (( تملك ناصية فكرة الخلود ليس برهانأ على ضرورة ووجود الخلود، إنه برهان قائم فحسب بالنسبة لأولئك الذين يجعلون حياتهم معيارآ لما هو كائن ولما ينبغي أن يكون، وله قيمة فحسب لأولئك الذين يستمدون العالم من الفكر ومن كلمة، ومن روح، جوهر المسيحية - ترجمة مورين ايفانز- لندن- ط- 2- 1877 ص124. (19)جرهر المسيحية- ص 247. (20)الأعمال الكاملة- المجلد الثالث- صر 71 (21)المرجع نفسه- المجلد الثالث- ص 37 (22)المرجع نفسه - المجلد الثالث- ص 70 (23)المرجع نفسه- المجلد الثالث- ص91- 108 (24) كتب فويرباخ يقول عن هذه القصيدة وعن غيرها من القصائد وأشعار الحكمة 1830-humoristisch philosophisc وكذلكsatyrisch- theolgische distichen . إنه يعارض في كل منها حقيقة الحياة بحقيقة الفلسفه والتأمل والدين وأنه قد عبر (1834 فيها كشاعر عما صاغه بعد سنوات طويلة كفيلسوف ومفكر (المجلد الثالث- ص 390-391). (25) لا تغدو االحياة حياة إلا لأنه ليست هناك أخرى (26)Ich bin untheibarer Nature Zu denen treibts mich hinzufahren Ein Sein’ ein Ich’ ein Ganzes nur ; Die noch nicht sind und noch nicht waren (27)الاعمال الكاملة – المجلد الثالث –ص79-80 (28)المرجع نفسه – المجلد العاشر ص235. (29)النص الالماني fuerchte dich nicht von dem todiDu verbleibst ja stets in der Heimat auf dem vertrautem Grund welcher Dich lieberd empfangt satyrisch- فلسفة الموت - نبيل حاجي نائف - 03-22-2008 مرحباً لايبنتز , هذا رأي لمشكلة الموت كنت قد كتبته سابقاً. وسوف أكتب بتفصيل أكثر مستقبلاً . تحياتي لإنسان والموت "لقد مات رجلاً عرف أنه سيموت زمناً طويلاً" هذا ماقاله ليون برنشفيك. عندما قرأت هذه الجملة - وكان هذا منذ حوالي -40 عاماً - أثرت في كثيراً وهزت كياني, مع أن الكثيرين يجدونها شيئاً عاديا وطبيعياً وبديهياً وليس فيها شيء غريب, والمؤثر أكثر أن برنشفيك الذي عرف وأدرك ذلك, مات أيضاً. إن موت كل منا حتمي ولكن أغلبنا لا يستطيع تصور حدوثه, ففناء الروح أو النفس غير معقول , حتى "كانت" لم يستطع تصوره ولم يقبل به. فالوجود وجد عندما وجدت أنا- أو كل منا- , وبزواله سوف يزول هذا الوجود , هل هذا ممكن أن يتصوره ويقبل به أحد منا؟ إن هذا غير معقول؟ أ بعد موتي سوف ينتهي كل شيء ؟ هل هذا معقول؟ ومع ذلك سيحدث فعلاً , وهذا ما يهزالكيان . لقد تعامل البشر مع هذا بطرق كثيرة, وقد حققوا المطلوب في أغلب الأحيان, وهو القناعة الفكرية والرضى النفسي . وكان التعامل مع ذلك بطرق تحقق الرضى والهدوء الفكري والنفسي منها : - القبول بموت مؤقت مثل النوم يكون هناك صحو بعده وقد تبنى هذه الطريقة الأغلبية. - وأمن البعض ببقاء الروح ولكن مع تغييرها للجسد عند الموت الذي يكون للجسد فقط" بالتناسخ " - وقام البعض بالانتماء إلى بنية أكبر وأشمل وأطول عمراً تبقى بعد زواله , فهناك من يؤمن بأنه جزء من هذا الوجود أو بوحدة الوجود كما ذكرنا, أي يؤمن ببنية أوسع منه ينتمي إليها وتبقى بعده, وهؤلاء قبلوا بموتهم وهم يؤمنون أنهم سوف يبقون كجزء من هذا الوجود في مكان وزمان معين كجزء من البنية التي ينتمون إليها وهي الوجود كله, وكان مبدأ غالبيتهم عميل منيح وكب بالبحر فلا يصح إلا الصحيح او اعمل واجبك تجاه الذي تؤمن به, وحققوا بذلك الرضى الفكري والنفسي . - وقام البعض بتناسي ذلك أوعدم التفكير به والانخراط في الواقع والبحث عن اللذة والسعادة وتحاشي الألم, والعيش كوجود فردي ذاتي فقط , وقد فعل ذلك سارتر بأن قال : عندما أكون موجوداً يكون الموت غير موجود, وعندما يوجد الموت أكون أنا غير موجود لذلك لا يهمني موتي , فقد أغمض عينيه وتناسى الموت, والكثيرين من غير المؤمنين ببقاء الروح يفعلون ذلك . - وهناك من لم يقتنع بحتمية الموت وأخذ يسعى للتغلب عليه , وكل حسب وضعه وامكاناته, فقد بحث الكثرون عن إكسيرالحياة وبزلت ملايين من ساعات التفكير والعمل والتجارب , ضمن الخيارات المتاحة المتواضعة للوصول إلى إكسير الحياة وقهر الموت ولم يتحقق شيء, والأن ما زال الكثيرون يعتبرون أن الموت يمكن تأجيله أو القضاء عليه, فقد جرب التبريد للاحتفاض بالجسم أو الدماغ فقط لمدة طويلة دون تلف ريثما يتم التوصل إلى معالجة أسباب الموت, وفكر آخرون بنقل وعي وأحاسيس وذاكرة الإنسان إلى الأجهزة والبنيات الإلكترونية التي يمكن إصلاهها أو تبديل الذي يتلف منها وبالتالي الابقاء على ذات الإنسان متوضعة ضمن هذه الأجهزة وإلى أزمان غير محددة . والكثير من علماء البيولوجيا يعتبرون أن الموت له دور ووظيفة هامة يؤديها وأنه كان من الممكن أن لا تموت الكائنات الحية أو تعيش إلأى فترات طويلة, وقد لوحظ أن غالبية الكائنات الحية تعيش فقط للفترة الكافية للنضوج والانجاب والكافية لاستمرار النوع, وكذلك وجد أن الخلايا الحية تموت بعد فترة زمنية محددة فهي مبرمجة فزيولوجياً على ذلك, ويمكن من الناحية النظرية التحكم بهذه البرمجة وجعلها تعيش لفترات زمنية غير محدودة . فلسفة الموت - السلام الروحي - 04-07-2008 ماذا لو فكرنا بالحياة والموت على مستوى أوسع وأشمل من كائنات في الطبيعة إلى الطبيعة ذاتها؟! نلاحظ أن المادة بدخول الحياة إليها تؤدي إلى فنائها كما تفنى النار الحطب ، ولكن هناك اختلاف بين الحالتين ففي النار تفنى المادة مباشرة وتدريجيا ، أما مع الحياة فإن المادة تنمو وتزداد إلى حد معين عندها تتقهقر وتتراجع حتى تفنى تلك المادة الحية أو ذلك الوقود ، فتغيير المادة بدخول الحياة إليها يحيلها إلى ركام وفناء ، ولو نظرنا للطبيعية من حولنا نجد أن التحول والتغير الحي الذي يحدث للمادة ؛ اقصد به التغير البيولوجي متناثرا في الطبيعة في الماء وفي الهواء وفي الثرى ، والتغير البيولوجي يدخل فيه الفيزيائي والكيميائي بينما هو لا يدخل في أي من الفيزيائي والكيميائي بينما هما يتداخلان مع بعضهما البعض! هذا التغير البيولوجي لم يتطور بدرجة تجعل مثلا كوكبا كاملا جسما حيا مثل كوكب الأرض وإن كان يحمل حياة متنوعة في داخله ، والمادة في الحياة تقوم على التحول من خلال الطاقة التي تكتسبها من الخارج وعليه كيف ستكون هذه الطاقة وهذا الوقود الذي سيغذي هذا الكوكب كاملا من الخارج بحيث يتمثلها بالداخل ثم يرجعها للخارج ؟ خارج هذا الكوكب ، كما هو حال أي كائن حي إدخال وتمثل وإخراج ، فلا يوجد غير فوتونات شعاع الشمس التي أدت لظهور الحياة على الأرض ولكنها غير قادرة على بعث الحياة بالكوكب كنظام حي ، ولو افترضنا أن كوكبا أو نيزكا تحول إلى نظام حي فبالضرورة سيفنى الكوكب والنيزك بشكل أسرع منه في حالته الاعتيادية ، وإذا كان عمر الكوكب عشرة مليارت سنة فسيتناقص هذا العمر ويتلاشى ليس بسبب انهيار النظام الشمسي ، وإنما بسبب دخول الحياة فيه واستهلاكه من الداخل فالحياة بقدر ما تبني فإنها تؤدي للهدم على نحو كارثي ومفجع! طبعا لا نتصور أن كوكب الأرض يتحول إلى كائن يجوب الفضاء ويلتهم المريخ ولكن عملية التكوين الأولى للكواكب ونظامها الشمسي في المرحلة الغازية لم تؤدي فيها العمليات الفيزيائية والكيميائية لتحقيق العملية البيولوجية لتحول تلك المادة بحجم كوكب إلى نظام حي! وما حصل أن تلك الغمامة الغازية المتكورة على نفسها اشتعلت من الداخل مكونة الشمس كما يشتعل عود ثقاب بينما أطراف الغمامة تحولت إلى كواكب غازية والقريبة من الشمس زال قمعها الغازي وبقي لبها المتصلب ، وفي واحد من اللب المتصلب وبعد مليارات السنين من التشكل ظهرت فيه الحياة المبعثرة والمتنوعة! الآن لنتصور أن كواكب في تلك المجرات البعيدة تحولت كاملة لمخلوق حي وبدأت تفترس ما حولها! وقفة تأمل! فلسفة الموت - Awarfie - 04-11-2008 كثيرا ما فكرت ، لماذا ترعب هذه الظاهرة " الموت " بني الانسان ! و نجد بان اكثر من ترعبهم هم المفكرين المثاليين ! لطالما فكرت بهذا الكون من منطلق نظريات التكوين و آخرها نظرية البيغ بانغ ، و عندما اجد بانني لست اكثر او اهم من مجرد كائن ، او جسيم ، او مجرد فيروس حي في هذه الكينونة القائمة ذات التغيرات المستمرة و التي نصفها بانها " الحياة " . و لقد توصلت الى قناعة بسيطة و صادقة ، هي ان لا قيمة للحياة بعد الموت ! أليست جملة مضحكة تلك التي ذكرتها للتو ؟ " لا قيمة للحياة بعد الموت " ! فعلا ! بدات افكر بهذه الطريقة ! اي ،عندما اموت ، فلا قيمة للحياة بعد ذلك . اذا فانا بموتي لن أخسر شيئا ! وهنا يكمن العزاء ! فالانسيان دوما يفكر بطريقة مختلفة وهي انه يعتبر ان الموت هو ان يخسر كل ما في هذه الدنيا من متع ! بينما فكرتي تقول بان موتي هو اللحظة التي تتوقف المتع عن تعاملها معي ، و كان الموت و توقف المتع يحدثان معا ، في الآن نفسه ، تجاه شخص بعينه ، هو انا . لهذا احمل شعورا بانني لن احس بالندم او بالضيق - اذا ما داهمني الموت و كنت ما ازال افكر بشكل طبيعي - من انني مقبل على الزوال ! فانا وقتها سياكون كمن انتهى دوره في لعبة بين مجموعة ، تقوم على ان من ينتهي دوره ينسحب بهدوء و يتحول الى مشاهد ! لكن الفرق هو انني وقتها لن احكون مجرد مشاهد ، فالمشاهد قد يتالم لخساترة دوره و خسارة متعة المشاركة في اللعبة ، اما انا فلن اكون شاهدا او متابعا او حامل مشاعر الم او ضيق . اذا فلن يكون الموت مهما بهذا الشكل الذي يتحدث فيه الآخرون . و بناءا عليه اجد بان الموت لا يخيفني الا اذا ترافق مع آلام شديدة كما يحدث في حالة المرض المؤلم الذي يطول حاملا معه للمريض الكثير من المعاناة . و لكم وددت موتا سريعا و حاسما يتم خلال ثوان فقط . و اني ارى ان اولئك الذين يخافون الموت بصفته " وجودا " - و ليس كمعاناة من مرض و آلام - يعانون من نرجسية فوق العادة ، وهي سمة عامة يتمتع بها الفنانون و الفلاسفة و ابطال الرياضة و كل من يرغب بشعبية تكفل بتخليده . و قد لا يصدق البعض ما اقول ، و لكن خير مثال على صدق ما اقوله ، انني " آورفاي " الذي لا يعرفه شخصيا احد في هذه الدنيا ! فليس من صديق او قريب يعرف انني آورفــاي او Awarfie الذي نجد اسمه في بعض المواقع او كثير من المشاركات التي اكثرها يحمل من السخافة ما اخجل به ، لكن بعضها يحمل من الجدية و الموضوعية ، ما افتخر به . لكني لم ابحث عن الشهرة في واقعي ، ولم اجعل من اسمي وسيلة اشتهر بها في عالم الواقع . و اعتبر ذلك جزء من نظرتي الى الموت ، لان اولئك الذين يخافون الموت و يكرهونه هم اكثر الناس تشبثا بالحياة و مظاهرها من اولئك الذين يعتبرون ان تلك الحياة و مظاهرها ليست الا قشورا لا قيمة لا ما لم ترتبط بدور هام ، و ذلك الدور لا علاقة له باسم حامل الدور . تحياتي . :Asmurf: فلسفة الموت - نبيل حاجي نائف - 04-12-2008 الأخ والصديق العزيز والمميز " Awarfie" أرجو أن لا تعتب عليّ لا نقطاعي فترة طويلة عن التواصل معك . أنني متابع جزء كبير من كتاباتك وإن كنت لا أشارك فيها , فأنا أقضي نصف وقتي بالاستجمام وشم الهوا , والباقي في العمل في موقعي وبعض المواقع الأخرى التي أضع فيها موضوعاتي التي أكتبها . أن أمثالك حتماً سوف يضعوا بصمتهم على أنهم أتو إلى هذه الحياة . كما قلت الموت لا يخاف منه , إنه مثل النوم بلا أحلام أو مثل التخدير العام . لا مشاعر ولا أحاسيس ولا أفكار . ولكن في رأيي أن مشكلة الموت يمكن حلها وسوف تحل حتماً , وفي وقت ليس بعيد , ولكن ليس أثناء حياتنا نحن . فالعلوم والمعارف الدقيقة والتكنلوجيا المتطورة بكافة أشكالها بما فيها التكنلوجيا البيولوجية والعصبية , تتتطور وتتقدم بتسارع رهيب . وهم سوف يحققوا ما سعت العقائد والأديان لتحقيقة بطريقة خيالية وهمية . تحياتي ومودتي لكم صديقك نبيل |