حدثت التحذيرات التالية: | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
هل ستربح الولايات المتحدة الحرب في العراق؟ - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3) +--- المنتدى: فكـــر حــــر (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=57) +--- الموضوع: هل ستربح الولايات المتحدة الحرب في العراق؟ (/showthread.php?tid=6243) |
هل ستربح الولايات المتحدة الحرب في العراق؟ - ابن سوريا - 03-07-2008 تحقيق مهم نشر في دورية الـ"لوموند ديبلوماتيك" الفرنسية الشهرية لعدد هذا الشهر. هل ستربح الولايات المتحدة الحرب في العراق؟ آلان غريش انخفاضٌ في الخسائر الأميركية، خسائرٌ للقاعدة تمكّنت القوات الأميركية من تحقيق بعض النجاحات في العراق وذلك من خلال تبنّيها لتكتيكات جديدة في مواجهة التمرّد، بما فيها استخدام خدمات علماء الأنتربولوجيا (الإناسة). حتى أنّ المرشح الجمهوري جون ماك كاين لانتخابات تشرين الثاني/نوفمبر الرئاسيّة كان قد صرّح بأن الولايات المتحدة هي في طريقها نحو ربح المعركة. ولكنّ هذه الادّعاءات بالانتصار ليست إلاّ حجاب من الدخان يحاول من وراءه الرئيس جورج بوش إدامة الوجود الأميركي في بلاد الرافدين. " في حين لا يزال العدوّ خطيراً ولا يزال هناك المزيد من العمل، حصدت التعبئة [1] الأمريكيّة والعراقية نتائجاً، قلّة منّا كان ليتصوّرها منذ سنةٍ فقط (تصفيق). فعندما اجتمعنا في العام الماضي، كثيرون كانوا يعتقدون أنّه من المستحيل تطويق العنف. وبعد عام، انخفضت نسبة الاعتداءات الإرهابيّة الواسعة النطاق، كذلك القتلى المدنيّين، والمجازر الطائفيّة أيضاً. (...) وعندما اجتمعنا في العام الماضي، كان للقاعدة صروحٌ في مناطقٍ عديدة في العراق، وكان قادتها يقترحون على قوّاتنا طريقاً آمنة للخروج من البلد. اليوم، القاعدة هي التي تبحث عن طريقٍ آمنة (للهرب)". هكذا عرض الرئيس جورج بوش، في خطابه الأخير أمام الكونغرس حول وضع الاتحاد في 28 كانون الثاني/يناير 2008، الحالة التي وصلت إليها الحرب التي بدأت منذ خمسة أعوام في العراق. وقد يكون من المُغري الاستهزاء بهذه الخلاصة، نظراً لمدى خداع الإدارة الأميركية للرأي العام، وتلاعبها بالوقائع وتزويرها للمعطيات... ولكنّه في الواقع، قد أكّدت دراسةٌ اُجريت مؤخّراً على أنّ السيد بوش وستّة من أقرب معاونيه كانوا قد كذّبوا، بين 11 أيلول/سبتمبر وبداية الحرب...935 مرّة فيما يتعلّق بالخطر الذي تشكّله العراق بالنسبة للولايات المتّحدة [2]! لكن هذه المرّة، بدا وكأنّ تصريحات ساكن البيت الأبيض، التي تمّت استعادتها وتضخيمها من قبل وسائل الإعلام وبعض المسؤولين الأميركيّين وحتى الديمقراطيّين، ترتكز على معطياتٍ قويّة. فبحسب تقريرٍ أمريكي [3]، في غضون سنتين، انتقل عدد الضحايا في صفوف المدنيّين العراقيّين، من حدٍّ أقصى بلغ 000 3 شخص في تشرين الثاني/نوفمبر 2006 وصولاً إلى 700 في كانون الأول/ديسمبر 2007؛ وبالنسبة لجنود التحالف إنتقل من معدّل 300 جنديّ شهرياً في نهاية العام 2006 (130 في أيار/مايو 2007) إلى حوالي العشرين في نهاية العام المنصرم. كما انخفض عدد الاعتداءات الكبيرة (السيارات المفخّخة، العمليات الانتحاريّة، إلخ) من 130 في حزيران/يونيو 2007 إلى 40 في كانون الأول/ديسمبر 2007. أخيراً، وفي حين قُتل 200 2 شخص في كانون الأول/ديسمبر 2006 في أعمال عنفٍ طائفية (خصوصاً بين السنّة والشيعة)، انخفضت الحصيلة نفسها إلى حوالي 200 في تشرين الثاني/نوفمبر 2007. وقد حمل هذا النجاح الإدارة إلى الإعلان عن انسحابٍ تدريجيّ لـ000 5 جنديّ شهرياً -وهو قد بدأ جزئيّاً: إذ ستنتقل القوات الأميركية من حدٍّ أقصى بلغ 170 ألف جنديّ وصولاً إلى 130 ألف قبل الصيف. تحالفٌ مع المتمرّدين السنّة مع ذلك، وفي نهاية العام 2006، بدا وضع الجيوش الأميركية في العراق مُعرّضاً للخطر بصورة جديّة؛ وكان الضغط الذي مارسه الرأي العام للإنسحاب السريع قويّاً، وهذا ما أكّد عليه انتصار الديمقراطيّين في انتخابات الكونغرس في تشرين الثاني/نوفمبر. وقد أصدرت اللجنة الثنائيّة التي ترأسها وزير الخارجية السابق جايمس بيكر والرئيس السابق للجنة الشؤون الخارجيّة التابعة لمجلس النوّاب لي هاملتون، حكماً قاسياً جداً على سياسات واشنطن. فقد اقترحت تغييراً للوجهة، وانسحاباً تدريجياً للجيش الأميركي، إضافةً إلى فتح حوارٍ مع سوريا وإيران، وأخذ المشكلة الفلسطينيّة بعين الإعتبار. لكنّ مع ذلك الضغط، فإن الرئيس بوش قد رفض التنازل. واتّخذ وجهةً مختلفة، ألا وهي تلك التي نصّ عليها تقرير المؤسّسة اليمينيّة American Enterprise Institute. فالنصّ الذي حضّره فريدريك كاغان، أحد الكتّاب المحافظين الجدد، والجنرال المتقاعد جاك كين تحت عنوان "إختيار النصر: خطّة للنجاح في العراق"، قد نصّ، على عكس لجنة بيكر-هاملتون، على إرسال فرقٍ إضافيّة وتعزيزها في منطقة بغداد من أجل إعادة الأمن إليها. فهل كان هذا الخيار هو الأفضل، كما يدّعي السيّد بوش في خطابه حول وضع الاتحاد؟ لا شكّ أنّ وصول 30 ألف جنديّ قد حسّن الوضع الأمني في العاصمة. وممّا ساهم في الحدّ من عدد الإعتداءات القيام ببناء الجدران لفصل الأحياء السنيّة والشيعية، وتخفيف الاحتكاكات الطائفية، ومضاعفة حواجز التفتيش (هكذا تمّ إحصاء 100 ألف عائق من الاسمنت المسلح على الطرقات في بغداد وضواحيها)، الخ.، . ومع أنّ المقارنة ليست بحجّة، يمكننا الإشارة إلى أنّ الجيش الفرنسي كان قد فاز بـ"معركة الجزائر" في العام 1957، من خلال تعزيز قوّاته، الأمر الذي لم يمنعه من أن يخسر الحرب... عنصران إضافيّان سهّلا عمليّة الحدّ من العنف في العراق. الأوّل هو وقف إطلاق النار الأحادي الجانب الذي أعلن عنه السيّد مقتدى الصدر في آب/أغسطس 2007 [4]. ويمثّل جيش المهدي، وهو أقوى ميليشيا في البلد، الشيعة الأكثر فقراً. ويحرّكه شعورٌ حادٌّ بالقوميّة، وحذرٌ دائمٌ إزاء القادة الإيرانيّين، وعدائيّة راسخة إزاء الوجود الأميركي. لكنّ وقف إطلاق النار هذا يبقى هشّاً، ما دامت أهداف السيّد الصدر والولايات المتحدة متعارضة. العنصر الثاني، وهو الأكثر حسماً في انخفاض نسبة الاعتداءات، كان التقارب بين الطائفة السنيّة والولايات المتّحدة، الذي تسارع في ربيع العام 2007 وتضمّن خطوتين: من جهة، موّل المحتلّ القبائل بشكلٍ كبير من أجل الحصول على تحالفهم؛ ومن جهة أخرى عقد اتفاقيّات مع مجموعات مقاومة مُعادية لأميركا. وتضمّ هذه الحركات التي يدعوها البعض "الصحوة" والتي تسمّيها واشنطن، بصورة مخاتلة، "مواطنين محليّين معنيّين"، عشرات آلاف المسلّحين (60 ألف على الأرجح). تختلف حوافز هؤلاء: أولاً وخصوصاً، رفض تنظيم "القاعدة"، وتطرّفه، ورغبته في فرض "دولةٍ إسلامية" متشدّدة بشكلٍ مفرط، لا تتماهى أهدافها "العالميّة" مع أهدافهم؛ ومن جهة أخرى، تبحث هذه المجموعات، من خلال تحالفها الضمنيّ مع الولايات المتحدة، إلى موازنة "الخطر الشيعيّ"؛ أخيراً، يشكّل المال محفّزاً قوياً لقادة القبائل. وتظهٍر نتائج هذا "التحوّل" جليّة، بحسب تقرير الصحافيّ باتريك كوكبورن: مدينة الفلّوجة، "التي لا تزال العديد من مبانيها مدمّرة منذ أن استولت عليها قوات البحرية الأمريكيّة في تشرين الثاني/نوفمبر 2004، هي أكثر هدوءاً بكثير ممّا كانت عليه منذ ستّة أشهر. ومحاربو القاعدة الذين كانوا يسيطرون على المدينة إمّا رحلوا، أو تخفّوا [5]". لكنّ هذا التحالف الغريب يبقى هشّاً. أولاً لأنّ مجموعات المقاومة التي تحالفت مع الولايات المتحدة لا تزال مُعادية، بشكلٍ عميق، للمشروع الأميركي ولأيّ تواجدٍ دائم لجيوشه. وثانياً، لأنّ تلك الحركات السنيّة المسلّحة تعارض الحكومة المركزيّة التي تسيطر عليها الأحزاب الشيعيّة، كما يشير إلى ذلك تزايد المواجهات في بغداد ومناطقٍ أخرى سنيّة بين الميليشيات "الحليفة" للولايات المتحدة والشرطة أو الجيش العراقيّين، ذوي الغالبيّة الشيعيّة [6]. كذلك لا توجد أيّة سلطة مركزية لـ"الإستفادة" من النجاحات الأميركية. وقد أدّى التحالف بين الولايات المتحدة والميليشيات السنيّة إلى تفاقم عمليّة تفتّت السلطة. وتسارعت وتيرة "التطهير الطائفي" في العديد من المناطق، ومنها العاصمة بغداد؛ الأمر الذي ساهم - مع إضعاف "القاعدة" وتحالف المجموعات المسلّحة السنيّة وحصار الأحياء عبر بناء الجدران - في خفض المواجهات بين الطوائف. مع ذلك، لم يحقّق هذا الانقسام حيّزاً أكبر من الإستقرار على المستوى الإقليمي أو المحلّي. لا تشكّل أيٌّ من "الطوائف" الثلاث الكبرى، الشيعيّة والسنيّة والكرديّة، مجموعة متجانسة. وفي حين تحافظ كردستان على "استقلاليّتها"، تبقى منقسمة في العمق بين منطقةٍ خاضعة لسيطرة الحزب الديمقراطيّ الكردستاني وأخرى خاضعة للاتّحاد الوطني الكردستاني. ولقد أصبحت سلطة هذين الحزبين تواجه معارضة قويّة، مع بروز مجموعاتٍ كرديّة إسلامية. وفي الجنوب، تبقى المنافسة قويّة بين جيش المهدي والمجلس الإسلامي الأعلى للعراق التابع للسيّد عبد العزيز الحكيم. وعلى المستوى المحلّي، تعمل الميليشيات التي تفرض "النظام"، وفق منطق النهب على حساب السكّان. كما تشهد الحكومة المركزيّة على تقليص صلاحيّاتها ضمن "المنطقة الخضراء" في بغداد، هذا الحصن الضخم الذي تحميه قوّات المارينز. وتسهيلاً لإعادة دمج السنّة، مارست الولايات المتحدة ضغطاً على السلطات الرسميّة؛ وفي نهاية كانون الثاني/يناير وبداية شباط/فبراير، اعتمد البرلمان العراقي ثلاثة قوانين. الأوّل يتعلّق بـ"اجتثاث البعث" (الذي فرضه الحاكم الأميركي بول بريمير غداة "التحرير" في العام 2003، والذي أضحت الولايات المتحدة اليوم تعتبره مضرّاً)؛ والثاني ينصّ على عفوٍ جزئيّ عن عشرات آلاف المساجين (غالبيّتهم من السنّة)؛ أمّا الثالث فيحدّد إمتيازات السلطات المحليّة وانتخابها في الأول من تشرين الأول/أوكتوبر المقبل؛ وهو الأمر الذي قد يعطي للسنّة دوراً أكبر في المناطق التي يشكّلون فيها الأغلبيّة أو في المناطق المختلطة (إذ كانوا قد قاطعوا إنتخابات كانون الثاني/يناير 2005). مع ذلك، سيكون من الصعب تنفيذ هذه القرارات، لاتّقاد العداء بين القوى السياسية، ولضعف سيادة القانون. فمثلاً، رفض نائب الرئيس (السنّي) طارق الهاشمي، التوقيع على النصّ المتعلّق بـ"اجتثاث البعث" لأنّه، خلافاً للهدف المعلَن، يمكن لهذا القانون السماح بطرد المزيد من الأعضاء السابقين في البعث من جهاز الدولة. فمن الذي يربح في العراق؟ ، ليس العراقيّون على أية حال. لا شكّ أنّه سيستحيل تحديد الكلفة البشرية لهذه الحرب بالأرقام؛ ومن المعبّر أنّه لم تتمّ المبادرة إلى أيّ جهدٍ جدّي لإحصاء القتلى العراقيّين، في حين نعلم بشكلٍ دقيق عدد الجنود الأميركيّين الذين سقطوا في الحرب (3967 في 20 شباط/فبراير 2008). وقد بات الأمر يقتصِر على التقديرات التي تتوافق جميعها على نقطةٍ واحدة، هو حجم الكارثة. هكذا وضعت الشركة البريطانية، Opinion Research Business، مؤخّراً تقريراً يستند على مقابلات فرديّة مع 2414 من البالغين، يؤكّد على أنّ 20 في المئة من هؤلاء الأشخاص لديهم قتيلٌ واحد على الأقلّ في عائلتهم؛ وهكذا يقدّر عدد القتلى الذين سقطوا بشكلٍ مباشر أو غير مباشر، نتيجة الحرب بين 19 آذار/مارس 2003 وصيف العام 2007، بالمليون. في حين حدّدت إحدى الدراسات التي أجرتها جامعة جون هوبكينز، والتي نُشِرَت في مجلّة Lancet الطبّية في تشرين الأول/أكتوبر 2007، العدد بـ 650 ألف قتيل. ومن جهتها، أعلنت منظمة الصحّة العالمية، في تقريرٍ صدر في 9 كانون الثاني/يناير 2008، بأنّ 151 ألف عراقيّ قد قضوا بشكلٍ عنيف بين بداية الحرب وحزيران/يونيو 2006. يترافق هذا التقهقر الأمنيّ مع تقهقرٍ للحياة اليوميّة. فإضافةً إلى مراوحة إنتاج النفط حول المستوى الذي كان قد بلغه قبل الحرب، تنقطع الكهرباء لعدّة ساعات يومياً، و70 في المئة من السكّان لا يمكنهم الحصول مباشرةً على مياه الشرب، والمستشفيات غير مُموَّنة، والأطبّاء قد هاجروا، الخ. ويقارب عدد اللاجئين والنازحين الأربعة ملايين – أي أنّها الكارثة الإقليميّة الأكبر منذ حرب أفغانستان في الثمانينات. ومَن المستعدّ للإستماع إلى عذاب العراقيّين هذا؟ فوفق ما نقله مايكل ماسينغ في مجلّة New York Review of Books، فتحت المجموعة الإعلاميّة الأميركية، ماك كلاتشي، مكتباً لها في بغداد، وفتحت صفحةً إلكترونيّة خاصّة بها بعنوان "داخل العراق"، لإسماع صوت العراقيّين العاديّين: أي العراقيّين لا تكترث لهم الصحافة الأميركيّة فعلياً [7]. لا أحد، خاصّةً وأنّ انخفاض أعداد القتلى الجنود قد أدّى إلى تقليص تغطية الحرب من قبل وسائل الإعلام الأميركية، الأمر الذي يعزّز فكرة "النصر": فإذا لم يعد التلفزيون يتحدّث عن الأمر، فذلك يعني أن لا شيء يحدث... وكما تشرحه ليلى فاضل، المسؤولة في مكتب ماك كلاتشي في بغداد، "يعتقد الأميركيّون بأنّ جنودهم يعملون لمصلحة الخير. لكنّ العراقيّين لا ينظرون إلى المسألة بهذه الطريقة. إذ يرون أشخاصاً موجودين هنا للدفاع عن مصالحهم الخاصة، ويسلكون الخطّ المعاكس للطريق، يوقفون السير متى أرادوا، ومن الأفضل عدم الاقتراب منهم كثيراً تفادياً للقتل". ويتحدّث أحد المشاركين في المنتدى الإلكتروني "داخل العراق"، عن دخول الجنود الأميركيّين إلى إحدى المدارس، وكيف أنّ أحد الأولاد رماهم بحجر وكيف تعرّض للضرب. لماذا رمى الولد هذا الحجر؟ "كانوا جنوداً أجانب. نحن نعيش تحت الإحتلال". تؤكّد ليلى فاضل بأنّ العراقيّين يتقاسمون هذا الشعور على نطاقٍ واسع: "كلّ الذين تحدّثتُ معهم يفكّرون بالطريقة ذاتها. هم لا يتمتّعون بالسلطة داخل بلدهم الخاصّ بهم". بعد بضعة أشهرٍ على اجتياح العراق، كتب جان فرانسوا ريفيل: "هنالك كرهٌ معمَّم للأجانب لدى العراقيّين، كما في سائر الدول العربية. وهو يستهدف الغربيّين بشكلٍ خاصّ (...) نجِد أنفسنا أمام شعبٍ عاجز عن حكم نفسه، وهو في الوقت نفسه لا يريد من الآخرين أن يهتمّوا به [8]". كان هذا الممثل البارز لليمين التقليدي، المتوفّى اليوم، يستهجِن عدم استقبال العراقيّين لمحرّريهم بالزهور. لكن أول المتفاجئين كان القادة الأميركيّون أنفسهم. فقد كانوا عاجزين عن فهم المشاعر الوطنيّة العراقية، ورفضهم، بالرغم من كرههم لصدام حسين، لأيّ شكلٍ جديدٍ من الإستعمار؛ وهو رفضٌ متجذّرٌ في تاريخٍ مؤلمٍ وفي ذاكرة الاحتلال البريطاني الطويل. لم يستمع البيت الأبيض إلى العراقيّين في العام 2003. فهل هو مستعدٌّ للقيام بذلك اليوم؟ الأمر ليس مؤكّداً على الإطلاق. سمحت الانتصارات التي حقّقتها الولايات المتحدة في العراق خلال الأشهر الأخيرة، مهما كانت جزئيّة، بالتخفيف من ضغط الرأي العام الأميركي على إدارة بوش من أجل سحب الجيوش؛ وأدّت أيضاً إلى إضعاف الانتقادات الدولية. لكنّ هذه الاستراحة لا تحمل الرئيس الراحل قريباً إلى تغيير استراتيّجيته، بل على العكس. وفي كانون الأول/ديسمبر المقبل، سوف تنتهي مدّة التوكيل الذي منحته الأمم المتحدة أخيراً في العام 2004، وبعد عامٍ على اندلاع الحرب، لقوات التحالف، التي هي أميركية في الواقع [9]. لا يرغب البيت الأبيض بتمديده، ويسعى لاستبداله بمعاهدة ثنائيّة (ويُفترَض أن تنتهي المفاوضات مع بغداد قبل الصيف). هكذا يسود نوعٌ من الغموض حول طبيعة هذا التوافق: فمجلس الشيوخ يطالب باستخدام حقّه في تصديق نصٍّ كهذا؛ ويردّ البيت الأبيض بأنّ الورقة لن تنصّ علناً على مشاركة أميركية في الدفاع عن العراق أو على بناء قواعدٍ عسكريّة ثابتة. وبالتالي لن يكون هكذا تصديق ضروريّاً. عزة نفس وطنية مع ذلك، إنّه الرئيس بوش نفسه الذي، عند توقيعه على ميزانيّة الدفاع التي بلغت رقماً قياسياً: 515 مليار دولار للعام المالي 2008، أضاف "توضيحاً": إذ لم يكن يشعُر بأنه مُلزَمٌ بالشروط الواردة في النصّ بعدم إنفاق المال من أجل إنشاء قواعدٍ عسكريّة ثابتة في العراق [10]. من جهةٍ أخرى، ونظراً للصعوبة التي تواجهها الولايات المتحدة في حمل البرلمان العراقي على التصويت على قانونٍ يتعلّق بالنفط، من شأنه السماح بخصخصة القطاع، فهي تحثّ حكومة بغداد على تجاوز معارضة النواب وتطبيق القانون دون تصويت... [11]! مع العلم أنّ تأميم شركة نفط العراق منذ العام 1972 كانت ولا تزال من أكبر مواضع اعتزاز العراقيّين، على اختلاف انتمائاتهم الإتنيّة أو الطائفيّة. في النهاية، إقتصر النجاح الأساسيّ الذي حقّقه السيّد بوش على تحويل السجال إلى داخل الولايات المتحدة نفسها. ففي العام 2006، بدا الفشل محتّماً، في حين يروق للبعض اليوم الإيمان بالنصر. بهذه الطريقة، يأمل الرئيس تقييد خلفه وحمله على الاستمرار في الوجهة نفسها، علماً بأنّها طريقٌ مسدود. غير أنّ التقدّم الذي يحرزه السيّد باراك أوباما، وهو مرشّحٌ مُعادٍ لإبقاء وجود الجيوش الأميركية في العراق، يُظهِر بأنّ السيّد بوش ليس متأكداً من النجاح، حتى على الصعيد الداخليّ. [1] surge، ويمكن ترجمتها أيضاً بعبارة "المدّ". وهي تعني هنا تزايد عدد الجنود الأميركيّين في العراق. [2] Charles Lewis and Mark Reading-Smith, “ False Prestense ”, The Center for Public Integrity, http://www.publicintegrity.org/WarCard/ إقرأ أيضاً ملفّ لوموند ديبلوماتيك النشرة العربية: "خمس سنوات من الحرب على الإرهاب"، أيلول/سبتمبر 2006، http://www.mondiploar.com/rubrique1... [3] Anthony H. Cordesman, The Evolving Security Situation in Iraq : The continuing Need for Strategic Patience, 21 janvier 2008 The Center for Strategic and International Studies, Washington. [4] الأسباب التي أدّت بالسيد مقتدى الصدر إلى وقف إطلاق النار هذا مفصلّة في : “ Iraq’s Civil War, the Sadrists and the Surge ”, International Crisis Group, Bruxelles, 7/2/2008. [5] Patrick Cockburn, “ Return to Fallujah ”, Counterpunch, 28/1/2008. http://www.counterpunch.org/patrick... [6] “ Awakening Agonistes ”, Abu Aadwark, le blog de Marc Lynch. http://abuaardvark.typepad.com/abua... [7] “ As Iraqis see it ”, The New York Review of Books, 17/1/2008. [8] Le Figaro, 8/9/2003. [9] انتقل عدد الجيوش الحليفة من حوالي 50 ألف في العام 2003، إلى 10آلاف حالياً. [10] Ray McGovern, “ The iniquities and inequalities of War ”, Couterpunch, 1er février 2008. http://www.counterpunch.org/mcgover... [11] إقرأ :“ Iraq pushes ahead with oil plans”, Financial Times, Londres, 6/2/2008. هل ستربح الولايات المتحدة الحرب في العراق؟ - ابن سوريا - 03-07-2008 هذا المقال والذي يليه هما عن الإناسة والحرب، للاستزادة حول دور علم الإناسة في الحرب عموماً، فيما ورد في مقال آلان غريش، وهما صادران في هذا العدد من اللوموند ديبلوماتيك. علم الإناسة، سلاح حرب؟ وليم أو. بيمن لقد عمد الجيش الأميركي في أيلول/سبتمبر 2007 إلى تفعيلٍ كبيرٍ لبرنامج "أنظمة الأراضي البشريّة" (Human Terrain Systems, HTS)، قيد الخدمة منذ عدة سنوات [1]. فقد تمّ تجنيد علماء إناسة (أنتربولوجيا) ودمجهم مباشرةً في الوحدات القتالية على مستوى الألوية والفرق العسكريّة في العراق وأفغانستان. وقد تمّ تكليفهم بتقديم النصائح للقادة العسكريين حول النشاطات الثقافية التي يمكن أن تتمّ على الأرض. ويؤمن برنامج "أنظمة الأراضي البشريّة" الذي تديره شركة "BAE system" [2] الخاصّة، المعلومات اللازمة لعسكريين يواجهون حالات فيها احتمالات عنف، ما يسمح لهم بعدم الوقوع في تفسيرٍ سيّء لتصرّفات السكان المحليين ويمكنّهم من تحليل الأوضاع التي يجدون نفسهم فيها. وفي مقالة لها بتاريخ 5/11/2005، امتدحت صحيفة "نيويورك تايمز" منافع مجموعة علماء الإناسة المشاركين في عمليّةٍ كبيرة للحدّ من الهجمات على الجنود الأمريكيين والأفغان. فبعد أن تعرّفوا على عددٍ كبيرّ من الأرامل في المناطق المستهدفة، افترض علماء الإناسة أن الشبّان ممّن لهم علاقات قربى مع تلك الأرامل، قد يشعرون بالحاجة إلى مساعدتهن مادياً، وبالتالي، سيلتحقون بالمتمرّدين الذين يدفعون لمقاتليهم، من باب الحاجة الاقتصادية. فكان من شأن برنامج الإعداد المهني لتلك الأرامل السماح بالحدّ من عدد الهجمات. أثار برنامج "أنظمة الأراضي البشريّة" المخاوف لدى العديد من علماء الإناسة، خصوصاً وأنّه يذكّر بسوابق محزِنة. فمشروع "كاملوت" الذي أطلق عام 1965 ولم يدُم طويلاً، كان قد جنّد بعض هؤلاء العلماء بغية تقييم الأسباب الثقافية للعنف. وقد استخدمت التشيلي حقلاً للتجارب في هذا المضمار، في الوقت الذي كانت تسعى فيه وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية إلى منع الإشتراكي سلفادور الليندي من الوصول إلى السلطة. المشروع الثاني، الذي حمل إسم "دعم العمليات المدنيّة والتنمية الثورية" (CORDS)، كان يهدف إلى تنسيق البرامج المدنية والعسكرية الأميركية، من أجل "فرض السلم" في فيتنام. وقد سعى إلى وضع "خارطة بشرية" للأراضي، ما يسمح بالتعرّف - وبالتالي الاستهداف المحتمل - للأشخاص والمجموعات المشكوك في دعمها للشيوعيين الفيتناميين. ونحن متأكّدون بأن البحث الأنتربولوجي قد استُخدم في هذه العمليّة. على غرار "قسم أبوقراط" الذي يرتبط به الأطباء، يملك علماء الإناسة قانون أخلاقيّات، يقول بأنّ على نشاطهم ألاّ يلحق الأذى في أي حال، بالشعوب التي تجري دراستها، وأنّ السكّان يجب أن يوافقوا عن إدراكٍ مسبقٍ على مساهمتهم في نشاطات البحث. بالطبع، يستحيل تنفيذ هذا الشرط في أحوال الحرب. فالعديد من الناس حول العالم يعتبرون أصلاً هؤلاء الاختصاصيين نوعاً من الجواسيس، حتى عندما يجرون أبحاثهم في ظروفٍ عادية، وهذا ما يُلحِق الضرر الجدّي بمهمّتهم العلمية. لهذه الأسباب مجتمعة، وجد برنامج "أنظمة الأراضي البشريّة" نفسه تحت الأضواء من قبل أهل المهنة. وفي ايلول/سبتمبر 2007، شكّل بعض الجامعيين شبكة، "الأنتربولوجيون المعنيون" Concerned Anthropolgists [3]، المستوحاة من علماء الفيزياء الذين عارضوا حرب النجوم، البرنامج الأمريكي للدرع المضاد للصواريخ الذي كان رونالد ريغان قد أطلقه. وقد كتبوا مشروعاً يلتزمون فيه "عدم المشاركة في قمع التمرّدات". يوضّح هذا الموقف أحد مؤسسي المجموعة، دايفيد برايس، من جامعة سان مارتن لايسي (ولاية واشنطن): "لسنا جميعاً بالضرورة ضد مبدأ العمل مع الجيش، لكنّنا نعارض كل ما هو محاربة للتمرّد، أوما يخرق قواعد أخلاقيات البحث. ونطلب من زملائنا أن يعلِنوا أنّهم لا يريدون استخدام علم الإناسة لهذا الغرض" [4]. وفي تشرين الأول/أكتوبر 2007، أصدر المجلس التنفيذي لجمعية الأنتربولوجيا الأمريكية إعلاناً صارماً لا يحظّر صراحةً المشاركة في برنامج "أنظمة الأراضي البشريّة"، لكنّه يحذّر جميع الأعضاء من التجاوز المحتمل لقانون أخلاقيات المهنة الذي قد يتسبّب به. فخلال الاجتماع السنوي للجمعية في واشنطن في تشرين الثاني/نوفمبر 2007، كانت هذه النشاطات في صلب سجالٍ ما زال مستعراً. إذ أثناء إحدى الحلقات تحت عنوان :"الأمبراطورية تردّ: آفاق أمام العسكريين وأجهزة الاستخبارات الأميركية في علاقاتهما مع علم الإناسة"، تواجه أنصار وأعداء المشروع أمام جمعٍ حاشد. وقد حاول المحاضرون الذين كانوا قد تعاونوا مع الجيش إقناع زملائهم بفائدة عملهم الذي قد يساعد في تحويل مواقف العسكريين وجعلها أكثر حساسيةً للاختلافات الثقافية. أما المشكّكون فقد اعتبروا أنّ من يتعاونون مع الجيش يبرهنون عن سذاجةٍ لجهة استخدام أبحاثهم. وقد أفضى هذا السجال الحامي إلى قرارٍ، لو أقرّ من قبل الجميع، لكان عزّز من الأخلاقيات المهنية ومنع أيّ نشاطٍ بحثي سرّي لصالح أجهزة الاستخبارات. أحد أهم المدافعين عن التعاون مع الجيش هي الدكتورة مونتغمري ماك فايت، عالمة الإناسة في جامعة "يال" والعضو في المؤسسة الأميركية للسلام (التابعة لوزارة الخارجية). فقد قدّمت خلال منتدى عقد في 10 ايار/مايو 2007، مشروعاً ساهم في تأسيس برنامج "أنظمة الأراضي البشريّة". فحسب برأيها، لا ينفق الجيش ما يلزم للأبحاث في مجال العلوم الاجتماعية التي يمكن أن تكون ذات أهميّة قصوى لنجاح العمليات العسكرية. ولردم هوّة المعارف، طالبت بقيام برنامجٍ واسعٍ للأبحاث الاجتماعية يتضمّن بناء قاعدة معطيات "اجتماعية-ثقافية"، بفضل تجنيد محلّلين ثقافيين جدُد في الإدارات الحكومية، وافتتاح مكتبٍ مركزيّ للمعرفة الثقافية. لا مشكلة في نظر المهنة، تجاه أيّ من جهود البحث التي تدعو إليها السيدة ماك فايت. لكنّه عندما تستخدم الخبرة كسلاح في المعارك على الأرض، يصبح الوضع مثيراً أكثر للجدل. فهذا الخيط الرفيع بين الاستخدام الجيّد والسيء لعلم الإناسة هو الذي ما يزال يثير التساؤلات. * استاذ، رئيس كلية الانتربولوجيا في جامعة مينيسوتا، مينيابوليس. هو أيضاً استاذ في قسم الشرق الأوسط في الجمعية الأميركية لعلم الإناسة. [1] بحسب مقالٍ منشور على موقع الـ"بي بي سي"، "الجيش الأميركي يجنّد علماء الإناسة" (16 تشرين الأول/أكتوبر 2007)، تمّ تخصيص 40 مليون دولار للمشروع. وتصل كلفة عالم الإناسة المرسل إلى أرض النزاع إلى 400 ألف دولار سنوياً. http://news.bbc.co.uk/2/hi/americas... [2] تأسّست الشركة على يد "بريتيش ايروسبايس" و"ماركوني الكترونيك". [3] هناك معلومات مهمة على موقع الجمعية http://concerned.anthropologists.go... [4] مقابلة على أثير راديو "الديموقراطية الآن"، في 13/12/2007 هل ستربح الولايات المتحدة الحرب في العراق؟ - ابن سوريا - 03-07-2008 هذا المقال والذي سبقه هما عن الإناسة والحرب، للاستزادة حول دور علم الإناسة في الحرب عموماً، فيما ورد في مقال آلان غريش، وهما صادران في هذا العدد من اللوموند ديبلوماتيك. في خدمة المستعمر علم الإناسة، سلاح حرب؟ قبل أكثر من نصف قرن، وبينما كانت حرب الهند الصينية قائمة، والدخان لا يزال يتصاعد من خرائب مجازر سطيف (1945) ومدغشقر (1947)، طرح عالم الإثنيات والإناسة ميشال ليريس على نظرائه الفرنسيين [1] السؤال التالي: "ماذا، أو بالأحرى، من نخدم؟" [2] درءاً لأيّ وهم، إن بقيَ هناك من وهم، أوضح أنّه كان بالطبع من المستحيل الانفكاك عن الظروف الاجتماعية والسياسية السائدة. لاحقاً، دخل المعارضون للهيمنة الغربية على العالم - ولأكثر أشكالها عنفاً، حرب فيتنام - في سجالٍ محتدم بعض الشيء حول استخدام علم الإناسة كتبريرٍ أو، بشكلٍ أسوأ، كخلفيّةٍ لهذه السياسات. "كان زمنٌٍ يفتقد إلى العقل(!)" حيث كان المثقفون يسمّون الأشياء بأسمائها: فالعددين الخاصّين من مجلة "الأزمنة الحديثة"، ومن ثمّ كتابٌ تم تحريره من قبل جان كوبانز، كان قد اختاروا العنوان نفسه: "الانتربولوجيا والإمبريالية" [3]. لكن في فرنسا، بلد التقليد الاستعماري العريق، يجب العودة الى زمنٍ أبعد أيضاً. فهل لاحظنا ما فيه الكفاية بأن الأنتربولوجيا الإستعمارية التطبيقيّة على أرض الواقع، كانت، في التسلسل الزمني، بدءاً من فعل العسكريين؟ بهذا المعنى، وتكراراً لجملةٍ شهيرة، استخدم علم الأناسة، بدايةً، لشنّ الحروب. لكن، سواء كان الجنرال ملكيور دوما (الجزائر) أو الجنرال لوي فيديرب (السنغال)، أو الجنرال غالييني (تونكين) أو الكولونيل لويس هوبير غونزالف ليوتيه (مدغشقر)، أو عشرات العسكريين الأقلّ شهرة، من المكاتب العربية إلى الضباط المخوّلين الشؤون المحليّة، فاللائحة طويلةٌ لهؤلاء الرجال الحريصين على إرساء السيطرة الفرنسية وفق مبدأٍ آخر غير القوّة - أو بالأحرى، على القوّة مضافاً إليها شيئاً آخر. لكن ما هو هذا "الشيء الآخر"؟ نجد الجواب اللامع بقلم أشهر المثقفين-الجنود، غالييني. فكيف نتعرف على الضابط الاستثنائي؟ عندما لا يضع الجانب العسكري فوق كل اعتبار. إذ يؤّكد قائلاً: "الجهود الأولى لكل قيادة مناطقيّة" يجب أن تنصبّ على "دراسة الأعراق" و"الكراهيات" و"المناحرات" التي تتواجه فيها هذه الأعراق: "الضابط الذي ينجح في رسم خارطة إثنوغرافية دقيقة للمنطقة التي يأمرها يكون قد اقترب من إحلال السلام الكامل فيها، يليها إرساء شكل التنظيم الأكثر ملائمةً". وفي المحصّلة، "كل عملٍ سياسيّ في المستعمرات يجب أن يقوم على التمييز والاستفادة من العناصر المحليّة القابلة للاستخدام من أجل تحييد أوتدمير العناصر غير القابلة لهذا الاستخدام" [4]. فهل كان أخصائيّو هذه الحقبة يسيّرون... أو يتبعون... أو عملاءً للسلطات الاستعمارية ؟ الجواب لا يمكن أن يكون حاسماً بعكس ما ترمي إليه جدالات السبعينات. وهذا ما يشكّل كل تناقض العلم في هذه الفترة التي زالت. ففي عبارة "معرفة استعمارية" هناك بالطبع كلمة "استعمارية"، ولكن أيضاً هناك "المعرفة"، و هي "معرفةٌ رغم كلّ شيء"، كما كان يقول فيرنان بويون. بالطبع، بعد إنجاز السيطرة، لا تعود علوم الأناسة والسلالات حكراً على العسكريين. وبالطبع، هناك رجال بحثٍ صارمين أرادوا ونجحوا في إنجاز أعمال علمية حقيقية. حتى أن البعض منهم قد واكب اعتراض السعوب المستعمَرة و/أو القلّة من أبناء البلدان المستعمِرة المناهضة للمنظومة. يبقى أنّه، وخلال ذروة ازدهار السلطة الاستعمارية، تمّ استخدام أعمال غالبية المتخّصصين، من قبل السلطة، لصالح سياسةٍ محدّدة تقوم على استرجاع المقولة القديمة "فرِّق تسُد". وارتكز أصحاب القرار دائماً وأبداً على الخلافات التي درسها العلماء بدقّة: البربر/القبائل ضد العرب في بلاد المغرب، الأناميين ضد المجموعات العرقية الأقلويّة و/أو ضد الكمبوديين في الهند الصينية، الهوفاس ضد الميريناس في مدغشقر، دون التطرّق الى التفتت الإثني في إفريقيا السوداء... لا أحد قادرٌ على الادّعاء أن هذه الانقسامات كانت اصطناعية بالكامل، لكنها مثّلت المعين لـ"سياسات الأعراق". بالملموس، تمّ استخدام هذا التنوع الإنساني والإثني في المجتمعات المسيطر عليها لأغراض تقسيمٍ دائم. * مؤرّخ، آخر مؤلفاته Histoire de la Colonisation : Réhabilitations, falsifications et instrumentalisations, co-dirigé avec Sébastien Jahan, Les Indes Savantes, Paris, 2007 [1] تعني "الانتربولوجيا"، في التقليد الفرنسي، الدراسة الفيزيائية للأفراد ويستخدم عموماً تعبير "علم السلالات". [2] Les Temps Modernes, août 1950 [3] Les Temps Modernes, n° 253-254, 1970, puis 299-300, 1971 ; ouvrage de Jean Copans, Paris, François Maspero, 1975 [4] Trois colonnes au Tonkin (1894-1895), Paris, Chapelot, 1899 هل ستربح الولايات المتحدة الحرب في العراق؟ - Awarfie - 03-07-2008 باختصار ، و بغض النظر عن وجهة النظر الفرنسية في الحرب الامريكية في العراق ، او تجاه المصالح الامريكية في العراق، او عن التنافس الفرنسي- الامريكي في العالم . فان المقال الاول و الذي يحمل هذا الشريط عنوانه ، لا يقدم للموضوع حقه، و هو ليس بريئ لدرجة الموضوعية المفترضة فيما يطرح من تحليل ، وما يصور من مشكلات ، و ما يطرح من تساؤلات . و اذا أردنا ان نجيب عن السؤال الاساسي في الشريط الحالي ، فعلينا اولا ان نحدد المقصود بعبارة : هل ستربح الولايات المتحدة الحرب في العراق ؟ اذ كيف يفهم طارح الموضوع " آلان غريش " معنى " تربح " ! و ما هو الربح المقصود حسب الرؤية الفرنسية الغريشية ! و يمكننا فضح اللاموضوعية في التحليل والذاتية في الطرح ، عندما نقرا عبارات مثل : " يمكننا الإشارة إلى أنّ الجيش الفرنسي كان قد فاز بـ"معركة الجزائر" في العام 1957، من خلال تعزيز قوّاته، الأمر الذي لم يمنعه من أن يخسر الحرب... " --------------------------- لا مجال للمقارنة بين الحرب الفرنسية في الجزائر و الحرب الامريكية في العراق . لان الفرنسييين كانوا محتلين بشكل معلن للجزائرر و برفض عربي و اقليمي . بينما الامريكيين قالوا بانهم اتوا كمنقذين بتغطية عربية ، غير معلنة ن و تغطية عالمية لم يخرقها سوى الر وس و الصينيين و "الواد الشقي "القذافي . " الأوّل هو وقف إطلاق النار الأحادي الجانب الذي أعلن عنه السيّد مقتدى الصدر في آب/أغسطس 2007 [4]. ويمثّل جيش المهدي، وهو أقوى ميليشيا في البلد، الشيعة الأكثر فقراً. ويحرّكه شعورٌ حادٌّ بالقوميّة، وحذرٌ دائمٌ إزاء القادة الإيرانيّين، وعدائيّة راسخة إزاء الوجود الأميركي. لكنّ وقف إطلاق النار هذا يبقى هشّاً، ما دامت أهداف السيّد الصدر والولايات المتحدة متعارضة. " --------------------- اولا فان الارعن مقتدى لم يوقف اطلاق النار من جانب واحد بل هي ايران ، و بالتنسيق مع الامريكيين اجبرته على ايقاف نشاطاته . ثانيا لم يكن مقتدى حذرا تجاه الايرانيين بل كان مجرد تابع و طفيلي على المال الايراني و السلاح الايراني و الدجعم الاعلامي الايراني ! لذلك كان اول من قاوم الامريكيين مقاومة شرسة بدعم ايران و سلاحها ، حتى قبل ان يتحرك السنة الذين هم من تاذوا من التواجد الامريكي في العراق ، في البداية . ثالثا ، وقف اطلاق النار هذا يبقى هشا ما دامت الامور معلقة بين ايران و امريكا . و الصدر ليس الا نقطة في ىخر الصدر تضعها ايران او تلغيها متى شاءت ! و اصل الى ان ألان غريش لا يقدم تصورا صحيحا للوضع في العراق! " العنصر الثاني، وهو الأكثر حسماً في انخفاض نسبة الاعتداءات، كان التقارب بين الطائفة السنيّة والولايات المتّحدة، الذي تسارع في ربيع العام 2007 وتضمّن خطوتين: من جهة، موّل المحتلّ القبائل بشكلٍ كبير من أجل الحصول على تحالفهم؛ ومن جهة أخرى عقد اتفاقيّات مع مجموعات مقاومة مُعادية لأميركا. وتضمّ هذه الحركات التي يدعوها البعض "الصحوة" والتي تسمّيها واشنطن، بصورة مخاتلة، "مواطنين محليّين معنيّين"، " لا اعرف بالضبط ان كان مترجم المقالة مصيب تماما في وضع كلمة " مخاتلة " ن فهي تعني هنا ان الامريكيين يدلسون في تعريف جماعة الصحوة ز لكن ما نعرفه ان التحالف الحالي بين امريكا و السنة هو اقوى بما لا يقاس من التحالف السابق مع الشيعة ، و السبب هو ان الشيعة بدلوا تحالففهم من امريكا نحو ايران و هم بذلك خسروا نقاطا كثيرة في اللعبة السياسية ن و قد ظهرت نتائج ذلك من الضغوط التي تمكارس على المالكي ، حتى من قبل الشيعة انفسهم ، اي اصبحت الحكومة العراقية اقرب الى التوازن مما كانت قبل وصول المالكي الى السلطة و قبل ان تستفحل المشكلة بين امريكا و ايران . و لهذا فان مجالس الصحوة التي بدلت اتجاه سهم عداوتها نحو ايران بعد ان كانت السنة تؤمن بان عدوها الاول هو اللمحتل الامريكي ، هي في علاقة موضوعية تفرضها ظروف سياسية قاهرة لان تكون مرتبطة امريكيا ، و ليس مجرد علاقة عابرة و مخاتلة . و نجد مثالا على ذلك ان هيئة علماء المسلمين التي كانت تغذي ذلك الاعتقاد قد تلاشت و انتهى دورها و اصبح زعيمها الضاري منفيا في السعودية ، لان مرحلة جديدة بدات حيث اصبح السنة هم اصدقاء امريكا و انقلبت الادوار . اذا فان الان غريش هو المخاتل ، و ليس امريكا !! " لكنّ هذا التحالف الغريب يبقى هشّاً. أولاً لأنّ مجموعات المقاومة التي تحالفت مع الولايات المتحدة لا تزال مُعادية، بشكلٍ عميق، للمشروع الأميركي ولأيّ تواجدٍ دائم لجيوشه. وثانياً، لأنّ تلك الحركات السنيّة المسلّحة تعارض الحكومة المركزيّة التي تسيطر عليها الأحزاب الشيعيّة، كما يشير إلى ذلك تزايد المواجهات في بغداد ومناطقٍ أخرى سنيّة بين الميليشيات "الحليفة" للولايات المتحدة والشرطة أو الجيش العراقيّين، ذوي الغالبيّة الشيعيّة" -------------------------- الفكرة متناقضة بنفسها . فالتحالف السني الامريكي ليس هشا بل يصبح اقوى فاقوى ، خاصة ان الان غريش يقول في آخر الفكرة بان الشيعة يسيطرون على كل مفاتيح العراق : جيش ، شرطة ، و ميليشيات !! " فمن الذي يربح في العراق؟ ، ليس العراقيّون على أية حال." ------------------------- اذا كان الامريكيون ليسوا الرابحين ، و هذا ما يوهنا به الان غريش في كل ارجاء مقالاته و بكل ما يستخدمه من غش و تناقض و لاموضوعية في تحليلاته ! و اذا لم يكن العراقيون هم الرابحين ، اذا من الرابح يا الان غريش ؟ لعله ليس جارنا ابو جاسم ، بياع المازوت !:lol22: اليس هذا هو التناقض بعينه ؟؟!!!! " نحن نعيش تحت الإحتلال". تؤكّد ليلى فاضل بأنّ العراقيّين يتقاسمون هذا الشعور على نطاقٍ واسع: "كلّ الذين تحدّثتُ معهم يفكّرون بالطريقة ذاتها. هم لا يتمتّعون بالسلطة داخل بلدهم الخاصّ بهم"." --------------------------------- هذا المثال يستخدمه الان غريش ليعمم فكرة ان العراقيين رافضون للوجود الامريكي . لكننا نعلم بان قادة التوافق، بزعامة عدنان الدليمي ، طلبوا شخصيا من امريكا الا تسرع في سحب قواتها لان تواجدها ضروري لشعب العراق ( و التوافقيون يقصدون بشعب العراق " مصالح السنة العراقيين " بالضبط . و بما ان ليلى فاضل تتحدث بتعميم مغلوط لانها لا تمثل السنة اكثر مما يمكن للدليمي ان يفعل ، لان الدليمي يمثل قوة سنية اساسية من قوى الصراع السياسي في العراق . لهذا فان هذا المثال مغلوط و ليس موضوعيا . خاصة ان غريش نفسه تحدث عن الترابط بين السنة "مجالس الصحوة " و الامريكيين !!! " لم يستمع البيت الأبيض إلى العراقيّين في العام 2003. فهل هو مستعدٌّ للقيام بذلك اليوم؟ الأمر ليس مؤكّداً على الإطلاق." ------------------------------- يعود بنا غريش الى التعميم الاعمى ، فعن اي عراقيين يتحدث في هذه العبارة ؟ في البداية اصغت امريكا للعراقيين "الشيعة " و اما اليوم فهي تصغي للعراقيين "السنة " و السبب هو تغير العلاقات السياسية بما يخدم مصالح الطرفين العراقيين مع امريكا او ضدها . بصراحة ، ما عدت احترم مقالات تلك اللوموند ديبلوماتيك بعد اليوم ! و شكرا للزميل طارق لنقله تلك المعلومات و طريقة التفكير الفرنسية بالموضوع العراقي ! تحياتي :97: :Asmurf: هل ستربح الولايات المتحدة الحرب في العراق؟ - Awarfie - 03-07-2008 خبير إستراتيجي أميركي: التمويل الأميركي للصحوة أنجح صفقة بتأريخ الحروب جريدة حوارات الالكترونية -------------------------------------------------------------------------------- قال ستيفن بيدل كبير الخبراء في السياسات الدفاعية في مجلس العلاقات الدولية الأميركية إن الوضع في العراق ما زال خطرا على الرغم من التحسن الأمني الذي يشهده البلد. وعبر بيدل في مؤتمر صحافي أجري هاتفيا الثلاثاء عن اعتقاده بإمكانية الحفاظ على حالة التحسن الأمني إذا رافقته سياسة عسكرية اميركية ملائمة. غير أن بيدل الذي عاد من العراق مؤخرا حذر من التسرع في التفاؤل بسبب تحسن الأوضاع في العراق، لأن ذلك يعني سحب القوات الاميركية بشكل مبكر، مشيرا إلى أنه من الممكن جدا انهيار ما وصفها بالهدنة، لأن العراق لم يستقر بشكل كامل حتى الآن. وأشاد بيدل بمجالس الصحوة، مؤكدا أن الجيش الاميركي يدفع رواتب المتطوعين في هذه المجالس الذين تصل مجموع أعدادهم إلى 72 ألف عنصر براتب شهري قدره 300 دولار شهريا. وأضاف بيدل قائلا إن الجانب الأميركي يحاول إقناع الحكومة العراقية بدفع رواتب عدد كبير منهم، معربا عن اعتقاده بأن احتمال انهيار ما وصفها بالهدنة ضعيف جدا، كما أن احتمال تحول أعضاء مجالس الصحوة من العرب السنة إلى العنف ضعيف أيضا ولا سيما إذا ما دمجوا في صفوف قوات الجيش والشرطة. واتهم بيدل حكومة نوري المالكي بالتباطؤ في قبول مبدأ دفع راوتب أعضاء مجالس الصحوة، واصفا دفع الولايات المتحدة لتلك الرواتب بأنه أفضل الصفقات في تأريخ الحروب حيث نجحت في خفض مستوى العنف بشكل فاجأ القادة العسكريين الميدانيين. :Asmurf: هل ستربح الولايات المتحدة الحرب في العراق؟ - Enki - 03-08-2008 من سيربح هو العراقيين اقصد بالعراقيين ابناء البلد ولا اقصد قومجية المواقع والصداميين والجرذان القاعديين واشباههم. ليس عندي شك ان امريكا ستخرج خروج المنتصرين من العراق ولن تخرج منهزمة كما يقول ابن العوجة واتباعه، انهم لم يصدقو في اي وعد من وعودهم ولم ينتصرو باي حرب من حروبهم فلماذا يظن احد انهم سينتصرون الان؟ هل ستربح الولايات المتحدة الحرب في العراق؟ - White River - 03-08-2008 Array اولا فان الارعن مقتدى لم يوقف اطلاق النار من جانب واحد بل هي ايران ، و بالتنسيق مع الامريكيين اجبرته على ايقاف نشاطاته . ثانيا لم يكن مقتدى حذرا تجاه الايرانيين بل كان مجرد تابع و طفيلي على المال الايراني و السلاح الايراني و الدجعم الاعلامي الايراني ! لذلك كان اول من قاوم الامريكيين مقاومة شرسة بدعم ايران و سلاحها ، حتى قبل ان يتحرك السنة الذين هم من تاذوا من التواجد الامريكي في العراق ، في البداية . ثالثا ، وقف اطلاق النار هذا يبقى هشا ما دامت الامور معلقة بين ايران و امريكا . و الصدر ليس الا نقطة في ىخر الصدر تضعها ايران او تلغيها متى شاءت ! و اصل الى ان ألان غريش لا يقدم تصورا صحيحا للوضع في العراق! بصراحة ، ما عدت احترم مقالات تلك اللوموند ديبلوماتيك بعد اليوم ! [/quote] هي اصلا لوموند الدبلوماتيك غير محترمة . خصوصي عندما يتصدى لها محلل طراز رفيع . يمكن مبيعاتها ستنخفض . لكن الاقتباس فوق عن مقتدى ذكرني جدا بمواقف وليد جنبلاط . و على نفس المنوال : اولا فان الارعن وليد جنبلاط لم ينقلب 180 درجة بعد خروج الجيش السوري بل هو الحريري و بالتنسيق مع الامريكيين و الاسرائيلين اجبروه على تغيير نشاطاته . ثانيا لم يكن وليد جنبلاط حذر تجاه السوريين بل كان مجرد تابع و طفيلي على مال الحريري و دعمه الاعلامي . لذلك كان اول من نفش ريشه و نسي فجاة خوفه و احترامه و قاوم الجيش و لكن بعد خروجه :97_old: ثالثا موقفه هذا يبقى هشا ما دامت الامور معلقة بين الحريري و جعجع . و جنبلاط ليس الا بلاط في اخر الممر يضعه الحريري او يشيله متى شاء . :Asmurf: Enki Arrayانهم لم يصدقو في اي وعد من وعودهم ولم ينتصرو باي حرب من حروبهم فلماذا يظن احد انهم سينتصرون الان؟[/quote] :97: هل ستربح الولايات المتحدة الحرب في العراق؟ - neutral - 03-08-2008 Array خبير إستراتيجي أميركي: التمويل الأميركي للصحوة أنجح صفقة بتأريخ الحروب كما أن احتمال تحول أعضاء مجالس الصحوة من العرب السنة إلى العنف ضعيف أيضا ولا سيما إذا ما دمجوا في صفوف قوات الجيش والشرطة. :Asmurf: [/quote] وما الذي جعل هذا الإحتمال ضعيفا? شخصيا أعتقد أن هذا هو الإحتمال الأكبر فأنت أمام مجموعات غير نظامية تم وضع سلاح وأموال في أيديها وبمجرد تأخر وصول المرتبات لسبب أو لأخر سيتغير الولاء في الحال, ألم يكن هذا هو ماحدث بأفغانستان! |