حدثت التحذيرات التالية: | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
حوار مع المفكر صادق جلال العظم - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3) +--- المنتدى: فكـــر حــــر (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=57) +--- الموضوع: حوار مع المفكر صادق جلال العظم (/showthread.php?tid=6706) الصفحات:
1
2
|
حوار مع المفكر صادق جلال العظم - فضل - 02-12-2008 حوار مع المفكر صادق جلال العظم الراية القطرية صادق جلال العظم فيلسوف ومفكر سوري مخضرم. يقول بعض المثقفين إنه ليس مثيراً للسجال والجدل فحسب وإنما للزوابع والأعاصير.. فمن الدفاع عن إبليس إلي الدفاع عن سلمان رشدي وصولاً إلي التمسك بالعلوم والمعارف المادية في عالم عربي يشهد انحساراً لدور العقل، ورجوعاً ليس فقط إلي التدين بل إلي التمذهب والتقوقع داخل الطائفة أو المذهب أو الحزب أو التيار. ويري أحد المثقفين أن من إيجابيات الدكتور العظم تحريكه للرمال الساكنة منذ قرون في الوعي العربي. ولعله من المفكرين العرب القلة الذين تماهي تفكيرهم مع سلوكهم اليومي في الحياة. ويضيف أن هذا ما نلمسه من خلال علاقات العظم بالمحيطين الاجتماعي والثقافي، فطالما كان الرجل قريباً من العامة ولم تكن علاقاته الاجتماعية حكراً علي النخب، رغم كونه ينتمي إلي عائلة ارستقراطية. قد تتفق أو تختلف مع العظم لكن ليس بوسعك إلا أن تحترم المقولات والأفكار والآراء التي يطرحها بحكمة ودراية الشيوخ وثقة وحيوية الشباب.. وذلك علي الرغم من أن الرجل بات في العقد الثامن من عمره. فضلاً عن سعة صدره واعتماده المنهج الفكري والمنطق العلمي التجريبي. ولد صادق جلال العظم في دمشق عام 1934 درس الفلسفة في الجامعة الأمريكية في بيروت، وعاد إليها أستاذاً عام 1963 أكمل تعليمه في جامعة "يال" الأمريكية. عمل أستاذاً جامعياً في الولايات المتحدة قبل أن يعود إلي دمشق عام 1962 ليعمل أستاذاً في جامعتها قبل أن ينتقل إلي التدريس في جامعة الأردن. عمل عام 1969 رئيساً لتحرير مجلة الدراسات العربية الصادرة في بيروت. من مؤلفات العظم "نقد الفكر الديني، النقد الذاتي بعد الهزيمة، ذهنية التحريم، ما بعد ذهنية التحريم، في الحب والحب العذري. وغيرها...". للوقوف عند آرائه ومواقفه حيال العديد من القضايا الإشكالية في عالمنا العربي الراية الأسبوعية زارت الدكتور العظم أثناء تواجده في دمشق وكان الحوار التالي: بالنظر إلي سيرورة العقل البشري. إلي أي مدي تغيرت قناعاتك منذ صدور كتاب "نقد الفكر الديني" وحتي الآن؟. قناعاتي تغيرت بمعني أنني أخذت بالمستجدات والتطورات الحادثة بعين الاعتبار. منذ هزيمة يونيو 1967 وأنا مرن بتفكيري، لا أتجمل ولا أتعصب عند موقف محدد. في كتاب نقد الفكر الديني وصفت ذلك الفكر في تلك الأيام بالبؤس. المقالة الأولي في الكتاب وهي الأكبر كان عنوانها "الثقافة العلمية وبؤس الفكر الديني". الآن أنا أري أن هذا البؤس قد تعمق وازداد. في تلك الفترة، بين عامي 1969 و 1970 كانت هناك محاولة من قبل المفكرين الإسلاميين للتعامل مع قضايا ومسائل العلم الحديث، كانوا يميلون إلي الاحتكام للنقاش والجدل إلي العقل والواقع وإلي مجري الأحداث. أما الآن فأنا أجد أن الفكر الديني الناشئ حول الإسلام في حالة أعمق من البؤس، بمعني أننا الآن وصلنا إلي قضايا مثل فتوي إرضاع الكبير، علماً أنها ليست صادرة عن شيخ عادي وإنما عن رئيس قسم الحديث في جامعة الأزهر أو مرشد الأزهر. في الفترة التي كتبت فيها كتاب نقد الفكر الديني وناقشت الفكرة كان يصعب أن نجد مثل هذه الفتاوي. من هنا يمكن القول بأن هناك انحداراً كبيراًَ وابتعاداً عن الاحتكام إلي أي شيء عقلاني. أشبه ذلك مثلاً بما يصدر أيضاً عن أوساط الأزهر من قبيل التبرك ببول النبي مثلاً، أو ما تردد عن حديث الذبابة.. وشيوع هذا الجانب أو المنحي الخرافي في الفضاء الإسلامي. أعتقد أن هذا يمثل انحداراً عن البؤس الذي تحدثت عنه بين عامي 1969 و 1970 عندما تكلمت في تلك الفترة عن بؤس الفكر الديني ناقشت بعض المفكرين الإسلاميين ورجال الدين مثل نديم الجسر مفتي طرابلس، وموسي الصدر وغيرهما.. في تلك الفترة لاحظت أنهم يريدون أن يتعاملوا مع العلم الحديث والثورة العلمية والتطبيقات العلمية لكنهم كانوا للأسف يجهلون أي شيء عن العلم الحديث. ما معني العلم؟ وما هي مناهج البحث العلمي؟. وربما لم تكن لديهم منذ أن تركوا الدراسة الابتدائية فكرة عن الفيزياء أو الكيمياء أو التشريح إلا من خلال ما يقرؤونه في الصحف. كانوا يريدون أن يتصدوا للأثر الاجتماعي الذي تتركه التطورات العلمية أو الفتوح التكنولوجية وهم عملياً في حالة جهل شبه كامل بها. إذاً أنا أجد أن هذا قد تعمق الآن. هناك جهل أكبر، وهناك مواقف، خاصة في الإسلام الأصولي، ترفض العلم الحديث رفضاً قاطعاً، ترفض الغرب وكل ما أنتج. وإذا دفعت تفكيرهم إلي النتيجة المنطقية يصبحون طالبان في هذه المسألة. هم يمسكون بقضايا في منتهي السخف.. مثلاً أنا قرأت بعض فتاوي الإمام الخميني، والتي يطرح في أحدها صعود المسلم في كبسولة الفضاء ويناقش كيف سيقيم الصلاة ويتعرف علي اتجاه القبلة في الفضاء الخارجي؟. وفي الفضاء طبعاً لا يوجد شمال ولا جنوب، والكبسولة تدور بسرعة هائلة في مدار معين في الفضاء، أيضاً المسلم عندما صعد إلي الفضاء صعد بكبسولة روسية أو أمريكية لأن الكبسولة العربية أو الإسلامية غير موجودة أصلاً. المشكلة أن الخميني لم يرَ شيئاً من إنجازات وفتوحات وعلوم ومعارف وتكنولوجيا الفضاء، كل ما خطر في باله كيف يركع المسلم ويصلي، وإذا ما جلس لفترة طويلة كيف يصوم؟!. بعد هذا النقاش توصل الخميني إلي نتيجة أجاز فيها للمسلم بأن يصلي بالاتجاهات الأربعة. طبعاً هذا المنحي في التفكير ينم عن جهل كامل، فالاتجاهات هي مسألة عرفية، ولا يوجد اتجاهات أربعة في الطبيعة. الاتجاهات هي مسألة تعارفنا عليها شمال وجنوب شرق وغرب. مع ذلك هو اعتبر مع الأسف أننا إذا خرجنا من علي سطح الكرة الأرضية ما زال هناك اتجاهات. هم يتصدون لقضايا مثل أطفال الأنابيب أو ما يحدث مثلاً علي مستوي الحمض النووي "DNA" والاستنساخ.. وغيرها من الفتوح والاكتشافات العلمية. ليس لديهم أي معرفة بطبيعة هذه العلوم وكيف توصل إليها العلماء؟ وما هي التجارب التي سبقتها؟ لا يوجد لديهم ثقافة علمية، وهم راديكاليون في ذلك. هذا عند الشيعة، وهناك أيضاً عند السنة الشيخ عبد العزيز بن باز وهو كبير علماء المملكة العربية السعودية. عقم فكري عفواً دكتور.. لا أدري إذا كان يمكننا الحديث بالأسماء.. ربما يكون ذلك حساساً لدي البعض؟. إن كون الحديث في هذا الموضوع حساساً فهذا دليل إضافي كم أصبح وضعنا كارثياً.. علي كل أنا سأقول رأيي ويمكنك التصرف. في كتاب بن باز الصادر عام 1985 رفض كلياً فكرة كروية الأرض، كان يناقش المسألة علي أساس أن الأرض مسطحة!. رفض كلياً فكرة دوران الأرض حول الشمس... الكتاب موجود لدي وبإمكانك أن تتأكد من هذا الكلام. إذاً الأرض لا تدور حول الشمس وإنما الشمس هي التي تدور حول الأرض!. لقد أعادنا إلي الفلك القديم إلي ما قبل كوبيرنيكوس. طبعاً في هذا الكتاب كفّر بن باز كل من يقول بأن الأرض كروية وبأنها تدور حول الشمس. علي كل حال هو حرّ بآرائه. لكن الكارثة الكبري أن أحداً لم يتجرأ لا من علماء الدين ولا من مؤسسات العالم الإسلامي من مشرقه إلي مغربه. من الأزهر والزيتونة إلي القرضاوي والترابي وكفتارو وكليات الشريعة... لا أحد تجرأ علي القول لابن باز ما هذا الهراء الذي تقول به باسم الدين الإسلامي؟!. وكونك تقول لي أن هذه مسألة حساسة.. فمعني ذلك أنني لا أستطيع أن أرد علي بن باز عندما يقول إن الأرض مسطحة وأنها لا تدور حول الشمس وإنما هي تشرق وتغرب علي الطريقة القديمة! هذه كارثة.. والكارثة الأكبر أننا لا نستطيع مجرد الرد عليهم. النقطة الثالثة أن المؤسسات الدينية الرسمية، وعلي رأسها الأزهر وكليات الشريعة ودور الإفتاء، وغيرها.. هي اليوم في حالة عقم فكري كامل. لا يخرج منها شيء سوي بضاعة من قبيل إرضاع الكبير، وحديث الذبابة والتبرك ببول النبي وجلد الصحفيين.. الساحة متروكة تقريباً للفكر الأصولي الجهادي، وهو الوحيد الذي يطرح أفكاراً جديرة بأن تناقش وترفض، وذلك بسبب عقم المؤسسات الرسمية الأساسية التي تعتبر قدوة، ليس فيها سوي التكرار والاجترار والتحجر والعودة إلي الماضي وحماية المصالح والإبقاء علي الوضع القائم والخضوع للسلطات الحاكمة. عندما تكون سياسة الدولة اشتراكية يصبح مفتي الإسلام اشتراكياً، وعندما يكون الحكام في حالة حرب يصبحون مع الحرب، وإذا جنحوا للسلم يسيرون وراءهم... هذا جزء من عقم هذه المؤسسات، وهو فراغ واضح في الفكر الديني، يملؤه أحفاد وأتباع سيد قطب مثلاً وهذا النوع من الإسلام الأصولي العنيف. مراجعة الأفكار في مؤلفاتك ومقولاتك تركيز علي النقد. من النقد الذاتي بعد الهزيمة إلي نقد الفكر الديني.. والآن كلامك يحمل جانباً كبيراً من النقد. في مقابل نقدك للفكر والواقع الديني القائم هل تمارس نقداً ذاتياً لنتاجك الفكري؟. في الواقع نادراً ما أرجع إلي الكتب التي ألفتها إلا إذا أرادوا إعادة طباعتها. مثلاً عندما طبع كتاب النقد الذاتي بعد الهزيمة مؤخراً، كتبت لهم مقدمة صغيرة. أما كتاب نقد الفكر الديني فقد أصبح شبه وثيقة لتلك المرحلة، ولذلك لا أري أن من المناسب أن أغير أو أبدل فيه، خاصة أنه لم ينقطع عن السوق علي الإطلاق منذ صدوره وحتي الآن هو موجود بشكل دائم. لكني أراجع نفسي بالنسبة للأفكار بحيث آخذ بعين الاعتبار المستجدات الراهنة. مثلاً عندما كتبت عن سلمان رشدي والآيات الشيطانية، استخدمت بعض الأفكار التي كنت قد تناولتها بشكل جنيني في كتاب نقد الفكر الديني، وأعتقد أنني طورتها بما يتناسب مع الحالة المشخصة المعينة في مسألة النقاش الذي دار حول رواية رشدي. هناك أمور في الكتاب مر عليها الزمن، سقطت لأنها كأي كتاب وليدة أو نتاج مرحلة معينة. في أواخر الستينات كانت بلادنا في أوج التوجه القومي والاشتراكي والشعبوي، والكتاب متأثر بذلك بلا شك، هذه مسألة يمكن إهمالها الآن. الطريف في هذا الموضوع أو الملفت أن هناك الآن من يقوم بترجمة كتاب نقد الفكر الديني إلي اللغة الانكليزية، وسينشر قريباً، في ولاية أريزونا بالولايات المتحدة. طبعاً الكتاب كُتب عنه في الغرب كثيراً لكن لم يترجم كاملاً، ترجمت بضع مقاطع منه، والآن بعد 40 سنة علي صدور هذا الكتاب تنبهوا إلي أهميته بسبب الوضع الحالي. وقعت أيضاً منذ فترة قصيرة عقداً مع دار نشر فرنسية لترجمة الكتاب، أيضاً يريدون ترجمة الكتاب إلي الفرنسية. في العالم العربي لم ينقطع، الكتاب كان موجوداً علي الدوام، هو ممنوع في كل مكان، لكن من يريد يستطيع الحصول عليه ولا مشكلة في ذلك. الآن هناك اهتمام بهذا الكتاب في الخارج ليس فقط علي مستوي قضية الكتاب ذاتها وإنما هناك رغبة بأن يكون النص متوفراً بالانكليزية والفرنسية. تأثر الإسلاميين بالوجود الأجنبي إلي أي مدي في رأيك تأثرت الحركات الإسلامية الجهادية في عالمنا العربي بالوجود العسكري الأجنبي في المنطقة العربية وبالاحتلالات عموماً سواء الإسرائيلي أو الأمريكي؟. الوجود العسكري الغربي في العالم العربي لم ينقطع، كان دائماً موجوداً بشكل أو بآخر. الحركات الإسلامية في فترة الحرب الباردة كانت حليفة للغرب لمواجهة المد الشيوعي والاتحاد السوفييتي. هذه الحركات عموماً مع بعض الاستثناءات غير معروف عنها بأنها بذلت جهوداً للتخلص من الوجود الأجنبي في البلدان العربية، وإنما كان ذلك لصيقاً بحركات التحرر العربي والمشروع القومي الشعبوي بقيادة عبد الناصر، وقد عشنا ذلك في الخمسينات والستينات. في تلك الفترة القوميون نجحوا نسبياً لكني لا أعتقد بأنهم نجحوا كلياً وبقي هناك تواجد أجنبي في بعض البلدان العربية. في التجربة الأفغانية مثلاً كان الحلف الإسلامي الغربي عسكرياً وحميماً ومباشراً من أجل محاربة الاتحاد السوفييتي آنذاك. لذلك لا أعتقد بأن الوجود العسكري الأجنبي هو سبب مباشر لاندلاع الانتفاضة أو العمليات التي قامت بها الحركات الجهادية أو ما جري مثلاً في الجزائر والسودان وسوريا ومصر في تلك الفترة. أعتقد أن الحركات الإسلامية الجهادية كان لديها وهم بأنها قادرة علي إسقاط الإمبراطورية السوفييتية، لكنها نسيت أو تجاهلت أن هذا الهدف كان مستحيلاً دون التحالف مع الولايات المتحدة والغرب. هم يعتقدون بأنهم أسقوطها فعلاً وأن الله قدّر لهم ذلك وساعدهم علي إنجازه... وإذا سلمنا جدلاً بذلك، فلماذا هم عاجزون الآن عن إسقاط الإمبراطورية الأمريكية؟. هذه الحركات تلعب الإيديولوجيا دوراً كبيراً في قناعاتها وسلوكها، بمعني أنها تؤمن بوجوب عودة الإسلام ليتحكم ويسيطر في البداية علي الدول العربية والإسلامية ثم يمتد للسيطرة علي العالم. أعتقد بأن هذا الدافع قوي جداً لديها أكثر من مجرد وجود قاعدة للأمريكان أو للإنكليز هنا أو هناك في العالم العربي. لكن أليس هناك ارتباط بين ظهور الحركات الإسلامية الجهادية كحماس وحزب الله وتعاظم دور القاعدة في العالم بالاحتلالين الإسرائيلي والأمريكي؟. أنا لا أنكر أن هذا العنصر ساهم في بروز تلك الحركات وازدياد شعبيتها، لا سيما بعد إخفاق التيار القومي الذي يميل للعلمانية رغم أنه لم يتبناها كشعار أساسي كما حصل في تركيا مثلاً. وقد أدي ذلك إلي تعميق الشعور بالذلّ والتهميش والإحساس بالإخفاق، وخلق فراغاً فجائياً وغير متوقع، جاءت الحركات الإسلامية لتملأه. وقد التقط هذه الظاهرة بعد هزيمة يونيو 1967 عدد من النقاد كنت من بينهم في كتابي النقد الذاتي بعد الهزيمة وأيضاً في نقد الفكر الديني. شعار جذاب لكن غير واقعي إلي أي مدي ساهمت الشعارات التي ترفعها الحركات الإسلامية كالإسلام هو الحل مثلاً في استقطاب الناس واستمالتهم إليها؟. لا شك بأن رفع شعار الإسلام هو الحل في بلد إسلامي هو شعار جذاب يستقطب الناس، لكني أعتقد أن هذا الاستقطاب سطحي عاطفي، لأن الناس عندما يدققون في ماهية هذا الشعار والبرنامج الذي ينطوي عليه يبدؤون بإعادة النظر والنقاش وتظهر تساؤلات ملحة من قبيل هل يعني الإسلام هو الحل عودة الخلافة مثلاً؟. وهل عودة الخلافة برنامج واقعي؟. الخ.. أنا أعتقد أن الخلافة يمكن أن تعود عندما يعود "البوربون" أو لويس السادس عشر لحكم فرنسا وعندما يعود القياصرة لحكم روسيا، وهناك حزب قيصري في روسيا يريد أن يقيم قيصرية دستورية فيها، فإذا نجح يمكن أن ينجح الإسلاميون بإعادة الخلافة. أما تطبيق الشريعة من وجهة نظر هذه التيارات فيمكن اختصاره بقانون العقوبات الذي يعني الجلد والرجم وقطع الأيدي والأرجل والرؤوس. الخ.. لكن ماذا سيحدث مثلاً لو أن فلاناً من الناس تعرض هو أو ولده أو أحد أقاربه لعقوبة الجلد أو قطع اليد وما إلي ذلك؟. في هذه الحالة سيرفض قانون العقوبات هذا.. يمكن أن يقبل بالتغريم أو السجن أو أي عقاب آخر لكن لن يقبل بالجلد أو الرجم أو قطع اليد.. وهنا تكمن المشكلة. الإسلاميون عندما يصلون إلي السلطة كما حصل في السودان مثلاً يتحفظون ويخشون من تطبيق هذه العقوبات. فعندما تدقق في تفاصيل شعار الإسلام هو الحل تجد أن الناس قد توجست وتراجعت حول معني هذا الشعار. هل يعني أن تذهب إلي المسيحيين وتفرض عليهم الجزية؟. في دولنا مصر وسوريا مثلاً هناك مسيحيين استشهدوا في حروبنا مع إسرائيل، ويعاملون الآن معاملة الشهداء وأبناءهم هم أبناء الشهداء، فإذا طبقنا الشريعة ماذا سيحدث لهؤلاء؟ وهل سيعتبرون شهداء أم لا؟ أليسوا شهداء ماتوا من أجل الوطن في حروب سيناء والجولان؟. كم من المسلمين في مصر أو سوريا يقبلون بذلك؟. وبالمناسبة مرشد الأخوان المسلمين السابق في مصر كان صريحاً حين دعا إلي إخراج المسيحيين من الجيش المصري باعتبارهم من أهل الذمة. أنا أعتقد بأن فكرة تطبيق الشريعة الإسلامية هي الأحكام العرفية عند الإسلاميين. عندما يستلم الضباط السلطة يعلنون حالة الطواريء وقانون الأحكام العرفية، وعندما يصل الإسلاميون يعلنون تطبيق الشريعة وبذلك لا يختلف هذا عن ذاك، وأنا أري أن الدور الأكبر لهما هو إرهاب الناس. دولة المواطنة هل يمكن القول إن الحركات الدينية هي نتاج أو رد فعل علي عجز الأنظمة العربية في الماضي والحاضر عن بناء دولة المواطنة؟. وبالمقابل هل يمكن لهذه الحركات أن تقيم دولة المواطنة في حال وصولها إلي الحكم؟. أولاً: دولة المواطنة هي عملية تاريخية طويلة الأمد، ولا نستطيع القول إن هذا النظام أو ذاك فشل في بنائها. لكن يمكن القول إن هذا النظام ساهم في تحسين المناخ العام لقيام دولة المواطنة وذاك النظام تراجع أو أخفق. ثانياً: أعتقد بأن الإسلاميين لا يريدون دولة مواطنة تساوي الذمي بالمسلم السني في الدول العربية وبالمسلم الشيعي في إيران الذي ينبغي أن يكون شيعياً حتي يعتبر مواطناً درجة أولي. لكن في العموم أعتقد بأن القول بعجز الأنظمة عن بناء دولة المواطنة ساهم في بروز الإسلاميين صحيح جزئياً. وعلي كل حال مسألة المواطنة ليست مهمة بالنسبة للتيارات الإسلامية. الآن هم يتكلمون عن المواطنة لكني أشك كثيراً في جديتهم. لا سيما أن أحزابهم السياسية تقوم علي أساس طائفي بحيث تكون محصورة بالسنة أو بالشيعة أو بغيرهم.. الخ. عندما تقوم الأغلبية السنية بإنشاء حزب علي أساس ديني طائفي فإنها بذلك تكون قدوة لبقية الطوائف وتشجعها علي تأسيس أحزاب خاصة بها. وبالتالي فإن فكرة تأسيس أحزاب علي أساس ديني أو طائفي تعزز انهيار فكرة المواطنة. وأعتقد أن ذلك لا يقل خطورة عن إنشاء حزب علي أساس عرقي في ألمانيا مثلاً لأن ذلك يعني العودة إلي النازية. الإسلام السياسي هل ينطبق ذلك علي الحركات الإسلامية التي تؤمن بالانخراط في العمل السياسي والتداول السلمي للسلطة، حزب العدالة والتنمية في تركيا مثالاً؟. التجربة التركية نموذج مهم جداً. لكن باستثناء تركيا فإن الأحزاب ذات الطابع الديني تعتبر أن لديها مهمة إعادة أسلمة المجتمع. إذا وصلت إلي السلطة سواء عن طريق الانتخابات أو بالانقلاب تتشبث بها لإتمام هذه المهمة. وأعتقد أن كلامهم عن تداول السلطة تكتيكي تملقي لا أعطيه أي أهمية. تركيا البلد الإسلامي الوحيد الذي يعتمد إيديولوجيا وعقيدة علمانية، وقد أعلن منذ بداية تأسيس الجمهورية التركية أن هذه الجمهورية علمانية، بمعني أنها محايدة دينياً.. هذا البلد هو أيضاً البلد الوحيد الذي أنتج حزباً ذا أصول إسلامية ولكنه ديمقراطي وقادر علي الوصول إلي السلطة بانتخابات نزيهة ويحكم دون أن تحل كارثة في البلاد. بدون علمانية تركيا فكرة أن الإسلاميين يتداولون السلطة كانت أيضاً مستحيلة. الشرط المسبق الذي سمح لتركيا لإنتاج حزب العدالة والتنمية هو كون الدولة بالأساس علمانية، وهذا غير موجود في أي بلد آخر. وهنا تكمن أهمية التجربة التركية. ماذا لو كان هناك مثل هذا الحزب في العالم العربي؟. الآن هناك نقاشات تجري حول الإسلام السياسي التركي وتطور حزب العدالة والتنمية حتي وصل إلي السلطة ديمقراطياً. وإذا خسر الانتخابات هو مستعد لأن ينسحب ويصبح معارضة، وربما يعود مجدداً. وأعتقد بأن هذا النموذج من الإسلام السياسي غير موجود في العالم العربي. هل ذلك بسبب قبول حزب العدالة والتنمية في تركيا بقواعد اللعبة الديمقراطية؟. نعم ولكن ذلك حصل بعد مخاض طويل وتطور تاريخي حتي وصل إلي قناعة بأن أي دور في الحياة السياسية التركية لهذا الحزب مشروط بالتقيد بقواعد اللعبة الديمقراطية. والمفارقة أن الإسلاميين الحاكمين في تركيا اليوم يريدون الانضمام إلي الاتحاد الأوربي المسيحي، بينما الجيش حامي العلمانية الأساسي يتحفظ علي الفكرة ويعرقلها. المثقف والسلطة من خلال احتكاكك بالمثقفين والمفكرين السوريين والعرب. هل أنت مطمئن لمستقبل الثقافة في سوريا والعالم العربي؟. اطمئنان حذر جداً. أنا في هذه المسألة "متشائم بالنسبة للثقافة العربية عموماً. فيما يتعلق بسوريا هناك نشاط ملموس وحضور في الداخل والخارج رغم أن حوامل الثقافة وأدواتها ما زالت متواضعة جداً في سوريا. شعرت بهذا النشاط الثقافي منذ فترة ما يسمي "ربيع دمشق". بعد سنوات طويلة من الرقابة والمصادرة وعندما شعر المثقفون السوريون بأن لديهم الفرصة للتعبير عن آرائهم والمساهمة في الحراك الثقافي والسياسي تبين أنهم مطلعون ومتابعون ولديهم أسلوب حديث في الكتابة وفي طريقة عرض الأفكار. المثقفون السوريون لديهم حضور متميز ولامع قياساً بعدد سكان سوريا وظروفها. بالنظر إلي التطورات السياسية في الداخل خلال السنوات الأخيرة المتمثلة بإغلاق المنتديات واعتقال عدد من أعضاء المجلس الوطني لإعلان دمشق... هل يمكن إعلان النعي لأشهر العسل التي سادت بين المثقفين والسلطة والقول بأن ربيع دمشق قد تمظهر خريفاً دائماً؟. كان هناك شهر عسل طويل بين المثقفين والسلطات. هذه العلاقة كان يشوبها دائماً المشاكل والتوترات. وبطبيعة الحال المثقفون الجيدون يميلون لانتقاد السلطة، والسلطة بدورها لا تحب النقد، وخاصة في المرحلة الشعبوية التعبوية التي مرت بها بلادنا، بحيث يكون الجميع كتلة واحدة تسير بالاتجاه الصحيح وتحت قيادة واحدة. المثقف في لحظات معينة يسير في هذا الاتجاه لكن يبقي له دائماً موقعه وخصوصيته. وبالتالي يمكن القول أن شهر العسل هذا كان صعباً ونادراً في بلادنا علماً أن المثقفين في هذه القضايا يدققون كثيراً، فالمسألة ليست مجرد عداء عبثي مطلق للسلطة، وكذلك ليست تأييداً أعمي وسيرا في الركب بعيون مغمضة. ولذلك أنا أري أن الموقف النقدي المبدئي هو الأهم فيما يتعلق بدور المثقف كضمير داخل مجتمعه. أزمة سلطة أم مجتمع لكن هناك من يقول إن ما تعيشه بلداننا من أزمات سواء علي مستوي الأنظمة أو المجتمعات ليس أكثر من نتاج لثقافتها السائدة. إلي أي مدي يصح ذلك؟. أعتقد بأننا أحياناً عندما نتحدث بهذا المنطق نحمل الثقافة أكثر مما تحتمل. الثقافة ليست المحرك الأول لحياة المجتمع. ولا المحرك الأول للسياسات المتبعة. ليست المحرك الأول للتوجه التاريخي لهذا البلد العربي أو ذاك. هناك من يقول بذلك، لكن هناك أزمات علي مستوي آخر تنعكس في الثقافة السائدة للمجتمعات. هل تري أن الأزمة هي علي مستوي السلطة أكثر منها أزمة ثقافة مجتمعية تنعكس بدورها علي الواقع العربي؟. قد تكون أزمة سلطة أو اقتصاد أو أزمة نخب أو غيرها.. لكن لا يمكن القول أننا بسبب ثقافتنا نعاني كل هذه المشكلات. هل الأزمة الحالية التي نعيشها هي نتاج للسلطة أم لثقافة وتراث المجتمعات ذاتها؟. الاثنان معاً. أي أن ثقافة الشعوب وتراثها فيها الكثير من المعوقات. وهناك في الوقت نفسه تردد وإحجام خاصة في الفترة الحالية، عن مراجعة هذه المعيقات، تحديدها، التدقيق فيها، نقدها... من أجل تجاوزها وإسقاطها. هذا التوجه بات ضعيفاً الآن، وهناك نوع من الخنوع والخضوع أمام التراث والأعراف والتقاليد.. سواء أكانت معوقة أم لا. عندما ننظر إلي العالم العربي بشكل مبسط.. هو يستهلك كل شيء ولا ينتج شيئاً، باستثناء المواد الخام. ماذا يمكن أن نتوقع من العرب؟. انظر إلي العالم العربي من أقصاه إلي أقصاه لا يوجد قيمة مضافة حقيقية لأي شيء. هناك بنية يبدو أنها لا تشجع وغير صالحة لأي إنتاج. ماذا ننتج؟ ماذا نصدر؟ سواء أكان إنتاجاً مادياً أو اقتصادياً أو علمياً أو فكرياً.. الخ. انظر إلي كيفية إنتاج النفط مثلاً. ما علاقة العرب بصناعة النفط؟. هم يمتلكون البترول لكن استخراجه وتكريره وتسويقه والبواخر التي تحمله... كل ذلك لا علاقة لهم به. انظر إلي تلك المنشآت الكبري الهائلة المعدة للتنقيب عن النفط واستخراجه وتكريره. انظر إلي القمر الصناعي العربي ماذا يوجد فيه عربي؟. أنا أشك في قدرة العرب علي تصنيع جهاز هاتف دون أن يستوردوا القطع والتقنيات اللازمة لذلك وربما الفنيين. العرب وإنتاج الديمقراطية هناك من يقول علي مستوي السلطات وحتي علي مستوي المثقفين والناس العاديين بأن المجتمعات العربية عموماً غير مؤهلة للانخراط في عملية ديمقراطية، ويستشهدون ببعض التجارب غير المشجعة في الجزائر ولبنان والعراق وفلسطين.. وغيرها. بل حتي علي مستوي التجمعات والأحزاب ومنظمات حقوق الإنسان التي طالما شهدت انشقاقات وانقسامات كان آخرها في ائتلاف إعلان دمشق السوري المعارض. هل يمكن لمجتمعاتنا العربية ببنيتها ومنظومتها الراهنة إنتاج ديمقراطية حقيقية تعيش وتستمر دون أن تخلف انقسامات وأزمات سياسية واضطرابات أمنية وصراعات وحروباً أهلية..؟. يجب علينا أن ننطلق من حقيقة مفادها أن أي مجتمع في الأساس غير مؤهل للديمقراطية بشكل طبيعي. الديمقراطية هي عملية تراكمية تاريخية ومن الخطأ أن نأخذ موقفاً تعجيزياً بأنه طالما نحن عشائريون قبليون طائفيون فعلينا إلغاء فكرة الديمقراطية برمتها ونقول إنها لا تناسبنا وينبغي أن نغلق الباب أمامها. في الصين يقولون رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة. أنا مع المحاولات والتجارب، وهناك تجارب سابقة يمكن الاستفادة منها. أنا لست يائساً أو مستسلماً رغم إدراكي لصعوبة المسألة والتعقيدات الكامنة في بنيتنا. لكن بالأساس لا أحد كان لديه بنية مناسبة أو صالحة للديمقراطية. نحن مثلنا مثل غيرنا يمكن أن نتعلم، يمكن أن نحقق 20 بالمئة، ثم 30 و40 و50 وهكذا. العملية تراكمية وتتوقف علي الخطوات التي نتخذها ونسير بها وعلي إعداد الناس في المدارس والمؤسسات التعليمية وتأهيلهم باتجاه ممارسة ديمقراطية تدريجية. وإلا أصبحنا محكومين بمقولة "كما تكونون يولي عليكم"، عشائريون يولي عليكم عشائر. متخلفون يولي عليكم متخلفون. قبليون يولي عليكم قبائل. طائفيون يولي عليكم طوائف.. الخ. وبذلك نقع ضمن دائرة محكمة الإغلاق لا مخرج منها. أو ينطبق علينا القول العربي "الناس علي دين ملوكهم". فإذا كان الملك ديمقراطياً كلنا نصبح ديمقراطيين. وإذا كان الزعيم أو القائد ديكتاتوراً كلنا نصبح ديكتاتوريين... وكأننا نحكم علي أنفسنا بالعيش في وضع سكوني لا فكاك منه، وأنا أرفض ذلك. هناك من يشكك في قدرة العقل العربي الراهن علي إنتاج ديمقراطية تصمد وتستمر. هل تري أن هذا العقل العربي قادر علي إنتاج ديمقراطية تعيش وتستمر وتصبح منهجاً وسلوكاً اعتيادياً في بلداننا؟. يصعب علي العقل العربي ببنيته الراهنة إنتاج الديمقراطية، لكني لا أعتقد بأن هذا العقل ثابت أزلي. أنا أقبل بنموذج ناجح بحدود 30 بالمئة، رغم أننا حتي الآن غير قادرين علي تحقيق ذلك. في لبنان هناك ديمقراطية طوائف، هناك محاصصة، ليست ديمقراطية تقوم علي أساس المواطنة, النظام السياسي في لبنان يمنع الديكتاتورية بحكم التوازنات القائمة علي أساس طائفي، لكنه لا يحقق ديمقراطية حقيقية تقوم علي أساس المواطنة. وكذلك الأمر في العراق الذي يسير في ذات الاتجاه. ما الذي يفتقده العقل العربي حتي يستطيع قبول الآخر أو الشريك في الوطن كما هو. ماذا يحتاج حتي يستطيع تحقيق هذه المعادلة المستحيلة الحل حتي الآن؟. هذه المسائل يتعلمها الفرد نتيجة قسوة البدائل التاريخية. ويمكن أن نستحضر في هذا السياق العراق كمثال. أنا أري أن العراقيين إذا أرادوا الحفاظ علي وحدة بلدهم وتجنب حرب أهلية طاحنة، فعليهم أن يتعلموا من هذه الأحداث التي يمرون بها دروساً تاريخية. الأكثرية الشيعية في العراق لا تستطيع القول بأن الديمقراطية تعني حكم الأكثرية وتسكت. يجب أن تقول بأنها تعني حكم الأكثرية مع حفظ حقوق الأقليات، وأقصد الأقليات السياسية وليس بالضرورة الأقليات العددية العرقية أو الدينية.. هم يقولون نحن أكثرية وبالتالي نحكم، والديمقراطية هي حكم الأكثرية وهذا يجانب الصواب. الديمقراطية هي حكم الأكثرية مع حفظ حقوق الأقليات وإلا فإن البلاد ستواجه الانقسام والحرب الأهلية والخراب.. هذه المسألة يجب أن يتعلمها العقل العربي، بأن يقبل بالآخر ويقبل بوصول الأقلية نفسها إذا ما رتبت تحالفاتها لتصبح أكثرية دون أن تمارس الإقصاء أو تنتقم من الأكثرية بعد وصولها إلي السلطة. في العراق أيضاً هناك أحزاب وتيارات إسلامية كثيرة من مذاهب مختلفة. هل هي قادرة علي تطبيق الشريعة علي الطريقة الشيعية أو السنية مثلاً؟ إلا إذا كانت مستعدة لخوض حرب أهلية طاحنة. ماذا تتعلم من ذلك إذا كنت لا تريد حرباً أهلية ولا تفتيت البلاد؟. تتعلم حكماً أن تقيم دولة لا سنية ولا شيعية بل دولة تقوم علي أساس المواطنة والحق والقانون والعدالة الاجتماعية. هذه القناعة تأتي نتاج دروس تاريخية. لكن هناك من يتعلم بسرعة وهناك من لا يتعلم أبداً. في لبنان مثلاً لم يتعلموا، مروا بحرب أهلية طاحنة لمدة ستة عشر عاماً، وبالنظر إلي ما يجري الآن يشعر المرء أنهم لم يتعلموا شيئاً منها، خصوصاً فيما يتعلق بالمسألة الطائفية. انتصار غير مظفر فيما يخص الشأن اللبناني. أثار رأيك في وصف انتصار حزب الله بالانتصار غير المظفر، سواء في الندوة التي عقدت في مكتبة الأسد في معرض الكتاب الأخير، أو في مقابلتك مع جريدة الأخبار اللبنانية.. هل ما زلت عند رأيك هذا؟. لم يطرأ شيء يجعلني أغير رأيي. خاصة بعدما سمعت السيد حسن نصر الله يعترف بأنه لو كان يعلم بأن عملية أسر الجنديين ستؤدي إلي هذه النتيجة لما كان سمح بها. هناك تعبير يقول بأن هناك نصراً بيروسياً ، بمعني أن كلفة هذا النصر باهظة جداً لدرجة تشعرك بأن وضعك بعد النصر ليس أفضل من وضعك قبل النصر. طبعاً السيد نصر الله كان عنده ما يكفي من الجرأة والصراحة ليعترف بذلك. ماذا عن وصف النصر بأنه نصر إلهي؟. هناك اعتبارات كثيرة وراء ذلك تتعلق بالتعبئة والمعتقدات وغيرها.. لكنني أري أننا بهذه الطريقة نسلب هؤلاء الأبطال الذين قاتلوا وصمدوا شيئاً من كفاءتهم ومقدرتهم وذكائهم. ربما أصبح الآن حزب الله عسكرياً وجهوزياً أقوي من السابق، لكني أري أن هذا الحزب في وضع لا يحسد عليه بالنظر إلي الانعطاف من الكفاح ضد إسرائيل نحو اللعبة الداخلية اللبنانية وتضييع طاقات الحزب في زواريب السياسة الصغيرة في لبنان. فهو اليوم بدلاً من مقارعة إسرائيل وجنرالاتها، يقارع وليد جنبلاط والحريري وغيرهم من السياسيين اللبنانيين. ربما يأتي ذلك من شعوره بأنه مهدد في حال جاء رئيس لبناني وحكومة تعمل علي نزع سلاح حزب الله؟. أنا أتحفظ علي كلمة مهدد. هذه الكلمة أكبر من واقع الحال.. أنا أشعر عندما أكون في لبنان بأن الآخرين مهددون من طرف علي هذا المستوي العالي من التسليح والقوة والتنظيم والتدريب كحزب الله. هل ترى أن مرجعية حزب الله هي أولاً وأخيراً في إيران؟. لا شك بأنهم يحسبون حساباً لإيران وسوريا أيضاً. لكن أنا غير مقتنع بمسألة التبعية الكاملة. أعتقد بأن لديهم حساباتهم الحزبية والوطنية. هذه المقولة باعتبارهم تابعين لإيران وسوريا مثل مقولة النصر الإلهي. لا شك بأن من يمول ويسلح ويساعد يمتلك وزناً ورأياً وتأثيراً، وهذا أمر طبيعي. مثلما كانت حركة فتح في الماضي تتأثر بتوجهات عبد الناصر، أو القيادة في سوريا تؤثر علي التنظيمات الفلسطينية... هذا جزء من الحراك الطبيعي للعلاقات والتحالفات السياسية والانكسارات التي قد تمني بها. عرفات كان أحياناً يصطدم مع سوريا وأحياناً يقول إنها رئة المقاومة. صدمة الهزيمة حركت القلم لماذا كتب صادق جلال العظم ولمن؟. يضحك .. أعتقد بأن الكتابة بالنسبة لأستاذ جامعي هي في الأساس جزء من البحث العلمي. في البداية كتاباتي كانت مرتبطة بدراستي للفلسفة الأوروبية الحديثة. لكن ما دفعني للكتابة في قضايا الشأن السياسي أو العام هو هزيمة يونيو 1967 لو طرح أحد ما عليّ أمر الكتابة قبل ذلك الحين وقال بأنني سأكتب بعض الكتب التي كتبتها لاحقاً، لاتهمته بالجنون وقلت بأنني لن أخوض في هذه القضايا. كان يمكن أن أعطي رأيي انطلاقاً من متابعتي واهتمامي بالشأن العام، لكني ما كنت لأخوض في هذه القضايا لولا الصدمة التي أحدثتها هزيمة حرب 1967 . كتبت قبل هزيمة العام 1967 للمهتمين بالشأن الفلسفي، كنت أكتب للمثقفين ممن لديهم استعداد لأخذ مواقف تنويرية وتقدمية ولتطوير الأفكار والمواقف والثقافات علي أساس الحركة النهضوية التنويرية العربية. أما بعد العام 1967 فكان التوجه إلي القوي الفاعلة في مجتمعاتنا. في تلك المرحلة جميعنا أصبنا بالصدمة والإحباط. فأصبحت أكتب للجميع لأننا جميعاً كمثقفين كنا نريد أن نقول شيئاً، إذ لا يمكن أن يحصل شيء بهذا المستوي من الكارثية دون أن تقول شيئاً كمثقف. هل كانت نتائج وأصداء كتاباتك في تلك المرحلة مرضية بالنسبة إليك؟. من ناحية الأصداء، كانت هناك أصداء كبيرة، وأعطت مفاعيل كانت أحياناً غير مريحة لي. لكنها كانت مفاعيل وأصداء واسعة، مثلاً كتاب نقد الفكر الديني المؤلف من مئتي صفحة كتب عنه حوالي 1500 صفحة، وهذا جزء من حيوية الثقافة في تلك المرحلة. عندما كانت تطرح فكرة نقدية تثير الجدل بهذا الشكل الواسع الذي جري. أيضاً كتاب النقد الذاتي بعد الهزيمة كتب عنه الكثير وترك أثراً كما كتب عنه في الغرب. بين الإلحاد والكفر هل أنت حقاً ملحد أو "دمشقي كافر" كما وصفك البعض؟. "يضحك".. هل تتصور أن مثقفاً جدياً مطلعاً في بلادنا العربية لم تغره فكرة الموقف النقدي من المعتقدات الدينية التقليدية، أو فكرة الشك واللاقدرية، وفكرة استخدام المنهج العلمي لفهم الظاهرة الدينية... منذ زمن قاسم أمين وحتي الآن هناك من يظهر ويجهر بتفاعله مع مثل هذه العناصر والقضايا. بطبيعة الحال المؤسسات الدينية ورجال الدين تنظر إلي المسألة علي أنها إلحاد وكفر وإلي ما هنالك.. لكن في النهاية يبقي هناك شيء ضميري وجداني وهو جزء من حرية وضمير كل إنسان. هناك بعض الأسماء التي يتقاطع أو يقترب نهجها من نهجك كمحمد شحرور ونصر حامد أبو زيد وجمال البنا وغيرهم.. إلي أي مدي تتفق أو تختلف مع هؤلاء؟. في الخط العام نلتقي كثيراً. أما في التفاصيل حيال المواقف من بعض القضايا المحددة فيمكن أن يكون هناك تباين وأحياناً نقد وسجال. لكن الخط العريض واحد، وأنا أعتبره خطاً نهضوياً تنويرياً نقدياً ونحن بحاجة إلي هذا الخط كثيراً. جديد العظم هل لديك نشاطات أو مشاريع جديدة علي صعيد التأليف والكتابة النقدية في التراث والحداثة والفكر والثقافة؟. أنا كما تعلم متقاعد من جامعة دمشق. وأدرس حالياً كأستاذ زائر في عدد من الجامعات الأوربية والأمريكية. أهتم بموضوعات العالم العربي وقضايا الإسلام والحداثة، وخاصة ما يتعلق بالتيارات الأصولية من خلال التدريس والمحاضرات والدراسات والمقالات. في الفترة الأخيرة لم أنشر شيئاً باللغة العربية، لكني نشرت كثيراً بالإنكليزية، وترجمت لي دراسات وكتب بست أو سبع لغات أوروبية. هل نفهم من ذلك أنك قطعت الأمل من القاريء العربي فاتجهت إلي القاريء الغربي؟. لا أبداً لم أقطع الأمل.. لكن أنا بحكم السن وغيره.. لم يعد لدي الطاقة أو المقدرة علي أن أكتب وأنتج كما كنت في السابق. في أحيان كثيرة أنشر كتاباً أو دراسة باللغة الإنكليزية ثم أعيد كتابتها للقارئ العربي أو العكس. طبعاً هذا ليس ترجمة. وإنما أنا أطرح فكرة علي القاريء العربي ثم أتساءل كيف أقولها وأصيغها للقاريء الأجنبي باللغة الإنكليزية أو الفرنسية دون تشويهها؟. وهذا يستهلك جهداً ووقتاً. عندما كنت شاباً وكان لدي وقت وطاقة أكبر كانت قدرتي أكبر، لكن الآن الأمر الآن بات أصعب عليّ. عندما كتبت مثلاً دراسة نقدية عن كتاب "الاستشراق" لادوارد سعيد، كتبتها بالانكليزية ثم بالعربية وباللغتين كان لها ردود فعل وأثارت نقاشاً وجدلاً واسعاً. سيصدر لي قريباً دراسة باللغة الانكليزية بعنوان "الاستشراق والمؤامرة". أيضاً صدر لي مؤخراً دراسة في المجلة الأوروبية "يوريبيان ريفيو" التي تصدرها الأكاديمية الأوربية للعلوم والآداب، تناولت فيها المناقشات الجارية الآن في الشرق الإسلامي والغرب العلماني حول موضوع علاقة الدين بالعلم. وهي تتضمن نوعاً من العودة لنقد الفكر الديني. هناك نقاشات تجري الآن في أوروبا وأمريكا خاصة بعدما فتح بابا الفاتيكان الجديد هذا الموضوع. أيضاً لدينا قضية أسلمة المعرفة، وأنا أعمل عليها حالياً. ماذا تعني؟ وهل تعني وضع المعرفة العلمية في خدمة الإسلام؟ أم تعني أن هناك علماً خاصاً الإسلام يكتشفه أو يخترعه؟ وإن لم يكن الإنسان مسلماً لا يعرفه أو يدركه أو لا يستطيع أن يصل إليه وأشياء من هذا القبيل... في السابق بعض المنظرين المتطرفين البروليتاريين والشيوعيين طرحوا فكرة أن العلم السائد هو علم برجوازي ويجب صناعة علم بروليتاري... طبعاً هذه الفكرة سخيفة وتافهة وفاشلة.. ويبدو لي أحياناً وكأن بعض من يدعون إلي أسلمة المعرفة يعيدون السيرة ذاتها، كأنهم يريدون القول بأن هناك فيزياء أو كيمياء برجوازية أو غربية أو مسيحية وفيزياء أو كيمياء إسلامية أو شرقية.. وكيمياء وتشريح وتكنولوجيا. الخ... حوار مع المفكر صادق جلال العظم - زكي العلي - 02-15-2008 اختيار موفق وذكي لحوار ممتع وغني لشخصية فكرية كبيرة وأعجب أن يمر دون تعليق رغم وجودنا في منتدى يقال انه منتدى الفكر. للأسف، المنتدى بات محتلا من قبل مجموعة صغيرة همها الوحيد هو الاستفزاز وباساليب تذكرنا بفتيات الليل وراقصات شارع محمد علي. حوار مع المفكر صادق جلال العظم - Enki - 02-15-2008 Array اختيار موفق وذكي لحوار ممتع وغني لشخصية فكرية كبيرة وأعجب أن يمر دون تعليق رغم وجودنا في منتدى يقال انه منتدى الفكر. للأسف، المنتدى بات محتلا من قبل مجموعة صغيرة همها الوحيد هو الاستفزاز وباساليب تذكرنا بفتيات الليل وراقصات شارع محمد علي. [/quote] وما اهمية صادق جلال العظم يا صديقي؟ ما اهمية القمني وما اهمية طه حسين وما اهمية علي الوردي وما اهمية شاكر النابلسي وما اهمية باقي المفركين في هذه المنطقة المغضوب عليها؟ كم قتلو؟ كم رجلاً قتلوه؟ كم خطاب عنتري القوه؟ كم مأساة تسببو بها؟ لا يوجد ! لا بد ان تكون قاتلاً مجرماً سفاحاً اثيماً تتعلق في رقبتك دم هذا وذاك وانت تردد الشعارات العنترية التي تذوب لسماعها الملايين فتجد انه تم تخصيص صفحة لك في منتدى الفكر الذي لاتوجد فيه صفحة واحدة لمفكر كبير مثل العظم ولا توجد فيه صفحة لعمالقة الفكر قديماً حديثاً فلا توجد ليدنا صفحة للمعري ولا صفحة لغاليلو العرب. متى تعرف هذه الامة من هم مفكروها الحقيقيون حتى تعظمهم تعظيماً. ملاحظة: هذا لايعني انني اتفق مع اراء الاسماء المذكورة. حوار مع المفكر صادق جلال العظم - فضل - 02-18-2008 استكمالا للموضوع ساتقل لكم مقال مترجمة للمفكر العالمى الشهير سمير امين Arrayالإسلام السياسي في خدمة الإمبريالية سمير أمين عن الإنكليزية: محمد الجندي جميع التيارات التي تدعي الانتماء إلى الإسلام السياسي تعلن "خصوصية الإسلام"، وفي رأيهم الإسلام لا يعرف أي فصل بين السياسة والدين، وهو أمر يفترض أنه مختلف عن المسيحية، ولا يفيد في شيء أن يذكرهم المرء، كما فعلتُ، أن ملاحظاتهم تعيد كلمة فكلمة تقريباً ما قاله الرجعيون الأوروبيون في بداية القرن التاسع عشر (مثل بونالد BONALD وميتر( MAISTRE لإدانة الفصل الذي أحدثه التنوير ENLIGHTENMENT والثورة الفرنسية في تاريخ الغرب المسيحي. على أساس ذلك الموقف يختار كل تيار من الإسلام السياسي أن يقود معركته على أرضية الثقافة، غير أن "الثقافة" قلصت في الواقع الحالي إلى قول اصطلاحي بالانتماء إلى دين محدد. وفي الحقيقة مناضلو الإسلام السياسي لا يهتمون بمناقشة الدوغما (العقائد) التي تؤلف الدين. التأكيد الشعائري على العضوية في الجماعة هي كل ما يشغلهم. ومثل هذه الرؤية للواقع في العالم المعاصر ليس مؤلماً فقط بسبب الفراغ الواسع الذي ينطوي عليه للفكر، وإنما أيضاً لأنه يبرر استراتيجية الإمبريالية في إحلال ما يسمى بصراع الحضارات بديلاً للصراع بين المراكز الإمبريالية والأطراف المهيمن عليها. إن التشديد الوحيد على الحضارة (الثقافة) يسمح للإسلام السياسي بأن يحذف من كل مجالات الحياة المواجهات الاجتماعية الواقعية بين الطبقات الشعبية والنظام الرأسمالي العالمي الذي يضطهدهم ويستغلهم. مناضلو الإسلام السياسي لا وجود حقيقياً لهم في المجالات التي تجري فيها صراعات اجتماعية واقعية، وقادتهم يكررون باستمرار أن مثل تلك الصراعات لا أهمية لها. الإسلاميون موجودون فقط في مجالات المدارس المفتوحة والمستوصفات الصحية، ولكن ليست هذه سوى أعمال إحسان، وسوى وسيلة للتخريب. إنها ليست وسيلة لدعم كفاح الطبقات الشعبية ضد النظام المسؤول عن فقرهم. على أرض المسائل الاجتماعية الحقيقية يقف الإسلام السياسي في خندق الرأسمالية والإمبريالية المهيمنة، إنه يدافع عن مبدأ الطبيعة المقدسة للملكية، ويجيز عدم المساواة وكل متطلبات إعادة الإنتاج الرأسمالي، ودعم الإخوان المسلمين في البرلمان المصري للقوانين الرجعية الحديثة التي تعزز حقوق ملكية المالكين على حساب حقوق المزارعين المستأجرين (ويؤلفون أغلبية الفلاحين الصغار) ليس سوى مثال بين فئات أخرى. لا يوجد مثال ولو قانوناً رجعياً واحداً، مقراً في أي بلد إسلامي عارضته الحركات الإسلامية. زيادة على ذلك، مثل تلك القوانين تقر وتنشر بموافقة قادة النظام الإمبريالي. الإسلام السياسي ليس ضد الإمبريالية، حتى ولو ظن مناضلوه عكس ذلك ! إنه حليف ثمين للإمبريالية، وهذه تعرف ذلك، ومن السهل أن يفهم المرء والحالة هذه، أن الإسلام السياسي بقي دوماً في صف الطبقة الحاكمة السعودية والباكستانية، عدا عن ذلك كانت تلك الطبقات منذ البداية الأولى من بين أنشط المشجعين له. البرجوازية الكومبرادورية المحلية، والأغنياء الجدد، المستفيدين من العولمة الإمبريالية الحالية يدعمون الإسلام السياسي بسخاء، وهذا تخلى عن المنظور المعادي للإمبريالية، واستبدله بالموقف "المعادي للغرب" (تقريباً "المعادي للمسيحية")، الذي لا يفعل بداهة سوى أن يقود المجتمعات ذات العلاقة إلى مأزق ولا يؤلف بالتالي عائقاً لنشر السيطرة الإمبريالية على النظام العالمي. الإسلام السياسي ليس فقط رجعياً في بعض المسائل (ولا سيما فيما يتعلق بوضع المرأة)، وربما هو مسؤول عن التعصب المتطرف الموجه ضد المواطنين غير المسلمين (مثل الأقباط في مصر)، إنه رجعي بأساسه، ومن الواضح بالتالي أنه لا يستطيع المساهمة في التقدم في تحرير الشعب. تطرح مع ذلك ثلاث مبررات لتشجيع الحركات الاجتماعية جملة للدخول في حوار مع حركات الإسلام السياسي، الأول هو أن الإسلام السياسي يعبئ جماهير شعبية عديدة، لا يمكن تجاهلها أو احتقارها. ثمة صور عديدة تعزز حتماً هذا الطرح، لكن يجب على المرء أن يحافظ على صفاء ذهنه، وأن يقوّم بشكل صحيح التعبئة المعنية. "النجاحات" الانتخابية، التي نظمت توضع في حجمها حالما تخضع لمزيد من التحليل الدقيق. أذكر هنا مثلاً، النسبة الكبيرة من الامتناع عن التصويت ـ أكثر من 75% ! ـ في الانتخابات المصرية. إن قوة الشارع الإسلامي هي إلى حد كبير مجرد الصورة المعكوسة لضعف اليسار المنظم، الغائب عن المجالات التي تحصل فيها الصراعات الاجتماعية الجارية. حتى ولو قبل المرء أن الإسلام السياسي يعبئ حالياً أعداداً كبيرة، أذلك يبرر الاستنتاج أن اليسار يجب أن يحاول ضم المنظمات الإسلامية السياسية في تحالف من أجل العمل الاجتماعي أو السياسي، إذا كان الإسلام السياسي يعبئ بنجاح أعدادا كبيرة من الناس، فهذا مجرد واقع، وأي إستراتيجية سياسية فعالة يجب أن تدخل ذلك الواقع في اعتباراتها وفي مقترحاتها وفي خياراتها. أما محاولة التحالف، فليس وسيلة للتعامل مع ذلك التحدي. ويجدر التدليل أن منظمات الإسلام السياسي ـ الإخوان المسلمين بوجه خاص ـ لا يسعون إلى مثل ذلك التحالف، بل إنها ترفضه. إذا حصل أن اعتقدت بعض المنظمات اليسارية السيئة الحظ بالصدفة، أن المنظمات الإسلامية السياسية قبلتهم، فإن أول قرار تتخذه هذه بعد النجاح في الوصول إلى السلطة، يكون تصفية الحليف العبء بعنف مفرط، كما كان الأمر في إيران مع المجاهدين وفدائيي خلق. والمبرر الثاني الذي يطرحه أنصار "الحوار" هو أن الإسلام السياسي حتى ولو كان رجعياً في الأمور الاجتماعية، فهو "معاد للإمبريالية". لقد سمعت القول، إن المقياس لذلك الذي اقترحه (وهو الدعم غير المحدود للمعارك، التي تخاض من أجل التقدم الاجتماعي) هو (أي المقياس) "اقتصادي"، ويهمل الأبعاد السياسية للتحدي الذي يواجه شعوب الجنوب. أنا لا أعتقد أن هذا الانتقاد صحيح، إذا ما أخذ في الاعتبار ما قد قلته عن الديمقراطية وعن أبعاد الردود المرغوبة للتعامل مع ذلك التحدي. وأقبل أيضاً أن القوى الفاعلة ليست بالضرورة ثابتة في طريقتها في التعامل مع الأبعاد السياسية والاجتماعية في ردها على التحدي الذي يواجه شعوب الجنوب، وبذلك من الممكن أن يتصور المرء إسلاماً سياسياً معادياً للإمبريالية، رغم أنه رجعي على الصعيد الاجتماعي. يقفز إلى الذهن فوراً هنا إيران وحماس في فلسطين، وحزب الله في لبنان، وبعض حركات المقاومة في العراق. سوف أناقش هذه الحالات الخاصة فيما بعد. وما أخالفه هو أن الإسلام السياسي ككل هو ببساطة تامة ليس معادياً للإمبريالية، وإنما يقف إجمالاً خلف القوى المهيمنة على الصعيد العالمي. المبرر الثالث يلفت نظر اليسار إلى ضرورة محاربة كره الإسلام، وأي يسار جدير بهذا الاسم لا يستطيع أن يتجاهل مسألة الضواحي، أي معاملة الطبقات الشعبية التي من أصل مهاجر، في عواصم الرأسمالية المتطورة المعاصرة، وتحليل ذلك التحدي والردود التي صدرت عن مختلف الجماعات (الأحزاب المهتمة ذاتها، اليسار الانتخابي الأوروبي، اليسار الراديكالي) ليس من اهتمام هذا المقال. سأكتفي بشرح وجهة نظري المبدئية: الرد التقدمي لا يمكن أن يكون مبنياً على مأسسة الطائفية communitarianism، التي هي جوهرياً وبالضرورة مرتبطة باللامساواة، وفي النهاية تنبع من الثقافة العنصرية نتيجة إيديولوجية للثقافة السياسية الرجعية للولايات المتحدة، بدأت الطائفية (المنتصرة الآن في بريطانيا العظمى) في تسميم الحياة السياسية في القارة الأوروبية. كره الإسلام Islamophobia الذي تصعده بشكل كامل قطاعات كبيرة من النخبة السياسية وأجهزة الإعلام، هو جزء من إستراتيجية لإدارة التمايز الاجتماعي لصالح رأس المال، لأن ما يفترض أنه احترام للتمايز في الواقع ليس سوى وسيلة لتعميق الانقسامات داخل الطبقات الشعبية. • مأسسة الطائفية communitarianism نظرية سياسية مبنية على "الهويات الثقافية الجماعية" كأساس لفهم الواقع الاجتماعي الديناميكي ـ الناشر. • مسألة ما يسمى مشكلة الجوارات (الضواحي) هي خاصة، وخلطها مع مسألة الإمبريالية (أي الإدارة الإمبريالية للعلاقات بين المراكز الإمبريالية المهيمنة والأطراف المهيمن عليها)، كما يجري أحياناً، لا يساهم في شيء في التقدم في كل من المجالين المختلفين كلياً، ذلك الخلط هو جزء من الأدوات الرجعية، ويعزز كره الإسلام، الذي بدوره يجعل من الممكن إجازة كلا الأمرين: الهجوم ضد الطبقات الشعبية في المراكز الإمبريالية، والهجوم ضد شعوب الأطراف ذات العلاقة، وهذا الخلط وكره الإسلام بدورهما يقدمان خدمة ثمينة للإسلام السياسي الرجعي، بإعطائه مصداقية لخطابه المعادي للغرب. وأقول: إن المعركتين الإيديولوجيتين الرجعيتين، اللتين يصعدهما على الترتيب اليمين العنصري في الغرب والإسلام السياسي اللذين يدعمان بعضهما البعض، في الوقت الذي يدعمان فيه الممارسات الطائفية. الحداثة والديمقراطية والعلمانية والإسلام الصورة التي تقدمها المناطق العربية والإسلامية عن نفسها اليوم، هي تلك التي الدين (الإسلام)، هو في الواجهة لجميع المجالات في الحياة الاجتماعية والسياسية، لدرجة يبدو فيها أن من المستغرب تصور أن يكون الأمر مختلفاً. أغلبية المراقبين الأجانب (قادة سياسيين وإعلاميين) يستنتجون أن الحداثة، بل وربما الديمقراطية، يجب أن تتكيف مع الحضور القوي للإسلام، ومع الاستبعاد الواقعي للعلمانية. إما أن تكون هذه المصالحة ممكنة ويكون من الضروري دعمها أو لا تكون، ويكون التعامل مع هذه المنطقة من العالم كما هي. أنا لا أشترك مطلقاً بذلك، بما يسمى بالرؤية الواقعية. المستقبل ـ في الأفق البعيد للاشتراكية المعولمة ـ هو لشعوب هذه المنطقة مثله للشعوب الأخرى، الديمقراطية والعلمانية. المستقبل هو ممكن في هذه المناطق مثله في مناطق أخرى، ولكن لا شيء مضموناً وأكيداً في أي مكان. الحداثة هي شرخ في تاريخ العالم، دخلت أوروبا خلال القرن السادس عشر. الحداثة تطرح أن الكائنات الإنسانية هي المسؤولة عن تاريخها، فردياً وجماعياً، وتقطع صلتها والحالة هذه مع الإيديولوجيات، التي كانت سائدة قبل الحداثة. الحداثة إذن تجعل الديمقراطية ممكنة، وتقتضي في نفس الوقت العلمانية، بمعنى فصل الديني عن السياسي. إن الربط المعقد بين الحداثة والديمقراطية والعلمانية، الذي صيغ في عصر التنوير، ونفذته الثورة الفرنسية، كانت تقدماته وتراجعاته هي التي صاغت منذئذ العالم المعاصر، غير أن الحداثة بذاتها ليست فقط ثورة ثقافية. لقد اشتقت معناها فقط من خلال العلاقة الوثيقة، التي كانت لها بميلاد الرأسمالية وبنموها فيما بعد، وهذه العلاقة رسمت الحدود التاريخية للحداثة "القائمة واقعياً". الصيغ الواقعية للحداثة والديمقراطية والعلمانية وجدت اليوم وجوبها ثم هي معتبرة منتجات للتاريخ الواقعي لنمو الرأسمالية. لقد أخذت شكلها من خلال الشروط الخاصة، التي يتم فيها التعبير عن سيطرة رأس المال ـ التوافقات التي تحدد مضامين الكتل المهيمنة (التي أسميها المجرى التاريخي للثقافات السياسية). هذا التقديم المكثف لفهمي للمنهج المادي التاريخي وارد فقط لتحديد مكان مختلف الطرق في تركيب الحداثة الرأسمالية، والديمقراطية والعلمانية في إطارها النظري. التنوير والثورة الفرنسية طرحاً نموذجياً للعلمانية الراديكالية. ملحد أو لا أدروي AGNOSTIC، جبري DEIST أو مؤمن (مسيحي في هذه الحالة)، الإنسان حرّ في الاختيار، والدولة لا تعرف شيئاً عن ذلك. في القارة الأوروبية ـ وفي فرنسا ابتداء من عودة الملكية ـ التراجعات والتسويات التي جمعت سلطة البرجوازية مع سلطة الطبقات المسيطرة في الأنظمة ما قبل الحديثة، كانت الأساس للصيغ المخففة من العلمانية، التي فهمت على أنها تسامح، مع عدم نفي الدور الاجتماعي للكنائس من النظام السياسي. أما بالنسبة للولايات المتحدة، فقد نتج عن مسارها التاريخي الخاص تشكيل ثقافة سياسية رجعية بأساسها، العلمانية الحقيقية فيها غير معروفة عملياً. الدين معترف به هنا كفاعل اجتماعي والعلمانية مختلطة مع تعددية الديانات الرسمية (أي دين ـ حتى المذهب ـ هو رسمي). ثمة رباط واضح بين درجة العلمانية الراديكالية القائمة ودرجة دعم تشكيل المجتمع وفقاً للموضوع المركزي للحداثة. اليسار، سواء كان راديكالياً أو حتى معتدلاً، الذي يؤمن بجدوى السياسة في توجيه التطور الاجتماعي في اتجاهات مختارة، يدافع بقوة عن مفاهيم العلمانية، واليمين المحافظ يطرح أن يتاح للأمور التطور على مسارها الخاص، سواء كانت المسألة تتعلق بالاقتصاد أو بالسياسة، أو بالمجتمع. وفيما يتعلق بالاقتصاد الاختيار لصالح "السوق" هو بداهة لصالح الرأسمال. وفي السياسة الديمقراطية الضعيفة الشدة أصبحت القاعدة، التوريث حل محل التبديل، والمجتمع في هذا الإطار، السياسة فيه لا تحتاج العلمانية ـ "الطوائف" تعوض عن الثغرات في الدولة. السوق والديمقراطية التمثيلية يصنعان تاريخاً ويجب أن يتاح لها القيام بذلك. ففي اللحظة الحالية من تراجع اليسار، هذه الصيغة من الفكر الاجتماعي سائدة على نطاق واسع، في صياغات تعزف السلم الموسيقي من لدى تورين حتى لدى نيغري، بل الثقافة السياسية الرجعية للولايات المتحدة تذهب بعيداً في شل مسؤولية الفعل السياسي. التأكيد المتكرر بأن الله يهدي الأمة "الأمريكية، والانتماء الواسع لهذا "الإيمان"، يقلص حتى مفهوم العلمانية إلى اللاشيء، والقول إن الله يصنع التاريخ هو في الواقع إتاحة للسوق كي تصنعه. ومن وجهة النظر هذه، أين هم شعوب منطقة الشرق الأوسط ؟ إن صورة الملتحين الذين يركعون، ومجموعات النساء المحجبات، تعطي نتائج متسرعة لشدة الانتماء الديني لدى الأفراد. "الثقافيون" الغربيون الأصدقاء، الذين ينادون بالتنوع في الأديان، نادراً ما يكتشفون العمليات التي تقوم بها السلطات، كي تقدم الصورة التي تلائمها. هنالك حتماً من هم "مجنونون بالله". هل هم نسبياً أكثر عدداً من الكاثوليك الإسبان الذين يقومون بمسيرات في الفصح ؟ أو من الحشود الواسعة التي تصغي إلى الإذاعات الإنجيلية في الولايات المتحدة ؟ ... على أية حال؛ المنطقة لم تعطِ دوماً هذه الصورة عن ذاتها، بصرف النظر عن الفروق بين بلد وبلد، فإن منطقة كبرى يمكن تحديدها بدءاً من مراكش وحتى أفغانستان، متضمنة جميع الشعوب العربية (باستثناء شعوب شبه الجزيرة العربية)، الأتراك والإيرانيون والأفغان، وشعوب جمهوريات آسيا الوسطى السوفييتية السابقة، إمكانات نمو العلمانية فيها هي أبعد من أن تكون مهملة. الوضع مختلف بين الشعوب المجاورة الأخرى، عرب شبه الجزيرة وباكستان. في هذه المنطقة الأكبر وسمت التقاليد السياسية بقوة التيارات الراديكالية للحداثة: أفكار التنوير، الثورة الفرنسية، الثورة الروسية وشيوعية الأممية الثالثة، كل ذلك كان ماثلاً في أذهان كل فرد، وكان أهم بكثير من برلمانية وستمنستر، مثلاً إن هذه التيارات المهيمنة أوحت بأغلب نماذج التحول السياسي الذي قامت به الطبقات الحاكمة، التحول الذي يمكن وصفه في بعض جوانبه بصيغ للاستبداد المتنور. كان ذلك حتماً هو الحالة في مصر محمد علي أو الخديوي إسماعيل. الكمالية في تركيا والتحديث في إيران كانا متشابهان. الشعبوية القومية في المراحل الأحدث من التاريخ تنتمي إلى نفس الأسرة من المشروعات السياسية الحداثية. أشكال النموذج عديدة (جبهة التحرير الوطني الجزائرية، البورقيبية التونسية، الناصرية المصرية، البعثية في سوريا والعراق)، ولكن كانت قيادة الحركة متشابهة. ظاهرياً التجارب المتطرفة ـ ما يسمى بالأنظمة الشيوعية في أفغانستان واليمن الجنوبي ـ كانا واقعياً غير مختلفين كثيراً. كل هذه الأنظمة أنجزت الكثير، ولهذا السبب كان لها دعم شعبي واسع، ولهذا؛ مع أنها ليست ديمقراطية حقيقية، فقد فتحت الطريق لتطور ممكن في هذا الاتجاه. في بعض الظروف، مثل تلك التي كانت في مصر من 1920 حتى 1950، جرت محاولة لتجربة ديمقراطية انتخابية، مدعومة من قيادة معتدلة معادية للإمبريالية (حزب الوفد)، ويعارضها السلطة الإمبريالية المسيطرة (بريطانيا العظمى) والحلفاء المحليون (الملكية). العلمانية التي طبقت بأشكالها المعتدلة، للعلم، لم تكن مرفوضة من الجمهور، بالعكس كان رجال الدين هم الذين كانوا معتبرين ظلاميين لدى الرأي العام، وأغلبهم كانوا كذلك. التجارب الحداثية، من الاستبداد التنويري إلى الشعبوية القومية الراديكالية، لم تكن نتيجة الصدفة. الحركات القومية التي كانت مسيطرة في الطبقات الوسطى خلقتها، وبهذه الطريقة عبرت تلك الطبقات عن إرادتها في أن تُرى شريكاً ناضجا في العولمة، وهذه المشاريع التي يمكن وصفها بالبورجوازية الوطنية كانت حداثية، وتحمل العلمانية وتنطوي على كونها حاملاً للتطورات الديمقراطية، ولكن لأن تلك المشاريع كانت بالضبط تتعارض مع مصالح الإمبريالية المهيمنة، قامت هذه بمحاربتها من دون هوادة، وبشكل كامل، وجندت القوى الظلامية المنحدرة من أجل ذلك الهدف. تاريخ القرن الماضي على يد البريطانيين والملكية لسد الطريق على الوفد الديمقراطي والعلماني، والعودة الجماعية من المنفى السعودي بعد وفاة عبد الناصر، المرتبة من قبل المخابرات المركزية الأمريكية C.I.A. والسادات، هي أيضاً معروفة جيداً. ونحن كلنا نعرف تاريخ طالبان التي شكلتها المخابرات المركزية في باكستان، لكي تحارب "الشيوعيين" الذين فتحوا المدارس لكل إنسان، للصبيان والبنات. ومعروف أيضاً جيداً أن الإسرائيليين دعموا حماس في البداية لإضعاف التيارات الديمقراطية والعلمانية في المقاومة الفلسطينية. إن الإسلام السياسي كان يمكن أن يجد صعوبة أكبر بكثير في اجتياز حدود العربية السعودية وباكستان، لولا دعم الولايات المتحدة المستمر، القوي الحازم. المجتمع العربي السعودي لم يكن قد خرج من التقاليد عندما اكتشف البترول تحت ترابه، والتحالف بين الإمبريالية والطبقة الحاكمة التقليدية، الذي تم فوراً، أبرم بين الشريكين وأعطى حقاً جديداً بالحياة للإسلام السياسي الوهابي، ومن جهتهم نجح البريطانيون في شق الوحدة الهندية بإقناع القادة المسلمين بإقامة دولتهم الخاصة، فوقع هؤلاء في فخ الإسلام السياسي في ولادته الأولى، ويجب التنويه أن النظرية التي منحت الشرعية لذلك ـ المنسوبة إلى المودودي ـ كانت قد صيغت بالكامل على يد المستشرقين الإنكليز في خدمة جلالته. • أصل القوة الحالية للإسلام السياسي في إيران لا يبدو بنفس الصلة التاريخية، مع التآمر الإمبريالي لأسباب تناقش في القسم التالي ـ الناشر. وبذلك من السهل أن يفهم المرء المبادرة التي قامت بها الولايات المتحدة لشق الجبهة المتحدة من الدول الإفريقية والآسيوية، التي أقيمت في باندونغ عام 1955، بإنشاء المؤتمر الإسلامي الذي دعت إليه مباشرة منذ العام 1957 العربية السعودية وباكستان، والإسلام السياسي دخل إلى المنطقة بهذه الطريقة. وأقل ما يمكن استنتاجه من الملاحظات التي قدمناها، هو أن الإسلام السياسي ليس نتيجة عفوية لتعلق الشعوب ذات العلاقة بالقناعات الدينية الأصلية. إن الإسلام السياسي هو من فعل الإمبريالية الكامل مدعوماً بالطبع من قوى الرجعية الظلامية ومن الطبقات الكومبرادورية التابعة لها، وكون هذا الواقع للأمور هو أيضاً من مسؤولية القوى اليسارية، التي لا ترى ولا تعرف كيف تتعامل مع هذا التحدي، فيبقى لا جدال فيه. المسائل المتعلقة ببلدان خط الجبهة (أفغانستان، العراق، فلسطين، إيران) مشروع الولايات المتحدة، المدعوم لدرجات مختلفة من حلفائها الأتباع في أوروبا واليابان، هو أن تقيم سيطرة عسكرية فوق كامل الكوكب، وبهذا الهدف في الذهن اختير الشرق الأوسط منطقة ل"الضربة" الأولى لأربعة أسباب: 1 ـ إنه يضم أغزر الموارد البترولية في العالم وسيطرة الولايات المتحدة العسكرية المباشرة عليه تمنح واشنطن موقعاً متميزاً، يجعل حلفائها ـ أوروبا واليابان ـ وربما المنافسين (الصين) في وضع غير مريح بسبب الارتباط بحاجاتها من الطاقة. 2 ـ ويقع على تقاطع الطرق في العالم القديم ويجعل من الأسهل نصب تهديد عسكري دائم للصين وللهند ولروسيا. 3 ـ المنطقة تعاني فترة ضعف وتشوش، تسمح للمعتدي أن يكون واثقاً من النصر السهل، على الأقل في المرحلة الأولى. 4 ـ وجود إسرائيل في المنطقة، الحليف غير المشروط لواشنطن. هذا العدوان وضع البلدان والأمم الواقعة على خط الجبهة (أفغانستان، العراق، فلسطين، إيران) في وضع خاص بأن تكون مدمرة (الثلاثة الأولى) أو مهددة (إيران). أفغانستان أفغانستان شهدت أفضل فترة في تاريخها الحديث خلال ما يسمى بالجمهورية الشيوعية، كان ذلك نظام استبداد حداثي وتنويري، فتح النظام التربوي للأطفال من الجنسين. كان معادياً للظلامية، ولهذا السبب كان له دعم حاسم في المجتمع. الإصلاح الزراعي الذي قام به كان بأغلبه مجموعة من الإجراءات الهادفة لتقليص سلطات القادة القبليين وطغيانهم، ودعم الأغلبية الفلاحية ـ على الأقل ضمناً ـ كان من شأنه أن يضمن النجاح المحتمل لهذه البداية الجيدة للتغيير، والدعاية التي نشرها الإعلام الغربي وكذلك الإسلام السياسي، والتي تصور هذه التجربة الشيوعية على أنها إلحادية وشمولية، رفضها الشعب الأفغاني. الواقع، النظام لم يكن ضعيف الشعبية، وكان يشبه نظام أتاتورك في أيامه. وواقع أن قادة هذه التجربة في كلا التكتلين الرئيسيين (خلق وبارشام)، كانوا يصفون أنفسهم بالشيوعيين ليس مستغرباً. إن نموذج التقدم الذي أنجزته شعوب آسيا الوسطى المجاورة (رغم كل ما قيل في الموضوع، ورغم الممارسة الأوتوقراطية للنظام) بالمقارنة مع الكوارث الاجتماعية الجارية عبر الإدارة الإمبريالية البريطانية في بلدان مجاورة أخرى (ومنها الهند وباكستان)، والتي كان لها هنا وفي بلدان عديدة أخرى في المنطقة تأثير في تشجيع الوطنيين على تقويم مدى العائق، الذي تشكله الإمبريالية لأي محاولة للتحديث، والدعوة من جانب أحد التكتلين للسوفييت، كي يتدخلوا ليتخلصوا من الآخرين كان لها حتماً تأثير سلبي، وأحبطت الإمكانات من أجل مشروع حداثي قومي شعبوي. الولايات المتحدة وحلفاؤها في الثلاثي كانوا عموماً خصوماً ألداء للحداثيين الأفغان، شيوعيين أم لا، هم الذين جندوا القوى الظلامية من الإسلام السياسي، نموذج باكستان (طالبان)، وأمراء الحرب (قادة القبائل الذين أخمدهم ما يسمى بالنظام الشيوعي)، والذين دربوهم وسلحوهم. حتى بعد الانسحاب السوفييتي برهنت حكومة نجيب الله عن قدرة على المقاومة، ربما كانت ستنتصر لولا الهجوم الباكستاني الذي أتى ليدعم طالبان، ثم هجوم قوى أمراء الحرب المعاد تشكيلها التي زادت الفوضى. لقد سحقت أفغانستان بتدخل الولايات المتحدة وحلفائها والعملاء الإسلاميين بوجه خاص. أفغانستان لا يمكن إعادة بنائها في ظل سلطتهم المتسترة خلف مهرج لا جذور له في البلاد، أسقط بالمظلة من تكساس ترانسناشنال، التي كان موظفاً فيها. "الديمقراطية المفترضة" التي باسمها واشنطن والناتو والأمم المتحدة دعوا إلى النجدة، المطروحة لتبرير استمرار وجودهم (احتلالهم في الواقع) كانت كذبة منذ البداية، وأصبحت تهريجاً كبيراً. ثمة حل وحيد للمشكلة الأفغانية، جميع القوى الأجنبية يجب أن تغادر البلاد، وكل القوى يجب أن تجبر على وقف وإنهاء تسليح عملائها، ولمن يعبرون بحسن نية عن خوفهم عن أن الشعب الأفغاني سوف يعاني دكتاتورية طالبان (أو أمراء الحرب)، أرد بأن الوجود الأجنبي كان حتى الآن وسيبقى دعماً لتلك الدكتاتورية! كان الشعب الأفغاني يتحرك في اتجاه مغاير ـ ربما أفضل ما يمكن ـ في وقت كان فيه الغرب مجبرا على أن يكون أقل اهتماماً بشؤونه. لقد فضل الغرب المتمدن دوماً الاستبداد الظلامي، الأقل خطراً بكثير على مصالحه، على استبداد "الشيوعيين" التنويري. العراق دبلوماسية الولايات المتحدة المسلحة، كان لديها دوماً هدف تدمير حرفي للعراق قبل الذرائع، التي أعطيت بزمن كبير لفعل ذلك في مناسبتين: غزو الكويت في 1990، ثم بعد 11 أيلول 2001 ـ المستغل لهذا الغرض لدى بوش مع نفاق وأكاذيب من نموذج غربلز ("إذا قلت كذبة كبيرة بشكل كافٍ وبقيت تكررها، ينتهي الشعب عملياً بأن يصدقها"). السبب لهذا الهدف هو بسيط ولا علاقة له بالخطاب، الذي يدعو إلى تحرير الشعب العراقي من دكتاتورية صدام حسين الدموية (والوصف حقيقي بشكل كافٍ). إن العراق يمتلك جزءاً كبيراً من أفضل الموارد البترولية في الكوكب. وما هو أكثر من ذلك، نجح العراق في تدريب كادرات علمية وتقنية، كانت قادرة عبر كتلتها الحدية، أن تدعم مشروعاً قومياً غنياً ومتماسكاً، وهذا الخطر كان يجب إزالته بحرب وقائية، أعطت الولايات المتحدة لنفسها الحق بشنها متى وأنى تقرر، دون أي احترام للقانون الدولي. وغير هذه الملاحظة الواضحة يجب فحص عدة مسائل جدية: 1 ـ كيف يمكن أن يبدو مخطط واشنطن ـ حتى لفترة تاريخية قصيرة ـ فاقع النجاح وسهلاً ؟ 2 ـ أي وضع جديد نشأ ويواجه الأمة العراقية اليوم ؟ 3 ـ أي ردود يواجه بها مختلف السكان العراقيين التحدي ؟ 4 ـ أي حلول يمكن أن تطرحها القوى الديمقراطية والتقدمية العراقية والعربية والدولية ؟ إن فشل صدام حسين كان متوقعاً، والشعب الذي واجهه عدو ميزته الرئيسية تكمن في قدرته على فعل الإبادة دون عقاب بالقصف الجوي (واستخدام الأسلحة النووية يأتي)، لديه رد فعال ممكن وحيد: القيام بالمقاومة على أرضه المغزوة. نظام صدام كان مندفعاً في حذف كل وسيلة دفاع في يد شعبه عبر التدمير الكامل لأي تنظيم ولأي حزب سياسي (بدءاً من الحزب الشيوعي) صنع تاريخ العراق الحديث، ومن الجملة البعث نفسه، الذي كان أحد الفاعلين الأساسيين في ذلك التاريخ. ليس مستغرباً ضمن هذه الشروط أن يسمح الشعب العراقي بغزو بلده دون معركة، بل بعض التصرفات (مثل المشاركة في الانتخابات التي نظمها الغازي، أو انفجار القتال بين الأخوة، بين الأكراد والعرب الشيعة) تبدو إشارات على الرضى المحتمل بالهزيمة (الذي اعتمدت عليه واشنطن في حساباتها)، ولكن ما هو جدير بالتنويه هو أن المقاومة على الأرض تزداد قوة كل يوم (رغم كل الضعف الجدي، الذي ظهر لدى مختلف قوى المقاومة، التي جعلت من المستحيل إقامة نظام أذناب قادر على الحفاظ على مظاهر نظام؛ بشكل قد برهن على فشل مشروع واشنطن. غير أن وضعاً جديداً نشأ مع الاحتلال العسكري الأجنبي. الأمة العراقية هي حقيقية في خطر. واشنطن غير قادرة على الاستمرار في السيطرة على البلاد (بشكل تنهب فيه المواد البترولية، مما يؤلف الهدف الأول)، من خلال حكومة وطنية شكلية. الطريقة الوحيدة لتتابع مشروعها هي إذن تمزيق البلد. تقسيم البلد إلى ثلاث دول على الأقل (كردية وعربية سنية وعربية شيعية) كان ربما منذ البداية هدف واشنطن، بالتحالف مع إسرائيل (الأرشيف سوف يكشف حقيقة ذلك في المستقبل) الآن "الحرب الأهلية" هي الورقة التي تلعبها واشنطن لإعطاء الشرعية لاحتلالها. من الواضح أن الاحتلال الدائم كان ـ ويبقى ـ الهدف: فهو الوسيلة الوحيدة التي تستطيع بها واشنطن ضمان السيطرة على الموارد البترولية. حتما لايمكن إعطاء أي مصداقية لتصريحات واشنطن عن النيه في "سنرحل عن البلاد حالما يعاد الأمن". يجب أن يتذكر المرء أن البريطانيين لم يقولوا يوماً عن احتلالهم مصر منذ 1882، سوى أنه مؤقت (واستمر حتى 1956) وأثناء ذلك الولايات المتحدة حتما تدمر ،يوماً بعد يوم، البلاد، مدارسها، مصانعها، إمكاناتها العلمية، مستخدمة كل الوسائل ومنها الجرمية. الرد الذي يصدر عن الشعب العراقي على التحدي ـ كما يبدو على الأقل ـ ليس على مستوى مواجهة جدية الوضع ... هذا أقل ما يمكن أن يقال. ما هي أسباب ذلك ؟ الإعلام الغربي المسيطر يكرر لدرجة القرف أن العراق هو بلد مصطنع، وأن السيطرة الاضطهادية لنظام صدام حسين "السني" على الشيعة والأكراد هو السبب في الحرب الأهلية التي لا مفر منها (والتي يمكن ردعها، ربما فقط باستمرار الاحتلال الأجنبي). المقاومة محصورة إذن بعدد قليل من الإسلاميين العنيدين الموالين لصدام في المثلث السني. لا شك أن من الصعب أن يخرز المرء مغالطات عديدة بهذا المقدار مع بعضها في خيط. عقب الحرب العالمية الأولى لقي البريطانيون صعوبة كبرى في هزم الشعب العراقي، وبالانسجام الكامل مع تقاليدهم الإمبراطورية استورد البريطانيون ملكية وأنشأوا طبقة من الملاكين الكبار لدعم سلطتهم، وإلى جانب ذلك أعطوا وضعاً مميزاً للسنة، ولكن رغم جهودهم الكلية فشل البريطانيون. الحزب الشيوعي وحزب البعث كانا القوتين السياسيتين المنظمتين الرئيسيتين اللتين هزمتا سلطة الملكية "السنية"، التي كان يكرهها الجميع، السنة والشيعة والأكراد. والتنافس العنيف بين تلكما القوتين، الذي ملأ الفترة بين 1958 و 1963 انتهى بانتصار حزب البعث، الذي رحبت به الدول الغربية كنجدة. المشروع الشيوعي كان يحمل في طياته إمكانية التطور الديمقراطي؛ ولم يكن الأمر كذلك لدى البعث. الأخير كان قومياً وعربياً pan-arabe في المبدأ، وكان معجباً بالنموذج البروسي في بناء الوحدة الألمانية، ويجند أعضاءه من البورجوازية الصغيرة العلمانية الحداثية، المعادية لتعبيرات الدين الظلامية. وفي السلطة تطور البعث بشكل متوقع إلى دكتاتورية كانت فقط نصف معادية للإمبريالية، بمعنى أنها تعتمد على الأوضاع الدولية والظروف، والصفقة يمكن أن تقبل لدى الشريكين (السلطة البعثية في العراق والأمبريالية الولايات المتحدة المسيطرة في المنطقة). الصفقة شجعت جنون العظمة لدى القائد، الذي تصور أن واشنطن سوف تقبل بأن تجعله الحليف الرئيسي في المنطقة، ودعم واشنطن لبغداد (البرهان على ذلك تزويده بالأسلحة الكيميائية) في الحرب الجرمية ضد إيران منذ 1980 إلى 1989، بدا وكأنه دليل على صدق تلك الحسابات. صدام لم يتصور يوماً خداع واشنطن، وأن تحديث العراق غير مقبول لدى الإمبريالية، وأن القرار بتدمير البلد قد اتخذ، ووقع صدام في الفخ المفتوح عندما أعطى له الضوء الأخضر لضم الكويت (التي كانت واقعياً أيام العثمانيين جزءاً من الولاية التي تؤلف العراق، وفصلها الإمبرياليون البريطانيون لجعلها إحدى مستعمراتها البترولية). العراق خضع بعدئذ لعشر سنوات حصار هادفة إلى استنزاف البلاد حتى آخر نقطة لتسهيل غزو القوات المسلحة الأمريكية الزاهر للفراغ الناتج. الأنظمة البعثية المتتالية، ومن الجملة الأخيرة في مرحلة انحداره تحت قيادة صدام، يمكن أن تتهم بكل شيء، ما عدا كونها حركت الفتنة بين السنة والشيعة. مَنْ إذن المسؤول عن الاصطدامات الدموية بين الطائفتين ؟ يوماً ما سوف نعرف حتماً، كيف أن المخابرات المركزية الأمريكية (والموساد دون شك) نظمت العديد من تلك المجازر، لكن من دون ذلك، صحيح أن الفراغ السياسي الذي خلفه نظام صدام، والمثال الذي قدمه عن الأساليب الانتهازية اللا مبدئية قد شجعت الطامحين بعده من كل نوع إلى السلطة، كي يتبعوا نفس الطريق، المحمي غالباً من المحتل، بل ربما أحياناً كانوا من السذاجة ليعتقدوا أن باستطاعتهم أن يكونوا في خدمة سلطة الاحتلال. الطامحون المذكورون. إن قادة دينيين (شيعة أو سنة) يفترض أنهم "وجهاء" قبليون، أو رجال أعمال فاسدون إلى درجة كبيرة، صدرتهم الولايات المتحدة، وليس لهم أي صلة بالبلاد. حتى أولئك القادة الدينيون، الذين يحترمهم المؤمنون لم يكن لهم نفوذ سياسي مقبول لدى الشعب العراقي، لولا الفراغ الذي خلفه صدام لم يكن أحد يعرف أسماءهم. هل ستكون لدى القوى السياسية الأخرى القومية وذات الشعبية الحقيقية، بل وربما ديمقراطية، وسيلة لإعادة بناء ذاتها، وهي تواجه العالم السياسي الجديد الذي خلقته إمبريالية العولمة الليبرالية ؟ كان ثمة وقت كان فيه الحزب الشيوعي العراقي البؤرة من أجل تنظيم أفضل ما يمكن أن ينتجه الشعب العراقي. كان الحزب الشيوعي موجوداً في كل زاوية من البلاد، ويسيطر على عالم المثقفين، غالباً من أصول شيعية (أنوه بالمناسبة أن الشيعة أنتجوا بالدرجة الأولى ثوريين أو رجال دين، ونادراً ما أنتجوا بيروقراطيين أو كومبرادور !). الحزب الشيوعي كان ذا شعبية حقيقية ومعادياً للإمبريالية، ميالاً قليلاً إلى الديماغوجية، وينطوي على الديمقراطية. وبعد مجزرة الآلاف من خيرة مناضليه، وانهيار الاتحاد السوفييتي (الذي لم يكن الحزب الشيوعي العراقي مستعداً له)، وتصرف أولئك المثقفين الذين كانوا يقبلون بأن يرجعوا من المنفى في معسكر التابعين للقوات المسلحة الأمريكية، هل مقدر الآن على الحزب الشيوعي العراقي أن يغيب بشكل دائم عن التاريخ ؟ مع الأسف هذا ممكن جداً، ولكن ليس حتمياً، وأبعد من أن يكون كذلك. المسألة الكردية حقيقية في العراق، كما في إيران وتركيا، ولكن في هذا الموضوع أيضاً يجب أن يتذكر المرء أن الدول الغربية مارست دوماً بنفاق كبير معيارين، إن قمع المطاليب الكردية لم يصل أبداً في العراق وإيران مستوى العنف المعنوي والعسكري والبوليسي، الذي قامت به أنقرة, لا إيران ولا العراق لم يذهبا بعيداً لدرجة إنكار وجود الأكراد، ومع ذلك يجب أن تسامح تركيا على كل شيء كعضو في حلف الأطلسي، منظمة للأمم الديمقراطية، كما يقول لنا الإعلام. وبين الديمقراطيين البارزين الذين أعلنهم الغرب برتغال سالازار، إحدى الأعضاء المؤسسين للأطلسي، والذين ليسوا أقل حماسة للديمقراطية هم الكولونيلات اليونانيين والجنرالات الأتراك. في كل مرة؛ الجبهات الشعبية العراقية، التي تشكلت حول الحزب الشيوعي والبعث، في الفترات الجيدة من تاريخها المضطرب، إذا ما مارست السلطة السياسية، فإنها كانت تجد حيزاً من الاتفاق مع الأحزاب الكردية الرئيسية، وهذه كانت دوماً حليفة لها. تطرف صدام المعادي للشيعة وللأكراد كان حتماً حقيقياً: مثلاً قصف جيش صدام لمنطقة البصرة بعد الفشل في الكويت في عام 1990، واستخدام الغاز ضد الأكراد. ذلك التطرف أتى رداً على مناورات دبلوماسية واشنطن العسكرية، التي جندت أجراء المشعوذين الشيعة والأكراد. لكن عدا ذلك يبقى ليس أقل تطرفاً جرمياً وحماقة، ما دام نجاح واشنطن في نداءاتها كان محدوداً جداً، ولكن هل يمكن انتظار أي شيء آخر من دكتاتوريين مثل صدام. قوة المقاومة للاحتلال الأجنبي، غير المنتظرة في ظل تلك الظروف تبدو خارقة، ليس الأمر كذلك ما دام الواقع الأساسي هو أن الشعب العراقي إجمالاً (عرباً وأكراداً وسنة وشيعة) يكرهون المحتلين، ويعرفون جرائمهم اليومية (الاغتيالات، القصف، المجازر، التعذيب). بمعرفة ذلك، فإن جبهة موحدة للمقاومة القومية (سمها ما شئت) بل يمكن تخيلها تعلن عن نفسها كجبهة، رافعة الأسماء وقوائم المنظمات والأحزاب، التي تتألف منها، وبرنامجها المشترك. لكن ليس ذلك هو الحال حتى الآن، ويعود إلى جميع الأسباب الموصوفة أعلاه، ومن الجملة تدمير النسيج الاجتماعي والسياسي الناتج عن دكتاتورية صدام والاحتلال، وبصرف النظر عن الأسباب، هذا الضعف يؤلف عائقاً، ويجعل من الأسهل تقسيم السكان، وتشجيع الانتهازيين، حتى لو جعلوا عملاء، وتشويش أهداف التحرير. من ينجح في تجاوز ذلك العائق ؟ الشيوعيون المفروض أن يكونوا أهلاً لذلك. الآن المناضلون الموجودون على الأرض يفصلون أنفسهم عن قادة الحزب الشيوعي (المعروفين وحدهم في الإعلام المسيطر) الذين، مشوشين ومرتبكين، يحاولون أن يعطوا شكل الشرعية لتحالفهم مع الحكومة العميلة، بل يزعمون أنهم يضيفون بهذا التحالف فعالية للمقاومة المسلحة، ولكن في ظل الظروف القائمة يمكن أن تقوم قوى سياسية أخرى بمبادرات حاسمة في منحى تأليف تلك الجبهة. تبقى الحالة التي فيها مقاومة الشعب العراقي، رغم ضعفها قد أحبطت (سياسياً، إن لم يكن عسكرياً) مشروع واشنطن. وهذا بالضبط ما يزعج الأطلسيين، الحلفاء المخلصين للولايات المتحدة في الإتحاد الأوربي. إنهم يخافون اليوم فشل الولايات المتحدة، لأن هذا سوف يزيد قدرة شعوب الجنوب على إجبار رأسمال الثلاثي الإمبريالي، الدولي المعولم، على احترام أمم وشعوب آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية. المقاومة العراقية قدمت اقتراحات تجعل من الممكن التخلص من المأزق، وتساعد الولايات المتحدة على الانسحاب من الفخ. إنها تقترح: 1 ـ تشكيل سلطة إدارية دولية تؤلف بمساعدة مجلس الأمن. 2 ـ الإنهاء المباشر لأعمال المقاومة ولتدخلات قوى الاحتلال العسكرية والبوليسية. 3 ـ رحيل كل السلطات العسكرية والمدنية خلال ستة أشهر. وتفاصيل هذه المقترحات نشرت في المجلة العربية المحترمة، المستقبل العربي (كانون الثاني 2006) التي تصدر في بيروت. والصمت المطبق الذي عارض به الإعلام الأوروبي بث تلك الرسالة هو دليل على تضامن الشركاء الإمبرياليين. القوى الأوروبية التقدمية والديمقراطية عليها واجب هو أن تفصل نفسها عن سياسة الثلاثي الإمبريالي هذه، وأن تدعم اقتراحات المقاومة العراقية، وترك الشعب العراقي يواجه خصمه وحده هو خيار غير مقبول، فهو يعزز الفكرة أن لا شيء يمكن توقعه من الغرب وشعوبه، ويشجع بالتالي التطرف غير المقبول، بل الإجرامي، في نشاطات بعض حركات المقاومة. بمقدار ما ترحل قوات الاحتلال الأجنبية بسرعة عن البلاد، وبمقدار ما يكون دعم القوى الديمقراطية في العالم وفي أوروبا قوياً للشعب العراقي، تزداد الإمكانات بمستقبل أفضل لهذا الشعب الشهيد، وبمقدار ما يدوم الاحتلال تكون عقابيل نهايته الحتمية مظلمة. فلسطين الشعب الفلسطيني كان منذ إعلان بلفور خلال الحرب العالمية الأولى ضحية مشروع استعماري من سكان أجانب، احتفظوا له بمصير "الهنود الحمر"، سواء اعترفوا به أو ادعوا تجاهله، وهذا المشروع كان له دوماً دعم غير مشروط من قبل السلطة الإمبريالية في المنطقة (أمس بريطانيا العظمى واليوم الولايات المتحدة)، لأن الدولة الأجنبية في المنطقة، التي أنشأها المشروع، لا يمكن إلا أن تكون بدورها حليفاً غير مشروط في التدخلات المطلوبة لإجبار الشرق الأوسط العربي على الخضوع لهيمنة الرأسمالية الإمبريالية. وهذا أمر بديهي لدى جميع شعوب أفريقيا وآسيا، وبالتالي هي بشكل عفوي في القارتين ملتقية على تأكيد حقوق الشعب الفلسطيني والدفاع عنها. أما في أوروبا فـ "المسألة الفلسطينية" تسبب الانقسام، الذي سببه الالتباس الذي تتركه الإيديولوجية الصهيونية ذات الصدى الإيجابي عموماً. اليوم أكثر من أي وقت مضى ألغيت حقوق الشعب الفلسطيني في ظرف قيام الولايات المتحدة بتنفيذ "مشروع الشرق الأوسط الكبير". ونفس الشيء حينما قبلت منظمة التحرير الفلسطينية خطتي أوسلو ومدريد وخريطة الطريق التي وضعتها واشنطن. إسرائيل هي التي تراجعت علناً عن اتفاقها، بل نفذت أيضا خطة توسعية أكثر طموحا. منظمة التحرير الفلسطينية فجرت نفسها بذلك، فالرأي العام يستطيع بحق لومها لأنها اعتقدت بسذاجة بصدق أعدائها. الدعم الذي قدمته سلطات الاحتلال في البداية على الأقل لأعدائها الإسلاميين، وانتشار الممارسات الفاسدة في الإدارة الفلسطينية (التي صمت عنها صندوق المانحين ـ البنك الدولي، أوروبا والمنظمات غير الحكومية ـ إن لم يكونوا شركاء)، كان من شأن ذلك أن يؤدي إلى انتصار حماس انتخابياً (كان ذلك متوقعاً) وهذا أصبح ذريعة إضافية، طرحت مباشرة لتبرير الانحياز غير المشروط للسياسات الإسرائيلية، ولا يهم أياً كانت. المشروع الصهيوني الاستعماري كان دوماً خطراً، غير فلسطين، على الشعوب المجاورة. طموحاتها لضم سيناء المصرية، والضم الفعلي للجولان السورية هي دليل على ذلك. وفي مشروع الشرق الأوسط الكبير، ثمة مكان خاص محجوز لإسرائيل، أولا لاحتكارها للتجهيز العسكري النووي، ولدورها كـ "شريك لا غنى عنه" (بالذريعة الكاذبة إن إسرائيل تملك خبرة تكنولوجية، ليست في استطاعة الشعب العربي، أي عنصرية هذه ضرورية !). لا نية هنا لتقديم تحليلات للتداخلات المعقدة بين معارك المقاومة ضد التوسع الاستعماري الصهيوني والصراعات السياسية والخيارات في لبنان وسوريا. الأنظمة البعثية في سوريا قاومت بطريقتها مطاليب السلطات الإمبريالية وإسرائيل، وكون هذه المقاومة استخدمت لتبرير الطموحات الأكثر قابلية للجدل (السيطرة على لبنان) هو حتماً لا جدال فيه. عدا ذلك، اختارت سوريا بعناية الحلفاء الأقل خطراً في لبنان. المعروف جيداً أن الحزب الشيوعي اللبناني نظم مقاومة للاعتداءات الإسرائيلية على جنوب لبنان (ومن الجملة حرف المياه). السلطات السورية واللبنانية والإيرانية تعاونت بشكل وثيق في تدمير تلك القاعدة الخطرة واستبدالها بحزب الله، واغتيال رفيق الحريري (وهي قضية ما تزال غير محلولة) أعطت بداهة القوى الإمبريالية (الولايات المتحدة ومن خلفها فرنسا) الفرصة للتدخل مع هدفين في الذهن: 1 ـ إجبار دمشق على الانحياز بشكل دائم مع الدول العربية العميلة (مصر والعربية السعودية) ـ أو إذا ما فشل ذلك، إزالة بقايا سلطة البعث المتآكلة. 2 ـ تدمير ما يبقى من قدرة على مقاومة الاعتداءات الإسرائيلية (بالمطالبة بنزع سلاح حزب الله)، ويرد الخطاب حول الديمقراطية ضمن هذا الإطار، إذا كان مفيداً. اليوم بقبول تنفيذ المشروع الإسرائيلي السائر قدماً، يتم التصديق على إلغاء الحق الأول للشعوب، حق الوجود، هذا يؤلف جريمة عظمى ضد الإنسانية، واتهام الذين يرفضون هذه الجريمة بـ "معاداة السامية" هو مجرد وسيلة للابتزاز الرهيب. إيــران لا نية لنا هنا في مناقشة التحليلات التي تطرحها الثورة الإسلامية، هل كانت كما طُرح بين مؤيدي الإسلام السياسي، أو أيضاً لدى المراقبين الأجانب، إعلانا ونقطة انطلاق لتغيير من شأنه أن يشمل كامل المنطقة، وربما كامل العالم الإسلامي، الذي أعيدت تسميته للمناسبة بالأمة (التي لم تكن موجودة يوماً)، أم أنها حدث منفرد بخاصة لأنه كان تركيباً وحيداً من التفسيرات للشيعة الإسلامية، وتعبيراً عن القومية الإيرانية. من المنظور الذي يهمنا هنا، أود فقط أن أضع ملاحظتين: الأولى هي أن نظام الإسلام السياسي في إيران ليس بطبيعته غير متلائم مع انضمام البلد إلى نظام العولمة الرأسمالي، لأن النظام قائم على المبادئ الليبرالية في إدارة الاقتصاد، والثانية هي أن الأمة الإيرانية كأمة هي "أمة قوية"، أمة مكوناتها الأساسية، إذا لم تكن كل مكوناتها، في الطبقات الشعبية كما في الطبقات الحاكمة، لا تقبل انضمام بلدها إلى نظام العولمة في وضع متدن، ويوجد حتماً تناقض بين البعدين للواقع الإيراني. البعد الثاني هو المهم في توجهات سياسة طهران الخارجية، التي تحمل الدليل على الإرادة في مقاومة الإملاءات الخارجية. إنها القومية الإيرانية ـ القوية، والتي في رأيي كانت تاريخياً إجمالاً إيجابية ـ التي تفسر نجاح تحديث الإمكانات العلمية والصناعية والتكنولوجيا والعسكرية، الذي حققه نظام الشاه، والنظام الخميني الذي خلفه. إيران هي إحدى دول الجنوب القليلة (مع الصين والهند وكوريا والبرازيل، وربما دول قليلة أخرى، ولكن ليست عديدة!)، التي لديها مشروع بورجوازي قومي، سواء كان ممكناً تحقيق ذلك المشروع على المدى البعيد أم لا (ورأيي هو لا)، فالأمر ليس نقطة اهتماماتنا. اليوم هذا المشروع موجود وقائم. وبالضبط لأن إيران تؤلف كتلة حرجة قادرة على القيام بمحاولة لتأكيد ذاتها كشريك محترم، فإن الولايات المتحدة قررت تدمير البلد بحرب وقائية جديدة، وكما هو معروف جيداً، الصراع يجري حول الإمكانات النووية، التي تطورها إيران. لماذا لا يكون لهذا البلد الحق مثل بلدان أخرى في متابعة تلك الإمكانات، حتى أو من الجملة، تصبح دولة نووية عسكرية؟ بأي حق تستطيع الدول الإمبريالية وصيغتها الإسرائيلية أن تتبجح بضمان الاحتكار لنفسها للأسلحة ذات التدمير الشامل، هل يستطيع أحد أن يعطي أي مصداقية للخطاب الذي يقول بأن الأمم "الديمقراطية" لن تستخدم أبداً مثل تلك الأسلحة مثل "دول الشر"، بينما يعرف الجميع أن الأمم الديمقراطية المعنية مسؤولة عن أكبر أعمال الإبادة في أيامنا المعاصرة، ومنها الإبادة التي مورست ضد اليهود، وأن الولايات المتحدة قد استخدمت السلاح النووي، وما تزال اليوم ترفض الحظر العام والمطلق على استخدامه. خـاتمـــــة اليوم الصراعات السياسية في المنطقة تجد ثلاث مجموعات قوى تواجه بعضها البعض حوار مع المفكر صادق جلال العظم - فضل - 02-18-2008 Arrayما يسمى بصراع الحضارات بديلاً للصراع بين المراكز الإمبريالية والأطراف المهيمن عليها.[/quote] اقتطفت هذه العبارة لاهميتها من حيث ما يمثله سمير امين فهو صاحب نظرية ان النظام الدولى كل لا يتجزأ وليس هناك عالم اول وعالم ثالث وليس هناك راسماية وبلدن فى طور التطور نحوها هو يتحدث ان ان هناك نظام دولى راسمالى قائم بشكل معولم له مركز راسمالى ( البلدان الغنية ) وله اطراف والتى هى ايضا جزء من المنطزمة القائمة لكنها تقع فى الاطراف كمركز للمواد الخام والاسواق الخ ( هذا التوضيح منى ) حوار مع المفكر صادق جلال العظم - بسام الخوري - 03-19-2008 uup to compaire between this great man and wafaa soultan حوار مع المفكر صادق جلال العظم - بسام الخوري - 03-19-2008 الإسلاميون والعلمانيون مقدم الحلقة: فيصل القاسم ضيوف الحلقة: د. حسن الترابي: الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي المعارض بالسودان د. صادق جلال العظم: مفكر علماني تاريخ الحلقة: 20/01/2004 - التيار الإسلامي بين الملاحقة والازدهار - العنف الإسلامي وتحولات جديدة - الصحوة الإسلامية - الدين والحضارة - التحديث الإسلامي واللعبة السياسية - قصور في الإستراتيجية الإسلامية المعاصرة فيصل القاسم: تحية طيبة مشاهديّ الكرام.. هل مازال بإمكان الإسلاميين رفع شعار الإسلام هو الحل بعد أن ضاقت بهم السبل وأصبحوا محاصرين داخليا وخارجيا؟ أين تطير العصافير بعد السماء الأخيرة؟ ألم تُجفف منابعهم وتغير مناهجهم وتغلق جمعياتهم ويُلاحق قادتهم؟ هل وصل الفكر الإسلامي إلى طريق مسدود؟ هل ولى الإسلام السياسي وحركاته إلى غير رجعة غير مأسوف عليها؟ يتساءل أحدهم. هل ماتت الأصولية؟ أليس الحديث عن صحوة إسلامية وهما كبيرا؟ هل مازال بإمكان المسلمين أن يرددوا مقولة: {خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} ؟ أليس معتقل غوانتانامو المكان الأمثل لتلك الحركات يتساءل خصومها؟ ماذا قدمت لهذه الأمة غير المشاريع الفاشلة والفتاوى الفارغة؟ يتساءل أحدهم. هل ما زال هناك هوية إسلامية يدافعون عنها؟ أم أن المجتمعات العربية غدت مرتعا للانحلال الخلقي والتفكك الاجتماعي والقيمي وتفشي الإيدز حتى؟ ماذا أنتجت الدول التي رفعت راية الإسلام غير التفسخ السياسي والتدهور الحضاري والاقتصادي؟ يتساءل آخر. لماذا يخشى الإسلاميون من تغيير المناهج؟ إلى متى يريدون أن نعيش في غياهب القرون ما قبل الوسطى؟ لماذا أصبح اسم الإسلام مقترنا بالتخلف يتساءل أحدهم؟ لكن في المقابل، ألا تدخل هذه التساؤلات في إطار الهجمات العلمانية الحاقدة والمغرضة على الإسلام والمسلمين؟ ألا تصب في صالح أعداء هذه الأمة الذين يتكالبون عليها من كل حدب وصوب؟ أليس من السخف الشديد القول إن الهوية والفكر الإسلامي قد دفنوا في تورا بورا؟ ألم تفز الأحزاب الإسلامية في كل الانتخابات التي جرت في تركيا والمغرب والجزائر والبحرين وباكستان؟ ما الذي يجعل أميركا تماطل في إجراء انتخابات في العراق المحتل؟ أليس خوفا من فوز الإسلاميين الساحق فيها؟ من الذي حقق ويحقق الانتصار تلو الآخر على الأعداء، أليست الجماعات الإسلامية في لبنان وفلسطين والصومال وأفغانستان والشيشان؟ بينما قادَتُنا أو قادَتْنا الأحزاب العلمانية الحاكمة من هزيمة إلى أخرى يتساءل أحدهم؟ ألم يقل الإمام الخميني إذا رضيت عنك أميركا فاتهم نفسك؟ ألا يكفي الإسلاميين فخرا أنهم أصبحوا شوكة دامية في خاصرة أميركا وغيرها؟ لماذا هذا التكالب على ضرب الحركات الإسلامية إذا كانت هزيلة وآيلة للسقوط فعلا؟ ألا يقول اليابانيون لا أحد يركل قطا ميتا؟ أين الازدهار العلماني إذا كان هناك غفول إسلامي؟ لماذا أكثر البابا من زياراته لإفريقيا في السنوات الماضية؟ أليس خوفا من التمدد الإسلامي الهائل؟ أسئلة أطرحها على الهواء مباشرة على المفكر الإسلامي الدكتور حسن الترابي أحد أبرز القادة الإسلاميين في العالم العربي وعلى المفكر العلماني الدكتور صادق جلال العظم صاحب الكتاب الشهير نقد الفكر الديني، للمشاركة في البرنامج يرجى الاتصال على الرقم التالي: 4888873 وفاكس رقم: 4890865 وبإمكانكم المشاركة بمداخلاتكم عبر الإنترنت على العنوان التالي: www.aljazeera.net وللتصويت على موضوع الحلقة: هل وصل الإسلاميون إلى طريق مسدود؟ بإمكانكم التصويت من داخل قطر 9001000 من جميع أنحاء العالم 9001900 00974 وبإمكانكم التصويت على نفس السؤال أيضا عبر الإنترنت على الصفحة الرئيسة في موقع الجزيرة نت، نعود إليكم بعد هذا الفاصل. [فاصل إعلاني] التيار الإسلامي بين الملاحقة والازدهار فيصل القاسم: أهلا بكم مرة أخرى مشاهديّ الكرام نحن معكم على الهواء مباشرة في برنامج الاتجاه المعاكس، دكتور العظم في البداية كما تعلم يعني لسنا بحاجة إلى الشرح لكن كما تعلم هناك هجمة تقريبا لم يسبق لها مثيل على الإسلام والإسلاميين منذ سنوات والجميع يُلاحق, العمل الخيري يُلاحق, المناهج تُغير، القادة يلاحقون كل شيء لكن بالرغم من ذلك هناك من يرى بأن النتيجة جاءت عكسية.. هناك مد إسلامي متواصل.. هناك صحوة إسلامية.. هناك يعني ازدهار إسلامي إذا صح التعبير.. كيف ترد؟ صادق جلال العظم: نعم، أنا لا أرى مثل هذا الرأي.. أولا الحركات الإسلامية لم تكن ملاحقة ومطاردة من زمان هي بالعكس كانت حليفة للغرب في مواجهته مع الشيوعية وهذا من الأنظمة مثل السعودية مثلا وطبعا ما أعرف شو صار بالحرب في أفغانستان ضد الاتحاد السوفيتي.. لذلك القول بإنهم مطاردين منذ فترة طويلة.. هذا كلام .. فيصل القاسم: غير صحيح صادق جلال العظم: خطأ، غير صحيح يعني إلى حد ما اللي عم يجري الآن من هذا العنف هو كأنه تمرد الصنيعة على الصانع أو انقلاب السحر على الساحر كما نقول بالعربية، وأنت طرحت عدد كبير من الأسئلة أنتقي واحد منها لأرد عليه بتحديد وهو سؤالك حول وصول هذه الحركات إلى طريق مسدود. فيصل القاسم: نعم صادق جلال العظم: وأنا أعتقد ومقتنع بأنه وصلت بالفعل إلى طريق مسدود وهناك شواهد ومؤشرات كثيرة على ذلك والوصول إلى طريق مسدود معناه استنفدت كل طاقاتها وكل ما عندها وكل المخزون اللي ممكن إنه تقدمه وأنا في نظري الآن الليلة وسأكون صريح، أكبر برهان في نظري على ما أقول بوصولها إلى طريق مسدود هو تجربة الدكتور حسن الترابي شريكي في هذه.. فيصل القاسم: الندوة. صادق جلال العظم: المناقشة.. جميع المشاريع الإسلامية التي أعلنها الدكتور الترابي والتي استولى على الحكم باسمها ولتنفيذها ووضعها موضع التطبيق انهارت بسرعة مذهلة وهو عانى تجربة صعبة، وأنتهز هذه الفرصة حتى أهنئه بالسلامة من يعني بين أيدين العسكر وأنا أقول أيضا بأني يعني ظللت قلق حتى آخر لحظة بإنه المعلّم بالخرطوم لن يسمح له بالمجيء إلى الدوحة، وطبعا أنا سعيد جدا بإنه لما سمعت الخبر بإنه وصل إلى الدوحة يعني هو عندما استلم السلطة طبعا قام بالتجييش الجهادي ضد جنوب السودان، لا تنسى إنه النميري في لحظة انهيار نظامه، هل هالته في يعني نظام يحتضر تبنوه أنه الحزب الإسلامي وحولوه إلى إمام.. إمام المسلمين صار. فيعني بهذه المسألة القول بأنه دائما كانوا ملاحقين وإلى آخره.. هذا غير دقيق. فيصل القاسم: طيب يعني .. صادق جلال العظم: كلمة أخرى فيصل القاسم: طيب (ok) اتفضل.. بعدين؟ صادق جلال العظم: يعني أنا برأيي الدكتور حسن نموذج هنا كحسن إسلامي مثله مثل بقية اللي استلموا السلطة بالطريق الانقلابي، إعلان تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية هذا يعني ببساطة أنه الشريعة الإسلامية هي قانون الأحكام العرفية تبع الإسلاميين، يعني إعلان حالة الطوارئ، يعني مثلهم مثل العسكر في هذا (ok) وإنه إجوا بالتحالف مع العسكر بالسودان على الأقل. فيصل القاسم: نعم صادق جلال العظم: يعني محاكمات سريعة أحكام غير قابلة للمراجعة.. تنفيذ فوري.. عقوبات بمنتهى الشدة إلى آخره فهنا يختزنون الحضارة الإسلامية إلى الشريعة، ثم يختزلون الشريعة إلى قانون العقوبات ثم يختزلون قانون العقوبات إلى قطع الرؤوس والأيدي والأرجل والرجم والجلد وإلى آخره وطبعا هي مسألة أصبحت حتى يعني مستهجنة لدرجة هائلة خاصة بعد اللي عرفناه من صدام حسين، وماذا كان يفعل صدام حسين، كان يقطع الآذان ويقلع العيون ويجدع .. فيصل القاسم: نعم صادق جلال العظم: الأنوف وعندما ينتقد دوليا على هذا يقول آه الغرب لا يفهم قيمنا الإسلامية ولا يفهم قيمنا المحلية وتقاليدنا العراقية والأصالة العربية إلى آخره.. هكذا كان .. فيصل القاسم: طيب .. صادق جلال العظم: المنطق فيصل القاسم: طيب كويس جدا، دكتور سمعت هذا الكلام، وصلتم إلى طريق مسدود.. وأنت نموذج لهذه الحركات التي يعني وصلت إلى السماء الأخيرة كما قال محمود درويش. حسن الترابي: أولا الإسلام الذي يثير الآن همّ العالم هو الإسلام المتجدد وليس بهوية الإسلام التقليدية التي نتحدث عن بعض الدول التي والت الغرب عهدا طويلا، هي هذه الحركات المتجددة التي نشأت في أوساط المثقفين من تحديات الغزو الفكري الغربي وتحديات الشق الغربي المستشرق اشتراكيا مثلا استفزها ذلك وامتدت في الجماهير كذلك وجددت عليها دينها وأراد أن تدخل بالإسلام في ساحات العمل العام الذي غاب عنه الإسلام قرونا طويلة اقتصر على الحياة الخاصة ككثير من الديانات التي أصابها ما أصابها.. ولكن أصول الإسلام محفوظة ولذلك هؤلاء.. هذه حركات مختلفة الحركات التي يمكن أن يشير إليها آخر.. ثانيا أول عهدها كانت كما قلت الإسلام هو الحل، بالطبع مفتتح أيما حملة جديدة اشتراكية أو ديمقراطية تبدأ بشعارات المساواة..العدالة، بعد سنوات طويلة تتنزل إلى مناهج وإلى مفصلات فبدأت في الأول الحركات الإسلامية في كل العالم العربي وغير العربي بشعارات عامة، عندئذ لم يستشعر الناس خطرها لما بدأت تتنزل في المجتمع وتمتد وبدأت يدخل، تدخل في الفن وفي الاقتصاد وفي تحرير المرأة وفي الحكم.. عندئذ ظهر الخطر للحكام الذين طغوا عهدا طويلا وللغرب كذلك الذي تذكر ذكرياته مع الإسلام القديمة المتراكمة بالطبع.. ولذلك هم كلهم حاولوا أن يحملوا عليها هذه التحديات أنا لا أعتبرها نهاية لها أصلا، لأن أصلا أي ظاهرة جديدة والأصل في أي ثورة أن يُحاط بها.. أيما ثورة يحاط بها حتى توأد ولكن هذه التحديات يستفزها وتفجر فيها طاقات. فيصل القاسم: حلو حسن الترابي: وذكرت مثال السودان حتى لا أطيل الحديث عن هذا ذكرت مثال السودان، السودان يعني أصلا حركة.. حركة مثقفين بدأت استفزها التوجه الغربي الليبرالي الذي أراد أن يغير لغة البلاد وثقافتها تماما وقانونها والتيار الشيوعي التي احتج على ذلك بالمد الشرقي من ثقافة الغرب بالطبع من التجربة الغربية، وردا على ظلمها للطبقات العاملة هنالك رجعوا إلى أصولهم وامتدوا في الشعب وبدؤوا يظهرون.. ما ظهروا.. عندما ظهروا فقط كحركة ظنوا أنها كحركات الصوفية وحركات العلماء أو يعني إلى يعني ينشغلون بفروع الحياة وبخلواتهم ولكن عندما ظهروا في الساحة العامة حتى مع النميري الذي ذكره الأخ.. أولا النميري ضرب هذه الحركة اللي سجنا فيها سنوات طويلة لم يكن حلفائه أبدا، تصالحنا فقط على أن نعمل.. نجد شيئا من الحرية ما إن بدأ أن يظهر الحرية وبدأ يمتد حتى اضطر النميري حتى يخطف مننا الشعب الذي بدأ يهرع إلينا أن يطبق الشريعة على نهجه هو لأنه لم نكن فيها أصلا.. على نهجه هو.. فيصل القاسم: حلو حسن الترابي: نهجه العسكري فيصل القاسم: نعم حسن الترابي: وجاء بوش من هنالك ليحدثه بأن يسجن هؤلاء وزج بنا إلى السجن تماما يعني هذه ليست .. فيصل القاسم: نعم حسن الترابي: محالفة فيصل القاسم: نعم حسن الترابي: والثانية دخلنا في الحكومة ائتلافا.. فيصل القاسم: نعم حسن الترابي: ولكن جاءت كذلك القوات المسلحة ببينة.. العسكر هكذا بأمر من فيصل القاسم: أيوه حسن الترابي: الخارج فيصل القاسم: نعم حسن الترابي: بالطبع فيصل القاسم: نعم حسن الترابي: وأمروا رئيس الوزراء بأن يُخرجنا فشعرنا أنه لا يؤذن لنا بالديمقراطية أن تلد إسلاما، وليست ذلك في السودان في الجزائر في تركيا في أيما مكان. فيصل القاسم: أيوه حسن الترابي: الغرب لا يأذن للديمقراطية أن تلد مسلما لتئده مباشرة يعني فيصل القاسم: حلو حسن الترابي: لأنهم هم الحضارة عندهم قيمة أكبر من الديمقراطية فيصل القاسم: حلو حسن الترابي: ولذلك كما فعل الفرنسيون والبريطانيون أن الديمقراطية لم تأت تدرجا، جاءت مع النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة تدرجا. فيصل القاسم: عليه الصلاة والسلام حسن الترابي: ولكن جاءت مع هؤلاء بالثورة، حاولنا أن نُحدث ثورتنا ليست ثورة شعبية فوضوية في بلد كالسودان مركب معقد ولكن دخل فيها العسكر صحيح ما قاله الأخ الكريم.. العسكر مع البعثيين مع الشيوعيين مع الغربيين أي كيف ما قاموا بعد قليل بدؤوا يضيقون ذرعا بأهل الفكر الذين يوجهون الحياة ويقيدون حركتها وينشرون هذه الضوابط. فيصل القاسم: نعم حسن الترابي: للحكام فيصل القاسم: نعم حسن الترابي: ولذلك انقلب العسكر علينا، كيف يقول أننا معه فيصل القاسم: طيب حسن الترابي: وخلاف كانوا على العسكر فيصل القاسم: طيب حسن الترابي: حول حكم الشعب الديمقراطية حرية الصحف وحرية الأحزاب ولا مركزية السلطة أن تنبسط للسودان صادق جلال العظم: أيوه بس.. جيتوا بانقلاب عسكري حسن الترابي: نعم صادق جلال العظم: لا تنسى حسن الترابي: صحيح لكن الديمقراطية صادق جلال العظم: جئتم بانقلاب حسن الترابي: في فرنسا جاءت صادق جلال العظم: لا، الديمقراطية نحن نقول حسن الترابي: نعم صادق جلال العظم: في سوريا حسن الترابي: نعم صادق جلال العظم: الديمقراطية ما بتيجي عن طريق الدبابات حسن الترابي: لا.. لا صادق جلال العظم: (ok) شو.. ما.. حسن الترابي: في فرنسا صادق جلال العظم: كان أنت تقول؟ حسن الترابي: طبعا لأن الدبابات كانت حديثة، لكن في فرنسا جاءت بثورة وبريطانيا جاءت بثورة صادق جلال العظم: أيوه بس مش، مش الجيش عمل الثورة. حسن الترابي: لا صادق جلال العظم: أنتم حسن الترابي: عملها الشعب صادق جلال العظم: جيتوا.. أنتم وصلتوا على السلطة. حسن الترابي: كلا الجيش، الجيش.. أنت لا تعلم معلومات السودان. صادق جلال العظم: ما بعرف حسن الترابي: السودان صادق جلال العظم: أنا لا أدعي أبدا حسن الترابي: السودان صادق جلال العظم: بمعرفة التفاصيل فيصل القاسم: طيب حسن الترابي: لكن الثورة فيصل القاسم: السؤال الأساسي حسن الترابي: الثورة قامت بها حركة الإسلام، حركة الإسلام فيصل القاسم: طيب حسن الترابي: أكثر من مرة صادق جلال العظم: أنهو ثورة! يعني وين الثورة؟ أنهو ثورة .. حسن الترابي: الثورة غيرت صادق جلال العظم: غيرت في حركة الإسلام؟ حسن الترابي: غيرت.. البلد عربتها إن كنت تهتم باللغة العربية. صادق جلال العظم: أنا أهتم حسن الترابي: لم تكن تتكلم بالعربية. صادق جلال العظم: باللغة العربية.. شو عربتها. حسن الترابي: باللغة العربية، تعرف اللغة العربية؟ عربت البلد واحد واحد هذا أمر أليس كذلك؟ صادق جلال العظم: كيف؟ حسن الترابي: حررت المرأة صادق جلال العظم: صارت ثورتكم؟ حسن الترابي: حررت المرأة، أحدثك عنها، تسألني أحدثك.. صادق جلال العظم: بس أسألك أد إيش صار؟ تقول تعريب البلد بفترة قصيرة حسن الترابي: متعربة صادق جلال العظم: السودان الشمالي عربي معروف حسن الترابي: لا، لا هذا ليس صحيحا الشمال لا يتكلم العربية أقصى الشمال وأقصى الشرق في الشمال وأقصى الغرب.. الآن تعرب كله حتى جنوبه يتكلم العربية، ثانيا تحررت المرأة في السودان لا بالنهج الغربي ولكن بأصول دفع إسلامي في الغرب تحرر الناس من الولاءات القبلية القديمة والطائفية الدينية القديمة حتى تدينهم أصبح دينا حرا للفرد مع ربي مباشرة فحدثت تحررات وتوسع التعليم في هذه البلد ولكن لما جئنا إلى السياسة وضعت في الدستور حقا لما بدأت تتنزل قوانين ضاق العسكر ذرعا بحرية الصحف وحرية الأحزاب وحرية.. صادق جلال العظم: أنت حسن الترابي: الانتخابات صادق جلال العظم: أرجوك فيصل القاسم: طب أرجوك كي لا يكون .. صادق جلال العظم: أرجوك فيصل القاسم: موضوعنا السودان.. نبقى في دكتور.. نبقى في صلب الموضوع. صادق جلال العظم: لا يعني الكلام .. فيصل القاسم: دكتور صادق جلال العظم: عن الحريات وعن .. فيصل القاسم: سنحكي عليه. صادق جلال العظم: يعني ما معقول فيصل القاسم: طيب صادق جلال العظم: يعني فيصل القاسم: طيب صادق جلال العظم: (ok) ماشي الحال فيصل القاسم: طيب نبقى في الموضوع.. الدكتور يعني قال لك أنه ليس بهذه السهولة نستطيع أنه نقول يعني انتهت هذه الحركات على العكس تماما هو الحاصل الآن.. هذه الحركات تتجدد والفكر يتجدد ولدينا الكثير من الأمثلة لدينا استفتاء عبر الهاتف، هل وصل الإسلاميون إلى طريق مسدود؟ 77% من المصوتين حتى الآن يتحدون كل من يقول مثل هذا الكلام ويتحدونك شخصيا. صادق جلال العظم: أيوه، أيوه.. ما أحد.. فيصل القاسم: لم يصل الإسلاميون إلى طريق مسدود.. كيف؟ صادق جلال العظم: هي المسألة مو مسألة أرقام. فيصل القاسم: أيوه صادق جلال العظم: يعني هذه الأمور لا تؤخذ.. نحن ما إحنا (Super Star). فيصل القاسم: نعم صادق جلال العظم:(ok) فيصل القاسم: نعم صادق جلال العظم: ولا تسعة وتسعين فاصلة تسعة بالمائة فيصل القاسم: لكن هناك، لكن هناك قواعد شعبية تحكم على الأمور.. الإنترنت لدي حوالي ألفي شخص حتى الآن 72% أيضا يعتقدون أن الإسلاميين في ازدهار وهناك صحوة متصاعدة، كيف ترد عليه؟ العنف الإسلامي وتحولات جديدة صادق جلال العظم: طيب أرد عليه بأنه سيرون قريبا إنه يعني عندنا في وهم بهذا الموضوع، وين علامات الازدهار؟ العنف الذي تمارسه بعض الفصائل وخاصة القاعدة.. هذا العنف المشهدي الاستعراضي الهائل من نيويورك للدار البيضاء لأسطنبول لـ.. فيصل القاسم: الرياض صادق جلال العظم: للرياض يعني هذا دليل ازدهار؟ لأ هذا دليل أزمة حقيقية عم يعبروا عما يحاولوا يخرجوا منها وبيكسروها أو يلاقوا من المأزق اللي محشورين فيه يطلعوا بهذا النوع من العنف.. تقريبا اللي بدي نقول إنه عبثي هذا النوع من العنف ومقابل إذا قتلوا اتنين أميركان بيكون مات له ثلاثمائة أفريقي أو خمسين سعودي أو ثمانين.. فيصل القاسم: مغربي صادق جلال العظم: مغربي فيعني كما إنه بدوا يقدموا لا يكفي الاعتقاد العاطفي والله بإنه الإسلاميين مزدهرين.. وإن يعني عم نشوف بعدين مثل ما اتفضلت بالبداية يعني حتى في البلدان اللي في السابق مثل السعودية كانت تمولهم وتدعمهم إلى آخره وحتى من منطقة الخليج كلها انقلبت عليهم (ok) وهم وضعين نفسهم بمواجهة مع العالم كله. حسن الترابي: نعم صادق جلال العظم: لا أرى كيف بدك تعتبر إن هم في طريقهم إلى تجديد وازدهار وما شابه ذلك. فيصل القاسم: طيب دكتور سمعت هذا الكلام. حسن الترابي: نعم فيصل القاسم: هناك من يقول أيضا في واقع الأمر إن يعني الحالة التي يعيشها الإسلاميون الآن تُذكر بالحالة التي عاشتها الجماعة اليسارية قبيل انهيار المعسكر الاشتراكي في فترة من الفترات.. انسداد الأفق النضالي تماما فهم يتخطبون.. يتخبطون في بحر من العشوائية، إذا صح التعبير؟ حسن الترابي: خلي عنك فيصل القاسم: أيوه حسن الترابي: التيار اليساري الذي كان شرائح فوقية وحسب لم ينزل إلى الشعوب أصلا ولا إلى الجماهير في بلد أصلا ولذلك اضطروا يجلسون على السلطة هكذا ويقمعون.. لم ينزلوا إلى الأرض أصلا ولكن أحدثك الآن عن وقائع التاريخ الآن من إندونيسيا إلى المغرب العربي وأنا أتابع هذه السيرة.. فيصل القاسم: حلو حسن الترابي: تحولت العواطف وزالت وانقشعت التيارات اليسارية والقوميات والوطنيات والليبراليات وكلهم.. فيصل القاسم: حلو حسن الترابي: العاطفة حَيَّت وانتعشت صحوة إسلامية وكذلك في العالم الشمالي في القرى الشمالية.. أنا عشت في فرنسا، وفي بريطانيا وفي أميركا فمن شيشان إلى أميركا الآن المسلمون غير ما كانوا أمس أصلا تحولوا تماما الآن هذه عاطفة.. أنا ما أنا بالطبع أدرك أن بيبدؤوا الإحياء للمبادئ ثم لابد أن يجيدوا مباشرة تجديد الفكر ليضيء الطريق لهذه الطاقات حتى تسير نحو المناهج وتخلق وقائع سياسية واقتصادية ومعاشية جديدة وبعد ذلك تتحرك بهذه المناهج مدفوعة بهذه الطاقات تغييرات الأحوال، أما العالم الإسلامي تبدل كله السعودية هذه شاهد كبير على أنها كانت ساكنة كان إسلامها ساكنا ومحصورا في قضايا صغيرة قضايا الوهابية التقليدية لكن الآن كله تحول وتحولت الجزيرة العربية كلها وتحولت مصر وتحول السودان وتحول العراق حتى لا يجرؤ الغرب الآن أن يقيم الديمقراطية في بلد أصلا وتحول المغرب العربي وتحولت إندونيسيا التي.. صادق جلال العظم: من أي اتجاه تحولت؟ حسن الترابي: إسلام كله دين. صادق جلال العظم: كله دين! حسن الترابي: نعم دين إسلامي وليس دينا يعني مجوسيا أو دينا هندوسيا أو دينا هكذا ولكن حتى في فرنسا التي عشت فيها.. الآن ينقلب العالم الإسلامي الوجود الإسلامي فيها.. صادق جلال العظم: شوف حسن الترابي: كان ساكنا صادق جلال العظم: شوف حسن الترابي: كان ساكنا لا يجرؤون بالظهور حتى ولو الصلاة بالمساجد الآن تحولوا كلهم.. في أميركا أن عشت ويا أميركا منذ الستينات واطردت منها. صادق جلال العظم: يعني بتقول لي أغمض عين أفتح عين أميركا راح تصير إسلامية وفرنسا راح تصير إسلامية. حسن الترابي: أصلا.. صادق جلال العظم: يعني معقول حسن الترابي: أصله بدأ في أين؟ صادق جلال العظم: هذا الكلام! حسن الترابي: أصله بدأ في العالم ما بدأ في قرية؟ يسمى مكة والمدينة؟ صادق جلال العظم: لا ما يصلحش هذا القول، وين؟ حسن الترابي: ويمتد هكذا إلى أرض فارس. فيصل القاسم: كويس جدا، سأعطيك المجال كي تكمل. صادق جلال العظم: لكن المسيحية أيضا. فيصل القاسم: سأعطيك المجال. حسن الترابي: نعم، نعم. فيصل القاسم: سأعطيك. صادق جلال العظم: بدأت صغيرة في فلسطين. حسن الترابي: نعم، نعم فيصل القاسم: سأعطيك المجال كي تكمل. صادق جلال العظم: وانتهى خلاص. فيصل القاسم: دقيقة واحدة يا جماعة.. سأعطيك المجال دكتور.. مشاهدينا الكرام، مشاهديّ الكرام نعود إليكم بعد موجز للأنباء من غرفة الأخبار.. إلى اللقاء. [موجز الأنباء] الصحوة الإسلامية فيصل القاسم: أهلا بكم مرة أخرى مشاهديّ الكرام، نحن معكم على الهواء مباشرة في برنامج الاتجاه المعاكس بإمكانكم التصويت على موضوع الحلقة، هل وصل الإسلاميون إلى طريق مسدود؟ للتصويت على هذا السؤال بإمكانكم الذهاب إلى صفحة الجزيرة نت الرئيسية.. نسبة المصوتين حتى الآن 72.4% يعتقدون أن الإسلاميين لم يصلوا بأي حال من الأحوال إلى طريق مسدود هذا عبر الإنترنت، عبر الهاتف 80% يعتقدون أن الإسلاميون لم يصلوا إلى طريق مسدود دكتور .. وهذا يصب في .. في خانة الطرح الذي تفضلت به قبل الأخبار وكنت تقول أن هناك مد إسلامي وصحوة إسلامية من إندونيسيا حتى المغرب تفضل. حسن الترابي: كان هذا المد كله عاطفة مندفعة حية بعد غفلة طويلة خمد بها المسلمون والآن تجارب الإسلام تقدمت الفن كله تاب إلى الإسلام في بعض مواقعه لا أقول في كل المواقع والاقتصاد كذلك تاب للإسلام ومؤسسات وعدالة ودفع للنماء ودُفع للنماء كذلك ليس فقط حراما وحلالا، وكذلك وحتى في السياسة كان الإسلاميون غالبا يقتصرون على المعارضة والصبر على السجون لأنهم ابتلوا باليساريين وبالوطنيين وبالغربيين ولكنهم الآن كذلك لم يقفوا عند الشعار بدءوا كلهم يؤمنون بقضية المشيئة وهي ليست فقط حرية والفسح للناس بل لابد أن يمارسوا إرادتهم حرية التدين وحرية التعبير والتشكل والحركة في الحياة وكذلك لابد للولاة أن ينتخبوا ويحاسبوا ويتعاقبوا بعهد بينه وبين الناس ولابد من أن تقوم نظم وصحائف كصحيفة المدينة تضبط كل النظام يتضابط ويتكامل أنظومته الحكومية كله ولابد من الوفاء بالعهود السياسية ميثاقا دستوريا أو ميثاقا سياسيا هذه المعاني الآن بدأت تنزل إلى العامة كانت كلها غائبة منذ سنوات طويلة في عهود الإسلام هذا التخلف إنما جاء لما الناس بعدوا عن الدين، نقصت أرضهم تقلصت نقصت لغتهم ونقصت ثروتهم بعد النهضة الأولى ولكن الآن بدأ ينهض الدين وسينهض معه الثورة والثروة ونموذج الحياة العالمي لا في العالم الإسلامي القديم وحده ولكن سينبسط في العالم أجمع دعوة جديدة. فيصل القاسم: كويس جدا سمعت هذا الكلام الدكتور متفائل جدا. صادق جلال العظم: سمعته.. متفائل جدا. فيصل القاسم: تفضل صادق جلال العظم: ويبدو أنه يطرح مشروع إنه بيصير يرجع على السلطة بده يطبقه، يعني يطرح مشروع سياسي بده هذا النوع من الإسلام هذا اللي بيوصل على السلطة عادة بنعرف أنهم بيغيروا رأيهم فنشوف ننتظره إذا رجع وقدر انه ينفذ إسلام فيه حريات وفيه مساواة للمرأة وفيه إلغاء لفكرة أهل الذمة وإلى آخره وقتها بنبدأ ممكن أنه نفتح نقاش وحوار. فيصل القاسم: بس السؤال المطروح يعني هناك نقطة مهمة جدا أن هناك تمددا وصحوة إسلامية.. صادق جلال العظم: بلا شك. فيصل القاسم: من إندونيسيا إلى المغرب. صادق جلال العظم: اسمح لي. فيصل القاسم: وهناك تغلغل. صادق جلال العظم: على العموم. فيصل القاسم: في السياسة تغلغل خلينا نسمى، لا أدري إذا كانت هذه الكلمة المناسبة، تغلغل في الفن في الاقتصاد في النماء في السياسة في كل شيء يعني لماذا تتعامى مع ذلك؟ صادق جلال العظم: لا أتعامى عن ذلك هو تفضل وقال هذا مد عاطفي طبعا الناس إسلام وإسلام العفوي التلقائي ليس هذا الحقيقة موضوعنا هذه ثورة أتت لأسباب معينة وممكن هذه الثورة كما فارت أن تتراجع وتُرجِع الناس يعني لإسلامها. فيصل القاسم: كيف فارت يا دكتور؟ صادق جلال العظم: الثورة فيصل القاسم: هذه الثورة صادق جلال العظم: هذه الثورة فيصل القاسم: هذه الثورة بالرغم من كل الضغوط التي تمارس عليها. صادق جلال العظم: لا .. لا .. فيصل القاسم: مزدهرة بشكل كبير. صادق جلال العظم: لا .. لا فيصل. فيصل القاسم: يعني أعطيني مبررات. صادق جلال العظم: عفوا .. ما كانت تمارس عليها ضغوط بالعكس.. فيصل القاسم: طب الآن.. صادق جلال العظم: كانت تشجع. فيصل القاسم: بعد سنوات. صادق جلال العظم: لا تنسى أيام عبد الناصر كان فيه شيء اسمه الحلف الإسلامي عرفت كيف وراه باكستان وراه الولايات المتحدة، فمو دايما كانت تمارس عليهم ضغوط. فيصل القاسم: طيب بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر. صادق جلال العظم: الضغوط بدأت تمارس الآن. فيصل القاسم: طيب. صادق جلال العظم: هذا شيء جديد جدا فلا تقول أنه على الرغم من الضغوط لا يا سيدي ما كان عليهم ضغوط اللي كان عليهم ضغوط بالعكس كانوا القوميين، اللي عليهم ضغوط كانوا الشيوعيين، كانوا اليسار، كانوا العلمانيين، هادول اللي عليهم الضغوط الحرب اللي أثناء الحرب الباردة الولايات المتحدة شنت حرب على الإسلاميين؟ إشي.. بالعكس ما شنت حرب على الإسلاميين، بالعكس دعمتهم واستخدمتهم وبالأخير عن طريقهم حققت النصر في أفغانستان وانهارت.. فيصل القاسم: بس يا دكتور. صادق جلال العظم: الشيوعية. فيصل القاسم: هل تستطيع أن تنكر الآن أن هناك حملة شعواء على كل المظاهر الإسلامية بدءاً بالمناهج مرورا بالعمل الخيري وانتهاء حتى بملاحقة القادة الإسلاميين، وأنت تعلم عن غوانتنامو أصبحت نموذج، يعني يهددون جميع الإسلاميين بغوانتنامو.. بالرغم من ذلك هناك تحدي أكثر من 80% يتحدون مثل هذه المقولات ما هي السياسة؟ صادق جلال العظم: مين عم يقود الآن هالعملية مع أن الأنظمة الإسلامية السعودية على رأسهم هي التي تقود عملية تغيير البرامج والمناهج وعملية تجفيف ينابيع الإسلاميين ونفسهم هما اللي بالأول غذوا هذه.. فيصل القاسم: الظواهر. صادق جلال العظم: الحركات والظواهر الآن طبعا انقلبت عليهم .. انقلبوا عليها .. وهم يقودوا هذه العملية فيعني القضية يعني كلام الدكتور حسن أن الاقتصاد تابع للإسلام أنهو اقتصاد تابع للإسلام وريني من حقق الاقتصاد اليوم تابع للإسلام، الآن السعودية عم تقوم بعملية بروستريكا لنفسها، عم تعيد ترتيب حالها، ربما متأخرين ربع قرن وبعد إنكار طويل ومكابرة طويلة بالمحسوس بالسعودية, ومصائر البروستريكا ما كانت دائما يعني.. فيصل القاسم: موفقة. صادق جلال العظم: موفقة أو.. فيصل القاسم: ناجحة. صادق جلال العظم: ناجحة. فيصل القاسم: نعم. صادق جلال العظم: ان كانت البروستريكا السوفيتية أو البروستريكا السابقة تبع الدولة العثمانية اللي اسمها التنظيمات أيضا فيعني بدك توازن هذه الأمور وإذا بناخد الأمور بس بالعواطف وكيف أد إيش المد غريب بعتقد هذا مش تحليل سياسي يمكن أن نضع على أساسه برنامج ما أو نستشرف مستقبل أو نعرف يعني شو الآفاق تبع هذه الحركات أنا من نظري أنه الأرض انغلقت هذه الآفاق انغلقت. فيصل القاسم: طيب. صادق جلال العظم: وإنما لما لجؤوا مثل ما قلت لك إلى هذا النوع من العنف. فيصل القاسم: طيب دكتور سمعت هذا الكلام يعني. حسن الترابي: نعم. فيصل القاسم: هذا التخبط دليل انسداد الباب أمامهم أنا يعني هناك. حسن الترابي: نعم. فيصل القاسم: يعني هناك الكثير من الأسئلة. حسن الترابي: نعم. الدين والحضارة فيصل القاسم: يعني ألا تعتقد يعني.. ألم يرتبط اسم الإسلام والإسلاميين في الآونة الأخيرة ارتبط بكل ما هو سيئ ضد الحضارة؟ ارتبط بالتخلف، ارتبط يعني.. نسأل سؤال ماذا حققت الدول التي رفعت راية الإسلام؟ في السودان وفي غير السودان وكذا، ماذا حققت يا سيدي تفكك اجتماعي، حتى على الهوية الإسلامية لم يستطيعوا الحفاظ عليها، هناك مشكلة إيدز الآن في العالم العربي وخاصة في معظم الدول الإسلامية تفكك أخلاقي، تفكك اجتماعي، انحلال اقتصادي، تفكك سياسي، تدهور سياسي، إلى ما هنالك من هذا الكلام وتأتي وتقول لي أن هناك ازدهار وتغلغل، أين هذا هو الازدهار؟ يعني تتخبط كل الدول الإسلامية خاصة التي رفعت راية الإسلام عاليا واستخدمتها يعني لفترة طويلة؟ حسن الترابي: نعم .. أولا يا أخي الكريم أن التخلف موصول مع الدين هذا وهم. أصل جاء من سنن الغرب أنهم انفتحوا بعد أن خرجوا من الكنيسة، انفتحوا إلى العلم، وانفتحوا إلى العالم، وانفتحوا إلى الديمقراطية، وانفتحوا إلى العلوم، وعكس الشيء حصل في الإسلام العرب كان أُميين وانفتحوا للعلوم مع الدين، وانفتحوا للأرض مع الدين، وانفتحوا للثروة مع الدين، ولما نقص دينهم نقصت كل هذه المكاسب وكل هذه وظائف الحياة. صادق جلال العظم: يا دكتور هل تصدق هذا الكلام؟ حسن الترابي: وانحطوا مرة أخرى إلى حالهم الراهن الذي يتحدث عنه. صادق جلال العظم: هل تصدق هذا الكلام؟ حسن الترابي: نعم.. لا أصدقه. صادق جلال العظم: هذا كلام عامي الحقيقة. حسن الترابي: هذا ليس خبر. صادق جلال العظم: هذا كلام عامي هذا. حسن الترابي: هذا ليس.. صادق جلال العظم: نقص دينهم فقامت الحضارة انهدمت؟ هكذا يتم التاريخ، هكذا الحضارة تُبنى؟ هكذا الأمم تتقدم؟ أنه بينقص دينه شوي والله فحضارته بتنزل، بيقوى دينهم تلاقي حضارته اتسعت وكبرت. حسن الترابي: نحن. صادق جلال العظم: هذا كلام عامي جدا. حسن الترابي: نحن بالطبع أخي الكريم. صادق جلال العظم: هذا مش كلام. حسن الترابي: وكلنا عوام لكننا أكثر هما بدراسة.. صادق جلال العظم: كلام عامي. حسن الترابي: سيرة الإسلام. صادق جلال العظم: كلام عامي مش بمعنى. حسن الترابي: أكثر هما بدراسة سيرة الإسلام من آخرين لا يعنون بالإسلام أكثر هما بدراسة سيرة الإسلام ونعلم عن الدين أكثر مما يعلم كثيرون ولذلك الدين بالفعل كان دوافع .. دوافع للعلم ولذلك من الأمية إلى العلم ودوافع إلى النهضة والتحرر للحياة ودوافع للشهرة. صادق جلال العظم: طيب يا سيدي كانوا بطا.. حسن الترابي: وانفتاح. صادق جلال العظم: كانوا بطا.. حسن الترابي: لو تيسر لك عن بعض الصبر على هذا الكلام بعض الشيء. صادق جلال العظم: تفضل. حسن الترابي: أخي الكريم .. فالأخ الكريم أنت تحدثني طبعا عن الدول الإسلامية. فيصل القاسم: أيوه. حسن الترابي: هذه الدول الإسلامية بالاسم هوية تاريخية وحسب المؤتمر الإسلامي قطاع الدولة ليس من الإسلام في شيء لأن الحياة العامة أصلا خرجت من الإسلام منذ سقطت الخلافة الراشدة أصبحت لا أخرج يعني لا أكفر من الملة يعني هذا لا أحب هذا .. هذا النهج لكن هذا القطاع خرج من الدين ولا تلتزم الحكومة أبدا بالحريات التي التزم بها الرسول في المدينة. فيصل القاسم: بس يعني إذا لم نتحدث عن هذه الدول. حسن الترابي: ولا بالشورى. فيصل القاسم: عن أي دول. حسن الترابي: لا .. تكلم عن الشعوب يا أخي. فيصل القاسم: عن ماذا نتحدث؟ حسن الترابي: تكلم عن الشعوب. فيصل القاسم: يعني أتكلم عن الحضارة. حسن الترابي: أتكلم عن الشعوب. فيصل القاسم: الخاص مثلا. حسن الترابي: هذا يقول لي عد إلى السلطة إذا رجعت إلى السلطة يظن أني حزب سياسي فقط كاليساري الذي يريد أن يتولى عرش. صادق جلال العظم: ما حدا حزب سياسي فقط. حسن الترابي: يتولى على السلطة فقط ليقبض كل المال ويصرفه كما يشاء وليقبض كل السلطان كما فعل النموذج الاشتراكي، ولكن نحن لسنا حزب سياسي وحسب، السياسة فرع من الدين ولكن غالب القرآن لو قرأته يحدث يخاطب المجتمع الحضارات يصنعها المجتمع تحدث عن العلم وعن الفن وعن المجتمع وعن النهضة وعن كل شيء حتى أمور العمل العام وأخلاق السياسة وتعاملات كلها مجتمعة وكلها شورى وأصل الحكم كله إجماع من الشعب يعني والذين يتولون أمره ينفذون قرارات الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر هم الذين في قاعدة الشعب. والذين يتحدث عنهم أهل الذمة، يتحدث عن أهل الذمة نحن في السودان من منطلق أصول الدين جئنا بتقرير المصير لجنوب السودان، أن المواطنة عقد ليست بالقوة ولكن بالخيار من أراد أن يترك بلده ليتجنس فليفعل، من أراد الانقطاع أن يخرج من البلد ويتجنس، وجئنا باللامركزية الفدرالية من نموذج المدينة لأول مرة ولذلك الآن الجنوبيون أشد الناس انعطافا إلينا نحن الإسلاميين الذين يتحدث عنهم الأخ، أما تحرير المرأة كله حدث في السودان على الأقل وحدث بدوافع الدين التي أسكتت العرف تماما وصدمته تماما، وهكذا يتحدث وينفتح البترول الحمد لله ينفتح التعليم الحمد لله الخطأ كله كان في الطغيان السياسي الذي مده العسكر والذي يخاطبه هو الذي أختلف مع العسكر وسُجن من أجل ذلك. فيصل القاسم: أيوه. حسن الترابي: وأخيرا أحدثه أن الإسلام عاطفة الآن في العالم ما هو أصله بدأت الاشتراكية عاطفة على الظلم أصلا وبدأت التحرر الوطني بدأ عاطفة الأحزاب الوطنية لا تدري ماذا تفعل بوطنها إذا تحرر. صادق جلال العظم: لكنها لم تبقى عاطفة هذه المسألة. حسن الترابي: ظلت. صادق جلال العظم: بدأت عاطفة لم تبقى. حسن الترابي: وخاب رجاء الناس فيها ولذلك ذهبوا إلى اليسار وخاب رجاء الناس فيه تماما لكن الدين الإسلامي ليس عاطفة وحسب فيه أصول وفيه معاني أصل كل شيء يبدأ هكذا الملتقى. فيصل القاسم: حلو .. حسن الترابي: وهكذا. فيصل القاسم: حلو .. طيب. حسن الترابي: والآن الضغوط من الاستعمار أول الأمر لم تبدأ لأنهم يظنون أنه مثل التصوف وهكذا كل هذه المعاني الدينية يمكن أن تكون في إيقاع الحياة الخاصة ولكنهم استشعروا أن الدين يمتد إلى الاقتصاد ولهم مصالح في العالم وإلى السياسة ولهم موازين في قوى في العالم عندئذ انقلبوا على الإسلام انقلابا تاما سموه إرهابا أو غير ذلك في بلادهم هم وفي كل العالم. فيصل القاسم: سيدي الدكتور أعتقد يعني .. ألا تعتقد معي أن هناك الكثير من المبالغة في هذا الكلام أي اقتصاد؟ هل تريد أن تقول لي أن الاقتصاد الإسلامي يهدد الاقتصاديات الغربية؟ حسن الترابي: نعم .. نعم. فيصل القاسم: ما هي الدولة الإسلامية أصلا إذا تحدثنا بالمقاييس الاقتصادية كل الدول الإسلامية جمعاء لا تُضاهي ميزانيتها ميزانية أضعف بلد أوروبي. حسن الترابي: أنت تتحدث عن حكومات ونحن نتحدث. فيصل القاسم: هذه مجتمعات.. حسن الترابي: عن ظاهرة مجتمعات بالطبع هي التي تبدل الحكومات .. الحكومات في فرنسا، هل كانت ديمقراطية عندما قامت الثورة؟ كانت شيئا آخر ويتحدث الأخ الكريم عن السعودية .. السعودية أصلا الحركة الوهابية لم تكن سياسية ولا اقتصادية ولا راعت.. ولا تكن مشغولة بهذا الهم كانت مشغولة بهموم في العقائد وفي السلوكيات الاجتماعية لبعض المتصوفة. صادق جلال العظم: معقول الحركة الوهابية لم تكن سياسية؟ حسن الترابي: وتركت السياسة .. وتركت السياسة تماما أقرأ الكتب الوهابية وتركت الاقتصاد جانبا وكانت دولة فقيرة الاقتصاد لم يكن هما فيها. فيصل القاسم: نعم. حسن الترابي: ولا السياسة.. الآن بدأ السعوديون من تحت الأرض كلهم .. كلهم .. الحركة الوهابية نفسها.. صادق جلال العظم: شو قصدك .. حسن الترابي: الشعب.. الشعب.. كله صادق جلال العظم: الشعب كله شو؟ حسن الترابي: كله بدأ الآن بكل دوافعه. صادق جلال العظم: هو ضد فهد يعني الشعب؟ لا خليني سؤال دقيق.. حسن الترابي: لا .. لا. صادق جلال العظم: ضد ما يقوم به الآن الأمير عبد الله من هجوم على.. حسن الترابي: هو يريد.. صادق جلال العظم: القوى التي.. حسن الترابي: تحدثه. صادق جلال العظم: بتتسمى القاعدة. حسن الترابي: قضى على الأمراض الاجتماعية التي قام من أجلها الآن يريد أن يستكمل مشروع الإسلام الذي ما كان مشغولا لأن.. صادق جلال العظم: مين؟ عبد الله؟ حسن الترابي: لا الشعب السعودي .. الشعب. صادق جلال العظم: آه .. الشعب (Ok). حسن الترابي: الشعب السعودي .. ولا يقصد هدف فهد في شخصه لكن يقصدوا أن النظام لابد أن يكون حرا وشورويا وينفتح للمرأة وينفتح للرأي الآخر وينفتح حتى لآراء أمثالك حتى يتجادل الناس {ولَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاس}. فيصل القاسم: {بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ}. حسن الترابي: {لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ}. فيصل القاسم: صح. حسن الترابي: نريد حتى لمن نظنهم أنهم يتحدثون الباطل أن يتحرروا ويتحدثوا. فيصل القاسم: كويس .. كويس. صادق جلال العظم: يا ريت نعمل استفتاء .. أو استطلاع داخل السعودية ونشوف شو إذا كانت على طريقة ما بتعمل استفتاءات؟ حسن الترابي: الاقتصاد. صادق جلال العظم: نشوف شو بيصوتوا. حسن الترابي: الاقتصاد اللي بنتحدث عنه يا أخي الآن بتسيطر عليه هذه الدول، ولكن قامت قومات دفع اقتصادي إسلامي، الآن تحرر البترول في السودان قامت عليه حكومات وهو مثبت في الأرض ولكن دوافع أن تنبت الأرض بخيرات الله للناس كافة، قامت بدفوع دينية والزكاوات والصداقات والأوقاف بدأت تنتشر الآن لشيء من العدالة الإسلامية لا أقول أنه تم المشروع. فيصل القاسم: كويس. حسن الترابي: والحرب على الربا كانت أصلا على الرأسمالية الظالمة للفقراء .. لا أقول أن المشروع قد تم في هذا ولم يتم في السياسة في السودان ولكن هذه الدفوع قامت بهذه الوجهات وستتم إن شاء الله. فيصل القاسم: طيب حلو جدا، عبد العزيز الزهراني السعودية، تفضل يا سيدي. عبد العزيز الزهراني: السلام عليكم. فيصل القاسم: وعليكم السلام. عبد العزيز الزهراني: أقدر أشارك. فيصل القاسم: تفضل يا سيدي. عبد العزيز الزهراني: أينعم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فيصل القاسم: وعليكم السلام. عبد العزيز الزهراني: من الذي يقول بأن الطريق وصل إلى طريق مسدود فهو على خطأ لأن رب العالمين يقول }هُوَ الَذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى ودِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ولَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ{ ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم "لقد بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء"، لا يوجد الآن في العالم الإسلامي كله ومنه العالم العربي دولة تطبق الإسلام، الأمة الإسلامية كانت على مدى قرون طويلة الأمة الأولى في العالم وصاحبة الدولة الأولى والحضارة الأولى والمدنية الأولى وكان العالم كله يحسب حسابها ويخشى صولتها وسطوتها ويسمع راغما أو طائعا لكلمتها. فيصل القاسم: طيب. عبد العزيز الزهراني: هذه الأمة وتلك الحضارة والمدنية والثقافة باتت لا في الصفوف الأخيرة فحسب بل تحت الأقدام تدوسها خيل الغزاة ونعال الأقزام واللئام وبعد أن كانت دولة واحدة قوية عزيزة صارت مجزأة إلى ما لا يحصى من الدويلات الكرتونية التي يطلق عليها زورا وبهتانا أسم دول وبعد أن كان مواطني هذه الدولة العظيمة يرفع رأسه معتزا في كل أنحاء الدنيا. فيصل القاسم: طيب سيد زهراني .. سيد زهراني وصلت الفكرة هل لديك سؤال يعني لا نريد أن نؤرخ للدولة الإسلامية منذ بدايتها حتى الآن .. أشكرك جزيل الشكر، نشرك من باريس المفكر جورج طرابيشي، سيد طرابيشي لعلك استمعت إلى بعض النقاش نتحدث ألا يمكن الحديث عن وجود صحوة إسلامية متصاعدة بالرغم من كل ما أصاب الحركات الإسلامية من ضغوط وهجمات في الآونة الأخيرة؟ جورج طرابيشي: اسمح لي أولا أن أهنئك على هذه الحلقة من الاتجاه المعاكس. فيصل القاسم: أشكرك. جورج طرابيشي: وهذا بعكس الحلقة السابقة عن العلمانية فهذه المرة نجد أنفسنا أمام متحاوِرَين مُتكافِئَين ونِدَين يرد كل منهم للآخر الصاع بالصاع أما في الحلقة الماضية فقد وضع رجل عالم لا يتقن سوى لغة العلم والمفاهيم الباردة الهادئة العلمية في مواجهة خطيب ومحرض جماهيري يتقن الخطاب الإيديولوجي وفن الردح التهييجي.. فيصل القاسم: تقصد المفكر محمد أركون مقابل السيد إبراهيم الخولي؟ جورج طرابيشي: ومن ثم فقد خرج العالم الهادئ من المناظرة. فيصل القاسم: نعم. جورج طرابيشي: أو أُخرِج منها بالأحرى مهزوما ومهزومة معه فكرة العلمانية، أما اليوم فليسمح لي الصديق صادق جلال العظم أن أختلف معه جزئيا في توكيده بأن الطريق بات مسدودا أمام الحركات الإسلامية السياسية، بالفعل هناك منبعان كبيران لهذه الحركة قد جفا، المنبع الأول هو الدولارات النفطية، والمنبع الثاني هو جيبولتيكا الحرب الباردة التي جعلت الغرب يحتضن الإسلاميين ليطوق بهم المعسكر السوفيتي، ولكن هناك ظرف ثالث ورابع ما زالا .. ما زالا قائمين ويتركان الباب أو الطريق مفتوحا أمام الإسلاميين الظرف الأول هو فشل تجارب التحديث العربية في كل مكان من العالم العربي، والظرف الثاني هو الغباء الأميركي الذي ما زال يتعامل مع ظاهرة الإرهاب بمنطق الكاوبوي، وكذلك الصمت الأوروبي عما يجري في فلسطين، وأنا شخصيا أعتقد أنه ما دام هناك فشل في التحديث العربي وما لم تقم حداثة عربية فإن الطريق سيظل مفتوحا ولو بشكل جزئي أمام الإسلاميين. فالدين هو عزاء من لا عزاء له. وثانيا أقول أنه ما دامت الغرب بمجمله ساكتا عما يحدث في فلسطين وما دامت المقاومة في فلسطين ترتدي طابعا إسلاميا، فهذا معناه إلى جانب الطابع الوطني الفلسطيني فهذا معناه أن الطريق لن يُسد أمام الإسلاميون أمام الإسلاميين فقط بحل سلمي وعادل لقضية الأراضي المحتلة بفلسطين، وفقط بتحول منطق الغباء الأميركي الذي فتح للإسلاميين في العراق جبهة كانت مسدودة عليهم والتحول من منطق الحرب ومنطق الصليبيات والهلاليات الجهادية، إلى منطق الحوار بين الحضارات يمكن أن يُقطع فعلا الطريق على الإسلاميين. فيصل القاسم: طيب .. طيب .. أشكرك جزيل الشكر. التحديث الإسلامي واللعبة السياسية فيصل القاسم: دكتور العظم يعني لماذا نعود إلى الماضي لماذا لا نعود إلى الأشهر القليلة الماضية لنرى أن الأحزاب الإسلامية في المغرب، في باكستان، في تركيا، في إيران، في البحرين، في كل الانتخابات التي حصلت في الآونة الأخيرة، فاز الإسلاميون بنصيب الأسد في مقاعد البرلمان. وأنت تعلم الآن الأميركان لا يستطيعون إجراء انتخابات في العراق لسبب واحد لأنهم يعتقدون أن الإسلاميين سيفوزون بها، كيف تنظر إلى هذه الظاهرة؟ وأنت الذي تقول لي انسداد الأبواب وأفول الأصولية وإلى ما هنالك يعني كما يقول بعض المفكرين الفرنسيين مثل كيبيل انتهاء الأصولية وأفولها وإلى ما هنالك يعني هذا الكلام أنت تقول أن الصحوة وهم .. كلامكم هو الوهم عن انحدار المد الإسلامي؟ صادق جلال العظم: أولا بالنسبة للعراق أبدأ من آخر سؤالك، الخوف ليس من الإسلام الخوف من الشيعة خلينا نكون واضحين وصريحين، الكتلة الشيعية الكبيرة التي تشعر من قديم الزمان بالاضطهاد والحرمان والاستبعاد عن شؤون الدولة وشؤون السلطة والقوة هي الطحش الآن التي تريد أن تبتلع العراق بكامله.. وخوف الشيعة هو أنه الأميركان يمنعوا الترجمة .. ترجمة الثقل العددي كليا في العراق إلى السلطة يعني أن يرجعوا يلعبوا دور الأميركان بتوازنات تعود تسمح للقوى الأخرى اللي سيطرت للعراق تحديدا السُّنة أن يكون لها وزن نوعي أكبر مما تستحق عدديا. فيصل القاسم: كويس جدا. صادق جلال العظم: وهذا جيد، وهذا ممكن. فيصل القاسم: طيب بعد الآن. صادق جلال العظم: مو الإسلاميين، الشيعة هي المسألة.. فيصل القاسم: إذا المسألة ليست إسلامية المسألة قومية ماذا تريد أن تقول مذهبية. صادق جلال العظم: لا مسألة طائفية مسألة مذهبية وأنا لا أرى.. فيصل القاسم: طيب ماشي إذا كان ذلك في العراق صحيحا، ماذا عن بقية الدول ماذا عن باكستان ماذا عن المغرب ماذا عن تركيا ماذا عن إيران ماذا عن البحرين؟ صادق جلال العظم: هذا أعود إلى اللي قاله جورج طرابيشي الصديق (OK) طبعا يعرف جورج إني أنا أوافقه بالنسبة لمسألة فشل التحديث العربي. فيصل القاسم: العربي .. حوار مع المفكر صادق جلال العظم - بسام الخوري - 03-19-2008 http://www.aljazeera.net/Channel/archive/a...ArchiveId=92586 فهم المسلمين للعلمانية مقدم الحلقة: فيصل القاسم ضيفا الحلقة: محمد أركون: أحد أعضاء لجنة الحكماء العشرين الفرنسية إبراهيم الخولي: الأستاذ المتفرغ في جامعة الأزهر تاريخ الحلقة: 06/01/2004 حوار مع المفكر صادق جلال العظم - شهاب الدمشقي - 03-20-2008 Array uup to compaire between this great man and wafaa soultan [/quote] لا شك أن هناك فرقاً فكريا ومنهجيا بين صاق جلال العظم ووفاء سلطان لمن اراد أن يبصر الفرق .. ولكن السؤال: من وجهة نظر الاسلاميين ما الفرق بين صادق جلال العظم ووفاء سلطان ؟ .. الاثنان من وجهة نظر الخطاب الاسلامي يمارسون السب والشتم بحق المقدسات الاسلامية (راجع كتاب : صراع مع الملاحدة حتى العظم لعبد الرحمن حسن حبنكة) .. هذا فضلا عن أن العظم تعرض لمحنة المحاكمة بسبب كتابه اليتيم في نقد الدين (نقد الفكر الديني) .. وبالتالي فالاثنان ممنوعان من تقديم خطاب نقدي مباشر للدين .. اذن : هل تشفع علمية ومنهجية العظم لدى الاسلاميين ؟ .. حوار مع المفكر صادق جلال العظم - فرناس - 03-20-2008 السلام عليكم هناك مناظرة شهيرة حدثت في برنامج الاتجاه المعاكس بين صادق العظم والشيخ القرضاوي . هل يملك احد رابط لهذه الحلقة ؟. (f) |