حدثت التحذيرات التالية: | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5) +--- المنتدى: المدونــــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=83) +--- الموضوع: كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول (/showthread.php?tid=6939) |
كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 01-28-2008 monday 28.01.2008 «الإرهابي» الناصع غسان شربل الحياة - 28/01/08// شاءت المهنة ان يكون لي في عالم ما قبل 11 ايلول (سبتمبر) اصدقاء قساة. خطفوا طائرات او أمروا بخطفها. زرعوا عبوات او أرسلوا من يزرعها. احتجزوا رهائن او أصدروا فتوى الاحتجاز. وفي المقاييس الدولية تدرج اسماء هؤلاء في لوائح الارهابيين والمطلوبين. وغالبا ما كان هؤلاء مصابين بهاجس البحث عن وطنهم. مرة يصطدمون مباشرة بالاحتلال. ومرة اخرى يهاجمون داعميه. وثالثة يشتبكون فيها مع من يعتبرون انه يعوق طريقهم وحلمهم. وكان جورج حبش من ابرز هؤلاء «القساة» وأنصعهم. غاب جورج حبش من دون ان يتحقق حلمه. يمكن القول ان هذا الحلم بدا أشد صعوبة منه في اي يوم. بدا صعباً الى شفير الاستحالة. لم يتمكن من ان يشم ثانية رائحة تراب اللد التي ولد فيها. بخلت عليه بالعودة حياً. وستبخل عليه بعزاء النوم في ترابها. يخاف الاحتلال «الحكيم» حياً. ويخافه مسجى في الارض التي يعشق. يعرف الاحتلال ان هذا الرجل لا يتنازل عن حلمه وانه قد يستأنف التحريض من قبره. سألته في منتصف التسعينات ان كان يائسا. وكان لليأس ما يبرره. القيادة الفلسطينية عادت الى بعض تراب فلسطين بعد «مصافحة تاريخية» تابعها من بعيد عبر الشاشات. العراق استحال ركاما بفعل المغامرة التي ارتكبتها قيادته يوم غزت الكويت. الانقسام العربي صارخ والتدهور العربي في ذروته. الاتحاد السوفياتي اندحر وانفجر وغادر الى المتاحف مصطحبا معه المعسكر الاشتراكي. وصديقك فيديل كاسترو يقف على جزيرته العنيدة كقبطان يستعد لموعد الغرق. رد بابتسامة معجونة بالمرارة «لا وجود لليأس في قاموسي لا استطيع التسليم بانتصار دائم للظلم». كان جورج حبش يعرف انه بات يعيش في عالم غير ذلك الذي سمح له بارتكاب احلام «الثأر» و «العودة». وشعرت انه غرق في الذكريات. ثمة مشهد لم يستطع تناسيه او التخفيف من وطأته. مئات الاف الفلسطينيين يقتلعون في 1948 من ارضهم ويتحولون لاجئين في المخيمات. واعترف انه لولا ذلك المشهد لكان طبيبا ينهمك بحياته العادية وابحاثه وهواياته. لكن الرجل الذي خانته صحته باكرا لم يسمح لإرادته ان تخون. كان يردد ان المطلوب اعادة قراءة التجربة والاخطاء والمتغيرات رافضا ما اعتبره تبريرا للتنازلات تحت ستار الواقعية وتبدل موازين القوى. حين بلغني نبأ وفاته تقاطرت الصور في ذهني في ضوء ما سمعته منه ومن رفاقه خصوصا الذين تحلقوا حول رفيقه الاقرب الى قلبه الدكتور وديع حداد والذين اطلقوا غضبهم في وجه العالم احتجاجا على تناسيه مأساة الشعب الفلسطيني. كان جورج حبش صوتا صارخا وعنيفا ومتشددا اخطأ وأصاب، ما يسمح باتهامه أحيانا بالافتقار الى الواقعية من دون ان يسمح بالتشكيك بصدقه ونزاهته وهو تميز بهما. ذات يوم تلقى حداد رسالة مقتضبة من حبش يمكن ايجازها بكلمتين «اشعل المنطقة». وتجاوب حداد فنظم عملية خطف الطائرات الى «مطار الثورة» في الاردن في 1970 وتبع تلك الضربة المدوية ما تبعها. قبلها في 1968 تلقى حداد من حبش الذي كان سجينا في سورية كلمة السر وهي «أما آن الاوان يا وديع» فعرف حداد ان عليه المخاطرة. ذهب وديع الى دمشق ونظم عملية «خطف» السجين جورج حبش من حراسه ونقله الى لبنان. كان جورج حبش شديد الحضور في دفاتر النصف الثاني من القرن الماضي. من تأسيس «حركة القوميين العرب» الى تأسيس «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» ومن المواجهات الدامية في الاردن في 1970 الى حصار بيروت في 1982 مرورا بخطف الطائرات ونجومية كارلوس. كان حبش «ارهابيا» بالمعايير الدولية لكنه كان بالتأكيد «الارهابي» الحالم الناصع. كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 01-29-2008 tuesday 29.01.2008 ثلاثة مخاوف سورية حيال الوضع في لبنان ... لماذا فقدت دمشق ثقتها بالعماد ميشال سليمان؟ باتريك سيل الحياة - 25/01/08// يبدو أن الضّباب لن ينقشع قريبا عن أفق حلّ الأزمة اللّبنانية المستمرّة. والسّبب الرئيسي يكمن في أن مسألة انتخاب الرئيس اللّبناني لا تنحصر في الدّاخل اللّبناني، بل تتعدّاه إلى الخارج. تسعى قوى خارجية عديدة للكلمة الفصل في المسألة. وبالتالي فان التّوصل إلى توافقٍ بين هذه القوى المختلفة مهمّة صعبة تتطلّب المزيد من الوقت. ولقد سعى الأمين العام لجامعة الدّول العربية عمرو موسى، جاهداً من خلال وساطة شجاعة لجمع الأطراف اللبنانيين المتخاصمين والقوى الخارجية الداعمة لهم، إلا أن وساطته لم تحقّق النجاح المنشود حتى الآن. وتضمّ القوى الخارجية جهات إقليمية متخاصمة مثل المملكة العربية السّعودية وإيران، إلى جانب مصر وفرنسا والولايات المتّحدة الأميركيّة وحتّى إسرائيل (الناشطة من خلال الولايات المتحدة). إلا أن القوة الفاعلة الأهمّ من بين هذه المجموعة، وانطلاقا من الإطار اللّبناني الدّاخلي، هي سورية، لا سيّما أنها تعتبر التطوّرات الحاصلة في لبنان مسألة حياةٍ أو موت بالنسبة اليها. وسواء كان الأمر صحيحاً أم خطأ، فسورية تشعر بالحاجة لممارسة حقّ الاعتراض على اختيار رئيس الجمهورية اللّبناني. وتسري إشاعة في دمشق مفادها أن الرئيس السّوري بشار الأسد طلب من عمرو موسى الذّهاب إلى الرّياض لنقل رسالة مصالحة إلى الملك عبدالله بن عبدالعزيز. كما نقلت بعض المصادر عن الرئيس السّوري قوله إنه لن يقدم على اتّخاذ أي خطوة قبل الحصول على دعم المملكة العربية السّعوديّة. إذا صحّت هذه الاشّاعات، فقد تكون إشارة بحدّ ذاتها إلى انفراج في العلاقات العربية الملبّدة، وبالتالي فهي إشارة أيضا إلى ظهور أمل باختراق جدار الأزمة اللّبنانية. وسبق للرّئيس بشّار الأسد أن حضر القمّة العربية التي عقدت في الرّياض في آذار (مارس) سنة 2007، واجرى محادثات مطوّّلة مع الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وكان لبنان القضية الاساسية عندذاك كما لا يزال اليوم. ولا شكّ أن انفراج العلاقات السّورية - السّعودية هو أمرٌ ضروري، لا سيّما أن البرودة الحالية بينهما، والتي باتت تميل إلى الخصومة، تشكّل حجر عثرة أمام التّسوية اللّبنانية. وفي رأي بعض المراقبين فمن شأن القمّة العربية المقبلة في آذار (مارس) أن تشكّل فرصةً لتخطي العوائق والسّماح بانتخاب رئيس للجمهورية في لبنان، غير أن البعض الآخر، وعلى نحوٍ أكثر تشاؤماً، يعتبر أن القرار بشأن المسألة بات عرضة للتأجيل إلى ما بعد الانتخابات النيابية المقرّرة في وقت لاحق من هذه السّنة، والتي يمكن أن تشهد تغيّراً في موازين القوى بين الأكثرية والمعارضة. ويبدو أن إحدى المشاكل الأساسيّة تكمن في أن سورية فقدت ثقتها بقائد الجيش العماد ميشال سليمان، وذلك بعد أن عُقِدَتْ الآمال على كونه مرشّحاً مقبولاً من جميع الأطراف المعنية. فخلال التّسعينات، طوّر العماد ميشال سليمان علاقات وثيقة مع سورية في الفترة التي أعيد فيها بناء الجيش بمساعدةٍ سورية نفسها، وذلك بعد انتهاء الحرب الأهلية. وخلال السّنة الماضية، عندما دخل لبنان في مواجهات عنيفة ضدّ إحدى الفصائل الإسلامية المتحصّنة في مخيّم نهر البارد للاّجئين الفلسطينيين، قامت سورية بتزويد الجيش اللّبناني بالذخائر اللاّزمة. باختصار، اعتُبر ترشيح العماد ميشال سليمان تنازلاً لمصلحة سورية. إلا أن ذلك كان التّوجه السّائد خلال السنة الماضية. أما حالياً فقد فقدت سورية ثقتها بالعماد سليمان واعتبرت أنه انتقل إلى الجانب السّعودي الأميركي. كما تسري شائعة أخرى في دمشق مفادها أن العماد سليمان ذهب في زيارة سرّية إلى المملكة العربية السّعودية حيث يقال انه قدّم تعهدات بشأن تحالفاته المستقبلية. وفي كل الحالات فإن العماد سليمان ليس ألعوبة، وخصوصاً بعد أن تعزَّزَ موقعه خلال معارك مخيّم نهر البارد الشّرسة. وفي حال تمّ انتخابه، فمن المرجّح أن يكون رئيساً مستقلاً. ويشّكل هذا الأمر مخاطرة لا يبدو أن سورية مستعدة لخوضها. ما هو هدف سورية في لبنان؟ يُطرح هذا السؤال في كل عاصمة اقليمية أو دولية. وللإجابة على هذا التساؤل، من الأجدى لنا ان نحاول تحديد ما ترفض سورية حصوله في لبنان. فسورية ترفض إعادة إرسال جيشها إلى لبنان، حيث بقي لمدة 29 سنة منذ 1976 إلى 2005. إلا أنها لا تتساهل في المقابل مع قيام حكومة معادية واستفزازية في بيروت، والتي من شأنها أن تسمّم الحياة السّورية بشكل يومي. وتريد سورية أن تضمن أن أيّ حكم يمكن أن يقوم في لبنان، وأيّ رئيس يتم انتخابه أو أية حكومة يجري تشكيلها، سوف يعترف ويحترم مصالح سورية الحيويّة، السّياسيّة منها أو الاقتصادية أو الاستراتيجيّة. هذا هو الاساس كي توافق سورية على تسوية للازمة اللّبنانية. ويبدو أن ثلاثة مخاوف تشغل سورية حيال الوضع في لبنان. يتمثّل الاول بقيام المحكمة ذات الطّابع الدّولي التي انشئت لمحاكمة قتلة رئيس الوزراء اللّبناني الأسبق رفيق الحريري، في 14 شباط (فبراير) سنة 2005. ولم يتمّ إلى اليوم تحديد القتلة، ومن المحتمل فعلاً عدم التمكّن من تحديدهم مطلقاً، ويمثّل هذا الواقع مدى التعقيد في هذه القضية. وسورية في الواقع اقل قلقاً حيال أي حكم يحتمل أن يصدر عن المحكمة مما هي قلقة بالنسبة الى مسار المحاكمة على مدى الأشهر والسنوات القادمة. فالمحكمة تملك حق استدعاء عشرات، وربما مئات الشّهود. وهذه العملية ستأخذ وقتاً طويلاً ولا مهرب من تسييسها. ومن المحتمل استخدامها من قبل اعداء سورية كوسيلة لمهاجمتها ووربما لزعزعة استقرارها. وتظنّ سورية أن المحكمة الدّولية ستكون بمثابة «سيف ديموقليس» المسلّط على رأسها، وهو ما يشل اي تحرك يمكن ان تقوم به، خوفاً من سقوط السيف عليها. أما ثاني المخاوف السّورية فيتمثّل في إمكانية أن يعمد أي نظام لبناني معادٍ لسورية، وبدعم دولي، إلى نزع سلاح «حزب الله»، وهو الحزب الشيعي المسلّح والمتحالف مع ايران وسورية، والذي حارب إسرائيل خلال صيف سنة 2006 مما ادى الى فرض الوضع الحالي. ومن وجهة النّظر السّورية، فإن محور طهران - دمشق- «حزب الله» هو القوة الوحيدة التي تستطيع مواجهة الضغوط والاعتداءات الاسرائيلية والأميركية. وثالث هذه المخاوف السورية وأكبرها حيال الوضع في لبنان يتمثّل بإمكانية تحوّل جذري في موازين القوى الإقليمية. فسورية تخشى أن يميل تحالف 14 آذار المناهض لها أو أن يتم دفعه، إذا تعزّز موقعه، إلى توقيع سلام منفصل مع إسرائيل، وذلك على غرار اتفاق 17 ايار (مايو) 1983 الذي سعت الولايات المتحدة اليه بعد الغزو الإسرائيلي للبنان سنة 1982. فلقد هدّد ذلك الاتفاق المنفصل آنذاك باستقطاب لبنان إلى المحور الإسرائيلي، واعتبرت سورية ذلك خطراً قاتلاً، وقد تمّ تلافيه عندما تمكّن الرئيس السّوري الراحل حافظ الأسد، من القضاء على هذا الاتفاق. وبالتالي فإن الهوس السّوري الدائم يتمثّل بالخوف من دخول التأثير الإسرائيلي إلى لبنان، بطريقة أو بأخرى، في حال زال نفوذ سورية أو تراجع. وباعتبار أن دمشق على مرمى حجرٍ من الحدود اللبنانية فان هذا الاحتمال يشكل خطراً قاتلاً. ولذلك فان ما تطلبه سورية هو أن تنضم مع جارها اللبناني في اطار جغرافي استراتيجي، ليس من الضروري أن يكون له اي طابع سياسي رسمي، على ان يكون قادراً على مواجهة التهديدات الخارجية. ويعْتَبَرُ هذا الاتجاه من أهمّ الأسس التي تعتمدها سورية في سياستها الخارجية. إلا أن له ثمناً باهظاً، فقد حال دون اتفاقٍ مع فرنسا ورئيسها القليل الصبر نيكولا ساركوزي، الذي بذل جهودا كبيرة خلال الأشهر الماضية للتوصّل إلى تسوية في لبنان. وفي هذا الإطار، زار وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، بيروت ما لا يقل عن ستّ مرّات. وبما أن فرنسا تعتبر نفسها عرّابة استقلال لبنان، فإن سورية تضع الجهود الفرنسيّة في خانة تهديد مصالحها الحيويّة. ويضاف إلى الأثمان الباهظة للرغبات السورية، ثمن داخلي كبير مقابل هوس سورية بوضعها الأمني. فقد تم سحق أطياف المعارضة جميعها، ومن بينها ما يُعْرَف بـ «المعارضة الوطنية» المُؤَلَّفة من المثقفين والنّاشطين في مجال الحقوق المدنية، واليساريين والإسلاميين المعتدلين. ومن شأن هذا القمع أن يوجّه ضربة قاسية إلى صورة سورية وسمعتها في الغرب. فتحرير هؤلاء الوطنيين من أصحاب النيات الطيبة من السجن والتّحاور معهم، يجب أن يشكّلا أولويّة سوريّة. من المفهوم خوف سورية على بقاء النظام. فقد أسقطت الولايات المتحدة الأميركية النظام السّابق في العراق، وهي تهدّد حاليّاً إيران، فيما تغمض عيونها عن المجازر التي ترتكبها إسرائيل بحقّ الفلسطينيين. ويبدو أن واشنطن أعطت الضّوء الأخضر للغارة الجوّية التي قامت بها إسرائيل في أيلول (سبتمبر) الماضي ضدّ منشأة عسكريّة غامضة الهدف في شمال شرقي سورية. ويضاف إلى ذلك استمرار واشنطن في فرض عقوبات أحاديّة الجانب على سورية ورفضها وضع قضية الجولان السّوري، الذي تحتله إسرائيل منذ سنة 1967، ضمن الاهتمامات الاميركية في المنطقة. وفي نهاية الأمر، فان تراجع حدّة التوتّرات الاقليمية والتقدم الفعلي في مساعي السّلام العربي - الإسرائيلي سيسمحان لـ «ربيع دمشق» أن يُزْهِر من جديد، بعد أن تم الترحيب به كأحد ملامح الشهور الاولى من حكم الرئيس بشّار الأسد. كاتب بريطاني متخصص في شؤون الشرق الاوسط كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 01-30-2008 غابت السياسة وحضر الفن الجامع ... فيروز في دمشق... العرض للنخبة وأشواق الجمهور بلا تلبية دمشق - ابراهيم حاج عبدي الحياة - 30/01/08// [color=red]wensday 30.01.2008 فيروز في عرض «صح النوم» الدمشقي (أ ب) لم تشأ فيروز، التـي بدأت عروض مسرحيتها «صح النوم» أول من أمس في دار الأوبرا الدمشقية، أن تحقق آمال المؤيدين لحضورها في العاصمة السورية، أو توقعات المعترضين على هذا الحضور. لم تقل كلمة في بداية العرض قد يتم تأويلها سياسياً، واكتفت، كذلك، في نهاية العرض، بالانحناء للجمهور الكبير الذي عبر عن تقديره لها بالوقوف دقائق، وبحرارة التصفيق الذي لم يتوقف إلى أن غادرت فيروز الخشبة. ظهرت كطيف رقيق قادم من زمن البراءة، من أرض عذراء لم تعرف يوماً بشاعة القتل والدماء. حاولت أن تنثر الحب والصفاء في القلوب، وغادرت الصالة في شكل طقوسي. وسيحظى بحضور فيروز حتى 4 شباط ( فبراير) نحو عشرة آلاف شخص فقط، لأن دار الأوبرا لا تتسع لأكثر من 1200 شخص. هنا يحتدم النقاش حول مكان عرض المسرحية، وحول سعر البطاقة التي تصل إلى عشرة آلاف ليرة سورية (نحو 200 دولار أميركي)، فالبسطاء، وذوو الدخل المحدود، الذين لا يرقى راتبهم إلى ثمن البطاقة الواحدة، وجدوا أنفسهم خارج الدائرة المحظوظة؛ تلك الدائرة التي اقتصرت على أصحاب «الياقات البيضاء» القادرين على شراء البطاقة، بينما أولئك الذين عشقوا فيروز في البيوت الطينية النائية، والحقول المقمرة، والمقاهي «المفروشة بالأسرار»... لن يتسنى لهم أن يعيشوا هذا «الفرح المخملي» مع فيروز. وصوتها الذي يغني للبساطة والفرح والطفولة ويواجه الجشع والاستغلال والتسلط، لن يتمكن كثيرون من تحقيق حلمهم في رؤية البنت الشقية «قرنفل» (تجسد شخصيتها فيروز) وهي ترفع صوتها، بجرأة، في وجه الوالي البليد المستبد الذي يتحكم بأقدار البشر، ويبتز فقرهم وحاجتهم، فلا يختم في الشهر، بعد يقظته من السبات الشهري في «قصر النوم»، سوى ثلاثة طلبات، لئلا يستهلك الختم الأثري المصنوع من خشب الجوز العتيق، الذي يرمز إلى سلالة الوالي القوية، ذات الجبروت. قرنفل التي انتظرت ستة اشهر، تحت المظلة، للموافقة على طلبها ببناء سطح لمنزلها المهدم، فشلت في الاهتداء إلى طريقة تقنع بها الوالي كي يختم الطلب، فتضطر إلى سرقة الختم، ولا تكتفي، عندئذ، بختم طلبها فحسب، بل تختم طلبات جميع الأهالي، ثم ترمي الختم في البئر. حين يصحو الوالي في الشهر التالي يجد أن معالم الساحة قد تغيرت إثر أعمال البناء والهدم، والزراعة، فيخبره مستشاره بأنه قد ختم الطلبات، جميعها، في المرة الماضية، لذلك ظهرت هذه التطورات. يندهش لهذا الخبر، ويهم بفتح الصندوق المغلق الذي يحتفظ فيه بالختم الثمين، فلا يجد شيئاً. تحوم الشكوك حول قرنفل التي تعترف بفعلتها، فيحكم عليها الوالي بالربط على فرس وحشية تسير بها هائمة في الطرقات والوديان طوال العمر. لكن الحكم يحتاج إلى ختم، وببساطتها المعهودة، تقبل قرنفل النزول إلى البئر لتعود بالختم المطلوب لتنفيذ الحكم الصادر في حقها. هنا يرق قلب الوالي الذي يعفو عن قرنفل، ويكلفها بالختم على الطلبات، منذ الآن، بدلاً عنه. حكاية بسيطة، ككل الأغاني والمسرحيات التي أبدعها الرحابنة، غير أنها تنطوي على مقدار عميق من ثقافة التسامح. وبقليل من المجازفة يمكن القول، هنا، أن فيروز تدرك أهمية تقديم هذه المسرحية، مرة أخرى، في دمشق بعد مرور 37 سنة على عرضها، للمرة الأولى، في هذه المدينة. خلال هذه السنوات جرت مياه كثيرة في نهر العلاقة السورية - اللبنانية، وتعرضت المنطقة لتحولات دراماتيكية، بيد أن هذه السنوات وصلت، الآن، إلى أفق يصعب التفاؤل حياله في ظل الفراغ السياسي الذي يعيشه لبنان، ووسط الاتهامات المتبادلة بين بيروت ودمشق، في حين يشهد هذا الاحتفاء الواسع بفيروز على أن ألاعيب السياسة لن تؤثر في التقارب الوجداني والروحي الذي يجمع بين الشعبين، ولعل هذه المسرحية تسهم قليلاً في إنجاز «صحوة»، طال انتظارها! وفي الوقت الذي حظي العرض الافتتاحي بحضور رسمي لافت تمثل في فاروق الشرع نائب الرئيس السوري، ورياض نعسان آغا وزير الثقافة، وبثينة شعبان وزيرة المغتربين، وسعد الله آغا القلعة وزير السياحة، لوحظ غياب رموز المعارضة السورية التي تحتج أصلاً على مجمل نشاطات احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية، إذ تتساءل: كيف لدمشق أن تكون عاصمة للثقافة، بينما يقبع المثقفون السوريون في المعتقلات؟ ولا بد من الإشارة إلى أن منظمي الحفلة لم يسعوا إلى استثمار اسم فيروز على نحو سياسي، فقد خلت أروقة دار الأوبرا من أية لافتة أو صورة أو شعار، وحتى الحضور الرسمي كان هادئاً، ومن دون أي ضجيج. واللافت أن حضور العرض المسرحي لفيروز انطوى على تشدد أمني (منع الكاميرات، أجهزة التسجيل الصوتي، الهواتف النقالة... وأي شخص تضبط معه هذه التجهيزات سيتعرض لغرامة مالية، ولمغادرة العرض فوراً. إغلاق الأبواب قبل نصف ساعة من بدء العرض. إبراز البطاقة الشخصية أو جواز السفر عند الدخول...). هذه الإجراءات «المشددة»، ولّدت لدى بعض الصحافيين، مثلاً، انطباعاً بأنهم ذاهبون إلى «مؤتمر قمة» لا إلى سماع الصوت الحنون. كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 01-30-2008 دعم بوش للبنان كلامي... لكن لا صفقة GMT 2:00:00 2008 الأربعاء 30 يناير النهار اللبنانية -------------------------------------------------------------------------------- سركيس نعوم تبدو سوريا بشار الاسد قوية في مواجهتها مع الولايات المتحدة وغالبية المجتمع الدولي، رغم ان الفارق كبير في ميزان القوى بين الفريقين. ففي لبنان حققت دمشق نجاحات مهمة عبر حلفائها الذين بفعل دعمها القوي انتقلوا الى موقع الهجوم القوي، رغم عجزهم عن تحقيق اهدافهم المعلنة وغير المعلنة السنة الماضية. وفي العراق لا يزال لسوريا دور مهم اذ هي تدعم المقاومة للاحتلال العراقي سواء بالسماح بتسلل مقاومين عراقيين او اجانب من اراضيها الى العراق، او بغضّها الطرف عن ذلك. ولا يقلل من هذا الدور انخفاض نسبة التسلل الى العراق من الحدود السورية، بل يعززه، ذلك انه كان عملاً مقصوداً موجهاً الى الادارة الاميركية لاقناعها بالتعامل معها بشروطها نظراً الى الفوائد التي يمكن ان تجنيها. وعلى الساحة الفلسطينية لا تزال سوريا تدعم معسكر التشدد بل الرفض الفلسطيني الذي تقوده "حماس" ولا تزال ترفض التعرض له ولرموزه الموجودين على اراضيها، كما لا تزال تؤكد تطابق استراتيجيتها الفلسطينية مع استراتيجيته. ولا تقلل من ذلك خطوات "ديكورية"، اذا جاز التعبير، مثل الاشتراك في مؤتمر انابوليس الذي دعا اليه الرئيس جورج بوش ووقف انعقاد مؤتمر قوى الرفض الفلسطيني في دمشق، ففي انابوليس لم تتراجع سوريا عن مواقفها. والمؤتمر لم يلغ بل ارجىء وانعقد الاسبوع الماضي. هل لدى الادارة الاميركية هذه الصورة البهية او بالاحرى القوية عن سوريا ودورها وموقعها وقوتها؟ المعلومات المتوافرة عند مراقبين اميركيين عن النظرة الرسمية في واشنطن الى وضع سوريا حاليا يبدو انها تخالف او تناقض الصورة الايجابية المشرقة المفصلة اعلاه. فهي تشير الى ان النظام الحالي في سوريا قد بدأ يقترب من الشعور باليأس والاحباط لاسباب كثيرة، اولها اقتناعه رغم كل تصرف او موقف مخالف بان المأزق الذي يعيشه في لبنان او الطريق المسدودة التي تواجهه ليست في مصلحته او مصلحة بلاده. واقتناعه ايضاً بأن محاولته زعزعة الاستقرار اللبناني على نحو كامل ستجعله يدفع ثمناً كبيراً جداً. ذلك انه من الواضح ان اياً من الاشقاء العرب للبنان وحتى اسرائيل غير مستعد للقيام باي عمل جدي لاخراج لبنان من المأزق او لفتح الطريق المسدودة امامه. ولكن اذا تأكد لهؤلاء ولاميركا، وطبعاً لاسرائيل، ان "حزب الله" ومقاتليه سوف يُستعملون لازالة المأزق على نحو يخدمهم ويخدم حلفاءهم الاقليميين فان تحركاً ما او عملاً ما قد يحصل لمواجهة ذلك. وقد تقوم بهذا العمل القوة الدولية المعززة في الجنوب، او قد تقوم به اسرائيل مباشرة بتأييد عربي ضمني او يقوم به الاشقاء العرب وذلك من خلال خطوات عدة منها سحب السفراء من دمشق طرد عدد من العاملين السوريين في دولهم وقف تحويلات اموال العمال السوريين وربما غيرهم من هذه الدول الى سوريا. وثاني الاسباب اقتناع النظام السوري بأن الرئيس الذي سيخلف جورج بوش في البيت الابيض بعد قرابة سنة من الآن، أياً يكن انتماؤه الحزبي، سيواصل سياسة الاخير وبأن الدول الحليفة لاميركا ستستمر في دعم هذه السياسة كما فعلت في السابق. ومن شأن ذلك ان يزيد عزلة نظام الاسد الابن الامر الذي يجعله عبئاً على "حليفته" ايران الاسلامية. علما ان لدى ايران الكثير الذي تقدمه الى اميركا او الذي تريده اميركا واكثر مما لدى سوريا منه. واذا نجحت طهران وواشنطن في طي صفحة العداء المستحكم منذ أقل من ثلاثة عقود وفتح صفحة جديدة ايجابية فان سوريا ستشعر بمزيد من العزلة. اما ثالث الاسباب التي تدفع سوريا بشار الاسد الى الشعور باليأس او بالاحباط فهو، دائماً استنادا الى المراقبين الاميركيين انفسهم، ان الجهود الضخمة التي بذلتها لمنع التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ولتفخيخ المحكمة ذات الطابع الدولي قد احبطت. اذ سينشر ربما في وقت غير بعيد القرار الاتهامي او القرار الظني حتى قبل انتهاء التحقيقات الدولية الجارية. ومن شأن نشر هذا القرار او مضمونه رغم عدم انتهاء التحقيقات اتهام سوريا الاسد الابن وزيادة عزلتها ومضاعفة النقمة الداخلية فيها. هل لدى المراقبين الاميركيين انفسهم فكرة عن طريقة مواجهة الاسد هذا الواقع الصعب الذي يعتقدون او تعتقد ادارتهم انه يعيشه؟ يجيب هؤلاء بان الرئيس بشار الاسد يحاول ان ينفّذ اللعبة التي نفذها والده الرئيس الراحل حافظ الاسد بين عامي 1987 و1988. فهو يستمر في توجيه الرسائل الى ادارة بوش عبر زواره الكثيرين والاميركيين تحديدا. لكن بوش يرفض التجاوب والتحاور معه وسيبقى على موقفه الى ان يغير سياساته او بالاحرى يمارس نقيضها. كما انه يرفض وسيبقى رافضاً عقد صفقة مع الاسد الابن حول لبنان. بعبارة اخرى لن يكون هناك تكرار لسيناريو 1988. طبعاً لا يعني ذلك ان الاسد الابن سيتراجع او ينكسر. وطبعا لن ينكسر او يتراجع جورج بوش. ويعني ذلك ان لا حلول قريبة او سريعة للبنان، ولكن في الانتظار قد يدفع بوش حلفاءه الدوليين مثل فرنسا والعرب للتحرك لدى سوريا رغم تأكده ان ذلك لن يسفر عن شيء ايجابي. وهو لا يستطيع ان يفعل اكثر من ذلك الآن باستثناء دعمه الكلامي للبنان والغالبية فيه وحكومته الشرعية وللدول العربية المختلفة مع سوريا. فالمشكلات التي يواجه كثيرة في الداخل والخارج. الآن بدأت الازمة الاقتصادية تحتل المرتبة الاولى، وصارت المشكلة العراقية في المرتبة الثانية، وهناك أيضاً المشكلة الفلسطينية – الاسرائيلية. كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 01-31-2008 سوريا للعرب: سنحل كل المشاكل في القمة هدى الحسيني 31.01.2008 thursday يقول مرجع عربي زار دمشق أخيرا إن لبنان مقبل على أيام صعبة، وسيشهد تكراراً للحادثة التي وقعت بعد ظهر الأحد الماضي وستبقى التوترات متنقلة، ويعيش اللبنانيون ظروفاً قاسية بانتظار الحل، لكن المرجع العربي يوضح أن أحدا لن يسمح بخراب لبنان الذي لن يشعر بالاستقرار قريباً ويقول: «من المستبعد وقوع حرب شاملة فيه، إنما هناك أمر أساسي يجب التنبه له، إذ يتوقع الاميركيون أن يحوّل «حزب الله» سلاحه إلى الداخل، وهذا لن يحصل، أما الذي سيحوّل سلاحه إلى الداخل فهو حركة «أمل»، لأن «حزب الله» يريد التفرغ للحدود، وإذ لم تعد هناك دولة لبنانية عندئذ يسيطر «حزب الله»، لذلك لا يناسب الغرب ولا إسرائيل أن يفلت الوضع، مع الإشارة إلى أن تسليح «أمل» يأتي من «حزب الله». وماذا عن سوريا يجيب المرجع العربي: «أن سوريا قلقة من اندلاع الحرب في لبنان، لم تقوَ سوريا في الماضي إلا عندما «لملمت» اللبنانيين، وفرضت الهدوء في لبنان بغض النظر عن الأخطاء التي ارتكبت. إذا خرب لبنان تتضرر سوريا بشكل مباشر». ويضيف المرجع العربي أن اتفاقاً سورياً ـ سعودياً ـ مصرياً يساعد اللبنانيين على إيجاد تعريف جديد لوطنهم. ويضيف: «لقد تعقّد الوضع اللبناني كثيراً، صار هناك شيء اسمه السنّية السياسية، والشيعية السياسية، في السابق كان العرب يرون انه لا بد من حماية المسيحيين في لبنان لأنهم يشكلون استثماراً، ويظهرون للغرب نجاح تداخل الأديان، وكان ذلك أفضل من أن يهاجر المسيحيون فتبهت المنطقة، هذا الطرح ضعُف كثيراً بعد اتفاق الطائف». ويبدو، انه بعد غزو العراق، والكسب الذي تحقق لإيران من جرائه، وبعد حرب تموز/ يوليو 2006، صار الشيعة في لبنان يريدون اعترافاً بهم. وحسب محدثي فإنهم «ثلث الشعب ويريدون المشاركة في السلطة بحصة الثلث وهذا يفترض تغيير الطائف على المدى البعيد، أي المثالثة». ويقول إن المشكلة في لبنان، أن السنّي كان دائماً الموفّق، ويُقدم مصالحه الاقتصادية، وتجارته على المسائل الإيديولوجية، الآن صار أيديولوجيا أكثر من الباقين، وترك المجال كي يشعر «حزب الله» بحاجة شديدة الى الجنرال ميشال عون، لم تكن من ضرورة لهذه الحاجة لكن، العدوانية التي واجه بها السنّة مناوئيهم جعل تحالف عون ـ حزب الله قوياً». ومع هذا، وحسب ما سمعه المرجع العربي في دمشق، وعلى الرغم من ان السياسيين هناك يعتبرون أن فؤاد السنيورة رئيس الوزراء اذكى من الآخرين، «إلا انه احرق أوراقه»، وعلى الرغم من رفضهم مسامحة وليد جنبلاط «رغم كل محاولاته للتقرب وآخرها منذ شهرين»، إلا أن سوريا لا تزال فاتحة الطريق أمام سعد الحريري رئيس كتلة «المستقبل» ويقول: «إن سوريا تكون مرتاحة اذا اتفق الحريري وعون و«حزب الله»، هذه حالة مثالية في نظرها، وبهذه الطريقة يتولى الحريري إدارة الاقتصاد ويدير الآخرون السياسة! لكن سعد لم يقرر بعد». وبعد أن يقول انه لم يفهم في دمشق سبب المشكلة بين السعودية وسوريا، يورد بأن سوريا مستعدة أن تعرض على السعودية اتفاقاً إقليميا يضم تركيا وإيران ويتجاوز قصة الشيعة والسنّة، فيرتاح الخليج بأن لا خطر عليه، ويتحرر قليلاً من الضغط الاميركي» ويضيف: «لا بد من احتواء إيران وليس طلب عداوتها، إذ لا يمكن نزع تأثيرها في المنطقة، فهناك شيعة في العراق، وفي البحرين، وفي الكويت، وفي عُمان و«حزب الله» في لبنان، من لا نستطيع مواجهته الأفضل الاتفاق معه، وتأتي تركيا فيتم تجريد او تطبيع إيران. وقد جرى جس نبض تركيا في هذا الشأن». ولكن لماذا تتمسك سوريا بإيران ضد المعادلة العربية، يجيب محدثي: «لأن لا خيار أمامها، ولولا قطر وإيران لكانت حالتها الاقتصادية سيئة جداً، النفط يتقلص والعرب لا يقدمون لها شيئاً، لا مساعدة، لا تمويل ولا تسليح. أن سوريا تشعر بأن وضعها الجيو ـ سياسي يجعلها دائماً تعتمد طريقة في التفاوض تبقيها قوية، سياسياً هي قوية، إنما اقتصادياً فإنها تعبة». ويضيف: «لقد واجهت سوريا إيران من اجل الخليج، وطلبت من المسؤولين الإيرانيين عدم التصريح بتهديده إذا ما تعرضت بلادهم لخطر، ثم التصريح بأنهم يريدون سلاماً وجيرة حسنة، لأن اختلاف المقال هذا يؤثر على الخليج، وتعتقد سوريا بأن هذه المواجهة دفعت بالمسؤولين الإيرانيين إلى زيارة المنطقة الخليجية، لكن أحدا لم يأت على ذكر الدور السوري في هذا المجال». وكان الكاتب والصحفي البريطاني باتريك سيل نشر مقالاً أخيرا أشار فيه إلى أن سوريا ليست متخوفة من نتائج المحكمة، إنما من إجراءاتها، ويقول لي المرجع العربي: «إن سوريا تتخوف من استعمال المحكمة سياسياً، وبأن يتم استدعاء احد المسؤولين فيها، للاستماع إلى شهادته، وهي ترى في هذا إهانة للنظام، اذ ماذا لو طلبت لاهاي استدعاء شخصية كبيرة، وليس عند سوريا الضمانة التي حصلت عليها في السابق عندما توجه بعض مسؤوليها للتحقيق معهم في فيينا. ما الذي يضمن بأن الشاهد السوري غير المتهم سيعود، ربما تقول المحكمة إنها تحتاج إلى بقائه ستة اشهر مثلاً!» واسأل: ماذا لو طلبت سوريا الضمانة وحصلت عليها، هل تتجاوب؟ يجيب محدثي: «ربما يتم إيجاد طريقة، لأن سوريا لا تملك القدرة على فتح معركة قانونية كبيرة، فهي لا تستطيع تعيين مجموعة مكاتب في الخارج لمحامين كبار مهمتهم عرقلة عمل اي محقق ينوي التلاعب بنتائج التحقيق». ويقول المرجع العربي: «إن سوريا أخطأت في ردة فعلها الأولى على جريمة اغتيال رفيق الحريري، ذلك أن جماعة الاستخبارات كانت تقول بازدراء اللبنانيين وعدم أخذهم في الاعتبار، وسارت ردة فعل سوريا إزاء الجريمة على هذا المنوال فوقعت في الخطأ الكبير». واسأل محدثي العربي عن دور سوريا في اختيار رئيس جمهورية لبنان فيجيب: «على اللبنانيين أن يحفظوا هذا المنطق البسيط: ان سوريا لا يهمها كثيراً ان يكون الرئيس اللبناني تابعاً مطلقاً لها، ولا يهمها تعيين رئيس، إنما يهمها جداً ألا يأتي رئيس يؤذيها». ويوضح: «اذا كانت الحكومة في لبنان ضد سوريا، فكلما أصدرت مرسوماً يمكن للرئيس أن يوقعه، ويسهل للحكومة الأمر، وتصبح كل المؤسسات الدستورية في جهة واحدة». واسأل: لكن سوريا تريد ان تكون شريكة في تشكيل الحكومة؟ وينفي محدثي هذا الشيء «لأن للمعارضة صوتا مدويا». ويضيف: «لقد أدركت سوريا أن «اتفاق الطائف» لن ينجح في لبنان لذلك جمدته! وما يكتشفه اللبنانيون الآن اكتشفته سوريا سابقاً، وهي اخترعت آليات مختلفة له. وكون «الطائف» لم يعط الرئيس المسيحي أي سلطة أعطته سوريا السلطة. لقد كان إميل لحود أقوى بكثير مما يسمح له «الطائف»، وكان رفيق الحريري يدرك ذلك. وهل لا تزال دمشق تؤيد قائد الجيش العماد ميشال سليمان كمرشح توافقي لرئاسة الجمهورية؟ يقول المرجع العربي: «ان دمشق تعتبر سليمان احد حلفائها الأقوياء، فمواقفه ظلت واضحة، وتعرف سوريا أن الاميركيين حاولوا تطويقه، لكنها تشعر بأن سليمان قوي وليس من مشكلة معه». أما عن فارس بويز وزير الخارجية السابق الذي عاد اسمه يتردد كبديل عن ميشال سليمان فلا يعتقد المرجع العربي بأن سوريا تطرحه «ربما هو يطرح نفسه باسم سوريا، هي تعرف أن علاقته بوليد جنبلاط جيدة». ولتخفيف الضغط على لبنان، هل يمكن لسوريا أن تسير بانتخاب رئيس أولا؟ يجيب محدثي: «انها لا تستطيع التأثير على المعارضة، الا اذا وقعت اتفاقاً مع السعودية تتفقان فيه على تبادل أمور بينهما، أما أن تُسهل انتخاب الرئيس وتحرج الأكثرية لتقول أنها كسبت، وتقرر لاحقاً تشكيل الحكومة كما تريد، فان سوريا تتأثر والمعارضة لن تقبل، ثم من الضروري أن تطمئن الأطراف لبعضها البعض، إذ أن الثلث المعطل ليس بالضامن، فكيف يمكن لـ«حزب الله» مثلاً ان يضمن عون او بري؟ ويضيف محدثي: أن سوريا أبلغت العرب انه في القمة «سنحل كل شيء». وحسب المصدر العربي، فان سوريا تشعر بأن فرصة ضاعت بـ«تفشيل المبادرة الفرنسية» وهي تتوقع أن يعود الفرنسيون إلى إحياء تلك المبادرة بأي طريقة، على أساس أن المبادرة العربية لن تنجح، لأن كلها تمنيات، وسيقوم عمرو موسى بزيارات شكلية فقط». ولا يفوت محدثي إبلاغي، بأن سوريا لا تعتقد بأن المنطقة مقبلة على حرب، وأنها تستبعد أن تقوم إسرائيل بضرب إيران «إلا إذا ضغطت أميركا». كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 01-31-2008 اللاذقاني: التاريخ السري للإعلام العربي في بريطانيا GMT 10:00:00 2008 الخميس 31 يناير أسامة مهدي -------------------------------------------------------------------------------- صحافيو لندن يدونون معاركهم الإعلامية والسياسية (4 من 4) اللاذقاني: التاريخ السري للإعلام العربي في بريطانيا بكر عويضة: عن الإرث المهني سنا وتجربة عطوان: سيرة ليست لتصفية حسابات لكنها لعذابات العربي عرفان نطام الدين: شهادة في أسرار الإعلام أسامة مهدي من لندن: في ما يشبه التسابق على تسجيل تفاصيل وحيثيات معاركهم الإعلامية والسياسية التي خاضوها على إمتداد سنوات عمرهم، يسرد أربعة صحافيين عرب ينتمون إلى جنسيات مختلفة يوحدهم الإغتراب الذي تعددت أسبابه وتنوعت تجاربه، وإختلفت مدياته في مسيرة عقود من الزمن رسمت ملامحها بكل سلبياتها وإيجابياتها خطوط أعمارهم، وحيث العطاء متواصل لإرضاء النفس والآخرين وحرص على تقديم ثمرة تجارب تنوعت بين الخاص الذاتي والعام الذي له علاقة بالآخر والذي سيكون هو المستهدف من الذكريات المدونة في كتب أربعة، أنجز واحد منها ويوشك آخر على الإنتهاء، فيما تجري كتابة إثنين آخرين حاليًا. ففي كتابه يعرض الصحافي السوري عرفان نظام الدين تجربة سياسية وإعلامية إرتبطت بتاريخ مرحلة مصيرية عاشتها الأمة العربية ليقدمها من خلال معايشته لها ولقاءاته مع صانعي ملامحها وأحدائها... بينما يقدم الصحافي الفلسطيني عبد الباري عطوان سيرة لقضية بلاده وأمته من خلال فصول حياتية عاشها وشارك فيها، منذ أن ولد في مخيم للاجئين إلى أن وصل إلى لندن عبورًا بمحطات عربية عدة صنعت تجربة غنية حافلة يقدمها الى القارئ الغربي باللغة الانكليزية وللشباب العربي والمسلم الذي عاش في الغرب. أما الصحافي الفلسطيني بكر عويضة فهو يقدم تجربة مرحلة احتراف لمهنة الصحافة امتدت لأكثر من 40 عامًا... في حين يكشف الصحافي السوري محيي الدين اللاذقاني التاريخ السري للاعلام العربي من خلال معارك عاشها اثرت فيه وتركت ملامح غضب في نفسه لكنها لم تتمكن من إحباطه. وفي هذه الحلقة الرابعة الأخيرة من سلسلة لقاءات اجرتها "ايلاف" مع الصحافيين الأربعة يتحدث محي الدين اللاذقاني عن تجربة صعبة عاشها متنقلاً بين صحف وقنوات تلفزيونية متعددة بين الخليج واوروبا وتجربة احباطات سببها كما يقول زيف ادعات الحرية والديمقراطية صدمته بشكل استطاع ان يتخطى احباطاتها . ويقول الصحافي السوري المغترب اللاذقاني ان ما يكتبه لا يدخل تحت تصنيف المذكرات "فبما ان الحياة تبدأ في الخمسين فقد بدأت للتو حياتي المهنية وكل ما سبق لم يكن الا تدريبات للوصول الى هذه المرحلة وعليه فإن المذكرات لم يحن أوانها بعد". ويشير في لقاء مع "ايلاف" الى ان ما يعمل عليه حاليا هو كتابة التاريخ السري للاعلام العربي "فقد اتيحت لي من المحيط الى الخليج وما بين القطبين والقارات الخمس فرصًا للاحتكاك والاطلاع لم تتح لكثيرين الامر الذي يؤهلني – كما اظن – لكتابة هذا التاريخ الحالك والطريف الذي عشت بعض فصوله وسمعت من ثقات بعضها الآخر أما عن السر في التعجيل به قبل المذكرات فكي لا يموت الشهود الذي يعرفون التفاصيل الطريفة والمأسوية لهذا التاريخ السري وعندها قد يقول وارثوهم هذا قذف بحق الموتى". ويصيف : لقد عملت بعد بيروت في الخليج العربي ثم في مرحلة المهجرالاوروبي في مؤسسات مملوكة لاعلام ليبي واخرى لعراقي وثالثة لسعودي ورابعة لسوري وفي كل هذه المراحل حاولت قدر استطاعتي ومع سبق التصميم والترصد ان احتفظ باستقلاليتي ومما ساعدني على ذلك غياب الطموحات المادية عن تفكيري فقد عشت حياة السبع نجوم وعشت في غرف بائسة مخلعة الكراسي والأسرة على أسطح مهجورة وفقيرة وفي الحالة الثانية كنت أكثر سعادة فمن نعم الله على الكاتب انه يكفيه ان يكون معه ورقة وقلم وكل ما يحتاج إليه بعد القفزة التكنولوجية الأخيرة عين حذقة وعقل نقدي وكومبيوتر. وقال ان البعض – مثلاً – يريد ان يعرف قصتي مع صاحب محطة تلفزيونية في لندن وهي في بعض وجوهها تشبه قصة المتنبي مع كافور : جوعان يأكل من مالي ويمسكني حتى يقال كريم الأصل مقصود اللجوء الى المحاكم ويؤكد اللاذقاني: فقد كنت اثناء عملي في ( الشرق الأوسط ) أنفق على برنامج تلفزيوني من دخلي الخاص لافتح نافذة حرة ومختلفة امام المشاهد السوري وكان المفروض ان تلتزم الشبكة التي قدمت البرنامج لصالحها بدفع تكاليف الانتاج كاقامة الضيوف وتذاكرهم لكني حين اختلفت معهم لاصرارهم على دعم سفاح عربي رفضوا دفع تكاليف الانتاج التي صرفتها كنوع من الضغط لاعود لتقديم وانتاج البرنامج . وامام موقف ابتزازي من هذا النوع سقتهم الى المحاكم البريطانية وهناك قال محامو صاحب القناة التلفزيونية بصفاقة منقطعة النظير أنه لا علاقة لموكلهم بالمحطة – تصوروا الصدق الانكليزي نيابة عن العرب - ومع ذلك وحسب الوثائق التي امامه حكم القاضي على القناة بدفع التكاليف لكن هذا لم يمنعها من مواصلة التهرب بالتلاعب في سجل الملكية ونقله من طرف لآخر ومع ذلك اقول لمن يسألني عن تلك التفاصيل : الفلوس ليست مهمة الأهم ان تعرف المافيات الاعلامية العربية في اوروبا مع مؤسسيها من السياسيين السابقين انها لا تستطيع العيش في بلاد يطبق فيها القانون على الجميع. واشار الى ان تلك المرحلة عرفتنه على المعارضة العراقية - سابقًا - التي تحكم العراق حاليًا فكل حكام العراق الحاليون كانوا من ضيوف برنامجي ( ابراهيم الجعفري ،موفق الربيعي، محمد بحر العلوم، وفيق السامرائي) والقائمة طويلة من هؤلاء الذين قال بعضهم في برنامجي عن اميركا ما لم يقله مالك في الخمر ومع ذلك كان القائلون أول من يدخل العراق على ظهور الدبابات الأميركية وقد فكرت ان ابث بعض ما قالوه قبل أن يصبحوا حكامًا ليتعرف الناس إلى سياسة الوجهين التي لا تمارسها الأنظمة فقط بل المعارضة أيضًا، فالتربية العربية واحدة في الحالتين وكل هؤلاء الذين يتشدقون بالديمقراطية في العالم العربي ما ان يستلموا سلطة ما حتى يتحولوا الى سفاحين من الطراز الأول . نفاق اعلامي وسياسي ويضيف : اريد ان أروي في سياق النفاق الاعلامي والسياسي الذي لمسته عن قرب حكاية رئيس تحرير صحيفة عربية – غير عراقي – دخلت عليه يوم مذابح الفلوجة فوجدته يرقص فرحًا على موسيقى الجاز مع انه في كتاباته يظهر شديد الغيرة على العروبة والاسلام مثل رئيس تحرير آخر شجعني على كشف أسرار صفقات أسلحة عربية في الثمانينات وابدى استعداده لنشرها ولأني احب هذا النوع من صحافة البحث والتقصي الموثق فقد ذهبت مدعوما بهذا التشجيع المعنوي الى السودان بعد الانتفاضة التي قامت ضد نميري وحصلت على وثائق نادرة من حكومة الرئيس سوار الذهب عن عمولات وسمسرات رهيبة فلما عدت وبدأت النشر ساوم رئيس التحرير المذكور السماسرة من خلف ظهري ثم أوقف النشر برغم وجود الوثائق الأصلية بحجة الخوف من المحاكم البريطانية . ويشير الى ان المسائل لم تكن معقدة على الجانب السياسي وحده بل وعلى الجانب الثقافي ايضا "فقد كان اعتذاري الدائم عن حضور مهرجان المربد ورفض كافة دعوات النظام العراقي السابق يسبب ارباكات في العمل يتم تفسيرها سياسيا من قبل رؤساء تحرير صحف ومجلات متمولة من قبل ذلك النظام ومرتبطة به بشكل أو آخر" . ويقول : لقد كانت المسألة بسيطة فقد وقفت ضد الحرب العراقية الايرانية منذ بدايتها وكنت اتحاشى الذهاب الى عرين صدام حتى لا اتورط في التوقيع على بيان يؤيد حربا عبثية لا معنى لها وقد اثبت الزمن اننا كنا على حق في ذلك الموقف لكن من يذكر تلك المواقف بعد ان اختلطت الالوان والطعوم والرؤى . ويوضح اللاذقاني : كانت معاداة النظام العراقي أكثر تكلفة من معاداة النظام السوري فبعد كتاباتي ضد التدخل السوري في لبنان عام 1976 اكتفى السوريون بعدم تجديد جواز سفري ولم تكن عداوتهم مرة ومؤثرة على الدخل فهم لم يكونوا كالنظام العراقي يمتلكون معظم المجلات العربية في أوروبا وعلى ذكر معاداة النظامين معا وفي وقت واحد اذكر اني وفي زيارتي الوحيدة واليتيمة لبغداد عام التدخل السوري في لبنان وكان صدام ما يزال نائبا للبكر وهناك دعيت من قبل معارضين سوريين للانضمام الى جهودهم لاسقاط النظام السوري من بغداد فقلت ببراءة الشباب مستغربا : كيف نحارب ديكتاتور من عاصمة ديكتاتور آخر أليس في هذا خيانة لأحرار العراق الذين يعانون من الديكتاتورية مثلنا . ويستطرد قائلا : عند ذلك الحد من الحماسة علت الصفرة وجوه الجميع و مال على أذني من دعاني لذلك الاجتماع وكان يجلس قربي وقال : متى سفرك ؟ قلت : بعد يومين فقال سافر غدا أو اليوم ان استطعت وقد عملت بالنصيحة وطرت فورا عائدا الى أبو ظبي حيث كنت أعمل بعد أن تعرفت مباشرة على حجم الرعب الذي كانت تبثه أجهزة الاستخبارات العراقية في نفوس السوريين المقيمين في بغداد وكنت أقول في نفسي : أما كان الاحرى بهؤلاء ان يعودوا مادام الخوف من الأجهزة واحدا في البلدين . تجربة خليجية ويقول: تجربة العمل مع مجلة ( الأزمنة العربية) في الامارات وخارجها تستحق فصلاً خاصًا وقد طلب مني أكثر من مرة زميل يعمل في البيان الاماراتية ان اكتب عن تلك التجربة فامتنعت لأني أعرف ان ما سأقوله يصعب نشره هناك، فالمناضلون على الورق وفي الجلسات المغلقة لهم وجه آخر وأقنعة أخرى يلبسونها حفاظًا على مصالحهم وعلى الرغم من مرارة التجربة أدين لرعيل من هؤلاء بالشكر فقد كانوا المدخل لفهم الأبجديات التي تحكم الصحافة العربية المكتوبة أما الاعلام المرئي فله قصة أخرى . ويوضح قائلا : وغالبا ما أقول لمن يسألني عن الاعلام التلفزيوني وما أضافه الى أنه جعلني كنعومي كامبل انتبه الى لون القميص ومدى انسجامه مع منديل الجيب أكثر من انتباهي لعمق الفكرة ومع كل ما اعطاني اياه التلفزيون فإني ما أزال أحب الاعلام المكتوب أكثر ففي الكتابة يشكل الكاتب المؤثر حزبًا سريًا قويًا يتعاطى ويتبادل معه الأفكار العميقة اما التلفزيون فان مشاهده يكتفي برؤؤس الاقلام و بمعرفة الوجه ويفرح لرؤية الملامح خارج الشاشة دون أي انتباه للفكرة ومع ذلك تظل الروابط قائمة بين أليات عمل الأثنين خصوصًا وأن اغلب العاملين في الاعلام المرئي جاؤا إليه من المسموع والمكتوب. ويضيف : في قناة تلفزيونية اخرى غير الأولى عشت فصولاً من الكوميديا مع صاحب محطة يقول للذين يمولونها انه فتحها لدعم التحول الديمقراطي والتعددية ثم يأتي قبل ان يصبح البرنامج على الهواء ليحاضر في الضيوف ليس بما يجب قوله فقط بل وبالطريقة التي يجب ان يقال فيها وهذا الصنف التلفزيوني المتطور بالمعنى السلبي ما هو إلا استمرار لصحافة الابتزاز الصفراء التي شهدتها العاصمة البريطانية في السبعينات والثمانينات والتسعينات من القرن الماضي حين كان الذي يشتم يقبض أكثر من الذي يمدح ليسكت عن مشتوميه الذين يتحولون الى ممدوحين طالما واصلوا دفع الأتاوة وفي تلك المعارك القذرة كان يتم نهش اعراض والتشهير بعفيفات وتوريط مراهقات مسكينات من بنات الطبقة السياسية كما جرى اثناء نشر صورة ابنة حاكم عربي لا ناقة لها ولا جمل في عداوات ابيها او صداقاته . ويستطرد اللاذقاني : آنذاك كان السياسيون العرب يخافون الاعلام والفضائح لكن بعد احتلال الكويت وتحريرها ووقوف الجميع صفا واحدا في خدمة الامبريالية صار عند اؤلئك السياسيين حصانة ضد الابتزاز فهم يقومون الآن باضعاف ما كانوا يقومون به في الماضي دون أن يرمش لهم جفن ودون أن يؤثر فيهم أي موقف ابتزازي فهل تطور تفكيرهم ؟ أم أنهم ارتاحوا بعد ان أحكموا نطاق السيطرة على الاعلام العربي بامتلاك معظم منابره المؤثرة ؟ . استغلال الاوطان للسرقة وعلى ذكر الكويت يقول : عاصرت تجربة اصدار جريدتها اثناء الاحتلال ما زلت استغرب الى اليوم كيف يمكن للانسان ان يستغل وطنه ويسرقه وهو مثخن بالجراح تحت الاحتلال فقد كان هناك قصة سمسرة بملايين على حساب وطن محتل وقد اوشكت تلك القصة السرية المرتبطة بعدة اشخاص وليس بشخص واحد ان تصبح علنية حين وصلت للبرلمان الكويتي بعد الاستقلال لكنها- لفلفت- بسرعة كالكثير من الملفات التي تناقشها البرلمانات الديمقراطية العربية التي لا تحمي سمعة الحاكم فقط بل وكل من يدور في فلكه حتى وان كان حولهم الف علامة استفهام وتعجب . وحول علاقة المال والفكر يقول : من المؤكد ان سرقة المال – وان كانت غير مبررة - تبدو بسيطة امام سرقة الفكر وقد تعجبت في أكثر من صحيفة من وجود أناس لا يكتبون حرفًا واحدًا، مما ينشر بأسمائهم بل يستأجرون من يكتب لهم وبعض هؤلاء يستمتع حاليًا بمرتبة (مفكر) ويدعى الى المهرجانات والندوات بهذه الصفة مع انه لم يكتب حرفًا، مما نشر باسمه، وهنا يبرز سؤال اخلاقي عن ( اولاد الهوى ) الذين يبيعون بدل أجسادهم اقلامهم وعصارة أفكارهم ليؤسسوا لتجارة عربية سوداء معروفة في الصحافة والجامعات حيث يتم هناك ايضًا اسئجار باحثين لكتابة رسائل دكتوراة وماجستير لاشباه أميين يحتلون بفضل الدال المزورة مناصب كبرى . أول رئيس تحريرعرفته ممن يستأجرون (اولاد الهوى) كان ورعا كما قيل لي لذا كان يشتري قلما لكل مدير تحرير جديد ويطلب منه ان يستخدمه في كتابة الافتتاحية حتى يحلف صادقًا أنها- وهي كذلك فعلا - كتبت بقلم رئيس تحرير الصحيفة . ويضيف اللاذقاني ان مرحلة جريدة (الشرق الأوسط ) هي الأطول والأغرب فقد كانت من أوائل المهام التي كلفت بها في تلك الجريدة التي كانت تعتبر الأولى والاوسع انتشارًا في المنطقة هي منع الناشر من النشر في الصحيفة التي أسسها ويدفع مرتبي ومرتبات من يعمل فيها وتلك قصة لا يعرف تفاصيلها غيري وغير عثمان العمير رائد الصحافة الأليكترونية العربية ورئيس التحريرالمختلف الذي صنع مجد تلك الجريدة، وقد كنت متعاطفًا مع ذلك الناشر لأن نصوصه كانت فعلاً بقلمه وقد مهد ذلك التعاطف لصداقة طويلة أتاحت لي الاطلاع على أسراركثيرة . ويؤكد : في التاريخ السري للاعلام العربي عرفت ان هناك اكثر من صحيفة تم تأسيسها بأموال المخابرات العربية وان هناك قنوات تلفزيونية دخل المال الغربي في تأسيسها لاهداف نادرا ما تفصح تلك القنوات عنها لذا لا بد أن اروي مع قصص التأسيس للاعلام الورقي ثم الفضائي حكاية مبلغ النصف مليون استرليني الذي بدأت منه جريدة يومية عربية انطلاقتها من العاصمة البريطانية فتلك قصة تنحصر معرفتها بين ثلاثة أشخاص أنتقل أحدهم الى رحمة الله والباقيان ينتظران وقد سبق أن حكيت طرفا صغيرا من هذا التاريخ السري عن علاقة الاستخبارات العربية بالاعلام في ندوة أصيلة عن الاعلام العربي صيف عام 2006 فقامت الدنيا وما زلنا ننتظر قعودها . الشجاعة طردت الصحفي ويستطرد اللاذقاني قائلاً: لقد ادركت منذ بداياتي ان الصحافة تحتاج الى شجاعة وحاولت جاهدًا أن امارس تلك الشجاعة فانتهيت مفصولاً ومطرودًا من أكثر من منبرلأسباب موضوعية ممن فصلوا الاعلام الحر على مقاس مصالحهم وليس على مقاس الحرية التي يحلم بها الكتاب الحقيقيون والمشكلة الذاتية التي لم اصرح بها من قبل الا أمام المرايا اني أفرح بالفصل والطرد فتلك القرارات على مأسويتها لعائلتي الصغيرة تثبت لي حين تختلط الألوان بعض المصداقية في نظر نفسي وتعطيني وقودًا جديدًا للمشاكسة فأنا ادرك أني سأبدأ بالشك في نفسي لو سكت أصحاب المنابر طويلاً عن ممارساتي التجريبية في صراعي الطويل من أجل الإستقلالية. وعن آخر ورطاته يشير الى انه دفع ثمنًا مرتفعًا: لأني قلت في تعليق تلفزيوني قبل عامين عن سياسي لبناني انه ساذج سياسيًا ويحتاج الى وقت طويل للتعلم فلا يبدو من ردوده انه سريع البديهة لقد كنت اعرف ان ذلك السياسي عضو مجلس ادارة في جريدة مرموقة لكن هذا لا يكفي فقد كان علي ان اعلم وانا ادلي بذلك التعليق ان السياسييين العرب يولدون عباقرة ولا حاجة بهم للتعلم ودليل عبقريتهم كثرة انجازاتهم المباركة وانتصاراتهم التي تدل على عبقريتهم كدلالة البعرة على البعيرمهما كان جنسه. والورطة الأخيرة يقول: تذكرني بالورطات الاوائل فقد بدأت منتصف السبعينات العمل في صحيفة يومية وذهبت من ضمن مهامي الفنية لتغطية معرض ياباني عن فنون الساموراي وبعد أن افتتح وزير الاعلام في ذلك البلد المعرض ذهب ليكتب كلمة في سجل الضيوف وكنت اقف خلفه فلاحظت ان الأسطر الثلاثة التي كتبهابالعربية ليس فيها كلمة واحدة صحيحة الا حروف الجر – باستثناء على التي كان يكتبها بالألف الممدودة- فطلبت من المصور الباكستاني ان يصور كلمة الوزير لأنشرها ببراءة كاملة مع الموضوع دون تعليق لكن الكاتب الكبير محمود السعدني أمد الله في عمره الذي كان مديرا لتحرير تلك الجريدة انتبه للصورة قبل نشرها فأوقفها وأوقف التعامل مع الصحافي الناشئ المتحمس وهو يقول: شوف يا بني ما لكش بعد اليوم شغل معانا دي الصورة دي لو طلعت بكرة حيخرب بيتك وبيتي وبيت اللي خلفونا . كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 02-03-2008 أرقام صادمة GMT 0:30:00 2008 الأحد 3 فبراير البيان الاماراتية -------------------------------------------------------------------------------- طلعت اسماعيل من السهل على وزارة الداخلية العراقية أن تنفي صحة الأرقام التي قالت إن مليون عراقي قتلوا منذ الغزو الأميركي لبلاد الرافدين في مارس 2003 وحتى أغسطس 2007. ومن السهل أيضاً التشكيك في الأرقام التي رصدتها الدراسة التي أجراها مركز استطلاعات الرأي «اوبينيون ريسرش بيزنس» البريطاني التي قالت إن الحرب والعنف الذي رافقها على مدى نحو خمس سنوات أوقع ما بين 946 ألفاً ومليون و33 ألف قتيل عراقي. لكن الوقائع والمعاناة التي يمر بها الشعب العراقي لا يمكن إنكارها بمجرد إطلاق تصريح مشكك أو إعطاء أرقام مضادة لا تتجاوز 100 ألف قتيل وجريح منذ منتصف عام 2004 وحتى الآن. المركز البريطاني أعطى أرقاماً من خلال دراسة ميدانية شملت حوالي 2414 عراقياً تبلغ أعمارهم 18 عاماً على الأقل جرى سؤالهم ما إذا كانت أسرهم شهدت موت أحد أفرادها بسبب أعمال العنف. فكانت الأرقام التقديرية التي جاءت أقل من دراسة أخرى قدرت في أغسطس 2007 ضحايا العنف في العراق بنحو 2,1 مليون قتيل. وإذا أضفنا إلى تلك الأرقام وجود نحو 5 ,4 ملايين لاجئ عراقي، ونحو مليوني أرملة ومطلقة يمثلن قنابل اجتماعية موقوتة وفق تقديرات مكتب النائب في البرلمان العراقي سميرة الموسوي استناداً إلى تقرير لوزارة التخطيط في منتصف عام 2007، أو مليونين حسب تقدير آخر قدمته نرمين عثمان وزيرة شؤون المرأة بالإنابة. ومن بين تلك الأرقام الكبيرة لأرامل العراق يحصل 84 ألف أرملة فقط على دعم حكومي من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية يتراوح 40 ـ 95 دولاراً شهرياً، يمكن أن نتخيل حجم المأساة وكم المعاناة، وما يمكن أن ينتج عن هذا الوضع من مشكلات اجتماعية تحتاج إلى سنوات طويلة للتخلص من آثارها المدمرة على نسيج المجتمع العراقي. هذه الأرقام المؤكد أنها تزعج الحكومة العراقية التي تحاول خلق انطباع أن كل شيء يجري على خير ما يرام، وكأن البلاد ليست محتله ولا تعاني من العنف وعمليات القتل اليومية، ولابد وأن تكون أكثر إزعاجاً بالنسبة للمحتل الأميركي الذي لم تفلح قواته في إعادة الهدوء النسبي إلى بعض المدن العراقية من دون استقطاب العشائر وتشكيل مجالس الصحوة التي قاتل أفرادها في فترات سابقة الجنود الأميركيين أنفسهم. ولعل تكرار تأكيد الرئيس الأميركي جورج بوش في خطابه الأخير عن حالة الاتحاد في أن القوات الأميركية تنتظر معارك شرسة، خير دليل على أن الوضع الأمني لا يزال بعيداً عن السيطرة، حتى أن بعض التقارير تحدثت عن إمكانية تراجع وزارة الدفاع الأميركية عن خطط تخفيض قواتها في العراق الصيف المقبل بنحو 30 ألف جندي. ومن هنا كان ربط بوش بين سحب الجنود وتقرير ينتظر رفعه قائد القوات الأميركية في العراق الجنرال ديفيد بترايوس والقادة الميدانيون الآخرون حول ما يمكن أن يحدث على الأرض. وعلى الأرض للأسف لا تزال دوامة العنف قائمة وإعلان النصر النهائي لا يزال أيضاً مؤجلاً والباب يبقى موصداً في وجه الأميركيين الذي يكابرون في الاعتراف بالمأزق الذي يجدون أنفسهم عالقين فيه. ففضلاً عن اقتراب قتلى الجيش الأميركي من حاجز الأربعة آلاف قتيل و26 ألف جريح، كشف تقرير عسكري أميركي ازدياد عدد الجنود الأميركيين الذين انتحروا إثر عودتهم من العراق وأفغانستان ليصل إلى 121 في 2007 بارتفاع 20% عن العام الذي سبقه، في حين بلغ عدد الذين حاولوا الانتحار 2100 . وهو أكثر 6 مرات مما كان عليه منذ اجتياح العراق سنة 2003. الأفضل من التشكيك في الأرقام التي تقدمها منظمات مستقلة عن الواقع المأساوي في العراق أن يعترف الاحتلال بمسؤوليته عنها ولا تجاريه الحكومة العراقية في التنصل منها بما يعطيه المبررات للهروب من تحمل تبعات ما صنعت يداه من مآسٍ. كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 02-05-2008 لقاء مع السفير الأميركي الذي شهد اغتيال الحريري وثورة الأرز والانسحاب السوري وحرب تموز (1 من 2) ... جيفري فيلتمان: رفيق الحريري كان سيستند الى البرلمان للخروج من نفوذ دمشق استيعاب «حزب الله» هو خلافنا التكتيكي مع باريس ولا نضع أموالنا في محكمة تصبح صفقة بيروت – رندة تقي الدين ووليد شقير الحياة - 05/02/08// قبل ثلاثة أيام من مغادرته بيروت منهياً مهمته كسفير للولايات المتحدة في لبنان أجرت «الحياة»، مع السفير جيفري فيلتمان الذي انتقل الى واشنطن نائباً أول لمساعد وزيرة الخارجية للشرق الأدنى، مراجعة للأحداث التي عايشها في بيروت على مدى ثلاث سنوات ونصف السنة. وجرت المقابلة بعد أسبوع على التفجير الذي استهدف سيارة تابعة للسفارة. لم يسمح الوقت الذي استغرقته المقابلة (ساعتين إلا ربع الساعة) باستعراض كل الأحداث وتغطية الأسئلة كافة، فضلاً عن أن انتقال فيلتمان الى منصب يبقيه على صلة بالوضع اللبناني قد يكون عنصراً دافعاً الى بعض التحفظ في الإفصاح عن بعض خبايا المرحلة... إلا أن السفير، الذي انقسم حوله القادة السياسيون اللبنانيون بمثل ما انقسم اللبنانيون حول الأزمة التي تعصف بهم منذ التمديد للرئيس اميل لحود، في 3 أيلول (سبتمبر) أي بعد أيام قليلة على وصول فيلتمان الى بيروت، قدم انطباعات عن تلك المرحلة وما تبعها، وكشف بعضاً من الوقائع عن القرار 1559 والموقف من سلاح المقاومة، وقدّم تقويمه للعلاقة مع عدد من الزعماء والقادة اللبنانيين... واعتبر فيلتمان ان التوازن في لبنان مال لمصلحة القرار اللبناني «ولا أوافق على أن حلفاء سورية باتوا أقوى»، لكنه أوضح أن «التدخل الخارجي يبقى مشكلة لكن تحديده أمر صعب». ينشر الحوار في حلقتين وهنا الحلقة الأولى: > كيف ترى التطورات في لبنان وأنت على وشك مغادرته؟ - أرى مدى صعوبة الأمور وتفاقمها مقارنة مع ما كانت عليه في ربيع 2005. في بداية تلك السنة وقبل ذلك كان من السهل جداً تحديد التدخل الأجنبي من خلال تلاعبه بالنظام السياسي اللبناني. كان في الإمكان القول إن عنجر أو فندق بوريفاج (مركزي الاستخبارات السورية، في البقاع /الرئيسي/ وبيروت)، كانا من المظاهر الواضحة لهذا التدخل. وكانت القوات السورية لا تزال منتشرة في الجبل خارج بيروت، مما كان يشكل مظهراً واضحاً آخر للتدخل الخارجي في لبنان. إذاً، كان من السهل تحديد رموز التدخل الخارجي ووضع استراتيجية تساعد اللبنانيين على مقاومته، أما اليوم فالأمر ليس بهذه السهولة. عندما وصلت الى لبنان في صيف عام 2004 كانت توجد على الكورنيش صورة للرئيس الأسد وسورية، وفي عين التينة كانت هناك صورة أخرى تمجد حافظ الأسد، وكانت كل المظاهر تشير بوضوح الى مصدر التدخل الخارجي في لبنان. أما الآن فلم تعد هناك مظاهر مماثلة، علماً أنني على قناعة بأن التدخل الخارجي يبقى مشكلة كبيرة، لكن تحديده بوضوح أمر صعب بسبب زوال رموز الاحتلال السوري. وهذا تحد. > أنت توافق إذاً على ما قال نائب الرئيس السوري فاروق الشرع، من أن حلفاء سورية في لبنان أقوياء أكثر من الفترة التي كانت فيها القوات السورية في لبنان؟ - لا أوافق على ذلك، فهم ليسوا أقوى، لكن ما أقصده هو أن التدخل الخارجي غير المناسب، لا يزال موجوداً في لبنان. فهناك مسافة حتى الآن تفصلنا عن القول إن المؤسسات اللبنانية تعمل لأجل اللبنانيين. وفي إمكاني القول إنه منذ ثلاث سنوات فإن التوازن مال لمصلحة القرار اللبناني، في حين لم يكن هناك قرار لبناني في السابق. إذا أخذنا مثلاً الحكومة الحالية، هناك جدال حول ما إذا كان ينبغي تعيين وزير ليخلف الوزير الراحل بيار الجميل، هذا نقاش لا أعرف ما سيؤول إليه ولا أتدخل فيه، وهو نقاش قائم بين الوزراء اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية، مع الأخذ في الاعتبار عدم وجود رئيس للجمهورية في بعبدا، وحساسية البطريرك الماروني وكيفية تأثير ذلك على الساحة السياسية في لبنان. لكن اللبنانيين يناقشون أمر تعيين خلف للوزير الجميل أولاً، في حين أنه قبل ثلاث سنوات لم يكن مثل هذا النقاش ممكناً بين اللبنانيين، إذ كانت هذه النقاشات تجرى في عنجر أو غيرها، ولم يكن في وسع الوزراء الغوص في هذه الأمور. في أيلول (سبتمبر) 2004، استقال أربعة وزراء نتيجة قرار الحكومة التمديد للرئيس إميل لحود، ولم يتبع ذلك أي نقاش حول ما إذا كان سيتم تعيين بديلين. فالنقاش كان يدور في مكان آخر، وفي النهاية فإن الرئيس رفيق الحريري أجبر على الاستقالة. أما الآن فالقرار اللبناني في شأن لبنان أقوى مما كان عليه قبل ثلاث سنوات. > لو لم يتم اغتيال الرئيس رفيق الحريري، كيف كان وضع لبنان والقرار اللبناني، وكيف كنت تتصور لبنان في عهده؟ - لا أعرف من قتل الحريري وما أقول هو من قبيل التقويم الذي لا يستند الى براهين وشهادات. ولكن، في إمكاني الاعتقاد أن من قتل الحريري، فعل ذلك لأنه لم يرغب برؤياه للبنان. هذه الرؤيا كما شرحها لي خلال الأشهر الستة التي كان لي الشرف أن أعرفه خلالها، مماثلة لرؤيا اللبنانيين الذين خرجوا في آذار (مارس) 2005 للتظاهر. أنا مستعد لتقبل ما يصدر عن المحكمة الدولية، وإن كان مخالفاً لاعتقادي، لكن ما أراه هو أنه كان هناك من يتخوف من قيادة الحريري للبنان سيد ومستقل، وهو الاتجاه الذي كان الحريري يتحرك نحوه. وبموته فإن الحريري يكون طوّر لبنان الى بلد يملك فيه اللبنانيون قرارهم. وما نرى اليوم هو حكومة صنعت في بيروت لا في عنجر، وهذا ما كان الحريري عازماً على تحقيقه على طريقته الخاصة المختلفة جداً عن أسلوب التظاهر، فلا أتصور أن الحريري كان شارك في تظاهرات 14 آذار، إذ لم تكن هذه طريقته، لكن أهدافه كانت مماثلة لأهداف متظاهري 14 آذار. > منذ متى كنت تعرف أنه يعمل من أجل القرار 1559؟ - جئت الى لبنان في منتصف آب (أغسطس)، ومجلس الأمن تبنى القرار 1559 في 2 أيلول، فكانت لدي مشاورات واسعة في نيويورك قبل وصولي الى لبنان حول سير الإعداد لهذا القرار. والمحادثات التي أجريتها في واشنطن كانت تتمحور أكثر حول الشراكة الفرنسية – الأميركية. إذاً، من الأفضل توجيه السؤال للفرنسيين حول مشاركة الحريري في وضع القرار 1559، لأننا عملنا مع الفرنسيين في شكل وثيق. > صرح الرئيس جورج بوش لصحيفة «لوفيغارو» بأن الرئيس الفرنسي جاك شيراك تحدث معه عن العمل على القرار في حزيران (يونيو) عندما جاء الى فرنسا للمشاركة في احتفالات النورماندي؟ - أعتقد بأن الشراكة الفرنسية - الأميركية من أجل الدفاع عن القرار 1559 بدأت في مطلع صيف 2004، ولكن، أنا لا أعرف عن مساهمة الحريري في هذا القرار. فيلتمان أمام ضريح الرئيس رفيق الحريري > وهل تعتقد أن الحريري قتل بسبب القرار 1559؟ - لا أعرف لماذا قتل الحريري، واعتقادي هو أن القرار 1559 كان جزءاً من الصورة لكن القرار نفسه لم يكن الصورة الكاملة لسبب قتله، فهذه الصورة تكمن في إطار رؤيته للبنان مستقل وسيد نفسه، وهذا ما كان يحاول دفعه وما أراد بعضهم وقفه. لكن مقتله أدى الى عكس ذلك إذ انه سرّع تنفيذ رؤيته. > هل تعتقد أنه لو كان القرار 1559 تعاطى فقط مع التدخل الخارجي من دون التطرق الى نزع سلاح «حزب الله» لكان الوضع مختلفاً عما هو عليه الآن؟ - لا أدري. تحليلي هو أن الجزء الذي قد يكون ساهم في اغتيال الحريري هو ذلك المتعلق باستقلال لبنان والانسحاب السوري وانتخاب رئيس للجمهورية، بحسب الدستور اللبناني، من دون تدخل خارجي. أما الجزء المتعلق بأسلحة الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية فينبغي ألا يكون موضع جدال، فأي دولة عليها أن تكون الطرف المحتكر للقوة المسلحة، وأي شعب يريد قوات مسلحة مسؤولة أمامه ليحاسبها. هذا الجزء من القرار أعتقد أن أي لبناني يرحب به. ولا أرى ان لهذه المسألة الوطأة نفسها مثل قرار صادر عن مجلس الأمن ويدعو الى انتخابات رئاسية عاجلة لم تتم في الأيام اللاحقة. القرار 1559 بدفع لبناني > قوى 14 آذار طلبت صبراً من المجتمع الدولي في ما يتعلق بسلاح «حزب الله». كيف توصلت الى الموافقة على التروي وإقناع إدارتك باعتماد الموقف نفسه حيال نزع سلاح الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية؟ - هناك وهم لدى الصحافة اللبنانية الحليفة لسورية مفاده أن الولايات المتحدة وربما فرنسا، وضعتا أجندة القرار 1559، لكن الواقع أن اللبنانيين هم الذين وضعوها، وهم الذين قالوا لنا ان سلاح «حزب الله» موضوع ينبغي معالجته ولكن ليس فوراً، والقليل من اللبنانيين طالب بتدخل دولي لنزع سلاح الميليشيات. في المقابل فإن معظم اللبنانيين الذين أجروا محادثات مع الإدارة الأميركية أكدوا أن الموضوع مهم جداً، لكن لا يمكن القيام بأي عمل يسرّع عدم الاستقرار الداخلي. ونظراً الى احترامنا خيار اللبنانيين سرنا على مبدأهم، فهم الذين وضعوا الأجندة والأهداف ونحن التحقنا بما أرادوا. لكن المبدأ ينبغي أن يكون واضحاً فلبنان، مثله مثل أي دولة في العالم، ينبغي أن تكون قواته المسلحة مرتبطة بالحكومة المركزية وتكون قابلة للمحاسبة. جلسات الحوار > لكن المعارضة تقول ان بعض القيادات اللبنانية طلب من الولايات المتحدة حض إسرائيل على مهاجمة لبنان لنزع سلاح «حزب الله»، فما رأيك وأن بعضهم طالب بذلك خلال اجتماعه بنائب الرئيس ديك تشيني؟ - هذا ببساطة غير صحيح، إذا تذكرون، أن الحرب جرت خلال فترة الحوار الوطني قبل أن يطرح موضوع سلاح «حزب الله» للمناقشة. وكان هذا الموضوع سيطرح مبدئياً في جلسة الحوار الوطني التي كانت مبرمجة لتموز (يوليو). وكنا مؤيدين كلياً للحوار الوطني بطلب من اللبنانيين الذين قالوا إنها فرصة للجلوس بهدوء ومناقشة مواضيع تهمنا. وكان هناك تقدم في جلسات الحوار على صعيد الالتزام مثلاً بنزع سلاح المخيمات الفلسطينية، ولم ينفذ ذلك. لكن مناقشات مهمة جرت خلال الحوار وكنا مؤيدين لها كلياً. > عندما كان رفيق الحريري يعمل مع الرئيس جاك شيراك لمنع الاتحاد الأوروبي من وضع «حزب الله» على لائحة الإرهاب الأوروبية، ماذا كان موقفك، وماذا قلت للحريري في هذا الشأن؟ - نحن لا يمكننا مطالبة فرنسا أو أوروبا بذلك. ففرنسا بلد سيد وكذلك دول أوروبا. > ولكن كان هناك ضغط أميركي على عدد من الدول الأوروبية لوضع «حزب الله» على لائحة الإرهاب، والحريري أوقف ذلك بواسطة شيراك، فما هو موقفك؟ - موقفنا من «حزب الله» هو أن نشاطه المسلح وعدم شفافية تمويله وتسلحه وأساليبه وتاريخه يجعله منظمة إرهابية. ونعتقد أن شركاءنا يقرون بأن لبنان في حاجة الى حكومة واحدة، لكي يكون قوياً وليس الى حكومتين. لكن فرنسا كانت دائماً على خلاف معنا حول أفضل أسلوب لاستيعاب «حزب الله» كجزء شرعي من الحكومة في مقابل إبقاء هذه المنظمة خارج الشرعية كمنظمة إرهابية. وخلافنا مع فرنسا هنا يتناول التكتيك وليس الهدف. > ماذا قال لك الحريري عن علاقته مع سورية و «حزب الله»؟ - عرفته لمدة ستة أشهر وكان شخصاً متحفظاً ويعمل على مستويات عدة في الوقت نفسه. أعتقد أنه كان يثق في إمكان عمله مع الأحزاب اللبنانية بما فيها «حزب الله» لدفع رؤيته لهذا البلد. ولست متأكداً من انه كانت لديه القناعة نفسها بالنسبة الى العمل مع سورية. وخلال لقاءاتي معه، أعتقد أنه رأى التهديد المباشر على القرار اللبناني السيد، آتياً من دمشق. > هل كان هناك في تلك الفترة حوار بين واشنطن ودمشق حول لبنان جعلها تعتقد أنها يمكن ان تقوم بالتمديد للحود مقابل شيء آخر...؟ - لم يكن هناك حوار مع سورية في تلك الفترة، وربما شكّل هذا إحباطاً للسوريين الذين توقعوا أن تكون هناك صفقة معهم، ورأوا في القرار 1559 إمكانية تتيح المجال لصفقة معينة لكن هذا لم يتم. كما ان الولايات المتحدة بدأت تنظر الى لبنان بصفته بلداً مستقلاً ولم تعد تراه من منطلق علاقتها بسورية. وأتذكر أن وليام بيرنز زار دمشق في أيلول (سبتمبر) 2004، عندما كان مساعداً لوزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط، ثم زار نائب وزير الخارجية ريتشارد ارميتاج دمشق في كانون الثاني (يناير) 2005. ومثلت الزيارتان فرصة لنا لإجراء محادثات مع سورية حول مواضيع عدة تخص البلدين. لكننا كنا نريد من سورية ضمانات في شأن مغادرتها للبنان، ولم نحصل على هذه الضمانات. ونحن لا نعرف من أطلق هذه الاعتداءات، ولكن، علينا التساؤل عما إذا كانت هناك علاقة بين زيارة بيرنز الى دمشق ومحاولة اغتيال الوزير مروان حمادة. وبعد زيارة أرميتاج الى دمشق حدثت عملية اغتيال رفيق الحريري في شباط (فبراير) 2005. فقد لا تكون هناك علاقة بين هذه الأحداث، لكن هناك بالتأكيد ما يمكن التفكير فيه الى أن يتم الكشف عن حقيقة الاغتيالات. > هل حذرت الولايات المتحدة الحريري من احتمال تعرضه للاغتيال؟ - لا، ليس في شكل واضح. فخلال أحاديثي مع الحريري كانت لدي أسئلة حول ما إذا كان يأخذ في الاعتبار كل النتائج التي ستترتب على تحركه، وما إذا كان يفكر بهذه النتائج. كانت هذه هي الأسئلة التي دارت بيني وبينه. رؤيا الحريري للبنان > هل بدأ يتكلم عن تنفيذ رؤيته منذ وصولك الى لبنان؟ - كان لدي الانطباع انه يركز على الانتخابات الاشتراعية لكي يحصل على حصة أكبر في البرلمان بحيث لا يكون تحت مظلة رستم غزالة. لم يكن لديّ انطباع في حينه انه يعيد النظر بالرئاسة. ربما كان يفعل، لا أدري، لكنه لم يتطرق معي لموضوع إعادة النظر بالرئاسة. فكان يكرّس عمله في كيفية استخدام الانتخابات الاشتراعية للحصول على أكبر عدد ممكن من النواب للعمل خارج النفوذ السوري. وكان يمارس سياسته في شكل حذر جداً، فلم يحضر يوماً «تجمع البريستول»، على رغم مشاركة أشخاص قريبين منه في هذه الاجتماعات. > أين كنت في 14 آذار؟ - كنت في السفارة وشاهدت التظاهرات عبر التلفزيون مثلما شاهدها العالم كله، ولم أر، مثلي مثل أعضاء السفارة، انه من المناسب لأحد من سفارة أجنبية أن يكون على مقربة من مكان هذه التظاهرات، لكي لا يكون ذلك عرضة للاستغلال، الكل في سفارتنا شاهد التظاهرات على شاشة التلفزيون. > ماذا عن زيارة وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس الأولى الى لبنان حيث التقت الرئيس لحود والعماد ميشال عون؟ - في تلك الفترة أي في تموز 2005، كان يتم وضع اللمسات الأخيرة على الحكومة اللبنانية الجديدة. وكان الأمل بأن تعترف سورية بواقع جديد هو قيام حكومة لبنانية من صنع لبنان وانتخاب مجلس نيابي من صنع لبناني أيضاً، علماً أن سورية كان لديها بالتأكيد أصدقاء في البرلمان والحكومة. كان يمكن لسورية أن تعترف أخيراً بإمكان أن يكون لبنان مستقلاً وأيضاً صديقاً. وزيارة رايس للحود كانت من منطلق الأمل بأن يستخدم علاقته مع سورية لتتيح للحكومة وللبرلمان الجديد أن يعملا لمصلحة لبنان. لكن أملنا خاب، بعد اجتماع رايس بلحود، لأن تصرف سورية تجاه لبنان ازداد سوءاً مع الحصار الاقتصادي الذي فرضته وقطع التيار الكهربائي. السوريون لم يظهروا في ذلك الصيف، ما يشير الى تسهيل تطور جارهم لبنان، بل أساؤوا إليه. ولكن، كان الأمل بعد تشكيل الحكومة ومشاركة أعضاء من «حزب الله» فيها، عقب الانتخابات الاشتراعية، أنه يمكن للبنان ان يكون مستقلاً من دون أن يهدد ذلك سورية. تظاهرة ضد السفارة الأميركية في عوكر - شمال بيروت اللقاء مع عون > هل تعتقد بأن لعون دوراً في القرار 1559، كون علاقته واسعة بالكونغرس الأميركي، وماذا عن لقائه رايس في تلك الفترة؟ - كان للقاء رايس مع عون آنذاك معنى، إذ كانت لعون علاقات جيدة مع عدد من أعضاء الكونغرس، وقد تقلصت الآن. وكانت علاقته سيئة جداً بالإدارة الأميركية لسبب يعود الى الماضي عندما حاصر السفارة الأميركية عام 1989، وأغلقت بسبب ذلك. وبقيت العلاقة سيئة، خصوصاً أن الجيش الذي كان تحت قيادته رفض حماية السفارة. وعندما عاد من المنفى، كان هناك نقاش بيني وبين إدارتي حول ما إذا كان سيسمح لي أن ألتقيه، لأن أعضاء الإدارة لم يجتمعوا معه. فكان يزور واشنطن ويلتقي أعضاء في الكونغرس وموظفين في الإدارة على مستوى منخفض جداً في وزارة الخارجية. وقلت آنذاك أن على السفارة الأميركية التحدث إليه مثلما تتحدث مع آخرين، وهكذا طورنا علاقة معه ومع مؤيديه. وأوصيت رايس بالاجتماع مع عون لدى زيارتها الى لبنان، لأن الانتخابات الاشتراعية كانت أظهرت أنه يمثل شريحة مهمة من الشعب المسيحي. وكانت قناعتنا أنه ينبغي الاستماع الى آرائه، ولا أظن أن رايس كانت التقته لو علمنا أنه سيكون على العلاقة التي تربطه حالياً بـ «حزب الله». ولكن أرى أنه كان مناسباً ومصيباً أن تلتقي رايس عون وأن تعطيه فرصة لعرض رؤيته حول لبنان نظراً لأهمية التأييد الشعبي له، وفقاً لما ظهر بعد الانتخابات. > كيف كان اللقاء بينه وبين رايس؟ - لا أتذكر التفاصيل. ولكن عندما يزور كبار المسؤولين الأميركيين دول العالم فإنهم لا يلتقون فقط المسؤولين في الحكومة والأكثرية لكنهم كثيراً ما يلتقون أيضاً قيادات داخلية. ولدى عون دور مهم في البرلمان كونه قائد إحدى مجموعات الأقلية. وكنت تمنيت لو كان في إمكانه أن يستخدم دوره في البرلمان، وأن يفتح هذا البرلمان ويعمل لكي يتمكن عون من العمل من داخله بدلاً من الشارع. > ما الذي جعل العلاقة بين الولايات المتحدة وعون تتدهور؟ - هذه السفارة مستمرة في العلاقة مع عون ومؤيديه ولدينا اتصالات واسعة بدءاً به ومروراً بمستشاريه ومؤيديه. ولكن، بصراحة، نحن لا نفهم لماذا يسمح باستخدام نفسه لتغطية حلفاء سورية وإيران، فعلاقاتنا به تأثرت بقوة من جراء حلفه مع «حزب الله». > هل تعتقد أن لديه علاقة مباشرة مع سورية؟ - لا أدري ما إذا كان ما يفعله متعمداً أم طارئاً ولكن، أرى أن كل ما يقوم به يخدم مصلحة سورية. > برز خلال فقرة معينة تباين بين 14 آذار والولايات المتحدة وبعض الدول الغربية حول العلاقة مع «حزب الله»، خصوصاً بعد انتخابات 2005، واختيار نبيه بري رئيساً للبرلمان، فكانت الإدارة الأميركية وفرنسا تعارض ذلك وأيضاً تعيينات بعض المسؤولين الأمنيين، فماذا عن ذلك؟ - طبعاً سيكون هناك تباين، عندما تتحدث مع قوى 14 آذار أو مع عون فهؤلاء لبنانيون ونحن أميركيون ولن نكون دائماً على اتفاق ولا نتوقع أن نتفق على الدوام وخصوصاً على التفاصيل. ولكن، بالنسبة الى المبادئ، يمكننا الاتفاق على لبنان قوي مستقل سيد وحر. وعندما نتطرق الى مواضيع معينة، مثل شخص رئيس البرلمان، فهذه مسألة تخص اللبنانيين ولا تخص لا دمشق ولا طهران ولا باريس ولا واشنطن ولا القاهرة. وأتذكر أنه كان هناك مرشح واحد لرئاسة البرلمان، ربما كان هذا سيئاً وكان ينبغي أن تكون هناك انتخابات حقيقية لرئيس البرلمان. لم يكن التباين بيننا وبين «14 آذار» بالمستوى الذي تحدثت عنه لأنه لم يكن هناك مرشح آخر لرئاسة البرلمان. > ماذا عن تعيين مديري الأمن؟ - تم تعيينهم بالتوافق ولم يكن هناك تباين بهذا الشأن. > ماذا عن الاغتيالات، من محاولة اغتيال مروان حمادة الى اغتيال الحريري ثم سمير قصير وجبران تويني وجورج حاوي ومحاولة اغتيال مي شدياق والياس المر ولاحقاً اغتيال بيار الجميل ووليد عيدو وأنطوان غانم، فهل ترى أنها تمثل نموذجاً واحداً من إعداد طرف واحد؟ - لا أدري. نحن نقدم مساعدة تقنية للبنانيين في اغتيال سمير قصير وجورج حاوي ومحاولة اغتيال مي شدياق، ولم تكن لنا سلطات تحقيق مستقلة ولم نحاول القيام بتحقيقات. ليست لدينا معلومات تربط أو لا تربط بين هذه الاغتيالات، لكن تقارير الأمم المتحدة تشير الى أن أسلوب تنفيذ هذه العمليات مشابه لعملية اغتيال الحريري، وملامح (profile) من تم اغتيالهم مشابه أيضاً. وفي اعتقادي بأن هناك ترابطاً بين كل الاغتيالات. ويحزنني أن بعض السياسيين في هذا البلد يكرسون جهودهم للتهجم على ما يزعمون حول علاقة هذه الحكومة بالولايات المتحدة بدل التهجم والتشهير بمن يقتل الشخصيات السياسية والثقافية والآن العسكرية. > هل ترى أن شخصيات مثل سعد الحريري ووليد جنبلاط وفؤاد السنيورة وأمين الجميل وسمير جعجع عرضة للتهديد نفسه؟ - لا أرى أن هذا التهديد افتراضي فهو مؤكد، فالحريري كان الشخصية التي تحظى بأقصى قدر من الحماية في هذا البلد، وتم اغتياله. وفي الأسبوع الماضي تحول التهديد ضد الولايات المتحدة من الافتراض الى الواقع. ليست لدينا معلومات معينة، ولكن أعتقد بأن هؤلاء السياسيين الذين يبذلون جهداً كبيراً لدفع استقلال لبنان هم مهددون. المحكمة آتية > هل تعتقد بأن المحكمة الدولية ستحاكم المجرمين إذا حدّد القاضي الذي خلف براميرتز البراهين، وهل تعتقد بأن هذه المحكمة ستصبح عملية سريعاً، أم ان هذا الأمر سيأخذ وقتاً طويلاً، أو انها ستجمد لأسباب سياسية وأمنية؟ - الهدف الأساسي من المحكمة الدولية أن تكون عملية، للاستجابة لكل من طلب الحقيقة في ربيع 2005، ونحن لا نضع أموالنا في محكمة تصبح موضوع صفقة أو تتجمد. > ولكن، يقال إن المحكمة ستتطلب سنوات قبل أن تبدأ عملها؟ - يبدو أنها ستتشكل في وقت أسرع من المحاكم الدولية الأخرى، فلجنة التحقيق القضائية تنهي مدتها في حزيران (يونيو) المقبل، ولا أعرف ما إذا كانت المحكمة ستكون جاهزة عندئذ، وما إذا كان على مجلس الأمن أن يجدد اللجنة، هذا لا أعرفه. ونحن على رغم تمويلنا المسار نبقى بعيدين عن هذه المسألة. > إذا عرضت سورية على الولايات المتحدة صفقة على غرار ما حصل مع ليبيا حول قضية طائرة لوكربي، ماذا يكون موقف الإدارة الأميركية؟ - الإدارة الأميركية تتوقع أن تكون هـــذه المحـــكمة دولــية ولها صدقيـة وأن تحاكم الذين اغتالوا لبنانيين وطنيين. * غداً حلقة ثانية أخيرة كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 02-06-2008 لقاء مع السفير الأميركي الذي شهد اغتيال الحريري وثورة الأرز والانسحاب السوري (2 من 2) ... فيلتمان: السنيورة المفاوض الأقسى وحرب تموز كانت لولاه أسوأ وأطول وأصعب بيروت – رندة تقي الدين ووليد شقير الحياة - 06/02/08// في الحلقة الثانية الأخيرة من حديث السفير الأميركي السابق لدى لبنان جيفري فيلتمان الى «الحياة» شملت مراجعة الأحداث حرب تموز ومعارك نهر البارد وانتخابات الرئاسة اللبنانية. وقال فيلتمان انه لا يعتقد ان هناك فريقاً في لبنان أو خارجه يسعى الى حرب أهلية فلماذا يفقد «حزب الله» صدقيته وصورته كمقاومة؟ > يقال إن الإدارة الأميركية أيدت الحرب الإسرائيلية على لبنان في تموز 2006، لأنها استاءت من الانتظار للتخلص من «حزب الله»؟ - هذه الحرب ما كان ينبغي أن تحصل وما كانت لتحصل لو لم يجتز «حزب الله» الحدود الدولية المعترف بها عبر الخط الأزرق الى إسرائيل. وهنا لسنا نتحدث عن الجولان المحتل. هذه الحرب بدأت عندما لجأ «حزب الله» الى استخدام أدوات متطورة جداً، ثم أقدم على خطف جنود إسرائيليين من داخل الأراضي الإسرائيلية. وأكرر هنا: نحن لا نتكلم عن الجولان المحتل. > لكن الرد كان غير متناسب؟ - عندما ردت إسرائيل بهجمات مكثفة على غزة بعد عملية الخطف المماثلة التي حصلت في حزيران، كان من السهل توقع ذلك هنا. وكانت هناك نقاشات بيني وبين مسؤولين لبنانيين، وكلنا قلنا بارتياح، انه لحسن الحظ لم تحصل هذه العملية في لبنان. فكان هناك إدراك لما تعنيه عملية الخطف هذه. ولا يمكن أن أتصور أن «حزب الله» لم يكن يدرك أنه كان يضع كل لبنان في حال خطرة عبر هذه العملية. > لكن الحرب تجاوزت حدود العملية، فالإسرائيليون طالبوا بنزع سلاح «حزب الله» والإدارة الأميركية كانت ترفض وقف إطلاق النار؟ - كان موقف الولايات المتحدة أن الوضع القائم الذي أدى الى خطف جنود إسرائيليين على أرض إسرائيل، لم يكن وضعاً صحياً لا للبنان ولا لإسرائيل. فالولايات المتحدة، على رغم أنها كانت منزعجة جداً بسبب انجرار لبنان لهذه الحرب نتيجة أعمال «حزب الله»، كانت تريد أيضاً أن تشهد استقراراً دائماً في جنوب لبنان، لذا أيدنا ودعمنا القرار 1701 الذي أدى الى وقف الأعمال العدائية، والتعهد بنشر قوة «يونيفيل»، والأهم، نشر الجيش اللبناني بما يؤدي الى تغيير الوضع في الجنوب وإحلال الاستقرار في جزء من لبنان تألم كثيراً. لكن الإدارة الأميركية لم تؤيد الحرب على لبنان، إنما كانت تريد أن تشهد تغييراً في الوضع القائم في الجنوب، لتجنب حروب أخرى وعمليات خطف وقتل أخرى. فلنأمل أن القرار 1701 يؤمن مثل هذا الاستقرار. > ولكن، ألم تتوقعوا أن تجهز إسرائيل على المقاومة اللبنانية و «حزب الله»؟ - بصفتي الشخصية كجيف فيلتمان كنت أتمنى أن أجلي وأؤمن إجلاء أكثر من 1500 أميركي، وكنت أتمنى الإبقاء على التيار الكهربائي وألا ينقطع الفيول. كنت أعمل على أصعدة عدة وعملية، ولم أكن أمضي وقتاً طويلاً في التفكير بقوة الجيش الإسرائيلي في مقابل قوة «حزب الله» وما كان يعنيه ذلك. كنت أركز على ما ينبغي عمله على الأرض فوراً، وأن أقوم بدوري كسفير لبلادي بأفضل طريقة لأخفف من معاناة اللبنانيين وتجنب مشكلة صحية، على رغم انقطاع التيار، وأن أساعد المواطنين الأميركيين على الانتقال الى أماكن آمنة. هذه كانت أولوياتي. > هناك معلومات تشير الى أن اتصالاتك أدت الى منع تدمير المطار و «طيران الشرق الأوسط» والسراي الحكومية؟ - افضل عدم التعليق على تدخلي ودوري، وأكتفي بالقول إنني كنت نشيطاً جداً في ذلك الصيف. > ولكن، ليس الى مدى يؤدي الى وقف الحرب الإسرائيلية على لبنان؟ - أنا فخور بالدور الذي لعبته السفارة الأميركية خلال الحرب التي ما كان ينبغي أن يتعرض لها لبنان، كما أنه ما كان ينبغي أن يجر «حزب الله» البلد إليها. > هناك في المعارضة من يقول إن رئيس الحكومة فؤاد السنيورة كان يريد استمرار الحرب. فهل لك أن تقول ما كان دور السنيورة؟ - أعتقد أن الحرب كانت ستكون أسوأ وأطول وأصعب معالجة لولا فؤاد السنيورة. وأعتقد بأن السنيورة لعب دوره في شكل ساعد على نهاية أسرع للحرب وحال دون اتجاهها نحو الأسوأ. ولا أتصور أن الأسرة الدولية كانت ستكون بمثل هذا السخاء في استوكهولم، للمساهمة في إعادة الإعمار لو أن السنيورة لم يكن على هذا المستوى من الوضوح في كلامه باعتباره ناطقاً باسم كل لبنان. وفؤاد السنيورة عارض الفصل السابع الذي كانت الإدارة الأميركية وسواها يفضلونه بالنسبة الى القرار 1701. > هل صحيح أنه هدد بوقف المفاوضات، لأنه كان مصراً على عدد من الشروط؟ - فؤاد السنيورة مفاوض قاس، وهو الأقسى وكان يترأس حكومة بلد عرضة لحرب وهو لم يفسح لنا أي مجال لنسيان ذلك، ولا لنسيان أن هناك لبنانيين يتألمون ويقتلون ويجرحون بسبب هذه الحرب. ومن أسوأ الأمور المهينة في الهجمات التي تعرض لها السنيورة عقب الحرب، بعد أن دافع بقوة عن مواقف لبنان وعارض بشدة الفصل السابع لأن «حزب الله» كان يرفض الفصل السابع، هو أنه تم تناسي كل هذا. ولا أتذكر أنه هدد بوقف التفاوض معنا، فكان يدرك أنه في حاجة الى ذلك لمواصلة الدفع باتجاه إنهاء الحرب على أسس تساعد لبنان. لكن الحملات التي استهدفت تصرفه في تلك الفترة كانت غير أخلاقية ومثيرة للصدمة، نظراً الى الدور الذي لعبه دولياً في تأكيد ضرورة إنهاء الحرب. فؤاد السنيورة وديفيد ولش وجيفري فيلتمان نهر البارد > كيف نظرت الى حرب نهر البارد، وما هو تقويمك لدور قائد الجيش ميشال سليمان؟ وهل ان عناصر نهر البارد من «القاعدة» أو من سورية؟ - نهر البارد موضوع صعب لأن لهذه المعركة نواحي متعددة ويمكن تخصيص كتاب حوله، لأنه على صلة بأوجه عدة للحياة اللبنانية، منها الدولة داخل الدولة ووضع فلسطينيي المخيمات والامتدادات السياسية في صفوف اللاجئين الفلسطينيين، الذي يطرح موضوع النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني استناداً الى كون الإرهابيين وصلوا الى ما يبدو من سورية، وهو ما يدعو بدوره الى التساؤل عن الدور السوري، فنهر البارد شكل نموذجاً مصغراً لكل التحديات السياسية والأمنية التي يواجهها لبنان. ومن الصعب معرفة من أين نبدأ، فالمعارك انطلقت من جراء المجزرة التي استهدفت جنود لبنانيين. وأعتقد بأن الجيش كان يعرف منذ البداية أن لا خيار أمامه سوى الرد نظراً لوحشية الهجوم عليه. وأعتقد بأن القيادة السياسية في لبنان باستثناء حسن نصر الله أدركت انه ينبغي ان يكون الرد قوياً. ثمن معركة نهر البارد كان باهظاً، بالنظر الى عدد القتلى في صفوف الجيش والمدنيين الفلسطينيين الذين خسروا أيضاً منازلهم. ولا أريد أن أتكلم عن نهر البارد باعتباره انتصاراً كبيراً، نظراً لهذا الثمن، لكن المعركة انتهت بانتصار الدولة اللبنانية على تهديد إرهابي على الأراضي اللبنانية، وأظهرت أن في إمكان الدولة والجيش مواجهة تهديد إرهابي حتى داخل المخيمات الفلسطينية. كما أظهرت أن القيادة السياسية اللبنانية، على رغم أنني أكره إعطاء لون طائفي سياسي، السنّية، تؤيد الجيش وإن كان التهديد صادراً عن عدد إرهابي سني، وهذا تطور إيجابي بالنسبة الى قابلية العيش لدى الدولة اللبنانية. وهناك عدد من الدروس المترتبة على معركة نهر البارد، وأنا متأكد ان الجيش اللبناني يستخلصها. > هل تعتبر ان اغتيال العميد فرانسوا الحاج مرتبط بهذه المعركة أم ان العملية كانت موجهة لقتل ميشال سليمان؟ - لا أعرف من قتل فرانسوا الحاج. ولكن من السهل النظر الى أسباب استهدافه بعد نهر البارد. ولكن، أعتقد أنه في حين أن فرانسوا الحاج سقط ضحية، فإن الرسالة كانت موجهة الى سليمان والى الجيش ككل. فكان الهجوم على فرانسوا الحاج وعلى الجيش بأكمله. > من أي نوع هذه الرسالة؟ - رسالة بمعنى أن قيادة الجيش وكبار الضباط ليسوا بمنأى عن الاغتيالات، فتم اغتيال سياسيين ومثقفين، والإمكان وارد للاعتداء ايضاً على ضباط الجيش. البطريرك صفير، نبيه بري، سمير جعجع، وليد جنبلاط نبيه بري و«حزب الله» > كيف تصف علاقاتك مع رئيس البرلمان نبيه بري وشخصيته؟ - اجتماعاتنا مع الرئيس بري يلفها طابع التحدي، بمعنى انني أجد نفسي كما لو انني أمارس لعبة كرة مضرب كلامية معه. وأنا غالباً لا أتقن كرة المضرب الكلامية جيداً، لأنني ألعب مع معارض من الطرف الآخر للملعب، ويتمتع على هذا الصعيد بمهارة اكبر من مهارتي. فهو لبناني وهو منغمس في السياسة اللبنانية منذ زمن طويل، وأنا هنا منذ سنوات قليلة. وفي إمكانه الاستعانة بحوادث تاريخية لدعم آرائه بطريقة لا يمكنني الاستعانة بها. وعلى صعيد هذه اللعبة الكلامية بيني وبينه، عليّ الإقرار بأنني الخاسر عادة في لقاءاتي معه. وغالباً ما ننتقل خلال جلساتنا من موضوع الى موضوع آخر، فالأمثلة التي يلجأ إليها بأسلوبه الخاص تؤدي الى ذلك، وتدعوني الى التساؤل عن سبب ذلك، فكان يقول انه يحاول دفعنا للنظر بجدية أكبر الى فكرة التعديل الدستوري، بهدف إجراء الانتخابات الرئاسية. وهو لم يكن أبداً شديد التأييد للقرار 1559 وكان يريد التأكد من اننا لا نريد تطبيق معايير هذا القرار على التعديل الدستوري اليوم. وهو بالتأكيد أثّر في طريقة تفكيري في هذا الموضوع لأنه أدلى بمداخلة قوية مفادها ان التعديل الدستوري الآن مختلف عن التعديل الدستوري سنة 2004. وأنه إذا عدل اللبنانيون الدستور في سنة 2007 لأنهم يريدون ذلك، فلا شأن للولايات المتحدة للاعتراض على الموضوع. وجاءت حججه مقنعة لجهة ضرورة عدم معارضتها للتعديل. ولكن، الآن، وبعد أن بات تعديل الدستور يسمح بإجراء انتخابات رئاسية، فإنه فجأة لم يعد متحمساً له. هو يقول الآن، انه نتيجة الفراغ في بعبدا فإن المادة 74 من الدستور يمكن أن تستخدم لانتخاب رئيس، وأنه في الإمكان تجاهل التعديل الدستوري بسبب الإلحاح الذي ينطوي عليه موضوع الانتخاب الرئاسي. فلماذا كان التعديل الدستوري ينطوي على أهمية كبيرة في نظره في تموز (يوليو) الماضي، الى درجة أنه أقنعني بالنظر إليه في شكل مختلف عما كانت عليه نظرتنا في أيلول (سبتمبر) 2004، والآن فجأة، وبسبب فراغ بعبدا، فإنه يتحدث عن المادة 74 في الدستور ويقول إن لا حاجة الى التعديل الدستوري؟ وإذا كانت المادة 74 تسمح بتجاوز الحاجة الى التعديل، ففي وسعي الاعتقاد وفقاً للمنطق نفسه انها تسمح بتجاوز مسألة غالبية الثلثين، بحيث يكون ممكناً انتخاب الرئيس بغالبية النصف زائداً واحداً. لا أرى لماذا يمكن للمادة 74 أن تطبق على جزء من الدستور وألا تطبق على الجزء الآخر. > ماذا عن باريس - 3 وهل ترى تدهوراً اقتصادياً؟ - الوضع الاقتصادي في البلاد ليس سهلا. وهناك الفرص التي كان يمكن تحقيقها لو لم تكن لديكم حرب، ولو لم يكن لديكم تقويض مقصود للمؤسسات. انه لمحزن ان ننظر الى كلفة هدر فرص الاستثمارات نظراً الى ما يحصل في المنطقة من فرص. ويتمتع لبنان بمقدرات اقتصادية كبيرة، لكنه في الوقت نفسه يعاني مشاكل بنيوية في الاقتصاد والبنية التحتية. وابرز مثال على ذلك هو قطاع الكهرباء، ولكن كيف تحل مشكلة الكهرباء بسرعة؟ لا أعرف الحل. لكن معظم الدراسات أثبتت أن تحرير قطاع الطاقة وتسهيل الاعتماد على المولدات الخاصة قد يحل المشكلة. لكن ذلك يتطلب تغييراً في القوانين وهو أمر غير ممكن مع تعطيل المجلس النيابي ومنعه من الانعقاد. وانا أرى أن القوى المتحالفة مع سورية في لبنان والتي تمنع إيجاد حلول للأزمات الأساسية هي نفسها التي تقوم باستغلال تلك الازمات سياسياً. الهاتف مثال آخر، فأنتم تدفعون أسعاراً مرتفعة لقاء خدمة الهاتف الجوال التي ليست بدورها جيدة بما يكفي. وفيما العالم بأسره تحول إلى خصخصة قطاع الاتصالات لم لا يزال لبنان مختلفاً؟ لم لا يسير لبنان في هذا الاتجاه إذا كانت تؤمن أسعاراً منخفضة وخدمة أفضل في آن؟ يبدو أن لبنان يريد أن يسلك هذا المنحى مع الأخذ في الاعتبار حسابات سياسية وطائفية معروفة. لذا اقترحت الحكومة مشروع الخصخصة لكنها أوضحت أنها لن تقوم بالخصخصة الفعلية والبدء باستدراج العروض حتى انتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة جديدة. ذلك يعني أن الحكومة وضعت أسس الخصخصة وهيكليتها لكنها لم تتخذ أي قرار لتطبيقها عملياً. وهذه مقاربة جيدة جداً، لأنها تعني أنك حضرت كل شيء وتنتظر انتخاب رئيس وحكومة جديدة لتطبيقه، وبهذا يكون لديك ضمانات إضافية ضد أي انتقادات من أي نوع. لكن ما حصل أن الأطراف المتحالفة مع سورية اتخذت من خصخصة الهاتف مأخذاً على الحكومة لتهاجمها، فيما الحكومة لا تقوم بشيء سوى القول أن لديها خطة. لكن المعارضة قررت مهاجمة الحكومة على محاولتها تحسين الامور وإن كان المستهلك يدفع فاتورة باهظة مقابل خدمة أقل من الحد الأدنى لخدمات التخابر الخليوي. في الوقت نفسه، أنشأ حزب الله شبكة اتصالات خاصة به ونظام تخابر خاصاً به. كشف عن جزء من تلك الشبكة علناً عندما اكتشفت الأسلاك التي امتدت في محاذاة سور حدائق «قصر الصنوبر». لكن، لمَ ينتقد طرف يشكل دولة ضمن الدولة، الحكومة لتقديمها مجرد خطة خصخصة، فيما يقيم هو شبكة كاملة خاصة به من دون أن يتمكن أحد من مراقبتها أو الإشراف عليها؟ إنها ببساطة مقاربة حزب الله التقليدية للتعامل مع الدولة. تزدري الدولة وتبني دولتك. تتجاهل الدولة، وتحتقرها وتنتقدها وتتجاوزها وتهاجمها وتجرها إلى حرب فيما تبني دولتك في هذه الأثناء. المشكلة الأساسية في طريقة تعامل حزب الله مع الدولة، إن الحزب أقام تحالفاً مع نبيه بري وميشال عون على مبدأ «نقض» كل ما تقوم به الدولة. في الوقت نفسه هم يرفضون الخضوع لأي نوع من المساءلة العامة لقراراتهم. حزب الله يطلب التوافق على مبدأ ما يطلبه هو فيما لا يسأل أحداً عن قراراته بل ينفذها مباشرة. إذاً، أنت أمام دولة داخل دولة، ولا مجال لمساءلتها أو محاسبتها، ولا يمكن لبقية اللبنانيين المشاركة في القرار، وسيستمر حزب الله في تقويض الدولة ونزع الثقة عنها. > ما رأيك في فضيحة بنك المدينة؟ - فضيحة بنك المدينة وقعت قبل مجيئي. لذا بما أنني لم أكن هنا عندما بدأ كل ذلك، فليس لدي الكثير لأقوله. حذر البطريرك > ما رأيك في موقف البطريرك... - أعتقد أن البطريرك مدرك تماماً للدور التاريخي الذي يلعبه هو ولدور الكنيسة وتاريخها العريق خلال الحقبات السياسية والمراحل الصعبة التي مر بها لبنان والموارنة. وأعتقد أنه مدرك جيداً لحقيقة أن المجتمع الدولي ليس دائماً موحداً والطائفة المارونية ليست دائماً موحـدة وأنـه في حاجـة لأشخاص يستمعون للنصيحة والاقتراحات ولا يتبارزون في إطلاق المواقف السياسية الفجة. وخلال لقائي معه، عمل البطريرك على إسداء النصح وليس التوجيه، وأراد أن يستمع مني الى رأي الولايات المتحدة وموقفها مما يجـري، وأنا واثـق من أنـه سيـضع ذلك في حـساباته ومواقـفه لكنه في الوقت نفسه حذر جداً في ما يقول لي. > هل تعتقد أنها كانت فكرة سديدة مطالبته من جانب فرنسا ان يضع لائحة بأسماء المرشحين للرئاسة؟ - أعتقد أن النيات الفرنسية حسنة. وهم يقرون أن الموارنة في لبنان يجب أن يتمتعوا بنوع من الصدقية. لكن من السهل القول الآن، بعد مرور أشهر أنه لم يكن حلاً صائباً الطلب من البطريرك وضع لائحة. لكنني لا أريد القول أن الفرنسيين كانوا يستفيدون من مبادرة لم يملكوها في ذلك الوقت. سعد الحريري وكوندوليزا رايس وفيلتمان سعد الحريري ووليد جنبلاط > ما رأيك بسعد الحريري؟ - لم أتعرف إلى سعد الحريري إلا بعد مقتل والده. وهو يتمتع بميزة لم يملكها والده، أو ربما ملكها، لكن سعد قادر على استخدامها فيما لم يتمكن والده من استخدامها لأن الوقت تغير، وهي أنه أكثر بساطة وصراحة في تناول المشاكل التي يعاني منها لبنان. والده تحدث على مستويات عدة وبطبقات عدة وبكثير من الحذر. أما سعد فيتحدث بشكل مباشر أكثر. من الصعب التخيل كيف كان رفيق الحريري ليتصرف في مواجهة المصاعب التي يتعرض لها لبنان، فالوقت تغير. عندما كان رفيق الحريري حياً كانت عنجر لا تزال مفتوحة، وكان جامع جامع (ضابط الاستخبارات السوري في بيروت) موجوداً. لكن يجب أن نعترف بمقدار الصراحة الذي يتعامل به سعد في مواجهة الأمور وهي طريقة لم يلجأ إليها والده. > جنبلاط؟ - عندما كنت في واشنطن أجري مشاوراتي قبل مجيئي إلى هنا، في 2004، جاء أحد موظفي السفارة إلى واشنطن، مرّ ليقابلني للمرة الأولى كسفير جديد، وأعتقد انه كان في ورشة تدريب. أحد الأسئلة التي وجهها إليّ: كيف ستكون العلاقة الجديدة مع جنبلاط؟ فإذا كنتم تذكرون، في ذلك الوقت كانت علاقتنا به سيئة للغاية. وكان الموظف اللبناني حريصاً على أن أجد طريقة لشق قناة الحوار بيننا، وكان علينا أن نقوم بذلك. واعتقد بحسب خبرتي خلال السنوات الـ 22 أو 23 الماضية، أنني لم أعرف كثيراً من السياسيين الذين يتحدثون بصراحة كوليد جنبلاط عن مواقفهم وقراراتهم. فغالبية السياسيين يموهون مواقفهم، أما هو فقال علناً أنا كنت مع السوريين لهذه الأسباب وما عدت معهم لهذه الأسباب. وهذه قدرة يندر ان يتمتع بها سياسي في أي بلد كان. > هل كنتم قلقين من تغيير مواقفه؟ - لا أتوقع من أي سياسي لبناني أن يكون معنا مئة في المئة في كل القضايا. وأعتقد أن وليد جنبلاط يقوّم الأمور دائماً قبل أن يقرر في أي موقف سيضع طائفته، وأين تقع زعامته منها وما هي مواقفه السياسية وإلى أين تأخذ لبنان. أرى أن هناك انسجاماً في تلك المواقف، في الوقت الذي قد يتهمه الآخرون بأنه صاحب نزوات ومتقلب. من جهتي أرى انسجاماً، فهو فكر ملياً في ما هو الأفضل لموقع لبنان. وإذا نظرتم إلى مواقفه من هذا المنظار لوجدتم فيها انسجاماً وتماسكاً. أنا معجب جداً بشجاعته لقدرته على التحدث عن ماضيه وقدرته على تحديد المشاكل داخل لبنان وخارجه. كان أحد أكرم المضيفين اللبنانيين، وهذا بلد الضيافة، خصوصاً في ما يتعلق بزائرين رسميين أميركيين لا يفهمون جيداً الوضع اللبناني وكلنا تقريباً كذلك. لكنه كان أحد أكثر الأشخاص كرماً في شرح وتفسير أهمية لبنان ولماذا يجب على الولايات المتحدة أن تهتم بلبنان كبلد قائم بذاته وليس كمجرد قطعة صغيرة في الشرق الأوسط. جنبلاط كان أحد اللاعبين الرئيسيين في تشكيل سياسة أميركية مؤيدة لاستقلال لبنان. جعجع والجميل وإميل لحود > وماذا عن سمير جعجع؟ - لا بد من الاعتراف أنه لديكم مجموعة سياسيين مثيرون للاهتمام. انظروا إلى الولايات المتحدة، فمهما كانت وجهات النظر السياسية والمواقف ففي النهاية يتصرف الجميع بشكل متشابه. كأن هناك مصفاة كبيرة للطبقة السياسية، فالفرادة تعود لتقع في التنميط. لا أعني فقط في المواقف السياسية بل في التصرفات وطريقة اللباس وقصات الشعر. هناك تشجيع على أن يبدو السياسيون متشابهين. الأمر في لبنان مختلف. لديكم فرادة واختلاف بين سياسي وآخر، وهي تزداد قوة مع الوقت. لكن، لأجيب على سؤالك. جعجع شخص حكيم وواسع الذهن. وبين كل الأشخاص الذين تعاملت معهم في لبنان والوجوه السياسية الرئيسة، يبدو ان ذهنه يعمل بطريقة واسعة جداً. فكلما تسنت لي فرصة لقائه أعرف يقينا انه سيقدم صورة متكاملة ومفصلة مهما كانت القضية. سواء الانتخابات أو الأمن أو مهما يكن. وعندما أستمع إليه لا أقاطعه لأنني سأتمكن من متابعته بحسب المراحل. مرحلة أولى وثانية وثالثة... الخ. وذلك يجعلني قادراً على رؤية الحكمة وراء تحليله، وهذا مفيد جداً. والأمر الآخر الذي يثير الإعجاب في جعجع هو توظيفه الزيارات واللقاءات لتحديد وجهة نظره. فبعض الذين التقي بهم سلبيون. يأتون ليسمعوا مني ما تفكر به واشنطن وما تقرره وما تخطط له. جعجع لا ينتظر ذلك. إذا علم أنني قادم فهو يعرف ماذا سيقول للسفير الأميركي. يأخذ المبادرة بطريقة استثمارية ومختلفة جداً عما يقوم به بقية الزعماء. وأعتقد أن الآخرين يستوعبون ما أقوله من دون أن يؤيدوه. جعجع ليس منهم. وهذه طريقة جيدة لاستغلال اللقاءات. > أمين الجميل... - أمين الجميل، الرئيس الأسبق... شخص نادر في هذا الجزء من العالم. فهو يتحدث جيداً عن نفسه وعن لبنان. قدرة أمين الجميل على تسخير موقعه كرئيس سابق بشكل مفيد تستحق التحية منا جميعاً. وهناك دول كثيرة في هذه المنطقة في حاجة ليضطلع رؤساء سابقون فيها بالدور الإيجابي الذي يضطلع به الجميل. فعندما يقول شيئاً يقوله بثقة ويكون له ثقل، لأنه يحمل معه خبرة ولأنه يذكر بالديموقراطية في لبنان. فكلما رأينا الجميل نتذكر الديموقراطية. وكان آل الجميل عموماً لطيفين معي، وعلى المستوى الشخصي أشعر أني مقرب من أمين وزوجته وأتمنى لو لم يدفعا هما وغيرهما، الثمن الباهظ الذي دفعاه مقابل استقلال لبنان. > أميل لحود؟ - للبنان رئيسان سابقان. ويجب ان نتذكر ونقر أن أميل لحود قام بالصواب في 23 تشرين الثاني (نوفمبر). فقد غادر قصر بعبدا عندما انتهت ولايته الدستورية. تلك هدية قدمها لحود للبنان. > ... انطباعات؟ - لا أعرف لم تتسن لي معرفته عن قرب. لكنني أعتقد أنه قام بالصواب عندما غادر بعد انتهاء ولايته. ميشال سليمان > ميشال سليمان هل سيصبح رئيساً؟ - لا أعرف... لكن، لا أرى سبباً يمنعه من أن يكون رئيساً. فالأطراف السياسية المختلفة قبلت به، والناس في لبنان قالوا للمجتمع الدولي أنهم يريدون رئيساً توافقياً يجسر الهوة بين اللبنانيين، وأنهم لا يفضلون رئيساً محسوباً على طرف دون الآخر. وهو تنطبق عليه هذه المواصفات. لذا لا أرى ما يمنع ان يُنتخب رئيساً، بل أن يكون رئيساً الآن. > توقعات؟ - لا أدري. هناك تردد إزاء تحميل المسؤولية لعدم انتخابه رئيساً حتى الآن. ولا أقول أن على المجتمع الدولي أن يوجه الاتهامات، لكن لا بد من الإقرار بأن هناك جهة مستعدة للتوجه إلى مجلس النواب اليوم وتقوم بواجبها الدستوري وتنتخبه، فيما تسعى جهة أخرى إلى مزيد من التعقيدات. هناك جهة تريد ان تنتخب ميشال سليمان الآن، وجهة أخرى تقول نحن موافقون لكن بعد أن نتفق على عدد من الأمور. وكلنا يعلم أن تلك الأمور ليست بالسهلة وأنها ستستغرق وقتاً طويلاً. فلم يحرم اللبنانيون من رئيس؟ يمكنكم الحصول على رئيس لا يكون محسوباً على 14 آذار ولا على 8 آذار، ويأمل أن يلعب دوراً لحل المسائل العالقة. ميشال سليمان لا يمكنه أن يلعب هذا الدور الآن لأنه ليس رئيساً. إنه قائد للجيش. ولديه عمل بدوام كامل وهو الحفاظ على استقرار البلد، وهو يقوم بهذا العمل في شكل يثير الإعجاب. وفي رأيي أن أفضل حل هو القول أن لدينا شخصاً يصلح لأن يكون رئيساً فلننتخبه ثم نفكر بالقضايا الأخرى، لأنها تحتاج وقتاً. فلم لا يكون لدينا رئيس في هذه الأثناء؟ ثمة شيء مَرَضي في سعي تحالف ميشال عون وحزب الله لدفع حكومة فؤاد السنيورة إلى الاستقالة بكافة الوسائل والطرق، من التحريض عبر وسائل الإعلام، إلى قطع الطرق وإغلاق الوسط التجاري. لكنهم عملياً يملكون الوسيلة الآن لدفع الحكومة إلى الاستقالة، وهي انتخاب رئيس، ويرفضون استخدامها. > هناك مخاوف كبيرة من حرب أهلية. - أعتقد أن المخاوف في الأوساط الشعبية حقيقية جداً لكنني أعتقد في الوقت نفسه أن المخاوف تصبح كابحة أحياناً. ولا أعتقد أن هناك فريقاً في لبنان أو خارجه يسعى إلى حرب أهلية. لا أعلم. ربما يقول أحدهم أنظر إلى سورية وإيران و «حزب الله»... لكن لم قد يريدون فتنة سنية - شيعية قد لا تقف عند حدود لبنان؟ ثم إذا دخل «حزب الله» في حرب فسيفقد صدقيته وصورته كمقاومة. أما من سيربح في حال نشوء حرب أهلية؟ فلا أعتقد أن أحداً سيربح أو سيخرج أقوى لأن الذي يهدر هو دم لبناني. أعتقد أن المخاوف حقيقية لكنني لا أرى ما يدعم نظرية الحرب الأهلية. هناك ربما خطر من أن تتخذ بعض الاشتباكات منحى عنيفاً، وأنا أتساءل: إذا كانت هناك مخاوف من حرب أهلية فلم يتم التحريض في المقابل على النزول إلى الشوارع وتقريب عود الثقاب من الزيت؟ لست قلقاً من حرب أهلية. إذا عدنا إلى الوراء عاماً عندما قتل زياد وزياد في 23 و25 كانون الثاني (يناير). كان يمكن أن تكون تلك شرارة حرب أهلية، لكن القيادات والشعب على السواء تراجعوا. حتى قبل ليلة رأس السنة عندما اندلعت بعض المشاكل في البسطة، وكان يمكن أن تتوسع، تم أيضاً تداركها. لذا أنا واثق من أن لا حرب أهلية ستندلع. لكن كرتي الزجاجية ليست جيدة تماماً وأنا في النهاية لست ميشال حايك. > هناك سؤال يتعلق بوظيفتك الجديدة... ما هي؟ - سأكون نائب مساعد وزير الخارجية، أي سأكون مباشرة بعد ديفيد ويلش، أي الشخص الثاني في وزارة الخارجية في ما يتعلق بالمنطقة. > أي أنك ستبقى على اطلاع على الملف اللبناني... - كثير من اللبنانيين لن يحبوا ذلك... > وخليفتك؟ - ستكون القائمة بالأعمال. لكن يجب أن ننتظر التعيينات الجديدة من مجلس الشيوخ. اسمها ميشال ساسون. تكون قائمة بالأعمال ولا يمكنها أن تكون سفيرة بانتظار تعيينات مجلس الشيوخ، وذلك لن يتم قبل الانتخابات الرئاسية. كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 02-10-2008 هذا الغرب الكافر -------------------------------------------------------------------------------- في 19 تموز الفائت، أمضى مئات من الأمريكيين ليلتهم، وهم يقفون في طوابير بانتظار أن تبدأ المكتبات بيع الكتاب الأخير من سلسلة هاري بوتر "كتاب للأطفال"، وفي نفس الليلة بيعت في الولايات المتحدة 8 ملايين نسخة من الرواية الجديدة. هذا الغرب الكافر، كيف يستطيع أن يجعل أبناءه يدمنون القراءة إلى هذا الحد. الغرب ليس مدمنا على القتل والمخدرات فحسب، إنه مدمن على القراءة أيضاً. في باريس وبرلين وأمستردام، غالباً ما يمضي سائقو التاكسي أوقات انتظارهم لزبون وهم في الصف بقراءة كتاب أو جريدة. أما زوجاتهم وبناتهم، ومعهم سيدات منازل ومربيات وعاملات هاتف، فيستقلن قطار الأنفاق، ويبدأن فوراً بفتح الكتاب الذي في حقائبهن ويتابعن قراءته سواء أوجدن مقعداً للجلوس أم أمضين الرحلة على أقدامهن. أعرف رجالاً ونساء لم يفتحوا كتاباً منذ أن تخرجوا من الجامعة. بعضهم محامون وأطباء وصيادلة وشعراء أيضاً. وإذا اشتروا جريدة، فلقراءة الأبراج وأخبار كرة القدم. ومع ذلك فهم يجادلون في الفن والطبخ والفلك والشؤون العسكرية. في آخر زيارة لي إلى باريس، طلبت مني ابنتي أن أشتري لها كتاباً محددا لكاتب اسمه بيرول. ذهبت إلى فرع مكتبة "فناك" في سوق الهال. المكتبة (وهي فرع واحد من عشرات في باريس) بحجم جميع مكتبات سورية مجتمعة، وفيها من الرواد أضعاف ما يمكن أن تجده في كافة المكتبات السورية. وفي وقت واحد كان أكثر من مائة وخمسين شخصاً ينتظرون دورهم لدفع ثمن ما اشتروه من كتب، بينما كان مئات آخرون يتجولون في المكتبة بحثاً عن طلبهم. وفي فرنسا نفسها، يطبع سنوياً نحو 40 ألف عنوان جديد ويطبع في بريطانيا أكثر من 200 ألف عنوان ويطبع في بلجيكا، التي يقل عدد سكانها عن عدد سكان سورية 15 ألف عنوان. بالمقابل، يطبع في سورية نحو 700 عنوان جديد سنويا، وفي مصر 800 عنوان، وفي الأردن 600 عنوان. ولكن القراءة مجرد مظهر واحد من مظاهر هذا الغرب الكافر. ثمة مظاهر أخرى لا تقل كفراً عن القراءة. في واشنطن، كنت في مجموعة سياحية، نزور معالم المدينة، عندما وصلنا إلى البيت الأبيض. وقفنا تماماً عند سور البيت، وأخذنا صوراً تذكارية. واعتذر لنا الدليل السياحي لأننا لا نستطيع الدخول على الحديقة بسبب تواجد الملكة إليزابيث هناك. وأمام البيت الأبيض، توجد سيدة في السبعينات من العمر، تجلس قبالة مكتب الرئيس وتعرض لافتات تندد به ورسوماً كرتونية ومقالات وصوراً. سألت عن السيدة، فأجابني الدليل: إنها تستوطن الرصيف المقابل للبيت الأبيض من 1981، وتقوم بمناهضة كل الرؤساء الأمريكيين بغض النظر عن انتمائهم الحزبي. وهذه سيدة شبه أمية، ولكن لديها من الحس والنقاء ما يجعلها تشمئز من الحروب وإراقة الدماء، فتراها تمضي ستاً وعشرين سنة من عمرها تندد بسياسة الإدارات الأمريكية. وهي تتحدث فقط باللغة الإنكليزية. ولكن المثقفين في ألمانيا مثلا، يجيدون على الأقل ثلاث لغات غير الألمانية. في مهرجان ثقافي في مدينة برلين، كانت العروض والمحاضرات تقدم باللغات الألمانية والإنكليزية والفرنسية. وكان ثمة ترجمة فورية، وسماعات خاصة توزع على الحضور. فاجأني في محاضرة حضرها نحو خمسمائة شخص، أن عدد الذين يضعون السماعات لا يزيد على العشرة. أي أن اثنين بالمائة فقط من الحضور كان لا يجيد كلا اللغتين الأجنبيتين. وفي واشنطن، صناديق لبيع الصحف اليومية. تضع قطعة نقدية فيفتح الصندوق. في الداخل ثمة رزمة من الصحف قد تبلغ المائة أحياناً. تمد يدك وتأخذ نسخة واحدة وتعيد إغلاق الصندوق، رغم أنه بإمكانك أن تأخذ نسختين أو عشراً لمسح الزجاج في البيت، ولكنك لا تفعل. عدت من واشنطن عن طريق باريس، إبان الانتخابات الرئاسية الأخيرة. ووجدت خلافاً محتدماً في بيت صديقي السوري الذي منح الجنسية الفرنسية. محتوى الخلاف أن صديقي وزوجته يريدان التصويت للمرشحة الاشتراكية سيغول رويال، أما ابنتهما البالغة من العمر خمس سنوات فكانت تريد التصويت لساركوزي. لماذا رويال؟ لأن صديقي وزوجته اشتراكيان منذ نعومة أظفارهما. ولماذا ساركوزي؟ لأن صديقتي الصغيرة كانت تحب الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك، وثمة من أخبرها أن الرجلين من حزب واحد. المأساة كانت عندما علمت الصغيرة أنه لا يحق لها التصويت، لأنها طفلة. الفرحة كانت عندما فاز ساركوزي على الرغم من أنها لم تصوت له. قلت لصديقي السوري الذي يقرر بصوته من يكون رئيس فرنسا المقبل، ويحدد التوجه العام لسياستها العامة: إن أحداً في المستقبل لن يستطيع أن ينتزع من الطفلة الصغيرة حقها في أن يكون لها رأي وصوت عندما تكبر. لن يتمكن حزب أو إيديولوجيا أن يقول لها: "أنت لا تفكري، نحنا منفكر عنك.. إنت لا تتذكري، نحنا منتذكر عنك." -------------------------------------------------------------------------------- وائل السواح |