![]() |
اشتراكية دقلديانوس - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5) +--- المنتدى: قــــــرأت لـك (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=79) +---- المنتدى: مواضيـع منقــولة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=25) +---- الموضوع: اشتراكية دقلديانوس (/showthread.php?tid=7208) |
اشتراكية دقلديانوس - اسحق - 01-13-2008 المهمشون في الإمبراطورية الرومانية "3" اشتراكية دقلديانوس د. محمود إسماعيل حل الاضطراب بالإمبراطورية الرومانية ليبلغ مداه خلال القرن الثالث الميلادي. فقد انهار النظام السياسي نتيجة هيمنة الحرس «البريتوري» الذي أصبح يتحكم في تنصيب الأباطرة وعزلهم. وتقلص نفوذ مجلس «السناتو» بتقلص طبقة الأشراف التي أجهز الأباطرة عليها بانتزاع معظم ضياعهم، وإثقال ما تبقي بأيديهم بالضرائب والمغارم. وعمت الثورات في الولايات إلي حد استقلال بعضها عن السلطة الإمبراطورية. وتفاقمت الأخطار الخارجية من كل جانب إلي حد تهديد روما نفسها. ولمحاولة استرداد نفوذها، جري تقسيم السلطة بين أكثر من إمبراطور، دون طائل. وتعاظم الصراع داخل البلاط، حيث لعبت النساء دورا هاما في توجيه الأحداث. بديهي أن يؤدي الاضطراب السياسي إلي كساد اقتصادي انعكست آثاره السلبية علي الطبقات، بحيث أصبح من المألوف أن «يري المرء في كل يوم أغني الأغنياء يصبح متسولا»، حسب ملاحظة أحد الكتاب المعاصرين. أما عن ثورات الفلاحين، فحدث ولا حرج. وانسحب الحال إلي المدن التي عجت بجيوش الرعاع والغوغاء تثير الفوضي طلبا للقمح بالمجان. وتدهورت الصناعة بعد أن غزت السلع الواردة من الخارج أسواق المدن الإيطالية من جهة ونقص المواد الخام وفداحة الضرائب من جهة أخري. كما حل الكساد بالتجارة من جراء تدهور الزراعة والصناعة، وإقفار الطرق التي عجت باللصوص. كما تحدي القراصنة أساطيل روما الحربية التي كانت قد حولت البحر المتوسط - من قبل - إلي «بحيرة رومانية». لقد ولي الزمان الذي كان فيه الرومان يطلقون علي البحر المتوسط «بحرنا» - marc Nostrum - وأصبح «السلام الروماني» - Psx Romana - في خبر كان. وليس أدل علي الكساد الاقتصادي من التلاعب في العملة، مما أسفر عن الغلاء الذي أقضي بدوره إلي المزيد من الصراع السياسي والاجتماعي، سواء بين السناتو والأباطرة من جهة، أو بين الفلاحين والأشراف من أخري، أو بينهم والعسكر من جهة ثالثة، بحيث أطلق المؤرخون القدامي والمحدثون علي هذا العصر نعت «أزمة القرن الثالث» الميلادي التي فاقت نظرتها في أواخر العصر الجمهوري. فإذا أضيف إلي ذلك تردي الواقع الثقافي باندحار الهللينية أمام اللاهوت المسيحي، أدركنا أن هذه الأزمة كانت تتطلب حلا حاسما. لم يكن هذا الحل الحاسم إلا في «الإشتراكية». وقد يتهمنا القاريء بالمغالاة والمبالغة في إسقاط هذا المصطلح الحديث علي التاريخ القديم. فليعلم أننا لم نفعل أكثر من استعارة العنوان الذي أورده «ول ديورانت» وهو: «إشتراكية دقلديانوس». لقد كان علي دقلديانوس - الذي أسرف في اضطهاد المسيحيين - أن يعالج تلك المشكلات العويصة باتباع سياسة جديدة، أساسها «الاقتصاد الموجه»: أو بالأحري هيمنة الدولة علي قوي الإنتاج ووسائله وتقنين علاقاته، فإلي أي مدي نجح في فرض هذه السياسة، وإلي أي حد قدر لها أن تقدم حلولا ناجحة لتلك المشكلات المتفاقمة؟ وعلي الصعيد الاقتصادي، ألغي «اقتصاد السوق» القائم علي آلية العرض والطلب، واستبدله بنمط «الاقتصاد الموجه»، بحيث سيطرت الدولة علي النشاط الاقتصادي في كل قطاعاته. كما سك عملة جديدة جيدة العيار، ووضع نظاما عادلا لضبط الأسعار، وكفل للفقراء والمعوزين إمكانية شراء ما يحتاجون بنصف ثمنه في الأسواق، أو بالمجان لغير القادرين علي الشراء. وشرع في إقامة مشروعات عامة كبري لتوفير عمل للعاطلين. كما سيطرت الدولة علي قوي الإنتاج الهامة، مع إشرافها علي التجارة الخارجية، وفرضت نظاما صارما علي الواردات، وتملكت المناجم والمحاجر. وفي مجال الصناعة، إحتكرت الدولة الصناعات الأساسية الخاصة بلوازم الجيش وحاجات موظفي الدولة وبلاط الأباطرة وحددت مقادير الإنتاج وفق الطلب، بما يعني - صراحة - الأخذ بسياسة «التأميم» كما شجعت تأسيس نقابات الحرف وجعلت الإشراف عليها منوط بموظفين رسميين. ومع ذلك منحتها صلاحيات ومزايا عديدة، كمساعدة الحكومة في تجنيد الأيدي العاملة حسنة التدريب، وجباية ضرائب الدولة من أعضائها. أما النشاط الصناعي الحر كصناعات المواد الغذائية والملابس وما شابه - فقد أشرف علي تسييرها رقباء يحددون أسعار منتجاتها دونما شطط أو إجحاف، فضلا عن تحديد أجور الحرفيين والصناع بما يكفل لهم حياة كريمة. لذلك برر أحد كتاب العصر في الإجراءات بقوله: «.. إن من الناس من يجعلون همهم الوقوف في وجه الرخاء العام.. والجري وراء الأرباح الباهظة القاتلة.. فحينما اضطرت جيوشنا لتأمين حياة الناس، رفع الجشعون الثمن المعتاد إلي سبعة أو ثمانية أضعاف.... الخ». لذلك، كانت السياسة الإشتراكية هذه - كما يقول ديورانت - «أعظم محاولة في التاريخ كله لاستبدال القرارات الحكومية بالقوانين الإقتصادية». كما حمت الطبقة الدنيا من الأزمات والجائحات والمجاعات التي كانت تطحنها طحنا في العصر السابق. كما حققت نوعا من التجانس الاجتماعي، وحسبنا أن الكثيرين من الأشراف تخلوا عن طبقتهم الأرستقراطية واندرجوا في سلك طبقة العامة ليحظوا بما تمتعت به من امتيازات!! http://www.al-ahaly.com/articles/08-01-09/1359-opn03.htm |