حدثت التحذيرات التالية:
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(958) : eval()'d code 24 errorHandler->error_callback
/global.php 958 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $unreadreports - Line: 25 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 25 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $board_messages - Line: 28 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 28 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined property: MyLanguage::$bottomlinks_returncontent - Line: 6 - File: global.php(1070) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(1070) : eval()'d code 6 errorHandler->error_callback
/global.php 1070 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval



نادي الفكر العربي
من قال لستُ أدري فقد أفتى - نسخة قابلة للطباعة

+- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com)
+-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5)
+--- المنتدى: قــــــرأت لـك (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=79)
+---- المنتدى: مواضيـع منقــولة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=25)
+---- الموضوع: من قال لستُ أدري فقد أفتى (/showthread.php?tid=7780)



من قال لستُ أدري فقد أفتى - Gkhawam - 12-03-2007

من قال لستُ أدري فقد أفتى

د. كامل النجار

هذه قاعدة قال بها أهل الفقه الإسلامي منذ قرون ولكن يندر أن نجد فقيهاً أو مفتياً يعمل بها. رجال الدين، وخاصةً الذين يظهرون على القنوات الفضائية، لا يمكن لهم أن يقولوا "لا أدري" إذ أنهم يعتبرون ذلك إقراراً بالجهل، وهم الذين يرمون كل من خالفهم الرأي بالجهل، فكيف لهم أن يعترفوا بجهلهم. ولهذا السبب نجد إجاباتهم عبارة عن لف ودوران حول الجزء الذي لا يعرفون إجابته. وسوف أقدم نموذجين لهؤلاء العلماء:
النموذج الأول الشيخ القرضاوي
هناك آية في القرآن تقول "الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقوا يا أولي الألباب" (البقرة 197). والمتبع هو أن الحج أيامُ معلومات في ذي الحجة، فكيف يقول القرآن "الحج أشهر معلومات" ؟ وإذا كان هو كذلك، فهل يجوز تفادياً للزحام الذي يؤدي بحياة أعداد كبيرة من الحجيج كل عام، أن يحج بعض الناس في شوال، وبعضهم في ذي القعدة، وبعضهم في ذي الحجة وهكذا إلى ان يحج جميع الذين ينون الحج في ذلك العام بدون أي زحام ومضايقات؟ تقدم أحد المواطنين القطريين بهذا السؤال إلى الشيخ يوسف القرضاوي، ولما لم يكن القرضاوي يعرف الإجابة، ولما لم يكن من الشجاعة بأن يقول لا أدري ، قال:
(الحمد لله، والصلاة والسلام علي رسول الله، وعلي آله وصحبه ومن والاه، وبعد... يستغرب المرء كيف يفكر المسلم في مثل هذا السؤال، وهو يعلم أن الحج عبادة فرضها الله تعالي، ونفذها رسوله صلي الله عليه وسلم، وعلمها للمسلمين نظريا وعمليا، وقال لأصحابه الذين حجوا معه حجة الوداع: خذوا عني مناسككم ، فتواترت عنه أعمال الحج تواترا عمليا نقلته أجيال الأمة، جيلا بعد جيل إلي اليوم.) انتهى.
فالمسلم، كما يرى الشيخ القرضاوي، لا يجوز له أن يفكر في مثل هذه الأمور أو يسأل عنها، عملاً بالآية التي تقول "يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تُبد لكم تسؤكم" (المائدة 101). فيجب على المسلم اتباع ما فعله أو قاله النبي، رغم تضارب السنة القولية والفعلية في جميع نواحيها. ولذلك استغرب الشيخ القرضاوي أن يسأل ذلك المسلم هذا السؤال.
واستمر الشيخ القرضاوي في شرح كيفية أن السنة لا تقبل التغيير، فقال ((والعبادات لا مجال فيها للابتداع أو للتغيير بحيث نغير زمانها أو مكانها أو كيفيتها، فالأصل فيها الاتباع والتسليم، ومن أحدث فيها ما ليس منها، فهو رد عليه، مرفوض شرعا، وهو بدعة، وكل بدعة ضلالة. ومن المقرر المعلوم أن الحج مرتبط بزمان محدد، كما أنه مرتبط بمكان معين، وكما لا يجوز نقل الحج من مكانه الخاص إلي مكان آخر، في المدينة أو في الشام أو في مصر مثلا، لا يجوز كذلك نقل الحج من زمانه المعلوم: يوم التروية، ويوم عرفة، ويوم العيد (يوم الحج الأكبر) كما سماه القرآن، وأيام مني. التي قال الله تعالي فيها: واذكروا الله في أيام معدودات، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقي البقرة: 203 .)) انتهى
فما دام القرآن قد قال " واذكروا الله في أيامٍ معلومات" كيف يقول "الحج أشهر معلومات"؟ فهناك فرق كبير بين الأشهر والأيام. وبدل أن يجتهد فقهاء الإسلام المعاصرون الذين أتاح لهم العلم الحديث من وسائل البحث والتنقيب ما لم يكن متوفراً لفقهاء القرن الثاني عشر الذين اجتهدوا ثم أغلقوا باب الاجتهاد، ويأتوا لنا بحلول لمشاكل الزحام في الحج وفرض "كوتات" على الأقطار المسلمة، يفضل الفقهاء المعاصرون الجلوس على مؤخراتهم والاعتماد على النقل بدل إعمال العقل. والمعروف أن السنة يؤجر فاعلها ولا يأثم تاركها، فلماذا لا يستفيد الفقهاء من الفسحة التي أعطاهم إياها القرآن عندما قال الحج أشهر معلومات، ويفتون بما اقترحه عليهم السائل؟
ولأن الشيخ القرضاوي لا يجرؤ على الاجتهاد وإعمال العقل، ولا يعرف إجابة السؤال، فضّل أن يُلهي السائل بطواف حول حكمة الحج وغيرها حتى ينسيه السؤال، فقال (وقال تعالي في بيان حكمة الحج: لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ الحج: 28- فلا مناص من التعبد في هذه الأيام المعدودات والمعلومات. فليس الحج المشروع هو قصد البيت الحرام، وعمل المناسك في أي وقت، فإن هذا هو (الحج الأصغر) الذي شرعه الإسلام طوال العام، وهو العمرة، وهو إحرام وطواف وسعي وحلق وتقصير، وثوابها عظيم، وهي كفارة لما قبلها من الذنوب. بخلاف الحج الأكبر، أو الحج الحقيقي، فهو في خمسة أو ستة أيام معلومة من السنة) انتهى.
ويعتقد الشيخ القرضاوي أن السائل لم ينسَ السؤال بعد، فيزيد في طوافه حول حكمة الحج، ولماذا فرضه الله، بينما الكل يعرف أن الحج شعيرة وثنية كان يمارسها عرب ما قبل الإسلام ولم يفعل الإسلام أكثر من أن أقرها بحذافيرها، حتى التلبية والطواف وحلق الشعر وذبح القرابين، فيقول الشيخ (الحج يوحد الأمة ولقد غفل السائل عن هدف كبير من الأهداف التي شرع لها الحج، وهو جمع هذا الحشد العظيم من أبناء أمة الإسلام، في زمان واحد، ومكان واحد، علي عمل واحد، بلباس واحد، وبقصد واحد، وبنداء واحد: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك. إن هذا المنسك العظيم يصهر ما بين الأمة من فوارق العرق والدين واللغة والإقليم والطبقة، ويوحدها مخبرا ومظهرا، حتي يشعر الجميع بأنهم (أمة واحدة) كما أراد الله لهم، لا أمم شتي كما أراد لهم أعداؤهم. أمة وحدتها العقيدة، ووحدتها العبادة، ووحدها التشريع، ووحدتها الأخلاق، ووحدتها الآداب، ووحدتها المفاهيم، ولا غرو أن سمي الله المسلمين في كتابه (أمة) فقال تعالي: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَي النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدا البقرة: 143- وقال عز وجل: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ آل عمران: 110- وقال سبحانه: إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ الأنبياء: 92.) انتهى
ونلاحظ هنا أن الشيخ يحاول مرة أخرى أن يلقي باللوم على السائل الذي جرؤ على أن يسأل مثل هذا السؤال، فقال له: "قد غفل السائل عن هدف كبير من الأهداف التي شرع لها الحج." هذه الأهداف، حسب ما يقول الشيخ، هي جمع الأمة في مكان واحد في زمان واحد. فهل غابت هذه الحكمة عن الله عندما جعل الحج أشهر معلومات؟ والشيخ القرضاوي، عمداً، يتجاهل الواقع الذي يحدث في الحج ويتحدث بإسهاب عن ما يجب أن يحدث من صهر ما بين الأمة من فوارق العرق والدين واللغة. هل رأى الشيخ كيف تعامل شرطة الحرم الحجيج الأفارقة أو الذين يأتون من إيران أو شيعة العراق؟ وهل يجهل الشيخ أن سبب آخر تزاحم على الجمرات، والذي أؤدى بحياة الكثيرين كان سببه أن شرطة الحرم احتجزت الحجيج بعيداً عن الجمرات حتى يرمي أحد الأمراء السعوديين جمراته بدون مزاحمة من الرجرجة والدهماء؟ وكيف يوحد الحج بين المسلمين في اللغة؟ هل الحاج الذي يأتي من أزبكستان، حتى إن استطاع أن يقول لبيك اللهم لبيك" هل يعني هذا أن الحج وحّد الأمة في اللغة؟ ويقول الشيخ للسائل ((ولا غرو أن سمي الله المسلمين في كتابه (أمة) كما أراد الله لهم، لا أمم شتي كما أراد لهم أعداؤهم)). والمعروف من لغة القرآن أن كل أهل شريعة هم أمة واحدة، وليس المسلمون فقط. فالقرآن يقول "وترى كل أمة جاثيةً كل أمةٍ تدعى إلى كتابها اليوم يجزون ما كنتم تعملون" (الجاثية 28). فاليهود أمة واحدة، والمسيحيون أمة واحدة، والبوذيون أمة واحدة.
وحتى تكثر على السائل دورات الطواف ويشعر بالدوار وينسى سؤاله، يقول له الشيخ القرضاوي (ولقد عرف خصوم الإسلام قيمة الحج في توحيد الأمة، وإيقاظها، وتعريفها بذاتها، وتنبيهها من غفلاتها. ومما يذكر في ذلك ما كتبه رئيس حملة التبشير التي اجتاحت مصر في أوائل هذا القرن، وجندت لها إمكانات هائلة، بشرية ومادية، ولكنها باءت بالإخفاق والخيبة، فكان مما قاله رئيس هذه الحملة عبارات مهمة يجب أن يعيها المسلمون ويحفظوها. قال: سيظل الإسلام في مصر صخرة عاتية تتحطم عليها محاولات التبشير المسيحي، ما دام للإسلام هذه الدعائم الأربع: القرآن.. والأزهر.. واجتماع الجمعة الأسبوعي.. ومؤتمر الحج السنوي) انتهى.
ظهرت هذه الفتوى أو الرأى في موقع الشيخ القرضاوي في الشهر المنصرم – نوفمبر (تشرين الثاني) في هذا العام 2007. وبداية هذا القرن كانت قبل ست سنوات، ولكنا لم نسمع عن حملة تبشيرية اجتاحت مصر وقتها، ولو عرف عنها الشيخ، كان الأجدر به أن يذكر لنا اسم رئيس تلك الحملة، وفي أي مجلة أو صحيفة قال تلك المقولة حتى نستطيع الرجوع إليها. ولكنه، تماماً كما يفعل غيره من الشيوخ، يلجأ إلى التعميم، ويقول "رئيس الحملة" كما يقولون "وقد أثبت العلم الحديث". وإذا كان الشيخ القرضاوي وشيوخ مصر معه، يؤمنون بأن الإسلام في مصر صخرة عاتية تتحطم عليها محاولات التبشير، لماذا غضب الشيخ القرضاوي وخرج من مؤتمر "حوار المذاهب الإسلامية" الذي عُقد بالدوحة حديثاً وطلب من الشيعة عدم التبشير بمذهبهم في المناطق السنية؟ هل خشي الشيخ على الصخرة العاتية؟
ولا ينسى الشيخ أن يستخلص درساً من هذا السؤال الذي لم يجب عليه حتى الآن، فيقول (درس لا ينبغي أن ننساه. ومن هنا كان علينا أن نتعلم من هذا المؤتمر الإسلامي العالمي، الذي لم يدع إليه ملك أو رئيس أو أمير، بل دعا إليه الله تبارك وتعالي، وفرضه علي المسلمين مرة في العمر، ليخرج المسلم من نطاق المحلية إلي أفق العالمية، وليرتبط شعوريا وعمليا بأبناء الإسلام حيثما كانوا في مشرق أو مغرب، وليستفيد أهل الحل والعقد في الأمة من هذا الموسم الرباني لجمع كلمة الأمة علي الهدي، وقلوبها علي التقي، وعزائمها علي الخير المشترك للجميع. وعلي أهل العلم والفكر والدعوة في الأمة مقاومة النزعات العصبية والدعوات العلمانية التي تفرق الأمة الواحدة، وتمزق كيانها، وتحولها إلي أمم شتي، يجافي بعضها بعض) انتهى.
ويبدو لي أن الدرس الذي سوف تستفيده الأمة الإسلامية من هذا المؤتمر (الحج) الذي دعا إليه الوثنيون قبل أن يدعو إليه الله، هو أن الحديث النبوي الذي يقول إن أمة محمد سوف تتفرق إلى ثلاث وسبعين فرقة، حديث مكذوب ولن تتفرق هذه الأمة لأن المسلمين يحجون كل عام ويتآخون. والمعروف أن الحج الإسلامي بدأ في السنة العاشرة للهجرة عندما حج النبي حجة الوداع، وظل المسلمون من وقتها يحجون كل سنة، فلماذا يا تُرى تفرقوا إلى عدة مذاهب وأمم؟
ويستمر الشيخ القرضاوي في شرح اليوتوبيا الإسلامية فيقول (وسئل سلمان الفارسي: ابن من أنت؟ فقال: أنا ابن الإسلام! فأصبح في الناس من لا يعتز إلا بوطنه أو بقومه، لا بمعني أن يحب وطنه يهتم بأمره، ويسعي في رقيه، أو يحب قومه، ويعني بأمرهم ونهوضهم ووحدتهم، فهذا لا حرج فيه، بل هو محمود ومطلوب شرعاً. ولكن بمعني تغيير الولاء للإسلام وأمته الكبري، وتقديم الرابطة الوطنية والعنصرية علي الرابطة الإسلامية. وهذا تحول في موقف الإنسان المسلم والجماعة المسلمة، لم يعرف من قبل) انتهى
ونسي الشيخ القرضاوي أن يذكر لنا أن سلمان الفارسي، ابن الإسلام البر، والذي قال عنه النبي "سلمان منا، أهل البيت" كان قد طلب أن يتزوج بنت عمر بن الخطاب فلم يزوجه عمر. وطلب ذلك من عبد الرحمن بن عوف، فرفض كذلك. فأين الولاء الإسلامي؟ وهل نصح الشيخ القرضاوي أمير دولة قطر أن يظهر بعض الولاء الإسلامي ويقبل الصينيين السبعة الذين كانوا محتجزين في جوانتانيمو وأرادت أمريكا إطلاق سراحهم بشرط أن يقبلهم بلد مسلم، وظلوا في الحبس سنتين لأن الأقطار الإسلامية العربية رفضت أن تقبلهم، وأخيراً قبلتهم دولة ألبانيا؟
ويختتم الشيخ القرضاوي فتواه بالآتي، دون أن يجيب على السؤال إجابة مقنعة، فيقول (لقد كان وطن المسلم من قبل، يعني (دار الإسلام) علي اتساعها، فكل أرض تجري فيها أحكام الإسلام، وتقام شعائره، ويعلو سلطانه، ويرتفع فيها الآذان، هي وطن المسلم: يغار عليه، ويدافع عنه، كما يدافع عن مسقط رأسه. وكان العالم ينقسم عند المسلم علي هذا الأساس العقائدي: فهو إما دار إسلام، وإما دار كفر. وكان قوم المسلم هم المسلمون أو الأمة الإسلامية، الذين جمعته بهم أخوة الإيمان، وعقيدة الإسلام إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ الحجرات: 10- وكان أعداء المسلم هم أعداء الإسلام ولو كانوا ألصق الناس به وأقربهم إليه لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ المجادلة: 22. فالمسلم حين يقف في صلاته مناجيا ربه بهذا الدعاء اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ بصيغة الجمع هذه، يستحضر في حسه وذهنه أمة الإسلام جمعاء) انتهى.
لماذا يا شيخ القرضاوي لا يحج الناس على دفعات وعلى مدى ثلاث أشهر ما دام القرآن قد قال " الحج أشهر معلومات"؟
النموذج الثاني:
سأل أحد المصريين الشيخ عطية صقر، المفتي السابق وخريج الأزهر سؤالاً بسيطاً في مايو 1997، قال فيه: القرآن يقول "أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها"، كيف يكون النقص؟
السؤال واضح ويحتاج كلمات معدودة لشرح النقص من الأطراف، أو أن يقول الشيخ: لا أدري. ولكن الشيخ أجاب السائل بالآتي: (هذه الآية من سورة الرعد 41، وقيل في تفسيرها: المراد بالنقص من أطرافها هو موت العلماء الصالحين، فالأطراف هم الأشراف، كما قال ابن عباس والقشيري. وقيل المراد ما يغلب عليه المسلمون مما في أيدي المشركين، كما في رواية عن ابن عباس، وعنه أيضاً هو خراب الأرض حتى يكون العمران في ناحية منها).
فابن عباس لا يعرف هل النقص هو موت العلماء، أم استحواذ المسلمين على أراضي المشركين أو خراب الأرض حتى يكون العمران في ناحية منها. ومن الغريب أن الدكتور زغلول النجار لم يعثر على هذا الشرح فيضيفه إلى الإعجاز العلمي ويقول إن القرآن تحدث عن خراب الأرض حتى يكون العمران في جانب منها، وأعني بذلك التصحر أو نتيجة الاحتباس الحراري Green House Effect .
ويستمر الشيخ عطية صقر فيقول (وقال عطاء بن رباح: المراد ذهاب الفقهاء وخيار أهلها، وهو موافق لرأي ابن عباس، وارتضاه كثير من المفسرين. ومعنى الآية: أو لم تر قريش هلاك من قبلهم وخراب أرضهم بعدهم، أفلا يخافون أن يحل بهم مثل ذلك. وقيل المراد نقص بركات الأرض وثمارها، وذلك بجور أهلها، والقرطبي صحح هذا القول لأن الظلم يخرّب البلاد ويقتل أهلها، ويؤدي إلى انجلائهم عنها ورفع البركة عن الأرض. وما يقال الآن إنه دليل على أن كروية الأرض ليست تامة، بل هي مفرطحة من الجانبين، فهو غير قطعي، وليس مناسباً للمقام حيث تتحدث الآيات عن وعيد الله للكافرين وعما حدث للماكرين الكافرين من قبلهم. فأولى أن يُفسر النقص من أطراف الأرض بإهلاك الكفار والجبابرة في أي بقعة من بقاع الأرض) انتهى.
أما كان أولى بكل هؤلاء المفتين أن يقولوا: لست أدري، فمن قالها قد أفتى.